بسم الله الرحمن الرحیم
مفتاح الکرامة ط جدید، ج 2، ص 267
[الوضوء] [في أنّ النيّة شرط أو جزء؟] قال العلّامة آية اللّٰه في أرضه: المقصد الرابع في الوضوء. و فصوله ثلاثة: الأوّل: في أفعاله الوضوء بضمّ الواو اسم للمصدر، فإنّ توضّأ مصدره التوضّؤ و قد جرى عليه اصطلاح النحاة أنّ ما كان فيه معنى المصدر و لم يجر على قاعدة المصادر أن يسمّوه باسم المصدر كالوضوء و نحوه. و ليس منه «وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً» » و «أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبٰاتاً» فإنّهم قالوا إنّ ذلك من استعمال مصدر مكان آخر و قد قرّر في محله و أمّا الوضوء بالفتح فهو الماء الّذي يتوضّأ به. و قال في «جامع المقاصد » يمكن أن يراد بالأفعال جملة ما يتوقّف عليه
ص 268
الشيء فلا ينافيه قوله بعد: و هو شرط في كلّ طهارة، بل هو الأنسب، لأنّ النيّة بالشرط أشبه لسبقها على باقي الأفعال و مصاحبتها للآخر و هكذا شأن الشرط، انتهى. و بذلك احتجّ الشهيد في «قواعده » للقول بأنّها شرط. و احتمل فيه الفرق بين نيّة الصوم و باقي العبادات، لأنّ تقدّم نيّة الصوم على وجه لا يشتبه بالمقارن. و الشرطيّة خيرة «المعتبر و المنتهى » في بحث الوضوء و الصلاة و «النافع » في بحث الصلاة على ما فهمه منه صاحب «المدارك و التنقيح » و يأتي ما فهمه الميسي و «كشف الرموز و الروض و المسالك و المدارك ». و في «الجعفريّة و شرحها » في بحث الصلاة: و شبهها بالشرط أكثر من شبهها بالجزء. و الشرطيّة خيرة «الإيضاح » أيضاً في المقام، بل قال فيه: إنّ النيّة شرط في الوضوء بإجماع علمائنا. و مثله قال في «المنتهى » و يأتي تمام نقل الإجماعات
ص 269
على أنّها شرط في الطهارة. و في «المقتصر » في شرح قول المحقّق في النافع و إن كانت بالشرط أشبه ما نصّه: لا ينبّه بذلك على وجود مخالف في المسألة، بل ينبّه على أنّها مع كونها تشابه الشرط ليس حكمها حكم الشرط. و في «كشف الرموز » نسب الجزئية إلى الاحتمال و في «المدارك » إلى القيل و جعله كصاحب «التنقيح » ظاهر «الشرائع ». قلت: و هو خيرة «الموجز الحاوي » و ظاهر «الوسيلة » و غيرها . و قد ذكر جماعة القولين من دون ترجيح. و في «الدروس » أنّها تشبه الشرط من وجه. و في «الحواشي » المنسوبة إلى الشهيد: أنّ للنيّة اعتبارين من حيث المقارنة فتكون من الأفعال و من حيث التقدّم فتكون من الشروط. و فيها أيضاً: أنّ الشرط هو الإتيان بالنيّة و الفعل نفسها. و في «التحرير و التذكرة » النيّة ركن في الصلاة إجماعاً. و الإجماع على
ص 270
أنّها ركن في الصلاة منقول في مواضع كما يأتي إن شاء اللّٰه تعالى. و قد جعل الشهيد في «قواعده » و المصنّف في «نهايته » و صاحب «المسالك » الركن مقابلا للشرط، لكن في «كشف اللثام » في الصلاة جعل الركن أعمّ من الشرط أو الشطر. و هو صريح «المنتهى » و غيره كما يأتي في كتاب الصلاة. و يظهر من «كشف اللثام » هنا أنّ هناك قولا أو احتمالاً بأنّها متردّدة بين الشروط و الأفعال حيث قال: سواء كانت من الأفعال أو الشروط أو متردّدة. و في «الروض » ذهب بعضهم إلى أنّها متردّدة بين الشرط و الجزء و أنّها بالشرط أشبه جمعاً بين الأدلّة لتعارضها. و في «جامع المقاصد » في بحث الصلاة و «حاشية الميسي و المسالك » الأظهر أنّها متردّدة بين الشرط و الجزء، كما هو خيرة «النافع » كما في الأخيرين: و هي بالشرط أشبه منها بالجزء، انتهى. و في «الذكرى » بعد أن قال: و قيل إنّ النيّة شرط لا جزء و احتجّ لذلك بما احتجّ ما نصّه: و تحقيق الحال إنّ الجزء و الشرط يشتركان في أنّه لا بدّ منهما إذا
ص 271
كان الجزء ركناً و يفترقان بأنّ الشرط ما يتقدّم على الماهيّة كالطهارة و ستر العورة و الجزء ما يلتئم منه الماهيّة كالركوع و السجود. و قيل: الجزء ما تشتمل عليه الماهيّة و نقض بترك الكلام و الفعل الكثير و سائر المفسدات فإنّها ممّا تشتمل ماهيّة الصلاة على وجوب تركها مع أنّها لا تعدّ جزءاً و إنّما يعدّها بعضهم شروطاً. و اجيب: بأنّ المراد بما تشتمل عليه الماهيّة من الأمور الوجوديّة المتلاحقة الّتي افتتاحها التكبير و اختتامها التسليم و ظاهر أنّ التروك امور عدميّة ليس فيها تلاحق و هذا فيه تفسير آخر للأجزاء و حينئذ الشروط ما عداها. و قيل: إنّ الشرط ما يساوق جميع ما يعتبر في الصلاة، و الركن ما يكون معتبراً فيها لا بمساوقة، فإنّ الطهارة و الاستقبال تساوق الركوع و السجود و سائر أفعال الصلاة بخلاف الركوع فإنّه لا يصاحب جميع الأفعال. و لا ريب أنّ حقيقة الصلاة إنّما تلتئم من هذه الأفعال المخصوصة، فما لم تشرع فيها ليس بمصلّ و إن وجد منه سائر المقدّمات، و ظهر أنّ النيّة مقارنة للتكبير الّذي هو جزء و ركن فلا يبعد انتظامها في الأجزاء خصوصاً عند من أوجب بسط النيّة على التكبير أو حضورها من أوّله إلى آخره و لأنّ قوله تعالى: وَ مٰا أُمِرُوا إِلاّٰ لِيَعْبُدُوا اللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ مشعر باعتبار العبادة حال الإخلاص و هو المراد بالنيّة و لا نعني بالجزء إلّا ما كان منتظماً مع الشيء بحيث يشمل الكلّ حقيقة واحدة، انتهى. ثمّ إنّه أجاب عن أدلّة القول بالشرطيّة و هي خمسة. و في «الروض » ذكر هذه الأجوبة و ردّها كما ردّ أدلة القول بالجزئية. و في «المهذّب البارع » فائدته فيمن نذر أن لا يخلّ بشرط أو جزء و يلحقه حكم ما يقوّيه المجتهد [1].. بعد التكبير فإنّ صلاته تبطل على القول بالجزء خاصّة لزيادة..
ص 272
و قد أطال في «الروض» الكلام في المقام نقضاً و إبراماً، فمن أراد الوقوف على أطراف المسألة فليرجع إليه. و قال في «الذكرى» هذه المسألة لا جدوى لها فيما يتعلّق بالعمل إلّا فيما نذر كالنذر لمن كان مُصلّياً في وقت كذا أو ابتدأ الصلاة في وقت كذا يعني فاتّفق مقارنة النيّة لأوّله فإن جعلناها جزءاً استحق و برّ و إلّا فلا . و مثله قال في «المدارك ». ثمّ قال في «الذكرى» و أمّا ما يتخيّل من أنّ القول بالشرطيّة يستلزم جواز إيقاعها قاعداً و غير مستقبل بل و غير متطهّر و لا مستور العورة، فليس بسديد، إذ المقارنة المعتبرة للجزء تنفي هذه الاحتمالات و لو جلعناها شرطاً ، انتهى. و قال في «قواعده» ربما قيل: لو جعلنا اسم العبادة يطلق عليها من حين النيّة فهي جزء على الإطلاق و إلّا فهي شرط. قال: و قيل أيضاً: كلّما اعتبرت في صحّته فهي ركن فيه كالصلاة و كلّما اعتبرت في استحقاق الثواب فهي شرط كالجهاد. ثمّ قال: و لا ثمرة في تحقيق هذا، فإنّ الإجماع واقع على أنّ النيّة معتبرة في العبادات و مقارنة لها غالباً و أنّ فواتها يخلّ بصحّتها فيبقى النزاع في مجرّد
ص 273
التسمية. ثمّ قال: و قد يترتّب على ذلك صحّة صلاة من تقدّمت نيّته على الوقت . و الاُستاذ أيّده اللّٰه قطع بأنّها شرط في الطهارات كما يأتي نقل الإجماعات فيها، بل قال: و في باقي العبادات ما عدا الصلاة ثمّ قوّى الجزئيّة فيها على تأمّل فيه. و قيّد الفاضل في شرحه الأفعال بالواجبة ثمّ قال: و لو لا تثنية الغسلات في المندوبات لصحّ اختصاص الفصل بأفعالها كلّها، لأنّ سائر المندوبات أفعال خارجة إلّا البدأة بالظاهر و الباطن فإنّها من الكيفيّات و يمكن إخراج التثنية من الأفعال بتكلّف ، انتهى.