بسم الله الرحمن الرحیم

الغسالة

فهرست علوم
فهرست فقه
تنجیس النجس و المتنجس
انفعال قليل



کلمات علماء

سید مرتضی

المسائل الناصریات، ص 67-73

قال الناصر رحمه الله: «إذا وقعت النجاسة في ماء يسير نجس، تغير بها أو لم يتغير» [1]. قال الشريف الأجل المرتضى علم الهدى رحمه الله: هذا صحيح، و هو مذهب الشيعة الإمامية و جميع الفقهاء، و إنما خالف في ذلك مالك [2]، و الأوزاعي [3] و أهل الظاهر [4] و راعوا في نجاسة الماء - القليل منه و الكثير - تغير أحد أوصافه من طعم، أو لون، أو رائحة . و الحجة في صحة مذهبنا: إجماع الشيعة الإمامية، و في إجماعهم عندنا الحجة، و قد دللنا على ذلك في غير موضع من كتبنا. و أيضا قوله تعالى وَ يُحَرِّمُ‌ عَلَيْهِمُ‌ الْخَبٰائِثَ‌ و قوله تعالى وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ ، و قوله تعالى حُرِّمَتْ‌ عَلَيْكُمُ‌ الْمَيْتَةُ‌ وَ الدَّمُ‌ . و هذه الظواهر تقتضي تحريم النجاسة من غير مراعاة لتغير الأوصاف التي هي الطعم و اللون و الرائحة.

المسألة الثانية [إن وقعت النجاسة في ماء كثير لم ينجس] «إن وقعت النجاسة في ماء كثير لم ينجس، ما لم يتغير أحد أوصافه، و الكثير ما بلغ قلتين فصاعدا» [1]. قد اختلف الفقهاء في هذه المسألة: فقالت الشيعة الإمامية: إن الماء الكثير لا ينجس بحلول النجاسة فيه، إلا بأن يغير لونه أو طعمه أو رائحته. و حد الكثير عندهم ما بلغ كرا فصاعدا. و حد الكر ما وزنه ألف و مائتا رطل بالرطل المدني، و الرطل المدني مائة و خمسة و تسعون درهما. و قال أبو حنيفة [2] و أصحابه: كل ماء تيقنا حصول النجاسة فيه، أو غلب في ظننا ذلك، فهو نجس لا يجوز استعماله، قليلا كان الماء أو كثيرا، تغيرت صفاته أو لم تتغير . و راعى مالك، و الأوزاعي، و الشافعي [1] و أهل الظاهر في الماء القليل و الكثير تغير الأوصاف . و راعي الشافعي القلتين، فما بلغه المقدار عليها لم ينجس عنه، و ما نقص عنها نجس . و قال الحسن بن صالح بن حي [2]: إذا كان الماء أقل من كر و حلته نجاسة نجس،و إذا كان كرا لم ينجس . و حد الكر بأنه ثلاثة آلاف رطل . دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه قوله تعالى وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ‌ السَّمٰاءِ‌ مٰاءً‌ طَهُوراً . و قد علمنا أن الماء الكثير إذا خالطته نجاسة فلم يتغير أحد [1] أوصافه، لم يخرجه من أن يكون منزلا من السماء، و من أن يكون مستحقا لهذا الوصف، فيجب أن يكون الحكم المقترن بهذا الاسم (لازما له ما لزمه هذا الاسم) [2]. و قد روى أصحاب الحديث عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: «إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا» . و روت الشيعة الإمامية عن أئمتها عليهم السلام بألفاظ مختلفة، و وجوه مختلفة: أن الماء إذا بلغ كرا لم ينجسه ما يقع فيه من نجاسة، إلا بأن يغير أحد أوصافه . و أجمعت الشيعة الإمامية على هذه المسألة، و إجماعها هو الحجة فيها. و أما الكلام في تصحيح الحد الذي ذكرناه م ن الكر و تعينه بالأرطال، فالحجة في صحته إجماع الإمامية عليه و إجماعها هو الحجة.

و أيضا فإن الشافعي الذي يخالفنا في تحديده بقلتين، مذهبنا أولى من مذهبه، لأن القلة اسم مشترك بين أسماء [1] مختلفة، كقلة الجبل، و الجرة، و يستعمل أيضا في ذروة كل شيء و أعلاه، و في غير ذلك. و الكر يتناول شيئا واحدا، فإن اختلفت مقاديره في البلدان و عادات أهلها فالتحديد به أولى. فإن قيل: قد روى الشافعي ما يزيل الاحتمال في ذلك، و هو قوله: بقلال هجر [2] . قلنا: قد ذكر أهل العلم أن التحديد بقلال هجر من جهة الراوي ، و أنه ليس من لفظ النبي صلى الله عليه و آله و سلم على أن الاشتراك باق مع هذا اللفظ، لأن قلال هجر أسلم مبهم يحتمل سائر ما تقدم ذكره. فأما الكر و إن كان مختلفا في مقاديره [3]، فليس يختلف ما يقع عليه هذا الاسم كاختلاف ما يقع عليه اسم القلة، و يجري الكر في ما يتناوله مجرى قولنا: «رجل» في أنه يقع على أمر [4] واحد غير م ختلف في حقيقته، و إن اختلف الرجال في الطول، و القصر، و العلم، و الجهل، و الأوصاف المختلفة، و يجري اسم القلة مجرى قولنا: «شيء» في اختلاف ما يتناوله. على أننا نتمكن من استعمال خبر القلتين، و نحمله على الجرتين الكبيرتين اللتين تبلغ ما تسعانه مقدار الكر، و أصحاب القلتين لا يمكنهم استعمال خبر الكر، لأنه لا نعرف شيئا من الأكرار تبلغ خمس مائة رطل. فإن قيل: و لا نعرف أيضا كرا يبلغ ألفا و مائتي رطل. قلنا: الأكرار مختلفة في البلدان، و قد ذكر الناس اختلافها و مبالغها في عادات أهلها، و قالوا في الكر السليماني: أنه سدس و عشر العدد [1]، فإنه ألف و تسع مائة رطل و عشرون رطلا بالبغدادي، فإذا نقصنا من ذلك الرطل المدني و العراقي قارب المبلغ الذي ذكرناه، فمن ادعى أن الذي حددنا [2] به الكر غير معروف، مبطل على كل حال.

المسألة الثالثة [هل يفرق بين ورود الماء على النجاسة و بين ورود النجاسة على الماء] «و لا فرق بين ورود الماء على النجاسة، و بين ورود النجاسة على الماء» [3]. هذه المسألة لا أعرف فيها نصا لأصحابنا، و لا قولا صريحا. و الشافعي يفرق بين ورود الماء على النجاسة، و ورودها عليه، فيعتبر القلتين في ورود النجاسة على الماء، و لا يعتبر في ورود الماء على النجاسة . و خالفه سائر الفقهاء في هذه المسألة، و يقوى في نفسي عاجلا - إلى أن يقع التأمل لذلك - صحة ما ذهب إليه الشافعي. و الوجه فيه: أنا لو حكمنا بنجاسة الماء القليل الوارد على النجاسة، لأدى ذلك إلى أن الثوب لا يطهر من النجاسة إلا بإيراد كر من الماء عليه، و ذلك يشق، فدل على أن الماء إذا ورد على النجاسة لا يعتبر فيه القلة و الكثرة كما يعتبر فيما ترد النجاسة عليه.

 

المسائل الناصریات، ص 77-79

المسألة السادسة [هل يجوز الوضوء بالماء المستعمل] «و لا يجوز الوضوء بالماء المستعمل» . و عندنا أن الماء المستعمل في تطهير الأعضاء و البدن الذي لا نجاسة عليه، إذا جمع في إناء نظيف كان طاهرا مطهرا، و وافقنا في ذلك الحسن [1]، و النخعي [2]، و الزهري [3]، و الثوري [4]، و مالك، و داود .

و قد قيل: إن مالكا كرهه بعض الكراهية . و قال أبو حنيفة و أصحابه: إن الماء المستعمل لا يجوز الوضوء به . و اختلفوا في نجاسته. فقال أبو يوسف: هو نجس، و روي مثل ذلك عن أبي حنيفة . و الصحيح من قول أبي حنيفة أنه طاهر غير مطهر، و هو قول محمد بن الحسن . و قال الشافعي: إنه طاهر و غير مطهر أيضا ، و قد حكى عنه عيسى بن أبان [1]: أنه طاهر مطهر ، و ذلك غير معمول عليه.

و الدليل على صحة مذهبنا: الإجماع المقدم ذكره. و أيضا قوله تعالى وَ يُنَزِّلُ‌ عَلَيْكُمْ‌ مِنَ‌ السَّمٰاءِ‌ مٰاءً‌ لِيُطَهِّرَكُمْ‌ بِهِ‌ و هذا عموم في المستعمل و غيره، لأن الاستعمال لا يخرجه عن كونه منزلا من السماء. و أيضا قوله تعالى فَلَمْ‌ تَجِدُوا مٰاءً‌ فَتَيَمَّمُوا * و الواجد للماء المستعمل واجد لما يتناوله اسم الماء. و أيضا قوله تعالى وَ لاٰ جُنُباً إِلاّٰ عٰابِرِي سَبِيلٍ‌ حَتَّىٰ‌ تَغْتَسِلُوا فأجاز عز و جل الدخول في الصلاة بعد الاغتسال، و من اغتسل بالماء المستعمل يتناوله اسم المغتسل بلا شبهة. و لا معنى لخلاف من يخالف في أن إطلاق اسم الماء لا يتناول المستعمل، و يدعي أنه بالاستعمال قد خرج عن تناول الاسم له. و ذلك أن الوصف للماء بأنه مستعمل وصف غير مؤثر فيه، و لا مخرج له من تناوله لاسم الماء المطلق، و يجري في ذلك مجرى الماء المشمس، و المبرد، و المسخن. و مما يدل على أن بالاستعمال لمن يخرج عن تناول اسم الماء المطلق حتى يصير في حكم ما ء الورد و ماء الباقلاء، أنه لو شربه من حلف أنه لا يشرب ماء لحنث باتفاق، و لو شرب ماء الورد لم يحنث، و قد استقصينا هذه المسألة أيضا في مسائل الخلاف.

 

شیخ صدوق

                        من لا يحضره الفقيه، ج‏1، ص: 12
يغرف به و يداه قذرتان يفعل مثل ذلك «1».
16- و سئل علي ع- «2»
 أ يتوضأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أحب إليك أو يتوضأ من ركو أبيض مخمر فقال لا بل من فضل وضوء جماعة المسلمين فإن أحب دينكم إلى الله الحنيفية السمحة السهلة «3».
فإن اجتمع مسلم مع ذمي في الحمام اغتسل المسلم من الحوض قبل الذمي «4» و لا يجوز التطهير «5» بغسالة الحمام لأنه يجتمع فيه غسالة اليهودي و المجوسي و النصراني و المبغض لآل محمد ع و هو أشرهم.
17- و سئل أبو الحسن موسى بن جعفر ع- عن مجتمع الماء في الحمام من غسالة الناس يصيب الثوب منه فقال لا بأس به «6».
و لا بأس بالوضوء بالماء المستعمل و كان النبي ص إذا توضأ أخذ الناس ما يسقط
__________________________________________________
 (1). في الكافي ج 3 ص 4 بإسناده عن محمد بن الميسر قال: «سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل الجنب ينتهى الى الماء القليل في الطريق و يريد أن يغتسل منه و ليس معه اناء يغرف به و يداه قذرتان؟ قال: يضع يده و يتوضأ ثم يغتسل، هذا مما قال الله عز و جل «ما جعل عليكم في الدين من حرج»

 (2). في بعض النسخ «و سئل الصادق عليه السلام».
 (3). الظاهر أن قوله: «أ يتوضأ» مبتدأ خبره «أحب» اما بتقدير «أن» قبله أو بارادة المصدر من الفعل مجازا مثل «تسمع بالمعيدى خير من أن تراه». و قوله «وضوء المسلمين» الظاهر أن يقرأ بفتح الواو أي ماء الوضوء و فضله ما يبقى في الاناء، و الحمل على الغسالة بعيد.
و الركو: دلو صغير، و المراد بالابيض لعله غير مدنس، و المخمر ما شد رأسه و المغطى.
و الحنيفية المستقيمة و المائلة من الافراط و التفريط الى الوسط العدل. و السمحة هي الملة التي ما فيها ضيق.
 (4). استحبابا، أو المراد بالحوض الصغير الذي لم يبلغ الكر.
 (5). في بعض النسخ «التطهر».
 (6). لا منافاة بين هذه المرسلة- كما في الكافي و التهذيب ج 1 ص 107 أيضا- و الذي قبلها لان الأول دال على عدم مطهرية ذلك الماء. و هذا الخبر يدل على كونه طاهرا.
                        من لا يحضره الفقيه، ج‏1، ص: 13
من وضوئه فيتوضئون به و الماء الذي يتوضأ به الرجل في شي‏ء نظيف فلا بأس أن يأخذه غيره فيتوضأ به فأما الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من الجنابة أو تزال به نجاسة فلا يتوضأ به.

 

 

 

مدارک، ج 1،ص 126

قوله: و ما استعمل في رفع الحدث الأكبر طاهر، و هل يرفع به الحدث ثانيا؟ فيه تردد، و الأحوط المنع. -- اختلف الأصحاب في الماء القليل المستعمل في الطهارة الكبرى بعد اتفاقهم على طهارته، فقال الشيخان و ابنا بابويه - رحمهم اللّه - إنه غير رافع للحدث، و احتاط به المصنف. و ذهب المرتضى و ابن إدريس - رحمهما اللّه - و أكثر المتأخرين إلى بقائه على الطهورية. و هو الأظهر، لصدق الامتثال باستعماله، و لأن واجده واجد للماء المطلق فلا يسوغ له التيمم أخذا بظاهر قوله تعالى (فَلَمْ‌ تَجِدُوا مٰاءً‌ فَتَيَمَّمُوا) . و يشهد له أيضا ما رواه الفضيل بن يسار في الصحيح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: في الرجل الجنب يغتسل فينتضح من الماء في الإناء، فقال: «لا بأس مٰا جَعَلَ‌ عَلَيْكُمْ‌ فِي الدِّينِ‌ مِنْ‌ حَرَجٍ‌ » . احتج المانع: بأن الماء المستعمل مشكوك فيه فلا يحصل معه تيقن البراءة، و بقول الصادق عليه السلام في رواية ابن سنان: «الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز أن يتوضأ منه و أشباهه» . و الجواب عن الأول: بمنع الشك مع صدق الإطلاق. و عن الثاني: بالطعن في سند الحديث و قد تقدم . و المراد بالمستعمل: الماء القليل المنفصل عن أعضاء الطهارة. فعلى هذا لو نوى المرتمس في القليل بعد تمام ارتماسه ارتفع حدثه، و صار الماء مستعملا بالنسبة إلى غيره لا بالنسبة إليه.

 

المدارک، ج 1، ص 122-123

الثاني: اختلف القائلون بعدم نجاسة الغسالة في أن ذلك هل هو على سبيل العفو بمعنى الطهارة دون الطهورية‌؟ أو تكون باقية على ما كانت عليه من الطهورية‌؟ أو يكون حكمها حكم رافع الحدث الأكبر؟ فقال بكل قائل. و قال في المعتبر: إنّ‌ ما يزال به النجاسة لا يرفع به الحدث إجماعا

 

 


صاحب جواهر

جواهر الکلام، ج 1، ص 336-353

و الماء المستعمل في غسل الأخباث حكمية كانت أو عينية نجس سواء تغير بالنجاسة لونا أو طعما أو رائحة أو لم يتغير و هو ما انفصل بالعصر أو بنفسه من المتنجس بعد الصب عليه لتطهيره، كما في الروضة و كشف اللثام، و في المنتهى ما معناه هو المنفصل من غسالة النجاسة قبل طهارة المحل، أو ما تحصل الطهارة بعدها، قلت: ما المراد بالانفصال، هل هو كون الهواء ظرفا له، فلا يجري الكلام فيما لو جرى على المتنجس الى مكان آخر متصل به غير منفصل عنه كما في البدن، أو المراد به مطلق الانفصال عن المحل النجس و لو الى مكان آخر، فيجري البحث فيما لو تنجس أعلى البدن ثم صب عليه شيء من الماء حتى جرى إلى أسفله و لم ينفصل عنه، ثم أنه على هذا التقدير فهل يحكم بنجاسة ما انتهى اليه الماء، أو كل ما جرى عليه و أيضا لو انفصل من الأسفل فهل يجري البحث في المكان الذي جرى عليه ماء الغسالة قبل أن ينفصل أولا؟ هذا و غيره كلامهم فيه غير منقح، و مقتضى ما ستسمع من أدلة القائلين بالنجاسة من كونه ماء قليلا لاقى نجاسة الحكم بنجاسة ذلك كله من غير فرق بين أن ينفصل منه شيء أولا، و لا يخفى ما فيه من العسر و الحرج، و دعوى أن المراد بماء الغسالة هو المنفصل عن سائر ذلك العضو لا شاهد لها، مع اقتضاءها الطهارة في الجميع لو لم ينفصل، كما إذا غسل موضع النجس من البدن و جرى منه الى المكان الآخر من غير انفصال، أما في المحل النجس فلتحقق الغسل، و أما في غيره فلعدم النجاسة، لأن ما جرى إليه ليس ماء غسالة، و احتمال القول انه ان انفصل كان الغسلة المنفصل، و إلا كان ما انتهى اليه غسالة لم أعرف له شاهدا يقتضيه، كاحتمال القول ان المغسولات لها كيفيات في الغسل متعارف، فما جرى على المتعارف فماء غسالته المنفصل، أو ما انتهى اليه دون الباقي، و ما لم يكن كذلك جرى فيه ما تقدم، إذ هي احتمالات ليس في الشرع ما يشهد لها، و تأمل ذلك كله يشهد للقول بطهارة الغسالة. و كيف كان فالكلام يقع في المنفصل عن النجس المزيل لنجاسته أو كان بعض المزيل كما في متعدد الغسل، و لا كلام من أحد في النجاسة مع التغير، بل نقل عليها الإجماع جماعة، منهم المصنف في المعتبر و العلامة في المختلف و غيرهما، و الظاهر اختصاص الحكم بالتغير بالنجاسة، فلا يدخل في البحث ما لو تغيرت بالمتنجس، إلا على ما ذهب اليه الشيخ (رحمه الله) في نجاسة الكثير بذلك، و ظاهر الإطلاق مع الاقتصار على خروج المتغير حسب يقتضي عدم الفرق بين ما لو استصحب عين النجاسة أو لا، نعم لو وقعت في مكان و استقرت به و كان مع ذلك فيها عين نجاسة فالظاهر النجاسة، إلا من القائل بعدم نجاسة القليل، أما لو لم تكن كذلك بان كانت مثلا في الهواء، أو كان معها أجزاء من عين النجاسة، فأصاب إنسانا قطرة خالية عن عين النجاسة إلا أنها كانت مستصحبة لها، أو للمستصحب لها فالظاهر جريان النزاع فيها، و المسألة محتاجة إلى التأمل.

إذا عرفت هذا فنقول قد اختلفت كلمات أصحابنا رضوان الله عليهم على أقوال، (الأول) الحكم بالنجاسة مطلقا، من غير فرق بين المتنجسات إناء كانت أو غيره، و لا بين الغسلات في التعدد و الاتحاد، و هو الذي اختاره المصنف في سائر كتبه، و العلامة في المنتهى و القواعد و التحرير و المختلف و التذكرة و الشهيدان في اللمعة و الروضة، و يظهر من الكركي الميل اليه، بل هو المحكي أيضا عن الإصباح و الدروس و الألفية و ظاهر المقنع و غيرهم، بل في جامع المقاصد تارة أنه الأشهر بين المتأخرين، و أخرى العمل على المشهور بين المتأخرين، وقوفا مع الشهرة و الاحتياط، و عن حاشية الميسي نقل الشهرة عليه، و عن الروض أنه أشهر الأقوال، خصوصا بين المتأخرين. (و قيل) بالطهارة مطلقا من غير فرق بين الغسلة الأولى و الثانية، و في الإناء و غيره، بل في اللوامع ان عليه المرتضى و جل الطبقة الأولى، و في جامع المقاصد الأشهر بين المتقدمين أنه غير رافع، كالمستعمل في الكبرى، و في الذكرى ان ابن حمزة و البصروي سويا بينه و بين رافع الأكبر، و عن المبسوط أنه قواه، و احتاط في الأول، و يظهر من المنتهى ان قول الشيخ في المبسوط انما هو في الغسلة التي تحصل الطهارة بعدها، و الظاهر أنه وهم، و في مفتاح الكرامة عن كشف الالتباس ان عليه فتوى شيوخ المذهب، كالسيد و الشيخ و بني إدريس و حمزة و أبي عقيل انتهى. و الذي عثرت عليه في السرائر قال: «و إن أصابه من الماء الذي يغسل به الإناء فإن كان من الغسلة الأولى يجب غسله، و ان كان من الغسلة الثانية أو الثالثة لا يجب غسله، و قال بعض أصحابنا: لا يجب غسله سواء كان من الغسلة الأولى أو الثانية، و ما اخترناه هو المذهب» قال السيد المرتضى: في الناصريات قال الناصر: لا فرق بين ورود الماء على النجاسة و بين ورودها عليه، قال السيد: و هذه المسألة لا أعرف فيها أيضا لأصحابنا نصا و لا قولا صريحا، و الشافعي يفرق بين ورود الماء و ورودها عليه، فيعتبر القلتين في ورود النجاسة على الماء، و لا يعتبر في ورود الماء على النجاسة، و خالفه سائر الفقهاء في هذه المسألة، و يقوى في نفسي عاجلا الى أن يقع التأمل لذلك صحة ما ذهب إليه الشافعي، و الوجه فيه انا لو حكمنا بنجاسة الماء القليل الوارد على النجاسة لأدى ذلك الى أن الثوب لا يطهر من النجاسة إلا بإيراد كر من الماء عليه، و ذلك يشق، فدل على ان الماء إذا ورد على النجاسة لا يعتبر فيه القلة و لا الكثرة، كما يعتبر فيما ترد النجاسة عليه، قال محمد بن إدريس (رحمه الله): «و ما قوي في نفس السيد صحيح مستمر على أصل المذهب، و فتاوى الأصحاب به «قلت: و الذي نقله عن الشافعي قد نقله العلامة في المنتهى في المقام عنه أيضا في أحد وجهي الشافعي، و لا ريب في ظهور كلام السيد في عدم نجاسة الغسالة، لكن في كشف اللثام انه يمكن أن يقول انه عند الانفصال ماء وردت عليه النجاسة، و فيه - مع أنه مخالف لما فهمه كثير من الأصحاب و للأولوية، فإنه إذا كان معه لا ينجس فإذا انفصل بطريق أولى، و للمنقول عن الشافعي من طهارة ماء الغسالة لمثل ما ذكره السيد (رحمه الله) - انه لا يصدق على المنفصل انه ماء ماء وردت عليه النجاسة سيما في مثل النجاسة الحكمية، نعم الذي يظهر ان مرادهم بالورود انه يرد عليها و يذهب، لا انه يجتمع معها في مكان تستقر هي فيه، فإنه يصدق عليه حينئذ في الآن الثاني انه ماء قليل فيه نجاسة، فهو خارج عن النزاع، و بما عرفت يكون ابن إدريس أيضا موافقا، و حكمه في الإناء لا يكون مخالفا، إذ لعله لدليل، أو لأنه الغسلة الأولى تستقر النجاسة الحاصلة من الولوغ مع الماء، فتكون من قبيل ما ورد عليه النجاسة، سيما إذا كان بطريق التعفير، بخلاف الثانية و الثالثة، و لذلك جاء بكلام السيد شاهدا على ذلك، فتأمل جيدا. (و قيل بالتفصيل) و هما قولان أيضا (الأول) التفصيل بان ماء الغسالة كالمحل بعدها، بمعنى أن ما كان فيه غسلة واحدة فماء الغسالة فيه طاهر، لكون المحل بعدها طاهر، كما هو الفرض، و ما كان الغسل فيه متعددا فماء الغسل الذي قبل الغسلة الأخيرة نجس و فيها طاهر، لكون ما بعد الأول نجس، بخلاف الأخير، و عن نهاية الأحكام أنه احتمله و نقله في مفتاح الكرامة عن أستاده الشريف، بل قد يظهر من المنتهى أن النزاع فيه، أي الغسل الأخير خاصة، (الثاني) ما يظهر من المنقول عن الشيخ في الخلاف، حيث انه حكم بطهارة غسالة إناء الولوغ من غير فرق بين الأولى و الثانية و الثالثة، و حكم بنجاسة ماء الغسالة الأولى في الثوب دون الثانية، و لا ينافي ذلك ما ينقل عنه أنه قال إذا صب الماء على الثوب النجس و ترك تحته إجانة يجتمع فيها ذلك الماء فإنه نجس، فإنه لعله يريد من جهة اجتماع مجموع الغسلتين، و على أحد الوجهين في كلام ابن إدريس يكون أيضا مفصلا، لكن بغير هذا التفصيل. بل يمكن أن يكون هناك (قول آخر) و هو أن القائلين بالطهارة منهم من اشترط ورود الماء على النجاسة، و عن الشهيد في الذكرى أنه لا فرق بين ورود الماء على المتنجس و بالعكس، لكنك خبير بأنه ليس قولا مستقلا فيما نحن فيه، بل هو راجع الى أنه هل يشترط في المطهر ان يكون واردا أولا يشترط؟ فيكفي تحقق مطلق الغسل من غير فرق بين الورودين و لا دخل له فيما نحن فيه، و احتمال القول بان المشترطين هنا الورود يقولون ان التطهر يحصل بما إذا لم يكن واردا، لكن الغسالة تكون حينئذ نجسة بخلاف الأول، فيؤول الأمر الى ان اشتراط الورود انما هو لتطهير الماء لا لتطهير الثوب ضعيف، لما عرفت أن الذي دعاهم إلى ذلك انما هو نجاسة الماء، فلا يفيد الثوب طهارة و لذلك قال في المدارك: ذكر جماعة من الأصحاب أن من قال بطهارة الغسالة اعتبر فيها ورود الماء على النجاسة، و أيضا الشهيد في الذكرى لم يذهب إلى طهارة الغسالة، نعم قال: بعد أن اعترض على أدلة القول بالنجاسة فلم يبق دليل سوى الاحتياط، و لا ريب فيه. نعم هناك (قول آخر) و هو الحكم بنجاسة ماء الغسالة و ان ترامت الغسلات، و طهر المحل، فيكون المحل طاهرا، و ما يجري عليه من الماء نجس، و عن بعضهم أنه نسبه الى المصنف و العلامة، و كأن الذي أو همه ما في المعتبر رادا على الخلاف من قوله: و الحق نجاستهما أي الغسلتين طهر أم لم يطهر، و ما عن النهاية و ان يكون نجسا مطلقا انفصل من الغسلة المطهرة أو لم ينفصل، و لا ريب في عدم إرادتهما ذلك، بل مقصودهما عدم الفرق بين ماء الغسالة التي تحصل الطهارة بعدها و بين غيرها مما تقدمها، و يكون ذلك ردا على الشيخ، فتنتهي الأقوال في بادي النظر إلى ستة، القول بالنجاسة مطلقا الى ان يطهر المحل، و القول بها و لو بعد طهره، و القول بالطهارة مطلقا، و التفصيل بالورود و عدمه، و التفصيل بكون الغسلة مما يطهر المحل بعدها أولا، و التفصيل بين آنية الولوغ و غيرها، فلا ينجس شيء من الغسالة في الآنية، و تنجس الأولى خاصة من غيرها دون الثانية، و على ما يحتمل في كلام ابن إدريس تكون سبعة، بل على وجه يمكن تحصيل ثامن، و هو ما ذهب إليه العلامة في المختلف من كون الغسالة طاهرة ما دامت في المحل، فإذا انفصلت صارت نجسة، بل يمكن تحصيل تاسع، و هو ما عن بعض القائلين بالطهارة من القول بالطهورية معها أيضا، بل في المدارك انه اختلف القائلون بالطهارة هل ذلك على سبيل العفو دون التطهير أو يكون باقيا على الطهورية أو يكون كرافع الأكبر؟ قال: بكل قائل، فعليه حينئذ تكون عشرة، و يأتي تحقيق القول في ذلك إن شاء الله.

و غاية ما يمكن ان يستدل به للقول بالنجاسة انه ماء قليل لاقى نجاسة فينجس، و بما رواه في المعتبر و المنتهى و عن الخلاف عن العيص بن القاصم قال: سألته «عن رجل أصابه قطرة من طشت فيه وضوء، فقال إن كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه» و بالحكم في كثير من الأخبار بإهراق الماء مع إصابة المتنجس له، و بما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من الجنابة لا يتوضأ به و أشباهه» و ربما يستدل له بالإجماع المدعى في التحرير، قال: «متى كان على بدن الجنب أو الحائض نجاسة عينية كان المستعمل نجسا إجماعا» و في المنتهى متى كان على جسد المجنب أو المغتسل من حيض و شبهه نجاسة عينية فالمستعمل إذا قل عن الكر نجس إجماعا، بل الحكم بالطهارة مع الخلو عن النجاسة العينية، و بالنهي  عن استعمال غسالة الحمام.

و الكل لا تخلو من نظر، أما الأول فقد أثبتوا كبراه بالمفهوم من قوله (عليه السلام) «إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء» و فيه أنه لا دلالة فيه على نجاسة الماء القليل بكل شيء، و على كل حال، و كأنهم يفهمون ذلك منه لما هو مركوز  في أذهانهم من نجاسة الماء القليل، و إلا لو عرضت عليهم نظائر هذا التركيب لأنكروا على من فهم منها ذلك، فإذا قال القائل مثلا إذا جاءك زيد فلا تكرم أحدا أ ترى أنه يفهم منه أنه ان لم يجئك زيد فأكرم كل أحد كلا، ان مدعي ذلك مفتر، نعم يفهم أنه إن لم يجيء زيد فليس هذا الحكم، و هو هنا مسلم، فإنه ان لم يكن الماء قدر كر فليس له هذا الحكم، و عدم هذا الحكم تارة يكون بالإيجاب الكلي، و أخرى بالجزئي، كما اعترف به الفاضل في نظير المقام، على أن تقدير المفهوم على حسب غيره في المقام يقتضي ان غير الكر ينجسه شيء، و هو نكرة في سياق الإثبات لا تفيد العموم، لا يقال: إنا نأخذ ذلك من الحكمة، فإنه إن لم يحمل على هذا المعنى لزم اللغو في كلام الحكيم، لأن الحمل على بعض دون بعض ترجيح من غير مرجح، و لا عهد، فوجب الحمل على العموم، و فيه - مع فساده في نفسه من وجوه مذكورة في محلها - انه ان حكم بذلك فإنما يحكم به بعد العلم بأنه جاء الشارع بهذا الخطاب لإفادة ذلك، فإنه قد يكون حينئذ قرينة عقلية على ذلك، و دعوى حصوله في المقام ممنوعة، إذ لعله جيء به لبيان عموم حكم المنطوق، كما يظهر من بعض الأخبار المتضمنة للسؤال «عن الماء الذي لا ينجسه شيء فقال: كر» و نحوها غيرها.

و لقد أجاد المقدس البغدادي في محصوله، حيث أنكر دلالة مثل الشرط الذي يراد العموم من منطوقه على المفهوم، كقوله «متى تأته تعشو الى ضوء ناره» و «حيث ما تراه تجده مشغولا» و نحوهما، و إن كان هو في بعض المواضع لا يخلو من نظر، و مع ذلك فالشك كاف في المطلوب، و من هنا ظهر لك وجه ما وقع من بعضهم من منع كلية الكبرى في المقام، مع استدلالهم بالمفهوم على نجاسة الماء القليل،

و ذلك لأنه لا كلام في كون هذه الأخبار دالة على التنجيس بغير التغير، فيستدل بها حينئذ على المنكر لذلك كابن أبي عقيل، و أما أن التنجيس بكل شيء و على أي حال فلا دلالة فيها، و من هذه الجهة التجه لهم منع كلية الكبرى. نعم قد يقال أن المتتبع لكثير من الأخبار مضافا الى حكاية الإجماعات هناك على النجاسة يستفيد قاعدة، و هي ان ماء القليل ينجس بالملاقاة، لكن ذلك معارض بأنه أيضا يستفاد من تتبع الأخبار و كثير من الإجماعات في غير المقام قاعدة، هي أن المتنجس لا يطهر، بل مما دل على نجاسة القليل نفسه، لأن معناها لا ترفع حدثا و لا تزيل خبثا، مضافا الى ظهور كون الماء طهورا المراد به الطاهر في نفسه المطهر لغيره في طهارته حال مطهريته، فتأمل جيدا فإنه دقيق جدا. و دعوى أنه لم يعلم كونها شاملة لمثل المقام ليس بأولى من دعوى أنه لم يعلم شمول القاعدة الأولى له، على أن القاعدة لا يلاحظ دليلها الدال عليها في خصوص كل مورد، و إلا لم تكن لها ثمرة، فما وقع من بعض متأخري المتأخرين من منع شمول عدم تطهير المتنجس لمثل المقام انما المعلوم في المتنجس سابقا، لا فيما حصل التطهير به، لعدم حصول الإجماع في المقام ليس في محله، و ليس بأولى من تقريره أيضا في الماء القليل حرفا بحرف، بعد أن عرفت فساد دلالة المفهوم، و ربما يرشد الى عدم النجاسة بالورود ما في كشف اللثام في المطهرات في شرح قول العلامة ينبغي في الغسل الورود، فلو عكس نجس الماء، و لم يطهر المحل، قال بعد أن نسب اشتراط الورود للمرتضى و ابن إدريس: «و انما لا ينفعل مع الورود للحرج و الإجماع» انتهى، اللهم إلا ان يحمل منه ذلك على عدم نجاسة العالي بالسافل، و فيه بعد أو منع، أو على أن ماء الغسالة ما انفصل من المغسول دون ما كان فيه، و قد يقال أيضا: ان الماء المغسول به يتنجس بأول المباشرة، فهو بالنسبة الى الأجزاء الأخر متنجس سابق، فتأمل جيدا.

و لا ينافي ما ذكرنا من القاعدة خروج أحجار الاستنجاء، و إلا لنا في قاعدة القليل خروج ماء الاستنجاء و غيره، على أن التطهير بأحجار الاستنجاء انما هو يكون المراد بزوال العين بها نحو زوالها مثلا في الحيوان، و فرق واضح بينه و بين التطهير بالماء، و مما يرشد أيضا الى كون القاعدة محكمة في غاية الاحكام، بل هي في الحقيقة بعض لوازم نجاسة القليل، و الإجماعات عليها في غير المقام أكثر من أن تحصى، و تحصيلها من تتبع الأخبار واضح، ان مثل العلامة و غيره ممن أذعن لهم أهل هذا الفن بالتحقيق لم يجسر على إنكارها بعد أن أوردها دليلا للمرتضى، بل قال إنا نمنع الملازمة فنقول: بطهارة الماء في المحل، و نجاسته بعد الانفصال، و من هنا قال المحقق الثاني: «إن فيه اعترافا بالعجز عن دفع ما استدل به من مكان قريب» و هو في غاية الجودة، فإن القول بنجاسة القليل الملاقي للنجاسة بعد مفارقتها لا يعقل وجهه، و التزام الطهارة حينئذ أولى و أولى.

إذا عرفت ذلك فالظاهر أن الترجيح لهذه القاعدة لوجوه إن لم نقل أنها أخص من قاعدة نجاسة الماء القليل، و إلا كانت محكمة عليها على حسب غيرها (منها) ما تقدم في صدر البحث. (و منها) عدم وجود أثر لها هاهنا فيما وصل إلينا من الأخبار بالخصوص مع عموم البلوى و البلية بها، و اشتمالها على كثير من فروعها الدقيقة، مثل القطرات و يد المباشر و نحوهما، و لذلك قال: في الذكرى و العجب خلو كلام أكثر القدماء عن الغسالة مع عموم البلوى بها. (و منها) تأيد هذه بأصل البراءة و أصل الإباحة و أصل الطهارة و استصحابها. (و منها) ما قد عرفت من ان ابن إدريس نسب ما قاله المرتضى الى الاستمرار على أصل المذهب و فتاوى الأصحاب. (و منها) أن هذه القاعدة لم يعثر على تخلفها بالنسبة إلى المياه أبدا، بخلاف الأولى، فإنه قد تخلفت في بعض هو محل وفاق، كالاستنجاء و ماء المطر و الجاري، و آخر محل خلاف، كالحمام و نحوه. (و منها) أن قاعدة (المتنجس ينجس) القاضي بتنجيس القليل به في المقام استنباطية، و لم يعلم شمولها لمثل المقام، مع تخلفها عندهم هنا، فان الماء عندهم نجس، و لا ينجس الثوب مثلا به، فان كان لم يعلم شمول القاعدة لمثل المقام فلا يعلم شمول قاعدة أن المتنجس ينجس للمقام حتى ينجس الماء بالثوب. (و منها) عسر التحرز عنها في كثير من المقامات بالنسبة إلى جريانها الى غير محل النجاسة، و بالنسبة إلى مقدار التقاطر و مقدار المتخلف و نحو ذلك، و القول بان مدار ذلك على العرف لا أثر له في الأدلة الشرعية، و لو تأمل الناظر في عمل القائلين بالنجاسة و كيفية عدم تحرزهم عنها لقطع بان عملهم مخالف لما يفتون به، بل لو اتفق ان بعض الناس صب على فمه و بقي يهز رأسه لقطع ماء الغسالة المتخلف في شعر شاربه و لحيته و منخره لعدوه من المجانين، بل من المخالفين لشريعة سيد المرسلين، بل هؤلاء الحاكمون بالنجاسة لا ينتظرون شيئا من ذلك، و يبقى يتقاطر على ثيابهم، بل لعل المتخلف الذي يتساقط عليهم أكثر من الذي انفصل بمراتب شتى. (و منها) ما ورد «عن الثوب يصيبه البول فينفذ الى الجانب الآخر، و عن الفرو و ما فيه من الحشو، قال: اغسل ما أصاب منه، و مس الجانب الآخر، فان أصبت شيئا منه فاغسله، و إلا فانضحه». (و منها) انه من المستبعد جدا أنه ماء واحد المنفصل منه نجس، و الثاني طاهر من غير دليل يقتضيه، بل قيل أنه غير معقول. (و منها) أنها مؤيدة بأخبار الاستنجاء فإنه لم يظهر من شيء منها ان ذلك لخصوصية في الاستنجاء، بل في بعضها «أ و تدري لم صار لا بأس به، قلت: لا و الله، فقال: إن الماء أكثر من القذر» و في بعضها «أستنجي ثم يقع ثوبي فيه و أنا جنب، فقال: لا بأس به». (و منها) رواية الذنوب الى غير ذلك من رواية عبد الله بن سنان و غيره، و من صحيح ابن مسلم الوارد في غسل الثوب  في المركن مرتين، و تسمعه في آخر المبحث إن شاء الله، و تعرف انه لا يتم إلا على القول بطهارة الغسالة، كما اعترف به في الذخيرة، ضرورة أن المراد بالمركن الإناء الذي يغسل به الثياب، و بناء على نجاسة الغسالة لا ريب في نجاسة الثوب بالإناء المباشر بماء الغسالة، بل و بما يخرج من الثوب بالغمز و نحوه، بل و بغير ذلك مما لا يمكن الالتزام به بناء على نجاسة الغسالة، بخلاف القول بالطهارة، فلاحظ و تأمل. (و منها) رواية الصب في بول الصبي. (و منها) ان ارتفاع النجاسة عن هذا الماء من غير رافع لها غير معقول إلا بدليل، و الإطلاقات لا تقتضيه، إذ قد تكون مبنية على الظهارة، و الحاصل انه مناف لكثير من القواعد الشرعية، كالتطهير بالمتنجس، و اختلاف أجزاء الماء طهارة و نجاسة،و حصول الطهارة للنجس بغير مطهر، و غير ذلك.

و ربما أيد القول بالنجاسة - مقابل تأييد الطهارة بما عرفت - بما دل على تعدد الغسل و إهراق الغسلة الأولى من الظروف و فيه أنه لا إشعار بذلك في شيء منهما، فان تعدد الغسل ليس لإخراج الغسالة و لا الإهراق، بل هو للتعبد، و الإهراق انما هو ليغسل مرة أخرى، و لذلك لا نوجب التعدد في كل نجاسة حكمية كانت أو عينية، و إلا فالثاني أيضا ماء غسالة، و هكذا و هو لا معنى له، نعم قد يؤيد القول بالنجاسة بما ورد من وجوب العصر، فإنه يستبعد ان يكون للتعبد، بل الظاهر منه انما هو لإخراج الغسالة، لكن فيه أيضا أنه قد يكون لإخراج عين النجاسة لا الغسالة، و قد يكون لدخوله في مفهوم الغسل، و يأتيك تحقيق القول فيه إن شاء الله. و ربما أيد بالاحتياط، و فيه أن الاحتياط تارة يكون فيه، و أخرى بالطهارة، لا يقال: ان النجاسة مؤيدة بفتوى المشهور، و هي أرجح من جميع ما ذكرت من المؤيدات، لأنا نقول: لم تثبت شهرة على الإطلاق، بل هي بين المتأخرين،  بل قد عرفت ان المنقول عن أكثر المتقدمين خلافه، و مع ذلك فهي معروفة المستند، و لا أقل من تصادم جميع ما ذكرنا، و يبقى أصل الطهارة و استصحاب طهارة الملاقي و غيرهما سالما، و لذا اعترف في الذكرى بأنه لم يبق دليل سوى الاحتياط، كالمحقق الثاني حيث قال: و العمل على المشهور بين المتأخرين، وقوفا مع الشهرة و الاحتياط، هذا.

و أنت خبير ان قضية ما ذكرنا من القاعدة تخصيص الطهارة بالغسلة التي يحصل الطهارة للمحل بها، لأنها هي المورثة للمحل طهارة، فلا تكون نجسة و أما ما تقدمها حيث تكون لا تفيد المحل طهارة فلا تجري فيها القاعدة، فيكون من قال: بالطهارة مطلقا بل طهارة مطلق الوارد و إن كان في غير مقام التطهير لهذه القاعدة غير متجه، لعدم اقتضاءها ذلك، فتكون أخص من الدعوى، بل يظهر من المنتهى ان محل النزاع فيما ذكرنا من الغسلة التي تحصل طهارة المحل بها، فيمكن حينئذ إرجاع كلام الشيخ في الخلاف على ما نقل عنه من نجاسة الغسالة الأولى دون الثانية اليه، و لعل وجه من قال بطهارة الجميع أنه الذي أفاد طهارة المحل لا الأخير فقط، كما يظهر من استدلال الشيخ المنقول عنه في الخلاف للحكم بطهارة غسالة إناء الولوغ من غير فرق بين الأولى و الثانية و الثالثة مضافا الى ما ذكرنا من أصل الطهارة، و تسمع إن شاء الله تمام الكلام. (و أما الدليل الثاني) و هو رواية العيص فهي - مع كونها مضمرة و مقطوعة، و رواية المعتبر له مع حكمه بضعفها لا تورثها شيئا، و أما رواية المنتهى لها فمن المقطوع انه تبع بها الشيخ، و كون الشيخ يروي عن العيص في بعض كتبه بطريق حسن لا يقضي بروايته عنه في غيره كذلك، و احتمال أنه أخذها من كتابه مع كونه معتمدا عنده بطريق معتبر معارض باحتمال عدمه، مع احتمال إرادة الوضوء ما كان متعارفا من أحوال بعض المرضى انه يؤتى له بطشت فيبول فيه و يتغوط و يستنجي فيه، فقد يكون إنما أمره  لذلك - غير دالة على تمام المدعى حتى تنافي ما ستسمعه مما نختاره إن شاء الله، بل قد تكون شاهدا لنا. (و أما الثالث) فلأن القائل بالطهارة يشترط ورود المطهر، بل و القائل بالنجاسة، نعم يظهر من الشهيد في الذكرى خلاف ذلك، و لعله يقول حينئذ بنجاسة الغسالة و إن ظهر منه الميل إلى الطهارة هنا، لكن يخص ذلك بورود المطهر لا العكس، فيحكم حينئذ بطهارة الأجمع، و نجاسة الماء للأمر بالإهراق، و التحقيق أن الورود شرط كما يأتي إن شاء الله، على أن هذه الأخبار محتملة لأن يكون أصابها عين القذر من غير تحقق للغسل، و أما إجماع المنتهى و التحرير فلا يدلان على تمام المطلوب، بل هما خاصان بالنجاسة العينية، و هما غير منافيين لما ستسمعه من المختار، و أما رواية عبد الله بن سنان فهي إن لم يكن فيها إشعار بالعدم فلا دلالة فيها على الدعوى، و أما النهي عن غسالة الحمام ففيه - مع معارضته ببعض الأخبار المتضمنة لنفي البأس - ان كثيرا منها نهت عن الاغتسال فيها معللة ذلك بأنه اغتسال الجنب و الناصب و ولد الزنا و اليهودي و النصراني و نحو ذلك، بل قد يشعر من عدم ذكر التعليل في شيء منها بغسل النجاسات بعكس الدعوى، و قد بان لك من جميع ما ذكرنا حجة القول بالطهارة مطلقا، و حجة القول بطهارة الغسلة الأخيرة التي تحصل طهارة المحل بعدها، و المنقول عن الشيخ من التفصيل بطهارة غسالة إناء الولوغ، لما ذكرنا من أدلة الطهارة، و نجاسة الأولى من غسالة الثوب، لخبر العيص و نحوه من أدلة النجاسة، و طهارة الثانية للأصل، فتأمل

و الأقوى في النظر الحكم بطهارة الغسالة مطلقا، من غير فرق بين الأولى و الثانية نعم يشترط أن لا يكون الغسلة التي فيها زوال عين النجاسة، بناء على عدم مدخليتها بالتطهر حتى يلتزم بطهارتها، لما سمعته من القاعدة المنجبرة بما عرفت. لا يقال: ان مقتضى ما ذكرت من القاعدة أن تخص الطهارة بالأخيرة فقط، لأنها هي التي حصلت الطهارة بها، لأن الظاهر ان كل جزء منها سبب و الطهارة تحصل بالمجموع، و ما يقال: ان النجاسة إن كانت عينية ثم غسلتها مرة واحدة فإن الظاهر الطهارة، مع ان مقتضى التقييد السابق العدم يدفعه إمكان دعوى عدم حصول الطهارة حتى تزال العين و يتعقبه غسل و لو بالاستمرار، فحينئذ المطهر الغسل المتعقب و ذاك الذي نلتزم بطهارته، و لعله لذا جعل المنتهى محل النزاع الغسلة التي يحصل طهارة المحل بعدها دون غسلة الإزالة، بل لعل إجماع التحرير و المنتهى المتقدم شاهد على ذلك، كما يومي تقييدهما محله بالنجاسة العينية بل ربما يحمل خبر العيص على ذلك أيضا، بل لعل كلام ابن إدريس المتقدم في مسألة الولوغ يرجع إليه أيضا، بل و كلام الشيخ في الخلاف في تطهير الثياب. فحاصل الكلام بناء على ذلك ان الغسل الذي يفيد المحل طهارة انما هو المتأخر عن إزالة النجاسة و لو بالاستمرار، فالملتزم طهارته فقط، لأن التطهير انما حصل به، دون الغسل الذي أزال العين، فإنه لا مدخلية له فيه و لذلك لا يتوقف زوال العين عليه، بل يحصل بالبصاق و المضاف و نحوهما، فلو فرض حينئذ غسل أي إجراء واحد من غير تعقب لآخر لا باستمرار و لا بغيره و كانت النجاسة عينية فالظاهر انا لا نلتزم بطهارة المحل، بل نقول ببقاء النجاسة إلى حصول غسل آخر و لو باستمرار الصب، نعم لو قلنا بالاجتزاء بما ذكرت لكان لا بد من الالتزام بطهارة ذلك، مع أنه لا بأس بالتزامه إذا فرض استهلاكه لعين النجاسة، بل و إن لم يستهلك نحو ماء الاستنجاء، بل الظاهر لزومه لكن من قال: بطهارة الغسالة. لا يقال: انه قد ينفصل الماء متغيرا بلون النجاسة و مع ذا تحقق اسم الغسل به، و التزام طهارته هنا حينئذ خرق للإجماع فطهر المحل حينئذ مع نجاسة غسالته، لأنا نقول: نمنع حصول طهارة المحل بذلك، بل لا بد من تحقق غسل آخر بعده بغيره و لو بالاستمرار، نعم لو فرض تغيره بعد تحقق مسمى الغسل به كان لا بأس بالتزام نجاسته، و طهارة المحل به قبل التغير، فتأمل جيدا فإنه دقيق، و يأتي له في غسل النجاسات تتمة إن شاء الله تعالى. فان قلت: لم لم نلتزم بما التزم العلامة من الحكم بالطهارة ما دام في المحل فإذا انفصل نجس، قلت: هو مع كونه منافيا للاستصحاب مستلزم لتخلف المعلوم عن العلة، و وجوده بدونها، و ذلك لأنه عند حصول سبب النجاسة و هي الملاقاة للمتنجس لا ينجس، و عند عدمها ينجس، و دعوى أن الملاقاة الأولى تؤثر تنجيسا في الحال و الاستمرار ارتفع الأثر في الحال لمانع، فيبقى الباقي لا يخفى ما فيها من السخافة، كاحتمال أن ماء الغسالة لا يظهر أثر نجاسته إلا إذا انفصل، فما دام غير منفصل ليس بنجس، فيكون حاله كحال ما في البواطن أما أولا فلأن الشيء تلاحظ طهارته و نجاسته بالنسبة إلى نفسه، و إلا لجرى ما قال في المباشر للثوب النجس من الماء المضاف و نحوه، و أما ثانيا فلأن من جملة آثار نجاسته عدم حصول التطهير به للمغسول، و حصوله على تقدير الطهارة عند من ذهب الى ذلك، بل مما يمكن أن يلزم به القائلون بالنجاسة أن الأخبار قد دلت على حصول الطهارة بمجرد حصول الغسل المتحقق قبل حصول الانقطاع، فان كان هذه الأوامر أفادت طهارة المتخلف فلتفد الطهارة قبل تحقق الانقطاع، لتحقق مسمى الغسل القاضي بطهارة المغسول الذي يلزمه عندهم طهارة ما معه، فتأمل. و أظنك تكتف بما ذكرنا بالنسبة الى هذه المسألة، و الله أعلم بحقيقة الحال، و انظر الى ما قيل و لا تنظر الى من قال، و طريق الاحتياط غير خفي.

ثم ان هناك نزاعين آخرين أحدهما بين القائلين بالطهارة، و الآخر بين القائلين بالنجاسة، (أما الأول) فقال في المدارك: «اختلف القائلون بعدم نجاسة الغسالة في أن ذلك هل هو على سبيل العفو بمعنى الطهارة دون الطهورية، أو تكون باقية على ما كانت عليه من الطهورية، أو يكون حكمها حكم رافع الحدث الأكبر؟ فقال بكل قائل، و المراد بالآخر أنه رافع للخبث دون الحدث» انتهى. و كيف كان فالأقوى في النظر عدم جواز رفع الحدث به، لما رواه عبد الله بن سنان، و للإجماع في المعتبر و المنتهى، و يلحق به المبيح و إن لم يرفع حدثا، و أما رفع الخبث فقد اعترف به بعض القائلين بالطهارة، لعدم ما يدل على خلافه، إذ ما عرفت من الإجماع انما هو على رفع الحدث به، بل قد يؤيده الاستصحاب، لكن الأقوى في النظر العدم، لاستصحاب بقاء الخبث، و ما عساه يظهر من رواية عمار الواردة في كيفية تطهير الإناء و الكوز «كيف يغسل، و كم مرة يغسل‌؟ قال: يغسل ثلاث مرات، يصب فيه الماء فيحرك فيه، ثم يفرغ منه، ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه، ثم يفرغ ذلك الماء، ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه، ثم يفرغ منه و قد طهر» فإن أمره (عليه السلام) بإفراغه، و صب ماء آخر فيه غيره يشعر أنه لا يزيل خبثا، و إلا لأمكن غسل الإناء ثلاث مرات بذلك، بل من غير إهراقه، و يتحقق الفصل بين الغسلات بالسكون بينها يسيرا، و لا ينجس بالسكون، لأن الغرض الطهارة، بل قد يدعى أن الأوامر بصب الماء و نحوه لا تشمل الماء المستعمل في إزالة الأخباث، كما أنه قد يقال ان ذلك نوع جمع بين القاعدتين المتقدمتين، بل قد يقال: ان القول برفع الخبث به دون الحدث خرق للإجماع المركب، و مثل هذا النزاع يجري على القول بالنجاسة أيضا في المتخلف من الماء في الثوب و البدن، ضرورة جريان الاحتمالات الثلاثة، فيه، لكن لعل المتجه على مذهبهم القول بأنه طاهر لا يرفع حدثا و لا خبثا، و ذلك لأن القاعدة تقضي بتنجيسه، لكن لمكان العسر و الحرج و المشقة التزم بالطهارة، مضافا الى الأدلة الحاكمة بها بعد الغسل، فاللازم الاقتصار على مقدار ما تندفع به الضرورة، و هو الطهارة دون المطهرية، و منه يظهر لك كل من وجهي الاحتمالين الآخرين.

(و أما النزاع الثاني) و هو على تقدير القول بالنجاسة فهل هي كالمحل قبل الغسل، أو قبلها أو يكفي فيها مطلق الغسل‌؟ وجوه بل أقوال، فعلى الأول يجب التعدد فيما وجب فيه ذلك و لو كان من الأخيرة، و على الثاني تنقص كلما تنقص، و على الثالث يكفي المرة الواحدة، و لعل وجه الأول أنه نجاسة لم يعرف لها مقدار من الشرع، فالاستصحاب ثابت، و لا نتيقن الطهارة إلا بذلك، و احتمال الزيادة نقطع بعدمه،  لأنها لا تزيد على الأصل، و لأنها اشتملت على النجاسة التي في المحل، فلا يزيلها إلا ما يزيلها، و الثاني انه لا ريب بضعف نجاسة المحل في الثانية و الثالثة، و معنى ضعف النجاسة عدم تعدد الغسل، و أيضا نجاسة المحل بعد الغسل الأول تنتقل الى مثل النجاسة التي وجب بها غسل واحد، و الفرع لا يزيد على الأصل و الثالث أصالة البراءة، و إطلاق ما دل على غسل النجس، و خبر العيص، فإنه أمره بالغسل، و هو للطبيعة مع ترك الاستفصال، و اشتماله على متعدد الغسل، و في الروضة «ان الثاني انما يتم فيما يغسل مرتين لا لخصوص النجاسة، أما المخصوص كالولوغ فلا لأن الغسالة لا تسمى ولوغا، و من ثم لو وقع لعابه في الإناء بغير الولوغ لم يوجب حكمه» انتهى. و منه ينقدح الاعتراض على الأول، لا يقال: عليه أن الغسل المتعدد في سائر النجاسات معلق على اسم غير حاصل بالغسالة، كالبول و نحوه لأنا نقول: الظاهر بقرينة مثاله أن مراده أن تعدد الغسل في الولوغ لمعنى ليس موجودا في الغسالة، إذ ليس هو اللعاب الموجود فيها، و انما هو حكم شرعي لمجرد الولوغ، و هو غير حاصل في الغسالة بخلاف البول و غيره، فان فيه عينية، فيتبعها الغسالة. و الحاصل يرجع كلامه الى أن الغسالة لمجرد تعبد شرعي، لا لوجود عين نجاسة تختص بالاسم الذي تعبد به الشارع، دون النجاسة العينية فإنها و إن زالت العين لكن الحكم مستند إليها بخلاف الولوغ، فإنه ليس راجعا لمعين، لما عرفت من أن تعدد الغسل ليس للعاب، و يحتمل أن يريد بقوله انما يتم الى آخره ان ذلك يتم على مذهب من يقول بوجوب الغسل مرتين في كل نجاسة، لا لخصوص نجاسة، و لا يخفى ما فيه من البعد، و بما وجهنا به الدليل الأول تعرف دفع ما عساه يورد عليه أن الغسالة لم تكن داخلة تحت اسم ما ورد التعدد فيه، لما عرفت أنه لم يأخذه من ذلك، بل مما قدمناه فلا يتجه عليه ما ذكر نعم الظاهر انه إن كان المستند في النجاسة انما هو خبر العيص عندهم فالمتجه الأخير، و إلا كان الأول قويا و إن كان الثاني أقوى في النظر، و من هنا تعرف عدم اعتمادهم على خبر العيص، فإنه لم ينقل الاكتفاء بالمرة إلا عن صاحب المعالم، و نقل أنه نقله عن بعض المعاصرين، نعم في مفتاح الكرامة أنه قواه الأستاذ، و إلا فعن الروض ان الشهيد في جميع كتبه و من تأخر على الثاني، و لم ينقل الأول إلا عن العلامة في نهاية الأحكام و ظاهر القواعد و الإرشاد، مع أنه لم يظهر لي الاستظهار المذكور، فلاحظ و تأمل هذا. و في المنتهى إذا غسل الثوب من البول في إجانة بأن يصب عليه الماء فسد الماء، و خرج من الثانية طاهرا اتحدت الآنية أو تعددت، و احتج لذلك بوجهين، أحدهما انه قد حصل الامتثال بغسله مرتين، و إلا لم يدل الأمر على الاجزاء، الثاني ما رواه الشيخ (رحمه الله) في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته «عن الثوب يصيبه البول، قال: اغسله مرتين في المركن، فان غسلته في ماء جار فمرة» و في الذخيرة «أنه قد يستشكل الحكم بطهارة الثوب مع الحكم بفساد الماء المجتمع تحته في الإجانة، سيما بعد حكمه بنجاسة الماء بانفصاله عن المحل المغسول، فان الماء بعد انفصاله عن المحل المغسول يلاقيه في الآنية، فيلزم تنجيسه، و قد يتكلف في حله بان المراد بالانفصال خروجه عن الثوب و الإناء المغسول فيه، تنزيلا للاتصال الحاصل باعتبار الإناء منزلة ما يكون في نفس المغسول، للحديث المذكور، ثم قال: و لا يخفى أن بناء هذا الخبر على طهارة الغسالة أولى من ارتكاب هذا التكليف، فان ذلك انما يصح إذا ثبت دليل واضح على نجاسة الغسالة، و قد عرفت انتفاءه» قلت: هو في غاية الجودة

















فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است



****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Thursday - 4/1/2024 - 7:48

الگوهای متصور در انشائات کتاب الطهارة

صاحب جواهر

ماء کر: طاهر

ماء قلیل: یتنجس بالملاقاة

به انشاء طولی در ذیل آن ماء بئر و ماء جاری و ماء مطر و ماء غساله و ماء حمام جدا می شود

 

 

الگوهای دیگر

قاعده اولیه در ماء انزلنا من السماء ماء طهوراً

تقسیم موضوع  به  ماء راکد / ماء جاری اعم از بحر و مطر

انشاء طولی ثانوی در میاه راکده کر نجاست بالتغیر و میاه قلیل نجاست بالملاقاة

انشاء طولی ثالثی در میاه قلیل به ماء غساله/ ماء بئر/ ماء حمام اما بطهوریته او طاهریته فقط

 

 

الگویی دیگر

قاعده اولیه در میاه طهارت

قاعده ثانویه در ماء کر/ ماء جاری/ ماء بئر  طهارت

قاعده ثانویه در ماء قلیل نجاست

قاعده ثالثه در غساله و ماء حمام طهارت