محمد بن يعقوب بن اسحاق الكليني(000 - 329 هـ = 000 - 941 م)




محمد بن يعقوب بن اسحاق الكليني(000 - 329 هـ = 000 - 941 م)
الكافي
روات كافي


کتاب رسائل الائمة و روایت اصحاب از این کتاب



الأعلام للزركلي (7/ 145)
الكُلِيني
(000 - 329 هـ = 000 - 941 م)
محمد بن يعقوب بن إسحاق، أبو جعفر الكليني: فقيه إمامي. من أهل كلين (بالريّ) كان شيخ الشيعة ببغداد، وتوفي فيها. من كتبه (الكافي في علم الدين - ط) ثلاثة أجزاء: الأول في أصول الفقه والأخيران في الفروع، صنفه في عشرين سنة، و (الرد على القرامطة) و (رسائل الأئمة) وكتاب في (الرجال) (1) .






رجال النجاشي، ص: 377
1026 محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكليني‏
- و كان خاله علان الكليني الرازي شيخ أصحابنا في وقته بالري و وجههم، و كان أوثق الناس في الحديث، و أثبتهم. صنف الكتاب الكبير المعروف بالكليني يسمى الكافي، في عشرين سنة. شرح كتبه: كتاب العقل، كتاب فضل العلم، كتاب التوحيد، كتاب الحجة، كتاب الإيمان و الكفر، كتاب الوضوء و الحيض، كتاب الصلاة، كتاب الصيام، كتاب الزكاة و الصدقة، كتاب النكاح و العقيقة، كتاب الشهادات، كتاب الحج، كتاب الطلاق، كتاب العتق، كتاب الحدود، كتاب الديات، كتاب الأيمان و النذور و الكفارات، كتاب المعيشة، كتاب الصيد و الذبائح، كتاب الجنائز، كتاب العشرة، كتاب الدعاء، كتاب الجهاد، كتاب فضل القرآن، كتاب الأطعمة، كتاب الأشربة، كتاب الزي و التجمل، كتاب الدواجن و الرواجن، كتاب الوصايا، كتاب الفرائض، كتاب الروضة و له- غير كتاب الكافي- كتاب الرد على القرامطة، كتاب رسائل الأئمة عليهم السلام، كتاب تعبير الرؤيا، كتاب الرجال، كتاب ما قيل في الأئمة عليهم السلام من الشعر، كنت أتردد إلى المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي، و هو مسجد نفطويه النحوي، أقرأ القرآن على صاحب المسجد، و جماعة من أصحابنا يقرءون كتاب الكافي على أبي الحسين أحمد بن أحمد الكوفي الكاتب حدثكم محمد بن يعقوب الكليني. و رأيت أبا الحسن (الحسين) العقراني، يرويه عنه، و روينا كتبه كلها عن جماعة شيوخنا محمد بن محمد و الحسين بن عبيد الله و أحمد بن علي بن نوح عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عنه. و مات أبو جعفر الكليني رحمه الله ببغداد، سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، سنة تناثر النجوم، و صلى عليه محمد بن جعفر الحسني أبو قيراط، و دفن بباب الكوفة. و قال لنا أحمد بن عبدون: كنت أعرف قبره و قد درس رحمه الله. و قال أبو جعفر الكليني: كل ما كان في كتابي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى، فهم محمد بن يحيى و علي بن موسى الكميذاني و داود بن كورة و أحمد بن إدريس و علي بن إبراهيم بن هاشم.










الكافي (ط - الإسلامية)، المقدمة، ص: 39
(وفاته)
مات- كما يقول النجاشي- ببغداد سنة 329 ه. سنة تناثر النجوم «2» و تاريخ وفاته عند الشيخ الطوسي- سنة 328 «3»، ثم وافق في كتاب الرجال «4» الذي ألفه من بعد، النجاشي.
و قال السيد رضي الدين ابن طاوس: «و هذا الشيخ محمد بن يعقوب كان حياته في زمن وكلاء المهدي عليه السلام- عثمان بن سعيد العمري، و ولده أبي جعفر محمد، و أبي القاسم حسين بن روح، و علي بن محمد السمري- و توفي محمد بن يعقوب قبل وفاة علي بن محمد السمري، لأن علي بن محمد السمري توفي في شعبان سنة 329 ه و هذا محمد بن يعقوب الكليني توفي ببغداد سنة 328 ه «1»» و ذكر ابن الأثير «2»، و ابن حجر «3» أنه توفي في تلك السنة.
و في الوجيزة للشيخ البهاء العاملي: توفي ببغداد سنة 30 أو 329 «4»».
و الصحيح- عندي- أن تاريخ الوفاة هو شهر شعبان سنة 329 «5»، و النجاشي أقدم و أقرب إلى عصر الكليني، و قد أيده الشيخ الطوسي، و العلامة الحلي، و هم أدرى من ابن الأثير و ابن حجر بتواريخ علماء الشيعة. و هذا لا ينافي وفاته قبل علي بن محمد السمري الذي توفي في شعبان سنة 329 ه، وفاقا للسيد ابن طاوس.
و صلى عليه محمد بن جعفر الحسني المعروف بأبي قيراط «6».







تاريخ دمشق لابن عساكر (56/ 297)
7126 - محمد بن يعقوب ويقال محمد بن علي أبو جعفر الكليني (4) من شيوخ الرافضة قدم دمشق وحدث ببعلبك عن أبي الحسين محمد بن علي الجعفري السمرقندي ومحمد بن أحمد الخفاف النيسابوري علي بن إبراهيم بن هاشم روى عنه أبو سعد الكوفي شيخ الشريف المرتضى أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى الموسوي وأبو عبد الله أحمد بن إبراهيم (5) وأبو القاسم علي بن محمد بن عبدوس الكوفي وعبد الله بن محمد بن ذكوان (6) أنبأنا أبو الحسن (7) بن جعفر قالا أنا جعفر بن أحمد بن الحسين بن السراج أنا أبو القاسم المحسن بن حمزة (8) الوراق بتنيس نا أبو علي الحسن بن علي بن جعفر الديبلي بتنيس في المحرم سنة خمس وتسعين وثلاثمائة نا أبو القاسم علي بن محمد بن عبدوس الكوفي أخبرني محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن موسى بن إبراهيم المحاربي عن الحسن بن موسى عن موسى بن عبد الله عن جعفر ابن محمد قال قال أمير المؤمنين إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله أخبرنا أبو محمد بن حمزة بقراءتي عليه عن أبي زكريا عبد الرحيم بن أحمد ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي أنا أبو إسحاق إبراهيم بن يونس أنا أبو زكريا وأخبرنا أبو الحسين أحمد بن سلامة بن يحيى أنا سهل بن بشر أنا رشأ بن نظيف قالا نا عبد الغني بن سعيد قال فأما الكليني بضم الكاف والنون بعد الياء فمحمد بن يعقوب الكليني من الشيعة المصنفين مصنف على مذاهب أهل البيت قرأت على أبي محمد بن حمزة عن أبي نصر بن ماكولا قال (1) وأما الكليني بضم الكاف وإمالة اللام وقبل الياء نون فهو أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي من فقهاء الشيعة المصنفين في مذهبهم روى عنه أبو عبد الله أحمد ابن إبراهيم الصيمري وغيره وكان ينزل بباب الكوفة في درب السلسلة ببغداد وتوفي فيها سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ودفن بباب الكوفة في مقبرتها قال الأمير بن ماكولا ورأيت أنا قبره بالقرب من صراة الطائي عليه لوح مكتوب فيه هذا قبر محمد بن يعقوب الرازي الكليني الفقيه




تاريخ الإسلام ت بشار (7/ 566)
419 - محمد بن يعقوب، أبو جعفر الكليني الرازي. [المتوفى: 328 هـ]
شيخ فاضل شهير، من رؤوس الشيعة وفقائهم المصنفين في مذاهبهم الرذلة.
روى عنه: أحمد بن إبراهيم الصيمري، وغيره. وكان ببغداد وبها مات. وقبره ظاهر عليه لوح.
والكليني: بضم الكاف وإمالة اللام والياء ثم بنون. قيده الأمير.



سير أعلام النبلاء ط الرسالة (15/ 280)
124 - الكليني أبو جعفر محمد بن يعقوب *
شيخ الشيعة، وعالم الإمامية، صاحب (التصانيف) ، أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي الكليني بنون.
روى عنه: أحمد بن إبراهيم الصيمري، وغيره.
وكان ببغداد، وبها توفي وقبره مشهور.
مات سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.
وهو بضم الكاف، وإمالة اللام.
قيده الأمين (2) .
__________
(2) " الإكمال ": 7 / 186.



الوافي بالوفيات (5/ 147)
3 - (الكليني الشيعي)
محمد بن يعقوب أبو جعفر الكليني بضم الكاف وإمالة اللام وقبل الياء الأخيرة نون من أهل الري سكن بغداذ إلى حين وفاته وكان من فقهاء الشيعة والمصنفين على مذهبهم حدث عن أبي الحسين محمد بن علي الجعفري السمرقندي ومحمد بن أحمد الخفاف النيسابوري وعلي بن إبراهيم بن هاشم توفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة



الكامل في التاريخ (7/ 87)
وفيها توفي محمد بن يعقوب أبو جعفر الكليني، وهو من أئمة الإمامية وعلمائهم.
(الكليني: بالياء المعجمة باثنتين من تحت ثم بالنون، وهو ممال) .
وفيها توفي أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب المقرئ البغداذي المعروف بابن شنبوذ في صفر.



لسان الميزان ت أبي غدة (7/ 594)
7574 - (ز): محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكليني - بضم الكاف وإمالة اللام ثم ياء ونون - الرازي.
سكن بغداد وحدث بها، عَن مُحَمد بن أحمد الحفار وعلي بن إبراهيم بن هاشم، وَغيرهما.
وكان من فقهاء الشيعة والمصنفين على مذهبهم.
توفي سنة 328 ببغداد.




توضيح المشتبه (7/ 337)
قال: و [الكليني] بنون: محمد بن يعقوب الكليني من رؤوس فضلاء الشيعة في أيام المقتدر. قلت: مات ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة. قال: وهو نسبة إلى كلين - ممال - من قرى العراق. قلت: هي بضم الكاف واللام ممالة إلى الكسر تعرض الأمير للإمالة ونص ابن السمعاني وأبو العلاء الفرضي وغيرهما على كسر اللام وبعدها مثناة تحت ساكنة ثم نون وهي المرحلة الأولى من الري لمن يقصد خوار فيما ذكره أبو عبيد البكري. 







أعيان‏ الشيعة، ج‏10، ص: 99
محمد بن يعقوب الكليني.
توفي في بغداد سنة 328 و دفن بباب الكوفة.
هو أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي البغدادي و يعرف أيضا بالسلسلي لنزوله درب السلسلة ببغداد.
" و الكليني" نسبة إلى كلين كزبير قرية في دهستان فشابويه من ناحية الري.
و يظهر ان نشاته الأولى كانت في (كلين) ثم توجه إلى بغداد لطلب العلم حتى توفي فيها فان والده يعقوب كان من علماء الري ساكنا في كلين و دفن فيها و صار قبره معروفا مشهورا يزار و ذكر الشيخ عباس القمي في [كنابه‏] كتابه (تحفة الأحباب) الفارسي ان قبره صار الآن في أحد دور طهران بالقرب من (حسن‏آباد) واقعا على الطريق المنتهي إلى هذه القرية.
أقوال العلماء في حقه‏
ثقة الإسلام شيخ المحدثين الاعلام. قال النجاشي: شيخ أصحابنا في وقته بالري و وجههم و كان أوثق الناس في الحديث و اثبتهم صنف الكافي الكبير في عشرين سنة. و قال الطوسي: جليل القدر عالم بالأخبار.- و قال ابن طاوس: الشيخ المتفق على ثقته و أمانته و قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: هو من رؤوس فضلاء الشيعة في أيام المقتدر. و عن ابن الأثير في جامع الأصول: هو الفقيه الامام على مذهب أهل البيت عالم في مذهبهم كبير فاضل عندهم مشهور، و عده في حرف النون من كتاب النبوة من المجددين لمذهب الامامية على رأس المئة الثالثة.
و كذلك الطيبلي في شرح المشكاة. و قال المحقق الكركي: لم يعلم في الأصحاب مثله. و قال والد البهائي: هو شيخ عصره و وجه العلماء كان أوثق الناس في الحديث و أنقدهم له و أعرفهم به. و قال النجاشي: كنت أتردد إلى مسجد اللؤلئي اقرأ القرآن على صاحب المسجد و جماعة من أصحابنا يقرءون الكافي على أبي الحسن احمد ابن الكوفي الكاتب. و قال بحر العلوم الطباطبائي: ثقة لاسلام شيخ المشايخ الأعلام ذكره أصحابنا و غيرهم و اتفقوا على فضله و عظيم منزلته و قبره الآن مزار معروف بباب الجسر ببغداد و هو باب الكوفة. و قال الطوسي توفي ببغداد: و دفن بباب الكوفة في مقبرتها قال ابن عبدون رأيت قبره في صراة الطائي و عليه لوح مكتوب عليه اسمه.
(مؤلفاته)
(1) الكافي (2) تفسير الرؤيا (3) الرد على القرامطة (4) رسائل الائمة (5) كتاب الرجال (6) ما قيل في الأئمة من الشعر.











الكافي (ط - الإسلامية)، المقدمة، ص: 39
(وفاته)
مات- كما يقول النجاشي- ببغداد سنة 329 ه. سنة تناثر النجوم «2» و تاريخ وفاته عند الشيخ الطوسي- سنة 328 «3»، ثم وافق في كتاب الرجال «4» الذي ألفه من بعد، النجاشي.
و قال السيد رضي الدين ابن طاوس: «و هذا الشيخ محمد بن يعقوب كان حياته في زمن وكلاء المهدي عليه السلام- عثمان بن سعيد العمري، و ولده أبي جعفر محمد، و أبي القاسم حسين بن روح، و علي بن محمد السمري- و توفي محمد بن يعقوب قبل وفاة علي بن محمد السمري، لأن علي بن محمد السمري توفي في شعبان سنة 329 ه و هذا محمد بن يعقوب الكليني توفي ببغداد سنة 328 ه «1»» و ذكر ابن الأثير «2»، و ابن حجر «3» أنه توفي في تلك السنة.



















****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Wednesday - 2/10/2024 - 13:55

كتاب رسائل الائمة

كافي (ط - دار الحديث)، المقدمةج‏1، ص: 76
ثالثا- كتاب رسائل الأئمة عليهم السلام:
ذكره النجاشي في مؤلفات الكليني «5»، و سماه الشيخ الطوسي ب «كتاب الرسائل» «6»
__________________________________________________
 (1). لخصنا هذا الكلام بشأن تلك الحركة من مصادر عديدة، منها: التنبيه و الإشراف، ص 322- 325 و 345؛ الكامل في التاريخ، ج 6، ص 396- 437؛ وج 7، ص 15- 32؛ البداية و النهاية، ج 11، ص 92- 115 و 168- 182.
 (2). الفهرست، ص 198، الرقم 563.
 (3). رجال النجاشي، ص 377، الرقم 1026.
 (4). الفهرست، ص 210، الرقم 602.
 (5). رجال النجاشي، ص 377، الرقم 1026.
 (6). الفهرست، ص 210، الرقم 602.
                       

كافي (ط - دار الحديث)، المقدمةج‏1، ص: 77
و صحف في معالم العلماء إلى «كتاب الوسائل» «1».
و هذا الكتاب من الكتب المفقودة أيضا، و هو كما يبدو من اسمه خصص لجمع رسائل الأئمة إلى أصحابهم، أو أبنائهم عليهم السلام.
و نقل السيد ابن طاوس (م 664 ه) طرفا من هذا الكتاب مشيرا إليه صراحة حيثما ورد النقل منه. و يبدو أن السيد ابن طاوس كان متأثرا بهذا الكتاب مفضلا له على ما كتب بهذا المجال.
و الظاهر من كلام صدر المتألهين الشيرازي (م 1050 ه) في شرح اصول الكافي وصول الكتاب إلى عصره، حيث قال:
روى محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله في كتاب الرسائل بإسناده عن سنان بن طريف، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يكتب هذه الخطبة إلى أكابر الصحابة، و فيها كلام رسول الله صلى الله عليه و آله ... «2».
و هو صريح في وصول كتاب الرسائل إلى عصره، و وقوفه عليه مع النقل المباشر منه.
رابعا- كتاب الرجال:
نسب النجاشي «3» و الشيخ الطوسي «4» و سائر المتأخرين هذا الكتاب إلى الكليني رحمه الله، و هو من كتبه المفقودة أيضا، و هو علامة واضحة في معرفة الكليني قدس سره بأحوال الرواة، و طبقاتهم، و التي يمكن تلمس آثارها في مواقع كثيرة من الكافي نفسه.
خامسا- كتاب ما قيل في الأئمة عليهم السلام من الشعر:
من جملة من عد هذا الكتاب للكليني هو النجاشي «5»، و كفى بذلك إثباتا لصحة نسبته إليه. و هذا الكتاب المفقود أيضا يشير بوضوح إلى عناية الكليني بالأدب العربي،
__________________________________________________
 (1). معالم العلماء، ص 99، الرقم 666.
 (2). شرح اصول الكافي لصدر المتألهين الشيرازي، ج 2، ص 612- 615.
 (3). رجال النجاشي، ص 377، الرقم 1026.
 (4). الفهرست، ص 210، الرقم 602.
 (5). رجال النجاشي، ص 377، الرقم 1026.

 

 

مرویات اصحاب از کتاب الرسائل

اللهوف على قتلى الطفوف / ترجمه فهرى، النص، ص: 65
و ذكر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الرسائل عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن أيوب بن نوح عن صفوان عن مروان بن إسماعيل عن حمزة بن حمران عن أبي عبد الله ع قال: ذكرنا خروج الحسين ع و تخلف ابن الحنفية عنه فقال أبو عبد الله ع يا حمزة إني سأحدثك بحديث لا تسأل عنه بعد مجلسنا هذا إن الحسين ع لما فصل متوجها أمر بقرطاس و كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي ع‏
                       

اللهوف على قتلى الطفوف / ترجمه فهرى، النص، ص: 66
إلى بني هاشم أما بعد فإنه من لحق بي منكم استشهد و من تخلف عني لم يبلغ الفتح و السلام.

 

 

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 211
و مما أقول لك يا ولدي محمد ملأ الله جل جلاله عقلك و قلبك من التصديق لأهل الصدق و التوفيق في معرفة الحق، أن طريق تعريف الله جل جلاله لك بجواب مولانا المهدي صلوات الله و سلامه على قدرته جل جلاله و رحمته، فمن ذلك‏
ما رواه محمد بن يعقوب الكليني في كتاب (الرسائل) «2» عمن سماه قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام: أن الرجل يجب أن يفضي إلى إمامه ما يجب أن يفضي به إلى ربه قال: فكتب: «إن كانت لك حاجة فحرك شفتيك، فإن الجواب يأتيك» «3»..
و من ذلك ما رواه هبة الله بن سعيد الراوندي في كتاب (الخرائج) عن محمد بن الفرج، قال: قال لي علي بن محمد عليهما السلام: «إذا أردت أن تسأل مسألة
__________________________________________________
 (1) انظر: السيرة النبوية لابن هشام 3: 45.
 (2) قال الشيخ الطهراني في الذريعة 10: 239 رقم 766: رسائل الأئمة لثقة الإسلام الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني المتوفى ببغداد سنة تناثر النجوم و هي 329 ذكرها النجاشي. و قد نقل عنه السيد رضي الدين علي بن طاووس في كشف المحجة ص 159 و 173 رسالة أمير المؤمنين (ع) إلى ولده الحسن (ع) المعروفة بالوصية، و كذا رسالته إلى ولده محمد بن الحنفية، و كذا نقل عنه في اللهوف بعض رسائل الحسين (ع). و يأتي معادن الحكمة في مكاتيب الأئمة (ع) تأليف علم الهدى ابن الفيض الكاشاني، الذي أول مكاتيبه رسالة أمير المؤمنين (ع) إلى ابنه الحسن (ع) نقلها عن كتاب رسائل الأئمة للكليني، و ظاهره النقل عنه بغير واسطة، و عليه فلا يبعد وجود الكتاب في بعض المكتبات.
 (3) نقله عنه المجلسي في البحار 50: 155 حديث 42.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 212
فاكتبها و ضع الكتاب تحت مصلاك و دعه ساعة ثم أخرجه و انظر فيه»، قال:
ففعلت فوجدت جواب ما سألت عنه موقعا فيه «1».
و قد اقتصرت لك على هذا التنبيه، و الطريق مفتوحة إلى إمامك عليه السلام لمن يريد الله جل شأنه عنايته به و تمام احسانه إليه.

 

                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 219
و حدثنا أحمد بن عبد العزيز، قال: حدثنا سليمان بن الربيع النهدي، قال:
حدثنا كادح بن رحمة الزاهد، قال: حدثنا صباح بن يحيى المزني و حدثنا علي بن عبد العزيز الكوفي الكاتب، قال: حدثنا جعفر بن هارون بن زياد، قال: حدثنا محمد بن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جده جعفر الصادق، عن أبيه، عن جده عليهم السلام: «إن عليا كتب إلى الحسن بن علي ...».
و حدثنا علي بن محمد بن إبراهيم التستري، قال: حدثنا جعفر بن عنبسة، قال: حدثنا عباد بن زياد، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: كتب أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي عليه السلام ...
و حدثنا محمد بن علي بن زاهر الرازي، قال: حدثنا محمد بن العباس، قال:
حدثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر بن محمد عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: «كتب علي إلى ابنه الحسن ...».
كل هؤلاء حدثونا أن أمير المؤمنين عليا عليه السلام كتب بهذه الرسالة إلى ابنه الحسن عليه السلام.
و أخبرني أحمد بن عبد الرحمن بن فضال القاضي، قال: قال حدثنا الحسن بن محمد بن أحمد و أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثنا الحسن بن عبدل، قال: حدثنا الحسن بن طريف بن ناصح، عن الحسن بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة المجاشعي، قال: كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى ابنه كذا.
و اعلم: يا ولدي محمد ضاعف الله جل جلاله عنايته بك و رعايته لك، قد روى الشيخ المتفق على ثقته و أمانته، محمد بن يعقوب الكليني تغمده الله جل جلاله برحمته، رسالة مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى جدك الحسن ولده سلام الله جل جلاله عليهما.

 

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 220
و روى رسالة أخرى مختصرة عن خط علي عليه السلام إلى ولده محمد بن الحنفية رضوان الله جل جلاله عليه، و ذكر الرسالتين في كتاب (الرسائل).
و وجدنا في نسخة عتيقة يوشك أن تكون كتابتها في زمان حياة محمد بن يعقوب رحمة الله عليه. و هذا الشيخ محمد بن يعقوب كان حيا في زمن وكلاء المهدي عليه السلام: عثمان بن سعيد العمري، و ولده أبي جعفر محمد، و أبي القاسم حسين بن روح، و علي بن محمد السمري. و توفى محمد بن يعقوب قبل وفاة علي بن محمد السمري؛ لأن علي بن محمد السمري توفى في شعبان سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، و هذا محمد بن يعقوب الكليني توفي ببغداد سنة ثمان و عشرين و ثلاثمائة. فتصانيف هذا الشيخ محمد بن يعقوب و رواياته في زمن الوكلاء المذكورين في وقت تجد طريقا إلى تحقيق منقولاته و تصديق مصنفاته.
و رأيت يا ولدي بين رواية الحسن بن عبد الله العسكري مصنف كتاب (الزواجر و المواعظ) الذي قدمناه، و بين الشيخ محمد بن يعقوب في رسالة أبيك أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى ولده تفاوتا، فنحن نوردها برواية محمد بن يعقوب الكليني، فهو أجمل و أفضل فيما قصدناه.
فذكر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب (الرسائل) بإسناده إلى أبي جعفر بن عنبسة، عن عباد بن زياد الأسدي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «لما أقبل أمير المؤمنين عليه السلام من صفين كتب إلى ابنه الحسن عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم* «1» من الوالد الفان. المقر للزمان «2»، المدبر العمر، المستسلم للدهر. الذام‏
__________________________________________________
 (1) أثبتنا هذه الرسالة و ما يتعلق بها من تحريك الكلمات و شرحها من كتاب (نهج البلاغة) شرح الشيخ محمد عبده: 553.
 (2) المعترف له بالشدة.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 221
للدنيا، الساكن مساكن الموتى. و الظاعن عنها غدا.
إلى المولود المؤمل ما لا يدرك «1»، السالك سبيل من قد هلك، غرض الأسقام و رهينة الأيام. و رمية المصائب «2». و عبد الدنيا. و تاجر الغرور. و غريم المنايا. و أسير الموت. و حليف الهموم. و قرين الأحزان. و نصب الآفات «3».
و صريع الشهوات، و خليفة الأموات....

 

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 270
 [الفصل السادس و الخمسون و المائة: رسالة الإمام علي (ع) بعض أكابر أصحابه، و التي يذكر فيها أن الأئمة (ع) من ذريته‏]
 (الفصل السادس و الخمسون و المائة) و اعلم يا ولدي محمد أراك الله جل جلاله بطرق العقل و النقل و الخير ما يخاف عليك مما تحتاج إلى علمه كما حضر، و أتاك من نوره ما ترى ما استتر به كما ظهر، أن الشيخ محمد بن يعقوب الكليني ذكر في كتاب (الرسائل) المعتمد عليه عن أبيك أمير المؤمنين عليه السلام رسالة تتضمن ذكر الأئمة من ذريته صلوات الله عليهم،
قال محمد بن يعقوب ما هذا لفظه:
عن علي بن محمد و محمد بن الحسن و غيرهما، عن سهل بن زياد، عن العباس بن عمران، عن محمد بن القاسم بن الوليد الصيرفي، عن المفضل، عن سنان بن طريف، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «كان أمير المؤمنين عليه السلام يكتب بهذه الخطبة إلى بعض أكابر أصحابه، و فيها كلام عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:
بسم الله الرحمن الرحيم «1» إلى المقربين [المقرين‏] في الأظلة، «2» الممتحنين بالبلية، المسارعين‏
__________________________________________________
 (1) أثبتنا هذا الكتاب و ما يتعلق به من تحريك الكلمات و شرحها من كتاب (نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة) للشيخ محمد باقر المحمودي 5: 133.
 (2) أي هذا كتاب الى الذين قربوا إلى الله، أو إلينا في عالم الظلال و الأرواح قبل حلولها الأجساد. قال العلامة المجلسي (ره): و في بعض النسخ: «الى المقرين» أي الذين أقروا بإمامتنا في عالم الأرواح عند الميثاق.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 271
في الطاعة، المستيقنين بي الكرة «1» تحية منا إليكم [و] سلام عليكم «

 


                       

 

فتح الأبواب بين ذوي الألباب و بين رب الأرباب، ص: 143
و يزيدك بيانا
ما أخبرني به شيخي العالم الفقيه «2» محمد بن نما و الشيخ العالم أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني معا عن الشيخ أبي الفرج علي بن أبي الحسين الراوندي عن والده عن أبي جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي عن السعيد أبي جعفر الطوسي عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان عن الشيخ أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي عن الشيخ محمد بن يعقوب الكليني قال محمد بن يعقوب الكليني فيما صنفه من كتاب رسائل الأئمة ص فيما يختص بمولانا الجواد ص فقال: و من كتاب إلى علي بن أسباط «3» بسم الله الرحمن الرحيم فهمت ما ذكرت من أمر بناتك و أنك لا تجد أحدا مثلك فلا تفكر في ذلك يرحمك الله فإن رسول الله ص قال إذا جاءكم «4» من ترضون خلقه و دينه فزوجوه و إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض و فساد كبير «5» و فهمت ما استأمرت فيه من أمر ضيعتيك اللتين تعرض لك السلطان‏
__________________________________________________
 (1) ذكرى الشيعة: 252، و أخرجه المجلسي في البحار 91: 264، و الحر العاملي في الوسائل 5:
215/ 7.
 (2) ليس في «د».
 (3) رواه الكليني في الكافي 5: 347/ 2 أيضا، عن سهل بن زياد و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن علي بن مهزيار قال: كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر (عليه السلام) ...
و ساق الحديث إلى قوله «تكن فتنة في الأرض و فساد كبير».
 (4) في «د»: جاء أحدكم.
 (5) الأنفال 8: 73.
                       

فتح الأبواب بين ذوي الألباب و بين رب الأرباب، ص: 144
فيهما فاستخر الله مائة مرة خيرة في عافية فإن احلولى في قلبك بعد الاستخارة فبعهما و استبدل غيرهما إن شاء الله و لتكن الاستخارة بعد صلاتك ركعتين و لا تكلم أحدا بين أضعاف الاستخارة حتى تتم مائة مرة «1».

 

 

                        الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، ج‏2، ص: 422
فما أسفت على كلام و لا تفجعت كتفجعي على ما فاتني من كلام أمير المؤمنين ع فلما فرغ من حاجة السوادي فقلت له يا أمير المؤمنين لو اطردت مقالتك من حيث أفضت إليها قال هيهات هيهات يا ابن عباس كانت شقشقة هدرت ثم قرت «1».
قال عبد المحمود ما يوجد في هذه الرواية و رواية صاحب الغارات من اختلاف الألفاظ أو الألحان في إعراب أو نقصان شي‏ء فهو كما وجدناه في مدرسة النظامية البغدادي.
و قد تضمن كتاب عن علماء أهل البيت فيه عبادات يعمل بها شيعتهم اسمه كتاب مصباح المتهجد في عبادات السنة خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع خطب بها في خلافته في يوم اتفق أنه يوم الجمعة و يوم نص نبيهم بالخلافة في يوم غدير خم و هي خطبة جليلة قد كشف فيها ما جرى من المتقدمين عليه بالخلافة و ظلمهم له فليقف عليها من أرادها من هناك فإنها طويلة تشهد أنه كلامه حقا.
و قد تضمن كتاب عن أهل البيت يسمى كتاب الرسائل لمحمد بن يعقوب الكليني فيه كتب من أهل البيت إلى شيعتهم و ذكر شي‏ء من أحوالهم و يتضمن كتابا أملى علي بن أبي طالب ع في شرح ظلم المتقدمين عليه بالخلافة من أوضح كتاب في المعنى و أنه جمع عشرة من خيار المسلمين و أملاه بحضورهم «2».

 

 

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏2، ص: 230
 [كتاب الحسين عليه السلام إلى بني هاشم‏]
و ذكر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الرسائل عن محمد بن يحيى،
__________________________________________________
 (1) انظر: دلائل الامامة: 74، نوادر المعجزات: 107 ح 1، الدر النظيم: 167 (مخطوط).
إثبات الهداة: 2/ 588 ح 68، البحار: 44/ 364.
 (2) الملهوف على قتلى الطفوف: 124- 126 و 130.
 (3) في الملهوف: تقطعها ذئاب.
 (4) في الملهوف: و أجربة.
 (5) في الملهوف: له.
 (6) من الملهوف.
 (7) انظر: مثير الأحزان: 41، كشف الغمة: 2/ 29، البحار: 44/ 366- 367.
 (8) الملهوف على قتلى الطفوف: 126.
                       

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏2، ص: 231
عن محمد بن الحسين، عن أيوب بن نوح، عن صفوان، عن مروان بن إسماعيل، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ذكرنا خروج الحسين عليه السلام و تخلف ابن الحنفية عنه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا حمزة، إني سأحدثك «1» بحديث لا تسأل عنه بعد مجلسك «2» هذا، إن الحسين عليه السلام لما فصل متوجها دعا «3» بقرطاس و كتب فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي بن أبي طالب إلى بني هاشم‏
أما بعد:
فإنه من لحق بي منكم استشهد، و من تخلف [عني‏] «4» لم يبلغ مبلغ الفتح، و السلام «5».

 

 

شرح أصول الكافي (صدرا)، ج‏2، ص: 612
ان يموت القرآن بموت حامليه، لكن القرآن حي لا يموت ابدا الى قيام الساعة فالهادى إليه حي فى كل زمان لا يموت الى قيام الساعة لاستلزام نقيض اللازم نقيض الملزوم.
و اما بيان الملازمة: فبان لا معنى لموت الكتاب و حياته الا موت حامله العارف بمقاصده و معانيه و حياته كما لا معنى لموت العلم الا موت العالم كما مر فى كتاب العقل و العلم فى باب فقد العلماء عن الصادق عليه السلام: ان الله عز و جل لا يقبض العلم بعد ما يهبطه و لكنه يموت العالم فيذهب بما يعلم، لان الكتاب ليس الا العلم المكتوب فى الصحائف اللوحية و القدرية النفسانية او الخارجية، و العلم لا يقوم بنفسه بل فى نفس حامله كما قال: بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم (العنكبوت- 49).
و اما اثبات الملزوم الذي هو نقيض و هو المشار إليه فى قوله عليه السلام: و لكنه حي يجرى فيمن بقى كما يجرى فيمن مضى اشارة الى الدليل على بقائه فى كل دهر و زمان، و هو ان الغرض من انزاله الى «1» الرسول صلى الله عليه و آله ان يكون هدى للناس و نورا يتنور به قلوبهم و حكمة يستكمل بها نفوسهم و يستخرج ارواحهم من ظلمات الحيرة و الجهالة الى نور العلم و المعرفة.
و لا شك ان الناس محتاجون فى كل زمان الى ما يستكمل به نفوسهم من الحكمة و المعرفة، و الحاجة الى كتاب الله و آياته مستمرة الى يوم القيامة، فنسبة نور القرآن و هداه الى من بقى كنسبته الى من مضى، فالحاجة الى من عنده علم الكتاب مستمرة الى يوم القيامة، و الاحاديث فى هذا الباب كثيرة لا تحصى و لنذكر شيئا منها ليكون انموذجا للبواقى.
روى محمد بن يعقوب الكلينى رحمه الله فى كتاب الرسائل باسناده عن سنان بن طريف عن ابى عبد الله عليه السلام قال: كان امير المؤمنين عليه السلام يكتب هذه الخطبة الى اكابر الصحابة و فيها كلام رسول الله صلى الله عليه و آله:
__________________________________________________
 (1) على- م.
                       

شرح أصول الكافي (صدرا)، ج‏2، ص: 613
 (بسم الله الرحمن الرحيم) الى المقربين «1» فى الاظلة الممتحنين بالبلية المسارعين فى الطاعة المستيبئين «2» فى الكرة تحية منا إليكم، سلام عليكم، اما بعد: فان نور البصيرة روح الحياة الذي لا ينفع ايمان الا به مع اتباع كلمة الله تصديق «3» بها، فالكلمة من الروح و الروح من النور و النور نور السموات و الارض، فبايديكم وصل «4» إليكم منا نعمة «5» من الله لا تغفلون سر شكرها خصكم «6» و استخلصكم لها، و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا العالمون (العنكبوت- 43)....

 

نوادر الأخبار فيما يتعلق بأصول الدين (للفيض)، النص، ص: 192

باب كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلى شيعته‏
1- الكلينى- في كتاب الرسائل عن علي بن إبراهيم بإسناده قال: كتب أمير المؤمنين عليه السلام كتابا بعد منصرفه من النهروان، و أمر أن يقرأ على الناس، و ذلك: أن الناس سألوه عن أبي بكر و عمر و عثمان، فغضب عليه السلام و قال: «قد تفرغتم للسؤال عما لا يعنيكم، و هذه مصر قد افتتحت، و قتل معاوية بن خديج «154» و محمد بن أبى بكر، فيا لها مصيبة ما أعظمها، مصيبتى بمحمد؟ فو الله ما كان إلا كبعض بني، سبحان الله بينا نرجو أن نغلب القوم على ما في أيديهم إذ غلبونا على ما في أيدينا. و أنا كاتب لكم كتابا فيه تصريح ما سألتم إن شاء الله تعالى.
فدعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع، فقال (له): «155» أدخل علي عشرة من ثقاتي. فقال:
سمهم يا أمير المؤمنين- فقال (له): أدخل إصبع بن نباته، و أبا الطفيل عامر بن واثلة الكناني،
__________________________________________________
 (152)- الاحتجاج: ج 1 ص 279.
 (153)- شرح نهج البلاغة: ج 6 ص 45.
 (154)- في نسخة مصححة من معادن الحكمة في مكاتيب الأئمة لعلم الهدى الكاشانى يصححه ب «حديج» على تقريب ابن حجر و خلاصة تذهيب الكمال. ج 1 ص 34.
 (155)- كذا في معادن الحكمة
.                       

نوادر الأخبار فيما يتعلق بأصول الدين (للفيض)، النص، ص: 193
 و زر بن حبيش الأسدي «156»، و حارثة بن مصرف الهمداني، و الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، و مصابيح النخعي، و علقمة بن قيس، و كميل بن زياد، و عمير بن زرارة، فدخلوا عليه، فقال لهم: خذوا هذا الكتاب، و ليقرأه عبيد الله بن (أبى) رافع و أنتم شهود كل يوم جمعة، فإن شغب شاغب عليكم فأنصفوه بكتاب الله بينكم و بينه:
 «بسم الله الرحمن الرحيم- من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى شيعته من المؤمنين و المسلمين، فإن الله يقول: «و إن من شيعته لإبراهيم» «157» و هو اسم شرفه الله فى الكتاب، و أنتم شيعة النبي محمد صلى الله عليه و آله كما أن محمدا من شيعة إبراهيم، اسم غير مختصر «158» و أمر غير مبتدع، سلام عليكم، و الله هو السلام، المؤمن أولياءه من العذاب المهيمن الحاكم عليكم «159» بعدله بعث محمدا صلى الله عليه و آله و سلم....

 

                       

وسائل الشيعة، ج‏8، ص: 76
ع إني إذا أردت الاستخارة في الأمر العظيم استخرت الله فيه مائة مرة في المقعد و إذا كان شراء رأس أو شبهه استخرته ثلاث مرات في مقعد أقول: اللهم إني أسألك بأنك عالم الغيب و الشهادة إن كنت تعلم أن كذا و كذا خير لي فخره لي و يسره و إن كنت تعلم أنه شر لي في ديني و دنياي و آخرتي فاصرفه عني إلى ما هو خير لي و رضني في ذلك بقضائك فإنك تعلم و لا أعلم و تقدر و لا أقدر و تقضي و لا أقضي إنك علام الغيوب.
10119- 5- «1» و عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق ع في حديث قال: قل اللهم إني أستخيرك برحمتك و أستقدرك الخير بقدرتك عليه لأنك عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم فأسألك أن تصلي على محمد النبي و آله كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم- إنك حميد مجيد اللهم إن كان هذا الأمر الذي أريده خيرا لي في ديني و دنياي و آخرتي فيسره لي و إن كان غير ذلك فاصرفه عني و اصرفني عنه.
10120- 6- «2» و عنه عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد ع قال كان بعض آبائي ع يقول اللهم لك الحمد و بيدك الخير كله اللهم إني أستخيرك برحمتك و أستقدرك الخير بقدرتك عليه لأنك تقدر و لا أقدر و تعلم و لا أعلم و أنت علام الغيوب اللهم فما كان من أمر هو أقرب من طاعتك و أبعد من معصيتك و أرضى لنفسك و أقضى لحقك فيسره لي و يسرني له و ما كان من غير ذلك فاصرفه عني و اصرفني عنه فإنك لطيف لذلك و القادر عليه.
10121- 7- «3» علي بن موسى بن طاوس في كتاب الاستخارات نقلا من كتاب الأدعية لسعد بن عبد الله عن علي بن مهزيار قال كتب أبو جعفر الثاني ع إلى إبراهيم بن شيبة- فهمت ما استأمرت فيه من أمر
__________________________________________________
 (1)- المحاسن 599- 9.
 (2)- المحاسن 599- 10.
 (3)- فتح الأبواب- 142.
                       

وسائل الشيعة، ج‏8، ص: 77
ضيعتك التي تعرض لك السلطان فيها فاستخر الله مائة مرة خيرة في عافية فإن احلولى بقلبك بعد الاستخارة بيعها فبعها و استبدل غيرها إن شاء الله و لا تتكلم بين أضعاف الاستخارة حتى تتم المائة إن شاء الله.
10122- 8- «1» و بإسناده عن محمد بن يعقوب الكليني فيما صنفه من كتاب رسائل الأئمة ع فيما يختص بمولانا الجواد ع فقال و من كتاب له إلى علي بن أسباط- فهمت ما ذكرت من أمر ضيعتك و ذكر مثله إلا أنه زاد و لتكن الاستخارة بعد صلاتك ركعتين.

 

                       

وسائل الشيعة، ج‏21، ص: 478
27635- 6- «2» علي بن موسى بن طاوس في كتاب كشف المحجة لثمرة المهجة نقلا من كتاب الرسائل لمحمد بن يعقوب الكليني بإسناده إلى جعفر بن عنبسة عن عباد بن زياد الأسدي عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي جعفر ع في وصية أمير المؤمنين ع لولده الحسن ع و هي طويلة منها أن قال: فبادرتك بوصيتي لخصال منها (أن تعجل) «3» بي أجلي إلى أن قال و أن يسبقني إليك بعض غلبة الهوى و فتن الدنيا و تكون كالصعب النفور و إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شي‏ء «4» قبلته فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك و يشتغل لبك.
و رواه الرضي في نهج البلاغة مرسلا «5»
 أقول: و الأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصى و يأتي جملة منها في القضاء «6».

 

 

                       

وسائل الشيعة، ج‏30، ص: 234
و قد نقل ابن طاوس، في (كشف المحجة) من كتاب (الرسائل) لمحمد بن يعقوب الكليني: عن علي بن إبراهيم، بسنده إلى أمير المؤمنين عليه السلام: أنه دعا كاتبه عبيد الله «1» بن أبي رافع، فقال: أدخل إلى عشرة من ثقاتي.
فقال: سمهم لي، يا أمير المؤمنين.
فقال: أدخل: أصبغ بن نباتة، و أبا الطفيل؛ عامر بن واثلة،
__________________________________________________
 (1) كذا الموجود في المصدر، و كان في الأصل و المصححتين (عبد الله).
                       

وسائل الشيعة، ج‏30، ص: 235
الكناني، و زر بن حبيش، و جويرة بن مسهر، و جندب «1» بن زهير، و حارث بن مصرف، و الحارث الأعور، و علقمة بن قيس، و كميل بن زياد، و عمير بن زرارة.
الحديث «2».

********

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 235
 [الفصل الخامس و الخمسون و المائة: رسالة الإمام علي (ع) إلى شيعته و من يعز عليه‏]
 (الفصل الخامس و الخمسون و المائة) و اعلم يا ولدي محمد كمل الله جل جلاله هدايتك و فضل ولايتك، أنني رويت من طرق كثيرة واضحات قد ذكرت بعضها في الجزء الأول من كتاب (المهمات و التتمات)، جميع ما صنفه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني و رواه رضي الله عنه و ارضاه في هذا الكتاب (الرسائل) رسالة اخرى من أبيك علي عليه السلام إلى شيعته و إلى من يعز عليه، في ذكر المتقدمين في الخلاف عليه، و هي في المعنى رسالة إليك، كما أن رسالته إلى أبيك الحسن عليه السلام كأنها منهما إليك فانظر بعين المنة عليك.
قال محمد بن يعقوب في كتاب الرسائل: عن علي بن إبراهيم بإسناده قال: كتب أمير المؤمنين عليه السلام كتابا بعد منصرفه من النهروان و أمر أن يقرأ على الناس، و ذلك أن الناس سألوه عن أبي بكر و عمر و عثمان، فغضب عليه السلام و قال: «قد تفرغتم للسؤال عما لا يعنيكم و هذه مصر قد انفتحت و قتل معاوية ابن خديج و محمد بن أبي بكر، فيا لها من مصيبة ما أعظمها بمصيبتي بمحمد، فو الله ما كان إلا كبعض بني، سبحان الله بينا نحن نرجو أن نغلب القوم على ما في أيديهم إذ غلبونا على ما في أيدينا، و أنا كاتب لكم كتابا فيه تصريح ما سألتم إن شاء الله تعالى.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 236
فدعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع فقال له «أدخل علي عشرة من ثقاتي».
فقال: سمهم لي يا أمير المؤمنين.
فقال: «أدخل أصبغ بن نباتة، و أبا الطفيل عامر بن وائلة الكناني، و رزين بن حبيش الأسدي، و جويرية بن مسهر العبدي، و خندف بن زهير الأسدى، و حارثة بن مضرب الهمداني، و الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، و مصباح النخعي، و علقمة بن قيس، و كميل بن زياد، و عمير بن زرارة» فدخلوا عليه فقال لهم: «خذوا هذا الكتاب، و ليقرأه عبيد الله بن أبي رافع و أنتم شهود كل يوم جمعة، فإن شغب شاغب عليكم فأنصفوه بكتاب الله بينكم و بينه»:
بسم الله الرحمن الرحيم «1» من عبد الله علي أمير المؤمنين، إلى شيعته من المؤمنين و المسلمين، فإن الله يقول: و إن من شيعته لإبراهيم [83 الصافات: 37] و هو اسم شرفه الله تعالى في الكتاب، و أنتم شيعة النبي محمد صلى الله عليه و آله، كما أن من شيعته إبراهيم، اسم غير مختص؛ و أمر غير مبتدع، و سلام الله عليكم، و الله هو السلام المؤمن أولياءه من العذاب المهين، الحاكم عليكم بعدله.
 [أما بعد فإن الله تعالى‏] «2» بعث محمدا صلى الله عليه و آله و أنتم معاشر العرب على شر حال، يغذو أحدكم كلبه، و يقتل ولده، و يغير على غيره فيرجع و قد أغير عليه، تأكلون العلهز و الهبيد «3» و الميتة و الدم، تنيخون على أحجار
__________________________________________________
 (1) أثبتنا هذا الكتاب و ما يتعلق به من تحريك الكلمات و شرحهما من كتاب (نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة) للشيخ محمد باقر المحمودي 5: 196.
 (2) بين المعقوفين مما سقط من نسخة كشف المحجة و البحار، و هو مما لا بد منه، و يدل عليه ثبوته في رواية الثقفي (ره) و ابن قتيبة.
 (3) العلهز- كزبرج-: طعام كانوا يتخذونه من الدم، و وبر البعير، في سني القحط و المجاعة. و الهبيد:- و الهبد، على زنة العبيد و العبد-: الحنظل أو حبه.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 237
خشن و أوثان مضلة «1» و تأكلون الطعام الجشب، و تشربون الماء الآجن «2» تسافكون دماءكم و يسبي بعضكم بعضا، و قد خص الله قريشا بثلاث آيات و عم العرب بآية، فأما الآيات اللواتي في قريش فهو [كذا] قوله تعالى:
و اذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم و أيدكم بنصره و رزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون.
و الثانية: وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا، و من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون.
و الثالثة قول قريش لنبي الله تعالى حين دعاهم إلى الإسلام و الهجرة، فقالوا: إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا فقال الله تعالى: أ و لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شي‏ء رزقا من لدنا، و لكن أكثرهم لا يعلمون و أما الآية التي عم بها العرب فهو قوله تعالى: و اذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا و كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون.
فيا لها من نعمة ما أعظمها إن لم تخرجوا منها إلى غيرها، و يا لها من‏
__________________________________________________
 (1) تنيخون مأخوذ من قولهم: «أناخ فلان بالمكان إناخة»: أقام به، و يقال: «هذا مناخ سوء» للمكان إذا كان غير مرضي. و الخشن- كالقفل-: جمع خشناء، من الخشونة ضد «لان».
 (2) يقال: «جشب- و جشب- جشبا، و جشب- جشابة» الطعام: غلظ. فهو (جشب او جشب و جشيب و مجشاب و مجشوب) و الآجن: المتغير اللون و الطعم، المنتن، من قولهم: أجن الماء- من باب نصر، و ضرب، و علم- اجنا و أجنا و أجونا- كفلسا و فرسا و فلوسا-: تغير لونه و طعمه.
أقول: و مثل هذا الصدر، ما ذكره عند عليه السلام السيد الرضي (ره) في المختار (25، او 26) من الباب الأول من نهج البلاغة، و رواه عنه (ع) أيضا في المختار (62، او 66) من الباب الثاني منه، و لكل واحد منها مزايا خاصة و طراوة و حلاوة ليست في الآخر، و قد جمع (ع) في وصف حالهم و بيان ما كانوا عليه قبل الإسلام بين فساد العقيدة، و كساد المعيشة، و ذهاب الهدوء و امان، و قساوة القلوب و الروية.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 238
مصيبة ما أعظمها إن لم تؤمنوا بها و ترغبوا عنها «1».
فمضى نبي الله صلى الله عليه و آله و قد بلغ ما أرسل به، فيا لها مصيبة خصت الأقربين، و عمت المؤمنين، لن تصابوا بمثلها، و لن تعاينوا بعدها مثلها فمضى صلى الله عليه و آله لسبيله (ظ) و ترك كتاب الله و أهل بيته إمامين لا يختلفان، و أخوين لا يتخاذلان، و مجتمعين لا يتفرقان «2».
و لقد قبض الله محمدا نبيه صلى الله عليه و آله و لأنا أولى الناس به مني بقميصي هذا «3» و ما ألقي في روعي «4» و لا عرض في رأيي أن وجه الناس إلى غيري، فلما أبطأوا عني بالولاية لهممهم «5» و تثبط الأنصار- و هم أنصار الله‏
__________________________________________________
 (1) و روى العياشي (ره) عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إن عليا عليه السلام، لما قبض رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: «إنا لله و إنا إليه راجعون، يا لها من مصيبة خصت الأقربين، و عمت المؤمنين، لم يصابوا بمثلها قط، و لا عاينوا مثلها». الحديث الثاني من تفسير الآية (185) من سورة آل عمران، من تفسير البرهان: ج 1، ص 329.
و في الباب العاشر من إثبات الهداة: ج 4 ص 257، عن كتاب المجموع الرائق، عن أم أيمن قالت: سمعت في الليلة التي بويع فيها أبوبكر هاتفا يقول:
         لقد ضعضع الاسلام فقدان احمد             و ابكى عليه فيكم كل مسلم‏
             و احزنه حزنا تمالؤ عصبة             الغواة على الهادي الوصي المكرم‏
             وصي رسول الله اول مسلم             و اعلم من صلى و زكى بدرهم.


 (2) لله دره من تعبير ما أجله و أعظمه، و جميع ما ندعيه معاشر الشيعة الامامية في ائمة اهل البيت عليهم السلام، منطو في ضمن هذا الكلام المعاضد بالقرائن التفصيلية، من الأخبار الواردة عن النبي و أهل بيته صلى الله عليهم، منها قوله صلى الله عليه و آله- المتواتر بين المسلمين-: «إني تارك فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا كتاب الله و عترتي أهل بيتي» الخ.
 (3) كذا في النسخة، و في البحار و معادن الحكمة: «و لأنا أولى بالناس مني بقميصي هذا» و هو أظهر.
 (4) الروع- بضم الراء على زنة الروح-: القلب، أو موضع الروع- بفتح الراء- منه، و الروع- بالفتح-: الفزع.
و كأنه كناية عن أنه (ع) لم يكن مظنة أن يعاملوا معه هذا المعاملة، لما اجتمع فيه من توصية رسول الله (ص) من إظهار الانقياد لله تعالى و تظاهرهم من أنهم خاضعون لرسول الله (ص) مؤتمرون بأوامره و نواهيه، و متعبدون بشريعته.
 (5) كذا في النسخة، و لعله جمع الهمة- كعلة- و هو العزم القوي. أي فلما أبطأوا و تخلفوا عني لعزيمتهم القوية، و جد جلهم على صرف الأمر عني و تقميصه لغيرى لزمت بيتي.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 239
و كتيبة الإسلام- [و]- قالوا: «أما إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا أحق بها من غيره» «1».
فو الله ما أدري إلى من أشكو فإما أن يكون الأنصار ظلمت حقها، و إما أن يكونوا ظلموني حقي، بل حقي المأخوذ و أنا المظلوم، فقال قائل قريش:
 «الأئمة من قريش». فدفعوا الأنصار عن دعوتها و منعوني حقي منها «2».
__________________________________________________
 (1) و حول الكلام بحث يمر عليك تحت الرقم (24) من هذه التعليقات.
 (2) و هذا الكلام مما صدر عنه (ع) في مقامات كثيرة بصور مختلفة، ففي المختار (28) من كتب نهج البلاغة ط مصر: «و لما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فلجوا عليهم، فإن يكن الفلج به فالحق لنا دونكم، و إن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم»!.
و قريب منه معنى في كتاب التعجب ص 13، و قال: إنه (ع) كتبه إلى معاوية.
و هذا المعني مما نفث به غير واحد من الأئمة المعصومين من ولده (ع).
قال في نزهة الناظر، ص 30 ط 1، قيل: مر المنذر بن الجارود على الحسين (ع) فقال: كيف أصبحت جعلني الله فداك يابن رسول الله. فقال (ع): أصبحت العرب تعتد على العجم بأن محمدا صلى الله عليه و آله و سلم منها. و أصبحت العجم مقرة لها بذلك. و أصبحنا و أصبحت قريش يعرفون فضلنا و لا يرون ذلك لنا، و من البلاء على هذه الأمة أنا إذا دعوناهم لم يجيبونا، و إذا تركناهم لم يهتدوا بغيرنا. و في البحار: ج 15، القسم الثالث منه ص 247 س 5 عكسا، عن المنهال قال: دخلت على علي بن الحسين (ع) فقلت: السلام عليك كيف أصبحتم رحمكم الله. قال: أنت تزعم أنك لنا شيعة و لا تعرف لنا صباحنا و مساءنا، أصبحنا في قومنا بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون يذبحون الأبناء و يستحيون النساء، و أصبح خير البرية بعد نبينا (ص) يلعن على المنابر، و يعطى الفضل و الأموال على شتمه و أصبح من يحبنا منقوصا بحقه على حبه إيانا، و أصبحت قريش تفضل على جميع العرب بأن محمدا (ص) منهم، يطلبون بحقنا و لا يعرفون لنا حقا، فهذا صباحنا و مساؤنا. و في أعيان الشيعة: ج 4 ص 231 عن كشف الغمة عن نثر الدرر (إنه) قيل له يوما:
كيف أصبحت؟ قال: أصبحنا خائفين برسول الله، و أصبح جميع أهل الإسلام آمنين به. و في ترجمته (ع) من تاريخ دمشق: ج 36 ص 47 مسند عن المنهال قال: دخلت على علي بن الحسيني فقلت له: كيف أصبحت أصلحك الله. فقال: ما كنت أرى شيخنا من أهل المصر لا يدري كيف أصبحنا، فأما إذا لم تدر و لم تعلم فأنا أخبرك، أصبحنا في قومنا بمنزلة بني إسرائيل في آل عمران كانوا يذبحون أبناءهم و يستحيون نساءهم و أصبحنا (و) شيخنا و سيدنا يتقرب إلى عدونا بشتمه و سبه على المنابر، و أصبحت قريش تعد أن لها الفضل على العرب، لأن محمدا منها لا يعد لها الفضل إلا به، و أصبحت العرب مقرة لهم بذلك، و أصبحت العرب تعد لها الفضل على العجم، لأن محمدا منها، لا تعد لها الفضل إلا به، و أصبحت العجم (ظ) مقرة لهم بذلك، فلئن كانت العرب صدقت أن لها الفضل على العجم، و صدقت قريش أن كان لها الفضل على العرب لأن محمدا منها، فإن (ظ) لنا أهل البيت الفضل على قريش لأن محمدا منا، فأصبحوا لا يعرفون لنا حقا، فهكذا أصبحنا إذا لم تعلم كيف أصبحنا. قال المنهال: فظننت أنه أراد أن يسمع من في البيت. و قريب منه في محاجة ابن عباس مع معاوية كما في الباب (28) من الملاحم و الفتن 95.
و قريب منه أيضا معنعنا في الحديث السابع من الجزء السادس من أمالي الشيخ ص 95 عن الإمام الباقر (ع).
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 240
فأتاني رهط يعرضون علي النصر، منهم ابنا (منهم أبناء «خ») سعيد «1» و المقداد بن الأسود، و أبو ذر الغفاري، و عمار بن ياسر، و سلمان الفارسي، و الزبير بن العوام، و البراء بن عازب، فقلت لهم: إن عندي من النبي صلى الله عليه و آله عهدا، و له إلي وصية لست أخالفه عما أمرني به «2» فو الله لو خزموني‏
__________________________________________________
 (1) و هما خالد بن سعيد بن العاص، و أبان- أو عمر بن سعيد بن العاص، أو هم جميعا على تقدير كون «أبناء» جمعا لا مثنى. و الرهط- كفلس و فرس-: الجماعة و العدة، هو جمع لا واحد له من لفظه أي أتاني عدة و نفر من خيار أصحاب رسول الله (ص) مظهرين لي نصرهم للقيام بحقي، و باذلين لي جهدهم لأخذ ما غصبوه مني من القيام بأمور المسلمين، و إحقاق الحقوق و إجراء الحدود على طبق علمى النافذ، و عملي الواضح التابع للكتاب و السنة.
أقول: هؤلاء الذين عرضوا بذل جهدهم لأمير المؤمنين عليه السلام: و القيام برد حقه إليه عن نية صحيحة و إخلاص، قد أنهى عددهم في بعض الأخبار و رفعه إلى أربعين نفرا مصرحا بأسماء جلهم، منهم خالد بن سعيد بن العاص، و أما أخوه أو إخوته- بناء على كون لفظة «ابنا» جمعا- فليس ببالي الآن التصريح باسمه- او بأسمائهم- و ليعلم أن هؤلاء الأربعين لم يكونوا في بدء الأمر، و قبل إحكام بيعة أبي بكر مجتمعين لبذل نصرهم و جهدهم له عليه السلام إذ: بعضهم- كخالد بن سعيد و غيره- لم يكن حاضرا و الحاضرون منهم أيضا لم يعرضوا مظاهرتهم في زمان واحد، بل في أزمنة مختلفة و نوب متفرقة، نعم الباذلون جهدهم لأمير المؤمنين عليه السلام بعد يوم السقيفة فورا: هم سلمان و أبو ذر و المقداد و عمار و الزبير و جماعة قليلة أخر من بني هاشم لم يتجاوز عددهم عدد الأصابع، و أما البقية من الرهط- الذين أنهاهم في بعض الأخبار إلى أربعين رجلا- فكان عرضهم النصر متدرجا و متأخرا عن يوم السقيفة، نعم كان هوى أكثر الأنصار إلى أمير المؤمنين عليه السلام و وصوله إلى حقه، و لكن استولت عليهم محبة الرئاسة و الراحة، و مخافة تلف النفس و البضاعة، و الابتلاء بالظماء و المجاعة، و هذا صنيع أكثر الناس في أكثر الأزمنة، حيث إنهم يحبون تقدم المحقين و تفوقهم، و لكن بشرط أن لا ينالهم في سبيل الحق ظلما و لا مخمصة، و لسان حالهم و فعالهم- كلسان مقال بني إسرائيل- يقول لصاحب الحق: فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، فإن ظفرتم و غلبتم إنا معكم.
 (2) و قد بينه عليه السلام في مقامات أخر، و هو أنه لو وجدت أنصارا فانهض خذ حقك و طرد المبطلين، و إلا فتحفظ على نفسك و عترة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 241
بأنفي لأقررت لله تعالى سمعا و طاعة «1» فلما رأيت الناس قد انثالوا على أبي بكر للبيعة، (بالبيعة «خ م») أمسكت يدي و ظننت أني أولى و أحق بمقام رسول الله صلى الله عليه و آله منه و من غيره «2» و قد كان نبي الله أمر أسامة بن زيد على جيش و جعلهما في جيشه «3» و ما زال النبي إلى أن فاضت نفسه يقول:
 «أنفذوا جيش أسامة، أنفذوا جيش أسامة» فمضى جيشه إلى الشام حتى انتهوا إلى أذرعات فلقي جيشا (جمعا «خ ل») من الروم فهزموهم (فهزمهم «خ ل») و غنمهم الله أموالهم.
فلما رأيت راجعة من الناس قد رجعت عن الإسلام تدعوا إلى محو (محق «خ») دين محمد و ملة إبراهيم (عليهما السلام «خ») خشيت إن أنا لم أنصر الإسلام و أهله أرى فيه ثلما و هدما تكون المصيبة علي فيه أعظم من فوت ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل، ثم تزول و تنقشع كما يزول و ينقشع السحاب «4» فنهضت مع القوم في تلك الأحداث حتى زهق الباطل، و كانت كلمة
__________________________________________________
 (1) أي لو سخروني و ذللوني كالبعير المسخر بالخزامة، لأقررت لله تعالى بسمع أمره و طاعته من ترك القيام لأخذ حقي بلا معين و ظهير، يقال: خزم أنف فلان- من باب ضرب- و خزم البعير: جعل في جانب منخره الخزام- أو الخزامة، بكسر الخاء فيهما- و هي حلقة يشد فيها الزمام. و يقال: «خزم أنف فلان» و «جعل في أنفه الخزامة»: أذله و سخره.
 (2) «قد انثالوا»: قد انصبوا و اندفعوا (خوفا و طمعا) لان يبايعوا ابابكر. و «ظننت» أي أيقنت. كما في قوله تعالى: و ذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه» الخ و ورود الظن بمعنى العلم و اليقين شائع في كلام البلغاء و الآيات و الروايات كما في الآية (117) من سورة التوبة، و الآية (53) من سورة الكهف، و غيرها. أو المعنى: أني ظننت أن الناس يروني أولى و أحق و يساعدوني على استنقاذ حقي و رد ما اغتصبوه عني إلي. و على المعنى الأول فالأولوية تعيينية.
 (3) الضمير في قوله (ع): «و جعلهما» عائد إلى أبي بكر و عمر، أما كون عمر في جند أسامة، و تأمير أسامة عليه في تلك السرية، فمما اتفق عليه الجميع، و إنما الكلام و الاختلاف في أبي بكر، و الصحيح أنه كان في الجيش قال ابن أبي الحديد- في أواسط الطعن الرابع من مطاعن أبي بكر، من شرح المختار (62) من كتب النهج، ج 17، ص 183- و كثير من المحدثين يقولون: بل كان (أبوبكر أيضا) فى جيشه.
و للكلام بقية و شواهد تقف عليها في أول التذييلات الآتية.
 (4) «المحو و المحق» بمعنى واحد، و هو إبطال الشي‏ء و اضمحلاله. «و الثلم»- على زنة الضرب-: الخلل و الخرق و «الهدم»- كالضرب-: النقض و السقوط. و «انقشع السحاب»: انكشف و زال. و «انقشع القوم عن أماكنهم»: ابتعدوا عنه.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 242
الله هي العليا و إن رغم الكافرون «1».
و لقد كان سعد لما رأى الناس يبايعون أبابكر، نادى أيها الناس إني و الله ما أردتها حتى رأيتكم تصرفونها عن علي، و لا أبايعكم حتى يبايع علي، و لعلي لا أفعل و إن بايع «2».
__________________________________________________
 (1) «نهضت»: قمت، و النهوض: القيام بالشي‏ء و الإسراع إليه. و «الأحداث»- جمع الحدث كفرس و هو-:
الأمر المنكر الذي ليس معتادا و لا معروفا في السنة، و هو البدعة في الدين. و «زهق الباطل». خرجت روحه و مات. و «رغم الشي‏ء رغما»- كضرب و نصر و منع-: كرهه. و المصدر على زنة الفلس و الفرس.
 (2) هذا الكلام و ما تقدم آنفا من قوله عليه السلام: «و تثبط الأنصار- و هم أنصار الله و كتيبة الإسلام- و قالوا:
أما إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا أحق بها من غيره» دالان على أن الأنصار و رئيسهم سعدا، لم يتجاسروا على ادعاء الخلافة و الامارة، إلا بعد ما رأوا أنها مصروفة عن الوصي عليه السلام و منهوبة عنه بإغارة أهل الشره، و وثوب المنهمكين في الحرص و الطمع، فخافوا من الأضغان الجاهلية، و دوائر السوء عليهم، فادعوها لأنفسهم، و مثل هذا الكلام ما رواه في الدرجات الرفيعة ص 326 في ترجمة سعد، من أنه قال:
 «لو بايعوا عليا لكنت أول من بايع».
و روي أيضا عن محمد بن جرير الطبري، عن أبي علقمة، قال قلت لسعد بن عبادة و قد مال الناس لبيعة أبي بكر: تدخل فيما دخل فيه المسلمون. قال: إليك عني فو الله لقد سمعت رسول الله (ص) يقول: «إذا أنا مت تضل الأهواء، و يرجع الناس على أعقابهم، فالحق يومئذ مع علي، و كتاب الله بيده» لا نبايع لأحد غيره.
فقلت له: هل سمع هذا الخبر غيرك من رسول الله. فقال: سمعه أناس في قلوبهم أحقاد و ضغائن. قلت:
بل نازعتك نفسك ان يكون هذا الأمر لك دون الناس كلهم. فحلف أنه لم يهم بها، لم يردها، و أنهم لو بايعوا عليا كان أول من بايع سعد. أقول و رواه في الحديث (441) فى الفصل (41) من الباب العاشر، من إثبات الهداة: 4، 156، عن أربعين محمد طاهر القمى، قال: و روى أصحابنا عن كتاب ابن جرير الطبري، عن سعد بن عبادة أنه قال الخ. و مما يدل على أن اول من أقدم على نهب الخلافة و ابتزازها، هم الشيخان و أتباعهم دون سعد، ما ذكره أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته الوسيلة، من قوله: «ألا و إن أول شهادة زور وقعت في الاسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله ص، فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان رجعوا عن ذلك الخ. و ما رواه البخاري و مسلم في صحيحيهما، و الحميدي في الجمع بين الصحيحين، و ابن هشام في سيرته، و أبو حاتم: محمد بن التميمي البستي في كتاب «الثقات» و ابن حجر في الصواعق، و السيوطي في تاريخ الخلفاء، و الطبري في تاريخه: ج 2، 446- و اللفظ له- قال عمر: «بلغني أن قائلا منكم يقول: لو مات عمر بايعت فلانا. فلا يغرن امرء أن يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة، فقد كان كذلك غير أن الله وقى شرها، و إنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه (ص) إن عليا و الزبير، و من معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة، و تخلفت عنا الأنصار بأسرها» الخ فإن هذا الكلام صريح أن الأنصار تخلفوا كتخلف علي و أتباعه، و مما يدل أيضا على شهامة الشيخين و أتباعهم، و أنهم كانوا أول من تصدى للتقمص بالخلافة، ما كتبه- مروج أساس القوم و حافظ دعائمهم- معاوية، إلى محمد بن أبي بكر في كتاب طويل، و فيه: «فقد كنا- و أبوك فينا- نعرف فضل ابن أبي طالب و حقه لازما لنا مبرورا، فلما اختار الله لنبيه ما عنده و قبضه إليه، فكان أبوك و فاروقه أول من ابتزه حقه، و خالفه على أمره» الخ و هذا الكتاب و إن استحيى الطبري من ذكره معتذرا بأنه مما يكرهه العامة، و لكن الله لا يستحيي من الحق، و لا يخاف من كراهة العامة، فأظهر الحق بنقل المسعودي في مروج الذهب: ج 3 ص 12. و برواية نصر في كتاب صفين ص 118، و ابن أبي الحديد في شرح المختار (46) من خطب نهج البلاغة ج 3 ص 190.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 243
ثم ركب دابته و أتى حوران و أقام في خان [في عنان «خ»] حتى هلك و لم يبايع «1».
و قام فروة بن عمرو الأنصاري «2» و كان يقود مع رسول الله صلى الله عليه و آله فرسين، و يصرم ألف وسق من تمر فيتصدق به على المساكين- فنادى يا معشر قريش أخبروني هل فيكم رجل تحل له الخلافة و فيه ما في علي.
فقال قيس بن مخرمة الزهري: ليس فينا من فيه ما في علي.
فقال: صدقت، فهل في علي ما ليس في أحد منكم. قال: نعم. قال: فما
__________________________________________________
 (1) قال في باب الحاء بعدها الواو، من معجم البلدان: ج 3 ص 360 ط مصر،: «حوران» بالفتح يجوز أن يكون من حار يحور حورا. و «نعوذ بالله من الحور بعد الكور» أي من النقصان بعد الزيادة. و حوران كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة، ذات قرى كثيرة و مزارع و حرار، و ما زالت منازل العرب، و ذكرها في اشعارهم كثير، و قصبتها بصرى الخ. و قال في باب العين بعدها النون من ج 6 ص 230:
 «عنان»- بالكسر و آخره نون أخرى-: واد في ديار بني عامر، معترض في بلادهم، أعلاه لبني جعدة، و أسفله لبني قشير.
 (2) قال ابن أبي الحديد- في شرح المختار (66) من خطب نهج البلاغة: ج 6 ص 28-: و كان فروة بن عمر و ممن تخلف عن بيعة أبي بكر، و كان ممن جاهد مع رسول الله صلى الله عليه و آله و قاد فرسين في سبيل الله، و كان يتصدق من نخله بألف وسق في كل عام، و كان سيدا و هو من أصحاب علي، و ممن شهد معه يوم الجمل الخ و أيضا قال ابن أبي الحديد- في شرح المختار المتقدم ص 21-: و روى الزبير بن بكار، قال:
روى محمد بن إسحاق أن أبابكر لما بويع افتخرت تيم بن مرة، قال: و كان عامة المهاجرين و جل الأنصار لا يشكون أن عليا هو صاحب الأمر بعده (ص) فقال الفضل بن العباس: «يا معشر قريش و خصوصا يا بني تيم إنكم إنما أخذتم الخلافة بالنبوة، و نحن أهلها دونكم، و لو طلبنا هذا الأمر الذي نحن أهله لكانت كراهة الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا، حسدا منهم لنا و حقدا علينا، و إنا لنعلم أن عند صاحبنا عهدا هو ينتهي إليه.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 244
صدكم عنه. قال: اجتماع [إجماع «خ»] الناس على أبي بكر. قال: أما و الله لئن أصبتم [أحييتم «خ ل»] سنتكم لقد أخطأتم سنة نبيكم، و لو جعلتموها في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوقكم و من تحت أرجلكم «1».
فولي أبو بكر فقارب و اقتصد «2» فصحبته مناصحا و أطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا «3» حتى إذا احتضر قلت في نفسي ليس يعدل بهذا الأمر عني، و لولا خاصة بينه و بين عمر، و أمر كانا رضياه بينهما «4» لظننت أنه لا يعدله عني و قد سمع قول النبي صلى الله عليه و آله لبريدة الأسلمي- حين بعثني و خالد [ابن «ظ»] الوليد إلى اليمن؛ و قال: إذا افترقتما فكل واحد منكما على حياله «5» و إذا اجتمعتما فعلي عليكم جميعا فغزونا و أصبنا سبيا فيهم خولة بنت جعفر جار الصفا «6» فأخذت الحنفية خولة، و اغتنمها خالد مني، و بعث بريدة إلى رسول الله محرشا علي «7» فأخبره بما كان من أخذي خولة فقال: «يا بريدة حظه في‏
__________________________________________________
 (1) و قال أبو ذر: أصبتم قباحة و تركتم قرابة لو جعلتم هذا الأمر في أهل بيت نبيكم لما اختلف عليكم اثنان. و قال سلمان: أصبتم ذا السن منكم و أخطأتم أهل بيت نبيكم أما لو جعلتموها فيهم ما اختلف منكم اثنان و لأكلتموها رغدا.
 (2) أي ترك الغلو. و لم يبالغ في الانحراف كل المبالغة، كالذين قاموا بالأمر بعده و جلسوا مجلسه و لقبوا بلقبه.
 (3) «جاهدا» حال من فاعل «أطاع الله» أو عن الضمير المنصوب أو المرفوع في «أطعته» و الأول كأنه أظهر.
 (4) «و لولا خاصة» أي خلطة او محبة مخصوصة، أو خصوصية ذاتية تكوينية من أجلها يحن كل شخص الى مجانسه و يوافق كل شن طبقه، و يؤيد الاخير مواخاة النبي صلى الله عليه و آله بينهما، و حديث: «إن النفوس- او الارواح- جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، و ما تناكر منها اختلف».
و اما الأمر الذي كانا رضيا بينهما فهو تعاهدهما على ان يبايع أبا بكر، ليرد عليه ابو بكر بعده، و لذا قال له أمير المؤمنين (ع): «احلب حلبا لك شطره، اشدد له اليوم أمره ليرد عليك غدا». و في معادن الحكمة:
 «و امر كانا ربصاه».
 (5) أي على انفراده، أي في صورة الانفراد كل واحد منكم أمير على جنده الخ.
 (6) و في البحار، نقلا عن كشف المحجة: «خويلة بنت جعفر جار الصفا- و إنما سمى جار الصفا من حسنه فأخذت الحنفية خولة» الخ و الظاهر أن «خويلة» من غلط النساخ، كما أن قوله: «و إنما سمي جار الصفا من حسنه» من كلام السيد ابن طاوس- او الكليني أو من تقدمهما من الرواة- فأدرجه الكتاب سهوا أو جهلا في كلامه (ع).
 (7) التحريش: الإغراء بين القوم. و الإفساد بينهم بالسعاية و النميمة.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 245
الخمس أكثر مما أخذ، إنه وليكم بعدي» سمعها أبو بكر و عمر، و هذا بريدة حي لم يمت «1» فهل بعد هذا مقال لقائل.
فبايع عمر دون المشورة، فكان مرضي السيرة من الناس عندهم «2» حتى إذا احتضر قلت في نفسي ليس يعدل بهذا الأمر عني للذي قد رآى مني في المواطن، و سمع من رسول الله صلى الله عليه و آله، فجعلني سادس ستة و أمر صهيبا أن يصلي بالناس، و دعا أبا طلحة زيد بن سعد الأنصاري فقال له: «كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من أبى أن يرضى من هؤلاء الستة».
فالعجب من اختلاق القوم «3»، إذ زعموا أن أبا بكر استخلفه النبي صلى الله عليه و آله؛ فلو كان هذا حقا لم يخف على الأنصار، فبايعه الناس على شورى ثم جعلها أبو بكر لعمر برأيه خاصة، ثم جعلها عمر برأيه شورى بين ستة، فهذا العجب من اختلافهم «4» و الدليل على ما لا أحب أن أذكر [ه‏] قوله (ظ):
 «هؤلاء الرهط الذين قبض رسول الله صلى الله عليه و آله (كذا) و هو عنهم راض». فكيف يأمر بقتل قوم رضي الله عنهم و رسوله، إن هذا لأمر عجيب، و لم يكونوا لولاية أحد منهم أكره منهم لولايتي، كانوا يسمعون و أنا أحاج أبا بكر و أقول (ظ): يا معشر قريش أنا أحق بهذا الأمر منكم ما كان منكم من يقرأ القرآن و يعرف السنة و يدين بدين الله الحق «5» و إنما
__________________________________________________
 (1) و قوله (ص): «إنه وليكم بعدي»- كحديث يوم الدار، و حديث الغدير، و الثقلين، و السفينة و ما يجري مجراها- يدل على استخلافه (ص) إياه بعده بلا فصل على جميع المسلمين كائنا من كان، و الأدلة بتكاثرها كل واحدة منها متواترة.
و أما بريدة فإنه توفي سنة (63 ه) بمرو، و قيل: مات سنة (62).
 (2) أي لا بحسب الواقع و نفس الأمر و عند الله تبارك و تعالى.
 (3) و في معادن الحكمة و الجواهر: «فالعجب من خلاف القوم».
 (4) و فى معادن الحكمة: «فهذا العجب و اختلافهم».
 (5) هذا هو الظاهر، و في النسخة: «و يدين دين الله الحق» و في البحار، و معادن الحكمة: «و يدين دين الحق» و المعنى: إنكم إن كنتم من أهل القرآن و السنة و دين الحق فخلوا بيني و بين الخلافة، لأن القرآن و السنة و دين الحق حاكم بأني أحق و أولى بالخلافة منكم. و يحتمل أن يراد من الكلام أنه ما دام في الوجود مسلم و معتقد بالشريعة، فأنا أولى بالأمارة و الخلافة عليه.
و في بعض الروايات الواردة في احتجاجه (ع) يوم السقيفة على أبي بكر أنه قال: «و نحن أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا القارئ لكتاب الله» الخ.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 246
حجتي أني ولي هذا الأمر من دون قريش، إن نبي الله صلى الله عليه و آله قال: «الولاء لمن أعتق» فجاء رسول الله صلى الله عليه و آله بعتق الرقاب من النار، و أعتقها من الرق، فكان للنبي صلى الله عليه ولاء هذه الأمة.
و كان لي بعده ما كان له «1» فما جاز لقريش من فضلها عليها بالنبي صلى الله عليه و آله جاز لبني هاشم على قريش، و جاز لي على بني هاشم بقول النبي صلى الله عليه و آله و سلم يوم غدير خم: «من كنت مولاه فعلي مولاه» إلا أن تدعي قريش فضلها على العرب بغير النبي صلى الله عليه و آله، فإن شاءوا فليقولوا ذلك.
فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن آخذ بأنفاسهم و أعترض في حلوقهم و لا يكون لهم في الأمر نصيب «2» فأجمعوا علي إجماع رجل واحد منهم حتى صرفوا الولاية عني إلى عثمان رجاء أن ينالوها و يتداولوها في ما بينهم، فبينا هم كذلك إذ نادى مناد لا يدرى من هو «3» فأسمع أهل المدينة ليلة بايعوا عثمان‏
__________________________________________________
 (1) الاستدلال بقوله: «الولاء لمن أعتق» بضميمة ما يأتي بعد ذلك من قوله (ص): «من كنت مولاه فعلي مولاه» و من قوله (ص) له (ع): «يابن أبي طالب لك ولاء أمتي، فإن ولوك في عافية و أجمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم، و إن اختلفوا عليك فدعهم و ما هم فيه» الخ. و روى الكلينى (ره) فى الحديث الخامس من الباب الثامن، من كتاب الجهاد، من الكافي: ج 5، ص 28، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: «بعثني رسول الله صلى الله عليه و آله إلى اليمن، و قال لي: يا علي لا تقاتلن أحدا حتى تدعوه، و ايم الله لأن يهدي الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس و غربت، و لك ولاؤه يا علي».
 (2) و هذا المعنى مما نطق به القوم في كثير من المقامات، و رواه عنهم أنصارهم- و قد تقدم نقل شرذمة منه في باب الخطب- و قد سار بسيرتهم في كل عصر كثير من المبطلين، فنازعوا الحق أهله فضلوا و أضلوا عن سواء الصراط.
 (3) ثم إن في النسخة هكذا: «إذ نادى مناد لا يدري من هو، و أظنه جنيا» و هو من كلام بعض الرواة اقحم في المتن.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 247
فقال:
         يا ناعي الإسلام قم فانعه             قد مات عرف و بدا منكر
             ما لقريش لا على [علا] كعبها «1»             من قدموا اليوم و من أخروا
             إن عليا هو أولى به             منه فولوه و لا تنكروا
 فدعوني إلى بيعة عثمان فبايعت مستكرها و صبرت محتسبا، و علمت أهل القنوط أن يقولوا: أللهم لك أخلصت القلوب، و إليك شخصت الأبصار، و أنت دعيت بالألسن، و إليك تحوكم [نجواهم «م»] في الأعمال، ف افتح بيننا و بين قومنا بالحق.
أللهم إنا نشكو إليك غيبة [فقد «خ ل»] نبينا و كثرة عدونا، و قلة عددنا، و هواننا على الناس، و شدة الزمان و وقوع الفتن بنا، أللهم ففرج ذلك بعدل تظهره، و سلطان حق تعرفه.
فقال عبد الرحمن بن عوف: «يا ابن أبي طالب إنك على هذا الأمر
__________________________________________________
 (1) النعي: خبر الموت. و جملة: «لا على كعبها» دعائية، قال فى النهاية:
و في حديث قيله: «لا يزال كعبك عاليا» هو داء لها بالشرف و العلو. و في ترجمة عمار، من الدرجات الرفيعة ص 262 و قريب منه في مروج الذهب: 2/ 243- قال: و روى الجوهري. قال: قام عمار يوم بويع عثمان، فنادى يا معشر المسلمين إنا قد كنا و ما كنا نستطيع الكلام قلة و ذلة فأعزنا الله بدينه و أكرمنا برسوله، فالحمد لله رب العالمين، يا معشر قريش إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم تحولونه هاهنا مرة و ههنا مرة، ما أنا آمن أن ينزعه الله منكم و يضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله و وضعتموه في غير أهله. فقال هشام بن المغيرة: يابن سمية لقد عدوت طورك، و ما عرفت قدرك، ما أنت و ما رمت قريش لأنفسها، إنك لست في شي‏ء من أمرها و أمارتها فتنح عنها. و تكلمت قريش بأجمعها فصاحوا بعمار فانتهروه فقال: الحمد لله رب العالمين، ما زال أعوان الحق أذلاء، ثم قام فانصرف.
قال الشعبي: و أقبل عمار ينادي ذلك اليوم:
         يا ناعي الإسلام قم فانعه             قد مات عرف و بدا منكر
 اما و الله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم، و الله لأن قاتلهم واحد لأكونن له ثانيا. فقال علي (ع): يا أبا اليقظان و الله لا أجد عليهم أعوانا، و لا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون.
أقول: و ذكر في ترجمة نعمان بن زيد الانصاري من أعيان الشيعة ج 5 ص 9: أنه أنشد الأشعار يوم السقيفة، و فيها زيادة غير مذكورة هنا.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 248
لحريص» فقلت: لست عليه حريصا و إنما أطلب ميراث رسول الله صلى الله عليه و آله و حقه و أن ولاء أمته لي من بعده، و أنتم أحرص عليه مني إذ تحولون بيني و بينه، و تصرفون [و تضربون «خ ل»] وجهي دونه بالسيف «1».
اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم قطعوا رحمي و أضاعوا أيامي «2» و دفعوا حقي و صغروا قدري و عظيم منزلتي و أجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم «3» فاستلبونيه، ثم قالوا: «اصبر مغموما أو مت متأسفا «4» و ايم الله لو استطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سببي فعلوا و لكنهم لن يجدوا إلى ذلك سبيلا «5».
 [و] إنما حقي على هذه الأمة كرجل له حق على قوم إلى أجل معلوم، فإن أحسنوا و عجلوا له حقه قبله حامدا، و إن أخروه إلى أجله أخذه غير حامد، و ليس يعاب المرء بتأخير حقه، إنما يعاب من أخذ ما ليس له «6» و قد كان رسول الله صلى الله عليه و آله عهد إلي عهدا فقال: «يا ابن أبي طالب لك ولاء أمتي فإن ولوك في عافية و أجمعوا عليك بالرضا «7» فقم بأمرهم، و إن‏
__________________________________________________
 (1) و لهذا الدعاء صور كثيرة صدرت عنه (ع) في مختلف المقامات، و ذكرنا بعض صوره في الباب الرابع من كتابنا هذا فراجع، و صورة منه ذكرها السيد (ره) في المختار (15، أو 16) من كتب نهج البلاغة.
 (2) و قريب منه جدا في المختار (167، أو 170) من خطب نهج البلاغة.
و معنى أستعديك: أستعين بك و أشكو إليك و أستنصرك عليهم لأخذ ظلامتي منهم، حيث إنهم قطعوا رحمي عن رسول الله (ص) و لم يصموه، و اضاعوا ايامي المشهورة التي نصرت فيها الدين، و خصائصي التي أوجبت لي ولاية المسلمين.
 (3) و الأولوية هنا تعيينية، كما في قوله تعالى: و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله* و يدل عليه أمور كثيرة منها قوله (ع) في المختار (170) من خطب النهج: «و أجمعوا على منازعتي أمرا هو لي» الخ.
و قريب منهما جدا في المختار (214) من خطب النهج أيضا.
 (4) اي إنهم لم يكتفوا بغصب حقي فقط، بل زادوا عليه التعيير و التقريع.
 (5) هذا هو الظاهر، و في النسخة: «و لكنهم لا يجدون إلي ذلك سبيلا».
 (6) و هذا مثل قوله عليه السلام- في المختار (28) من كتب نهج البلاغة-: «و ما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه، و لا مرتابا بيقينه» الخ.
 (7) أي الإمامة و الولاية ثابتتان لك أجمعوا عليك بالرضا و طيب النفس أم لا، و أما القيام بأمر و إعباء الإمامة فهو معلق على إجماعهم عليك و رضاهم بك، فإن أجمعوا و رضوا بك فقم بأمرهم، و إلا فدعهم.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 249
اختلفوا عليك فدعهم و ما هم فيه فإن الله سيجعل لك مخرجا».
فنظرت فإذا ليس لي رافد و لا معي مساعد إلا أهل بيتي فضننت «1» بهم عن الهلاك؛ و لو كان لي بعد رسول الله صلى الله عليه و آله عمي حمزة و أخي جعفر لم أبايع كرها [مكرها «خ»] و لكني بليت «2» برجلين- حديثي عهد بالإسلام- العباس و عقيل، فضننت بأهل بيتي عن الهلاك، فأغضيت عيني على القذى، و تجرعت ريقي على الشجى و صبرت على أمر من العلقم، و آلم للقلب من حز الشفار «3».
و أما أمر عثمان فكأنه علم من القرون الأولى علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي و لا ينسى «4» خذله أهل بدر.
__________________________________________________
 (1) الرافد: المعين و المساعد. و ضننت بهم- من باب علم و نفع-: بخلت بهم و احتفظت عليهم كما يبخل بالنفائس و يتحفظ عليها. و ما هنا قريب جدا مما في المختار (25 و 214) من خطب النهج، و ما ذكره عليه السلام من خوفه على استيصاله و استيصال أهل بيته لو لم يبايع القوم، قد تواتر عنه عليه السلام و القرائن القطعية شاهدة له، قال عبد الرحمان بن عوف يوم بايع عثمان: يا علي فلا تجعل إلى نفسك سبيلا فإنه السيف لا غير. الامامة و السياسية 27. و إن تعمقت في وصية عمر، أو ما جرى يوم السقيفة لترى الأمر جليا.
 (2) و في نسخة البحار: «و لكني منيت» و هما بمعنى واحد، و ما ذكره عليه السلام بالنسبة إلى العباس و عقيل جلي لمن تأمل في سيرتهما في بدء الإسلام إلي زمان وفاتهما، و كذا الكلام بالنظر إلى سيرة حمزة و جعفر (رض) فلو كانا حيين لما اغتنم أصحاب السقيفة اشتغال الوصي بتجهيز الرسول (ص) غنيمة باردة لنهب الخلافة، و لهابوهم هيبة الثعلب من الأسد، و لما وقع الوصي بين المحذورين: من اجتياح العترة و عود الكفر- لو قام لإحقاق حقه و دفع مخاصميه- و من غصب حقه لو سكت.
 (3) «أغضيت عيني القذى» أي غمضتها عليه.
و الإغضاء: غمض جفني العين و تطبيقهما حتى لا يرى شيئا. و القذى: ما يقع في العين من تبن و نحوه.
و الشجى: ما اعترض في الحلق من عظم و نحوه. و العلقم: شجر مر بالغ المرارة. و يطلقه العرب على كل مر.
و الحز: الوجع و الألم. و الشفار: جمع الشفرة كضربة: السكاكين العظيمة العريضة. قال محمد عبده: «و كل هذا تمثيل للصبر، و الاختناق على المضض الذي آلم به من حرمانه حقه و تألب القوم عليه».
 (4) لعل المراد أن أمره كان شبيها بأمور وقعت على القرون الأولى التي لم تكونوا شاهدي أعمالهم لتعلموا حسن عاقبتهم أو شناعتها، فعلمها عند الله الذي لا ينسى، و لا يضل، و لا يعزب عنه شي‏ء، و علم الحوادث قبل وقوعها فاثبتها في اللوح المحفوظ.
و يمكن أن يريد (ع) من قوله: «في كتاب» القرآن، فالمراد أن حاله يستعلم من القرآن، فإن كان في أعماله خائفا فله جنتان، و إن كان ظالما غير مبال بالله تعالى، فهو ممن يعض على يديه و يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، ليتني لم أتخذ فلانا خليلا. و لعل هذا المعنى أوفق بقوله: «خذله أهل بدر» إذ أتباع معاوية و أنصاره يروون عنه (ص) ما معناه: إن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. و كذا يروون عنه (ص) قوله: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. و لا خلاف أن جمهور البدريين من المهاجرين و الأنصار خذلوا عثمان، بل رؤساؤهم كطلحة و الزبير، كانوا ممن ألبوا على عثمان.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 250
و قتله أهل مصر، و الله ما أمرت و لا نهيت، و لو أنني أمرت كنت قاتلا، و لو أنني نهيت كنت ناصرا، و كان الأمر لا ينفع فيه العيان، و لا يشفي منه الخبر «1» غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول: هو: «خذله من أنا خير منه»
__________________________________________________
 (1) لعل المعنى أن أمره كان مشتبها على من عاين الأمر، و على من سمع خبره، فلا يعلم كيف وقع. أو المعنى أن قتله شبه على أكثر الناس، فما علموا أنه قتل حقا أو باطلا. و قريب منه قول رسوله إلى معاوية: «إن أمر عثمان أشكل على من حضره، المخبر عنه كالأعمى، و السميع كالأصم» الخ. الامامة و السياسة 83.
ثم ليعلم أن قوله (ع) هنا: «و لو أنني أمرت كنت قاتلا» إلى قوله: «و الله يحكم بينكم و بينه» رواه في المختار (30) من باب خطب نهج البلاغة، باختلاف طفيف في بعض ألفاظه. و قطعة منه رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 5/ 98 و 101. و رواه أيضا في ترجمة عثمان من تاريخ دمشق ج 25 ص 159، و ما قبلها بمغايرة طفيفة في بعض الألفاظ، و بأسانيد عديدة في بعض الفقرات.
و في ترجمة كعب بن مالك الأنصاري من كتاب الأغاني: 16، 233 ط مصر، و أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن منصور الربعي، و ذكر أنه اسناد شآم، هكذا: قال: قال ابن عمار في الخبر، و ذكر حديثا فيه طول لحسان بن ثابت و النعمان بن بشير، و كعب بن مالك، فذكرت ما كان لكعب فيه، قال: لما بويع لعلي بن أبي طالب عليه السلام بلغه عن حسان بن ثابت، و كعب بن مالك، و النعمان بن بشير- و كانوا عثمانية- أنهم يقدمون بني أمية على بني هاشم، و يقولون: الشام خير من المدينة، و اتصل بهم أن ذلك قد بلغه، فدخلوا عليه، فقال له كعب بن مالك: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن عثمان:
أ قتل ظالما فنقول بقولك، أم قتل مظلوما فنقول بقولنا و نكلك إلى الشبهة فيه، فالعجب من تيقننا و شكك، و قد زعمت العرب أن عندك علم ما اختلفنا فيه فهاته نعرفه، ثم قال:
         كف يديه ثم اغلق بابه             و أيقن أن الله ليس بغافل‏
             و قال لمن في داره لا تقاتلوا             عفا الله عن كل امرئ لم يقاتل‏
             فكيف رأيت الله صب عليهم             العداوة و البغضاء بعد التواصل‏
             و كيف رأيت الخير أدبر عنهم             و ولى كإدبار النعام الحوافل‏
 فقال لهم علي عليه السلام: لكم عندي ثلاثة أشياء: استأثر عثمان فأساء الأثرة، و جزعتم فأسأتم الجزع، و عند الله ما تختلفون فيه إلى يوم القيامة.
أقول و نقله عنه ابن عساكر في ترجمة كعب من تاريخ دمشق: ج 46 ص 1553، إلا أنه قال: «و ذكر له أسنادا شاميا». و هو أظهر.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 251
و لا يستطيع من خذله أن يقول: «نصره من هو خير مني».
و أنا جامع أمره: استأثر فأساء الأثرة و جزعتم فأسأتم الجزع، و الله يحكم بينكم [بيننا «خ»] و بينه، و الله ما يلزمني في دم عثمان تهمة [ثلمة «خ»] ما كنت إلا رجلا من المسلمين المهاجرين في بيتي (كذا) فلما قتلتموه أتيتموني تبايعوني فأبيت عليكم و أبيتم علي، فقبضت يدي فبسطتموها، و بسطتها فمددتموها ثم تداككتم علي تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها «1» حتى ظننت أنكم قاتلي و أن بعضكم قاتل بعض، حتى انقطعت النعل و سقط الرداء، و وطئ الضعيف و بلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن حمل إليها الصغير و هدج إليها الكبير و تحامل إليها العليل و حسرت لها الكعاب «2».
__________________________________________________
 (1) التداك و التداكك: التدافع الذي يقع بين المتزاحمين الواردين على شي‏ء واحد، فإن كل واحد منهم يدك الآخر بمقاديم بدنه ليدفعه و يستقل هو بالمورود، و الهيم: العطاش. و جمعه هيماء- كعين و عيناء- و الورود:
النزول. و مثله في المختار (224، أو 226) من خطب النهج، و كذا في المختار (53) منها: «يوم وردها» و هو أيضا يعطي معناه، إذ «الورد» يستعمل في الإشراف على الماء. و في العطش. و في الماء الذي يورد. و في النصيب منه. و في يوم شرب الماء.
 (2) و هذا قريب جدا مما في المختار (224، أو 226) من خطب نهج البلاغة، إلا أن فيها: «ان ابتهج بها الصغير» و ما هنا أبلغ، إذ حمل الصغار لبيعته (ع) يكشف عن فرط رغبة أوليائهم لبيعته، و تبركهم بها، و لهذا حملوا أولادهم معهم لبيعته (ع).
و أما تفسير ألفاظه (ع) فيقال: «هدج- هدجا» الظليم: مشى في ارتعاش. و هدجت الناقة: حنت على ولدها. و الفعل من باب ضرب. و تحامل في الأمر و بالأمر و إلى الأمر: تكلفه على مشقة. و «و حسر كمه عن ذراعه»- من باب ضرب و نصر-: رفعه و كشفه. و «حسرت الجارية خمارها عن وجهها»: أسفرت و أبرزت وجهها برفع الخمار. و «الكعاب»- كحساب و كتاب- جمع الكعب- كفلس- و هو كل مفصل للعظام.
و يراد منه هنا: الركبة أو الساق لمجاورته الركبة و العظمان الناشزان من جانبي القدم، فإنهما أيضا يطلق عليهما الكعب. و «الكعاب»- كسحاب و سراب-: الجارية حين يبدو ثديها للنهود، و هي الكاعب- بلا هاء- أي أن الجواري كشفت عن وجهها متوجهة إلى بيعته عليه السلام لتعقدها بلا استحياء، لشدة الرغبة و الحرص على إتمام الأمر لأمير المؤمنين عليه السلام. كذا أفاد الاستاذ محمد عبده في تعليقه على نهج البلاغة، و هذا المعنى على ما أختاره من ضبط «الكعاب» على زنة سحاب، و أما بناء على كونه على زنة الكتاب و الحساب، فالمعنى أن الناس- رجالا و نساء صغارا و كبارا- لغاية فرحهم و نهاية عنايتهم و فرط شعفهم بخلافة أمير المؤمنين عليه السلام كشفوا عن ساقهم و شمروا ذيلهم مسرعين إليه (ع)- كمن يعدو إلى محبوبه الذي قد تألم بفراقه في برهة و آيس من حياته و وصاله ثم بشر بمجيئه و إنه على شرف اللقاء- ليكونوا أول فائز بهذه المكرمة، ليتموه أو ليحكموه قبل سريان الفساد، و فوات الوقت، و عليه ف «حسرت» مبني للمفعول. و غرضه عليه السلام من الكلام أن الأمة بايعته مختارة مشتاقة من غير استدعاء منه عليه السلام. و ما أقرب كلام ابن عم عدي بن حاتم لما وصف بيعته عليه السلام بالشام لمعاوية، لما ذكره (ع) هنا، قال ابن عم عدي: «ثم تهافت الناس على علي بالبيعة تهافت الفراش حتى ضلت النعل، و سقط الرداء، و وطئ الشيخ- إلى أن قال:- فحملوا إليه الصبي، و دبت إليه العجوز، و خرجت إليه العروس فرحا به و سرورا و شوقا إليه» الخ.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 252
فقالوا: بايعنا على ما بويع عليه أبوبكر و عمر، فإنا لا نجد غيرك و لا نرضى إلا بك، بايعنا لا نفترق و لا نختلف. فبايعتكم على كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و آله «1» دعوت الناس إلى بيعتي فمن بايعني طائعا قبلت منه، و من أبى تركته، فكان أول من بايعني طلحة و الزبير، فقالا: «نبايعك على أنا شركاؤك في الأمر». فقلت: لا و لكنكما شركائي في القوة و عوناي في العجز «2» فبايعاني على هذا الأمر، و لو أبيا لم أكرههما كما لم أكره غيرهما.
و كان طلحة يرجو اليمن، و الزبير يرجو العراق، فلما علما أني غير موليهما
__________________________________________________
 (1) لا على ما بويع عليه أبو بكر و عمر، فإن كتاب الله و سنة رسول الله غير محتاجين إلى موافقتهما و لا مشترطان بهما، كما صرح هو عليه السلام بذلك لما قال له ابن عوف: أبايعك على أن تسير فينا بكتاب الله و سنة رسول الله و سيرة الشيخين. كما في تاريخ الطبري و الكامل و اليعقوبي- و اللفظ له- فقال عليه السلام: إن كتاب الله و سنة نبيه لا يحتاج معهما إلي أجيري أحد، أنت مجتهد أن تزوي هذا الأمر عني.
 (2) و في المختار (202) من قصار نهج البلاغة: «نبايعك على أنا شركاؤك في هذا الأمر. قال: لا و لكنكما شريكان في القوة و الاستعانة، و عونان على العجز و الأود. و الأود- كفرس-: الاعوجاج. و الكد و التعب و بلوغ الإنسان مجهوده من ثقل الأمر و مشقته.
روى ابن أبي الحديد في شرح المختار (198) من خطب النهج: ج 10 ص 16، عن شيخه أبي عثمان أن طلحة و الزبير، أرسلا محمد بن طلحة إلى أمير المؤمنين عليه السلام و قالا له: قل لعلي: ول أحدنا البصرة و الآخر الكوفة. فقال عليه السلام: لاها الله! إذا يحلم الأديم، و يستشرى الفساد، و تنتقض علي البلاد من أقطارها، و الله إني لا آمنهما و هما عندي بالمدينة، فكيف آمنهما و قد وليتهما العراقين الخ.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 253
استأذناني للعمرة يريدان الغدر، فاتبعا [فأتيا «خ»] عايشة و استخفاها- مع كل شي‏ء في نفسها علي «1»- و النساء نواقص الإيمان، نواقص العقول؛ نواقص الحظوظ، فأما نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة و الصيام في أيام حيضهن، و أما نقصان عقولهن فلا شهادة لهن إلا في الدين، و شهادة امرأتين برجل، و أما نقصان حظوظهن فمواريثهن على الأنصاف من مواريث الرجال «2».
و قادهما عبد الله بن عامر إلى البصرة، و ضمن لهما الأموال و الرجال، فبينا هما يقودانها إذ هي تقودهما (كذا) فاتخذاها فئة يقاتلان دونها «3» فأي خطيئة أعظم مما أتيا، أخرجا «4» زوجة رسول الله صلى الله عليه و آله من بيتها
__________________________________________________
 (1) يقال: استخف زيد عمرا: أزاله عن الحق و الصواب. حمله على الخلاعة. و استخف به: استهان به. و في المختار (151، أو 154) من خطب نهج البلاغة: «و أما فلانة فأدركها رأي النساء، و ضغن غلى في صدرها كمرجل القين، و لو دعيت لتنال من غيري ما أتت إلي لم تفعل، و لها بعد حرمتها الأولى و الحساب على الله». قال محمد عبده مفتي الديار المصرية- في تعليقة على هذا المقام-: المرجل: القدر. و القين- بالفتح-:
الحدادة، أي إن ضغينتها و حقدها كانا دائمي الغليان كقدر الحداد- فإنه يغلي ما دام يصنع- و لو دعاها أحد لتصيب من غيري غرضا من الاساءة و العدوان مثل ما أتت إلي- أي فعلت بي- لم تفعل لان حقدها كان علي خاصة.
و روى الشيخ المفيد (ره) في كتاب الجمل 81، عن عايشة أنها كانت تقول: «لم يزل بيني و بين علي من التباعد ما يكون بين بنت الأحماء». و روى عنها أيضا أنها قالت: «لا جرم أني لا أحب عليا أبدا».
 (2) و من قوله عليه السلام: «و النساء نواقص الإيمان- إلى قوله:- على الأنصاف من مواريث الرجال» رواه السيد الرضي (ره) في المختار (77) من خطب نهج البلاغة، و قال: خطبها عليه السلام بعد حرب الجمل، و رواه أيضا السبط ابن الجوزي مع المختار (13) و (14) من الباب الأول من النهج، و حكاه السيد عبد الزهراء الخطيب (حفظه الله و زاد في توفيقه) عن كتاب قوت القلوب لأبي طالب المكي المتوفى سنة (382) ج 1، ص 282.
 (3) كذا في النسخة، و في محاجة ابن عباس مع عبد الله بن الزبير التي ذكرها ابن أبي الحديد، في شرح المختار (458) من قصار نهج البلاغة: ج 20 ص 130: «فانطلق أبوك و خالك إلى حجاب مده الله عليها، فهتكاه عنها ثم اتخذاها فتنة يقاتلان دونها، وصانا حلائلهما في بيوتهما، فما أنصفا الله و لا محمدا من أنفسهما أن أبرزا زوجة نبيه و صانا حلائلهما» الخ.
 (4) هذا هو الظاهر، و في المخطوطة من معادن الحكمة و المطبوع من كشف المحجة و البحار: «إخراجهما زوجة رسول الله» الخ و يحتمل بعيدا صحة النسخة، و كون لفظة «إخراجهما» بدلا من قوله: «ما أتيا» أي أي خطيئة أعظم من اخراجهما زوجة رسول الله و كشفهما عنها حجابا ضربه الله عليهما.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 254
فكشفا عنها حجابا ستره الله عليها و صانا حلائلهما في بيوتهما، و لا أنصفا الله و لا رسوله من أنفسهما «1» ثلاث [بثلاث «م»] خصال مرجعها على الناس- [في كتاب الله-: البغي و المكر و النكث‏] «2».
قال الله تعالى: يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم «3» و قال: فمن نكث فإنما ينكث على نفسه «4» و قال: و لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله «5» فقد بغيا علي و نكثا بيعتي و مكراني [و مكرا بي «خ»] فمنيت بأطوع الناس في الناس عايشة بنت أبي بكر «6» و بأشجع [و بأنجع «خ ل»] الناس الزبير، و بأخصم الناس طلحة بن‏
__________________________________________________
 (1) و مثله في احتجاج عبد الله بن عباس مع عبد الله بن الزبير، كما في شرح المختار (458) من قصار النهج من ابن أبي الحديد، و في ج 3 من الطبري ص 482 ما تلخيصه: و خرج غلام شاب من بني سعيد الى طلحة و الزبير، فقال: أرى أمكما معكما فهل جئتما بنسائكما. قالا: لا. قال: فما أنا منكما في شي‏ء فأعتزلهما و قال:
         صنتم حلائلكم و قدتم أمكم             هذا لعمرك قلة الانصاف‏
             أمرت بجر ذيولها في بيتها             فهوت تشق البيد بالإيجاف‏
             غرضا يقاتل دونها أبنائها             بالنبل و الخطي و الأسياف‏
             هتكت بطلحة و الزبير ستورها             هذا المخبر عنهم و الكافي.


 (2) بين المعقوفين مأخوذ من تفسير علي بن ابراهيم (ره)- على ما رواه عنه في البحار: 8، 414- و السياق في حاجة اليه، و المراد من كتاب الله أما القرآن الكريم أو حكم الله، أي ان الخصال الثلاثة أولها و مرجعها و الابتلاء بلوازمها الكريهة الى الناس- و هو فاعل هذه الخصال- في القرآن، أي ان في القرآن ثابت و مذكور أن من أتى بهذه الخصال فهو بنفسه يقع في نتائجها السيئة. أو ان الثابت في حكم الله و قضائه هو ابتلاء الباغي و الماكر و الناكث ببغيه و مكره و نكثه.
و من كلام بعض الحكماء: «ثلاثة من كن فيه لم يفلح: البغي و المكر السي‏ء و النكث. و نقل ابن أبي الحديد- في آخر شرحه للمختار (41) من خطب نهج البلاغة، ج 2 ص 217 ط مصر- عن أبي بكر أنه قال: «ثلاث من كن فيه كن عليه: البغي النكث و المكر» ثم ذكر الآيات الثلاث. أقول: أقرأ قوله هذا، و تأمل فيما صنع هو و صاحبه مع أهل البيت (ع)، و نعم ما قال الشاعر:
         فلا تسعى على أحد ببغي             فان البغي مصرعه و خيم‏
 و قال العتابي:
         بغيت فلم تقع الا صريعا             كذاك البغي يصرع كل باغ.


 (3) الآية (23) من سورة يونس: 10، الآية العاشرة من سورة الفتح: 48، و الآية الثالثة و الأربعون من سورة فاطر: 35.
 (4) الآية (23) من سورة يونس: 10، الآية العاشرة من سورة الفتح: 48، و الآية الثالثة و الأربعون من سورة فاطر: 35.
 (5) الآية (23) من سورة يونس: 10، الآية العاشرة من سورة الفتح: 48، و الآية الثالثة و الأربعون من سورة فاطر: 35.
 (6) منيت: أبتليت. و في بعض المقامات قد عبر (ع) بلفظ «بليت» و معنى كونها أطوع الناس- على ما قاله المجلسي الوجيه (ره)- أنها لقلة عقلها كانت تطيع الناس في كل باطل مما يختلفون على أهل البيت (ع). أو على بناء المفعول، أي كان الناس يطيعونها في كل ما تريد، و الأول أظهر لفظا، و الثاني أظهر معنى.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 255
عبيد الله، و أعانهم علي يعلى بن منية بأصوع الدنانير، و الله لئن استقام أمري لأجعلن ماله فيئا للمسلمين «1».
ثم أتوا البصرة و أهلها مجتمعون على بيعتي و طاعتي و بها شيعتي: خزان بيت مال الله و مال المسلمين فدعوا الناس إلى معصيتي و إلى نقض بيعتي و طاعتي، فمن أطاعهم أكفروه و من عصاهم قتلوه «2». فناجزهم حكيم بن‏
__________________________________________________
 (1) و في ترجمة عبد الله بن عامر، من تاريخ دمشق: ج 30، انه قال عليه السلام: «أتدرون من حاربت (حاربت) أمجد الناس- أو أنجد الناس- يعني ابن عامر، و أشجع الناس- يعني الزبير،- و أدهى الناس طلحة بن عبيد الله. و في أنساب السمعاني: ج 1، ص 216، في لفظ الأسدي تحت الرقم 137، ط الهند:
و كان علي رضي الله عنه يقول: «بليت بأطوع الناس و أشجع الناس» أراد بالأول عايشة، و بالثاني الزبير.
و في وقعة الجمل من «العقد الفريد: ج 3 ص 102، ط 2: و كان علي بن أبي طالب يقول: «بليت بأنض الناس (ظ) و انطق الناس، و أطوع الناس في الناس، و في ترجمة «يعلى» من المعارف لا بن قتيبة: «فقال علي حين بلغه قدومهم البصرة: بليت بأشجع الناس- يعنى الزبير- و أبين الناس- يعني طلحة- و أطوع الناس للناس- يعني عائشة- و انض الناس- أي أكثرهم مالا، يعني يعلى بن منية». و مثله معنى في أنساب الأشراف.
 (2) «اكفروه» أي حملوه على عصياني و كفران نعمتي، أو صيروه كافرا.
و في كتاب الجمل 164،: فلما فرغ (طلحة) من كلامه قام عظيم من عظماء عبد القيس فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: أيها الناس أنه قد كان والي هذا الأمر و قوامه المهاجرون و الانصار بالمدينة، و لم يكن لأحد من أهل الأمصار أن ينقضوا ما أبرموا و لا يبرموا ما نقضوا، فكانوا اذا رأوا رأيا كتبوا به الى الأمصار، فسمعوا لهم و أطاعوا و ان عائشة و طلحة و الزبير كانوا أشد الناس على عثمان حتى قتل و بايع الناس عليا، و بايعه في جملتهم طلحة و الزبير، فجاءنا نبأهما ببيعتهما له فبايعناه، فو الله لا نخلع خليفتنا و لا ننقض بيعتنا. فصاح عليه طلحة و الزبير، و أمرا بقرض لحيته فتنفوها حتى لم يبق منها شي‏ء.
قال الشيخ المفيد- و قريب منه في تاريخ الطبري: ج 3 ص 480-: و قام رجل من بني جشم، فقال: أيها الناس أنا فلان بن فلان فاعرفوني- و انما انتسب لهم ليعلموا ان له عشيرة تمنعه فلا يعجل عليه من لا يوافقه كلامه- أيها الناس ان هؤلاء القوم ان كانوا جاؤكم بدم عثمان، فو الله ما قتلنا عثمان، و ان كانوا جاؤكم خائفين فو الله ما جاؤا إلا من حيث يأمن الطير، فلا تغتروا بهم، و اسمعوا قولي و أطيعوا أمري و ردوا هؤلاء القوم الى مكانهم الذي منه أقبلوا، و أقيموا على بيعتكم لإمامكم، و أطيعوا لأميركم.
فصاح عليه الناس من جوانب المسجد، و قذفوه بالحصى.
ثم قام رجل آخر من متقدمي عبد القيس، فقال: أيها الناس حتى أنصتوا حتي أتكلم. فقال له عبد الله بن الزبير: ويلك ما لك و للكلام. فقال مالي و له، أنا و الله للكلام و به و فيه، ثم حمد الله و أثنى عليه و ذكر النبي فصلى عليه و قال: يا معشر المهاجرين كنتم أول الناس اسلاما، بعث الله محمدا نبيه بينكم فدعاكم فأسلمتم، و أسلمنا لإسلامكم، فكنتم القادة و نحن لكم تبع، ثم توفي رسول الله فبايعتم رجلا منكم لم تستأذنونا في ذلك فسلمنا لكم، ثم ان ذلك الرجل توفي و استخلف عمر بن الخطاب، فو الله ما استشارنا في ذلك، فما رضيتم و سلمنا، ثم ان عمر جعلها شورى في ستة نفر، فاخترتم منهم واحدا فسلمنا لكم و اتبعناكم، ثم ان الرجل أحدث احداثا أنكرتموها فحصرتموه و خلعتموه و قتلتموه، و ما استشرتمونا في ذلك، ثم بايعتم علي بن أبي طالب و ما استشرتمونا في بيعته فرضينا و سلمنا و كنا لكم تبعا، فو الله ما ندري بما ذا نقضتم عليه هل استأثر بمال، أو حكم بغير ما أنزل الله، أو أحدث منكرا، فحدثونا به نكن معكم، فو الله ما نراكم الا قد ضللتم بخلافكم له.
فقال له ابن الزبير: ما أنت و ذاك. و أراد أهل البصرة أن يثبوا عليه فمنعته عشيرته، قال الطبري- في ج 3 ص 486- فلما كان الغد وثبوا عليه و على من كان معه فقتلوا سبعين رجلا.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 256
جبلة «1» فقتلوه في سبعين رجلا من عباد أهل البصرة و مخبتيهم يسمون المثفنين كأن راح أكفهم ثفنات إبل «2».
و أبى أن يبايعهم يزيد بن الحارث اليشكري، فقال: «اتقيا الله، إن أولكم قادنا إلى الجنة فلا يقودنا آخركم إلى النار، فلا تكلفونا أن نصدق المدعي و نقضي على الغائب، أما يميني فشغلها علي بن أبي طالب ببيعتي إياه و هذه شمالي فارغة فخذاها إن شئتما». فخنق حتى مات رحمه الله.
و قام عبد الله بن حكيم التميمي فقال: «يا طلحة هل تعرف هذا الكتاب.
قال: نعم هذا كتابي إليك. قال: هل تدري ما فيه؟ قال: اقرأه علي. [فقرأه‏]
__________________________________________________
 (1) ضبطه ابن حجر تحت الرقم (1994) من الاصابة: ج 1، 379 ط مصر، مصغرا، و عقد له ترجمة حسنة أبو عمر في أواسط حرف الحاء من الاستيعاب بهامش الاصابة: ج 1، ص 323، و فيها شواهد لما هنا.
 (2) «المخبتي»: جمع المخبت- و حذف النون للاضافة- و هو من قولهم: «أخبت الى الله»: اطمأن اليه تعالى و سكنت قلوبهم و نفوسهم اليه، و تخشعوا و تواضبعوا له، و منه قوله تعالى في الآية (23) من سورة هود: «ان الذين آمنوا و عملوا الصالحات و أخبتوا الى ربهم أولئك أصحاب الجنة». و الآية (34) من سورة الحج:
 «فإلهكم إله واحد فله أسلموا و بشر المختبين». و «المثفنين»: جمع المثفن: صاحب الثفنة- بفتح الثاء المثلثة، و كسر الفاء-: ما غلظ لكثرة السجود من الجبهة و الركبة و باطن الأكف، و من أجلها سمي الإمام زين العابدين (ع) بذي الثفنات.
ثم ان قتل سبعين نفرا مع حكيم بن جبلة مما صرح به الطبري في تأريخه: 2، 491، و عبارة تأريخ الكامل:
3، 112، ظاهرة فيه.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 257
فإذا فيه عيب عثمان، و دعاؤه إلى قتله» «1» فسيروه من البصرة و أخذوا عاملي عثمان بن حنيف الأنصاري غدرا فمثلوا به كل المثلة، و نتفوا كل شعرة في رأسه و وجهه «2».
و قتلوا شيعتي طائفة صبرا و طائفة غدرا، و طائفة عضوا بأسيافهم حتى لقوا الله «3» فو الله لو لم يقتلوا منهم إلا رجلا واحدا لحل لي به دماؤهم و دماء ذلك‏
__________________________________________________
 (1) و ذكره و صرح باسمه في وقعة الجمل من انساب الاشراف ص 349، و في كتاب الجمل ص 163، و الامامة و السياسة ص 68: ما يعضد هذا المضمون، ففي الثاني: فبيناهم كذلك-: أي فمن قائل صدقت عايشة فيما قالت، و من قائل: كذبت، حتى ضرب بعضهم وجوه بعض- اذ أتاهم رجل من أشراف البصرة بكتاب كان كتبه طلحة في التأليب على قتل عثمان، فقال لطلحة: هل تعرف هذا الكتاب؟ قال: نعم، قال فماردك على ما كنت عليه، و كنت أمس تكتب إلينا تؤلبنا على قتل عثمان، و اليوم تدعونا الى الطلب بدمه، و قد زعمتما أن عليا دعا كما الى أن تكون البيعة لكما قبله، اذ كنتما أسن منه، فأبيتما الا أن تقدماه لقرابته و سابقته فبايعتماه، فكيف تنكثان بيعتكما بعد الذي عرض عليكما. قال طلحة: دعانا الى البيعة بعد أن اغتصبها و بايعه الناس، فعلمنا حين عرض علينا انه غير فاعل، و لو فعل أبى ذلك المهاجرون و الانصار، و خفنا ان نرد بيعته فنقتل فبايعناه كارهين. قال: فما بدا لكما في عثمان. قال ذكرنا ما كان من طعننا عليه و خذلاننا إياه فلم نجد من ذلك مخرجا الا الطلب بدمه، قال: فما تأمرانني به. قال: بايعنا على قتال علي و نقض بيعته. قال: أرأيتما ان أتانا بعد كما من يدعونا الى ما تعدوان اليه ما نصنع. قالا: لا تبايعه قال: ما أنصفتما أ تأمرانني أن أقاتل عليا و انقض بيعته و هي في أعناقكما، و تنهياني عن بيعة من لا بيعة له عليكما، أما اننا قد بايعنا، فان شئتما بايعنا كما بيسار أيدينا.
و في كتاب الجمل 163،: و بلغ كلام طلحة مع أهل البصرة الى عبد الله بن حكيم التميمي فصار اليه و قال له: يا طلحة هذه كتبك وصلت إلينا بعيب عثمان بن عفان و خبرك عندنا بالتأليب عليه حتى قتل، و بيعتك عليا في جماعة الناس و نكثك بيعته من غير حدث كان منه فيما بلغني عنك، و فيما جئت بعد الذي عرفناه من رأيك في عثمان. فقال له طلحة: أما عيبي لعثمان و تأليبي عليه، فقد كان، فلم نجد لنا من الخلاص منه سبيلا الا التوبة فيما افترفناه من الجرم له، و الأخذ بدمه، و اما بيعتي له، فاني أكرهت على ذلك، و خشيت منه أن يؤلب علي أن امتنعت من بيعته، و يغري بي فيمن أغراه بعثمان حتى قتله. فقال له عبد الله بن حكيم: هذه معاذير يعلم الله باطن الأمر فيها، و هو المستعان على ما نخاف من عاقبة أمرها.
 (2) و هذا مما اتفق عليه المؤرخون و أرباب الحديث، و في معادن الحكمة: «و أخذا عاملي» بتثنية الضمير فيه و ما بعده.
 (3) هذا مع كثير مما قبله و ما بعده مذكور في الخطبة (167، أو 170) من نهج البلاغة. قال السبط ابن الجوزي في التذكرة ص 74،: و نهبوا بيت مال البصرة و قتلوا سبعين رجلا من المسلمين بغير جرم، فهم أول من قتل في الإسلام ظلما. و في الإمامة و السياسة 69: فقتلوا أربعين رجلا من الحرس. و في كتاب الجمل 151،:
فاقتتلوا مع عثمان بن حنيف حتى زالت الشمس و أصيب من عبد القيس خمسمأة شيخ مخضوب من شيعة أمير المؤمنين سوى من أصيب من سائر الناس- و ساق الكلام الى أن قال:- حتى أتوا دار الإمارة و عثمان غافل عنهم (لان هذا كان بالليل، و كان بعد العهد و الميثاق على أن لا يتعرض أحد الفريقين للآخر) و على باب الدار «السبابجة» يحرسون بيوت الأموال و كانوا قوما من الزط، فوضعوا فيهم السيف من أربع جوانبهم فقتلوا أربعين رجلا منهم صبرا، يتولى منهم ذلك الزبير خاصة الخ. و في الطبري: ج 3 ص 485:
فشهر الزط و السبابجة السلاح ثم وضعوه فيهم فأقبلوا عليهم فأقتتلوا في المسجد و صبروا لهم فأناموهم و هم أربعون الخ. و في تأريخ الكامل: 3، 110،: فشهر الزط و السبابجة ثم وضعوه فيهم فأقبلوا عليهم فاقتتلوا في المسجد فقتلوا و هم أربعون رجلا الخ. و قريب منه جدا في وقعة الجمل من أنساب الأشراف 349.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 258
الجيش لرضاهم بقتل من قتل «1» دع [مع «خ ل»] أنهم قد قتلوا أكثر من العدة التي قد دخلوا بها عليهم «2» و قد أدال الله منهم فبعدا للقوم الظالمين «3» فأما طلحة فرماه مروان بسهم فقتله «4» و أما الزبير فذكرته قول رسول الله صلى الله عليه و آله: «إنك تقاتل عليا و أنت ظالم له» «5».
__________________________________________________
 (1) روى الشيخ المفيد (ره) عن أبي الحسن علي بن خالد المراغي، عن علي بن سليمان، عن محمد بن النهاوندي، عن أبي الخزرج الأسدي، عن محمد بن الفضل، عن أبان بن أبي عياش، قال جعفر بن أياس (كذا) عن أبي سعيد الخدري، قال: وجد قتيل على عهد رسول الله (ص) فخرج مغضبا حتى رقى المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: يقتل رجل من المسلمين لا يدرى من قتله، و الذي نفسي بيده لو أن أهل السماوات و الأرض اجتمعوا على قتل مؤمن أو رضوا به لأدخلهم الله النار، و الذي نفسى بيده لا يجلد أحد أحدا الا جلد غدا في نار جهنم مثله، و الذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد الا أكبه الله على وجهه في نار جهنم.
 (2) و في ختام شرح المختار (36) من خطب نهج البلاغة من شرح ابن أبي الحديد: ج 2 ص 282: و روى أبو عبيدة معمر بن المثنى قال: استنطقهم علي عليه السلام بقتل عبد الله بن خباب فأقروا به، فقال: انفردوا كتائب لأسمع قولكم كتيبة كتيبة. فكتبوا كتائب، و أقرت كل كتيبة بمثل ما أقرت به الأخرى من قتل ابن خباب، و قالوا: و لنقتلنك كما قتلناه. فقال علي: و الله لو أقر أهل الدنيا كلهم بقتله هكذا و أنا أقدر على قتلهم به لقتلتهم الخ.
 (3) أدال الله منهم: جعل الكرة لنا عليهم. و يقال: أدال الله زيدا من عمرو: نزع الدولة من عمرو و حولها الى زيد.
 (4) لا اختلاف بين المؤرخين و المحدثين في ذلك، و شواهده متواترة.
 (5) هذا أيضا مذكور في كثير من كتب التأريخ و التراجم و الحديث، قال ابن عبد ربه في عنوان: «مقتل الزبير» من كتاب العسجدة الثانية من العقد الفريد: 3، 110، ط 2،: عن شريك، عن الأسود بن قيس، قال: حدثني من رأى الزبير يوم الجمل يقعص الخيل بالرمح قعصا، فنوه به علي عليه السلام أبا عبد الله أتذكر يوما أتانا النبي صلى الله عليه و آله و سلم و أنا أناجيك فقال: أتناجيه و الله ليقاتلنك و هو ظالم لك.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 259
و أما عايشة فإنها كانت [ظ] نهاها رسول الله [صلى الله عليه و آله «خ»] عن مسيرها فعضت يديها نادمة على ما كان منها «1».
و قد كان طلحة لما نزل «ذا قار» قام خطيبا فقال أيها الناس إنا أخطأنا في عثمان خطيئة ما يخرجنا منها إلا الطلب بدمه، و علي قاتله و عليه دمه، و قد نزل «دارن» [دارا «م»] مع شكاك اليمن و نصارى ربيعة و منافقي مضر» «2».
فلما بلغني قوله و قول كان عن الزبير قبيح «3» بعثت إليهما أناشدهما بحق محمد و آله (أ) ما أتيتماني و أهل مصر محاصروا عثمان فقلتما: «اذهب بنا إلى هذا الرجل فإنا لا نستطيع قتله إلا بك. لما تعلم أنه سير أباذر رحمه الله، و فتق عمارا و آوى الحكم بن أبي العاص- و قد طرده رسول الله صلى الله عليه و آله‏
__________________________________________________
 (1) لانها لم تنجح في مقصدها و استبانت مخالفتها لله و لرسوله للجميع، لا انها ندمت على قتل بنيها و محاربة إمامها، و الدليل ما تواتر عنها حتى من أوليائها من أنها لما بلغها استشهاد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام استبشرت و انشدت:
         فان يك نائيا فلقد نعاه             غلام ليس في فيه التراب‏
 فعابها الناس و قالت لها زينب بنت سلمة بن أبي سلمة: أ لعلي تقولين هذا. فقالت: اني أنسى فذكروني.
و من راجع سيرتها يراها من أولها و آخرها موسومة بوسمة الإنحراف عنه (ع) فراجع.
 (2) ذوقار: اسم ماء لبكر بن وائل بين الكوفة و البصرة، و هو الموضع الذي وقع فيه الحرب بين جند «پرويز» ملك ايران، و بين العرب قبل الاسلام، فانتصرت العرب على الإيرانيين و هزموهم. قيل: و هذا الماء يقع على بعد عشر كيلومترات من الناصرية و يسميه العامة «المقير».
و أما «دارن»- أو «دارا» بناء على نسخة معادن الحكمة- فلم أجد ما ينطبق على المورد، نعم ذكر في مادة «دار» من القاموس من أن «دارا» مدينة بين «نصيبين» و «ماردين»- بناها «دارا» ملك ايران- و واد بديار بني عامر.
 (3) لعله اشارة الى ما رواه الشيخ المفيد في كتاب الجمل 155، و الطبري في تأريخه: ج 3، ص 491، و اللفظ له، قال: لما بايع أهل البصرة الزبير و طلحة، قال الزبير: الا ألف فارس أسير بهم الى علي فأما بيته و اما صبحته لعلي أقتله قبل أن يصل الينا. فلم يجبه أحد، فقال: ان هذه لهي الفتنة التي كنا نحدث عنها. فقال له مولاه: أتسميها فتنة و تقاتل فيها. قال: ويحك أنا نبصر و لا نبصر- و في رواية الشيخ المفيد: و لا نصبر ما كان أمر قط الا علمت موضع قدمي فيه غير هذا الأمر، فاني لا أدري أ مقبل فيه أم مدبر. و رواه أيضا في الكامل: 3، 112، بلفظ أوضح.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 260
و أبوبكر و عمر- و استعمل الفاسق على كتاب الله «1» الوليد بن عقبة، و سلط خالد بن عرفطة العذري على كتاب الله يمزقه و يحرقه» فقلت: كل هذا قد علمت و لا أرى قتله يومي هذا. و أوشكت (و أوشك «خ») سقاؤه أن يخرج المخض زبدته «2» فأقرا بما قلت.
و أما قولكما «3» «إنكما تطلبان بدم عثمان» فهذان ابناه عمرو و سعيد فخلوا عنهما يطلبان دم أبيهما (و) متى كان أسد و تيم أولياء بني أمية، فانقطعا عند ذلك.
فقام عمران بن حصين الخزاعي، «4» صاحب رسول الله [صلى الله عليه و آله و سلم «م»] و قال: «يا هذان لا تخرجانا ببيعتكما من طاعة علي و لا تحملانا على نقض بيعته فإنها لله رضى، أما وسعتكما بيوتكما حتى أتيتما
__________________________________________________
 (1) «على» بمعنى «في» و هذا اشارة الى قوله تعالى في الآية السادسة من سورة الحجرات: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا. و الآية «18» من سورة السجدة: 32: أ فمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون.
 (2) المخض: تحريك السقاء الذي فيه اللبن ليخرج ما فيه من الزبدة و هذا مثل، و المعنى انه يفعل بنفسه ما يحصل به المقصود. أو يفعل هؤلاء المجلبون ما يغني عن فعل غيرهم.
 (3) هذا عطف على المعنى المستفاد من الكلام السابق، فان خطبة طلحة كانت مشتملة على معنيين، و متضمنة لدعويين، الأولى أن عليا قاتل عثمان و عليه دمه. و الثانية أنا نطلب بدم عثمان لنخرج بذلك عما أخطانا في حقه. و محصل كلام أمير المؤمنين (ع) و جوابه: اني بعثت اليهما و ناشدتهما و قلت لهما: أما قولكما اني قاتل عثمان فكذب و زور صريح لانكما اتيتماني و استعنتما بي فأمرتكم بالصبر، فلم تقبلوا قولي، و سعيتم عليه حتى قتل، و أما قولكما «أنا نطلب بدم عثمان» فعثمان من بني أمية، و أنتما من «أسد» و «تيم» و متى كان أسد و تيم أولياء بني أمية، انما أولياء عثمان ابناه عمرو و سعيد، فخلوا عنهما يطلبان دم أبيهما.
 (4) الكعبي أبو بجيد، و هو الذي جاءت عنه الأحاديث عن رسول الله. أقول: هذه القطعة كانت في المتن، و معلوم انها ليست من كلام أمير المؤمنين (ع) بل من كلام الراوي أو صاحب الكتاب و إنما أقحم في كلامه (ع) سهوا أو نسيانا أو جهلا و خطأ. و كيف كان فالمستفاد من الباب (139) من كتاب اليقين للسيد ابن طاوس (ره) ص 140، انه كان أخو بريدة الأسلمي لامه، و انه كان ممن شهد السلام على علي (ع) بإمرة المؤمنين في حياة النبي (ص) و مثله في الباب الخامس و التسعين منه، و عده الفضل بن شاذان ممن رجعوا الى أمير المؤمنين (ع). و عن جامع الأصول: انه كان من فضلاء الصحابة و فقهائهم، سئل عن متعة النساء، فقال: أتانا بها كتاب الله و أمرنا بها رسول الله (ص) ثم قال فيها رجل برأيه ما شاء.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 261
بأم المؤمنين، فالعجب لاختلافها إياكما «1» و مسيرها معكما، فكفا عنا أنفسكما و ارجعا من حيث جئتما، فلسنا عبيد من غلب، و لا أول من سبق» فهما به ثم كفا عنه.
و كانت عايشة قد شكت في مسيرها و تعاظمت القتال «2» فدعت كاتبها عبيد الله بن كعب النميري فقالت: اكتب من عايشة بنت أبي بكر إلى علي بن أبي طالب «3». فقال: هذا أمر لا يجري به القلم. قالت و لم؟ قال: لأن علي بن أبي طالب في الإسلام أول، و له بذلك البدء في الكتاب. فقالت: اكتب «إلى علي بن أبي طالب من عايشة بنت أبي بكر، أما بعد فإني لست أجهل قرابتك من رسول الله و لا قدمك في الإسلام، و لا غناءك [عناءك «م»] من رسول الله و إنما خرجت مصلحة بين بني لا أريد حربك إن كففت عن هذين الرجلين» في كلام لها كثير، فلم أجبها بحرف، و أخرت جوابها لقتالها، فلما قضى الله لي الحسنى سرت إلى الكوفة، و استخلفت عبد الله بن عباس على البصرة؛ فقدمت الكوفة و قد اتسقت لي الوجوه كلها إلا الشام، فأحببت أن أتخذ الحجة و أفضي [و أقضي «م»] العذر، و أخذت بقول الله تعالى: و إما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين «4».
__________________________________________________
 (1) الاختلاف: التردد و الاياب و الذهاب. و قوله: «و مسيرها معكما» تفسير له.
 (2) لما استبان لها ان الناس كافة علموا أن خروجها مخالفة لله و لرسوله، و عصيان لقوله تعالى: و قرن في بيوتكن و قوله (ص): «يا حميراء إياك أن تكوني ممن تنبحها كلاب الحوأب» و لما رأت من تجمع أصحاب رسول الله (ص) و الجم الغفير من فرسان أهل الكوفة حول أمير المؤمنين (ع).
 (3) قايس بين ما أرادت أن تكتب الى أمير المؤمنين (ع)- لولا أن كاتبها نهاها عنه- و بين ما ذكره عنها في عنوان: «نهر مرة» من كتاب معجم البلدان: ج 8، ص 345، من أنها كتبت الى دعي معاوية ردا على قول رسول الله (ص): «الولد للفراش و للعاهر الحجر»- زياد بن عبيد، أو أبيه: الى زياد بن أبي سفيان، من عايشة أم المؤمنين الخ.
بالله عليكم أيها المنصفون أ ليس هذا تكذيبا لرسول الله (ص) و تصديقا لمعاوية في القضاء الذي اعترف معاوية نفسه بأنه قضاء معاوية، و قضاء الرسول (ص) أن الولد للفراش.
 (4) «الحسنى»: العاقبة الحسنة. الظفر. و «اتسقت لي الوجوه»: انتظم لي جميع نواحي المسلمين، و انقادوا جميعهم. و «أفضى العذر»- من باب أفعل- كأنه من قولهم: «أفضى المكان»: وسعه، و على هذا فهو كناية عن العذر الواسع المستبين الذي لا يخفى على من له أدنى شعور و ادراك، و يقال: «أفضى اليه افضاء»: وصل. و «أفضى اليه بسره»: أعلمه به. و يقال: «قضى يقضي- من باب رمى- الشي‏ء قضاء»: صنعه بأحكام و قدره. و «قضى حاجته»: أتمها و فرغ منها. و «قضى الأمر اليه»: أبلغه. و «قضى العهد»: أنفذه. و «النبذ» كفلس-: القاء الخبر الى من لا يعلمه. «و السواء»- بفتح السين-: العدل.
فمعنى الآية الشريفة: اذا خفت من قوم بينك و بينهم معاهدة خيانة و نقض عهد بعلامات تلوح منها الغدر، فاطرح أنت ما بينك و بينهم من العهد اليهم و اعلمهم انك قد نقضت ما بينك و بينهم لتكون أنت و هم في العلم بالنقض سواء، و لا ينسبونك الى الغدر.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 262
فبعثت جرير بن عبد الله إلى معاوية معذرا إليه، متخذا للحجة عليه، فرد كتابي و جحد حقي و دفع بيعتي و بعث إلي أن ابعث إلي قتلة عثمان، فبعثت إليه ما أنت و قتلة عثمان، أولاده أولى به، فادخل أنت و هم في طاعتي ثم خاصم القوم لأحملكم و إياهم على كتاب الله و إلا فهذه خدعة الصبي عن رضاع الملي «1» فلما يئس من هذا الأمر، بعث إلي أن اجعل الشام لي حياتك، فإن حدث بك حادث (حادثة «م») من الموت لم يكن لأحد علي طاعة، و إنما أراد بذلك أن يخلع طاعتي من عنقه، فأبيت عليه، فبعث إلي أن أهل الحجاز كانوا الحكام على أهل الشام، فلما قتلوا عثمان صار أهل الشام الحكام على أهل الحجاز، فبعثت إليه إن كنت صادقا فسم لي رجلا من قريش الشام تحل له الخلافة و يقبل في الشورى فإن لم تجده سميت لك من قريش الحجاز من يحل له الخلافة و يقبل في الشورى.
و نظرت إلى أهل الشام فإذا هم بقية الأحزاب فراش نار و ذئاب [ذباب «م»] طمع تجمع من كل أوب «2» ممن ينبغي أن يؤدب و يحمل على السنة،
__________________________________________________
 (1) قال المجلسي (ره): و في الروايات الاخر: «خدع الصبي عن اللبن». و لعله على ما في النسخ المراد به: رضاع اللبن الملي أو الطفل الملي‏ء. و الملي- مهموزا و مشددا-: الغني المقتدر، و الجمع ملاء و أملئاء و ملأاء- ككساء و أنبياء و علماء-
 (2) و ما ذكره (ع) في شأن أهل الشام مما قامت عليه القرائن القطعية، من أعمال القوم و أقوالهم، فلو أنكره مكابر أو ناقش فيه مجادل معاند، فليقف على حماقة رؤساء أهل الشام أمثال شرحبيل بن السمط في ترجمته من تأريخ دمشق: ج 23، ص 28، و ترجمة محمد بن عمر و بن حزم الأنصاري: ج 51، ص 39 و 40، و ترجمة معاوية: ج 65، ص 179، و ترجمة مسلم بن عقبة، و عبد الله بن حنظلة بن عامر: ج 28، ص 154، الى غير ذلك من أقوالهم الثابتة عنهم بنقل الثقات من علمائهم، فاذا كانت الرؤساء حمقى فما ظنك بالرعية و المرؤسين.
و في شرح المختار (25) من خطب النهج من ابن أبي الحديد: 1، ص 343: قال الجاحظ: ان أهل العراق أهل نظر و ذو و فطن ثاقبة، و مع الفطنة و النظر يكون التنقيب و البحث و معهما يكون الطعن و القدح، و الترجيح بين الرجال، و التمييز بين الرؤساء، و اظهار عيوب الأمراء، و أهل الشام ذوو بلادة و تقليد و جمود على رأي واحد، لا يرون النظر، و لا يسألون عن مغيب الأحوال. و قال الأصمعي: جاور أهل الشام الروم فاخذوا عنهم خصلتين: اللؤم و قلة الغيرة الخ. شرح المختار (46) من باب كتب النهج: ج 17، ص 8. و قال ابراهيم بن محمد بن طلحة- كما في ترجمته من تأريخ دمشق: 4، ص 90- لعبد الملك: انك عمدت الى الحجاج مع تغطرسه و تعترسه و تعرجنه لبعده من الحق، و ركونه الى الباطل، فوليته الحرمين، و فيهما من فيهما، و بهما من بهما من المهاجرين و الأنصار، و الموالي المنتسبة الاخيار، أصحاب رسول الله (ص) و من أبناء الصحابة، يسومهم الخسف، و يقودهم بالعسف، و يحكم فيهم بغير السنة، و يطؤهم بطغام من أهل الشام و رعاع، لا روية لهم في اقامة حق و لا ازاحة باطل الخ.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 263
ليسوا من (با «م») المهاجرين و لا الأنصار، و لا التابعين بإحسان، فدعوتهم إلى الطاعة و الجماعة فأبوا إلا فراقي و شقاقي، ثم نهضوا في وجه المسلمين ينضحونهم بالنبل و يشجرونهم بالرماح «1» فعند ذلك نهضت إليهم فلما عضتهم السلاح و وجدوا ألم الجراح «2» رفعوا المصاحف يدعوكم (فدعوكم «م») إلى ما فيها، فأنبأتكم أنهم ليسوا بأهل دين و لا قرآن، و إنما رفعوها مكيدة و خديعة فامضوا لقتالهم، فقلتم اقبل منهم و اكفف عنهم فإنهم إن أجابوا إلى ما في القرآن جامعونا على ما نحن عليه من الحق «3» فقبلت منهم و كففت عنهم «4» فكان الصلح بينكم و بينهم على رجلين حكمين ليحييا ما أحياه القرآن، و يميتا ما أماته القرآن، فاختلف رأيهما و اختلف حكمهما فنبذا ما في الكتاب و خالفا
__________________________________________________
 (1) ينضحونهم- من باب ضرب و منع-: يرمونهم به. و يشجرونهم بالرماح: يطعنونهم. و بابه نصر.
 (2) الألم- كالفرس-: الوجع الشديد. و الجمع آلام- كآجام- و الجراح- بكسر الجيم- جمع الجراحة و هو الجرح:
شق البدن و تمزيقه أو كسره.
 (3) و في الامامة و السياسة: فنبأتكم انهم ليسوا بأصحاب دين و لا قرآن، و انما رفعوها و انما رفعوها اليكم خديعة و مكيدة، فامضوا على قتالهم، فأتهمتموني و قلتم: اقبل منهم الخ.
 (4) و في المحكي عن الغارات: «فقبلت منهم و كففت عنهم اذ أبيتم و ونيتم» الخ.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 264
ما في القرآن و كانا أهله «1».
ثم إن طائفة اعتزلت فتركناهم ما تركونا حتى إذا عاثوا في الأرض «2» يفسدون و يقتلون، و كان فيمن قتلوه أهل ميرة من بني أسد و خبابا و ابنه و أم ولده و الحارث بن مرة العبدي «3» فبعثت إليهم، داعيا فقلت ادفعوا إلينا قتلة إخواننا، فقالوا: كلنا قتلتهم؛ ثم شدت إلينا [علينا «م»] خيلهم و رجالهم فصرعهم الله مصارع الظالمين، فلما كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم فقلتم: كلت سيوفنا و نصلت أسنة رماحنا و عاد أكثرها قصدا [قصيدا «م»] «4» فأذن لنا فلنرجع و لنستعد بأحسن (و لنقصد بأحسن «خ ل»)
__________________________________________________
 (1) أي و كان الحكمان: أبو موسى و ابن النابغة أهلا لنبذ ما في الكتاب، و خلاف ما في القرآن لا نحرافهم عن أهل بيت النبوة، و شغفهم بالدنيا و حبها.
 (2) أي الى أن سعوا في الأرض بالفساد، و قتل النفوس المحترمة.
 (3) كذا في النسخة، و في معادن الحكمة: «و قتلوا خباب بن أرت و ابنه». و كأنه حذف منه ابن، أي قتلوا ابن خباب بن أرت و ابنه و أم ولده.
قال المسعودي في وقعة النهروان من مروج الذهب: ج 2، ص 404 ط بيروت: و اجتمعت الخوارج في اربعة آلاف فبايعوا عبد الله بن وهب الراسبي، و لحقوا بالمدائن، و قتلوا عبد الله بن خباب (ظ) عامل علي عليها، ذبحوه ذبحا و بقروا بطن امرأته و كانت حاملا و قتلوا غيرها من النساء- و ساق الكلام الى أن قال:- فسار علي اليهم حتى أتى النهروان، فبعث اليهم بالحارث بن مرة العبدي رسولا يدعوهم الى الرجوع فقتلوه الخ.
و قريب منه في الامامة و السياسة ص 141، و زاد: و قتلوا ثلاثة نسوة فيهم أم سنان الخ. و في تأريخ اليعقوبي:
ج 2، ص 181: فوثبوا على عبد الله بن خباب بن الأرت فقتلوه و أصحابه. و في مروج الذهب: 3/ 191:
 (قال عمر بن عبد العزيز مع الخارجيين) فهل علمتم أن أهل البصرة حين خرجوا اليهم مع الشيباني و عبد الله بن وهب الراسبي و أصحابه استعرضوا الناس يقتلونهم، و لقوا عبد الله بن خباب بن الأرت صاحب رسول الله (ص) فقتلوه و قتلوا جاريته، ثم صبحوا حيا من أحياء العرب فأستعرضوهم فقتلوا الرجال و النساء و الأطفال حتى جعلوا يلقون الصبيان في قدور الأقط و هي تفور. قالا: نعم. و في تعليقه جمهرة الرسائل 505: انهم قتلوا ثلاث نسوة من طي‏ء و أم السنان الصيداوية. و قريب مما مر في تأريخ الطبري: ج 4، ص 60 و الكامل: ج 3، ص 173، و صرح في الأخبار الطوال 207 بأنهم قتلوا ابن خباب و امرأته و أم سنان الصيداوية، و الحارث بن مرة الفقعسي رسوله (ع) اليهم.
 (4) «كلت سيوفنا»- من باب فر-: صارت كليلا غير قاطع. و «نصلت أسنة رماحنا»- من باب نصر، و منع و المصدر كالفلس و الفلوس-: خرجت الأسنة و النصول- و هما حديدة الرمح- منها. و يقال: «رمح قصد و قصيد و اقصاد»- على زنة كتف و قريب-: متكسر.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 265
عدتنا و إذا نحن رجعنا زدنا في مقاتلتنا «1» عدة من قتل منا حتى إذا أظللتم [ظللتم «خ»] على النخيلة أمرتكم أن تلزموا معسكركم و أن تضموا إليه نواصيكم «2» و أن توطنوا على الجهاد نفوسكم، و لا تكثروا زيارة أبنائكم و نسائكم، فإن أصحاب الحرب مصابروها و أهل التشمير فيها، و الذين لا يتوجدون من سهر ليلهم و لا ظماء نهارهم و لا فقدان أولادهم و لا نسائهم.
فأقامت طائفة منكم معدة «3» و طائفة دخلت المصر عاصية، فلا من دخل المصر عاد إلي، و لا من أقام منكم ثبت معي و لا صبر، فلقد [و لقد «م»] رأيتني و ما في عسكري منكم خمسون رجلا، فلما رأيت ما أنتم عليه، دخلت عليكم فما قدر لكم أن تخرجوا معي إلى يومكم هذا «4».
لله أبوكم ألا ترون إلى مصر قد افتتحت، و إلى أطرافكم قد انتقصت، و إلى مصالحكم [مسالحكم «خ»] ترقى و إلى بلادكم تغزى «5» و أنتم ذوو عدد
__________________________________________________
 (1) المقاتلة- بكسر التاء جمع المقاتل-: الذين يحاربون و يقاتلون العدو. و في الامامة و السياسة: «فأذن لنا فلنرجع حتى تستعد بأحسن عدتنا، و اذا رجعت زدت في مقاتلتنا عدة من هلك منا و من فارقنا» الخ، و قريب من هذا رواه عنه (ع) في الطبري: 4، 67 و الكامل: 3، 176.
 (2) كذا في الأصل، و ببالي اني رأيت في بعض المصادر: «حتى اذا اطلتم- بالمهملة- على النخيلة» أي أشرفتم عليها. و يقال: «أظلله و ظلله.»- من باب أفعل و فعل-: ألقى عليه ظله. أدخله في ظله. و «أظل الأمر فلانا»: غشيه و دنا منه. و قوله (ع): «و ان تضموا اليه نواصيكم» كناية عن ملازمة المعسكر و عدم التخلف عنه، و النواصي: جمع ناصية، و هي شعر مقدم الرأس.
 (3) كذا في النسخة، أي أقامت و بقيت طائفة منكم في المعسكر معدة نفسه للذهاب الى العدو، الا أنها لم تثبت و لم تصبر معي في البقاء في المعسكر الخ. و في المحكي عن الغارات- و مثله في الامامة و السياسة-:
 «فنزلت طائفة منكم معي معذرة» الخ.
 (4) و في الامامة و السياسة: «فما قدرتم أن تخرجوا معي الى يومكم هذا».
 (5) كذا في النسخة، و في البحار: «أ لا ترون أي مصر قد أفتتحت» و مثله في الفقرات التالية، و هذا أيضا صحيح الا انه خلاف الظاهر، و قوله (ع): «ترقى» مأخوذ من «الرقي» بمعنى الرفع و الصعود، و بابه «علم» أي أ لا ترون الى ما يكون صلاحا لشأنكم ترفع من بينكم و يأخذه العدو منكم قهرا. و يحتمل أن يكون قوله (ع): «ترقأ» مهموزا- لا ناقصا- مأخوذا من قولهم: «رقأ الدمع»- من باب منع-: جف و سكن. أي ان مصالحكم قد انقطعت و عطلت و كسدت. و الصواب هو ما في بعض النسخ من كون «مسالح» بالسين، لا بالصاد، و هو جمع «مسلحة» و هو محل مراقبة العدو من الثغور، و حدود البلد، أي أ لا ترون الى ثغوركم و حدودكم التي تلي عدوكم قد خلت من المراقبين و المرابطين- لوهنكم و تفرقكم- فاستولى عليها الخصم الألد، فأغار عليكم من كل جانب و أنتم غافلون.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 266
جم، و شوكة شديدة، و أولو بأس قد كان مخوفا، لله أنتم أين تذهبون، و أنى تؤفكون، ألا و إن القوم [قد] جدوا و تآسوا «1» و تناصروا و تناصحوا، و إنكم [قد] أبيتم و ونيتم و تخاذلتم و تغاشتتم [تغاششتم‏]، ما أنتم إن بقيتم على ذلك سعداء، فنبهوا رحمكم الله نائمكم و تجردوا و تحروا لحرب عدوكم، فقد أبدت الرغوة عن الصريح، و أضاء الصبح لذي عينين «2» فانتبهوا إنما [أما «خ»] تقاتلون الطلقاء و أبناء الطلقاء، و أهل الجفاء و من أسلم كرها و كان لرسول الله أنفا «3» و للإسلام كله حربا، أعداء السنة و القرآن، و أهل البدع و الأحداث، و من كانت نكايته تتقى، و كان على الإسلام و أهله مخوفا «4» و آكلة الرشا، و عبيد الدنيا، و لقد أنهي إلي أن ابن النابغة لم يبايع معاوية
__________________________________________________
 (1) «تأسى القوم»: اقتدى بعضهم ببعض في التعاون و التناصر و الاستقامة و الجد. قال المجلسي الوجيه: و في بعض النسخ: «بؤسوا» بضم الهمزة، من قولهم: «بؤس- بأسا» من باب شرف بمعنى اشتد و شجع، أي صاروا أولوا بأس و شجاعة و نجدة.
 (2) كل واحدة من الجملتين مثل سائر يضرب لظهور الحق، قال الزمخشري: «أبدى الصريح عن الرغوة» هذا من مقلوب الكلام، و أصله: «أبدت الرغوة عن الصريح» كقوله: «و تحت الرغوة اللبن الصريح» يضرب في ظهور كامن الأمر.
 (3) و لعله من قولهم: «أنف- من باب فرح- أنفا»: كرهه. تنزه و ترفع عنه أي كانوا مستنكفين من قبول دعوة رسول الله (ص) كارهين له. و في معادن الحكمة «و كان لرسول الله عليه و آله و سلم انف الاسلام كله حربا».
و قال المجلسي الوجيه: و الأظهر أن يكون كلامه (ع) هكذا: «و كان لرسول الله ألبا» باللام و الباء- بقرينة «حربا»- يقال: هم عليه ألب- بالفتح و الكسر- أي مجتمعون عليه بالظلم و العداوة. و التأليب: التحريص و الافساد. و الالب- بالفتح-: التدبير على العدو من حيث لا يعلم. و الطرد الشديد. و الالب و الحرب كثيرا ما يذكران معا، و على التقديرين لا بد من تجوز في اللام.
 (4) النكاية- بكسر النون-: البطشة الجارحة و القاتلة، و الوثوب على العدو بالجرح و القتل، و هو مصدر «نكى ينكى» العدو و في العدو نكاية: قتله بالقتل و الجرح. فهو ناك، و العدو منكي. و الفعل من باب ضرب.
و المخوف: ما يخاف منه. و «طريق مخوف» أي فيه مخاويف.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 267
حتى شرط له أن يؤتيه أتية هي أعظم مما في يديه من سلطانه «1» فصفرت يد هذا البائع دينه بالدنيا، و خزيت أمانة هذا المشتري بنصرة فاسق غادر بأموال المسلمين، و أي سهم لهذا المشتري بنصرة فاسق غادر، و قد شرب الخمر و ضرب حدا في الإسلام و كلكم يعرفه بالفساد في الدين [في الدنيا «خ ل»] و إن منهم من لم يدخل في الإسلام و أهله حتى رضخ له و عليه رضيخة «2» فهؤلاء قادة القوم، و من تركت لكم ذكر مساويه أكثر و أبور «3» و أنتم تعرفونهم بأعيانهم و أسمائهم كانوا على الإسلام ضدا، و لنبي الله صلى الله عليه و آله حربا، و للشيطان حزبا، لم يقدم إيمانهم و لم يحدث نفاقهم «4» و هؤلاء الذين (للذين «خ») لو ولوا عليكم لأظهروا فيكم الفخر و التكبر و التسلط بالجبرية و الفساد في الأرض «5» و أنتم على ما كان منكم من تواكل و تخاذل خير منهم و أهدى سبيلا، منكم الفقهاء و العلماء، و الفهماء و حملة الكتاب و المتهجدون بالأسحار، ألا تسخطون و تنقمون أن ينازعكم الولاية السفهاء
__________________________________________________
 (1) «أنهي الي»: أوصل إلي و بلغني. و هي كنهى الي معلوما و مجهولا- قيل: و المعلوم أقل أستعمالا- الخبر: بلغ.
و ابن النابغة: عمر و بن العاص. و يؤتيه أتية: كيعطيه عطية لفظا و معنا. و العطية التي شرطها على معاوية في بيعته هي أمارة مصر. و هذه الألفاظ قد تكررت في كلامه (ع) كما في آخر المختار (25) و المختار (80) من خطب النهج.
و في الامامة و السياسة: «لقد نمي الي أن ابن الباغية لم يبايع معاوية حتى شرط عليه أن يؤتيه أتاوة الخ.
 (2) و في معادن الحكمة: «و أي سهم بمن (كذا) لم يدخل في الاسلام و أهله حتى رضخ له عليه رضيخة».
و الرضيخة- كالرضخ، و الرضاخة على زنة الفلس و الاسامة-: العطاء القليل. و يقال: «رضخ له من ماله رضخة- من باب ضرب و منع-: أعطاه قليلا من كثير.
 (3) أي أشد بوارا- أي بطلانا و فسادا و هلاكا- ممن ذكر.
 (4) و في معادن الحكمة: «لم يتقدم ايمانهم». يقال: «قدم- من باب نصر- قدما و قدوما القوم»: سبقهم.
و المصدر كالحرب و الحروب. و «تقدم القوم»: سبقهم. و «قدم- من باب شرف، و المصدر كالعنب و السحابة- قدما و قدامة-: ضد «حدث الأمر حداثة و حدوثا»- من باب نصر، و المصدر كالسحابة و السرور-: وقع. تحقق قريبا و لم يمض عليه زمان معتد به.
 (5) جميع ما أخبره (ع) عنهم قبل وقوعه قد تحقق عنهم و أبتلى به أكثر سامعي خطبته و كتابه (ع) و ندموا على تفريطهم في نصرته (ع) و لكن و لات حين مناص.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 268
البطاة [البطاء «م»] عن الإسلام الجفاة فيه «1» اسمعوا قولي- يهدكم الله- إذا قلت و أطيعوا أمري إذا أمرت، فو الله لئن أطعتموني لا تغوون، و إن عصيتموني لا ترشدون «2» قال الله تعالى: أ فمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون و قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه و آله: إنما أنت منذر و لكل قوم هاد» فالهادي بعد النبي صلى الله عليه و آله هاد لأمته على ما كان من رسول الله صلى الله عليه و آله، فمن عسى أن يكون الهادي إلا الذي دعاكم إلى الحق، و قادكم إلى الهدى، خذوا للحرب أهبتها، و أعدوا لها عدتها فقد شبت و أوقدت و تجرد لكم الفاسقون «3» لكيما يطفئوا نور الله بأفواههم و يعزوا [و يعروا «م»] عباد الله.
ألا إنه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع و الجفاء أولى بالحق من أهل البر و الإحسان [و الإخبات «م»] في طاعة ربهم و مناصحة إمامهم، إني و الله لو لقيتهم وحدي و هم أهل الأرض ما استوحشت منهم و لا باليت، و لكن أسف يريبني و جزع يعتريني «4» من أن يلي هذه الأمة فجارها و سفهاؤها فيتخذون مال الله دولا، و كتاب الله دخلا [دغلا «خ م»] «5»

__________________________________________________
 (1) يقال: «بطؤ- من باب شرف، و المصدر على زنة القفل و الكتاب و السرور- بطا و بطاء و بطوء و أبطأ ابطاء»: ضد أسرع. فهو بطي‏ء و هي بطيئة و الجمع بطاء ككتاب. و الجفاة- بضم الجيم-: جمع الجافي:
الغليظ. و المؤنث جافية، و الجمع: جافيات و جواف.
 (2) و في معادن الحكمة: «لئن أطعتموني لا تغووا، و ان عصيتموني لا ترشدوا».
 (3) يقال: «أهب و تأهب الأمر» تهيأ و استعد. و (الاهبة)- بضم الهمزة على زنة الشعبة-: العدة و التهيؤ.
و يقال: «شبت النار- من باب «مد»- شبا و شبوبا»: اتقدت. و «شب زيد النار»: أوقدها. و المصدر على زنة الحب و الحبوب.
 (4) كذا في النسخة، و هو من قولهم: «أرابه فلان ارابة»: أقلقه و أزعجه. و قال المجلسي (ره): قوله (ع): «و لكن أسف يبريني» أي يهزلني، من قولهم: «بريت السهم». أو «ينبريني» من قولهم: «أنبرى له» أي اعترض. أو «يريني» من قولهم: «ورى يرى وريا القيح جوفه»- من باب «وقى يقي»-: أفسده و أكله.
و «ورى فلان فلانا»: أصاب رئته. أو «يربيني» أي يزيدني هما، من قولهم: «أربيته»: زدته.
هذا كلامه (ره) بتوضيح مني، ثم قال: و كانت النسخ المنقولة منه تحتمل الجميع.
 (5) أي فيجعل هؤلاء السفهاء و الفجار مال الله دولا أي يعطفونها اليهم و يديرونها بينهم دون المؤمنين فيناوله كل سلف منهم خلفهم. و «دولا» جمع الدولة بفتح الدال و ضمها. قوله: «و كتاب الله دخلا (أو دغلا) أي يفسدون الناس و يخدعونهم به. و الدغل- محركا كالدخل-: الشر و الفساد و المكر.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 269
و الفاسقين حزبا و الصالحين حربا، و ايم الله لولا ذلك ما أكثرت تأنيبكم و تحريضكم و لتركتكم إذا (إذ «م») أبيتم حتى حم لي لقاؤهم «1» فو الله إني على (لعلى «م») الحق، و إني للشهادة لمحب، و إني إلى لقاء الله- ربي لمشتاق، و لحسن ثوابه لمنتظر، إني نافر بكم (نافرتكم «م») ف انفروا خفافا و ثقالا و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم في سبيل الله. [التوبه (9) آية 41] و لا تثاقلوا في الأرض فتعموا [فتغموا «خ م»] بالذل، و تقروا بالخسف، و يكون نصيبكم الأخسر [الخسران «خ»] إن أخا الحرب اليقظان الأرق إن نام لم تنم عينه «2» و من ضعف أوذي، و من كره الجهاد في سبيل الله كان المغبون المهين، إني لكم اليوم على ما كنت عليه أمس، و لستم لي على ما كنتم عليه، من تكونوا ناصريه أخذ بالسهم الأخيب «3» و الله لو نصرتم الله لنصركم و ثبت أقدامكم، إنه حق على الله أن ينصر من نصره، و يخذل من خذله، أ ترون الغلبة لمن صبر بغير نصر «4» و قد يكون الصبر جبنا و يكون حمية، و إنما النصر بالصبر، و الورود بالصدور (بالصدر «خ») و البرق بالمطر «5».
أللهم اجمعنا و إياهم على الهدى، و زهدنا و إياهم في الدنيا، و اجعل الآخرة خيرا لنا من الأولى..
__________________________________________________
 (1) «التأنيب»: التوبيخ. و «التحريض»: الحث و الترغيب. و «حم لي»: قدر لي.
 (2) «الخسف» كفلس: المشقة و النقصان. و «الأرق» ككتف و فرح: الذي طرد عنه النوم في الليل. و جملة:
 «ان نام لم تنم عينه» صفة توضيحية له.
 (3) السهم الاخيب: الذي لا نصيب له من قداح الميسر. قيل: و هي ثلاثة: المنيخ و السفيخ و الوعد.
 (4) أي من الله تعالى، فينبغي أن يكون الصبر لله تعالى، فان الصبر قد يكون لأجل الجبن عن الفرار، و للحمية، كذا أفاده المجلسي الوجيه (ره).
 (5) قال المجلسي: قوله (ع): «و انما النصر بالصبر» أي ما قرن الصبر الا بالنصر. و يمكن أن يقرأ: «بالبصر»- بالباء- أي بالعلم و البصيرة،.

 

 

                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 270
 [الفصل السادس و الخمسون و المائة: رسالة الإمام علي (ع) بعض أكابر أصحابه، و التي يذكر فيها أن الأئمة (ع) من ذريته‏]
 (الفصل السادس و الخمسون و المائة) و اعلم يا ولدي محمد أراك الله جل جلاله بطرق العقل و النقل و الخير ما يخاف عليك مما تحتاج إلى علمه كما حضر، و أتاك من نوره ما ترى ما استتر به كما ظهر، أن الشيخ محمد بن يعقوب الكليني ذكر في كتاب (الرسائل) المعتمد عليه عن أبيك أمير المؤمنين عليه السلام رسالة تتضمن ذكر الأئمة من ذريته صلوات الله عليهم،
قال محمد بن يعقوب ما هذا لفظه:
عن علي بن محمد و محمد بن الحسن و غيرهما، عن سهل بن زياد، عن العباس بن عمران، عن محمد بن القاسم بن الوليد الصيرفي، عن المفضل، عن سنان بن طريف، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «كان أمير المؤمنين عليه السلام يكتب بهذه الخطبة إلى بعض أكابر أصحابه، و فيها كلام عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:
بسم الله الرحمن الرحيم «1» إلى المقربين [المقرين‏] في الأظلة، «2» الممتحنين بالبلية، المسارعين‏
__________________________________________________
 (1) أثبتنا هذا الكتاب و ما يتعلق به من تحريك الكلمات و شرحها من كتاب (نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة) للشيخ محمد باقر المحمودي 5: 133.
 (2) أي هذا كتاب الى الذين قربوا إلى الله، أو إلينا في عالم الظلال و الأرواح قبل حلولها الأجساد. قال العلامة المجلسي (ره): و في بعض النسخ: «الى المقرين» أي الذين أقروا بإمامتنا في عالم الأرواح عند الميثاق.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 271
في الطاعة، المستيقنين بي الكرة «1» تحية منا إليكم [و] سلام عليكم «2».
أما بعد فإن نور البصيرة روح الحياة الذي لا ينفع إيمان إلا به مع اتباع كلمة الله «3» و التصديق بها، فالكلمة من الروح، و الروح من النور، و النور نور السماوات و الأرض فبأيديكم سبب وصل إليكم منا نعمة من- الله لا تعقلون شكرها- خصكم بها و استخلصكم لها «4» و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا العالمون إن الله عهد عهدا أن لن يحل عقده أحد سواه «5»

__________________________________________________
 (1) كذا في النسخة المطبوعة، و في البحار: «المنشئين في الكرة» و قال المجلسي (ره): و في بعض النسخ:
 «المنشرين في الكرة» و المعنى على الأول: المذعنين بكرته (ع) و رجعته. و على نسخة البحار فالمعنى: هذا كتاب الى الذين من صفتهم كذا و كذا و من صفتهم ان الله ينشئهم و ينشرهم و يبعثهم بعد موتهم عند رجعتنا و كرتنا على الدنيا لينصرونا و يشفوا قلوبهم الجريحة. و مما يؤيد هذه النسخة، ما ورد من عود مالك الأشتر و المقداد و بعض آخر من أصحابه (ع) عند ظهور القائم من آل محمد (ع) لنصرته و معاونته كما في تفسير العياشي و آخر كتاب الارشاد و غيرهما.
 (2) قال العلامة المجلسي (ره) قوله (ع) «تحية» اما حال أو خبرثان، أو خبر مبتدأ محذوف يفسره قوله: «سلام عليكم» أو «سلام» مبتدأ، و «تحية» خبره، و في الأخير بعد.
 (3) قال المجلسي الوجيه: و في بعض النسخ: «مع اتباعه كلمة الله». و الضمير راجع الى «الروح» أو «النور» أو الى المؤمن بقرينة المقام، و «كلمة الله» مفعول المصدر، و يؤيده أن في بعض النسخ: «مع اتباع» فيكون حالا عن الضمير المجرور، و الحاصل ان نور البصيرة و هي الولاية و معرفة الأئمة (ع) يصير سببا لتعلق روح الإيمان، و بروح الإيمان يحصل و يكمل التوحيد الخالص المقبول، و النور هو الذي مثل الله تعالى به نوره في الآية (25) من سورة النور، و السبب الذي بأيدي الشيعة و متابعي الأئمة (ع) هو أيضا الولاية التي هي سبب القرب الى الله، و النجاة من عقابه، أو حججها و براهينها، أو علومهم و معارفهم التي علموها مواليهم، أو الأحكام و الشرائع خاصة، فانها الوسيلة الى التقرب اليه تعالى و الى حججه (ع) و يؤيده ما في بعض النسخ من قوله (ع): «اتيان الواجبات» و في بعضها: «اتيان الواجبات» أي الكتاب و أهل البيت (ع) و انما أتى بصيغة المفرد أولا و ثانيا لارتباطهما بل اتحادهما حقيقة.
 (4) يقال: «أخلص الشي‏ء و استخلصه»: اختاره و اصطفاه.
 (5) قال المجلسي العظيم: لعل المراد عقد الامامة، أي ليس للناس ان يحلوا عقدا و بيعة عقده الله تعالى. ثم قال (ره): و في بعض النسخ: «أن لن يحل عقده الأهواء» أي لا يحل ما عقده الله تعالى لأحد آراء الناس و أهواؤهم.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 272
فسارعوا إلى وفاء العهد «1» و امكثوا في طلب الفضل، فإن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر و الفاجر، و إن الآخرة وعد صادق [معاوق «خ»] يقضي فيها ملك قادر.
ألا و إن الأمر كما وقع، لسبع بقين من صفر تسير فيها الجنود [و] يهلك فيها المبطل الجحود «2» خيولها عراب و فرسانها حراب «3» و نحن بذلك واثقون و لما ذكرنا منتظرون انتظار المجدب المطر، لينبت العشب و يجني الثمرة «4».
دعاني إلى الكتاب إليكم استنقاذكم من العمى و إرشادكم باب الهدى، فاسلكوا سبيل السلامة، فإنها جماع الكرامة، اصطفى الله منهجه و بين حججه، و أرف أرفه «5» و وصفه، و حده و جعله نصا [رصا «خ»] كما وصفه «6» قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «إن العبد «7» إذا دخل حفرته يأتيه ملكان:
__________________________________________________
 (1) هذا هو الظاهر، و في النسخة: «فتسارعوا» الخ. و قوله (ع): «فان الدنيا عرض حاضر» الخ مما صدر عنه (ع) في غير المقام أيضا.
 (2) قوله (ع): «الا و ان الأمر قد وقع» لعله اشارة الى الصلح و الرضا بالحكمين اضطرارا، أو الى بعض غزوات صفين، فعلى الأول سير الجنود اشارة الى قتال الخوارج، و على الثاني اشارة الى ما أراد (ع) من الرجوع الى قتال معاوية.
 (3) يقال: «خيل عراب و اعرب- كجبال و اجبل-: حسان كرام عربية ليست بالبراذين و الهجن و عربية الفرس: عتقه و سلامته من الهجنة. و الحراب على زنة ضراب، و هي ما ان يكون جمع حربة- كضراب و ضربة- او انها مصدر من باب المفاعلة، او انها- بضم الحاء و التشديد- جمع لحارب- كطلاب و زراع في جمع طالب و زارع- و على الاولين ففي الكلام تجوز، و على التقدير الثالث فالمعنى واضح. و في بعض النسخ:
 «و فرسانها احزاب» قال المجلسي الوجيه: اي احزاب الشرك الذين حاربوا الرسول (ص). اقول: و على هذا فالاوصاف و النعوت لخيول عدوه (ع) الموصوف بالمبطل الجحود، و هو خلاف الظاهر.
 (4) و في هذا الكلام دلالة عجيبة على توقعه و انتظاره (ع) اجتثاث اصول الظلمة.
 (5) الارف- كغرف-: الحدود. و هي جمع ارفه- كغرفة- يقال: «ارف الارض تاريفا»: قسمها و جعل لها حدودا.
 (6) يقال: «نص الشي‏ء- من باب مد- ينصه نصا» رفعه و اظهره. و «رص الشي‏ء- من باب مد أيضا- يرصه رصا»: الصق بعضه ببعض و ضمه.
 (7) من قوله (ص): «ان العبد اذا دخل حفرته» الى قوله تعالى- الآتى- بعد ذلك و هو: «و لا يكتمون الله حديثا» رواه في الحديث التاسع من الباب (16) من الجزء العاشر، من بصائر الدرجات ص 146، عن معلي بن محمد البصري، عن ابي الفضل المدائني، عن أبي مريم الانصاري، عن المنهال بن عمرو، عن أمير المؤمنين (ع) باختلاف طفيف في بعض الالفاظ، و فيه ثمانية عشر حديثا أخر عنه (ع) و عن سائر المعصومين بهذا المعنى. و رواه عن البصائر، في الحديث (11) من تفسير الآية: (46) من سورة الاعراف من تفسير البرهان: ج 2/ ص 19، ط 2، و أيضا رواه عن البصائر و غيره في الباب الخامس و الخمسون و السادس و الخمسون من غاية المرام 353.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 273
أحدهما منكر و الآخر نكير، فأول ما يسألانه عن ربه و عن نبيه و عن وليه، فإن أجاب نجا، و إن تحير عذباه، فقال قائل: فما حال من عرف ربه و عرف نبيه و لم يعرف وليه. فقال (ص): ذلك مذبذب لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء. قيل فمن الولي يا رسول الله. فقال: وليكم في هذا الزمان أنا و من بعدي وصيي و من بعد وصيي لكل زمان حجج لله كيما لا تقولون كما قال الضلال حين [حيث «خ»] فارقهم نبيهم: ربنا لو لا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل و نخزى [134 طه: 20] و إنما كان تمام ضلالهم جهالتهم بالآيات و هم الأوصياء، فأجابهم الله: قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي و من اهتدى [135 طه: 20] و إنما كان تربصهم أن قالوا: نحن في سعة عن معرفة الأوصياء حتى يعلن الإمام علمه، فالأوصياء قوام عليكم بين الجنة و النار، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكروه «1» لأنهم عرفاء العباد، عرفهم الله إياهم عند أخذ المواثيق عليهم بالطاعة لهم [كذا] فوصفهم في كتابه فقال جل و عز: و على الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم و هم الشهداء على الناس و النبيون شهداء لهم بأخذه لهم مواثيق العباد بالطاعة، و ذلك قوله: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد و جئنا بك على هؤلاء شهيدا، يومئذ يود الذين كفروا و عصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض و لا يكتمون الله حديثا و كذلك أوحى الله إلى آدم: أن يا آدم قد انقضت مدتك و قضيت نبوتك و استكملت أيامك و حضر أجلك، فخذ النبوة و ميراث النبوة و اسم الله الأكبر فادفعه إلى ابنك هبة الله، فإني لم أدع‏
__________________________________________________
 (1) و مثله في المختار 150، من خطب نهج البلاغة.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 274
الأرض بغير علم يعرف «1» فلم يزل الأنبياء و الأوصياء يتوارثون ذلك حتى انتهى الأمر إلي، و أنا أدفع ذلك إلى علي وصيي و هو مني بمنزلة هارون من موسى «2» و إن عليا يورث ولده حيهم عن ميتهم «3» فمن سره أن يدخل جنة ربه فليتول عليا و الأوصياء من بعده، و ليسلم لفضلهم فإنهم الهداة بعدي أعطاهم الله فهمي و علمي، فهم عترتي من لحمي و دمي أشكو إلى الله عدوهم و المنكر لهم فضلهم و القاطع عنهم صلتي «4».
فنحن أهل البيت شجرة النبوة و معدن الرحمة، و مختلف الملائكة، و موضع الرسالة، فمثل أهل بيتي في هذه الأمة كمثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها هلك «5» و مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له، فأيما راية خرجت ليست من أهل بيتي فهي دجالية» «6».
إن الله اختار لدينه أقواما انتخبهم للقيام عليه و النصر له، طهرهم بكلمة
__________________________________________________
 (1) و مثله لفظا في الحديث (15) من الباب الاول من البحار: ج 7/ 6 س 4 ط الكمباني. و الاخبار متواترة على ذلك معنى، و ملاحظة ذلك الباب من البحار مغنية عن غيره من كتب الاخبار.
 (2) هذا الحديث أيضا مما تواتر عن النبي (ص) بين المسلمين، و بحسب المنصف مراجعة ترجمة امير المؤمنين (ع) من تاريخ ابن عساكر: ج 37/ 87 الى ص 110، و الباب العشرين من غاية المرام ص 109 و الباب (53) من البحار: ج 9/ 337 ط الكمباني. و المجلد الثالث من الغدير، 199، ط 2. و ان راجع حديث المنزلة من عبقات الانوار ففيها غاية الامنية.
 (3) اي ان الاحياء من ولده (ع) يرثون الامامة و الولاية ممن يموت منهم، كما يرث الاحياء من جميع الناس ما يخلفه ميتهم من المال و الحقوق، كل ذلك بتقدير العزيز الحكيم. و المراد من ولده (ع)- هنا- الائمة منهم لا كل من يعد من أولاده.
 (4) و قريب منه في ترجمة امير المؤمنين (ع) من تاريخ الشام: ج 37/ ص 129/ الى 141. و كذلك في تاريخ بغداد: ج 4 ص 410، و حلية الاولياء ج 1، ص 86. على ما رواه عنهما العلامة الامينى مدظله.
 (5) و رواه في الباب الثاني و الثلاثون و الثالث و الثلاثون من المجلد الاول من غاية المرام من طريق العامة و الخاصة، و افرده بالتأليف، و بسط القول فيه حق البسط، العلامة النيشابوري (ره) في عبقات الانوار.
 (6) اي هي من أهل الكذب و التمويه و الخدعة فاحذروها. من قولهم: «دجل في حديثه»: لبس و موه قال ابن الاثير في النهاية: «و في الحديث ان ابابكر خطب فاطمة الى النبي صلى الله عليه و آله، فقال: «اني وعدتها 1 لعلي و لست بدجال» اي لست بخداع و لا ملبس عليك امرك».
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 275
الإسلام، و أوحى إليهم مفترض القرآن، و العمل بطاعته في مشارق الأرض و مغاربها.
إن الله خصكم بالإسلام و استخلصكم له «1» و ذلك لأنه أمنع سلامة و أجمع كرامة، اصطفى الله منهجه و وصف أخلاقه و وصل أطنابه، من ظاهر علم و باطن حكم [حلم «خ»] ذي حلاوة و مرارة فمن طهر باطنه رأى عجائب مناظره في موارده و مصادره، و من فطن لما بطن رأى مكنون الفطن [مكتوم الفتن «خ ل»] و عجائب الأمثال و السنن «2» ظاهره أنيق، و باطنه عميق، و لا تفنى غرائبه و لا تنقضي عجائبه «3» فيه مفاتيح الكلام، و مصابيح الظلام، لا يفتح الخيرات إلا بمفاتحه، و لا تكشف الظلمات إلا بمصابيحه، فيه تفصيل و توصيل، و بيان الإسمين الأعلين اللذين جمعا فاجتمعا [و] لا يصلحان إلا معا يسميان و يوصلان فيجتمعان تمامهما في تمام أحدهما «4» حواليهما (عليهما «خ») نجوم و على نجومهما نجوم ليحمي حماه و يرعى مرعاه «5».
و في القرآن تبيانه [بنيانه «خ»] و بيانه، و حدوده و أركانه، و مواضيع مقاديره و وزن ميزانه: ميزان العدل و حكم الفصل «6» إن رعاة (دعاة «خ») الدين فرقوا بين الشك و اليقين، و جاءوا بالحق، بنوا للإسلام بنيانا، فأسسوا له أساسا
__________________________________________________
 (1) يقال: «خص فلانا بالشي‏ء»- من باب مد-: فضله به. و خص الشي‏ء لنفسه: اختاره. «و استخلص الشي‏ء»: اختاره.
و من قوله: «ان الله خصكم» الى قوله: «فيها كفاء المكتفي و شفاء المشتفي» مذكور في ذيل المختار (148) من خطب نهج البلاغة، ط- مصر، باختصار و اختلاف طفيف في بعض الالفاظ.
 (2) الامثال: جمع المثل- بالتحريك- و هي الصفة الرائقة و القصة المستحسنة. و السنن: جمع السنة- كغرف و غرفة- و هي السيرة و الطريقة.
 (3) يقال: «انق الشي‏ء- من باب فرح- أنقا»: كان أنقا وانيقا و مونقا- ككتف و غريق و مرهق-: حسنا معجبا.
 (4) و لعل المراد بالاسمين الاعلين: كلمتي التوحيد. او القرآن و أهل البيت (ع).
 (5) المراد بالنجوم الاول الائمة (ع). و بالثاني الدلائل الدالة على امامتهم. و الضمير في قوله (ع): «ليحمى حماه و يرعى مرعاه» راجع الى الاسلام. و حمى الاسلام: ما حرمه الله فيه. و مرعاه: ما احله الله.
 (6) ميزان العدل بيان لقوله: «و وزن ميزانه». و حكم الفصل: الحكم الذي يفصل بين الحق و الباطل.
                       

كشف المحجة لثمرة المهجة، ص: 276
و أركانا، و جاءوا على ذلك شهودا بعلامات و أمارات فيها كفاء المكتفي و شفاء المستشفي [المشتفي «خ»] يحومون حماه، و يرعون مرعاه، و يصونون مصونه و يفجرون عيونه لحب [بحب «خ»] الله و بره و تعظيم أمره و ذكره مما يجب أن يذكر به «1» يتواصلون بالولاية، و يتنازعون بحسن الرعاية (كذا) و يتساقون [و يتناسقون بكأس روية، و يتلاقون بحسن التحية و أخلاق سنية «2»، قوام علماء أمناء [أوصياء «خ ل»] لا يسوغ (يسوق «غ») فيهم الريبة، و لا تشرع فيهم الغيبة، فمن استبطن من ذلك شيئا استبطن خلقا سنيا (سيئا «خ ل») «3» فطوبى لذي قلب سليم أطاع من يهديه، و اجتنب من يرديه، و يدخل مدخل كرامة و ينال سبيل سلامة، تبصرة لمن بصره و طاعة لمن يهديه إلى أفضل الدلالة، و كشف غطاء الجهالة المضلة المهلكة، و من أراد بعد هذا فليطهر بالهدى (بالمهدي «خ») دينه، فإن الهدى (المهدي «خ») لا تغلق أبوابه (بابه «خ») و قد فتحت أسبابه ببرهان و بيان، لامرئ استنصح، و قبل نصيحة من نصح بخضوع و حسن خشوع فليقبل امرؤ بقبولها، و ليحذر قارعة قبل حلولها و السلام «4».
__________________________________________________
 (1) كذا في النسخة المطبوعة الملحونة، و في البحار: «بحب الله و بره و تعظيم أمره و ذكره بما يجب ان يذكر به» قال العلامة المجلسي (ره): «بحب الله» اما متعلق بقوله: «يفجرون» أو به و بما قبله على التنازع. أو بقوله:
 «يتواصلون».
 (2) قال المجلسي العظيم: و في بعض النسخ: «يتراشفون» و هو من قولهم: «رشف الماء»: مصه. و السنية- بفتح السين و كسر النون و تشديد الياء المفتوحة-: مؤنث السني: الرفيع.
 (3) يقال: «تبطن و استبطن الشي‏ء»: دخل بطنه. و استبطن الامر: عرف باطنه.
 (4) القارعة: مونث القارع: القيامة. الداهية. النكبة المهلكة، و الجمع قوارع، يقال: «قرعتهم قوارع الدهر»:
اصابتهم نوازله الشديدة. و «نعوذ بالله، من قوارع فلان» أي من قوارص لسانه.