بسم الله الرحمن الرحیم

إن هذان لساحران-من خطأ الکاتب

فهرست مباحث علوم قرآنی
خطأ الکاتب في المصحف
قرائت ابوعمرو از قراء سبعة هذین لساحران مخالف رسم مصحف است
القرائة-20|63|قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى



معاني القرآن للفراء (2/ 183)
المؤلف: أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ)
وقوله: إن هذان لساحران [83] قد اختلف فيه القراء فقال بعضهم: هو لحن ولكنا نمضي عليه لئلا نخالف الكتاب. حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثني أبو معاوية الضرير «2» عن هاشم بن عروة بن الزبير عن أبيه عن عائشة أنها سئلت عن قوله في النساء (لكن «3» الراسخون في العلم منهم.... والمقيمين الصلاة) وعن قوله في المائدة (إن الذين «4» آمنوا والذين هادوا والصابئون) وعن قوله ( «5» إن هذان لساحران) فقالت: يا ابن أخي هذا كان «6» خطأ من الكاتب. وقرأ أبو عمرو (إن هذين لساحران) واحتج أنه بلغه عن «7» بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن في المصحف لحنا وستقيمه العرب.
قال الفراء: ولست أشتهي على (أن أخالف «8» الكتاب وقرأ بعضهم «9» (إن هذان لساحران) خفيفة «1» وفي قراءة عبد الله: (وأسروا النجوى أن هذان ساحران) وفي قراءة أبي (إن ذان إلا ساحران) فقراءتنا «2» بتشديد (إن) وبالألف على جهتين.
إحداهما على لغة بني الحارث بن كعب: يجعلون الاثنين في رفعهما ونصبهما وخفضهما بالألف.


معاني القرآن للفراء (2/ 293)
وقوله: (فما آتان الله) ولم يقل «4» (فما آتاني الله) لأنها محذوفة الياء من الكتاب. فمن كان ممن يستجيز الزيادة في القرآن من الياء والواو اللاتي يحذفن مثل قوله (ويدع الإنسان «5» بالشر) فيثبت الواو وليست في المصحف، أو يقول المنادى للمناد «6» جاز له أن يقول فى (أتمدونن) بإثبات الياء، وجاز له أن يحركها إلى 137 االنصب كما قيل (وما لي «7» لا أعبد) فكذلك يجوز (فما آتاني الله) ولست أشتهي ذلك ولا آخذ به. اتباع المصحف إذا وجدت له وجها من كلام العرب وقراءة القراء أحب إلي من خلافه. وقد كان أبو عمرو يقرأ (إن هذين «8» لساحران) ولست أجترئ على ذلك وقرأ (فأصدق «1» وأكون) فزاد واوا في الكتاب. ولست أستحب ذلك.



مجاز القرآن (2/ 21)
المؤلف: أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمى البصري (المتوفى: 209هـ)
«إِنْ هذانِ لَساحِرانِ» (63) قال أبو عمرو وعيسى ويونس «إنّ هذين لساحران» فى اللفظ وكتب «هذان» كما يزيدون وينقصون فى الكتاب واللفظ صواب.





معاني القرآن ج‏1 106 [سورة البقرة(2): الآيات 177 الى 180] ..... ص : 103
«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصَّابِئُونَ» و عن قوله: «وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ» فقالت: يا بن أخى هذا كان خطأ من الكاتب.



فضائل القرآن للقاسم بن سلام (ص: 287)
حدثنا أبو عبيد حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لحن القرآن: عن قوله {إن هذان لساحران} [طه: 63] ، وعن قوله {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} [النساء: 162] وعن قوله {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون} فقالت: «يا ابن أختي، هذا عمل الكتاب أخطئوا في الكتاب»



تأويل مشكل القرآن 25 الحكاية عن الطاعنين ..... ص : 24
و قد رويتم من الطريق الذي ترتضون: روى أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن (عائشة) أنها قالت: ثلاثة أحرف في كتاب اللّه هنّ خطأ من الكاتب: قوله: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ [طه: 63].


معانى القرآن للأخفش (1/ 121)
المؤلف: أبو الحسن المجاشعي بالولاء، البلخي ثم البصري، المعروف بالأخفش الأوسط (المتوفى: 215هـ)
وقال بعضهم {إنَّ هذَيْنِ لَساحِران} وذلك خلاف الكتاب.


مجاز القرآن (2/ 21)
المؤلف: أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمى البصري (المتوفى: 209هـ)
«إِنْ هذانِ لَساحِرانِ» (63) قال أبو عمرو وعيسى ويونس «إنّ هذين لساحران» فى اللفظ وكتب «هذان» كما يزيدون وينقصون فى الكتاب واللفظ صواب.


تأويل مشكل القرآن (ص: 37)
على أن القراء قد اختلفوا في قراءة هذا الحرف: فقرأه أبو عمرو بن العلاء «1» ، وعيسى بن عمر «2» : «إنّ هذين لساحران» وذهبا إلى أنه غلط من الكاتب كما قالت عائشة.
وكان عاصم الجحدريّ «3» يكتب هذه الأحرف الثلاثة في مصحفه على مثالها في الإمام، فإذا قرأها، قرأ: «إنّ هذين لساحران» ، وقرأ المقيمون الصلاة [النساء: 162] ، وقرأ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ [الحج: 17] .
وكان يقرأ أيضا في سورة البقرة: والصابرون فى البأساء والضراء [البقرة: 177] ويكتبها: الصابرين.
وإنما فرق بين القراءة والكتاب لقول عثمان رحمة الله: أرى فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها فأقامه بلسانه، وترك الرسم على حاله.
وكان الحجاج «4» وكّل عاصما «5» وناجية بن رمح وعليّ بن أصمع بتتبّع المصاحف، وأمرهم أن يقطعوا كل مصحف وجدوه مخالفا لمصحف عثمان، ويعطوا صاحبه ستين درهما.
خبّرني بذلك أبو حاتم «6» عن الأصمعي «7» قال: وفي ذلك يقول الشاعر:
وإلا رسوم الدّار قفرا كأنّها ... كتاب محاه الباهليّ بن أصمعا
وقرأ بعضهم: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ [طه: 63] اعتبارا بقراءة أبيّ لأنها في مصحفه:
«إن ذان إلا ساحران» وفي مصحف عبد الله: (وأسرّوا النّجوى أن هذان ساحران) منصوبة بالألف يجعل إِنْ هذانِ تبيينا للنجوى.



تأويل مشكل القرآن (ص: 41)
وكان أبو عمرو بن العلاء «4» يقرأ: فأصدق وأكون بالنصب، ويذهب إلى أن الكاتب أسقط الواو، كما تسقط حروف المد واللين في (كلمون) وأشباه ذلك.
وليست تخلو هذه الحروف من أن تكون على مذهب من مذاهب أهل الإعراب فيها، أو أن تكون غلطا من الكاتب، كما ذكرت عائشة رضي الله عنها.
فإن كانت على مذاهب النحويين فليس هاهنا لحن بحمد الله.
وإن كانت خطأ في الكتاب، فليس على رسوله، صلّى الله عليه وآله وسلّم، جناية الكاتب في الخط.
ولو كان هذا عيبا يرجع على القرآن، لرجع عليه كل خطأ وقع في كتابة المصحف من طريق التّهجّي:
فقد كتب في الإمام: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ بحذف ألف التثنية.
وكذلك ألف التثنية تحذف في هجاء هذا المصحف في كل مكان، مثل: قال رجلن وفَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما [المائدة: 107] وكتبت كتّاب المصحف: الصلاة والزكوة والحيوة، بالواو، واتّبعناهم في هذه الحروف خاصة على التّيمّن بهم، ونحن لا نكتب: (القطاة والقناة والفلاة) إلا بالألف، ولا فرق بين تلك الحروف وبين هذه.



تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (18/ 328)
وقد اختلفت القراء في قراءة قوله (إن هذان لساحران) فقرأته عامة قراء الأمصار (إن هذان) بتشديد إن وبالألف في هذان، وقالوا: قرأنا ذلك كذلك، وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: "إن" خفيفة في معنى ثقيلة، وهي لغة لقوم يرفعون بها، ويدخلون .... وحدثت عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، قال: قال أبو عمرو وعيسى بن عمر ويونس: إن هذين لساحران في اللفظ، وكتب هذان كما يريدون الكتاب، واللفظ صواب، .... قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا (إن) بتشديد نونها، وهذان بالألف لإجماع الحجة من القراء عليه، وأنه كذلك هو في خط المصحف، ووجهه إذا قرئ كذلك مشابهته الذين إذ زادوا على الذي النون، وأقر في جميع الأحوال الإعراب على حالة واحدة، فكذلك (إن هذان) زيدت على هذا نون وأقر في جميع أحوال الإعراب على حال واحدة، وهي لغة...



معاني القرآن وإعرابه للزجاج (3/ 361)
المؤلف: إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج (المتوفى: 311هـ)
وقوله عز وجل: (قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى (63)
(إن هذان لساحران) (1).
يعنون موسى وهارون. وهذا الحرف من كتاب الله عز وجل مشكل على أهل اللغة، وقد كثر اختلافهم في تفسيره، ونحن نذكر جميع ما قاله النحويون ونخبر بما نظن أنه الصواب والله أعلم، وقبل شرح إعرابه نخبر بقراءة القراء
أما قراءة أهل المدينة والأكمه في القراءة فبتشديد (إن) والرفع في (هذان) وكذلك قرأ أهل العراق حمزة وعاصم - في رواية أبي بكر بن عياش والمدنيون.
وروي عن عاصم: إن هذان بتخفيف (إن)، ويصدق ما قرأه عاصم في هذه القراءة ما يروى عن أبي فإنه قرأ: ما هذان إلا ساحران، وروي أيضا عنه أنه قرأ: إن هذان إلا ساحران، ورويت عن الخليل أيضا: إن هذان لساحران - بالتخفيف -.
والإجماع أنه لم يكن أحد بالنحو أعلم من الخليل.
وقرأ أبو عمرو وعيسى بن عمر: إن هذين لساحران، بتشديد " إن " ونصب هذين.
فهذه الرواية فيه.
فأمااحتجاج النحويين فاحتجاج أبي عمرو في مخالفته المصحف في هذا أنه روي أنه من غلط الكاتب، وأن في الكتاب غلطا ستقيمه العرب بألسنتها، يروى ذلك عن عثمان بن عفان وعن عائشة - رحمهما الله -.
وأما الاحتجاج في أن هذان بتشديد أن ورفع هذان فحكى أبو عبيدة عن أبي الخطاب وهو رأس من رؤساء الرواة، أنها لغة لكنانة، يجعلون ألف الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد، يقولون أتاني الزيدان.
ورأيت الزيدان، ومررت بالزيدان، وهؤلاء ينشدون:
فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى. . . مساغا لناباه الشجاع لصمما
وهؤلاء أيضا يقولون: ضربته بين أذناه، ومن يشتري مني الخفان
وكذلك روى أهل الكوفة أنها لغة لبني الحرث بن كعب.
قال النحويون القدماء: ههنا هاء مضمرة، المعنى إنه هذان لساحران،
وقالوا أيضا أن معنى (إن) معنى (نعم)، المعنى نعم هذان لساحران.
وينشدون:
ويقلن شيب قد علا. . . ك وقد كبرت فقلت إنه
ويحتحون بأن هذه اللام - أصلها - أن تقع في الابتداء، وأن وقوعها في
الخبر جائز، وينشدون في ذلك:
خالي لأنت ومن جرير خاله. . . ينل العلاء ويكرم الأخوالا
وأنشدوا أيضا:
أم الحليس لعجوز شهربه. . . ترضى من الشاة بعظم الرقبه
قالوا: المعنى لأنت خالي، والمعنى لأم الحليس عجوز.
وقال الفراء فى هذا: إنهم زادوا فيها النون في التثنية وتركوا الألف على حالها في الرفع والنصب والجر كما فعلوا في الذي، فقالوا الذين في الرفع والنصب والجر.
فهذا جميع ما احتج به النحويون.
والذي عندي - والله أعلم - وكنت عرضته على عالمينا - محمد بن يزيد وعلى إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد القاضي فقبلاه وذكرا أنه أجود ما سمعاه في هذا، وهو " أن) قد وقعت موقع " نعم "، وأن اللام وقعت موقعها، وأن المعنى هذان لهما ساحران.
والذي يلي هذه في الجودة مذهب بني كنانة في ترك ألف التثنية على هيئة واحدة، لأن حق الألف أن تدل على الاثنين، وكان حقها ألا تتغير كما لم تتغير ألف رحى وعضى، ولكن كان نقلها إلى الياء في النصب والخفض أبين وأفضل للتمييز بين المرفوع والمنصوب والمجرور.
فأما قراءة عيسى بن عمر وأبي ععرو بن العلاء فلا أجيزها لأنها خلاف المصحف، وكل ما وجدته إلى موافقة المصحف أقرب لم أجز مخالفته، لأن اتباعه سنة.
وما عليه أكثر القراء، ولكني أستحسن (إن هذان لساحران) بتخفيف (إن) وفيه إمامان: عاصم والخليل، وموافقة أبي في المعنى وأن خالفه اللفظ، ويستحسن أيضا (إن هذان) بالتشديد، لأنه مذهب أكثر القراء، وبه يقرأ وهو قوي في العربية.
__________
(1) قال السمين:
قوله: {إن هذان}: اختلف القراء في هذه الآية الكريمة: فقرأ ابن كثير وحده «إن هذان» بتخفيف إن، والألف، وتشديد النون. وحفص كذلك إلا أنه خفف نون «هذان». وقرأ أبو عمرو «إن» بالتشديد «هذين» بالياء وتخفيف النون. والباقون كذلك إلا أنهم قرؤوا/ «هذان» بالألف.
فأما القراءة الأولى وهي قراءة ابن كثير وحفص فأوضح القراءات معنى ولفظا وخطا؛ وذلك أنهما جعلا «إن» المخففة من الثقيلة فأهملت، ولما أهملت كما هو الأفصح من وجهيها خيف التباسها بالنافية فجيء باللام فارقة في الخبر. ف «هذان» مبتدأ، و «لساحران» خبره، ووافقت خط المصحف؛ فإن الرسم «هذن» بدون ألف ولا ياء وسيأتي بيان ذلك.
وأما تشديد نون «هذان» فعلى ما تقدم في سورة النساء، وقد أتقنت ذلك هناك.
وأما الكوفيون فيزعمون أن «إن» نافية بمعنى ما، واللام بمعنى إلا، وهو خلاف مشهور وقد وافق تخريجهم هنا قراءة بعضهم «ما هذان إلا ساحران».
وأما قراءة أبي عمرو فواضحة من حيث الإعراب والمعنى. أما الإعراب ف «هذين» اسم «إن» وعلامة نصبه الياء. و «لساحران» خبرها، ودخلت اللام توكيدا. وأما من حيث المعنى: فإنهم أثبتوا لهما السحر بطريق تأكيدي من طرفيه، ولكنهم استشكلوها من حيث خط المصحف؛ وذلك أن رسمه «هذن» بدون ألف ولا ياء، فإثباته بالياء زيادة على خط المصحف. قال أبو إسحاق: «لا أجيز قراءة أبي عمرو لأنها خلاف المصحف». وقال أبو عبيد: «رأيتهما في الإمام مصحف عثمان» هذن «ليس فيها ألف، وهكذا رأيت رفع الاثنين في ذلك المصحف بإسقاط الألف، وإذا كتبوا النصب والخفض كتبوه بالياء، ولا يسقطونها».
قلت: وهذا لا ينبغي أن يرد به على أبي عمرو، وكم جاء في الرسم أشياء خارجة عن القياس، وقد نصوا هم أنه لا يجوز القراءة بها فليكن هذا منها، أعني مما خرج عن القياس. فإن قلت: ما نقلته عن أبي عبيد مشترك الإلزام بين أبي عمرو وغيره، فإنهم كما اعترضوا عليه بزيادة الياء يعترض عليهم بزيادة الألف: فإن الألف ثابتة في قراءتهم، ساقطة من خط المصحف. فالجواب ما تقدم من قول أبي عبيد أنهم رآهم يسقطون الألف من رفع الاثنين، فإذا كتبوا النصب والخفض كتبوه بالياء.
وذهب جماعة منهم عائشة رضي الله عنها وأبو عمرو إلى أن هذا مما لحن فيه الكاتب وأقيم بالصواب.
يعنون أنه كان من حقه أن يكتبه بالياء فلم يفعل، فلم يقرأه الناس إلا بالياء على الصواب.
وأما قراءة الباقين ففيها أوجه، أحدها: أن «إن» بمعنى نعم، و «هذان» مبتدأ، و «لساحران» خبره، وكثر ورود «إن» بمعنى نعم وأنشدوا:
3297 بكر العواذل في المشي. . . ب يلمنني وألومهنه
ويقلن شيب قد علا. . . ك وقد كبرت فقلت إنه
أي: فقلت: نعم. والهاء للسكت. وقال رجل لابن الزبير: لعن الله ناقة حملتني إليك. فقال: «إن وصاحبها» أي: نعم. ولعن صاحبها. وهذا رأي المبرد وعلي بن سليمان في آخرين. وهو مردود من وجهين، أحدهما: عدم ثبوت «إن» بمعنى نعم، وما أورده مؤول: أما البيت فإن الهاء اسمها، والخبر محذوف لفهم المعنى تقديره: إنه كذلك. وأما قول ابن الزبير فذلك من حذف المعطوف عليه وإبقاء المعطوف وحذف خبر «إن» للدلالة عليه، تقديره: إنها وصاحبها ملعونان، وفيه تكلف لا يخفى والثاني: دخول اللام على خبر المبتدأ غير المؤكد ب «إن» المكسورة، لأن مثله لا يقع إلا ضرورة كقوله:
3298 أم الحليس لعجوز شهربه. . . ترضى من اللحم بعظم الرقبه
وقد يجاب عنه: بأن «لساحران» يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف دخلت عليه هذه اللام تقديره: لهما ساحران. وقد فعل ذلك الزجاج كما ستأتي حكايته عنه.
الثاني: أن اسمها ضمير القصة وهو «ها» التي قبل «ذان» وليست ب «ها» التي للتنبيه الداخلة على أسماء الإشارة، والتقدير: إن القصة ذان لساحران. وقد ردوا هذا من وجهين، أحدهما: من جهة الخط، وهو أنه لو كان كذلك لكان ينبغي أن تكتب «إنها» فيصلوا الضمير بالحرف قبله كقوله تعالى: {فإنها لا تعمى الأبصار} [الحج: 46] فكتبهم إياها مفصولة من «إن» متصلة باسم الإشارة يمنع كونها ضميرا، وهو واضح. الثاني: أنه يؤدي إلى دخول لام الابتداء في الخبر غير المنسوخ. وقد يجاب عنه بما تقدم.
الثالث: أن اسمها ضمير الشأن محذوف، والجملة من المبتدأ والخبر بعده في محل رفع خبرا ل «إن»، التقدير: إنه، أي: الأمر والشأن. وقد ضعف هذا بوجهين، أحدهما: حذف اسم «إن»، وهو غير جائز إلا في شعر، بشرط أن لا تباشر «إن» فعلا كقوله:
3299 إن من يدخل الكنيسة يوما. . . يلق فيها جآذرا وظباء
والثاني: دخول اللام في الخبر.
وقد أجاب الزجاج بأنها داخلة على مبتدأ محذوف تقديره: لهما ساحران. وهذا قد استحسنه شيخه المبرد، أعني جوابه بذلك.
الرابع: أن «هذان» اسمها، و «لساحران» خبرها. وقد رد هذا بأنه كان ينبغي أن يكون «هذين» بالياء كقراءة أبي عمرو.
وقد أجيب عن ذلك: بأنه على لغة بني الحارث وبين الهجيم وبني العنبر وزبيد وعذرة ومراد وخثعم. وحكى هذه اللغة الأئمة الكبار كأبي الخطاب وأبي زيد الأنصاري والكسائي. قال أبو زيد: «سمعت من العرب من يقلب كل ياء ينفتح ما قبلها ألفا»، يجعلون المثنى كالمقصور فيثبتون ألفا في جميع أحواله، ويقدرون إعرابه بالحركات، وأنشدوا قوله:
3300 فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى. . . مساغا لناباه الشجاع لصمما
أي: لنابيه. وقوله:
3301 إن أباها وأبا أباها. . . قد بلغا في المجد غايتاها
أي: غايتيهما، إلى غير ذلك من الشواهد.
وقرأ ابن مسعود: «أن هذان ساحران» بفتح «أن» وإسقاط اللام: على أنها وما في حيزها بدل من «النجوى» كذا قاله الزمخشري، وتبعه الشيخ ولم ينكره. وفيه نظر: لأن الاعتراض بالجملة القولية بين البدل والمبدل منه لا يصح. وأيضا فإن الجملة القولية مفسرة للنجوى في قراءة العامة، وكذا قاله الزمخشري أولا فكيف يصح أن يجعل «أن هذان ساحران» بدلا من «النجوى»؟.
اهـ (الدر المصون).



المصاحف لابن أبي داود (ص: 128)
حدثنا عبد الله قال حدثنا الفضل بن حماد الخيري، حدثنا خلاد يعني ابن خالد، حدثنا زيد بن الحباب، عن أشعث، عن سعيد بن جبير قال: " في القرآن أربعة أحرف لحن: {الصابئون} ، {والمقيمين} [النساء: 162] ، {فأصدق وأكن من الصالحين} [المنافقون: 10] ، و {إن هذان لساحران} [طه: 63] "


المصاحف لابن أبي داود (ص: 129)
حدثنا عبد الله قال حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لحن القرآن، {إن هذان لساحران} [طه: 63] ، وعن قوله: {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} [النساء: 162] وعن قوله {والذين هادوا والصابئون} فقالت: «يا ابن أختي، هذا عمل الكتاب أخطئوا في الكتاب»


المصاحف لابن أبي داود (ص: 258)
حدثنا عبد الله حدثنا عمرو بن عبد الله، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: " هما سواء: {إن هذان لساحران} [طه: 63] ، و (إن هذين لساحرين) " [ص:259] حدثنا عبد الله حدثنا شعيب بن أيوب، حدثنا يحيى، حدثنا وكيع، بهذا، زاد: " لعلهم كتبوا الألف مكان الياء، والله أعلم، والواو في {الصابئون} و {الراسخون} [النساء: 162] مكان الياء "



السبعة في القراءات (ص: 419)
10 - واختلفوا فى قوله {إن هذان لساحران} 63 فى تشديد النونين وتخفيفهما وفى الألف والياء
فقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائى {إن} مشددة النون / هذن / بألف خفيفة النون
وقرأ ابن كثير / إن هذن / بتشديد نون / هذن / وتخفيف نون {إن}
واختلف عن عاصم فروى أبو بكر / إن هذن / نون {إن} مشددة / هذن / مثل حمزة وروى حفص عن عاصم {إن} ساكنة النون وهى قراءة ابن كثير و / هذن / خفيفة
وقرأ أبو عمرو وحده {إن} مشددة النون / هذين / بالياء



الحجة في القراءات السبع (ص: 243)
المؤلف: الحسين بن أحمد بن خالويه، أبو عبد الله (المتوفى: 370هـ)
والحجة لمن قرأها بالياء ما روي عن (عائشة) «7» و (يحيى بن يعمر) «8»: أنه لما رفع المصحف إلى (عثمان) «1» قال: أرى فيه لحنا، وستقيمه العرب بألسنها.
فإن قيل: فعثمان كان أولى بتغيير اللحن: فقل: ليس اللحن هاهنا أخطاء الصواب، وإنما هو خروج من لغة قريش إلى لغة غيرهم «2». والحجة لمن شدد النون في التثنية مذكورة في النساء «3».




معاني القراءات للأزهري (2/ 151)
المؤلف: محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ)
وقال أبو إسحاق الزجاج: أجود ما سمعت في هذا: أن (إن) وقعت موقع (نَعْم) ، وأن اللام وقعت موقعها، والمعنى: نعم هذانِ لهُما سَاحِران.
قال: والذي سلى هذا في الجودة مذهب بني كِنَانة في ترك ألف التثنية على هيئة واحد.
قال: وأما قراءة أبي عمرو فإني لا أجيزُهَا لمخالفتها المصحف، قال: ولما وجدت سَبيلاً إلى موافقة المصحف لم أَجِز مخالفتَه؛ لأن اتباعه سُنَّة، سِيمَا وأكثر القراء على اتباعه، ولكني أَسْتَحْسِنُ (إنْ هَذانِ لَسَاحِرَان) وفيه إمَامَانِ: عاصم، والخليل. وموافقة أُبيٍّ - رضي الله عنه.




معاني القراءات للأزهري (2/ 148)
وقوله جلَّ وعزَّ: (إِنَّ هذَانِ لَسَاحِرَانِ (63)
قرأ ابن كثيرٍ (إِنْ) خفيفة، (هَذاَن) بالرفع وتشديد النون.
وقرأ حفص (إنْ هَذَانِ) بالرفع وتخفيف النون:
وقرأ أبو عمرو (إنَّ) مشددة، (هَذَين) نصبًا باللغة العالية.
وقرأ الباقون (إنَّ) بالتشدِيد، (هَذَانِ) بالرفع وتخفيف النون.
قال أبو منصور: أما قراءة أبي عمرو (إنَّ هَذَين) وهي اللغة العالية التي
يتكلم بها جَماهِير العرب إلا أنها مخالَفة لِلْمصحف، وكان أبو عمرو يذهب
في مُخَالفته المصحَفَ إلى قول عائشة وعثمان: إنه من غلط الكاتب فيه، وفي
حروف أخر.
وأما مَنْ قَرَأَ (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) بتخفيف (إِنْ) ، و (هَذَانِ) بالرفع فإنه ذهب
إلى أن (إنَّ) إذا خُفَفت رُفع ما بعدها، ولم يُنصَب بها، وتشديد النون من
(هذانِّ) لغة معروفة، وقُرِئ (فَذَانِّكَ بُرهَانَانِ) على هذه اللغة.
والمعنى في قراءة (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) : ما هذان إلا سَاحِرَان، بمعنى النفي، واللام في (لَسَاحِرَان) بمعنى: إلا وهذا صحيح في المعنى، وفي كلام العرب.
وأما قراءة العامّة (إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) ففى صحته في العربية وجوه كُلهَا
حجة، منها: أن الأخفش الكبير وغيره من قدماء النحويين قالوا: هى لغة
لِكِنَانة، يجعلون ألف الاثنين في الرفع والخفض على لفظ واحد، كقولك:
أتاني الزيدانِ، ورأيت الزيدان، وَمررت بالزيدانِ،
وقد أنشد الفراء بيتًا للمتلمِّس حجة لهذه اللغة:
فأَطْرَق إطْراقَ الشُّجاعِ ولو يرى ... مَسَاغاً لِناباه الشُّجاعُ لصَمَّما
وقال أبو عبيد: ويروي للكسائي يقول: هي لغة لِبَلْحارِث بن كعب،
وأنشد
تَزوَّدَ منَّا بَيْنَ أذناهُ ضَربةً ... دَعَتْهُ إلى هَابِي الترابِ عَقيم
وقال بعض النحويين في قوله (إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ)
ها هنا هاء مضمرة،
المعنى: إنَّهُ هذَانِ لَسَاحِرَانِ.
وقال آخرون: (إنَّ) بمعنى: نَعَمْ هذان لسَاحِرَان، وقال ابن قيس الرقَيَّات:
ويَقُلْنَ شَيْبٌ قد عَلا ... كَ وقد كَبِرْتَ فقلتُ إنَّهْ.




حجة القراءات (ص: 454)
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد، أبو زرعة ابن زنجلة (المتوفى: حوالي 403هـ)
{قالوا إن هذان لساحران} 63
قرأ أبو عمرو / إن هذين / بالياء لأن تثنية المنصوب والمجرور بالياء في لغة فصحاء العرب وأبو عمرو مستغن عن إقامة دليل على صحتها كما أن القارئ في قول الله جل وعز {قال رجلان من الذين يخافون} مستغن عن الاحتجاج على منازعه إن نازعه في صحة قراءته
وقرأ الباقون {إن هذان لساحران} بالألف وحجتهم أنها مكتوبة هكذا في الإمام مصحف عثمان وهذا الحرف في كتاب الله مشكل على أهل اللغة وقد كثر اختلافهم في تفسيره ونحن نذكر جميع ما قال النحويون فحكى أبو عبيدة عن أبي الخطاب وهو رأس رؤساء الرواة أنها لغة كنانة يجعلون ألف الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد يقولون أتاني الزيدان ورأيت الزيدان ومررت بالزيدان قال الشاعر
تزود منا بين أذناه ضربة ... دعته إلى هابي التراب عقيم
قال الزجاج وقال النحويون القدماء ها هنا هاء مضمرة والمعنى إنه هذان لساحران كما تقول إنه زيد منطلق ثم تقول إن زيد منطلق وقال المبرد أحسن ما قيل في هذا أن يجعل إن بمعنى نعم المعنى نعم هذان لساحران فيكون ابتداء وخبرا قال الشاعر ... ويقلن شيب قد علا ... ك وقد كبرت فقلت إنه ...

أي نعم فإن قيل اللام لا تدخل بين المبتدأ وخبره لا يقال زيد لقائم فما وجه هذان لساحران
الجواب في ذلك أن من العرب من يدخل لام التوكيد في خبر المبتدأ فيقول زيد لأخوك قال الشاعر ... خالي لأنت ومن جرير خاله ... ينل العلاء ويكرم الأخوالا ...

وقال الزجاج المعنى نعم هذان لساحران وقال قطرب يجوز أن يكون المعنى أجل فيكون المعنى والله أعلم {فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى} قالوا أجل تصديقا من بعضهم لبعض ثم قالوا {هذان لساحران} ويجوز أن يكون اللام داخلة في الخبر على التوكيد
وقال الفراء في {هذان} إنهم زادوا فيها النون في التثنية وتركوها على حالها في الرفع والنصب والجر كما فعلوا في الذي فقالوا الذين في الرفع والنصب والجر
وقرأ حفص {إن هذان} بتخفف {إن} جعل إن بمعنى ما واللام بمعنى إلا التقدير ما هذان إلا ساحران
وقرأ ابن كثير {إن} بالتخفيف {هذان} بالتشديد و {إن} تكون أيضا بمعنى ما والأ في هذان هذا ان فحذف الألف وجعل التشديد عوضا من الألف المحذوفة التي كانت في هذا ومن العرب من إذا حذف عوض ومنهم من إذا حذف لم يعوض فمن عوض آثر تمام الكلمة ومن لم يعوض آثر التخفيف ومثل ذلك في تصغير مغتسل منهم من يقول مغيسل فلم يعوض ومنهم من يقول مغيسيل فعوض من التاء ياء




تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (22/ 65)
[سورة طه (20) : الآيات 63 الى 64]
قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى (63) فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى (64)
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: القراءة المشهورة: إن هذان لساحران ومنهم من ترك هذه القراءة وذكروا وجوها أخر.
أحدها: قرأ أبو عمرو وعيسى بن عمر: (إن هذين لساحران) قالوا: هي قراءة عثمان وعائشة وابن الزبير وسعيد بن جبير والحسن رضي الله تعالى عنه واحتج أبو عمرو وعيسى على ذلك بما روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها سئلت عن قوله: إن هذان لساحران وعن قوله: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى [المائدة: 69] في المائدة، وعن قوله: لكن الراسخون في العلم منهم- إلى قوله- والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة [النساء: 162] فقالت يا ابن أخي هذا خطأ من الكاتب، وروي عن عثمان أنه نظر في المصحف فقال: أرى فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها، وعن أبي عمرو أنه قال:
إني لأستحي أن أقرأ: إن هذان لساحران،
وثانيها: قرأ ابن كثير: (إن هذان) بتخفيف إن وتشديد نون هذان.
وثالثها: قرأ حفص عن عاصم إن هذان بتخفيف النونين.
ورابعها: قرأ عبد الله بن مسعود: وأسروا النجوى أن هذان ساحران بفتح الألف وجزم نونه [و] ساحران بغير لام.
وخامسها: عن الأخفش: إن هذان لساحران خفيفة في معنى ثقيلة وهي لغة قوم يرفعون بها/ ويدخلون اللام ليفرقوا بينها وبين التي تكون في معنى ما.
وسادسها: روي عن أبي بن كعب: (ما هذان إلا ساحران) وروي عنه أيضا: (إن هذان لساحران) وعن الخليل مثل ذلك، وعن أبي أيضا: (إن ذان لساحران)
فهذه هي القراءات الشاذة المذكورة في هذه الآية،
واعلم أن المحققين قالوا: هذه القراءات لا يجوز تصحيحها لأنها منقولة بطريق الآحاد، والقرآن يجب أن يكون منقولا بالتواتر إذ لو جوزنا إثبات زيادة في القرآن بطريق الآحاد لما أمكننا القطع بأن هذا الذي هو عندنا كل القرآن لأنه لما جاز في هذه القراءات أنها مع كونها من القرآن ما نقلت بالتواتر جاز في غيرها ذلك، فثبت أن تجويز كون هذه القراءات من القرآن يطرق جواز الزيادة والنقصان والتغيير إلى القرآن وذلك يخرج القرآن عن كونه حجة ولما كان ذلك باطلا فكذلك ما أدى إليه،
وأما الطعن في القراءة المشهورة فهو أسوأ مما تقدم من وجوه:
أحدها: أنه لما كان نقل هذه القراءة في الشهرة كنقل جميع القرآن فلو حكمنا ببطلانها جاز مثله في جميع القرآن وذلك يفضي إلى القدح في التواتر وإلى القدح في كل القرآن وأنه باطل، وإذا ثبت ذلك امتنع صيرورته معارضا بخبر الواحد المنقول عن بعض الصحابة.
وثانيها: أن المسلمين أجمعوا على أن ما بين الدفتين كلام الله تعالى وكلام الله تعالى لا يجوز أن يكون لحنا وغلطا فثبت فساد ما نقل عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما أن فيه لحنا وغلطا.
وثالثها: قال ابن الأنباري إن الصحابة هم الأئمة والقدوة فلو وجدوا في المصحف لحنا لما فوضوا إصلاحه إلى غيرهم من بعدهم مع تحذيرهم من الابتداع وترغيبهم في الاتباع، حتى قال بعضهم: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم.
فثبت أنه لا بد من تصحيح القراءة المشهورة.
واختلف النحويون فيه وذكروا وجوها: الوجه الأول: وهو الأقوى أن هذه لغة لبعض العرب وقال بعضهم هي لغة بلحارث بن كعب، والزجاج نسبها إلى كنانة وقطرب نسبها إلى بلحارث بن كعب ومراد وخثعم وبعض بني عذرة، ونسبها ابن جني إلى بعض بني ربيعة أيضا وأنشد الفراء على هذه اللغة:...





تفسير القرطبي (11/ 216)
أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)
قوله تعالى: (إن هذان لساحران) 20: 63 قرأ أبو عمرو" إن هذين لساحران". ورويت عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة، وكذلك قرأ الحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وغيرهم من التابعين، ومن القراء عيسى بن عمر وعاصم الجحدري، فيما ذكر النحاس. وهذه القراءة موافقة للإعراب مخالفة للمصحف. وقرأ الزهري والخليل بن أحمد والمفضل وأبان وابن محيصن وابن كثير وعاصم: في رواية حفص عنه" إن هذان 20: 63" بتخفيف" إن"" لساحران" وابن كثير يشدد نون" هذان". وهذه القراءة سلمت من مخالفة المصحف ومن فساد الإعراب، ويكون معناها ما هذان إلا ساحران. وقرأ المدنيون والكوفيون:" إن هذان" بتشديد" إن"" لساحران 20: 63" فوافقوا المصحف وخالفوا الإعراب. قال النحاس: فهذه ثلاث قراءات قد رواها الجماعة عن الأئمة، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ" إن هذان إلا ساحران" وقال الكسائي في قراءة عبد الله:" إن هذان ساحران" بغير لام، وقال الفراء في حرف أبي" إن ذان إلا ساحران" فهذه ثلاث قراءات أخرى تحمل على التفسير لا أنها جائز أن يقرأ بها لمخالفتها المصحف. قلت: وللعلماء في قراءة أهل المدينة والكوفة ستة أقوال ذكرها ابن الأنباري في آخر كتاب الرد له، والنحاس في إعرابه، والمهدوي في تفسيره، وغيرهم أدخل كلام بعضهم في بعض. وقد خطأها قوم حتى قال أبو عمرو: إني لأستحي من الله [تعالى «1»] أن أقرأ" إن هذان 20: 63". وروى عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن قوله تعالى" لكن الراسخون في العلم" «2» ثم قال:" والمقيمين" «3» وفي" المائدة"" إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون" «4» [المائدة: 69] و" إن هذان لساحران 20: 63" فقالت: يا ابن أختي! هذا خطأ من الكاتب. وقال عثمان ابن عفان رضي الله عنه: في المصحف لحن وستقيمه العرب بألسنتهم. وقال أبان بن عثمان: قرأت هذه الآية عند أبي عثمان بن عفان، فقال: لحن وخطأ، فقال له قائل: ألا تغيروه؟ فقال: دعوه فإنه لا يحرم حلالا ولا يحلل حرما. القول الأول من الأقوال الستة: أنها لغة بنى الحرث بن كعب وزبيد وخثعم. وكنانة بن زيد يجعلون رفع الاثنين ونصبه وخفضه بالألف،
__________
(1). من ك:
(2). راجع ج 6 ص 13، وص 246. راجع ما نقله القرطبي في رد هذا الكلام ج 6 ص 15. وكان إغفال المصنف لهذا أولى لأنه قدح في خط المصحف المروي عن أئمة اللغة الثقات.
(3). راجع ج 6 ص 13، وص 246. راجع ما نقله القرطبي في رد هذا الكلام ج 6 ص 15. وكان إغفال المصنف لهذا أولى لأنه قدح في خط المصحف المروي عن أئمة اللغة الثقات.
(4). راجع ج 6 ص 13، وص 246. راجع ما نقله القرطبي في رد هذا الكلام ج 6 ص 15. وكان إغفال المصنف لهذا أولى لأنه قدح في خط المصحف المروي عن أئمة اللغة الثقات.



تفسير القرطبي (11/ 217)
يقولون: جاء الزيدان ورأيت الزيدان ومررت بالزيدان، ومنه قوله تعالى:" ولا أدراكم به 10: 16" [يونس: 16] على ما تقدم «1». وأنشد الفراء لرجل من بني أسد «2» - قال: وما رأيت أفصح منه:
فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى ... مساغا لناباه الشجاع لصمما «3»
ويقولون: كسرت يداه وركبت علاه، بمعنى يديه وعليه، قال شاعرهم: «4»
تزود منا بين أذناه ضربة ... دعته إلى هابي التراب عقيم
وقال آخر: «5»
طاروا علاهن فطر علاها

أي عليهن وعليها. وقال آخر: «6»
إن أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها
أي إن أبا أبيها وغايتها. قال أبو جعفر النحاس: وهذا القول من أحسن ما حملت عليه الآية، إذ كانت هذه اللغة معروفة، وقد حكاها من يرتضى بعلمه وأمانته، منهم أبو زيد الأنصاري، وهو الذي يقول: إذا قال سيبويه حدثني من أثق به فإنما يعنيني، وأبو الخطاب الأخفش وهو رئيس من رؤساء اللغة، والكسائي والفراء كلهم قالوا هذا على لغة بني الحرث بن كعب. وحكى أبو عبيدة عن أبي الخطاب أن هذه لغة بني كنانة. المهدوي: وحكى غيره أنها لغة لخثعم. قال النحاس ومن أبين ما في هذا قول سيبويه: واعلم أنك إذا ثنيت الواحد زدت عليه زائدتين، الأولى منهما حرف مد ولين وهو حرف الإعراب، قال أبو جعفر فقول سيبويه: وهو حرف الإعراب، يوجب أن الأصل ألا يتغير، فيكون" إن هذان" جاء
__________
(1). راجع ج 8 ص 320 فما بعد.
(2). هو المتلمس كما في (اللسان).
(3). صمم الشجاع في عضته: أي عض ونيب فلم يرسل ما عض.
(4). هو هوبر الحارثي. والهابي من التراب ما ارتفع ودق.
(5). قيل: هو لبعض أهل اليمن وأن قبله:
أي قلوص راكب تراها ... طاروا علاهن فطر علاها
واشدد بمثنى حقب حقواها ... ناجية وناجيا أباها
والحقو: الخاصرة. والناجية: السريعة.
(6). نسبه الجوهري لابي النجم وأن قبله:
واها لسلمى ثم واها واها ... هي المنى لو أننا نلناها
يا ليت عيناها لنا وفاها ... بثمن نرضى به أباها إن أباها ...
إلخ. ونسبه بعضهم لرؤبة. وقيل: لبعض أهل اليمن وأن قبله:
أي قلوص راكب تراها ... طاروا علاهن ...

إلخ.


تفسير القرطبي (11/ 218)
على أصله ليعلم ذلك، وقد قال تعالى" استحوذ عليهم الشيطان" «1» [المجادلة: 19] ولم يقل استحاذ، فجاء هذا ليدل على الأصل، وكذلك" إن هذان" ولا يفكر في إنكار من أنكر هذه اللغة إذ كان الأئمة قد رووها. القول الثاني: أن يكون" إن" بمعنى نعم، كما حكى الكسائي عن عاصم قال: العرب تأتي ب"- إن" بمعنى نعم، وحكى سيبويه أن" إن" تأتي بمعنى أجل، وإلى هذا القول كان محمد بن يزيد وإسماعيل بن إسحاق القاضي يذهبان، قال النحاس: ورأيت أبا إسحاق الزجاج وعلي بن سليمان يذهبان إليه. الزمخشري: وقد أعجب به أبو إسحاق. النحاس: وحدثنا علي بن سليمان، قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد السلام النيسابوري، ثم لقيت عبد الله بن أحمد [هذا «2»] فحدثني، قال حدثني عمير بن المتوكل، قال حدثنا محمد ابن موسى النوفلي من ولد حرث بن عبد المطلب، قال حدثنا عمر بن جميع الكوفي عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن علي- وهو ابن الحسين- عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، قال: لا أحصي كم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على منبره:" إن الحمد لله نحمده ونستعينه" ثم يقول:" أنا أفصح قريش كلها وأفصحها بعدي أبان ابن سعيد بن العاص" قال أبو محمد الخفاف قال عمير: إعرابه عند أهل العربية والنحو" إن الحمد لله" بالنصب إلا أن العرب تجعل" إن" في معنى نعم كأنه أراد صلى الله عليه وسلم نعم الحمد لله، وذلك أن خطباء الجاهلية كانت تفتتح [في «3»] خطبها بنعم. وقال الشاعر في معنى نعم:
قالوا غدرت فقلت إن وربما ... نال العلا وشفى الغليل الغادر
وقال عبد الله بن قيس الرقيات:
بكر العواذل في الصبا ... ح يلمنني وألومهنه
ويقلن شيب قد علا ... ك وقد كبرت فقلت إنه
فعلى هذا جائز أن يكون قول الله عز وجل:" إن هذان لساحران" بمعنى نعم ولا تنصب. قال النحاس: أنشدني داود بن الهيثم، قال أنشدني ثعلب:
ليت شعري هل للمحب شفاء ... من جوى حبهن إن اللقاء
__________
(1). راجع ج 17 ص 305.
(2). الزيادة من (إعراب القرآن) للنحاس. [ ..... ]
(3). من ب وج وط وك


تفسير القرطبي (11/ 219)
قال النحاس: وهذا قول حسن إلا أن فيه شيئا لأنه إنما يقال: نعم زيد خارج، ولا تكاد تقع اللام ها هنا، وإن كان النحويون قد تكلموا في ذلك فقالوا: اللام ينوى بها التقديم، كما قال:
خالي لأنت ومن جرير خاله ... ينل العلاء ويكرم الأخوالا
آخر:
أم الحليس لعجوز شهربه ... ترضى من الشاة بعظم الرقبه
أي لخالي ولأم الحليس، وقال الزجاج: والمعنى في الآية إن هذان لهما ساحران ثم حذف المبتدأ. المهدوي: وأنكره أبو علي وأبو الفتح بن جني. قال أبو الفتح:" هما" المحذوف لم يحذف إلا بعد أن عرف، وإذا كان معروفا فقد استغني بمعرفته عن تأكيده باللام، ويقبح أن تحذف المؤكد وتترك المؤكد. القول الثالث: قاله الفراء أيضا [قال «1»]: وجدت الألف دعامة ليست بلام الفعل فزدت عليها نونا ولم أغيرها كما قلت:" الذي" ثم زدت عليه نونا فقلت: جاءني الذين عندك، ورأيت الذين عندك، ومررت بالذين عندك. القول الرابع: قاله بعض الكوفيين قال الألف في" هذان" مشبهة بالألف في يفعلان فلم تغير. القول الخامس: قال أبو إسحاق: النحويون القدماء يقولون الهاء ها هنا مضمرة، والمعنى إنه هذان لساحران، قال ابن الأنباري: فأضمرت الهاء التي هي منصوب" إن" و" هذان 20: 63" خبر" إن" و" ساحران" يرفعها" هما" المضمر [والتقدير «2»] إنه هذان لهما ساحران. والأشبه «3» عند أصحاب أهل هذا الجواب أن الهاء اسم" إن" و" هذان" رفع بالابتداء وما بعده خبر الابتداء. القول السادس: قال أبو جعفر النحاس وسألت أبا الحسن بن كيسان عن هذه الآية، فقال: إن شئت أجبتك بجواب النحويين، وإن شئت أجبتك بقولي، فقلت: بقولك، فقال: سألني إسماعيل بن إسحاق عنها فقلت: القول عندي أنه لما كان يقال:" هذا" في موضع الرفع والنصب والخفض على حال واحدة، وكانت التثنية يجب ألا يغير لها الواحد أجريت التثنية مجرى الواحد فقال: ما أحسن هذا لو تقدمك أحد بالقول به حتى يؤنس به، قال ابن كيسان: فقلت له: فيقول القاضي به حتى يؤنس به، فتبسم.
__________
(1). من ب وج وط وك.
(2). الزيادة يقتضيها السياق.
(3). في ب وك: الا ثبت.





أمالي ابن الحاجب (1/ 156)
[إملاء 30]
[توجيه قراءات قوله تعالى: {إن هذان لساحران}]
وقال أيضاً ممليا بدمشق سنة إحدى وعشرين على قوله تعالى: {إن هذان لساحران} (1):
قرأ أبو عمرو إن هذين لساحران (2). وهي قراءة واضحة. وكذلك روي عنه أنه قال: إني لأستحيي أن أقرأ: إن هذان لساحران، ولعله لم يثبت عنده تؤاثره.
وقرأ ابن كثير (3) وحفص (4) إن هذا لساحران. إلا أن ابن كثير شدد النون، ولها وجهان: أحدهما: ما ذهب إليه البصريون أن إن مخففة من الثقيلة، وهذان مبتدأ، لبطلان عمل إن لتخفيفها، ولساحران: خبر، واللام
__________
(1) طه: 63.
(2) قرأ أبو عمرو إن هذين لساحران: سقطت هذه العبارة من م.
(3) هو عبد الله بن كثير بن المطلب الإمام أبو سعيد. ولد سنة 45 هـ. وتوفي سنة 120 هـ. قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء. كان إمام الناس بمكة حتى مات. لقي من الصحابة عبد الله بن الزبير وأبا أيوب الأنصاري وأنس بن مالك. انظر معرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 71 (تحقيق محمد سيد جاد الحق).
(4) هو حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الكوفي. ولد سنة 90 هـ وتوفي سنة 180 هـ. أخذ القراءة عن عاصم، وكان ريبيه وابن زوجته. انظر غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري 1/ 254.



أمالي ابن الحاجب (1/ 157)
عندهم هي اللام الفارقة بين إن المخففة والنافية، فتدخل على الخبر إن كان بعدها جملة اسمية، وعلى ما هو في معناه إن كان بعدها جملة فعلية. ولذلك التزموا أن يكون الفعل الواقع بعدها من الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر؛ وجوز الكوفيون غيره (1).
والوجه الثاني: ما ذهب إليه الكوفيون أن إن نافية وما بعدها مبتدأ، واللام بمعنى إلا وما بعدها خبر المبتدأ، كأنك قلت: ما هذان إلا ساحران.
وقرأ الباقون: إن هذان لساحران. وهي مشكلة، وأظهرها أن يقال: إن (هذا) مبني لأنه من أسماء الإشارة، فجاء في الرفع والنصب والجر على حال واحدة، وهي لغة واضحة، ومما يقويها أن اختلاف الصيغ في اللغة الأخرى ليست إعراباً في التحقيق لوجود علة البناء من غير معارض، لأن العلة في بناء هذا وهؤلاء كونها اسم إشارة، وهذا كذلك (2).
وقد قيل: إن (إن) بمعنى نعم (3)، وهذان لساحران: مبتدأ وخبر، وهو ضعيف من جهة أن (إن) بمعنى نعم (4) لم يثبت إلا شاذاً، ومن جهة أن لام الابتداء لا تدخل على الخبر مع كونها (5) مبتدأ.
وأما من قال: إن (إن) فيها ضمير الشأن محذوفاً، والمراد: إنه هذا لساحران، فأضعف لدخول اللام في الخبر، ولأن حذف (1) ضمير الشأن المذكور لم يثبت إلا شاذاً في مثل قولهم:
إن من يدخل الكنيسة يوما (2).
وعلى ثبوته فهو ضعيف باتفاق، والله أعلم بالصواب.
__________
(1) انظر معاني القرآن للقراء 2/ 184 وإعراب القرآن للنحاس 2/ 343 ومغني اللبيب 1/ 38 (محي الدين).
(2) ونسب هذا الرأي لابن كيسان. انظر إنباه الرواة على أنباه النحاة 3/ 58. وهو قول غريب، فيه مخالفة لجمهور النحاة.
(3) نقله ابن خالويه عن المبرد. انظر الحجة في القراءات السبع لابن خالويه ص 242 (تحقيق وشرح الدكتور عبد العال سالم مكرم).
(4) نعم: سقطت من ب.
(5) في الأصل: كونه. وما أثبتناه هو الصواب. لأن معنى العبارة: مع كونها يبتدأ بها.







الكشف و البيان عن تفسير القرآن ج‏6 250 [سورة طه(20): الآيات 55 الى 76] ..... ص : 248
حدّثنا أبو العباس الأصم قال: حدّثنا محمد بن الجهم السمري قال: حدّثنا الفرّاء قال: حدّثني أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها سئلت عن قوله سبحانه في النساء لكِنِ الرَّاسِخُونَ وَ الْمُقِيمِينَ و عن قوله في المائدة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصَّابِئُونَ و عن قوله إِنْ هذانِ لَساحِرانِ فقالت: يا بن أخي هذا خطأ من الكاتب.





التفسير المظهري ج‏2قسم‏2 274 [سورة النساء(4): آية 162] ..... ص : 274
لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ اى من اهل الكتاب كعبد الله بن سلام و أصحابه مؤمنى اهل الكتاب الثابتون على ما هو مقتضى العلم بالكتاب وَ الْمُؤْمِنُونَ يعنى اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم من المهاجرين و الأنصار او المعنى و المؤمنون منهم و المراد بهم و بالراسخون واحد و الراسخون مبتدأ خبره يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ اى القران وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يعنى سائر الكتب المنزلة على الرسل وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ قال البغوي حكى عن عائشة و ابان بن عثمان انه غلط من الكاتب ينبغى ان يكتب و المقيمون الصلاة و كذلك قوله تعالى فى سورة المائدة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصَّابِئُونَ و قوله تعالى إِنْ هذانِ لَساحِرانِ قالوا ذلك خطأ من الكاتب و قال عثمان ان فى المصحف لحنا سيقيمه العرب بألسنتها فقيل له الا تغيره فقال دعوه فانه لا يحل حراما و لا يحرم حلالا، و الصحيح انّ هذا القول سهو من القائلين عفا اللّه تعالى عنهم و انعقد الإجماع على انه هو الحق الصحيح فاختلفوا فى توجيهه فقيل هو نصب على المدح لبيان فضل الصلاة تقديره امدح المقيمين و قيل منصوب بتقدير اعنى المقيمين الصلاة- و هم المؤتون الزكوة و قيل انه منصوب على التوهم لان السابق كان مقام لكن المثقلة وضع موضعه المخففة و قيل موضعه خفض معطوف على ما انزل إليك معناه يؤمنون بما انزل إليك و بالمقيمين الصلاة يعنى الأنبياء وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ عطف على الراسخون او مبتدا خبره أولئك وَ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ عطف على المؤتون قدم عليه الايمان بالأنبياء







معالم التنزيل في تفسير القرآن ج‏1 721 [سورة النساء(4): الآيات 161 الى 162] ..... ص : 720
البالغون في العلم منهم أولو البصائر، و أراد به الذين أسلموا من علماء اليهود مثل عبد اللّه بن سلام و أصحابه، وَ الْمُؤْمِنُونَ، يعني: المهاجرون و الأنصار، يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ، يعني: القرآن، وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ، يعني: سائر الكتب المنزلة، وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ، اختلفوا في وجه انتصابه، فحكي عن عائشة رضي اللّه عنها و أبان بن عثمان: أنه غلط من الكاتب ينبغي أن يكتب و «المقيمون الصّلاة» و كذلك قوله في سورة المائدة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصَّابِئُونَ [المائدة: 69]، و قوله إِنْ هذانِ لَساحِرانِ [طه: 63] قالوا: ذلك خطأ من الكاتب. و قال عثمان: إن في المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها، فقيل له: ألا تغيّره؟ فقال: دعوه فإنه لا يحلّ حراما و لا يحرّم حلالا.
معالم التنزيل في تفسير القرآن ج‏3 266 [سورة طه(20): الآيات 62 الى 64] ..... ص : 266
وَ إِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ [الشعراء: 186]، أي ما نظنك إلّا من الكاذبين، و شدد ابن كثير النون من هذانِ، و قرأ أبو عمرو إِنْ بتشديد النون هذين بالياء على الأصل، و قرأ الآخرون: إِنْ بتشديد النون، هذانِ بالألف و اختلفوا فيه، [فروي عن‏] هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين: أنه خطأ من الكاتب. و قال قوم: هو لغة بالحارث بن كعب و خثعم و كنانة فإنهم يجعلون الاثنين في موضع الرفع و النصب و الخفض بالألف، يقولون: أتاني الزيدان و رأيت الزيدان و مررت بالزيدان، فلا يتركون ألف التثنية في شي‏ء، و كذلك يجعلون كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها ألفا، [كما في التثنية]، يقولون: كسرت يداه و ركبت علاه، يعني يديه و عليه. و قال شاعرهم:




سعد السعود للنفوس منضود 266 [سورة طه(20): آية 63] ..... ص : 265
فيما نذكره من مجلد آخر تصنيف الفراء فيه ستة أجزاء أوله الجزء العاشر فمن الوجهة الأولة من القائمة الثالثة من الجزء الأول من المجلدة و هو العاشر بلفظه و قوله تعالى إِنْ هذانِ لَساحِرانِ قد اختلف فيه القراء فقال بعضهم هذا لحن و لكنا نمضي عليه لئلا نخالف الكتاب حدثنا أبو الجهم قال حدثنا الفراء قال و حدثني أبو معاوية عن هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عن عائشة أنها سألت عن قوله تعالى في النساء لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ و عن قوله تعالى في المائدة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصَّابِئُونَ و عن قوله إِنْ هذانِ لَساحِرانِ فقالت يا ابن أخي هذا كان خطأ من الكاتب و قرأ أبو عمر إن هذين لساحران و احتج بأن قال بلغني عن بعض أصحاب/ ط محمد ص أنه قال في المصحف لحنا و ستقيمه العرب و لست أشتهي أن أخالف الكتاب و قرأ بعضهم إن مخففة هذان ساحران و في قراءة عبد الله و أسروا النجوى إن هذان ساحران و في قراءة أبي إن ذان إلا ساحران فقرأ بتشديد إن و بالألف على جهتين إحداهما على لغة بني الحرث بن كعب و من جاورهم و هم يجعلون الاثنين في رفعها و نصبها و خفضها بالألف أنشدني رجل من الأسد عنهم- فأطرق إطراق الشجاع و لو ترى مساعا لنا باه الشجاع لصمها و حكى هذا الرجل عنهم هذا خط يد آخر أعونه و ذلك و إن كان قليلا فليس لأن العرب قد قالوا مسلمين فجعلوا الواو تابعة للضمة لأن الواو لا يعرف به قالوا رأيت المسلمين فجعلوا الياء تابعة لكسرة الميم فلما رأوا لباس الاثنين لا يمكنهم كسروا ما قبلها و ثبت مفتوحا و تركوا الألف في كلا الرجلين في الرفع و النصب و الخفض و هما اثنان ... كنانة فإنهم يقولون رأيت كلا الرجلين و مررت بكلي الرجلين و هي نتيجة قليلة مضوا على القياس و الوجه الآخر أن يقول وجدت الألف من هذا دعامة و ليست بلام فعل فلما ثبت ردت عليها نونا ثم تركت الألف ثابتة على حالها لا تزول في كل حال كما قالت العرب الذي ثم زاد و إلا يدل على الجمع فقالوا الذين في رفعه و نصبه و خفضه و كنانة يقولون الذون. يقول علي بن موسى بن طاوس أ لا تعجب من قوم يتركون مثل علي بن أبي طالب أفصح العرب بعد صاحب النبوة و أعلمهم بالقرآن و السنة و يسألون عائشة أ ما يفهم أهل البصائر أن هذا لمجرد الحسد أو لغرض يبعد من صواب الموارد و المصادر ثم كيف يرى مثل هذا و لا ينكر و لا يترك و لا يطعن بهذا القول على من جمع المصحف و على كاتبه و على من حضر الصحابة و على من بلغه ذلك من الصدر الأول. أقول و أما الذي يقال عنه من أصحاب النبي إن في القرآن لحنا فقد ذكر ابن قتيبة عن عثمان بن عفان و أما قول من قال إنه لحن و لكنه نمضي عليه فلعله يعتقد أن جامع القرآن من يجوز الطعن على جمعه و لو ظفر اليهود و الزنادقة بمسلم يعتقد في القرآن لحنا جعلوه حجة على فسادهم و أما تأويل الفراء و ما حكاه من استعمال بعض العرب فلو كان القرآن قد استعمل في مواضع القرآن على مقتضى هذه اللغة كان ما يخفى ذلك على الصدر الأول و كانوا ذكروه و كشفوه. أقول فكان يمكن أن يقال إن الله تعالى حكى هذا القول عن غيره فلعل الذي حكى عنه قال إِنْ هذانِ لَساحِرانِ فأراد الله أن يحكي لفظ قائله على وجهه كما جرت عادة كثير من كتب الله جل جلاله يحكي فيها قول كل قائل على وجهه من غلطهم و غيره كما يحكى الله تعالى كلمات الكفر على أهلها بلفظها فإنه لم يمنع من هذا مانع على اليقين فهو أقرب من قول كثير من المفسرين‏





معاني القرآن ج‏2 183 [سورة طه(20): الآيات 61 الى 67] ..... ص : 182
و قوله: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ [83] قد اختلف فيه القراء فقال بعضهم: هو لحن و لكنا نمضى عليه لئلّا نخالف الكتاب. حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى أبو معاوية الضرير عن هاشم بن عروة بن الزبير عن أبيه عن عائشة أنها سئلت عن قوله فى النساء (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ .... وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) و عن قوله فى المائدة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصَّابِئُونَ) و عن قوله ( إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) فقالت: يا ابن أخى هذا كان خطأ من الكاتب. و قرأ أبو عمرو (إنّ هذين لساحران) و احتجّ أنّه بلغه عن بعض أصحاب محمد صلى اللّه عليه و سلم أنّه قال: إن فى المصحف لحنا و ستقيمه العرب.




معاني القرآن ج‏3 15 [سورة فصلت(41): الآيات 19 الى 20] ..... ص : 15
(10) في (ش) و تضلفها و هو خطأ من الكاتب.




مفاتيح الغيب ج‏22 65 [سورة طه(20): الآيات 63 الى 64] ..... ص : 65
المسألة الأولى: القراءة المشهورة: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ و منهم من ترك هذه القراءة و ذكروا وجوها أخر. أحدها: قرأ أبو عمرو و عيسى بن عمر: (إن هذين لساحران) قالوا: هي قراءة عثمان و عائشة و ابن الزبير و سعيد بن جبير و الحسن رضي اللَّه تعالى عنه و احتج أبو عمرو و عيسى على ذلك بما روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها أنها سئلت عن قوله: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ و عن قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصَّابِئُونَ وَ النَّصارى‏ [المائدة: 69] في المائدة، و عن قوله: لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ- إلى قوله- وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ [النساء: 162] فقالت يا ابن أخي هذا خطأ من الكاتب، و روي عن عثمان أنه نظر في المصحف فقال: أرى فيه لحنا و ستقيمه العرب بألسنتها، و عن أبي عمرو أنه قال:


التفسير المظهري ج‏6 149 [سورة طه(20): آية 63] ..... ص : 148
قالُوا بعد ما تنازعوا و تناجوا بينهم يعنى استقر أمر مشاورتهم على هذا القول و كان هذا قول فرعون إِنْ هذانِ لَساحِرانِ الى آخره كما مر فيما قبل حيث قال أ جئتنا لتخرجنا من ارضنا بسحرك يموسى- و استقر قولهم جميعا بعد المشاورة على هذا القول طوعا او كرها- كما ذكر اللّه سبحانه منازعة فرعون و قومه في سورة المؤمن حيث قال و قال رجل مؤمن من ال فرعون يكتم إيمانه أ تقتلون رجلا الى قوله فمن يّنصرنا من بأس اللّه ان جاءنا قال فرعون ما أريكم الّا ما ارى و ما أهديكم الّا سبيل الرّشاد- قرأ ابن كثير و حفض بتخفيف النون في ان على انها هى المخفقة من المثقلة و اللام هى الفارقة- او هى نافية و اللام بمعنى الا يعنى ما هذان الا ساحران- و يشدد و ابن كثير النون من هذآنّ- و قرأ الباقون ان مشددة فقرأ و ابو عمرو هذين على الأصل- و الباقون هذان بالألف و اختلفوا في توجيهه- فروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة انه خطأ من الكاتب و هذا القول خطاء خارق للاجماع و قيل هذا بلغة ابو الحارث بن كعب و خثعم و كنانة فانهم يجعلون المثنى في الرفع و النصب و الجر بالألف يجعلونها علامة التثنية و أعربوا المثنى تقديرا و يقولون أتاني الزيدان و رايت الزيدان و مررت بالزيدان- و كذلك يجعلون كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها في التثنية يقولون كسرت يداه و ركبت علاه موضع يديه و عليه- و كذا في الأسماء الستة المضافة الى غير ياء المتكلم قال الشاعر ان أباها و أبا أباها قد بلغا في المجد غايتاها. و قيل اسمها ضمير الشان المحذوف و هذان الساحران خبران تقديره انه هذان لساحران و قيل ان بمعنى نعم و ما بعدها مبتداء و خبر- روى ان أعرابيا سال ابن الزبير فحرمه فقال لعن اللّه ناقة حملتنى إليك فقال ابن الزبير ان و صاحبها اى نعم قال البيضاوي و فيها ان اللام لا تدخل على خبر للمبتداء و قيل أصله ان هذان لهما ساحران- او ان يعنى نعم هذان لهما ساحران فحذف ضمير الشان و ضميرهما- و فيه ان المؤكد باللام لا يليق به الحذف يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ مصر بالاستيلاء عليه بِسِحْرِهِما وَ يَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى‏ (63) تأنيث للامثل بمعنى الأفضل قال ابن عباس يعنى بسراة قومكم و اشرافهم- يقال هولاء طريقة قومهم اى اشرافهم حدث الشعبي عن على قال يصرفا وجوه الناس إليهما- و قال قتادة طريقتهم المثلى يومئذ بنوا إسرائيل كانوا اكثر القوم عددا و أموالا- فقال عدو اللّه يريدان ان يذهبا بهم لانفسهم كانه قال فرعون هذا القول لمّا قال له موسى أرسل معى بنى إسرائيل- و قيل أراد بطريقتكم المثلى بسنتكم و دينكم الّذي أنتم عليه فمعنى هذا القول قوله انّى أخاف ان يبدّل دينكم- و جملة يريد ان اما خبر بعد خبر لهذان و اما حال من ضمير ساحران- و اما مستأنفة.





معاني القرآن ج‏2 183 [سورة طه(20): الآيات 61 الى 67] ..... ص : 182
و قوله: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ [83] قد اختلف فيه القراء فقال بعضهم: هو لحن و لكنا نمضى عليه لئلّا نخالف الكتاب. حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى أبو معاوية الضرير عن هاشم بن عروة بن الزبير عن أبيه عن عائشة أنها سئلت عن قوله فى النساء (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ .... وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) و عن قوله فى المائدة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصَّابِئُونَ) و عن قوله ( إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) فقالت: يا ابن أخى هذا كان خطأ من الكاتب. و قرأ أبو عمرو (إنّ هذين لساحران) و احتجّ أنّه بلغه عن بعض أصحاب محمد صلى اللّه عليه و سلم أنّه قال: إن فى المصحف لحنا و ستقيمه العرب.




معاني القرآن ج‏3 15 [سورة فصلت(41): الآيات 19 الى 20] ..... ص : 15
(10) في (ش) و تضلفها و هو خطأ من الكاتب.




مفاتيح الغيب ج‏22 65 [سورة طه(20): الآيات 63 الى 64] ..... ص : 65
المسألة الأولى: القراءة المشهورة: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ و منهم من ترك هذه القراءة و ذكروا وجوها أخر. أحدها: قرأ أبو عمرو و عيسى بن عمر: (إن هذين لساحران) قالوا: هي قراءة عثمان و عائشة و ابن الزبير و سعيد بن جبير و الحسن رضي اللَّه تعالى عنه و احتج أبو عمرو و عيسى على ذلك بما روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها أنها سئلت عن قوله: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ و عن قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصَّابِئُونَ وَ النَّصارى‏ [المائدة: 69] في المائدة، و عن قوله: لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ- إلى قوله- وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ [النساء: 162] فقالت يا ابن أخي هذا خطأ من الكاتب، و روي عن عثمان أنه نظر في المصحف فقال: أرى فيه لحنا و ستقيمه العرب بألسنتها، و عن أبي عمرو أنه قال:





الانتصار للقرآن للباقلاني (2/ 550)
المؤلف: محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي (المتوفى: 403هـ)
فأما قوله تعالى: (إن هذان لساحران) ، فإنه يجوز قراءته على موافقة
خط المصحف الذي نقلته الجماعة وقامت به الحجة، ويجوز أيضا قراءته
بمخالفة خط المصحف وأن يتلى: "إن هذين لساحران ".
فأما ما يدل على صحة قراءته على موافقة خط المصحف فنقل جماعة
الأمة الذين ببعضهم تقوم الحجة على أن القرآن منزل على وجه موافقة
المصحف، وأنه يجوز أن يقرأ: "إن هذان لساحران "، وأن ما تضمنه
المصحف من هذا الحرف وغيره صحيح سليم من الخطأ، فلا وجه لإنكار
ذلك وتخطئة القاريء به مع النقل والإجماع الذي وصفناه، وقد قال قائلون
من جلة أهل النحو: إن إثبات الألف في الرفع والنصب والخفض في هذان
هو الأصح وهو القياس، قالوا: لأن الألف في ذلك تتبع فتحة ما قبلها كما
أن الواو في مسلمون تابعة لضمة ما قبلها، والياء في مسلمين تابعة للكسرة
ما قبلها، قالوا وغيرهم من سائر الناس والرواة: وهذه اللغة هي لغة
بالحارث بن كعب، وأنهم يقولون: مررت برجلان، وقبضت منه درهمان.
وجلست بين يداه، وركبت بغلاه، وأنشدوا في ذلك:
تزود منا بين أذناه ضربة ... دعته إلى هابي التراب عقيم
يعني موضعا كثير التراب.
وأنشدوا فيه:
فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى ... مساغا لناباه الشجاع لصمما
وأنشدوا أيضا قول الآخر:
شالوا علاهن فشل علاها ... وأشد مستاحقت حقواها
وقال الآخر:
أي قلوص راكب تراها ... طارقا علاهن قطر علاها
وإذا كان الأمر في جواز هذا الحرف، وتكلم أهل اللغة من فصحاء
العرب واحتجاج قوم له وقولهم إنه الأصل، وإنه أقيس على ما وصفناه.
ووجدناه مكتوبا في المصحف على ذلك، وجدنا نقله متواترا قد قامت به
الحجة، وعلمنا أن الصحابة والفصحاء الذين كتبوا المصحف مع أمانتهم
وفضل علمهم وشدة احتياطهم وصحة قرائحهم وأذهانهم، وقرب عهدهم
بالوحي، وكون القرآن منزلا عليهم، وثاقب معرفتهم بتصرف الكلام ووجوه الإعراب، لم يكتبوا ذلك في المصحف إلا عن علم واتباع سنة وموافقة لتوقيف على جواز ذلك وصحته، وجب القطع على صحة قراءة هذه الحروف على موافقة خط المصحف وتوثيقه، لأن نقل خط المصحف وشهادة الجماعة
بصحته وسلامته، وأنه لا خطأ فيه، أحد الأدلة على صحة الخط والتلاوة.
وعلى موافقته، فوجب بذلك جواز هذا الحرف وصحته، وتجهيل من أنكره
واستبعده واستوحش من قراءته على هذا الوجه.
فإن كان مخالفا للغة قريش، وكانت قريش لا تكاد تتكلم به على هذا
الوجه، فأما وجه جواز قراءته بخلاف خط المصحف، وأن يقرأ: (إن هذين
لساحران "، فهو: إن الأمة قد اتفقت على جواز ذلك وترك تخطئة من قرأه
بخلاف خط المصحف، والعدول عن تضليله وتأثيمه، وأن ذلك هو لغة
قريش مع اتفاقها على أن القرآن منزل بلغة قريش.
وإذا كان ذلك كذلك، وكان هذا الحرف في لغة قريش فيتكلم به على
خط المصحف، وجب أن يكون منزلا أيضا على مخالفة خط المصحف.
وأن يكون القاريء به على مخالفة خط المصحف مصححا مصيبا إذا كان
ذلك هو لغة قريش، كما أن القاريء له بخلاف لغتهم مصحح لنقل الجماعة
لذلك وشهادتهم بصحة خط المصحف، وأنه منزل على ما ثبت فيه، وأن
الأشهر الواضح هو المعروف في لغة قريش وأكثر العرب، وهو المعروف
الذي لا يشك فيه، يوجب جواز القرائتين وتصحيحهما استدلالا بما ثبت من
خط المصحف، وترك التأثيم والتضليل في ذلك، ولذلك استجاز كثير من
السلف أن يقرؤوا: "إن هذين لساحران".
وروي ذلك عن عائشة وعن عبد الله ابن الزبير، والحسن البصري وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي، وقرأ به جماعة من قراء الأمصار، منهم: أبو عمرو بن العلاء، وعاصئم الجحدري، وعيسى بن عمران، وأبان بن تغلب، ومسلمة بن محارب.
وهذا أشهر وأظهر عند أهل النقل من أن يحتاج فيه إلى إطالة وإكثار، حتى إن في الناس من يقول: لا يجوز قراءته، إلا على مخالفة خط المصحف، وقد علم أن هذه الطبقة لا تقرأ بما تعلم أنه مخالف للتنزيل، وأن الأمة لا تترك تأثيمهم
وتضليلهم مع علمهم بأنهم قد قرؤوا وأقرأوا الناس بخلاف المنزل، وبما لا
يجوز ويسوغ، وإذا كان ذلك كذلك ثبت بهذه الجملة جواز قراءة هذا
الحرف على الوجهين واللحنين جميعآ.



















****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Wednesday - 17/4/2024 - 10:27

سعد السعود للنفوس منضود، النص، ص: 265
20/ 63
فيما نذكره من مجلد آخر تصنيف الفراء فيه ستة أجزاء أوله الجزء العاشر فمن الوجهة الأولة من القائمة الثالثة من الجزء الأول من المجلدة و هو العاشر بلفظه و قوله تعالى‏ إن هذان لساحران‏ قد اختلف فيه القراء فقال بعضهم هذا لحن و لكنا نمضي عليه لئلا نخالف الكتاب حدثنا أبو الجهم قال حدثنا الفراء قال و حدثني أبو معاوية عن هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عن عائشة أنها سألت عن قوله تعالى في النساء لكن الراسخون في العلم منهم‏ و المقيمين الصلاة و عن قوله تعالى في المائدة إن الذين آمنوا و الذين هادوا و الصابئون‏ و عن قوله‏ إن هذان لساحران‏ فقالت يا ابن أخي هذا كان خطأ من الكاتب و قرأ أبو عمر إن هذين لساحران و احتج بأن قال بلغني عن بعض أصحاب/ ط محمد ص أنه قال في المصحف لحنا و ستقيمه العرب و لست أشتهي أن أخالف الكتاب و قرأ بعضهم إن مخففة هذان ساحران و في قراءة عبد الله و أسروا النجوى إن هذان ساحران و في قراءة أبي إن ذان إلا ساحران فقرأ بتشديد إن و بالألف على جهتين إحداهما على لغة بني الحرث بن كعب و من جاورهم و هم يجعلون الاثنين في رفعها و نصبها و خفضها بالألف أنشدني رجل من الأسد عنهم-
فأطرق إطراق الشجاع و لو ترى‏ مساعا لنا باه الشجاع لصمها

و حكى هذا الرجل عنهم هذا خط يد آخر أعونه و ذلك و إن كان قليلا فليس لأن العرب قد قالوا مسلمين فجعلوا الواو تابعة للضمة لأن الواو لا يعرف به قالوا رأيت المسلمين فجعلوا الياء تابعة لكسرة الميم فلما رأوا لباس الاثنين لا يمكنهم كسروا ما قبلها و ثبت مفتوحا و تركوا الألف في كلا الرجلين في الرفع و النصب و الخفض و هما اثنان ... كنانة فإنهم يقولون رأيت كلا الرجلين و مررت بكلي الرجلين و هي نتيجة قليلة مضوا على القياس و الوجه الآخر أن يقول وجدت الألف من هذا دعامة و ليست بلام فعل فلما ثبت ردت عليها نونا ثم تركت الألف ثابتة على حالها لا تزول في كل حال كما قالت العرب الذي ثم زاد و إلا يدل على الجمع فقالوا الذين في‏
سعد السعود للنفوس منضود، النص، ص: 266
رفعه و نصبه و خفضه و كنانة يقولون الذون. يقول علي بن موسى بن طاوس أ لا تعجب من قوم يتركون مثل علي بن أبي طالب أفصح العرب بعد صاحب النبوة و أعلمهم بالقرآن و السنة و يسألون عائشة أ ما يفهم أهل البصائر أن هذا لمجرد الحسد أو لغرض يبعد من صواب الموارد و المصادر ثم كيف يرى مثل هذا و لا ينكر و لا يترك و لا يطعن بهذا القول على من جمع المصحف و على كاتبه و على من حضر الصحابة و على من بلغه ذلك من الصدر الأول. أقول و أما الذي يقال عنه من أصحاب النبي إن في القرآن لحنا فقد ذكر ابن قتيبة عن عثمان بن عفان و أما قول من قال إنه لحن و لكنه نمضي عليه فلعله يعتقد أن جامع القرآن من يجوز الطعن على جمعه و لو ظفر اليهود و الزنادقة بمسلم يعتقد في القرآن لحنا جعلوه حجة على فسادهم و أما تأويل الفراء و ما حكاه من استعمال بعض العرب فلو كان القرآن قد استعمل في مواضع القرآن على مقتضى هذه اللغة كان ما يخفى ذلك على الصدر الأول و كانوا ذكروه و كشفوه. أقول فكان يمكن أن يقال إن الله تعالى حكى هذا القول عن غيره فلعل الذي حكى عنه قال‏ إن هذان لساحران‏ فأراد الله أن يحكي لفظ قائله على وجهه كما جرت عادة كثير من كتب الله جل جلاله يحكي فيها قول كل قائل على وجهه من غلطهم و غيره كما يحكى الله تعالى كلمات الكفر على أهلها بلفظها فإنه لم يمنع من هذا مانع على اليقين فهو أقرب من قول كثير من المفسرين‏
________________________________________
ابن طاووس، على بن موسى، سعد السعود للنفوس منضود، 1جلد، دار الذخائر - ايران ؛ قم، چاپ: اول، بى تا.