بسم الله الرحمن الرحیم

الامام الکاظم علیه السلام

هم فاطمة و
الامام الکاظم علیه السلام

قضیه شقیق بلخی به نقل حاتم الاصم

شرح حال شقيق بن إبراهيم بن علي الأزدي البلخي(000 - 194 هـ = 000 - 810 م)
شرح حال حاتم بن عنوان الأصمّ(000 - 237 هـ = 000 - 851 م)




مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن ط الراية (2/ 166)
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
المحقق: مرزوق علي إبراهيم
تقديم: حماد بن محمد الأنصاري
الناشر: دار الراية

364- أخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: محمد بن عبد الملك والمبارك بن عبد الجبار، قالا: أنبأنا عبيد الله بن أحمد الصيرفي إذنا، قال: أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبد الله الشيباني، أن علي بن محمد بن الزبير البلخي حدثهم، قال: ثنا خشنام بن حاتم الأصم، قال: حدثني أبي، قال: قال لي شقيق بن إبراهيم البلخي: خرجت حاجا فنزلت القادسية، فبينما أنظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم، نظرت إلى فتى حسن الوجه، شديد السمرة، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل شملة، في رجليه نعلان وقد جلس منفردا، فقلت في نفسي: هذا من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس، والله لأمضين إليه ولأوبخنه. فدنوت منه، فلما رآني مقبلا، قال: يا شقيق: {اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم} ، ثم مضى، فقلت في نفسي: قد تكلم على ما في نفسي، وما هذا إلا عبد صالح، وغاب عن عيني، فلما نزلنا واقعته إذا به يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه وأستحله. فصبرت حتى جلس، وأقبلت نحوه، فقال: يا شقيق! اتل: {وإني لغفار لمن تاب وآمن} . ثم مضى، فقلت: إن هذا الفتى لمن الأبدال قد تكلم على سري مرتين، فلما نزلنا زبالا، إذا بالفتى قائم على البير وبيده ركوة يريد أن يستقي ماء، فسقطت الركوة من يده في البئر، فرأيته قد رمق السماء، وسمعته يقول: أنت ربي إذا ظمئت من الماء، وأنت قوتي إذا أردت الطعام، اللهم سيدي ما لي سواها، فلا تعدمنيها.
قال شقيق: فوالله، لقد رأيت البئر وقد ارتفع ماؤها، فمد يده فأخذ الركوة وملأها ماء وتوضأ، وصلى ركعات، ثم مال إلى كثيب رمل، فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة، ويحركه ويشرب، فأقبلت إليه وسلمت عليه، وقلت: أطعمني من فضل ما أنعم الله به عليك.
فقال: يا شقيق! لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة، فأحسن ظنك بربك. ثم ناولني الركوة فشربت منها، فإذا هو سويق وسكر، فوالله ما شربت قط ألذ منه، فشبعت منه ورويت، وأقمت أياما لا أشتهي طعاما، ثم لم أره حتى دخلنا مكة، فرأيته ليلة على جنب قبة الشراب في نصف الليل يصلي بخشوع وأنين وبكاء، فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل، فلما رأى الفجر، جلس في مصلاه يسبح الله، ثم قام فصلى الغداة وطاف بالبيت أسبوعا، وخرج فتبعته، فإذا له غاشية وموال، وهو على خلاف ما رأيته في الطريق، ودار به الناس من حوله يسلمون عليه.
فقلت لبعض من رأيته يقرب منه: من هذا الفتى؟ فقال: هذا موسى بن جعفر. فقلت: قد عجبت أن تكون هذه العجائب، إلا لمثل هذا السيد.




مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن ط دار الحديث (ص: 402)
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
قدم له وحققه وفهرسه: د/ مصطفى محمد حسين الذهبي
الناشر: دار الحديث، القاهرة

أخبرنا محمد بن أبي منصور، أنبأنا محمد بن عبد الملك، والمبارك بن عبد الجبار، قالا: أنبأنا عبيد الله بن أحمد الصيرفي، أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبد الله الشيباني، أن علي بن محمد بن الزبير البلخي حدثهم، حدثنا خشنام بن حاتم الأصم، حدثني أبي، قال: قال لي شقيق بن إبراهيم البلخي: خرجت حاجا....



طبقات الصوفية للسلمي ويليه ذكر النسوة المتعبدات الصوفيات (ص: 86)
محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن خالد بن سالم النيسابوري، أبو عبد الرحمن السلمي (المتوفى: 412هـ)
11 - ومنهم حاتم الأصم وهو حاتم بن عنوان ويقال حاتم بن يوسف ويقال حاتم بن عنوان بن يوسف الأصم كنيته أبو عبد الرحمن
وهو من قدماء مشايخ خراسان من أهل بلخ صحب شقيق بن إبراهيم وكان أستاذ أحمد بن خضرويه وهو مولى للمثنى بن يحيى المحاربي ول ابن يقال له خشنام بن حاتم




شذرات الذهب في أخبار من ذهب (3/ 168)
قال أبو عبد الرحمن السّلمي في «طبقاته» [3] : حاتم الأصم البلخي [4] .
وهو حاتم بن عنوان، ويقال: حاتم بن يوسف، كنيته أبو عبد الرّحمن، وهو من قدماء مشايخ خراسان، ومن أهل بلخ [1] ، صحب شقيق بن إبراهيم، وكان أستاذ أحمد بن حضرويه، وهو مولى للمثنّى بن يحيى المحاربي [2] وله ابن يقال له: خشنام بن حاتم.



مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (8/ 62)
المؤلف: أحمد بن يحيى بن فضل الله القرشي العدوي العمري، شهاب الدين (المتوفى: 749هـ)
14- أبو عبد الرّحمن حاتم بن عنوان الأصم «13»
ويقال: حاتم بن يوسف.
ويقال: حاتم بن عنوان بن يوسف [الأصم] . «1»
صاحب مقالات، وساحب ذيل في مقامات، وكان لأغطية الصدور كاشفا، ولتجلية البدور كاسفا، رفع له الحجاب، وصدع به الدجى فانجاب، وطالما غفر الزلل، وظفر بما لم يزل.
حكي أنه ستر، فستر الله عليه، وتصامم فسرّ الله مسمعيه، وكان له جميل صنع لم يزل إليه مصروفا، ومنع كان لا يراه من أنكره إلا معروفا، مع جود أضفى ذيله وأطاله.
وكان من قدماء مشايخ خراسان، من أهل بلخ.
صحب شقيق بن إبراهيم البلخي، وكان أستاذ أحمد بن خضرويه، وهو مولى للمثنى بن يحي المحاربي «2» ، وله ابن يقال له:" خشنام بن حاتم".
قيل: إنه لم يكن أصمّ، وإنما تصامم مرة؛ فسمي به.
جاءته امرأة تسأله عن مسألة، فاتّفق أن خرج منها في تلك الحالة صوت، فخجلت، فقال حاتم: ارفعي صوتك!، فأرى من نفسه أنه أصم!، فسرّت المرأة من ذلك وقالت في نفسها: إنه لم يسمع الصوت، فغلب عليه اسم الأصم. «3»







مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، ص: 290
نويسنده: محمد بن طلحه شافعى -- تاريخ وفات مؤلف: 652 ه ق
ابن طلحه، ابو سالم كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن حسن عدوى قرشى شافعى( 582- 652 ق) شاعر، قاضى و فقيه شافعى. وى در يكى از روستاهاى نصيبين زاده شد. براى كسب دانش به

مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، ص: 290
و قال هشام بن حاتم الاصم: قال لي أبي حاتم: قال لي شقيق البلخي (رضي اللّه عنهم): خرجت حاجا في سنة تسع و أربعين و مائة فنزلت القادسية فبينا أنا أنظر إلى الناس في زينتهم و كثرتهم فنظرت إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة، في رجليه نعلان و قد جلس منفردا، فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلّا على الناس في طريقهم، و اللّه لأمضين إليه و لأوبخنّه، فدنوت منه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم، ثم تركني و مضى.
فقلت في نفسي: إن هذا لأمر عظيم قد تكلم بما في نفسي و نطق باسمي، و ما هذا إلا عبد صالح، لألحقنه و لأسألنه أن يحالني، فأسرعت في أثره فلم ألحقه و غاب عن عيني، فإذا نزلنا واقصة إذا به يصلي و أعضاؤه تضطرب و دموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه و استحله، فصبرت حتى جلس و أقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال لي: يا شقيق اتل: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏
ثم تركني و مضى.
فقلت إن هذا الفتى من الابدال قد تكلم على سري مرتين، فلما نزلنا زبالة إذا بالفتى قائم على البئر و بيده ركوة يريد أن يستقي ماء فسقطت الركوة من يده في البئر، و أنا أنظر إليه فرأيته قد رمق السماء و سمعته يقول:
أنت ريي إذا ظمئت إلى الماء و قوتي إذا أردت الطعاما
اللهم سيدي مالي سواها فلا تحرمنيها. قال شقيق: فو اللّه لقد رأيت البئر و قد ارتفع ماؤها فمد يده فأخذ الركوة و ملأها ماء، فتوضأ و صلّى أربع ركعات، ثم مال إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده و يطرحه في الركوة و يحركه و يشرب، فأقبلت إليه و سلمت عليه فرد عليّ السلام، فقلت:
أطعمني من فضل ما أنعم اللّه به عليك، فقال: يا شقيق لم تزل نعمه علينا ظاهرة و باطنة فأحسن ظنك بربك، ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سويق و سكر، فو اللّه ما شربت ألذ منه و لا أطيب ريحا فشبعت و رويت، و أقمت أياما لا اشتهي طعاما و لا شرابا. ثم لم أره حتى دخلنا مكة، فرأيته ليلة إلى جنب قبة الشراب في نصف الليل قائما يصلي بخشوع و أنين و بكاء، فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل فلما رأى الفجر جلس في مصلّاه يسبح، ثم قام فصلّى الغداة و طاف بالبيت أسبوعا و خرج، فتبعته و إذا له غاشية و موال و هو على خلاف ما رأيته في الطريق و دار به الناس من حوله يسلمون عليه، فقلت لبعض من رأيته يقرب منه:
من هذا الفتى؟ فقال: هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقلت قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد.
و لقد نظم بعض المتقدمين واقعة شقيق معه في أبيات طويلة اقتصرت على ذكر بعضها فقال:
سل شقيق البخلي عنه و ما شاهد منه و ما الذي كان أبصر
قال لما حججت عاينت شخصا شاحب اللون ناحل الجسم اسمر
سائرا وحده و ليس له زاد فما زلت دائما اتفكر
و توهمت أنه يسأل الناس و لم أدر أنه الحج الأكبر
ثم عاينته و نحن نزول دون فيد على الكثيب الاحمر
يضع الرمل في الإناء و يشربه فناديته و عقلي محير
اسقني شربة، فناولني منه فعاينته سويقا و سكر
فسألت الحجيج من يك هذا قيل هذا الإمام موسى بن جعفر
فهذه الكرامات العالية الأقدار، الخارقة العوائد، هي على التحقق جلية المناقب و زينة المزايا و غرر الصفات، و لا يؤتاها إلا من فاضت عليه العناية الربانية و أنوار التأييد و مرت له أخلاف التوفيق و أزلفته من مقام التقديس و التطهير وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ‏
.
و لقد قرع سمعي ذكر واقعة عظيمة ذكرها بعض صدور العراق أثبتت لموسى (عليه السلام) أشرف منقبة، و شهدت له بعلو مقامه عند اللّه (تعالى) و زلفى منزلته لديه و ظهرت بها كرامته بعد وفاته. و لا شك أن ظهور الكرامة بعد الموت أكبر دلالة منها حال الحياة، و هي: أن من عظماء الخلفاء مجدهم اللّه (تعالى) من كان له نائب كبير الشأن في الدنيا من مماليكه الأعيان في ولاية عامة طال....






صفة الصفوة (1/ 399)
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
191- موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي أبو الحسن الهاشمي عليهم السلام.
كان يدعى العبد الصالح لأجل عبادته واجتهاده وقيامه بالليل وكان كريما حليما إذا بلغه عن رجل انه يؤذيه بعث إليه بمال.
عن الفضل بن الربيع عن أبيه انه لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى المهدي في النوم علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يقول يا محمد: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] .
قال الربيع فأرسل إلي ليلا فراعني ذلك فجئته فإذا هو يقرأ هذه الآية وكان أحسن الناس صوتا فقال علي بموسى بن جعفر فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جانبه وقال يا أبا الحسن رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم يقرأ علي كذا فتؤمنني إن تخرج علي أو على أحد من ولدي فقال والله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني قال صدقت يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار ورده إلى أهله إلى المدينة.
قال الربيع فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلا وهو في الطريق خوف العوائق.
وعن شقيق بن إبراهيم البلخي قال خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومائتين فنزلت القادسية فبينا أنا انظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم فنظرت إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة يعلو فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفردا فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم والله لأمضين إليه ولأوبخنه فدنوت منه فلما راني مقبلا قال يا شقيق: {اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12] ثم تركني ومضى فقلت في نفسي إن هذا لأمر عظيم قد تكلم على ما في نفسي ونطق باسمي وما هذا إلا عبد صالح لألحقنه ولأسلنه أن يحالني فأسرعت في إثره فلم ألحقه وغاب عن عيني فلما نزلنا واقصة إذا به يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري فقلت هذا صاحب امضي إليه واستحله فصبرت حتى جلس وأقبلت نحوه فلما راني مقبلا قال يا شقيق اتل: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] ثم تركني ومضى فقلت إن هذا الفتى لمن الإبدال وقد تكلم على سري مرتين فلما نزلنا رمالا إذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يريد أن يستقي ماء فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا انظر إليه ف رأيت قد رمق السماء وسمعته يقول:
أنت ربي إذا ظمئت من الما ... ء وقوتي إذا أردت الطعام
اللهم سيدي مالي سواها فلا تعدمنيها قال شقيق فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع ماؤها فمد يده فاخذ الركوة وملاها ماء وتوضأ وصلى أربع ركعات ثم مال إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحركه ويشرب فأقبلت إليه وسلمت عليه فرد علي السلام فقلت أطعمني من فضل ما أنعم الله به عليك. فقال يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فأحسن ظنك بربك ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا سويق وسكر فوالله ما شربت قط ألذ منه ولا أطيب ريحا منه فشبعت ورويت فاقمت أياما لا اشتهي طعاما ولا شرابا ثم لم أره حتى دخلنا مكة فرايته ليلة إلى جنب قبة الشراب في نصف الليل يصلي بخشوع وانين وبكاء فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل فلما رأى الفجر جلس في مصلاه يسبح الله ثم قام فصلى الغداة وطاف بالبيت أسبوعا وخرج فتبعته فإذا له حاشية وموال وهو على خلاف ما رايته في الطريق ودار به الناس من حوله يسلمون عليه فقلت لبعض من رايته يقرب منه من هذا الفتى فقال هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فقلت قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد.
وعن احمد بن إسماعيل قال بعث موسى ين جعفر إلى الرشيد من الحبس رسالة كانت انه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء حتى نفضي جميعا إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.
ولد موسى بن جعفر عليه السلام بالمدينة في سنة ثمان وعشرين وقيل تسع وعشرين ومائة وأقدمه المهدي بغداد ثم رده إلى المدينة فأقام بها إلى أيام الرشيد فقدم الرشيد المدينة فحمله معه وحبسه بغداد إلى أن توفي بها لخمس بقين من رجب في سنة ثلاث وثمانين ومائة.
آخر المصطفين من المدنيين المعروفين.
__________
191- هو: موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبو الحسن الهاشمي المعروف بالكاظم صدوق عابد من السابقة.




مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (13/ 54)
المؤلف: شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قِزْأُوغلي بن عبد الله المعروف بـ «سبط ابن الجوزي» (581 - 654 هـ)
موسى بنُ جعفر (1)
ابن محمَّد بن عليِّ بن الحسينِ بن علي عليه السَّلام، أبو الحسن، ويلقَّب بالكاظم، والطيِّب، والمأمون، ويُدعى بالعبد الصالح؛ لعبادته واجتهادِه، وأَشهرُ ألقابِه الكاظم؛ لأنَّه كان حليمًا. وأمُّه أمُّ ولدٍ أندلسية، وقيل: بربرية، واسمُها حميدة.
وُلد بالمدينة سنةَ ثمانٍ أو تسعٍ وعشرين ومئة، وهو من الطبقة السابعةِ من أهل المدينة.
وكان سيِّدًا عَالمًا فاضلًا، مجابَ الدَّعوة، جوادًا، إذا بلغه عن أحدٍ أنَّه يؤذيه بعث إليه بمال، بلغه عن رجلٍ كلامٌ يؤذيه، فبعث إليه بألف دينار. وأَهدى له بعضُ العبيد عَصِيدة (2)، فاشترى الضَّيعة التي فيها ذلك العبدُ والعبدَ بألف دينار، وأَعتقه ووهبها له. وكان كثيرَ العبادة والتهجُّد.
وقال شَقيقٌ البَلْخي: خرجت حاجًّا في سنة تسعٍ وأربعين ومئة، فنزلتُ القادسية، فبينا أنا أَنظر إلى النَّاسِ في زينتهم وكثرتِهم، إذ نظرتُ إلى فتًى حسن الوجه، شديدِ السُّمْرَة، فوق ثيابه ثوبٌ من صوف، مُشتَمِلٍ بشَمْلَة، في رجليه نعلان، وقد جلس منفردًا، فقلتُ في نفسي: هذا الفتى من الصُّوفية يريد أن يكون كَلًّا على الناس في طريقهم، والله لأَمضينَّ إليه ولأُوبِّخنَّه، فدنوتُ منه، فلمَّا رآني مُقبلًا قال: يا شقيق {يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} [البقرة: 235] و {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} الآية [الحجرات: 12]، ثم تركني ومضى.
فقلتُ في نفسي: قد تكلَّم على ما في نفسي ونطق باسمي، وما هذا إلَّا عبدٌ صالح، لأَلحقنَّه ولأَسألنَّه أن يحالَّني، فأسرعتُ في طلبه، فلم أره، وغاب عن عيني، فلمَّا نزلنا واقِصة (1)، إذا به قائمٌ يصلِّي وأعضاؤه تضطرب ودموعُه تجري، فقلت: هذا صاحبي أَمضي إليه وأَستحلُّه، فصبرتُ حتَّى جلس، وأقبلتُ نحوه، فلمَّا رآني مقبلًا قال: يا شقيق، اُتل: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)} [طه: 82] ثم تركني ومضى. فقلت: إنَّ هذا الفتى لَمن الأَبدال، فقد تكلَّم على سرِّي مرتين.
فلمَّا نزلنا زُبَالة، إذا بالفتى قائمٌ على البئر وبيده رَكْوَةٌ يريد أن يستقيَ ماء، فسقطت الرَّكوةُ من يده في البئر وأنا أَنظر إليه، فرأيتُه قد رَمَقَ إلى السَّماء وقال: [من الخفيف]
أنت رَبِّي إذا ظَمِئتُ من الما ... ءِ وقوتي إذا أردتُ الطَّعاما (2)
اللَّهمَّ سيِّديَ ما لي سوها، فلا تَعْدِمْنيها.
قال شقيق: فواللهِ لقد رأيتُ ماءَ البئرِ وقد ارتفع، فمدَّ يَده فأخذ الرَّكوة فملأها ماء، وتوضَّأ وصلَّى أربعَ ركعات، ثم مال إلى كَثيبٍ من الرَّمل، فجعل يقبض بيده ويطرحه في الرَّكوة ويحرِّكه ويشوب، فأَقبلت إليه وسلَّمت عليه (3)، فردَّ السَّلام، فقلت: أَطعمني من فضل ما أنعم اللهُ به عليك، فقال: يا شقيق، لم تزل نعمةُ اللهِ علينا ظاهرةً وباطنة، فأَحسِن ظنَّك بربِّك.
ثم ناولني الرَّكوة، فشربتُ منها، فإذا سَويقٌ وسُكَّر، فواللهِ ما شربت قطُّ ألذ منه ولا أطيبَ ريحًا، فشبعتُ ورَويت، وأَقمت أيَّامًا لا أشتهي الطعامَ والشراب. ثم لم أره حتَّى دخلنا مكَّة، فرأيتُه ليلة إلى جنب قُبَّة الشرابِ نصفَ الليل يصلِّي بخشوع وأنينٍ وبكاء، فلم يزل كذلك حتَّى ذهب الليلُ وطلع الفجر، فجلس في مصلَّاه يسبِّح الله، ثم قام فصلَّى الغَداة، وطاف بالبيت أُسبوعًا (1) وخرج، فتبعتُه، وإذا حاشيةٌ ومَوَالٍ، وهو على خلاف ما رأيتُه في الطَّريق، ودار به النَّاسُ من حوله يسلِّمون عليه، فقلتُ لبعض مَن رأيته تقرَّب منه: مَن هذا الفتى؟ قال: موسى بنُ جعفرِ بن محمَّد بن عليِّ بن الحسين بن علي عليه السَّلام، فقلت: قد عجبتُ أن تكونَ هذه العجائبُ إلَّا لمثل هذا السيِّد.
وقال عبدُ الرَّحمن بنُ صالح الأَزْدي: حجَّ هارون، فأتى قبرَ النبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - زائرًا له وحوله قريشٌ وأفياءُ القبائلِ وموسى بنُ جعفر، فلمَّا انتهى إلى القبر، قال هارون: السلامُ عليك يا رسولَ اللهِ يا ابنَ العمّ. افتخارًا على مَن حوله، فدنا موسى من القبرِ وقال: السلامُ عليك يا أَبَة، فتغيَّر وجهُ هارونَ وقال له: هذا هو الفخرُ يا أبا الحسنِ حقًّا. ثم اعتمر هارونُ في رمضانَ سنة تسعٍ وسبعين ومئة، وحمل موسى معه إلى بغداد، فحبسه بها، فتوفِّي في هذه السَّنة (2).
وقال الزَّمخشري: كان هارونُ يقول لموسى: خذ فَدَكًا. وهو يمتنع عليه، فلمَّا كثَّر عليه قال: ما آخُذها إلَّا بحدودها، قال: وما حدودُها؟ قال: الحدُّ الأوَّل من فَدَك إلى عَدَن، فتغيَّر وجهُ هارون، قال: والحدُّ الثَّاني؟ قال: سَمَرْقَنْد، فاربدَّ وجهُ هارون، قال: والحدُّ الثالث؟ قال: إِفريقية، فاسودَّ وجهُ هارون، قال: والحدُّ الرابع؟ قال: سِيفُ البحرِ ممَّا يلي الخَزَرَ وإرمينيةَ والشام، قال هارون: فتحوَّلْ إلى مجلسي فلم يبقَ لنا شيء، فقال موسى: قد أَعلمتك بحدودها، فحينئذٍ أخذه وحبسه.
ولمَّا طال حبسُه كتب إلى هارون: إنَّه لن ينقضيَ عني يومٌ من البلاء إلَّا انقضى عنك معه يومٌ من الرَّخاء، حتى نُفضيَ جميعًا إلى يومٍ ليس له انقضاءٌ يخسر فيه المبطلون (3).
ذِكر وفاته:
توفِّي لخمسٍ بقين من رجب سنةَ ثلاثٍ وثمانين بالحبس ببغداد، ودُفن بمقابر قريش، وقبرُه ظاهرٌ يزار، وأهلُ العراق يسمُّون قبرَه بابَ الحوائجِ إلى الله تعالى.
وقال الحسنُ بن إبراهيم: ما أهمَّني أمرٌ فقصدت قبرَ موسى بنِ جعفرٍ فتوسَّلت به، إلَّا سهَّل اللهُ لي ما أُحبّ.
وقيل: مات سنةَ ثمانٍ وثمانين ومئة. والأوَّل أشهر.
ذِكر أولادِه:
كان له أربعونَ ولدًا (1) ما بين ذكرٍ وأنثى: عليُّ بن موسى الرِّضا، والنَّسل له، وزيد، وهو الخارجُ على المأمون، فعفا عنه، وإِبراهيم، وعقيل، وهارون، والحسن، والحسين، وعبدُ الله، وعُبيد الله، وإِسماعيل، وأحمد، وعُمر، وجعفر، ويحيى، وإِسحاق، والعبَّاس، وحمزة، وعبد الرَّحمن، والقاسم، وجعفر الأَصغر، ومحمَّد. ومن البنات: خديجة، وأمُّ فَروة، وأَسماء، وعُلَيّة، والفواطمُ أربع، وأمّ كلثوم، وآمنة، وزينب: كُبرى وصُغرى، وأمُّ عبد الله، وأمُّ القاسم، وحليمة، وأسماءُ الصُّغرى، ومحمودة، وأُمامة. والكلُّ -الذكورُ والإِناث- لأمَّهات أولادٍ شتَّى.
مات وسنُّه سبعٌ وخمسون سنة، وقيل: ستُّون، وقيل: إحدى وستُّون سنة، وقيل: ثلاثٌ وخمسون سنة (2).
أسند الحديثَ عن أبيه وجدِّه (3) عن آبائه الطَّاهرين - رضي الله عنهم - أجمعين.
__________
(1) تاريخ بغداد 15/ 14، والمنتظم 9/ 87، وصفة الصفوة 2/ 184، وتهذيب الكمال 29/ 43، والسير 6/ 270، وتاريخ الإسلام 4/ 984.
(2) دقيق يضاف إليه ماء يطبخ به، ثم يضاف إليه سمن ولبن محلى بالسكر أو العسل.





تذكرة الخواص، ص: 312
فصل في ذكر ولده موسى ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)؛ و يلقب (بالكاظم) و المأمون، و الطيب و السيد، و كنيته أبو الحسن و يدعى بالعبد الصالح لعبادته و اجتهاده و قيامه بالليل؛ و أمه أم ولد أندلسية؛ و قيل بربرية اسمها حميدة.
و كان موسى جوادا حليما و انما سمي الكاظم لأنه كان اذا بلغه عن أحد شي‏ء بعث اليه بمال، و مولده بالمدينة سنة ثمان و عشرين و مائة؛ و قيل سنة تسع و عشرين و مائة، و هو من الطبقة السابعة من أهل المدينة من التابعين.
أخبرنا أبو محمد البزاز أنبأنا أبو الفضل بن ناصر أنبأنا محمد بن عبد الملك و المبارك ابن عبد الجبار الصيرفي قالا أنبأنا عبد اللّه بن احمد بن عثمان أنبأنا محمد بن عبد الرحمان الشيباني ان علي بن محمد بن الزبير البجلي حدثهم قال حدثنا هشام بن حاتم الاصم عن ابيه قال حدثني شقيق البلخي قال خرجت حاجا في سنة تسع و اربعين و مائة فنزلت القادسية و اذا بشاب حسن الوجه شديد السمرة عليه ثوب صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان و قد جلس منفردا عن الناس فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد ان يكون كلا على الناس و اللّه لأمضين اليه و لأوبخنه فدنوت منه فلما رآني مقبلا قال يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن الآية فقلت في نفسي هذا عبد صالح قد نطق على ما في خاطري لا لحقنه و لا سألنه ان يحالني فغاب عن عيني فلما نزلنا واقصة اذا به يصلي و اعضاؤه تضطرب و دموعه تتحادر فقلت أمضي اليه و اعتذر فاوجز في صلاته و قال يا شقيق (و اني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى) فقلت هذا من الابدال قد تكلم على سري مرتين فلما نزلنا زبالا اذا به قائم على البئر و بيده ركوة يريد ان يستقي الماء فسقطت الركوة في البئر فرفع طرفه الى السماء و قال:
أنت ربي اذا ظمئت الى الماء و قوتي اذا أردت الطعاما
يا سيدي مالي سواها

قال فواللّه لقد رأيت البئر قد ارتفع ماؤها فاخذ الركوة و ملأها و توصأ و صلى أربع ركعات ثم مال الى كثيب رمل هناك فجعل يقبض بيده و يطرحه في الركوة و يشرب فقلت اطعمني من فضل ما رزقك اللّه و ما انعم اللّه عليك؛ فقال يا شقيق لم تزل نعم اللّه علينا ظاهرة و باطنة فاحسن ظنك بربك ثم ناولني الركوة فشربت منها فاذا سويق و سكر ما شربت و اللّه ألذ منه و لا أطيب ريحا فشبعت و رويت و أقمت أياما لا اشتهي طعاما و لا شرابا ثم لم أره حتى دخلت مكة فرأيته ليلة الى جانب قبة الشراب نصف الليل يصلي بخشوع و انين و بكاء فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل فلما طلع الفجر جلس في مصلاه يسبح ثم قام الى صلاة الفجر و طاف بالبيت اسبوعا و خرج فتبعته و اذا له غاشية و اموال و غلمان و هو على خلاف ما رأيته في الطريق و دار به الناس يسلمون عليه و يتبركون به فقلت لبعضهم من هذا فقال موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) فقلت قد عجبت ان تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد.
قال أهل السير: كان مقام موسى بالمدينة لأنه ولد بها فاقدمه محمد المهدي بغداد فحبسه بها ثم رده الى المدينة لمنام رآه






كشف الغمة في معرفة الأئمة (ط - القديمة)، ج‏2، ص: 213
و قال خشنام بن حاتم الأصم قال قال لي أبو حاتم قال قال لي شقيق البلخي رضي الله عنهم خرجت حاجا في سنة تسع و أربعين و مائة فنزلنا القادسية فبينا أنا أنظر إلى الناس في زينتهم و كثرتهم فنظرت إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان و قد جلس منفردا فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم و الله لأمضين إليه و لأوبخنه فدنوت منه فلما رآني مقبلا قال يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ثم تركني و مضى فقلت في نفسي إن هذا الأمر عظيم قد تكلم بما في نفسي و نطق بإثمي و ما هذا إلا عبد صالح لألحقنه و لأسألنه أن يحالني فأسرعت في أثره فلم ألحقه و غاب عن عيني فلما نزلنا واقصة و إذا به يصلي و أعضاؤه تضطرب و دموعه تجري فقلت هذا صاحبي أمضي إليه و أستحله فصبرت حتى جلس و أقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال يا شقيق اتل و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى ثم تركني و مضى فقلت إن هذا الفتى لمن الأبدال لقد تكلم على سري مرتين‏ فلما نزلنا زبالة إذا بالفتى قائم على البئر و بيده ركوة يريد أن يستقي ماء فسقطت الركوة من يده في البئر و أنا أنظر إليه فرأيته و قد رمق السماء و سمعته يقول‏
أنت ريي إذا ظمئت إلى الماء و قوتي إذا أردت الطعاما
اللهم سيدي ما لي غيرها فلا تعدمنيها قال شقيق فو الله لقد رأيت البئر و قد ارتفع ماؤها فمد يده و أخذ الركوة و ملأها ماء فتوضأ و صلى أربع ركعات ثم مال إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده و يطرحه في الركوة و يحركه و يشرب فأقبلت إليه و سلمت عليه فرد علي السلام فقلت أطعمني من فضل ما أنعم الله عليك فقال يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة و باطنة فأحسن ظنك بربك ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سويق و سكر فو الله ما شربت قط ألذ منه و لا أطيب ريحا فشبعت و رويت و بقيت أياما لا أشتهي طعاما و لا شرابا ثم إني لم أره حتى دخلنا مكة فرأيته ليلة إلى جنب قبة الشراب في نفس الليل قائما يصلي بخشوع و أنين و بكاء فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل فلما رأى الفجر جلس في مصلاه يسبح ثم قام فصلى الغداة و طاف بالبيت أسبوعا فخرج فتبعته و إذا له غاشية و موال «1» و هو على خلاف ما رأيته في الطريق و دار به الناس من حوله يسلمون عليه فقلت لبعض من رأيته يقرب منه من هذا الفتى فقال هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع فقلت قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد.
و لقد نظم بعض المتقدمين واقعة شقيق معه في أبيات طويلة اقتصرت على ذكر بعضها فقال‏
سل شقيق البلخي عنه و ما عاين منه و ما الذي كان أبصر
قال لما حججت عاينت شخصا شاحب اللون ناحل الجسم أسمر «2»
سائرا وحده و ليس له زاد فما زلت دائما أتفكر
و توهمت أنه يسأل الناس و لم أدر أنه الحج الأكبر
ثم عاينته و نحن نزول دون فيد على الكثيب الأحمر «1»
يضع الرمل في الإناء و يشربه فناديته و عقلي محير
اسقني شربة فناولني منه فعاينته سويقا و سكر
فسألت الحجيج من يك هذا قيل هذا الإمام موسى بن جعفر
.
فهذه الكرامات العالية المقدار الخارقة للعوائد هي على التحقيق حلية المناقب و زينة المزايا و غرر الصفات و لا يؤتاها إلا من أفاضت عليه العناية الربانية أنوار التأييد و مرت له أخلاق التوفيق و أزلفته من مقام التقديس و التطهير و ما يلقاها إلا الذين صبروا و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم.
و لقد قرع سمعي ذكر واقعة عظيمة ذكرها بعض صدور العراق أثبتت لموسى ع أشرف منقبته و شهدت له بعلو مقامه عند الله تعالى و زلفى منزلته لديه و ظهرت بها كراماته بعد وفاته و لا شك أن ظهور الكرامة بعد الموت أكثر منها دلالة حال الحياة.







بحار الأنوار (ط - بيروت) ج‏48 83 باب 4 معجزاته و استجابة دعواته و معالي أموره و غرائب شأنه صلوات الله عليه ..... ص : 29
(2) جامع كرامات الأولياء ج 2 ص 229، و أخرج قصة شقيق البلخي مع الامام موسى «ع» غير من ذكر في المتن جمع كثير من الفريقين منهم الفرغولى في جوهرة الكلام ص 140 و الاسحاقى في أخبار الدول و البدخشى في مفتاح النجا في مناقب آل العباء «مخطوط» و الشبلنجى في نور الابصار ص 135 كما وردت في مختار صفة الصفوة ص 153 و هؤلاء من اعلام العامة، و أما الخاصة فهم كثير.






إثبات الهداة بالنصوص و المعجزات، ج‏4، ص: 263
الفصل الثاني عشر
95- و روى علي بن عيسى الإربلي في كتاب كشف الغمة نقلا من كتاب مطالب السئول لابن طلحة الشافعي، و رأيته أيضا أنا في كتاب ابن طلحة، و حكى علي بن عيسى بعد نقله: أن جماعة من أرباب التأليف و المحدثين ذكروه منهم الشيخ ابن الجوزي في كتابيه إثارة العزم الساكن إلى أشرف الأماكن و كتاب صفة الصفوة، قال: و ذكره الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي، قال: و حكى لي بعض الأصحاب أن القاضي ابن خلاد الرامهزي ذكره في كتابه كرامات الأولياء

و صورة الحديث في كتاب ابن طلحة قال خشنام بن حاتم الأصم قال أبي: قال لي شقيق البلخي خرجت حاجا في سنة تسع و أربعين و مائة فنزلت القادسية فبينا أنا أنظر إلى الناس في زينتهم و كثرتهم فنظرت إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان، و قد جلس منفردا، فقلت في نفسي: هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم، و الله لأمضين إليه و لأوبخنه، فدنوت منه فلما رآني مقبلا، قال: يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ثم تركني و مضى، فقلت في نفسي: إن هذا الأمر عظيم قد تكلم بما في نفسي، و نطق باسمي! و ما هذا إلا عبد صالح، لألحقنه و لأسألنه أن يحللني، فأسرعت في أثره فلم ألحقه و غاب عن عيني، فلما نزلنا واقصة فإذا به يصلي و أعضاؤه تضطرب، و دموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه و أستحله فصبرت حتى جلس و أقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق اتل و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى ثم تركني و مضى فقلت: إن هذا الفتى لمن الأبدال! لقد تكلم على سري مرتين فلما نزلنا زبالة إذا بالفتى قائم على البئر، و بيده ركوة يريد أن يستقي ماء فسقطت الركوة من يده في البئر، و أنا أنظر إليه فرأيته و قد رمق السماء و سمعته يقول:
أنت ريي إذا ظمئت إلى الماء و قوتي إذا أردت الطعاما
اللهم سيدي ما لي غيرها فلا تعدمنيها، قال شقيق: فو الله لقد رأيت البئر و قد ارتفع ماؤها فمد يده و أخذ الركوة و ملأها ماء فتوضأ و صلى أربع ركعات ثم مال إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده و يطرحه في الركوة و يحركه و يشرب فأقبلت إليه و سلمت عليه فرد علي السلام، فقلت: أطعمني من فضل ما أنعم الله عليك، فقال:
يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة و باطنة فأحسن ظنك بربك، ثم ناولني الركوة فشربت منها، فإذا هو سويق و سكر، فو الله ما شربت قط ألذ منه، و لا أطيب ريحا، فشبعت و رويت و بقيت أياما لا أشتهي طعاما و لا شرابا، ثم لم أره حتى دخلنا مكة فرأيته ليلة إلى أن قال: فقلت لبعض من رأيته يقرب منه: من هذا الفتى؟ فقال: هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فقلت: قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد،

و لقد نظم بعض المتقدمين واقعة شقيق معه في أبيات طويلة اقتصرت على ذكر بعضها فقال:
1- سل شقيق البلخي عنه و ما عاين منه و ما الذي كان أبصر
2- قال: لما حججت عاينت شخصا شاحب اللون ناحل الجسم أسمر
3- سائرا وحده و ليس له زاد فما زلت دائما أتفكر
4- و توهمت أنه يسأل الناس و لم أدر أنه الحج الأكبر
5- ثم عاينته و نحن نزول دون فيد على الكثيب الأحمر
6- يضع الرمل في الإناء و يشرب ه فناديته و عقلي محير
7- اسقني شربة فناولني منه فعاينته سويقا و سكر
8- فسألت الحجيج من يك هذا؟ قيل: هذا الإمام موسى بن جعفر «1»

و رواه العلامة في منهاج الكرامة، قال: روى ابن الجوزي من الحنابلة عن شقيق البلخي و ذكر نحوه.
و رواه صاحب مناقب فاطمة و ولدها بإسناده و رواه علي بن محمد المالكي في كتاب الفصول المهمة قال: و رواه ابن الجوزي في كتابه معالم العترة النبوية و رواه الرامهزي في كتاب كرامات الأولياء «انتهى».
و روى المالكي أيضا جملة من المعجزات السابقة.