بسم الله الرحمن الرحیم

فهرست مباحث علوم قرآنی
کلمات علمای شیعه قبل از قرن یازدهم
قائلین به تعدد قراءات از علمای شیعه پس از قرن یازدهم
کلمات سید مرتضی قده در باره قراءات
رویکرد جناب سید رضی ره به قرائات قرآن کریم


رویکرد جناب علم الهدی سید مرتضی ره به قراءات

یک) استاد سید در قراءات

ابوعلی فارسی

در مقدمه کتاب الناصریات، استاد او در زمینه قرائات ابوعلی فارسی[1] معرفی شده است:

الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي النحوي المتوفى سنة 377 هجرية، أخذ عنه علوم النحو و القراءات.[2]

دو) دیدگاه‌های سید در زمینه علوم قرآنی

الف) ثبوت قرآن به تواتر

 [ثبوت الشريعة و القرآن بالتواتر]

قال صاحب الكتاب: «و اعلم ان امثال هذه الشبهة  لا يجوز أن يكون مبتداها إلّا من ملحد طاعن في الدين لأنّها إذا صحّت وجب بطلان النبوّة و الامامة لانا إنّما نعلم بالتواتر كون النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كون القرآن و وقوع التحدّي به، و انّه لم يقع من جهتهم معارضة، و به نعلم ثبوت الشرائع  و نسخ المنسوخ منها، و به نعلم أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خاتم النبيّين، و ان شريعته ثابتة، و أنّه لا نبيّ معه و لا بعده [إلى غير ذلك‏]  فالطاعن في التواتر يريد التشكيك في جميع ما قدمناه ممّا بابطاله أو بابطال بعضه يبطل الدين، فكيف يعلم مع فساد التواتر القرآن و تميزه من غيره حتى يكون حجّة؟ و هذا القول أدّاهم إلى جواز الزيادة في القرآن و انها قد كتمت[3]، ...» 

يقال له: أما التواتر فقد بيّنا أنّا لا نطعن عليه و لا نقدح فيه، بل هو عندنا من حجج اللّه تعالى على عباده، و أحد الطرق إلى العلم، فمن ظنّ علينا خلاف هذا، أو رمانا بابطاله فهو مبطل سرف  و الذي نذهب إليه من جواز الكتمان و العدول عن النقل على الناقلين لا يقتضي ابطال التواتر، و ترك العمل عليه إذا ورد على شرائطه، لأنّه إنما يكون حجّة إذا قام الرواة بأدائه و نقله، فأمّا إذا لم يفعلوا ذلك فقد سقطت الحجّة به، و جميع ما ذكره و جعل التواتر طريقا إليه من العلم بكون النبيّ و القرآن و وقوع التحدّي صحيح، و ليس بحجّة علينا، بل على من طعن على التواتر، و ذهب إلى أنّه ليس بطريق إلى العلم.

فأمّا عدم المعارضة و ادّعاؤه أنّ الطريق إلى فقدها  هو التواتر و ادخاله ذلك في جملة ما تقدم فطريف، لأنّ مثل هذا لا يعلم بالتواتر و لا يصح النقل فيه، و انّما يعلم فقد المعارضة من حيث علمنا توفر دواعي المخالفين إلى نقلها، و حرصهم على ذكرها و الاشارة بها، لو كانت موجودة، فاذا فقدنا الرواية لها مع قوّة الدواعي و شدّة البواعث قطعنا على نفيها.

و أمّا ثبوت الشرائع، و الناسخ و المنسوخ، و ما جرى مجراهما فنعلم من جهة التواتر ما وردت به الرواية المتواترة، و نعلم أنّ جميع الشرع و اصل إلينا من جهته و انه لم ينكتم عنّا منه شي‏ء بالطريق الذي قدّمناه، و هو أن الامام المعصوم إذا كان موجودا في كلّ زمان و جرى في الشريعة ما قدرناه وجب عليه الظهور و البيان، و إيصال المكلّفين إلى العلم بما طواه‏ الناقلون، فنعلم بفقد تنبيهه على الخلل الواقع في الشريعة عدم ذلك.

فأمّا القول بأنّ في القرآن زيادة كتمت و لم تنقل فلم يتعدّ الذاهبون إليه ما تناصرت به الروايات و اجمع عليه الرواة من نقل آي و ألفاظ كثيرة شهد جماعة من الصحابة أنّها كانت تقرأ في جملة القرآن و هي غير موجودة فيما تضمّنه مصحفنا[4] و الحال فيما روي من ذلك ظاهرة ، و ليس المعقول فيما جرى مجرى النقل على من ليس من أهله ممّن يدفع باقتراح كلّ ما ثلم اعتقادا له أو خالف مذهبا يذهب إليه، و ليس يلزم لأجل هذا التجويز ما لا يزال يقوله لنا مخالفونا من الزامهم التجويز، لأن يكون في جملة ما لم‏ يتصل بنا من القرآن فرائض و سنن و احكام لأنا نأمن ذلك بالوجه الذي ذكرناه و عولنا عليه بالثقة بوصول جميع الشرع إلينا، و ليس الملحد المشكّك في الدّين من لم يجعل الامّة المختلفة المتضاربة  التي يجوز عليها الخطأ و الضّلال حجّة في حفظ الشرع و قصر حفظه على معصوم كامل لا يجوز عليه شي‏ء ممّا عددناه، بل الملحد المشكّك في الدين الناطق بلسان أعدائه و خصومه هو من ذهب إلى أنّ الشرع محفوظ بمن وصفنا حاله، لأنّ الناظر المتأمل إذا فكر فيمن جعله هؤلاء القوم حجّة في الشرع حافظا له، و رأى ما هم عليه من جواز الخطأ، و الاعراض عن النقل، و الميل إلى الهوى و أسبابه كان هذا له طريقا مهيعا الى الشّك في الدين، و ارتفاع الثقة بالشريعة، إن لم يوفقه اللّه تعالى لاصابة الحقّ، و يلهمه ما ذهبنا إليه من أن الحافظ للشرع و الحجّة فيه هو المعصوم الخارج عن صفات الأمّة[5].

 

 و ممّا اعتمد في العلم بالتّحدّي:أنّ القرآن قد صحّ نقله بالتّواتر الّذي صحّ به أمثاله[6].

 

الابداع غیر جائز

و في قوله: ربنا اغفر لي و لوالدي[7] وجهان:

أحدهما: أن عند الشيعة الإمامية أن الاب الكافر الذي وعده إبراهيم عليه السلام بالاستغفار لما وعده ذلك بالإيمان، إنما كان جده لأمه، و لم يكن والده على الحقيقة، و أن والده كان مؤمنا. و يجوز أن يكون الأم أيضا مؤمنة كوالده، و يجعل دعاء إبراهيم عليه السلام لها بالمغفرة دليلا على إيمانها.

و الوجه الاحسن: أنا لا نجعل ذلك دعاء لنفسه، بل تعليما لنا كيف ندعوا لنفوسنا و للوالدين المؤمنين منا، كما تعبد الله نبينا صلى الله عليه و اله و سلم بأن يقول: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا[8] و هو عليه السلام لا يخطى‏ء للعصمة و انما قال ذلك تعليما لنا.

فأما القراءة بتسكين الياء، فان كانت مروية و قد روي بها جازت[9]، و إلا فالإبداع غير جائز[10].[11]

ب) تعدد قرائات؛ از زمان رسول خدا

قال صاحب الكتاب: (فاما جمعه الناس على قراءة واحدة، فقد بيّنا ان ذلك من عظيم ما خصّ بها القرآن، لأنه مع هذا الصّنيع قد وقع فيه من الاختلاف، ما وقع، فكيف لو لم يفعل ذلك، و لو لم يكن فيه الّا اطباق الجميع على ما أتاه من أيّام الصّحابة الى وقتنا هذا، لكان كافيا).

از زمان رسول خدا

يقال له: أمّا ما اعتذرت به من جمع الناس على قراءة واحدة فقد مضى الكلام عليه مستقصى و بيّنا ان ذلك ليس تحصينا للقرآن و لو كان‏ تحصينا لما كان رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم يبيح القراءات المختلفة.

و قوله: (لو لم يكن فيه الا اطباق الجميع على ما اتاه من ايام الصّحابة الى وقتنا هذا) ليس بشي‏ء، لانّا نجد الاختلاف في القراءة و الرجوع فيها الى الحروف مستمرا في جميع الاوقات التي ذكرها الى وقتنا هذا و ليس نجد المسلمين يوجبون على أحد التمسّك بحرف واحد، فكيف يدّعي اجماع الجميع على ما اتاه عثمان؟.

فان قال: لم أعن بجمعه الناس على قراءة واحدة الا انه جمعهم على مصحف زيد، لأن ما عداه من المصاحف كان يتضمّن من الزيادة و النقصان ممّا عداه ما هو منكر.

قيل له: هذا بخلاف ما تضمنه ظاهر كلامك أولا، و لا تخلو تلك المصاحف التي تعدو مصحف زيد من ان تتضمن من الخلاف في الالفاظ و الكلم، ما اقرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم عليه، و أباح قراءته، فان كان كذلك، فالكلام في الزيادة و النقصان يجري مجرى الكلام في الحروف المختلفة، و ان الخلاف اذا كان مباحا و مرويّا عن الرسول و منقولا فليس لأحد أن يحظره، و ان كانت هذه الزيادة و النقصان بخلاف ما انزل اللّه تعالى، و ما لم يبح الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم تلاوته فهو سوء ثناء على القوم الذين يقرءون بهذه المصاحف كابن مسعود و غيره، و قد علمنا انه لم يكن منهم الا من كان علما في القراءة و الثقة و الاماتة و النزاهة، عن ان يقرأ بخلاف ما أنزل اللّه، و قد كان يجب أن يتقدم هذا الانكار منه و من غيره ممن ولي الأمر قبله، لأنّ انكار الزيادة في القرآن و النقصان لا يجوز تأخيره[12].

 

 فان قال: ابن مسعود كره جمعه الناس على قراءة زيد و احراقه المصاحف و إنما جمع على قراءة واحدة لأن فيه تحصينا للقرآن و قطع المنازعة و الاختلاف فيه.

قيل: هذا ليس بصحيح، و لا شك في أن ابن مسعود كره إحراق المصاحف كما كرهه جماعة من أصحاب الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و تكلموا فيه. و قد ذكر الرواة كلام كل واحد منهم في ذلك مفصلا  و ما كره عبد اللّه من تحريم قراءته و قصر الناس على قراءة زيد إلا مكروها. و هو الذي يقول النبي صلّى اللّه عليه و آله فيه: «من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد»  و روى ابن عباس رحمة اللّه عليه أنه قال: «قراءة ابن أم عبد هي القراءة الاخيرة، إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يعرض عليه القرآن في كل سنة في شهر رمضان فلما كان العام الذي توفي فيه صلّى اللّه عليه و آله عرض عليه مرتين، فشهد عبد اللّه بن مسعود ما نسخ منه، و ما بدل فهى القراءة الأخيرة»

و روى شريك عن الأعمش: قال قال ابن مسعود: لقد أخذت من في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سبعين سورة- و ان زيد بن ثابت لغلام يهودي في الكتاب، له ذؤابة-  

و قولهم: إنه خاف من اختلاف الناس في القراءة (ليس) ذلك بموجب لما صنعه عثمان، لأنهم يروون: أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف» فهذا الاختلاف فى القراءة عندهم مباح مسند عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله، فكيف يحظر عليهم من التوسع في الحروف ما هو مباح؟

فلو كان في القراءة الواحدة تحصين القرآن- كما ادعوه- لما أباح النبي صلّى اللّه عليه و آله في الأصل إلا القراءة الواحدة، لأنه أعلم بوجوه المصالح من جميع أمته من حيث كان مؤيدا بالوحي، موفقا في كل ما يأتي و يذر.

و ليس لهم أن يقولوا: أحدث من الاختلاف ما لم يكن في أيام الرسول صلّى اللّه عليه و آله و لا من جملة ما أباحه، (و ذلك): ان الأمر لو كان على هذا لوجب أن ينهى عن القراءة الحادثة و الأمر المبتدع، و لا يحمله ما أحدث من القراءة على تحريم المتقدم المباح بلا شبهة[13].

 

ج) القرائتین المختلفتین تجریان مجری آیتین

و مما يبين أن حمل حكم الأرجل على حكم الرؤوس في المسح أولى، أن القراءة بالجر يقتضي المسح و لا يحتمل سواه، فالواجب حمل القراءة بالنصب على ما يطابق معنى القراءة بالجر؛ لأن القراءتين المختلفتين تجريان مجرى آيتين في وجوب المطابقة بينهما، و هذا الوجه يرجح القراءة بالجر للأرجل على القراءة بالنصب لها[14].

الوجهان جمیعاً حسنان

و قد اختلفت قراءة القرّاء السبعة في رفع الراء و نصبها من قوله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ، فقرأ حمزة و عاصم في رواية حفص «ليس البرّ» بنصب الراء، و روى هبيرة عن حفص عن عاصم أنّه كان يقرأ بالنصب و الرفع، و قرأ الباقون البرّ بالرفع، و الوجهان جميعا حسنان، لأنّ كلّ واحد من الاسمين: اسم ليس و خبرها معرفة، فإذا اجتمعا في التعريف تكافأ في جواز كون أحدهما اسما و الآخر خبرا؛ كما تتكافأ النكرات[15].

د) القرائات الشاذه غیرمأخوذ بها

قلنا: المختار من هذه القراءة عند أهل العربية كلّهم القراءة بالفتح، و عليها جميع القرّاء السبعة؛ إلّا حمزة فإنّه قرأ؛ «عبد» بفتح العين و ضم الباء، و باقي القراءات شاذة غير مأخوذ بها[16].

 

و خامسها: أنه روي في قراءة هذه الآية الرفع: أ لم يجدك يتيما فآوى (6) و وجدك ضالا فهدى‏ (7) على أن اليتيم وجده و كذلك الضال، و هذا الوجه ضعيف؛ لأن القراءة غير معروفة؛ و لأن هذا الكلام يسمج و يفسد أكثر معانيه[17].[18]

هـ) لحن در قرائت قرآن

المسألة الرابعة: حكم اللاحن في القراءة في الصلاة‌

إذا كان حقيقة القارئ هو الحاكي لكلام اللّٰه تعالى، و كانت الحكاية تفتقر‌ إلى اللفظ و صيغته، فما حكم من لحن في قراءة الصلاة؟ أ هو قارئ أم متكلم؟

و لا يجوز أن يكون قارئا، لكونه غير حاك لكلام اللّٰه تعالى في الحقيقة.

و ان كان متكلما فصلاته باطلة، مع نقل إجماع الأمة على فساد صلاته خلاف  لما ورد به الخبر، و عمل عليه كثير من الطائفة «اقرأ كما نحن نقرأ» يرفع كما أنزل.

و أيضا فما وجدنا أحدا من علمائنا أفتى بفساد صلاة من لحن في قراءته عامدا، بل الفتيا بجوازها ظاهر منهم، و في ذلك ما فيه.

الجواب:

اعلم أن الصحيح أن الحكاية للكلام تجب أن تكون مطابقة له في صور الألفاظ و حركاتها و مدها و قصرها، و من لم يفعل ذلك فليس بحاك على الحقيقة.

و إذا كانت الطائفة مجمعة على أن من لا ينضبط له من العامة و الأعاجم و حكاية القرآن بإعرابه و حركات ألفاظه صلاته مجزية، و كذلك من لحن غير متعمد لذلك، حكمنا بجواز هذه الصلاة و صحتها، و ان لم يكن هذا اللاحن حاكيا في الحقيقة للقرآن.و جرى مجرى الأخرس الذي لا يقدر على الكلام و الأعجمي الذي لا يفهم حرفا بالعربية في أن صلاتهما صحيحة عربية، و ان كانا ما قرءا القرآن، فليس من لحن في القرآن بأكثر ممن لن ينطق به جملة.

فأما المتمكن من اقامة الأعراب إذا لحن من غير عمد، فصلاته جائزة بغير شك. فأما إذا اعتمد اللحن مع قدرته على الصواب و اقامة الاعراب، فالأولى‌ أن تكون صلاته فاسدة، و من أفتى من أصحابنا بخلافه كان غير مصيب[19].

سه) جایگاه علوم قرآنی در کتب تفسیری

محقق کتاب تفسیری جناب سید مرتضی، نفائس التأویل، در بیان جایگاه علم قراءات در کلام سید می‌فرماید:

و تبدو عناية المرتضى بالقراءات القرآنية واضحة في بحثه التفسيري، فهو يحتجّ بها في بيانه لدلالة النصّ القرآني، و يرجح قراءة على أخرى، و يشير إلى اختلاف القراءات و من قرأ بها و علاقتها باللغة و النحو، ذاكرا ما يترتّب على اختلاف القراءة على المعنى. و يمكن لنا بيان ذلك من خلال الآتي:

احتجاج به قرائات

وقف المرتضى عند قوله تعالى: وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَ اللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ [سورة البقرة، آیه ٧٢]، و نراه يتساءل: كيف يجوز أن يخاطب الجماعة بالقتل و القاتل واحد؟ و في الجواب يذكر المرتضى أن اسلوب إخراج الخطاب مخرج ما يتوجّه إلى الجميع مع أن القاتل واحد فعلى عادة العرب في خطاب الأبناء بخطاب الآباء و الأجداد، «فيقول أحدهم: فعلت بنو تميم كذا، و قتل بنو فلان فلانا، و إن كان القاتل و الفاعل واحدا من بين الجماعة، و منه من قرأ: يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ [التوبه/١١١]بتقديم المفعولين على الفاعلين، و هو اختيار الكسائي، و أبي العبّاس ثعلب، فيقتل بعضهم و يقتلون، و هو أبلغ في وصفهم و أمدح لهم، لأنهم إذا قاتلوا و قتلوا بعد أن قتل بعضهم كان ذلك أدل على شجاعتهم»

و قد قرأ كلّ من حمزة و الكسائي و خلف: فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ، بضمّ الياء و فتح التاء في الحرف الأوّل، و فتح الياء و ضمّ التاء في الحرف الثاني، أي ببناء الأوّل للمفعول و الثاني للفاعل. و الباقون: فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ، بفتح الياء و ضمّ التاء في الحرف الأوّل، و ضمّ الياء و فتح التاء في الحرف الثاني، أي ببناء الأوّل للفاعل و الثاني للمفعول، لأن القتال قبل القتل  و قد علل الدمياطي (ت 1117 ه) قراءة حمزة و الكسائي بقوله: «أما لأن الواو لا تفيد الترتيب أو يحمل ذلك على التوزيع، أي منهم من قتل و منهم من قاتل»  و القول الثاني غير بعيد عن قول الشريف المرتضى.

و من مواطن احتجاجه بالقراءات هو ما أشار إليه في بيانه لدلالة قوله تعالى:

قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ، [هود/ ۴۵-۴۶]فقد ذكر قول بعض المفسّرين:إنّ الهاء في قوله تعالى: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ راجعة إلى السؤال، و المعنى أن سؤالك إيّاي ما ليس لك به علم عمل غير صالح؛ لأنه قد وقع من نوح عليه السّلام السؤال و الرغبة في قوله: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ «6»، و لكن الشريف المرتضى الّذي يقول بعصمة الأنبياء عليهم السّلام يرفض هذا القول، و يرى أن الهاء في الآية لا يجب أن تكون راجعة إلى السؤال، بل إلى الابن، «و يكون تقدير الكلام: إنّ ابنك ذو عمل غير صالح، فحذف المضاف و أقام المضاف إليه مقامه»

و يحتجّ المرتضى لهذا التوجيه بقراءة: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ بكسر الميم و فتح اللام و نصب غير، فيقول: و قد قرأت هذه الآية بنصب اللام و كسر الميم و نصب غير، و مع هذا القراءة لا شبهة في رجوع معنى الكلام إلى الابن دون سؤال نوح عليه السّلام «2». و يذكر المرتضى أن هناك من ضعف هذه القراءة و قال: «كان يجب أن يقول أنه عمل عملا غير صالح، لأن العرب لا تكاد تقول: هو يعمل غير حسن، حتّى يقولوا: عملا غير حسن» ، و يرفض المرتضى هذا الرأي و يرده بقوله: «و ليس هذا الوجه بضعيف، لأن من مذهبهم الظاهر إقامة الصفة مقام الموصوف عند انكشاف المعنى و زوال اللبس، فيقول القائل: قد فعلت صوابا و قلت حسنا، بمعنى فعلت فعلا صوابا ... و قال عمر بن أبي ربيعة».

                 أيّها القائل غير الصواب             أخر النصح و أقلل عتابي

و قد قرأ الكسائي و يعقوب بكسر الميم و فتح اللام، و نصب غير مفعولا به أو نعتا لمصدر محذوف، أي عملا غير [صالح‏]، و الباقون بفتح الميم و رفع اللام منونة «إنّه عمل غير صالح»، على أنه خبران، و غير بالرفع صفة على معنى ذو عمل

أما من جعل الضمير عائدا إلى السؤال المفهوم من النداء، فإنّه يحمل الكلام على أن نوحا عليه السّلام صدر منه ما أوجب نسبة الجهل إليه، و هذا لا يجوز في حقّ الأنبياء عليهم السّلام، «و فيه خطر عظيم ينبغي تنزيه الرسل عنه . و لذا رفضه الشريف المرتضى و ضعفه الزمخشري، إذ قال: «قيل الضمير لنداء نوح: أي نداؤك هذا عمل غير صالح، و ليس بذاك»

بیان اختلاف قراء

و لا يكتفي المرتضى بالاحتجاج بالقراءات بل إنّه- و في أغلب الأحيان- يتوسّع في القراءة و يذكر اختلاف القراء و حجّة كلّ قراءة، و عني خاصّة بتوجيه القراءات المشهورة (السبع) و بيان حججها و عللها و ذكر طرفها، ففي قوله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ  يشير السيّد المرتضى إلى اختلاف القرّاء السبعة في رفع الراء و نصبها في قوله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ، فقال: قرأ حمزة و عاصم في رواية حفص: لَيْسَ الْبِرَّ بنصب الراء، و روى هبيرة عن حفص عن عاصم أنه كان يقرأ بالنصب و الرفع، و قرأ الباقون بالرفع، و الوجهان جميعا حسنان؛ لأن كلّ واحد من الاسمين: اسم ليس و خبرها معرفة، فإذا اجتمعا في التعريف تكافئا في جواز كون أحدهما اسما و الآخر خبرا. ثمّ ذكر المرتضى حجّة كلّ فريق فقال: «و حجّة من رفع «البرّ» أنه: لأن يكون «البرّ» الفاعل أولى، لأنه «ليس» يشبه الفعل، و كون الفاعل بعد الفعل أولى من كون المفعول بعده ... و حجّة من نصب «البرّ» أن يقول: كون الاسم أن وصلتها أولى لشبهها بالمضمر ... فكأنّه اجتمع مضمر و مظهر، و الأولى إذا اجتمعا أن يكون المضمر الاسم من حيث كان أذهب في الاختصاص من المظهر»

و لم يرجح المرتضى- هنا- احدى القراءتين، و هذا هو شأنه حين يجد لكلّ قراءة ما يقويها من الناحية اللغوية و الدلالية. و كان مكّي القيسي (ت 437 ه) يرجح قراءة الرفع و يحتجّ لها بقوله تعالى: وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها  في هذا يقول: «و يقوى رفعه، رفع «البرّ» الثاني، الّذي معه الباء إجماعا في قوله: وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا و لا يجوز فيه إلّا رفع «البرّ» فحمل الأوّل على الثاني أولى من مخالفته»

و وقف المرتضى عند قوله تعالى: إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الانعام/٣٣]و في بيانه لدلالة الآية يذكر المرتضى أن اللّه سبحانه و تعالى إنّما أراد نفي تكذيبهم بقلوبهم تدينا و اعتقادا، و إن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب، لأنه قد كان في المخالفين له عليه السّلام من يعلم صدقه، و هو مع ذلك معاند، فيظهر خلاف ما يبطن. ثمّ يشير إلى قراءة الكسائي بقوله: و كان الكسائي يقرأ: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ بالتخفيف و نافع من بين سائر السبعة، و الباقون على التشديد؛ و يزعم أن بين أكذبه و كذبه فرقا، و أن معنى أكذب الرجل، أنه جاء بكذب، و معنى كذبته أنه كذّاب في كلّ حديثه، و هذا غلط، و ليس بين «فعلت» و «أفعلت» في هذه الكلمة فرق من طريق المعنى أكثر ممّا ذكرناه من أن التشديد يقتضي التكرار و التأكيد ...»

فالمرتضى- هنا- لا يرد قراءة فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ بالتخفيف، أي سكون الكاف و تخفيف الذال، و لكنّه يرفض توجيه الكسائي لها، و لا يرى فرقا بين القراءتين أكثر من كون قراءة التشديد فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ بفتح الكاف و تشديد الذال، تقتضي التكرار و التأكيد. و لعلّ قول الكسائي أن بين أكذبه و كذبه فرقا هو الأقرب إلى الواقع اللغوي، لأنّه لو لم يختلف المعنى لم تختلف الصيغة، إذ كلّ عدول عن صيغة إلى أخرى لا بدّ أن يصحبه عدول عن معنى إلى آخر إلّا إذا كان‏ ذلك لغة». و قد فرق الراغب بين الصيغتين، فوجه الّتي بالتخفيف للدلالة على وجود الشي‏ء، و بين أن معناه: «لا يجدونك كاذبا»، و وجه الّتي بالتشديد للدلالة على النسبة إلى الشي‏ء، أي لا يستطيعون أن ينسبوك إلى الكذب، و عبّر عن هذا المعنى بقوله: «لا يستطيعون أن يثبتوا كذبك»

ترجیح القراءه

و نجد الشريف المرتضى في بعض المواضع يرجح قراءة على أخرى، و يبدو أن شهرة القراءة من الأسباب الّتي تدعوه لترجيح قراءة على أخرى، و إن لم يلتزم ذلك. ففي قوله تعالى: وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى[الضحی/ ٧]، ذكر في معنى الآية وجوها منها: «أنّه أراد وجدك ضالّا عن النبوّة فهداك إليها، أو عن شريعة الإسلام الّتي نزلت عليه و أمر بتبليغها إلى الخلق». ثمّ ذكر قراءة من قرأ بالرفع «و وجدك ضالّ فهدى»، على أن اليتيم وجده و كذلك الضال  لكنّه ردّ هذا الوجه بقوله: «و هذا الوجه ضعيف، لأنّ القراءة غير معروفة، و لأنّ هذا الكلام يسمج و يفسد أكثر معانيه»

و قد جاء في تفسير القرطبي: «و في قراءة الحسن «و وجدك ضالّ فهدى»، أي وجدك الضالّ فاهتدى بك؛ و هذه قراءة على التفسير»

و وقف المرتضى عند قوله تعالى: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ [المائده/ ۶٠]

و يتساءل: ما أنكرتم أن تكون هذه الآية دالّة على أنه تعالى جعل الكافر كافرا؛ لأنه أخبر بأنه جعل منهم من عبد الطاغوت؛ كما جعل القردة و الخنازير؟

لكنّه يرفض هذا القول و يصرح بأنه ليس في ظاهر الآية ما ظنّوه، و أكثر ما

تضمّنته الأخبار بأنه خلق و جعل من يعبد الطاغوت كما جعل منهم القردة و الخنازير؛ و لا شبهة في أنه تعالى هو خلق الكافر، غير أن ذلك لا يوجب أنه خلق كفره و جعله كافرا . ثمّ يذكر قولا يرجحه و يقويه و هو: «يجوز أن يعطف «عبد الطاغوت» على الهاء و الميم في «منهم»، فكأنّه جعل منهم، و ممّن عبد الطاغوت القردة و الخنازير؛ و قد يحذف «من» في الكلام؛ قال الشاعر:

         أ من يهجو رسول اللّه منكم             و يمدحه، و ينصره سواء

أراد: و من يمدحه و ينصره»

و على طريقته في المحاجّة و المجادلة يقول: «فإن قيل: فهبوا هذا التأويل ساغ في قراءة من قرأ بالفتح، أين أنتم عن قراءة من قرأ «و عبد» بفتح العين و ضمّ الياء، و كسر التاء من «الطاغوت»، و من قرأ «عبد الطاغوت» بضمّ العين و الباء

و يرد الشريف المرتضى هذا القول بحجّة أن المختار من هذه القراءة «عند أهل العربية كلّهم القراءة بالفتح، و عليها جميع القرّاء السبعة إلّا حمزة فإنّه قرأ: «عبد» بفتح العين و ضمّ الباء، و باقي القراءات شاذّة غير مأخوذ بها».

و هذا يعني أن شهرة القراءة من الأسباب الّتي تدعوه إلى ترجيح قراءة على أخرى، و لكنّه لم يلتزم بهذا النهج، و لم تكن القراءات المشهورة كلّها عنده‏

بمستوى واحد، إذ نجده- أحيانا- يضعف القراءات المشهورة لأن ظاهرها يخالف قواعد اللغة، فهو حين وقف عند قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة/ ۶] ذكر أنّ القراءة بالجرّ أولى من القراءة بالنصب «لأنّا إذا نصبنا الأرجل فلا بدّ من عامل في هذا النصب، فامّا أن تكون معطوفة على الأيدي، أو يقدر لها عامل محذوف، أو تكون معطوفة على موضع الجار و المجرور في قوله تعالى: وَ امْسَحُوا . و يرفض المرتضى أن تكون الأرجل معطوفة على الأيدي «لبعدها عن عامل النصب في الأيدي، و لأن إعمال الأقرب أولى من أعمال الأبعد»

ثمّ يرفض أن تنصب بمحذوف مقدر لأنّه «لا فرق بين أن تقدر محذوفا هو الغسل، و بين أن تقدر محذوفا هو المسح، و لأن الحذف لا يصار إليه إلّا عند الضرورة»

فأمّا حمل النصب على موضع الجار و المجرور، «فهو جائز و شائع إلّا أنّه موجب للمسح دون الغسل، لأنّ الرءوس ممسوحة، فما عطف على موضعها يجب أن يكون ممسوحا مثلها». لكن المرتضى يعود و يرجّح أن تكون الأرجل معطوفة على لفظة «الرءوس»، لأنّ «إعمال أقرب العاملين أولى و أكثر في لغة القرآن و الشعر». و هذا- كما يقول- «أولى من نصبها و عطفها على موضع الجار و المجرور، لأنه أبعد قليلا، فلهذا ترجحت القراءة بجر الأرجل على القراءة بنصبها»

و قد قرأ نافع و ابن عامر و الكسائي «و أرجلكم» بنصب اللام عطفا على «أيديكم» و قرأ الباقون «و أرجلكم» بالخفض عطفا، على «رءوسكم»  و قد استحسن الطبري قراءة الخفض مؤثرا لها قائلا: «و أعجب القراءتين إلى أن أقرأها قراءة من قرأ خفضا» و قد أوّل جرّ لفظه «و أرجلكم» على أنها معطوفة على «رءوسكم»، لأن العطف على الرءوس مع قربه منه «أي من الأرجل» أولى من العطف على الأيدي، و قد فصّل بينه و بينها بقوله تعالى: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ. و إلى هذا المعنى ذهب ابن هشام الأنصاري، فقد ذكر أن العطف لو كان على الوجوه و الأيدي للزم ذلك أن يفصل بين المتعاطفين بجملة أجنبية و هي: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ و إذا حمل العطف، أعني عطف الأرجل- على الرءوس لم يلزم الفصل بالأجنبي، و الأصل أن لا يفصل بين المتعاطفين بمفرد فضلا عن جملة

و ذكر المرتضى الرأي القائل: إنّ الأرجل إنّما انجرت بالمجاورة لا لعطفها في الحكم على الرءوس، ورد هذا القول لأسباب منها: ان الإعراب بالمجاورة شاذّ نادر ... و لا يجوز حمل كتاب اللّه عزّ و جلّ على الشذوذ الّذي ليس بمعهود و لا مألوف. و منها: انّ الإعراب بالمجاورة عند من أجازه إنّما يكون مع فقد حرف العطف ... و منها انّ الإعراب بالمجاورة إنّما استعمل في الموضع الّذي ترتفع فيه الشبهة و يزول اللبس ...» و قد سبق أن اشار الزجاج إلى هذا التأويل، فقد أنكر أن تكون هذه اللفظة مجرورة على الجوار، و أبى أن يحمل عليه كتاب اللّه تعالى ذكره، متأوّلا جرّ لفظة «و أرجلكم» عطفا على «رءوسكم». و أنكر النحاس الجرّ على الجوار، و عده غلطا عظيما في الكلام  و أنكره ابن خالويه، و حمله على الضرورة في الأمثال و الشعر

و هناك من ارتضى الجرّ على الجوار، و من هؤلاء أبو عبيدة «8»، و أبو البقاء، إذ ذكر أن الجوار مشهور و أنه غير ممتنع أن يقع في القرآن الكريم  و مال إلى هذا الرأي الدكتور عبد الفتّاح الحموز

قرائات شاذه

و عناية الشريف المرتضى بالقراءات لا تقف عند القراءات المشهورة، بل نراه يذكر القراءات الشاذّة، و يحتجّ لها أو يعلّلها، ففي تفسيره لقوله تعالى: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها [طه/ ١۴٢]، قال: «و روي عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ:

 «أكاد أخفيها» فمعنى «أخفيها» على هذا الوجه أظهرها؛ قال عبدة بن الطبيب يصف ثورا

         يخفي التراب بأظلاف ثمانية             في أربع مسهن الأرض تحليل‏

أراد أنه يظهر التراب و يستخرجه بأظلافه ...»

و أعقب ذلك بقوله: «و قد روى أهل العربية: أخفيت الشي‏ء يعني سترته، و أخفيته بمعنى أظهرته، و كأن القراءة بالضمّ تحتمل الأمرين: الإظهار و الستر، و القراءة بالفتح لا تحتمل غير الإظهار ...» «6».

و قد قرأ الحسن و سعيد بن جبير بفتح الهمزة «أخفيها»، و سائر القرّاء بالضمّ «أخفيها»  و واضح ان المرتضى يعدّ قراءة «اخفيها» بالضمّ من الاضداد و سبق ان أشرنا إلى قول ابن جني في هذه اللفظة فهو يرى ان «اخفيها» بالضمّ لا تحتمل غير معنى الإظهار، إذ قال في تأويل الآية: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها: تأويله و اللّه أعلم عند أهل النظر: أكاد أظهرها. و تلخيص حال هذه اللفظة: أي أكاد أزيل عنها خفاءها و خفاء كلّ شي‏ء؛ غطاؤه ... فأخفيها في أنه «أزيل خفاءها»: بمنزلة قوله «لو أننا نشكيها»: أي نترك لها ما تشكوه و كأن ابن جني يرى الهمزة في قراءة «أخفيها» بالضمّ هي همزة سلب، ذلك بأن سلبت معنى الفعل الثلاثي و نقلته إلى المعنى المضاد  فالضدية لا تعود إلى اللفظة ذاتها، و إنّما تعود إلى اختلاف الصيغة الصرفية بين «فعل و أفعل».

خلاصه کلام

و خلاصة القول: انّ السيّد المرتضى قد اهتمّ بالقراءات و بيان حججها، و اختلافها و ذكر من قرأ بها، و علاقتها باللغة و النحو و الدلالة، و كان و هو يحتجّ بها يذكر من كلام العرب و الشواهد الشعرية ما يؤيّدها، فدلّ بذلك على علم بالقراءات و إحاطة بالمشهور منها و الشاذّ و كانت عنايته بالقراءات المشهورة أكثر، و الشهرة عنده سبب من أسباب قوّة القراءة عند الموازنة بينها- و إن لم يلتزم ذلك- كما رأينا ذلك في ترجيحه لقراءة وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى‏ ، و قراءة وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ  بفتح العين و الباء.

و مع قوله بشذوذ طائفة من القراءات و عدم جواز القراءة بها، لا يغفل ما لبعض منها- الشاذّة- من اعتبارات و قيم معنوية و لغوية، و لا يهمل توجيهها و الاحتجاج لها، كما رأينا ذلك في توجيهه لقراءة سعيد بن جبير أَكادُ أُخْفِيها بفتح الهمزة، و الاحتجاج لها بالشعر و تخريجها دلاليا.

و على الرغم من عناية المرتضى بالقراءات المشهورة، إلّا أن ذلك لم يمنع من الموازنة بينها و ترجيح بعضها على بعض من دون أن يعني هذا الترجيح إسقاط المرجوح و قبول الراجح وحده، فالمرتضى لم يقف عند توجيه القراءات المشهورة و بيان عللها و حجج القراء فيها فحسب، بل أبدى رأيه في طائفة منها، بترجيح بعضها على بعض، و اختيار ما رآه الأقوى منها، مستعينا على ذلك باللغة  و الشواهد القرآنية و الشعرية، ناقلا أراء غيره و مبديا رأيه، و كأنه ينظر إلى قول ابن مجاهد «ما روي من الآثار في حروف القرآن، منها المعرب السائر الواضح، و منها المعرب الواضح غير السائر، و منها اللغة الشاذّة القليلة، و منها الضعيف المعنى في الإعراب ... و بكلّ قد جاءت الآثار» و قد بنى المرتضى توجيهه و ترجيحه القراءات المشهورة على معايير متنوّعة أظهرها:

- معيار أسلوبي، كما رأينا ذلك في ترجيحه لقراءة فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ، بتقديم المفعولين على الفاعلين؛ لأن ذلك- عنده- أبلغ في وصفهم و أمدح لهم، و أدل على شجاعتهم.

- و معيار عقلي، كما رأينا في توجيهه لقراءة إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ

فالمرتضى الّذي يقول بعصمة الأنبياء عليهم السّلام يرى أن الهاء في الآية لا يجب أن تكون راجعة إلى السؤال بل إلى الابن، و يكون تقدير الكلام: إن ابنك ذو عمل غير صالح، فحذف المضاف و أقام المضاف إليه مقامه.

- و معيار نحوي، كما رأينا ذلك في ترجيحه لقراءة

وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [أقول:] بجر لفظة وَ أَرْجُلَكُمْ.

- و معيار صرفي، كما رأينا ذلك في توجيهه لقراءة فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ بالتخفيف، حيث رفض قول الكسائي بأن بين أكذبه فرقا، فمعنى هذه اللفظة- عنده- مشددة يعود إلى معناها مخفّفة، لأنه- كما يقول- «ليس بين فعلت و أفعلت في هذه الكلمة فرق من طريق المعنى[20]»

جهار) قرائات در کتب سید مرتضی

قرائات سبع

١.فتلقی آدم من ربه کلمات

و قد قرأ ابن كثير و أهل مكة و ابن عباس و مجاهد: فتلقى آدم من ربه[21] كلمات‏ بالنصب و برفع «كلمات» و على هذه القراءة لا يكون معنى التلقي القبول، بل يكون المعنى أن الكلمات تداركته بالنجاة و الرحمة.[22]

٢.فیقتلون و یقتلون

فأما إخراج الخطاب مخرج ما يتوجه إلى الجميع مع أن القاتل واحد فعلى عادة العرب في خطاب الأبناء بخطاب الآباء و الأجداد، و خطاب العشيرة بما يكون من أحدها؛ فيقول أحدهم: فعلت بنو تميم كذا، و قتل بنو فلان فلانا؛ و إن كان القاتل و الفاعل واحدا من بين الجماعة؛ و منه قراءة من قرأ: يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون[23]؛ بتقديم المفعولين على الفاعلين؛ و هو اختيار الكسائي و أبى العباس ثعلب؛ فيقتل بعضهم و يقتلون؛ و هو أبلغ في وصفهم، و أمدح لهم، لأنهم إذا قاتلوا و قتلوا بعد أن قتل بعضهم كان ذلك أدل على شجاعتهم و قلة جزعهم و حسن صبرهم.[24]

٣. لیس البرَّ/ البرُّ ان تولوا وجوهکم

و قد اختلفت قراءة القراء السبعة في رفع الراء و نصبها من قوله تعالى: ليس البر، فقرأ حمزة و عاصم في رواية حفص «ليس البر» بنصب الراء، و روى هبيرة عن حفص عن عاصم أنه كان يقرأ بالنصب و الرفع، و قرأ الباقون البر بالرفع، و الوجهان جميعا حسنان، لأن كل واحد من الاسمين: إسم ليس و خبرها معرفة، فإذا اجتمعا في التعريف تكافأ في جواز كون أحدهما إسما و الآخر خبرا؛ كما تتكافأ النكرات.

و حجة من رفع «البر» أنه: لإن يكون «البر» الفاعل أولى؛ لأنه ليس يشبه‏ الفعل، و كون الفاعل بعد الفعل أولى من كون المفعول بعده؛ ألا ترى أنك إذا قلت: قام زيد، فإن الاسم يلي الفعل. و تقول: ضرب غلامه زيد، فيكون التقدير في الغلام التأخير، فلولا أن الفاعل أخص بهذا الموضع لم يجز هذا؛ كما لم يجز في الفاعل: ضرب غلامه زيدا، حيث لم يجز في الفاعل تقدير التأخير؛ كما جاز في المفعول به، لوقوع الفاعل موقعه المختص به.

و حجة من نصب «البر» أن يقول: كون الاسم أن وصلتها أولى تشبيها بالمضمر في أنها لا توصف، كما لا يوصف المضمر؛ فكأنه اجتمع مضمر و مظهر؛ و الأولى إذا اجتمعا أن يكون المضمر الاسم من حيث كان أذهب في الاختصاص من المظهر[25].[26]

۴. لا تقربوهن حتی یَطْهُرن/یطّهّرن

و أيضا قوله عز و جل: و لا تقربوهن حتى يطهرن‏ و لا شبهة في أن المراد بذلك إنقطاع الدم دون الاغتسال و جعله إنقطاع الدم غاية يقتضي أن ما بعده بخلافه.

و قد استقصينا الكلام في هذه المسألة في مسائل الخلاف، و بلغنا غايته و ذكرنا معارضتهم بالقراءة الأخرى في قوله جل ثناؤه: حتى يطهرن‏ فإنها قرأت بالتشديد، فلا بد من أن يكون المراد بها الطهارة بالماء و أجبنا عنها[27].[28]

۵. و امسحوا برووسکم و ارجلَکم/ ارجلِکم

و من أقوى ما أبطل هذه الشبهة أن الأرجل إذا كانت معطوفة على الرؤس كانت الرؤس بلا خلاف فرضها المسح الذي ليس بغسل على وجه من الوجوه فيجب أن يكون حكم الأرجل كذلك؛ لأن العطف مقتض للمسح و كيفيته، و قد بينا أيضا في مسائل الخلاف أن القرائة في الأرجل بالنصب لا تقدح في مذهبنا، و أنها توجب بظاهرها المسح في الرجلين، كايجاب القراءة بالجر بظاهرها؛ لأن موضع برؤسكم موضع نصب بايقاع الفعل و هو قوله تعالى: و امسحوا برؤسكم‏ و إنما جرت الرؤس بالباء الزائدة، فإذا نصبنا الأرجل فعلى الموضع لا على اللفظ، و أمثلة ذلك في الكلام العربي أكثر من أن تحصى‏[29]

قال صاحب الكلام: قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق و امسحوا برؤسكم و أرجلكم إلى الكعبين‏ المعول في ذلك أن من نصب قوله: و أرجلكم‏ حمله على الغسل‏ و عطفه على الأيدي، لما كان المعنى عنده على الغسل دون المسح، فحمل على النصب الذي يقتضيه قوله: فاغسلوا وجوهكم‏ ليكون على لفظ ما في حكمه في الوجوب من الأيدي التي حملت على الغسل. و لم يجر كما جر من قرأ و أرجلكم‏ لمخالفته في المعنى، فلذلك خالف بينهما في اللفظ.

الجواب: يقال له: يجب أن نبني المذاهب على الأدلة على الاحكام، فيجب أن نعتبر وجه دلالته، فنبني مذاهبنا عليها و يكون اعتقادنا موافقا.

فقولك «ان من نصب الأرجل حمله على الغسل و عطفه على الأيدي لما كان المعنى عنده على الغسل دون المسح» طريق، و لو لم يكن عند من ذكرت الغسل دون المسح بغير دلالته، و القرآن يوجب المسح دون الغسل.

و أول ما يجب إذا فرضنا ناظرا منا فلا يحكم بهذه الآية و ما يقتضيه من مسح أو غسل، يجب أن لا يكون عنده غسل و لا مسح، و لا يتضيق إليه أحدهما، بل ينظر فيما يقتضيه ظاهر الآية و إعرابها، فيبني على مقتضاها الغسل إن وافقه، أو المسح إن طابقه. و كلامك هذا يقتضي سبلا من الغسل و أنه حكم الآية حتى يثبت عليه إعراب الأرجل بالنصب، و هذا هو ضد الواجب.

و قد بينا في مسائل الخلاف أن القراءة بالجر أولى من القراءة بالنصب؛ لأنا إذا نصبنا الأرجل فلا بد من عامل في هذا النصب، فاما أن تكون معطوفة على الأيدي، أو يقدر لها عامل محذوفا، أو تكون معطوفة على موضع الجار و المجرور في قوله: «برءوسكم» و لا يجوز أن تكون معطوفة على الأيدي، لبعدها من عامل النصب في الأيدي؛ و لأن إعمال العامل الأقرب أولى من أعمال الأبعد.

و ذكرنا قوله تعالى: آتوني أفرغ عليه قطرا  و قوله: هاؤم اقرؤا كتابيه‏ و قوله تعالى: و أنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداو ذكرنا ما هو أوضح من هذا كله، و هو أن القائل إذا قال: ضربت عبد الله، و أكرمت خالدا و بشرا، إن رد «بشرا» إلى حكم الجملة الماضية التي قد انقطع حكمها و وقع الخروج عنها لحن و خروج عن مقتضى اللغة، و قوله تعالى:فاغسلوا وجوهكم و أيديكم جملة مستقلة بنفسها، و قد انقطع حكمها بالتجاوز لها إلى جملة أخرى، و هو قوله: و امسحوا برؤسكم.

و لا يجوز أن تنصب الأرجل بمحذوف مقدر؛ لأنه لا فرق بين أن تقدر محذوفا هو الغسل، و بين أن تقدر محذوفا هو المسح، و لأن الحذف لا يصار إليه إلا عند الضرورة. و إذا استقل الكلام بنفسه من غير تقدير محذوف، لم يجز حمله على محذوف.

فأما حمل النصب على موضع الجار و المجرور، فهو جائز و شائع، إلا أنه موجب للمسح دون الغسل؛ لأن الرؤوس ممسوحة، فما عطف على موضعها يجب أن يكون ممسوحا مثلها، إلا أنه لما كان اعمال أقرب العاملين أولى و أكثر في القرآن و لغة العرب، وجب أن يكون جر الاية[30] حتى تكون معطوفة على لفظة الرؤوس أولى من نصبها و عطفها على موضع الجار و المجرور؛ لأنه أبعد قليلا، فلهذا ترجحت القراءة بجر الأرجل على القراءة بنصبها.

و مما يبين أن حمل حكم الأرجل على حكم الرؤوس في المسح أولى، أن القراءة بالجر يقتضي المسح و لا يحتمل سواه، فالواجب حمل القراءة بالنصب على ما يطابق معنى القراءة بالجر؛ لأن القراءتين المختلفتين تجريان مجرى آيتين في وجوب المطابقة بينهما، و هذا الوجه يرجح القراءة بالجر للأرجل على القراءة بالنصب لها.

ثم قال صاحب الكلام: فإن قال قائل: إنه إذا نصب فقال: «أرجلكم» جاز أيضا أن يكون محمولا على المسح، كما قال: «مررت بزيد و عمرا» فحملوا عمرا على موضع الجار و المجرور، حيث كانا في موضع نصب، فلم لا يقولون: إن الجر أحسن و إن المسح أولى من الغسل، لتجويز القراءتين جميعا بالمسح، و لأن من نصب فقال: و أرجلكم‏ يجوز في قوله أن يريد المسح فيها نصب للحمل على الموضع. و الذي يجر أرجلكم‏ لا يكون إلا على المسح دون الغسل، و كيف لم يقولوا: إن المسح أو[31] الغسل، لجوازه في القراءتين جميعا، و انفراد الجر في قوله: و أرجلكم‏ بالمسح من غير أن يحتمل غيره.

و القول‏[32] في ذلك: أن حمل نصب «أرجلكم» على موضع الجار و المجرور في الآية لا يستقيم، لمخالفته ما عليه بغير النبي‏[33] بل في هذا النحو؛ و ذلك أنا وجدنا في التنزيل العاملين إذا اجتمعا حمل الكلام على العامل الثاني الأقرب إلى المعمول فيه دون الأبعد، و ذلك في نحو قوله: آتوني أفرغ عليه قطرا[34]، حمل على العامل الثاني الأقرب الذي هو أفرغ‏ دون الأول الذي هو آتوني‏ و لو حمل على الأول لكان آتوني أفرغه عليه قطرا، أي آتوني قطرا أفرغ عليه؛ [35]

۶. و عَبَد الطاغوت/ و عَبُد الطاغوت

و قال قوم: يجوز أن يعطف‏ و عبد الطاغوت‏ على الهاء و الميم في «منهم»؛ فكأنه تعالى جعل منهم، و من عبد الطاغوت القردة و الخنازير؛ و قد يحذف «من» في الكلام؛ قال الشاعر:

أمن يهجو رسول الله منكم‏                               و يمدحه و ينصره سواء[36]

اراد: و من يمدحه و ينصره.

فإن قيل: فهبوا هذا التأويل ساغ في قراءة من قرأ بالفتح، أين أنتم عن قراءة من قرأ «و عبد» بفتح العين و ضم الباء، و كسر التاء من «الطاغوت»، و من قرأ «عبد الطاغوت[37]» بضم العين و الباء، و من قرأ: «و عبد الطاغوت» بضم العين و التشديد، و من قرأ: «و عباد الطاغوت»!.

قلنا: المختار من هذه القراءة عند أهل العربية كلهم القراءة بالفتح، و عليها جميع القراء السبعة؛ إلا حمزة فإنه قرأ؛ «عبد» بفتح العين و ضم الباء، و باقي القراءات شاذة غير مأخوذ بها.

... و قال أبو علي الحسن بن عبد الغفار الفارسي محتجا لقراءة حمزة: ليس «و عبد» لفظ جمع؛ ألا ترى أنه ليس في أبنية الجموع شي‏ء على هذا البناء! و لكنه واحد يراد به الكثرة؛ ألا ترى أن في الأسماء المفردة المضافة إلى المعارف ما لفظه لفظ الإفراد و معناه الجمع، كقوله تعالى: و إن تعدوا نعمت الله لا تحصوها[38]، و كذلك قوله: «و عبد الطاغوت» جاء على «فعل» لأن هذا البناء يراد به الكثرة و المبالغة؛ و ذلك نحو «يقظ و ندس»؛ فهذا كأن تقديره أنه قد ذهب في عبادة الشيطان و التذلل له كل مذهب.

قال: و جاء على هذا لأن «عبد» في الأصل صفة، و إن كان قد استعمل استعمال الأسماء، و استعمالهم إياه استعمالها لا يزيل عنه كونه صفة؛ ألا ترى أن «الأبرق و الأبطح»[39] و إن كان قد استعملا استعمال الأسماء حتى كسرا هذا النحو عندهم من التكسير في قولهم: «أبارق و أباطح»؛ فلم يزل عنه حكم الصفة، يدلك على ذلك تركهم صرفه، كتركهم صرف «أحمر» و لم يجعلوا ذلك‏ كأفكل و أيدع‏[40]؛ و كذلك «عبد» و إن كان قد استعمل استعمال الأسماء فلم يخرجه ذلك عن أن يكون صفة، و إذا لم يخرج عن أن يكون صفة لم يمتنع أن يبنى بناء الصفات على «فعل».

و هذا كلام مفيد في الاحتجاج لحمزة؛ فإذا صحت قراءة حمزة و عادلت قراءة الباقين المختارة، و صح أيضا سائر ما روي من القراءات التي حكاها السائل كان الوجه الأول الذي ذكرناه في الآية يزيل الشبهة فيها.

و يمكن في الآية وجه آخر على جميع القراءات المختلفة «في عبد الطاغوت»: و هو أن يكون المراد بجعل منهم عبد الطاغوت؛ أي نسبه إليهم، و شهد عليه بكونه من جملتهم. و ل «جعل» مواضع قد تكون بمعنى الخلق و الفعل؛ كقوله: و جعل الظلمات و النور[41]؛ و كقوله: و جعل لكم من الجبال أكنانا[42] و هي هاهنا تتعدى إلى مفعول واحد؛ و قد تكون أيضا بمعنى التسمية و الشهادة؛ كقوله تعالى: و جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا[43]؛ و كقول القائل: جعلت البصرة بغداد، و جعلتني كافرا، و جعلت حسني قبيحا؛ و ما أشبه ذلك؛ فهي هاهنا تتعدى إلى مفعولين.[44]

٧. فانهم لا یکذّبونک/ یُکْذبونک

- قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك و لكن الظالمين بآيات الله يجحدون‏ [الأنعام: 33].

[إن سأل سائل‏] فقال: كيف يخبر عنهم بأنهم لا يكذبون نبيه صلى الله عليه و آله و سلم، و معلوم منهم إظهار التكذيب، و العدول عن الاستجابة و التصديق، و كيف ينفي عنهم‏ التكذيب ثم يقول: إنهم بآيات الله يجحدون؟ و هل الجحد بآيات الله إلا تكذيب نبيه صلى الله عليه و آله و سلم!.

الجواب: قلنا: قد ذكر في هذه الآية وجوه:...

و الوجه الثاني: أن يكون معنى‏ فإنهم لا يكذبونك‏ أي لا يفعلون ذلك بحجة، و لا يتمكنون من إبطال ما جئت به ببرهان؛ و إنما يقتصرون على الدعوى الباطلة؛ و هذا في الاستعمال معروف؛ لأن القائل يقول: فلان لا يستطيع أن يكذبني و لا يدفع قولي؛ و إنما يريد أنه لا يتمكن من إقامة دليل على كذبه، و من حجة على دفع قوله؛ و إن كان يتمكن من التكذيب بلسانه و قلبه، فيصير ما يقع من التكذيب من غير حجة و لا برهان غير معتد به.

و روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قرأ هذه الآية بالتخفيف: فإنهم لا يكذبونك‏، و يقول: أن المراد بها أنهم لا يأتون بحق هو أحق من حقك.و قال محمد بن كعب القرظي: معناها لا يبطلون ما في يديك؛ و كل ذلك يقوي هذا الوجه؛ و سنبين أن معنى هذه اللفظة مشددة ترجع إلى معناها مخففة.

و الوجه الثالث: أن يكون معنى الآية أنهم لا يصادفونك و لا يلفونك متقولا؛...

و ليس لأحد أن يجعل هذا الوجه مختصا بالقراءة بالتخفيف دون التشديد؛ لأن في الوجهين معا يمكن هذا الجواب، لأن «أفعلت» و «فعلت» يجوزان في هذا الموضع، و «أفعلت» هو الأصل ثم شدد تأكيدا و إفادة لمعنى التكرار؛ و هذا مثل أكرمت و كرمت، و أعظمت و عظمت، و أوصيت و وصيت، و أبلغت و بلغت؛ و هو كثير قال الله تعالى: فمهل الكافرين أمهلهم رويدا[45]؛ إلا أن التخفيف أشبه بهذا الوجه؛ لأن استعمال هذه اللفظة مخففة في هذا المعنى أكثر.

و الوجه الرابع: ما حكى الكسائي من قوله: إن المراد أنهم لا ينسبونك إلى الكذب فيما أثبت به؛ لأنه كان أمينا صادقا لم يجربوا عليه كذبا؛ و إنما كانوا يدفعون ما أتى به، و يدعون أنه في نفسه كذب؛ و في الناس من يقوي هذا الوجه، و أن القوم كانوا يكذبون ما أتى به، و إن كانوا يصدقونه في نفسه بقوله تعالى:و لكن الظالمين بآيات الله يجحدون‏ و بقوله تعالى: و كذب به قومك و هو الحق‏  و لم يقل: و كذبك قومك. و كان الكسائي يقرأ: فإنهم لا يكذبونك‏ بالتخفيف و نافع من بين سائر السبعة، و الباقون على التشديد؛ و يزعم أن بين أكذبه و كذبه فرقا، و أن معنى أكذب الرجل، أنه جاء بكذب، و معنى كذبته أنه كذاب في كل حديثه. و هذا غلط و ليس بين «فعلت» و «أفعلت» في هذه الكلمة فرق من طريق المعنى أكثر مما ذكرناه من أن التشديد يقتضي التكرار و التأكيد، و مع هذا لا يجوز أن يصدقوه في نفسه، و يكذبوا بما أتى به؛ لأن من المعلوم أنه عليه السلام كان يشهد بصحة ما أتى به و صدقه، و أنه الدين القيم، و الحق الذي لا يجوز العدول عنه؛ و كيف يجوز أن يكون صادقا في خبره و كان الذي أتى به فاسدا! بل إن كان صادقا فالذي أتى به حق صحيح، و إن كان الذي أتى به فاسدا؛ فلا بد من أن يكون في شي‏ء من ذلك كاذبا؛ و هو تأويل من لا يتحقق المعاني‏[46].[47]

٨. و من کان فی هذه اعمَی/ اعمِی

و قد اختلف القراء في فتح الميم و كسرها من قوله تعالى: و من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى[48]‏، فقرأ ابن كثير و نافع و ابن عامر و أبو عمرو بفتح الميمين معا، و قرأ عاصم في رواية أبي بكر و حمزة و الكسائي بكسر الميم فيهما معا، و في رواية حفص عن عاصم: لا يكسرهما، و كسر أبو عمرو الأولى و فتح الأخيرة؛ و لكل وجه، أما من ترك إمالة الجميع؛ فإن قوله حسن، لأن كثيرا من‏ العرب لا يميلون هذه الفتحة، و أما من أمال الجميع فوجه قوله أن ينحو بالألف نحو الياء، ليعلم أنها تنقلب إلى الياء، و أما قراءة أبي عمرو بإمالة الأولى و فتح الثانية فوجه قوله أنه جعل الثانية أفعل من كذا مثل أفضل من فلان، و إذا جعلها كذلك لم تقع الألف في آخر الكلمة؛ لأن آخرها إنما هو من كذا و إنما تحسن الإمالة في الأواخر، و قد حذف من «أفعل» الذي هو للتفضيل الجار و المجرور جميعا، و هما مرادان في المعنى مع الحذف، و ذلك نحو قوله تعالى: فإنه يعلم السر و أخفى[49]؛ المعنى و أخفى من السر، فكذلك قوله تعالى: فهو في الآخرة أعمى، أي أعمى منه في الدنيا، أو أعمى من غيره، و يقوي هذه الطريقة ما عطف عليه من قوله تعالى: و أضل سبيلا، فكما أن هذه لا يكون إلا على «أفعل من كذا» كذلك المعطوف عليه‏[50].[51]

٩. یَذهَبُ بالابصار/ یُذهِب بالابصار

فأما قوله: يذهب بالأبصار[52] و قد قرى‏ء «يذهب» بضم الياء؛ فالمراد به أن البرق من شدة ضوئه يكاد يذهب بالعيون؛ لأن النظر إلى ماله شعاع شديد يضر بالعين؛ كعين الشمس و ما أشبهها؛ و القراءة بفتح الهاء أجود مع دخول الباء؛ تقول العرب: ذهبت بالشي‏ء؛ فإذا أدخلوا الألف أسقطوا الباء فقالوا: أذهبت الشي‏ء؛ بغير بإء.[53]

١٠. بای ذنبٍ قتِلتْ/ قتِّلت

و روي عن أبي جعفر المدني: بأي ذنب قتلت‏ بالتشديد و إسكان التاء الثانية[54].

قراءات عشر

١. رب السِّجن/رب السَّجن

- قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه‏ [يوسف: 33].

[فان قيل: كيف يجوز أن يقول يوسف هذا] و نحن نعلم أن سجنهم له معصية و محنة، كما أن ما دعوه إليه معصية، و محبة المعصية عندكم لا تكون إلا قبيحة. [و هو في القبح يجرى مجرى ما دعى إليه من الزنا]

الجواب: قلنا: في تأويل هذه الآية جوابان:

أحدهما: ...

و الوجه الآخر: أنه أراد أن توطيني نفسي و تصبيري لها على السجن أحب إلي من مواقعة المعصية.

فإن قيل: هذا خلاف الظاهر لأنه مطلق و قد أضمرتم فيه.

قلنا: لا بد من مخالفة الظاهر؛ لأن السجن نفسه لا يجوز أن يكون مرادا ليوسف عليه السلام و كيف يريده و إنما السجن البنيان المخصوص، [و إنما يريد الفعل فيها، و المتعلق بها؛ و السجن نفسه ليس بطاعة و لا معصية و إنما الأفعال فيه قد تكون طاعات و معاصي بحسب الوجوه التي يقع عليها، و إدخال القوم يوسف الحبس، أو اكراههم له على دخوله معصية منهم، و كونه فيه و صبره على ملازمته، و المشاق التي تناله باستيطانه كان طاعة منه و قربة و قد علمنا ان ظالما لو أكره مؤمنا على ملازمة بعض المواضع، و ترك التصرف في غيره لكان فعل المكره حسنا و ان كان فعل المكره قبيحا][55].

و إنما يكون الكلام ظاهره يخالف ما قلناه، إذا قرئ: رب السجن «بفتح السين» و إن كانت هذه القراءة أيضا محتملة للمعنى الذي ذكرناه، فكأنه أراد أن سجني نفسي عن المعصية أحب إلي من مواقعتها، فرجع معنى السجن إلى فعله دون افعالهم، و إذا كان الأمر على ما ذكرناه، فليس للمخالف أن يضمر في الكلام ان كوني في السجن و جلوسي فيه أحب إلي، بأولى ممن أضمر ما ذكرنا؛ لأن كلا الأمرين يعود إلى السجن و يتعلق به.[56]

٢. فکُّ رقبهٍ او اطعام /فکَّ رقبهً او اطعم

و قد اختلف الناس في قراءة: فك رقبة، فقرأ أمير المؤمنين عليه السلام، و مجاهد، و أهل مكة، و الحسن، و أبو رجاء العطاردي، و أبو عمرو، و الكسائي:فك رقبة بفتح الكاف و نصب الرقبة، و قرؤوا «أو أطعم» على الفعل دون الاسم. و قرأ أهل المدينة، و أهل الشام، و عاصم، و حمزة، و يحيى بن وثاب، و يعقوب الحضرمي: فك‏ بضم الكاف و بخفض‏ رقبة  أو إطعام‏ على المصدر و تنوين الميم و ضمها.

فمن قرأ على الاسم ذهب إلى أن جواب الاسم بالاسم أكثر في كلام العرب، و أحسن من جوابه بالفعل، ألا ترى أن المعنى: ما أدراك ما اقتحام العقبة! هو فك رقبة، أو إطعام؛ و ذلك أحسن من أن يقال: هو فك رقبة، أو أطعم.

و مال الفراء إلى القراءة بلفظ الفعل، و رجحها بقوله تعالى: ثم كان من الذين آمنوا، لأنه فعل؛ و الأولى أن يتبع فعلا. و ليس يمتنع أن يفسر اقتحام‏ العقبة- و إن كان اسما- بفعل يدل على الاسم؛ و هذا مثل قول القائل: ما أدراك ما زيد؟ يقول- مفسرا-: يصنع الخير، و يفعل المعروف، و ما أشبه ذلك، فيأتي بالأفعال.

و السغب: الجوع؛ و إنما أراد أنه يطعم في يوم ذي مجاعة؛ لأن الإطعام فيه أفضل و أكرم. [57]

قرائات شاذه در کتب سید مرتضی

١. ثم عرضهم علی الملائکه

فأما قوله تعالى: ثم عرضهم على الملائكة [البقره/٣١] فلا يليق إلا بالمسميات دون الأسماء؛ لأن هذه الكنايات لا تليق بالأسماء و إنما تليق بالعقلاء من أصحاب الأسماء أو العقلاء إذا انضم إليهم غيرهم مما لا يعقل على سبيل التغليب لما يعقل، كما يغلب المذكر على المؤنث إذا اجتمعوا في الكناية، كما يقول القائل: أصحابك و امائك جاؤوني، و لا يقال: جائني.

و مما يشهد للتغليب قوله تعالى: و الله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه و منهم من يمشي على رجلين و منهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء

و قيل: إن في قراءة أبي: «ثم عرضها» و في قراءة عبد الله بن مسعود: «ثم عرضهن» و على هاتين القراءتين يصلح أن تكون عبارة عن الأسماء.[58]

٢. و ما انزل علی الملَکین/ المِلکین ببابل

و قد روى هذا التأويل الأخير في حمل «و ما» على النفي عن ابن عباس و غيره من المفسرين.

و روي عنه أيضا أنه كان يقرأ: و ما أنزل على الملكين‏ بكسر اللام، و يقول: متى كان العلجان ملكين! بل كانا ملكين؛ [و على هذه القراءة لا ينكر أن يرجع قوله: و ما يعلمان من أحد إليهما].

و يمكن على هذه القراءة في الآية وجه آخر و إن لم يحمل قوله: و ما أنزل على الملكين‏ على الجحد و النفي: و هو أن يكون هؤلاء الذين أخبر عنهم اتبعوا ما تتلوا الشياطين و تدعيه على ملك سليمان، و اتبعوا ما أنزل على هذين الملكين من السحر، و لا يكون الإنزال مضافا إلى الله تعالى، و إن أطلق؛ لأنه جل و عز لا ينزل السحر؛ بل يكون منزله إليهما بعض الضلال العصاة، و يكون معنى «أنزل»- و إن كان من الأرض- حمل إليهما لا من السماء أنه أتي به من نجود الأرض و أعاليها؛ فإن من هبط من نجد البلاد إلى غورها يقال: نزل و هبط، و ما جرى هذا المجرى. [59]

٣. و عَبَد الطاغوت/ و عُبْدُ الطاغوت

و قال قوم: يجوز أن يعطف‏ و عبد الطاغوت‏ على الهاء و الميم في «منهم»؛ فكأنه تعالى جعل منهم، و من عبد الطاغوت القردة و الخنازير؛ و قد يحذف «من» في الكلام؛ قال الشاعر:

أمن يهجو رسول الله منكم‏                               و يمدحه و ينصره سواء[60]

اراد: و من يمدحه و ينصره.

فإن قيل: فهبوا هذا التأويل ساغ في قراءة من قرأ بالفتح، أين أنتم عن قراءة من قرأ «و عبد» بفتح العين و ضم الباء، و كسر التاء من «الطاغوت»، و من قرأ «عبد الطاغوت» بضم العين و الباء، و من قرأ: «و عبد الطاغوت» بضم العين و التشديد، و من قرأ: «و عباد الطاغوت»!.

قلنا: المختار من هذه القراءة عند أهل العربية كلهم القراءة بالفتح، و عليها جميع القراء السبعة؛ إلا حمزة فإنه قرأ؛ «عبد» بفتح العين و ضم الباء، و باقي القراءات شاذة غير مأخوذ بها.

قال أبو إسحاق الزجاج في كتابه في معاني القرآن: و عبد الطاغوت‏ نسق على «من لعنه الله» قال: و قد قرئت «عبد الطاغوت»؛ «و عبد الطاغوت» و الذي اختاره «و عبد الطاغوت».

و روي عن ابن مسعود رحمه الله: «و عبدوا الطاغوت» فهذا يقوي:«و عبد الطاغوت» قال: و من قرأ «و عبد الطاغوت» بضم الباء و خفض الطاغوت فإنه عند بعض أهل العربية ليس بالوجه من جهتين:

أحدهما: أن «عبد» على وزن «فعل»، و ليس هذا من أمثلة الجمع؛ لأنهم فسروه خدم الطاغوت.

و الثاني: أن يكون محمولا على و جعل منهم عبدا للطاغوت ثم خرج لمن قرأ «و عبد» أنه بلغ الغاية في طاعة الشيطان. و هذا كلام الزجاج[61].

۴. انما ولیکم/ مولیکم الله و رسوله

و قال الفراء في كتاب «معاني القرآن»: الولي و المولى في كلام العرب واحد، و في قراءة عبد الله بن مسعود: «إنما موليكم الله و رسوله» مكان «وليكم».[62]

۵.انه عملٌ غیرصالح/ انه عمِلَ غیرَ صالح

فأما قوله تعالى: إنه عمل غير صالح[63]‏ فالقراءة المشهورة بالرفع، و قد روي عن جماعة من المتقدمين[64] أنهم قرؤوا: إنه عمل غير صالح بنصب اللام و كسر الميم و نصب «غير» و لكل وجه.

فأما الوجه في الرفع فيكون على تقدير أن ابنك ذو عمل غير صالح؛ و صاحب عمل غير صالح؛ فحذف المضاف، و أقام المضاف إليه مقامه؛ و قد استشهد على ذلك بقول الخنساء:

ما أم سقب علي بو تطيف به‏                             قد ساعدتها على التحنان أظآر

ترتع ما رتعت حتى إذا ذكرت‏                           فإنما هي إقبال و إدبار

أرادت إنما هي ذات إقبال و إدبار.

و قال قوم: إن المعنى أصل ابنك هذا الذي ولد على فراشك و ليس بابنك على الحقيقة [عمل غير صالح، يعني الخيانة من امرأته، و هذا جواب من ذهب إلى أنه لم يكن ابنه على الحقيقة] و الذي اخترناه خلاف ذلك.

و قال آخرون إن إلهاء في قوله: إنه عمل غير صالح‏ راجعة إلى السؤال؛ و المعنى: إن سؤالك إياي ما ليس لك به علم عمل غير صالح لأنه قد وقع من نوح دليل السؤال و الرغبة في قوله: إن ابني من أهلي و إن وعدك الحق‏ و معنى ذلك نجه كما نجيتهم، و من يجيب بهذا الجواب يقول: إن ذلك صغيرة من النبي؛ لأن الصغائر تجوز عليهم، و من يمنع أن يقع من الأنبياء شي‏ء من القبائح يدفع هذا الجواب؛ و لا يجعل الهاء راجعة إلى السؤال بل إلى الابن، و يكون تقدير الكلام ما تقدم.[65]

۶. فصبر جمیل/ فصبراً جمیلاً

و أما وصف الصبر بأنه جميل، فلأن الصبر قد يكون جميلا و غير جميل، و إنما يكون جميلا إذا قصد به وجه الله، و فعل للوجه الذي وجب، فلما كان في هذا الموضع واقعا على الوجه المحمود صح وصفه بذلك. و قد قيل إنه أراد صبرا لا شكوى فيه و لا جزع، و لو لم يصفه بذلك لظن مصاحبة الشكوى و الجزع له. و أما ارتفاع قوله: فصبر جميل‏[66] فقد قيل إن المعنى: و شأني صبر جميل، أو الذي أعتقده صبر جميل. و قال قطرب: معناه فصبري صبر جميل؛

و قد روي أن في قراءة أبي «فصبر جميلا» بالنصب، و ذلك يكون على الإغراء، و المعنى فاصبري يا نفس صبرا جميلا[67]

٧. امرنا/ امّرنا/ آمرنا مترفیها

فأما قراءة من قرأ الآية[68] بالتشديد فقال: «أمرنا»[69]، و قراءة من قرأها بالمد و التخفيف فقال: «آمرنا»[70] فلن يخرج معنى قراءتيهما عن الوجوه التي‏ ذكرناها[71]؛ إلا الوجه الأول؛ فإن معناه لا يليق إلا بأن يكون ما تضمنته الآية هو الأمر الذي يستدعي به إلى الفعل‏[72].[73]

٨. اکاد اُخفیها/ اَخفیها

و روي عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ: أكاد أخفيها[74]، [بفتح الألف‏] فمعنى أخفيها على هذا الوجه أظهرها؛ قال عبدة بن الطبيب يصف ثورا:

يخفي التراب بأظلاف ثمانية                            في أربع مسهن الأرض تحليل‏

أراد أنه يظهر التراب و يستخرجه بأظلافه، و قال امرؤ القيس:

فإن تدفنوا الداء لا نخفه‏                    و إن تبعثوا الحرب لا نقعد

أي لا نظهره؛ و قال النابغة:

تخفي بأظلافها حتى إذا بلغت‏                         يبس الكثيب تداعى الترب فانهدما

و قد روى أهل العربية: أخفيت الشي‏ء يعني سترته، و أخفيته بمعنى أظهرته، و كأن القراءة بالضم تحتمل الأمرين: الإظهار و الستر، و القراءة بالفتح لا تحتمل‏ غير الإظهار؛ و إذا كانت بمعنى الإظهار كان الكلام في «كاد» و احتمالها للوجوه الثلاثة التي ذكرناها كالكلام فيها إذا كانت بمعنى الستر و التغطية.[75]

٩. اذا المووده/ المودّه  سُئلت/ سَئلت * بای ذنب قُتِلَت/ قتِلْت

و قد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام؛ و ابن عباس، و يحيى بن يعمر، و مجاهد، و مسلم بن صبيح، و أبي الضحى؛ و مروان، و أبي صالح، و جابر بن زيد أنهم قرؤوا «سَاَلتْ» بفتح السين و الهمزة و إسكان التاء بأي ذنب قُتِلْتُ‏ باسكان اللام و ضم التاء الثانية؛ على أن المؤودة موصوفة بالسؤال، و بالقول‏ بأي ذنب قتلت‏.

و روى القطعي عن سليمان الأعمش عن حفص عن عاصم: قتلتُ‏ بضم التاء الثانية، و في «سُئلَتْ» مثل قراءة الجمهور بضم السين.

و روي عن أبي جعفر المدني: بأي ذنب قتلت‏ بالتشديد و إسكان التاء الثانية.

و روي عن بعضهم: سئلت‏ بفتح الميم و الواو.

فأما من قرأ «سألت» بفتح السين؛ فيمكن فيه الوجهان اللذان ذكرناهما؛ من أن الله تعالى أكملها في تلك الحال، و أقدرها على النطق.

و الوجه الآخر: أن يكون معنى «سألت» أي سئل لها و طولب بحقها و انتصف لها من ظالمها؛ فكأنها هي السائلة تجوزا و اتساعا. و من قرأ بفتح‏

السين من «سألت» و يضم التاء الثانية من‏ قتلت‏ فعلى أنها هي المخاطبة بذلك.

و يجوز في هذا الوجه أيضا «قتلت» بإسكان التاء الأخيرة كقراءة الجماعة؛ لأنه إخبار عنها، كما يقال: سأل زيد: بأي ذنب ضرب؛ و بأي ذنب ضربت.

و يقوي هذه القراءة في «سألت» ما روي عن النبي صلى الله عليه و اله و سلم من قوله: «يجي‏ء المقتول ظلما يوم القيامة و أوداجه تشخب دما، اللون لون الدم، و الريح ريح المسك، متعلقا بقاتله يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني».

فأما القراءة المأثورة عن حفص عن عاصم في ضم التاء الأخيرة من «قتلت» مع ضم السين‏ سئلت‏ فمعناها و إذا الموؤدة سئلت‏: ما تبغي؟ فقالت: بأي ذنب قتلت‏ فأضمر قولها. و العرب قد تضمر مثل هذا لدلالة الخطاب عليه، و ارتفاع الإشكال عنه؛ مثل قوله تعالى: و إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت و إسماعيل ربنا تقبل منا[76]؛ أي و يقولان ذلك؛ و نظائره في القرآن كثيرة جدا.

فأما قراءة من قرأ: قتلت‏ بالتشديد فالمراد به تكرار الفعل بالموؤدة هاهنا، و إن كان لفظها لفظ واحدة فالمراد به الجنس، و إرادة التكرار جائزة.

فأما من قرأ الموؤدة بفتح الميم و الواو، فعلى أن المراد الرحم و القرابة، و أنه يسأل عن سبب قطعها و تضييعها، قال الله تعالى: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم[77].[78]

١٠. فکُّ رقبهٍ او اطعام /فکَّ رقبهً او اطعم

و قد اختلف الناس في قراءة: فك رقبة، فقرأ أمير المؤمنين عليه السلام، و مجاهد، و أهل مكة، و الحسن، و أبو رجاء العطاردي، و أبو عمرو، و الكسائي:فك رقبة بفتح الكاف و نصب الرقبة، و قرؤوا «أو أطعم» على الفعل دون الاسم. و قرأ أهل المدينة، و أهل الشام، و عاصم، و حمزة، و يحيى بن وثاب، و يعقوب الحضرمي: فك‏ بضم الكاف و بخفض‏ رقبة  أو إطعام‏ على المصدر و تنوين الميم و ضمها.

فمن قرأ على الاسم ذهب إلى أن جواب الاسم بالاسم أكثر في كلام العرب، و أحسن من جوابه بالفعل، ألا ترى أن المعنى: ما أدراك ما اقتحام العقبة! هو فك رقبة، أو إطعام؛ و ذلك أحسن من أن يقال: هو فك رقبة، أو أطعم.

و مال الفراء إلى القراءة بلفظ الفعل، و رجحها بقوله تعالى: ثم كان من الذين آمنوا، لأنه فعل؛ و الأولى أن يتبع فعلا. و ليس يمتنع أن يفسر اقتحام‏ العقبة- و إن كان اسما- بفعل يدل على الاسم؛ و هذا مثل قول القائل: ما أدراك ما زيد؟ يقول- مفسرا-: يصنع الخير، و يفعل المعروف، و ما أشبه ذلك، فيأتي بالأفعال.

و السغب: الجوع؛ و إنما أراد أنه يطعم في يوم ذي مجاعة؛ لأن الإطعام فيه أفضل و أكرم. [79]

١١. الم یجدک یتیماً/ یتیمٌ فآوی

و خامسها: أنه روي في قراءة هذه الآية الرفع: أ لم يجدك يتيما فآوى (6) و وجدك ضالا فهدى‏ (7) على أن اليتيم وجده و كذلك الضال، و هذا الوجه ضعيف؛ لأن القراءة غير معروفة؛ و لأن هذا الكلام يسمج و يفسد أكثر معانيه[80].[81]

 

خامسها أنه روي في قراءة هذه الآية الرفع أ لم يجدك‏ يتيم‏ فآوى و وجدك ضال فهدى على أن اليتيم وجده و كذلك الضال و هذا الوجه ضعيف لأن القراءة غير معروفة و لأن هذا الكلام يسمج و يفسد أكثر معانيه‏[82]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



[1] [٩٥١] الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سليمان بن أبان الإمام أبو علي الفارسي النحوي المشهور،

أصله من فسا من عمل شيراز، روى القراءة عرضا عن أبي بكر بن مجاهد، روى القراءة عنه عرضا عبد الملك بن بكران النهرواني و أخذ النحو عن أبي إسحاق الزجاج ثم عن أبي بكر بن السري و أخذ عنه كتاب سيبويه، و انتهت إليه رياسة علم النحو و صحب عضد الدولة فعظمه كثيرا ثم لحق بسيف الدولة فأكرمه و قد أخذ عنه النحو أئمة كبار كابن جنى و أبي الحسن الربيعي و خلق، و ألف كتاب التذكرة و كتاب الحجة شرح سبعة ابن مجاهد فأجاد و أفاد، و الإيضاح و التكملة و غير ذلك، توفي سنة سبع و سبعين و ثلاثمائة و أوصى بثلث ماله لنحاة بغداد [القائمين]عليها فكان ثلاثين ألف دينار.(غایة النهایة فی طبقات القراء، ج ١، ص ٣١٨-٣١٩)

[2] مسائل الناصريات، ص: 21

[3] المغني 20 ق 1/ 82.

[4] (1) كرواية مسلم في صحيحه 3/ 1317 في كتاب الحدود باب رجم الثيّب في الزنى عن ابن عباس، قال عمر بن الخطاب و هو جالس على منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: إن اللّه بعث محمدا صلّى اللّه عليه و سلم بالحق و أنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها و و عيناها و عقلناها، فرجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و رجمنا بعده، فاخشى إن طال بنا الزمان، أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب اللّه فيضلوا بترك فريضة أنزلها اللّه، و أنّ الرجم في كتاب اللّه حق على من زنى إذا احصن من الرجال و النساء إذا قامت البيّنة، أو كان الحبل، أو الاعتراف» فيكون هذا من باب ما نسخ رسمه و بقي حكمه، أو كما روي عن ابن مسعود انه كان إذا قرأ وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ يتبعها «بعلي» فيكون هذا من باب التوضيح و تبيين سبب النزول لا أنّها من نفس القرآن الكريم، و كلّ ما ورد من الروايات سواء كان من طريق أهل السنة أو الشيعة مرفوضة مردودة على رواتها لأن القرآن كتاب اللّه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و من خلفه، و قد تعهد سبحانه بحفظه لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً و كلّ من ادّعى غير ذلك فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه، هذا غير القراءات التى لا تغيّر مباني الكلمات التي أذن اللّه بها على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و آله كما هو معروف بين المسلمين كافة، و للمزيد من الاطلاع يراجع «البيان» للامام الخوئي و عقائد الشيعة الإمامية للمظفر، و أصل الشيعة و أصولها لكاشف الغطاء و مراد المرتضى ان ذلك وارد لا أنه يعتقد صحته، و على كلّ حال فاجماع الأمة انّ من زعم أن شيئا ما بين الدفتين ليس من القرآن فهو خارج عن الملّة. و انظر الاتقان للسيوطي 1/ 101 و 120 و 2/ 40 و 41.

[5] الشافى فى الإمامة، ج‏1، ص:٢٨۴-٢٨٧

[6] الموضح عن جهة إعجاز القرآن، النص، ص: 280

[7] سوره ابراهیم، آیه ۴١

[8] ( 1) سورة البقرة، الآية: 286.

[9] ( 2) في هامش النسخة: و قد قرى‏ء بها جازت القراءة بالتخفيف.

[10] ( 3) الرسائل، 3: 85.

[11] نفائس التأويل، ج‏3، ص:١٠-١١

[12] الشافى فى الإمامة، ج‏4، ص: 300-٣٠٣

[13] تلخيص الشافي، ج‏4، ص: 106-١٠٩

[14] نفائس التأويل، ج ٢، ص ١٢۵

[15] تفسير الشريف المرتضي / ج‏1 / 478 / [سورة البقرة(2): آية 177] ..... ص : 472

[16] تفسير الشريف المرتضي / ج‏2 / 182 / [سورة المائدة(5): آية 60] ..... ص : 180

[17] ( 1) تنزيه الأنبياء و الأئمة: 150.

[18] نفائس التأويل    ج‏3    466

[19] رسائل الشريف المرتضى؛ ج‌2، ص: 386

[20] تفسير الشريف المرتضي، ج‏1، ص: 9۴-١٠۵ مقدمه کتاب

[21] بقره/ ٣٧

[22] نفائس التأويل، ج‏1،ص 412

[23] سورة التوبة، الآية: 111.

[24] نفائس التأويل    ج‏1    437

[25] ( 1) الأمالي، 1: 207.

[26] نفائس التأويل    ج‏1، ص ۴٧٨-۴٧٩

[27] ( 2) الانتصار: 34، و راجع أيضا الرسائل: 1/ 135.

[28] نفائس التأويل    ج‏1    525

[29] نفائس التأويل    ج‏2    118

[30] ( 1) في الهامش: الارجل.

[31] ( 1) لعله: أولى من.

[32] ( 2) ظ: فالقول.

[33] ( 3) كذا في المطبوعة و لعله: بغير دليل.

[34] ( 4) سورة الكهف، الآية: 96.

[35] نفائس التأويل، ج‏2، ص 123-١٢۶

[36] ( 1) البيت لحسان، ديوانه: 90، و روايته:« فمن يهجو.».

[37] سورة المائده، آیه ۶٠

[38] ( 1) سورة إبراهيم، الآية: 34.

[39] ( 2) الأبرق: أرض فيها حجارة سود و بيض، و الأبطح: الأرض المنبطحة.

[40] ( 1) الأفكل: الرعدة، و الأيدع: صبغ أحمر؛ و هو المسمى دم الأخوين.

[41] ( 2) سورة الأنعام، الآية: 1.

[42] ( 3) سورة النحل، الآية: 81.

[43] ( 4) سورة الزخرف، الآية: 19.

[44] نفائس التأويل    ج‏2    182-١٨۴

[45] ( 2) سورة الطارق، الآية: 17.

[46] ( 1) الأمالي، 2: 228.

[47] نفائس التأويل    ج‏2    262-٢۶۶

[48] سوره الاسراء، آیه ٧٢

[49] ( 1) سورة طه، الآية: 7.

[50] ( 2) الأمالي، 1: 108.

[51] نفائس التأويل، ج‏3، ص ۴٩-۵٠

[52] سوره النور، آیه ۴٣

[53]  نفائس التأويل، ج‏3، ص: 148

[54] نفائس التأويل، ج‏3، ص: 444

[55] ( 2) ما بين المعقوفتين من الأمالي، 1: 464.

[56] نفائس التأويل، ج‏2، ص ٢٧٨-479

[57] نفائس التأويل    ج‏3، ص ۴۶١-۴۶٢

[58] نفائس التأويل، ج‏1، ص: 405

[59] نفائس التأويل    ج‏1    449-۴۵٠

[60] ( 1) البيت لحسان، ديوانه: 90، و روايته:« فمن يهجو.».

[61] نفائس التأویل، ج ٢، ص ١٨٢-١٨٣

[62] نفائس التأويل    ج‏2    197

[63] سوره هود، آیه ۴۶

[64] إین قرائت گرچه قرائت یعقوب و کسائی از قراء عشره نیز هست ولی جناب سید آن را به متقدمین نسبت می دهد:

اِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صٰالِحٍ [٤٦] قرأ النبي صلى اللّه عليه و سلم، و ابن عباس، و عروة بن الزبير، و عكرمة، و الكسائي: (إنه عمل غير صالح) بكسر الميم و فتح اللام، و كان ابن مسعود و الشعبي و الحسن و أبو جعفر و شيبة و نافع و ابن كثير و عاصم و الأعمش و أبو عمرو و حمزة يقرءون: (إنه عمل غير صالح) بفتح الميم و ضم اللام فمن قرأ: (إنه عمل غير صالح) لم يقف على: (ما ليس من أهلك)؛ لأن الهاء الثانية تعود على الهاء الأولى(ایضاح الوقف و الابتداء، ص ٣۵٢)

[65] نفائس التأويل    ج‏2    440-۴۴١

[66] سوره یوسف، آیه ١٨

[67] نفائس التأويل، ج‏2، ص: 467

[68] سوره الاسراء، آیه ١۶

[69] ( 5) هي قراءة شاذة، عن أبي عثمان النهدي، و لليث عن أبي عمرو، و أبان عن عاصم.( و انظر القراءات الشاذة لابن خالويه 75).

[70] ( 6) هي قراءة شاذة أيضا، عن خارجة عن نافع( انظر المصدر السابق).

[71] ( 1) حاشية الأصل:« قوله أمرنا، بالتشديد: كثرنا، و آمرنا، بالتخفيف: جعلناهم أمراء؛ و إن شئت فالعكس من ذلك، و الصحيح العكس».

[72] ( 2) الأمالي، 1: 29.

[73] نفائس التأويل    ج‏3    30-٣١

[74] سوره طه، آیه ١۵

[75] نفائس التأويل    ج‏3    214-٢١۵

[76] ( 1) سورة البقرة، الآية: 127.

[77] ( 2) سورة محمد، الآية: 22.

[78] نفائس التأويل    ج‏3 ، ص ۴۴۴-۴۴۵

[79] نفائس التأويل    ج‏3، ص ۴۶١-۴۶٢

[80] ( 1) تنزيه الأنبياء و الأئمة: 150.

[81] نفائس التأويل    ج‏3    466

[82] تنزيه الأنبياء       10۶.











فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است