بسم الله الرحمن الرحیم

قیاس نزد اهل سنت

القواعد الفقهیة و الاصولیة

قياس در شرع









الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 91)
قياس

التعريف:
1 - القياس في اللغة: تقدير شيء على مثال شيء، وتسويته به، لذلك سمي المكيال: مقياسا، يقال: فلان لا يقاس على فلان: لا يساويه.
أما في الاصطلاح فقد اختلف علماء الأصول فيه، حتى قال إمام الحرمين: يتعذر الحد الحقيقي في القياس؛ لاشتماله على حقائق مختلفة، كالحكم، والعلة، والفرع والجامع.
وعرفه المحققون بأنه: مساواة فرع لأصل في علة الحكم أو زيادته عليه في المعنى المعتبر في الحكم، وقيل: حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بجامع حكم أو صفة أو نفيهما (1) .
__________
(1) القاموس المحيط، والبحر المحيط 5 / 7، وإرشاد الفحول ص181، والتحصيل في المحصول 2 / 155، ومنهاج الوصول في علم الأصول شرح الإسنوي 3 / 3.


الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 91)
أركان القياس:
2 - لا تتم ماهية القياس، إلا بوجود أركانه: وهي أربعة:
أ - الأصل: وهو محل الحكم المشبه به.
ب - والفرع: وهو المشبه.
ج - والحكم: وهو ما ثبت بالشرع في الأصل كتحريم الخمر.
د - والعلة: وهو الوصف الجامع بين الأصل والفرع (1) .
أما شروط كل ركن من هذه الأركان، وآراء العلماء فيرجع في ذلك إلى الملحق الأصولي.

الأحكام المتعلقة بالقياس:
حجية القياس:
3 - لا خلاف بين العلماء في أن القياس حجة في الأمور الدنيوية كالأغذية، والأدوية.
أما القياس الشرعي إذا عدم النص والإجماع فقد ذهب جمهور أئمة الصحابة، والتابعين، وجمهور الفقهاء والمتكلمين إلى أن القياس الشرعي أصل من أصول التشريع، يستدل به على الأحكام التي لم يرد بها السمع، ونقل عن أحمد: لا يستغني أحد عن القياس (2) .
__________
(1) إرشاد الفحول ص204، والبحر المحيط 5 / 83.
(2) البحر المحيط 5 / 16، التحصيل في المحصول 2 / 159 وما بعده، إرشاد الفحول ص 185 وما بعده.


الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 92)
ما يجري فيه القياس:
4 - اختلف العلماء في جريان القياس في بعض الأمور، كالأسباب والكفارات والمقدرات التي لا نص فيها ولا إجماع وغير ذلك.
فذهب أصحاب أبي حنيفة، وجماعة من الشافعية، وكثير من علماء الأصول، إلى أنه لا يجري القياس في الأسباب.
وذهب أكثر الشافعية، إلى أنه يجري فيها.
ومعنى القياس في الأسباب أن يجعل الشارع وصفا سببا لحكم، فيقاس عليه وصف آخر، فيحكم بكونه سببا.
كما اختلفوا في جريانه في الحدود والكفارات، والمقدرات التي لا نص ولا إجماع فيها، فمنعه الحنفية وجوزه غيرهم (1) .
والتفصيل في الملحق الأصولي.
__________
(1) إرشاد الفحول ص207 - 208، التحصيل في المحصول 2 / 243، والبحر المحيط 5 / 51، منهاج الوصول في علم الأصول مع شرح الإسنوي 3 / 41 وما بعده.











الأصل للشيباني ط قطر (مقدمة/ 205)
و- القياس
1 - مكانة القياس في المذهب الحنفي
تتردد كلمة القياس بكثرة في الأصل. وهو أكثر الأدلة استعمالاً في الكتاب. ويدل كثرة استعمال لفظ القياس وما اشتق من نفس المصدر على كون المذهب الحنفي الممثل الرئيسي لمدرسة أهل الرأي. من ناحية أخرى فإن هذا الاستعمالك الكثير يوضح الانتقادات التي وجهها أهل الحديث إلى الحنفية وأبي حنيفة خصوصاً في موضوع القياس. فالقياس هو أساس الفقه الحنفي. يدور الفقه الحنفي حول محور القياس وتُصنَّف المسائل بالنظر إليه. لا شك أن النصوص هي المصادر الأساسية للفقه الحنفي، لكن هذا الفقه ينظر إلى القواعد العامة والعلل المستنبطة من النصوص بمجموعها على أنها أساس الفقه. فالقياس عندهم هي عملية إعمال النظر والفكر في ضوء النصوص وفي الإطار الذي ترسمه النصوص.

2 - المصطلحات
يستعمل الشيباني كلمة القياس وما اشتق من مصدر "قيس" من الأفعال للتعبير عن هذا الدليل. وبعض التعابير المستعملة في إفادة القياس يمكن أن تسرد كما يلي: في القياس (2)، القياس في هذا أو في ذلك ونحوه (3)، على القياس (4)، قياس هذا (5). كذلك تستعمل الأفعال مثل قاس، قستُ، قسنا، نقيس، يقاس، تقاس (1).
وقد استعملت ألفاظ أخرى لإفادة القياس. فمن ذلك لفظ "بمنزلة". فمثلاً يقيس الشيباني النفخ بالفم في الصلاة على الكلام ويحكم بفساد صلاة من يفعل ذلك قائلًا: "هذا بمنزلة الكلام" (2). وقوله: "بمنزلة" أي في نفس المعنى أو الحكم. يعني أن الأمرين في نفس المستوى من حيث العلة. ويستعمل للتعبير عن القياس ألفاظ أخرى مثل "هما سواء"، "هذا سواء"، والجمل التي تحتوي على لفظة "سواء". وهذا اللفظ يفيد كون الأصل والفرع مستويين من حيث العلة والحكم (3). وفي بعض المواضع يقيس مستعملاً كلمة "مثل" أو كاف التشبيه (4).
تمر كلمة "العلة" في موضع واحد فقط (5). وهذا يدل على أن الكلمة لم تصبح مصطلحاً بعد. وتبدأ الجمل التي تبين العلة أو المقيس عليه بألفاظ "لأن"، "ألا ترى"، "مِن قِبَلِ" ونحوها (6). وتستعمل عبارات "لا يشببه"، "ليس يشبه" لبيان الفرق بين مسألتين وأنه لا يمكن قياس أحدهما على الآخر. ويكثر استعمالها لإيضاح الفرق بين المسائل التي يظن أنها متشابهة فيما بينها وهي ليست كذلك (7). وهناك تعبير آخر مستعمل في نفس المعنى وهي "ليس سواء" (8).
وللإشارة إلى قياس الأَوْلى تستعمل ألفاظ مثل: "أشد، أعظم، أولى" ونحو ذلك مما يفيد التفضيل والترجيح (1). وفي موضع آخر استعمل فعل "عدّيتم" من مصدر التعدية (2). وقد استعملت كلمة التعدية في تعريف القياس فيما بعد عند الأصوليين (3). وفي معنى الاعتراض على القياس وإيراد المسائل التي تخالف قياساً ما لبيان فساد ذلك القياس فإنه يستعمل كلمة "يدخل" وما يشبهها (4).
وقد استعمل القياس مع كلمة "النظر" حيث يقول: "السنَّة والآثار في هذا معروفة مشهورة لا يحتاج معها إلى نظر وقياس " (5). وبالنظر إلى أمثلة أخرى أيضاً يتبين أن كلمة النظر تستعمل بمعنى الاجتهاد والفكر الفقهي (6). وقد استعمل كلمة القياس في الأصل في بعض المواضع بمعنى قياس الأصول، أي القواعد العامة. فمثلاً العمل باليقين وعدم الالتفات إلى الشك الطارئ عليه والمعبر عنه بقاعدة "اليقين لا يزول بالشك" قد سمي قياساً (7).

3 - فائدة القياس
إن القياس الذي يستعمل في الأصل في معنى أوسع من معناه الاصطلاحي المتأخر يعمل كآلية لتحقيق الانسجام الداخلي والترابط والتناسق بين فروع المذهب، فبواسطته تترابط الفروع لتشكل نسقاً واحداً منتظماً، وتُنقح المسائل وُيقرر ما يقبل من المسائل وما لا يقبل. ولذلك ترى في مواضع كثيرة من الكتاب عبارات مثل: "ينبغي في القياس" ونحو ذلك (8).
فمثلاً المقيم إذا مسح على الخفين ثم سافر قبل تمام يوم وليلة فإن مدة المسح تمتد إلى ثلاثة أيام، وقياساً على هذا لتحقيق التناسق بين الفروع قيل بأن المسافر إذا مسح على الخفين ثم أقام قبل تمام ثلاثة أيام ولياليها فإن مدة المسح تنقص إلى يوم وليلة (1). وترى في مواضع كثيرة من الكتاب أن موضوعًا ما يتم بيانه عن طريق إيضاح مسألة معينة ثم يتم بيان علتها ثم يقال بأنه يمكن القياس على هذه المسألة باتباع العلة المذكورة. ويتم التعبير عن ذلك بقوله: "وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه" (2)، "وعلى هذا جميع هذا الباب وقياسه" (3)، "وعلى هذا جميع هذا القول وقياسه" (4)، ونحو ذلك.

4 - أركان القياس
إن أركان القياس التي هي الأصل والفرع والعلة والحكم تكون واضحة مذكورة في بعض المواضع، لكن بدون استعمال هذه المصطلحات أي الأصل والفرع وما إلى ذلك (5).
ففي كثير من المواضع لا يذكر الأصل المقيس عليه، ويذكره في بعض المواضع. فمثلاً يقيس جواز الاحتكام إلى الحكمين في حل الخلافات عمومًا على جواز الاحتكام إلى الحكمين في حل الخلافات الزوجية المذكور في الآية الكريمة (6). ويتم تعليل الحكم في مواضع كثيرة (7). وقد تم تعيين مسافة قصر الصلاة للمسافر بثلاثة أيام قياساً على الحديث القائل: "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها محرم" (8). وأشار في موضع إلى إمكان القياس

__________
(1) أصول السرخسي، 2/ 114؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 3/ 135.
(2) الأصل للشيباني، 1/ 185 ظ، 203 ظ.
(3) الأصل للشيباني، 1/ 194 و.
(4) الأصل للشيباني، 1/ 194 ظ.
(5) الأصل للشيباني، 1/ 197 ظ.