فهرست عامالسورةفهرست قرآن كريم

بسم الله الرحمن الرحیم

آية بعدآية [6052] در مصحف از مجموع [6236]آية قبل

91|9|قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا

لايريدون علوّا في الأرض و لا فسادا-علوّ في الأرض چگونه است؟

فهرست علوم
الاخلاق


روایت حفص بن غیاث-ما منزلة الدنیا من نفسی الا بمنزلة المیتة


تفسير الصافي، ج‏4، ص: 106
تلك الدار الآخرة التي سمعت خبرها و بلغك و صفها نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض غلبة و قهرا و لا فسادا ظلما على الناس.
في المجمع عن امير المؤمنين عليه السلام انه كان يمشي في الأسواق و هو وال يرشد الضال و يعين الضعيف و يمر بالبياع و البقال فيفتح عليه القرآن و يقرأ هذه الآية و يقول نزلت في اهل العدل و التواضع من الولاة و اهل القدرة من سائر الناس و عنه عليه السلام قال الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية و في رواية ان الرجل ليعجبه ان يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها و القمي عن الصادق عليه السلام العلو الشرف و الفساد النباء.





البرهان في تفسير القرآن، ج‏4، ص: 289
قوله تعالى:
تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين [83]
8190/ «1»- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا حفص، ما منزلة الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة، إذا اضطررت إليها أكلت منها. يا حفص، إن الله تبارك و تعالى علم ما العباد عاملون، و إلى ما هم صائرون، فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم، فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت» ثم تلا قوله: تلك الدار الآخرة الآية، و جعل يبكي و يقول: «ذهبت و الله الأماني عند هذه الآية».
ثم قال: «فاز و الله الأبرار، أ تدري من هم؟ هم الذين لا يؤذون الذر «2»، كفى بخشية الله علما، و كفى بالاغترار جهلا. يا حفص، إنه يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد، من تعلم و علم، و عمل بما علم، دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله، و عمل لله، و علم لله».
قلت: جعلت فداك، ما حد الزهد في الدنيا؟ قال: «قد حد الله في كتابه، فقال عز و جل: لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم «3»، إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله، و أخوفهم له أعلمهم به، و أعلمهم به‏
__________________________________________________
(2)- مجمع البيان 7: 415.
(1)- تفسير القمي 2: 146.
(1) المتكل: الزبيل الكبير. «النهاية 4: 150».
(2) الذر: جمع ذرة، و هي أصغر النمل. «الصحاح- ذرر- 2: 663».
(3) الحديد 57: 23.



البرهان في تفسير القرآن، ج‏4، ص: 290
أزهدهم فيها».
فقال له رجل: يا ابن رسول الله، أوصني. فقال: «اتق الله حيث كنت، فإنك لا تستوحش».
8191/ «2»- و
قال أبو عبد الله (عليه السلام) أيضا، في قوله: علوا في الأرض و لا فسادا، قال: «العلو: الشرف، و الفساد: البناء» «1».
8192/ «3»- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام بن سالم، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كنا عنده ثمانية رجال، فذكرنا رمضان، فقال: «لا تقولوا هذا رمضان، و لا جاء رمضان، و ذهب رمضان؛ فإن رمضان اسم من أسماء الله، لا يجي‏ء و لا يذهب، و إنما يجي‏ء و يذهب الزائل، و لكن قولوا: شهر رمضان؛ فالشهر المضاف إلى الاسم، و الاسم اسم الله، و هو الشهر الذي انزل فيه القرآن، جعله الله مثلا وعيدا «2».
ألا و من خرج في شهر رمضان من بيته في سبيل الله- و نحن سبيل الله الذي من دخل فيه يطاف بالحصن، و الحصن هو الإمام- فيكبر عند رؤيته، كانت له يوم القيامة صخرة في ميزانه أثقل من السماوات السبع، و الأرضين السبع، و ما فيهن، و ما بينهن و ما تحتهن».
قلت: يا أبا جعفر، و ما الميزان؟ فقال: «إنك قد ازددت قوة و نظرا. يا سعد، رسول الله (صلى الله عليه و آله) الصخرة، و نحن الميزان، و ذلك قول الله عز و جل في الإمام: ليقوم الناس بالقسط «3»».
قال: «و من كبر بين يدي الإمام، و قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كتب الله له رضوانه الأكبر، و من كتب له رضوانه الأكبر يجمع بينه و بين إبراهيم و محمد (عليهما السلام) و المرسلين في دار الجلال».
قلت: و ما دار الجلال؟ فقال: «نحن الدار، و ذلك قول الله عز و جل: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين، [فنحن العاقبة، يا سعد. و أما مودتنا للمتقين‏] فيقول الله عز و جل: تبارك اسم ربك ذي الجلال و الإكرام «4»، جلال الله و كرامته التي أكرم الله تبارك و تعالى العباد بطاعتنا».
__________________________________________________
(2)- تفسير القمي 2: 147.
(3)- مختصر بصائر الدرجات: 56.
(1) في المصدر: النساء.
(2) في «ط»: مثلا و وعدا و وعيدا.
(3) الحديد 57: 25.
(4) الرحمن 55: 78.





مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏7، ص: 420
المعنى
«تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ» يعني الجنة «نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ» أي تجبرا و تكبرا على عباد الله و استكبارا عن عبادة الله «وَ لا فَساداً» أي عملا بالمعاصي عن ابن جريج و مقاتل و روى زاذان عن أمير المؤمنين (ع) أنه كان يمشي في الأسواق وحده و هو دال يرشد الضال و يعين الضعيف و يمر بالبياع و البقال فيفتح عليه القرآن و يقرأ «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً» و يقول نزلت هذه الآية في أهل العدل و المواضع من الولاة و أهل القدرة من سائر الناس و روى أبو سلام الأعرج عن أمير المؤمنين (ع) أيضا قال إن الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ» الآية يعني أن من تكبر على غيره بلباس يعجبه فهو ممن يريد علوا في الأرض



تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (19/ 638)
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أشعث السمان، عن أبي سلمان الأعرج، عن علي رضي الله عنه قال: إن الرجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك صاحبه، فيدخل في قوله: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) .



شرح صحيح البخارى لابن بطال (9/ 79)
عليه السلام وفى قول ابن عباس أنه مباح للرجل اللباس من الحسن، والجمال فى جميع أموره إذا سلم قلبه من التكبر به على من ليس له مثل ذلك من اللباس، وقد وردت الآثار بذلك، روى المعافى ابن عمران، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن سواد بن عمرو الانصارى أنه قال: (يا رسول الله، انى رجل حبب إلى الجمال وأعطيت منه ماترى حتى ماأحب أن يفوقنى أحد فى شراك نعلى، أفمن الكبر ذاك؟ قال: لا، ولكن الكبر من بطر الحق وغمص - أو غمنص الناس) . ومن حديث عبد الله بن عمر أن النبى عليه السلام قال للذى ساله عن حبه لجمال ثيابه وشراك نعله: هل ذلك من الكبر؟ فقال عليه السلام (لا، ولكن الله جميل يحب الجمال) . فإن قيل: فقد روى وكيع، عن أشعث السمان، عن أبى سلام الأعرج، عن على بن أبى طالب قال: إن الرجل ليعجبه شراك نعله أن يكون أجود من شراك صاحبه فيدخل فى قوله تعالى: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علو فى الأرض ولا فسادا (الآية. قال الطبرى: فالجواب أن من أحب ذلك ليتعظم به من سواه من الناس ممن ليس له مثله، فاختال به عليهم واستكبر، فهو داخل فى عدة المستكبرين فى الأرض بغير الحق، ولحقته صفة أهله وأن أحب ذلك سرورا لجودته وحسنه، غير مريد به الاختيال والتكبر، فإنه بعيد المعنى ممن عناه الله تعالى بقوله: (لا يريدون علو فى الأرض ولا فسادا (بل هو ممن قد اخبر الله تعالى أنه يحب ذلك من فعله، على ماورد فى حديث عبد الله بن عمر.



فتح الباري لابن حجر (10/ 260)
من كبر فقال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة فقال إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس وقوله وغمط بفتح المعجمة وسكون الميم ثم مهملة الاحتقار وأما ما أخرجه الطبري من حديث علي إن الرجل يعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك صاحبه فيدخل في قوله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض الآية فقد جمع الطبري بينه وبين حديث بن مسعود بأن حديث علي محمول على من أحب ذلك ليتعظم به على صاحبه لا من أحب ذلك ابتهاجا بنعمة الله عليه فقد أخرج الترمذي وحسنه من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده وله شاهد عند أبي يعلى من حديث أبي سعيد وأخرج النسائي وأبو داود وصححه بن حبان والحاكم من حديث أبي الأحوص عوف بن مالك الجشمي عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ورآه رث الثياب إذا آتاك الله ما لا فلير أثره عليك أي بأن يلبس ثيابا تليق بحاله من النفاسة والنظافة ليعرفه المحتاجون للطلب منه مع مراعاة القصد وترك الإسراف





تخريج أحاديث الكشاف (3/ 35)
944 - قوله
عن علي رضي الله عنه قال إن الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه يدخل تحتها يعني قوله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا
قلت رواه الطبري في تفسيره أخبرنا ابن وكيع عن أبيه عن أشعث السمان عن أبي سلام الأعرج عن علي قال إن الرجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل في قوله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا انتهى
ورواه الواحدي في تفسيره الوسيط من طريق إسحاق بن إبراهيم ثنا وكيع عن أشعث به



فتاوى دار الإفتاء المصرية (10/ 421، بترقيم الشاملة آليا)
والحديث الذى أخرجه الطبرى " إن الرجل يعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك صاحبه " محمول على من أحب ذلك ليتعظم به على صاحبه. لا من أجب ذلك ابتهاجا بنعمة الله. فقد اخرج الترمذى وحسنه " إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " وأخرج النسائى وأبو داود وصححه الحاكم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لرجل رآه رث الثياب " إذا أتاك الله مالا فلير أثره عليه " أى بأن يلبس ثيابا تليق بحاله من النفاسة والنظافة ليعرفه المحتاجون إلى الطلب منه، مع مراعاة القصد وترك الإسراف.





****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Wednesday - 9/4/2025 - 15:2

روایت حفص بن غیاث-ما منزلة الدنیا من نفسی الا بمنزلة المیتة

تفسير القمي، ج‏2، ص: 146
و أما قوله: تلك الدار الآخرة- نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا- و العاقبة للمتقين‏
فإنه حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد الله ع يا حفص ما منزلة الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة- إذا اضطررت إليها أكلت منها، يا حفص إن الله تبارك و تعالى علم ما العباد عاملون- و إلى ما هم صائرون- فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم- فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت- ثم تلا قوله: «تلك الدار الآخرة ...» الآية، و جعل يبكي و يقول ذهبت و الله الأماني عند هذه الآية- ثم قال فاز و الله الأبرار أ تدري من هم هم الذين لا يؤذون الذر- كفى بخشية الله علما- و كفى بالاغترار بالله جهلا- يا حفص! إنه يغفر للجاهل سبعون ذنبا- قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد، من تعلم و علم و عمل بما علم- دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل تعلم لله و عمل لله، و علم لله- قلت جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا فقال قد حد الله في كتابه فقال عز و جل «لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم» إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله- و أخوفهم له أعلمهم به- و أعلمهم به أزهدهم فيها، فقال له رجل يا ابن رسول الله أوصني- فقال‏
__________________________________________________
 (1). زنبيل من خوص. ج. ز
                        

تفسير القمي، ج‏2، ص: 147
اتق الله حيث كنت فإنك لا تستوحش‏

 

سعد السعود للنفوس منضود، النص، ص: 87
 (فصل)
فيما نذكره من الجزء الرابع من تفسير علي بن إبراهيم و هو الجزء الثاني من المجلد الثاني و جميع الكتاب أربعة أجزاء في مجلدين و الذي ننقله من الوجهة الثانية من القائمة الثالثة من الكراس السابع و الثلاثين من الكتاب بلفظه و أما قوله تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين‏
فإنه حدثني جدي علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد الله يا حفص و الله ما أنزلت الدنيا من نفسي إلا منزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها يا حفص إن الله تبارك و تعالى علم ما العباد عليه عاملون و إلى ما هم صائرون فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم و إنما يعجل من لا يعلم فلا يغررك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت ثم تلى قوله تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين و جعل يبكي و يقول ذهبت الأماني عند هذه الآية ثم قال فاز و الله الفائزون الأبرار أ تدري من هم هم الذين لا يؤذون الذر كفى بخشية الله علما و كفى بالاغترار بالله جهلا-
                        

 

سعد السعود للنفوس منضود، النص، ص: 88
يا حفص إن الله يغفر للجاهلين سبعين ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنبا واحدا من تعلم و علم و عمل بما علم دعي في ملكوت السماوات عظيما فقيل تعلم لله و عمل لله و علم لله قلت جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا فقال حد الله ذلك في كتابه فقال- لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله و أخوفهم له و أعلمهم به و أعلمهم به أزهدهم فيها فقال له رجل يا ابن رسول الله أوصني فقال ع اتق الله حيث كنت فإنك لا تستوحش‏

 

سعد السعود للنفوس منضود، النص، ص: 88
يا حفص إن الله يغفر للجاهلين سبعين ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنبا واحدا من تعلم و علم و عمل بما علم دعي في ملكوت السماوات عظيما فقيل تعلم لله و عمل لله و علم لله قلت جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا فقال حد الله ذلك في كتابه فقال- لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله و أخوفهم له و أعلمهم به و أعلمهم به أزهدهم فيها فقال له رجل يا ابن رسول الله أوصني فقال ع اتق الله حيث كنت فإنك لا تستوحش‏
. يقول علي بن موسى بن طاوس رأيت في تفسير الطبرسي عند ذكر هذه الآية قال‏
و روي عن أمير المؤمنين أنه قال إن الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها
و اعلم أن في هذا الحديث الذي رواه علي بن إبراهيم و الآية الشريفة أمورا ينبغي للعاقل الاستظهار لمهجته في السلامة منها بغاية طاقته. منها قوله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا فقد صار الحرمان من الجنان متعلقا بإرادة العلو و العصيان قبل مباشرته بالجنان أو الأركان و هذا حال خطر عظيم الشأن فليحفظ الإنسان بالله جل جلاله سرائر قلبه و تطهيره بالله و التوبة و الاستغفار من مهالك دينه و منها قوله ع أنه نزل الدنيا منزلة الميتة يأكل منها كل مضطر و هذا حال عظيم يدل عليه العقل المستقيم لأنها شاغلة عن الله و عليه وعد الآخرة فإذا لم يعرف الإنسان قدر ما يريد الله أن يأخذ منها فلتكن كالميتة عنده فهو يسير في طلب السعادة الدائمة الباهرة أو حفظ حرمة الله القاهرة فإن لم يعرف العبد ما ذكر ع فليستعن الإنسان بالله تعالى في تعريفه بمراده أما بالإلهام أو طريق من طرق إرشاده و منها أن قوله ع إن الله علم ما هم إليه صائرون فحلم عنهم و هو معنى شريف لأن الله تعالى أحاط علما بالذنب و عقوبته فهو يرى من أفق علم الغيوب أهل الذنوب في المعنى و هم في العذاب و النيران و أنهم ساعون إلى الهلاك و الهوان و الغائب عنه كالحاضر
                        سعد السعود للنفوس منضود، النص، ص: 89
في علمه لذاته فحلم عن المعاجلة إذ هو محيط بها و العبد محجوب عن خطر ذنوبه بغفلاته و منها قوله ع ذهبت الأماني عند هذه الآية و كيف لا تذهب الأماني صريحة بذكر شرط استحقاق المقام بدار النعيم و من هذا يسلم ركوب هذا الخطر العظيم و كيف تسلم القلوب من إرادة مخالفة للمطلع عليها و مزيدة لما لا يريد هو جل جلاله صرف الإرادة إليها أعان الله تعالى على قوة تطهير القلوب من سواه و تحميها أن تحرز منها ما لا يرضاه و منها أن الأبرار لا يؤذون الذرة كيف يكون حال من لا يخلو من أذى نفسه و هي ملك الله و أذى غيره مما فوق الذرة و التهوين بالله المطلع على سره و نجواه و مثل على التحقيق لأن أذى الذر و غيرها لغير مراد الله المالك الشفيق عبث و فساد و خلاف سبيل التوفيق و منها قوله ع إنه يغفر للجاهل سبعين ذنبا قبل الغفران للعالم ذنب واحد فهو واجب للعقول لأن الجاهل ما جاهر الله في حفرة ذكره و لا عرفه جيدا و لا عرف قدر الذنب جيدا فهو يعصي من وراء ستارة جهله و العالم بالله العامل بالمجاهرة بمعصية الله كالمستخف و المستهزئ بالمطلع علم الذاكر أنه بين يديه و كم بين من يعصي سلطانا خلف بابه و بين من يعصيه مواجهة غير مكترث لغضبه و عقابه و مستخف بحضرته و أذاه لا حول و لا قوة إلا بالله و منها
قوله ع إن حد الزهد أن لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم‏

و هذا شرط هائل و خطر ذاهل و ما أرى هذا يصح إلا لمن لا يكون له إرادة مع مولاه بل يكون متصرفا في الدنيا كالخازن و الوكيل و إنما يتصرف به جل جلاله و لله تعالى و منفذ أوامره الشريفة فيما يرضاه و هو يحتاج إلى قوة ربانية و رحمة إلهية و منها قوله ع اتق الله حيث كنت فإنك لا تستوحش و للأمر على هذه الوصية لأن المتقي للعظمة الإلهية قوى بها غريزتها مستغن بها مستأنس بها جليس لها محمي بها فمن ذا يقدر أو يقوى عليها حتى توحش من انضم بقلبه و قالبه إليها و كيف يستوحش من ظفر بإقبال الله تعالى عليها و هو يريد المخلوق من التراب بدلا أو جلسا
                        

سعد السعود للنفوس منضود، النص، ص: 90
أو مؤنسا أخرى مع وجود كلما يريد من رب الأرباب و اسعوه من هو به تعالى من ذوي الألباب‏

                        


إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏1، ص: 105
الباب الثامن و العشرون في الخوف من الله تعالى‏
روي أن إبراهيم ع كان يسمع منه في صلاته أزيز كأزيز المرجل من خوف الله تعالى في صدره و كان سيدنا رسول الله ص كذلك و كان أمير المؤمنين إذا قال- وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض يتغير وجهه و يصفر لونه فيعرف ذلك في وجهه من خيفة الله تعالى و أعتق ألف مملوك من كد يمينه و كان يغرس النخل و يبيعها و يشتري بثمنها العبيد و يعتقهم و يعطيهم مع ذلك ما يغنيهم عن الناس و أخبره بعض عبيده أنه قد نبع في بستانه عين فينبع الماء منها مثل عنق البعير فقال بشر الوارث بشر الوارث بشر الوارث ثم أحضر شهودا فأشهدهم أنه أوقفها في سبيل الله حتى يرث الله الأرض و من عليها و قال إنما فعلت ذلك ليصرف الله عن وجهي النار و أعطى معاوية للحسن ع فيها مائتي ألف دينار فقال ما كنت لأبيع شيئا أوقفه أبي في سبيل الله و ما عرض له أمران إلا عمل بأشدهما طاعة و كان إذا سجد سجدة الشكر غشي عليه من خشية الله تعالى و كانت فاطمة ع تنهج في صلاتها من خوف الله تعالى. و كان علي بن الحسين ع يتغير وجهه في صلاته من الله تعالى.
و قال لقمان ع لابنه يا بني خف الله خوفا لو أتيته بعمل الثقلين خفت أن يعذبك و ارجه رجاء لو أتيته بذنوب الثقلين رجوت أن يغفر لك.
و قال علي بن الحسين ع ابن آدم إنك لا تزال بخير ما كان لك واعظا من نفسك و ما كان الخوف شعارك و الحزن دثارك ابن آدم إنك ميت و محاسب فأعد الجواب.
و أوحى الله تعالى إلى موسى يا موسى خفني في سرائرك أحفظك في عوراتك و اذكرني في سرائرك و خلواتك و عند سرور لذاتك أذكرك عند غفلاتك و املك غضبك عمن ملكتك أمره أكف غضبي عنك و اكتم مكنون سري و أظهر في علانيتك المداراة عني لعدوك و عدوي.
و قال الصادق ع ما الدنيا إلا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها يا حفص إن الله تعالى علم ما العباد عاملون و إلى ما هم صائرون فحلم عنهم‏
                        

إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏1، ص: 106
عند أعمالهم السيئة بعلمه السابق فيهم و إنما يعجل من يخاف الفوت فلا يغرنك تأخير العقوبة ثم تلا قوله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين و جعل يبكي و يقول ذهبت الأماني عند هذه الآية ثم قال فاز و الله الأبرار و خسر الأشرار أ تدري من هم الذين خافوه و اتقوه و تقربوا إليه بالأعمال الصالحة و خشوه في سرائرهم و علانياتهم كفى بخشية الله علما و كفى بالاغترار به جهلا يا حفص من تعلم و عمل كتب في الملكوت عظيما إن أعلم الناس بالله أخوفهم منه و أخشاهم له و أزهدهم في الدنيا فقال له رجل يا ابن رسول الله أوصني فقال اتق الله حيث كنت فإنك لا تستوحش.

 

                        

تفسير الصافي، ج‏4، ص: 106
تلك الدار الآخرة التي سمعت خبرها و بلغك و صفها نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض غلبة و قهرا و لا فسادا ظلما على الناس.
في المجمع عن امير المؤمنين عليه السلام انه كان يمشي في الأسواق و هو وال يرشد الضال و يعين الضعيف و يمر بالبياع و البقال فيفتح عليه القرآن و يقرأ هذه الآية و يقول نزلت في اهل العدل و التواضع من الولاة و اهل القدرة من سائر الناس و عنه عليه السلام قال الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية و في رواية ان الرجل ليعجبه ان يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها و القمي عن الصادق عليه السلام العلو الشرف و الفساد النباء.
و عنه عليه السلام انه قال لحفص بن غياث يا حفص ما منزلة الدنيا من نفسي الا بمنزلة الميتة إذا اضطررت اليها أكلت منها يا حفص ان الله تبارك و تعالى علم ما
                        

تفسير الصافي، ج‏4، ص: 107
العباد عاملون و الى ما هم صايرون فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت ثم تلا قوله تلك الدار الآخرة الآية و جعل يبكي و يقول ذهبت و الله الاماني عند هذه الآية فاز و الله الأبرار تدري من هم هم الذين لا يؤذون الذر كفى بخشية الله علما و كفى بالاغترار بالله جهلا الحديث و العاقبة المحمودة للمتقين من اتقى ما لا يرضاه الله.

 

                        

بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏75، ص: 193
7- فس «1»، تفسير القمي عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد الله ع يا حفص ما منزلة الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها يا حفص إن الله تبارك و تعالى علم ما العباد عاملون و إلى ما هم صائرون فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت ثم تلا قوله تلك الدار الآخرة الآية «2» و جعل يبكي و يقول ذهب و الله الأماني عند هذه الآية ثم قال فازوا و الله الأبرار أ تدري من هم هم الذين لا يؤذون الذر كفى بخشية الله علما و كفى بالاغترار بالله جهلا يا حفص إنه يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد و من تعلم و علم و عمل بما علم دعي في ملكوت السماوات عظيما فقيل تعلم لله و عمل لله و علم لله قلت جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا فقال فقد حد الله في كتابه فقال عز و جل- لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم «3» إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله و أخوفهم له أعلمهم به و أعلمهم به أزهدهم فيها فقال له رجل يا ابن رسول الله أوصني فقال اتق الله حيث كنت فإنك لا تستوحش.




الوافي، ج‏4، ص: 51
يفعل الله ما يشاء «1» و يحكم ما يريد «2»- لا معقب لحكمه «3» و لا راد لقضائه لا يسئل عما يفعل و هم يسئلون «4» هذا يا إبراهيم من باطن علم الله المكنون و من سره المخزون أ لا أزيدك من هذا الباطن شيئا في الصدور قلت بلى يا ابن رسول الله قال ع قال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا و لنحمل خطاياكم و ما هم بحاملين من خطاياهم من شي‏ء إنهم لكاذبون و ليحملن أثقالهم و أثقالا مع أثقالهم و ليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون «5»- و الله الذي لا إله إلا هو فالق الإصباح فاطر السماوات و الأرض لقد أخبرتك بالحق و أنبأتك بالصدق و الله أعلم و أحكم.
و هذا الحديث رواه الصدوق طيب الله ثراه أيضا في علل الشرائع على اختلاف في ألفاظه.
و جملة القول في بيان السر فيه أنه قد تحقق و ثبت أن كلا من العوالم الثلاثة له مدخل في خلق الإنسان و في طينته و مادته من كل حظ و نصيب فلعل الأرض الطيبة كناية عما له في جملة طينته من آثار عالم الملكوت الذي منه الأرواح المثالية و القوى الخيالية الفلكية المعبر عنهم بالمدبرات أمرا و الماء العذب عما له في طينته من إفاضات عالم الجبروت الذي منه الجواهر القدسية و الأرواح العالية المجردة عن الصور المعبر عنهم بالسابقات سبقا و الأرض الخبيثة عما له في طينته من أجزاء عالم الملك الذي منه الأبدان العنصرية المسخرة تحت الحركات الفلكية المسخرة لما فوقها.
و الماء الأجاج المالح الآسن عما له في طينته من تهييجات الأوهام الباطلة
__________________________________________________
 (1). إبراهيم/ 27.
 (2). المائدة/ 1.
 (3). الرعد/ 41.
 (4). الأنبياء/ 23.
 (5). العنكبوت/ 12- 13.
                        

الوافي، ج‏4، ص: 52
و الأهواء المموهة الردية الحاصلة من تركيب الملك مع الملكوت مما لا أصل له و لا حقيقة ثم الصفوة من الطينة الطيبة عبارة عما غلب عليه إفاضة الجبروت من ذلك و الثفل منه غالب عليه أثر الملكوت منه و كدورة الطين المنتن الخبيث عما غلب عليه طبائع عالم الملك و ما يتبعه من الأهواء المضلة و إنما لم يذكر نصيب عالم الملك للأئمة ع مع أن أبدانهم العنصرية منه لأنهم لم يتعلقوا بهذه الدنيا و لا بهذه الأجساد تعلق ركون و إخلاد فهم و إن كانوا في النشأة الفانية بأبدانهم العنصرية و لكنهم ليسوا من أهلها كما مضى بيانه.
قال الصادق ع في حديث حفص بن غياث يا حفص ما أنزلت الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها.
فلا جرم نفضوا أذيالهم منها بالكلية إذا ارتحلوا عنها و لم يبق معهم منها كدورة و إنما لم يذكر نصيب الناصب و أئمة الكفر من إفاضة عالم الجبروت مع أن لهم منه حظ الشعور و الإدراك و غير ذلك لعدم تعلقهم به و لا ركونهم إليه و لذا تراهم تشمئز نفوسهم من سماع العلم و الحكمة و يثقل عليهم فهم الأسرار و المعارف فليس لهم من ذاك العالم إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه و ما هو ببالغه و ما دعاء الكافرين إلا في ضلال «1»- نسوا الله فأنساهم أنفسهم «2» فلا جرم ذهب عنهم نصيبهم من ذلك العالم حين أخلدوا إلى الأرض و اتبعوا أهواءهم فإذا جاء يوم الفصل و يميز الله الخبيث من الطيب ارتقى من غلب عليه إفاضات عالم الجبروت إلى الجبروت و أعلى الجنان و التحق بالمقربين و من غلب عليه آثار الملكوت إلى الملكوت و مواصلة الحور و الولدان و التحق بأصحاب اليمين و بقي من غلب عليه الملك في الحسرة و الثبور و الهوان و التعذب بالنيران إذ فرق الموت بينه و بين محبوباته و مشتهياته.
فالأشقياء و إن انتقلوا إلى نشأة من جنس نشأة الملكوت خلقت بتبعيتها
__________________________________________________
 (1). الرعد/ 14.
 (2). الحشر/ 19.
                        

الوافي، ج‏4، ص: 53
بالعرض إلا أنهم يحملون معهم من الدنيا من صور أعمالهم و أخلاقهم و عقائدهم مما لا يمكن انفكاكهم عنه ما يتأذون به و يعذبون بمجاورته من سموم و حميم و ظل من يحموم «1» و من حيات و عقارب ذوات لدغ و سموم و من ذهب و فضة كنزوها في دار الدنيا و لم ينفقوها في سبيل الله و أشرب في قلوبهم محبتها فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون «2» و من آلهة يعبدونها من دون الله من حجر أو خشب أو حيوان أو غيرها مما يعتقدون فيه أنه ينفعهم و هو يضرهم إذ يقال لهم إنكم و ما تعبدون من دون الله حصب جهنم «3».
و بالجملة المرء مع من أحب فمحبوب الأشقياء لما كان من متاع الدنيا الذي لا حقيقة له و لا أصل بل هو متاع الغرور فإذا كان يوم القيامة و برزت حواق الأمور كسد متاعهم و صار لا شيئا محضا فيتألمون بذلك و يتمنون الرجوع إلى الدنيا التي هي وطنهم المألوف لأنهم من أهلها ليسوا من أهل النشأة الباقية لأنهم رضوا بالحياة الدنيا و اطمأنوا بها فإذا فارقوها عذبوا بفراقها في نار جهنم أعمالهم التي أحاطت بهم و جميع المعاصي و الشهوات يرجع إلى متاع هذه النشأة الدنياوية و محبتها.
فمن كان من أهلها عذب بمفارقتها لا محالة و من ليس من أهلها و إنما ابتلي بها و ارتكبها مع إيمان منه بقبحها و خوف من الله سبحانه في إتيانها فلا جرم يندم على ارتكابها إذا رجع إلى عقله و أناب إلى ربه فتصير ندامته عليها و الاعتراف بها و ذل مقامه بين يدي ربه حياء منه تعالى سببا لتنوير قلبه و هذا معنى تبديل سيئاتهم حسنات فالأشقياء إنما عذبوا بما لم يفعلوا لحنينهم إلى ذلك و شهوتهم له و عقد ضمائرهم على فعله دائما إن تيسر لهم لأنهم كانوا من أهله و
__________________________________________________
 (1). الواقعة/ 43.
 (2). التوبة/ 35.
 (3). الأنبياء/ 98.

                     

الوافي، ج‏4، ص: 54
من جنسه و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه «1». و السعداء إنما يخلدوا في العذاب و لم يشتد عليهم العقاب بما فعلوا من القبائح لأنهم ارتكبوا على كره من عقولهم و خوف من ربهم لأنهم لم يكونوا من أهلها و لا من جنسها بل أثيبوا بما لم يفعلوا من الخيرات لحنينهم إليه و عزمهم عليه و عقد ضمائرهم على فعله دائما أن تيسر لهم فإنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى و إنما ينوي كل ما ناسب طينته و يقتضيه جبلته كما قال الله سبحانه قل كل يعمل على شاكلته «2»
و لهذا ورد في الحديث «3» أن كلا من أهل الجنة و النار إنما يخلدون فيما يخلدون على نياتهم و إنما يعذب بعض السعداء حين خروجهم من الدنيا بسبب مفارقة ما مزج بطينتهم من طينة الأشقياء مما آنسوا به قليلا و ألفوه بسبب ابتلائهم به ما داموا في الدنيا.
روى الشيخ الصدوق رحمه الله في اعتقاداته مرسلا أنه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد ألم في النار إذا دخلوها و إنما تصيبهم الآلام عند الخروج منها فتكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم و ما الله بظلام للعبيد.

 

                        

وسائل الشيعة، ج‏24، ص: 217
30380- 7- «3» علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله ع يا حفص ما منزلة الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها الحديث‏ 

 

                        



مضامین مشابه

كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر، ص: 226
ذلك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة الإماء يطيل الله عمره في غيبته ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة ذلك ليعلم أن الله على كل شي‏ء قدير.
حدثني محمد بن وهبان البصري قال حدثني داود بن الهيثم بن إسحاق النحوي قال حدثني جدي إسحاق بن البهلول بن حسان قال حدثني طلحة بن زيد الرقي عن الزبير بن عطا عن عمير بن هاني العيسي [العبسي‏] عن جنادة بن أبي أميد [أمية] قال: دخلت على الحسن بن علي ع في مرضه الذي توفي فيه و بين يديه طشت يقذف فيه الدم و يخرج كبده قطعة قطعة من السم الذي أسقاه معاوية (لعنه الله) فقلت يا مولاي ما لك لا تعالج نفسك فقال يا عبد الله بما ذا أعالج الموت قلت إنا لله و إنا إليه راجعون‏

                        

كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر، ص: 227
ثم التفت إلي و قال و الله إنه لعهد عهده إلينا رسول الله ص أن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما من ولد علي ع و فاطمة ع ما منا إلا مسموم أو مقتول ثم رفعت الطشت و اتكأ ص فقلت عظني يا ابن رسول الله قال نعم استعد لسفرك و حصل زادك قبل حلول أجلك و اعلم أنه تطلب الدنيا و الموت يطلبك و لا كمل [تحمل هم‏] يومك الذي له باب [لم يأت‏] على لومك [يومك‏] الذي أنت فيه و اعلم أنك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك إلا كنت فيه خازنا لغيرك و اعلم أن في حلالها حسابا و حرامها عقابا و في الشبهات عتاب فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة خذ منها ما يكفيك فإن كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها و إن كان حراما لم تكن قد أخذت من الميتة و إن كان العتاب فإن العقاب يسير و اعمل لدنياك‏
                        

كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر، ص: 228
كأنك تعيش أبدا و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا و إذا أردت عزا بلا عشيرة و هيبة بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله عز و جل و إذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك و إذا خدمته صانك و إذا أردت منه معونة فاتك [أعانك‏] و إن قلت صدق قولك و إن صلت شد صولك و إن مددت يدك بفضل جدها [مدها] و إن بدت منك ثلمة سدها و إن رأى منك حسنة عدها و إن سألته أعطاك و إن سكت عنه ابتدأك و إن نزلت بك أحد الملمات أسألك [واساك‏] من لا يأتيك منه البوائق و لا يختلف عليك منه الطوالق و لا يخذلك عند الحقائق و إن تنازعتما منفسا آثرك قال ثم انقطع نفسه و اصفر لونه حتى خشت [خشيت‏] عليه و دخل‏
                        

كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر، ص: 229
الحسين ص و الأسود بن أبي الأسود فانكب عليه حتى قبل رأسه و بين عينيه ثم قعد عنده و تسارا جميعا فقال أبو الأسود إنا لله إن الحسن قد نعيت إليه نفسه و قد أوصى إلى الحسين ع و توفي ص في يوم الخميس في آخر صفر سنة خمسين من الهجرة و له سبع و أربعون سنة.
                       

 

بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏70، ص: 108
110- من كتاب عيون الحكم و المواعظ، لعلي بن محمد الواسطي كتبناه من أصل قديم عن أمير المؤمنين ع قال: احذروا هذه الدنيا الخداعة الغدارة التي قد تزينت بحليها و فتنت بغرورها و غرت بآمالها و تشوفت لخطابها «6» فأصبحت كالعروس المجلوة و العيون إليها ناظرة و النفوس بها مشغوفة و القلوب إليها تائقة و هي لأزواجها كلهم قاتلة فلا الباقي بالماضي معتبر و لا الآخر بسوء أثرها

...

                        

بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏70، ص: 111
و سلكوا منهاجهم و ألطفوا الفكر و انتفعوا بالعبر و صبروا في هذا العمر القصير من متاع الغرور الذي يعود إلى الفناء و يصير إلى الحساب نظروا بعقولهم إلى آخر الدنيا و لم ينظروا إلى أولها و إلى باطن الدنيا و لم ينظروا إلى ظاهرها و فكروا في مرارة عاقبتها فلم يستمرئهم «1» حلاوة عاجلها ثم ألزموا أنفسهم الصبر و أنزلوا الدنيا من أنفسهم كالميتة التي لا يحل لأحد أن يشبع منها إلا في حال الضرورة إليها و أكلوا منها بقدر ما أبقى لهم النفس و أمسك الروح و جعلوها بمنزلة الجيفة التي اشتد نتنها فكل من مر بها أمسك على فيه فهم يتبلغون بأدنى البلاغ و لا ينتهون إلى الشبع من النتن و يتعجبون من الممتلي منها شبعا و الراضي بها نصيبا إخواني و الله لهي في العاجلة و الآجلة لمن ناصح نفسه في النظر و أخلص لها الفكر أنتن من الجيفة و أكره من الميتة غير أن الذي نشأ في دباغ الإهاب لا يجد نتنه و لا تؤذيه رائحته ما تؤذي المار به و الجالس عنده و قد يكفي العاقل من معرفتها علمه بأن من مات و خلف سلطانا عظيما سره أنه عاش فيها سوقة خاملا أو كان فيها معافى سليما سره أنه كان فيها مبتلى ضريرا فكفى بهذا على عورتها و الرغبة عنها دليلا

  

                        

مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، ج‏12، ص: 53
13493- «5» علي بن إبراهيم في تفسيره، عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال لي أبو عبد الله ع يا حفص- (و الله ما أنزلت) « (1)» الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها الخبر.
13494- «6» البحار، عن كتاب عيون الحكم و المواعظ لعلي بن محمد الواسطي بإسناده عن أمير المؤمنين ع: أنه قال في كلام بعد ذكر بعض حالات الأنبياء ثم اقتص الصالحون آثارهم و سلكوا منهاجهم إلى أن قال ثم ألزموا أنفسهم الصبر و أنزلوا الدنيا من أنفسهم كالميتة التي لا يحل لأحد أن يشبع منها إلا في حال الضرورة إليها و أكلوا منها بقدر ما أبقى لهم النفس و أمسك الروح و جعلوها بمنزلة الجيفة التي اشتد نتنها فكل من مر بها أمسك على فيه فهم يتبلغون بأدنى البلاغ و لا ينتهون إلى الشبع من النتن و يتعجبون من الممتلئ منها شبعا و الراضي بها نصيبا الخبر.

 

                        

مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، ج‏12، ص: 54
13496- «8» القطب الراوندي في لب اللباب، عن النبي ص قال: فروا من فضول الدنيا كما تفرون من الحرام و هونوا على أنفسكم الدنيا كما تهونون الجيفة و توبوا إلى الله من فضول الدنيا و سيئات أعمالكم تنجوا من شدة العذاب:.

 

 

                        

معاني الأخبار، النص، ص: 260
باب معنى التوكل على الله عز و جل و الصبر و القناعة و الرضا و الزهد و الإخلاص و اليقين‏
1- حدثنا أبي رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه في حديث مرفوع إلى النبي ص قال: جاء جبرئيل ع إلى النبي ص فقال يا رسول الله إن الله تبارك و تعالى أرسلني إليك بهدية لم يعطها أحدا قبلك قال رسول الله ص قلت و ما هي قال الصبر و أحسن منه قلت و ما هو قال الرضا
                        

معاني الأخبار، النص، ص: 261
و أحسن منه قلت و ما هو قال الزهد و أحسن منه قلت و ما هو قال الإخلاص و أحسن منه قلت و ما هو قال اليقين و أحسن منه قلت و ما هو يا جبرئيل قال إن مدرجة ذلك التوكل على الله عز و جل فقلت و ما التوكل على الله عز و جل فقال العلم بأن المخلوق لا يضر و لا ينفع و لا يعطي و لا يمنع و استعمال اليأس من الخلق فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله و لم يرج و لم يخف سوى الله و لم يطمع في أحد سوى الله فهذا هو التوكل قال قلت يا جبرئيل فما تفسير الصبر قال تصبر في الضراء كما تصبر في السراء و في الفاقة كما تصبر في الغناء و في البلاء كما تصبر في العافية فلا يشكو حاله عند المخلوق «1» بما يصيبه من البلاء قلت و ما تفسير القناعة قال يقنع بما يصيب من الدنيا يقنع بالقليل و يشكر اليسير قلت فما تفسير الرضا قال الراضي لا يسخط على سيده أصاب من الدنيا أو لم يصب و لا يرضى لنفسه باليسير من العمل قلت يا جبرئيل فما تفسير الزهد قال الزاهد يحب من يحب خالقه و يبغض من يبغض خالقه و يتحر «2» ج من حلال الدنيا و لا يلتفت إلى حرامها فإن حلالها حساب و حرامها عقاب «3» و يرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه و يتحرج من الكلام كما يتحرج من الميتة التي قد اشتد نتنها و يتحرج عن حطام الدنيا و زينتها كما يتجنب النار أن تغشاه و أن يقصر أمله و كان بين عينيه أجله قلت يا جبرئيل فما تفسير الإخلاص قال المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا حتى يجد و إذا وجد رضي و إذا بقي عنده شي‏ء أعطاه في الله فإن من لم يسأل المخلوق فقد أقر لله عز و جل بالعبودية و إذا وجد فرضي فهو عن الله راض و الله تبارك و تعالى عنه راض و إذا أعطى لله عز و جل فهو على حد الثقة بربه عز و جل قلت فما تفسير اليقين قال الموقن يعمل لله كأنه يراه فإن لم يكن يرى الله فإن الله يراه و أن يعلم يقينا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه و هذا كله أغصان التوكل و مدرجة الزهد.

       

 

                        

مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، النص، ص: 241
محاسن الأخلاق عن محمد بن خالد البرقي في حديث مرفوع إلى النبي ص قال: جاء جبرئيل إلى النبي فقال يا رسول الله إن الله أرسلني إليك بهدية لم يعطها أحدا قبلك قال رسول الله فقلت و ما هي قال الصبر و أحسن منه قلت و ما هو قال القناعة [و] أحسن منها قلت و ما هو قال الرضا و أحسن منه قلت و ما هو قال الزهد و أحسن منه قلت و ما هو قال الإخلاص و أحسن منه قلت و ما هو قال اليقين و أحسن منه قلت و ما هو قال يا رسول الله إن مدرجة ذلك كله التوكل على الله قلت يا جبرئيل و ما تفسير التوكل على الله- فقال العلم بأن المخلوق لا يضر و لا ينفع و لا يعطي و لا يمنع و استعمال اليأس من الخلق فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله و لم يرج و لم يخف سوى الله و لم يطمع في أحد سوى الله فهذا هو التوكل قال قلت يا جبرئيل ما تفسير الصبر قال يصبر على الضراء كما يصبر على السراء- و في الفاقة كما يصبر في الغنى و في البلاء كما يصبر في العافية و لا يشكو خالقه عند المخلوق بما يصيبه من البلاء قلت فما تفسير القناعة قال يقنع بما يصيب من الدنيا يقنع بالقليل و يشكر الكثير قلت فما تفسير الرضا قال الراضي لا يسخط على سيده أصاب من الدنيا أو لم يصب- و لا يرضى من نفسه باليسير من العمل قلت يا جبرئيل ما تفسير الزهد- فقال الزاهد يحب من يحب خالقه و يبغض من يبغض خالقه و يتحرج‏
                        

مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، النص، ص: 242
من حلال الدنيا و لا يلتفت إلى حرامها فإن حلالها حساب و حرامها عقاب و يرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه و يتحرج من كثرة الأكل- كما يتحرج من الميتة التي اشتد نتنها و يتحرج من حطام الدنيا و زينتها- كما يجتنب النار أن يغشاها و أن يقصر أمله و كأن بين عينيه أجله قلت يا جبرئيل فما تفسير الإخلاص قال المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا حتى يجد و إذا وجد رضي و إذا بقي عنده شي‏ء أعطاه في الله فإن من لم يسأل المخلوق فقد أقر الله بالعبودية و إذا وجد فرضي فهو عن الله راض- و الله تبارك و تعالى عنه راض و إذا أعطى لله فهو في حد الثقة بربه قلت فما تفسير اليقين قال الموقن يعمل لله كأنه يراه و إن لم يكن يرى الله فالله يراه و أن يعلم يقينا إن أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطأه لم يكن ليصيبه- و هذا كله أغصان التوكل و مدرجة الزهد

 

                        

مجموعة ورام، ج‏1، ص: 75

الفضل لو أن الدنيا بحذافيرها عرضت علي حلالا لا أحاسب عليها في الآخرة لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مرت به يخاف أن تصيب ثوبه.