فهرست علوم
فهرست فقه

دارالاسلام؛ دار الکفر

مقصود از دارالاسلام

جواهر الکلام، ج ٣٨،‌ص ١٨۵-١٨٨

و المراد بها كما في الدروس ما ينفذ فيها حكم الإسلام، فلا يكون بها كافر إلا معاهدا قال: «فلقيطها حر مسلم، و حكم دار الكفر التي تنفذ فيها أحكام الإسلام كذلك إذا كان فيها مسلم صالح للاستيلاد و لو واجدا، و أما دار كانت للمسلمين فاستولى عليها الكفار فان علم فيها مسلم فهي كدار الإسلام و إلا فلا، و تجويز كون المسلم فيها مخفيا نفسه غير كاف في إسلام اللقيط، و أما دار الكفر فهي ما ينفذ فيها أحكام الكفار فلا يسكن فيها مسلم إلا مسالما، و لقيطها محكوم بكفره و رقه، إلا أن يكون فيها مسلم و لو كان تاجرا إذا كان مقيما، و كذا لو كان أسيرا أو محبوسا، و لا تكفي المارة من المسلمين».

و في محكي المبسوط «دار الإسلام على ثلاثة أضرب: بلد بنى في الإسلام لم يقربه المشركون كبغداد و البصرة، فلقيطها يحكم بإسلامه و إن جاز أن يكون لذمي، لأن الإسلام يعلو و لا يعلى عليه،

و الثاني كان دار كفر فغلب عليها المسلمون، أو أخذوها صلحا و أقروهم على ما كانوا عليه على أن يؤدوا الجزية، فإن وجد فيها لقيط نظرت، فان كان هناك مسلم مستوطن فإنه يحكم بإسلامه، لما ذكرنا، و إن لم يكن هناك مسلم أصلا حكم بكفره، لأن الدار دار كفر،

و الثالث دار كانت للمسلمين و غلب عليها المشركون مثل طرشوش، فإذا وجد فيها لقيط نظرت، فان كان هناك مسلم مستوطن حكم بإسلامه، و إلا فلا -

قال -: و دار الحرب مثل الروم، فان وجد فيها لقيط نظرت، فان كان هناك أسارى فإنه يحكم بإسلامه، و إن لم يكن أسارى و يدخلهم التجار قيل: فيه وجهان: أحدهما الحكم بإسلامه، و الآخر الحكم بكفره».

و في التذكرة جعل دار الإسلام دارين: و هما الضرب الأول و الثاني اللذان في المبسوط، و جعل الثالث المذكور أخيرا في المبسوط دار كفر، فدار الإسلام عنده داران، و دار الكفر عنده داران.

و في القواعد «الثالث تبعية الدار، و هي المراد - أي في اللقيط، فيحكم بإسلام كل لقيط في دار الإسلام إلا أن يملكها الكفار و لم يوجد فيها مسلم واحد، فيحكم بكفره، و بكفر كل لقيط في دار الحرب إلا إذا كان فيها مسلم ساكن و لو واحدا تاجرا أو أسيرا».

و في جامع المقاصد «أن المراد بدار الإسلام في عبارة الكتاب إما دار خطها المسلمون كبغداد أو دار فتحها المسلمون كالشام - ثم حكى عن الدروس تعريفها بما سمعت و قال: - إنه أضبط».

و في المسالك بعد أن ذكر ما في الدروس و التذكرة قال: «و ظاهر هذه التعريفات أن المراد من دار الإسلام هنا غير المراد بها في حكمهم بأن سوق المسلمين يحكم على لحومه و جلوده بالطهارة كما سبق في أبوابه، لأن المسلم الواحد لا يكفي في ذلك إذا كان أصل البلد للمسلمين، و لا يصدق عليه سوق المسلمين».

قلت: لا أعرف ثمرة في الإطناب في ذلك بعد خلو النصوص عن تعليق الحكم على دار الإسلام و دار الكفر، و إن جعلهما في الرياض و غيره العنوان لذلك. لكن فيه أنه بعد اعتبار وجود المسلم في الإلحاق لم يفرق بينهما و بين دار الكفر، و احتمال الاكتفاء بدار الإسلام و إن لم يوجد فيها مسلم صالح للتولد منه لا وجه له، بل لا معنى لدار الإسلام معه إلا بإرادة نفوذ أحكام الإسلام فيها و إن كان أهلها كفارا، و قد عرفت التصريح في الدروس باعتبار وجود المسلم فيها في الحكم بالإسلام. ثم لا يخفى عليك أن التغليب المزبور للإسلام و لو بوجود واحد أسير أو محبوس في بلاد الكفر يمكن كون الولد منه مناف لمقتضى قاعدة إلحاق المشكوك فيه بالأعم الأغلب، مع أنهم لم يعتبروه في المارين و المستطرقين الذين يمكن احتمال التولد من أحدهم الذي هو أولى من المحبوسين. و ما أدري ما الذي دعاهم إلى ذلك مع اقتضاء الأصول العقلية عدم الحكم بإسلامه و كفره‌؟! لأن الأصل كما يقتضي عدم تولده من الكافر يقتضي أيضا عدم تولده من المسلم، و لا أصل آخر يقتضي الحكم بكون المشكوك فيه على الوجه المزبور الإسلام، و الولادة على الفطرة قد عرفت إعراض الأصحاب عن العمل بمقتضاها، و لذا أوله بعضهم بإرادة أنه يولد ليكون على الفطرة، أي بعد البلوغ. نعم قد يقال: إن السيرة تقتضي ذلك في بلاد الإسلام الغالب فيها المسلمون، و أما الحكم في النصوص بالحرية فهو أعم من الإسلام، فلا ملازمة بينهما، مع أن تناولها لبعض الأفراد المذكورة في كلامهم محل شك أو منع، فليس حينئذ إلا الإجماع إن تم على سائر ما ذكروه، و لعله محل شك في المحبوس في طامورة مثلا. أو يقال: إن دليل ذلك كله قوله (صلى الله عليه و آله) : «الإسلام يعلو و لا يعلى عليه» و لو بملاحظة الانجبار بفتوى الأصحاب، على معنى ما يقتضي تغلب احتمال الإسلام على احتمال غيره، و لا يقدح في ذلك عدم اعتبار الاحتمال الناشئ من غير الساكن في البلاد كالمستطرقين و نحوهم، لعدم الانجبار فيه، فتأمل جيدا. و على كل حال فان بلغ و أعرب عن نفسه الكفر لم يحكم بردته على الأقوى، كما في الدروس و محكي التذكرة و الإيضاح. و لعله إليه يرجع ما عن المبسوط من «أن الأقوى أنه لا يقتل،  بل يفزع و يهدد و يقال: حكمنا بإسلامك قبل، ارجع إلى الإسلام» إلى آخره. لأن الحكم بإسلامه وقع ظاهرا لا باطنا. و لذا لو ادعى ذمي بنوته و أقام بينة على دعواه سلم إليه، و نقض الحكم بإسلامه، و ليس إلا لأنها أمارة إنية تفيد الظن، باعتبار الاستدلال بالمعلول على شيء آخر، بخلاف مباشرة الإسلام و تبعية أحد الأبوين أو السابي، فإنه برهان لمي يفيد العلم، و يستدل فيه بالعلة على المعلول. لكن في القواعد التردد في ذلك، و لعله مما عرفت و من حيث سبق الحكم بإسلامه، فهو مسلم كفر بعد إسلام، فيندرج في تعريف المرتد. بل في التحرير الجزم بأنه مرتد يستتاب و إلا قتل، بل نفي البعد في جامع المقاصد عن الحكم بكونه مرتدا، لسبق الحكم بطهارته و إجراء أحكام أولاد المسلمين عليه، و لأن الإسلام هو الأصل، لأن كل مولود يولد على الفطرة. و فيه منع الأصل المزبور، كمنع اقتضاء الأول الحكم بكونه مرتدا ضرورة عدم صدقه عليه لغة بل و شرعا، فالتحقيق عدم جريان حكم المرتد عليه، و الله العالم.

 

 

 

الموسوعة الفقهیة المیسرة، ج 14، ص 313-314

دار الشرك لغةً‌: تقدّم معنى الدار في «دار». كما وتقدّم معنى الشرك في «إشراك». اصطلاحاً: هو البلد الّذي يحكمه المشركون بحسب التعريف الاصطلاحي. الأحكام: وجوب الهجرة من دار الشرك: صرّح بعض الفقهاء بوجوب الهجرة من دار الشرك إذا لم يتمكّن المسلم من إظهار شعائر الإسلام، وكذا لو كان ملزماً بإظهار شعائر الشرك والكفر بطريق أولى. وقد تقدّم الكلام عن ذلك في عنوان «إشراك». وقال صاحب الرياض ما حاصله: إذا ألزم الزوج الزوجة بالخروج معه إلى بلاد الشرك لم تجب إطاعته عليها؛ حذراً من لزوم الضرر عليها في دينها غالباً، مع لزوم الهجرة عن بلاد الشرك جزماً . وفيما يلي نذكر بعض الاستفتاءات وأجوبتها حول هذا الموضوع مع كون السؤال عامّاً لا يخصّ‌ دار الشرك، بل يشمل دار الكفر بأنواعه، لكن لا يهمّنا ذلك بعد اشتراك الكلّ‌ في الحكم. سؤال: «التعرّب بعد الهجرة هل يصدق على الّذي يهاجر إلى بلاد أُوروبا أو أمريكا للسكن مع الظنّ‌ القوي بتأثّر أطفاله بأجواء تلك البلد المنحلّة‌؟ ومتى يكون ذلك السفر أو الهجرة جائزة‌؟». السيّد الخوئي: «لا يترتّب على ذلك أحكام التعرّب إذا كان يتمكّن من العمل بوظائفه الدينيّة في تلك البلاد، واللّٰه العالم» . سؤال: «هل تعدّ الهجرة إلى بلدان الغرب تعرّباً بعد الهجرة شرعاً؟ وما هي ضروريّات الإباحة في ذلك‌؟». السيّد الگلبايگاني: «لو كان المهاجر يتمكّن فيها من العمل بوظائفه الشرعيّة لم تعدّ هجرته تعرّباً بعد الهجرة، واللّٰه العالم» . سؤال: «ما معنى التعرّب بعد الهجرة الّذي هو من الذنوب الكبيرة‌؟». السيّد السيستاني: «قال بعض الفقهاء: إنّه ينطبق في هذا الزمان على الإقامة في البلاد الّتي ينقص بها الدين. والمقصود: هو أن ينتقل المكلّف من بلد يتمكّن فيه من تعلّم ما يلزمه من المعارف الدينيّة والأحكام الشرعيّة ويستطيع فيه على أداء ما وجب عليه في الشريعة المقدّسة وترك ما حرم عليه فيها إلى بلد لا يستطيع فيه على ذلك كلّاً أو بعضاً» . وقال ضمن جواب سؤال مشابه له: «... الابتعاد عن الأجواء الدينيّة ربّما يؤدّي بمرور الزمن إلى ضعف الجانب الإيماني في الشخص إلى الحدّ الّذي يستصغر معه ترك بعض الواجبات، أو ارتكاب بعض المحرّمات، فإذا كان المكلّف يخاف أن ينقص دينه بالحدّ المذكور جراء الإقامة في تلك البلدان، لم لم يجز له الإقامة فيها» . وقال في جواب الاستفتاء عن أ نّه: «لو خاف المهاجر من نقصان دين أولاده، فهل يحرم عليه البقاء في بلدان كهذه‌؟»: «نعم، كما هو الحال بالنسبة إلى نفسه» . سؤال: «هل يجوز للمسلم أن يهاجر إلى بلد غير إسلامي‌؟». السيّد الخامنئي: «لا مانع من ذلك ما لم يكن فيه خوف مقت دينه، ويجب عليه هناك بعد التحفّظ على دينه ومذهبه القيام بالدفاع عن الإسلام والمسلمين وبسائر ما يجب عليه من نشر الدين والأحكام وغير ذلك» . وما ذكره من القيام بالدفاع عن الإسلام ليس شرطاً لجواز الإقامة هناك على الظاهر، وإن كانت العبارة توهم ذلك. ثمّ‌، إنّ‌ هذه الوظيفة لو قيل بوجوبها ينبغي أن تكون مشروطة بشروط الأمر والنهي. سؤال: «هل يجوز للمسلم أن يستوطن بلداً غير إسلامي‌؟ أليس هذا من التعرّب بعد الهجرة‌؟». الشيخ مكارم الشيرازي: «لا بأس في ذلك إذا كان في مأمن من الفساد والكفر، ولا يكون مصداقاً للتعرّب بعد الهجرة، خاصّة إذا استطاع أن يكون مبشّراً للإسلام تدريجاً بالقول والفعل» .






















فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است



****************
ارسال شده توسط:
کاظم
Tuesday - 19/9/2023 - 15:2

 

موسوعة الفقه الإسلامى المقارن، ج‏8، ص: 380

 

دَارُ الإسْلَام‏

 

أوّلًا- التعريف:

دار الإسلام لها عدّة إطلاقات عند فقهاء الإماميّة وفقهاء المذاهب:

  1. فهي عند بعض كلّ بقعة تكون فيها أحكام الإسلام ظاهرة[1].
  2. وقال آخرون: أنّ المراد بها ما ينفّذ فيه حكم الإسلام، فلا يكون بها كافراً إلّا معاهداً[2].
  3. وهي عند بعض آخر دار خطّها المسلمون، كبغداد، والبصرة، والكوفة، أو دار كفر فتحها المسلمون، كالشام والمدائن‏[3].
  4. وعرّفها بعض بأنّها: كلّ أرض تظهر فيها أحكام الإسلام، أو يسكنها المسلمون وإن كان معهم أهل الذمّة، أو فتحها المسلمون، وأقرّوها بيد الكفّار، أو كانوا يسكنونها ثمّ أجلاهم الكفّار عنها[4].
  5. وقال بعض: أنّ الضابط فيها العرف، باعتبار أهل البلد، فإن كانوا مسلمين بحيث لا يوجد فيه كافر إلّا نادر قليل، فهو بلد المسلمين وإلّا فلا[5].

ثانياً- أحكام دار الإسلام:

1- الدفاع عن دار الإسلام:

اتّفق الفقهاء على وجوب الدفاع عن دار الإسلام، فيما إذا استولى الكفّار على ناحية من دار الإسلام ويجب على جميع ساكنيها الدفاع عن الناحية، رجالًا ونساء، صغاراً وكباراً، أصحّاء ومرضى، وإذا لم يستطع أهل تلك الناحية دفع العدو عن دار الإسلام، يجب على من يليهم من أهل النواحى الاخرى الدفاع عن دار الإسلام، وهكذا، ويأثم الجميع إذا تركوا غير المسلم يستولي على شي‏ءٍ من دار الإسلام‏[6].

موسوعة الفقه الإسلامى المقارن، ج‏8، ص: 381

2- لقيط دار الإسلام:

الظاهر لا خلاف بين الفقهاء في تبعية الطفل الملقوط للدار التي وجد فيها، فعليه إن وجد الطفل في دار الإسلام، حكم بإسلامه وحريته، بشرط أن يوجد فيها مسلم يمكن أن يكون اللقيط منه، تغليباً للإسلام‏[7].

(انظر: لقيط)

 

وأمّا دار الكفر- وهي ما تنفذ فيها أحكام الكفّار- فلا يسكن فيها مسلم إلّا مسالماً ولقيطها محكوم بكفره إلّا أن يكون فيها مسلم ولو تاجراً، أو أسيراً.

والبلد الذي كان للمسلمين فغلب الكفّار عليه، فهذا إن كان فيه مسلم واحد حكم بإسلام لقيطه، وإن لم يكن فيها مسلم فهو كافر[8]، هذا كلّه قول الإماميّة.

أمّا عند فقهاء المذاهب فأصحّ الوجهين عند الشافعيّة إذا كان فيها مسلمون كتجار أو أسرى أنّ اللقيط فيها يعتبر مسلماً تغليباً للإسلام، وهو احتمال للحنابلة وعلّق الحنفيّة، والمالكيّة الحكم بإسلامه إذا كان واجده مسلماً[9].

3- حكم القتيل المجهول في دار الإسلام:

لا خلاف بين الفقهاء في أنّه لو وجد ميّت لا يعلم كفره أو إسلامه، ولم تكن عليه أمارة كالختان، فإن كان في دار الإسلام أُلحق بالمسلمين، وغُسّل، وصلّى عليه، ودفن في مقابر المسلمين، وإلّا الحق بالكافرين‏[10].

4- حكم الكنز والركاز في دار الإسلام:

لا خلاف بين الفقهاء في ثبوت الخمس في الكنز والركاز الذي يوجد في دار الإسلام، وليس عليه أثر الإسلام، ولا يعرف له مالك، وإنّما اختلفوا فيما يوجد في دار الحرب على أقوال:

الأوّل: وجوب الخمس فيه على كلّ حال، وبه قال الإماميّة[11].

موسوعة الفقه الإسلامى المقارن، ج‏8، ص: 382

القول الثاني: وجوب الخمس فيه إن وجد في غير الأراضي المملوكة، وإليه ذهب المالكيّة، والحنابلة، والشافعيّة في الصحيح‏[12].

القول الثالث: أنّه للواجد ولا يخمّس، وهو مذهب الحنفيّة[13].

5- لقطة الذمّي في دار الإسلام:

اختلف الفقهاء في جواز الالتقاط للذمّي في دار الإسلام على قولين:

الأوّل: جواز الالتقاط له، فيكون حكم الذمّي حكم المسلم، فيأخذ اللقطة، ويعرّفها سنة، فإذا حال الحول إن شاء تملّكها أو تصرّف بها، وإليه ذهب الإماميّة، والحنفيّة، والحنابلة، والشافعيّة في الراجح عندهم‏[14].

القول الثاني: عدم الجواز فلا يصحّ الالتقاط من الذمّي، وبه قال المالكيّة، وهو قول عند الشافعيّة[15].

(انظر: لقطة)

 

6- إحداث الكنائس والبِيع في دار الإسلام:

لا خلاف بين الفقهاء في عدم جواز إحداث كنيسة ولا بَيعةٍ في دار الإسلام، بل عليه دعوى الإجماع، إلّا في الأراضي التي فتحت صلحاً، فإن صالحهم الإمام على أن تكون الأراضي لهم ويؤخذ منهم الخراج فلهم إحداث الكنائس والبيع، وأمّا إذا صالحهم على أن تكون الأراضي للمسلمين فالحكم في ذلك على ما يقع عليه الصلح من الجواز وعدمه.

فإن شرط لهم إقرارهم على البيع والكنائس أو على إحداث ذلك جاز، وإن شرط عليهم أن لا يحدثوا شيئاً أو يخربوها، جاز ذلك أيضاً.

نعم، إذا لم يشترط عليهم، فقد صرّح بعض الإماميّة[16] بعدم جواز إحداث المعابد فيها، وهو مذهب فقهاء المذاهب (الشافعيّة،

موسوعة الفقه الإسلامى المقارن، ج‏8، ص: 383

والحنفيّة، والحنابلة)[17]، ويجوز عند المالكيّة[18] إذا لم يوجد فيها أحد من المسلمين.

(انظر: أهل الذمّة)

 

7- إحياء الذمّي موات دار الإسلام:

يقع الكلام تارة في أصل جواز الإحياء من قبل الذمّي، وتارة اخرى في تملّكه لها:

أمّا الأوّل: فاختلف الفقهاء فيه على أقوال:

الأوّل: اشتراط إذن الإمام في إحياء الموات من قبل الذمّي، فلا يجوز له إحياء الموات في دار الإسلام إلّا بإذنه، وإليه ذهب الإماميّة، والحنفيّة[19].

القول الثاني: عدم إشتراط إذن الإمام، فيكون حكم الذمّي حكم المسلم في إحياء الموات، فكما يجوز للمسلم إحياء الموات من غير إذن الإمام فكذا الذمّي، وبه قال الحنابلة[20].

القول الثالث: عدم الجواز مطلقاً، وبه قال الشافعيّة[21].

القول الرابع: التفصيل بين جزيرة العرب فيشترط فيها إذن الإمام، وبين غيرها فيجوز له الإحياء كما يجوز للمسلم، وهو قول المالكيّة[22].

وأمّا الثاني (تملّك الذمّي لما أحياه) فاختلفوا فيه أيضاً على أقوال:

الأوّل: اشتراط الإسلام في تملّك المحيي، فلا يملك الذمّي ما أحياه وإن كان بإذن الإمام، وبه قال بعض الإماميّة[23].

القول الثاني: عدم اشتراط الإسلام في المحيي، فيملك الذمّي بالإحياء كالمسلم إن كان بإذن الإمام، وإليه ذهب الكثير من‏

موسوعة الفقه الإسلامى المقارن، ج‏8، ص: 384

الإماميّة[24]، بل عليه دعوى الشهرة منهم‏[25]، وهو مذهب فقهاء المذاهب (الحنفيّة، والحنابلة، والمالكيّة)[26].

القول الثالث: التفصيل بين ما كان من أراضي الإسلام فلا يملك، وبين أراضي الكفّار التي لا يذبّ عنها المسلمون فيملك، وبه قال بعض الإماميّة، وهو مذهب الشافعيّة[27].

وتفصيل الكلام في محلّه.

(انظر: إحياء الموات)

 

8- حكم دخول الحربي دار الإسلام:

لا خلاف بين الفقهاء في عدم جواز دخول الحربي دار الإسلام من دون إذن الإمام، أو ممّن يجوز له الإذن، فإذا دخل لا أمان له على نفسه، ولا على ماله، ثمّ اختلفوا في حكمه، هل هو كالأسير فيتخيّر الإمام فيه بين القتل والاسترقاق، والمنِّ، والفداء، أو يكون فيئاً للإمام؟ فيه خلاف‏[28].

(انظر: حربي)

 

9- إقامة الحربي في دار الإسلام:

اتّفق الفقهاء على أنّ الحربي إذا دخل دار الإسلام بعد الإذن له فهو آمن على نفسه وماله ومن معه من زوجة وأولاد، فيجوز له الإقامة في دار الإسلام بقدر الحاجة، إلّا الحجاز فلا يجوز له الإقامة فيها إلّا ثلاثة أيّام‏[29].

واتّفق الفقهاء على أنّ الحربي المستأمن في دار الإسلام إذا خرج منها بقصد الرجوع إلى دار الإسلام، فالأمان باق، وإن خرج بقصد الإقامة في دار الحرب، انتقض أمانه وصار حربياً[30].

وحيث يدخل المال في الأمان تبعاً، فإذا خرج المستأمن من دار الإسلام إلى‏

موسوعة الفقه الإسلامى المقارن، ج‏8، ص: 385

دار الحرب للإقامة فيها، فإن أخذ ماله معه إلى دار الحرب، انتقض الأمان فيهما، وإن تركه في دار الإسلام انتقض أمانه دون ماله، فله أن يطالب به. وتفصيل الكلام في محلّه.

(انظر: أمان، حربي)

 

10- حكم زوجة الكافر لو أسلمت في دار الإسلام:

هناك ثلاث حالات:

الاولى: أن تكون الزوجة من أهل الذمّة، فأسلمت ولم يسلم الزوج، فلا يسمح للرجل الذمّي أن يخرجها من دار الإسلام إلى دار الكفر[31].

الحالة الثانية: أن لا تكون الزوجة من أهل الذمّة، لكنّها هاجرت إلى دار الإسلام فأسلمت في زمان الهدنة، فهي لا تسلّم إلى دار الكفر. نعم، يجب دفع ما أنفق أزواجهن عليهن من المهور[32].

الحالة الثالثة: أن لا تكون الزوجة من أهل الذمّة، ولا يكون إسلامها في زمن الهدنة، فلا تسلّم إلى دار الكفر، ولا يجب دفع ما أنفق عليها من المهر[33].

11- حكم ولد المرتدّ في دار الإسلام:

اختلف الفقهاء في حكم أولاد المرتدّ على أقوال:

الأوّل: أنّه بحكم الكفّار، فيجوز استرقاقه، سواء ولد في دار الإسلام أو في دار الكفر، وبه صرّح بعض الإماميّة[34]، وهو أحد قولي الشافعيّة[35].

القول الثاني: عدم جواز استرقاقه، سواء ولد في دار الإسلام أو في دار الكفر؛ لأنّ الولد يُلحق بأبيه، وحيث إنّ أباه لا يسترقّ؛ لأنّه قد ثبت له حرمة الإسلام فكذلك ولده، وهو القول الثاني للشافعية[36].

القول الثالث: التفصيل بين ما إذا ولد في دار الإسلام فلا يسترق، وبين ما إذا ولد في دار الحرب فيسترق، وبه قال الحنفيّة[37].

 

[1] بدائع الصنائع 7: 130- 131. حاشية ابن عابدين 3: 253. المبسوط( السرخسي) 1: 114. كشّاف القناع 3: 43. الإنصاف 4: 121. المدونة الكبرى 2: 22.

[2] الدروس الشرعية 3: 78. جامع المقاصد 6: 123.

[3] تذكرة الفقهاء 17: 350، م 436.

[4] الحاوي الكبير 8: 43. العزيز شرح الوجيز 6: 403.

[5] مجمع الفائدة والبرهان 11: 128.

[6] النهاية( الطوسي): 289- 290. تذكرة الفقهاء 9: 16- 17، م 16، 48. جواهر الكلام 21: 14- 16. صراط النجاة( المحشي الخوئي) 1: 510. نهاية المحتاج 2: 136- 137. أسنى المطالب 4: 174. بدائع الصنائع 1: 232. كشّاف القناع 1: 134.

[7] مفتاح الكرامة 17: 588- 289. جواهر الكلام 38: 181. مغني المحتاج 2: 422. روضة الطالبين 5: 433. المغني 5: 748. كشّاف القناع 4: 226- 227.

[8] تذكرة الفقهاء 17: 351. الدروس الشرعية 3: 78. مسالك الأفهام 12: 476.

[9] مغني المحتاج 2: 422. الروضة 5: 433، 434. كشاف القناع 4: 226، 227. المغني 5: 748، 749. بدائع الصنائع 6: 198. المبسوط 10: 215. شرح الخرشي 7: 132.

[10] الجامع للشرائع: 357. تذكرة الفقهاء 1: 371. حاشية الشيرواني 3: 161. المغني 2: 537. كشاف القناع 2: 147. حاشية ابن عابدين 1: 577. موسوعة الإجماع 3: 1011- 1012.

[11] الخلاف 2: 122. السرائر 1: 486. إرشاد الأذهان 1: 292. الدروس الشرعية 1: 260.

[12] حاشية الدسوقي 1: 491. المغني مع الشرح الكبير 2: 613- 615. كشّاف القناع 2: 227. نهاية المحتاج 3: 98. المجموع 6: 94.

[13] بدائع الصنائع 2: 66.

[14] الخلاف 3: 588، م 16. المبسوط( الطوسي) 3: 330. حاشية ابن عابدين 3: 319. مغني المحتاج 2: 426. المهذّب( الشيرازي) 1: 433. المجموع 15: 283. المغني 5: 731. المقنع 2: 301. منتهى الإرادات 1: 558.

[15] بداية المجتهد 2: 333. المهذّب( الشيرازي) 1: 433. مغني المحتاج 2: 426.

[16] تذكرة الفقهاء 9: 340- 342، م 198. جواهر الكلام 21: 280- 283.

[17] حاشية ابن عابدين 3: 271 وما بعدها. فتح القدير 4: 278. بدائع الصنائع 4: 166. حاشية الدسوقي 2: 204. جواهر الإكليل 1: 268، 4: 254. مغني المحتاج 4: 253- 254. المجموع 19: 412. المغني 8: 526.

[18] حاشية الدسوقي 2: 204. جواهر الإكليل 4: 254.

[19] الجامع للشرائع: 375. جواهر الكلام 38: 11- 12. الدر المختار بهامش ابن عابدين 5: 382.

[20] المغني 5: 566. الموسوعة الفقهية الكويتيّة 2: 247.

[21] الإقناع( البجيرمي) 3: 195، ط دار المعرفة.

[22] حاشية الدسوقي: 69 4.

[23] شرائع الإسلام 3: 271. قواعد الأحكام 2: 266. الدروس الشرعية 3: 55. جامع المقاصد 7: 10.

[24] الخلاف 3: 526، م 4. الجامع للشرائع: 375. رياض المسائل 12: 348. جواهر الكلام 38: 16.

[25] حاشية المكاسب( اليزدي) 1: 252.

[26] الخراج( أبو يوسف): 104- 105. المغني 5: 580. شرح الهداية 9: 5 ط الميمنية. مواهل الجليل 6: 4، ط ليبيا. التاج والإكليل بهامش الحطاب 6: 12، ط ليبيا.

[27] قواعد الأحكام 2: 266- 267. حاشية القليوبي 3: 92.

[28] تذكرة الفقهاء 9: 333- 334، م 194. جواهر الكلام 21: 96. كتاب الامّ 4: 177. نهاية المحتاج 8: 91. حاشية الدسوقي 2: 184. كشّاف القناع 3: 118. حاشية ابن عابدين 3: 275. بدائع الصنائع 7: 114. المغني 8: 523.

[29] تذكرة الفقهاء 9: 334- 336. بدائع الصنائع 7: 114. مواهب الجليل 6: 4.

[30] تذكر ة الفقهاء 9: 108، م 65. مسالك الأفهام 3: 31- 32. جواهر الكلام 21: 104. حاشية ابن عابدين 3: 250، 251. روضة الطالبين 10: 289. المغني 8: 400.

[31] النهاية: 457. مختلف الشيعة 7: 96- 97، م 37.

[32] منهاج الصالحين( الخوئي) 1: 402- 401.

[33] منهاج الصالحين( الخوئي) 1: 403.

[34] الخلاف 5: 360، م 11. المبسوط 7: 286.

[35] مختصر المزني: 360. كتاب الامّ 1: 258. المجموع 19: 238.

[36] المجموع 19: 238. حلية العلماء 7: 630.

[37] بدائع الصنائع 7: 139- 140. تبيين الحقائق 3: 291- 292. شرح فتح القدير 4: 403.