بسم الله الرحمن الرحیم

فهرست علوم
فهرست فقه
ابن قبه

شبهه ابن قبه






اصل شبهه

معارج الأصول ( طبع جديد ) ؛ ص:203 -205

المسألة الثانية: يجوز التعبّد بخبر الواحد عقلا، خلافا لابن قبة من أصحابنا، و جماعة من علماء الكلام.

لنا: أنّ التعبّد به يجوز اشتماله على مصلحة، فيجب الحكم بجواز التعبّد به. أمّا الاولى: فلأنّ المانع من اشتماله على المصلحة هو ما يذكره الخصم، و نحن نبطله. و أمّا أنّه إذا كان كذلك وجب الحكم بجواز التعبّد به؛ فلأنّ الشرائع معذوقة بالمصالح، و الحكمة الإلهية موكولة برعايتها، فيجب في الحكمة مهافته الشارع على نصبها.

احتجّ الخصم بوجهين‏

أحدهما: أنّ خبر الواحد لا يوجب العلم، فيجب أن لا يعمل به.

و الاولى ظاهرة، و لأنّا لا نتكلم إلّا فيما هذا شأنه من الأخبار. و أمّا الثانية فلأنّه عمل بما لا يؤمن كونه مفسدة، و أيضا قوله تعالى: وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُون.

الوجه الثاني‏1: ثبت أنّه لا يقبل خبر النبي إلّا بعد قيام‏ المعجزة على صدقه، ففيمن عداه أولى.

و جواب الأوّل: أنّ الأمان من كونه مفسدة حاصل عند قيام الدلالة على العمل به.

و جواب الثاني: التزام التسوية، فلأنّا لا نعمل بخبره ما لم تقم الدلالة على العمل به.

ثمّ الوجهان منقوضان بالعمل بشهادة الشاهدين، و استقبال القبلة عند غلبة الظنّ و عدم العلم بجهتها، و غير ذلك من الظنون الواردة في‏ الشرع

 

 

 


کلام فصول در دفع شبهه

272-الفصول الغروية في الأصول الفقهية ؛ ص271

فصل

لا ريب في جواز التعبّد بخبر الواحدالمحفوف بالقرائن التي تفيد بمعونتها العلم عقلا و شرعا كالخبر المتواتر و هو موضع وفاق و أما المجرد عنها فالمعروف بين أصحابنا جواز التعبّد به عقلا و أنكره بعض قدماء أصحابنا كابن قبة فمنع منه عقلا و حكى ذلك عن جماعة من مخالفينا أيضا

و التحقيق أنّ القائلين بالجواز إن أرادوا به الجواز بمعنى عدم حكم العقل فيه بالامتناع و القبح الواقعيين كما يظهر من احتجاجهم عليه بالضرورة فالحق هو الجواز و المستند ما ذكروه و إن أرادوا به الجواز الواقعي بمعنى أن العقل يحكم بأنه لا قبح في العمل به واقعا و أنّه لا يمتنع منه تعالى بمقتضى الحكمة أن يكلفنا بالعمل به كما يظهر من بعض المعاصرين فالحق بطلان القول بالجواز كالقول بالامتناع إذ ليس العمل بخبر الواحد ممّا يدرك العقل جهاته الواقعية حتى يحكم فيه بجواز أو امتناع بالأحكام و إن أرادوا به الجواز الظاهري بمعنى عدم القبح ما لم ينكشف الخلاف فإن اعتبر مطلقا فالحق خلافه لأن العقل لا يستقل بجواز الاعتماد على خبر الآحاد في معرفة الأحكام و لو مع التمكن من العلم و لو خصّ بصورة الانسداد فلا ريب في ثبوت الجواز لكن يبعد حدّ التزام المانع بالمنع فيها بل ظاهر كلامه ينصرف إلى غيرها إذ لزوم التكليف بالمحال على تقديره جلي و الذي ينبغي للمانع حينئذ أن يحيل الفرض المذكور لا أن يمنع عن حجية خبر الواحد على تقديره

و حيث علمت أنّ الأظهر من وجوه محل النزاع هو الوجه الأول فلنجري الكلام عليه فنقول الحجة على ما اخترناه من الجواز قضاء الضرورة به و قد أشرنا إليها و أمّا المانعون فقد احتجوا بوجهين الأول أن العقل يجوز كذب المخبرين و على تقدير كذبهم يؤدي العمل بخبرهم إلى تحليل الحرام و تحريم الحلال و هو قبيح عقلا فيمتنع تجويزه

پاسخ شبهه

و الجواب من وجهين الأول النقض بالفتوى بناء على عدم التصويب كما هو الصّواب أو بشهادة الشاهدين و ما قام مقامهما و بالأصول المسلمة كأصل البراءة و بالظنون اللفظية و نحو ذلك و وجه النقض أنه قد يقع الخطاء في مؤدّى هذه الطرق كما يشهد به الاعتبار و الاختبار و على تقديره يجري فيها ما ذكروه في خبر الواحد بعينه من لزوم تحليل الحرام و تحريم الحلال فيلزم عدم جواز التعويل عليها و هو باطل بالضرورة و الإجماع و ربما أمكن النقض بالقطع أيضا لوقوع الخطإ فيه و إن كان أقل من غيره

و أمّا ثانيا فبالحل و هو أنه إن أريد بتحليل الحرام و تحريم الحلال و[کذا و الظاهر زیاده الواو] تحليل ما هو حرام ظاهرا فالملازمة ممنوعة إذ ثبوت الأحكام في الظاهر منوط بمساعدة الأدلة عليها و لا فرق حينئذ بين أن يعتبر التحليل و التحريم المستفاد من خبر الواحد ظاهريين أو واقعيين و إن أريد تحليل ما هو حرام واقعا و تحريم ما هو حلال واقعا فإن اعتبر التحليل و التحريم من حيث الواقع فالملازمة أيضا ممنوعة و إن اعتبر من حيث‏ الظاهر فبطلان التالي ممنوع فإن ثبوت الأحكام عندنا تابع لحسن تشريعها فقد يحسن وضع القاعدة و تعميمها إلى مواردها تسهيلا لأمر التكليف و إن أدى إلى ارتكاب القبيح الواقعي و من هذا الباب جواز الاعتماد على الأمارات الشرعية من الاستصحاب و قول ذي اليد و الشهادة مع إمكان الفحص عن الواقعة و تحصيل العلم بها و لو قرر النزاع في صورة انسداد باب العلم و بقاء التكليف فالمنع أوضح إذ قد يحسن الأمر بالقبيح محافظة على ما هو أعمّ منه من فعل الحسن و يحسن النهي عن الحسن محافظة على ما هو أهمّ من ترك القبيح فكما أن القبيح قد يكون مقدمة تعيينه لما هو أهمّ منه من فعل الحسن فيجوز لنا ارتكابه بل يجب للتوصّل إليه مع علمنا بقبحه و قد يكون الحسن سببا لحصول قبيح تركه أهمّ من فعله فيجوز لنا تركه بل يجب تحرزا عن حصول القبيح مع علمنا بحسبه فكذلك الحال فيما لو اشتبه علينا الحال فلم يمكن من تميز القبيح عن الحسن فيحسن في حقنا ارتكاب القبيح أو ترك الحسن للتوصّل إلى الأهم فيحسن من الشارع أن يلزمنا به مع قضاء المصلحة بعدم وضع أسباب التمييز و من هذا جملة من الطرق الشرعية بالنسبة إلى مواردها التي لا سبيل لنا إلى تحصيل العلم بها كأخبار الآحاد و الشهادات فإنها و إن لم تستلزم الإصابة للواقع بل قد يتخلف عنها لكن الغالب فيها الإصابة فجاز أن يحسن منها الأخذ بها بجميع مواردها حتى موارد التخلف مع عدم العلم به و أن يحسن من الشارع أن يكلفنا به تحصيلا لما هو الغالب فيها من الإصابة و أما بالنسبة إلى الموارد التي يتمكن فيها من تحصيل العلم بالواقعة فتسويغ الأخذ بتلك الأمارات مبني على الوجه السّابق ثم هذا مبنيّ على ما حققناه في محله من أنّ حسن الفعل و قبحه ليسا من لوازمه و ذاتياته غالبا بل مبناهما على الوجوه و الاعتبارات اللاحقة له فيختلفان باختلاف الأحوال فتصح في قتل النفس المحترمة الذي هو قبيح قبل قيام الشهادة الزور المعتبرة في ظاهر الشريعة أن يكون حسنا بعد قيامها و هكذا الكلام في نظائر ذلك و أمّا ما يجاب به من أنّ الغرض الداعي إلى تشريع الأحكام أمران أحدهما الوصول إلى لوازمها و جهاتها الواقعية و الثاني إظهار الامتثال و العبوديّة و الأمر الأول و إن جاز تخلفه عن التعويل على تلك الطرق إلا أنّ الأمر الثاني مما لا يتخلف عنها بعد تشريع الشارع لها و الأمر بالأخذ بمقتضاها فمع ابتنائه بناء على ما نحققه في محله من أن جهات التكليف لا ينحصر في جهات الفعل فلا يقول به المجيب بما لا حاجة إليه في مقام بناء على تخصيصه لمحلّ النزاع بصورة انسداد باب العلم و بقاء التكليف كما عرفت من بياننا آنفا و على تقدير عدم التخصيص فالبيان قاصر عن إفادة المدعی

 

 

 


کلام شیخ انصاری ره در دفع شبهه

فرائد الأصول، ج‏1، ص:107-110

و أمّا دليله الثاني، فقد اجيب عنه :

تارة: بالنقض بالامور الكثيرة الغير المفيدة للعلم، كالفتوى و البيّنة و اليد، بل القطع أيضا؛ لأنّه قد يكون جهلا مركّبا.
و اخرى: بالحلّ، بأنّه إن اريد تحريم الحلال الظاهري أو عكسه فلا نسلّم لزومه، و إن اريد تحريم الحلال الواقعي ظاهرا فلا نسلّم امتناعه.
 [الأولى في الجواب عن دليله الثاني:]
و الأولى أن يقال: إنّه إن أراد امتناع التعبّد  بالخبر في المسألة التي انسدّ فيها باب العلم بالواقع، فلا يعقل المنع عن العمل به، فضلا عن امتناعه؛ إذ مع فرض عدم التمكّن من العلم بالواقع إمّا أن يكون للمكلّف حكم في تلك الواقعة، و إمّا أن لا يكون له فيها حكم، كالبهائم و المجانين                        
فعلى الأوّل، فلا مناص عن إرجاعه إلى ما لا يفيد العلم من الاصول أو الأمارات الظنيّة التي منها خبر «1» الواحد.
و على الثاني، يلزم ترخيص فعل الحرام الواقعي و ترك الواجب الواقعي، و قد فرّ المستدلّ منهما.
فإن التزم أنّ مع عدم التمكّن من العلم لا وجوب و لا تحريم؛ لأنّ الواجب و الحرام ما علم بطلب فعله أو تركه.
قلنا: فلا يلزم من التعبّد بالخبر تحليل حرام أو عكسه.
و كيف كان: فلا نظنّ بالمستدلّ إرادة الامتناع في هذا الفرض، بل الظاهر أنّه يدّعي الانفتاح؛ لأنّه أسبق من السيّد و أتباعه الذين ادّعوا انفتاح باب العلم.
و ممّا ذكرنا ظهر: أنّه لا مجال للنقض عليه بمثل الفتوى؛ لأنّ المفروض انسداد باب العلم على المستفتي، و ليس له شي‏ء أبعد من تحريم الحلال و تحليل الحرام من العمل بقول المفتي، حتّى أنّه لو تمكّن من الظنّ الاجتهادي فالأكثر على عدم جواز العمل بفتوى الغير «2».
و كذلك نقضه بالقطع مع احتمال كونه في الواقع جهلا مركّبا؛ فإنّ باب هذا الاحتمال منسدّ على القاطع.
و إن أراد الامتناع مع انفتاح باب العلم و التمكّن منه في مورد العمل بالخبر، فنقول:
 [التعبّد بالخبر على وجهين: الطريقيّة و السببيّة:]
إنّ التعبّد بالخبر حينئذ يتصوّر على وجهين:
أحدهما «1»: أن يجب العمل به لمجرّد كونه طريقا إلى الواقع و كاشفا ظنيّا عنه، بحيث لم يلاحظ فيه مصلحة سوى الكشف عن الواقع، كما قد يتّفق ذلك حين انسداد باب العلم و تعلّق الغرض بإصابة الواقع؛ فإنّ الأمر بالعمل بالظنّ الخبري او غيره لا يحتاج إلى مصلحة سوى كونه كاشفا ظنيّا عن الواقع.
الثاني: أن يجب العمل به لأجل أنّه يحدث فيه- بسبب قيام تلك الأمارة- مصلحة راجحة على المصلحة الواقعيّة التي تفوت عند مخالفة تلك الأمارة للواقع، كأن يحدث في صلاة الجمعة- بسبب إخبار العادل بوجوبها- مصلحة راجحة على المفسدة في فعلها على تقدير حرمتها واقعا.
 [عدم الامتناع بناء على الطريقيّة:]
أمّا إيجاب العمل بالخبر على الوجه الأوّل، فهو و إن كان في نفسه قبيحا مع فرض انفتاح باب العلم- لما ذكره المستدلّ من تحريم الحلال و تحليل الحرام- لكن لا يمتنع أن يكون الخبر أغلب مطابقة للواقع في نظر الشارع من الأدلّة القطعيّة التي يستعملها المكلّف للوصول إلى الحرام و الحلال الواقعيّين، أو يكونا متساويين في نظره من حيث الإيصال إلى الواقع.
إلّا أن يقال: إنّ هذا رجوع إلى فرض انسداد باب العلم و العجز عن الوصول إلى الواقع؛ إذ ليس المراد انسداد باب الاعتقاد و لو كان جهلا مركّبا، كما تقدّم سابقا
فالأولى: الاعتراف بالقبح مع فرض التمكّن من الواقع.
 [عدم الامتناع بناء على السببيّة:]
و أمّا وجوب العمل بالخبر على الوجه الثاني، فلا قبح فيه أصلا، كما لا يخفى.

 

ج1، ص 112-115

و حيث انجرّ الكلام إلى التعبّد بالأمارات الغير العلميّة، فنقول في توضيح هذا المرام و إن كان خارجا عن محلّ الكلام: إنّ ذلك يتصوّر على وجهين:
 [1- مسلك الطريقيّة:]
الأوّل: أن يكون ذلك من باب مجرّد الكشف عن الواقع، فلا يلاحظ في التعبّد بها إلّا الإيصال إلى الواقع، فلا مصلحة في سلوك هذا الطريق وراء مصلحة الواقع، كما لو أمر المولى عبده عند تحيّره في طريق بغداد بسؤال الأعراب عن الطريق، غير ملاحظ في ذلك إلّا كون قول الأعراب موصلا إلى الواقع دائما أو غالبا، و الأمر بالعمل «2» في هذا القسم ليس إلّا للإرشاد.
 [2- مسلك السببيّة:]
الثاني: أن يكون ذلك لمدخليّة سلوك الأمارة في مصلحة العمل «3» و إن خالف الواقع، فالغرض إدراك مصلحة سلوك هذا الطريق التي هي مساوية لمصلحة الواقع أو أرجح منها.
 [وجوه الطريقيّة:]
أمّا القسم الأوّل، فالوجه فيه لا يخلو من امور:
أحدها: كون الشارع العالم بالغيب عالما بدوام موافقة هذه الأمارة «4» للواقع و إن لم يعلم بذلك المكلّف.
الثاني: كونها في نظر الشارع غالب المطابقة.
الثالث: كونها في نظره أغلب مطابقة من العلوم الحاصلة للمكلّف بالواقع؛ لكون أكثرها في نظر الشارع جهلا مركّبا.
و الوجه الأوّل و الثالث يوجبان الأمر بسلوك الأمارة و لو مع تمكّن المكلّف من الأسباب المفيدة للقطع. و الثاني لا يصحّ إلّا مع تعذّر باب العلم؛ لأنّ تفويت الواقع على المكلّف- و لو في النادر- من دون تداركه بشي‏ء، قبيح.
 [وجوه السببيّة:]
و أمّا القسم الثاني، فهو على وجوه:
أحدها: أن يكون الحكم- مطلقا «1»- تابعا لتلك الأمارة
، بحيث لا يكون في حقّ الجاهل- مع قطع النظر عن وجود هذه الأمارة و عدمها- حكم، فتكون الأحكام الواقعيّة مختصّة في الواقع بالعالمين بها، و الجاهل- مع قطع النظر عن قيام أمارة عنده على حكم العالمين- لا حكم له أو محكوم بما يعلم اللّه أنّ الأمارة تؤدّي إليه، و هذا تصويب باطل عند أهل الصواب من التخطئة «2»، و قد تواتر بوجود الحكم المشترك بين العالم و الجاهل الأخبار و الآثار «3».
الثاني: أن يكون الحكم الفعلي تابعا لهذه الأمارة
، بمعنى: أنّ للّه في كلّ واقعة حكما يشترك فيه العالم و الجاهل لو لا قيام الأمارة على خلافه، بحيث يكون قيام الأمارة المخالفة مانعا عن فعليّة ذلك الحكم؛ لكون مصلحة سلوك هذه الأمارة غالبة على مصلحة الواقع، فالحكم الواقعيّ فعليّ في حقّ غير الظانّ بخلافه، و شأنيّ في حقّه، بمعنى وجود المقتضي لذلك الحكم لو لا الظنّ على خلافه.
و هذا أيضا كالأوّل في عدم ثبوت الحكم الواقعيّ للظانّ بخلافه؛ لأنّ الصفة المزاحمة بصفة اخرى لا تصير منشأ للحكم «1»، فلا يقال للكذب النافع: إنّه قبيح واقعا.
 [الفرق بين هذين الوجهين:]
و الفرق بينه و بين الوجه الأوّل- بعد اشتراكهما في عدم ثبوت الحكم الواقعي «2» للظانّ بخلافه-: أنّ العامل بالأمارة المطابقة حكمه حكم العالم، و لم يحدث في حقّه بسبب ظنّه حكم، نعم كان ظنّه مانعا عن المانع، و هو الظنّ بالخلاف.
 [الثالث: المصلحة السلوكيّة]
الثالث: أن لا يكون للأمارة القائمة على الواقعة تأثير في الفعل الذي تضمّنت الأمارة حكمه و لا تحدث فيه مصلحة، إلّا أنّ العمل على طبق تلك الأمارة و الالتزام به في مقام العمل على أنّه هو الواقع و ترتيب  الآثار الشرعيّة المترتّبة عليه واقعا، يشتمل على مصلحة، فأوجبه الشارع.
و معنى إيجاب العمل على الأمارة: وجوب تطبيق العمل عليها، لا وجوب إيجاد عمل على طبقها؛ إذ قد لا تتضمّن الأمارة إلزاما على المكلّف، فإذا تضمّنت استحباب شي‏ء أو وجوبه تخييرا أو إباحته  وجب عليه إذا أراد الفعل أن يوقعه على وجه الاستحباب أو الإباحة، بمعنى حرمة قصد غيرهما، كما لو قطع بهما .
و تلك المصلحة لا بدّ أن تكون ممّا يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع لو كان الأمر بالعمل به مع التمكّن من العلم ؛ و إلّا كان تفويتا لمصلحة الواقع، و هو قبيح، كما عرفت في كلام ابن قبة ».

...

ص 123

و تلخّص من جميع ما ذكرنا: أنّ ما ذكره ابن قبة- من استحالة التعبّد بخبر الواحد أو بمطلق الأمارة الغير العلميّة- ممنوع على إطلاقه، و إنّما يقبح  إذا ورد التعبّد على بعض الوجوه، كما تقدّم تفصيل ذلك.

 

 

 


کلام مظفر ره در دفع شبهه

اصول الفقه، ج 2، ص36-39

12تصحيح جعل الأمارة

بعد ما ثبت أن جعل الأمارة يشمل فرض انفتاح باب العلم مع ما ثبت من اشتراك الأحكام بين العالم و الجاهل تنشأ شبهة عويصة في صحة جعل الأمارة قد أشرنا إليها فيما سبق ص 27 و هي أنه في فرض التمكن من تحصيل الواقع و الوصول إليه كيف جاز أن يأذن الشارع باتباع الأمارة الظنية و هي حسب الفرض تحتمل الخطأ المفوت للواقع و الإذن في تفويته قبيح عقلا لأن الأمارة لو كانت دالة على جواز الفعل مثلا و كان الواقع هو الوجوب أو الحرمة فإن الإذن باتباع الأمارة في هذا الفرض يكون إذنا بترك الواجب أو فعل الحرام مع أن الفعل لا يزال باقيا على وجوبه الواقعي أو حرمته الواقعية مع تمكن المكلف من الوصول إلى معرفة الواقع حسب الفرض و لا شك في قبح ذلك من الحكيم. و هذه الشبهة هي التي ألجأت بعض الأصوليين إلى القول بأن الأمارة مجعولة على نحو السببية إذ عجزوا عن تصحيح جعل الأمارة على نحو الطريقية التي هي الأصل في الأمارة على ما سيأتي من شرح ذلك قريبا. و الحق معهم إذا نحن عجزنا عن تصحيح جعل الأمارة على نحو الطريقية لأن المفروض أن الأمارة قد ثبتت حجيتها قطعا فلا بد أن يفرض حينئذ في قيام الأمارة أو في اتباعها مصلحة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع على تقدير خطئها حتى لا يكون إذن الشارع بتفويت الواقع قبيحا ما دام أن تفويته له يكون لمصلحة أقوى و أجدى أو مساوية لمصلحة الواقع فينشأ على طبق مؤدى الأمارة حكم ظاهري بعنوان أنه الواقع إما أن يكون مماثلا للواقع عند الإصابة أو مخالفا له عند الخطإ. و نحن بحمد الله تعالى نرى أن الشبهة يمكن دفعها على تقدير الطريقية فلا حاجة إلى فرض السببية. و الوجه في دفع الشبهة أنه بعد أن فرضنا أن القطع قام على أن الأمارة الكذائية كخبر الواحد حجة يجوز اتباعها مع التمكن من تحصيل العلم فلا بد أن يكون الإذن من الشارع العالم بالحقائق الواقعية لأمر علم به و غاب عنا علمه و لا يخرج هذا الأمر عن أحد شيئين لا ثالث لهما و كل منهما جائز عقلا لا مانع منه.
 1 أن يكون قد علم بأن إصابة الأمارة للواقع مساوية لإصابة العلوم التي تتفق للمكلفين أو أكثر منها بمعنى أن العلوم التي يتمكن المكلفون من تحصيلها يعلم الشارع بأن خطأها سيكون مساويا لخطإ الأمارة المجعولة أو أكثر خطأ منها

. 2 أن يكون قد علم بأن في عدم جعل أمارات خاصة لتحصيل الأحكام و الاقتصار على العلم تضييقا على المكلفين و مشقة عليهم لا سيما بعد أن كانت تلك الأمارات قد اعتادوا سلوكها و الأخذ بها في شئونهم الخاصة و أمورهم الدنيوية و بناء العقلاء كلهم كان عليها.

و هذا الاحتمال الثاني قريب إلى التصديق جدا فإنه لا نشك في أن تكليف كل واحد من الناس بالرجوع إلى المعصوم أو الأخبار المتواترة في تحصيل جميع الأحكام أمر فيه ما لا يوصف من الضيق و المشقة لا سيما أن ذلك على خلاف ما جرت عليه طريقتهم في معرفة ما يتعلق بشئونهم الدنيوية. و عليه فمن القريب جدا أن الشارع إنما رخص في اتباع الأمارات الخاصة فلغرض تسهيل الأخذ بأحكامه و الوصول إليها و مصلحة التسهيل من المصالح النوعية المتقدمة في نظر الشارع على المصالح الشخصية التي قد تفوت أحيانا على بعض المكلفين عند العمل بالأمارة لو أخطأت و هذا أمر معلوم من طريقة الشريعة الإسلامية التي بنيت في تشريعها على التيسير و التسهيل. و على التقديرين و الاحتمالين فإن الشارع في إذنه باتباع الأمارة طريقا إلى الوصول إلى الواقع من أحكامه لا بد أن يفرض فيه أنه قد تسامح في التكاليف الواقعية عند الخطإ الأمارة أي أن الأمارة تكون معذرة للمكلف فلا يستحق العقاب في مخالفة الحكم كما لا يستحق ذلك عند المخالفة في خطإ القطع لا أنه بقيام الأمارة يحدث حكم آخر ثانوي بل شأنها في هذه‏ الجهة شأن القطع بلا فرق. و لذا أن الشارع في الموارد التي يريد فيها المحافظة على تحصيل الواقع على كل حال أمر باتباع الاحتياط و لم يكتف بالظنون فيها و ذلك كموارد الدماء و الفروج‏

 

 

14 المصلحة السلوكية

اصول الفقه، ص 41-44

 (ذهب الشيخ الأنصاري قدس سره إلى فرض المصلحة السلوكية في الأمارات لتصحيح جعلها كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في مبحث الإجزاء الجزء الثاني ص 252 و حمل عليه كلام الشيخ الطوسي في العدة و العلامة في النهاية). و إنما ذهب إلى هذا الفرض لأنه لم يتم عنده تصحيح جعل الأمارة على نحو الطريقية المحضة و وجد أيضا أن القول بالسببية المحضة يستلزم القول بالتصويب المجمع على بطلانه عند الإمامية فسلك طريقا وسطا لا يذهب به إلى الطريقية المحضة و لا إلى السببية المحضة و هو أن يفرض المصلحة في نفس سلوك الأمارة و تطبيق العمل على ما أدت إليه و بهذه المصلحة يتدارك ما يفوت من مصلحة الواقع عند الخطإ فتكون الأمارة من ناحية                       
لها شأن الطريقية إلى الواقع و من ناحية أخرى لها شأن السببية. و غرضه من فرض المصلحة السلوكية أن نفس سلوك طريق الأمارة و الاستناد إليها في العمل بمؤداها فيه مصلحة تعود لشخص المكلف يتدارك بها ما يفوته من مصلحة الواقع عند الخطإ من دون أن يحدث في نفس المؤدى أي في ذات الفعل و العمل مصلحة حتى تستلزم إنشاء حكم آخر غير الحكم الواقعي على طبق ما أدت إليه الأمارة الذي هو نوع من التصويب [1]. (قال رحمه الله في رسائله فيما قال و معنى وجوب العمل على طبق الأمارة وجوب ترتيب أحكام الواقع على مؤداها من دون أن تحدث في الفعل مصلحة على تقدير مخالفة الواقع). و لا ينبغي أن يتوهم أن القول بالمصلحة السلوكية هي نفس ما ذكرناه في أحد وجهي تصحيح الطريقية من فرض مصلحة التسهيل لأن الغرض من القول بالمصلحة السلوكية أن تحدث مصلحة في سلوك الأمارة تعود تلك المصلحة لشخص المكلف لتدارك ما يفوته من مصلحة الواقع بينما أن
غرضنا من مصلحة التسهيل مصلحة نوعية قد لا تعود لشخص من قامت عنده الأمارة و تلك المصلحة النوعية مقدمة في مقام المزاحمة عند الشارع على مصلحة الواقع التي قد تفوت على شخص المكلف
. و إذا اتضح الفرق بينهما نقول إن القول بالمصلحة السلوكية و فرضها يأتي بالمرتبة الثانية للقول بمصلحة التسهيل يعني أنه إذا لم تثبت عندنا مصلحة التسهيل أو قلنا بعدم تقديم المصلحة النوعية على المصلحة الشخصية و لم يصح عندنا أيضا احتمال مساواة خطإ الأمارات للعلوم فإنا نلتجئ إلى ما سلكه الشيخ من المصلحة السلوكية إذا استطعنا تصحيحها فرارا من الوقوع في التصويب الباطل. و أما نحن فإذ ثبت عندنا أن هناك مصلحة التسهيل في جعل الأمارة تفوق المصالح الشخصية و مقدمة عليها عند الشارع أصبحنا في غنى عن فرض المصلحة السلوكية. على أن المصلحة السلوكية إلى الآن لم نتحقق مراد الشيخ منها و لم نجد الوجه لتصحيحها في نفسها فإن في عبارته شيئا من الاضطراب و الإيهام و كفى أن يقع في بعض النسخ زيادة كلمة الأمر على قوله إلا أن العمل على طبق تلك الأمارة فتصير العبارة هكذا إلا أن الأمر بالعمل فلا يدرى مقصوده هل إنه في نفس العمل مصلحة سلوكية أو في الأمر به. و قيل إن هذا التصحيح وقع من بعض تلامذته إذ أوكل إليه أمر تصحيح العبارة بعد مناقشات تلاميذه لها في مجلس البحث. و على كل حال فإن الظاهر أن الفارق عنده بين السببية المحضة و بين المصلحة السلوكية بمقتضى عبارته قبل التصحيح المذكور أن المصلحة على الأول تكون قائمة بذات الفعل و على الثاني قائمة بعنوان آخر هو السلوك فلا تزاحم مصلحته مصلحة الفعل.                       
و لكننا لم نتعقل هذا الفارق المذكور لأنه إنما يتم إذا استطعنا أن نتعقل لعنوان السلوك عنوانا مستقلا في وجوده عن ذات الفعل لا ينطبق عليه و لا يتحد معه حتى لا تزاحم مصلحته مصلحة الفعل و تصوير هذا في غاية الإشكال و لعل هذا هو السر في مناقشة تلاميذه له فحمل بعضهم على إضافة كلمة الأمر ليجعل المصلحة تعود إلى نفس الأمر لا إلى متعلقه فلا يقع التزاحم بين المصلحتين. وجه الإشكال أولا أننا لا نفهم من عنوان السلوك و الاستناد إلى الأمارة إلا عنوانا للفعل الذي تؤدي إليه الأمارة بأي معنى فسرنا السلوك و الاستناد إذ ليس للسلوك و متابعة الأمارة وجود آخر مستقل غير نفس وجود الفعل المستند إلى الأمارة. نعم إذا أردنا من الاستناد إلى الأمارة معنى آخر و هو الفعل القصدي من النفس فإن له وجودا آخر غير وجود الفعل لأنه فعل قلبي جوانحي لا وجود له إلا وجودا قصديا و لكنه من البعيد جدا أن يكون ذلك غرض الشيخ من السلوك لأن هذا الفعل القلبي أنما يصح أن يفرض وجوبه ففي خصوص الأمور العبادية و لا معنى للالتزام بوجوب القصد في جميع أفعال الإنسان المستند فعلها إلى الأمارة. ثانيا على تقدير تسليم اختلافهما وجودا فإن قيام المصلحة بشي‏ء أنما يدعو إلى تعلق الأمر به لا بشي‏ء آخر غيره وجودا و إن كانا متلازمين في الوجود فمهما فرضنا من معنى للسلوك و إن كان بمعنى الفعل القلبي فإنه إذا كانت المصلحة المقتضية للأمر قائمة به فكيف يصح توجيه الأمر إلى ذات الفعل و المفروض أن له وجودا آخر لم تقم به المصلحة. و أما إضافة كلمة الأمر على عبارة الشيخ فهي بعيدة جدا عن مراده و عباراته الأخرى‏

 

 

 


                        95-أصول الفقه ( طبع اسماعيليان )، ج‏2، ص: 91
دليل حجية خبر الواحد من بناء العقلاء
أنه من المعلوم قطعا الذي لا يعتريه الريب استقرار بناء العقلاء طرا و اتفاق سيرتهم العملية على اختلاف مشاربهم و أذواقهم على الأخذ بخبر من يثقون بقوله و يطمئنون إلى صدقه و يأمنون كذبه و على اعتمادهم في تبليغ مقاصدهم على الثقات و هذه السيرة العملية جارية حتى في الأوامر الصادرة من ملوكهم و حكامهم و ذوي الأمر منهم. و سر هذه السيرة أن الاحتمالات الضعيفة المقابلة ملغية بنظرهم لا يعتنون بها فلا يلتفتون إلى احتمال تعمد الكذب من الثقة كما لا يلتفتون إلى احتمال خطائه و اشتباهه أو غفلته. و كذلك أخذهم بظواهر الكلام و ظواهر الأفعال فإن بناءهم العملي على إلغاء الاحتمالات الضعيفة المقابلة و ذلك من كل ملة و نحلة. و على هذه السيرة العملية قامت معايش الناس و انتظمت حياة البشر و لولاها لاختل نظامهم الاجتماعي و لسادهم الاضطراب لقلة ما يوجب العلم القطعي من الأخبار المتعارفة سندا و متنا. و المسلمون بالخصوص كسائر الناس جرت سيرتهم العملية على مثل ذلك في استفادة الأحكام الشرعية من القديم إلى يوم الناس هذا لأنهم متحدوا المسلك و الطريقة مع سائر البشر كما جرت سيرتهم بما هم عقلاء على ذلك في غير الأحكام الشرعية. أ لا ترى هل كان يتوقف المسلمون من أخذ أحكامهم الدينية من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه و آله أو من أصحاب الأئمة عليهم السلام الموثوقين عندهم. و هل ترى هل يتوقف المقلدون اليوم و قبل اليوم في العمل بما يخبرهم‏

 


                        أصول الفقه ( طبع اسماعيليان )، ج‏2، ص: 92
الثقات عن رأي المجتهد الذي يرجعون إليه. و هل ترى تتوقف الزوجة في العمل بما يحكيه لها زوجها الذي تطمئن إلى خبره عن رأي المجتهد في المسائل التي تخصها كالحيض مثلا. و إذا ثبتت سيرة العقلاء من الناس بما فيهم المسلمون على الأخذ بخبر الواحد الثقة فإن الشارع المقدس متحد المسلك معهم لأنه منهم بل هو رئيسهم فلا بد أن نعلم بأنه متخذ لهذه الطريقة العقلائية كسائر الناس ما دام أنه لم يثبت لنا أن له في تبليغ الأحكام طريقا خاصا مخترعا منه غير طريق العقلاء و لو كان له طريق خاص قد اخترعه غير مسلك العقلاء لأذاعه و بينه للناس و لظهر و اشتهر و لما جرت سيرة المسلمين على طبق سيرة باقي البشر. و هذا الدليل قطعي لا يداخله الشك لأنه مركب من مقدمتين قطعيتين 1 ثبوت بناء العقلاء على الاعتماد على خبر الثقة و الأخذ به. 2 كشف هذا البناء منهم عن موافقة الشارع لهم و اشتراكه معهم لأنه متحد المسلك معهم. (قال شيخنا النائيني قده كما في تقريرات تلميذه الكاظمي قده ج 3 ص 69 و أما طريقة العقلاء فهي عمدة أدلة الباب بحيث لو فرض أنه كان سبيل إلى المناقشة في بقية الأدلة فلا سبيل إلى المناقشة في الطريقة العقلائية القائمة على الاعتماد على خبر الثقة و الاتكال عليه في محاوراتهم). و أقصى ما قيل في الشك في هذا الاستدلال هو أن الشارع لئن كان متحد المسلك مع العقلاء فإنما يستكشف موافقته لهم و رضاه بطريقتهم إذا لم يثبت الردع منه عنها. و يكفي في الردع الآيات الناهية عن اتباع الظن و ما وراء العلم التي‏

 

 

                        أصول الفقه ( طبع اسماعيليان )، ج‏2، ص: 93
ذكرناها سابقا في البحث السادس من المقدمة لأنها بعمومها تشمل خبر الواحد غير المفيد للعلم. و قد عالجنا هذا الأمر فيما يتعلق بشمول هذه الآيات الناهية للاستصحاب في الجزء الرابع مبحث الاستصحاب فقلنا إن هذه الآيات غير صالحة للردع عن الاستصحاب الذي جرت سيرة العقلاء على الأخذ به لأن المقصود من النهي عن اتباع غير العلم النهي عنه إذ يراد به إثبات الواقع كقوله تعالى إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً* بينما أنه ليس المقصود من الاستصحاب إثبات الواقع و الحق بل هو أصل و قاعدة عملية يرجع إليها في مقام العمل عند الشك في الواقع و الحق فيخرج الاستصحاب عن عموم هذه الآيات موضوعا. و هذا العلاج طبعا لا يجري في مثل خبر الواحد لأن المقصود به كسائر الأمارات الأخرى إثبات الواقع و تحصيل الحق. و لكن مع ذلك نقول إن خبر الواحد خارج عن عموم هذه الآيات تخصصا كالظواهر التي أيضا حجيتها مستندة إلى بناء العقلاء على ما سيأتي. (و ذلك بأن يقال حسبما أفاده أستاذنا المحقق الأصفهاني قدس سره في حاشيته على الكفاية ج 3 ص 14 قال إن لسان النهي عن اتباع الظن و أنه لا يغني من الحق شيئا ليس لسان التعبد بأمر على خلاف الطريقة العقلائية بل من باب إيكال الأمر إلى عقل المكلف من جهة أن الظن بما هو ظن لا مسوغ للاعتماد عليه و الركون إليه فلا نظر في الآيات الناهية إلى ما استقرت عليه سيرة العقلاء بما هم عقلاء على اتباعه من أجل كونه خبر الثقة و لذا كان الرواة يسألون عن وثاقة الراوي للفراغ عن لزوم اتباع روايته بعد فرض وثاقته) (أو يقال حسبما أفاده شيخنا النائيني قدس سره على ما في تقريرات‏

 

 


                        أصول الفقه ( طبع اسماعيليان )، ج‏2، ص: 94
الكاظمي قدس سره ج 3 ص 69 قال إن الآيات الناهية عن العمل بالظن لا تشمل خبر الثقة لأن العمل بخبر الثقة في طريقة العقلاء ليس من العمل بما وراء العلم بل هو من أفراد العلم لعدم التفات العقلاء إلى مخالفة الخبر للواقع لما قد جرت على ذلك طباعهم و استقرت عليه عادتهم فهو خارج عن العمل بالظن موضوعا فلا تصلح أن تكون الآيات الناهية عن العمل بما وراء العلم رادعة عن العمل بخبر الثقة بل الردع يحتاج إلى قيام الدليل عليه بالخصوص). و على كل حال لو كانت هذه الآيات صالحة للردع عن مثل خبر الواحد و الظواهر التي جرت سيرة العقلاء على العمل بها و منهم المسلمون لعرف ذلك بين المسلمين و انكشف لهم و لما أطبقوا على العمل بها و جرت سيرتهم عليه. فهذا دليل قطعي على عدم صلاحية هذه الآيات للردع عن العمل بخبر الواحد فلا نطيل بذكر الدور الذي أشكلوا به في المقام و الجواب عنه و إن شئت الاطلاع فراجع الرسائل و كفاية الأصول‏
                       




















فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است