بسم الله الرحمن الرحیم

حدّ الترخّص-فتاوای شیعه بر حسب تاریخ

فهرست علوم
فهرست فقه
حدّ الترخّص



از ابن عقیل تعبیر «خلّف حيطان مصره أو قريته وراء ظهره» آمده، و در مقنعه مفید، کافی حلبی، مراسم سلار، (قبل از شیخ الطائفة) فقط ذکر اذان آمده و اصلا اشاره‌ای به خفاء جدران نشده، و ابتدا در کلام سید و شیخ شروع شده است، و پس از شیخ تا ابن ادریس هم خفاء جدران ذکر شده، و ابن ادریس ذکر کرده و اعتماد خودش بر فقط اذان است، و شیخ مفید در مقنعه آثار را فقط در سماع اذان دانستند، و خفاء جدران ذکر نکردند، و در خلاف شیخ دو تعبیر معادل آمده در دو مسأله پشت سر هم: یغیب عنه البنیان و فارق بنیان البلد.
ابن سعید حلی قده هم در الجامع للشرائع فقط ذکر اذان و تعبیر کان فی بنیانه فرموده



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌3، ص: 110‌
و قال ابن أبي عقيل: على من سافر عند آل الرسول- عليهم السلام- إذا خلّف حيطان مصره أو قريته وراء ظهره و غاب عنه منها صوت الأذان أن يصلّي صلاة السفر ركعتين «4».



من لا يحضره الفقيه ؛ ج‏1 ؛ ص435
1266- و سأل محمد بن مسلم أبا عبد الله ع فقال له‏ الرجل يريد السفر متى يقصر قال إذا توارى من البيوت‏ «1» قال قلت له الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس فقال إذا خرجت فصل ركعتين.
1267- و قد روي عن الصادق ع أنه قال: إذا خرجت من منزلك‏ «2» فقصر إلى أن تعود إليه.


المقنع (للصدوق) المتن 125 16 باب الصلاة في السفر ..... ص : 124
و يجب التقصير على الرجل إذا (توارى‏ من‏ البيوت‏).



المقنعة (للشيخ المفيد)؛ ص: 349
و إذا وجب على المسافر التقصير لقصده من الطاعة و المباح ما وصفناه‌ و كان قصده من السفر ما قدره من المسافة ما ذكرناه فلا يجوز له فعل التقصير في الصلاة و الإفطار حتى يغيب عنه أذان مصره على ما جاءت به الآثار.



جمل العلم و العمل؛ ص: 77 سید قده
و ابتداء وجوبه من [6] حيث يغيب عنه [7] أذان مصره و تتوارى عنه أبيات مدينته.



الكافي في الفقه؛ ص: 117
و يلزم التقصير لمكلفه إذا غاب عنه أذان مصره.



المراسم العلوية و الأحكام النبوية؛ ص: 75
و ابتداء وجوب التقصير: من حيث يغيب عنه أذان مصره.



الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد (للشيخ الطوسي)؛ ص: 295
و من خرج الى السفر لا يفطر حتى تتوارى عنه جدران بلده أو يخفى عليه أذان مصره.



الخلاف؛ ج‌1، ص: 572
مسألة 324 [لا يجوز التقصير إلا بعد بلوغ الحد]
إذا نوى السفر لا يجوز أن يقصر حتى يغيب عنه البنيان و يخفى عنه أذان مصره أو جدران بلده، و به قال جميع الفقهاء «5».
و قال عطاء: إذا نوى السفر جاز له القصر و ان لم يفارق موضعه «6».
دليلنا: إجماع الفرقة، و أيضا الصلاة في الذمة بيقين، و لا يجوز قصرها الا بيقين، و ما ادعوه ليس عليه دليل، و ما اعتبرناه مجمع عليه.
______________________________
(1) الهداية 1: 126، فتح المعين: 57، و اللباب 1- 170، و الام 1: 182، و الآثار (مخطوط): 43، و المجموع 6: 264.
(2) البقرة: 185.
(3) صحيح البخاري 3: 44، و سنن ابن ماجة 1: 532 الحديث 1664- 1665، و سنن أبي داود 2: 317 الحديث 2407، و سنن النسائي 4: 175- 177، و صحيح مسلم 2: 786 الحديث 92.
(4) سنن النسائي 4: 183.
(5) الأم 1: 180، و اللباب 1: 107، و المجموع 4: 349 و بداية المجتهد 1: 163.
(6) المجموع 4: 349.


الخلاف، ج‌1، ص: 573‌
و أيضا قوله تعالى «وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ» «1» و هذا ما ضرب، فلا يجوز له القصر.
مسألة 325: إذا فارق بنيان البلد جاز له القصر، و به قال جميع الفقهاء «2».
و قال مجاهد: ان سافر نهارا لم يقصر حتى يمسي، و ان سافر ليلا لم يقصر حتى يصبح «3».
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء «4».



المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌1، ص: 136
و لا يجوز أن يقصر حتى يغيب عنه أذان مصره أو يتوارى عنه جدران بلده، و لا يجوز أن يقصر ما دام بين بنيان البلد سواء كان عامرا أو خرابا فإن اتصل بالبلد بساتين فإذا حصل بحيث لا يسمع أذان المصر قصر فإن كان دونه تمم.



المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌1، ص: 140
إذا أحرم في السفينة بصلاة مقيم. ثم سارت السفينة لم يلزمه التقصير لأن من شرط التقصير أن يتوارى عنه جدران مصره أو يخفى عليه أذان مصره فإن دخل في الصلاة مسافرا بنية التقصير و سارت السفينة فدخلت بلدة و هو فيها تمم صلاة المسافر إذا كان في آخر الوقت فإن كان في أوله صلى صلاة مقيم.



المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌1، ص: 140
إذا كان قريبا من بلده و صار بحيث يغيب عنه أذان مصره فصلى بنية التقصير فلما صلى ركعة رعف فانصرف إلى أقرب بنيان البلد ليغسله فدخل البنيان أو شاهدها بطلت صلوته لأن ذلك فعل كثير فإن صلى في موضعه الآن تمم لأنه في وطنه و مشاهد لبنيانه فإن لم يصل و خرج إلى السفر و الوقت باق قصر فإن فاتت الصلاة قضاه على التمام لأنه فرط في الصلاة و هو في وطنه. فإن دخل في طريقه بلدا يعزم فيه على المقام عشرا لزمه التمام فإن خرج منه و فارق بنيانه لزمه التقصير فإن عاد إليه لقضاء حاجة أو أخذ شي‌ء نسيه لم يلزمه التمام لأنه لم يعد إلى وطنه و كان هذا فرقا بين هذه المسئلة و التي قبلها.



المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌1، ص: 141
و من خرج بنية السفر. ثم بدا له و كان قد صلى على التقصير لم يلزمه شي‌ء فإن لم يكن صلى أو كان في الصلاة تمم صلوته فإن خرج من منزله و قد دخل الوقت وجب عليه التمام إذا بقي من الوقت مقدار ما يصلى فيه على التمام فإن تضيق الوقت قصر و لم يتمم، و إن كان دخل في سفره قبل دخول الوقت و قد بقي من الوقت مقدار ما يتمكن فيه من التمام، تمم و إن لم يبق مقدار ذلك قصر و من عزم عن المقام في بلد عشرة أيام وجب عليه التمام فإن غير نيته عن المقام نظرت فإن كان قد صلى على التمام و لو صلاة واحدة لم يجز له التقصير إلا بعد الخروج، و إن كان لم يصل شيئا على التمام قصر فإن لم يدر ما مقامه قصر ما بينه و بين شهر. فإذا مضى شهر صلى على التمام و لو صلاة واحدة.



المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌1، ص: 284
و لا يجوز التقصير، و لا الإفطار إلا أن يخرج، و يتوارى عنه جدران بلده أو يخفى عليه أذان مصره.



الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد (للشيخ الطوسي)؛ ص: 295
و من خرج الى السفر لا يفطر حتى تتوارى عنه جدران بلده أو يخفى عليه أذان مصره.



الجمل و العقود في العبادات؛ ص: 124
و لا يجوز التقصير و [لا ص س] الإفطار الا ان يخرج عن بيته «64» و يتوارى عنه جدران بلده، أو يخفى عليه أذان مصره.



النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ ص: 123
و لا يجوز التقصير للمسافر، إلّا إذا توارى عنه جدران بلده و خفي عليه أذان مصره. فإن خرج بنيّة السّفر، ثمَّ بدا له و كان قد صلّى على التّقصير، فليس عليه شي‌ء. فإن لم يكن قد صلّى، أو كان في الصّلاة و بدا له من السّفر، تمّم صلاته.



النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ ص: 162
و إذا خرج الإنسان إلى السّفر، فلا يتناول شيئا من الطّعام أو الشّراب، الى أن يغيب عنه أذان مصره أو يتوارى عنه بلده.



المهذب (لابن البراج)؛ ج‌1، ص: 106
و من سافر سفرا يلزمه فيه التقصير فلا يجوز له ذلك حتى يخفى عليه أذان مصره أو يتوارى عنه جدران مدينته خرابا كانت أو عامرة، فإن كان باديا فحتى تجاوز الموضع الذي يستقر فيه منزله، و ان كان مقيما في واد حتى تجاوز أرضه، و ان سار عنه طولا حتى يغيب عن موضع منزله.



جواهر الفقه (لابن البراج)- العقائد الجعفرية؛ ص: 25
79- مسألة: المسافر إذا أحرم في السفينة بصلاة مقيم‌ ثم سارت السفينة، هل يجب عليه التقصير أم لا؟
الجواب: لا يجب عليه التقصير، لأنه لم يخف عليه أذان مصره، و لم يتوار عنه جدران مدينته، لأن كل واحد منهما، أو هما شرط في ذلك.



إشارة السبق إلى معرفة الحق؛ ص: 87
و بداية التقصير إذا توارى عن جدران بلده، و إذا لم يسمع «1» صوت الأذان من مصره.
________________________________________
حلبى، ابن ابى المجد، على بن حسن، إشارة السبق إلى معرفة الحق، در يك جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1414 ه‍ ق



المؤتلف من المختلف بين أئمة السلف؛ ج‌1، ص: 201
مسألة- 321- (- «ج»-): إذا نوى السفر لا يجوز له أن يقصر حتى يغيب عنه‌ البنيان و يخفى عليه أذان مصره أو جدران بلده، و به قال جميع الفقهاء.
و قال عطاء: إذا نوى السفر جاز له القصر و ان لم يفارق موضعه.
مسألة- 322- (- «ج»-): إذا فارق بنيان البلد جاز له التقصير، و به قال جميع الفقهاء.
و قال مجاهد: ان سافر نهارا لم يقصر حتى يمشي، فان سافر ليلا لم يقصر حتى يصبح.
________________________________________
طبرسى، امين الإسلام، فضل بن حسن، المؤتلف من المختلف بين أئمة السلف، 2 جلد، مجمع البحوث الإسلامية، مشهد - ايران، اول، 1410 ه‍ ق



الوسيلة إلى نيل الفضيلة؛ ص: 149
و المسافر لم يخل من أربعة أوجه‌
إما خرج قبل الصبح من منزله أو بعد الصبح قبل الزوال ناويا للسفر من الليل أو غير ناو أو خرج بعد الزوال فالأول يفطر إذا خفي عليه أذان مصره أو توارى عنه جدران بلده و الثاني يفطر و يقضي و الثالث لا يفطر و لا يقضي و الرابع يصوم و يقضي. و
________________________________________
طوسى، محمد بن على بن حمزه، الوسيلة إلى نيل الفضيلة، در يك جلد، انتشارات كتابخانه آية الله مرعشى نجفى - ره، قم - ايران، اول، 1408 ه‍ ق



فقه القرآن (للراوندي)؛ ج‌1، ص: 145
و إذا نوى الإنسان السفر لا يجوز أن يقصر حتى يغيب عنه البنيان و يخفى عنه أذان مصره أو جدران بلده و الدليل عليه من القرآن قوله وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ. و من نوى السفر و لم يفارق موضعه فلا يجوز له القصر و إذا فارق بنيان بلده يجوز له التقصير. و لا يجوز أن يقصر ما دام بين بنيان البلد سواء كانت عامرة أو خرابا فإن اتصل بالبلد بساتين فإذا حصل بحيث لا يسمع أذان المصر قصر فإن كان دونه تمم. و من خرج من البلد إلى موضع بالقرب مسافة فرسخ أو فرسخين نيته أن ينتظر الرفقة هناك و المقام عشرا فصاعدا فإذا تكاملوا ساروا سفرا فيه يجب عليهم التقصير و لا يجوز أن يقصر إلا بعد المسير من الموضع الذي يجتمعون فيه لأنه ما نوى بالخروج إلى هذا الموضع سفرا يجب فيه التقصير.
________________________________________
راوندى، قطب الدين، سعيد بن عبداللّٰه، فقه القرآن (للراوندي)، 2 جلد، انتشارات كتابخانه آية الله مرعشى نجفى - رحمه الله، قم - ايران، دوم، 1405 ه‍ ق



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌1، ص: 331
و ابتداء وجوب التقصير على المسافر، من حيث يغيب عنه أذان مصره المتوسط، أو تتوارى عنه جدران مدينته، و الاعتماد عندي على الأذان المتوسط، دون الجدران.



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌1، ص: 345
إذا كان قريبا من بلده و صار بحيث يغيب عنه أذان مصره، فصلّى بنيّة التقصير، فلمّا صلّى ركعة، رعف، فانصرف إلى أقرب بنيان البلد، بحيث يسمع الأذان من مصره، ليغسله، بطلت صلاته، لأنّ ذلك فعل كثير، فإن صلّى في موضعه الآن، تمّم، لأنّه في وطنه، و سامع لأذان مصره، فإن لم يصلّ، و خرج إلى السفر، و الوقت باق، قصّر، فإن فاتت الصلاة، قضاها على التمام، لأنّه فرّط في الصلاة، و هو في وطنه.



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌1، ص: 391
و الذي يقال في ذلك، أنّ هذا خطاب لمن يجب عليه الصيام، و مكلّف به في جميع يومه، و يخرج المسافر من تلك الآية، قوله تعالى فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ «4» و أيضا فالحائض في وسط النهار، يجب عليها أن تعتقد أنّها مفطرة، بغير خلاف، و خرجت من الآية، و ما وجب عليها الإتمام، و كذلك من بيّت نيته للسفر من الليل، هو قبل خروجه من منزله و قبل أن يغيب عنه أذان مصره، مخاطب بالصيام، مكلّف به، لا يجوز له الإفطار، فإذا توارى عنه الأذان، يجب عليه الإفطار، و ما وجب عليه التمام للصيام الذي كان واجبا عليه الإمساك و الصيام قبل خروجه، و بالإجماع يجب عليه الإفطار، و لم يجب عليه الإتمام فقد خرج من عموم الآية المستدل بها،

السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌1، ص: 392
و إذا خرج الرجل و المكلّف بالصيام إلى السفر، فلا يتناول شيئا من الطعام أو الشراب، أو غير ذلك من المفطرات إلى أن يغيب عنه أذان مصره، و قد روي، أو يتوارى عنه جدران بلده «2» و الاعتماد على الأذان المتوسط.



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌1، ص: 403
و المسافر، إذا قدم أهله، و كان قد أفطر قبل قدومه، فلا فرق بين أن يصل قبل الزوال، أو بعد الزوال، في أنّه لا يجب عليه صيام ذلك اليوم، بل يمسك تأديبا لا فرضا و وجوبا، فأمّا إذا لم يكن قد تناول ما يفسد الصيام، و قدم أهله، فإن كان قدومه قبل الزوال، إلى مكان يسمع فيه أذان مصره، فالواجب عليه تجديد النية، و صيام ذلك اليوم وجوبا، لا مندوبا، و يجزيه، و لا يجب عليه القضاء، فإن لم يصمه، و الحال ما وصفناه، و أفطره، فإنّه يجب عليه القضاء و الكفارة، لأنّه أفطر متعمدا في زمان الصيام، و إن قدم إلى المكان الذي يسمع منه أذان مصره، بعد الزوال، فإنّه يمسك تأديبا، لا وجوبا، و عليه قضاء ذلك اليوم.



إصباح الشيعة بمصباح الشريعة؛ ص: 92
و مع ما ذكرنا لا يجوز التقصير إلا بعد أن يخرج و يتوارى عنه جدران بلده، أو يخفى عليه أذان مصره، و المسافة في البحر كهي في البر في ذلك، و إذا ردت الريح السفينة فوقفت لذلك كان الفرض التقصير، لأنه لم ينو المقام.


إصباح الشيعة بمصباح الشريعة؛ ص: 142
و لا يجوز الإفطار بعد تكامل الشروط إلا بعد أن يخرج و تتوارى عنه جدران بلده أو يخفى عليه أذان مصره.
________________________________________
كيدرى، قطب الدين، محمد بن حسين، إصباح الشيعة بمصباح الشريعة، در يك جلد، مؤسسه امام صادق عليه السلام، قم - ايران، اول، 1416 ه‍ ق



شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌1، ص: 124
لا يجوز للمسافر التقصير حتى تتوارى جدران البلد الذي يخرج منه أو يخفى عليه الأذان و لا يجوز له الترخص قبل ذلك و لو نوى السفر ليلا و كذا في عوده يقصر حتى يبلغ سماع الأذان من مصره و قيل يقصر عند الخروج من منزله و يتم عند دخوله و الأول أظهر و إذا نوى الإقامة في غير بلده عشرة أيام أتم و دونها يقصر و إن تردد عزمه قصر ما بينه و بين شهر ثم يتم و لو صلاة واحدة و لو نوى الإقامة ثم بدا له رجع إلى التقصير و لو صلى صلاة واحدة بنية الإتمام لم يرجع.



شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌1، ص: 191
الخامسة لا يفطر المسافر حتى يتوارى عنه جدران بلده أو يخفى عليه أذان مصره



المعتبر في شرح المختصر؛ ج‌2، ص: 473
الخامس: شرط الترخيص «أن يتوارى جدران البلد أو يخفى أذانه»‌
و قال‌ بعض أصحاب الحديث من أصحابنا: إذا خرج من منزله، لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام «إذا خرجت من منزلك فقصر الى أن تعود اليه» «1» و قال الشافعي، و أبو حنيفة: إذا فارق بيوت المصر، لما روي «ان النبي صلى اللّه عليه و آله كان يبتدي القصر إذا خرج من المدينة» «2» و قال عطا: إذا نوى السفر قصّر في البلد.
لنا: ان السفر شرط القصر، و هو لا يتحقق في بلده و مع حيطان البلد، فلا بد من تباعد يطلق على بالغه السفر، و ليس بعد مفارقة البيوت الا ما قلناه، و لأن النبي صلى اللّه عليه و آله كان يقصر على فرسخ من المدينة، و فرسخين، فيكون بيانا، و قال عليه السّلام «إذا خرجت من المدينة مصعدا من ذي الحليفة صليت ركعتين حتى أرجع إليها» «3» و ظاهره بيان لموضع الترخيص، فلو اكتفى بمفارقة البيوت لما كان لذكري ذي الحليفة معنى.
و من طريق الأصحاب: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال «إذا كنت في الموضع الذي لا يسمع فيه الأذان فقصر» «4» و ما احتج به الشاذ منا يحتمل مع خروجه من منزله أن يبلغ موضعا لا يسمع فيه الأذان جمعا بين دلالتي الحديثين، و كذا الجواب عما استدل به الجمهور، فإنه يحتمل مع الخروج أن يبلغ ذي الحليفة، أو مقاربها، لان التمسك بالمبيّن أولى.
و اختلف الأصحاب عند عوده، فقال الشيخ (ره) في النهاية و المبسوط، و من تابعه: يقصر حق يبلغ الموضع الذي ابتدء فيه القصر، و قال علم الهدى (ره): حتى يدخل منزله،
لنا: انا بينّا الحد الذي يدخل به في كونه مسافرا فيكون هو الحد الذي به يدخل في الحضر.
و يؤيد ذلك: رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال «إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصّر و إذا قدمت من سفرك فمثل ذلك» «1» و ربما كان مستند علم الهدى (ره) ما رواه العيص و إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال «لا يزال المسافر مقصّرا حتى يدخل أهله أو منزله» «2» لكن الرواية الأولى هي المشهورة، و هي أنسب بالأصل.




الجامع للشرائع؛ ص: 92
و يتم المسافر ما سمع أذان مصره أو كان في بنيانه، و ان طال، و يقصر إذا غاب عنه الأذان، فإذا قدم عن سفره، فمثل ذلك


الجامع للشرائع؛ ص: 164
و لا يقصر حتى يخرج و يتوارى عنه أذان مصره.
________________________________________
حلّى، يحيى بن سعيد، الجامع للشرائع، در يك جلد، مؤسسة سيد الشهداء العلمية، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق





مختلف الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌3، ص: 109
مسألة: قال الشيخ في النهاية: لا يجوز التقصير للمسافر، إلا إذا توارى عنه جدران بلده‌ ، أو خفي عليه أذان مصره «3»، و هو قول ابن البراج «4». و كذا في المبسوط قال فيه: و لا يجوز أن يقصّر ما دام بين بنيان البلد سواء كانت عامرة أو خرابا، فان اتصل بالبلد بساتين فاذا حصل بحيث لا يسمع أذان المصر قصّر، و ان كان دونه تمّم «5».
و في الخلاف: لا يجوز أن يقصّر حتى يغيب عنه البنيان، و يخفى عنه أذان مصره، أو جدران بلده «6».
______________________________
(1) السرائر: ج 1 ص 339- 340.
(2) ن: لهم.
(3) النهاية و نكتها: ج 1 ص 358.
(4) المهذب: ج 1 ص 106.
(5) المبسوط: ج 1 ص 136.
(6) الخلاف: ج 1 ص 572 المسألة 324.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌3، ص: 110‌
و قال السيد المرتضى: ابتداء وجوب التقصير عليه من حين يغيب عنه أذان مصره، و يتوارى عنه بنيان مدينته «1».
و قال المفيد: لا يجوز التقصير في الصلاة و الإفطار في الصوم حتى يغيب عنه أذان مصره على ما جاءت به الآثار «2»، و هو قول أبي الصلاح «3».
و قال ابن أبي عقيل: على من سافر عند آل الرسول- عليهم السلام- إذا خلّف حيطان مصره أو قريته وراء ظهره و غاب عنه منها صوت الأذان أن يصلّي صلاة السفر ركعتين «4».
و قال الصدوق محمد بن بابويه في المقنع: يجب التقصير على الرجل إذا لم ير حيطان المدينة. و قد روي عن الصادق- عليه السلام- انّه قال: إذا خرجت من منزلك فقصّر الى أن تعود إليه «5».
و قال سلار: ابتداء وجوب التقصير من حيث يغيب عنه أذان مصره «6».
و قال ابن إدريس: الاعتماد عندي على الأذان المتوسط دون الجدران «7».
و قال علي بن بابويه «8»: و إذا خرجت من منزلك فقصّر الى أن تعود إليه.
و الأقرب خفاؤهما معا.
لنا: قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا «9»‌
______________________________
(1) جمل العلم و العمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 47.
(2) المقنعة: ص 350.
(3) الكافي في الفقه: ص 117.
(4) لا يوجد كتابه لدينا و نقله عنه في كشف الرموز: ج 1 ص 226 نقلا بالمعنى.
(5) المقنع: ص 37 و فيه: «و يجب التقصير على الرجل إذا توارى من البيوت» و عبارة «و قد روي ... الى أن تعود إليه» غير موجودة. و وجدناه في من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 436 ح 1267.
(6) المراسم: ص 75.
(7) السرائر: ج 1 ص 331.
(8) لا يوجد كتابه لدينا.
(9) لا يخفى انّ المصنف قد خلط بين آيتي 94 و 101، و المقصود هو آية 101.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌3، ص: 111‌
إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ إِنْ خِفْتُمْ «1» فعلّق نفي البأس بالضرب في الأرض، و لا يتحقّق في المنازل، فلا بد من اعتبار الخروج عن البلد، و انّما يتحقّق ذلك بغيبوبة الأذان و الجدران.
و ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السلام-: رجل يريد السفر فيخرج متى يقصّر؟ قال: إذا توارى من البيوت «2».
و ما رواه عبد اللّه بن سنان في الصحيح، عن الصادق- عليه السلام- قال:
سألته عن التقصير، قال: إذا كنت في الموضع الذي لا يسمع فيها الأذان فقصّر، و إذا قدمت من سفرك فمثل ذلك «3».
احتجّ ابن بابويه بما روي عن الصادق- عليه السلام- انّه قال: إذا خرجت من منزلك فقصّر الى أن تعود إليه. و رواه ابنه مرسلا «4».
و الجواب: لا حجّة في المرسل.
مسألة: و حدّ التقصير بلوغ المشاهدة للجدران، أو سماع الأذان.
و قال الشيخ علي بن بابويه «5»: إذا دخل منزله.
و قال ابن الجنيد «6»: المسافر يقصّر الى أن يدخل منزله، فإن حيل بينه و بينه بعد وصوله إليه أتمّ.
______________________________
(1) النساء: 101.
(2) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 224 ح 566. وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب صلاة المسافر ح 1 ج 5 ص 505.
(3) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 230 ح 675. وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب صلاة المسافر ح 3 ج 5 ص 506.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 436 ح 1267. وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب صلاة المسافر ح 5 ج 5 ص 508.
(5) لم نعثر على رسالته.
(6) لم نعثر على كتابه.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌3، ص: 112‌
لنا: انّ حدّ ابتداء السفر أحدهما فيكون هو نهايته، إذ الأقرب لا يعدّ قاصده مسافرا كما في الابتداء، و لحديث عبد اللّه بن سنان في الصحيح، عن الصادق- عليه السلام-، و قد تقدّم في المسألة السابقة.
احتجوا بما رواه إسحاق بن عمّار في الموثق، عن أبي إبراهيم- عليه السلام- قال: سألته عن الرجل يكون مسافرا ثمَّ يقدم فيدخل بيوت الكوفة أ يتم الصلاة أم يكون مقصّرا حتى يدخل أهله؟ قال: بل يكون مقصّرا حتى يدخل أهله «1».
و في الصحيح عن العيص بن القاسم، عن الصادق- عليه السلام- قال:
لا يزال المسافر مقصّرا حتى يدخل بيته «2».
و الجواب: المراد بذلك ما ذكرناه. فانّ من سمع الأذان أو شاهد الجدران يخرج عن حكم المسافر، فيكون بمنزلة من دخل منزله.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌3، ص: 142
ذلك حتى يخفى عنه أذان مصره أو يتوارى عنه جدران مدينته خرابا كانت أو عامرة، فإن كان باديا فحتى تجاوز الموضع الذي يستقرّ منزله فيه، و ان كان مقيما في واد حتى يتجاوز عرضه، و ان سار فيه طولا فحتى يغيب عن موضع منزله «1» و لم يعتبر أصحابنا ذلك. و الأقرب اعتبار الأذان حينئذ.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌3، ص: 477
مسألة: لا يجوز للمسافر الإفطار إلّا أن يغيب عنه جدران بلده،
أو يخفى عنه أذان مصره، قاله الشيخ «2»، و المفيد «3» اعتبر الأذان.
و قال ابن إدريس: المعتبر بالأذان المعتدل «4» دون الجدران، و قد سلف البحث في ذلك.
و يؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السلام- الرجل يريد السفر متى يقصّر؟ قال: إذا توارى من البيوت «5». فإن أفطر قبل ذلك وجب عليه القضاء و الكفارة، أمّا القضاء فحق، و أمّا الكفارة ففي محل المنع، لما سبق من أنّ الإفطار في اليوم الذي يسقط فيه الصوم بعده لا يوجب كفارة.
________________________________________
حلّى، علامه، حسن بن يوسف بن مطهر اسدى، مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، 9 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، دوم، 1413 ه‍ ق




عنوان: جستجو - القباب
تذكرة الفقهاء (ط - الحديثة)؛ ج‌4، ص: 379
مسألة 627: لا اعتبار بأعلام البلدان، كالمنائر و القباب المرتفعة عن اعتدال البنيان


نهاية الإحكام في معرفة الأحكام؛ ج‌2، ص: 173
و لا عبرة بأعلام البلدان، كالمنابر و القباب المرتفعة عن اعتدال البنيان، إحالة للمطلق في اللفظ على المتعارف. و الاعتبار بمشاهدة صحيح الحاسة، و سماع صحيح السمع، دون بالغ النهاية فيهما، و فاقد كمال إحداهما.


ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌4، ص: 322
و لا عبرة بأعلام البلد كالمنائر و القلاع و القباب، و لا بسماع الأذان المفرط في العلو، كما لا عبرة بخفاء الأذان المفرط في الانخفاض.




ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌4، ص: 319
الشرط السادس: أن يضرب في الأرض،
للتعليق عليه في الآية «2».
و ناطه الأصحاب بأمور ثلاثة:
أحدها: أن تتوارى جدران بلده.
و الثاني: ان يخفى عليه أذان مصره.
و الأولى في رواية محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام «3». و الثاني في رواية عبد اللّٰه بن سنان عنه عليه السّلام «4». و كلاهما صحيحا السند.
و الثالث: الاكتفاء بالخروج من منزله، و هو قول ابن بابويه في‌
______________________________
(1) مختلف الشيعة: 163.
(2) سورة النساء: 101.
(3) الكافي 3: 434 ح 1، الفقيه 1: 279 ح 1267، التهذيب 2: 12 ح 27، 4:
230 ح 676.
(4) التهذيب 4: 230 ح 675، الاستبصار 1: 242 ح 862.



ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌4، ص: 320‌
الرسالة «1». و رواه ولده مرسلا عن الصادق عليه السّلام: «إذا خرجت من منزلك فقصّر الى ان تعود اليه» «2».
و ابن الجنيد يقول في ظاهر كلامه: أنّ المسافر في خروجه يقصّر إذا فارق منزله و انقطع عنه رؤية أبيات قريته، و في رجوعه الى دخوله منزله.
قال: فان حيل بينه و بين منزله بعد وصوله إليه أتم «3».
و اعتبار الأولين هو المشهور بل يكاد يكون إجماعا. و رواية ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام مجملة، و المجمل يحمل على المبيّن.
نعم، روى إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السّلام عن المسافر يدخل بيوت الكوفة، أ يتمّ الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله؟ قال: «بل يكون مقصرا حتى يدخل اهله» «4».
و روى العيص عن الصادق عليه السّلام: «لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل اهله» «5».
و تأولهما بعض الأصحاب بأن المراد بدخول اهله سماع الأذان «6»، أو رؤية الجدران، و لا ينافي ذلك دخول الكوفة فإنها كانت واسعة الخطة، فلعلّه دخل منها ما لا يسمع فيه أذان محلته.
______________________________
(1) مختلف الشيعة: 163.
(2) الفقيه 1: 279 ح 1268.
(3) مختلف الشيعة: 164.
(4) الكافي 3: 434 ح 5، الفقيه 1: 284 ح 1291، التهذيب 3: 222 ح 555، الاستبصار 1: 242 ح 863.
(5) التهذيب 3: 222 ح 556، الاستبصار 1: 242 ح 864، و فيهما: «حتى يدخل بيته».
(6) هو الشيخ في الاستبصار 1: 242، ذيل الحديث 864.



ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌4، ص: 321‌
تنبيه:
أكثر عبارة الأولين اعتبار أحد الأمرين: من الخفاء، و عدم سماع الأذان «1».
و المرتضى اعتبر خفاءهما معا في خروجه، و في دخوله يقصر حتى يبلغ منزله «2».
و اختاره الفاضل في الدخول و الخروج «3». فعلى هذا إدراك أحدهما يجعله بحكم المقيم، سواء كان خارجا الى السفر، أو راجعا منه.
و المفيد- رحمه اللّٰه- ظاهره اعتبار الأذان «4»، و به صرّح سلار «5».
و الصدوق- في المقنع- اعتبر خفاء الحيطان «6».
و ابن إدريس نصّ على ان المعتبر بالأذان المتوسط دون الجدران «7».
و في المبسوط ظاهره ان المعتبر الرؤية، فإن حصل حائل فالأذان «8».
و المعتمد خفاء إدراكهما فيهما، عملا بالروايتين الصحيحتين أولا «9».
______________________________
(1) راجع: الخلاف 1: 128 المسألة 6، المهذب 1: 106، المعتبر 2: 473، تذكرة الفقهاء 1: 189.
(2) يوجد صدر المسألة في: جمل العلم و العمل (رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الثالثة): 47، و نقل ذيل المسألة عنه المحقق في المعتبر 2: 474، و العلامة في التذكرة 1: 189.
(3) تذكرة الفقهاء 1: 189، نهاية الإحكام 2: 172.
(4) المقنعة: 55.
(5) المراسم: 75.
(6) المقنع: 37.
(7) السرائر: 74.
(8) المبسوط 1: 136.
(9) راجع ص 319 الهامش 3، 4.



ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌4، ص: 322‌
فروع:
يكفي سماع الأذان من آخر البلد، و كذا رؤية آخر جدرانه. اما لو اتسعت خطة البلد بحيث تخرج عن العادة، اعتبرنا محلته و أذانها كما أوّلنا به الرواية.
و لا عبرة بأعلام البلد كالمنائر و القلاع و القباب، و لا بسماع الأذان المفرط في العلو، كما لا عبرة بخفاء الأذان المفرط في الانخفاض.
و الأقرب اجراء الصوت العالي مجرى الأذان، و التمثيل بالأذان لأنه أبلغ الأصوات.
و لو كانت القرية في علو مفرط أو وهدة اعتبر فيها الاستواء تقديرا، و ساكن الحلة (يعتبر الأذان. و في القرى المفرطة في انخفاض البيوت يحتمل ذلك و تقدير رؤية الجدار) «1»، و كذا يحتمل رؤية الجدار في حلة البادية.
و تقارب القريتين لا يجعلهما بحكم الواحدة، و ان كثر اختلاطهما و دخول أهل كل منهما الأخرى من غير تغيير زي.
فحينئذ المسافر من إحداهما في صوب الأخرى يعتبر جدار قرينة و أذانها.
و لو منع المسافر من تمام السفر، فان كان قبل محل الترخّص أتمّ، و ان تجاوز محل الرخصة و رجا زوال المانع و جزم بالسفر قصّر.
و لو سافر في السفينة، فردّته الريح الى ان أدرك أحد الأمرين: من‌
______________________________
(1) سقط من م، أثبتناه من س.
ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌4، ص: 323‌
الجدار و الأذان، أتمّ.
و لو عاد المسافر لحاجة قبل بلوغ المسافة أتمّ في طريقه، لخروجه عن اسم المسافر. نعم، لو كان غريبا فهو باق على القصر، و إن كان قد نوى المقام عشرا فيه، أو مضى عليه ثلاثون يوما.
و ها هنا أمور اشتر
________________________________________
عاملى، شهيد اول، محمد بن مكى، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، 4 جلد، مؤسسه آل البيت عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1419 ه‍ ق





مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان؛ ج‌3، ص: 397
السادس: خفاء الجدران (1) و الأذان، فلا يترخص قبل ذلك، و هو نهاية التقصير.
______________________________
قوله: «السادس خفاء الجدران إلخ»‌
المذكور: هو المشهور بين المتأخرين:
و الاكتفاء بأحد هما هو المشهور بين أكثر المتقدمين على ما قيل، فكأنه الأظهر: لصدق الضرب في الأرض، و السفر، و الخروج من بيته، فيدخل بخفاء أحدهما تحت أدلة‌



مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌3، ص: 398‌
..........
______________________________
القصر: من الآية و الاخبار، و لأنهم أعرف بالاخبار، و الاحكام، لكونهم أقرب الى المآخذ، و لأنه أقرب الى الجميع بين الاخبار، الدالة على اعتبارهما، و بين الاخبار الدالة على انه لا بد من الدخول الى المنزل و الأهل: و بينها، و بين ما روى مرسلا من الاكتفاء بالخروج من المنزل، كما هو مذهب على بن بابويه فيهما على ما نقل في المختلف: بان يقال: القرب من الدخول و الخروج، يسمى دخولا و خروجا، فيصار اليه للجمع كما قيل.
و جعل العلامتين المتعارضتين، علامة لحكم شرعي، كثير في الشرع، مثل الأشبار و الوزن في الكر، و سير يوم و ثمانية فراسخ، و في نزح البئر و غير ذلك.
و لصحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يريد السفر فيخرج متى يقصر؟ قال: إذا توارى من البيوت «1» و صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن التقصير؟ قال: إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصر و إذا قدمت من سفرك فمثل ذلك «2» كذا رأيتها في التهذيب و الاستبصار و المختلف و الشرح: و في المنتهى فيها زيادة [3] ما عرفت موضعها.
لان الجمع بينهما بالحمل على التخيير، اولى من الحمل على الجمع لما مر.
و لان الجمع بالتخيير لا يلزم منه شي‌ء إلا ترك مفهوم كل واحدة بمنطوق أخرى: لأنه إذا قصر وقت عدم سماع الأذان مثلا، مع عدم التواري و سئل عن ذلك: يقول لقوله عليه السلام (إذا كنت لا تسمع) و معلوم تحققه، و الأصل عدم شرط آخر، بل الظاهر أيضا ذلك إذ لو كان شي‌ء أخر لزم التأخير عن وقت الحاجة،
______________________________
[3] المراد من الزيادة التي نقلها في المنتهى، هي جملة (إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتم) و هذه الجملة موجودة في النسخة الموجودة عندنا من التهذيب، و اما في الاستبصار فخالية عنها، راجع المنتهى صفحة (391) في صلاة المسافر، و كتاب جامع احاديث الشيعة باب (17) من أبواب صلاة المسافر حديث: 1‌
______________________________
(1) الوسائل باب (6) من أبواب صلاة المسافر حديث: 1‌
(2) الوسائل باب (6) من أبواب صلاة المسافر حديث: 3‌



مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌3، ص: 399‌
..........
______________________________
فإنه لا يفهم من قوله (إذا كنت إلخ) إلّا ان ذلك يكفى و ان كان لبعض العلماء فيه بحث.
على ان اعتبار هذا المفهوم غير ظاهر، لأن (إذا) ليست بصريحة للشرط، بل هي للظرف قد يتضمن معنى الشرط، و كذا الكلام في العكس.
اما على تقدير الجمع، فلا بد من تقييد كل منهما بالاخر: بان يقال: المراد، إذا كنت لم تسمع و تواريت من البلد أيضا، و إذا توارى و لم يسمع الأذان أيضا: و كأن لذلك قال في المنتهى: خفاء الأذان أو غيبوبة الجدران شرط في الترخص، ذهب إليه أكثر علمائنا، و أشار الى خلاف على بن بابويه بقوله: و قال بعض الأصحاب: الحديث هنا (إذا خرج من منزله قصر) ثم نقل خلاف العامة.
و ما رأيت له حديثا الا ما روى ابنه في الفقيه، قال بعد رواية محمد بن مسلم المتقدمة، و قد روى عن الصادق عليه السلام انه قال: إذا خرجت من منزلك فقصر الى ان تعود اليه «1» و هي لا تصلح معارضة للصحيحتين المشهورتين المعتضدتين بما مر، و هما مبينتان للجملة من الآية و الاخبار، فلا تكون تلك أيضا أدلة له: و لعله ظهر لك وضوح جمع المتقدمتين، بالتخيير، فقول الشارح انه ليس بواضح، ليس بواضح، و أيضا أنهما مؤيدتان للاعتبار بوقت الفعل، لا وقت الوجوب، و سيجي‌ء تحقيقه، هذا في الابتداء.
و اما في الانتهاء: فعلى المذهب المشهور للمتأخرين، يكفي لانتهاء القصر و وجوب التمام، انتفاء أحد الأمرين المفهومين من الخبرين، و على مذهب المتقدمين المشهور، لا بد من رفعهما معا على الظاهر، لأنه إذا كان أحدهما كافيا لوجوب القصر، فلا يرتفع ذلك الا برفع الموجب، و لا يتحقق الا برفعهما معا.
و نقل عن السيد و ابن الجنيد و على بن بابويه عدم الانتهاء الا بدخول البيت و الأهل، و هو المناسب لمذهب علي دون مذهب السيد و ابن الجنيد في الابتداء.
______________________________
(1) الوسائل باب (7) من أبواب صلاة المسافر حديث: 5‌



مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌3، ص: 400‌
..........
______________________________
و يدل عليه ما روى في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون مسافرا ثم يدخل و يقدم فيدخل بيوت مكة (الكوفة يب) أ يتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل اهله؟ قال: بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله «1» الا ان في إسحاق قولا بأنه فطحي، غير انه ثقة و ممدوح جدا في كتاب النجاشي، و قال الشيخ انه ثقة و أصله معتمد و قال انه فطحي، و أيضا ليس بمتفرد فيه، و يفهم القبول حينئذ من الخلاصة أيضا.
و صحيحة عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته «2» و ظاهر الآية و اخبار القصر أيضا معهم في الجملة: و قال الشيخ: [3] فلا تنافي بينهما و بين الأول، يعني صحيح عبد اللّه بن سنان المتقدم، لجواز ان يكون معنى قوله (دخل بيوت مكة) ان يكون قريب الدخول من مكة مع عدم سماع الأذان، لأنه ليس من شرط الأذان الإجهار الشديد.
و بمثله أجاب المصنف في المنتهى و المختلف، مع قوله: انه لا بد من التأويل للجمع، و لا يمكن التأويل في روايتنا، و يمكن في هاتين بهذا الوجه.
و لا يخفى أنه مؤيد لما مر: من اعتبارهما معا، و ان خفاء الأذان أقرب من خفاء الجدران كما نجده: و لهذا توجه الشيخ الى توجيه الأذان أكثر.
______________________________
[3] قال في الاستبصار بعد نقل خبر عبد اللّه بن سنان أولا و خبري عيص بن قاسم و إسحاق بن عمار ثانيا ما هذا لفظه: فلا تنافي بين هذين الخبرين، و الخبر الأول. لأن قوله: لا يزال مقصرا حتى يدخل أهله أو بيته. يكون مطابقا لما ذكره في الخبر الأول، من انه: إذا خفي عليه الأذان قصر، بان يكون حد دخوله إلى أهله غيبوبة الأذان عنه. و كون قوله: فيدخل بيوت مكة، يجوز ان يكون المراد به ما قرب من مكة، و ان كان بحيث لا يسمع من يحصل فيها الأذان، لأنه ليس من شروط الأذان الإجهار الشديد الذي يسمع من كان خارج البلد على بعد. و على هذا الوجه لا تنافي بين الاخبار انتهى‌
______________________________
(1) الوسائل باب (7) من أبواب صلاة المسافر حديث: 3‌
(2) الوسائل باب (7) من أبواب صلاة المسافر حديث: 4‌



مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌3، ص: 401‌
..........
______________________________
و حمل دخول بيوت مكة على من قرب، و لكن بحيث يتوارى البيوت عنه بعد، بعيد جدا.
و يمكن ان يقال: ان مكة بلدة كبيرة يجوز خفاء الأذان المتوسط على من في أوائلها، و يكون دخول البيت كناية عن القرب التام، بحيث يخرج عن اسم السفر، و قد يتسامح في مثل ذلك، و يقال: فلان دخل بيته إذا قرب.
و أيضا يمكن حملهما على من أدرك الوقت مسافرا عند القائل بالقصر بذلك، و لو دخل البيت، فهما مؤيد ان له.
و ان الخبر الأول أيضا يوجب الحمل و التأويل، لا الثاني فقط، حيث يفهم من الإستبصار، لأنه ما نقل إلا الثاني، لأن الأول دل على ان ابتداء السفر هو من حين التواري و ان ما قبله ليس بسفر، فإذا انتهى اليه فانتهى سفره و ما بقي مسافرا، فهذا أيضا مؤيد أخر للتأويل فإن المسافر هو المقصر، و ليس هذا بمسافر حينئذ، فتأمل.
و يمكن الجمع بوجه أخر (و ان قال المصنف في المنتهى لا وجه الا ما مر) بان يقال: يحتمل ان يكون المراد ببقاء القصر جواز إبل استحبابا أيضا الى دخول البيت، و الوجوب قبل سماع الأذان، بل يمكن الوجوب أيضا، إذ لا منافاة إلا بين منطوقي الأخيرتين و مفهومي الأولتين [1] و لا ينبغي مثل هذا التأويل البعيد لذلك، لإمكان عدم اعتبار المفهوم خصوصا مثل هذا المفهوم، و ان كان الظاهر من سوق الكلام و السؤال هنا اعتباره فيما نحن فيه، فيترك بالمنطوق الأقوى.
و بالجملة: لو وجد القائل بالجواز و الاستحباب فهو حسن، و الا فمشكل، فان القول بغير المشهور- مع عدم القائل، و خلاف ظاهر بعض الاخبار الصحيحة- يحتاج إلى جرئة، و ان وجد فقد فعل الشيخ مثله كثيرا في الجمع، حيث يقول‌
______________________________
[1] يريد بالأخيرتين صحيحة إسحاق بن عمار و صحيحة عيص بن قاسم و بالأولتين صحيحة محمد بن مسلم و صحيحة عبد اللّه بن سنان المتقدمات‌



مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌3، ص: 402‌
..........
______________________________
يحتمل التخيير، و يحتمل كذا و كذا، و أظن عدم القائل بالكل، فتأمل.
و القول بما قاله جماعة مثل على بن بابويه و السيد و ابن الجنيد لو كان مرادهم الوجوب، لا يخلو عن اشكال ما، لما مر، نعم لو كان مذهبهم غير الوجوب كان القول به جيدا، فتأمل.
و الجواب عن الآية و الاخبار بمنع الدلالة على ذلك: بأنه لا يقال المسافر لمن قرب منزله و بيته و لا الضرب في الأرض، فتأمل، فإن الظاهر هو الصدق في الجملة.
فروع الأول: قالوا ان المراد الصوت المعتدل، و الجدران كذلك لا الصوت العالي و الخفي، و لا المنارة و الجدران القصيرة و نحوهما.
الثاني: قالوا ان المراد جدران أخر البلد و القرية مع الصغر، و الا فالمحلة: و كذا أذان مسجد البلد و المحلة: و يحتمل كونه من بيته، و نهاية البلد: و ظاهر الدليل خفاء جميع بيوت البلد و أذانه، و يحتمل جدران البيت و المحلة و أذانه: و التفصيل هو المشهور.
و الحاصل انه ينبغي الاحتياط عملا بخفاء الكل و اعتباره، و في الفتوى كذلك، الا مع البعد المفرط عن بيته فتعتبر المحلة.
و يحتمل الاعتدال في الحاستين أيضا كما هو المتعارف و المتبادر، و اعتبار حال المسافر الا مع العدم فيرجع الى الاعتدال و الأكثر، و اعتبار الا على بحيث لا يضر، أحوط و أظهر، و كذا يلاحظ الاعتدال في المرتفع و المنخفض، مع احتمال اعتبار الحال خصوصا في المرتفع و اختاره فخر المحققين.
الثالث: المراد الخفاء الحقيقي بحيث لا يسمع الأذان أصلا، و لا يرى الجدران، و لا يعتبر الشبح الغير المتميز على الظاهر.
الرابع: الظاهر ان الاعتبار في مثل بيوت الأعراب: بالأذان و عدم رؤية بيوتهم،



مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌3، ص: 403‌
و منتظر الرفقة (1) يقصر مع الخفاء، و الجزم، أو بلوغ المسافة، و الا أتم.
و لو نوى المقصر الإقامة في بلدة عشرة أيام (2)، أتم: و ان تردد قصر الى‌
______________________________
إذ لا جدار في الدليل، بل الأذان و البيوت، و يحتمل اعتبار محلة لهم و الجدران، و ليس بلازم كما في القرى، فان البعض صغيرة و البعض كبيرة، و فيهما تفاوت كثير.
الخامس: الظاهر ان الأمر تقريبي، و لهذا ابتنى بأمرين متفاوتين غالبا، و يقبل التفاوت بالنسبة إلى السماع و القرى و المصر و محل الأذان و المؤذن: و الشريعة السمحة السهلة تدل على عدم الدقة، و وجود الحكم بمجرد الصدق في الجملة، و لهذا قلنا بأحدهما، فإنه مبنى على عدم النظر الى هذه التفاوتات، و عدم بيانها في الشرع، يفيد سهولة الأمر، و قطع النظر عن التفاوت في الجملة، فإنه ليس التفاوت بينهما بأكثر من التفاوت بين أفرادهما، فتأمل.
و اعلم ان مراد المصنف: ان محل ابتداء التقصير هو نهايته، و فهمه من العبارة واضح غير بعيد، و ليس في العبارة [1] قصور، فإنه أراد بالمرجع الذي هو الخفاء، اوله بنحو من الاستخدام، أو بحذف الأول، أو راجع الى ما ذكر معنى: فان الكلام في بيان السفر الشرعي و محل التقصير، فيمكن إرجاعه إلى أول مكان السفر، أو أول محل التقصير، و غير ذلك، و الأمر سهل.
________________________________________
اردبيلى، احمد بن محمد، مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، 14 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1403 ه‍ ق






مدارك الأحكام في شرح عبادات شرائع الإسلام؛ ج‌4، ص: 456
الشرط السادس: لا يجوز للمسافر التقصير حتى تتوارى‌ جدران البلد الذي يخرج منه أو يخفى عليه الأذان. (1)
______________________________
قوله: (الشرط السادس، لا يجوز للمسافر التقصير حتى تتوارى‌ جدران البلد الذي يخرج منه أو يخفى عليه الأذان).
(1) ما اختاره المصنف رحمه اللّه من الاكتفاء بجواز التقصير بخفاء الأذان أو الجدران قول أكثر الأصحاب، و اعتبر الشيخ في الخلاف «1»، و المرتضى «2»، و أكثر المتأخرين خفاءهما معا. و قال ابن إدريس: الاعتماد عندي على الأذان المتوسط دون الجدران «3». و قال الشيخ عليّ بن بابويه: و إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه «4». و المعتمد الأول.
لنا: أن فيه جمعا بين ما رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال، قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل يريد السفر فيخرج متى يقصر؟ قال: «إذا توارى من البيوت» «5» و ما رواه في الصحيح أيضا، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام: أنه سأله عن التقصير فقال: «إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع الأذان فقصر، و إذا قدمت من سفرك مثل ذلك» «6».
و هذا الجمع أعني الاكتفاء بخفاء الأذان أو الجدران في لزوم القصر أولى من الجمع بتقييد كل من الروايتين بالأخرى و اعتبار خفائهما معا كما اختاره المتأخرون فإنه بعيد جدا.
و ذكر الشارح أن المعتبر في رؤية الجدار صورته لا شبحه «7». و مقتضى الرواية اعتبار التواري من البيوت، و الظاهر أن معناه (وجود الحائل بينه و بينها‌
______________________________
(1) الخلاف 1: 222.
(2) جمل العلم و العمل: 77.
(3) السرائر: 74.
(4) نقله عنه في المختلف: 163.
(5) التهذيب 3: 224- 566، الوسائل 5: 505 أبواب صلاة المسافر ب 6 ح 1.
(6) التهذيب 4: 230- 675، الإستبصار 1: 242- 862، الوسائل 5: 506 أبواب صلاة المسافر ب 6 ح 3.
(7) المسالك 1: 49.



مدارك الأحكام في شرح عبادات شرائع الإسلام، ج‌4، ص: 458‌
و لا يجوز له الترخص قبل ذلك و لو نوى السفر ليلا. و كذا في عوده يقصّر حتى يبلغ سماع الأذان من مصره. (1)
______________________________
و إن كان قليلا و أنه لا يضر رؤيتها بعد ذلك، لصدق التواري أولا) «1».
و ذكر الشهيدان أن البلد لو كانت في علو مفرط أو وهدة اعتبر فيها الاستواء تقديرا «2». و يحتمل قويا الاكتفاء بالتواري في المنخفضة كيف كان، لإطلاق الخبر.
و المرجع في الأذان إلى الأذان المتوسط، فلا عبرة بسماع الأذان المفرط في العلو، كما لا عبرة بخفاء الأذان المفرط في الانخفاض، و يكفي سماع الأذان من آخر البلد و كذا رؤية آخر جدرانه، أما لو اتسعت خطة البلد بحيث تخرج عن العادة فالظاهر اعتبار محلته.

قوله: (و كذا في عوده يقصّر حتى يبلغ سماع الأذان من مصره).
(1) ما اختاره المصنف- رحمه اللّه- في حكم العود أظهر الأقوال في المسألة، لقوله عليه السلام في رواية ابن سنان المتقدمة: «و إذا قدمت من سفرك مثل ذلك» «3» و إنما لم يكتف المصنف هنا بأحد الأمرين كما اعتبره في الذهاب، لانتفاء الدليل هنا على اعتبار رؤية الجدران.
و ذهب المرتضى- رضي اللّه عنه «4»- و الشيخ عليّ بن بابويه «5»، و ابن الجنيد «6» إلى أن المسافر يجب عليه التقصير في العود حتى يبلغ منزله. و ربما كان مستندهم صحيحة عيص بن القاسم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «لا‌
______________________________
(1) بدل ما بين القوسين في «ح»: استتاره عنها بحيث لا يراه من كان في البلد.
(2) الشهيد الأول في الذكرى: 259، و الدروس: 50، و البيان: 158، و الشهيد الثاني في روض الجنان: 392، و المسالك 1: 49.
(3) في ص 457.
(4) نقله عنه في المعتبر 2: 474.
(5) نقله عنهما في المختلف: 164.
(6) نقله عنهما في المختلف: 164.



مدارك الأحكام في شرح عبادات شرائع الإسلام، ج‌4، ص: 459‌
و قيل: يقصّر عند الخروج من منزله و يتم عند دخوله، و الأول أظهر.
______________________________
يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته» «1».
و موثقه إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم عليه السلام، قال: سألته عن الرجل يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أ يتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله؟ قال: «بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله» «2».
و أجاب عنهما في المختلف بأن المراد بهما الوصول إلى موضع يسمع الأذان أو يرى الجدران، فإن من وصل إلى هذا الموضع يخرج عن حكم المسافر فيكون بمنزلة من دخل منزله «3». و هو تأويل بعيد. و لو قيل بالتخيير بعد الوصول إلى موضع يسمع فيه الأذان بين القصر و التمام إلى أن يدخل البلد كان وجها حسنا.
______________________________
(1) التهذيب 3: 222- 556، الإستبصار 1: 242- 864، الوسائل 5: 508 أبواب صلاة المسافر ب 7 ح 4.
(2) الكافي 3: 434- 5، الفقيه 1: 284- 1291 و فيهما: إلى أهله، التهذيب 3: 222- 555، الإستبصار 1: 242- 863، الوسائل 5: 508 أبواب صلاة المسافر ب 7 ح 3.
(3) المختلف: 164.
________________________________________
عاملى، محمد بن على موسوى، مدارك الأحكام في شرح عبادات شرائع الإسلام، 8 جلد، مؤسسه آل البيت عليهم السلام، بيروت - لبنان، اول، 1411 ه‍ ق






ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد؛ ج‌2، ص: 411
الشرط السادس من وجوب شروط التقصير خفاء الجدران و الأذان فلا يرخص المسافر قبل ذلك ما ذكره المصنف من أن المعتبر مجموع الأمرين من خفاء الجدران و الأذان قول المرتضى و الشيخ في الخلاف و نسبه الشارح إلى المشهور بين المتأخرين و ذهب أكثر الأصحاب إلى أن المعتبر أحد الأمرين المذكورين و نسبه الشارح الفاضل إلى أكثر المتقدمين و قال الشيخ علي بن بابويه إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه و اعتبر المفيد الأذان و كذا سلار‌
و قال ابن إدريس الاعتماد عندي الأذان المتوسط و الصدوق في المقنع اعتبر خفاء الحيطان و الذي وصل إلي في هذا الباب من الأخبار ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع رجل يريد السفر فيخرج حتى يقصر قال إذا توارى من البيوت و عن عبد اللّٰه بن سنان في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع أنه سأله عن التقصير فقال إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع الأذان فقصر و إذا قدمت من سفرك مثل ذلك فالمصنف و من وافقه في القول بأنه يعتبر المجموع و جمعوا بين الروايتين باعتبار الأمرين معا فيلزم ارتكاب التخصيص في الخبرين معا‌
و أما القائلون بالتخيير فجمعوا بينهما بأن كل واحد من الأمرين كاف في وجوب التقصير و هذا أقرب من ارتكاب التخصيص المذكور في الخبرين فإنه في قوة تأخير البيان عن وقت الحاجة مع أن غاية ما يلزم من هذا الجمع ارتكاب التخصيص في مفهوم كل واحد من الخبرين و لا ريب أن ارتكاب التخصيص في المفهوم أولى من ارتكابه في المنطوق على أن العموم في مفهومها غير واضح‌
لكن لا يخفى أن مقتضى الخبر الأول توارى المسافر من البيوت لا خفاء البيوت عنه و لا يبعد العمل بمضمون الخبر و حينئذ فالظاهر أنه يتحقق التواري بالحائل و أنه لا تضر الرؤية بعد ذلك لصدق التواري أولا و العمل باعتبار الأذان أولى و أما حجة علي بن بابويه فعلها الرواية المرسلة التي نقلها الصدوق في الفقيه حيث قال و قد روي عن الصادق ع قال إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه و لو صحت كان الجمع بالتخيير قبل الوصول إلى حد الخفاء متجها لكن صحتها غير معلومة و ممّا ذكر ظهر أن القول الثاني أقوى و ذكر الشهيد أن البلد لو كانت في علو مفرط أو وهدة اعتبر فيها الاستواء تقديرا‌
و يحتمل قويا الاكتفاء بالتواري في المنخفضة كيف كان لإطلاق الخبر و الظاهر أنه لا عبرة بأعلام البلد كالمنارة و القلاع و القباب قالوا و لا عبرة بسماع الأذان المفرط في العلو كما أنه لا عبرة بخفاء الأذان في المفرط في الانخفاض فيكون الرواية مبنية على الغالب قالوا المراد جدران آخر البلد الصغير و القرية و إلا فالمحلة و كذا أذان مسجد البلد و المحلة و يحتمل البيت و نهاية البلد فظاهر الرواية خفاء جميع بيوت البلد و أذانه و يحتمل البيوت المتقاربة من بيته و كذا أذانها و ذكر بعضهم أن المعتبر في رؤية الجدار صورته لا شبحه‌
و هو أي خفاء الأمرين نهاية التقصير فيقصر إلى أن ينتهي إلى ظهور أحد الأمرين و ذهب بعض الأصحاب إلى اعتبار الأذان هاهنا و ذهب المرتضى و علي بن بابويه و ابن الجنيد إلى أن المسافر يجب عليه التقصير في العود حتى يبلغ منزله و يدل على القول الثاني صحيحة عبد اللّٰه بن سنان السابقة و على القول الثالث ما رواه الشيخ عن العيص بن القاسم في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع قال لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته‌
و عن العيص بن القاسم في الصحيح أيضا قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر ثم يدخل بيته قبل أن يصليها قال يصليها أربعا و قال لا يزال يقصر حتى تدخل بيته و عن إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي إبراهيم ع قال سألته عن الرجل يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أ يتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله قال بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله‌
و أجاب المصنف في المختلف بأن المراد الوصول إلى موضع يسمع الأذان أو يرى الجدران فإن من حصل إلى هذه المواضع يخرج عن حكم المسافر فيكون بمنزلة من دخل منزله و هو تأويل بعيد و الأقرب في الجمع بين هذه الأخبار و خبر عبد اللّٰه بن سنان القول بالتخيير بعد الوصول إلى موضع يسمع فيه الأذان و بين القصر و الإتمام فلو قيل بذلك لم يكن بعيدا من الصواب و إن لم يختر ذلك بناء على عدم ظهور القائل به فالوقوف على ظواهر هذه الأخبار و ارتكاب التأويل في خبر ابن سنان أولى بأن يقال الغرض متعلق بمنطوقه دون مفهومه فالمراد أن المسافر يقصر إلى هذه الغاية و إن قصر بعدها أيضا‌
و منتظر الرفقة يقصر مع الخفاء إلى خفاء الجدران و الأذان و الجزم أي الجزم بالسفر إلى المسافة سواء وصلت الرفقة أم لا
________________________________________
سبزوارى، محقق، محمد باقر بن محمد مؤمن، ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد، 2 جلد، مؤسسه آل البيت عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1247 ه‍ ق






كفاية الأحكام؛ ج‌1، ص: 159
الخامس: حدّ الترخّص‌
و اختلف الأصحاب فيه، فذهب جماعة إلى أنّ المعتبر خفاء الجدران و الأذان معاً «5». و ذهب أكثر الأصحاب إلى أنّ المعتبر أحد الأمرين. و بعضهم اعتبر خفاء الأذان «6». و بعضهم اعتبر خفاء الجدران «7».
و يستفاد من صحيحة محمّد بن مسلم أنّ حدّ الترخّص خفاء المسافر عن البيوت «8» و على هذا فالظاهر حصول ذلك بالحائل، و الظهور بعد الخفاء بالحائل لا يضرّ.
و يستفاد من صحيحة عبد اللّٰه بن سنان أنّ حدّ الترخّص خفاء الأذان «9». و الظاهر جواز العمل بكلّ واحد من الصحيحتين.
______________________________
(1) الوسائل 5: 519، الباب 12 من أبواب صلاة المسافر الحديث 5.
(2) المختصر النافع: 51، التذكرة 4: 394، الذكرى 4: 316.
(3) الدروس 1: 212.
(4) الوسائل 5: 519، الباب 12 من أبواب صلاة المسافر، ح 5.
(5) الخلاف 1: 572، المسألة 324، رسائل السيّد المرتضى المجموعة الثالثة: 47، و نقله عن ابن أبي عقيل في المختلف 3: 110.
(6) المراسم: 75.
(7) المقنع: 37.
(8) الوسائل 5: 505، الباب 6 من أبواب صلاة المسافر، ح 1.
(9) الوسائل 5: 506، الباب 6 من أبواب صلاة المسافر، ح 3.



كفاية الأحكام، ج‌1، ص: 160‌
و قالوا: المراد جدران آخر البلد الصغير و القرية، و إلّا فالمحلّة، و كذا أذان مسجد البلد و المحلّة «1». و يحتمل البيت و نهاية البلد، و ظاهر الرواية خفاء جميع بيوت البلد و أذانه. و يحتمل البيوت المتقاربة من بيته و كذا أذانها. و ذكر بعضهم أنّ المعتبر صورة الجدار لا الشبح «2».
و أمّا في العود فذهب جماعة من الأصحاب إلى أنّه يقصّر إلى أن يبلغ حدّا يظهر أحد الأمرين «3». و ذهب بعضهم إلى اعتبار الأذان هاهنا «4». و ذهب جماعة إلى أنّ المسافر يجب عليه التقصير في العود إلى أن يبلغ منزله «5» و الأحوط نظراً إلى الأدلّة العمل به.
________________________________________
سبزوارى، محقق، محمد باقر بن محمد مؤمن، كفاية الأحكام، 2 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1423 ه‍ ق







الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌11، ص: 404
السابع [خفاء الجدران]
- من الشروط المتقدمة ان يتوارى عن البيوت- بمعنى انه لا يراه أحد ممن كان عند البيوت التي هي آخر خطة البلد- أو يخفى عليه أذان البلد، و المراد كفاية أحدهما في ترخص القصر و الانتقال من الإتمام إلى التقصير.
و الأصل في هذين الشرطين‌
ما رواه المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) في الصحيح عن محمد بن مسلم «2» قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل يريد السفر متى يقصر؟ قال إذا توارى من البيوت».
و ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عنه عليه السلام «3» قال: «سألته‌
______________________________
(1) ص 390.
(2) الوسائل الباب 6 من صلاة المسافر.
(3) الوسائل الباب 6 من صلاة المسافر.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌11، ص: 405‌
عن التقصير قال إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتم و إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصر، و إذا قدمت من سفرك فمثل ذلك».
و ما رواه البرقي في المحاسن في الصحيح عن حماد بن عثمان عن رجل عن ابى عبد الله عليه السلام «1» قال: «إذا سمع الأذان أتم المسافر».
و قال في كتاب الفقه الرضوي «2» «و ان كان أكثر من بريد فالتقصير واجب إذا غاب عنك أذان مصرك، و ان كنت في شهر رمضان فخرجت من منزلك قبل طلوع الفجر الى السفر أفطرت إذا غاب عنك أذان مصرك».
و قد تقدم «3» في رواية إسحاق بن عمار المنقولة من كتاب العلل في المقام الثاني في بيان ما هو المختار من الأقوال في مسافة الأربعة الفراسخ قوله فيها «أ ليس قد بلغوا الموضع الذي لا يسمعون فيه أذان مصرهم الذي خرجوا منه. الى آخره» من ما يؤذن بكون خفاء الأذان موجبا للترخص.
و ما ذكرناه من التخيير في الترخص بين الأمرين المذكورين هو أحد الأقوال في المسألة جمعا بين اخبارها المذكورة، و هو المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) سيما المتقدمين إلا انهم عبروا هنا بخفاء جدران البلد بمعنى انه لا يجب عليه التقصير حتى يتوارى عنه جدران البلد الذي خرج منه أو يخفى عليه أذانها.
و قيل بخفائهما معا و نقل عن المرتضى و الشيخ في الخلاف و نسبه شيخنا الشهيد الثاني إلى المشهور بين المتأخرين. و قال على بن بابويه: إذا خرجت من منزلك فقصر الى أن تعود اليه. و اعتبر الشيخ المفيد و سلار الأذان خاصة. و قال ابن إدريس الاعتماد عندي على الأذان المتوسط دون الجدران. و عن الصدوق في المقنع انه اعتبر خفاء الحيطان.
أقول: لا يخفى ان الظاهر من صحيحة محمد بن مسلم المذكورة و قوله فيها:
«إذا توارى من البيوت» انما هو بمعنى إذا بعد المسافر بالضرب في الأرض على وجه‌
______________________________
(1) الوسائل الباب 6 من صلاة المسافر.
(2) ص 16.
(3) ص 326.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌11، ص: 406‌
لا يراه أهل البيوت، و المراد بالتواري عن البيوت أى من أهل البيوت بتقدير مضاف كما في قوله عز و جل «وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ.» «1» أى أهل القرية. هذا هو ظاهر اللفظ بغير اشكال و به يقرب مقتضى هذا الخبر و نحوه من خبر خفاء الأذان فإن توارى المسافر عن أهل البلد و خفاء الأذان متقاربان و لا يضر التفاوت اليسر، فان مدار أمثال هذه الأمور في الشرع على التقريب كما هو كذلك عرفا و تبادرا.
و أما ما ذكره الأصحاب- من حمل الخبر على خفاء البيوت عن المسافر حملا لقوله «إذا توارى من البيوت» على معنى توارى البيوت عنه- فمع كونه خلاف ظاهر اللفظ المذكور لا يخفى ما فيه من التفاوت الفاحش بين العلامتين المذكورتين، فإنه بعد أن يخفى عليه سماع الأذان لا يخفى عليه جدران البلد إلا بعد مسافة زائدة كما هو ظاهر لمن تأمل.
و السبب في اختلاف الأقوال هنا هو اختلاف الأفهام في الجمع بين أخبار المسألة، فبعضهم جمع بالتخيير كما ذكرناه إلا انه بناء على القول المشهور لا يخلو من اشكال كما عرفت، و بعض كالمرتضى و الشيخ في الخلاف و من تبعهما جمعوا بين الخبرين بتقييد كل منهما بالآخر، فيلزم ارتكاب التخصيص في كل منهما، و هو بعيد جدا بقرينة الاكتفاء بأحدهما في كل من الخبرين فهو في قوة تأخير البيان عن وقت الحاجة.
و أما من ذهب الى الاعتماد على الأذان المتوسط دون التواري فلعله لتعدد رواياته و كونه أضبط لاعتباره الأذان المتوسط مع اختلاف البيوت و الجدران في سرعة الخفاء و عدمها بحيث يرى بعضها من أزيد من فرسخ، و للتفاوت الفاحش بين خفاء الأذان و الجدران كما أشرنا إليه آنفا. و الحق هو ما ذكرناه من التخيير بناء على المعنى الذي فهمناه من الخبر.
و أما ما نقل عن الشيخ على بن بابويه فقيل ان وجهه الاعتماد على‌
ما رواه‌
______________________________
(1) سورة يوسف الآية 82.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌11، ص: 407‌
ابنه الصدوق في الفقيه مرسلا «1» حيث قال: و قد روى عن الصادق عليه السلام انه قال: «إذا خرجت من منزلك فقصر الى ان تعود اليه».
قال في الذخيرة: و لو صحت كان الجمع بالتخيير قبل الوصول الى حد الخفاء متجها لكن صحتها غير معلوم. انتهى.
أقول: و مثل هذه الرواية‌
ما رواه الشيخ في الموثق عن على بن يقطين عن ابى الحسن عليه السلام «2» «في الرجل يسافر في شهر رمضان أ يفطر في منزله؟ قال إذا حدث نفسه في الليل بالسفر أفطر إذا خرج من منزله. الخبر».
و يمكن أن يكون مثلهما ايضا‌
ما رواه في المحاسن في الصحيح عن حماد بن عثمان عن رجل عن ابى عبد الله عليه السلام «3» «في الرجل يخرج مسافرا؟ قال يقصر إذا خرج من البيوت».
بحمل البيوت على بيت المسافر، مع إمكان حملها على بيوت البلد، و المراد من الخروج منها التواري المعتبر في الترخص جمعا بينها و بين روايات المسألة و لعله الأقرب.
هذا. و لا يخفى عليك ان ما صرح به الشيخ المشار اليه هنا عن ما ذكره‌
في كتاب الفقه الرضوي حيث قال عليه السلام «4»: «و ان خرجت من منزلك فقصر الى أن تعود اليه».
و منه يعلم ان مستنده إنما هو الكتاب المذكور على الطريقة التي عرفتها في غير مقام من ما تقدم و سيأتي ان شاء الله تعالى.
و بذلك يظهر لك قوة ما ذهب اليه الشيخ المذكور لدلالة هذه الروايات المذكورة عليه، و لا وجه للجمع بينها و بين ما دل من الأخبار المتقدمة على اناطة التقصير بمحل الترخص إلا ما ذكره في الذخيرة من التخيير قبل وصول حد الخفاء إلا انه يخدشه لفظ الضرب في آية السفر لترتب التقصير فيها على الضرب في‌
______________________________
(1) الوسائل الباب 7 من صلاة المسافر.
(2) الوسائل الباب 5 ممن يصح منه الصوم.
(3) الوسائل الباب 6 من صلاة المسافر.
(4) ص 16.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌11، ص: 408‌
الأرض الذي هو عبارة عن السير فيها، و حينئذ فيكون ما دلت عليه هذه الأخبار مخالفا لظاهر الآية، و اخبار الترخص بوصول حد الخفاء منطبقة عليها و موافقة لها فترجح بذلك على هذه الأخبار، و لا يبعد حمل هذه الأخبار على التقية كما احتمله بعض أصحابنا أيضا و لعله الأرجح و ان لم يعلم القائل منهم بذلك «1» و كيف كان فالقول المعتمد في المسألة ما قدمنا ذكره أولا. و الله العالم.
تنبيهات‌
الأول [تحقيق حد الترخص من جهة البيوت]
- قال في المدارك: و ذكر الشارح ان المعتبر في رؤية الجدار صورته لا شبحه و مقتضى الرواية اعتبار التواري من البيوت، و الظاهر ان معناه وجود الحائل بينه و بينها و ان كان قليلا و انه لا يضر رؤيتها بعد ذلك لصدق التواري أولا و ذكر الشهيدان ان البلد لو كانت في علو مفرط أو وهدة اعتبر فيها الاستواء تقديرا و يحتمل قويا الاكتفاء بالتواري في المنخفض كيف كان لا طلاق الخبر. انتهى.
هكذا في بعض نسخ الكتاب و في بعضها: و مقتضى الرواية التواري من البيوت و الظاهر ان معناه استتاره عنها بحيث لا يرى لمن كان في البلد و ذكر الشهيدان.
الى آخر ما تقدم.
و الظاهر ان النسخة الأولى هي القديمة التي خرجت عنه أولا و الثانية تضمنت العدول عن ما ذكره أولا، و قد وقع له مثل ذلك في مواضع من شرحه هذا كما في مسألة القراءة في صلاة الجمعة، إلا ان قوله بعد ذكر ما نقله عن الشهيدين في العلو‌
______________________________
(1) في المغني ج 2 ص 259 عن سليمان بن موسى و عطاء انهما باحا القصر في البلد لمن نوى السفر، و عن الحارث بن أبي ربيعة انه أراد سفرا فصلى في منزله ركعتين و فيهم الأسود بن يزيد و غير واحد من أصحاب عبد الله، ورى عبيد بن جبير قال: كنت مع ابى بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ثم قرب غداءه فلم يجاوز حتى دعا بالسفرة ثم قال اقترب. قلت أ لست ترى البيوت؟ قال أبو بصرة أ ترغب عن سنة رسول الله «ص» فأكل رواه أبو داود.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌11، ص: 409‌
المفرط و الوهدة: «و يحتمل قويا الاكتفاء بالتواري في المنخفض» انما ينطبق على النسخة الأولى التي عدل عنها و هو قد أصلح هذا الموضع و غفل عن ذلك، و بيان ذلك ان الظاهر ان ما اشتملت عليه هذه النسخة الأخيرة يرجع الى ما اخترناه في معنى الرواية و ان المراد منها خفاء المسافر عن أهل البلد لا خفاء البلد عن المسافر، و حينئذ فقوله بعد نقله عن الشهيدين اعتبار الاستواء في البلد بان لا تكون في علو مفرط و لا وهدة: «و يحتمل قويا. الى آخره» إنما يتجه على النسخة القديمة، اللهم إلا أن يريد بعبارته الأخيرة و قوله: «استتاره عنها بحيث لا يرى لمن كان في البلد» هو الاستتار كيف اتفق و لو بوجود الحائل، إلا انه لا يظهر حينئذ لهذا العدول عن العبارة الأولى الى هذه العبارة وجه لرجوع هذه العبارة بهذا المعنى إلى العبارة الأولى كما لا يخفى.
و كيف كان فإنه ينبغي أن يعلم ان المراد من قوله عليه السلام: «إذا توارى» إنما هو التواري و الخفاء بالضرب في الأرض و السير فيها و البعد عن البلد كما دلت عليه الآية الشريفة لا التواري كيف اتفق كما توهمه، فان قوله عز و جل «وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ» الذي هو شرط التقصير إنما يتحقق بالسير فيها و البعد عن البلد، و هي و ان كانت مجملة في قدر البعد إلا ان النصوص الواردة في تحديد محل الترخص قد أوضحت إجمال الآية و ان المراد الضرب الى هذا المقدار الذي دلت عليه النصوص المشار إليها، و هذا هو المعنى الذي فهمه الأصحاب (رضوان الله عليهم) من الخبر المذكور، و لم يذهب الى هذا الوهم الذي توهمه أحد سواه (قدس سره) و من الظاهر انهم (عليهم السلام) أرادوا بهذه الأخبار وضع قاعدة كلية و بيان ضابطة جلية يترتب عليها حكم التقصير و التمام ذهابا و هو إما خفاء المسافر عن أهل البلد أو خفاء الأذان عليه، و أما وجود الحائل الذي قد يكون و قد لا يكون و قد يبعد و قد يقرب مع عدم الدليل عليه فلا يصلح لأن يكون ضابطا كليا و لا قانونا جليا. و بالجملة فإن ما ذكره (قدس سره) لا يخلو من مجازفة أو غفلة. و الله العالم.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌11، ص: 410‌
الثاني [هل يفرق بين البلدان الصغار و الكبار في حد الترخص]
- قد صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه لا عبرة بأعلام البلد كالمنارة و القلاع و القباب، قالوا: و لا عبرة بسماع الأذان المفرط في العلو كما انه لا عبرة بخفاء الأذان المفرط في الانخفاض. أقول: و الجميع من ما لا بأس به حملا للروايات المتقدمة على ما هو الغالب المعروف.
ثم انهم صرحوا أيضا بان ما دلت عليه الأخبار المتقدمة من خفاء البيوت و خفاء الأذان المراد به بيوت البلد و أذانه بالنسبة إلى القرية و البلد الصغيرة أو المتوسطة، و أما لو كان البلد كبيرة متسعة- قالوا و هي التي اتسعت خطتها بحيث تخرج عن العادة- فإنهم جعلوا لكل محلة منها حكم نفسها بالنسبة إلى تقدير مسافة الترخص التي هي عبارة عن خفاء الأذان و الجدران عند السفر منها، فقالوا ان الاعتبار في خفاء الأذان و الجدران الموجب للتقصير مبدأه من آخر خطة البلد إلا ان تكون متسعة على الوجه المذكور فالمعتبر جدران آخر المحلة، و كذا أذان مسجد المحلة.
و لم نظفر لهم في هذا الفرق و التفصيل و لا في اعتبار المحلة بدليل يعتمد عليه و لم يصرح أحد منهم بالدليل على ذلك و كأنه أمر مسلم بينهم، بل ربما دلت ظواهر الأخبار المتقدمة على رده نظرا إلى إطلاقها أو عمومها.
و يعضد ذلك أيضا‌
موثقة غياث بن إبراهيم عن الصادق عن أبيه الباقر (عليهما السلام) «1» «انه كان يقصر الصلاة حين يخرج من الكوفة في أول صلاة تحضره».
و التقريب فيها انه لا ريب ان الكوفة كانت من البلدان العظام المتسعة و الخبر دل على انه إنما يقصر الصلاة بعد الخروج منها، و الخروج منها و ان كان بحسب ما يتراءى في بادئ النظر مجملا إلا أنك بمعونة ما عرفت سابقا من أن حدود البلد عبارة عن ما ينتهى إلى محل الترخص فالمراد بالخروج منها حينئذ هو الوصول الى ذلك المكان، و لو كان الحكم كما ذكروه من الاعتبار بالمحلة في البلد المتسعة و الحال ان هذه البلد كذلك‌
______________________________
(1) الوسائل الباب 6 من صلاة المسافر.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌11، ص: 411‌
لما أخر التقصير الى الخروج منها و لما علق الحكم بها بل ينبغي ان يعلقه بالمحلة.
و روى البرقي في المحاسن في الصحيح عن حماد بن عثمان عن رجل عن ابى عبد الله عليه السلام «1» قال: «المسافر يقصر حتى يدخل المصر».
و التقريب فيه كما تقدم من أن المراد بدخول المصر الوصول إلى أول حدوده و هو تجاوز محل الترخص داخلا، فإنه لما كانت حدود البلد منتهية إلى المكان المشار اليه فبدخولها يصدق دخول المصر كما هو ظاهر، و من الظاهر ان لفظ المصر انما يطلق على البلدان المتسعة دون القرى و البلدان الصغار، و لذا قالوا للكوفة و البصرة المصرين كما وقع في الأخبار و كلام أهل اللغة، و كثيرا ما تراهم في كلامهم سيما في باب صلاة الجمعة يقابلون بين الأمصار و القرى، و لو كان الأمر كما يدعونه من الاعتبار بالمحلة في البلد المتسعة لم يجعل هنا غاية التقصير ما ذكرناه بل غايته باعتبار المحلة و سماع أذانها أو رؤية جدرانها.
على ان اللازم من ما ذكروه هنا انه لو عزم على الإقامة في البلد المتسعة فالواجب مراعاة المحلة، بمعنى ان ما صرحوا به في حكم من أقام عشرة في بلد خاصة- من انه لا يجوز له تجاوز محل الترخص منها و انه متى نوى ذلك في أصل نية الإقامة بطلت نيته- يجري في المحلة، فعلى هذا لا يجوز له الخروج إلى سائر المحاليل الخارجة عن هذا المقدار بالنسبة إلى محلته، و هو مع كونه لم يصرحوا به في تلك المسألة موجب للحرج في منع المسافر المقيم من التردد في البلد لقضاء حوائجه و مطالبه كما هو الغالب الذي عليه كافة الناس، مع انه لم يظهر له أثر و لا خبر في الأخبار سيما مع عموم البلوى به مضافا الى أصالة براءة الذمة منه.
و بالجملة فإن ما صرحوا به هنا من هذا التفصيل لا يخلو من الاشكال كما عرفت. و الله العالم.
الثالث [حد الترخص في الإياب]
- قد عرفت الكلام في حد الترخص حال الذهاب و ما فيه من الخلاف‌
______________________________
(1) الوسائل الباب 6 من صلاة المسافر.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌11، ص: 412‌
بين الأصحاب و ما هو المختار في الباب، و قد اختلفوا أيضا في حكم الإياب فظاهر القولين المشهورين المتقدمين- من اعتبار التخيير بين خفاء الأذان و خفاء الجدران كما هو المشهور بين المتقدمين أو اعتبارهما معا كما هو المشهور بين المتأخرين- هو كون ذلك في الذهاب و الإياب، إلا ان المرتضى الذي هو أحد القائلين بالقول المشهور بين المتأخرين ذهب هنا الى ما ذهب اليه الشيخ على بن بابويه و ابن الجنيد من القول بالتقصير الى المنزل، و قد عرفت الاختلاف في الذهاب بين مذهب المرتضى و الشيخ المذكور.
و ذهب المحقق في الشرائع إلى موافقة المتقدمين في الذهاب و هو الاكتفاء بأحد الأمرين و خالفهم في الإياب فذهب الى وجوب التقصير حتى يسمع الأذان و اختاره في المدارك عملا بصحيحة ابن سنان «1».
قال في المدارك بعد نقل عبارة المحقق في ذلك: ما اختاره المصنف (قدس سره) في حكم العود أظهر الأقوال في المسألة لقوله عليه السلام في‌
رواية ابن سنان المتقدمة «2» «و إذا قدمت من سفرك فمثل ذلك».
و انما لم يكتف المصنف هنا بأحد الأمرين كما اعتبره في الذهاب لانتفاء الدليل هنا على اعتبار رؤية الجدران.
و الأظهر عندي بالنسبة إلى الذهاب ما تقدم من التخيير عملا بالروايتين المتقدمتين و جمعا بينهما بذلك، و أما في الإياب فهو ما ذهب اليه الشيخ على بن بابويه و من تبعه.
لنا على الأول ما عرفت و على الثاني الأخبار المتكاثرة التي قدمناها في التنبيه الذي في آخر المقام الثاني من مقامات الشرط الرابع «3» فإنها صحيحة متكاثرة متعاضدة الدلالة على ما قلناه.
و الأصحاب (رضوان الله عليهم) لم يذكروا ما قدمنا ذكره كملا و إنما أوردوا بعض ذلك و أجابوا عن ما نقلوه منها.
______________________________
(1) ص 404 و 405.
(2) ص 404 و 405.
(3) ص 376.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌11، ص: 413‌
فمن ذلك ما أجاب به في الروض حيث قال بعد تصريحه باختيار ما ذهب اليه المصنف من اعتبارهما معا ذهابا و إيابا كما قدمنا نقله عنهم: و خالف هنا جماعة حيث جعلوا نهاية التقصير دخول المنزل استنادا الى اخبار تدل على استمرار التقصير الى دخول المنزل، و لا صراحة فيها بالمدعى فان ما دون الخفاء في حكم المنزل. انتهى.
و هو راجع الى ما أجاب به العلامة في المختلف ايضا حيث قال بعد أن أورد صحيحة العيص و موثقة إسحاق بن عمار: المراد بهما الوصول الى موضع يسمع الأذان و يرى الجدران فان من وصل الى هذا الموضع يخرج عن حكم المسافر فيكون بمنزلة من يصل الى منزله. انتهى.
و فيه ان جملة من اخبار المسألة التي قدمناها قد صرحت بوجوب التقصير بعد دخول البلد و قصرت الإتمام على المنزل:
مثل قوله عليه السلام‌
في موثقة إسحاق بن عمار «1» التي ذكرها «الرجل يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أ يتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله؟ قال بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله».
و في صحيحة معاوية بن عمار «2» قال عليه السلام «ان أهل مكة إذا زاروا البيت و دخلوا منازلهم أتموا و إذا لم يدخلوا منازلهم قصروا».
و نحوها صحيحة الحلبي «3».
و الجميع كما ترى صريح في وجوب التقصير في البلد ما لم يدخل منزله فكيف يتم ما ذكروه من التأويل المذكور.
و صاحب المدارك و مثله الفاضل الخراساني التجأوا في الجمع بين هذه الاخبار و بين عجز صحيحة ابن سنان الى القول بالتخيير بمعنى انه بعد وصوله الى محل الترخص من سماع الأذان الذي هو مورد الرواية المذكورة فإنه يتخير بين القصر‌
______________________________
(1) الوسائل الباب 7 من صلاة المسافر.
(2) الوسائل الباب 7 من صلاة المسافر.
(3) الوسائل الباب 3 من صلاة المسافر.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌11، ص: 414‌
و الإتمام الى أن يدخل منزله.
و فيه ان ظواهر الأخبار المذكورة ظاهرة بل صريحة في وجوب التقصير ما لم يدخل منزله و لا سيما موثقة ابن بكير المتقدمة ثمة، و الأظهر أن يقال ان غاية ما تدل عليه صحيحة ابن سنان المذكورة بمنطوقها هو وجوب التقصير في الرجوع الى أن يسمع الأذان، و مفهومه انه متى سمع الأذان أتم، و المعارضة إنما حصلت بهذا المفهوم، و لا ريب في ضعف معارضة المفهوم للمنطوق سيما إذا تعدد هذا المنطوق في روايات عديدة صريحة صحيحة، فيمكن اطراحها و القول بان الغرض من الرواية إنما تعلق بالمنطوق دون المفهوم و ان المراد ان المسافر يقصر الى هذه الغاية و ان قصر بعدها ايضا. هذا على تقدير رواية الصحيحة المذكورة بحذف صدرها كما تقدمت الإشارة اليه، و أما مع ثبوته فإنها و ان دلت على ما ذكروه لكن لا يبقى وثوق به بعد معارضة الصحاح المذكورة. و ربما حمل عجزها المذكور على التقية لأن مذهب أكثر العامة كما ذهب إليه جملة من أصحابنا هو أن المسافر لا يزال مقصرا الى أن يصل الى الموضع الذي ابتدأ فيه بالقصر فيتم بعده «1» إلا ان بعضهم ايضا احتمل حمل هذه الأخبار على التقية كما يظهر من صاحب الوسائل، و الظاهر ان الأمر بالعكس انسب لما ذكرناه. و كيف كان فالأظهر‌
______________________________
(1) في الفقه على المذاهب الأربعة ج 1 ص 432 الى 435: عند الحنفية إذا عاد المسافر الى المكان الذي خرج منه بعد قطع مسافة القصر فإنه لا يتم إلا إذا عاد بالفعل فلا يبطل القصر بمجرد نية العود و لا بالشروع فيه. و عند المالكية إذا سافر من بلد قاصدا قطع مسافة القصر ثم رجع الى بلدته الأصلية فإنه يتم بمجرد دخولها، و في حال رجوعه و سيره ينظر فان كانت مسافة الرجوع مسافة قصر قصر و عند الشافعية إذا رجع الى وطنه بعد ان سافر منه انتهى سفره بمجرد وصوله اليه سواء رجع إليه لحاجة أو لا و يقصر في حال رجوعه حتى يصل. و عند الحنابلة إذا رجع الى وطنه الذي ابتدأ السفر منه أولا فإن كانت المسافة بين وطنه و بين المحل الذي نوى الرجوع اليه قدر مسافة القصر قصر في حال رجوعه.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌11، ص: 415‌
عندي من الأخبار هو ما عرفت.
إذا عرفت ذلك فاعلم انه قد ظهر من ذكر هذه الشروط السبعة المذكورة هنا ضابطتان كليتان، و هو انه متى كملت هذه الشروط فلا يجوز الإتمام بحال إلا في مواضع قد دلت النصوص و كلام الأصحاب على استثنائها، و منها- جاهل الحكم مع استكماله الشرائط الموجبة للقصر على الأشهر الأظهر، و منها- الناسي و قد خرج الوقت.
و منها- من كان في أحد المواطن الأربعة. و الضابطة الثانية ان كل من لم يستكمل هذه الشروط فالواجب عليه التمام إلا في مواضع مستثناة ايضا، و منها- من قصر جهلا مع فقد الشرائط على الأظهر، و منها- من جد به السير و من أقام عشرة من المكارين، فان مقتضى القاعدة المذكورة وجوب الإتمام عليهم لاختلال بعض الشروط و هو عدم كون السفر عمله إلا ان النصوص و ردت بالتقصير لهم. و جميع هذه المسائل قد مضى بعضها و سيأتي ان شاء الله تعالى تحقيق القول في ما لم يتقدم له ذكر.
و الله العالم بحقائق أحكامه.
المطلب الثان
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق






الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌11، ص: 376
و اما أخبار بلد الاستيطان الدالة على انقطاع السفر بالوصول إليها فهي هذه التي نتلوها عليك: فمنها‌
موثقة إسحاق بن عمار عن ابى عبد الله عليه السلام «1» قال: «سألته عن الرجل يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أ يتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله؟ قال بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله».
و صحيحة العيص بن القاسم عن ابى عبد الله عليه السلام «1» قال: «لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته».
و روى الصدوق في الفقيه مرسلا «2» قال: و روى عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال «إذا خرجت من منزلك فقصر الى أن تعود اليه».
و موثقة ابن بكير «3» قال: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون بالبصرة و هو من أهل الكوفة له بها دار و منزل فيمر بالكوفة و انما هو مجتاز لا يريد المقام إلا بقدر ما يتجهز يوما أو يومين؟ قال يقيم في جانب المصر و يقصر. قلت: فان دخل اهله؟ قال عليه التمام».
و روى هذه الرواية‌
الحميري في كتاب قرب الاسناد عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب «4» «أنه سمع بعض الواردين يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون بالبصرة و هو من أهل الكوفة و له بالكوفة دار و عيال فيخرج فيمر بالكوفة و يريد مكة ليتجهز منها و ليس من رأيه أن يقيم أكثر من يوم أو يومين؟ قال يقيم في جانب الكوفة و يقصر حتى يفرغ من جهازه و ان هو دخل منزله فليتم الصلاة».
و أنت خبير بان سند الرواية المذكورة صحيح فبملاحظة موافقتها مع الموثقة المذكورة يجعلها في حكم الصحيح ايضا.
و صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السلام «5» قال: «ان أهل مكة إذا زاروا البيت و دخلوا منازلهم أتموا و إذا لم يدخلوا منازلهم قصروا».
و صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام «6» قال: «ان أهل مكة إذا خرجوا‌ حجاجا قصروا و إذا زاروا و رجعوا الى منازلهم أتموا».
و صحيحة عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السلام «1» قال: «سألته عن التقصير قال: إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتم و إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصر، و إذا قدمت من سفرك فمثل ذلك».
و ليس في بعض نسخ الحديث أول الحديث الى قوله «فأتم».
هذه جملة ما حضرني من أخبار المسافر إذا رجع الى بلده، و قد دلت كلها ما عدا الأخير على ان سفره انما ينقطع بدخول بيته كما هو أحد القولين في المسألة و أظهرهما، و صحيحة ابن سنان قد دلت على الانقطاع بتجاوز محل الترخص داخلا كما هو أشهرهما، و لا تعرض في شي‌ء منها بوجه من الوجوه لشي‌ء من تلك الشروط التي وقع فيها الخلاف و لا دلالة فيها على اشتراط منزل و لا ملك، و الإضافة في.








مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌10، ص: 445
______________________________
هذا و في «اللمعة «1» و البيان «2» و المفاتيح «3» و الحدائق «4»» التعبير بالتواري عن الجدران كما في الخبر «5» و «المقنع «6»» لا بتواري الجدران و خفائها عنه كما عليه جميع الأصحاب، و يأتي بيان الوجه في ذلك.
و عبارة «المبسوط» هذه: لا يجوز أن يقصّر حتّى يغيب عنه أذان مصره أو يتوارى عنه جدران بلده، و لا يجوز أن يقصّر ما دام يبين بنيان البلد سواء كانت عامرة أو خراباً، فإن اتصل بالبلد بساتين فإذا حصل بحيث لا يسمع أذان المصر قصّر «7»، انتهى. و الغرض من نقلها تأمّل بعضهم في مدلولها. و في «الذكرى «8» و الغرية» أنّ ظاهر المبسوط أنّ المعتبر الرؤية فإن حصل حائل فالأذان.
و في «المقنع» إذا توارى من البيوت «9». و لم يذكر الأذان، و نقل عنه جماعة «10» اعتبار خفاء الحيطان، و الموجود في النسخة الّتي عندي ما عرفت. و في «....





مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌10، ص: 446
و ما نقل عن عليّ بن بابويه نقل عن أبي عليّ «5»، و في «الذكرى» أنّه ظاهر كلامه «6».
و قال في «السرائر» من حيث يغيب عنه أذان البلد من المتوسّط أو يتوارى عنه جدران مدينته، و الاعتماد عندي على الأذان المتوسّط دون الجدران «7»، انتهى.
و في «الذكرى «8» و الروض «9» و غاية المرام «10»» و غيرها «11» أنّ التمثيل بالأذان لأنّه أعلى الصوت غالباً فيقوم مقامه الصوت العالي، فليتأمّل و ستعرف الحال و يأتي الكلام في جميع فروع المسألة على التمام.
و السرّ في تعبير الكلّ بتواري الجدران عنه لا تواريه عنها مع وروده في الصحيح هو أنّ المكلّف لا يدرك تواري نفسه عن الجدران إلّا على سبيل الخرص‌ و التخمين فكيف يجعله الشارع معياراً. و التواري من باب التفاعل مأخوذ فيه كونه من الطرفين كباب المفاعلة و إن كان أحدهما فاعلًا و الآخر مفعولًا، فالمراد من الصحيح أنّه إذا توارى عن البيوت تكون البيوت متوارية عنه فيعتبر المكلّف تواريها عنه.
و أيضاً لو كان المراد تواريه عن البيوت لاحتاج إلى تقدير في الكلام كأن يقال عن ناظر في البيوت أو مَن في البيوت و الأصل عدم التقدير، فمن عبّر كالصحيح جعل الطرف الآخر مَن في البيوت لا نفس البيوت كما ستسمع كلامهم بخلاف الأصحاب فإنّهم جعلوه نفس البيوت كما هو الظاهر من الحديث، فلذا اعتبر تواريها مع أنّ المناسب على قول المخالف أن يقال: أن يتوارى مَن في البيوت عنه، لأنّه تعريف له في بلوغه حدّ الترخص لا تعريف لأهل البيوت فإنّ معرفتهم كيف تنفعه إلّا أن تكون بتخمين، على أنّه على تقدير حصول المعرفة على سبيل التحقيق لا وجه للحوالة على التخمين، و وجه تمكّنه من المعرفة على سبيل التحقيق أنّه إذا نظر إلى أهل ا لبيوت و لم ير أحداً علم أنّه توارى عنهم، لأنّ الغالب تساوي الأشخاص و الأنظار.
فالمعتبر هو الخفاء عن نفس البيوت لا عن أهلها، لأنّ القصر إنّما يجب على المسافر المقابل للحاضر و المعتبر حضور بيته و منزله كما ينبّه عليه قولهم عليهم السلام «الأعراب يتمّون، لأنّ بيوتهم معهم، و منازلهم معهم «1»» فالمعتبر هو الغَيبة عن نفس البيوت لا عن أهلها، إذ ربّما كان أهلها معه في السفر و هو غير حاضر. فالتواري هو الغَيبة و الغائب في مقابلة الحاضر، و لهذا اعتبر الشارع ذلك، و لم يقل تتوارى عنه البيوت و تغيب عنه و إن كان المآل واحد، كذا أفاد الاستاذ قدس سره في «المصابيح».
ثمّ قال قدس سره: لو كان خفاء الصوت معتبراً لقال المعصوم عليه السلام إذا لم يسمع صوت‌ أهل البلد يقصّر، فالتعليق دليل على اعتبار صورة الصوت [1] و عدم كفاية الصوت [2] فيكون هذا شاهداً آخر على إرادة المعنى الالتزامي من تواريه عن الجدران، لما عرفت من أنّه لا بدّ من اتحاد المسافة في الأمارتين، إذ خفاء شبح الشخص عن أهل البيوت لعلّه لا تناسب مسافته مسافة خفاء صورة الأذان لا مجرّد الصوت، إذ كيف تطمئنّ النفس بأنّه خفي عن أهل البيوت سيّما و أن يكون المراد منها بيوت منتهى البلد و خصوصاً بعد عدم معلومية كون ناظر البيوت على سطوحها أو فوق جدرانها أو على الأرض و عدم مضبوطية قدر الارتفاع و الانخفاض و غير ذلك مع عدم مناسبة التخمين مع التحقيق «1»، انتهى. فليتأمّل فيه جيّداً.
و قال قدس سره في «المصابيح» في الردّ على مَن قال بالاكتفاء بأحدهما: هذا مستبعد فإنّا لا نرضى بقول المصوّبة فكيف نرضى بكون حكم اللّٰه تعالى تابعاً لمحض اعتبار. نعم لو كان حكم اللّٰه هو التخيير بين القصر و الإتمام فلا مانع منه فتأمّل، و مع ذلك هو خلاف ظاهر الحديثين، إذ كيف يجب القصر إن اعتبر الأذان و الإتمام إن اعتبر خفاء الجدران أو بالعكس، مع أنّ الظاهر من كلّ واحد من الخبرين وجوب الإتمام إلى الحدّ المذكور و القصر بعده، فإذا كان مسافة كلّ واحد منهما واحدة و امتداداً واحداً فلا معنى لما ذكر من الاكتفاء في جواز التقصير فإنّ كلّ واحد من الأمرين إمارة على أمرٍ واحدٍ معيّن متحد. فالأظهر أن يكون المتبادر شيئاً واحداً مقدّراً مشخّصاً. نعم لمّا لم يكن المفهوم من كلّ واحد من الخبرين ذلك الواحد المشخّص اعتبر ضمّهما معاً لتحصيل ذلك الشخص، و إن كان المراد الوسط الّذي ليس فيه إفراط و لا تفريط فإنّ الوسط أيضاً لا يفيد ذلك‌ المشخّص ما لم يعتبر ضمّهما معاً. و لو فرض حصول المشخّص من كلّ منهما لا يحتاج إلى الضمّ و معلوم أنّ الأمر ليس كذلك بل الضمّ أضبط و أدلّ، و مع ذلك لا يكاد يتشخّص إلّا أنّ المكلّف عند شكّه في وصوله إلى حدّ الترخّص يتمّ استصحاباً حتّى يثبت خلافه و لا يثبت خلافه بما ذكر من التخيير سيّما بعد ملاحظة ما ذكرنا. نعم يثبت خلافه بخفائهما معاً بالإجماع و الأخبار.
قلت: ما استبعده الاستاذ قدّس اللّٰه تعالى روحه حتّى بنى عليه ما بنى منقوض بجعل الشارع مسير اليوم و ثمانية فراسخ مع اختلافهما على الظاهر حدّاً للمسافة و تقدير الكرّ بالأشبار و الوزن و غير ذلك، فقد جعل العلامتين المتفاوتتين علامة على حكمٍ شرعي.
ثمّ قال قدس سره: فإن قلت: إنّ المعصوم جوّز لكلّ واحد من الراويين الاكتفاء بما رواه و لو لم يكفه لمّا جوّز فالتقييد بعيد، و كذا ما ذكرت. قلت: أكثر أخبارنا متعارضة و البناء على التخصيص و التقييد و غيرهما من وجوه الحمل و ما ذكرت وارد على الجميع، فما هو الجواب في غير المقام ممّا هو من المسلّمات فهو الجواب في المقام، و ارتكاب البعيد للجمع ليس بأوّل قارورة كسرت مع أنّك أيضاً ارتكبت البعيد و التقييد إلّا أن يكون مرادك ما ذكرناه من اتحاد المسافتين و أنّه يعرفها كلّ واحد من الخفائين من دون تفاوت. و هذا هو الظاهر الموافق لمدلول الصحيحين من عدم الحاجة إلى ضميمة أصلًا إلّا أن يكون بين الأمارتين تفاوت في الواقع و يحصل العلم بذلك التفاوت. و لعلّه لذلك ارتكب التقييد مَن ارتكبه و اعتبر ضمّهما معاً لكن العلم بالتفاوت مشكل، لعدم معلومية المراد من التواري على التشخيص و التعيين بحيث لا يقبل الزيادة و النقيصة أصلًا، و كذلك الكلام في طرف الأذان. و إن قلت: إنّ المراد الأذان المتوسّط فإنّه متفاوت أيضاً و كذا كيفيّة الخفاء، و كذا موضع الأذان و انخفاضه و تحرّك الهواء و سكونه و تكلّم الناس و سكوتهم، و لذا يتفاوت في الليل و النهار. فأسباب التفاوت لا تنضبط على جهة التحقيق بل على جهة التخمين مع أنّه غير معتبر بالنظر إلى الأصل و القاعدة‌ فلذا قلنا باعتبار ضمّهما. و لعلّ أمر المعصوم عليه السلام كلّ واحد من الراويين بواحدة من الأمارتين لتمكّنه منها خاصّة و لم يعلم اتحاد حال المتمكّن و غير المتمكّن في التكاليف بل الظاهر عدم الاتحاد في موضع لم يثبت الاتحاد «1»، انتهى.
قلت: ثمّ إنّ الجمع بالتخصيص أقوى و أرجح من الجمع بالتخيير حيثما تعارضا، على أنّ في الجمع بالتخيير تخصيصاً أيضاً في المفهوم، و ذاك أوفق بمقتضى الأصل و استصحاب التمام إلى ثبوت الترخيص، و ليس بثابت بأحدهما بعد تساوي الجمعين و تكافؤهما، فبطل ما في «الذخيرة «2»» و غيرها «3» من ترجيح الجمع بالتخيير. هذا على تقدير ظهور التفاوت بينهما و إلّا فالظاهر الاكتفاء بأحدهما. و قد يرجّح الجمع بالتخيير بصدق الضرب في الأرض و السفر و بكونه أقرب إلى الجمع بين الأخبار الدالّة على اعتبارهما و بين الأخبار الدالّة على أنّه لا بدّ من الدخول إلى المنزل و الأهل و بينها «4» و بين ما روي مرسلًا من الاكتفاء بالخروج من المنزل «5».
و قال في «المصابيح» أيضاً: و يمكن أن يكون ما ورد من أنّ ابتداء القصر إذا توارى عن البيوت حكم ذلك بحسب نفس الأمر و بيان اللمّ و الحكمة في اعتبار حدّ الترخص هو أنّه متى لم يتوار عن الوطن فهو في الوطن، و إذا توارى عنه و خرج عنه فقد خرج عن حدّ الحضور و دخل في حدّ الغَيبة، و ليس المراد أنّ المكلّف يعتبر هذا لابتداء قصره، لأنّه لا يعرف أنّه توارى عن البيوت، فلا يكون هذا أمارة اخرى لحدّ الترخص بل الأمارة منحصرة في خفاء الأذان كما قاله ابن‌ إدريس، فإذا أراد المكلّف أن يعرف أنّه توارى عن البيوت اعتبره بعدم سماعه الأذان المتوسط فهو المعرّف للتواري و التواري علّة ابتداء القصر و حدّ الترخص. ثمّ قال: و كيف كان لا إشكال علينا بعد اعتبار خفاء الأذان و القول باتحاد مسافته مع مسافة خفاء الجدران أو خفائه عن أهل الجدران كما هو الحقّ «1»، انتهى كلامه قدس سره فليتأمّل فيه.
و في «الحدائق» أنّ المراد من قوله عليه السلام: «إذا توارى من البيوت» التواري عن أهل البيوت بتقديرٍ مضاف، هذا هو ظاهر الخبر، و به يقرب مقتضاه من خبر خفاء الأذان، فإنّ تواري المسافر عن أهل البلد و خفاء الأذان متقاربان، و لا يضرّ التفاوت اليسير، فإنّ مدار هذه الامور في الشرع على التقريب. و أمّا ما ذكره الأصحاب فمع كونه خلاف الظاهر لا يخفىٰ ما فيه من التفاوت الفاحش بين العلامتين فإنّه بعد أن يخفى عليه سماع الأذان لا يخفى عليه جدران البلد إلّا بعد مسافة زائدة كما هو ظاهر لمن تأمّل «2»، انتهى. و قد سبقه إلى ذلك مولانا المجلسي في «شرح التهذيب «3»» و أشار إليه قبله مولانا التستري «4». و هو كلام قويّ متين لو لا ما يظهر من إطباق الأصحاب على خلافه كما ستسمع كلامهم في الفروع من عدم اعتبار الأعلام و القباب و غير ذلك.
و في «المدارك» أنّ مقتضى الرواية التواري من البيوت، و الظاهر أنّ معناه وجود الحائل بينه و بينها و إن كان قليلًا و لا يضرّ رؤيتها بعد ذلك لصدق التواري. ثمّ قال: و يحتمل قويّاً الاكتفاء بالتواري في المنخفضة كيف كان لإطلاق النصّ «5». و في نسخة اخرى من «المدارك» الظاهر أنّ معنى الرواية استتاره عن البيوت‌ بحيث لا يرى لمن كان في البلد «1». و الظاهر أنّ النسخة الثانية تضمّنت العدول عن الاولى لكن قوله «و يحتمل قويّاً الاكتفاء .. إلى آخره» إنّما ينطبق على النسخة الاولى الّتي عدل عنها، و لعلّه غفل عن إصلاح ذلك.
و في «الذخيرة» أنّ الظاهر أنّه يتحقّق التواري بالحائل و أنّه لا تضرّ الرؤية بعد ذلك لصدق التواري «2». فوافق صاحب المدارك في ذلك. و تأمّل فيه الاستاذ قدس سره فقال: فيه ما فيه «3». قلت: لأنّ المراد من التواري....






مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌10، ص: 440
[الشرط الثاني: الضرب في الأرض]
الثاني: الضرب في الأرض، فلا يكفي القصد من دونه، و لا يشترط الانتهاء إلى المسافة بل ابتداؤه‌ بحيث يخفى عليه الجدران و الأذان (1)، فلو أدرك أحدهما لم يجز القصر، و هو نهاية السفر (1)،
و لو مُنع بعد خروجه قصّر مع خفائهما و استمرار النيّة (1)، و لو ردّته الريح فأدرك أحدهما أتمّ.
______________________________
[في اشتراط الضرب في الأرض] قوله قدّس اللّٰه تعالى روحه:
الثاني: الضرب في الأرض، فلا يكفي القصد من دونه و لا يشترط الانتهاء إلى المسافة بل ابتداؤه‌ بحيث يخفى عليه الجدران و الأذان‌
الحكمان الأوّلان إجماعيان و قد نقل عليهما مستفيضاً، و أمّا الثالث ففي «الذكرى» أنّ اعتباره هو المشهور بل كاد يكون إجماعاً «1». و في «الرياض» لا خلاف فيه في الجملة إلّا من والد الصدوق فلم يعتبر هذا الشرط بالكلّية بل اكتفى بنفس الخروج من البلد «2». و في «الخلاف» الإجماع على أنّه إذا نوى السفر لا يجوز له أن يقصّر حتّى يغيب عنه البنيان و يخفى عنه أذان مصره أو جدران بلده «3». و في «المعتبر «4»» و غيره «5» أنّ قول عليّ بن بابويه شاذّ، فلا خلاف في المسألة من هذه الجهة.
و إنّما الخلاف من جهة اخرى و هي التعبير عن هذا الشرط، فجماعة على التعبير عنه بخفاء الأمرين معاً، و هو المشهور كما في «المهذّب البارع «6» و






جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌14، ص: 354
و المعتضد أيضا بخصوص‌
صحيح إسماعيل بن جابر «1» «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يدخل علي وقت الظهر و أنا في السفر فلا أصلي حتى أدخل أهلي فقال:
صل و أتم الصلاة، قلت: فدخل علي وقت الصلاة و أنا في أهلي أريد السفر فلا أصلي حتى أخرج فقال: فصل و قصر، فان لم تفعل فقد خالفت الله و رسوله صلى الله عليه و آله و سلم»‌
و صحيح محمد بن مسلم «2» «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول‌ الشمس قال: إذا خرجت فصل ركعتين»‌
و خبر الوشاء «1» المنجبر بما سمعت، قال:
«سمعت الرضا (ع) يقول: إذا زالت الشمس و أنت في المصر و أنت تريد السفر فأتم، و إذا خرجت بعد الزوال قصر العصر»‌
بناء على إرادة الإتمام منه في المصر،
و الرضوي «2» «فإن خرجت من منزلك و قد دخل عليك وقت الصلاة في الحضر و لم تصل حتى خرجت فعليك التقصير، و ان دخل عليك وقت الصلاة في السفر و لم تصل حتى تدخل أهلك فعليك التمام».
...........
صحيح ابن مسلم «1» «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل يدخل من سفره و قد دخل وقت الصلاة و هو في الطريق فقال: يصلي ركعتين، و إن خرج الى سفره و قد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا»‌
و نحوه‌
خبره الآخر «2» و خبر بشير النبال «3» «خرجت مع أبي عبد الله (عليه السلام) حتى أتينا الشجرة فقال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا نبال قلت: لبيك، قال: إنه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلي أربعا غيري و غيرك، و ذلك، انه دخل وقت الصلاة قبل أن نخرج»‌
و الموثق «4» عن الصادق (عليه السلام) أيضا قال:
«سئل إذا زالت الشمس و هو في منزله ثم يخرج في سفره قال: يبدأ بالزوال فيصليها ثم يصلي الأولى بتقصير ركعتين، لأنه خرج من منزله قبل أن تحضره الأولى، و سئل فإن خرج بعد ما حضرت الأولى قال: يصلي أربع ركعات ثم يصلي بعد النوافل ثمان ركعات، لأنه خرج من منزله بعد ما حضرت الأولى، فإذا حضرت العصر صلى‌ العصر بتقصير، و هي ركعتان لانه خرج في السفر قبل أن يحضر العصر»‌







جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌17، ص: 135
و قيل و القائل علي بن بابويه و اختاره في السرائر لا يعتبر ذلك أيضا، بل يجب القصر و لو خرج قبل الغروب و لم يكن مبيتا للسفر، فتكون الأقوال حينئذ ستة أو سبعة.
و الأول منها أشبه عند المصنف و من عرفت، ل‍‌
مضمر أبي بصير المرسل «1» «إذا خرجت بعد طلوع الفجر و لم تنو السفر من الليل فأتم الصوم و اعتد به من شهر رمضان»‌
و بخبر علي بن يقطين «2» عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) «في الرجل يسافر في شهر رمضان أ يفطر في منزله؟ قال: إذا حدث نفسه في الليل بالسفر أفطر إذا خرج من منزله، و إن لم يحدث نفسه من الليل ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه»‌
و خبر رفاعة «3» «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حين يصبح قال: يتم صومه ذلك»‌
و خبر سليمان بن جعفر الجعفري «4» «سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الرجل ينوي السفر في شهر رمضان فيخرج من أهله بعد ما يصبح قال: إذا أصبح في أهله فقد وجب عليه صيام ذلك اليوم إلا ان يدلج دلجة»‌
و خبر أبي بصير «5» «سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا أردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل فان خرجت قبل الفجر أو بعده فأنت مفطر و عليك قضاء ذلك اليوم»‌
و صحيح صفوان «6» عن الرضا (عليه السلام) في حديث، قال: «و لو أنه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا‌ و جائيا لكان عليه أن ينوي من الليل سفرا و الإفطار، فإن هو أصبح و لم ينو السفر فبدا له من بعد أن أصبح في السفر قصر و لم يفطر يومه ذلك»‌
و للأمر بالإتمام في الآية «1» الشامل للخارج قبل الزوال خرج منه المبيت بالإجماع، فيبقى ما عداه، و لاستصحاب صحة صومه المعتضد بظاهر قوله تعالى «2» «وَ لٰا تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ» ضرورة انه إذا كان السفر بدون تبييت فهو حاصل بعد انعقاد الصوم، بخلاف ما إذا كان مبيتا، فإنه لم ينو الصوم فلم ينعقد، بل في المعتبر و لو قيل يلزم على ذلك لو لم يخرج ان يقضيه التزمنا ذلك، فإنه صامه من غير نية إلا ان يجدد ذلك قبل الزوال.
إلا ان الجميع كما ترى، إذ النصوص فيه- مع ضعف السند في أكثرها و ضعف الدلالة في بعضها، و مخالفتها لما سمعته من الشيخ من القضاء، و عدم الاعتداد به من شهر رمضان، مع عدم دلالتها على تمام الدعوى، و موافقتها كما في الحدائق للمحكي عن الشافعي و أبي حنيفة و الأوزاعي و أبي ثور و النخعي و مكحول و الزهري- معارضة بما هو أصح منها سندا و أقوى دلالة، ك‍‌
صحيح الحلبي «3» عن الصادق (عليه السلام) «انه سئل عن الرجل يخرج من بيته يريد السفر و هو صائم، فقال: إن خرج قبل أن ينتصف النهار فليفطر و ليقض ذلك اليوم، و إن خرج بعد الزوال فليتم يومه»‌
و صحيح محمد بن مسلم «4» عنه (عليه السلام) أيضا «إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم‌ و يعتد به من شهر رمضان»‌
و حسن زرارة أو صحيحه «1» عنه (عليه السلام) أيضا «في الرجل يسافر في شهر رمضان يصوم أو يفطر، قال: إن خرج قبل الزوال فليفطر و إن خرج بعد الزوال فليصم»‌
و موثقه «2» عنه (عليه السلام) أيضا «إذا خرج الرجل في شهر رمضان بعد الزوال أتم الصيام، فإذا خرج قبل الزوال أفطر»‌
و الجمع بينها باعتبار التبييت و الخروج قبل الزوال في الإفطار يقتضي الاعتداد بالصوم و وجوبه مع فقدهما أو أحدهما، و هو خلاف ما سمعته من صريح النهاية و محتمل غيرها، بل لم أتحقق قائلا به ممن اعتبر التبييت أو أنه نادر كما عرفت، على انه فرع التكافؤ المفقود هنا من وجوه و قد أشرنا إلى بعضها، فلا بأس حينئذ بطرح ما لا يقبل التقييد منها بهذه إن كان، و تقييد الباقي بها، كل ذلك مضافا إلى ما في عدم الدلالة في بعضها كخبر الادلاج «3» بل قيل: إنه لم يقل به أحد، ضرورة ظهوره في عدم الاكتفاء بالتبييت، بل لا يبعد ان يكون مبنى هذا الخبر على حرمة السفر في شهر رمضان من بعد الفجر إذا لم تدع حاجة إليه، لاستلزامه إبطال الصوم الواجب، فلذلك كان عليه إتمام الصوم، بخلاف ما إذا أدلج، فإنه لم يقطع صومه و إن لم يضطر إلى السفر، بل قيل: إنه يجوز ان يكون تبييت النية في النصوص المزبورة كناية عن السفر المضطر اليه بناء على الغالب، كما انه قيل:
يحتمل في خبر علي بن يقطين «4» منها عدم السفر أصلا، إلى غير ذلك مما قيل أو يقال فيها على حسب غيرها من النصوص التي ثبت رجحان غيرها عليها، و استصحاب الصوم و الأمر بالإتمام و النهي عن الابطال بناء على شمولها لمثل المقام يجب الخروج عنها بنصوص الزوال.
و دعوى عدم النية مع التبييت مع عدم جريانها في المتردد يدفعها منع المنافاة بين نية الصوم و نية السفر، ضرورة الاكتفاء في تحقق الأولى بأصالة عدم وقوعه منه و إن بيت نيته، إذ ذلك أعم من وقوعه، و ليس السفر من المفطرات كي يجب العزم على عدمه في أصل نية الصوم، و انما هو مناف له بمعنى انه يرتفع وجوب الصوم عند تحققه، فلا يقدح حينئذ العزم عليه في نية الصوم في حال عدم وقوعه الذي هو الموافق للأصل العقلي، و كذا المتردد في وقوعه، و استوضح ذلك في منافيات الصوم القهرية كالحيض و نحوه مع فرض التردد في حصولها أو الظن فإنه لا إشكال في تحقق النية لذويها اعتمادا على ذلك الأصل الشرعي الذي لا يتفاوت جريانه بين الاختياري و الاضطراري، و من هنا يمكن دعوى الإجماع على خلاف ما التزمه المصنف، إذ كلام الشيخ الذي هو الأصل في المذهب المزبور صريح في اعتبار الخروج مع التبييت في الإفطار و وجوب القضاء، و انه لا يكفي الثاني عن الأول، فمن حكى عنه ذلك كان مخطئا بالحكاية، و إن كان أول عبارته في النهاية قد يعطي ذلك، إلا ان آخرها صريح فيما قلناه.
و على كل حال فلا ريب في أن الأقوى ما اختاره المفيد و جماعة لصحة دليله و صراحته، و أما ما ذهب اليه علي بن بابويه فلم نجد له دليلا بعد إطلاق الآية المنزل على التفصيل المزبور، كإطلاق ما دل على التلازم بين القصر و الإفطار سوى‌
مضمر عبد الأعلى مولى آل سام «1» «في الرجل يريد السفر في شهر رمضان قال:
يفطر و إن خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل»‌
الضعيف سندا بل و دلالة بما قيل من احتمال كون «حرج» فيه بالحاء المهملة، فيكون الظرف فيه متعلقا بقوله:
«يفطر» و المعنى حينئذ ان على المسافر في شهر رمضان أن يتناول مفطرا و لو قبل‌
______________________________
(1) الوسائل- الباب- 5- من أبواب من يصح منه الصوم- الحديث 14.
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌17، ص: 139‌
مغيب الشمس و إن كان يعسر عليه ذلك، إجراء للسنة؛ و مخالفة للمنافقين الذين يصومون في السفر، و على كل حال فمثله لا يصلح معارضا لتلك النصوص، كما ان‌
صحيح رفاعة بن موسى- «1» «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يريد السفر في شهر رمضان قال: إذا أصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام و إن شاء أفطر»-
كذلك، لعدم قائل بمضمونه، نعم احتمل العلامة في المختلف العمل به فيما بعد الزوال، قال: و انما قيدنا بذلك للجمع بين الأخبار، و في المدارك هذا الحمل بعيد نعم لو قيل بالتخيير مطلقا كما هو ظاهر الرواية لم يكن بعيدا، و بذلك يحصل الجمع بين الأخبار، قلت: بل هو أبعد من ذلك، بل لعل التأمل في النصوص فضلا عن الفتاوى يورث القطع بعدم ذلك،




مستمسك العروة الوثقى؛ ج‌8، ص: 433
(مسألة 1): إذا كان حاضراً فخرج إلى السفر، فان كان قبل الزوال وجب عليه الإفطار (3)، و إن كان بعده وجب عليه البقاء على صومه. و إذا كان مسافراً و حضر بلده أو بلداً يعزم على الإقامة فيه عشرة أيام، فإن كان قبل الزوال و لم يتناول المفطر وجب عليه الصوم (1)، و إن كان بعده، أو تناول فلا (1)، و إن استحب له الإمساك‌بقية النهار (1).
مستمسك العروة الوثقى؛ ج‌8، ص: 436
و الظاهر أن المناط كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده (2)، لا الخروج عن حد الترخص. و كذا في الرجوع المناط دخول البلد. لكن لا يترك الاحتياط بالجمع إذا كان الشروع قبل الزوال و الخروج عن حد الترخص بعده و كذا في العود إذا كان الوصول إلى حد الترخص قبل الزوال و الدخول في المنزل بعده.
-----------------------
(2) لأن الظاهر من أدلة حد الترخص كونها مقيدة لإطلاق أدلة أحكام المسافر، لا حاكمة عليها بجعل ما دون الحد من البلد، كي يكون حد الترخص حداً للسفر ابتداء و غاية، بل الحد حد للترخص، لا للسفر.







كتاب الصلاة (للحائري)؛ ص: 622
إلا صحيحة محمّد بن مسلم فإنها تدل على اعتبار التواري من البيوت و قد عبروا عن هذا المضمون بخفاء جدران البلد عن المسافر و أشكل ذلك بان خفاء الجدران أخصّ من خفاء الأذان غالبا بل دائما فلا يمكن الجمع بين الدليلين بالاكتفاء بأحد الأمرين كما هو مقتضى الشرطيتين اللتين يخالف منطوق كل منهما مفهوم الأخرى من تخصيص مفهوم كل منهما بمنطوق الأخرى كما هو الأظهر في أمثال ذلك فان ذلك انما هو في مورد يكون بين السببين عموم من وجه و لكن في مثل المقام الّذي فرضنا كون خفاء الجدران أخصّ فيلغو السبب الأخص عن التأثير دائما مضافا الى انّ المقام ليس من ذلك من جهة أخرى و هي ان الموجب للترخيص أمر واحد و هو البعد الخاص من البلد فلا يحسن هذا الجمع الدلالي و لو فرضنا انّ بين الخفائين عموما من وجه و الذي يخطر بالبال ان صحيح ابن مسلم جعل المعيار خفاء الشخص عن البيوت لا خفاء البيوت عنه كما فهمه المشهور و بينهما فرق واضح إذ توارى الإنسان من البيوت اى من أهلها يحصل بمقدار من البعد الذي يخفى عليه الأذان غالبا فهما اعنى توارى الشخص عن البيوت و خفاء الأذان انّما جعل كل منهما امارة لبعد واحد.
________________________________________
يزدى، عبد الكريم حائرى، كتاب الصلاة (للحائري)، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامى حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1404 ه‍ ق














**********************



المقنعة ؛ ؛ ص354
26 باب حكم المريض يفطر ثم يصح في بعض النهار و الحائض تطهر و المسافر يقدم‏
و إذا أفطر المريض أياما من شهر رمضان أو يوما ثم صح في بقية يوم قد كان أكل فيه أو شرب فإنه يجب عليه الإمساك و عليه مع ذلك القضاء لليوم الذي أمسك فيه.
و كذلك إذا طهرت الحائض في بقية يوم قد كانت أكلت فيه‏ «1» و شربت أمسكت‏ «2» تأديبا و عليها القضاء.
و المسافر إذا قدم إلى وطنه في بعض النهار و قد كان أكل أو شرب أمسك أيضا و عليه القضاء و لو ورد إلى بلد يعزم فيه على مقام عشرة أيام فصاعدا كان حكمه حكم من ورد إلى وطنه لأنه يجب عليه فيه التمام.
و من خرج من منزله إلى سفر يجب فيه التقصير قبل زوال الشمس فإنه يجب عليه التقصير في الصلاة و الإفطار فإن خرج بعد الزوال فعليه التمام في صيام ذلك اليوم و عليه التقصير في الصلاة على كل حال.
و إذا علم المسافر أنه يدخل إلى وطنه أو البلد الذي يعزم على المقام فيه عشرة أيام فصاعدا قبل الزوال أو عزم على ذلك أمسك عما ينقض الصيام و إذا علم أنه يدخل بعد الزوال أو عزم على ذلك قصر في الصوم و الصلاة