خطبة الوسیلة



فاکثروا من الصلاة علی نبیکم
کلام قاضی سعید قمی در معنای صلاة
کلام میرزا مهدی آشتیانی در شرح صلوات



متن روایت

27- حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رحمه الله قال حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال حدثنا محمد بن علي بن معن قال حدثنا محمد بن علي بن عاتكة عن الحسين بن النضر الفهري عن عمرو الأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر
__________________________________________________
 (1). المقر بصيغة المفعول من باب الافعال، و المتناسخ بمعنى المنتقل.
 (2).؟؟؟ بنى إبراهيم عليه السلام، و في الحديث «ما من نبى بعده الا من صلبه» كما قال تعالى: «؟؟؟ في ذريته النبوة و الكتاب»

 (3). الضمير المجرور اما يرجع الى حرم فالباء للظرفية، و يحتمل التعدية، أو الى محمد صلى الله عليه و آله، فللسببية، و الضمائر المؤنثة كلها راجعة الى الشجرة.


                        التوحيد (للصدوق)، ص: 73
بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده ع قال: قال أمير المؤمنين ع في خطبة خطبها بعد موت النبي ص بسبعة أيام و ذلك حين فرغ من جمع القرآن فقال الحمد لله الذي أعجز الأوهام أن تنال إلا وجوده «1» و حجب العقول عن أن تتخيل ذاته في امتناعها من الشبه و الشكل بل هو الذي لم يتفاوت في ذاته و لم يتبعض بتجزئة العدد في كماله فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن و تمكن منها لا على الممازجة و علمها لا بأداة لا يكون العلم إلا بها «2» و ليس بينه و بين معلومه علم غيره إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود و إن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم «3» فسبحانه و تعالى عن قول من عبد سواه و اتخذ إلها غيره علوا كبيرا نحمده بالحمد الذي ارتضاه لخلقه و أوجب قبوله على نفسه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله شهادتان ترفعان القول و تضاعفان العمل خف ميزان ترفعان منه و ثقل ميزان توضعان فيه و بهما الفوز بالجنة و النجاة من النار و الجواز على الصراط و بالشهادتين يدخلون الجنة و بالصلاة ينالون الرحمة- فأكثروا من الصلاة على نبيكم و آله- إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الإسلام و لا كرم أعز من التقى و لا معقل أحرز من الورع و لا شفيع أنجح من التوبة و لا كنز أنفع من العلم و لا عز أرفع من الحلم و لا حسب أبلغ من الأدب و لا نسب أوضع من الغضب و لا
__________________________________________________
 (1). أي لا يدرك منه الا أنه تعالى موجود و أما ذاته فلا، و في البحار باب جوامع التوحيد عن تحف العقول: «أعدم الاوهام أن تنال الى وجوده» أي الى ذاته.
 (2). هذه الجملة صفة لاداة و الضمير المجرور بالباء يرجع إليها، أي علم الأشياء لا باداة لا يكون علم المخلوق الا بها.
 (3). أي ليس كونه و بقاؤه مقرونين بالزمان على ما يفهم من كلمة كان و لم يزل.


                        التوحيد (للصدوق)، ص: 74
جمال أزين من العقل و لا سوء أسوء من الكذب و لا حافظ أحفظ من الصمت و لا لباس أجمل من العافية و لا غائب أقرب من الموت أيها الناس إنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها و الليل و النهار مسرعان في هدم الأعمار و لكل ذي رمق قوت و لكل حبة آكل و أنتم قوت الموت و إن من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد لن ينجو من الموت غني بماله و لا فقير لإقلاله أيها الناس من خاف ربه كف ظلمه و من لم يرع في كلامه أظهر هجره و من لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهم ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا هيهات هيهات و ما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي و الذنوب فما أقرب الراحة من التعب و البؤس من النعيم و ما شر بشر بعده الجنة و ما خير بخير بعده النار و كل نعيم دون الجنة محقور و كل بلاء دون النار عافية.

 

 

 

 

احادیث مشابه

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 18
خطبة لأمير المؤمنين ع و هي خطبة الوسيلة
4- محمد بن علي بن معمر عن محمد بن علي بن عكاية التميمي عن الحسين بن النضر الفهري عن أبي عمرو الأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد قال: دخلت على أبي جعفر ع فقلت يا ابن رسول الله قد أرمضني «1» اختلاف الشيعة في مذاهبها فقال يا جابر أ لم أقفك على معنى اختلافهم من أين اختلفوا و من أي جهة تفرقوا قلت بلى يا ابن رسول الله قال فلا تختلف إذا اختلفوا يا جابر إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله ص في أيامه يا جابر اسمع و ع قلت إذا شئت «2» قال اسمع و ع و بلغ حيث انتهت بك راحلتك إن أمير المؤمنين ع خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله ص و ذلك حين فرغ من جمع القرآن و تأليفه فقال الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده و حجب العقول أن تتخيل ذاته لامتناعها من الشبه و التشاكل بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته و لا يتبعض بتجزئة العدد في كماله فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن و يكون فيها لا على وجه الممازجة و علمها لا بأداة لا يكون العلم إلا بها و ليس بينه و بين معلومه علم غيره به كان عالما بمعلومه إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود و إن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم فسبحانه و تعالى عن قول من عبد سواه و اتخذ إلها غيره علوا كبيرا نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه و أوجب قبوله على نفسه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله شهادتان ترفعان القول و تضاعفان‏
__________________________________________________
 (1) ارمضنى أي أحرقنى و أوجعنى.
 (2) أي إذا شئت يا ابن رسول الله سمعت منك و وعيت و ما أخبرت أحدا من الناس، فحسب جابر أن مراد الإمام عليه السلام بقوله: «و ع» يعنى لا تخبر أحدا من الناس فأجابه عليه السلام بأن قال:
اسمع و ع إلى أن تبلغ بلادك فإذا انتهت بك راحلتك إلى بلادك فبلغ شيعتنا.

 

 

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 19
العمل- خف ميزان ترفعان منه و ثقل ميزان توضعان فيه و بهما الفوز بالجنة و النجاة من النار و الجواز على الصراط و بالشهادة تدخلون الجنة و بالصلاة تنالون الرحمة- أكثروا من الصلاة على نبيكم إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما صلى الله عليه و آله و سلم تسليما أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الإسلام و لا كرم أعز من التقوى و لا معقل أحرز من الورع و لا شفيع أنجح من التوبة و لا لباس أجمل من العافية و لا وقاية أمنع من السلامة و لا مال أذهب بالفاقة من الرضا بالقناعة و لا كنز أغنى من القنوع و من اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة و تبوأ خفض الدعة «1» و الرغبة مفتاح التعب و الاحتكار مطية النصب و الحسد آفة الدين و الحرص داع إلى التقحم «2» في الذنوب و هو داعي الحرمان و البغي سائق إلى الحين و الشره «3» جامع لمساوي العيوب رب طمع خائب و أمل كاذب و رجاء يؤدي إلى الحرمان و تجارة تئول إلى الخسران ألا و من تورط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفضحات النوائب «4» و بئست القلادة الذنب للمؤمن أيها الناس إنه لا كنز أنفع من العلم و لا عز أرفع من الحلم و لا حسب أبلغ من الأدب و لا نصب أوضع من الغضب و لا جمال أزين من العقل و لا سوأة أسوأ من الكذب «5» و لا حافظ أحفظ من الصمت و لا غائب أقرب من الموت أيها الناس إنه من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره و من رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره و من سل سيف البغي قتل به و من حفر لأخيه بئرا وقع فيها و من هتك حجاب غيره انكشف عورات بيته «6» و من نسي زلله استعظم زلل غيره و من أعجب برأيه ضل و من استغنى بعقله زل و من تكبر على الناس ذل-
__________________________________________________
 (1) أي تمكن و استقر في متسع الراحة. و الاحتكار: الجمع و الامساك. (فى)
 (2) التقحم: الدخول في الامر من غير روية.
 (3) الحين- بالفتح-: الهلاك و الشره: الحرص.
 (4) في بعض النسخ [مفظعات‏].
 (5) السوءة: الخصلة القبيحة.
 (6) في بعض النسخ [انهتك حجاب بيته‏].

 

 

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 20
و من سفه على الناس شتم و من خالط الأنذال حقر «1» و من حمل ما لا يطيق عجز أيها الناس إنه لا مال هو أعود من العقل «2» و لا فقر هو أشد من الجهل و لا واعظ هو أبلغ من النصح و لا عقل كالتدبير و لا عبادة كالتفكر و لا مظاهرة أوثق من المشاورة و لا وحشة أشد من العجب و لا ورع كالكف عن المحارم و لا حلم كالصبر و الصمت أيها الناس في الإنسان عشر خصال يظهرها لسانه شاهد يخبر عن الضمير حاكم يفصل بين الخطاب و ناطق يرد به الجواب و شافع يدرك به الحاجة و واصف يعرف به الأشياء و أمير يأمر بالحسن و واعظ ينهى عن القبيح و معز تسكن به الأحزان «3» و حاضر تجلى به الضغائن «4» و مونق تلتذ به الأسماع أيها الناس إنه لا خير في الصمت عن الحكم «5» كما أنه لا خير في القول بالجهل و اعلموا أيها الناس أنه من لم يملك لسانه يندم و من لا يعلم يجهل و من لا يتحلم لا يحلم و من لا يرتدع لا يعقل و من لا يعلم يهن و من يهن لا يوقر و من لا يوقر يتوبخ «6» و من يكتسب مالا من غير حقه يصرفه في غير أجره و من لا يدع و هو محمود يدع و هو مذموم «7» و من لم يعط قاعدا منع قائما «8» و من يطلب العز بغير حق يذل و من يغلب بالجور يغلب و من عاند الحق لزمه الوهن و من تفقه وقر و من تكبر حقر و من لا يحسن لا يحمد-
__________________________________________________
 (1) الانذال: السفهاء و الاخساء.
 (2) الاعود: الانفع.
 (3) «معز» من التعزية بمعنى التسلية.
 (4) في تحف العقول «و حامد تجلى به الضغائن» و الضغينة: الحقد و المونق: المعجب و في بعض النسخ [تلهى به الاسماع‏] و في بعضها [يلهى الاسماع‏].
 (5) الحكم- بالضم-: الحكمة.
 (6) في بعض النسخ «و من يتق ينج» موضع «و من لا يوقر يتوبخ».
 (7) يعني من لا يدع الشر و ما لا ينبغي على اختيار يدعه على اضطرار. (فى)
 (8) يعني ان الرزق قد قسمه الله فمن لم يرزق قاعدا لم يجد له القيام و الحركة. (فى)

 

 

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 21
أيها الناس إن المنية قبل الدنية و التجلد قبل التبلد «1» و الحساب قبل العقاب و القبر خير من الفقر و غض البصر «2» خير من كثير من النظر و الدهر يوم لك و يوم عليك فإذا كان لك فلا تبطر «3» و إذا كان عليك فاصبر فبكليهما تمتحن «4» [و في نسخة و كلاهما سيختبر] أيها الناس أعجب ما في الإنسان قلبه و له مواد من الحكمة و أضداد من خلافها فإن سنح له الرجاء أذله الطمع و إن هاج به الطمع أهلكه الحرص و إن ملكه اليأس قتله الأسف و إن عرض له الغضب اشتد به الغيظ و إن أسعد بالرضى نسي التحفظ «5» و إن ناله الخوف شغله الحذر و إن اتسع له الأمن استلبته العزة «6» [و في نسخة أخذته العزة] و إن جددت له نعمة أخذته العزة و إن أفاد مالا أطغاه الغنى و إن عضته فاقة شغله البلاء «7» [و في نسخة جهده البكاء] و إن أصابته مصيبة فضحه الجزع و إن أجهده الجوع قعد به الضعف و إن أفرط في الشبع كظته البطنة «8» فكل تقصير به مضر و كل إفراط له مفسد أيها الناس إنه من فل ذل «9» و من جاد ساد و من كثر ماله رأس و من كثر حلمه‏
__________________________________________________
 (1) يعني ان الموت خير من الذلة فالمراد بالقبلية القبلية بالشرف و في نهج البلاغة: «المنية و لا الدنية و التقلل و لا التوسل و هو أوضح و على هذا يكون معنى «و الحساب قبل العقاب» أن محاسبة النفس في الدنيا خير من التعرض للعقاب في الأخرى و التجلد: تكلف الشدة و القوة و التبلد ضده. (فى)
 (2) في بعض النسخ [عمى البصر] و لعله أظهر. (آت)
 (3) البطر: شدة الفرح.
 (4) في بعض النسخ [سيخسر] و في بعضها [سيحسر]- بالمهملات- بمعنى الكشف.
 (5) لعل المراد أنه إذا اعين بالرضا و سر لم يتحفظ عما يوجب شينه من قول و فعل. (فى)
 (6) كانها بالاهمال و الزاى و يحتمل الاعجام و الراء و كذا في اختها الا أنه ينبغي أن تكون الثالثة على خلاف الأوليين أو إحداهما. (فى)
 (7) عضه: أمسكه باسنانه.
 (8) أي ملاءته حتى لا يطيق النفس.
 (9) فل- بالفاء- أى كسر (فى). و في بعض النسخ بالقاف أي من قل في الاحسان و الجود في كل ما هو كمال إما في الآخرة أو في الدنيا فهو ذليل أو من أعوانه ذل. (مأخوذ من آت)

 

 

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 22
نبل و من أفكر في ذات الله تزندق «1» و من أكثر من شي‏ء عرف به و من كثر مزاحه استخف به و من كثر ضحكه ذهبت هيبته فسد حسب من ليس له أدب إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال ليس من جالس الجاهل بذي معقول من جالس الجاهل فليستعد لقيل و قال لن ينجو من الموت غني بماله و لا فقير لإقلاله أيها الناس لو أن الموت يشترى لاشتراه من أهل الدنيا الكريم الأبلج و اللئيم الملهوج «2» أيها الناس إن للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط و فطنة الفهم «3» للمواعظ ما يدعو النفس إلى الحذر من الخطر و للقلوب خواطر للهوى و العقول تزجر و تنهى و في التجارب علم مستأنف و الاعتبار يقود إلى الرشاد و كفاك أدبا لنفسك ما تكرهه لغيرك و عليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه لقد خاطر من استغنى برأيه و التدبر «4» قبل العمل فإنه يؤمنك من الندم و من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطإ «5» و من أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول «6» و من حصن‏
__________________________________________________
 (1) النبالة: الفضل و الشرف و الفعل بضم الباء. و قوله: «أفكر» أفكر في الشي‏ء و فكر و تفكر بمعنى واحد. و تزندق أي صار زنديقا. (آت)
 (2) الملهوج هو الحريص- مفعول بمعنى الفاعل- كمسعود و وجه اشترائهما الموت رضائهما به لان الكريم إذا اشتهر توجه الناس إليه بما عجز عن قدر اشتهاره و علو همته و خجل مما نسب إليه فرضى بالموت. و أما الحريص فلانه لم يبلغ ما حرص عليه فلا يزال يتعب نفسه و يزيد حرصه فيتمنى بذلك الموت. (فى) و قال العلامة المجلسي (ره): الكريم يتمنى الموت لشدة حرصه في الكرم و قلة بضاعته و اللئيم يشتراه لانه لا يحصل له ما هو مقتضى حرصه و ينقص من ماله شي‏ء بالضرورة و هو مخالف لسجيته و يرى الناس في نعمة فيحسدهم عليها فهو في شدة لازمة لا ينفك عنها بدون الموت فيتمناه.
 (3) في الوافي [و تفطنه الفهم‏] و قال الفيض- رحمه الله- تذكير البارز باعتبار المرء و ما يدعو بدل من المواعظ.
 (4) في بعض النسخ [و التدبير].
 (5) استقبال وجوه الآراء ملاحظتها واحدا واحدا. (فى)
 (6) عدلت من التعديل و يحتمل أن يكون بالتخفيف بمعنى المعادلة أي بمفرده يعدله ساير العقول. (فى) و في بعض النسخ [و من حصر شهوته‏].

 

 

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 23
شهوته فقد صان قدره و من أمسك لسانه أمنه قومه و نال حاجته و في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال و الأيام توضح لك السرائر الكامنة و ليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة «1» و من عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار و الهيبة و أشرف الغنى ترك المنى و الصبر جنة من الفاقة و الحرص علامة الفقر و البخل جلباب المسكنة و المودة قرابة مستفادة و وصول معدم «2» خير من جاف مكثر و الموعظة كهف لمن وعاها و من أطلق طرفه كثر أسفه «3» و قد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله و قل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح أو إحسان «4» و من ضاق خلقه مله أهله و من نال استطال و قل ما تصدقك الأمنية و التواضع يكسوك المهابة و في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره «5» و من كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه و انح القصد من القول فإن من تحرى القصد خفت عليه المؤن «6» و في خلاف النفس رشدك من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد ألا و إن مع كل جرعة شرقا و إن في كل أكلة غصصا- لا تنال نعمة إلا بزوال أخرى و لكل ذي رمق قوت و لكل حبة آكل و أنت قوت الموت اعلموا أيها الناس أنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها و الليل و النهار يتنازعان [يتسارعان «7»] في هدم الأعمار-
__________________________________________________
 (1) لعل المراد أنه لا ينفعك ما يقرع سمعك من العلوم النادرة كالبرق الخاطف بل ينبغي أن تواظب على سماع المواعظ و تستضي‏ء دائما بانوار الحكم لتخرجك من ظلم الجهالات و يحتمل أن يكون المراد لا ينفع سماع العلم مع الانغماس في ظلمات المعاصى و الذنوب. (آت)
 (2) بفتح الواو أي البار و المعدم: الفقير لانه أعدم المال كما أن المكثر أكثره. (فى)
 (3) أي من أطلق عينه و نظره كثر أسفه لانه ربما يتعلق بقلبه مما نظر إليه ما يلهيه عن المهمات أو يوقعه في الآفات. (فى)
 (4) يعني يحملك في الاكثر على المبالغة و الزيادة في القول. (فى)
 (5) يعني و هو في آخر عمره و لا يدرى به و الغرض من الترغيب في الانتهاء عن الذنب و المبادرة إلى التوبة منه. (فى)
 (6) أي اقصد الوسط العدل من القول و جانب التعدى و الافراط و التفريط ليخف عليك المؤن فان من قال جورا او ادعى أمرا باطلا يشتد عليه الامر لعدم امكانه اثباته. (آت)
 (7) في بعض النسخ [و الليل و النهار يتسارعان- و في نسخة اخرى- يتنازعان في هدم الاعمار].

 

 

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 24
يا أيها الناس كفر النعمة لؤم و صحبة الجاهل شؤم إن من الكرم لين الكلام و من العبادة إظهار اللسان و إفشاء السلام إياك و الخديعة فإنها من خلق اللئيم ليس كل طالب يصيب و لا كل غائب يئوب لا ترغب فيمن زهد فيك رب بعيد هو أقرب من قريب سل عن الرفيق قبل الطريق و عن الجار قبل الدار ألا و من أسرع في المسير أدركه المقيل استر عورة أخيك كما تعلمها فيك «1» اغتفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك من غضب على من لا يقدر على ضره طال حزنه و عذب نفسه من خاف ربه كف ظلمه [من خاف ربه كفي عذابه‏] و من لم يزغ «2» في كلامه أظهر فخره و من لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة إن من الفساد إضاعة الزاد ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا هيهات هيهات و ما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي و الذنوب فما أقرب الراحة من التعب و البؤس من النعيم و ما شر بشر بعده الجنة و ما خير بخير بعده النار و كل نعيم دون الجنة محقور و كل بلاء دون النار عافية و عند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر تصفية العمل أشد من العمل و تخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد هيهات لو لا التقى لكنت أدهى العرب «3» أيها الناس إن الله تعالى وعد نبيه محمدا ص الوسيلة و وعده الحق و لن يخلف الله وعده ألا و إن الوسيلة على درج الجنة و ذروة ذوائب الزلفة «4» و نهاية غاية الأمنية لها ألف مرقاة ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام «5» و هو ما بين مرقاة درة
__________________________________________________
 (1) في بعض النسخ [لما تعلمها]. و المقيل من القيلولة.
 (2) أي من لم يمل في كلامه عن الحق. و في بعض النسخ بالمهملة من رعى يرعى أي عدم الرعاية في الكلام يوجب اظهار الفخر و يمكن أن يكون بضم الراء من الروع بمعنى الخوف و في بعض النسخ بالمعجمة يقال: كلام مرغ إذا لم يفصح عن المعنى فالمراد أن انتظام الكلام و الفصاحة فيه اظهار للفخر و الكمال فيكون مدحا لازما و في أمالي الصدوق [و الفقيه‏] و من لم يرع في كلامه أظهر هجره و الهجر: الفحش و كثرة الكلام في ما لا ينبغي و لعله أظهر. (مأخوذ من آت)
 (3) الدهاء: جودة الرأى و الفطنة.
 (4) أي اعلاها و الزلفة: القرب و لا يخفى لطف الاستعارة. (فى)
 (5) حضر الفرس- بالضم- عدوه. و زاد في بعض النسخ [و في نسخة ألف عام‏].

 

 

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 25
إلى مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجدة إلى مرقاة لؤلؤة إلى مرقاة ياقوتة إلى مرقاة زمردة إلى مرقاة مرجانة إلى مرقاة كافور إلى مرقاة عنبر إلى مرقاة يلنجوج «1» إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة غمام إلى مرقاة هواء إلى مرقاة نور «2» قد أنافت على كل الجنان و رسول الله ص يومئذ قاعد عليها مرتد بريطتين «3» ريطة من رحمة الله و ريطة من نور الله عليه تاج النبوة و إكليل الرسالة «4» قد أشرق بنوره الموقف و أنا يومئذ على الدرجة الرفيعة و هي دون درجته و علي ريطتان ريطة من أرجوان النور «5» و ريطة من كافور و الرسل و الأنبياء قد وقفوا على المراقي و أعلام الأزمنة و حجج الدهور «6» عن أيماننا و قد تجللهم حلل النور و الكرامة لا يرانا ملك مقرب و لا نبي مرسل إلا بهت بأنوارنا و عجب من ضيائنا و جلالتنا و عن يمين الوسيلة عن يمين الرسول ص غمامة بسطة البصر «7» يأتي منها النداء يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي و آمن بالنبي الأمي العربي و من كفر فالنار موعده و عن يسار الوسيلة عن يسار الرسول ص ظلة «8» يأتي منها النداء يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي و آمن بالنبي الأمي و الذي له الملك الأعلى لا فاز أحد و لا نال الروح و الجنة إلا من لقي خالقه بالإخلاص لهما و الاقتدار بنجومهما- فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم و شرف مقعدكم و كرم مآبكم و بفوزكم اليوم على سرر متقابلين* و يا أهل الانحراف و الصدود عن الله عز ذكره و رسوله و صراطه و أعلام الأزمنة أيقنوا بسواد وجوهكم و غضب ربكم جزاء بما كنتم تعملون و ما من رسول سلف و لا نبي مضى إلا و قد كان مخبرا أمته بالمرسل الوارد من بعده و مبشرا برسول الله‏
__________________________________________________
 (1) يلنجوج: عود البخور.
 (2) تشبيه المراقى بالجواهر إشارة إلى اختلاف الدرجات في الشرف و الفضل. (فى). و قوله:
 «قد أنافت» أي ارتفعت و اشرفت.
 (3) الريطة: كل ثوب رقيق لين.
 (4) الاكليل: التاج.
 (5) أي ثياب حمر و شجر له ورد.
 (6) أي الأوصياء و سائر الائمة عليهم السلام.
 (7) أي قدر مد البصر.
 (8) في بعض النسخ [ظلمة].

 

 

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 26
ص- و موصيا قومه باتباعه و محليه عند قومه ليعرفوه بصفته و ليتبعوه على شريعته و لئلا يضلوا فيه من بعده فيكون من هلك أو ضل بعد وقوع الإعذار و الإنذار عن بينة و تعيين حجة فكانت الأمم في رجاء من الرسل و ورود من الأنبياء و لئن أصيبت بفقد نبي بعد نبي على عظم مصائبهم و فجائعها بهم «1» فقد كانت على سعة من الأمل و لا مصيبة عظمت و لا رزية جلت كالمصيبة برسول الله ص لأن الله ختم به الإنذار «2» و الإعذار و قطع به الاحتجاج و العذر بينه و بين خلقه و جعله بابه الذي بينه و بين عباده و مهيمنه «3» الذي لا يقبل إلا به- و لا قربة إليه إلا بطاعته و قال في محكم كتابه- من يطع الرسول فقد أطاع الله و من تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا «4» فقرن طاعته بطاعته و معصيته بمعصيته فكان ذلك دليلا على ما فوض إليه و شاهدا له على من اتبعه و عصاه و بين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم فقال تبارك و تعالى في التحريض على اتباعه و الترغيب في تصديقه و القبول بدعوته- قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم «5» فاتباعه ص محبة الله و رضاه غفران الذنوب و كمال الفوز و وجوب الجنة و في التولي عنه و الإعراض محادة الله و غضبه و سخطه و البعد منه مسكن النار و ذلك قوله و من يكفر به من الأحزاب فالنار موعده «6» يعني الجحود به و العصيان له فإن الله تبارك اسمه امتحن بي عباده و قتل بيدي أضداده و أفنى بسيفي جحاده و جعلني زلفة للمؤمنين و حياض موت على الجبارين و سيفه على المجرمين و شد بي أزر رسوله و أكرمني بنصره و شرفني بعلمه و حباني بأحكامه و اختصني بوصيته و اصطفاني بخلافته في أمته فقال ص و قد حشده «7» المهاجرون و الأنصار و انغصت «8» بهم المحافل أيها الناس إن عليا مني- كهارون «9» من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فعقل المؤمنون‏
__________________________________________________
 (1) في بعض النسخ [و فجائعهم‏].
 (2) في بعض النسخ [حسم‏] أى قطع.
 (3) المهيمن: القائم الحافظ و المشاهد و المؤتمن.
 (4) النساء: 80.
 (5) آل عمران: 31.
 (6) هود: 17.
 (7) حشد القوم أي اجتمعوا.
 (8) أي تضيقت بهم المحافل.
 (9) في بعض النسخ [بمنزلة هارون‏].

 

 

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 27
عن الله نطق الرسول إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه و أمه كما كان هارون أخا موسى لأبيه و أمه و لا كنت نبيا فاقتضى نبوة و لكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون ع حيث يقول اخلفني في قومي و أصلح و لا تتبع سبيل المفسدين «1» و قوله ع حين تكلمت طائفة فقالت نحن موالي رسول الله ص فخرج رسول الله ص إلى حجة الوداع ثم صار إلى غدير خم فأمر فأصلح له شبه المنبر ثم علاه و أخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه رافعا صوته قائلا في محفله من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه فكانت على ولايتي ولاية الله و على عداوتي عداوة الله و أنزل الله عز و جل في ذلك اليوم- اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا «2» فكانت ولايتي كمال الدين و رضا الرب جل ذكره و أنزل الله تبارك و تعالى اختصاصا لي و تكرما نحلنيه و إعظاما و تفصيلا من رسول الله ص منحنيه «3» و هو قوله تعالى- ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم و هو أسرع الحاسبين «4» في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع فطال لها الاستماع و لئن تقمصها دوني الأشقيان و نازعاني فيما ليس لهما بحق و ركباها ضلالة و اعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا و لبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان «5» في دورهما و يتبرأ كل واحد منهما من صاحبه يقول لقرينه إذا التقيا يا ليت بيني و بينك بعد المشرقين فبئس القرين فيجيبه الأشقى على رثوثة «6» يا ليتني لم أتخذك خليلا لقد
__________________________________________________
 (1) الأعراف: 142.
 (2) المائدة: 3.
 (3) قوله عليه السلام: «أنزل الله تعالى اختصاصا لي و تكريما نحلنيه» لعل مراده عليه السلام أن الله سبحانه سمى نفسه بمولى الناس و كذلك سمى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم نفسه به، ثم نحلانى و منحانى و اختصانى من بين الأمة بهذه التسمية تكريما منهما لي و تفضيلا و إعظاما. أو أراد عليه السلام أن رد الأمة إليه بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم رد إلى الله عز و جل و ان هذه الآية إنما نزلت بهذا المعنى كما نبه عليه بقوله: «و كانت على ولايتى ولاية الله» و ذلك لانه به كمل الدين و تمت النعمة و دام من رجع إليه من الأمة واحدا بعد واحد إلى يوم القيامة. أو أراد عليه السلام أن المراد بالمولى في هذه الآية نفسه عليه السلام و أنه مولاهم الحق لان ردهم إليه رد إلى الله تعالى. (فى)
 (4) الأنعام: 62.
 (5) ظاهر الفقرات أن هذه الخطبة كانت بعد انقضاء دولتهما و هو ينافى ما مر في أول الخبر من أنها كانت بعد سبعة أيام من وفاة النبي صلى الله عليه و آله و لعله اخبار عما سيكون.
 (6) الرثاثة: البذاذة و من اللباس: البالى. و في الوافي «على و ثوبه».

 

 

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 28
أضللتني عن الذكر بعد إذ جاءني و كان الشيطان للإنسان خذولا فأنا الذكر الذي عنه ضل و السبيل الذي عنه مال و الإيمان الذي به كفر و القرآن الذي إياه هجر و الدين الذي به كذب و الصراط الذي عنه نكب و لئن رتعا في الحطام المنصرم «1» و الغرور المنقطع و كانا منه على شفا حفرة من النار لهما على شر ورود في أخيب وفود و ألعن مورود يتصارخان باللعنة و يتناعقان بالحسرة «2» ما لهما من راحة و لا عن عذابهما من مندوحة إن القوم لم يزالوا عباد أصنام و سدنة أوثان يقيمون لها المناسك و ينصبون لها العتائر و يتخذون لها القربان و يجعلون لها البحيرة و الوصيلة و السائبة و الحام و يستقسمون بالأزلام «3» عامهين عن الله عز ذكره حائرين عن الرشاد مهطعين إلى البعاد «4» و قد استحوذ عليهم الشيطان و غمرتهم سوداء الجاهلية و رضعوها جهالة و انفطموها ضلالة «5» فأخرجنا الله إليهم رحمة و أطلعنا عليهم رأفة و أسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه و فضلا لمن اتبعه و تأييدا لمن صدقه فتبوءوا العز بعد الذلة و الكثرة بعد القلة و هابتهم القلوب و الأبصار و أذعنت لهم الجبابرة و طوائفها و صاروا أهل نعمة مذكورة و كرامة ميسورة و أمن بعد خوف و جمع بعد كوف «6» و أضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان و أولجناهم «7» باب الهدى و أدخلناهم دار السلام و أشملناهم ثوب الإيمان و فلجوا بنا في العالمين و أبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين من حام مجاهد و مصل‏
__________________________________________________
 (1) الرتع: التنعم. و الحطام: الهشيم و من الدنيا كل ما فيها يفنى و يبقى. و المنصرم:
المنقطع.
 (2) نعق بغنمه: صاح.
 (3) العتائر: جمع العتيرة و هي شاة كانوا يذبحونها في رجب لآلهتهم. و البحيرة و السائبة:
ناقتان مخصوصتان كانوا يحرمون الانتفاع بهما. و الوصيلة: شاة مخصوصة يذبحونها على بعض الوجوه و يحرمونها على بعض. و الحام: الفحل من الامل الذي طال مكثه عندهم فلا يركب و لا يمنع من كلاء و ماء. و الاستقسام بالازلام: طلب معرفة ما قسم لهم مما لم يقسم بالاقداح. و العمه:
التحير و التردد. (فى)
 (4) المندوحة: السعة. و الاهطاع: الاسراع. و في بعض النسخ [جائزين عن الرشاد]. و الاستحواذ: الاستيلاء.
 (5) في بعض النسخ [رضعوا جهالة و انفطموا ضلالة]. و الانفطام: الفصل عن الرضاع أي كانوا في صغرهم و كبرهم في الجهالة و الضلالة و في بعض النسخ [و انتظموها ضلالة] فالضمير راجع إلى الجهالة أي انتظموها مع الجهالة في سلك و لعله تصحيف. (آت)
 (6) أي تفرق و تقطع. و في بعض النسخ [حوب‏]. و هو الوحشة و الحزن.
 (7) أي أدخلناهم.
                       

 

 

الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 29
قانت و معتكف زاهد يظهرون الأمانة و يأتون المثابة حتى إذا دعا الله عز و جل نبيه ص و رفعه إليه لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة «1» أو وميض من برقة إلى أن رجعوا على الأعقاب و انتكصوا على الأدبار و طلبوا بالأوتار و أظهروا الكتائب و ردموا الباب و فلوا «2» الديار و غيروا آثار رسول الله ص و رغبوا عن أحكامه و بعدوا من أنواره و استبدلوا بمستخلفه بديلا اتخذوه و كانوا ظالمين و زعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله ص ممن اختار رسول الله ص لمقامه و أن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري الأنصاري الرباني ناموس هاشم بن عبد مناف ألا و إن أول شهادة زور وقعت في الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله ص فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان رجعوا عن ذلك و قالوا إن رسول الله ص مضى و لم يستخلف فكان رسول الله ص الطيب المبارك أول مشهود عليه بالزور في الإسلام و عن قليل يجدون غب ما [يعلمون و سيجدون التالون غب ما أسسه الأولون «3» و لئن كانوا في مندوحة من المهل «4» و شفاء من الأجل و سعة من المنقلب و استدراج من الغرور و سكون من الحال و إدراك من الأمل فقد أمهل الله عز و جل شداد بن عاد و ثمود بن عبود «5» و بلعم بن باعور و أسبغ عليهم نعمه ظاهرة و باطنة و أمدهم بالأموال و الأعمار و أتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله و ليعرفوا الإهابة له «6» و الإنابة إليه و لينتهوا عن الاستكبار فلما بلغوا المدة و استتموا الأكلة أخذهم‏
__________________________________________________
 (1) الفلج: الفوز و الظفر. و المثابة: موضع الثواب و مجتمع الناس بعد تفرقهم. و الخفقة:
النعاس. و الوميض: اللمع الخفى.
 (2) و الانتكاس: الرجوع. و الردم: السد. و «فلوا» بالفاء و اللام المشددة أي كسروا و لعله كناية عن السعى في تزلزل بنيانهم و بذل الجهد في خذلانهم و في بعض النسخ [و قلوا] بالقاف أي أبغضوا داره و اظهروا عداوة البيت. (آت)
 (3) الغب- بتشديد الباء-: العاقبة.
 (4) أي كانوا في سعة من المهلة. و الشفا- مقصورا-: الطرف. أراد عليه السلام به طول العمر فكأنهم في طرف و الأجل في طرف آخر. (فى)
 (5) ثمود بن عبود كتنور و ثمود: اسم قوم صالح النبي عليه السلام. (آت)
 (6) في بعض النسخ [ليعترفوا الاهابة له‏] و في بعضها [ليقترفوا] و الاهابة بمعنى الزجر يقال:
أهاب إهابة الراعي بغنمه: صاح لتقف او لترجع بالابل و أيضا زجرها بقوله: «هاب».
                       

 

الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏8، ص: 30
الله عز و جل و اصطلمهم «1» فمنهم من حصب «2» و منهم من أخذته الصيحة و منهم من أحرقته الظلة «3» و منهم من أودته الرجفة «4» و منهم من أردته الخسفة «5»- فما كان الله ليظلمهم و لكن كانوا أنفسهم يظلمون ألا و إن لكل أجل كتابا فإذا بلغ الكتاب أجله لو كشف لك عما هوى إليه الظالمون و آل إليه الأخسرون لهربت إلى الله عز و جل مما هم عليه مقيمون و إليه صائرون ألا و إني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون و كباب حطة في بني إسرائيل و كسفينة نوح في قوم نوح إني النبأ العظيم و الصديق الأكبر و عن قليل ستعلمون ما توعدون و هل هي إلا كلعقة الآكل و مذقة الشارب «6» و خفقة الوسنان ثم تلزمهم المعرات «7» خزيا في الدنيا و يوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ... و ما الله بغافل عما يعملون فما جزاء من تنكب محجته و أنكر حجته و خالف هداته و حاد عن نوره و اقتحم في ظلمه و استبدل بالماء السراب و بالنعيم العذاب و بالفوز الشقاء و بالسراء الضراء و بالسعة الضنك إلا جزاء اقترافه «8» و سوء خلافه- فليوقنوا بالوعد على حقيقته و ليستيقنوا بما يوعدون يوم تأتي الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج إنا نحن نحيي و نميت و إلينا المصير يوم تشقق الأرض عنهم سراعا إلى آخر السورة «9».

 

 

*************

                        تحف العقول، النص، ص: 92
خطبته المعروفة بالوسيلة «1»

كتبنا منه ما اقتضاه الكتاب دون غيره‏
الحمد لله الذي أعدم الأوهام «2» أن تنال إلا وجوده و حجب العقول أن تخال «3» ذاته لامتناعها من الشبه و التشاكل بل هو الذي لا يتفاوت ذاته و لا يتبعض بتجزئة العدد في كماله فارق الأشياء لا باختلاف الأماكن و يكون فيها لا على الممازجة و علمها لا بأداة لا يكون العلم إلا بها و ليس بينه و بين معلومه علم غيره «4» كان عالما لمعلومه إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود و إن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم «5» فسبحانه و تعالى عن قول من عبد سواه فاتخذ إلها غيره علوا كبيرا نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه و أوجب قبوله على نفسه أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله شهادتان ترفعان القول و تضعان العمل «6» خف ميزان ترفعان منه و ثقل ميزان توضعان فيه و بهما الفوز بالجنة و النجاة من النار و الجواز على الصراط و بالشهادة تدخلون الجنة و بالصلاة تنالون الرحمة فأكثروا من الصلاة على نبيكم- إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما-
__________________________________________________
 (1). هذه الخطبة قد نقلها الكليني رحمه الله في كتاب الروضة بتمامها مع اختلاف كثير و لذلك تعرضنا لتلك الاختلافات في الهامش و المصنف رحمة الله عليه اختار منها ما اقتضاه الكتاب كما صرح به.
 (2). في الروضة [منع الاوهام‏].
 (3). في الروضة [أن يتخيل‏].
 (4). يحتمل الإضافة و التوصيف فعلى الأول فالمراد أنه لا يتوسط بينه و بين معلومه علم غيره و على الثاني فالمراد أن ذاته المقدسة كافية للعلم و لا يحتاج الى علم أي صورة علمية غير ذاته تعالى، بهذه الصورة العلمية و بارتسامها كان عالما بمعلومه كما في الممكنات.
 (5). أي ليس كونه موجودا في الازل عبارة عن مقارنته للزمان أزلا لحدوث الزمان بل بمعنى أن ليس لوجوده ابتداء أو أنه تعالى ليس بزمانى و «كان» يدل على الزمانية فتأويله أن معنى كونه أزلا أن وجوده يمتنع عليه العدم و لعل المعنى الأخير في الفقرة الثانية متعين.
 (6). تضعان خلاف ترفعان أي تثقلان. و في الروضة [و تضاعفان العمل‏].

 

 

                        تحف العقول، النص، ص: 93
أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الإسلام و لا كرم أعز من التقوى و لا معقل أحرز من الورع و لا شفيع أنجح من التوبة و لا لباس أجل من العافية و لا وقاية أمنع من السلامة و لا مال أذهب بالفاقة من الرضا و القنوع و من اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة و الرغبة مفتاح التعب و الاحتكار مطية النصب و الحسد آفة الدين و الحرص داع إلى التقحم في الذنوب و هو داع إلى الحرمان «1» و البغي سائق إلى الحين و الشره جامع لمساوي العيوب «2» رب طمع خائب و أمل كاذب و رجاء يؤدي إلى الحرمان و تجارة تئول إلى الخسران ألا و من تورط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفضحات النوائب و بئست القلادة الدين للمؤمن «3» أيها الناس إنه لا كنز أنفع من العلم و لا عز أنفع من الحلم و لا حسب أبلغ من الأدب و لا نصب أوجع من الغضب «4» و لا جمال أحسن من العقل و لا قرين شر من الجهل و لا سوأة أسوء من الكذب «5» و لا حافظ أحفظ من الصمت و لا غائب أقرب من الموت أيها الناس إنه من نظر في عيب نفسه شغل عن عيب غيره و من رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره و من سل سيف البغي قتل به و من حفر لأخيه بئرا وقع فيها و من هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته و من نسي زلته «6» استعظم زلل غيره و من أعجب برأيه ضل و من استغنى بعقله زل و من تكبر على الناس ذل و من سفه‏
__________________________________________________
 (1). قد مضى هذه الكلمات مع اختلاف يسير في وصيته لابنه الحسين عليهما السلام.
 (2). الحين- بفتح المهملة و المثناة التحتانية-: الهلاك و المحنة و الشرة غلبة الحرص و الغضب و الطيش و الحدة و النشاط. و في بعض النسخ [الشره‏] و هو الحرص أيضا.
 (3). و في الروضة [و بئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن‏].
 (4). النصب: التعب و المشقة الذي يتفرع على الغضب و هو من أخس المتاعب إذ لا ثمرة له و لا داعى إليه إلا عدم تملك النفس و في بعض نسخ الروضة [و لا نسب أوضع من الغضب‏].
 (5). السوأة: الخلة القبيحة و الجمع سوءات.
 (6). الزلة: السقطة و الخطيئة و في بعض النسخ و الروضة [و من نسى زلله‏].

 

 

                        تحف العقول، النص، ص: 94
على الناس شتم و من خالط العلماء وقر و من خالط الأنذال حقر و من حمل ما لا يطيق عجز «1» أيها الناس إنه لا مال هو أعود من العقل «2» و لا فقر هو أشد من الجهل و لا واعظ هو أبلغ من النصح «3» و لا عقل كالتدبير و لا عبادة كالتفكر و لا مظاهرة أوثق من المشاورة «4» و لا وحدة أوحش من العجب و لا ورع كالكف «5» و لا حلم كالصبر و الصمت أيها الناس إن في الإنسان عشر خصال يظهرها لسانه شاهد يخبر عن الضمير و حاكم يفصل بين الخطاب و ناطق يرد به الجواب و شافع تدرك به الحاجة و واصف تعرف به الأشياء و أمير يأمر بالحسن و واعظ ينهى عن القبيح و معز تسكن [تسكن‏] به الأحزان و حامد تجلى به الضغائن و مونق يلهي الأسماع «6» أيها الناس إنه لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل «7» اعلموا أيها الناس أنه من لم يملك لسانه يندم و من لا يتعلم يجهل و من لا يتحلم لا يحلم «8» و من لا يرتدع لا يعقل و من لا يعقل يهن و من يهن لا يوقر و من يتق ينج «9» و من يكسب مالا من غير حقه يصرفه في غير أجره «10»-
__________________________________________________
 (1). قد مضى بعض هذه الكلمات في وصيته لابنه الحسين عليهما السلام.
 (2). الاعود: الانفع.
 (3). النصح: الخلوص.
 (4). المظاهرة: المعاونة. و العجب: الكبر و إعجاب المرء بنفسه و بفضائله و أعماله.
 (5). و في الروضة [كالكف عن المحارم‏] و في بعض نسخ الروضة [و لا حكم كالصبر و الصمت‏].
أى و لا حكمة.
 (6). المعزى من التعزية بمعنى التسلية و الضغائن جمع الضغينة بمعنى الحقد و في الروضة [و حاضر تجلى به الضغائن‏]. و المونق: المعجب و في الروضة [و مونق يتلذذ به‏].
 (7). الحكم- بالضم-: الحكمة.
 (8). أي لا يحصل ملكة الحلم إلا بالتحلم و هو تكلف الحلم.
 (9). الردع: الرد و الكف. «و من لا يرتدع» أي من لا ينزجر عن القبائح بنصح الناصحين لا يكون عاقلا و لا يكمل عقله و لا يعقل قبح القبائح. و في الروضة [و من لا يوقر يتوبخ‏].
 (10) أي فيما لا يوجر عليه في الدنيا و الآخرة.

 

 

                        تحف العقول، النص، ص: 95
و من لا يدع و هو محمود يدع و هو مذموم «1» و من لم يعط قاعدا منع قائما «2» و من يطلب العز بغير حق يذل و من عاند الحق لزمه الوهن و من تفقه وقر و من تكبر حقر و من لا يحسن لا يحمد أيها الناس إن المنية قبل الدنية و التجلد قبل التبلد «3» و الحساب قبل العقاب و القبر خير من الفقر و عمى البصر خير من كثير من النظر و الدهر يومان يوم لك و يوم عليك «4» فاصبر فبكليهما تمتحن أيها الناس أعجب ما في الإنسان قلبه «5» و له مواد من الحكمة و أضداد من خلافها فإن سنح له الرجاء أذله الطمع «6» و إن هاج به الطمع أهلكه الحرص و إن ملكه اليأس قتله الأسف و إن عرض له الغضب اشتد به الغيظ و إن أسعد بالرضا نسي التحفظ «7» و إن ناله الخوف شغله الحزن «8» و إن اتسع بالأمن استلبته الغرة و إن جددت له نعمة أخذته العزة «9» و إن أفاد مالا أطغاه الغنى و إن عضته فاقة «10» شغله البلاء و إن أصابته مصيبة فضحه الجزع و إن أجهده الجزع‏
__________________________________________________
 (1). أي من لا يترك الشر و ما لا ينبغي على اختيار يدعه على اضطرار و لا يحمد بهذا الترك.
 (2). أي من لم يعط المحتاجين حال كونه قاعدا يقوم عنده الناس و يسألونه يبتلى بان يفتقر إلى سؤال غيره فيقوم بين يديه و يسأله و لا يعطيه.
 (3). المنية: الموت و الدنية: الذلة يعنى أن الموت خير من الذلة، فالمراد بالقبلية القبلية بالشرف و في النهج «المنية و لا الدنية و التعلل و لا التوسل‏] و هو أوضح. و التجلد:
تكلف الشدة و القوة. و التبلد ضده.
 (4). زاد في الروضة [فاذا كان لك فلا تبطر و إذا كان عليك- إلخ‏] و لعله سقط من قلم النساخ.
 (5). في النهج [و لقد علق بنياط هذا الإنسان بضعة هي أعجب ما فيه و ذلك القلب‏].
 (6). سنح له: بدا و ظهر.
 (7). التحفظ: التوقى و التحرز من المضرات.
 (8). و في الروضة و النهج [شغله الحذر].
 (9). الغرة- بالكسر-: الاغترار و الغفلة. و استلبته أي سلبته عن رشده و يمكن أن تكون «العزة» بالاهمال و الزاى.
 (10) «أفاد مالا» أي اقتناه. و قوله: عضته أي اشتد عليه الفاقة و الفقر.

 

 

                        تحف العقول، النص، ص: 96
قعد به الضعف و إن أفرط في الشبع كظته البطنة «1» فكل تقصير به مضر و كل إفراط له مفسد أيها الناس من قل ذل و من جاد ساد و من كثر ماله رأس «2» و من كثر حلمه نبل «3» و من فكر في ذات الله تزندق «4» و من أكثر من شي‏ء عرف به و من كثر مزاحه استخف به و من كثر ضحكه ذهبت هيبته فسد حسب من ليس له أدب إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال ليس من جالس الجاهل بذي معقول من جالس الجاهل فليستعد لقيل و قال «5» لن ينجو من الموت غني بماله و لا فقير لإقلاله أيها الناس إن للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط «6» فطنة الفهم للمواعظ مما يدعو النفس إلى الحذر من الخطإ «7» و للنفوس خواطر للهوى و العقول تزجر و تنهى «8» و في التجارب علم مستأنف و الاعتبار يقود إلى‏
__________________________________________________
 (1). و في الروضة و النهج [و ان جهده الجوع قعد به الضعف‏]. و الكظة- بالكسر-: ما يعترى الإنسان عند الامتلاء من الطعام، يقال: كظ الطعام فلانا أي ملأه حتى لا يطيق التنفس. البطنة- بالكسر-: الامتلاء المفرط من الاكل.
 (2). رأس بفتح الهمزة أي هو رئيس للقوم و يحتمل أن يكون من رأس يرؤس أي مشى متبخترا أو أكل كثيرا.
 (3). النبل: الفضل و الشرف و النجابة.
 (4). تزندق أي اتصف بالزندقة.
 (5). في اللغة: يستعمل «القول» فى الخير. «و القال و القيل و القالة» فى الشر. و القول مصدر و القال و القيل اسمان له. و القال الابتداء و القيل الجواب. و الاقلال: قلة المال.
 (6). المدرج و المدرجة: المذهب و المسلك يعنى أن للقلوب شواهد تعرج الانفس عن مسالك أهل التقصير الى درجات المقربين. و لعل الصواب [تعرج الا نفس‏].
 (7). الفطنة: الحذق و الفهم و هي مبتدأ و خبره قوله: «مما يدعو» يعنى أن الفطنة هى مما يدعو النفس الى الحذر من المخاطرات.
 (8). الخواطر: جمع خاطر: ما يخطر بالقلب و النفس من أمر أو تدبير و العقول تزجر و تنهى عنها.

 

 

                        تحف العقول، النص، ص: 97
الرشاد و كفاك أدبا لنفسك ما تكرهه من غيرك عليك «1» لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه لقد خاطر من استغنى برأيه «2». و التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم و من استقبل وجوه الآراء عرف مواقف الخطإ «3» و من أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول «4» و من حصر شهوته فقد صان قدره و من أمسك لسانه أمنه قومه و نال حاجته «5» و في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال و الأيام توضح لك السرائر الكامنة و ليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة «6» و من عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار و الهيبة و أشرف الغنى ترك المنى و الصبر جنة من الفاقة و الحرص علامة الفقر و البخل جلباب المسكنة و المودة قرابة مستفادة و وصول معدم خير من جاف مكثر «7» و الموعظة كهف لمن وعاها و من أطلق طرفه كثر أسفه «8» و من ضاق خلقه مله أهله-
__________________________________________________
 (1). و في الروضة [و عليك‏].
 (2). يقال: خاطر بنفسه عرضها للخطر أي أشرف نفسه للهلاك.
 (3). أي استشار الناس و أقبل نحو آرائهم و لاحظها واحدا واحدا و تفكر فيها فمن طلب الآراء من وجوهها الصحيحة انكشف له مواقع الخطاء و احترس منه.
 (4). أي حكم العقول بعدالة رأيه و صوابه.
 (5). أمنه- بالفتح- أى أمن قومه من شره و يحتمل بالمد من باب الافعال أي آمن من شر قومه أو عد قومه أمينا و نال إلحاحه التي توهم حصولها في إطلاق اللسان.
 (6). يقال: خطف البرق البصر: استلبه بسرعة و ذهب به. و المستمتع: المنتفع و المتلذذ، يعنى لا ينفعك ما يبصر و ما يسمع كالبرق الخاطف بل ينبغي أن تواظب و تستضي‏ء دائما بانوار الحكم لتخرجك من ظلمات الجهل و يحتمل أن يكون المراد لا ينفع ما يبصر و ما يسمع من الآيات و المواعظ مع الانغماس في ظلمات المعاصى و الذنوب.
 (7). قد مضى هذه العبارة و بيان ما فيها في وصيته عليه السلام لابنه الحسين سلام الله عليه و يحتمل أيضا أن يكون المراد أن الفقير المتودد خير من الغنى المتجافى. قوله: وعاها أي حفظها و جمعها.
 (8). الطرف- بسكون الراء: العين و- بالتحريك-: اللسان أي و من اطلق عينه و نظره كثر أسفه. و في الروضة بعد هذا الكلام هكذا [و قد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله و قل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح أو إحسان‏].

 

 

                        تحف العقول، النص، ص: 98
و من نال استطال «1» قلما تصدقك الأمنية التواضع يكسوك المهابة و في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق «2» من كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه تحر القصد من القول فإنه من تحرى القصد خفت عليه المؤن «3» في خلاف النفس رشدها من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد ألا و إن مع كل جرعة شرقا و في كل أكلة غصصا لا تنال نعمة إلا بزوال أخرى لكل ذي رمق قوت و لكل حبة آكل و أنت قوت الموت «4» اعلموا أيها الناس أنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها و الليل و النهار يتسارعان في هدم الأعمار أيها الناس كفر النعمة لؤم «5» و صحبة الجاهل شؤم من الكرم لين الكلام إياك و الخديعة فإنها من خلق اللئام ليس كل طالب يصيب و لا كل غائب يئوب لا ترغب فيمن زهد فيك رب بعيد هو أقرب من قريب سل عن الرفيق قبل الطريق و عن الجار قبل الدار استر عورة أخيك لما تعلمه فيك «6» اغتفر زلة صديقك ليوم‏
__________________________________________________
 (1). النيل: إصابة الشي‏ء. يقال: نال من عدوه اي بلغ منه مقصوده يعنى من أصاب شيئا من أسباب الشرف كالمال و العلم يتفضل و يترفع غالبا و يمكن أن يكون هذا نظير قوله: «من جاد ساد» فالمراد أن الجود و الكرم غالبا يوجبان الفخر و الاستطالة. و الأمنية: البغية و ما يتمنى الإنسان، يعنى في الغالب امنيتك كاذبة.
 (2). و في الروضة بعد هذا الكلام كذا [كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره‏].
 (3). أي اقصد الوسط العدل من القول و جانب التعدى و الافراط و التفريط ليخف عليك المئونة.
 (4). قد مضى هذه الكلمات في وصاياه عليه السلام أيضا.
 (5). اللوم- بالفتح غير مهموز-: الملامة و مهموزا: ضد الكرم. و اللئام: جمع لئيم و- بالضم-:
الدنى و قد لؤم الرجل- بالضم- لؤما.
 (6). في الروضة بعد هذه الجملة هكذا [ألا و من أسرع في المسير أدركه المقيل، استر عورة أخيك كما يعلمها فيك‏]. و في بعض النسخ [لما يعلمها].

 

 

                        تحف العقول، النص، ص: 99
يركبك عدوك من غضب على من لا يقدر أن يضره طال حزنه و عذب نفسه من خاف ربه كف ظلمه و من لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة إن من الفساد إضاعة الزاد ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا و ما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي و الذنوب «1» ما أقرب الراحة من التعب و البؤس من التغيير «2» ما شر بشر بعده الجنة و ما خير بخير بعده النار و كل نعيم دون الجنة محقور و كل بلاء دون النار عافية عند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر «3» تصفية العمل أشد من العمل تخليص النية عن الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد هيهات لو لا التقى كنت أدهى «4» العرب عليكم بتقوى الله في الغيب و الشهادة «5» و كلمة الحق في الرضا و الغضب و القصد في الغنى و الفقر و بالعدل على العدو و الصديق و بالعمل في النشاط و الكسل و الرضا عن الله في الشدة و الرخاء و من كثر كلامه كثر خطؤه و من كثر خطؤه قل حياؤه و من قل حياؤه قل ورعه و من قل ورعه مات قلبه و من مات قلبه دخل النار و من تفكر اعتبر و من اعتبر اعتزل و من اعتزل سلم و من ترك الشهوات كان حرا و من ترك الحسد كانت له المحبة عند
__________________________________________________
 (1). في الروضة [هيهات هيهات و ما تناكرتم الا لما فيكم من المعاصى و الذنوب‏]. أى ليس تناكركم إلا لذنوبكم و عيوبكم.
 (2). و في الروضة و بعض النسخ [من النعيم‏] و المراد بالتغيير سرعة تقلب أحوال الدنيا.
 (3). أي إذا أراد الإنسان تصحيح ضميره عن النيات الفاسدة و الأخلاق الذميمة تظهر له العيوب الكبيرة الكامنة في النفس و الأخلاق الذميمة التي خفيت عليه تحت أستار الغفلات.
 (4). الدهاء: جودة الراى، و الحذق و بمعنى المكر و الاحتيال و هو المراد هاهنا و في الروضة [لو لا التقى لكنت أدهى العرب‏] و من كلام له عليه السلام «و الله ما معاوية بأدهى منى و لكنه يغدر و يفجر. و لو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس؛ و لكن كل غدرة فجرة و كل فجرة كفرة.
و لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة. و الله ما استغفل بالمكيدة و لا استغمز بالشديدة».
 (5). قد مضى هذا الكلام إلى آخر الخطبة في وصيته صلوات الله عليه لابنه الحسين عليه السلام و لذا لم يذكر في الروضة و فيها بعد هذا الكلام [أيها الناس ان الله عز و جل وعد نبيه محمدا صلى الله عليه و آله الوسيلة و وعده الحق‏] إلى آخر ما خطبه عليه السلام.

 

                        تحف العقول، النص، ص: 100
الناس عز المؤمن غناه عن الناس القناعة مال لا ينفد و من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير و من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه العجب ممن يخاف العقاب فلا يكف و يرجو الثواب و لا يتوب و يعمل الفكرة تورث نورا و الغفلة ظلمة و الجهالة ضلالة و السعيد من وعظ بغيره و الأدب خير ميراث حسن الخلق خير قرين ليس مع قطيعة الرحم نماء و لا مع الفجور غنى العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت إلا بذكر الله و واحد في ترك مجالسة السفهاء- رأس العلم الرفق و آفته الخرق و من كنوز الإيمان الصبر على المصائب و العفاف زينة الفقر و الشكر زينة الغنى كثرة الزيارة تورث الملالة و الطمأنينة قبل الخبرة ضد الحزم إعجاب المرء بنفسه يدل على ضعف عقله لا تؤيس مذنبا فكم من عاكف على ذنبه ختم له بخير و كم من مقبل على عمله مفسد في آخر عمره صائر إلى النار بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد طوبى لمن أخلص لله عمله و علمه و حبه و بغضه و أخذه و تركه و كلامه و صمته و فعله و قوله- لا يكون المسلم مسلما حتى يكون ورعا و لن يكون ورعا حتى يكون زاهدا و لن يكون زاهدا حتى يكون حازما و لن يكون حازما حتى يكون عاقلا و ما العاقل إلا من عقل عن الله و عمل للدار الآخرة و صلى الله على محمد النبي و على أهل بيته الطاهرين‏

 

**************

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏4، ص: 221
إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ و يعيد و هو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد و قال تعالى و الله من ورائهم محيط الأعلى سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى و الذي قدر فهدى و الذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى الناس قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس.
1- يد، التوحيد لي، الأمالي للصدوق ابن عصام عن الكليني عن محمد بن علي بن معن عن محمد بن علي بن عاتكة عن الحسين بن النضر الفهري عن عمرو الأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده ع قال: قال أمير المؤمنين ع في خطبة خطبها بعد موت النبي ص بتسعة أيام و ذلك حين فرغ من جمع القرآن فقال الحمد لله الذي أعجز الأوهام أن تنال إلا وجوده و حجب العقول عن أن تتخيل ذاته في امتناعها من الشبه و الشكل بل هو الذي لم يتفاوت في ذاته و لم يتبعض بتجزية العدد في كماله فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن و تمكن منها لا على الممازجة و علمها لا بأداة لا يكون العلم إلا بها و ليس بينه و بين معلومه علم غيره إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود و إن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم فسبحانه و تعالى عن قول من عبد سواه و اتخذ إلها غيره علوا كبيرا.
ف، تحف العقول الخطبة المعروفة بالوسيلة الحمد لله الذي أعدم الأوهام أن تنال إلى وجوده إلى آخر ما مر.
أقول سيأتي الخطبة بتمامها في أبواب المواعظ مع شرحها.

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 280
باب 14 خطبه صلوات الله عليه المعروفة
1- ف «3»، تحف العقول خطبة الوسيلة «4» الحمد لله الذي أعدم الأوهام أن تنال إلى وجوده «5» و حجب العقول أن تتخيل «6» ذاته- لامتناعها من الشبه و التشاكل بل هو الذي لا تتفاوت ذاته و لا تتبعض بتجزية العدد في كماله فارق الأشياء لا باختلاف الأماكن و يكون فيها
__________________________________________________
 (1) كذا.
 (2) هنا بياض مقدار صفحة.
 (3) التحف ص 92.
 (4) هذه الخطبة قد أخرجها الكليني- رحمه الله- في كتاب الروضة بتمامها مع اختلاف كثير و لذلك تعرضنا لتلك الاختلافات في الهامش. و الحراني رحمة الله عليه اختار منها ما اقتضاه كتابه (تحف العقول) و قد صرح به.
 (5) أعدم فلانا منه أي منع و في الروضة «منع الاوهام».
 (6) في الروضة «أن يتخيل».

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 281
لا على الممازجة و علمها لا بأداة- لا يكون العلم إلا بها و ليس بينه و بين معروفه علم غيره «1» كان عالما لمعلومه- إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود و إن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم «2» فسبحانه و تعالى عن قول من عبد سواه فاتخذ إلها غيره علوا كبيرا نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه و أوجب قبوله على نفسه أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله شهادتان ترفعان القول و تضعان العمل «3» خف ميزان ترفعان منه و ثقل ميزان توضعان فيه و بهما الفوز بالجنة و النجاة من النار و الجواز على الصراط و بالشهادة تدخلون الجنة و بالصلاة تنالون الرحمة فأكثروا من الصلاة على نبيكم- إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما- أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الإسلام و لا كرم أعز من التقوى و لا معقل أحرز من الورع و لا شفيع أنجح من التوبة و لا لباس أجل من العافية و لا وقاية أمنع من السلامة و لا مال أذهب بالفاقة من الرضا و القنوع- و من اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة و الرغبة مفتاح التعب و الاحتكار مطية النصب و الحسد آفة الدين و الحرص داع إلى التقحم في الذنوب و هو داع إلى الحرمان- «4» و البغي سائق إلى الحين و الشره جامع لمساوي العيوب «5» رب طمع خائب و
__________________________________________________
 (1) يحتمل الإفاضة و التوصيف فعلى الأول فالمراد أنه لا يتوسط بينه و بين معلومه علم غيره و على الثاني فالمراد أن ذاته المقدسة كافية للعلم و لا يحتاج الى علم أي صورة علمية غير ذاته تعالى، بهذه الصورة العلمية و بارتسامها كان عالما بمعلومه كما في الممكنات.
 (2) أي ليس كونه موجودا في الازل عبارة عن مقارنته للزمان أزلا لحدوث الزمان بل بمعنى أن ليس لوجوده ابتداء أو أنه تعالى ليس بزمانى و «كان» يدل على الزمانية فتأويله أن معنى كونه أزلا أن وجوده يمتنع عليه العدم و لعل المعنى الأخير في الفقرة الثانية متعين.
 (3) تضعان خلاف ترفعان أي تثقلان. و في الروضة «و تضاعفان العمل».
 (4) قد مضى هذه الكلمات مع اختلاف يسير في وصيته لابنه الحسين عليهما السلام.
 (5) الحين- بفتح المهملة و المثناة التحتانية-: الهلاك و المحنة و الشرة غلبة الحرص و الغضب و الطيش و الحدة و النشاط. و في بعض النسخ «الشره» و هو الحرص أيضا.

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 282
أمل كاذب و رجاء يؤدي إلى الحرمان و تجارة تئول إلى الخسران- ألا و من تورط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفضحات النوائب و بئست القلادة الدين للمؤمن «1»- أيها الناس إنه لا كنز أنفع من العلم و لا عز أنفع من الحلم و لا حسب أبلغ من الأدب و لا نصب «2» أوجع من الغضب و لا جمال أحسن من العقل و لا قرين شر من الجهل و لا سوأة أسوأ «3» من الكذب و لا حافظ أحفظ من الصمت و لا غائب أقرب من الموت- أيها الناس إنه من نظر في عيب نفسه شغل عن عيب غيره و من رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره و من سل سيف البغي قتل به و من حفر لأخيه بئرا وقع فيها و من هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته و من نسي زلته «4» استعظم زلل غيره و من أعجب برأيه ضل و من استغنى بعقله زل و من تكبر على الناس ذل و من سفه على الناس شتم و من خالط العلماء وقر و من خالط الأنذال حقر و من حمل ما لا يطيق عجز- أيها الناس إنه لا مال هو أعود من العقل «5» و لا فقر هو أشد من الجهل و لا واعظ هو أبلغ من النصح «6» و لا عقل كالتدبير و لا عبادة كالتفكر و لا مظاهرة أوثق من المشاورة «7» و لا وحدة أوحش من العجب و لا ورع كالكف «8» و لا حلم‏
__________________________________________________
 (1) و في الروضة «و بئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن».
 (2) النصب: الثعب و المشقة الذي يتفرع على الغضب و هو من أخس المتاعب اذ لا ثمرة له و لا داعى إليه إلا عدم تملك النفس و في بعض نسخ الروضة «و لا نسب أوضع من الغضب».
 (3) السوأة: الخلة القبيحة و الجمع سوءات.
 (4) الزلة: السقطة و الخطيئة. و في بعض النسخ و الروضة «و من نسى زلله».
 (5) الاعود: الانفع.
 (6) النصح: الخلوص.
 (7) المظاهرة: المعاونة. و العجب: الكبر و اعجاب المرء بنفسه و بفضائله و أعماله.
 (8) و في الروضة «كالكف عن المحارم» و في بعض نسخ الروضة «و لا حكم كالصبر و الصمت». أى و لا حكمة.

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 283
كالصبر و الصمت- أيها الناس إن في الإنسان عشر خصال يظهرها لسانه شاهد يخبر عن الضمير و حاكم يفصل بين الخطاب و ناطق يرد به الجواب و شافع تدرك به الحاجة و واصف تعرف به الأشياء و أمير يأمر بالحسن و واعظ ينهى عن القبيح و معز تسكن به الأحزان و حامد تجلى به الضغائن و مؤنق يلهي الأسماع «1»- أيها الناس إنه لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل «2» اعلموا أيها الناس أنه من لم يملك لسانه يندم و من لا يتعلم يجهل و من لا يتحلم لا يحلم «3» و من لا يرتدع لا يعقل و من لا يعقل يهن و من يهن لا يوقر و من يتق ينج- «4» و من يكسب مالا من غير حقه يصرفه في غير أجره «5» و من لا يدع و هو محمود يدع و هو مذموم «6» و من لم يعط قاعدا منع قائما «7» و من يطلب العز بغير حق يذل و من عاند الحق لزمه الوهن و من تفقه وقر و من تكبر حقر و من لا يحسن لا يحمد
__________________________________________________
 (1) المعز من التعزية بمعنى التسلية، و الضغائن جمع الضغينة بمعنى الحقد، و في الروضة و حاضر تجلى به الضغائن». و المونق: العجب. و في الروضة «و مونق يتلذذ به».
 (2) الحكم- بالضم-: الحكمة.
 (3) أي لا يحصل ملكة الحلم الا بالتحلم و هو تكلف الحلم.
 (4) الردع: الرد و الكف. «و من لا يرتدع» أي من لا ينزجر عن القبائح بنصح الناصحين لا يكون عاقلا و لا يكمل عقله و لا يعقل قبح القبائح. و في الروضة «و من لا يوقر يتوبخ».
 (5) أي فيما لا يوجر عليه في الدنيا و الآخرة.
 (6) أي من لا يترك الشر و ما ينبغي على اختيار يدعه على اضطرار و لا يحمد بهذا الترك.
 (7) أي من لم يعط المحتاجين حال كونه قاعدا يقوم عنده الناس و يسألونه يبتلى بان يفتقر الى سؤال غيره فيقوم بين يديه و يسأله و لا يعطيه.

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 284
أيها الناس إن المنية قبل الدنية و التجلد قبل التبلد «1» و الحساب قبل العقاب و القبر خير من الفقر و عمى البصر خير من كثير من النظر و الدهر يوم لك و يوم عليك «2» فاصبر فبكليهما تمتحن- أيها الناس أعجب ما في الإنسان قلبه «3» و له مواد من الحكمة و أضداد من خلافها فإن سنح له الرجاء أذله الطمع «4» و إن هاج به الطمع أهلكه الحرص و إن ملكه اليأس قتله الأسف و إن عرض له الغضب اشتد به الغيظ و إن أسعد بالرضا نسي التحفظ «5» و إن ناله الخوف شغله الحزن «6» و إن اتسع بالأمن استلبته الغرة و إن جددت له نعمة أخذته العزة «7» و إن أفاد مالا أطغاه الغنى و إن عضته فاقة «8» شغله البلاء و إن أصابته مصيبة فضحه الجزع و إن أجهده الجوع قعد به الضعف و إن أفرط في الشبع كظته البطنة «9» فكل تقصير به‏
__________________________________________________
 (1) المنية: الموت. و الدنية: الذلة يعنى أن الموت خير من الذلة، فالمراد بالقبلية القبلية بالشرف. و في النهج «المنية و لا الدنية و التعلل و لا التوسل» و هو أوضح. و التجلد:
تكلف الشدة و القوة. و التبلد ضده.
 (2) زاد في الروضة «فاذا كان لك فلا تبطر و إذا كان عليك- الخ» و لعله سقط من قلم النساخ.
 (3) في النهج «و لقد علق بنياط هذا الإنسان بضعة هي أعجب ما فيه و ذلك القلب».
 (4) سنح له: بدا و ظهر.
 (5) التحفظ: التوقى و التحرز من المضرات.
 (6) و في الروضة و النهج «شغله الحذر».
 (7) الغرة- بالكسر-: الاغترار و الغفلة. و استلبته أي سلبته عن رشده و يمكن أن تكون «العزة» بالاهمال و الزاى.
 (8) «أفاد مالا» أي أعطاه اياه. و عضته أي اشتد عليه الفاقة و الفقر.
 (9) و في الروضة و النهج «و ان جهده الجوع قعد به الضعف». و الكظة- بالكسر-:
ما يعترى الإنسان عند امتلائه من الطعام، يقال: كظ الطعام فلانا أي ملأه حتى لا يطيق التنفس. و البطنة- بالكسر-: الامتلاء المفرط من الاكل.

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 285
مضر و كل إفراط له مفسد- أيها الناس من قل ذل و من جاد ساد و من كثر ماله رأس «1» و من كثر حلمه نبل «2»- و من فكر في ذات الله تزندق «3» و من أكثر من شي‏ء عرف به و من كثر مزاحه استخف به و من كثر ضحكه ذهبت هيبته فسد حسب من ليس له أدب إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال ليس من جالس الجاهل بذي معقول من جالس الجاهل فليستعد لقيل و قال «4» لن ينجو من الموت غني بماله و لا فقير لإقلاله- أيها الناس إن للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط «5» فطنة الفهم للمواعظ مما يدعو النفس إلى الحذر من الخطإ «6» و للنفوس خواطر للهوى و العقول تزجر و تنهى «7» و في التجارب علم مستأنف و الاعتبار يقود إلى الرشاد و كفاك أدبا لنفسك ما تكرهه من غيرك «8» عليك لأخيك المؤمن مثل‏
__________________________________________________
 (1) رأس بفتح الهمزة أي هو رئيس للقوم و يحتمل أن يكون من رأس يرؤس أي مشى متبخترا أو أكل كثيرا.
 (2) النبل: الفضل و الشرف و النجابة.
 (3) تزندق أي اتصف بالزندقة.
 (4) في اللغة: يستعمل «القول» فى الخير. «و القال و القيل و القالة» فى الشر. و القول مصدر و القال و القيل اسمان له. و القال الابتداء و القيل الجواب. و الاقلال: قلة المال.
 (5) المدرج و المدرجة: المذهب و المسلك يعنى أن للقلوب شواهد تعرج الانفس عن مسالك أهل التقصير الى درجات المقربين.
 (6) الفطنة: الحذق و الفهم و هي مبدأ و خبره قوله: «مما يدعو» يعنى أن الفطنة هى مما يدعو النفس الى الحذر من المخاطرات.
 (7) الخواطر، جمع خاطر: ما يخطر بالقلب و النفس من أمر أو تدبير و العقول تزجر و تنهى عنها.
 (8) و في الروضة «و عليك».

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 286
الذي لك عليه لقد خاطر من استغنى برأيه «1» و التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم و من استقبل وجوه الآراء عرف مواقف الخطاء «2» و من أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول «3» و من حصر شهوته فقد صان قدره و من أمسك لسانه أمنه قومه و نال حاجته- «4» و في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال و الأيام توضح لك السرائر الكامنة و ليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة «5» و من عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار و الهيبة و أشرف الغنى ترك المنى و الصبر جنة من الفاقة و الحرص علامة الفقر و البخل جلباب المسكنة و المودة قرابة مستفادة و وصول معدم خير من جاف مكثر «6» و الموعظة كهف لمن وعاها و من أطلق طرفه كثر أسفه «7» و من ضاق خلقه‏
__________________________________________________
 (1) يقال: خاطر بنفسه عرضها للخطر أي أشرف نفسه للهلاك.
 (2) أي استشار الناس و اقبل نحو آرائهم و لاحظها واحدا واحدا و تفكر فيها فمن طلب الآراء من وجوهها الصحيحة انكشف له مواقع الخطاء و احترس منه.
 (3) أي حكم القول بعدالة رأيه و صوابه.
 (4) أمنه- بالفتح- أى أمن قومه من شره، و يحتمل بالمد من باب الافعال أي آمن من شر قومه أوعد قومه أمينا و نال الحاجة التي توهم حصولها في اطلاق اللسان.
 (5) يقال: خطف البرق البصر: استلبه بسرعة و ذهب به. و المستمتع: المنتفع و المتلذذ، يعنى لا ينفعك ما يبصر و ما يسمع كالبرق الخاطف بل ينبغي أن تواظب و تستضي‏ء دائما بانوار الحكم لتخرجك من ظلمات الجهل، و يحتمل أن يكون المراد لا ينفع ما يبصر و ما يسمع من الآيات و المواعظ مع الانغماس في ظلمات المعاصى و الذنوب.
 (6) قد مضى هذه العبارة و بيان ما فيها في وصيته عليه السلام لابنه الحسين سلام الله عليه و يحتمل أيضا أن يكون المراد أن الفقير المتودد خير من الغنى المتجافى. قوله:
 «وعاها» أي حفظها و جمعها.
 (7) الطرف- بسكون الراء: العين. و- بالتحريك-: اللسان أي و من اطلق عينه و نظره كثر أسفه. و في الروضة بعد هذا الكلام هكذا «و قد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله و قل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح أو احسان».

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 287
مله أهله و من نال استطال «1» قل ما تصدقك الأمنية التواضع يكسوك المهابة و في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق «2» من كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه- تحر القصد من القول فإنه من تحرى القصد خفت عليه المؤن «3» في خلاف النفس رشدها من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد ألا و إن مع كل جرعة شرقا و في كل أكلة غصصا- لا تنال نعمة إلا بزوال أخرى لكل ذي رمق قوت و لكل حبة آكل و أنت قوت الموت «4»- اعلموا أيها الناس أنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها و الليل و النهار يتسارعان في هدم الأعمار- أيها الناس كفر النعمة لؤم «5» و صحبة الجاهل شؤم من الكرم لين الكلام إياك و الخديعة فإنها من خلق اللئام ليس كل طالب يصيب و لا كل غائب يئوب- لا ترغب فيمن زهد فيك رب بعيد هو أقرب من قريب سل عن الرفيق قبل الطريق و عن الجار قبل الدار استر عورة أخيك لما تعلمه فيك- «6» اغتفر زلة
__________________________________________________
 (1) النيل: اصابة الشي‏ء. يقال: نال من عدوه أي بلغ منه مقصوده يعنى من أصاب شيئا من أسباب الشرف كالمال و العلم يتفضل و يترفع غالبا و يمكن أن يكون هذا نظير قوله:
 «من جادساد» فالمراد أن الجود و الكرم غالبا يوجبان الفخر و الاستطالة. و الامنية: البغية و ما يتمنى الإنسان، يعنى في الغالب امنيتك كاذبة.
 (2) و في الروضة بعد هذا الكلام كذا «كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره».
 (3) أي أقصد الوسط العدل من القول و جانب التعدى و الافراط و التفريط ليخف عليك المئونة.
 (4) قد مضى هذه الكلمات في وصاياه عليه السلام أيضا.
 (5) اللوم- بالفتح غير مهموز-: الملامة و مهموزا: ضد الكرم. و اللئام: جمع لئيم و- بالضم-: الدنى و قد لؤم الرجل- بالضم- لؤما.
 (6) في الروضة بعد هذه الجملة هكذا «ألا و من أسرع في المسير أدركه المقيل، استر عورة أخيك كما يعلمها فيك». و في بعض النسخ «لما يعلمها».

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 288
صديقك ليوم يركبك عدوك من غضب على من لا يقدر أن يضره طال حزنه و عذب نفسه من خاف ربه كف ظلمه و من لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة إن من الفساد إضاعة الزاد ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا و ما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي و الذنوب «1» ما أقرب الراحة من التعب و البؤس من التغيير «2»- ما شر بشر بعده الجنة و ما خير بخير بعده النار و كل نعيم دون الجنة محقور و كل بلاء دون النار عافية عند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر «3» تصفية العمل أشد من العمل و تخليص النية عن الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد- هيهات لو لا التقى كنت أدهى العرب «4» عليكم بتقوى الله في الغيب و الشهادة «5» و كلمة الحق في الرضى و الغضب و القصد في الغنى و الفقر و بالعدل على العدو و الصديق و بالعمل في النشاط و الكسل و الرضا عن الله في الشدة و الرخاء و من كثر كلامه كثر خطاؤه و من كثر خطاؤه قل حياؤه و من قل حياؤه قل ورعه و من قل ورعه مات قلبه و من مات قلبه دخل النار من تفكر اعتبر و من اعتبر
__________________________________________________
 (1) في الروضة «هيهات هيهات و ما تناكرتم الا لما فيكم من المعاصى و الذنوب» أى ليس تناكرتم الا لذنوبكم و عيوبكم.
 (2) و في الروضة و بعض النسخ «من النعيم» و المراد بالتغيير سرعة تقلب أحوال الدنيا.
 (3) أي إذا أراد الإنسان تصحيح ضميره عن النياب الفاسدة و الأخلاق الذميمة تظهر له العيوب الكبيرة الكامنة في النفس و الأخلاق الذمية التي خفيت عليه تحت أستار الغفلات.
 (4) الدهاء جودة الرأى، و الحذق و بمعنى المكر و الاحتيال و هو المراد هاهنا. و في الروضة «لو لا التقى لكنت أدهى العرب» و من كلام له عليه السلام «و الله ما معاوية بأدهى منى و كنه يغدر و يفجر. و لو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس: و لكن كل غدرة فجرة و كل فجرة كفرة. و لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة. و الله ما استغفل بالمكيدة و لا استغمز بالتشديدة».
 (5) قد مضى هذا الكلام إلى آخر الخطبة في وصيته صلوات الله عليه لابنه الحسين عليه السلام و لم يذكر في الروضة و فيها بعد هذا الكلام «أيها الناس ان الله عز و جل وعد نبيه محمدا صلى الله عليه و آله الوسيلة و وعد الحق» الى آخر ما خطبه عليه السلام.

 

 


                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 289
اعتزل و من اعتزل سلم و من ترك الشهوات كان حرا و من ترك الحسد كانت له المحبة عند الناس عز المؤمن غناه عن الناس القناعة مال لا ينفد و من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير و من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه- العجب ممن يخاف العقاب فلا يكف و يرجو الثواب و لا يتوب و يعمل الفكر تورث نورا و الغفلة ظلمة و الجهالة ضلالة و السعيد من وعظ بغيره و الأدب خير ميراث حسن الخلق خير قرين ليس مع قطيعة الرحم نماء و لا مع الفجور غنى- العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت إلا بذكر الله وحده و واحد في ترك مجالسة السفهاء رأس العلم الرفق و آفته الخرق و من كنوز الإيمان الصبر على المصائب و العفاف زينة الفقر و الشكر زينة الغنى كثرة الزيارة تورث الملالة و الطمأنينة قبل الخبرة ضد الحزم إعجاب المرء بنفسه يدل على ضعف عقله- لا تؤيس مذنبا فكم من عاكف على ذنبه ختم له بخير و كم من مقبل على عمله مفسد في آخر عمره صائر إلى النار بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد طوبى لمن أخلص لله عمله و علمه و حبه و بغضه و أخذه و تركه و كلامه و صمته و فعله و قوله- لا يكون المسلم مسلما حتى يكون ورعا و لن يكون ورعا حتى يكون زاهدا و لن يكون زاهدا حتى يكون حازما و لن يكون حازما حتى يكون عاقلا و ما العاقل إلا من عقل عن الله و عمل للدار الآخرة و صلى الله على محمد النبي و على أهل بيته الطاهرين.

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 380
5- يد، التوحيد لي «3»، الأمالي للصدوق عن ابن عصام عن الكليني عن محمد بن علي بن معن عن محمد بن علي بن عاتكة عن الحسين بن النضر الفهري عن عمرو الأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده ع قال: قال أمير المؤمنين ع في خطبة خطبها بعد موت النبي ص بتسعة «4» أيام و ذلك حين فرغ من جمع القرآن فقال‏
__________________________________________________
 (1) المصدر ص 67.
 (2) الانفطار: 11- 13.
 (3) التوحيد ص 54 و المجالس ص 193.
 (4) في التوحيد «بسبعة» أيام.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 381
الحمد لله الذي أعجز الأوهام أن تنال إلا وجوده و حجب العقول أن تتخيل ذاته في امتناعها من الشبه و الشكل بل هو الذي لم يتفاوت في ذاته و لم يتبعض بتجزئة العدد في كماله فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن و تمكن منها لا على الممازجة و علمها لا بأداة لا يكون العلم إلا بها و ليس بينه و بين معروفه علم غيره إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود- و إن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم فسبحانه و تعالى عن قول من عبد سواه و اتخذ إلها غيره علوا كبيرا نحمده بالحمد الذي ارتضاه لخلقه و أوجب قبوله على نفسه- و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله شهادتان ترفعان القول و تضاعفان العمل خف ميزان ترفعان منه و ثقل ميزان توضعان فيه و بهما الفوز بالجنة و النجاة من النار و الجواز على الصراط و بالشهادتين تدخلون الجنة و بالصلاة تنالون الرحمة فأكثروا من الصلاة على نبيكم و آله- إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الإسلام و لا كرم أعز من التقوى و لا معقل أحرز من الورع و لا شفيع أنجح من التوبة و لا كنز أنفع من العلم و لا عز أرفع من الحلم و لا حسب أبلغ من الأدب و لا نصب أوضع من الغضب و لا جمال أزين من العقل و لا سوأة أسوأ من الكذب و لا حافظ أحفظ من الصمت و لا لباس أجمل من العافية و لا غائب أقرب من الموت- أيها الناس إنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها و الليل و النهار مسرعان في هدم الأعمار و لكل ذي رمق قوت و لكل حبة آكل و أنت قوت الموت و إن من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد لن ينجو من الموت غني بماله و لا فقير لإقلاله- أيها الناس من خاف ربه كف ظلمه و من لم يرع في كلامه أظهر هجره و من لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهم «1» ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا هيهات هيهات و ما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي‏
__________________________________________________
 (1) في المجالس «بهيمة».

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 382

و الذنوب فما أقرب الراحة من التعب و البؤس من النعيم و ما شر بشر بعده الجنة و ما خير بخير بعده النار و كل نعيم دون الجنة محقور و كل بلاء دون النار عافية

 

 

*********************

الحمد لله الذی اعجز الاوهام

الوهم

کشاف اصطلاحات الفنون  و العلوم، ج 2، ص 1808-1809

الوهم: [في الانكليزية] Illusion،  chimera،  imagination [في الفرنسية] Illusion،  chimere،  imagination

بالفتح و سكون الهاء قد يطلق على الاعتقاد المرجوح، و المراد بالاعتقاد التصديق و الحكم. هذا لكن المختار أنّ الوهم من قبيل التصوّر و قد سبق في لفظ الحكم.

و قد يطلق على القوة الوهمية من الحواس الباطنة و هي قوة مرتّبة في الدماغ كلّه لكن الأخصّ بها هو آخر التجويف الأوسط من الدماغ المسمّى بالدودة تدرك المعاني الجزئية الموجودة في المحسوسات، كالقوة الحاكمة في الشاة بأنّ الذئب مهروب عنه، و الولد معطوف عليه. و استدلّ الحكماء على وجوده بأنّه لا بدّ من قوة مدركة للمعاني الجزئية و تلك القوة غير الحواس الظاهرة إذ المعاني هي ما لا تدرك بإحدى الحواس الظاهرة، و كذا غير الحسّ المشترك و الخيال لأنّه لا يرتسم فيهما إلاّ ما يتأدّى إليهما من الحواس الظاهرة، و تلك المعاني لم تتأدّ منها إليهما، و غير الحافظة إذ القبول غير الحفظ و غير المتصرّفة لأنّ فعلها التركيب و التفصيل، و غير النفس لأنّها لا تدرك الجزئيات بالذات و لأنّ هذا الإدراك موجود في الحيوانات. و هاهنا أبحاث فمن أرادها فليرجع إلى شرح المواقف و شرح التجريد و غيرهما. 

قال الصوفية الوهم محتد عزرائيل عليه السلام من محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم، خلق اللّه وهم محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم من نور اسمه الكامل، و خلق عزرائيل عليه السلام من نور وهم محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم، فلما خلق اللّه و هم هذا الإنسان من نور الكمال أظهره في الوجود بلباس القهر، فأقوى شيء يوجد في الإنسان القوة الواهمة فإنّها تغلب العقل و الفكر و المصورة و المدركة، و أقوى الملائكة عزرائيل عليه السلام لأنّه خلق منه. فلهذا حين أمر اللّه الملائكة أن تقبض من الأرض قبضة ليخلق منها آدم عليه السلام لم يقدر أحد أن يقبض منها إلاّ عزرائيل لأنّها كلما نزل بها ملك من الملائكة أقسمت عليه باللّه أن يتركها فتركها، فلما نزل بها عزرائيل أقسمت عليه فاستدرجها في قسمها فقبض منها ما أمره اللّه أن يقبض، و تلك القبضة هي روح الأرض فخلق اللّه من روحها جسد آدم، فلذا تولّى عزرائيل قبض الأرواح لما أودع اللّه فيه من القوة الكمالية المتجلّية في مجلى القهر و الغلبة. ثم إنّ هذا الملك عندهمن المعرفة بأحوال جميع من يقبض روحه ما لا يمكن شرحه فيتخلّق لكلّ جنس بصورة، و قد يأتي إلى بعض الأشخاص في غير صورة بل بسيطا فينفس مقابلة للروح تتعشق به فتطلب الخروج من الجسد و قد مسكها الجسد و تعلّقت به للتعشّق الأول الذي بين الروح و الجسد، فيحصل النزاع بين المنازعة الخاصة العزرائيلية له و بين تعشّقه بالجسد إلى أن يغلب عليه الجذب العزرائيلي فتخرج، و هذا الخروج أمر عجيب. اعلم أنّ اللّه تعالى جعل الوهم مرآة نفسه و مجلى قدسه، ليس في العالم شيء أسرع إدراكا منه، له التصرّف في جميع الموجودات، به تعبد اللّه العالم و بنوره نظر إلى آدم و به مشى من مشى على الماء، و به طار من طار في الهواء، و هو نور اليقين و أصل الاستيلاء و التمكين، من سخّر له هذا النور و حكم عليه تصرّف به في الوجود العلوي و السفلي و من حكم عليه سلطان الوهم لعب في أموره فتاه في ظلام الحيرة بنوره. ثم اعلم أنّ اللّه لما خلق الوهم قال له أقسمت أن لا أتجلّى لأهل التقليد إلاّ فيك، و لا أظهر للعالم إلاّ في مخافيك، فعلى قدر ما تصعدهم إلي تدلّهم عليّ، و على قدر ما تنكس عني بأنوارهم تهلكهم في بوارهم. فقال له الوهم: أي و ربّي أقم المرقاة بالاسم و الصفات ليكون علما إلى منصة الذات. فأقام اللّه فيه الأنموذج المنير، فانتقش في جداره بالهيئة و التقدير، و تحكّم فيه عبودية الحقّ تعالى، فأقسم على نفسه باسم ربّه. و الآن لا يزال تفتح هذه الأفعال بتلك المفاتيح الثقال إلى أن يلج جمله في سمّ خياط الجمال إلى فضاء صحراء الكمال، فيعبد فيه الحقّ المتعال، فحينئذ ألبسه اللّه خلعة التقريب و قال له: أحسنت أيّها الملك الأديب، ثم كساه حلّتين الأولى من النور الأخضر مكتوب على طرازها بالكبريت الأحمر اَلرَّحْمٰنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسٰانَ، عَلَّمَهُ الْبَيٰانَ . و أمّا الحلّة الثانية فهي القاصية الدانية قد نسجت من سواد الطغيان مكتوب على طرازها بقلم الخذلان: إِنَّ الْإِنْسٰانَ لَفِي خُسْرٍ . فلما نزل هذا النور و أخذ بين العالم في الظهور خلق اللّه من نزوله الجنة و أكلها آدم فخرج بها من الحبة فتأمّل كذا في الإنسان الكامل.

 

 

                        هزار و يك كلمه، ج‏5، ص: 37
كلمه 435
شيخ رئيس در اواسط فصل نهم مقاله سوم الهيات شفاء گويد: «الوهم هو القانون فى الأمور المحسوسة و ما يتعلق بها» (ص 152- بتصحيح و تعليق راقم بر آن).
و در فصل اول مقاله چهارم كتاب نفس شفاء فرموده است:و فى الانسان للوهم احكام خاصة من جملتها حمله النفس على أن تمنع وجود
                      

 

  هزار و يك كلمه، ج‏5، ص: 38

اشياء لا تتخيّل و لا ترتسم فيه، و تأبّيها التصديق بها؛ فهذه القوة لا محالة موجودة فينا، و هي الرئيسة الحاكمة فى الحيوان حكما ليس فصلا كالحكم العقلى، و لكن حكما تخيّليّا مقرونا بالجزئية و بالصورة الحسية، و عنه تصدر اكثر الأفعال الحيوانية. و قد جرت العادة بأن يسمى مدرك الحس المشترك صورة، و مدرك الوهم معنى (نفس شفا به تصحيح و تعليق راقم بر آن، ص 231).
به نكته 515 كتاب ما هزار و يك نكته در اين كه وهم مرتبه نازله عقل است يعنى وهم عقل ساقط است رجوع شود.
و جناب صائن الدين علىّ بن تركه در تمهيد القواعد (ط 1، چاپ سنگى، ص 64) در بيان سرّ خلقت وهم، چه نيكو فرموده است:
من جملة حكم اللّه البديعة أن جعل الوهم حارسا لحضرته المنيعة أن يكون شريعة لكل بصيرة حولاء و فطانة بتراء إلا لعباده المخلصين الذين فتح اللّه بصيرتهم بنور اليقين حتى رأوا الحق على ما هو عليه بنوره المبين وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ.
رساله بسيار گرانقدر ما به نام وحدت از ديدگاه عارف و حكيم را در پيرامون اين كلمه اهميّت به سزا است.

 

 

نكته 515
غرض ما در اين نكته اين است كه و هم مرتبه نازله عقل‏

 

                        هزار و يك نكته، ص: 272
است و به‏عبارت‏ديگر و هم عقل ساقط است. بدانكه مشاء انواع ادراك را چهار نوع دانسته، و شيخ در فصل دوم مقاله دوم نفس شفاء بتفصيل عنوان كرده است (ج 1 ط 1 ص 295) و از انواع تعبير به اصناف فرموده است بدين عبارت: الفصل الثانى فى تحقيق اصناف الادراكات التى لنا الخ فتدبر.
و عجب اينكه در فصل هشتم نمط سوم اشارات، تثليث در اقسام ادراك فرموده است و آن را بعنوان تنبيه ذكر كرده است كه: تنبيه الشى‏ء قد يكون محسوسا عند ما يشاهد الخ و محقق خواجه نصير الدين در شرح آن در بيان انواع ادراك چهارگانه داد سخن را داده است او چنين آغاز فرموده است:
لما فرغ من بيان معنى الادراك أراد أن ينبه على انواعه و مراتبها، و انواع الادراك اربعة احساس و تخيل و توهم و تعقل، فالاحساس ادراك الشى‏ء الخ.
در كلام شيخ كه متن است به تثليث اقسام ادراك، و شرح خواجه به تربيع آن تأمل لازم است بخصوص كه در شفاء تعبير به اصناف نموده است و در اشارات تثليث را معنون به تنبيه كرده است.
و صدر المتالهين مطابق اصل اصيل تثليث كه عوالم را سه قسم مى‏داند انواع ادراك را نيز سه قسم مى‏داند و وهم را عقل ساقط مى‏داند و اين مطلب اسنى و اسمى را در چهار جاى كتاب شريف اسفار كه ام‏الكتاب مؤلفات او است عنوان مى‏كند اول در فصل چهاردهم طرف اول مرحله دهم آن كه در اتحاد عاقل بمعقول است در اينجا بطور اجمال مطلب را عنوان فرمود بدين عبارت:
اعلم ان الفرق بين الادراك الوهمى و العقلى ليس بالذات بل امر خارج عنه و هو الاضافة الى الجزئى و عدمها فبالحقيقة الادراك ثلاثة انواع كما ان العوالم ثلاثة و الوهم كأنه عقل ساقط

 

                        هزار و يك نكته، ص: 273
مرتبته (ج 1 رحلى ص 291).
موضع دوم در فصل سوم باب پنجم كتاب نفس اسفار كه بطور تفصيل در آن بحث فرموده است و براى مدعى حجت اقامه نموده است بدين صورت:
اعلم أن الوهم عندنا و ان كان غير القوى التى ذكرت الا انه ليست له ذات مغايرة للعقل بل هو عبارة عن اضافة الذات العقلية الى شخص جزئى و تعلقها به و تدبيرها له. فالقوة العقلية المتعلقة بالخيال هو الوهم، كما ان مدركاته هى المعانى الكلية المضافة الى صور الشخصيات الخيالية و ليس للوهم فى الوجود ذات أخرى غير العقل كما ان الكلى الطبيعى و الماهية من حيث هي لا حقيقة لهما غير الوجود الخارجى او العقلى.
و الحجة على ما ذكرنا ان القوة الوهمية اذا ادركت عداوة شخص معين، فاما أن تكون مدركة للعداوة لا من حيث انها فى الشخص المعين، او لم تدركها الا من حيث انها فى الشخص المعين؛ فان كان الاول فالوهم قد ادرك عداوة كلية فالوهم هو العقل. و ان كان الثانى فمن الظاهر المكشوف فى العقل ان العداوة ليست صفة قائمة بهذا الشخص، و على تقدير قيامها به كانت محسوسة كوجوده و وحدته فان (تعليل لكون وجوده و وحدته محسوسين) وجود الجسم الشخصى عين جسميته و وحدته عين اتصاله، و كان ادراك عداوته كادراك وجوده و وحدته فكان ادراكه حينئذ بالحس لا بالوهم.
و بالجملة كل معنى معقول كلى اذا وجد فى الاشخاص الجزئية فوجوده فيها اما باعتبار ان الذهن ينتزع منها ذلك المعنى كالعلية و المعلولية و التقدم و التأخر و سائر الاضافات كالابوة و البنوة و غيرها؛ و اما باعتبار ان لها صورة فى تلك الاشخاص كالسواد و الرائحة و الطعم، فادراك القسم الاول اما بالعقل الصرف و ذلك اذا كان ادراكها مع قطع النظر عن متعلقاتها، و اما بالوهم‏

 

                        هزار و يك نكته، ص: 274
اذا ادركت متعلقة بشخص معين أو اشخاص معينة و ادراك القسم الثانى (و هو ما لها صورة فى الاشخاص) بشى‏ء من الحواس او بالخيال. فالعداوة مثلا من قبيل القسم الاول و ان كانت متعلقة بخصوصية فهى امر كلى مضاف الى تلك الخصوصية و ليس لها قيام بالاجسام و ادراكها بالوهم لا بالحس فالوهم يدرك الكلى المقيد بقيد جزئى (ج 4 ط 1 ص 52).
موضع سوم در آخر فصل پنجم همين باب مذكور از كتاب نفس اسفار كه نسبت به حجت مذكور متمم و مكمل يكديگرند و در اين موضع بتحقيقى انيق مدعى را اثبات مى‏نمايد بدين بيان: و التحقيق ان وجود الوهم كوجود مدركاته أمر غير مستقل الذات و الهوية (يعنى بل هو مرتبة نازلة من العقل) و نسبة مدركاته الى مدركات العقل كنسبة الحصة من النوع الى الطبيعة الكلية النوعية، فان الحصة طبيعة مقيدة بقيد شخصى على أن يكون القيد خارجا عنها و الاضافة اليه داخلا فيها على انها اضافة لا على أنها مضاف اليه، و على انها نسبة و تقييد لا على أنها ضميمة و قيد فالعداوة المطلقة يدركها العقل الخالص، و العداوة المنسوبة الى الصورة الشخصية يدركها العقل المتعلق بالخيال. و العداوة المنضمة الى الصورة الشخصية يدركها العقل المشوب بالخيال. فالعقل الخالص مجرد عن الكونين (اى الكون الخارجى، و الكون الخيالى) ذاتا و فعلا؛ و الوهم مجرد عن هذا العالم ذاتا و تعلقا و عن الصورة الخيالية ذاتا لا تعلقا و الخيال مجرد عن هذا العالم ذاتا لا تعلقا. و نسبة الارادة أى القوة الاجماعية الى الشهوية الحيوانية فى باب التحريك كنسبة الوهم الى الخيال فى باب الادراك و كل واحدة منهما عندنا قوة مجردة عن المادة (ج 4 ط 1 ص 59).
و موضع چهارم در آخر فصل اول باب نهم كتاب نفس (ص 118 ط 1 ج 4): الوهم عقل مضاف الى الحس.

 

                        هزار و يك نكته، ص: 275
قبل از ملا صدرا، استادش ميرداماد در جذوه يازدهم جذوات وهم را مدرك بر سبيل استقلال و انفراد ندانسته است يعنى آن را مرتبه نازله عقل و عقل ساقط دانسته است و عبارتش در جذوات اين است: در كتاب نفس از علم طبيعى و در طبقات علم ما فوق الطبيعة به منصه تبيين و ميقات تقرير رسيده و ما در كتاب تقويم الايمان بر جهت قصوى و نمط اقصى باذن الله سبحانه بيان كرده‏ايم كه مراتب ادراكات انسانى از رهگذر حواس خمسه جسدانى و حاسه سادسه عقلانى منحصر در چهار نوع است احساس و تخيل و توهم و تعقل، اگرچه وهم بر سبيل استقلال و انفراد مدرك نيست يا آنكه رئيس حواس و والى مشاعر دماغية نيست بلكه به مشاركت خيال ادراك مى‏كند و ازاينجهت مدركاتش كه معانى غير محسوسه است تخصص جزئيت و خصوصيت شخصيت مى‏يابد و بنا بر ملاحظه اين اعتبار شريك سالف ما در نمط ثالث اشارات تثليث قسمت كرده انواع ادراكات را سه شمرده است، الخ.
راقم گويد كه ما در كتاب عرفان و حكمت متعاليه به منصه ثبوت رسانده‏ايم كه مطالب عرشى و ثقيل كتاب شريف اسفار منقول از صحف كريمه عرفانيه است و جناب صدر المتالهين آنها را مبرهن فرموده است و ما مآخذ آنها را از صحف عرفانية چون فتوحات مكيه و فصوص الحكم و غيرهما، در كتاب يادشده ذكر كرده‏ايم و در حواشى اسفار يادداشت نموده‏ايم و تحرير آن هنوز به پايان نرسيده است، مقصود اين كه از جمله مسائل همين مسئله بودن و هم مرتبه نازله عقل است كه علاوه بر اين كه جناب شيخ رئيس در اشارات قائل به تثليث اقسام شده است و در شفاء هم تعبيرش آن بوده است كه بعرض رسانده‏ايم علامه قيصرى در اواخر شرح فص آدمى فصوص الحكم فرمايد:
و من أمعن النظر يعلم أن القوة الوهمية التى اذا قويت‏
                  

 

      هزار و يك نكته، ص: 276
و تنورت تصير عقلا مدركا للكليات و ذلك لانه نور من انوار العقل الكلى المنزل الى العالم السفلى مع الروح الانسانى فصغر و ضعف نوريته و ادراكه لبعده من منبع الانوار العقلية فتسمى بالوهم فاذا رجع و تنور بحسب اعتدال المزاج الانسانى قوى ادراكه و صار عقلا من العقول كذلك العقل ايضا و يصير عقلا مستفادا (ص 91 چاپ سنگى اعلاى ايران).
و ديگر اينكه ما مطلب شريف اين نكته را در رساله علم كه در دست تاليف است عنوان كرده‏ايم و براى تقريب بدان چنين تمثيل و تقرير نموده‏ايم:
سخن در انواع عديده بودن ادراكات است، اين عنوان اعنى انواع عديده بودن ادراكات جدا بايد محفوظ باشد؛ حال گوييم مثلا ابصار نوعى از انواع احساس و ادراك است آيا اگر مبصر از روزنه‏اى و سوراخ سوزنى مرئى شود، بصرف اين كه از سوراخ و روزنه مرئى شده است و مبصر محدود و مقيد گرديده است دو نوع احساس يعنى ابصار است و يا يك نوع است؟ بايد گفت يك نوع احساس به نام ابصار است هر چند يكى موسع و ديگرى مضيق است و همچنين ابصارهاى بصر قوى و ضعيف. همچنين معناى مطلق و معناى مقيد هر دو يك معنى‏اند جز اين كه يكى مقيد و محدود است و ديگرى مطلق و مرسل.
اطلاق و تقييد معنى موجب دو نوع ادراك نمى‏گردد هر چند بوسيله دو آلت و دو قوه بوده باشد فافهم.

 

 

                        مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏1، ص: 276
ثم نفي كونه محسوسا بالحواس الباطنة بقوله لا تدركه الأوهام، لأن الوهم رئيس الحواس الباطنة، يدرك بعض الجزئيات بواسطة بعض الحواس كالصور الجزئية بوساطة الحس المشترك و يدرك المعاني الجزئية المادية بلا واسطة فنفى كونه مدركا بالوهم يستلزم كونه غير مدرك بشي‏ء من الحواس الباطنة مع أنه في اللغة يطلق الوهم على جميع الحواس الباطنة، بل على ما يعم العقل أيضا أحيانا.

 

                        شرح الكافي-الأصول و الروضة (للمولى صالح المازندراني)، ج‏3، ص: 248
 «الشرح»
 (محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: لا تدركه الأبصار قال: إحاطة الوهم) أي الإدراك المنفي «1» إحاطة الوهم له و إدراكه إياه دون الإدراك العيني لأن عدم إدراك العين له ظاهر لا سترة فيه و المراد بالوهم الإدراك المتعلق بالقوة العقلية المتعلقة بالمعقولات و القوة الوهمية المتعلقة بالمحسوسات جميعا و قد شاع ذلك في الاستعمال، و دل عليه مضامين الأخبار دون الأخير فقط






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Wednesday - 14/2/2024 - 14:5

فاكثروا من الصلاة علی نبیکم

                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏3، ص: 428
باب نوادر الجمعة
1- الحسين بن محمد عن عبد الله بن عامر عن علي بن مهزيار عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال: تقول في آخر سجدة من النوافل بعد المغرب ليلة الجمعة اللهم إني أسألك بوجهك الكريم و اسمك العظيم أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تغفر لي ذنبي العظيم سبعا.
2- علي بن محمد و محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن القداح عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص أكثروا من الصلاة علي في الليلة الغراء و اليوم الأزهر- ليلة الجمعة و يوم الجمعة فسئل إلى كم الكثير قال إلى مائة و ما زادت فهو أفضل.

                        شرح الكافي-الأصول و الروضة (للمولى صالح المازندراني)، ج‏11، ص: 208
بالصلاة تنالون الرحمة، أكثروا من الصلاة علي نبيكم «إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما» صلى الله عليه و آله و سلم تسليما.
أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الاسلام و لا كرم أعز من التقوى و لا معقل أحرز من الورع و لا شفيع أنجح من التوبة و لا لباس أجمل من العافية و لا وقاية أمنع‏
__________________________________________________
و هو الوسط (و بالصلاة تنالون الرحمة) المراد بالصلاة الصلاة على النبي «ص» و بالرحمة القرب و الكرامة، و رفع الدرجة (أكثروا من الصلاة على نبيكم) ذكر أم لم يذكر و مرجع الاكثار العرف و اختلف الامة فى وجوبها فقال بعض العامة وجبت فى العمر مرة و قال بعضهم فى كل مجلس و قال بعضهم كلما ذكر، منهم الزمخشرى و هو منقول عن ابن بابويه من أصحابنا (إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما)
 قيل المراد بالتسليم الانقياد له و قيل السلام عليك ايها النبي و هو المنقول من الزمخشرى و القاضى فى تفسيرهما و من الشيخ فى تبيانه، و استدل بهذه الآية من قال بجواز استعمال المشترك فى معنييه فان الصلاة من الله الرحمة و من الملائكة الاستغفار و هى مستعملة فيهما و أجاب المانع أولا بان المراد بالصلاة هنا معنى واحد و هو الاعتناء باظهار الشرف و لو مجازا و ثانيا بتقدير فعل للاول أى أن الله يصلى و مثله شايع.

 

 

                        دعائم الإسلام، ج‏1، ص: 179
و عنه ص أنه قال: أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة فإنه يوم تضاعف فيه الأعمال.

 

                        جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع، ص: 449
ذكر رواية أخرى في الصلاة على النبي محمد و آله ص بعد صلاة العصر من يوم الجمعة
حدث أبو المفضل محمد بن عبد الله قال حدثنا عصمة بن نوح قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الله‏


                        جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع، ص: 450
بن سنان عن أبي عبد الله ع قال: إذا كان يوم القيامة بعث الله تعالى الأيام و يبعث الجمعة أمامها كالعروس ذات كمال و جمال تهدى إلى ذي دين و مال فتقف على باب الجنة و الأيام خلفها فيشفع لكل من أكثر الصلاة فيها على محمد و آل محمد ع قال ابن سنان فقلت كم الكثير في هذا و في أي زمان أوقات يوم الجمعة أفضل قال مائة مرة و ليكن ذلك بعد العصر قال و كيف أقولها قال تقول اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم مائة مرة.

                        وسائل الشيعة، ج‏7، ص: 386
 «2» 43- باب استحباب الإكثار من الصلاة على محمد و آل محمد في ليلة الجمعة و يومها و استحباب الصلاة عليهم يوم الجمعة ألف مرة و في كل يوم مائة مرة
9651- 1- «3» محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله ع إذا كانت عشية الخميس و ليلة الجمعة- نزلت ملائكة من السماء و معها أقلام الذهب و صحف الفضة لا يكتبون عشية الخميس و ليلة الجمعة- و يوم الجمعة إلى أن تغيب الشمس إلا الصلاة على النبي و آله.
و رواه المفيد في المقنعة مرسلا «4»
.
9652- 2- «5» و في الخصال عن أبيه عن سعد عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع مثله و زاد و يكره السفر و السعي في الحوائج يوم الجمعة- يكره من أجل الصلاة فأما بعد الصلاة فجائز يتبرك به.
__________________________________________________
 (1)- تقدم في الباب 56 من أبواب أحكام المساجد.
 (2)- الباب 43 فيه 7 أحاديث.
 (3)- الفقيه 1- 424- 1251.
 (4)- المقنعة- 26.
 (5)- الخصال- 393- 95، أورده في الحديث 4 من الباب 7 من أبواب آداب السفر، و أورد مثله عن الفقيه بسند آخر في الحديث 1 من الباب 52 من هذه الأبواب.

                        وسائل الشيعة، ج‏7، ص: 387
9653- 3- «1» و في ثواب الأعمال عن أبيه عن سعد عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه (عن أحمد بن أبي المنذر) «2» عن الحسن بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا ع قال: قال رسول الله ص من صلى علي يوم الجمعة مائة صلاة «3» قضى الله له ستين حاجة ثلاثون «4» للدنيا و ثلاثون «5» للآخرة.
9654- 4- «6» و عن محمد بن موسى بن المتوكل عن محمد بن جعفر عن موسى بن عمران عن الحسين بن يزيد عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال: من قال في يوم الجمعة مائة مرة- رب صل على محمد و على أهل بيته- قضى الله له مائة حاجة ثلاثون منها للدنيا.
9655- 5- «7» محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عذافر عن عمر بن يزيد قال: قال لي أبو عبد الله ع يا عمر إنه إذا كان ليلة الجمعة- نزل من السماء ملائكة بعدد الذر في أيديهم أقلام الذهب و قراطيس الفضة لا يكتبون إلى ليلة السبت- إلا الصلاة على محمد و آل محمد صلوات الله عليهم فأكثر منها و قال يا عمر إن من السنة أن تصلي على محمد و أهل بيته في كل جمعة ألف مرة و في سائر الأيام مائة مرة.
و رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله «8».
9656- 6- «9» و عن علي بن محمد و محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن‏
__________________________________________________
 (1)- ثواب الأعمال- 187- 1.
 (2)- ليس في المصدر. و هو الموافق للبحار 94- 60- 43.
 (3)- في المصدر- مرة.
 (4)- في نسخة زيادة- حاجة" هامش المخطوط".
 (5)- في نسخة زيادة- حاجة" هامش المخطوط".
 (6)- ثواب الأعمال- 190- 1.
 (7)- الكافي 3- 416- 13.
 (8)- التهذيب 3- 4- 9.
 (9)- الكافي 3- 428- 2.


                        وسائل الشيعة، ج‏7، ص: 388
جعفر بن محمد الأشعري عن ابن «1» القداح عن أبي عبد الله ع قال: قال رسول الله ص أكثروا من الصلاة علي في الليلة الغراء و اليوم الأزهر ليلة الجمعة و يوم الجمعة- فسئل إلى كم الكثير قال إلى مائة و ما زادت فهو أفضل.
9657- 7- «2» و عن محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن حسان عن الحسن بن الحسين عن علي بن عبد الله عن يزيد بن إسحاق عن هارون بن خارجة عن المفضل عن أبي جعفر ع قال: ما من شي‏ء يعبد الله به يوم الجمعة- أحب إلي من الصلاة على محمد و آل محمد.

 

 

                        مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، ج‏6، ص: 70
الجمعة له نور ساطع تتبعه سائر الأيام كأنه عروس كريمة ذات وقار تهدى إلى ذي حلم و شأن ثم يكون يوم الجمعة شاهدا لمن حافظ و سارع إليه ثم يدخل المؤمنون على قدر سبقهم إلى الجنة « (1)».
6459- «2» الجعفريات، حدثني أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان المعروف بابن السقاء الحافظ رحمه الله حدثنا عبد الله بن وصيف مولى هاشم بمكة سنة سبع و ثلاثمائة حدثنا أبو حمة بن يوسف اليماني حدثنا أبو قرة موسى بن طارق ذكر ذلك عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله ص: إذا كان يوم الجمعة بعث الله تعالى ملائكة يقفون على أبواب المساجد و معهم صحف من نور و أقلام من نور فيكتبون الأول فالأول فإذا سمعوا النداء حضروا الخطبة.
 «» 35- باب استحباب الإكثار من الصلاة على محمد و آل محمد في ليلة الجمعة و يومها و استحباب الصلاة عليهم يوم الجمعة ألف مرة و في كل يوم مائة مرة
6460- «1» جعفر بن أحمد في كتاب العروس، عن أبي عبد الله ع قال: إذا كانت عشية الخميس ليلة الجمعة نزلت الملائكة من السماء معها أقلام الذهب و صحف الفضة لا يكتبون عشية الخميس و ليلة الجمعة و يوم الجمعة إلى أن تغيب الشمس‏
__________________________________________________
 (1) الظاهر يدخل المؤمنون الجنة على قدر سبقهم إلى الجمعة. منه (قده).
2- الجعفريات ص 101.
الباب 35.
1- العروس ص 49.
                        مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، ج‏6، ص: 71
إلا الصلاة على محمد و آل محمد.
6461- «2»، و قال الصادق ع: الصلاة ليلة الجمعة و يوم الجمعة بألف حسنة و يرفع له ألف درجة و أن المصلي على محمد و آل محمد ليلة الجمعة يزهر نوره في السماوات إلى أن تقوم الساعة و ملائكة الله في السماوات يستغفرون له و يستغفر له الملك الموكل بقبر النبي ص إلى أن تقوم الساعة.
6462- «3»، و عن أبي عبد الله ع قال: من السنة الصلاة على محمد و آل محمد يوم الجمعة ألف مرة و في غير يوم الجمعة مائة مرة و من صلى على محمد و آل محمد في يوم الجمعة مائة صلاة و استغفر مائة مرة و قرأ قل هو الله أحد مائة مرة غفر له البتة.
6463- «4» فقه الرضا، ع قال رسول الله ص: أكثروا الصلاة علي في الليلة الغراء و اليوم الأزهر فقال الليلة الغراء ليلة الجمعة و اليوم الأزهر يوم الجمعة فيهما لله طلقاء و عتقاء و هو يوم العيد لأمتي أكثروا الصدقة فيهما و قال ع أكثر من الصلاة على رسول الله ص في ليلة الجمعة و يومها و إن قدرت أن تجعل ذلك ألف كرة فافعل فإن الفضل فيه و قد نروي أنه إذا كانت عشية الخميس نزلت ملائكة معها أقلام من نور و صحف من نور لا يكتبون إلا الصلاة على رسول الله ص إلى آخر النهار من يوم الجمعة.
__________________________________________________
2- العروس ص 50.
3- العروس ص 53، و عنه في البحار ج 89 ص 355.
4- فقه الرضا (عليه السلام) ص 11- 12، و عنه في البحار ج 89 ص 360.
                        مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، ج‏6، ص: 72
6464- «5» دعائم الإسلام، عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي ع أن رسول الله ص قال: أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة فإنه يوم يضاعف فيه الأعمال.
6465- «6»، قال جعفر بن محمد ع: إن الله تبارك و تعالى يبعث ليلة كل جمعة « (1)» ملائكة إذا انفجر الفجر يوم الجمعة يكتبون « (2)» الصلاة على محمد و آله إلى الليل.
6466- «7» الشهيد الثاني في رسالة الجمعة، عن النبي ص قال: أكثروا من الصلاة علي في كل جمعة فمن كان أكثركم صلاة علي كان أقربكم مني منزلة و من صلى علي يوم الجمعة مائة مرة جاء يوم القيامة و على وجهه نور و من صلى علي في يوم الجمعة ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة.
6467- «8» القطب الراوندي في لب اللباب، عن النبي ص قال: و من صلى علي يوم الجمعة مائة مرة غفرت له خطيئة ثمانين سنة.
__________________________________________________
5- دعائم الإسلام ج 1 ص 179، و عنه في البحار ج 89 ص 364.
6- دعائم الإسلام ج 1 ص 179، و عنه في البحار ج 89 ص 364.
 (1) أثبتناه من المصدر.
 (2) و فيه: لم يكتبوا إلا.
7- رسالة الجمعة:، و عنه في البحار ج 89 ص 358.
8- لب اللباب: مخطوط، في البحار ج 94 ص 64 ح 52 عن جامع الأخبار ص 70 مثله:




کلام قاضی سعید

شرح توحید الصدوق، ج 1، ص 449-453

[كلام في معنى الصلاة و الصلاة على النبيّ (ص)] و أمّا قوله: «و بالصلاة تنالون الرّحمة» فوجهه أنّ الصلاة من العباد هو استدعاؤهم من اللّه إفاضة الرحمة، و طلبهم منه سبحانه استدامة الإشراقات النّورية و الأنوار الإلهيّة على أشرف الأنفس الطّاهرة. و ذلك الدعاء بالحقيقة هو تصحيح من العبد نسبة و خصوصيّة الى الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و إلاّ فهو صلّى اللّه عليه و آله مستغن باللّه عن جميع ما سواه. و الرّحمة الإلهيّة و الخيرات الرّبانيّة دائمة الإفاضة عليه بسبب ما أتعب نفسه في جنب اللّه و جاهد في سبيله و بلّغ عنه و شرع الإسلام و الطريق الموصل إليه؛ فإذا صحّت نسبة العبد الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالصّلاة و الدّعاء و لا شك أنّه صلّى اللّه عليه و آله هو الواسطة في إفاضة الرحمة على سائر البريّة كما قال سبحانه: وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ‌ سواء في ذلك خلائق من الأوّلين و الآخرين أفيض من فضل تلك الأنوار و يرشح من طفح هذه الرّحمات المختصّة بقائد الأبرار بقدر شدّة نسبة ذلك العبد و ضعفه عليه؛ فالعبد بسبب الصلاة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، ينال الرّحمة الخاصّة و إن كان له نصيب من فيض الرحمة العامّة التي له صلّى اللّه عليه و آله بالنظر الى جميع البريّة.

قال أبو حامد الغزالي: في جواب من سأل عنه ما معنى صلاة اللّه سبحانه على من صلّى على النبيّ؟ و ما معنى صلاتنا عليه‌؟ و ما معنى استدعاؤه من أمّته الصلاة‌؟. الجواب: أمّا صلاة اللّه على نبيّه و على المصلّين عليه فمعناها إفاضة أنواع الكرامات؛ و أمّا صلاتنا و صلاة الملائكة عليه فهو سؤال و ابتهال في طلب الكرامة و رغبة في إفاضتها عليه - لا كقول القائل غفر اللّه له فانّ ذلك كالتّرحّم و طلب السّتر و العفو - و لذلك تخصص الصلاة. و أمّا استدعاؤه الصلاة من أمّته فلثلاثة أمور: أحدها، الأدعية مؤثرة في استدرار فضل اللّه و نعمته لا سيّما في الجمع. و الثاني، ارتياحه كما قال صلّى اللّه عليه و آله: «انّي أباهي بكم الأمم» كما يرتاح العالم بكثرة تلامذته و كثرة ثباتهم و دعائهم الدّالة على كمال رشدهم و على كمال تأثّر إرشاده فيهم. الثالث، الشفقة على الأمّة بتحريصهم على ما هي حسنة في حقهم. - انتهى.

ثم أنّه عليه السلام لمّا شيّد هذا البنيان من البيان أمر بالصلاة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الإكثار منه شفقة على المستمعين حتى يغنموا بزيادة الرّحمة و يستفيدوا ارتفاع الدّرجة؛ فقال: «و أكثروا من الصلاة على نبيكم و آله لكي تستضيئوا بنوره و تسعدوا بفضل كرامات اللّه له و لآله» ثم علّل ذلك بانّ الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله أمر من عند اللّه و انّ اللّه عزّ و جلّ يصلّي عليه و ملائكته يصلّون عليه فائتمروا بأمر اللّه و تأدّبوا بآداب اللّه، فانّ أمر اللّه ممّا وجب و أدب اللّه خير الأدب، فقرأ: إِنَّ اللّٰهَ وَ مَلاٰئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً . فاعلم، انّ «الصلاة» من اللّه، هي إفاضة الرّحمة من دون وساطة، و من الملائكة هي التزكية، و من المؤمنين الدّعاء و طلب الرّحمة. و «التسليم»، هو تسليم ما بلّغ هو صلّى اللّه عليه و آله عن اللّه أو التسليم لوصيّه فضله، و لما نصّ هو من شأنه، و ما عهد به إليه، أو التسليم عليه بأن يقولوا: «صلّى اللّه عليه و آله و سلّم»، أو التسليم على وصيّه بإمرة المؤمنين بأن يقولوا: «السلام عليك يا أمير المؤمنين». ثم اعلم، انّ «الصلاة» أصلها من «صلا» النّار و من «الاصطلاء» بها، يقال صليت العود، إذا ليّنته بالنّار و صليت اللّحم إذا شويته. و الّتي يذكر بإزاء الرّحمة هي إفاضة اللّه النّور من لطفه على عبده، و الّتي يذكر بإزاء العبادة فهي اصطلاء العبد ببارقة من أنوار الحق. و لأجل ذلك الاصطلاء كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي و لصدره أزيز كأزيز المرجل.

قال بعض أهل المعرفة: الصلاة لغة: الدعاء و الذكر، و في عرف أهل التحقيق حقيقة إضافيّة رابطة بين الدّاعي و المدعوّ و العبد و الرّبّ‌. و يجوز إضافتها الى العبد باعتبار، و يجوز إضافتها الى الرّب باعتبار؛ فهي من قبل الحقّ رحمة و حنان و تجلّ و لطف و امتنان و من قبل الخلق دعاء و خضوع و استكانة و خشوع. و ينتظم من حروفها باعتبار «الاشتقاق الكبير» الّذي يعتبرها المحقّقون في علم الحروف، حقائق الارتباط و هي الوصلة و الصّلة و الوصل و الوصال و الصّولة و الصّلاء. و هذه الحقائق حقائق الارتباط و الجمع و المناسبة. و المعنى المشترك الجامع المعتبر في هذه التراكيب هو الجمع و التقريب و الاتّباع و التوحيد. و أمّا «الوصلة»، فاتّصال مجتمعين و اجتماع متّصلين بعد الانفصال. و «الصلة»، إيصال عطاء مرغوب و «الصّولة»، إيصال حركة قهريّة استيصالية. و «الصلاء» أن تحني الصلاء و هو الظهر للخشوع و الدعاء، طلبا لوصول ما يدعو فيه ممن يدعوه، هذا من جهة العبد؛ و أمّا وصلة الحق بعبده الكامل، فانما هو بالتّجلّي و التّنزّل و التّدلّي رحمة و حنانا و نعمة و إنعاما. و في صلاته يوصل العبد الكامل به و يجعله خليفة له على الخليقة. و «مصليا»، أي تابعا للحق المستخلف في الظهور بصورته و المظهرية الكاملة في الذّات و الصفات و الأسماء و الإخبار عنه و الإنباء، و كذلك صلته تعالى له بالتجلّيات الاختصاصية الذّاتية و التجلّيات الأسمائية لحقائق الاصطفاء و الاجتباء، و يعطيه الصولة من حوله و قوّته على الأعداء؛ فهذا بيان الصلاة الّتي نحن بصدده» - انتهى كلامه(1)


(1) . أي كلام بعض أهل المعرفة و هو ابن العربي.




کلام میرزا مهدی آشتیانی

تعلیقة علی شرح المنظومة للسبزواری، ص 47-52

قوله قده صلى من الصلات الخ ص 1 الصلات جمع الصلة اى من صلات كلمة من الموصوله فى قوله من علمنا الخ كما ان ما قبل هذا الكلام و هو قوله علمنا البيانا الى قوله و عقلنا بنوره قد اججا الخ من صلاتها ايضا و المراد من الصلوة عليه (ص) افاضة الرحمة العامة التامة الكاملة الالهية الصادرة عن الاسماء الذاتية التى هى مفاتيح غيب ذات الاحدية و هى اصل جميع الرحمات الذاتية و الصفاتية و الرحمانية و الرحيمية على جهة جمعه و روحه الاعظم الذى هو باب ابواب العقول و الارواح و جهة فرقه و جسده الشريف الاطهر الانور الذى هو اصل جميع الاجساد و الاشباح و انعكاسها و ترشحها منهما الى جميع الارواح و الاشباح من جهة مقارنة وجوده الارفع الاقدس مع كتاب الجمع و القضاء و مع النفس الرحمانى الذى هو اصل جميع الاشياء و مبدء كل مجد و علاء و بحكم انفسكم فى النفوس و ارواحكم فى الارواح الخ و فى الاتيان بقوله (قده) صلى بصورة الاخبار و جعله من الصلات دون الانشاء و الطلب و الدعاء؛ اشارة الى انه (ص) من الموجودات التامة دون الناقصة و المستكفية و ان استعداده (ص) و قابليته لقبول المواهب الالهية و العطيات الربانية و افاضة الرحمة الرحمانية و الرحيمية و المنح الذاتية و الاسمائية و الصفاتية الاحسانية و الامتنانية كان تاما بل فوق التمام بحيث لم يحتج فيها الى مؤنة الطلب و السؤال و سبق الاستدعاء بلسان الحال و القال بل كان امكانه الذاتى و لسانه الاستعدادى الذاتى و الاحدية الجمع الكمالى كافيا فى افاضة وجوده الكامل المكمل و كمالات وجوده التى هى مبدء كمال كل كامل كما قيل فى وصف تمامية قابليته و صفاء زجاجته:

از صفاى مى و لطافت جام

درهم آميخت رنك جام و مدام

همه‌جا مست و نيست گوئى مى

يا مدامست و نيست گوئى جام

رق الزجاج و رقت الخمر

فتشابها و تشاكل الامر

فكانما خمرو لا قدح

و كانما قدح و لا خمر

و اشارة ايضا الى ان جميع كمالاته قد حصل له (ص) فى الازل و لا حالة منتظرة له (ص) من حيث قلبه الجمعى و روحه الكلى الامرى و الى ان الصلوة عليه من مراتب حمد الحق تعالى و افراده كما مر فى باب الحمد شرحه و بيانه.

و فى جعل الصلوة عليه (ص) من موجبات الحمد و الثناء على قاطبة الاشياء لفياض كل وجود و مبدء كل جود و عطاء؛ اشارة الى انه (ص) الصادر الاول و مبدء العقول الطولية و العرضية و الانوار الجبروتية و الملكوتية، و يمكن ان يكون المراد به بحسب المعنى و الحقيقة الطلب و الدعاء لما ثبت فى الاصول من ان الجمل الخبرية التى تستعمل فى مقام الطلب اظهر فيه من الانشائية فحينئذ فى الاتيان بصيغة الماضى اشارة الى ان هذا سابق له فيما مضى من موطن الست و مواطن اخرى من عالم الاعيان الثابتة و حضرتى القدر و القضاء كما ورد فى الزيارة الجامعة و اشهد ان هذا سابق لكم فيما مضى و ايماء ايضا الى انه لا يمكن ان لا يستجاب هذا الطلب و الدعاء فى حقه عليه الاف التحية و الثناء مع ان الافعال المستعمله فى جانب الحق الاول تعالى و صفاته الوجوبية و وجوهه الباقية الامرية منسلخة عن الزمان و التجدد و الحدثان، فالصلوة عليه (ص) دائمة ازلا و ابدا متحققة دهرا سرمدا و فى جعل الصلوة عليه من النعم الواصلة الينا اشارة الى سريان نوره (ص) الذى هو نور فيض اللّه الاقدس المقدس و رحمته الواسعة الممدودة فى كل الاشياء. و فى ابتدائه (قده) فى تعداد نعم الحق بمقارنة الكتاب مع الانسان الكامل الختمى و ختمه بالصلوة عليه (ص) اشارة الى ان به (ص) الابتداء و اليه المنتهى و انه الغاية الاخيرة لايجاد الاشياء...

و اما سر وجوب الصلوة عليه: فاما لما ثبت فى العلوم الحقيقية، من لزوم المناسبة و السنخية بين الفاعل و القابل فى الافادة و الاستفادة و اخذ الفضائل و الفواضل، و فى افاضة الوجود و كمالاته الاولية و الثانوية و عدم تحقق المناسبة و السنخية بين المبدء الاعلى الذى هو فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى فى التقدس و التجرد و التنزه و المجد و البهاء و بين المنغمرين فى ظلمات الهوى و المنغمسين فى غسق المادة و وسخ الهيولى و انه لا بد فى الاستفادة منه تعالى من واسطة تكون برزخا بين الحضرتين و فائزا بالحسنتين و مجلى المشرقين و بالغا الى كمال المجد و الشرف و العلى حتى يستفيد من جهة جمعه و تجرده و امريته من المبدء الاعلى و يفيض من جهة خلقه و فرقه على من هو دونه من موجودات النشأة السفلى. و انحصار هذه البرزخية فى وجوده الارفع الاقدس الاسنى لاجل كونه (ص) صورة حضرة الاحدية و صاحب مقام قاب قوسين او ادنى التى هى برزخ البرازخ الكبرى،

او لما افاده المصنف قده فى شرح الاسماء بما يقرب من هذا بعد ما مهد اولا من انه لا ربط للحادث و القديم الا بواسطة، و للممكن بالواجب الا برابطة برزخية ذات حظ من الجانبين متمكنة فى الحد المشترك بين الطرفين بقوله (قده) انه لا بد للحادثين السائرين الى اللّه تعالى الطالبين له من جالس بين الحدين ذى حظ من الجانبين و مسافر من الخلق الى الحق ثم فى الحق اى التخلق باخلاق اللّه خلقا بعد خلق ثم من الحق الى الخلق ليقودهم اليه و يدلهم عليه فليكن بباطنه عقل الكل ليتأزر بازار الجبروت و يتردى برداء اللاهوت و يستمد من القوة الربانية و يعطى الحوادث الكيانية و قد ذكرنا ان العقول فى سلسلة العاديات بازاء العقول فى سلسلة الباديات كما بدئكم تعودون - نحن السابقون اللاحقون و بظاهره انسانا طبيعيا لحميا إِنْ نَحْنُ إِلاّٰ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ‌ ... وَ لَوْ جَعَلْنٰاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنٰاهُ رَجُلاً وَ لَلَبَسْنٰا عَلَيْهِمْ مٰا يَلْبِسُونَ‌ .

در بشر روپوش آمد آفتاب

فباعتبار صورته يجانسك ايها الانسان البشرى و باعتبار معناه يوصلك الى اصلك المنسى المذهول عنه يا آدم الترابى و لولاه فكما قيل:

دوست كجا؟ و تو كجا؟ اى دغل!

نور ازل را چه‌؟ به بلهم اضل

دوست كجا؟ و تو كجا؟ اى عنود!

مرده چه‌؟ باشد بر حى ودود

لسان الغيب: قطع اينمرحله بيهمرهى خضر مكن

ظلماتست بترس از خطر گمراهى

مثنوى: گفت پيغمبر على را كاى على!

شير حقى پهلوانى پر دلى

ليك بر شيرى مكن! تو اعتميد

و اندرآ! در سايه نخل اميد انتهى.

و اما لما قام عليه الدليل المفحم و البرهان القاطع المقحم من وجوب شكر المنعم و كونه (ص) منعما على كافة الموجودات و قاطبة الانيات من جهة كونه (ص) اول الصوادر الوجودية و واسطة لايجاد كل ممكن من الممكنات الامرية و الخلقية و كونه (ص) هاديا للكل بالهداية التكوينية و التشريعية.

و اما لما تطابق عليه السنة اهل الذوق و ارباب الكشف و الشهود من غناء ذاته المقدسة الوجوبية عن العالمين و انه لا ارتباط له تعالى مع الاشياء من حيث احديته الذاتية و ان تأثيره تعالى فى الاشياء من حيث مقام الالوهية و من جهة اسمائه الحسنى و صفاته العليا و كونه (ص) المظهر الاتم و المجلى الاكرم للاسم العظيم الاعظم الذى هو الموثر بتوسط مظهره فى جميع موجودات العالم فيجب التوسل به (ص) فى طلب الرحمة من مبدء كل جود و كرم.

و اما لكونه (ص) اول البغية و اخر الدرك لايجاد الممكنات و لجميع العطيات و الافاضات و علة غائية لسير السائرين و حركة المتحركات و اشواق المتشوقات.

مقصود من از كعبه و بتخانه توئى تو

مقصود توئى كعبه و بتخانه بهانه

و اما لان لسان فابليته (ص) اتم الالسنة و اكمل الاستعدادات فيجب ان يكون كل طلب بلسانه مع ان طلب الرحمة فى حقه (ص) دعاء لا يرد سائله و لا يخيب آمله و اذا وصلت الرحمة اليه تنعكس منه الى جميع العالم لكونه (ص) رحمة للعالمين و سريان نوره فى الخلائق اجمعين.

و اما من جهة ان قصور القاصرين و نقصان الناقصين ينجبر بكمال الكاملين فبالتوسل اليه و طلب الرحمة له (ص) ينجبر قصور السائل لو لم يكن مستحقا لافاضة الرحمة باتم الوسائل فيشمله عظيم مواهب الحق و جسيم نعم القيوم المطلق.

و اما من جهة ان به (ص) ينال كل ذيحق حقه و من اجل شفاعته الكبرى و خلته العظمى يصل كل شى الى كماله المترقب له...

و اما ان فائدة الصلوات هل تعود اليه (ص) محضا من جهة ان العطيات على حسب القابليات و ليس غيره قابلا لما يصل اليه من المواهب و الرحمات مع ان الاجابة و القبول حسب المطلوب و المسئول او تعود الى الامة صرفا نظرا الى انه (ص) من الموجودات التامة و لا حالة منتظرة له (ص) فى كمالاته حتى تعود اليه ما سنح من عطيات الحق و صلواته او تعود اليهما نظرا الى عدم قابلية غيره لما يصل اليه (ص) من الرحمة بالاصالة و الاستقلال مع ما لها من الشدة و الكمال لا ينافى قابليته لها بالتبعية و الرشح و الاستظلال و كونه (ص) من الموجودات التامة من جهة امره و جمعه لا ينافى كونه من المستكفية المستكملة الاخذة للكمال من باطن ذاتها من جهة خلقه و فرقه و ايضا تنافى سنوح الرحمة لتمامية الكلمة انما يكون اذا كان على سبيل الخلع و اللبس او اللبس بعد اللبس و لا يوجب ذلك اذا كان على سبيل القبض و البسط و بروز ما كمن فى باطنه (ص) من الفضائل و الكمالات؛ وجوه و اقوال اخيرها مختار اكثر ارباب الكمال و اللّه ولى الفضل و الافضال.

 










فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است