شعر كثير عزة

كُثَيِّر عَزَّة الشاعر كُثَّيِّر بن عبد الرحمن
كُثَيِّر عَزَّة الشاعر كُثَّيِّر بن عبد الرحمن(000 - 105 هـ = 000 - 723 م)
شعر كثير عزة
شعر كثير شاعر راجع به غیبت








الفرق بين الفرق (ص: 28)

المؤلف: عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله البغدادي التميمي الأسفراييني، أبو منصور (المتوفى: 429هـ)

وَكَانَ كثير الشَّاعِر على مَذْهَب الكيسانية الَّذين ادعوا حَيَاة مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وَلم يصدقُوا بِمَوْتِهِ وَلذَا قَالَ فِي قصيدة لَهُ ... أَلا إِن الْأَئِمَّة من قُرَيْش

وُلَاة الْحق أَرْبَعَة سَوَاء ... على وَالثَّلَاثَة من بنيه هم الاسباط لَيْسَ بهم خَفَاء



فسبط سبط ايمان وبر

وسبط غيبته كربلاء ... وسبط لَا يَذُوق الْمَوْت حَتَّى

يَقُود الْخَيل يقدمهَا اللِّوَاء ... تغيب لَا يرى فيهم زَمَانا

برضوى عِنْده عسل وَمَاء ...




قَالَ عبد القاهر أجبناه عَن أبياته هَذِه بقولنَا ... وُلَاة الْحق أَرْبَعَة وَلَكِن

لثاني اثْنَيْنِ قد سبق الْعَلَاء ... وفاروق الورى أضحى إِمَامًا

وَذُو النونين بعد لَهُ الْوَلَاء ... على بعدهمْ أضحى إِمَامًا

بترتيبي لَهُم نزل الْقَضَاء ... ومبغض من ذَكرْنَاهُ لعين

وفى نَار الْجَحِيم لَهُ الْجَزَاء ... وَأهل الرَّفْض قوم كالنصارى

حيار بِي مَا لحيرتهم دَوَاء ...




وَقَالَ كثير أَيْضا فِي رفضه ... بَرِئت الى الْإِلَه من ابْن أروى

وَمن دين الْخَوَارِج أجمعينا ... وَمن عمر بَرِئت وَمن عَتيق

غَدَاة دعى أَمِير المؤمنينا ...




وَقد أجبناه عَن هذَيْن الْبَيْتَيْنِ ... بَرِئت من الْإِلَه ببغض قوم

بهم أَحْيَا الْإِلَه المؤمنينا ... وَمَا ضرّ ابْن أروى مِنْك بغض

وبغض الْبر دين الكافرينا ... ابو بكر بِهِ جدلى إِمَام

على زعم الروافض اجمعينا ... وفاروق الورى عمر بِحَق

يُقَال لَهُ أَمِير المؤمنينا ...



أَلا قل للوصى فدتك نَفسِي

أطلت بذلك الْجَبَل المقاما ... أضرّ بمعشر والوك منا

وسموك الْخَلِيفَة والإماما ... وعادوا فِيك اهل الأَرْض طرا

مقامك عِنْدهم سِتِّينَ عَاما ...




ثمَّ قَالَ فِي هَذِه القصيدة ... وَمَا ذاق بن خَوْلَة طعم موت

وَلَا وارت لَهُ ارْض عظاما ... لقد أَمْسَى بمجرى شعب رضوى

تراجعه الْمَلَائِكَة الكلاما ... وَإِن لَهُ لرزقا من إِمَامًا

وأشربة يعل بهَا الطعاما ...




وَقد أجبناه عَن هَذَا الشّعْر بقولنَا ... لقد أفنيت عمرك بانتظار

لمن وارى التُّرَاب لَهُ عظاما ... فَلَيْسَ بشعب رضواء إِمَام

تراجعه الْمَلَائِكَة الكلاما ... وَلَا من عِنْده عسل وَمَاء

وأشربة يعل بهَا الطعاما ... وَقد ذاق ابْن خَوْلَة طعم موت

كَمَا قد ذاق وَالِده الحماما ... وَلَو خلد أمرؤ لعلو مجد

لعاش الْمُصْطَفى ابدا وداما ...




وَكَانَ الشَّاعِر الْمَعْرُوف بالسيد الحميرى ايضا على مَذْهَب الكيسانية الَّذين ينتظرون مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة ويزعمون أَنه مَحْبُوس بجبل رضوى الى أَن يُؤذن لَهُ بِالْخرُوجِ وَلِهَذَا قَالَ فِي شعر لَهُ ... وَلَكِن كل من فى الأَرْض فان

بذا حكم الذى خلق الإماما ...















أنساب الأشراف للبلاذري (2/ 201)

«249» وقال الواقدي: مات ابن الحنفية سنة اثنتين وثمانين وله خمس وستون سنة، وصلى عليه أبان بن عثمان وهو والي المدينة وقال له أبو هاشم بن محمد بن الحنفية: أن الإمام أولى بالصلاة، ولولا ذلك ما قدمناك.

وقال بعضهم: إن أبا هاشم أبى ان يصلي عليه أبان، فقال (أبان) :

أنتم أولى بميتكم فصلى عليه أبو هاشم.

وكانت الشيعة تسمي محمد بن علي (با) لمهدي [1] وقال فيه كثير (عزة) - وكان يزعم أن الأرواح تتناسخ [2] وتحتج بقول الله عز وجل:

«في أي صورة ما شاء ركبك» (8/ الانفطار: 82) -:



أقر الله عيني إذ دعاني ... أمين الله يلطف في السؤال

وأثنى في هواي علي خيرا ... وساءل عن بني وكيف حالي

هو المهدي خبرناه كعب ... أخو الأحبار في الحقب الخوالي [1]

فقال له علي بن عبد الله بن جعفر: يا (أ) با صخر ما تثني عليك في هواك خيرا إلا من كان على مثل رأيك. فقال: أجل بأبي أنت.

وشيعة محمد بن الحنفية يزعمون أنه لم يمت ولذلك قال السيد:

ألا قل للوصي فدتك نفسي ... أطلت بذلك الجبل المناما [2]

(قال البلاذري:) يعني (جبل) رضوى.

وقال كثير:

ألا إن الأئمة من قريش ... ولاة الحق أربعة سواء

علي والثلاثة من بنيه ... هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط ايمان وبر ... وسبط غيبته كربلاء

__________

[1] والأشعار ذكرها المسعودي- بتقديم وتأخير- في عنوان: «ابن الزبير وال بيت الرسول» من كتاب مروج الذهب: ج 3/ 71 ط بيروت نقلا عن الزبير بن بكار، في كتاب أنساب قريش وأنساب ال أبي طالب، وقال: قال فيه أشعارا هذه أولها.

[2] وهذا أيضا ذكره في مروج الذهب عن المصدر المتقدم وزاد عما هنا:

أضر بمعشر والوك منا ... وسموك الخليفة والإماما

وعادوا فيك أهل الارض طرا ... مغيبك عنهم سبعين عاما

وما ذاق ابن خولة طعم موت ... ولا وارت له أرض عظاما

لقد أمسى بمردف (بمورق «خ» ) شعب رضوى ... تراجعه الملائكة الكلاما















وسبط لا تراه العين حتى ... يقود الخيل يقدمها اللواء [1]

تغيب لا يرى فيهم زمانا ... برضوى عنده عسل وماء

وقال السيد:

أيا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى [2] ... ويهيج قلبي الصبابة أولق

حتى متى وإلى متى وكم المدى؟ ... يا بن الوصي وأنت حي ترزق

وزعم بعضهم أن اخت محمد بن علي لأمه (هي) عوانة بنت أبي مكمل من بني عفان.

__________

[1] وكانت كلمة لواء في النسخة منكرة وذكرها أيضا في مروج الذهب عن المصدر المتقدم وفيه هكذا: يقود الخيل يتبعها اللواء.

وقال في هامشه: وفي نسخة: «يقود الخيل يقدمها اللواء» .

[2] وفي مروج الذهب نقلا عن المصدر المتقدم هكذا:

يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى ... وبنا إليه من الصبابة أولق

حتى متى؟ والى متى؟ وكم المدي إلخ.

ومثله في الحديث: (11) من ترجمة ابن الحنفية من تاريخ دمشق.












الفصول المختارة 299 فصل في معنى نسبة الإمامية ..... ص : 296

و كان كثير عزة كيسانيا و مات على ذلك و له في مذهب الكيسانية قوله‏

ألا إن الأئمة من قريش ولاة الحق أربعة سواء

علي و الثلاثة من بنيه هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط إيمان و بر و سبط غيبته كربلاء

و سبط لا يذوق الموت حتى يقود الخيل يقدمها اللواء

يغيب فلا يرى فيهم زمانا برضوى عنده عسل و ماء












مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، ج‏2، ص: 302

قال جابر ما تركت حمل ميت مذ سمعت هذا من رسول الله ص‏

14 و قال ص من تبع السرير فحمل بجوانبه الأربع غفر الله له أربعين كبيرة

2034- «6» ابن شهرآشوب في معالم العلماء، قال لما مات كثير رفع جنازته الباقر ع و عرقه يجري‏

2035 «7» السيد عليخان المدني في الدرجات الرفيعة، عن يزيد بن عروة قال غلب النساء على جنازة كثير يبكينه و يذكرن عزه في ندبتهن قال فقال أبو جعفر محمد بن علي ع أفرجوا لي عن جنازة الموالي عن جنازة « (1)» كثير لأرفعها قال فجعلنا ندفع عنها النساء و جعل يضربهن محمد ع بكمه و يقول تنحين يا صواحبات يوسف الخبر


__________________________________________________

6- معالم العلماء ص 152.

7- الدرجات الرفيعة ص 590.

(1) ليس في المصدر.































رديف : 4279

كتاب : الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة

نويسنده : السيد علي خان المدني الشيرازي

جلد :

وفات : 1120

رده‌ : مهمترين مصادر رجال شيعه

خطى : خير

تحقيق : تقديم : السيد محمد صادق بحر العلوم

چاپ :

سال چاپ : 1397

چاپخانه :

ناشر : منشورات مكتبة بصيرتي - قم

شابك :




الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة - ص 581




( أبو صخر )

كثير بن عبد الرحمن بن أبي جمعة الأسود بن عامر بن عويمر بن خالد بن

سعيد بن خثيمة بن سعد بن مليح بضم الميم ابن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو

مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن أزد

ابن قمعة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الخزاعي الحجازي الشاعر

المشهور أحد عشاق العرب المشهورين به صاحب عزة بنت جميل الآتي ذكرها

له معها حكايات ونوادر وأمور مشهورة وأكثر شعره فيها .

وكان ابن أسحق يقول كثير أشعر أهل الإسلام وكانت له منزلة عند قريش

وقدر وكان عبد الملك معجبا بشعره فقال يوما كيف ترى شعري يا أمير المؤمنين

فقال أراه يسبق السحر ويغلب الشعر فقال من أشعر الناس يا أبا صخر فقال

من يروى أمير المؤمنين شعره فقال له عبد الملك إنك لمنهم .

ويحكى ان الفرزدق لقى كثيرا فقال له أنت يا أبا صخر أنسب العرب حيث نقول :

أريد لأنسى ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلى بكل سبيل

فقال له كثير وأنت يا أبا فراس أفخر العرب حيث تقول :

ترى الناس ما سرنا يسيرون حولنا * وأن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا

وقال الجمحي كان لكثير في النسيب نصيب وافر وكانت له من فنون الشعر

ما كانت لجميل وكان راوية جميل وأنما صغر اسمه لقصره وحقارته .

وقال الوقاصي رأيت كثيرا يطوف بالبيت فمن حدثك انه يزيد على

ثلاثة أشبار فلا تصدقه وكان إذا دخل على عبد الملك أو أخيه عبد العزيز يقول

له طأطئ رأسك لا يصيبه السقف وكان عبد الملك يحب النظر إلى كثير فلما

ورد عليه فإذا هو قصير حقير تزدريه العين فقال تسمع بالمعيدي خير من أن

تراه فيقول مهلا يا أمير المؤمنين فإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه ان نطق نطق

ببيان وان قاتل قاتل بجنان وانا الذي أقول .

ترى الرجل النحيف فتزدريه * وفى أثوابه أسد هصور

ويعجبك الطرير فتبتليه * فيخلف ظنك الرجل الطرير

وما عظم الرجال لها بزين * ولكن زينها كرم وخير

بغاث الطير أطولها جسوما * ولم تطل البزاة ولا الصقور

وقد عظم البعير بغير لب * فلا يستغن بالعظم البعير

فيركب ثم يضرب بالهراوي * فلا عرف لديه ولا نكير

يجرره الصبى بكل سهب * ويحبسه على الخسف الجرير

فاعتذر إليه عبد الملك ورفع مجلسه ونسب في الحماسة هذه الأبيات إلى

العباس بن مرداس ويحتمل ان يكون كثير تمثل بها .

وكان أول أمره مع عزة انه مر بنسوة من بنى خمرة ومعه جلب غنم

فأرسلن إليه عزة وهي صغيرة فقالت يقبل لك النسوة بعنا كبشا من هذه الغنم

وانسئنا بثمنه إلى أن ترجع فأعطاها كبنا فأعجبته فلما رجع جائته امرأة منهن

بدراهمه فقال وأين الصبية التي أخذت منى الكبش قالت وما تصنع بها هذه

دراهمك قال لا آخذ دراهمي إلا ممن دفعت إليها الكبش وهو يقول :

قضى كل ذي دين فوفى غريمه * وعزة ممطول معنى غريمها

فقلن له أبيت إلا هذه وأبرزنها له وهي كارهة ثم إنها أحبته بعد ذلك

حبا شديدا أشد من حبه لها .

وحكى ان عزة دخلت يوما على أم البنين بنت عبد العزيز فقالت أرأيت

قول كثير : ( قضى كل ذي دين ) البيت ما كان ذلك الدين قالت وعدته قبل

وخرجت منها قالت انجزيه وعلى اثمها .

وكان لكثير غلام عطار بالمدينة وربما باع نساء العرب بالنسيئة فأعسر

على عزة بعطر فمطلته أياما وحضرت إلى حانوته في نسوة فطالبها فقالت حبا

وكرامة ما أقرب الوفاء وأسرع فأنشد متمثلا : ( قضى كل ذي دين فوفى غريمه )

فقالت النسوة أتدري من غريمتك قال لا والله قلن هي عزة قال أشهدكم إنها في

حل مما لي عندها ثم مضى إلى سيده فأخبره بذلك فقال كثير وانا اشهد الله إنك حر

لوجهه ووهبه جميع ما في الحانوت من العطر وله في مطالها بالوعد شعر كثير منه :

أقول لها عزيز مطلت ديني * وشر الغانيات ذوا المطالي

فقالت ويح غيرك كيف أقضى * غريما ما ذهبت له بمالي

وعن الهيثم بن عدي ان عبد الملك سأل كثيرا عن أعجب خبر له مع

عزة فقال حججت سنة من السنين وحج زوج عزة بها ولا يعلم أحد بصاحبه

فلما كنا في بعض الطريق أمرها زوجها بابتياع سمن يصلح به طعاما لأهل رفقته

فجعلت تدور الخيام خيمة خيمة حتى دخلت إلى وهي لم تعلم أنها خيمتي وكنت

أبرى أسهما لي فلما رأيتها جعلت أبرى وانا أنظر إليها ولا أعلم حتى بريت ذراعي

مرات وأنا لا أشعر والدم يجرى فلما تبينت ذلك دخلت إلى وأمسكت يدي

وجعلت تمسح الدم عنها بثوبها وكان عندي نحى من سمن فحلفت لتأخذنه فاخذته

وجاءت إلى زوجها بالسمن فلما رأى ثوبها سألها عن خبره فكاتمته حتى حلف

عليها لتصدقنه فصدقته فضربها وحلف ليشتمني في وجهي فوقفت على وهو معها

فقالت لي يا بن الزانية وهي تبكي ثم انصرفا فذلك حين أقول :

يكلفها الخنزير شتمي وما بها * هواني ولكن للمليك استذلت

وهذا البيت من قصيدة له هي من محاسن شعره أولها :

خليلي هذا ربع عزة فاعقلا * قلوصيكما ثم أبكيا حيث حلت

وما كنت أدرى قبل عزة ما البكا * ولا موجعات القلب حتى تولت

فلا يحسب الواشون ان صبابتي * بعزة كانت غمرة فتجلت

فوالله ثم الله ما حل قبلها * ولا بعدها من خلة حيث حلت

وما مر من يوم على كيومها * وان عظمت أيام أخرى وجلت

وكانت لقطع الحبل بيني وبينهما * كناذرة نذرا فأوفت وبرت

فقلت لها يا عز كل مصيبة * إذا وطنت يوما لها النفس ذلت

ولم يلق إنسان من الحب منعة * تعم ولا عمياء الا تجلت

أباحت حمى لم ترعها النفس قبلها * وحلت تلاعا لم تكن قبل حلت

أريد ثواء عندها وأظنها * إذا ما أطلنا عندها المكث ملت

فوالله ما قاربت إلا تباعدت * بهجر ولا أكثرت إلا أقلت

يكلفها الخنزير شتمي وما بها * هواني ولكن للمليك استذلت

هنيئا مريئا غير داء مخامر * لعزة من أعراضنا ما استحلت

فان تكن العتبى فأهلا ومرحبا * وحقت لها العتبى علينا وقلت

وان تكن الأخرى فان ورائنا * مناويح لو سارت بها العيس كلمت

أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة * لدينا ولا مقلية ان تقلت

فما انا بالداعي لعزة بالردى * ولا شامت ان نعل عزة زلت

وأبى وتهيامي بعزة بعدما * تخليت عما بيننا وتخلت

لكا المبتغى ظل الغمامة كلما * تبوأ منها للمقيل اضمحلت

كأني وإياها غمامة ممحل * رجاها فلما جاوزته استهلت

كأني أنادي صخرة حين أعرضت * من الصم لو تمشى بها العصم زلت

صفوحا فما نلقاك إلا نجيلة فمن حل منها ذلك الميل ملت

فما أنصفت أما النساء فبغضت * إلى وأما بالنوال فضنت

فواعجبا للقلب كيف اعتزازه * وللنفس لما وطنت كيف ذلت

وكنا عقدنا عقدة الوصل بيننا * فلما توافقنا شددت وحلت

وكنا سلكنا في صعود من الهوى * فلما توافينا ثبت وزلت

فان سأل الواشون فيم سلوتها * فقل نفس حر سليت فتسلت

وللعين تذراف إذا ما ذكرتها * وللقلب وسواس إذ العين ملت

فكنت كذا رجلين رجل صحيحة * وأخرى رمها الزمان فشلت

ولى عبرات لويد من قتلنني * توالى التي ما بالتي قد تولت

فليت قلوصي عند عزة قيدت * بحبل ضعيف بان منها فضلت

وأصبح في القوم المقيمين رحلها * وكان لها باع سواي فشلت

تمنيتها حتى إذا ما وليتها * رأيت المنايا شرعا قد أطلت

أصاب الردى من كان يبغي لها الردى * وجن اللواتي قلن عزة جنتي

عليها تحيات السلام هدية * لها كل حين مقبل حيث حلت

وعن يعقوب بن عبد الله الأسدي ومحمد بن صالح الأسلمي قال دخلت

عزة على عبد الملك بن مروان وقد عجزت فقال لها أنت عزة كثير فقالت انا عزة

بنت جميل قال أنت الذي يقول لك كثير :

لعزة نار ما تبوح كأنها * إذا ما رمقناها من البعد كوكب

فما الذي أعجبه منك قالت يا أمير المؤمنين إني كنت في عهدي أحسن من

النار في الليلة القرة .

وفى حديث محمد بن صالح الأسلمي فقالت ما أعجب المسلمين منك حين

صيروك خليفة قال وكانت له سن سوداء فضحك حتى بدت فقالت له هذا الذي

أردت ان أبديه فقال لها هل تروين قول كثير :

وقد زعمت إني تغيرت بعدها * ومن ذا الذي يا عز لا يتغير

تغير جسمي والخليقة كالتي * عهدت ولم يخبر بسرك مخبر

فقالت لا بل أروى له وهو من قصيدته المتقدمة :

كأني أنادي صخرة حين أعرضت * من العصم لو تمشى بها العصم زلت

صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة * فمن مل منها ذلك الوصل ملت

وعن إبراهيم ابن أبي عمرو الجهني قال سارت إلينا عزة في جماعة من

قومها فنزلت حيا لنا فجاءني كثير ذات يوم فقال لي أريد أن أكون عندك اليوم

حتى أمسى فاذهب إلى عزة فصرت به إلى منزلي فأقام عندي حتى كان العشاء ثم

أرسلني إليها وأعطاني خاتمه وقال إذا سلمت فستخرج إليك جارية فادفع إليها

خاتمي وأعلمها مكاني فجئت بيتها فسلمت فخرجت إلى الجارية فأعطيتها الخاتم فقالت أين

الموعد قلت صخيرات أبى عبيدة الليلة فوعدته هناك فخرجت إليه فأعلمته فلما

أمسى قال لي انهض بنا فنهضنا فجلسنا هناك نتحدث حتى جانب من الليل فجاءت

فجلست فتحدثا فأطالا فذهبت لأقوم فقال لي إلى أين تذهب قلت أخليكما ساعة

لعلكما تتحدثان ببعض ما تكتمان فقال لي اجلس فوالله ما كان بيننا شئ قط

فجلست وهما يتحدثان حتى أسحرنا ثم قامت وانصرفت وقمت انا وهو فظل عندي

حتى أمسى ثم انطلق .

وكان كثير بمصر وعزة بالمدينة فاشتاق إليها فسافر ليلقاها فصادفها في

الطريق وهي متوجهة إلى مصر فجرى بينهما كلام طويل الشرح ثم انها انفصلت

عنه وقدمت مصر ثم عاد كثير إلى مصر فوافاها والناس منصرفون عن جنازتها

فأتى قبرها وأناخ راحلته ومكث ساعة ثم رحل وهو يقول أبياتا منها :

أقول ونضوى واقف عند قبرها * عليك سلام الله والعين تسفح

وقد كنت أبكي من فراقك حيه * وأنت لعمري اليوم أنأى وأنزح

ولكثير مع عزة أخبار كثيرة اقتصرنا منها على هذا المقدار خشية من الإطالة .

وكان كثير شيعيا شديد التشيع وكان آل مروان يعلمون بمذهبه فلا يغيرهم

ذلك له لجلالته في عيونهم ولطف محله في أنفسهم .

وحدث ابن قتيبة قال بلغني ان كثيرا دخل على عبد الملك بن مروان

فسأله عن شئ فأخبره به فقال أو حق علي بن أبي طالب انه كما ذكرت فقال

يا أمير المؤمنين لو سألتني بحقك لصدقتك قال لا أسألك إلا بحق أبى تراب فحلف

له به فرضى ولما عزم عبد الملك على الخروج إلى حرب الزبير أنشدته زوجته


عاتكة بنت يزيد بن معاوية ان لا يخرج بنفسه ويبعث غيره فأبى فلم تزل تلح عليه

في المسألة وهو يمتنع من الإجابة فلما يئست منه بكت وبكى من حولها من جواريها

وحواشيها فقال عبد الملك قاتل الله كثيرا كأنه رأى موقفنا هذا حين قال :

إذا ما أراد الغزو لم يثن همه * فتاة عليها نظم در يزينها

نهته فلما لم تر النهى عاقه * بكت فبكى مما شجاها قطينها

ثم عزم عليها ان تقصر فأقصرت وخرج لقصده فنظر إلى كثير في ناحية

عسكره يسير مطرقا فدعا به وقال أنى لأعرف ما أسكتك وألقى عليك ثبك

فإن أخبرتك عنه أتصدقني قال نعم قال وحق أبى تراب إنك تصدقي قال والله

لأصدقنك قال لا أو تحلف به فحلف به فقال تقول رجلان من قريش يلقى

أحدهما صاحبه فيحاربه القاتل والمقتول في النار فما معنى سيرى مع أحدهما ولا

آمن سهما عاثرا لعله ان يصيبني فيقتلني فأكون معهما قال والله يا أمير المؤمنين

ما أخطأت قال فارجع من قريب وأمر له بجائزة .

وفى رواية انه دعا به فقال ذكرت الساعة بيتين من شعرك فإن أصبت

ما هما فلك حكمك فقال نعم أردت الخروج فبكت عاتكة وبكى حشمها فذكرت

قولي : ( إذا ما أراد العزم ) وذكر البيتين فقال أصبب فاحتكم فأعطاه ما أراد ثم

نظر إليه عبد الملك يسير في عرض الموكب متفكرا فقال على يا بن أبي جمعة

فقال إن عرفتك في أي شئ كنت تفكر فلي حكمي فقال نعم قال كنت تقول انا

في شر حال خرجت في جيش من أهل النار ليس على ملتي ولا مذهبي يسير إلى

رجل من أهل النار ليس على ملتي ولا على مذهبي يلتقي الخيلان فتصيبني سهم

غرب فأتلف فما هذا فقال والله يا أمير المؤمنين ما أخطأت ما كان في نفسي فاحتكم

قال حكمي ان أصلك في عشرة آلاف درهم وأدرك إلى منزلك فأمر له بذلك .

وحدث حفص الآمدي قال : كنت أختلف إلى كثير أتروي شعره قال

فوالله إني لعنده يوما إذ وقف عليه واقف فقال قتل آل المهلب بالعقر فقال

ما اجل الخطب ضحى آل أبي سفيان بالدين يوم الطف وضحى بنو مروان بالكرم

يوم العقر فبلغ ذلك يزيد بن عبد الملك فدعا به فلما دخل عليه قال عليك بهلة الله

أتر أبيه وعصبية وجعل يضحك منه .

وعن أبي بكر الهذلي قال كان عبد الله بن الزبير قد أغرى ببني هاشم

يتبعهم بكل مكروه ويغري بهم ويحطب بهم على المنابر ويصرح ويعرض بذكرهم

فربما عارضه ابن عباس وغيره منهم ثم بدا له فيهم فجلس ابن الحنفية في سجن

عارم ثم جمعه وسائر من كان بحضرته من بنى هشام فجعلهم في مجالس وملأه حطبا

وأضرم فيه النار وكان قد بلغه ان أبا عبد الله الجدلي وسائر شيعة ابن الحنفية قد

وافوا لنصرته ومحاربة ابن الزبير فكان سبب ايقاعه بهم وبلغ أبا عبد الله الخبر

فوافى ساعة أضرمت النار عليهم فأطفأها واستنقذهم وأخرج ابن الحنفية عن

جوار ابن الزبير يومئذ فأنشد محمد بن العباس اليزيدي قال أنشد محمد بن حبيب

لكثير في ابن الحنفية وقد حبسهم ابن الزبير في سجن يقال له سجن عارم :

ومن ير هذا الشيخ بالخيف من منى * من الناس يعلم أنه غير ظالم

سمى النبي المصطفى وابن عمه * وفكاك أغلال ونفاع غارم

أبى فهو لا يشرى هدى بضلالة * ولا يتقى في الله لومة لائم

ونحن بحمد الله نتلو كتابه * حلو لا بهذا الخيف خيف المحارم

فما فرح الدنيا بباق لأهله * ولا شدة البلوى بضربة لازم

تخبر من تلقى بأنك عائذ * بل العائذ المظلوم في سجن عارم

وقال بعضهم ان كثيرا كان يرى رأى الكيسانية ويقول بامامة محمد بن

الحنفية ويروون شعرا في ذلك وهو :

ألا ان الأئمة من قريش * ولاة الحق أربعة سواء

على والثلاثة من بينه * هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط أيمان وبر * وسبط غيبته كربلاء

وسبط لا تراه العين حتى * يقود الخيل يقدمها اللواء

تغيب لا يرى عنهم زمانا * برضوى عنده عسل وماء

قال المؤلف عفا الله عنه انه ان صح انه كان كيسانيا فالظن انه رجع عن

ذلك كالسيد الحميري فقد اتفق النقل عن المخالف والمؤالف ان الباقر " ع " حضر

جنازته ورفعها كما سنذكر وذكر ابن شهرآشوب في ( معالم العلماء ) انه كان من

أصحاب الباقر عليه السلام .

وروى أن الباقر " ع " قال له تزعم انك من شيعتنا وتمدح آل مروان

قال إنما أسخر منهم واجعلهم حيات وعقارب وآخذا أموالهم .

وذكر الشريف المرتضى ( ره ) في كتاب ( الغرر والدرر ) ان أبا جعفر

محمد بن علي الباقر " ع " قال لكثير أمدحت عبد الملك بن مروان فقال لم أقل

له يا أمام الهدى إنما قلت له يا شجاع والشجاع حية ويا أسد والأسد كلب فتبسم

أبو جعفر . وهذا يدل على أنه كان نوى على بنى مروان في مدائحه .

وذكر أيضا في الكتاب المذكور ان رجل نظر إلى كثير وهو راكب وأبو

جعفر محمد بن علي الباقر " ع " يمشى فقيل له أتركب وأبو جعفر يمشى فقال هو

أمرني بذلك وانا بطاعته في الركوب أفضل من عصياني إياه بالمشي : وهذا

كله مما يدل عن حسن عقيدته والعامة لعلمهم بتشيعه رموه تارة باعتقاده مذهب

الكيسانية وتارة بالقول بالتناسخ وتارة بعدم الدين والحمق وأخرى بالزندقة

والالحاد وغير ذلك وكانت وفاته في خلافة يزيد بن عبد الملك بالمدينة المنورة

ويقال انه لما حضرته الوفاة قال شعرا :

برأت إلى الاله من ابن أروى * ومن دين الخوارج أجمعينا

ومن ( فعل ) برئت ومن ( فعيل ) * غداة دعى أمر المؤمنينا

ثم إن روحه خرجت كأنها فص في ماء .

وعن جويرية بن أسماء قال مات كثير وعكرمة مولى ابن عباس في يوم

واحد فاجتمع الناس في جنازة كثير ولم يوجد لعكرمة من يحمله .

وقال ابن شهرآشوب في ( معالم العلماء ) انه لما مات كثير رفع جنازته

الباقر عليه السلام وعرقه يجرى .

وعن يزيد بن عروة قال غلب النساء على جنازة كثير يبكينه ويذكرن عزة

في ندبهن قال فقال أبو جعفر محمد بن علي " ع " أفرجوا لي عن جنازة كثير

لأرفعها قال فجعلنا ندفع عنها النساء وجعل يضربهن محمد " ع " بكمه ويقول

تنحين يا صويحبات يوسف فانتدبت له امرأة منهن فقالت يا بن رسول الله لقد

صدقت إنا لصويحبات يوسف وقد كنا خيرا منكم له فقال أبو جعفر " ع " لبعض

مواليه احتفظ بها حتى تجيئني بها إذا انصرفنا قال فلما انصرف " ع " أتى بتلك

المرأة كأنها شرارة النار فقال لها محمد بن علي " ع " إيه أنت القائلة إنكن خير

منا قالت نعم تؤمنني غضبك يا بن رسول الله قال أنت آمنة من غضبي فأبيني قالت

نحن يا بن رسول الله دعوناه إلى اللذات من المطعم والمشرب والتمتع والتنعم

وأنتم معاشر الرجال ألقيتموه في الجب وبعتموه بأبخس الأثمان وحبستموه في

السجن فأينا كان به أحنى وعليه أرأف فقال محمد بن علي " ع " لله درك لن تغالب

امرأة إلا غلبت ثم قال لها ألك بعل قالت لي من الرجال من أنا بعله قال فقال

أبو جعفر " ع " صدقت مثلك من تملك زوجها ولا يملكها قال فلما انصرفت قال رجل

من القوم هذه زينب بنت معيقب الأنصارية .

ولله الحمد أولا وآخرا والصلاة والسلام على

خير خلقه المبعوث محمد صلى الله عليه

وعلى ابن عمه علي بن أبي طالب

أمير المؤمنين وعلى ابني ابنته

وسبطيه الحسن والحسين

وعلى ذريته المعصومين

الطيبين من ذرية الحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام