بسم الله الرحمن الرحیم

کلمات دانی در الهی بودن قرائات و محوریت قرائت نه قاري

فهرست مباحث علوم قرآنی
اختلاف روش قدیمی مدنیین با عراقیین در برخورد با قرائات مأثورة و ذکر حجج و وجوه قرائات
عثمان بن سعيد بن عثمان أَبو عمرو الداني(371 - 444 هـ = 981 - 1053 م)
سخن نحاس سند تاریخی برای نفی قاری محوری‏
شواهد قرائت محوری یا قاری محوری؟
متن کتاب المقنع في رسم مصاحف الأمصار-للداني
متن کتاب المحكم في نقط المصاحف-للداني
متن کتاب النقط-مطبوع مع كتاب المقنع فى رسم مصاحف الأمصار-للداني
متن کتاب الأحرف السبعة للقرآن-للداني
متن کتاب البيان في عدّ آي القرآن-للداني
متن کتاب المكتفى في الوقف والابتدا-للداني
متن کتاب التيسير في القراءات السبع-للداني




جامع البيان في القراءات السبع (1/ 73)
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - حدثني «1» الفقيه المقرئ أبو داود، قال: حدثني شيخنا أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمر الفقيه المقرئ اللغوي الأموي مولى لهم، المعروف بابن الصيرفي، قراءة مني عليه في منزله بمدينة دانية من كتابي، وهو يمسك أصله، في ربيع الآخر سنة أربعين وأربع مائة «2». قلت له: قلتم رضي الله عنكم:
2 - الحمد لله بارئ الأنام بحكمته وفاطر السماوات والأرض بقدرته الأول بلا عديل، والآخر بلا مثيل، والواحد بلا نظير، والقاهر بلا ظهير، ذي العظمة والملكوت،



جامع البيان في القراءات السبع (1/ 103)
46 - قال أبو عمرو: فيما ذكرناه من طرق هذا الخبر المجتمع «1» على صحته كفاية ومقنع، فأما معناه ووجهه: فإني تدبرته وأمعنت النظر فيه بعد وقوفي على أقاويل
المتقدمين من السلف والمتأخرين من الخلف، فوجدته متعلقا بخمسة أسئلة هي محيطة بجميع معانيه، وكل وجوهه:
فأولها: أن يقال: ما معنى الأحرف التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم هاهنا، وكيف تأويلها؟
والثاني: أن يقال: ما وجه إنزال القرآن على هذه السبعة أحرف وما المراد بذلك؟
والثالث: أن يقال: في أي شيء يكون اختلاف هذه السبعة أحرف؟
والرابع: أن يقال: على كم معنى يشتمل اختلاف هذه السبعة أحرف؟
والخامس: أن يقال: هل هذه السبعة أحرف كلها متفرقة في القرآن موجودة فيه في ختمة واحدة، حتى إذا قرأ القارئ القرآن بأي حرف من حروف أئمة القراءة بالأمصار المجتمع على إمامتهم، أو بأي رواية من رواياتهم فقد قرأ بها كلها، أم ليست كلها متفرقة وموجودة في ختمة واحدة بل بعضها، حتى إذا قرأ القارئ القرآن بقراءة من القراءات أو برواية من الروايات فقد قرأ ببعضها لا بكلها؟ وأنا مبين ذلك كله ومجيب عنه وجها وجها إن شاء الله تعالى.



جامع البيان في القراءات السبع (1/ 119)
[أصل اختلاف القراءات]
82 - ووجه هذا الاختلاف في القرآن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل عليه الصلاة والسلام في كل عام عرضة، فلما كان في العام الذي توفي فيه عرض عليه عرضتين «1»، فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يأخذ عليه في كل عرضة بوجه وقراءة من هذه الأوجه والقراءات المختلفة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «إن القرآن أنزل عليها وإنها كلها شاف كاف» «2» وأباح لأمته القراءة بما شاءت منها مع الإيمان بجميعها والإقرار بكلها؛ إذ كانت كلها من عند الله تعالى منزلة، ومنه صلى الله عليه وسلم مأخوذة.
83 - ولم يلزم أمته حفظها كلها ولا القراءة بأجمعها بل هي مخيرة في القراءة بأي حرف شاءت منها كتخييرها إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة بأن تكفر بأي الكفارات شاءت، إما بعتق وإما بإطعام وإما بكسوة، وكذلك المأمور في الفدية بالصيام أو الصدقة أو النسك أي ذلك فعل فقد أدى ما عليه وسقط عنه فرض غيره، فكذا أمروا بحفظ القرآن وتلاوته، ثم خيروا في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءوا؛ إذ كان معلوما أنهم لم يلزموا استيعاب جميعها دون أن يقتصروا منها على حرف واحد، بل قيل لهم: أي ذلك قرأتم أصبتم «1» فدل على صحة ما قلنا.




جامع البيان في القراءات السبع (1/ 123)
93 - وكذلك ما ورد من هذا النوع من اختلاف القراءتين التي لا يصح أن يجتمعا في شيء واحد هذا سبيله؛ لأن كل قراءة منهما بمنزلة آية قائمة بنفسها لا يصح أن يجتمع مع آية أخرى تخالفها في شيء واحد لتضادهما وتنافيهما.

[الأحرف السبعة لا تجمعها رواية ولا قراءة واحدة]
94 - أما هذه السبعة الأحرف فإنها ليست متفرقة في القرآن كلها ولا موجودة فيه في ختمة واحدة بل بعضها، فإذا قرأ القارئ بقراءة من قراءات الأئمة وبرواية من رواياتهم، فإنما قرأ ببعضها لا بكلها «3»، والدليل على ذلك أننا قد أوضحنا قبل أن المراد بالسبعة الأحرف سبعة أوجه من اللغات كنحو اختلاف الإعراب والحركات والسكون، والإظهار والإدغام، والمد والقصر، والفتح والإمالة، والزيادة للحرف ونقصانه، والتقديم والتأخير، وغير ذلك مما شرحناه ممثلا قبل. وإذ كان «4» هذا هكذا فمعلوم أن من قرأ بوجه من هذه الأوجه وقراءة من القراءات ورواية من الروايات لا يمكنه أن يحرك الحرف ويسكنه في حالة واحدة، أو يقدمه ويؤخره، أو يظهره ويدغمه، أو يمده ويقصره، أو يفتحه ويميله إلى ما أشبه هذا من اختلاف تلك الأوجه والقراءات والروايات في حالة واحدة، فدل على صحة ما قلناه.

[الأحرف السبعة كلها صواب]
95 - وهذه القراءات كلها والأوجه بأسرها من اللغات هي التي أنزل القرآن عليها، وقرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقرأ بها وأباح الله تعالى لنبيه القراءة بجميعها،




جامع البيان في القراءات السبع (1/ 126)
99 - أفلا ترى كيف قرأ كل واحد من هؤلاء الصحابة بخلاف ما قرأ به الآخر بدلالة تناكرهم في ذلك، ثم ترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر على واحد منهم ما قرأ به بل أقر أنه كذلك أخذ عليه، وأنه كذلك أنزل، ثم أقره على ذلك فأمره بلزومه وشهد بصواب ذلك كله، وأعلم أن كل واحد منهم في ذلك محسن مجمل مصيب، فدل ذلك على صحيح ما تأولناه.
100 - فأما قوله صلى الله عليه وسلم لمن قرأ عليه من المختلفين في القراءة: «أصبت» وهو حديث يرويه قبيصة بن ذؤيب «1» مرسلا، فمعناه أن كل حرف من الأحرف التي أنزل عليها القرآن كالآخر في كونه كلام الله تعالى الذي تكلم به وأنزله على رسوله، وأن الله سبحانه قد جعل فيه جميع ما جعل في غيره منها من أنه مبارك وأنه شفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين، وأنه عربي مبين، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن قارئه يصيب على أحد الأحرف السبعة من الثواب على قراءته ما يصيب القارئ على غيره منها.



جامع البيان في القراءات السبع (1/ 129)
[ما ينبغي اعتقاده في تاريخ المصحف]
107 - قال أبو عمرو: وجملة ما نعتقده من هذا الباب وغيره من إنزال القرآن وكتابته وجمعه وتأويله وقراءته ووجوهه ونذهب إليه ونختاره: أن القرآن منزل على سبعة أحرف «1» كلها شاف كاف وحق وصواب وأن الله تعالى قد خير القراء في جميعها وصوبهم إذا قرءوا بشيء منها، وأن هذه الأحرف السبعة المختلف معانيها تارة وألفاظها تارة مع اتفاق المعنى ليس فيها تضاد ولا تناف للمعنى ولا إحالة ولا فساد، وإنا لا ندري حقيقة أي هذه السبعة الأحرف كان آخر العرض أو آخر العرض كان ببعضها دون جميعها، وأن جميع هذه السبعة أحرف قد كانت ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضبطتها الأمة على اختلافها عنه، وتلقيها منه، ولم يكن شيء منها مشكوكا فيه ولا مرتابا به.
108 - وأن [7/ ظ] أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ومن بالحضرة من جميع الصحابة قد أثبتوا جميع «2» تلك الأحرف في المصاحف وأخبروا بصحتها وأعلموا بصوابها وخيروا الناس فيها كما كان صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن من هذه الأحرف حرف أبي بن كعب، وحرف عبد الله بن مسعود، وحرف زيد بن ثابت، وأن عثمان رحمه الله تعالى والجماعة إنما طرحوا حروفا وقراءات باطلة غير معروفة ولا ثابتة بل منقولة عن الرسول صلى الله عليه وسلم نقل الأحاديث التي لا يجوز إثبات قرآن وقراءات بها.
109 - وأن معنى إضافة كل حرف مما أنزل الله تعالى إلى من أضيف من الصحابة كأبي وعبد الله وزيد وغيرهم من قبل أنه «1» كان أضبط له وأكثر قراءة وإقراء به وملازمة له وميلا إليه لا غير ذلك. وكذلك «2» إضافة الحروف والقراءات إلى أئمة القراءة بالأمصار، المراد بها «3» أن ذلك القارئ وذلك الإمام اختار القراءة بذلك الوجه من اللغة وآثره على غيره وداوم عليه ولزمه حتى اشتهر وعرف به وقصد فيه وأخذ عنه، فلذلك أضيف إليه دون غيره من القراء، وهذه الإضافة إضافة اختيار ودوام ولزوم لا إضافة اختراع ورأي واجتهاد.
110 - وأن القرآن لم ينزل بلغة قريش فقط دون سائر العرب، وإن كان معظمه نزل بلغة قريش «4»، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن جمع القرآن وكتابته وأمر بذلك «5» وأملاه على كتبته، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى حفظ جميع القرآن جماعة من أصحابه «6»، وحفظ الباقون منه جميعه متفرقا وعرفوه وعلموا مواقعه ومواضعه على وجه ما يعرف ذلك اليوم من ليس من الحفاظ لجميع «7» القرآن.
111 - وأن أبا بكر «8» الصديق وعمر الفاروق وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وجماعة الأئمة أصابوا في جمع القرآن بين لوحين وتحصينه وإحرازه وصيانته، وجروا في كتابته على سنن الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته، وإنهم لم يثبتوا منه شيئا غير معروف ولا ما لم تقم الحجة به ولا رجعوا في العلم بصحة شيء منه وثبوته إلى شهادة الواحد والاثنين، ومن جرى مجراهما، وإن كانوا قد أشهدوا «9» على النسخة التي جمعوها على وجه الاحتياط من الغلط «10»
وطرق «1» الحكم (والإنقاد) «2».
112 - وأن أبا بكر رضي الله عنه قصد في جمع القرآن «3» إلى تثبيته بين اللوحين فقط ورسم جميعه، وأن عثمان رحمه الله تعالى أحسن وأصاب ووفق لفضل عظيم في جمع الناس على مصحف واحد وقراءات محصورة والمنع من غير ذلك، وأن سائر الصحابة من علي رضي الله عنه ومن غيره كانوا متبعين لرأي أبي بكر وعثمان في جمع القرآن «4»، وأنهم أخبروا بصواب ذلك وشهدوا به، وأن عثمان لم يقصد قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمع الصحابة على القراءات الثابتة المعروفة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وألقى ما لم يجر مجرى ذلك وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير، وأنه لم يسقط شيئا من القراءات الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا منع منها ولا حظر القراءة بها؛ إذ ليس إليه ولا إلى غيره أن يمنع ما أباحه الله تعالى وأطلقه وحكم بصوابه، وحكم الرسول صلى الله عليه وسلم للقارئ به أنه محسن مجمل في قراءته «5»، وأن القراء السبعة ونظائرهم من الأئمة متبعون في جميع قراءاتهم الثابتة عنهم التي لا شذوذ فيها، وأن ما عدا ذلك مقطوع على إبطاله وفساده وممنوع من إطلاقه والقراءة به، فهذه الجملة التي نعتقدها ونختارها في هذا الباب، والأخبار الدالة على صحة جميعها كثيرة ولها موضع غير هذا وبالله التوفيق.



جامع البيان في القراءات السبع (1/ 148)
سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قرئ لقرأت حرف كذا كذا «1» وحرف كذا كذا «2».
145 - أخبرنا خلف بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأصبهاني، قال:
حدثنا أحمد بن موسى، قال: حدثني أحمد بن محمد، قال: حدثنا أبو حاتم عن أبي زيد، قال: قلت لأبي عمرو: أكلما أخبرته وقرأت به سمعته؟ قال: لو لم أسمعه من الثقات لم أقرأ به لأن القراءة سنة «3».
146 - أخبرنا عبد العزيز بن جعفر، قال: نا عبد الواحد بن عمر قال: نا الحسن ابن علي، قال: حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا الأصمعي، قال: سمعت نافعا يقرأ يقص الحق [الأنعام: 57]، فقلت لنافع: إن أبا عمرو يقرأ يقض، وقال: القضاء مع «4» الفصل، فقال: وي يا أهل العراق! تقيسون في القرآن «5».
147 - أخبرنا الخاقاني، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال [نا] «1» أبو بكر «2» ابن عبد الله بن أحمد، قال: حدثنا يوسف بن جعفر، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن محمد بن السري، قال: نا سالم بن منصور عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أنه قال لمالك بن أنس: لم قرأتم في ص ولى نعجة وحدة [ص: 23] موقوفة الياء، وقرأتم في قل يأيها الكفرون [الكافرون: 1] ولى [الكافرون: 6] منتصبة الياء؟
فقال مالك: يا أهل الكوفة لم يبق لكم من العلم إلا كيف ولم، القراءة سنة تؤخذ من أفواه الرجال، فكن متبعا ولا تكن مبتدعا «3».
148 - أخبرنا الخاقاني، قال: نا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثنا يوسف بن جعفر، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: نا القعنبي قال:
قيل لمالك بن أنس: كيف قرأتم في سورة سليمان ما لى لا أرى الهدهد [النمل:
20] مرسلة الياء، وقرأتم في سورة يس وما لى لا أعبد [يس: 22] منتصبة الياء؟
قال: فذكر مالك كلاما، ثم قال: لا تدخل على كلام ربنا لم وكيف، وإنما هو سماع وتلقين، أصاغر عن أكابر، والسلام «1».
149 - حدثنا عبد العزيز بن محمد أن عبد الواحد بن عمر حدثهم، قال:
أخبرني الحسن بن محمد في كتابه، قال: نا أبي، قال: نا محمد بن عيسى، قال:
سمعت حماد بن بحر يقول: قال الكسائي: لو قرأت على قياس العربية لقرأت كبره [النور: 11] برفع الكاف، لأنه أراد عظمه ولكني قرأت على الأثر «2».
150 - قال أبو عمرو: الأخبار الواردة عن السلف والأئمة والعلماء بهذا المعنى كثيرة وفيما ذكرنا منها كفاية ومقنع وبالله التوفيق.



جامع البيان في القراءات السبع (1/ 261)
[سبب اختلاف روايات القراءة عن الأئمة]
542 - قال أبو عمرو: فإن قال قائل: إن أبا بكر بن عياش، وحفص بن سليمان، على ما رويته عن القدوة، وحكينا «1» عن الجلة، أضبط من عرض على عاصم اختياره، وروى عنه حروفه، فما بالهما اختلفا عليه اختلافا شديدا متفاوتا؟ حتى صار ما رواه كل واحد منهما عنه، كأنه قراءة على حدة؟ هل ذلك لسوء نقل؟ واختلال حفظ وقلة ضبط من أحدهما؟ أو اختلاط ونسيان ووهم دخلهما؟
543 - قلت: لم يتفاوت الاختلاف بينهما عنه لشيء من ذلك؛ إذ كانا من الشهرة والإتقان وحسن الاضطلاع «2» والمعرفة بنقل الحروف، بموضع لا يجهل ومكان لا ينكر، بل تفاوت ذلك بينهما من جهة [22/ ظ] صحيحة، لا مدخل «3» للطعن عليها، ولا سبيل للقدح فيها، وهي: أن عاصما أقرأ كل واحد منهما بمذهب، غير المذهب الذي أقرأ به الآخر، على ما نقله عن سلفه، وقرأه عن أئمته. والاختلاف بين الصحابة والتابعين في حروف القرآن، قد كان موجودا مستفيضا، وقد جاء هذا المعنى مفسرا عن عاصم نفسه.
544 - فحدثنا فارس بن أحمد، قال: حدثنا عبد الله بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن شنبوذ، قال: أخبرني جدي الصلت، قال: قال لي أبو شعيب القواس، قال [لي حفص] «4»، قال لي عاصم: ما كان من القراءة التي أقرأتك بها، فهي القراءة التي قرأت بها على أبي عبد الرحمن عن علي بن أبي طالب، وما كان من القراءة التي أقرأت بها أبا بكر بن عياش، فهي القراءة التي كنت أعرضها على زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود «5».
545 - قال أبو عمرو: ولهذا المعنى نفسه، وقع الخلاف أيضا بين أصحاب أبي بكر الأعلام وتفاوت؛ لأنه يجوز أن يكون قد روى ذلك كله- على اختلافه- عن عاصم سماعا في أوقات مختلفة، وأخذه عنه أداء في عرضات متفرقة، على حسب ما نقله عن سلفه، وسمعه من أئمته. ولهذا السبب أيضا نفسه، ورد الاختلاف بين الرواة عن الأئمة. وبين أصحابهم؛ لأن كل واحد من أئمة القراءة، قد عرض على جماعة من السلف في مصره، وفي غير مصره وشاهدهم، وسمع منهم، وروى الحروف عنهم، وهم لا شك مختلفون فيها، على نحو ما علموه وتلقوه وأدي إليهم، وأذن لهم فيه من الوجوه المفترقة، واللغات والقراءات المختلفة. فهو تارة يقرئ بحرف من تلك الحروف، وتارة يقرئ بهما معا «1»؛ لصحتهما عنده في الأثر ونشرهما «2» لديه في الاستعمال، فهي- كلها على اختلافها واتفاقها، وتغاير ألفاظها واختلاف معانيها- عن السلف منقولة، ومن الصحابة مأخوذة، ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسموعة، ومن عند الله عز وجل منزلة. وسبيل اختلاف الناقلين لها من الأئمة، سبيل من دونهم من الراوين، وشبه ما ذكرناه وبينا صحته، وبالله التوفيق.
__________
(1) كذا في ت، م.
(2) في ت: (الاطلاع). والذي في م أليق بالمقام، وفي هامش ت ل 22/ ظ: الاضطلاع نسخة.
(3) في ت، م: (لا يدخل). ولا يستقيم بها السياق.
(4) زيادة لا بد منها لأن القواس قرأ على حفص، ولم يدرك عاصما. انظر غاية 1/ 334.
(5) الصلت بن شنبوذ، روى عن ابي شعيب القواس روى عنه حفيده محمد بن أحمد، غاية 1/ 336.
- أبو شعيب هو صالح بن محمد، القواس، تقدم وهكذا سائر رجال الإسناد.







الأحرف السبعة للقرآن (ص: 46)
أصل اختلاف القراءات
46 - ووجه هذا الاختلاف في القرآن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل عليه الصلاة والسلام في كل عام عرضة فلما كان في العام الذي توفى فيه عرضه عليه عرضتين فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يأخذ عليه في كل عرضة بوجه وقراءة من هذه الأوجه والقراءات المختلفة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم إن القرآن أنزل عليها وإنها كلها شاف كاف وأباح لأمته القراءة بما شاءت منها مع الإيمان بجميعها والإقرار بكلها إذ كانت كلها من عند الله تعالى منزلة ومنه صلى الله عليه وسلم مأخوذة
47 - ولم يلزم أمته حفظها كلها ولا القراءة بأجمعها بل هي مخيرة في القراءة بأي حرف شاءت منها كتخييرها إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة بأن تكفر بأي الكفارات شاءت إما بعتق وإما بإطعام وإما بكسوة وكذلك المأمور في الفدية بالصيام أو الصدقة أو النسك أي ذلك فعل فقد أدى ما عليه وسقط عنه فرض غيره فكذا أمروا بحفظ القرآن وتلاوته ثم خيروا في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءوا إذ كان معلوما أنهم لم يلزموا استيعاب جميعها دون أن يقتصروا منها على حرف واحد بل قيل لهم أي ذلك قرأتم أصبتم فدل على صحة ما قلنا



الأحرف السبعة للقرآن (ص: 53)
الأحرف السبعة كلها صواب
59 - وهذه القراءات كلها والأوجه بأسرها من اللغات هي التي أنزل القرآن عليها وقرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرا بها وأباح الله تعالى لنبيه القراءة بجميعها وصوب الرسول صلى الله عليه وسلم من قرأ ببعضها دون بعض كما تقدم في حديث عمر رضي الله عنه وفي حديث أبي بن كعب وعمرو بن العاص وغيرهم
60 - وكما حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الفرائضي قال حدثنا محمد بن عمر قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة قال أخبرني عبد الملك بن ميسرة قال سمعت النزال بن سبرة قال سمعت عبد الله قال سمعت رجلا قرأ آية سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم خلافها فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كلاكما محسن
61 - وحدثنا الخاقاني قال حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا علي قال حدثنا القاسم قال حدثنا حجاج عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة عن ابن مسعود قال سمعت رجلا يقرأ آية وسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافها فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فعرفت في وجهه الغضب ثم قال كلاكما محسن إن من قبلكم اختلفوا فأهلكهم ذلك
62 - وحدثنا طاهر بن غلبون قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن علي قال حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله قال قلت لرجل أقرئني من الأحقاف ثلاثين آية فأقرأني خلاف ما أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لآخر اقرأ فقرأ خلاف ما أقرأني الأول فأتيت بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب فقال علي قال لكم اقرؤوا كما قد علمتم
63 - أفلا ترى كيف قرأ كل واحد من هؤلاء الصحابة بخلاف ما قرأ به الآخر بدلالة تناكرهم في ذلك ثم ترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر على واحد منهم ما قرأ به بل أقر أنه كذلك أخذ عليه وأنه كذلك أنزل ثم أقره على ذلك فأمره بلزومه وشهد بصواب ذلك كله واعلم أن كل واحد منهم في ذلك محسن مجمل مصيب فدل ذلك على صحيح ما تأولناه
64 - فأما قوله صلى الله عليه وسلم لمن قرأ عليه من المختلفين في القراءة أصبت وهو حديث يرويه قبيصة بن ذؤيب مرسلا فمعناه أن كل حرف من الأحرف التي أنزل عليها القرآن كالآخر في كونه كلام الله تعالى الذي تكلم به وأنزله على رسوله وأن الله سبحانه قد جعل فيه جميع ما جعل في غيره منها من أنه مبارك وأنه شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين وأنه عربي مبين وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأن قارئه يصيب على أحد الأحرف السبعة من الثواب على قراءته ما يصيب القارئ على غيره منها
65 - وكذا قوله صلى الله عليه وسلم كل شاف كاف أي يشفي من التمس علمه وحكمته ويكفي من التمس بتلاوته الفضيلة والثواب كما يشفي ويكفي غيره من سائر الأحرف لما فيه
66 - وكذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر أحسنت أي أحسنت القصد لالتماس الثواب بقراءة القرآن على الحروف التي أقرئتها وأحسنت في الثبات على ما كان معك من الأحرف السبعة إذ هي متساوية




الأحرف السبعة للقرآن (ص: 60)
ما ينبغي اعتقاده في الأحرف والقراءات وتاريخ المصحف
71 - قال أبو عمرو وجملة ما نعتقده من هذا الباب وغيره من إنزال القرآن وكتابته وجمعه وتأليفه وقراءته ووجوهه ونذهب إليه ونختاره فأن القرآن منزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف وحق وصواب وأن الله تعالى قد خير القراء في جميعها وصوبهم إذا قرؤوا بشيء منها وأن هذه الأحرف السبعة المختلف معانيها تارة وألفاظها تارة مع اتفاق المعنى ليس فيها تضاد ولا تناف للمعنى ولا إحالة ولا فساد وأنا لا ندري حقيقة أي هذه السبعة الأحرف كان آخر العرض أو آخر العرض كان ببعضها دون جميعها وأن جميع هذه السبعة أحرف قد كانت ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضبطتها الأمة على اختلافها عنه وتلقتها منه ولم يكن شيء منها مشكوكا فيه ولا مرتابا به
72 - وأن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ومن بالحضرة من جميع الصحابة قد أثبتوا جميع تلك الأحرف في المصاحف وأخبروا بصحتها وأعلموا بصوابها وخيروا الناس فيها كما كان صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن من هذه الأحرف حرف أبي بن كعب وحرف عبد الله بن مسعود وحرف زيد بن ثابت وأن عثمان رحمه الله تعالى والجماعة إنما طرحوا حروفا وقراءات باطلة غير معروفة ولا ثابتة بل منقولة عن الرسول صلى الله عليه وسلم نقل الأحاديث التي لا يجوز إثبات قرآن وقراءات بها
73 - وأن معنى إضافة كل حرف مما أنزل الله تعالى إلى من أضيف من الصحابة كأبي وعبد الله وزيد وغيرهم من قبل أنه كان أضبط له وأكثر قراءة وإقراءا به وملازمة له وميلا إليه لا غير ذلك وكذلك إضافة الحروف والقراءات إلى أئمة القراءة بالأمصار المراد بها أن ذلك القارئ وذلك الإمام اختار القراءة بذلك الوجه من اللغة وآثره على غيره وداوم عليه ولزمه حتى اشتهر وعرف به وقصد فيه وأخذ عنه فلذلك أضيف إليه دون غيره من القراء وهذه الإضافة إضافة اختيار ودوام ولزوم لا إضافة اختراع ورأي واجتهاد
74 - وأن القرآن لم ينزل بلغة قريش فقط دون سائر العرب وإن كان معظمه نزل بلغة قريش وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن جمع القرآن وكتابته وأمر بذلك وأملاه على كتبته وأنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى حفظ جميع القرآن جماعة من أصحابه وحفظ الباقون منه جميعه متفرقا وعرفوه وعلموا مواقعه ومواضعه على وجه ما يعرف ذلك اليوم من ليس من الحفاظ لجميع القرآن
75 - وأن أبا بكر الصديق وعمر الفاروق وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وجماعة الأمة أصابوا في جمع القرآن بين لوحين وتحصينه وإحرازه وصيانته وجروا في كتابته على سنن الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته وأنهم لم يثبتوا منه شيئا غير معروف ولا ما لم تقم الحجة به ولا رجعوا في العلم بصحة شيء منه وثبوته إلى شهادة الواحد والاثنين ومن جرى مجراهما وإن كانوا قد أشهدوا على النسخة التي جمعوها على وجه الاحتياط من الغلط وطرق الحكم والانقاد
76 - وأن أبا بكر رضي الله عنه قصد في جمع القرآن إلى تثبيته بين اللوحين فقط ورسم جميعه وأن عثمان رحمه الله تعالى أحسن وأصاب ووفق لفضل عظيم في جمع الناس على مصحف واحد وقراءات محصورة والمنع من غير ذلك وأن سائر الصحابة من علي رضي الله عنه ومن غيره كانوا متبعين لرأي أبي بكر وعثمان في جمع القرآن وأنهم أخبروا بصواب ذلك وشهدوا به وأن عثمان لم يقصد قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين وإنما قصد جمع الصحابة على القراءات الثابتة المعروفة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وألقى ما لم يجر مجرى ذلك وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير
77 - وأنه لم يسقط شيئا من القراءات الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا منع منها ولا حظر القراءة بها إذ ليس إليه ولا إلى غيره أن يمنع ما أباحه الله تعالى وأطلقه وحكم بصوابه وحكم الرسول صلى الله عليه وسلم للقارئ به أنه محسن مجمل في قراءته وأن القراء السبعة ونظائرهم من الأئمة متبعون في جميع قراءاتهم الثابتة عنهم التي لا شذوذ فيها وأن ما عدا ذلك مقطوع على إبطاله وفساده وممنوع من إطلاقه والقراءة به فهذه الجملة التي نعتقدها ونختارها في هذا الباب والأخبار الدالة على صحة جميعها كثيرة ولها موضع غير هذا وبالله التوفيق






السبعة في القراءات (ص: 87)
وعلى قراءة ابن عامر أهل الشام وبلاد الجزيرة إلا نفرا من أهل مصر فإنهم ينتحلون قراءة نافع والغالب على أهل الشام قراءة ابن عامر
فهؤلاء سبعة نفر من أهل الحجاز والعراق والشام خلفوا في القراءة التابعين وأجمعت على قراءتهم العوام من أهل كل مصر من هذه الأمصار التي سميت وغيرها من البلدان التي تقرب من هذه الأمصار إلا أن يستحسن رجل لنفسه حرفا شاذا فيقرأ به من الحروف التي رويت عن بعض الأوائل منفردة فذلك غير داخل في قراءة العوام
ولا ينبغي لذي لب أن يتجاوز ما مضت عليه الأئمة والسلف بوجه يراه جائزا في العربية أو مما قرأ به قارىء غير مجمع عليه






فضائل القرآن للقاسم بن سلام (ص: 328)
حروف القرآن التي اختلفت فيها مصاحف أهل الحجاز وأهل العراق، وهي اثنا عشر حرفا
حدثنا إسماعيل بن جعفر المديني، أن أهل الحجاز، وأهل العراق اختلفت مصاحفهم في هذه الحروف.
قال: كتب أهل المدينة في سورة البقرة ....
... باب وهذه الحروف التي اختلفت فيها مصاحف أهل الشام وأهل العراق وقد وافقت أهل الحجاز في بعض وفارقت بعضا
قال أبو عبيد: قد ذكرنا ما خالفت فيه مصاحف أهل الحجاز وأهل الشام مصاحف أهل العراق،
فأما العراق نفسها فلم تختلف مصاحفها فيما بينها إلا خمسة أحرف بين مصاحف الكوفة والبصرة.
كتب الكوفيون في سورة الأنعام: ....
وكتبها البصريون: لئن أنجيتنا بالتاء.
.... قال أبو عبيد: هذه الحروف التي اختلفت في مصاحف الأمصار، ... وهي كلها عندنا كلام الله، والصلاة بها تامة إذ كانت هذه حالها