بسم الله الرحمن الرحیم

کلمات المولی السید حسین البروجردی صاحب تفسیر الصراط المستقیم در حجیت ظواهر کتاب

القواعد الفقهیة و الاصولیة




ملخص الکلام


کلمات ایشان

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 91
الفصل الخامس‏
في حجية القرآن و الاستدلال بظواهره في الأصول و الفروع اعلم أن جمهور أهل العلم من الفرق كلها على حجيته، و الرجوع اليه و التمسك بمحكماته في جميع العلوم و كافة الفنون من الأصول و الأحكام و الحكم و المواعظ، و القصص، و الوعد، و الوعيد، و غيرها، و كان الأمر مستمرا على ذلك في زمن النبي صلى الله عليه و آله و الأئمة الطاهرين عليهم السلام بلا نكير منهم في الرجوع الى محكماته، و كانت الأمة تفزع اليه في إثبات مذاهبها المختلفة التي قد يعد الإعتقاد بها من الأصول فضلا عن رجوعهم اليه في الفروع، و لم يزل الأمر على ذلك الى أن حدث بعض المحدثين فأحدثوا القول بعدم جواز الرجوع اليه في شي‏ء من الأحكام، بل منهم من منع فهم شي‏ء منه مطلقا حتى المحكمات مثل قوله تعالى: فاعلم أنه لا إله إلا الله، و قل هو الله أحد، و نحوهما إلا بتفسير من أصحاب العصمة عليهم السلام، و فصل بعضهم بين النص و الظاهر.
و مذهب جمهور متأخريهم أن كله متشابه بالنسبة إلينا و لا يجوز أخذ شي‏ء من الأحكام منه بل لا يجوز تفسير شي‏ء من آياته إلا بعد ورود بيانه و تفسيره عن أهل البيت عليهم السلام دون النبي صلى الله عليه و آله فإن الأخبار النبوية أيضا عند كثير
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 92
منهم كالكتاب لا يجوز الرجوع إليه إلا بعد ورود بيانه في اخبار الأئمة عليهم السلام حسبما تسمع اليه الإشارة.
و ذكر بعضهم و هو المحدث الحر العاملي قدس الله نفسه «1» إن لنا أن نستدل بالقرآن و لا يلزم التناقض لوجهين:
أحدهما أنه دليل إلزامي للخصم لأنه يعتقد حجية تلك الظواهر مطلقا.
و ثانيهما وجود النصوص المتواترة المخالفة للتقية الموافقة لتلك الظواهر
__________________________________________________
 (1) شيخ المحدثين العالم الفقيه المتبحر الورع الشيخ الحر العاملي محمد بن الحسن بن علي صاحب الرسائل الذي من على جميع أهل العلم بتأليف هذا الكتاب الشريف و الجامع المنيف الذي هو كالبحر ولد في 8 رجب سنة 1033 قرء على أبيه و عمه و جده لأمه و خال أبيه و غيرهم في مشقر «من جبل عامل بسورية» و جبع و أنتقل بعد أربعين سنة إلى العراق و انتهى إلى طوس بخراسان و اتفق مجاورته بها حتى توفي سنة 1104 ه له غير الوسائل تصانيف قيمة آخر منها «أمل الآمال في ذكر علماء جبل عامل» و «الجواهر السنية في الأحاديث القدسية» و «رسالة في رد الصوفية» و «رسالة في تواتر القرآن» و «إثبات الهداة بالنصوص و المعجزات» و «أرجوزة في الإرث» و «أرجوزة في الإرث» و «أرجوزة في الهندسة» و له ديوان فيه نحو عشرين ألف بيت منها في نظم‏
الحديث القدسي الذي رواه المسعودي في كتاب أخبار الزمان، إن الله تعالى أوحى الى إبراهيم عليه السلام: إنك لما سلمت مالك للضعيفان و ولدك للقربان و نفسك للنيران و قلبك للرحمن اتخذناك خليلا

:          فضل الفتى بالجود و الإحسان             و الجود خير الوصف للإنسان‏


         أو ليس إبراهيم لما أصبحت             أمواله وقفا على الضيفان‏


         حتى إذا أفنى اللهى أخذ أبنه             فسخى به للذبح و القربان‏


         ثم ابتغى النمرود إحراقا له             فسخى بمهجته على النيران‏


         بالمال جاد و بابنه و بنفسه             و بقلبه للواحد الديان‏


         أضحى خليل الله جل جلاله             ناهيك فضلا خلة الرحمان‏


         صح الحديث به فيا لك رتبة             تعلو بأخمصها على التيجان‏


توفي الحر العاملي في يوم (21) رمضان سنة 1104 في المشهد المقدس بخراسان.
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 93
فاستدلالنا في الحقيقة بالكتاب و السنة معا، و لا خلاف في وجوب العمل بهما.
و على كل حال فالحق الذي لا محيص عنه هو حجية ما كان منه محكما متضح الدلالة، و لو من جهة الظهور العرفي الذي يفهمه أهل اللسان و يدل عليه بوجوه:
منها الإجماع القطعي على ذلك المنعقد من أصحاب النبي صلى الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام المستمر في جميع الأعصار و الأمصار قبل ظهور الخلاف من بعض الأخباريين، بل الظاهر اتفاق قاطبة المسلمين من أهل الفرق و المذاهب كلها على التمسك بظواهره، و الأخذ بمحكماته، و الاستدلال بها في المقاصد الدينية، و الأحكام الشرعية، و المواعظ و القصص حتى في أصول عقائدهم من العدل و الكلام، و القدرة و الإختيار، و المعاد، و الجنة و النار و الحساب و الثواب و العقاب و نحوها، بل في إثبات صحة مذاهبهم كعصمة الإمام و تعيينه و لم يعهد من أحد منهم المناقشة فيه بعدم حجية الكتاب، و أنه لا عبرة بظواهره.
و الالتزام بورود نص مفسرا له في كل ما استدلوا به تكلف جدا، بل لعله مقطوع العدم، كظهور عدم اعتبارهم على ذلك النص على فرض وروده قبل تعيين المذهب.
ثم منهم من لا يعمل بأخبار الآحاد، و كثير منهم من لا يقول بحجيتها في أصول العقائد فمن أين كان سكونهم الى ذلك الخبر، و لم لم يقتصروا في الاستدلال على خصوص الآيات المفسرة في الإخبار.
و يؤيده استقرار الأمر من الخاصة و العامة خلفا عن سلف على تفسير الآيات قراءة و كتابة من دون الاقتصار على خصوص ما ورد من النبي و الأئمة عليهم السلام في كل آية من الآيات إلا في خصوص الكلمات و الآيات المعدودة عندهم‏

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 94
في المتشابهات، بل تراهم يعدون المروي عنهم فيها أحد الوجوه، و يتصدون لذكر غيرها أيضا نظرا الى قوة دلالة اللفظ أو تطرق الاحتمال، أو ظهور كون ما ورد عنهم من البطون لا الظواهر، بل يمكن دعوى الضرورة القطعية على إرادة ظواهر كثير من الآيات حسبما يفهمه أهل اللسان الذين هم المطلعون بأساليب الكلام، و قوانين العربية، كما أنه يمكن دعواها أيضا على تشابه بعض الآيات و الكلمات الموجب للرجوع فيها الى العلماء من آل محمد.
و لذا قال الشيخ في «التبيان»: إن معاني القرآن على أربعة أوجه:
أحدها ما اختص الله تعالى بالعلم به، فلا يجوز لأحد تكلف القول فيه.
و ثانيهما ما يكون ظاهره مطابقا لمعناه، فكل من عرف اللغة التي خوطب بها عرف معناه، مثل قوله تعالى: و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق «1». و ثالثها ما هو مجمل لا ينبئ ظاهره عن المراد به مفصلا مثل قوله تعالى: أقيموا الصلاة، ثم ذكر كثيرا من الآيات التي هي من هذا القبيل، و قال: إنه لا يمكن استخراجها إلا ببيان من النبي صلى الله عليه و آله.
و رابعها ما كان اللفظ فيه مشتركا بين معنيين فما زاد عليهما، و يمكن أن يكون كل واحد منهما مرادا، فإنه لا ينبغي أن يقدم أحد فيقول: إن مراد الله بعض ما يحتمله إلا بقول نبي أو إمام معصوم الى آخر ما ذكره قدس سره، و لعل المراد بالاختصاص في القسم الأول بالنسبة الى غير النبي و الأئمة عليهم السلام و إلا فقد علمهم الله سبحانه جميع علم القرآن، كما أن المراد بالرابع ما لم يكن هناك ظهور أو قرينة على التعيين، و ما ذكره من التفصيل لعله مستفاد عن العلوي المروي في‏
__________________________________________________
 (1) الإسراء: 33.


                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 95
 «الإحتجاج» في جواب الزنديق و قد مر «1».

و منها الأخبار الكثيرة الدالة على استدلال الأئمة عليهم السلام بجملة من آياته و احتجاج أصحابهم بعضهم على بعض، و على خصمائهم في المذهب في مقامات كثيرة جدا من الأحكام، و غيرها الدالة على حجية ظواهرها و اعتمادهم عليها في إثبات مقاصدهم، و ردهم على خصمائهم في إنجاح مطالبهم، و تقرير الأئمة عليهم الصلاة و السلام لهم بذلك لاستدلالهم لأصحابهم بها مرشدين لهم اليه، و استمرار هذه الطريقة بين أصحابهم و التابعين لهم من دون نكير منهم عليه خلفا عن سلف، كما لا يخفى على من تتبع الأخبار الكثيرة الواردة في أبواب الأصول و الفروع.
و منها أن ألفاظ الكتاب لو لم تكن دليلا على إرادة معانيها بدون التفسير لتوقف كونها معجزة على ورود التفسير و بيان المعاني المرادة ضرورة أن من أظهر وجوه اعجازه على ما يأتي اشتماله على الفصاحة و البلاغة التي لا يسعها طاقة البشر حتى اعترف به فصحاء العرب، حيث عجزوا عن الإتيان بأقصر سورة من مثله، و من البين أن ذلك لا يتم إلا بمعرفة المعاني المتصورة من الإلفاظ، لأن البلاغة إنما تعرض اللفظ باعتبار ما أريد به من المعنى، و لم ينقل أنه صلى الله عليه و آله كان يتحدى العرب بالقرآن بعد تفسيره و بيانه لهم، كيف و لو كان الأمر كذلك لشاع و ذاع، بل قد يقال: إن ذلك يوجب خروج القرآن عن كونه معجزا بالبلاغة لتوقفه حينئذ على التفسير، و صحته مبنية على ثبوت النبوة فإذا توقف ثبوتها على كونه معجزا لزم الدور.
__________________________________________________
(1) الإحتجاج ص 130، وسائل الشيعة ج 18 ص 143.

 


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 96
و توهم أن إعجازه إنما هو من حيث الصرفة، أو خصوص الأسلوب أو- غيرهما مما لا توقف معه على فهم المعاني ضعيف جدا حسبما تأتي اليه الإشارة في البحث عن وجوه إعجازه.
و منها أن الآيات المحكمة الناصة أو الظاهرة الواردة في بيان الأحكام و القصص و غيرها.
قد ورد في تفسيرها عن أصحاب العصمة ما يوافق ظاهرها كالأخبار الكثيرة المتواترة الواردة في أبواب الإرث موافقة لظاهر الآيات، و الواردة في أحكام النكاح و الطلاق و مدة العدة، و الظهار، و الإيلاء، و الكفارات و المطاعم و مصارف الخمس، و الصدقات، و مناسك الحج، و كيفية الوضوء، و التيمم، و غيرها، بل الواردة في بيان قصص الأنبياء و المواعظ و المواعيد و أحوال المعاد و نحوها، و بالجملة من تصفح جملة يسيرة مما ذكرناه حصل له القطع بأن ظواهر هذه الآيات هي المقصودة منها، بل من ملاحظة المطابقة بينها و بين الأخبار المروية في تفسيرها المطابقة لظواهرها على حسب ظاهر الأفهام يحصل القطع بأن ظاهر كل ما له ظاهر من الآيات هو الحجة، و هو المقصود من سوق الخطاب، و إن كان غيره مقصودا أيضا من باب التأويل و استنباط شيء من البطون السبعة أو السبعين التي لا يمنع حجية بعضها بعد استفادته من حجية غيره كما ستسمعه في موضعه.
و منها جملة من الآيات الكريمة التي لا دور في الاستدلال بها بعد القطع بإرادة مفادها الذي هو كون القرآن عربيا واضح الدلالة منزلا عليهم بلسانهم لتذكرهم، و تفكرهم، و خشيتهم. كقوله تعالى: و لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 97
يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون «1».
و قوله تعالى: أ فلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها «2».
و قوله: أ فلا يتدبرون القرآن و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا «3».
و قوله: نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين «4»، الى قوله تعالى: و لو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين «5».
و قوله تعالى: و كذلك أنزلناه قرآنا عربيا و صرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا «6».
و قوله: لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله و تلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون «7».
و قوله تعالى: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولوا الألباب «8».
__________________________________________________
(1) الزمر: 27- 28.
(2) محمد: 24.
(3) النساء: 82.
(4) الشعراء: 193- 195.
(5) الشعراء: 198- 199.
(6) طه: 113.
(7) الشورى: 7.

(8) الحشر: 21.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 98
و قوله تعالى: و إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق «1».
و قوله: انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون «2».
و قوله: انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون «3».
و قوله تعالى: قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون «4». و في آية: لقوم يفقهون «5». و في أخرى: لقوم يذكرون «6».
و قوله: و لقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى و رحمة لقوم يؤمنون «7» و قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث «8».
و قوله: إذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا و هم يستبشرون. «9» و قوله تعالى: إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون «10».
__________________________________________________
(1) ص: 19.
(2) المائدة: 93.
(3) المائدة: 75.
(4) الأنعام: 46.
(5) الأنعام: 97.
(6) الأنعام: 97.
(7) الأعراف: 52.
(8) الإسراء: 106.
(9) التوبة: 124.
(10) النمل: 76.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 99
و قوله تعالى: و إذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا «1».
و قوله تعالى: يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم و شفاء لما في الصدور «2».
و قوله تعالى: و لقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا «3».
و قوله تعالى: و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر «4».
الى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي لا يخفى وجوه دلالتها على المطلوب فلا داعي الى الإطناب بالتقريب، بل ربما يحصل القطع بذلك أيضا من ملاحظة بعض الخطابات الواردة فيه النازلة منزلة الخطابات الشفاهية التي لا واسطة فيها أصلا.
كقوله تعالى: يا أيها الناس، يا أيها الذين آمنوا، يا أهل الكتاب، يا بني آدم، يا عبادي الذين آمنوا، يوصيكم في أولادكم، الى غير ذلك من الآيات الكثيرة المشتملة على الخطاب لعامة المكلفين، أو المصدرة بذكر المخاطب المستفاد منها كونها خطابا منه سبحانه لهم، أو لصنف منهم المستلزم لفهمهم تلك الخطابات من دون واسطة.
و لذا ورد الأمر بسؤال الجنة و غيرها من الخيرات، و الاستعاذة عن النار

إن فيه دلالة على بطلان قول من قال: لا يجوز تفسير شيء من ظاهر القرآن إلا بخبر و سمع و فيه تنبيه أيضا على فساد قول من يقول: إن الحديث ينبغي أن يروى على ما جاء و إن كان مخالفا لأصول الديانات في المعنى لأنه سبحانه دعا الى التدبر و التفكر، و ذلك مناف للتعامي و التجاهل «2».
و قال في تفسير أ فلا يتدبرون القرآن و لو كان من عند غير الله الآية «3»: أنها تدل على فساد قول من زعم أن القرآن لا يفهم معناه إلا بتفسير الرسول من الحشوية «4» و غيرهم لأنه تعالى حث على تدبره ليعرفوه و يتبينوه «5».
و من هذا الباب ما يدل على كونه خطابا للمشركين و احتجاجا عليهم و على اليهود و النصارى مع أن ذلك يتوقف على فهمهم و لو لاه لما صح ذلك و منه
__________________________________________________
(1) محمد صلى الله عليه و آله: 24.
(2) مجمع البيان ج 9 ص 140 ط. صيدا أفست مصطفوي.
(3) النساء: 82.
(5) مجمع البيان ج 3 ص 80 ط. صيدا.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 101
قصة إرسال البراءة الى مكة، إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون «1».
و منها قوله تعالى: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات الآية «2» حيث دلت على تقسيم الكتاب الى محكم و متشابه، ثم على الذم و الإنكار على من اتبع المتشابه طلبا لإيثار الفتنة و طلبا لتأويله مع أنه لا يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم، و الظاهر من تخصيص الذم على اتباع المتشابه أنه لا ذم على إتباع المحكم، كما يستفاد منها بل من مجرد التقسيم إليهما مع ملاحظة التسمية حجية الأول دون الثاني ضرورة أن الظاهر المنساق من المحكم بل المفسر به عندهم ما كان محكم الدلالة، بحيث تكون دلالته على ما أريد منه متضحة كما أن المتشابه ما لم تتضح دلالته لتشابه محتملاته بحيث لا مرجح و لا معين
لشيء منها، بل يستفاد ذلك أيضا من أخبار كثيرة آمرة بالأخذ بالمحكم و رد المتشابه إليه، و أن من رد متشابه القرآن الى محكمه فقد هدي الى صراط مستقيم، و أن المتشابه ما يشبه على جاهة، و ما يشبه بعضه بعضا الى غير ذلك مما يورث القطع بحجية المحكم، و أنه ما كان واضح الدلالة حسب ما مرت إليه الإشارة و تأتي.
و من هنا يظهر سقوط ما قيل في الاعتراض على الاستدلال به من أن هذه الآية محكمة في ذم اتباع المتشابه، و أما وجوب اتباع المحكم فلا يستفاد منها إلا ظنا، إذ كون بعض الكتاب محكما و كون المحكم أم الكتاب لا يدل على وجوب اتباعه، و ذم اتباع المتشابه بل على عدم ذم إتباع المحكم بمفهوم اللقب
__________________________________________________
(1) النمل: 76.
(2) آل عمران: 7.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 102
و هو كما في كمال الضعف، سلمنا و لكن نقول: إن وجوب الرجوع اليه مما لا نزاع فيه لأحد، إنما النزاع في كون الظاهر محكما بالنسبة إلينا و ما ثبت حقيقة شرعية و لا غيرها في المحكم بحيث يدخل الظاهر فيه قطعا، و المستدل إنما استدل بها بناء على كون الظاهر محكما.
أقول: لا ينبغي التأمل من حجية المحكم بعد ملاحظة الآية و الأخبار بل الضرورة، و لذا نفى عنه الخلاف في صريح كلامه، و أما كون الظاهر محكما بالنسبة إلينا فقد سمعت استفادته من جملة من الأخبار بل من الآية أيضا مضافا الى ما
عن تفسير النعماني بإسناده المعروف عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام و رواه القمي في تفسيره مرسلا قال صلى الله عليه و آله: و المحكم مما ذكرته في الأقسام ما تأويله في تنزيله من تحليل ما أحل الله سبحانه في كتابه، و تحريم ما حرم الله فيه من المأكل و المشارب و المناكح.
و منه ما فرض الله عز و جل من الصلوة و الزكاة، و الصيام، و الحج و الجهاد و ما دلهم به مما لا غنى بهم عنه في جميع تصرفاته مثل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة الآية «1».
و هذا من المحكم الذي تأويله في تنزيله، و لا يحتاج في تأويله الى أكثر من التنزيل، و منه قوله عز و جل: حرمت عليكم الميتة و الدم الآية «2» فتأويله في تنزيله، فهذا كله محكم لم ينسخه شيء قد استغنى بتنزيله عن تأويله «3».
و
قال (عليه السلام) في موضع آخر: و أما ما في القرآن تأويله في تنزيله فهو
__________________________________________________
(1) المائدة: 6.
(2) المائدة: 3.
(3) بحار الأنوار ج 19 ص 97 باب ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام في أصناف آيات القرآن.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 103
كل آية محكمة نزلت في تحريم شيء من الأمور المتعارفة التي كانت في أيام العرب تأويلها في تنزيلها، فليس يحتاج فيها الى تفسير أكثر من تأويلها و ذلك مثل قوله تعالى: حرمت عليكم أمهاتكم و بناتكم و أخواتكم الآية «1»، و قوله: إنما حرم عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير الآية «2»، و قوله: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا «3» و قوله: و أحل الله البيع و حرم الربا «4» و قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا «5».
و مثل ذلك في القرآن كثير مما حرم الله سبحانه لا يحتاج المستمع له الى مسألة عنه: و قوله عز و جل في معنى التحليل: أحل لكم صيد البحر و طعامه متاعا لكم و للسيارة «6»، و قوله تعالى: و إذا حللتم فاصطادوا «7» و قوله تعالى: يسئلونك ما ذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات و ما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله «8»، و قوله تعالى: أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد و أنتم حرم «9»،
__________________________________________________
(1) النساء: 23.
(2) البقرة: 173.
(3) البقرة: 278.
(4) البقرة: 275.
(5) البقرة: 151.
(6) المائدة: 96.
(7) المائدة: 2.
(8) المائدة: 4.
(9) المائدة: 1.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 104
و قوله تعالى: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم «1»، و قوله تعالى:
لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم «2» و مثل هذا كثير في كتاب الله الخبر «3».
و هو صريح في أن نوع تلك الآيات التي لها ظواهر عرفية كله من المحكمات التي تأويلها بحيث يفهم معانيها كل من كان من أهل اللسان و المقصود من ذكر الآيات التمثيل لا الحصر و لذا نبه في آخر الخبر على كثرة مثله في الكتاب.
و منها الأخبار الكثيرة الدالة على عرض الأخبار عند التعارض أو الشك في صحتها أو مطلقا على كتاب الله المستفاد منها كونه واضح الدلالة مع الإغماض عن الأخبار المفسرة له، إذ لو لم يفهم منه شيء إلا بتفسيرهم لانتفت فائدة العرض.
ففي عدة من الصحاح و غيرها: إن علي كل حق حقيقة، و على كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، و ما خالف كتاب الله فدعوه «4».
و
في حديث جابر عن أبي جعفر عليه السلام: انظروا أمرنا، و ما جائكم منا، فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به، و إن لم تجدوه موافقا فردوه «5».
و
في خبر آخر طويل: فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما
__________________________________________________
(1) البقرة: 187.
(2) المائدة: 87.
(3) بحار الأنوار ج 19 ص 111 باب ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام في أصناف آيات القرآن. ط.
القديم.
(4) المحاسن ص 126، الأمالي للصدوق ص 221.
(5) وسائل الشيعة ج 18 ص 86. بيروت المعلق بتعليقات الرازي.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 105
على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب الخبر «1».
الى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي لا ينبغي الاعتراض عليها بأن غاية ما يستفاد من العرض عليه كونه أمارة لصحة الأخبار و عدمها، و اين هذا من حجيته بنفسه، فقد ورد في عدة من الأخبار لزوم الأخذ بما خالف العامة و بما وافق الشهرة، و لا يستفاد
منه حجية الخلاف و الوفاق بل و لا حجية الشهرة، غاية الأمر كونها باعتبار موافقة الخبر لها و مخالفته جابرة و كاسرة، و أما حجيتها فمن أين؟ و بأن المراد من الآيات التي يجب العرض عليها هي المفسرة عن الأئمة عليهم السلام، و أما ما لم يعلم تفسيرها منهم فليس مما يجب العرض عليه.
لضعف الأول بأنه لا يمكن العرض عليه إلا بعد فهم معناه المقصود و لا خلاف لأحد في أنه إذا فهم المعنى المقصود من الكتاب فهو الحجة قطعا، و ضعف الثاني أيضا بأن الظاهر منها لزوم العرض عليه من حيث نفسه و أما إذا كان مبينا ببيان الأئمة عليهم السلام فمع أنه لا مجال حينئذ للشك في صحة الخبر، أو ترجيحه على غيره لا ريب أن الاعتماد حينئذ على بيان الأئمة- عليهم السلام لا الكتاب، فإن ظاهر قوله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما، و قوله فإن وجدتموه للقرآن موافقا، أن العبرة بموافقتها و مخالفتها له في نفسه، و هو يدل على أن له ظاهرا هو المقصود منه يمكن للعارض فهمه، و منها ما صح عن النبي صلى الله عليه و آله عند العامة فضلا عن الخاصة، بل ادعى بعضهم تواتره، بل هو كذلك على ما مرت اليه الإشارة من
قوله عليه السلام: إني تارك فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا كتاب الله
__________________________________________________
(1) عيون الأخبار ط. قم ج 2 ص 20، وسائل الشيعة ج 18 ص 81 عن العيون.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 106
و عترتي و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض «1»
، فإن ظاهر الأمر بالتمسك سيما مع ملاحظة عطف أهل البيت عليهم السلام عليه الدال على المغايرة استقلال كل منهما بالإفادة، و عدم افتراقهما كما في الخبر لا يدل على توقف فهم جميع القرآن على بيان أهل البيت عليهم السلام بل يكفي أن يكون فائدة ذلك تفهيم المتشابهات و استنباط جميع العلوم من الكتاب، فإنه
قد ورد أنه ما من شيء مما كان أو يكون الى يوم القيامة إلا و علمه في الكتاب، و إن فيه علم الأرض و علم السماء «2».
و أيضا المراد من الخبر إما أن يكون لزوم التمسك بكل منهما لاستقلال كل في الحجية، أو بهما معا أو بالعترة مستقلا و بالكتاب بشرط بيان العترة له، و أما الثالث فيلزمه التفكيك المخالف للظاهر جدا، بل المقصود من الخبر خلافه، و أما الثاني فيلزمه عدم حجية كلام العترة إذا لم يفصح عنه الكتاب و هو كما ترى.
و أوهن منه توهم أن حجية أقوالهم إنما هي لدليل آخر فيتعين الأول
و يمكن أن يقال: إنا نختار الثاني، و يؤيده الحكم بعدم الافتراق، و حينئذ نقول في الجواب عن قوله: (عدم حجية كلام العترة) أنه بعد القول بعصمتهم و أن علومهم مستفادة من الكتاب إذ فيه تفصيل كل شيء علمنا إذا أخبر الإمام عليه السلام بحكم من الأحكام أنه في كتاب الله و العترة مجتمعان على ذلك.
و يمكن الجواب عنه بأن الكتاب أيضا حاله كذلك، إذ الحكم المستنبط منه نعلم أنه لو سئل عن الأئمة عليهم السلام لأفتوا به فاتفقا عليه، إلا أن فيه أن استفادة الحكم من الكتاب أول الكلام، إذ للخصم أن يقول أن ما نفهمه ليس هو بعينه مراد الله
__________________________________________________
(1) هذا الحديث كما مر سابقا مما اتفق على نقله و الف كتب قيمة فيه مثل كتاب الثقلين من العبقات للمير حامد حسين قدس سره في جلدين و غيره.
(2) بصائر الدرجات ص 195، وسائل الشيعة ج 18 ص 145.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 107
تعالى، بل نحتاج في استفادة مراده الى بيان الأئمة و إثبات حجية ظواهرها بأدلة أخرى إعراض عن الاستدلال به، و كيف كان فالاستدلال بالخبر لا يخلو عن نظر.
و منها جملة من الأخبار التي مرت الإشارة الى شطر منها كبعض أخبار العرض، و ما ورد في تفسير المحكم و المتشابه، و في فضل القرآن و شرفه، و أنه المخرج من الفتنة، و هو الفصل ليس بالهزل، و لا يشبع منه العلماء، و لم تلبث الجن إذا سمعته
«ان قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد، و أنه إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنه شافع مشفع، و ما حل مصدق، و من جعله أمامه قاده الى الجنة، و من جعله خلفه ساقه الى النار، و هو الدليل يدل على خير سبيل، هو كتاب فيه تفصيل و بيان و تحصيل، و أن من استضاء به نوره الله، و من عقد به أموره عصمه الله، و من تمسك به أنقذه الله، و من لم يفارق أحكامه رفعه الله، و من استشفى به شفاه الله، و من آثره على ما سواه هداه الله، و من طلب الهدي في غيره أضله الله، و من جعله شعاره و دثاره أسعده الله «1».
بل
في الخبر عن السجاد عليه السلام أن القرآن بلغة العرب فيخاطب فيه أهل اللسان بلغتهم، أما نقول للرجل التميمي الذي قد أغار قومه على بلد و قتلوا فيه أغرتم على بلد و فعلتم كذا الخبر.
و
في موثقة عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل شرب الخمر في عهد أبي بكر و عمر، و اعتذر بجهله بالتحريم، فسألا أمير المؤمنين عليه السلام عن ذلك
__________________________________________________
(1) بحار الأنوار ج 19 ص 9 ط. القديم.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 108
فأمر عليه السلام بأن يدار به على مجالس المهاجرين و الأنصار و قال: من كان قرء عليه آية التحريم فليشهد عليه، ففعلوا ذلك، فلم يشهد عليه أحد فخلى عنه «1».
و نحوه
رواية أبي بصير عنه عليه السلام و فيها: فإن لم يكن تلي عليه آية التحريم فلا شيء عليه «2».
و
عن «الخصال» عن النبي صلى الله عليه و آله: إنما أتخوف على أمتي من بعدي ثلث خلال أن يتأولوا القرآن على غير تأويله، أو يبتغوا زلة العالم، أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا، و سأنبئكم المخرج من ذلك، و أما القرآن فاعملوا بمحكمه، و آمنوا بمتشابهه «3».
و
في «جامع الأخبار» «4» و «غوالي اللئالي» عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: إن
__________________________________________________
(1) الفروع من الكافي ج 7 ص 216.
(2) الفروع من الكافي ج 7 ص 249.
(3) الخصال ص 76 ط. الشفيعي بطهران.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 109
كتاب الله على أربعة أشياء: على العبارة، و الإشارة، و اللطائف، و الحقائق، فالعبارة للعوام، و الإشارة للخواص، و اللطائف للأولياء، و الحقائق للأنبياء «1».
دلالة هذه الروايات على المطلوب بينة، و المراد بالخواص غير الأئمة المعبر عنهم بالأولياء و إلا لا تحدث معها و صارت الأربعة ثلثه، مضافا الى مقابلتها للعوام فلكل من الطوائف الأربع حظ و نصيب من فهم القرآن و علمه.
و
في «الاحتجاج» عنه عليه السلام في حديث الزنديق الذي جاء بأي من القرآن زاعما تناقضها حيث قال عليه السلام بعد كلام طويل: ثم إن الله جل ذكره بسعة رأفته و رحمته بخلقه و علمه بما يحدثه المبدلون قسم كلامه ثلاثة أقسام: فجعل قسما منه يعرفه العالم و الجاهل، و قسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه و لطف فهمه و حسه و صح تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام، و قسما لا يعرفه إلا الله و أمناؤه الراسخون في العلم الخبر «2».
و
في العلوي المذكور في «النهج» و غيره بعد قوله تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول الآية «3»: فالرد الى الله الأخذ بمحكم كتابه، و الرد الى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة،
ففي «النهج» في معنى الخوارج: و لما دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا لم تكن الفريق المتولي عن كتاب الله تعالى قال الله سبحانه: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول «4» فردوه الى الله نحكم بكتابه «5».
__________________________________________________
(1) بحار الأنوار ج 19 ص 27 ط. القديم عن الدرة الباهرة.
(2) الاحتجاج: ص 130، وسائل الشيعة ج 18 ص 143.

(3) النساء: 59.
(4) النساء: 59.
(5) نهج البلاغة لفيض الإسلام ص 377.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 110
و من هنا يظهر أن الآية المفسرة بالخبر حجة لنا، و أن الجهل بالمراد من الرد الى الله ضعيفة بعد ظهوره من المقابلة في الآية و تفسيره في الخبر، كضعف احتمال إرادة الرد إليها معا، فإن الرد الى كل رد الى الكل، لعدم الفرقة عند الفرقة.
و أما ما يقال: إن المحكم لا نعلم المراد به سلمنا كون الآية منه لكنا تنازعنا في جواز العمل بالظواهر، فإن دلت على الجواز فأين موضع الإفادة، أو على الرجوع الى محكم غيرها فأين ذلك المحكم.
ففيه أن الظاهر من المحكم عرفا ما كان له دلالة ظاهرة يفهمها أهل اللسان و هو الظاهر من الأخبار الواردة في تفسيره أيضا، بل و من مقابلته بالمتشابه المفسر في كلامهم عليهم السلام بما اشتبه على جاهة، و أما ما هو المرجع في المتنازع فيه فالآيات الكثيرة التي مرت إليها الإشارة.
و من أطرف ما أورد على الاستدلال بها في المقام معارضتها بقوله تعالى:
فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم «1» و قوله تعالى: ما آتاكم الرسول فخذوه «2»، و قوله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة «3» و قوله تعالى: لتبين للناس ما نزل إليهم «4» و قوله تعالى: و لو ردوه إلى الرسول «5»، الآيات، و هو كما ترى.
و
عن تفسير العياشي عن هشام رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قيل له روي
__________________________________________________
(1) النساء: 65.
(2) الحشر: 7.
(3) الأحزاب: 21.
(4) النحل: 44.
(5) النساء: 83.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 111
عنكم أن الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجال، فقال عليه السلام: ما كان الله ليخاطب خلقه بما لا يعقلون «1».
و
عن كنز الفوائد للكراجكي «2» قال جاء في الحديث أن قوما أتوا رسول الله صلى الله عليه و آله فقالوا: أ لست رسول الله تعالى؟ قال لهم: بلى، قالوا له: و هذا القرآن الذي أتيت به كلام الله تعالى؟ قال عليه السلام: نعم، قالوا: فأخبرنا عن قول الله: إنكم و ما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون «3»، إذا كان معبودهم معهم في النار فقد عبدوا المسيح، أ فنقول: إنه في النار؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و آله إن الله سبحانه أنزل القرآن علي بكلام العرب، و المتعارف في لغتها أن ما لما لا يعقل، و من لمن يعقل، و الذي يصلح لهما جميعا، فإن كنتم من العرب فأنتم تعلمون هذا قال الله تعالى: إنكم و ما تعبدون، يريد الأصنام التي عبدوها و هي لا تعقل، و المسيح لا يدخل في جملتها فإنه يعقل، و لو قال: إنكم و من تعبدون لدخل المسيح في الجملة، فقال القوم: صدقت يا رسول الله.
و
في «الكافي» و «المحاسن» عن محمد بن منصور قال سألت عبدا
__________________________________________________
(1) تفسير العياشي ج 1 ص 341، وسائل الشيعة ج 2 أبواب ما يكتسب به باب 100.
(3) الأنبياء: 98.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 112
صالحا «1» عن قول الله عز و جل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر و ما بطن، قال عليه السلام إن القرآن له ظاهر و باطن، فجميع ما حرم الله في القرآن فهو حرام على ظاهره كما هو الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الجور، و جميع ما أحل الله في الكتاب فهو حلال و هو الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الهدى «2».
و
في العلل عن الباقر عليه السلام في حديث الطينة في قوله تعالى: معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده «3» قال عليه السلام: هو في الظاهر ما تفهمونه و في الباطن كذا إلخ .. «4»
و
في «الخصال» عن النبي صلى الله عليه و آله: أما القرآن فاعملوا بمحكمه و آمنوا بمتشابهه «5».
و
عن الصادق عليه السلام قال: القراء ثلاثة (ثم ذكرهم و ذم إثنين منهم و مدح واحدا و هو) من يعمل بمحكمه، و يؤمن بمتشابهه، و يقيم بفرائضه، و يحل حلاله، و يحرم حرامه «6».
و
في «العيون»، من رد متشابه القرآن الى محكمه فقد هدى الى صراط مستقيم «7».
__________________________________________________
(1) المراد بالعبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام.
(2) الأصول من الكافي ج 1 ص 374 بتفاوت يسير من الألفاظ.
(3) يوسف: 79.
(4) تفسير نور الثقلين ج 2 ص 49 في تفسير سورة يوسف عن علل الشرائع للصدوق.
(5) الخصال للصدوق ج 1 ص 76 ط. الشفيعي بطهران.
(6) الخصال للصدوق ج 1 ص 290 ط. الآخوندي بطهران.
(7) عيون أخبار الرضا للصدوق ج 1 ص 290 ط. الآخوندي بطهران.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 113
و
في «الكافي» و «الفقيه» عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
قوله تعالى: فمن شهد منكم الشهر فليصمه «1»، قال عليه السلام: ما أبينها من شهد فليصمه، و من سافر فلا يصمه «2».
و
في «الكافي» و «التهذيب» عن الصادق عليه السلام في حديث قال: إن الله عز و جل يقول: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه «3»، فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل لكنه قال: و من تأخر فلا إثم عليه «4». «5»
و
في «العلل» في الصحيح و تفسير العياشي عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أ لا تخبرني من أين علمت و قلت إن المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين؟
فضحك (عليه السلام) و قال: يا زرارة قاله رسول الله صلى الله عليه و آله و نزل به الكتاب من الله تعالى فإن الله يقول: فاغسلوا وجوهكم فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل، ثم قال: و أيديكم إلى المرافق فوصل الله اليدين الى المرفقين بالوجه، فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا الى المرفقين ثم فصل بين الكلامين فقال:
و امسحوا برؤسكم فعرفنا حين قال برؤوسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه، فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضها الخبر «6»
، و قريب منه خبران آخران.
و
في «الكافي» و «التهذيب» عن عبد الله الأعلى مولى آل سام قال: قلت
__________________________________________________
(1) البقرة: 185.
(2) الفروع من الكافي ج 1 ص 197، من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 49.
(3) البقرة: 203.
(4) البقرة: 203.
(5) الفروع من الكافي ج 1 ص 307، التهذيب ج 1 ص 524.
(6) علل الشرائع ص 103، من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 30، الفروع من الكافي.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 114
لأبي عبد الله عليه السلام: عثرت فانقطع ظفري، فجعلت على إصبعي مرارة «1» فكيف أصنع بالوضوء؟ فقال عليه السلام: يعرف هذا و أشباهه من كتاب الله، قال الله تعالى:
و ما جعل عليكم في الدين من حرج «2» امسح عليه «3».
و
عنه عليه السلام في ذبائح أهل الكتاب فقال عليه السلام: قد سمعتم ما قال الله تعالى في كتابه، قالوا نحب أن تخبرنا فقال عليه السلام: لا تأكلوها «4» إلخ.
و
في الصحيح عنه عليه السلام: لو أن رجلا دخل في الإسلام فأقر به ثم شرب الخمر، و زنى، و أكل الربا، و لم يتبين له شيء من الحلال و الحرام، لم أقم عليه الحد إذا كان جاهلا إلا أن تقوم عليه البينة أنه قرأ السورة التي فيها الزنا، و الخمر، و أكل الربا «5».
و في أخبار كثيرة عنهم الاستشهاد بكثير من الآيات بل في أكثرها: ألم تسمع الله تعالى يقول: ألا ترى أن الله تعالى قال؟ أما تتلو كتاب الله؟ أما تقرأ من القرآن كذا؟ أما تقرأ كتاب الله؟ أما سمعت قول الله؟ بل كثير منها البحث عن الدلالة و كيفيتها كما سمعت الخبر في كيفية المسح، و في تفسير إنكم و ما تعبدون، و غيره.
و
في الصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السلام: ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي؟ فقال عليه السلام: إن الله عز و جل يقول:
__________________________________________________
(1) المرارة هي الجبيرة.
(2) الحج: 78.
(3) الفروع من الكافي ج 1 ص 103.
(4) التهذيب ج 2 ص 354.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 39.


تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص: 115
و إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة «1» فصار التقصير في السفر واجبا، كوجوب التمام في الحضر، قالا: قلنا: إنما قال الله عز و جل: و إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح «2»، و لم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك؟ كما أوجب التمام في الحضر فقال عليه السلام: أو ليس قد قال الله: إن الصفا و المروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما «3» ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض، لأن الله تعالى ذكره في كتابه، و صنعه نبيه (صلى الله عليه و آله) و كذلك التقصير بهما واجب مفروض، لأن الله ذكره في كتابه، و صنعه نبيه صلى الله عليه و آله و ذكره الله تعالى في كتابه الخبر «4».

[لب کلام]

و الدلالة بينة، و قرينة التجوز على فرضه قوله و فعله عليه السلام و التعكيس موهون جدا، الى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي لا داعي الى التعرض لها بعد التأمل في الوجوه المتقدمة التي يمكن تحصيل القطع من ملاحظة كل منها بانفراده، فإن من لاحظ جميع الأخبار الواردة في تفسير الآيات المتعلقة بالأحكام، بل غيرها من القصص و المواعظ، و المواعيد، و الأصول، و غيرها مع ملاحظة مطابقة مداليل تلك الأخبار للآيات، و كذا استشهاد الأئمة عليهم السلام بها، و كذا الصحابة، و التابعين.
و عدم سؤالهم عن تفسيرها إلا ما كان متشابها منها يقطع بأن مداليلها الظاهرة مقصودة منها، و إن كان غيرها مقصودة أيضا سيما مع كون الكتاب على نظم عجيب، و نمط غريب، و اشتماله على وجوه الفصاحة و البلاغة

__________________________________________________
 (1) النساء: 101.
 (2) النساء: 101.
 (3) البقرة: 158.
 (4) من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 141، تفسير العياشي ج 1 ص 271.
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 116
و الاستعارات الرائقة، و الكنايات المبتكرة الفائقة، و محاسن العبارات، و لطائف الإشارات و غيرها من الأمور المتوقفة على فهم المعنى، كيف و لو لم يكن ما نفهمه من الظواهر مقصودا لم نقدر على استنباط تلك الأمور و فهمها، و لا على العلم بكونه معجزة باقية على مر الدهور و الأيام، بل علما لهداية كافة الأنام.
و أيضا لم يعهد الطعن على أحد في الإحتجاج في إثبات المسائل الأصولية و الفقهية و الكلامية، و من ثم ترى كل ذي فن و علم يجتهد في انتهاء علمه الى الكتاب، و الاستدلال به لمقصوده.
و أيضا لم يمنع أحد عن تفسير الكتاب و تدريسه و تصنيفه بل نجد كثيرا من أصحابهم ممن صنف فيه، و في خصوص الآيات المتعلقة بالأحكام المضبوطة عندهم بما يقرب من خمسمائة، بل نجد التفاسير المأثورة عنهم عليهم السلام كتفسير مولانا أبي محمد العسكري عليه السلام و غيره مطابقة للظواهر المستفادة إلا ما كان فيها من المواطن و التأويلات.
و أيضا المعهود من طريقة جميع أصحاب المذاهب و الملل و الأديان و النحل إتباع الكتاب المنزل عليهم من ربهم أو الموروث من رئيسهم، و صاحب مذهبهم.
و من ثم لم يعهد من الله سبحانه ذم اليهود و النصارى بالعمل بما وجدوه في التوراة و الإنجيل بل ورد الأمر بإقامتهما و اتباع ما أنزل الله فيهما.
بل لعل الضرورة قائمة على لزوم العمل بالظواهر المستفادة من الكتب الإلهية سيما القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه بل و كانت الأمة مجمعة على ذلك حتى الأخباريين منهم، حتى أن جملة منهم قد صدروا كتبهم، و الاستدلال على مطالبهم بالآيات القرآنية، كصاحب «روضة

                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 117
الواعظين»، و «دعائم الإسلام» و «جامع الأخبار».
و قال ثقة الإسلام في «الكافي»: و أنزل عليه الكتاب فيه البيان و التبيان قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون، الى أن استدل بجملة من الآيات على وجوب التفقه في الدين «1».
و الصدوق قد استدل في مواضع من «الفقيه» و «الإعتقادات» و «إكمال الدين» و غيرها من كتبه بجملة من الآيات، و لم تزل الشيعة الإمامية بل الأمة كافة مجتمعة على ذلك في جميع الأعصار و الأمصار الى أن نشأ جملة من المحدثين كالأمين الاسترابادي «2» و الشيخ الحر العاملي «3» و بعض ممن تبعهما فيه فرفضوا حجية الكتاب، و منعوا عن الاستدلال به، لا لما كان سلمان «4» يقوله‏
__________________________________________________
 (1) خطبة كتاب الكافي ص 3 الى ص 7.
 (2) قال الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل: مولانا محمد أمين الاسترابادي فاضل محقق ماهر، متكلم فقيه، محدث ثقة، جليل، له كتب منها كتاب الفوائد المدنية و مصنفات أخرى يروى عن شيخنا زين الدين بن محمد بن الحسن العاملي، و قد ذكره صاحب السلافة و أثنى عليه و ذكر أنه جاور بمكة و توفى بها سنة (1036) كان رحمه الله في مبادئ أمره داخلا في دائرة الاجتهاد، ثم رجع و ألف الفوائد و حمل في كتبه على المجتهدين.
 (3) قد مرت ترجمته من قبل.
 (4) سلمان الفارسي: صحابي: من مقدميهم. كان يسمي نفسه سلمان الإسلام. أصله من أصبهان عاش عمرا طويلا، و اختلفوا فيما كان يسمى به في بلاده، و قالوا: نشأ في قرية جيان، و رحل الى الشام، فالموصل، فنصيبين، و قرأ كتب الفرس و الروم و اليهود و قصد بلاد العرب، فلقيه ركب من بني كليب فاستخدموه، ثم استعبدوه و باعوه، فاشتراه رجل من قرية فجاء به الى المدينة، و علم سلمان بخبر الإسلام، فقصد النبي صلى الله عليه و آله بقباء و سمع كلامه، و لازمه أياما، فأعانه المسلمون على شراء نفسه من صاحبه فأظهر إسلامه، و كان قوي الجسم، صحيح الرأي عالما بالشرائع و غيرها، و هو الذي دل المسلمين على حفر الخندق في الأحزاب، حتى اختلف عليه المهاجرون و الأنصار و كلاهما يقول:
سلمان منا،
فقال رسول الله صلى الله عليه و آله سلمان منا أهل البيت‏

، و
سئل عنه علي عليه السلام: امرؤ منا و إلينا أهل‏

                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 118
للناس على ما
رواه شيخنا الكشي بإسناده عن محمد بن حكيم قال: ذكر عند أبي جعفر سلمان فقال ذاك سلمان المحمدي، أن سلمان منا أهل البيت، إنه كان يقول للناس هربتم من القرآن الى الأحاديث وجدتم كتابا رفيعا حوسبتم على التفسير و القطمير و الفتيل، و حبة خردل فضاق ذلك عليكم و هربتم الى الأحاديث التي اتسعت عليكم، إلخ «1».
بل لشبهة عرضت لهم قد نشأت من ملاحظة الأخبار الكثيرة الدالة على أن علم الكتاب مما منح الله تعالى به الأئمة عليهم السلام، و أنه لا يعلم المحكم و المتشابه، و الناسخ، و المنسوخ، و العام، و الخاص منه غيرهم، و أنه يجب الرجوع إليهم في ذلك، و أنه لا يعلم تفسيره و لا تأويله و باطنه غيرهم، و أنه إنما يعرف القرآن من خوطب به، و أنه لا يعلمه كما أنزله الله تعالى غيرهم.
و قد عقد في «الوسائل» بابا لعدم جواز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر القرآن إلا بعد معرفة تفسيرها من الأئمة عليهم السلام، و أورد فيه أخبارا يقضي‏
__________________________________________________
البيت، من لكم بمثل لقمان الحكيم، علم العلم الأول، و العلم الآخر، و كان بحرا لا ينزف، و جعل أميرا على المدائن، فأقام فيها الى أن توفي سنة 36 ه.
الأحاديث في فضائل سلمان كثيرة منها ما
عن منصور بن بزرج قال: قلت للصادق عليه السلام ما أكثر ما أسمع منك سيدي ذكر سلمان الفارسي، قال عليه السلام: لا تقل سلمان الفارسي و لكن قل سلمان المحمدي أ تدري ما كثرة ذكري له؟ قال: لا قال عليه السلام: لثلاث خصال: إحداهما إيثاره هوى أمير المؤمنين عليه السلام على نفسه، و الثانية حبه للفقراء و اختياره إياهم على أهل الثروة و العدد، و الثالثة حبه للعلم و العلماء، إن سلمان كان عبدا حنيفا مسلما و ما كان من المشركين.

و منها
عن الصادق عليه السلام، كان رسول الله صلى الله عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السلام يحدثان سلمان بما لا يحتمله غيره من مخزون علم الله و مكنونه.

طبقات ابن سعد ج 4 ص 53، الأعلام للزركلي ج 3 ص 169، سفينة البحار ج 1 ص 646، حلية الأولياء ج 1 ص 419.
 (1) قاموس الرجال ج 4 ص 419.
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 119
جلها لو لم نقل كلها على ضد مقصده، كما ترى أن كثيرا من الأخبار التي سمعت الاستدلال بها على الحجية مأخوذة منه «1».
و أما ما ربما يوهم الدلالة على ما توهموه مما ذكروه فالصحيح‏
عن منصور ابن حازم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن الله أجل و أكرم من أن يعرف بخلقه الى أن قال: و قلت للناس: أليس تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه و آله كان الحجة من الله على خلقه؟ قالوا: بلى قلت: فحين مضى رسول الله صلى الله عليه و آله من كان الحجة على خلقه؟
قالوا: القرآن، فنظرت في القرآن، فإذا هو يخاصم به المرجئ و القدري و الزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم، فما قال فيه من شي‏ء كان حقا إلى أن قال: فاشهدوا أن عليا عليه السلام كان قيم القرآن، و كانت طاعته مفترضة، و كان الحجة على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و أن ما قال في القرآن فهو حق «2».
و فيه أن مخاصمة الفرق فيه إنما هو بالأخذ بالتأويل الذي لا يعلمه إلا الله و الراسخون في العلم و القرآن و إن كان مشتملا على جميع الحقائق و الأحكام إلا أن علمه على هذا الوجه مودع عند النبي صلى الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام، و أين هذا من حجية الظواهر التي لا يستفاد منها إلا أقل قليل من الأحكام، فإن الإختصاص إنما هو في المجموع لا في كل ما يستفاد منه.
و من هنا يسقط الاستدلال لهم بالعلوي: ما من شي‏ء تطلبونه إلا و هو في القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني، بل و
النبوي: يا علي أنت تعلم الناس تأويل‏
__________________________________________________
 (1) وسائل الشيعة كتاب القضاء الباب الثالث عشر باب عدم جواز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر القرآن إلا بمعرفة تفسيرها من الأئمة عليهم السلام و في هذا الباب: 82 حديثا.
 (2) الكافي ج 1 ص 168، علل الشرائع ج 1 ص 183.
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 120
القرآن «1»

، بل دلالته على ما ذكرناه واضحة جدا.
و
بالجعفري في جواب رجل حيث سأله و ما يكفيهم القرآن؟ قال: بلى لو وجدوه له مفسرا، قال: و ما فسره رسول الله صلى الله عليه و آله؟ قال: بلى فسره لرجل واحد، و فسر للأمة شأن ذلك الرجل و هو علي بن أبي طالب «2».
فإن المراد الكفاية في جميع الأحكام كي يستغني الناس عن الإمام، و منه يظهر الجواب عن خبر دخول الصوفية على الصادق عليه السلام و احتجاجاتهم عليه «3».
بل و
من قول الباقر عليه السلام لقتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت و أهلكت، و إن كنت قد فسرته من الرجال فقد هلكت و أهلكت و يحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به «4».
و
من قوله عليه السلام ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده علم جميع القرآن كله ظاهره و باطنه غير الأوصياء «5».
و
في «المحاسن» البرقي عن الصادق عليه السلام في رسالته: فأما ما سئلت القرآن فذلك أيضا من خطراتك المتفاوتة المختلفة لأن القرآن ليس على ما ذكرت، و كل ما سمعت فمعناه على غير ما ذهبت إليه، و إنما القرآن أمثال لقوم يعلمون دون غيرهم، و لقوم يتلونه حق تلاوته، و هم الذين يؤمنون به و يعرفونه، و أما غيرهم فما أشد إشكاله عليهم، و أبعده عن مذاهب قلوبهم، و لذلك قال رسول الله صلى الله عليه و آله:
__________________________________________________
 (1) بصائر الدرجات ص 195.
 (2) الكافي ج 1 ص 242.
 (3) روضة الكافي ص 269.
 (4) روضة الكافي ص 311.
 (5) بحار الأنوار ج 19 ص 23 ط. القديم عن بصائر الدرجات.
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 121
إنه ليس شي‏ء أبعد عن قلوب الرجال من تفسير القرآن، في ذلك تحير الخلائق أجمعون إلا من شاء الله، و إنما أراد الله بتعميمه في ذلك أن ينتهوا الى بابه، و صراطه، و أن يعبدوه و ينتهوا في قوله الى طاعة القوم بكتابه، و الناطقين في أمره و أن يستنبطوا ما احتاجوا إليه من ذلك عنهم لا عن أنفسهم ثم قال: و لو ردوه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم «1»، فأما عن غيرهم فليس يعلم ذلك أبدا، و لا يوجد.
و قد علمت أنه لا يستقيم أن يكون الخلق كلهم ولاة الأمر لأنهم لا يجدون من يأتمرون عليه، و من يبلغونه بأمر الله و نهيه فجعل الله الولاة خواص ليقتدى بهم فافهم ذلك إن شاء الله، و إياك و تلاوة القرآن برأيك فإن الناس غير مشتركين في علمه كإشتراكهم فيما سواه من الأمور، و لا قادرين على تأويله إلا من حده و بابه الذي جعله الله له فافهم إن شاء الله و اطلب الأمر من مكانه تجده إن شاء الله «2».
قلت: و فيه إشارات الى أن المقصود علم جميع القرآن حتى المتشابه. بل جميع القرآن حتى التأويل و البطون، و هذا هو الذي يوجب الرجوع الى من جعله الله أبوابه و صراطه كما لا يخفى على من تأمل في هذا الخبر و غيره من الأخبار المتقدمة مضافا الى أن ما سمعت من الشواهد و الأخبار حاكمة على هذه لو فرضنا فيها ظهورا أو إطلاقا و معه يوهن الاستدلال بها جدا.
و أوهن منه ما استدل به الشيخ الحر في فوائده الطوسية مضافا الى الأخبار التي قد سممعت الجواب عنها و أنها بالدلالة على عكس مطلوبه أشبه من أن‏
__________________________________________________
 (1) النساء: 83.
 (2) المحاسن ص 268، وسائل الشيعة ج 18 ص 141 عن المحاسن.
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 122
النص المتواتر و إجماع الإمامية دلا على أن الذي نزل من القرآن قراءة واحدة، و أن الباقي رخص في التلاوة به في زمن الغيبة، و لا دليل على جواز العمل بكل واحدة من القراءات مع كثرتها جدا و كونها مغايرة للمعنى غالبا.
و أن ظواهر القرآن أكثرها متعارضة بل كلها عند التحقيق، و ليس لنا قاعدة يدل عليها الدليل في الترجيح هناك، و إنما وردت المرجحات المنصوصة في الأحاديث المختلفة مع قلة اختلافها بالنسبة الى اختلاف ظواهر الآيات فلو كنا مكلفين بالعمل بتلك الظواهر القرآنية من غير رجوع في معرفة أحوالها الى الإمام عليه السلام لو ردت مرجحات و قواعد كلية يعمل بها كما وردت هناك، و إنما وجدنا جميع أهل المذاهب الباطلة و الإعتقادات الفاسدة يستدلون بظواهر القرآن استدلالا أقوى من الاستدلال على الأحكام التي استنبطها المتأخرون من آيات الأحكام بآرائهم، فلو كان العمل بتلك الظواهر جائزا من غير رجوع الى الأئمة عليهم السلام في تفسيرها و معرفة أحوالها من نسخ و تأويل و تخصيص و غيرها لزم صحة جميع تلك المذاهب الباطلة من الجبر و التفويض و التشبيه، بل الشرك، و الإلحاد، و نفي الإمامية و العصمة بل مذهب المباحية، بل مذهب النصيرية، و كذا جميع المذاهب الباطلة.
و الى هذا أشار
الصادق عليه السلام بقوله: احذروا فكم من بدعة زخرفت بآية من كتاب الله ينظر الناظر إليها فيراها حقا و هي باطل.
و أن ذلك لو جاز الاستغناء عن الإمام عليه السلام: لأنه ما من مطلب من مطالب الأصول و الفروع إلا و يمكن أن يستنبط من ظاهر آية أو آيات فأي حاجة الى‏
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 123
الإمام؟ و قد صرح بنحو ذلك القاضي عبد الجبار «1» و غيره من علماء العامة، و ذلك مباين لطريقة الإمامية معارض لأدلة الإمامة، و اللازم باطل فكذا الملزوم.
و أن ظاهر حديث الثقلين وجوب التمسك بهما معا فمن تمسك بالكتاب و لم يرجع في تفسيره و معانيه الى العترة لم يكن قد تمسك بهما و إلا لزم كون المخالفين المستدلين بتلك الظواهر قد تمسكوا بهما لأنهم يعترفون بفضل العترة، و هو واضح البطلان، و لو علم معاني الكتاب و قدر على الاستنباط منه غير العترة لافترقا و هو خلاف النص، لكن من تمسك بالعترة كان قد تمسك بهما لأنهم لا يخالفون الحق من تلك الظواهر المتعارضة، و أكثر تلك الظواهر مخالفة للعترة فظهر الفرق، و الى هذا المعنى أشار
مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: هذا كتاب الله الصامت، و أنا كتاب الله الناطق.
و أن كل آية يحتمل النسخ و التأويل و غيرهما إذا قطعنا النظر عما سواه فلا وثوق بجواز العمل بها إلا أن يقترن بها حديث عن الأئمة عليهم السلام.
و أن تعريف المتشابه صادق على كل آية من آيات الأحكام النظرية لاحتمال كل واحدة منها بل كل لفظة لوجهين فصاعدا إذا قطعنا النظر عن الأحاديث مضافا الى احتمال النسخ و غيره.
و الوهن في الوجوه المذكورة بين لمن يكون له أدنى تأمل، لضعف الأول بأن الاختلاف في القراءة سيما في الآيات المتعلقة بالأحكام الشرعية ليس بحيث يوجب الاختلاف في الأحكام كما لا يخفى على من أمعن النظر في الاختلافات‏
__________________________________________________
 (1) قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الهمذاني الأسد الأسدآبادي، قاض، أصولي، كان شيخ المعتزلة في عصره، و لي القضاة بالري و مات سنة 415. له تصانيف كثيرة منها: تنزيه القرآن عن المطاعن.
لسان الميزان ج 3 ص 386، تاريخ بغداد ج 11 ص 113.
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 124
المتعلقة بها، و على فرضه كما في قوله تعالى: فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله «1»، فقد قيل بتواتر القراءات السبع أو العشر حسبما تأتي إليه الإشارة، و مع تسليم العدم فقد ينزل غير المتواتر منها منزلة الأخبار الآحاد، سلمنا التعارض لكن باب الترجيح مفتوح، على أن الرجوع في مثله الى غيرها من الأدلة لا يقدح في غيره مما لا اختلاف فيه و لا معارض له.
و الثاني بمنع التعارض حقيقة في الجل فضلا عن الكل سيما في الأحكام، و على فرضه فالمرجع القواعد التي يفزع إليها في جملة المخاطبات من المحكم بالنسخ، أو التخصيص، أو التقييد، أو البيان، أو غيرها مما هو المقرر عند أهل اللسان.
و الثالث بأن ما ذكره من استدلال جميع أرباب المذاهب بالظواهر القرآنية حق لا شبهة فيه، لكنه يقضي بإجماعهم على حجيته و وجوب الأخذ به، نعم ما يستدلون به على باطلهم ليس من الظواهر التي هي من المحكمات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة، و ابتغاء تأويله و ما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم «2»، على أن التعارض و التشابه واقع في نوع الأخبار التي هي حجة عندهم قطعا، مضافا الى أن في قوله يستدلون بظواهر القرآن استدلالا أقوى نظرا من وجهين، فإن استدلالهم ليست بالظواهر فضلا من أن تكون أقوى، و نسبة الاستنباط الى المتأخرين غريب جدا، فإن الطريقة كانت جارية مستمرة من لدن نزول القرآن الى هذا الزمان على استنباط الأحكام من ظواهرها، بل الأصول الاعتقادية أيضا حسبما صرح به في كلامه.
__________________________________________________
 (1) البقرة: 222.
 (2) آل عمران: 7.
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 125
و لذا
قال مولانا أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام في رسالته الي أهل الأهواز حين سئلوه عن الجبر و التفويض: إنه اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون، و على تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي صلى الله عليه و آله: لا تجتمع أمتي على ضلالة، فأخبر عليه السلام أن ما اجتمعت عليه الأمة و لم يخالف بعضها بعضا هو الحق فهذا معنى الحديث، لا ما تأوله الجاهلون، و لا ما قاله المعاندون من أبطال حكم الكتاب و اتباع حكم الأحاديث المزورة و الروايات المزخرفة، و اتباع الأهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب، و تحقيق الآيات الواضحات النيرات، الى أن قال في أبطال الجبر و قوله: ذلك بما قدمت يداك، و أن الله ليس بظلام للعبيد «1»، و قوله: «و ما الله بظلام للعبيد» «2»، و قوله: إن الله لا يظلم الناس شيئا و لكن الناس أنفسهم يظلمون «3» مع آي كثيرة في ذكر هذا الخبر «4»

بطوله المذكور في «الإحتجاج» و بوجه أبسط في «تحف العقول» و فيه الاستدلال بآيات كثيرة كلها ظواهر في الرد على أهل الجبر و غيره من الشواهد الكثيرة المتقدمة أن القرآن هو الصادق و المصدق للأخبار، و الناطق عليها بالحق، و أنه الميزان و المعيار في تصديق الأخبار، و ترجيح مختلفاتها كما أن عليها المدار في إيضاح مشكلات القرآن و تعيين متشابهاتها.
و الرابع بما يغني عن بيانه وضوحه كيف و إنما الكلام في حجية الظواهر التي لا تشمل إلا على قليل من الأحكام، و أين هذا من استنباط جميع الحقائق‏
__________________________________________________
 (1) الكهف: 49.
 (2) و ما ربك بظلام للعبيد- فصلت: 46.
 (3) يونس: 44.
 (4) الاحتجاج ص 249- 252 إلا أنه ليس في الحديث ذكر الآيتين الأخيرتين.
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 126
و الأحكام المدلول عليها في مراتب بطونه و تأويلاته كي لا نحتاج معه الى الأمام الذي أودعه الله تعالى علم كتابه المشتمل على جميع كان و ما يكون.
و الخامس بما سمعت آنفا من الاستدلال بالخبر على المختار و الظاهر أن المراد به الأخذ بما اتضح من كل منهما، فإذا علم شي‏ء من محكمات الكتاب و ظواهره علم أنه قول العترة الطاهرة، و إذا صح شي‏ء منهم علم أنه مأخوذ من الكتاب، و إذا اختلف النقل منهم عرض على الكتاب الذي هو الحاكم على الأخبار المختلفة، أو المجعولة كما أن الكتاب إذا تشابهت دلالته أو اختلف في ظاهر النظر آياته وجب الرجوع فيها الى العترة الطاهرة، و أما المحكم منه فهو الحجة الحاكمة على ما وصل إلينا من أخبارهم.
و لذا
قال مولانا أبو الحسن العسكري عليه السلام في الخبر المتقدم.
بعد ما سمعت حكايته: فأول خبر يعرف تحقيقه من الكتاب و تصديقه و التماس شهادته عليه خبر ورد عن رسول الله صلى الله عليه و آله حيث قال عليه السلام: إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي، ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فلما وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله مثل قوله تعالى: إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون «1»

ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين عليه السلام أنه تصدق بخاتمه و هو راكع (الى أن قال) فالخبر الأول الذي استنبط منه هذه الأخبار خبر صحيح، و هو أيضا موافق للكتاب، فإذا شهد الكتاب بتصديق الخبر لزم الإقرار به الخبر «2».
__________________________________________________
 (1) المائدة: 55.
 (2) الإحتجاج ص 249- 252 و لا يخفى أن المؤلف نقل بالمعنى السطر الآخر لأنه على ما نقله المجلسي في البحار ج 5 ص 21 ط. «فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار و تحقيق هذه الشواهد فيلزم‏
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 127
و السادس بأن مجرد الاحتمال لا يدفع الاستدلال بعد حجية الظواهر مع أنه متطرق الى الأخبار أيضا مضافا الى احتمالات أخرى من حيث السند.
و السابع بالمنع الواضح فإن مجرد احتمال المعاني المختلفة فضلا عن احتمال النسخ و التخصيص و التقييد و غيرها لا يوجب صيرورة المحكم الظاهر الدلالة متشابها.
نعم يجب الفحص في الأدلة اللفظية بلا فرق بين الرواية و الآية عن المخصص و سائر المعارضات للعلم الإجمالي بالاختلاف و طرق الطوارئ من التخصيص و غيره في الجملة، و هذا لا اختصاص له بالآيات بل لعله في الأخبار أكثر منه فيها، و أين هذا من القول بعدم حجية الظواهر السالمة عن جميع المعارضات أو الراجحة عليها بعد الفحص التام كما هو محل البحث في المقام، فعدم وصول المعارض إلينا كاف في بقاء الظواهر على حجيتها، مع أن مجرد الاحتمال متطرق إليهما معا، و
قد ورد عنهم عليهم السلام أن في أخبارنا محكما محكم القرآن، و متشابها كمثابة القرآن «1».
ثم إنه قد ظهر من جميع ما مر ضعف ما ربما يحكى عن الأمين الإسترابادي الذي هو أول من سد باب التمسك بالآيات حيث استدل لذلك بعدم ظهور دلالة قطعية على الحجية، و يترتب المفاسد على فتح هذا الباب، ألا ترى أن علماء العامة قالوا في قوله تعالى: أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم «2»: أن المراد بأولي الأمر، السلاطين، و بأن القرآن نزل على وجه التعمية بالنسبة الى أذهان الرعية، و بأنه إنما نزل على قدر عقول أهل الذكر، و بأن‏
__________________________________________________
الأمة الإقرار بها كانت هذه الأخبار موافقة للقرآن، و وافق القرآن هذه الأخبار».
 (1) عيون الأخبار ط. قم ج 1 ص 290، وسائل الشيعة ج 18 ص 82 ط. بيروت.
 (2) النساء: 59.
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 128
العلم بناسخه و منسوخه، و الباقي على ظاهره، و غير الباقي على ظاهره ليس إلا عند أهل البيت عليهم السلام، و إن الظن ببقائها على ظاهرها إنما يحصل للعامة دون الخاصة الى غير ذلك مما يتضح الجواب عنه بالتأمل فيما ذكرناه آنفا.
كما أنه يظهر منه أيضا ضعف ما ذكره السيد صدر الدين «1» في «شرح الوافية» حيث استدل من قبل القائلين بحجية الظواهر القرآنية بأن المتشابه كما يدل عليه بعض الأخبار ما اشتبه على جاهة، فنقول لا شي‏ء من الظاهر بمشتبه، و كل متشابه مشتبه، فلا شي‏ء من الظاهر بمتشابه و إذا لم يكن متشابها فيكون محكما و كل محكم يجب العمل به وفاقا، أما الكبرى فللأخبار، و أما الصغرى فلأن معنى قوله ما اشتبه على جاهة هو أن غير الإمام المعبر عنه بالجاهل بعد علمه بالوضع لا يتصور منه الجهل بالمراد من اللفظ بحيث يصير مترددا فيه، و لا شك أن الظاهر يكون المراد منه مظنونا فلا يكون مشتبها بهذا المعنى.
و أجاب عنه، أولا بما حاصله أن المظنون أيضا مشتبه لصدق الجهل المقابل للعلم الذي هو الإعتقاد الجازم على الظن، فالظان أيضا جاهل.
و ثانيا أنه لا دليل على حصر الآيات في المحكم و المتشابه، و الآية غير دالة عليه بل يجوز أن يكون الحكم وجوب إتباع المحكم ورد المتشابه الى العالم و الوقوف عند الظواهر.
قلت: و هو غريب جدا بعد قيام الإجماع القطعي على حجية الظواهر و أن‏
__________________________________________________
 (1) السيد صدر الدين بن محمد باقر الرضوي القمي، فقيه، تلمذ على المدقق الشيرواني و الآغا جمال الخونساري و الشيخ جعفر القاضي ثم رحل الى قم و قام بالتدريس حتى كثرت الفتن فانتقل الى النجف الخونساري و الشيخ جعفر القاضي ثم رحل الى قم و قام بالتدريس حتى كثرت الفتن فانتقل الى النجف و عظم موقعه في النفوس و اشتغل بالتدريس و تلمذ عليه جمع من الأعاظم مثل الأستاذ الأكبر المحقق البهبهاني و غيره، صنف كتبا قيمة مثل رسالة في حديث الثقلين، و شرح الوافية في الأصول، و كتاب الطهارة استقصى فيه المسائل و نصر مذهب ابن عقيل في عدم تنجس الماء القليل، توفي سنة 1160.
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 129
الظن في باب اللغات حجة و إن اختلفوا في حجيته في الأحكام، مضافا الى أن المعروف من مذهب الأخباريين تفسير العلم بالاعتقاد الراجح الشامل له و لذا ادعوا قطعية الإخبار حسبما فصل في الأصول، و أغرب منه نفي الحصر و الالتزام بالتثليث فإن الظاهر من الآية بل كاد أن يكون صريحها الحصر مضافا الى دلالة الأخبار الكثيرة عليه.
ثم أنه رحمه الله فرق في آخر كلامه بين ظواهر الكتاب و ظواهر الأخبار التي لا شك في حجيتها، مع أن قضية إلحاق المظنون بالمتشابه في الموضعين: بأنا لو خلينا و أنفسنا لعلمنا بظواهر الكتاب و السنة عند عدم نصب القرينة العقلية و الفعلية، و القولية المتصلة على خلافها، و لكن منعنا عن ذلك في العمل بالقرآن إذ منعنا الله عن إتباع المتشابه، و لم يبين حقيقته لنا، و منعنا رسول الله صلى الله عليه و آله عن تفسير القرآن، و لا ريب أن غير النص محتاج الى التفسير لتحقق الاحتمال فيه، و أوصيائه عليهم السلام أيضا منعونا.
و أيضا ورد الذم في إتباع الظن من غير استثناء ظواهر القرآن لا قولا لا تقريرا، و ليس هناك دليل قطعي بل و لا ظني و لا إجماع على الاستثناء.
و أما الأخبار فقد علمنا بجواز العمل بظواهرها من غير فحص من جهة الإجماع.
أقول: أما حجية الظواهر فموضع وفاق حسبما برهن عليه في الأصول إذ عليه بناء المخاطبات و المحاورات، و المكاتبات في جميع اللغات، مع عدم التأمل من أحد في العمل بها مع قيام احتمالات عديدة من المجاز، و النسخ و التخصيص، و التقييد، و غيرها، و بالجملة فالأصل المؤسس في المقام هو حجية الظواهر كما وقع التصريح به في مواضع من كلامه الذي لا داعي الى الأطناب بحكايته، و حينئذ فالاستدلال بالظواهر الناهية عن اتباع الظن مع كونه‏
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 130
دوريا بل من وجهين إذا كانت من ظواهر الكتاب ضعيف جدا، نعم قد ادعى المانع عن العمل بها و هو المنع عن إتباع المتشابه مع عدم بيان حقيقته.
و فيه أنه مع فرض عدم البيان فالمرجع في فهم معناه العرف و اللغة الحاكمين على عدم شموله للظواهر التي لا يتأمل أحد من أهل العرف و اللغة في كونها من المحكم المفسر بما اتضح معناه و ظهر لكل عارف باللغة، لا المتشابه الذي لا يعلم المراد به إلا بقرينة تدل عليه أو بغيره مما مرت إليه الإشارة، على أن دعوى عدم بيان حقيقته ممنوعة جدا كيف و قد سمعت دلالة الأخبار عليه، و قضيتها كون المنسوخ منه لا ما احتمل نسخه سيما بعد تأسيس الأصل المتقدم، كما أنه لا يرفع اليد عن العام و المطلق و غيرهما من الظواهر التي هي الحقائق بمجرد احتمال التخصيص و التقييد و الإضمار و غيرها مما يعد في المجاز، هذا مضافا الى أنهما مفسران في الأخبار بما يؤول الى المعنى العرفي حسبما سمعت في ما مر.
و من هنا يظهر النظر فيما أطنب من الكلام من نصرة الأخباريين سيما فيما مهده من المقدمة الثانية لذلك فلاحظ بل و فيما ذكره المحدث البحراني (رحمه الله تعالى) «1» في مقدمات «الحدائق»، و في «الدرر النجفية». و ان اختار في آخر
__________________________________________________
 (1) المحدث الكبير، و الفقيه العظيم الشيخ يوسف بن أحمد البحراني، كان محدثا، فقيها، غزير العلم. ولد في قرية ماحوز سنة 1107 و قام والده العلامة الكبير بتدريبه و تربيته و تصدى لتدريسه و تعليمه حتى أكمل في العلوم الأدبية و مهر فيها، مضى من عمره أربع و عشرون سنة و قد صار جامعا للعلوم العقلية و النقلية و لكن في هذه السنة أي 1131 مات والده تغمده الله برحمته، بقي المترجم بعد أبيه بالقطيف سنتين حتى احتلت الأفاغنة بلاد إيران و قتلوا الشاه سلطان حسين آخر ملوك الصفوية و تفاقمت الاضطرابات في البحرين و استمرت الثورات الداخلية حتى ألجأت المترجم له الى الجلاء عن وطنه فارتحل الى إيران برهة في كرمان ثم ارتحل الى شيراز و لبث بها غير يسير مدرسا و إماما و تفرغ للمطالعة و التأليف، و البحث و التدريس فألف جملة من الكتب و عدة من الرسائل و لكن ما أمهله الدهر
                       

تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 131
كلامه التفصيل المستفاد من تبيان الشيخ رحمه الله المؤيد بالعلوي المروي في الإحتجاج حسب ما مر حكايتها.
__________________________________________________
حتى عصفت بتلك البلاد عواصف الأيام و ألجأت المترجم له إلى الالتجاء بقرية (فسا) و ابتدأ هناك بتصنيف الحدائق حتى ثار طاغية شيراز (نعيم داغ خان) في سنة 1163 و قتل حاكم فسا و هجم على دار المترجم له و هو مريض و نهبت أمواله و أكثر كتبه ففر منها مريضا بعائلته صفر اليد بناحية اصطهبانات و لبث بها مدة يقاسي مرارات الآفات و لكن تلك الظروف القاسية، و المواقف الحرجة لم تمنعه عن المطالعة و التأليف فتراه في خلالها كلها مكبا على مطالعاته، جادا في تأليفاته، سائرا في نهجه، فقد أنتج من بين الظروف و هاتيك الأدوار كتبا قيمة ناهزت الأربعين سيما الحدائق الناضرة و لنعم ما قال في حقه العلامة المولى شفيع الجابلقي البروجردي في إجازته الكبيرة المسماة ب الروضة البهية في الإجازات الشفيعية:
أما الشيخ المحدث المحقق الشيخ يوسف قدس سره صاحب الحدائق فهو من أجلاء هذه الطائفة، كثير العلم، حسن التصانيف، نقي الكلام، بصير بالأخبار المروية عن الأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) يظهر كمال تتبعه و تبحره في الآثار المروية بالنظر إلى كتبه سيما الحدائق الناضرة، فإنها حقيق أن تكتب بالنور على صفحات و جنات الحور، و كل من تأخر عنه استفاد من حدائقه، و كان ثقة، ورعا، عابدا، زاهدا .. فلينظر إلى ما وقع على هذا الشيخ من البلايا و المحن، و مع ذلك كيف اشغل نفسه و صنف تصنيفات فائقة؟ .. أرباب التراجم و أصحاب المعاجم بعده كلهم أثنوا عليه، قد حل المترجم له بالحائر المقدس على عهد زعيمها الأكبر المحقق البهبهاني قبل سنة 1169 و دارت بينه و بين البهبهاني مناظرات كثيرة في الأبحاث العلمية، توفي قدس سره رابع ربيع الأول سنة 1186 و دفن بالحائر.
الأعلام ج 9 ص 286، روضة البهية، مقدمة الحدائق للسيد عبد العزيز الطباطبائي.

 

 

 

ملخّص الکلام

الصراط المستقیم ج ۲ ص ۹۱-۱۳۱
شکی نیست که در طول تاریخ قرآن مورد استناد عالمان و فرق مختلف بوده است تا زمانی که اخباریون سر براوردند

ادله حجیت ظهور در مقابل مدعای اخباریون

۱.اجماع قطعی در زمان ایمه و بعد از آن به صورت مستمر در جمیع اعصار و امصار تا قبل از کلام اخباریان بر جواز اخذ به ظواهر و اخذ به محکمات قرآن و استدلال به آن در مقاصد دینی مواعظ و قصص و اصول عقایدشان.
در میان استدلالات کسی به اصل منع استدلال به ظواهر قرآن استناد نکرده است.
از جمله شواهد این مطلب تصدیر کتاب حتی محدثین است  به آیات شریفه مثل جامع الاخبار و بیان کلینی در ابتدای کافی بر اثبات وجوب تفقه با استناد به برخی از آیات و صدوق و دعایم و دیگران.
۲.(موید)استقرار امر عامه و خاصه به صورت استمراری بر تفسیر آیات قرآن به صورت عام بدون اقتصار بر خصوص آیات مفسره در روایات.بلکه در این تفاسیر وجه مذکور حضرات به عنوان یکی از وجوه احتمالی بیان شده است.
۳.استدلال حضرات به آیات و احتجاج به آن‌ها در مقابل مخالفین و رویه شیعه بر این مطلب و تقریر ایمه نسبت به آن
۴.توقف اعجاز بودن کتاب خدا بر امکان فهم الا علی القول بالصرف و هو ضعیف جدا
۵.روایات متعدد در توافق با ظواهر آیات در بحث احکام قصص و مواعظ
مثل روایات متواتره ابواب ارث و روایات باب نکاح و طلاق و ظهار و ایلا و کفارات و مطاعم و مصارف خمس و صدقات و حج و کیفیه وضو و تیمم و همین‌طور روایات قصص انبیاء و احوال مواعید به گونه‌ای که برای انسان قطع حاصل می‌شود که همین ظواهر آیات مقصود بوده است.علاوه بر این قطع حاصل می‌شود که ظاهر آیات حجت است و مقصود از سیاق خطاب هم همان ظاهر است گرچه وجوه دیگر هم از باب تاویل و بطون است که حجیت بعضی از آن‌ها هم ممنوع نیست حجیتشان.
۶.دسته کثیری از آیات

كقوله تعالى: وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ‏                   
يَتَذَكَّرُونَ قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «1».
و قوله تعالى: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها «2».
و قوله: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً «3».
و قوله: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى‏ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ «4»، الى قوله تعالى: وَ لَوْ نَزَّلْناهُ عَلى‏ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ «5».
و قوله تعالى: وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَ صَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً «6».
و قوله: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى‏ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ «7».
و قوله تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ «8».

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 98
و قوله تعالى: وَ إِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى‏ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ «1».
و قوله: انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ «2».
و قوله: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ «3».
و قوله تعالى: قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «4». و في آية: لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ «5». و في أخرى: لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ «6».
و قوله: وَ لَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى‏ عِلْمٍ هُدىً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ «7» وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى‏ مُكْثٍ «8».
و قوله: إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. «9» و قوله تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى‏ بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ «10».

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 99
و قوله تعالى: وَ إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا «1».
و قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ «2».
و قوله تعالى: وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا «3».
و قوله تعالى: وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ «4».

۷.تعبیر به يا أيّها الناس، يا أيّها الذين آمنوا، يا أهل الكتاب، يا بني آدم، يا عبادي الذين آمنوا، يوصيكم في أولادكم، امثال این تعابیر که مشخص می‌کند خطاب قرآن عام است
۸.امر به استعاذه از نار هنگام قرایت آیات عذاب و درخواست بهشت در هنگام قرایت آیات بهشت
۹.خطاب به مشرکین و احتجاجات علیه یهود و نصاری در قرآن و ارسال سوره برایت به مکه
۱۰.تقسیم آیات به محکم و متشابه و ذم اتباع از متشابه ایثارا للفتنه که یدل علی عدم الذم بر اتباع محکم و پاسخ مصنف به شبهات اخباریون در این آیه به تفصیل در ص ۱۰۱
در اینکه ظاهر محکم است مصنف استدلال می‌کند به مواردی از قبیل این روایت نعمانی
عن تفسير النعماني بإسناده المعروف عن مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام و رواه القمي في تفسيره مرسلا قال صلّى اللّه عليه و آله: و المحكم ممّا ذكرته في الأقسام ما تأويله في تنزيله من تحليل ما أحلّ اللّه سبحانه في كتابه، و تحريم ما حرّم اللّه فيه من المأكل و المشارب و المناكح.
و منه ما فرض اللّه عزّ و جلّ من الصلوة و الزكاة، و الصيام، و الحج و الجهاد و ما دلهم به ممّا لا غنى بهم عنه في جميع تصرفاته مثل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ الآية «1».
و هذا من المحكم الذي تأويله في تنزيله، و لا يحتاج في تأويله الى أكثر من التنزيل، و منه قوله عزّ و جلّ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ الآية «2» فتأويله في تنزيله، فهذا كله محكم لم ينسخه شي‏ء قد استغنى بتنزيله عن تأويله «3».
و
قال (عليه السّلام) في موضع آخر: و أما ما في القرآن تأويله في تنزيله فهو

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 103
كل آية محكمة نزلت في تحريم شي‏ء من الأمور المتعارفة التي كانت في أيام العرب تأويلها في تنزيلها، فليس يحتاج فيها الى تفسير أكثر من تأويلها و ذلك مثل قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ الآية «1»، و قوله: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ الآية «2»، و قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا «3» و قوله: وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا «4» و قوله تعالى: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً «5».
و مثل ذلك في القرآن كثير ممّا حرّم اللّه سبحانه لا يحتاج المستمع له الى مسألة عنه: و قوله عزّ و جلّ في معنى التحليل: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيَّارَةِ «6»، و قوله تعالى: وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا «7» و قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ «8»، و قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ «9»،

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 104
و قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى‏ نِسائِكُمْ «1»، و قوله تعالى:
لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ «2» و مثل هذا كثير في كتاب اللّه الخبر «3».
۱۱.روایات کثیره دال بر عرض روایات بر قرآن

ففي عدّة من الصحاح و غيرها: إنّ علي كل حقّ حقيقة، و على كل صواب نورا، فما وافق كتاب اللّه فخذوه، و ما خالف كتاب اللّه فدعوه «4».
و
في حديث جابر عن أبي جعفر عليه السّلام: انظروا أمرنا، و ما جائكم منّا، فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به، و إن لم تجدوه موافقا فردّوه «5».
و
في خبر آخر طويل: فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما

على كتاب اللّه فما كان في كتاب اللّه موجودا حلالا أو حراما فاتّبعوا ما وافق الكتاب الخبر «1».
و پاسخ به شبهات اخباریون ص ۱۰۵
۱۲.روایات متعدد در بیان قرآن
 و في فضل القرآن و شرفه، و أنه المخرج من الفتنة، و هو الفصل ليس بالهزل، و لا يشبع منه العلماء، و لم تلبث الجنّ إذا سمعته‏
 «ان قالوا إنّا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد، و أنّه إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنّه شافع مشفّع، و ما حل مصدّق، و من جعله أمامه قاده الى الجنّة، و من جعله خلفه ساقه الى النار، و هو الدليل يدّل على خير سبيل، هو كتاب فيه تفصيل و بيان و تحصيل، و أنّ من استضاء به نوّره اللّه، و من عقد به أموره عصمه اللّه، و من تمسّك به أنقذه اللّه، و من لم يفارق أحكامه رفعه اللّه، و من استشفى به شفاه اللّه، و من آثره على ما سواه هداه اللّه، و من طلب الهدي في غيره أضله اللّه، و من جعله شعاره و دثاره أسعده اللّه «1».
بل‏
في الخبر عن السجاد عليه السّلام أنّ القرآن بلغة العرب فيخاطب فيه أهل اللسان بلغتهم، أما نقول للرجل التميمي الذي قد أغار قومه على بلد و قتلوا فيه أغرتم على بلد و فعلتم كذا الخبر.
و
في موثقة عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل شرب الخمر في عهد أبي بكر و عمر، و اعتذر بجهله بالتحريم، فسألا أمير المؤمنين عليه السّلام عن ذلك‏
                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 108
فأمر عليه السّلام بأن يدار به على مجالس المهاجرين و الأنصار و قال: من كان قرء عليه آية التحريم فليشهد عليه، ففعلوا ذلك، فلم يشهد عليه أحد فخلّى عنه «1».
و نحوه‏
رواية أبي بصير عنه عليه السّلام و فيها: فإن لم يكن تلي عليه آية التحريم فلا شي‏ء عليه «2».
و
عن «الخصال» عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: إنّما أتخوّف على أمتي من بعدي ثلث خلال أن يتأولّوا القرآن على غير تأويله، أو يبتغوا زلّة العالم، أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا، و سأنبئكم المخرج من ذلك، و أمّا القرآن فاعملوا بمحكمه، و آمنوا بمتشابهه «3».
و
في «جامع الأخبار» «4» و «غوالي اللئالي» عن مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ‏

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 109
كتاب اللّه على أربعة أشياء: على العبارة، و الإشارة، و اللطائف، و الحقائق، فالعبارة للعوامّ، و الإشارة للخواصّ، و اللطائف للأولياء، و الحقائق للأنبياء «1».
دلالة هذه الروايات على المطلوب بيّنة، و المراد بالخواصّ غير الأئمة المعبّر عنهم بالأولياء و إلا لا تحدّث معها و صارت الأربعة ثلثه، مضافا الى مقابلتها للعوامّ فلكلّ من الطوائف الأربع حظّ و نصيب من فهم القرآن و علمه.
و
في «الاحتجاج» عنه عليه السّلام في حديث الزنديق الذي جاء بأي من القرآن زاعما تناقضها حيث قال عليه السّلام بعد كلام طويل: ثم إن اللّه جلّ ذكره بسعة رأفته و رحمته بخلقه و علمه بما يحدثه المبدّلون قسّم كلامه ثلاثة أقسام: فجعل قسما منه يعرفه العالم و الجاهل، و قسما لا يعرفه إلّا من صفا ذهنه و لطف فهمه و حسّه و صحّ تمييزه ممّن شرح اللّه صدره للإسلام، و قسما لا يعرفه إلّا اللّه و أمناؤه الراسخون في العلم الخبر «2».
و
في العلوي المذكور في «النهج» و غيره بعد قوله تعالى: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ الآية «3»: فالردّ الى اللّه الأخذ بمحكم كتابه، و الردّ الى الرسول الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرّقة،
ففي «النهج» في معنى الخوارج: و لما دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا لم تكن الفريق المتولّي عن كتاب اللّه تعالى قال اللّه سبحانه: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ «4» فردّوه الى اللّه نحكم بكتابه «5»
 و في فضل القرآن و شرفه، و أنه المخرج من الفتنة، و هو الفصل ليس بالهزل، و لا يشبع منه العلماء، و لم تلبث الجنّ إذا سمعته‏
 «ان قالوا إنّا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد، و أنّه إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنّه شافع مشفّع، و ما حل مصدّق، و من جعله أمامه قاده الى الجنّة، و من جعله خلفه ساقه الى النار، و هو الدليل يدّل على خير سبيل، هو كتاب فيه تفصيل و بيان و تحصيل، و أنّ من استضاء به نوّره اللّه، و من عقد به أموره عصمه اللّه، و من تمسّك به أنقذه اللّه، و من لم يفارق أحكامه رفعه اللّه، و من استشفى به شفاه اللّه، و من آثره على ما سواه هداه اللّه، و من طلب الهدي في غيره أضله اللّه، و من جعله شعاره و دثاره أسعده اللّه «1».
بل‏
في الخبر عن السجاد عليه السّلام أنّ القرآن بلغة العرب فيخاطب فيه أهل اللسان بلغتهم، أما نقول للرجل التميمي الذي قد أغار قومه على بلد و قتلوا فيه أغرتم على بلد و فعلتم كذا الخبر.
و
في موثقة عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل شرب الخمر في عهد أبي بكر و عمر، و اعتذر بجهله بالتحريم، فسألا أمير المؤمنين عليه السّلام عن ذلك‏

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 108
فأمر عليه السّلام بأن يدار به على مجالس المهاجرين و الأنصار و قال: من كان قرء عليه آية التحريم فليشهد عليه، ففعلوا ذلك، فلم يشهد عليه أحد فخلّى عنه «1».
و نحوه‏
رواية أبي بصير عنه عليه السّلام و فيها: فإن لم يكن تلي عليه آية التحريم فلا شي‏ء عليه «2».
و
عن «الخصال» عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: إنّما أتخوّف على أمتي من بعدي ثلث خلال أن يتأولّوا القرآن على غير تأويله، أو يبتغوا زلّة العالم، أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا، و سأنبئكم المخرج من ذلك، و أمّا القرآن فاعملوا بمحكمه، و آمنوا بمتشابهه «3».
و
في «جامع الأخبار» «4» و «غوالي اللئالي» عن مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ‏

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 109
كتاب اللّه على أربعة أشياء: على العبارة، و الإشارة، و اللطائف، و الحقائق، فالعبارة للعوامّ، و الإشارة للخواصّ، و اللطائف للأولياء، و الحقائق للأنبياء «1».
دلالة هذه الروايات على المطلوب بيّنة، و المراد بالخواصّ غير الأئمة المعبّر عنهم بالأولياء و إلا لا تحدّث معها و صارت الأربعة ثلثه، مضافا الى مقابلتها للعوامّ فلكلّ من الطوائف الأربع حظّ و نصيب من فهم القرآن و علمه.
و
في «الاحتجاج» عنه عليه السّلام في حديث الزنديق الذي جاء بأي من القرآن زاعما تناقضها حيث قال عليه السّلام بعد كلام طويل: ثم إن اللّه جلّ ذكره بسعة رأفته و رحمته بخلقه و علمه بما يحدثه المبدّلون قسّم كلامه ثلاثة أقسام: فجعل قسما منه يعرفه العالم و الجاهل، و قسما لا يعرفه إلّا من صفا ذهنه و لطف فهمه و حسّه و صحّ تمييزه ممّن شرح اللّه صدره للإسلام، و قسما لا يعرفه إلّا اللّه و أمناؤه الراسخون في العلم الخبر «2».
و
في العلوي المذكور في «النهج» و غيره بعد قوله تعالى: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ الآية «3»: فالردّ الى اللّه الأخذ بمحكم كتابه، و الردّ الى الرسول الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرّقة،
ففي «النهج» في معنى الخوارج: و لما دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا لم تكن الفريق المتولّي عن كتاب اللّه تعالى قال اللّه سبحانه: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ «4» فردّوه الى اللّه نحكم بكتابه «5»

عن تفسير العيّاشي عن هشام رفعه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قيل له روي‏

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 111
عنكم أنّ الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجال، فقال عليه السّلام: ما كان اللّه ليخاطب خلقه بما لا يعقلون «1».
و
عن كنز الفوائد للكراجكي «2» قال جاء في الحديث أنّ قوما أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا: أ لست رسول اللّه تعالى؟ قال لهم: بلى، قالوا له: و هذا القرآن الذي أتيت به كلام اللّه تعالى؟ قال عليه السّلام: نعم، قالوا: فأخبرنا عن قول اللّه: إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ «3»، إذا كان معبودهم معهم في النار فقد عبدوا المسيح، أ فنقول: إنّه في النار؟ فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إن اللّه سبحانه أنزل القرآن عليّ بكلام العرب، و المتعارف في لغتها أنّ ما لما لا يعقل، و من لمن يعقل، و الذي يصلح لهما جميعا، فإن كنتم من العرب فأنتم تعلمون هذا قال اللّه تعالى: إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ، يريد الأصنام التي عبدوها و هي لا تعقل، و المسيح لا يدخل في جملتها فإنه يعقل، و لو قال: إنكم و من تعبدون لدخل المسيح في الجملة، فقال القوم: صدقت يا رسول اللّه.
و
في «الكافي» و «المحاسن» عن محمد بن منصور قال سألت عبدا

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 112
صالحا «1» عن قول اللّه عزّ و جلّ إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر و ما بطن، قال عليه السّلام إنّ القرآن له ظاهر و باطن، فجميع ما حرّم اللّه في القرآن فهو حرام على ظاهره كما هو الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الجور، و جميع ما أحلّ اللّه في الكتاب فهو حلال و هو الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الهدى «2».
و
في العلل عن الباقر عليه السّلام في حديث الطينة في قوله تعالى: مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ «3» قال عليه السّلام: هو في الظاهر ما تفهمونه و في الباطن كذا إلخ .. «4»

و
في «الخصال» عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: أمّا القرآن فاعملوا بمحكمه و آمنوا بمتشابهه «5».
و
عن الصادق عليه السّلام قال: القرّاء ثلاثة (ثم ذكرهم و ذمّ إثنين منهم و مدح واحدا و هو) من يعمل بمحكمه، و يؤمن بمتشابهه، و يقيم بفرائضه، و يحلّ حلاله، و يحرّم حرامه «6».
و
في «العيون»، من ردّ متشابه القرآن الى محكمه فقد هدى الى صراط مستقيم «7».

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 113
و
في «الكافي» و «الفقيه» عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:
قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ «1»، قال عليه السّلام: ما أبينها من شهد فليصمه، و من سافر فلا يصمه «2».
و
في «الكافي» و «التهذيب» عن الصادق عليه السّلام في حديث قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ «3»، فلو سكت لم يبق أحد إلّا تعجّل لكنّه قال: وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ «4». «5»

و
في «العلل» في الصحيح و تفسير العياشي عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السّلام أ لا تخبرني من أين علمت و قلت إنّ المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين؟
فضحك (عليه السّلام) و قال: يا زرارة قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نزل به الكتاب من اللّه تعالى فإنّ اللّه يقول: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فعرفنا أن الوجه كلّه ينبغي أن يغسل، ثم قال: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فوصل اللّه اليدين الى المرفقين بالوجه، فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا الى المرفقين ثمّ فصل بين الكلامين فقال:
وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ فعرفنا حين قال برؤوسكم أنّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه، فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضها الخبر «6»

، و قريب منه خبران آخران.
و
في «الكافي» و «التهذيب» عن عبد اللّه الأعلى مولى آل سام قال: قلت‏

                        تفسير الصراط المستقيم، ج‏2، ص: 114
لأبي عبد اللّه عليه السّلام: عثرت فانقطع ظفري، فجعلت على إصبعي مرارة «1» فكيف أصنع بالوضوء؟ فقال عليه السّلام: يعرف هذا و أشباهه من كتاب اللّه، قال اللّه تعالى:
وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «2» امسح عليه «3».
و
عنه عليه السّلام في ذبائح أهل الكتاب فقال عليه السّلام: قد سمعتم ما قال اللّه تعالى في كتابه، قالوا نحبّ أن تخبرنا فقال عليه السّلام: لا تأكلوها «4» إلخ.
و
في الصحيح عنه عليه السّلام: لو أنّ رجلا دخل في الإسلام فأقرّ به ثم شرب الخمر، و زنى، و أكل الرّبا، و لم يتبيّن له شي‏ء من الحلال و الحرام، لم أقم عليه الحدّ إذا كان جاهلا إلّا أن تقوم عليه البينة أنّه قرأ السورة التي فيها الزنا، و الخمر، و أكل الرّبا «5».
و في أخبار كثيرة عنهم الاستشهاد بكثير من الآيات بل في أكثرها: ألم تسمع اللّه تعالى يقول: ألا ترى أنّ اللّه تعالى قال؟ أما تتلو كتاب اللّه؟ أما تقرأ من القرآن كذا؟ أما تقرأ كتاب اللّه؟ أما سمعت قول اللّه؟ بل كثير منها البحث عن الدلالة و كيفيّتها كما سمعت الخبر في كيفيّة المسح، و في تفسير إنّكم و ما تعبدون، و غيره.
و
في الصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السّلام: ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي؟ فقال عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:
، ج‏2، ص: 115
وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ «1» فصار التقصير في السفر واجبا، كوجوب التمام في الحضر، قالا: قلنا: إنما قال اللّه عزّ و جلّ: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ «2»، و لم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك؟ كما أوجب التمام في الحضر فقال عليه السّلام: أو ليس قد قال اللّه: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما «3» ألا ترون أنّ الطواف بهما واجب مفروض، لأنّ اللّه تعالى ذكره في كتابه، و صنعه نبيه (صلّى اللّه عليه و آله) و كذلك التقصير بهما واجب مفروض، لأنّ اللّه ذكره في كتابه، و صنعه نبيه صلّى اللّه عليه و آله و ذكره اللّه تعالى في كتابه الخبر «4».
۱۳.سوال نکردن اصحاب از حضرات مگر موارد متشابه آیات را
در ادامه به تفصیل به بررسی کلام اخباریون و رد شبهات آن‌ها پرداخته است که روح پاسخ همان تفکیک بین محکم و متشابه است.

 

 

































فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است