بسم الله الرحمن الرحیم

فهرست علوم
فهرست فقه
بررسی قاعده «التصحیح بقدر الامکان و الابطال بقدر الضروره»
تشریع احکام بر پایه اضعف عباد
کاربردهای دین در قرآن کریم

مصلحت تسهیل



روایات

التفسیر المنسوب الی الامام العسکری، ص 28

 «بسم الله الرحمن الرحيم» أي أستعين على هذا الأمر بالله الذي لا تحق العبادة لغيره، المغيث إذا استغيث، [و] المجيب إذا دعي «الرحمن» الذي يرحم ببسط الرزق علينا «الرحيم» بنا في أدياننا و دنيانا و آخرتنا: خفف الله علينا الدين، و جعله سهلا خفيفا، و هو يرحمنا بتمييزنا من أعدائه.

 

ص 259

ثم [قال ع:] قال رسول الله ص: عباد الله عليكم باعتقاد ولايتنا أهل البيت و [أن‏] لا تفرقوا بيننا، و انظروا كيف وسع الله عليكم حيث أوضح لكم الحجة- ليسهل عليكم معرفة الحق، ثم وسع لكم في التقية لتسلموا من شرور الخلق، ثم إن بدلتم و غيرتم- عرض عليكم التوبة و قبلها منكم، فكونوا لنعماء الله شاكرين «2».

 

کافی، ج 5، ص 494

باب كراهية الرهبانية و ترك الباه‏
1- عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد الله ع قال: جاءت امرأة عثمان بن مظعون إلى النبي ص فقالت يا رسول الله إن عثمان يصوم النهار و يقوم الليل فخرج رسول الله ص مغضبا يحمل نعليه حتى جاء إلى عثمان فوجده يصلي فانصرف عثمان حين رأى رسول الله ص فقال له يا عثمان لم يرسلني الله تعالى بالرهبانية و لكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة أصوم و أصلي و ألمس أهلي فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي و من سنتي النكاح «1».

 

 


                        الفقیه، ج 1، ص 12
                      16- و سئل علي ع- «2»
 أ يتوضأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أحب إليك أو يتوضأ من ركو أبيض مخمر فقال لا بل من فضل وضوء جماعة المسلمين فإن أحب دينكم إلى الله الحنيفية السمحة السهلة «3».

 

 

الامالی للصدوق، ص 319

5- حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن عبد الله بن مسكان عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ع قال: قال رسول الله ص أ لا أخبركم بمن يحرم عليه النار غدا قالوا بلى يا رسول الله ص قال الهين القريب اللين السهل.
                       

 

بحارالانوار،ج11، ص 332

27- قب، المناقب لابن شهرآشوب فارق نبينا ص جماعة النبيين بمائة و خمسين خصلة منها في باب النبوة قوله و خاتم النبيين «3» و قوله أعطيت جوامع الكلم و قوله أرسلت إلى الخلق كافة و بقاء دولته ليظهره على الدين كله «4» و العجز عن الإتيان بمثل كتابه قل لئن اجتمعت الإنس و الجن «5» و كان ممنوعا من الشعر و روايته و ما علمناه الشعر «6» و تسهيل شريعته ما جعل عليكم في الدين من حرج «7» و إضعاف ثواب الطاعة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها «8» و رفع العذاب و ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم «9» و فرض محبة أهل بيته قل لا أسئلكم عليه أجرا «10» و في باب أمته كنتم خير أمة «11» هو سماكم المسلمين «12» إنما المؤمنون «13» الذين اصطفينا من عبادنا «14» هو اجتباكم «15» الله ولي الذين آمنوا «16» هو الذي يصلي عليكم «17»

 

 

عیون اخبار الرضا، ج 2، ص 110

فإن قال فلم إذا لم يكن للعصر وقت مشهور مثل تلك الأوقات أوجبها بين الظهر و المغرب و لم يوجبها بين العتمة و الغداة و بين الغداة و الظهر قيل لأنه ليس وقت على الناس أخف و لا أيسر و لا أحرى أن يعم فيه الضعيف و القوي بهذه الصلاة من هذا الوقت و ذلك أن الناس عامتهم يشتغلون في أول النهار بالتجارات و المعاملات و الذهاب في الحوائج و إقامة الأسواق فأراد أن لا يشغلهم عن طلب معاشهم و مصلحة دنياهم و ليس يقدر الخلق كلهم على قيام الليل و لا يشعرون به «4» و لا ينتبهون لوقته لو كان واجبا و لا يمكنهم ذلك فخفف الله عنهم و لم يجعلها في أشد الأوقات عليهم و لكن جعلها في أخف الأوقات عليهم كما قال الله عز و جل يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر
 «5»

 

 

 

                        وسائل الشيعة، ج‏10، ص: 178
13153- 13- «1» علي بن الحسين المرتضى في رسالة المحكم و المتشابه نقلا من تفسير النعماني بإسناده الآتي «2» عن علي ع أنه قال في بيان الرخصة التي هي الإطلاق بعد النهي و مثله قوله تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن- إلى قوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه و من كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر
 «3»- فانتقلت الفريضة اللازمة للرجل الصحيح لموضع القدرة و زالت للضرورة تفضلا على العباد.

 

 

و إن اغتسلت من ماء الحمام و لم يكن معك ما تغرف به و يداك قذرتان‏
                        الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام، ص: 86
فاضرب يدك في الماء و قل بسم الله و هذا مما قال الله تبارك و تعالى و ما جعل عليكم في الدين من حرج‏

 

قرب الاسناد، ص 84

277- و عنه، عن مسعدة بن زياد قال: حدثني جعفر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه و آله قال:
 «مما أعطى الله أمتي، و فضلهم به على سائر الأمم، أعطاهم ثلاث خصال لم يعطها إلا نبي:
و ذلك أن الله تبارك و تعالى كان إذا بعث نبيا قال له: اجتهد في دينك و لا حرج عليك، و إن الله تبارك و تعالى أعطى ذلك أمتي حيث يقول و ما جعل عليكم في الدين من حرج‏
 «3» يقول: من ضيق.
و كان إذا بعث نبيا قال له: إذا أحزنك أمر تكرهه، فادعني أستجب لك، و إن الله أعطى أمتي ذلك حيث يقول ادعوني أستجب لكم «4».
و كان إذا بعث نبيا جعله شهيدا على قومه، و إن الله تبارك و تعالى جعل أمتي شهداء على الخلق حيث يقول ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء على الناس» «5» «6»

 

 

4- علي بن إبراهيم عن أبيه و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر ع أ لا تخبرني من أين علمت و قلت إن المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين فضحك ثم قال يا زرارة قال رسول الله ص و نزل به الكتاب من الله لأن الله عز و جل يقول- فاغسلوا وجوهكم فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ثم قال- و أيديكم إلى المرافق ثم فصل بين الكلام «1» فقال و امسحوا برؤسكم فعرفنا حين قال- برؤسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال و أرجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها ثم فسر ذلك رسول الله ص للناس فضيعوه ثم قال- فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم و أيديكم منه فلما وضع الوضوء إن لم تجدوا الماء أثبت بعض الغسل مسحا لأنه قال بوجوهكم ثم وصل بها و أيديكم ثم قال منه أي من ذلك التيمم لأنه علم أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف و لا يعلق ببعضها ثم قال ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج‏
 و الحرج الضيق.

 



المحاسن، ج 1، ص 226-227

204 عنه عن علي بن الحكم عن أبان الأحمر عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله ع قال: قال لي اكتب فأملى أن من قولنا إن الله يحتج على العباد بالذي آتاهم و عرفهم ثم أرسل إليهم رسولا و أنزل عليه الكتاب و أمر فيه و نهى و أمر فيه بالصلاة و الصوم فنام رسول الله ص عن الصلاة فقال أنا أنيمك و أنا أوقظك فإذا قمت فصل ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون ليس كما يقولون إذا قام عنها هلك و كذلك الصيام أنا أمرضك و أنا أصحك فإذا شفيتك فاقضه ثم قال أبو عبد الله ع و كذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا في ضيق و لم تجد أحدا إلا و لله عليه حجة و له فيه المشيئة و لا أقول إنهم ما شاءوا صنعوا ثم قال إن الله يهدي و يضل و قال ما أمروا إلا بدون سعتهم و كل شي‏ء أمر الناس به فهم يسعون له و كل شي‏ء لا يسعون له فموضوع عنهم و لكن الناس لا خير فيهم ثم تلا ليس على الضعفاء و لا على المرضى و لا على الذين لا يجدون ما ينفقون الذين إذا ما أتوك لتحملهم قال فوضع عنهم لأنهم لا يجدون ما ينفقون و قال إنما السبيل على الذين يستأذنونك و هم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف و طبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون «1».

 

 

                        الأصول الستة عشر (ط - دار الشبستري)، النص، ص: 68

قال جابر سمعته يقول: دخل على ابى قوم فقال لهم ما لكم و للبرائة بعضكم من بعض انما اخذتم اخذ الخوارج ضيقوا على انفسهم حتى برى‏ء بعضهم من بعض ان امرنا اوسع مما بين السماء و الارض و اذا ابغضت الرجل فقد برئت منه.

 

 

قرب الاسناد، ص 385

1358- و سألته عن الجبة الفراء، يأتي الرجل السوق من أسواق المسلمين فيشتري الجبة، لا يدري أ هي ذكية أم لا، يصلي فيها؟
قال: «نعم، إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول: إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم، إن الدين أوسع من ذلك، إن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه كان يقول: إن شيعتنا في أوسع ما بين السماء إلى الأرض، أنتم مغفور لكم «4».

 

الکافی، ج 2، ص 405
6- الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن مثنى عن إسماعيل الجعفي قال: سألت أبا جعفر ع عن الدين الذي لا يسع العباد جهله فقال الدين واسع «2» و لكن الخوارج ضيقوا على أنفسهم من جهلهم قلت جعلت فداك فأحدثك بديني الذي أنا عليه فقال بلى فقلت أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله و الإقرار بما جاء من عند الله و أتولاكم و أبرأ من عدوكم و من ركب رقابكم و تأمر عليكم و ظلمكم حقكم فقال ما جهلت شيئا هو و الله الذي نحن عليه قلت فهل سلم أحد لا يعرف هذا الأمر فقال لا إلا المستضعفين قلت من هم قال نساؤكم و أولادكم ثم قال أ رأيت أم أيمن فإني أشهد أنها من أهل الجنة و ما كانت تعرف ما أنتم عليه‏

 

 

وي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه ع عن الحسين بن علي ع قال: إن يهوديا من يهود الشام و أحبارهم كان قد قرأ التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف الأنبياء ع و عرف دلائلهم جاء إلى مجلس فيه أصحاب رسول الله ص و فيهم علي بن أبي طالب و ابن عباس و ابن مسعود و أبو سعيد الجهني‏
                        الإحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي)، ج‏1، ص: 211
فقال يا أمة محمد ما تركتم لنبي درجة و لا لمرسل فضيلة إلا أنحلتموها نبيكم فهل تجيبوني عما أسألكم عنه؟ «1» فكاع القوم عنه فقال علي بن أبي طالب ع نعم ما أعطى الله نبيا درجة و لا مرسلا فضيلة إلا و قد جمعها لمحمد ص و زاد محمدا على الأنبياء أضعافا مضاعفة فقال له اليهودي فهل أنت مجيبي؟
قال له نعم سأذكر لك اليوم من فضائل رسول الله ص ما يقر الله به عين المؤمنين و يكون فيه إزالة لشك الشاكين في فضائله ص إنه كان إذا ذكر لنفسه فضيلة قال و لا فخر و أنا أذكر لك فضائله غير مزر بالأنبياء و لا منتقص لهم و لكن شكرا لله على ما أعطى محمدا ص مثل ما أعطاهم و ما زاده الله و ما فضله عليهم قال له اليهودي إني أسألك فأعد له جوابا قال له علي ع هات...

ص 220

فإن هذا سليمان قد سخرت له الرياح فسارت به في بلاده غدوها شهر و رواحها شهر قال له علي ع لقد كان كذلك و محمد ص أعطي ما هو أفضل من هذا إنه سري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر و عرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش ف دنا بالعلم فتدلى من الجنة رفرف أخضر و غشي النور بصره فرأى عظمة ربه عز و جل بفؤاده و لم يرها بعينه فكان كقاب قوسين بينه و بينها أو أدنى- فأوحى الله إلى عبده ما أوحى و كان فيما أوحى إليه الآية التي في سورة البقرة قوله- لله ما في السماوات و ما في الأرض و إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء و الله على كل شي‏ء قدير «2» و كانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم ع إلى أن بعث الله تبارك و تعالى محمدا و عرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها و قبلها رسول الله و عرضها على أمته فقبلوها فلما رأى‏

                       الإحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي)، ج‏1، ص: 221
الله تبارك و تعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها فلما أن سار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه فقال- آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه- فأجاب ص مجيبا عنه و عن أمته- و المؤمنون كل آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله لا نفرق بين أحد من رسله «1» فقال جل ذكره لهم الجنة و المغفرة علي إن فعلوا ذلك فقال النبي ص أما إذا فعلت ذلك بنا فغفرانك ربنا و إليك المصير يعني المرجع في الآخرة قال فأجابه الله عز و جل قد فعلت ذلك بك و بأمتك ثم قال عز و جل أما إذا قبلت الآية بتشديدها و عظم ما فيها و قد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها و قبلتها أمتك حق علي أن أرفعها عن أمتك و قال- لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت من خير و عليها ما اكتسبت «2» من شر فقال النبي ص لما سمع ذلك- أما إذا فعلت ذلك بي و بأمتي فزدني قال سل قال ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا «3» قال الله عز و جل لست أؤاخذ أمتك بالنسيان و الخطإ لكرامتك علي و كانت الأمم السالفة إذا نسوا ما ذكروا به فتحت عليهم أبواب العذاب و قد دفعت ذلك عن أمتك و كانت الأمم السالفة إذا أخطئوا أخذوا بالخطإ و عوقبوا عليه و قد رفعت ذلك عن أمتك لكرامتك علي فقال ص اللهم إذا أعطيتني ذلك فزدني قال الله تبارك و تعالى له سل قال ربنا و لا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا «4» يعني بالإصر الشدائد التي كانت على من كان من قبلنا فأجابه الله عز و جل إلى ذلك و قال تبارك اسمه قد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة كنت لا أقبل صلاتهم إلا في بقاع معلومة من الأرض اخترتها لهم و إن بعدت و قد جعلت الأرض كلها لأمتك مسجدا و طهورا فهذه من الآصار التي كانت على الأمم قبلك فرفعتها عن أمتك و كانت الأمم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوه من أجسادهم و قد جعلت الماء لأمتك طهورا فهذا من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك و كانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس فمن قبلت ذلك منه أرسلت عليه نارا فأكلته فرجع مسرورا و من لم أقبل منه ذلك رجع مثبورا «5» و قد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها و مساكينها- فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة و من لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا و قد رفعت ذلك عن أمتك و هي من الآصار التي كانت على الأمم من كان من قبلك و كانت الأمم السالفة صلواتها مفروضة عليها في ظلم الليل و أنصاف النهار و هي من الشدائد التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك و فرضت صلاتهم في أطراف الليل و النهار و في أوقات نشاطهم و كانت الأمم السالفة قد فرضت عليهم خمسين صلاة في خمسين وقتا و هي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك و جعلتها خمسا في خمسة أوقات و هي إحدى و خمسون ركعة و جعلت لهم أجر خمسين صلاة و كانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة و سيئتهم بسيئة و هي من الآصار التي كانت‏
الإحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي)، ج‏1، ص: 222
عليهم فرفعتها عن أمتك و جعلت الحسنة بعشرة و السيئة بواحدة و كانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة فلم يعملها لم تكتب له و إن عملها كتبت له حسنة و إن أمتك إذا هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة و إن عملها كتبت له عشرة- و هي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك و كانت الأمم السالفة إذا هم أحدهم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه و إن عملها كتبت عليه سيئة و إن أمتك إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها كتبت له حسنة و هذه من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك و كانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم و جعلت توبتهم من الذنوب أن حرمت عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم و قد رفعت ذلك عن أمتك و جعلت ذنوبهم فيما بيني و بينهم و جعلت عليهم ستورا كثيفة و قبلت توبتهم بلا عقوبة و لا أعاقبهم بأن أحرم عليهم أحب الطعام إليهم و كانت الأمم السالفة يتوب أحدهم إلى الله من الذنب الواحد مائة سنة أو ثمانين سنة أو خمسين سنة ثم لا أقبل توبته دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة و هي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك و إن الرجل من أمتك ليذنب عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو أربعين سنة أو مائة سنة ثم يتوب و يندم طرفة عين فأغفر ذلك كله فقال النبي ص إذا أعطيتني ذلك كله فزدني قال سل- قال ربنا و لا تحملنا ما لا طاقة لنا به «1» قال تبارك اسمه قد فعلت ذلك بأمتك و قد رفعت عنهم عظم بلايا الأمم و ذلك حكمي في جميع الأمم أن لا أكلف خلقا فوق طاقتهم‏

 

 

در کلام فقهاء

العناوین

العناوین، ج 1، ص 281-301

عنوان 9 من جملة الأصول المتلقاة عن الشارع: نفي العسر و الحرج و المشقة في الدين. قال الله تعالى رَبَّنٰا وَ لاٰ تَحْمِلْ‌ عَلَيْنٰا إِصْراً كَمٰا حَمَلْتَهُ‌ عَلَى الَّذِينَ‌ مِنْ‌ قَبْلِنٰا . و قال عز شأنه وَ مٰا جَعَلَ‌ عَلَيْكُمْ‌ فِي الدِّينِ‌ مِنْ‌ حَرَجٍ‌ . و قال عز اسمه مٰا يُرِيدُ اللّٰهُ‌ لِيَجْعَلَ‌ عَلَيْكُمْ‌ مِنْ‌ حَرَجٍ‌ . و قال سبحانه يُرِيدُ اللّٰهُ‌ بِكُمُ‌ الْيُسْرَ وَ لاٰ يُرِيدُ بِكُمُ‌ الْعُسْرَ .

و النصوص في الاستدلال بهذه الآيات في المقامات كثيرة جدا. ففي صحيحة زرارة في بيان آية التيمم: فلما وضع الوضوء عمن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا، لأنه قال: بوجوهكم ثم وصل بها و أيديكم ثم لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف و لا يعلق ببعضها، ثم قال: ما يريد الله ليجعل عليكم [في الدين] من حرج و الحرج: الضيق . و في صحيحة الفضيل في الرجل الجنب يغتسل فينضح من الماء في الإناء، فقال: لا بأس، و ذكر الآية . و في موثقة أبي بصير في الغدير من المطر يبول فيه الصبي و الدابة و تروث: إن الدين ليس بمضيق، فإن الله عز و جل يقول مٰا جَعَلَ‌ عَلَيْكُمْ‌ فِي الدِّينِ‌ مِنْ‌ حَرَجٍ‌ . و في رواية عبد الأعلى في من وضع بإصبعه مرارة في الوضوء: يعرف هذا و أشباهه من كتاب الله، قال الله تعالى مٰا جَعَلَ‌ عَلَيْكُمْ‌ فِي الدِّينِ‌ مِنْ‌ حَرَجٍ‌ فامسح عليه و في حسنة محمد بن الميسر في الماء القليل في الطريق يريد الجنب أن يغتسل منه و يداه قذرتان، قال: يتوضأ و يغتسل، و تلا الآية . و نظائر هذه الأخبار كثيرة. و في رواية حمزة بن طيار: و ما أمروا إلا بدون وسعهم و كل شيء أمر الناس به فهم يسعون له، و كل شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم . و في صحيحة البزنطي بعد بيان عدم لزوم السؤال عن تذكية ما يشترى من السوق من الفراء -: أن أبا جعفر عليه السلام كان يقول: إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالة ، و إن الدين أوسع من ذلك . و في رواية الاحتجاج الطويلة في عد ما رفع الله عن هذه الأمة: رفع الخطأ و النسيان و قبول الصلاة في أي مكان، و كون الماء و الأرض طهورا، و كون القربان في بطون الفقراء و المساكين و عدم انفكاكه من ثواب أخروي إن قبل و عن رفع عقوبة دنيوية إن لم يقبل، و كون الصلوات في أطراف الليل و النهار، و كونها في خمس أوقات، لا في خمسين كما في الأمم السالفة، و كون الحسنة بعشرة، و ستر الذنوب و في الأمم السالفة كانت تكتب على أبوابهم، و قبول التوبة بلا عقوبة و في الأمم السالفة كان يحرم عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم . و هذه كلها من الإصار التي حملت على الأمم السالفة دون هذه الأمة.

إذا عرفت هذه الجملة، فنقول: لا كلام في امتناع التكليف بما لا يطاق. و يدلُّ‌ عليه قوله تعالى لاٰ يُكَلِّفُ‌ اللّٰهُ‌ نَفْساً إِلاّٰ وُسْعَهٰا و الوسع: هو الطاقة، نص عليه جماعة من أهل اللغة . و قوله تعالى رَبَّنٰا وَ لاٰ تُحَمِّلْنٰا مٰا لاٰ طٰاقَةَ‌ لَنٰا بِهِ‌ . و قوله تعالى في رواية الاحتجاج: و ذلك حكمي في جميع الأمم أن لا اكلف خلقا فوق طاقتهم . و رواية المعلى عن الصادق عليه السلام: إنا و الله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم . و التقريب ما مر في الآية. و صحيحة هشام: الله أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقون . و قوله عليه السلام: (هذا دين الله الذي أنا عليه و آبائي) عند قول حمزة: إن الله لم يكلف العباد ما لا يستطيعون و لم يكلفهم إلا ما [يستطيعون، و] يطيقون . و الرواية النبوية في التسعة المرفوعة عن هذه الأمة، منها: ما لا يطيقون . و يدلُّ‌ عليه أيضا العقل القاطع، فإن قبح ذلك مما لا ينكره العقلاء من حيث هم كذلك. و إجماع علمائنا و أكثر المخالفين لنا. و لا كلام أيضا في جواز التكليف بما دون العسر بمعنى: السعة و اليسر و السهولة بل وقوعه، و قد نطق الكتاب و السنة بوقوع ذلك، كما عرفت. و إنما البحث في الواسطة بينهما، بمعنى: كونه مما يطاق و فوق اليسر و السهولة. و قد ورد التعبير عن هذه المرتبة في النصوص بلفظ: الضيق، و الإصر، و الحرج، و العسر. و فسر (الأصر) في كلمات أهل اللغة بالضيق و الحبس و الثقل. و فسر (الحرج) أيضا بالضيق. و فسر (العسر) بالصعوبة و الشدة. و هذه كلها متقاربة مفهوما و مصداقا. و يظهر من البعض أن لهذه الواسطة أيضا مرتبتين: مرتبة العسر، و مرتبة الحرج، و هي أشد من الاولى.

و الحاصل: أن كلامنا في أن مرتبة العسر و الحرج هل هو منفي في هذه الشريعة ك‌د (ما لا يطاق) أو واقع ك‌د (ما دون العسر)؟ فعلى الأول: يكون العسر و الحرج أيضا من القواعد غير القابلة للتخصيص، و لا يكون من باب الأصل. و على الثاني: يكون قابلا لورود دليل عليه يخصصه.

فنقول: هل مقتضى العقل انتفاؤهما أم لا؟ يمكن أن يقال: إن قضية العقل السليم عدم وقوعهما في التكاليف، نظرا إلى أن المتفق عليه عند أصحابنا وجوب اللطف على الله سبحانه، و معناه: التقريب من الطاعة و التبعيد عن المعصية التي هي المهلكة العظمى. و لا ريب أن التكليف البالغ حد الحرج يبعد عن الطاعة و يكون باعثا إلى كثرة المخالفة، و الله سبحانه أرحم بعباده من أن يفتنهم بما يوقعهم في العذاب غالبا. و كما أن التكليف بما لا يطاق ممتنع عليه تعالى، للزوم القبح و الخروج عن العدل، فكذلك التكليف بالحرج، فإنه مناف للطف و الرحمة. و المناقشة فيه: بمنع كون اللطف بهذا المعنى، ساقطة، إذ ليس المدار على لفظ (اللطف) بل المدار على ما ذكرناه من المعنى، و هو واجب عقلا بالتقريب المتقدم. كما أن منع عموم الوجوب في اللطف لا موقع له بعد ما قررناه من الدليل هنا بالخصوص. نعم، قد يقال: إن الواجب هو اللطف الواقعي، لا ما نتخيل أنه لطف، و لعل التكليف الواصل إلى حد الحرج لطف واقعا و نحن لا نعرفه. و هذا الكلام من الغرابة بمقام! إذ لازمه سد باب حكم العقل، و المفروض أنا جعلنا الموضوع موضوعا موجبا لكثرة المخالفة و الهلكة، و من البديهيات أن هذا شيء غير قابل للخلاف. و لا ندعي في مقام خاص أنه منه أو من غيره، بل نقول: إن الحرج الذي هو عبارة عن هذا الأمر الموجب لهذا الهلاك العظيم هل هو جائز على الرب الرؤوف الرحيم أم لا؟ و من البديهي أن ذلك بهذا الفرض غير جائز، لقضية اللطف. و دعوى: أن الحرج غير موجب لكثرة المخالفة ينافيها الوجدان و العيان. قال في العوائد: قد يترتب على أمر صعب و ضيق سهولة و سعة كثيرة دائمة أعلى و أرفع من هذا الصعب، و مقتضى اللطف التكليف بالصعب الأدنى للوصول إلى السعة الأعلى، كما أن الأب الرؤوف يضيق على ولده بحبسه في المكتب و منعه عن الأغذية المرغوبة له، لراحته عند الكبر، بل يحتجمه و يقطع أعضاءه لدفع الأمراض . قلت: هذا الكلام من ذلك العلام تبعا لبعض من سبقه خروج عن محل البحث، و قياس مع الفارق. و بيان ذلك: أنه فرق بين الأمور القهرية و الاختيارية، فإنا لا نابي أن يسلط الله على الإنسان المكلف بلايا شديدة صعبة من مرض، و كسر عظام، و السقوط من جدار، و إهانة ظالم، و لدغ حية يكون ذلك كله كفارة لما صدر منه من الذنوب، أو باعثا لارتفاع درجته في الآخرة كما في المعصومين، فإن ذلك كله واقع في المكلفين، و نطقت به الأخبار، و هذا الذي يقاس بضرب التأديب و الاحتجام و نحو ذلك. و أما لو كان الأمر الصعب اختياريا، مثلا بأن يأمر المولى عبده أو الأب ولده بأمور شاقة و كلفه بارتكابه باختياره، و هدده بالعقوبة على المخالفة، و وعده بالثواب على الإطاعة و كان ذلك الأمر مما لا يتحمل عادة و يشق عليه جدا فلا ريب أن ذلك مخالف لطريقة العقلاء، و يعد ذلك من المولى و الأب مشوبا بالغرض النفساني، و يعد هذا خارجا عن اللطف و الابتلاء، بل لا يفعل هذا الفعل إلا من كان يريد العقوبة و يجعل هذا وسيلة إليه، كما نرى وقوع أمثال ذلك من الأمراء و السلاطين، فإنهم إذا أرادوا عقوبة أحد من خدامهم و من تحت يدهم و يطلبون وسيلة لذلك يأمرونه بأمور شاقة لا يتحمل مثله لمثلها غالبا و عادة، فيخالف فيأخذونه بذلك. و الله سبحانه أجل من ذلك! بل العاقل الذي يريد تربية الطفل و المملوك و نحو ذلك يمرنه بأمور سهلة، حتى لا يكون داعيا إلى المخالفة في أول الأمر، إلى أن يحصل له من الوسع ما يقدر على ارتكاب ما فوقه من دون ضيق، ثم يأمره بما فوقه، و هكذا. و الحاصل: لا نشك في أن التكليف بالأمور الصعاب الشداد التي لا تتحمل غالبا لمن يريد التربية و التكميل و ليس مشوبا بغرض نفساني و تشه اقتراحي غير مستحسن عند العقل، و الأمور القهرية لا مدخل لها في ذلك، سيما مع انحصار العلاج فيه، مع ما فيه من كلام آخر ستسمعه بعد ذلك إن شاء الله تعالى.

ثم قال: و أما إيجاب ذلك كثرة المخالفة فهو غير مناف للطف، فإنه نقص من جانب المكلف، و لو أوجب ذلك عدم التكليف لزم أن يكون مقتضى اللطف عدم التكليف، لإيجابه المخالفة، و لا فرق فيما بين الكثرة و القلة، مع أنا نرى كثرة المخالفة بحيث تجاوزت عن الحد، و لم يوجبها إلا أصل التكليف . قلت: في حل هذا الكلام: أن الفرق بين المقامين في غاية الوضوح، و هذا ناش من عدم التأمل في طريقة العقلاء و أرباب اللطف. فإنا نقول: نقص المكلف إذا كان داعيا إلى المخالفة لا يفترق الحال فيه بين السهل و الصعب، و قد نرى أن النفس المطيعة تتحمل من المشاق ما لا تتناهى، و العاصية لا تتحمل أصلا أسهل التكاليف و تأبى عن الإطاعة، و تلك مسألة أخرى. و لا شبهة أن التكليف بما فيه مضيق يكون داعيا إلى المخالفة، أو يكون سببا لتهور النفس، و الذي نمنعه صدور شيء من صاحب اللطف يكون له مدخلية في المخالفة. و ما ذكره من: أنه موجب لارتفاع التكليف، في غير محله، إذ موضوع الإطاعة و المخالفة لا يتحقق إلا بخطاب، و لا يتحقق إعطاء كل أحد ما استحقه بمقتضى اختياره إلا بالتكليف، فهو من مقدمات وجود أحد الأمرين، بخلاف التكليف بالحرج و الضيق، فإنه من دواعي المخالفة و أسبابها، و محال على الحكيم صدور شيء مفض إلى العصيان منه. و إن شئت توضيح ذلك، فانظر إلى طريقة العقلاء في مقام التربية، فإن الإرشاد إلى الحسن و القبح و الأمر و النهي من لوازم التربية، و لا يتحقق بدونهما مع أنه لو أمر آمر بأمر مستعصب أو نهى عن شيء يعسر اجتنابه للمأمور جدا فخالف لكان العقلاء يذمون الأمر، و يقولون: إن هذا ليس مقتضى اللطف، بل اللائق أن تأمره بما لا يشكل عليه، و لا تأمره بما يوجب خذلانه. و بالجملة: فرق بين كون الداعي مجرد نقص النفس و التمرد عن الإطاعة أعاذنا الله منه و بين كون ما يصدر عن الأمر له مدخلية في ذلك، لا في تحقق موضوعه، بل في صدوره عن المكلف. و لهذا، لو اعتذر العبد المخالف حينئذ عند الناس بأن التكليف مثلا بكذا و كذا بهذه المشقة هل هو طريقة المولى‌؟ و كيف أتحمل أنا هذه المشقة‌؟ و كيف السبيل في ذلك غير المخالفة‌؟ يقبله العقلاء و يخطئون المولى، و ذلك واضح.

و يدلُّ‌ على ذلك أيضا ما نطقت به كلمة أصحابنا في الاستدلال بأن العسر و الحرج منفي، و لا يشير أحد منهم إلى جواز التخصيص بقوله: (إلا ما خرج بالدليل) مع أن طريقتهم في العمومات الجارية مجرى القاعدة يذكرون مثل ذلك، و لم أجد إلى الان في كلامهم يذكرون هذا الدليل في مقام و يقولون: (خرج ما خرج بالدليل و بقي الباقي) بل ظاهرهم أن ما ثبت ليس من هذا الباب، و إنما نشأ ذلك من بعض المتأخرين بعد ما عجزوا عن حل بعض ما يرد عليهم، كما يأتي بعد ذلك. مضافا إلى قوله عليه السلام: (دين محمد حنيف و قوله صلى الله عليه و آله: (بعثت بالحنيفية السهلة السمحة . و ليس المراد منه أن في هذا الدين أشياء سهلة و أشياء صعبة بالغة حد الحرج، فإن (الدين) إن كان اسما لكل فرد من التكاليف قضى بكون كل منها سهلة، و إن كان اسما للمجموع المركب يقتضي ذلك أيضا، لأن وجود الحرج في الدين يجعل المجموع المركب صعبة إذ انضمام التكاليف السهلة إلى الشديدة لا يوجب سهولة الشديدة، بل يزيد ذلك شدة و يكون ثقلا فوق ثقل، لا كتركيب الماء الحار المغلي بالبارد حتى يعتدل، فإن ذلك ليس من هذا الباب. و قد علم من ذلك: أن وجود ما يصدق عليه الحرج و العسر في هذا الدين مناف للروايتين المشهورتين، بل لم ينكر ذلك أحد. فإن قلت: لعل المراد: كونها سهلة بالنسبة إلى ما فوقها من الصعوبة، فإن مراتب الشدة متفاوتة. قلت: يكفينا في نفي الحرج و العسر، فإن إطلاق (السهل) ينفي ما قابلة، و ظاهره: أن ما يعد حرجا و عسرا غير موجود في الدين و إن كان فيه أيضا مشقة و شدة ببعض مراتبها، فتدبر. مع أن ما ذكر من الآيات و الروايات في نفي الحرج و العسر لا يخفى على من لاحظها بعين البصيرة أنها ليست مسوقة على سياق ما ورد من العمومات الأخر التي تتخصص بالدليل. فإنه لو قال قائل: ( يُرِيدُ اللّٰهُ‌ بِكُمُ‌ الْيُسْرَ وَ لاٰ يُرِيدُ بِكُمُ‌ الْعُسْرَ ، إلا فيما ثبت من الشرع) و كذا قوله: ( مٰا يُرِيدُ اللّٰهُ‌ لِيَجْعَلَ‌ عَلَيْكُمْ‌ ، فِي الدِّينِ‌ مِنْ‌ حَرَجٍ‌ إلا فيما جعله في بعض الأحكام) لكان هذا مما يشمئز منه النفس، و يفهم منه التناقض، و ليس ذلك إلا مثل قوله تعالى وَ مَا اللّٰهُ‌ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبٰادِ وَ مٰا رَبُّكَ‌ بِظَلاّٰم لِلْعَبِيدِ وَ مٰا كٰانَ‌ اللّٰهُ‌ لِيَظْلِمَهُمْ‌ . و ليس ما تخيل من كونه من باب العسر و الحرج إلا كما يتخيل من كونه من باب الظلم في أشياء لا يدركه عقول الأكثر، و لا ينال سره إلا البالغون مرتبة الاطمئنان و العقل الكامل. و لا يلزم من مجرد ورود النقض الذي لا يقدر على حله النظر إخراج الظواهر المقاربة للقطع بل القطعية عن معناها و ارتكاب مثل هذا التكلف الذي لا يخفى على المنصف غرابته، و المصير إلى أن ما ثبت مما ظاهره الحرج ليس من ذلك الباب، بل هو كاشف عن الخروج عن الموضوع و إن كنا لم نعرف وجهه أوضح من ذلك، مع أنا نبين الوجه في ذلك إن شاء الله تعالى.

و الذي أوجب الاضطراب في هذا الباب أمران: أحدهما: أنا نرى التكاليف الشاقة و الأحكام الصعبة واردة في الشرع، و أهل العرف يعدونه عسرا و حرجا و ضيقا، كالصوم في اليوم الحار الطويل، و الحج، و الجهاد، و لزوم الثبات في مقابلة الكفار، و حرمة الفرار، و التوضؤ بالماء البارد الشتاء و في السفر، و مجاهدة النفس، و السعي في طلب العلم في البلاد البعيدة، و عدم الخوف من لومة لائم في بيان أحكام الله و إجراء حدوده، و الجهاد في سبيله، و نظائر ذلك.

و ثانيهما: أن الشارع لم يرض في بعض الأمور الجزئية و التكاليف السهلة بالارتكاب، و ورد في النصوص الاستدلال في نفيها بأدلة العسر و الحرج، فكيف يكون أمثال ما مر في الأخبار عسرا و حرجا، و لا يكون ما ثبت من الأمور المتقدمة التي هي أصعب منها بمراتب عسرا و حرجا؟ و من هذين الأمرين تولد الأشكال من وجهين: أحدهما: وجود العسر و الحرج في الشرع، مع أنه نفاه ما سبق من الأدلة. و ثانيهما: عدم إمكان الجمع بين كون هذه الجزئيات السهلة من باب العسر و عدم كون تلك التكاليف الشديدة من ذلك الباب.

قال الفاضل المعاصر في عوائده: الأمر في قاعدة العسر و الحرج كما في سائر العمومات المخصصة في الكتاب الكريم و الأخبار الواردة في الشرع القويم، و أدلة العسر و الحرج يدل على انتفائهما كلية، لأنهما لفظان مطلقان واقعان موقع النفي، فيفيدان العموم، و قد ورد في الشرع بعض التكاليف الشاقة، و لا يلزم من وروده إشكال في المقام، كما لا يرد بعد قوله تعالى وَ أُحِلَّ‌ لَكُمْ‌ مٰا وَرٰاءَ‌ ذٰلِكُمْ‌ إشكال في تحريم كثير مما وراءه، و لا بعد قوله: قل لا أجد فيما اوحي إلى محرما إلى آخره تحريم أشياء كثيرة، بل فكما يخصص بأدلة تحريم غيره عموم ذلك فكذا هنا، فإن تخصيص العمومات بمخصصات كثيرة ليس بعزيز، بل هو أمر في أدلة الأحكام شائع، فغاية الأمر كون أدلة نفي العسر و الحرج عمومات يجب العمل بها فيما لم يظهر لها مخصص، و بعد ظهوره يعمل بقاعدة التخصيص، فلا يرد عليه شيء من الإشكالين. و لعل لذلك لم يتعرض الأكثر لذكر الإشكال، إذ لا إشكال في التخصيص، و لا يلزم تخصيص الأكثر أيضا، فإن الأمور العسرة الصعبة غير متناهية و التكاليف محصورة متناهية، و أكثرها مما ليس فيه صعوبة و لا مشقة. و قال في الجواب عن الثاني: أما عدم رضاء الله [سبحانه] بأدنى مشقة في بعض الأمور، و رضاه بما هو أصعب منه كثيرا في بعض، فلا يعلم أن عدم رضاه بالأول لكونه صعبا و عسرا، بل لعله لأمر آخر، و لو علم أنه لذلك فلا منافاة بين عدم رضاه بمشقة و رضاه بمشقة آخر لمصلحة خفية عنا. و أما احتجاج الأئمة [الأطياب] لنفي التكليف في بعض الأمور بانتفاء العسر و الحرج، فهو كاحتجاجهم بحلية بعض الأشياء بقوله تعالى قُلْ‌ لاٰ أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ‌ إِلَيَّ‌ إلى آخره، و مرجعه إلى الاحتجاج بالعموم و عدم وجود المخصص. و من ذلك يظهر أيضا الوجه في احتجاج الفقهاء بانتفاء بعض الأحكام الجزئية بنفي العسر و الحرج، و لا يلتفتون إليه في أحكام آخر أصعب منه و أشد. ثم قال: الوظيفة في الفحص عن المعارض و الترجيح و عدمه في هذه العمومات كغيرها من دون فرق. و الوظيفة في تحقيق معنى العسر و الحرج العرف و يختلفان باختلاف الزمان و المكان و الشخص و الأحوال و غير ذلك. و كل ما دخل تحتهما و صدق عليه اسمهما فهو منفي حتى يثبت بالدليل. و لا يرد أن معنى العسر و الحرج غير منضبط بل مجمل لا ينفع في الاستدلال . هذا كلامه زيد إكرامه بحذف الزوائد و تنقيح الفوائد.

و قد عرفت مما قررنا: أن كون هذه الأدلة من باب الأصل مستبعد جدا، و ظواهرها تأبى عن ذلك، و هما بالمعنى المتقدم ينفيهما العقل أيضا بملاحظة ما بيناه، مضافا إلى أن الظاهر من احتجاجات الأئمة عليهم السلام نفي ذلك الشيء الخاص مثلا لأنه حرج فراجع الأخبار حتى تعرف هذا المعنى لا لأنه داخل تحت العموم و لم يقم دليل على خلافه. بل الظاهر من الآيات الشريفة: أن هذا الدين المركب من هذه التكاليف التي يدعي آخره تحريم أشياء كثيرة، بل فكما يخصص بأدلة تحريم غيره عموم ذلك فكذا هنا، فإن تخصيص العمومات بمخصصات كثيرة ليس بعزيز، بل هو أمر في أدلة الأحكام شائع، فغاية الأمر كون أدلة نفي العسر و الحرج عمومات يجب العمل بها فيما لم يظهر لها مخصص، و بعد ظهوره يعمل بقاعدة التخصيص، فلا يرد عليه شيء من الإشكالين. و لعل لذلك لم يتعرض الأكثر لذكر الإشكال، إذ لا إشكال في التخصيص، و لا يلزم تخصيص الأكثر أيضا، فإن الأمور العسرة الصعبة غير متناهية و التكاليف محصورة متناهية، و أكثرها مما ليس فيه صعوبة و لا مشقة. و قال في الجواب عن الثاني: أما عدم رضاء الله [سبحانه] بأدنى مشقة في بعض الأمور، و رضاه بما هو أصعب منه كثيرا في بعض، فلا يعلم أن عدم رضاه بالأول لكونه صعبا و عسرا، بل لعله لأمر آخر، و لو علم أنه لذلك فلا منافاة بين عدم رضاه بمشقة و رضاه بمشقة آخر لمصلحة خفية عنا. و أما احتجاج الأئمة [الأطياب] لنفي التكليف في بعض الأمور بانتفاء العسر و الحرج، فهو كاحتجاجهم بحلية بعض الأشياء بقوله تعالى قُلْ‌ لاٰ أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ‌ إِلَيَّ‌ إلى آخره، و مرجعه إلى الاحتجاج بالعموم و عدم وجود المخصص. و من ذلك يظهر أيضا الوجه في احتجاج الفقهاء بانتفاء بعض الأحكام الجزئية بنفي العسر و الحرج، و لا يلتفتون إليه في أحكام آخر أصعب منه و أشد. ثم قال: الوظيفة في الفحص عن المعارض و الترجيح و عدمه في هذه العمومات كغيرها من دون فرق. و الوظيفة في تحقيق معنى العسر و الحرج العرف و يختلفان باختلاف الزمان و المكان و الشخص و الأحوال و غير ذلك. و كل ما دخل تحتهما و صدق عليه اسمهما فهو منفي حتى يثبت بالدليل. و لا يرد أن معنى العسر و الحرج غير منضبط بل مجمل لا ينفع في الاستدلال . هذا كلامه زيد إكرامه بحذف الزوائد و تنقيح الفوائد. و قد عرفت مما قررنا: أن كون هذه الأدلة من باب الأصل مستبعد جدا، و ظواهرها تأبى عن ذلك، و هما بالمعنى المتقدم ينفيهما العقل أيضا بملاحظة ما بيناه، مضافا إلى أن الظاهر من احتجاجات الأئمة عليهم السلام نفي ذلك الشيء الخاص مثلا لأنه حرج فراجع الأخبار حتى تعرف هذا المعنى لا لأنه داخل تحت العموم و لم يقم دليل على خلافه. بل الظاهر من الآيات الشريفة: أن هذا الدين المركب من هذه التكاليف التي يدعي يدعي كونها حرجا و ضيقا لا حرج فيه. و توضيحه: أن (الدين) اسم لمجموع ما ورد من الأحكام و التكاليف، و لو كان بعض منها حرجا فكيف يقول سبحانه و تعالى وَ مٰا جَعَلَ‌ عَلَيْكُمْ‌ فِي الدِّينِ‌ مِنْ‌ حَرَجٍ‌ مع أنه جعله في التكاليف كثيرا؟ و بالجملة: هذا التوجيه ينافيه ظواهر الأدلة، فتبصر. سيما أن قوله تعالى: مَنْ‌ كٰانَ‌ مَرِيضاً أَوْ عَلىٰ‌ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ‌ مِنْ‌ أَيّٰامٍ‌ أُخَرَ يُرِيدُ اللّٰهُ‌ بِكُمُ‌ الْيُسْرَ وَ لاٰ يُرِيدُ بِكُمُ‌ الْعُسْرَ ظاهر، بل صريح في أن الصوم على الصحيح الحاضر ليس بعسر، بل العسر وجوبه على المريض و المسافر، فكيف يقال: إن الصوم في اليوم الحار الطويل عسر مع أن كتاب الله ناطق بخلافه‌؟! و نظير ذلك من ملاحظة الآيات الأخر أيضا، فتدبر.

و قال الفاضل المحقق القمي: و الذي يقتضيه النظر بعد القطع بأن التكاليف الشاقة و المضار الكثيرة واردة في الشريعة أن المراد بنفي العسر و الضرر و الحرج نفي ما هو زائد على ما هو لازم لطبائع التكاليف الثابتة بالنسبة إلى طاقة أوساط الناس، المبرئين عن المرض و العذر الذي هو معيار التكاليف، بل هي منتفية من الأصل إلا فيما ثبت و بقدر ما ثبت. و الحاصل: أنا نقول: إن الله سبحانه لا يريد بعباده العسر و الحرج، إلا من جهة التكاليف الثابتة بحسب أحوال متعارف الأوساط، و هم: الأغلبون، و الباقي منفي، سواء لم يثبت أصله أصلا أو ثبت، و لكن على نهج لا يستلزم هذه الزيادة . و هذا الكلام قابل لاحتمالين: أحدهما: أن يكون المراد: أن عمومات العسر و الحرج كسائر العمومات تخصص بما يرجح عليها من الأدلة بعد إعمال قواعد الترجيح، فيكون المراد: أن الله لا يريد الحرج إلا ما أراده و أثبته من التكاليف التي علم من الدليل، الراجح على دليل النفي. و ثانيهما: أن هذه العمومات تعليقية مقيدة في حد ذاتها بعدم الثبوت من الشرع، بمعنى: أنه كل ما لم يثبت من الشرع فهو عسر منفي، فيكون مؤكدا لأدلة أصل البراءة و جاريا مجراها، و لا يعارض الدليل الوارد على الثبوت، لأنه مقيد بعدم ورود وارد. و يرد على الأول ما أوردناه على ما في العوائد، فإنه مأخوذ من ذلك نقضا و حلا و على الثاني أن هذا مخالف لما نرى من طريقة الفقهاء من تمسكهم بهذه العمومات في مقابل الدليل، و لا يجعلونها جارية مجرى أصل البراءة، مع أنه لا ينفع حينئذ في شيء، إذ كل تكليف مشكوك منفي، سواء كان عسرا أو حرجا أو غيرهما. و الذي يقتضيه النظر في بعض أجزاء كلامه أن يكون مراده: عدم كون ما هو ثابت في التكاليف عسرا و حرجا، بمعنى: أن التكليف لا بد أن يكون فيه مشقة و كلفة، لكن المقدار الموجود في هذه التكاليف بالنظر إلى متعارف الأوساط ليس بعسر و لا حرج.

و في هذا المعنى قال العلامة الطباطبائي: و أما ما ورد في هذه الشريعة من التكاليف الشديدة كالحج و الجهاد و الزكاة بالنسبة إلى بعض الناس، و الدية على العاقلة و نحوها فليس شيء منها من الحرج في شيء، فإن العادة قاضية بوقوع مثلها، و الناس يرتكبون مثل ذلك من دون تكليف و من دون عوض كالمحارب للحمية أو بعوض يسير كما إذا اعطي على ذلك أجرة، فإنا نرى أن كثيرا يفعلون ذلك بشيء يسير. و بالجملة: فما جرت العادة بالإتيان بمثله و المسامحة [فيه] و إن كان عظيما في نفسه كبذل النفس و المال [الكثير -] فليس ذلك من الحرج في شيء. نعم، تعذيب النفس و تحريم المباحات و المنع عن جميع المشتبهات أو نوع منها على الدوام حرج و ضيق، و مثله منتف في الشرع . هذا كلامه رفع في الخلد مقامه.

و نزيد ذلك توضيحا، و نقول دفعا لما تخيل بعضهم من المناقشة في هذا الكلام -: إنا نرى بالعيان أن المولى إذا أمر عبده بالحضور في خدمته كل يوم ثلاث مرات مثلا و أمره بالإعطاء إلى الفقراء عشرا مما أعطاه مولاه، و أمره مثلا مدة قليلة بالإمساك عن اللذائذ في كل سنة، و أمره في مدة عمره مرة بالذهاب إلى بلد بعيد لقضاء حوائج لمولاه في تلك البلاد مع إعداد أسباب سفره و إعطائه إياه ما يحتاج إليه في طريقه على حسب شأنه و حاله، و جعل له في كل ما يحتاج إليه من مقتضيات نفسه من أكل و شرب و لبس و نكاح، و نحوه من أصل ماله ما يرفع حاجته، بل زاده سعة في ذلك، و منعه عن التعرض لأموال الناس و الخيانة في إعراضهم و أنفسهم، و أغناه بعطائه عن التعرض لذلك كله، و أمره بالمعاشرة مع العبيد بالمعروف بحيث لا يترتب عليه الفساد، و أمره بدفع من كان عدوا له و لمولاه مع إمكانه، لا يعد هذا عسرا و حرجا بالنسبة إلى ذلك العبد، و كيف يكون ذلك حرجا مع أن هذه الطريقة طريقة أحسن الناس نفسا و رتبة و عليه عادة الناس خلفا و سلفا بالنسبة إلى أحبائهم و عشائرهم‌؟ و كيف يعد إتيان مثل هذه الأشياء حرجا إذا أمر به الحكيم على الإطلاق، و لا يعد حرجا بالنسبة إلى الخلق المحتاج بعضهم لبعض‌؟ و إنّا نرى أن المقدسين المتعبدين بهذا الشرع يباشرون هذه التكاليف و يزيدون عليه من المندوبات إلى ما شاء الله، و مع ذلك هم في قيامهم و قعودهم و معاشرتهم مع الناس و تزينهم بما أحل الله لهم من الطيبات على أحسن حال و أكمل رفاهية. و لو كان هذا من الضيق و الحرج لعم سائر الناس، فإن الضيق معنى معروف عرفا، مضافا إلى أن عوام أهل الشريعة قد رسخ في أذهانهم أن هذه الشريعة أسهل ما يكون من الأعمال بحيث لو فعل هذه الخدمات كلها عبد لمولاه بل صديق لصديقه ما يعد في نظرهم مثل هذه الأشياء خدمة و إظهار إخلاص، فكيف في عبادة الرب الكريم‌؟!

و نحن نمثل لك فروعا متفرعة على نفي الحرج و العسر، حتى يتضح عندك الفرق بين المقامين. منها: عدم نجاسة البئر بالملاقاة، و العفو عن دم الجرح و القرح الذي لا يرقى، و عن ما دون البغلي و ثوب المربية للصبي، و عن نجاسة ما لا يتم الصلاة به، و مطهرية الأرض، و طهارة آلات البئر مثلا كالعصير و رخصة المبطون و من بحكمه، و عدم لزوم الاحتياط و الاجتناب عن الشبهة الغير المحصورة، و طهارة المخالفين و حل ذبيحتهم، و عدم لزوم الصيغة في كل معاملة، و صحة بيع الصبي فيما جرت به العادة، و عدم لزوم التحرز عما ينفصل من البدن من الأجزاء الصغار، و عدم انفعال العالي، و الرخصة لكثير الشك، و جواز التيمم للمتضرر بالماء، و طهارة ماء الاستنجاء و عرق الجنب من الحرام، و عدم لزوم الخمس في الهبات و الميراث و الزكاة في المعلوفة، و عدم لزوم الترتيب في القضاء، و عدم لزوم العلم بصحة أفعال الناس، و قبول قول الودعي في الرد، و عدم اعتبار الشك بعد الفراغ، و مشروعية القرعة، و جواز الوكالات و النيابات، و إباحة ما يغلب عليه الحاجة، و جواز أخذ الأجرة على الصنائع، و حل النظر إلى المحارم، و شرع التقية، و عدم لزوم الكيل و الوزن في النقود في وجه، و شرعية التوبة، و القصر في السفر، و عدم لزوم قضاء الصلاة على الحائض، و إباحة الإفطار للحامل و المرضع و الشيخين و ذي العطاش، و العفو عن اختبار ما يعسر اختباره في البيع، و شرعية الخيارات و الطلاق و الرجعة، و شرعية الكفارات و الديات، و إباحة المحظورات عند الضرورات، و الرخصة في الأكل عن البيوت المخصوصة و في الأنهار المملوكة و الأراضي المتسعة و للزوجة في مال زوجها، و في قطع الصلاة لأمور، و عدم  بطلان عبادة من عليه دين، و ثبوت بعض الحقوق بالشياع، و كفاية الواحدة في الوصية، و عدم لزوم التوكيل على الأخرس، و مشروعية المعاملة على الغسل في الحمام و على الرضاع، مع خروجهما عن قاعدة الإجارة، و نظائر ذلك.

و هذه الفروع قسمان: منها: ما أثبتناه و حكمنا به من أدلة العسر و الحرج، و لو مع وجود معارض لها من العمومات الأخر أو دليل خاص، لكن حيث علمنا تحقق العسر و الحرج فيها نفيناه و حكمنا بالرخصة في ذلك كله.

و منها: ما ثبت من الأدلة الأخر من إجماع أو ضرورة أو نص، أو نحو ذلك على طبق قاعدة العسر و الحرج. و في ذلك أيضا نقول: إن هذا من دليل العسر و الحرج و إن قيل: إن بعد ثبوت ذلك من الشرع لا فائدة في بيان أنه للعسر و الحرج أو لغير ذلك، لكن أنا إذا عرفنا تحقق الحرج بذلك ننفيه و لو لم يكن هناك دليل خاص. و أيضا أغلب النصوص الخاصة إنما هو عن الأئمة الأطهار، و لا ريب أنهم يحكمون على وفق كتاب الله الذي فيه تبيان كل شيء، و لعل ذلك كله حكموا به من جهة نفي الحرج، فيكون الفائدة من هذا الكلام أن الحرج مطلقا منفي.

و الحاصل: أنه لا يخفى على الفقيه النبيه أن هذه الأشياء لو لم يثبت فيها الرخص لكان ضيقا على الناس في معادهم و معاشهم. و ليس مثل الجهاد و نحو ذلك من هذا الباب. و توضيح ذلك: أن العسر و الضيق غالبا يصير بزيادة الكم و لو في تكليف سهل، مثلا: لو أمره الأمر بقراءة القرآن ثلاثة أيام متوالية و لو في مكان راحة عد هذا ضيقا، و لو لم يرخص في الاعتكاف للخروج عن المسجد لحاجة أو لغضاضة أو نحو ذلك عد ضيقا. و الحاصل: الفرق بين ما ذكرناه من موارد العسر و الحرج و بين هذه التكاليف الثابتة واضح جدا.

فالحق أن ما ورد في الشرع من التكاليف ليس مما يعد عسرا و حرجا عرفا، و كفاك في هذا المعنى ملاحظة الآيات في هذا الباب.

نعم، بقي علينا الإشكال الثاني، و هو: استدلال الأئمة [عليهم السلام] في بعض الأمور الجزئية بنفي الحرج، و هو العمدة في هذا المقام.

فنقول أولا: إن هذه الاستدلالات غالبا في قبال العامة، و المقصود إسكاتهم بظاهر الكتاب.

و ثانيا: أن أغلب موارد الاستدلال يعد في العرف حرجا، و لو لم يكن فيه نص خاص لكنا ننفيه أيضا بالعموم. و دعوى: أنها أسهل من إيجاب الزكاة و الحج، ممنوعة، بمعنى: أنا لا ننكر صعوبة مثل الجهاد، لكن المدار على صدق الضيق و الحرج، دون الصعوبة و زيادة مرتبة العمل و مقداره، و لا بعد في عدم عد الناس وجوب الجهاد مثلا ضيقا و حرجا، لوقوعه كثيرا بين الناس بدواعيهم النفسانية، وعدهم نجاسة ماء الاستنجاء حرجا من جهة كثرة وقوعه و قلة المياه، سيما في مكة و الحجاز و أمثالهما، فإن الالتزام بتطهير كل ما يصيبه شيء من ذلك يعد حرجا. و بالجملة: لا يدور العسر و الحرج مدار شدة التكليف و عظم شأنه و علو مقامه في الأقطار ، بل قد يتخلف عن ذلك كثيرا، و مدارهما غالبا على زيادة الكم، و غلبة الوقوع، و عموم البلوى، و ندرة المناص و العلاج و إن كان شيئا لا يعد تكليفا في نظر العقلاء و المكلفين، فتدبر في أطراف الكلام تفز في إبداء الفرق بحظ وافر، فإن المقام لا يخلو من دقة و إن استوحش منه الناظر ابتداء، و لكن الفقيه يدور مدار صدق اللفظ و تصديق أهل العرف و اللسان.

و ثالثا نقول: لا يلزم من الاستدلال بنفي الحرج كون ذلك الشيء حرجا بخصوصه، بل لعله لانضمامه إلى التكاليف الأخر، بمعنى: أن الأمام صلوات الله عليه يريد أن الله سبحانه كلف بتكاليف معلومة مبينة سهلة ليست على حد العسر و الحرج، و هذه الجزئيات أيضا لو لم يرخص فيها لزم من انضمام ذلك إلى تلك التكاليف الحرج. و لنوضح ذلك في مثال: فإن المولى إذا أمر عبده مثلا بتصعيد مائة من من طعام إلى السطح من درج عال جدا، فلا عسر في ذلك. نعم، لو أضاف إلى ذلك: أن تضع رجلك عند الصعود كذا و عند النزول كذا، و إذا صار بك أ لم مثلا لا تقعد للاستراحة و نحو ذلك عد حرجا و إن كان هذه في جنب أصل التكليف بمنزلة العدم. و نظيره في الشرعيات أن الصلاة لا حرج فيها، و لكن جعل الثقل على القدمين بالسوية موجب للحرج. و بالجملة: المراد: أن بعد ما علمتم من التكاليف التي تعرفون أنه ليس بحرج فلا تثبتوا هذه الأمور الجزئية أيضا، فإنه لو أثبتت هذه الأمور أيضا لانجر إلى الحرج، و المفروض: أن الله لا يريده، فعليك بالتدبر في أطراف الكلام تجده وافيا في حل إشكال المقام، بعون الله الملك العلام.

و ربما قيل في رفع الأشكال: إن العسر و الحرج في الأمور يختلف باختلاف العوارض الخارجية، فقد يكون شيء عسرا و حرجا، و يصير باعتبار أمر خارجي سهلا و سعة، و من الأمور الموجبة لسهولة كل عسر و سعة كل مضيق مقابلته بالعوض الكثير و الأجر الجزيل، و لا شك أن كل ما كلف به الله سبحانه يقابله ما لا يحصى من الأجر.و على هذا، فلا يكون شيء من التكاليف عسرا و حرجا، و ما لم يرض أحد فيه بأدنى مشقة يكون من الأمور التي لا يقابلها أجر و لا يستحق فاعلها عوض و ثواب، و ما كلف به من الأمور الشاقة ظاهرا فقد ارتفعت مشقتها بما وعد لها من الأجر الجميل و الثواب الجزيل .

و هذا الكلام مؤيد لما ذكرناه، و لكنه محل نظر من وجهين: أحدهما: أنه لا نسلم ارتفاع الحرج بالجزاء الوافر مطلقا، و لا ريب أمر المولى لعبده بأن لا ينام في الليل أبدا و لا يفطر في النهار كذلك، يعد هذا حرجا و إن جعل في مقابله من الأجر ما لا يعد و لا يحصى. نعم، لا ننكر أن له أيضا مدخلية في بعض الفروض، فينحل الكلام إلى: أن تكاليف الشرع ليس في الحرج كالمثال المذكور، بل ليس حرجا أصلا، و لو تخيل فيه المشقة الموجبة للضيق يرفعه ملاحظة النعيم الدائم، فإنه رافع لموضوع العسر و الحرج بالنسبة إلى هذه التكاليف الثابتة، و هذا كلام جيد. و ثانيهما: أنه ينبغي أن لا يعارض دليل العسر و الحرج لشيء إذ كلما ثبت فيقال: لا حرج فيه للثواب، و ما لم يثبت فينفي بالحرج، لكنه لا فائدة فيه، إذ المشكوك فيه منفي بالأصل، و لا يحتاج إلى أدلة العسر، أورده المعاصر المحقق في عوائده . و أنت خبير بأنه غير وارد، إذ في موارد العسر و الحرج كما عرفت في الفروع المتقدمة ما لا ينفع في ارتفاعه الأجر و الثواب مع ورود عموم أو قاعدة بإثباته، فإنا ننفي مثله بقاعدة الحرج، فإن أدلة الاجتناب عن النجس في العبادة و في الأكل و الشرب المنصرفة إلى الواقع يقضي بالاجتناب ن الشبهة الغير المحصورة، و لا يمكننا أن نقول: مقابلة الأجر و الثواب يرفع هذا الحرج الذي في الاجتناب عنه، فننفيه بقاعدة الحرج. و الحاصل: بعد التأمل فيما وجهنا به كلامه في دفع الإيراد الأول يسقط هذا الكلام بعد التأمل التام.

















فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است