بسم الله الرحمن الرحیم
السبط الشهیدعلیه السلام
السیرة-تاریخ الولادة الی الشهادة
السبط الشهیدعلیه السلام
السیرة-تاریخ الولادة الی الشهادة
الأعلام للزركلي (2/ 243)
الحُسَين السِّبْط
(4 - 61 هـ = 625 - 680 م)
الحسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي القرشي العدناني، أبو عبد الله: السبط الشهيد، ابن فاطمة الزهراء، وفي الحديث: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. ولد في المدينة، ونشأ في بيت النبوة، وإليه نسبة كثير من الحسينيين. وهو الّذي تأصلت العداوة بسببه بين بني هاشم وبني أمية حتى ذهبت بعرش الأمويين. وذلك أن معاوية ابن أبي سفيان لما مات، وخلفه ابنه يزيد، تخلف الحسين عن مبايعته، ورحل إلى مكة في جماعة من أصحابه، فأقام فيها أشهرا، ودعاه إلى الكوفة أشياعه (وأشياع أبيه وأخيه من قبله) فيها، على أن يبايعوه بالخلافة، وكتبوا إليه أنهم في جيش متهيئ للوثوب على الأمويين. فأجابهم، وخرج من مكة مع مواليه ونسائه وذراريه ونحو الثمانين من رجاله. وعلم يزيد بسفره فوجه إليه جيشا اعترضه في كربلاء (بالعراق - قرب الكوفة) فنشب قتال عنيف أصيب الحسين فيه بجراح شديدة، وسقط عن فرسه، فقتله سنان بن أنس النخعي (وقيل الشمر بن ذي الجوشن) وأرسل رأسه ونساؤه وأطفاله إلى دمشق (عاصمة الأمويين) فتظاهر يزيد بالحزن عليه. واختلفوا في الموضع الّذي دفن فيه الرأس فقيل في دمشق، وقيل في كربلاء، مع الجثة، وقيل في مكان آخر، فتعددت المراقد، وتعذرت معرفة مدفنه. وكان مقتله (رض) يوم الجمعة عاشر المحرم، وقد ظل هذا اليوم يوم حزن وكآبة عند جميع المسلمين ولا سيما الشيعة. وللفيلسوف الألماني (ماربين) كتاب سماه (السياسة الإسلامية) أفاض فيه بوصف استشهاد الحسين، وعدّ مسيره إلى الكوفة بنسائه وأطفاله سيرا إلى الموت، ليكون مقتله ذكرى دموية لشيعته، ينتقمون بها من بني أمية، وقال: لم يذكر لنا التاريخ رجلا ألقى بنفسه وأبنائه وأحب الناس إليه في مهاوي الهلاك إحياءاً لدولة سلبت منه، إلا الحسين، ذلك الرجل الكبير الّذي عرف كيف يزلزل ملك الأمويين الواسع ويقلقل أركان سلطانهم.
وكان نقش خاتمه (الله بالغ أمره) . ومما كتب في سيرته (أبو الشهداء: الحسين بن علي - ط) لعباس محمود العقاد، و (الحسين بن علي - ط) لعمر أبي النصر، و (الحسين عليه السلام - ط) جزآن، لعلي جلال الحسيني (1)
__________
(1) تهذيب ابن عساكر 4: 311 وخطط مبارك 5: 93 ومجلة العرفان.
ومقاتل الطالبيين 54 و 67 وابن الأثير 4: 19 والطبري 6: 215 وتاريخ الخميس 2: 297 واليعقوبي 2: 216 وصفة الصفوة 1: 321 وذيل المذيل 19 وحسن الصحابة 87 وفي المصابيح - خ - ل أبي العباس الحسني، أسماء من قتل مع الحسين في المعركة، ثم يقول: == (ومن أهل بيته) أي الذين قتلوا معه: (علي الأكبر - ابنه - وكان أول من خرج فشد على الناس بسيفه، وهو يقول:
أنا علي بن الحسين بن علي ... نحن ورب البيت أولى بالنبيّ
تاللَّه لا يحكم فينا ابن الدعي
فاعترضه مرة بن منقذ، وطعنه فصرع وقطعوه بأسيافهم، ثم عبد الله بن مسلم بن عقيل، ثم عون ومحمد ابنا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ثم عبد الرحمن وجعفر ابنا عقيل، ومحمد بن سعيد بن عقيل، والقاسم بن الحسن ابن علي بن أبي طالب، وكان غلاما، ضربه عمرو بن سعيد بن نفيل بالسيف على رأسه فوقع وهو يصيح: يا عماه! فوقف عليه الحسين قليلا وقال: عز، والله، على عمك أن تدعوه فلا يجيبك! ثم عبد الله بن الحسين بن علي، وكان صغيرا في حجر أبيه، فرماه رجل من بني أسد بسهم فذبحه، فتلقى الحسين دمه فملا كفيه، ثم أبو بكر بن الحسين رماه عبد الله بن عقبة الغنوي بسهم فقتله، ولذلك قيل:
وعند غني قطرة من دمائنا ... وفي أسد أخرى تعد وتذكر
ثم عبد الله وجعفر وعثمان ومحمد بنو علي بن أبي طالب - من إخوة الحسين - ثم العباس بن علي بن أبي طالب: كان يقاتل قتالا شديداً فاعتوره الرجالة برماحهم، فقتلوه، فبقي الحسين وحده ليس معه أحد) .
المعجم الكبير للطبراني (3/ 103)
2803 - حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج، ثنا يحيى بن بكير، حدثني الليث بن سعد، قال: «توفي معاوية رضي الله عنه في رجب لأربع ليال خلت منه، واستخلف يزيد سنتين، وفي سنة إحدى وستين قتل الحسين بن علي وأصحابه رضي الله عنهم لعشر ليال خلون من المحرم يوم عاشوراء، وقتل العباس بن علي بن أبي طالب، وأمه أم البنين عامرية، وجعفر بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن علي بن أبي طالب، وعثمان بن علي بن أبي طالب، وأبو بكر بن علي بن أبي طالب، وأمه ليلى بنت مسعود نهشلية، وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الأكبر، وأمه ليلى ثقفية، وعبد الله بن الحسين، وأمه الرباب بنت امرئ القيس كلبية، وأبو بكر بن الحسين لأم ولد، والقاسم بن الحسن لأم ولد، وعون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وجعفر بن عقيل بن أبي طالب، ومسلم بن عقيل بن أبي طالب، وسليمان مولى الحسين، وعبد الله رضيع الحسين رضي الله عنهم، وقتل الحسين رضي الله عنه وهو ابن ثمان وخمسين»
المعجم الكبير للطبراني (3/ 115)
2845 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا الزبير بن بكار، حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان الحزامي، قال: «كان جسد الحسين شبه جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم»
المعجم الكبير للطبراني (3/ 117)
2850 - حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، حدثنا جرير، عن ابن أبي ليلى، قال: قال حسين بن علي رضي الله عنه حين أحس بالقتل: «ائتوني ثوبا لا يرغب فيه أحد أجعله تحت ثيابي لا أجرد» . فقيل له: تبان؟ فقال: «لا؛ ذلك لباس من ضربت عليه الذلة» . فأخذ ثوبا فمزقه، فجعله تحت ثيابه، فلما أن قتل جردوه
موسوعةطبقاتالفقهاء، ج1، ص: 26
الامام الثالث الحسين الشهيد- عليه السّلام- «1»
(4- 61 ه) ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو عبد الله القرشي الهاشمي، المدني، ثالث أئمة أهل البيت الطاهر، سبط الرسول- صلّى الله عليه و آله و سلّم و ريحانته، و سيد شباب أهل الجنة.
موسوعةطبقاتالفقهاء، ج1، ص: 27
ولد في الثالث أو الخامس من شعبان سنة أربع للهجرة، و جيء به إلى النبي- صلّى الله عليه و آله و سلّم فأذّن في أُذنه اليمنى، و أقام في اليسرى، و عقّ عنه بكبش، و سمّاه حسيناً.
أحبّه جدُّه المصطفى- صلّى الله عليه و آله و سلّم حبًّا جمّاً، و غمره بعطفه و حنانه.
و قد رويت في حقّه أحاديث كثيرة، منها: قال- صلّى الله عليه و آله و سلّم-: حسين مني و أنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الاسباط «1» و قال و قد أخذ بيد الحسن و الحسين: هذان ابناي، فمن أحبّهما فقد أحبّني، و من أبغضهما فقد أبغضني «2» و قد تقدم في ترجمة أبيه علي، و أُمّه فاطمة، و أخيه الحسن- عليهم السلام أحاديث تضمنت ذكره- عليه السّلام-.
روى الامام الحسين- عليه السّلام عن: جدّه- صلّى الله عليه و آله و سلّم-، و أبيه، و أُمّه، و أخيه الحسن- عليهم السلام.
روى عنه: ابنه علي زين العابدين- عليه السّلام، و ابنتاه: فاطمة، و سكينة، و ابن أخيه زيد بن الحسن، و ثوير بن أبي فاخته، و بشر بن غالب الاسدي، و الفرزدق الشاعر، و عامر الشَّعبي، و آخرون.
و كان الفرزدق قد لقي الحسين- عليه السّلام و هو خارج من مكة إلى العراق، فسأله عن أشياء من نذور و مناسك «3»
موسوعةطبقاتالفقهاء، ج1، ص: 28
و كان الحسين- عليه السّلام حيث يوجد يلتفّ حوله الناس كالحلقة، هذا يستفتيه في أمر دينه، و هذا يأخذ من فقهه، و هذا يستمع إلى روايته، و هذا يسأله لحاجته، و قد وصفه معاوية لبعض من سأله عنه، فقال: إذا وصلت مسجد رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم فرأيت حلقة فيها قوم كأنّ على رءوسهم الطير، فتلك حلقة أبي عبد الله.
روي عن ابن عباس أنّه بينما هو يحدّث الناس إذ قام إليه نافع بن الازرق، فقال له: يا ابن عباس، تفتي الناس في النملة و القملة، صف لي إلهك الذي تعبد؟ فأطرق ابن عباس إعظاماً لقوله، و كان الحسين بن علي جالساً ناحية، فقال: إليّ يا ابن الازرق، قال: لست إياك أسأل.
قال ابن عباس: يا ابن الازرق إنّه من أهل بيت النبوة، و هم ورثة العلم.
فأقبل نافع نحو الحسين، فقال له الحسين: يا نافع، إنّ من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في التباس، سائلًا ناكباً عن المنهاج، طاعناً بالاعوجاج، ضالًا عن السبيل، قائلًا غير الجميل، يا ابن الازرق: أصف إلهي بما وصف به نفسه، و أُعرِّفه بما عرَّف به نفسه، لا يُدرك بالحواس، و لا يُقاس بالناس، قريب غير ملتصق، بعيد غير منتقص، يوحد و لا يُبعَّض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلّا هو الكبير المتعال.
فبكى ابن الازرق، و قال: يا حسين ما أحسن كلامك! .. ثم قال ابن الازرق بعد حوار جرى بينهما: لقد كنتم منار الإسلام، و نجوم الاحكام يعني علياً و الحسن و الحسين- عليهم السلام «1» و للِامام الحسين- عليه السّلام خطب و وصايا و أدعية و حكم و احتجاجات
موسوعةطبقاتالفقهاء، ج1، ص: 29
و رسائل رواها المؤرخون و المحدثون و أرباب المقاتل في كتبهم.
وله روايات في الفقه، و في التفسير «1» و كان موصوفاً بالفصاحة و البلاغة، خطب في يوم عاشوراء، و في أشد الساعات بلاءً، فما تزعزع و لا اضطرب، بل خطب في جموع أعدائه بجنان قوي، و لسان طلق، حتى قال قائد الجيش عمر بن سعد: ويلكم كلّموه فإنّه ابن أبيه، و الله لو وقف فيكم هكذا يوماً جديداً لما انقطع و لما حصر.
و لقد جمع الحسين- عليه السّلام أكرم الصفات و أحسن الاخلاق و أجل الفضائل علماً و زهادة و عبادة و شجاعة و سماحة و سخاءً و إباءً للضيم، و مقاومة للظلم.
قال السيد علي جلال الحسيني المصري في مقدمة كتابه «الحسين»: كان إذا أقام بالمدينة أو غيرها مفيداً بعلمه مرشداً بعمله مهذباً بكريم أخلاقه، مؤدياً ببليغ بيانه، سخياً بماله، متواضعاً للفقراء «2» روى المؤرخون أنّه لما مات معاوية لم يكن ليزيد همّ حين ولي إلّا بيعة النفر الذين أبوْا على أبيه الاجابة إلى بيعته، فكتب إلى والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان أن يأخذ الحسين- عليه السّلام و ابن عمر و ابن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً «3»، فامتنع الحسين، و سار إلى مكة «4» و معه أخوته و بنو أخيه و جلّ أهل بيته، فوجّه
موسوعةطبقاتالفقهاء، ج1، ص: 30
أهل الكوفة بكتبهم و رسلهم إلى الحسين- عليه السّلام يدعونه إليهم، فبعث إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب، فنزل دار المختار الثقفي، و أقبلت الناس على مسلم، فبايعه منهم ثمانية عشر ألفاً، فكتب مسلم إلى الحسين بالاقبال إلى الكوفة، و جعل الناس يختلفون إلى مسلم حتى عُلم مكانه، فبلغ النعمان بن بشير ذلك و كان والياً على الكوفة من قبل معاوية، فأقرّه يزيد فخطب الناس و حذرهم الخلاف، فاتهمه عبد الله بن مسلم بن سعيد الحضرمي أحد أعوان الأُمويين بالضعف، و كتب إلى يزيد بإرسال رجل قوي، فكتب يزيد إلى عبيد الله ابن زياد عهداً بولاية الكوفة، فلما دخل ابن زياد الكوفة خطب الناس و توعّد العاصي بالعقوبة و المطيع بالاحسان، فلما سمع مسلم بمجيء ابن زياد انتقل إلى دار هانىَ بن عروة المرادي، و كان أحد زعماء الشيعة و من أشراف العرب، ثم حصلت أحداث كبيرة انتهت بمقتل هانىَ بن عروة، و تفرُّق الناس عن مسلم، و بقائه وحيداً، ثم القبض عليه و قتله.
و كان الامام الحسين- عليه السّلام قد عزم على الخروج من مكة في الثامن من ذي الحجة سنة (60 ه)، و التوجّه إلى العراق، و لم يكن بلغه قتل مسلم، لأنّ مسلماً قتل في ذلك اليوم الذي خرج فيه، و كان قد أشار على الحسين- عليه السّلام جماعة منهم ابن عباس و ابن الحنفية و ابن عمر في أن لا يخرج، فرفض الحسين كل دعوة منهم للقعود و عدم التحرك، و سار نحو العراق، فلما وصل إلى الثعلبية أتاه نبأ استشهاد مسلم و هانىَ، و لكن ذلك لم يَثنِهِ عن عزمه، فسار حتى لقيته طلائع الجيش الأُموي بقيادة الحرّ بن يزيد الرياحي «1» فاعترضه، و ضيّق عليه، و أضطره للنزول، فسأل الحسين- عليه السّلام عن اسم هذه الارض، فقيل له أرض الطف، فقال: هل لها اسم غير هذا؟ قيل: اسمها كربلاء، فقال: «اللهم أعوذ بك من الكرب
موسوعةطبقاتالفقهاء، ج1، ص: 31
و البلاء».
ثم قال: «هاهنا محطّ رحالنا، و مسفَك دمائنا، و هاهنا محل قبورنا، بهذا حدثني جدي رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم « «1» و كان نزول الحسين- عليه السّلام في كربلاء في يوم الخميس الثاني من المحرم سنة إحدى و ستين، فبلغ ذلك ابن زياد، فأرسل جيشاً كبيراً بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص، فنزل على مقربة من الحسين- عليه السّلام، ثم اتبعه ابن زياد بجيوش أُخرى، و بقي المعسكران في ذلك الموضع حتى العاشر من المحرم، اليوم الذي وقعت فيه الجريمة بقتل الحسين- عليه السّلام و الصفوة الاخيار من أهل بيته و أصحابه الميامين.
وقد نقل المؤرخون و أرباب المقاتل تفاصيل تلك الملحمة الكبرى، و البطولات الفذّة التي أبداها الامام الحسين و أنصاره البررة في سبيل نصرة الحق، و إعلاء كلمة الله.
كما ألّف العلماء و الفضلاء عشرات الكتب في عظمة ثورته- عليه السّلام-، و أهدافها، و أبعادها، و نتائجها.
قال ابن أبي الحديد و هو يتحدث عن الحسين- عليه السّلام: سيّد أهل الاباء الذي علَّم الناس الحمية، و الموت تحت ظلال السيوف اختياراً له على الدنيّة.
موسوعةطبقاتالفقهاء، ج1، ص: 32
و قال السيد علي جلال المصري: و مع التفاوت الذي بلغ أقصى ما يتصور بين فئته القليلة و جيش ابن زياد في العدد و المدد، فقد كان ثباته و رباطة جأشه و شجاعته تحيّر الالباب، و لا عهد للبشر بمثلها، كما كانت دناءة أخصامه لا شبيه لها.
و من أقوال الامام الحسين- عليه السّلام: الناس عبيد الدنيا، و الدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا مُحِّصوا بالبلاء، قلّ الديّانون.
و قال: لم أخرج أشِراً و لا بَطِراً، و لا مُفسداً و لا ظالماً، و إنّما خرجت لطلب الاصلاح في أُمّة جدي رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم، أُريد أن آمر بالمعروف، و أنهى عن المنكر و أسير بسيرة جدّي و أبي.
و قال للوليد بن عتبة: أيها الامير، إنّا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة، و مختلف الملائكة، بنا فتح الله و بنا ختم، و زيد فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحرّمة، معلن بالفسق، و مثلي لا يبايع مثله «1» و قد رثى الشعراء الامام الحسين- عليه السّلام فأكثروا، و جمع السيد محسن العاملي كتاباً في مختار مراثيه- عليه السّلام- من شعر المتقدمين و المتأخرين سماه «الدر
موسوعةطبقاتالفقهاء، ج1، ص: 33
النضيد في مراثي السبط الشهيد» بلغ عدد أبيات الطبعة الثالثة منه نحواً من ستة آلاف بيت.
و ممّن رثاه سليمان بن قتَّة العدوي، فإنّه مرّ بكربلاء بعد قتل الحسين (عليه السّلام) بثلاث، فنظر إلى مصارعهم، و قال:
مررتُ على أبيات آل محمد فلم أرها أمثالها حين حلّت
فلا يُبعد الله البيوت و أهلها و إن أصبحت عنهم برغمي تخلّت
و كانوا رجاء ثم عادوا رزيّة لقد عظمت تلك الرزايا و جلّت
و إن قتيل الطفّ من آل هاشم أذلّ رقاباً من قريش فذلّت
أ لم تر أنّ الارض أضحت مريضةً لفقد حسين و البلاد اقشعرّت
و قد أعولت تبكي السماء لفقده و أنجمها ناحت عليه و صلّت
و هي أبيات كثيرة «1» و قال شاعر أهل البيت السيد حيدر الحلي (المتوفى 1304 ه) من قصيدة مطلعها:
تركتُ حشاكَ و سلوانَها فخلِّ حشايَ و أحزانَها
و منها:
كأنّ المنيّةَ كانت لديه فتاة تواصل خلصانها
جَلتْها له البيض في موقفٍ به أثكل السمرَ خرصانها
موسوعةطبقاتالفقهاء، ج1، ص: 34
فبات بها تحت ليل الكفاح طروب النقيبة جذلانها
و أصبح مشتجراً للرماحِ تحلّي الدِّما منه مُرّانها
عفيراً متى عايَنَتْهُ الكُماة يختطف الرعب ألوانها
فما أَجْلَت الحرب عن مثله صريعاً يُجَبِّن شجعانها «1»
موسوعةطبقاتالفقهاء، ج1، ص: 35
1 أبو رافع «1»
السیرة-تاریخ الولادة الی الشهادة