بسم الله الرحمن الرحیم
فهرست علومتمهيد القواعد الأصولية و العربية؛ ص: 300
قاعدة «99» قاعدة شريفة تختم بها باب التعارض:
إذا تعارض الأصل و الظاهر، فإن كان الظاهر حجة يجب قبولها
______________________________
(1) المبسوط 7: 255، قواعد الأحكام 2: 311.
(2) انظر المغني لابن قدامة 9: 396.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 301
شرعا، كالشهادة و الرواية و الأخبار، فهو مقدّم على الأصل بغير إشكال؛ و إن لم يكن كذلك بل كان مستنده العرف أو العادة الغالبة أو القرائن أو غلبة الظن و نحو ذلك، فتارة يعمل بالأصل، و لا يلتفت إلى الظاهر، و هو الأغلب، و تارة يعمل بالظاهر، و لا يلتفت إلى هذا الأصل، و تارة يخرج في المسألة خلاف.
فهاهنا أقسام:
القسم الأول: ما يترك العمل بالأصل للحجة الشرعية، و هو قول من يجب العمل بقوله،
و له صور كثيرة:
منها: شهادة العدلين بشغل ذمة المدعى عليه.
و منها: شهادتهما ببراءة ذمة من علم اشتغال ذمته بدين و نحوه.
و منها: شهادتهما بدخول الليل للصائم، و طلوع الفجر له، و رؤية الهلال للصوم و الفطر، و النجاسة، و الطهارة، و دخول وقت الصلاة، حيث يجوز التقليد، إن قدمناهما على تقليد الواحد، كما هو الظاهر، و نحو ذلك.
و منها: إخبار الواحد ذي اليد بطهارة ما بيده، بعد العلم بنجاسته؛ أو بالعكس، و إن لم يكن عدلا.
و منها: إخبار العدل الواحد بهلال رمضان، على قول بعض الأصحاب «1».
و منها: إخباره بعزل الموكل الوكيل، فإنه كاف وحده، كما دلّت عليه
______________________________
(1) المراسم: 96.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 302
صحيحة هشام بن سالم «1».
و منها: 7 إخباره بدخول وقت الصلاة و الفطر للمعذور، كالأعمى، و المحبوس، و من لا يعلم الوقت، و لا يقدر على التعلم، إما مطلقا، أو مع تعذر خبر العدلين كما مر.
و منها: إخباره إذا كان مؤذنا بدخول الوقت بالأذان للمعذور كما مر قطعا، و لغيره أيضا على قول المحقق «2» و بعض الأصحاب «3» استنادا إلى قوله صلى اللّٰه عليه و آله: «المؤذنون أمناء» «4» و لا تتحقق الأمانة إلا مع قبول قولهم.
و منها: إخباره بكون «الجدي» من المستقبل على الجهة الموجبة للقبلة، و نحوه من العلامات، و إخباره بوصول الظل إلى محل مخصوص يعلم المخبر بأنه يوجب دخول الوقت على قول بعض الأصحاب، و إن لم يجز تقليده في نفس دخول الوقت.
و منها: قبول قول الأمناء، و نحوهم، ممن يقبل قوله في تلف ما اؤتمن عليه من مال و غيره.
و منها: قبول قول المعتدة في انقضاء عدتها بالأقراء، و لو في شهر واحد، سواء كانت عادتها منتظمة بما يخالف ذلك أم لا؛ و إخبارها بابتداء الحيض بها و انقطاعه عنها بعد العلم بخلافه، ما لم يعلم كذبها، و نحو ذلك، و هو كثير جدا.
______________________________
(1) الفقيه 3: 83 حديث 3385، التهذيب 6: 213 حديث 503، الوسائل 13: 286 كتاب الوكالة باب 2 حديث 1.
(2) المعتبر في شرح المختصر 2: 63.
(3) نقله عن الموجز لأبي العباس في مفتاح الكرامة 2: 44.
(4) الفقيه 1: 292 حديث 905، مجالس الصدوق: 127، الوسائل 4: 618 أبواب الأذان و الإقامة باب 3 حديث 7.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 303
و منها: ادعاء المطلّقة ثلاثا التحليل في وقت إمكانه مطلقا، أو مع كونها ثقة على رواية «1»، أو إصابة المحلل و إن أنكرها على الأقوى.
القسم الثاني: ما عمل فيه بالأصل،
و لم يلتفت إلى القرائن الظاهرة، و له صور كثيرة:
منها: إذا تيقن الطهارة أو النجاسة في ماء، أو ثوب، أو أرض، أو بدن، و شك في زوالها، فإنه يبنى على الأصل، و إن دلّ الظاهر على خلافه، كما لو وجد الثوب نظيفا بيد من عادته التطهير إذا نظّف «2» و نحوه؛ إلا أن يتفق مع ذلك خبر محتفّ بالقرائن الكثيرة، الموجب للعلم، أو الظن المتاخم له، فيقوى العمل به.
و في الاكتفاء بالقرائن منفكة عن الخبر وجه، من حيث إنّ العبرة في إفادة الخبر المحفوف بالقرائن العلم [العلم] «3» بالقرائن، لا به. و كذا القول فيما علم من نكاح و طلاق و غيرهما.
و منها: إذا شكّ في طلوع الفجر في شهر رمضان، فإنه يباح له الأكل حتى يستيقن الطلوع، و إن ظنّ خلافه بالقرائن المحتملة لظهور خلافه، أو كان المخبر ثقة واحدا، في ظاهر المذهب.
و منها: ثياب من لا يتوقّى النجاسة من الأطفال، و القصابين، و مدمني الخمر، و الكفار، فإن الظاهر نجاستها، و الأصل يقتضي طهارتها؛ و قد رجّح الأصحاب هنا الأصل على الظاهر.
و منها: إذا وجد كلبا خارجا من بيت فيه إناء مكشوف، و معه أثر مباشرته
______________________________
(1) التهذيب 8: 34 حديث 105، الاستبصار 3: 275 حديث 980، الوسائل 15: 370 أبواب أقسام الطلاق باب 11 حديث 1.
(2) في «د»: إذ الظن.
(3) أضفناه ليتم المعنى.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 304
له برطوبة، فإنه يعمل بالأصل، و هو الطهارة، و عدم مباشرته، و إن كان الظاهر خلافه. حتى لو كان الإناء فيه مثل اللبن مما يظهر على العضو، و وجد على فم الكلب أثره، لم يحكم بالنجاسة، على ما صرّح به جمع من الأصحاب «1».
و منها: معاملة الظالمين، و من لا يتوقّى المحارم، بحيث يظن تحريم ما بيده، فإن الأصل الحل، و إن كرهت معاملتهم.
و منها: البناء على تمام الشهر، لو لم يتمكن من رؤية الهلال لغيم و نحوه، حيث لا قائل بالرجوع إلى غيره من الأمارات؛ و إلا كان من باب الخلاف في ترجيح أيهما، كما لو غمّت الشهور.
منها: إذا ادّعت الزوجة- بعد «2» طول بقائها مع الزوج و يساره- أنه لم يوصلها النفقة الواجبة، فقد قال الأصحاب: القول قولها، لأن الأصل معها، مع أن العادة و الظاهر لا يحتمل ذلك.
و لو قيل بترجيح الظاهر كان وجها في المسألة ليس بذلك البعيد، إلا أنّ القائل به غير معلوم؛ لكن بعضهم أشار إليه في تعريف المدعي و المنكر حيث إنّ معها الأصل، و معه الظاهر، فهو مدّعي على الأول، و هي على الثاني. و كذا على القول بأنه يخلّى و سكوته، أو يترك لو ترك.
القسم الثالث: ما عمل فيه بالظاهر،
و لم يلتفت إلى الأصل، و له صور:
منها: إذا شكّ بعد الفراغ من الطهارة، أو الصلاة أو غيرهما من العبادات، في فعل من أفعالها، بحيث يترتب عليه حكم، فإنه لا يلتفت إلى الشك، و إن كان الأصل عدم الإتيان به، و عدم براءة الذّمّة من التكليف به؛
______________________________
(1) جواهر الفقه (الجوامع الفقهية): 410.
(2) في «م»: مع.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 305
لكن الظاهر من أفعال المكلفين بالعبادات أن تقع على الوجه المأمور به، فيرجّح هذا الظاهر على الأصل. و للحرج لو أمر بالتحفّظ إلى بعد حين.
و هو مرويّ عندنا صحيحا عن الصادق عليه السلام، أنه قال لزرارة بن أعين: «إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء» «1».
و كذا لو شكّ في فعل من أفعال الصلاة بعد الانتقال منه إلى غيره، و إن كان فيها، لأن الظاهر فعله في محله، مع أن الأصل عدمه، و ليس كذلك الطهارة، و الفارق النص «2»، و إلا لأمكن القول باتحاد الحكم.
و منها: شك الصائم في النية بعد الزوال، فإنه لا يلتفت و إن كان الأصل عدمها، عملا بالظاهر السابق، من عدم إخلاله بالواجب، و لو كان قبل الزوال وجب الاستئناف.
و هذا الفرع في معنى الشك في أفعال الصلاة بعد تجاوز محله، فإنّ محل النية ما قبل الزوال في الجملة.
و يحتمل على السابق: الاكتفاء في عدم الالتفات بالشك فيها بعد الفجر مطلقا، لفوات محلها الاختياري؛ لكن لما أمكن استدراكها في الجملة، وجب على الشاك فيها قبل الزوال التجديد، عملا بالأصل، مع سهولة الحال.
و منها: لو شكّ بعد خروج وقت الصلاة في فعلها، فإنه يبني على الفعل، و لا يجب عليه القضاء، و إن كان الأصل عدم الفعل، بناء على الظاهر من أنّ المكلّف لا يفوّت العبادة في وقتها اختيارا، و هو قريب من السابق.
و منها: لو صلى ثم رأى على ثوبه أو بدنه نجاسة غير معفوّ عنها، و شكّ
______________________________
(1) التهذيب 2: 352 حديث 1459، الوسائل 5: 336 أبواب الخلل الواقع في الصلاة باب 23 حديث 1.
(2) الوسائل 1: 330 أبواب الوضوء باب 42.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 306
هل لحقته قبل الصلاة أو بعدها، و أمكن الأمران، فالصلاة صحيحة، و إن كان الأصل عدم انعقاد الصلاة عليها، و بقاءها في الذّمّة حتى يتيقن صحتها، لكن حكموا بالصحّة، لأن الظاهر صحة إعمال المكلفين و جريانها على الكمال. و عضد ذلك: أنّ الأصل عدم مقارنة النجاسة للصلاة.
و يمكن رجوع المسألة إلى تعارض الأصلين، فيرجّح أحدهما بظاهر يعضده.
هذا إذا أوجبنا على الجاهل الإعادة مطلقا أو في الوقت، و كان يمكن، و إلا سقط الفرع.
و منها: إذا ظنّ دخول الوقت، و لا طريق إلى العلم، لغيم و حبس و نحوهما، فيجوز البناء على الظاهر من الدخول، و إن كان الأصل عدمه.
و منها: ما لو شك في دخول الليل للصائم، حيث لا طريق إلى العلم، فيجوز البناء على الظاهر و الإفطار.
و منها: أن المستحاضة المعتادة ترجع إلى عادتها، و إن لم يكن لها عادة فإلى تمييزها، و إن لم يكن لها عادة و لا تمييز رجعت إلى نسائها، ثم إلى الروايات، على ما فصّل في محله، لأن الظاهر مساواتها لهنّ، و كون ما هو بصفة الحيض حيضا بشرائطه الباقية، مع أن الأصل عدم انقضاء حيضها حينئذ حيث قد علم ابتداؤه، و عدم ابتدائه، و بقاء التكليف بالعبادة حيث لا يعلم.
و منها: امرأة المفقود تتزوج بعد البحث عنه أربع سنين على ما فصّل، لأنّ الظاهر حينئذ موته، و إن كان الأصل بقاءه.
و هل تثبت له أحكام الموتى مطلقا أم للزوجة خاصة؟ ظاهر الأصحاب و الأخبار: الثاني، حتى ورد الأمر بأن الحاكم يطلّقها بعد المدة، ثم
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 307
تعتد بعده.
و وجه الأول: الأمر باعتدادها عدة الوفاة، فلو كان الحكم للطلاق لاعتدّت عدّته، و جاز كون الطلاق احتياطا للفروج.
و أما قسمة ماله، فظاهر الأكثر توقفه على مضيّ مدة لا يعيش مثله إليها عادة، مع ما فيه من الخلاف المشهور، المستند إلى اختلاف الروايات في التحديد.
و منها: إذا ادّعى من نشأ في دار الإسلام من المسلمين الجهل بتحريم الزنا و الخمر و وجوب الصلاة و نحو ذلك، فإنه لا يقبل قوله، لأن الظاهر يكذبه، و إن كان الأصل عدم علمه بذلك. و مثله من يدّعي ما يشهد الظاهر بخلافه، كالجهل بالخيار و عدمه.
و منها: لو ادعت امرأة على رجل أنه تزوجها في يوم معيّن بمهر مسمّى، و شهد به شاهدان؛ ثم ادعت عليه أنه تزوجها في يوم آخر معيّن بمهر معيّن، و شهد به شاهدان، ثم اختلفا، فقالت المرأة: هما نكاحان، فلي المهران، و قال الزوج: بل نكاح واحد تكرر عقده، فالقول قول الزوجة، لأن الظاهر معها.
و كذا لو شهدت بيّنة أنه باعه هذا الثوب في يوم كذا بثمن، و شهدت بيّنة أخرى أنه باعه منه في يوم آخر بثمن، فقال المشتري: هو عقد واحد كررناه، و قال البائع: بل عقدان، فالقول قول البائع، لأن الظاهر معه. و يحتمل تقديم منكر التعدد، لأصالة براءة الذّمّة من الثاني.
و منها: ما لو ادّعى زوجية امرأة، و ادعت أختها زوجيته، و أقاما بيّنة، مع انضمام الدخول إلى بيّنتها، و هي المسألة المشهورة، فالرواية و الفتوى على تقديم قولها، لشهادة الظاهر لها، و هو الدخول
.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 308
و منها: ما لو اختلف البائع و المشتري في نقصان المبيع، و كان المشتري قد حضر الكيل أو الوزن، فإنّ القول قول البائع كما ذكروه، لشهادة الظاهر له من أنّ المشتري إذا حضر الاعتبار يحتاط لنفسه، و إن كان الأصل عدم قبض الجميع. و لو لم يحضر قدّم قوله، عملا بالأصل.
و يمكن رد هذا الفرع إلى تعارض الأصلين مع شهادة الظاهر لأحدهما، بأن يقال: إنّ المشتري عند قبضه للحق و قبل دعواه الاختبار كان يعترف بوصول حقه إليه و قبضه إياه كمّلا؛ فإذا ادّعى بعد ذلك النقصان كان مدعيا لما يخالف الأصل، إذ الأصل براءة ذمة البائع من حقّه بعد قبضه، و يخالف الظاهر أيضا كما قلناه.
و لا يرد مثله لو لم يحضر الاعتبار، لأنه حينئذ لا يكون معترفا بوصول حقه إليه، لعدم اطلاعه عليه، و إنما اعتمد على قول غيره.
و منها: نجاسة البلل الخارج من الفرج إذا لم يستبرئ فإنه يحكم بنجاسته و إن كان الأصل فيما عدا النجاسات العشرة الطهارة، لشهادة الظاهر بأنه من البول إن كان السابق بولا، و من المني إن كان منيا.
و منها: غيبة المسلم بعد نجاسته، أو نجاسة ما يصحبه من الثياب و نحوها، فإنه يحكم بطهره إذا مضى زمان يمكنه فيه الطهارة، عملا بظاهر حال المسلم أنه يتنزّه عن النجاسة في ظاهر مذهب الأصحاب. و من التعليل يظهر اشتراط علمه بها و اعتقاده نجاستها.
و ألحق به بعضهم اعتقاده استحباب التنزّه عنها، و إن لم يعتقد نجاستها، كالمخالف في بعض النجاسات التي لا يحكم بنجاستها، بل يُسن عنده التنزه عنها للخلاف فيها أو غيره.
و منها: إذا شكّ المصلي في عدد الركعات، أو في فعل من الأفعال، و غلب ظنه على فعله، فإنه يبني على وقوعه، عملا بالظاهر؛ و إن
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 309
كان الأصل عدم فعله.
و أما كثير السهو، فإنه و إن حكم بالوقوع المخالف للأصل، إلا أنه لا ظاهر معه يشهد له، و إنما مستند حكمه النص العام برفع الحرج و إرادة اليسر، أو الخاصّ به في الصلاة.
و منها: لو قال: له عليّ ألف درهم و درهم و درهم، و أطلق، فإن الثالث يمكن كونه معطوفا على الثاني، و يمكن كونه تأكيدا، لاتحاد لفظهما مقترنا بالواو؛ لكن الظاهر العطف، و الأصل يقتضي براءة الذّمّة مما زاد على الدرهمين.
و قد رجّحوا هنا الظاهر على الأصل، و حكموا بلزوم الثلاثة. لكن لو قال: أردت التأكيد، قبل، و لزمه درهمان، فرجّحوا هنا الأصل على الظاهر، رجوعا إلى نيته التي لا تعلم إلا منه.
القسم الرابع: ما اختلف في ترجيح الظاهر فيه على الأصل أو العكس،
و هو أمور:
منها: غسالة الحمام، و هو الماء المنفصل عن المغتسلين فيه، الّذي لا يبلغ الكثرة حال الملاقاة. و المشهور بين الأصحاب الحكم بنجاسته، عملا بالظاهر، من باب مباشرة أكثر الناس له بنجاسة «1». و مستنده مع ذلك رواية مرسلة ضعيفة السند عن الكاظم عليه السلام «2».
و قيل: يرجح الأصل، لقوته؛ مع معارضة تلك بأخرى مرسلة مثلها
______________________________
(1) السرائر 1: 90، المعتبر 1: 92، المختصر النافع 1: 2، و إرشاد الأذهان 1: 238، و انظر مفتاح الكرامة 1: 97.
(2) الكافي 3: 14 باب الحمام حديث 1، التهذيب 1: 373 حديث 1143، الوسائل 1: 158 أبواب الماء المضاف باب 11 حديث 1، 3.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 310
عنه عليه السلام، بنفي البأس عما يصيب الثوب منها «1» «2» و هذا هو الظاهر.
و منها: طين الطريق إذا غلب على الظن نجاسته، فإن الظاهر يشهد بها، و الأصل يقتضي الطهارة. و المشهور: الحكم بطهارته «3». لكن ذهب العلامة في النهاية إلى العمل بالظن الغالب هنا، عملا بالظاهر «4».
و منها: ما بأيدي المخالفين من الجلد و اللحم، فالمشهور بين الأصحاب أنه طاهر مطلقا، ما لم نحكم بكفر من بيده منهم «5». و به نصوص كثيرة «6» مؤيدة بظاهر حال المسلم من تجنبه للمحرم و النجس و الميتة.
و قيل: يحكم بنجاسته، لأصالة عدم التذكية، مع عدم اشتراطهم لجميع ما نشترطه من الأمور المعتبرة في التذكية، كالتسمية و القبلة، و استحلالهم لجلد الميتة بالدبغ «7»، و يعضده أيضا ظاهر حالهم في ذلك.
و منها: لو سمع مصليا يلحن في صلاته، أو يترك آية، أو كلمة، و كان المصلي من أهل المعرفة بالقراءة، بحيث يظهر أنه ما فعل ذلك إلا سهوا، ففي وجوب تنبيهه عليه وجهان: من أصالة عدم معرفته بذلك على الوجه المجزي، فيجب تعليمه؛ و دلالة ظاهر حاله على كونه قد ترك ذلك سهوا، و الحال أنه غير مبطل للصلاة، فلا يجب، كما لا يجب تنبيهه على السهو، و إن استحب،
______________________________
(1) منتهى المطلب 1: 25.
(2) الكافي 3: 15 حديث 4، الفقيه 1: 12 حديث 17، التهذيب 1: 379 حديث 1143، الوسائل 1: 154 أبواب الماء المضاف باب 9 حديث 9.
(3) منتهى المطلب 1: 180.
(4) نهاية الأحكام 1: 276.
(5) المقنعة: 580، النهاية: 582، المعتبر 2: 78، شرائع الإسلام 3: 741، تحرير الأحكام 2: 159.
(6) الوسائل 2: 1071 أبواب النجاسات باب 50.
(7) المنتهى 1: 226، التذكرة 1: 94.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 311
معتضدا بأصالة البراءة من وجوب تنبيهه، و هذا هو الأظهر.
و لو احتمل في حقه الجهل بذلك وجب تعليمه، لتطابق الأصل و الظاهر، أو عدم معارضة غير الأصل له، فيعمل عمله؛ مع احتمال عدم الوجوب أيضا، نظرا إلى الاحتمال مع أصالة البراءة.
و منها: لو غمّت الشهور فقيل: يعمل في كل شهر بالأصل، و هو التمام، فيعد كل ما اشتبه ثلاثين «1».
و قيل: يرجع إلى العدد، و هو عدّ خمسة أيام من هلال الماضية؛ أو عدّ شهر تاما و شهر ناقصا، عملا بالظاهر من نقصان بعض الأشهر و تمام بعض «2»، و هو الأقوى.
و منها: الجلد المطروح في بلاد الإسلام إذا ظهرت عليه قرائن التذكية، كما لو كان جلدا لبعض كتبنا التي لا تتداولها أيدي الكفار عادة، فالأصل يقتضي عدم تذكيتها، و الظاهر يقتضيها؛ و في تقديم أيّهما وجهان، و المشهور الأول «3».
و منها: إذا قال: أحلتك عليه، فقبض، فقال المحيل: قصدت الوكالة، و قال المحتال: إنما أحلتني بما عليك، فالأصل يقتضي براءة ذمة المحيل من حق عليه للمحتال؛ و الظاهر مع المحتال، لأن ظاهر لفظ الحوالة إرادة معناها، لا معنى الوكالة، و إن جاز إطلاقها عليها، من حيث إن الوكالة من العقود الجائزة، يكفي فيها ما دلّ على الإذن فيما وكّل فيه، و لفظ الحوالة صالح له.
و قد اختلف في تقديم قول أيّهما، و المشهور تقديم قول المحيل، لأنه أعرف بقصده.
______________________________
(1) شرائع الإسلام 1: 148.
(2) المبسوط 1: 268، قواعد الأحكام 1: 69.
(3) تحرير الأحكام 2: 152، الذكرى: 143.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 312
و منها: لو أقرّ لحمل، فولد لأقصى الحمل فما دون إلى ستة أشهر، و كانت المرأة خالية من زوج أو مولى، فإن الظاهر وجوده حال الإقرار، و الأصل يقتضي عدمه.
و قد اختلف الأصحاب و غيرهم في تقديم أيّهما على الآخر، و المشهور تقديم الظاهر. و مثله ما لو أوصى له بشيء.
و منها: لو اختلف المتعاقدان ببيع و غيره في بعض شرائط صحته، كما لو ادعى البائع أنه كان صبيا أو غير مأذون له أو غير ذلك، و أنكر المشتري، فالقول قوله على الأقوى، و إن كان الأصل عدم اجتماع الشرائط، عملا بظاهر حال المسلم من إيقاعه العقد على وجه الصحة. و كذا القول في الإيقاعات. و يمكن ردّه إلى تعارض الأصلين، و قد تقدم.
و منها: اختلاف الزوجين في أصل المهر، و لا بيّنة، فإنّ الأصل يقتضي براءة ذمته مما زاد عما يعترف به، و الظاهر يشهد لها بمهر المثل. و في ترجيح أيّهما خلاف، فالمشهور تقديم قول الزوج.
و الأقوى عندي التفصيل، فإن كان النزاع قبل الدخول فالقول قوله، لأصالة عدم التسمية و براءة ذمته، و إن كان بعده يعارض ما ذكر مع أصالة ثبوت عوض للبضع المحترم، و أنّ عدم التسمية يوجب مهر المثل مع الدخول، و الأصل عدم سقوطه، و الظاهر يشهد به أيضا، فيرجح قولها في مهر المثل بيمينها.
و يمكن ردّ هذه المسألة إلى تعارض الأصلين مع شهادة الظاهر لأحدهما.
هذا كله إذا لم يمكن تعلّق المهر بذمة غير الزوج، فلو أمكن فقيل: القول قوله في نفيه مطلقا، إذ لا معارض لأصالة براءة ذمته؛ و ذلك بأن يكون صغيرا قد زوّجه أبوه، أو عبدا زوّجه مولاه، على خلاف هنا أيضا ناشئ من تعارض
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 313
الأصل و الظاهر أو أنه فرد نادر فلا يلتفت إليه، أو أنّ أصالة عدم التسمية توجب مع الدخول مهر المثل على الزوج، فيأتي هنا أيضا، و هذا متجه.
و لو كان اختلافهما في القدر مع اتفاقهما على التسمية فالقول قوله مطلقا، عملا بالأصل.
و لو كان النزاع بين ورثة أحدهما و الآخر، أو ورثته، فكالاختلاف بين الزوجين، فيستفسران حين يطلقان الدعوى.
و لو قالا؛ أو وارث «1» الزوج: لا ندري، فإشكال، لتعارض الأصلين، و شهادة الظاهر بمهر المثل، مع أصالة عدم المسقط، و المشهور السابق آت هنا.
و منها: إذا أسلم الزوجان قبل الدخول، و قال الزوج: أسلمنا معا، فنحن على نكاحنا، و قالت الزوجة: بل على التعاقب، فلا نكاح، فوجهان:
أحدهما: القول قول الزوج، لأن الأصل معه، لأصالة عدم تقدم كل منهما، فيلزم الاقتران.
و الثاني: القول قول الزوجة، لأن الظاهر معها، إذ وقوع إسلامهما معا في آن واحد نادر، و الظاهر خلافه.
و منها: إذا خلا بامرأته خلوة تامة، ثم اختلفا في الدخول، فأنكره، تعارض هنا الأصل و هو عدم الدخول، و الظاهر و هو الدخول بالحليلة عند الخلوة بها أولا «2». و قد اختلف الأصحاب في تقديم أيّهما، و الأشهر تقديم قوله، عملا بالأصل.
و منها: لو قال المقرّ: له عليّ شيء أو حق، و فسّرهما برد السلام، و العيادة، و تسميت العاطس، فإن الأصل يقتضي براءة ذمته من غير ذلك، و الظاهر يشهد بخلافه، لأن مثل ذلك لا يعدّ حقا و شيئا في معرض الإقرار،
______________________________
(1) في «م»: لوارث
(2) كذا في النسخ.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 314
و العرف يأباه.
و قد اختلف في تقديم أيهما، و الأقوى تقديم الثاني لما ذكر، و لأن المتبادر منه الحق الّذي يثبت في الذّمّة بقرينة «عليّ» و هذه الأشياء لا تثبت في الذّمّة.
و ما روي «أن للمسلم على المسلم ثلاثين حقا: يرد سلامه، و يسمّت عطسته» إلى آخره «1» مع تسليم سنده لا يقتضي استقراره في الذّمّة.
و فرّق بعضهم: بين الشيء و الحق، فقبل تفسيره بهذه الأمور في الثاني دون الأول، نظرا إلى ظاهر الخبر.
و يشكل: بأن الشيء أعم من الحق، فكيف يقبل تفسير الأخص بما لا يقبل به تفسير الأعم.
و منها: لو قال: له عليّ أكثر من مال فلان، ثم تأوله بأن قال: مال فلان حرام أو شبهة أو عين، و الحلال و الدين أكثر نفعا من ضديهما، فالأصل يقتضي براءة ذمته من غير ما يعترف به، و الظاهر يشهد بخلافه، و أنّ المراد الكثرة المقدارية. و في تقديم أيّهما قولان، أجودهما تقديم الظاهر.
و منها: ما لو ادعى اللقطة مدع، و عرّفها بأوصاف تخفى على غير مالكها غالبا، فالظاهر [يقتضيه و الأصل] «2» يقتضي عدمه، و في تقديم أيهما قولان، أشهرهما جواز دفعها إليه حينئذ و إن لم يجب، و منعه ابن إدريس للأصل «3».
و منها: لو وجد على اللقطة- الكنز و نحوه- أثر الإسلام، و هو في بلاد الإسلام، فإن المشهور بين الأصحاب كونه لقطة، لشهادة الظاهر بسبق «4» يد
______________________________
(1) الوسائل 8: 550 أبواب أحكام العشرة باب 22 حديث 24، نقلا عن كنز الفوائد.
(2) أضفناه لاقتضاء السياق.
(3) السرائر 2: 111.
(4) في «د»: لسبق.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 315
المسلم فتستصحب «1».
و قيل: يكون لواجده، لأصالة عدم ملك المسلم و عدم دلالة الأثر على يد المسلم قطعا، لجواز وقوعه من غيره «2».
هذا إذا وجد في خربة باد أهلها، أو أرض غير مملوكة.
و مثله الموجود في جوف سمكة و دابة ملكت بالاصطياد، لعدم توجه القصد بحيازتها إلى تملك ما لم يشاهد في بطنها، مما لا يخطر بالبال غالبا، و لأصالة عدم تملّكه؛ بخلاف المملوكة لغيره، مما لا يتوقف على القصد إلى التملك. و بهذا يظهر عدم الفرق بين السمكة و المملوكة، فإن كلا منهما قد يملك بالحيازة و بغيرها.
و منها: ما لو ادعي على الحاكم المعزول القضاء بشهادة فاسقين، قيل:
يكلّف «3» البينة، لاعترافه بنقل المال، و ادعائه مزيل الضمان «4». و قيل: يقبل قوله بيمينه، لأن الظاهر من الحكام الاستظهار في حكمهم، فيرجح الظاهر «5»، و هو أقوى.
و منها: لو حاسب وكيل الحاكم أمناء المعزول، فادعى واحد منهم أنه «6» أخذ شيئا أجرة قدّرها له المعزول، لم يقبل و إن صدّقه المعزول، لكن هل يقبل قوله في قدر أجرة المثل «7»؟ وجهان:
______________________________
(1) المبسوط 1: 236، الشرائع 1: 134، الإيضاح 1: 216.
(2) الخلاف 2: 122، السرائر 1: 487.
(3) أي: الحاكم المعزول.
(4) المبسوط 8: 103.
(5) الشرائع 4: 867، و حكاه الشيخ في المبسوط 8: 103.
(6) في «د»: إني، و في «م»: أن.
(7) يعنى: بمقدار أجرة المثل.
تمهيد القواعد الأصولية و العربية، ص: 316
أحدهما: لا، لأنه مدع و الأصل عدم استحقاقه.
و الثاني: نعم، لأن الظاهر أنه لا يعمل مجانا، و قد فاتت منافعه، فلا بدّ من عوض.
و منها: لو قذف مجهول النسب و ادعى رقّه، و أنكر المقذوف، فهل يحدّ؟ فيه قولان، لأن الأصل عدم لزوم الحد، و الأغلب على الناس الحرية، فكانت أظهر.
و يمكن ردّه إلى تعارض الأصلين، بناء على أنّ الأصل في الناس الحرية، و يكون الظاهر عاضدا له. و هذا هو الأقوى، و لكن يعزر «1» القاذف مطلقا.
________________________________________
عاملى، شهيد ثانى، زين الدين بن على، تمهيد القواعد الأصولية و العربية، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامى حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1416 ه ق
نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية ؛ النص ؛ ص64
(و منها) عدم الالتفات لو تيقن الطهارة و شك في الحدث. و قال بعض العامة: يتطهر، لأن الصلاة ثابتة في ذمته يقينا، فلا تزول إلا بيقين الطهارة. و يرد عليه الخبر السالف، و هو قوله صلى الله عليه و آله و سلم
إن الشيطان ليأتي أحدكم
إلى آخره1. و لو تيقن الحدث و شك في الطهارة أعاد، و كذا يعيد الصلاة بالشك في الركعتين الأولتين أو الثنائية الثلاثية، لأنه مخاطب بالصلاة يقينا، و لا يقين بالبراءة هنا إلا بإعادتها و لزوم الاحتياط لو شك في غير ذلك. فإن فيه مراعاة البناء على الأصل و من عدم الإتيان بالزائد، و وجود أداء الزكاة و الخمس لو شك في
ص: 65
أدائهما، و سقوط الوجوب لو شك في بلوغ النصاب، و صحة الصوم لو شك في عروض المفطر، و صحة الاعتكاف لو شك في عروض المبطل. و كذا الشك في أفعال الحج بعد الفراغ منها، و عدم قتل الصبي الذي يمكن بلوغه، و دعوى المشتري العيب أو تقدمه، و دعوى الغارم في القيمة. و قد يتعارض الأصلان، كدخول المأموم في صلاة، فشك هل كان الإمام راكعا أو رافعا. و لكن يتأيد الثاني بالاحتياط. و كالشك في العبد الغائب2 فتجب فطرته أو لا و يجوز عتقه في الكفارة أو لا، و الأصح ترجيح البقاء على أصل البراءة كاختلاف الراهن و المرتهن في تخمير العصير عند الراهن أو بعده، لإرادة المرتهن فسخ البيع المشروط به، فالأصل صحة البيع و الأصل عدم القبض الصحيح. لكن الأول أقوى، لتأيده بالظاهر من صحة القبض. و كذا لو كان المبيع عصيرا، و كذا لو اختلف البائع و المشتري في تغير المبيع، و هو مما يحتمل تغيره، فالأصل عدم التغير، و صحة البيع و الأصل عدم معرفة المشتري بهذه الصفة التي هو عليها الآن، فإن حاصل دعوى البائع أن المشتري علمه على هذه الصفة، و يتأيد هذا بأصالة عدم وجوب الثمن على المشتري إلا بما يوافق عليه و يقوى إذا كان دعوى المشتري حدوث عيب في المبيع بعد الرؤية و قال البائع كان حاصلا حال الرؤية، لأن الأصل عدم تقدم العيب على الزمان الذي يدعي المشتري حدوثه فيه. أما لو ادعى المشتري اشتماله على صفة كمال حال الرؤية كالسمن و الصنعة و هو مفقود الآن و أنكر البائع اشتماله عليها، فإنه يترجح البائع لأصالة عدم تلك الصفة.
، ص: 66
و لو تسلم المستأجر العين و ادعى على المؤجر أنه غصبها من يده و أنكر المؤجر، فهنا أصلان: عدم الغصب، و عدم الانتفاع. و يؤيد الأول أن الأجرة مستحقة بالعقد و الأصل بقاؤها. و لو شك في وقوع الرضا بعد الحولين أو قبله تعارضا. و رجح الفاضل الحل، و يشكل بأغلبية الحرام على الحلال عند الاجتماع. و لو شك في حياة المقدود بنصفين تعارضا، و تقديم أصل الحياة قوي. و ربما فرق بعضهم بين كونه في كفن و شبهه و بين ثياب الأحياء. و هو خيال ضعيف، لأن الميت قد يصاحب ثياب الأحياء و الحي قد يلبس ثياب الموتى، و خصوصا المحرم. و منه اختلاف الزوجين في التمكين أو النشوز أو تقديم الحمل على الطلاق في صور منتشرة
و هنا فوائد:
(الأولى) قد يستثنى من تغليب اليقين على الشك مسائل:
" أ" المتحيرة تغتسل عند أوقات الاحتمالات، و الأصل عدم الانقطاع. و فيه نظر.
" ب" لو أنمى3 صيده حرم، مع أصالة عدم حدوث سبب آخر.
" ج" يجب غسل جميع الثوب و البدن لو علم إصابة النجاسة موضعا و جهل تعيينها، مع أصالة الطهارة في غير ذلك الموضع.
ص: 67
" د" لا يلتفت الشاك بعد الفراغ من العبادة، مع أن الأصل عدم الفعل.
" ه" من فاته صلاة واحدة تجب ثلاث مع أصالة البراءة.
(الثانية) قد يعارض الأصل ظاهر،
ففي ترجيح أحدهما وجهان، و صوره كثيرة:
1 غسالة الحمام، و رجح فيها الأصحاب الظاهر، و هو النجاسة.
2 ثياب مدمن الخمر و شبهه و طين الطريق، و رجح فيه الأصحاب الطهارة و ربما فرق بين طريق الدور و الطريق في الصحاري.
3 لو تنازع الراكب و المالك في الإجارة و العارية بعد انقضاء مدة، ففيه وجهان. و ترجيح قول المالك أقوى، لأن الظاهر يقتضي الاعتماد على قوله في الإذن فكذا في صفته، أي الإجارة و الإعارة. كما تقدم قوله لو ادعى الغصب فهو من باب ترجيح الظاهر، و لأن الأصل له فالظاهر أن المنفعة له.
4 لو تنازع القاذف و المقذوف في الحرية و الرقية، فالأقرب ترجيح الظاهر، لأنه الأغلب في بني آدم، مع إمكان أن تجعل معتضدة بأصالة الحرية.
5 لو تنازع الزوجان بعد ردتها في وقت الإسلام، فالظاهر ترجيحها، فيجب النفقة. و يحتمل ترجيح دعوى الزوج، لأصالة البراءة من النفقة بعد الردة و أصالة عدم تقدم الإسلام. و الظاهر بقاء ما كان على ما كان.
6 الاختلاف في شرط يفسد العقد، فيرجح فيه جانب الظاهر على أصالة عدم صحة العقد و عدم لزوم الثمن، و كذا في فوات الشرط في الصحة.
7 ربما جعل حيض الحامل من هذا الباب، لأن الظاهر أنه دم علة، و الأصل السلامة و الظاهر الغالب عدم حيض الحبلى، فيكون لعلة، و هو ضعيف.
ص: 68
8 إذا تمعط4 شعر الفأرة في البئر فنزحت حتى غلب على الظن خروجه فإنه يحكم بطهارة الماء و إن كان الغالب أنه يبقى شيء، ترجيحا للأصل.
9 قطع لسان الصغير يرجح فيه الظاهر، و هو الصحة.5
**************************************
فرائد الاصول، ج 3، ص 323
و كيف كان، فاليد على تقدير كونها من الاصول التعبّديّة أيضا مقدّمة على الاستصحاب و إن جعلناه من الأمارات الظنّيّة؛ لأنّ الشارع نصبها في مورد الاستصحاب. و إن شئت قلت: إنّ دليلها أخصّ من عمومات الاستصحاب
هذا، مع أنّ الظاهر من الفتوى و النصّ الوارد في اليد- مثل رواية حفص بن غياث - أنّ اعتبار اليد أمر كان مبنى عمل الناس في امورهم و قد أمضاه الشارع، و لا يخفى أنّ عمل العرف عليها من باب الأمارة، لا من باب الأصل التعبّديّ.