فعلیت تدریجی

فعلیت حکم
مبحث فعلیت تدریجی در جلسات فقه سال تحصیلی ١٣٩۵-١٣٩۶









فعليت تدریجی در کلمات علماء

نکته: عبارات پیش رو، عباراتی است که در آن واژگان نزدیک به فعلیت تدریجی به کار رفته است. این مطلب لزوماً به معنای استفاده از این واژه در عین مفهوم به کار رفته در جلسات درس نیست.

میرزا محمد حسین نائینی

واجب تعلیقی

                        أجود التقريرات، ج‏1، ص: 145
 (فان قلت) كيف أنكرتم الواجب المعلق و الوجوب المشروط بالشرط المتأخر مع انه لا إشكال في ان الصوم عمل واحد له وجوب واحد و لازم ذلك هو الالتزام بالشرط المتأخر و الواجب المعلق (بيان ذلك) ان وجوب الإمساك في أول الفجر مشروط ببقاء شرائط التكليف إلى آخر الوقت لا محالة و بانتفاء شرط التكليف في جزء من الزمان و لو كان هو الجزء الأخير يستكشف عدم التكليف بالإمساك بما انه صوم من أول الوقت فالتكليف بالإمساك في أول الوقت مشروط بشرط متأخر و هو بقاء شرائط التكليف إلى الغروب كما أن الجزء الأخير من الإمساك مطلوب من أول الوقت لفرض وحدة الطلب و المطلوب و هذا عين الالتزام بالواجب التعليقي و كون الوجوب فعليا و الواجب استقباليا و منه يظهر حال الصلاة أول وقتها فان وجوبها أول الوقت أيضا مشروط بشرط متأخر و هو بقاء شروطها إلى مقدار أربع ركعات بعد الوقت‏
                       

أجود التقريرات، ج‏1، ص: 146
و الجزء الأخير منها مطلوب من أول الوقت فتلخص ان الالتزام بالشرط المتأخر و الواجب التعليقي مما لا محيص عنه في التدريجيات الموقتة (قلت) اما لزوم [1] الالتزام بالشرط المتأخر في التكليف بالتدريجيات فسيجي‏ء في محله إن شاء الله تعالى انه لا بد لنا بعد بيان استحالة الشرط المتأخر من الالتزام بكون العنوان المنتزع المقارن كعنوان التعقب شرطا فيما دل الدليل على ذلك و ساعده الاعتبار لا في أمثال الإجازة التي دل الدليل على شرطية نفسها و أظهر الموارد التي يمكن القول فيها بشرطية عنوان التعقب هي الواجبات التدريجية فانه إذا كان استمرار شي‏ء كالحياة مثلا شرطا للتكليف فمعناه أن الشرط بالإضافة إلى كل جزء من الإمساك مثلا هي الحياة المقارنة معه المسبوقة و الملحوقة بمثلها إلى الغروب فليس الشرط هي نفس الحياة المتأخرة حتى يلزم تأخره بل الشرط هو عنوان التعقب المقارن مع الوجوب (و اما) لزوم الالتزام بالواجب المعلق فممنوع أيضا لأن الواجب و شرطه إذا كانا تدريجيين فلا محالة يكون الوجوب أيضا كذلك لما ذكرناه من ان فعلية الحكم تساوق فعلية موضوعه و يستحيل التقدم و التأخر فإذا كان الشرط و هي الحياة تدريجيا فكل جزء يكون فيه الشرط فعليا يكون الوجوب فيه فعليا أيضا و اما بالإضافة إلى الجزء الآخر فحيث ان الشرط ليس بفعلي فيكون وجوبه أيضا كذلك و بالجملة فعلية الوجوب تتبع فعلية موضوعه و شرطه و لا ينافى التدريج في الفعلية لتدريجية الشرط وحدة الوجوب و الشرط كما هو واضح فالشرط هي الحياة المستمرة و الوجوب أيضا مستمر باستمرارها فتوهم لزوم الالتزام بالواجب التعليقي انما نشأ من توهم فعلية الوجوب المتعلق بالجزء الأخير مع الغفلة عن ان فعلية الوجوب بالإضافة إليه انما تكون عند فعلية شرطه و يستحيل تقدمها عليها (ثم لا يخفى) ان الزمان المفروض قيدا قد يكون قيدا للواجب بمعنى ان ما يترتب عليه المصلحة هو الفعل المقيد من أول الفجر إلى الغروب و عليه فالفعلية و ان كانت تدريجية إلا أن وجوب الإمساك في مقدار من النهار مع العلم بعدم بقاء الشرائط إلى الغروب و كذلك ترتب الكفارة على عصيانه يكون على خلاف القاعدة و قد يكون قيدا للوجوب بمعنى ان الإمساك متعلق للوجوب الواحد المستمر إلى الغروب على‏
__________________________________________________
 [1] قد تقدم تحقيق الحال في مطلق الواجبات المقيدة بالزمان و غير المقيدة به فراجع‏
                        أجود التقريرات، ج‏1، ص: 147
تقدير بقاء الشرائط فوجوب الإمساك في مقدار من الزمان الموجود فيه الشرائط يكون على القاعدة و كذلك ترتب الكفارة على عصيانه و الفعلية التدريجية بناء على كون الزمان قيدا للوجوب أوضح منها بناء على كونه قيدا للواجب و ان كان الأمر فيه كذلك أيضا

 

                        فوائد الاصول، ج‏1، ص: 209
و اما ضعف ابتنائه على الواجب المعلق، فلأن الخطاب و ان كان امرا واحدا مستمرا يتحقق بأول الطلوع و يستمر إلى الغروب، إلا ان فعليته تدريجية حسب تدريجية المتعلق و الشروط، فكما ان الشروط من الحياة و القدرة و غير ذلك تحصل تدريجا- إذ لا يعقل تحقق الحياة من الطلوع إلى الغروب دفعة واحدة و في آن واحد، بل لا بد من ان تتحقق تدريجا حسب تدرج آنات الزمان، و كذا الحال‏
                       

فوائد الاصول، ج‏1، ص: 210
بالنسبة إلى الإمساك فيما بينها الذي يكون متعلقا لا بد و ان يتحقق متدرجا في آنات الزمان- فكذلك فعلية الخطاب انما تكون تدريجية، و يكون فعلية وجوب الإمساك في كل آن مشروطا بوجود ذلك الآن، و تكون الفعلية متدرجة في الوجود حسب تدرج آنات الزمان، و لا يعقل غير ذلك، إذ كما لا يعقل تحقق إمساك الآن الثاني في الآن الأول لعدم معقولية جر الزمان، كذلك لا يعقل فعلية وجوب إمساك الآن الثاني في الآن الأول، و كما يكون إمساك كل آن موقوفا على وجود ذلك الآن، كذلك فعلية وجوب الإمساك في كل آن موقوفة على وجود ذلك الآن، ففعلية الخطاب في التدرج و الدفعية تتبع الشروط و المتعلق في التدرج و الدفعية، فإذا كانت الشروط و المتعلق تدريجية فلا بد ان يكون فعلية الخطاب أيضا تدريجية، و لا فرق في هذا بين ان نقول ان الزمان في باب الصوم أخذ قيدا للمتعلق، أو أخذ قيدا لنفس الحكم على ما بينا «1» تفصيله في التنبيه العاشر من تنبيهات الاستصحاب في مسألة استصحاب حكم المخصص أو الرجوع إلى حكم العام.

نعم تظهر الثمرة بين الوجهين في وجوب إمساك بعض اليوم لمن يعلم بفقدان بعض الشروط في أثناء النهار أو عدم وجوبه، فانه بناء على ان يكون الزمان قيدا لنفس الحكم يكون وجوب الإمساك في البعض و الكفارة عند المخالفة على القاعدة، بخلاف ما إذا قلنا بكون الزمان قيدا للمتعلق، فانه يكون وجوب إمساك البعض و الكفارة على خلاف القاعدة، يتبع ورود الدليل، و لا بأس بالإشارة إلى وجه ذلك إجمالا.
فنقول:
ان كان الزمان قيدا للمتعلق و هو الإمساك فيكون الواجب هو الإمساك ما بين الحدين (الطلوع و الغروب) عند اجتماع الشرائط: من القدرة و عدم السفر و الحيض فيما بين الحدين، فيكون متعلق التكليف امرا واحدا مستمرا و هو الإمساك‏
__________________________________________________
 (1) راجع تفصيل هذا البحث في التنبيه الثاني عشر من تنبيهات الاستصحاب. الجزء الرابع من هذا الكتاب- ص 196 الطبعة القديمة
                       

فوائد الاصول، ج‏1، ص: 211
ما بين الطلوع و الغروب، و يكون هذا هو الصوم المأمور به، فلو اختل أحد الشرائط في جزء من النهار لم يكن الإمساك حينئذ واجبا واقعا، إذ إمساك بعض اليوم لم يكن واجبا و ليس صوما شرعا، و حينئذ كان مقتضى القاعدة عدم وجوب الإمساك من أول الفجر عند العلم باختلال بعض الشرائط، كمن يعلم انه يسافر في أثناء النهار أو علمت المرأة انها تحيض، فوجوب الإمساك عليه و ثبوت الكفارة يحتاج إلى دليل تعبدي، و لا يكفى في ذلك أدلة نفس وجوب الصوم.
و اما إذا كان الزمان قيدا للحكم، فيصير المعنى، ان الحكم بوجوب الصوم و الإمساك مستمر إلى الغروب، بحيث يكون الغروب منتهى عمر الحكم، فيحدث من أول الطلوع و ينتهى بالغروب، و مرجع ذلك إلى ان الحكم بالإمساك في كل آن من آنات النهار ثابت، فاختلال الشرائط في أثناء النهار لا يكون كاشفا عن عدم ثبوت الحكم من أول الأمر، بل الحكم كان واقعا ثابتا إلى زمان اختلال الشرائط و ينقطع بالاختلال.
و هذا لا ينافى ارتباطية الصوم و انه ليس هناك تكاليف متعددة مستقلة، فان ارتباطية التكليف ليس إلا عبارة عن وحدة الملاك و ترتبه على مجموع الإمساك الواقع في النهار، لا ان لكل إمساك ملاكا يخصه، و هذا أجنبي عما نحن فيه من استمرار الحكم في مجموع النهار على وجه يكون قيدا للحكم، فيكون ثبوت الحكم في كل زمان تابعا لثبوت الشرط في ذلك الزمان، و انتفاء الشرط في زمان لا يوجب انتفاء الحكم في الزمان السابق عليه، و ح يجب الإمساك على من يعلم انه يسافر و تلزمه الكفارة عند المخالفة، لأنه قد خالف حكما واقعيا ثابتا في الواقع، فتأمل في المقام جيدا.
و على كل حال تكون فعلية الحكم في باب الصوم تدريجية، سواء قلنا بأن الزمان فيه قيد للحكم أو قيد للمتعلق، لأن مناط التدريجية هو تدريجية الشروط و المتعلق، الذي قد عرفت ان مع تدريجيتها لا يعقل فعلية الحكم دفعة، إذ فعلية الحكم يدور مدار تحقق شرطه، و تكون تابعة لوجوده، و مع كون الشرط تدريجي الحصول فلا محالة يكون الفعلية أيضا تدريجية، حسبما تقتضيه التبعية، هذا بالنسبة إلى الصوم.
                        فوائد الاصول، ج‏1، ص: 212
و اما بالنسبة إلى الصلاة فيفترق الحال فيها بالنسبة إلى أول الوقت في مضي مقدار أربع ركعات منه، و ما عدا ذلك من بقية الوقت، فان التكليف بأربع ركعات لما كان مشروطا بالزمان الذي يمكن إيقاع الأربع فيه، إذ لا يعقل ان يكون الزمان أضيق دائرة عن متعلق التكليف، فالتكليف بأربع ركعات مشروط بزمان يسع الأربع، و ح لا يمكن ان يكون التكليف بالأربع من أول الوقت فعليا، بل لا بد ان يكون فعليته تدريجية حسب تدريجية اجزاء الزمان إلى مقدار أربع ركعات، و عند انقضاء ذلك المقدار تتم الفعلية لتمامية شرطها من مضي مقدار أربع ركعات، و لأجل ذلك أفتوا بعدم وجوب القضاء على من حصل له أحد الأعذار الموجبة لسقوط التكليف كالجنون و الحيض قبل مضي مقدار أربع ركعات من الوقت و وجوب القضاء عند حصوله بعد ذلك، و السر في ذلك هو ما ذكرنا من ان الحكم بالأربع لا يكون فعليا من أول الوقت دفعة واحدة، بل فعليته تكون تدريجية حسب تدرج شرط الحكم من الزمان، فلا تتم الفعلية إلا عند انقضاء ذلك المقدار من الزمان، فالعذر الحاصل قبل ذلك يكون حاصلا قبل تمامية فعلية لحكم، فلا موجب للقضاء. و هذا بخلاف ما إذا انقضى ذلك المقدار من الزمان فان شرط الفعلية ح حاصل، فلا مانع من فعلية الحكم بالأربع، و تكون التسليمة ح في عوض التكبيرة من حيث فعلية حكمها و كونه مخاطبا بها كخطابه بالتكبيرة.
فان قلت:
كيف يكون الحكم بالتسليمة فعليا مع عدم القدرة عليها شرعا إلا بعد التكبيرة و ما يلحقها من الأجزاء، و بعبارة أخرى: كيف يكون الحكم فعليا دفعة مع تدريجية المتعلق؟
قلت:
العبرة في الفعلية التدريجية هي تدريجية الشرائط لا تدريجية المتعلق، و قولك: لا يقدر على التسليمة في الحال، قلنا: هي مقدورة له بتوسط القدرة على الأجزاء السابقة، فتكون ح من المقدور بالواسطة، غايته ان الواسطة تارة تكون عقلية كنصب السلم بالنسبة إلى الصعود على السطح، و أخرى تكون جعلية شرعية كالأجزاء
                       

فوائد الاصول، ج‏1، ص: 213
السابقة بالنسبة إلى التسليمة، و قد تقدم صحة فعلية التكليف بالنسبة إلى كل ما يكون مقدورا بالواسطة، فالتكليف بالتسليمة بعد مضي مقدار أربع ركعات من الوقت يكون كالتكليف بالصلاة في مسجد الكوفة غير مقيد بالزمان، و اما التكليف بها قبل ذلك فيكون كالتكليف بالصلاة في المسجد عند طلوع الفجر، و قد تقدم الكلام في الفرق بين المثالين، و ان التكليف في أحدهما يكون مط و في الآخر يكون مشروطا، فتأمل جيدا. هذا تمام الكلام في الواجب المشروط و المطلق و المعلق.

 

 

                   

شیخ محمدحسین  اصفهانی

انسداد

نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج‏3، ص: 282

 هذا كله في جريان الأصل في أطراف العلم الإجمالي و عدمه عموما.
و أما الكلام فيه خصوصا فظاهر شيخنا الأستاد «قدس سره» في المتن عدم المانع خصوصا و إن منع عنه عموما، نظرا إلى أن الموضوع هو الشك الفعلي و المجتهد لمكان تدريجية الاستنباط لا شك فعلي له إلا فيما ابتلي باستنباطه، و الوقائع الأخر ربما تكون مغفولا عنها، فلا يقين و لا شك، فلا موضوع كي يجري فيه الأصل ليعارض الأصل الجاري حتى لا يعمه دليل التعبد للزوم التناقض في مدلوله من شموله لهما.
بل يمكن أن يقال: مضافا إلى ما أفاد أن الوجه في الجريان تدريجية فعلية الأحكام بتدريجية الابتلاء بالوقائع التي لها حكم، فان علم المجتهد بالأحكام المستنبطة و يقينه و شكه في الأحكام من قبيل العلم بالقضايا الحقيقية التي تناط فعلية محمولاتها بفعلية موضوعاتها.
فلا أثر لعلمه الإجمالي بمثل هذه المحمولات بالفعل، بل يكون له الأثر عند تعلقه بالمحمولات الفعلية بفعلية موضوعاتها.
و كذا يقينه بحكم كلي سابقا و شكه في بقائه لا حقا، فان نتيجة ذلك العلم بالتعبد الاستصحابي عند ترتب فعلية الحكم الاستصحابي و في موقع الابتلاء و العمل، حيث إنه ليس جميع الأحكام أو التعبديات الاستصحابية مورد الابتلاء، فلا علم بأحكام فعلية على الإجمال و لا تعبدات استصحابية فعلية منافية للعلم‏
__________________________________________________
 (1) في التعليقة 123 من مبحث الاستصحاب فراجع.
                       

نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج‏3، ص: 283
الإجمالي بالحكم الفعلي.
و منه ظهر أنه لا مانع من جريان الأصل في موقع الابتلاء من وجهين:
أحدهما عدم العلم الإجمالي المانع.
و ثانيهما عدم جريان أصلين متمانعين.
و لو كان الوجه خصوص ما أفاده «قدس سره» من تدريجية الاستنباط لما كانت التدريجية مجدية، إذ بعد استنباط جملة من الأحكام باجراء الأصول شيئا فشيئا يحصل له العلم بمخالفة بعض هذه الأصول لعلمه الإجمالي، فلا يمكنه العمل بفتاويه المطابقة للأصول التي اعتقد جريانها حال الاستنباط.
كما لا يمكنه الفتوى على طبقها جميعا لمقلديه، بخلاف ما إذا كان الوجه ما ذكرنا من تدريجية فعلية الأحكام، فانه في كل واقعة عملية و إن كان يعلم إجمالا بحكم على خلاف الأصل لكنه لا أثر له، لأنه يعلم إجمالا بحكم على خلاف ما ابتلي به و ما هو خارج عن مورد ابتلائه، إما لعدم موقع للابتلاء به، أو للابتلاء به سابقا.
و مما ذكرنا يعلم أنه كما لا مانع إثباتا، كذلك لا مانع ثبوتا، إذ لا علم اجمالي بحكم فعلي مضاد أو مماثل أو مناقض كما لا يخفى.
و التحقيق أن الشكوك و إن لم تكن فعلية و الأحكام و إن لم تكن فعلية دفعية، إلا أنه ليس من شرائط اعتبار ناقضية اليقين لليقين فعليتهما و دفعيتهما، بل علم المجتهد بأن في مواقع ابتلائه بالاستنباط تعبدات استصحابية بلحاظ موارد فعليتها بفعلية موضوعاتها كاف في العلم بأن الاستصحابات في مواقعها مخالفة للواقع الذي علمه إجمالا.
و من الواضح أن هذا العلم الإجمالي الموجود من أول الأمر هو عين اليقين الإجمالي الناقض في موقع فعلية الاستصحاب بفعلية موضوعه لا أنه يحدث له عند إجراء الاستصحابات أو بعده علم إجمالي ناقض.
                       

نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج‏3، ص: 284
و إنما الفرق بين ما قبل الاستنباط و ما بعده بكون أطراف العلم الإجمالي ملحوظا بنحو الكلية و الجمع قبلا و صيرورة الأطراف بنحو الجزئية و الفرق و التفصيل عند التعرض لاستنباط تلك الأحكام المعلومة بالإجمال بنحو الجمع و الكلية.
فاليقين الناقض موجود قبل الاستنباط، فيمنع عن جريان الأصل في أول مرحلة الاستنباط لعلمه بمخالفته أو مخالفة الأصل المبتلى به في واقعة أخرى، و تدريجية الفعلية لا يمنع عن ترتيب الأثر فعلا كما سيأتي «1» إن شاء الله تعالى في بحث الاشتغال.

 

 

 

آقا ضیاء عراقی

واجب معلق

                        نهاية الأفكار، ج‏2، ص: 305
و على ذلك فحيثما أمكن تصور الواجب المعلق أيضا في قبال المشروط منه فلا جرم يكون الأقسام في الواجب ثلاثة لا انه ينحصر بالقسمين المطلق و المشروط كما قيل من امتناع المعلق و استحالته، و ذلك لما عرفت بما لا مزيد عليه من إمكان تصور قسم ثالث للواجب أيضا، وراء المطلق المنجز و المشروط، و هو الذي يكون الواجب امرا استقباليا مقيدا بزمان الاستقبال و كان الوجوب فيه فعليا مطلقا غير منوط بشي‏ء حتى في الفرض و اللحاظ، في قبال المشروط المشهور الذي يكون الوجوب فيه منوطا بوجوب الشرط و المنوط به في موطن الخارج الملازم لعدم فعليته أيضا قبل حصول شرطه في الخارج، و في قبال المشروط لدى المختار الذي يكون الوجوب فيه فعليا لكن منوطا بفرض الشي‏ء و لحاظه لا مطلقا كما هو واضح.
ثم انه قد يقرب وجه إبطال المعلق و استحالته و امتناع تعلق التكليف الفعلي بالأمر الاستقبالي قبل حصول ظرفه بان حقيقة الإرادة بعد ان لم تكن عبارة عن مجرد الميل و المحبة و الاشتياق نحو الشي‏ء بل كانت عبارة من تلك الحالة الانقداحية الحاصلة في النفس المستتبعة لتحريك العضلات نحو المراد فلا جرم تحتاج في فعليتها و تحققها إلى ان تكون في ظرف الاشراف على المراد الذي هو ظرف القدرة عليه من جهة انه بدونه يستحيل تحقق تلك الحالة الانقداحية الخاصة الموجبة لتحريك العضلات، من غير فرق في ذلك بين الإرادة التكوينية و التشريعية، فكما انه في الإرادة التكوينية لا يتحقق حقيقة تلك الحالة الانقداحية المحركة للعضلات الا في ظرف إشراف المريد على العمل و في ظرف القدرة عليه كذلك أيضا في الإرادة التشريعية، ففيها أيضا لا بد في تحقق الإرادة و فعليتها من كونها في ظرف إشراف المأمور و المكلف على المراد و في ظرف القدرة عليه.
و محصل هذا التقريب انما هو دعوى احتياج الإرادة في فعليتها و تحققها إلى كون المراد مقدورا بلا واسطة في ظرف الإرادة و انه بدونه لا يكاد تحقق تلك الحالة الانقداحية المعبر عنها بالإرادة بوجه أصلا، فيقال حينئذ بان الأمر الاستقبالي لما كان غير مقدور للمكلف قبل حصول قيده أو ظرفه فلا جرم يمتنع توجيه التكليف الفعلي أيضا نحوه بالإيجاد، فمن ذلك لا بد من جعل التكليف الفعلي به منوطا بحصول قيده الخارج عن‏
                       

نهاية الأفكار، ج‏2، ص: 306
الاختيار في الخارج، و معه يرجع تلك المعلقات إلى المشروط إذ لا نعنى من المشروط الا ما كان الوجوب فيه منوطا بوجود قيده في الخارج فيبطل حينئذ القول بالمعلق بواسطة امتناع تعلق الوجوب الفعلي بالأمر الاستقبالي و المقيد ببعض القيود الغير الاختيارية، و من أجل هذا البيان أيضا قيل بلزوم المصير إلى تدريجية فعلية التكليف بالاجزاء في المركبات التدريجية كالصلاة و نحوها و ان فعلية التكليف بكل جزء من المركب انما هو في ظرف الاشراف عليه الذي هو ظرف الفراغ عن الإتيان بالجزء السابق عليه، لا ان التكليف بالجميع كان فعليا من الأول، هذا.
و لكنك خبير بما في هذا التقريب، إذ نقول بأنه و ان كان لا بد في صحة توجيه التكليف الفعلي نحو الشي‏ء من كونه مقدورا للمكلف و بدون القدرة على لا يصح الطلب و البعث إليه فعلا، و لكنه نمنع اعتبار كونه مقدورا له بلا واسطة في ظرف الإرادة، بل نقول بأنه يكفى في فعلية الإرادة و التكليف بالعمل مطلق القدرة على إيجاده في ظرفه و لو بتوسيط مقدماته، لأن قدرته الفعلية على المقدمات هي عين القدرة على إيجاد العمل في ظرفه، حيث انه كان له فعلا حفظ المطلوب الاستقبالي بإيجاد مقدماته الوجودية الاختيارية كما كان له عدم حفظ و تفويته بعدم إيجاده مقدماته الوجودية فعلا، و من المعلوم حينئذ انه يكفى هذا المقدار من القدرة الفعلية على المطلوب الاستقبالي في صحة توجيه البعث و التكليف الفعلي نحوه.
كيف و ان لازم البيان المزبور من اعتبار القدرة بلا واسطة على العمل في صحة البعث الفعلي هو الالتزام بعدم فعلية التكليف في الواجبات المطلقة أيضا فيما كان منها يحتاج إلى مقدمات عديدة لأنها أيضا غير مقدورة قبل حصول مقدماتها في الخارج، فلا بد و ان يكون فعلية التكليف فيها أيضا في ظرف حصول مقدماتها الذي هو ظرف الاشراف على المطلوب و ظرف القدرة عليه، و لازمه هو إنكار الإرادة الغيرية رأسا في كلية الواجبات بالنسبة إلى المقدمات الوجودية لأنه في ظرف عدم حصول المقدمات إذا لم تكن الإرادة النفسية متحققة بالنسبة إلى ذيها بملاحظة عدم إمكان الانبعاث نحوه فلا جرم يمتنع تصور الإرادة الغيرية أيضا بالنسبة إلى مقدماته الوجودية، و حينئذ فلا بد من نفى الوجوب الغيري عن تلك المقدمات رأسا و الالتزام بكونها واجبة بالوجوب النفسي التهيئي، و هذا و ان التزم به بعض من سلك مثل هذا المسلك كصاحب تشريح الأصول‏
                        نهاية الأفكار، ج‏2، ص: 307
- فيما حكاه الأستاذ دام ظله- و لكن مثل هذا الالتزام كما ترى لا يمكن المصير إليه و ذلك لما فيه من مخالفته لما عليه إطباق العقلاء بل و بداهة الوجدان القاضي بغيرية تلك الإرادة المتعلقة بالمقدمات الوجودية كما في إراداتنا التكوينية المتعلقة بمثل المشي إلى السوق لشراء اللحم و إلى الحمام للغسل من الجنابة و إلى مسجد الكوفة للصلاة فيه و نحو ذلك، و عليه فيتوجه عليهم الإشكال بأنه إذا كانت تلك الإرادة المتعلقة بالمقدمات الوجودية إرادة غيرية توصلية بالوجدان لا نفسية و تهيئية فيستحيل انفكاكها عن فعلية الإرادة بذيها لأن تبعية الإرادة الغيرية للإرادة النفسية في الفعلية و الشأنية في الوضوح كالنار على المنار و كالشمس في رابعة النهار.
و حينئذ فبمقتضى هذا البرهان بعد قضاء الوجدان بكون الإرادة المتعلقة بالمقدمات إرادة غيرية توصلية لا محيص من الالتزام بفعلية الإرادة النفسية بالنسبة إلى ذيها أيضا قبل حصول مقدماته، كي منها يترشح إرادة غيرية نحو مقدماته و المصير إلى كفاية مطلق مقدورية العمل و لو بالواسطة في صحة توجيه التكليف الفعلي نحوه و عدم احتياجها أي الإرادة في فعليتها إلى اعتبار كونه المتعلق مقدورا بلا واسطة في ظرف الإرادة و التكليف كي تحتاج إلى لزوم كونها في ظرف الاشراف على العمل، كما هو واضح.

 

 

 

                        نهاية الأفكار، ج‏3، ص: 416
 (بقي الكلام) في انه هل يمكن استصحاب صحة العبادة
عند الشك في طرو مفسد لها لفقد ما يشك في اعتبار وجوده في العبادة أو وجود ما يشك في اعتبار عدمه فيها، أولا، حيث ان فيه خلافا مشهورا (و الذي) اختاره الشيخ قده هو المنع عنه (و محصل) ما أفاده قده في تقريب المنع هو ان المراد من الصحة المستصحبة اما ان يكون هي الصحة الفعلية أو هي الصحة الشأنية التأهلية (و الأول) مما لا سبيل إلى استصحابه لعدم كون الصحة بهذا المعنى مما له حالة سابقة لأنها انما تكون في ظرف إتيان المأمور به بما له من الاجزاء و الشرائط (و مع الشك) في مانعية الموجود لا يقين بالصحة الفعلية بمعنى المؤثرية الفعلية للاجزاء السابقة حتى يستصحب و اما الصحة بالمعنى الثاني فهي و ان كانت ثابتة للاجزاء السابقة لكنها لا شك في بقائها، إذ الصحة بهذا المعنى عبارة عن كون الاجزاء السابقة على نحو لو انضم إليها بقية الاجزاء و الشرائط لالتأم الكل في‏
                       

نهاية الأفكار، ج‏3، ص: 417
قبال الجزء الفاسد و هو الذي لا يلزم من انضمام الاجزاء و الشرائط إليه وجود الكل و هذا المعنى مما يقطع باتصاف الاجزاء السابقة به و لو مع القطع بعدم ضم بقية الاجزاء و الشرائط الباقية فضلا عن الشك في ذلك (و كذا) الكلام في الصحة بمعنى الموفقة للأمر، حيث ان موافقة الاجزاء السابقة للأمر المتعلق بها متيقنة سواء فسد العمل أم لا (و فيه) ان ما أفيد من الإشكال الأول على استصحاب الصحة بمعنى المؤثرية الفعلية انما يتم إذا كان الأثر المترتب عليها دفعي الحصول و التحقق عند تحقق جزء الأخير من المركب (و اما إذا كان) الأثر مما يتدرج حصوله شيئا فشيئا من قبل الاجزاء بحيث يكون كل جزء مؤثرا في تحقق مرتبة منه إلى ان يتم اجزاء المركب فيتحقق تلك المرتبة من الأثر الخاص المترتب على المجموع، فلا قصور في استصحاب صحة العبادة، فانها بهذا المعنى مما تم فيه أركانه من اليقين السابق و الشك اللاحق، حيث انه بإتيان جزء الأول من المركب تتحقق الصحة و يتصف الجزء المأتي به المؤثرية الفعلية و بوقوع مشكوك المانعية في الأثناء يشك في بقاء الصحة و انقطاعها فتجري فيها الاستصحاب كسائر الأمور التدريجية (و منه) يظهر الحال بناء على تفسيرها بموافقة الأمر، حيث انه يمكن المصير إلى جريان استصحاب الصحة فيها، من دون فرق بين القول بإمكان المعلق و الالتزام بفعلية التكليف المتعلق بالجزء الأخير من المركب في ظرف الإتيان بالجزء الأول منه بالتفكيك بين فعلية التكليف المتعلق بالاجزاء و فاعليته، و بين القول بعدم إمكانه و المصير إلى تدريجية فعلية التكليف المتعلق باجزاء المركب بجعل فعلية التكليف بكل جزء في ظرف فاعليته الذي هو ظرف الفراغ عن الإتيان بالجزء السابق عليه (و هذا) على الأول ظاهر، فانه بإتيان جزء الأول من المركب يتحقق الموافقة الفعلية للأمر و بعد إيجاد مشكوك المانعية أو ترك مشكوك الشرطية في الأثناء يشك في بقاء الموافقة فيستصحب (و كذلك الأمر) على الثاني، فانه بتبع تدريجية فعلية التكليف المتعلق بالاجزاء يتدرج الموافقة أيضا فيجري فيها الاستصحاب

 

 

                        نهاية الأفكار، ج‏4قسم‏1، ص: 239
 (الأمر الثاني)
ان الصحة في اجزاء المركب التدريجي، تارة يطلق و يراد بها الصحة التأهلية الاقتضائية و هي كون الجزء بحيث لو انضم إليه سائر الاجزاء لا التأم منها الكل و تتصف بالمؤثرية الفعلية (و لا يخفى) ان الصحة بهذا المعنى انما يتوقف على تمامية الجزء في نفسه و لا يعتبر فيها لحوق بقية الاجزاء و الشرائط، (لوضوح صدق هذه القضية الشرطية و لو مع اليقين بعدم لحوق بقية الاجزاء، و من هذه الجهة لا يطرأ فيها الشك و لا ينفع استصحابها أيضا) و أخرى يطلق و يراد بها الصحة بمعنى المؤثرية الفعلية، و هذا المعنى من الصحة في الدفعيات و الاجزاء المجتمعة في الوجود، و إلا ففي التدريجيات لا يتصور اتصاف جزء منها بالمؤثرية الفعلية إلا بفرض تدريجية الأثر أيضا بحصوله شيئا فشيئا (و ثالثة) يطلق و يراد بها الصحة بمعنى قابلية الاجزاء السابقة للحوق الاجزاء اللاحقة منها بنحو يلتئم منها المركب و يترتب عليه الأثر (و بعد) ما اتضح ذلك (نقول) ان منشأ الشك في صحة العبادة بعد ان كان أحد الأمور المتقدمة (فلا بد) عند الشك من لحاظ المنشأ المزبور (فإذا) تسبب الشك في‏
                       

نهاية الأفكار، ج‏4قسم‏1، ص: 240
الصحة من جهة احتمال انتفاء ما اعتبر وجوده قيدا في العبادة كالشرط، أو احتمال وجود ما اعتبر عدمه قيدا لها كالمانع، أو احتمال وجود ما هو القاطع للهيئة المعتبرة فيها، فلا شبهة في انه يجري الأصل في طرف السبب و يستغنى به عن جريانه في المسبب و هو الصحة، لأن بجريان الأصل فيه يترتب صحة العبادة (و اما) لو تسبب الشك فيها من جهة احتمال وجود القاطع (فان قلنا) ان القاطع اعتبر عدمه شرطا للهيئة المعتبرة في الصلاة فلا شبهة في انه مع الشك يجري فيه الأصل و يترتب عليه بقاء الهيئة و الصحة (و ان قلنا) انه لم يعتبر عدمه شرطا لها شرعا و انما قاطعيته من جهة مضادة وجوده عقلا أو عرفا مع الهيئة المعتبرة في الصلاة فلا مجرى فيه للأصل لعدم إجرائه في إثبات ترتب بقاء الهيئة و الصحة الفعلية إلا على القول بالمثبت، فينتهي الأمر حينئذ إلى جريانه في نفس الهيئة الاتصالية المعتبرة في العبادة، و يترتب على جريانه فيها الصحة الفعلية، فان الهيئة حينئذ كسائر الاجزاء و الشرائط، فمتى أحرزت و لو بالأصل يترتب عليها الصحة (و اما إذا) تسبب الشك في الصحة من جهة احتمال وجود ما يكون ضدا للعبادة، فلا يجري الأصل بالنسبة إلى نفس السبب الذي هو الضد لمكان عدم إجرائه لا ثبات صحة العبادة بعد كون الترتب فيه عقليا لا شرعيا (و اما) بالنسبة إلى المسبب و هو الصحة، ففي جريان الأصل فيها (خلاف مشهور) و الذي اختاره الشيخ (قدس سره) هو المنع عنه (و محصل) ما أفاده (قد سره) في تقريب المنع هو ان المراد من الصحة المستصحبة للاجزاء، ان كان هو الصحة الشأنية فهي مما لا يطرأ فيه الشك حتى يستصحب للقطع ببقائها و لو مع القطع بعدم انضمام بقية الاجزاء و الشرائط إلى الاجزاء الماضية فضلا عن الشك في ذلك (و ان كان) المراد منها الصحة بمعنى المؤثرية الفعلية، فهي مما لا سبيل إلى استصحابها لعدم كون الصحة بهذا المعنى مما له حالة سابقة، لأنها انما تكون في ظرف الإتيان بالمأمور به بما له من الاجزاء و الشرائط و عدم الموانع و الأضداد (و مع الشك) في مانعية الموجود لا يقين بالصحة الفعلية بمعنى المؤثرية للاجزاء السابقة حتى يستصحب (و لكن فيه) ان ما أفيد في غاية المتانة إذا كان الأثر المترتب‏
                       

نهاية الأفكار، ج‏4قسم‏1، ص: 241
عليها دفعي الحصول و التحقق عند تحقق الجزء الأخير من المركب، اما لكون المؤثر الفعلي هو الجزء الأخير، أو لكون مؤثرية الفعلية لها منوطة بتحقق الجزء الأخير (و إلا) فعلى فرض تدريجية حصوله شيئا فشيئا من قبل الاجزاء بحيث يكون كل جزء مؤثرا في مرتبة منه إلى ان يتم اجزاء المركب، فيتحقق تلك المرتبة من الأثر الخاص المترتب على المجموع، كما لو كان الأثر من الحقائق التشكيكية المترتبة كل مرتبة منه على وجود جزء من اجزاء المركب التدريجي، فلا قصور في استصحاب الصحة للاجزاء السابقة، فانه بتحقق أول جزء من العبادة تحقق الصحة و المؤثرية الفعلية فيتصف الجزء المأتي به بالمؤثرية، و بوقوع مشكوك المانعية في الأثناء يشك في بقاء الصحة و انقطاعها، فيجري فيها الاستصحاب كسائر الأمور التدريجية (و ان شئت) قلت ان الصحة بالمعنى المزبور تبعا لمنشإ انتزاعها التدريجي تكون تدريجية، فإذا علم بتحقق جزء أو جزءين يقطع بتحقق الصحة و بعد تحقق المشكوك المانعية يشك في بقاء الصحة بتلاحق بقية الاجزاء و الشرائط، فتستصحب (و من هذا البيان) ظهر الحال في الصحة بمعنى موافقة الأمر، فانه على ما ذكرنا لا قصور في استصحابها أيضا (من دون) فرق بين القول بإمكان المعلق و فعلية التكليف الجزء الأخير من المركب في ظرف الإتيان بالجزء الأول منه و لو بالتفكيك بين فعلية الأمر المتعلق بالاجزاء و فاعليته، و بين القول بعد إمكانه و المصير إلى تدريجية فعلية التكليف المتعلق باجزاء المركب بجعل فعلية التكليف بكل جزء في ظرف فاعليته الذي هو طرف الإتيان به (و هذا) على الأول ظاهر (و كذلك) على الثاني فانه بتبع تدريجية التكليف المتعلق بالإجراء يتدرج الموافقة الفعلية أيضا و بإيجاد مشكوك المانعية مثلا في الأثناء يشك في بقاء الموافقة الفعلية التدريجية، فيجري فيها الاستصحاب على نحو جريانه في سائر الأمور التدريجية

 

 

 

سید حسن بجنوردی

                        منتهى الأصول ( طبع جديد )، ج‏1، ص: 489
الثالث: أن يكون انحفاظ الخطاب في حالة و تقدير لأجل اقتضاء نفس الخطاب ذلك التقدير و تلك الحالة،
فيكون ذلك التقدير و تلك الحالة من مقتضيات نفس الخطاب و آثاره، و ذلك مثل فعل متعلق الخطاب و تركه حيث لا يمكن أن يكون انحفاظ الخطاب بالإطلاق أو التقييد اللحاظيين بالنسبة إلى مثل هذه الحالة، و لا بنتيجة الإطلاق أو بنتيجة التقييد؛ لأن كل ذلك بالنسبة إلى مثل هذه الحالة غير ممكن، أما التقييد اللحاظي فمن جهة أنه بالنسبة إلى الفعل و الوجود يصير من قبيل تحصيل الحاصل، و بالنسبة إلى الترك يكون من قبيل طلب النقيضين. هذا إذا كان الطلب أمرا.
و أما إن كان نهيا فبعكس ما ذكرنا؛ أي يكون تقييد المتعلق بالترك من قبيل طلب الحاصل و التقييد بالفعل من قبيل طلب النقيضين.
و إطلاق المتعلق بالإطلاق اللحاظي بالنسبة إلى هاتين الحالتين مستلزم لكلا المحذورين؛ أي يكون طلبا للحاصل و للنقيضين جميعا؛ و ذلك لما ذكرنا من أن الإطلاق بالنسبة إلى قيد و مقابله في قوة تقييدين و مستلزم للمحذور الذي يترتب على كل واحد منهما، فالإطلاق في المقام جامع لكلا المحذورين.
                       

منتهى الأصول ( طبع جديد )، ج‏1، ص: 490
و قد ظهر مما ذكرنا: عدم إمكان التقييد أو الإطلاق بهاتين الحالتين، و لو بجعلين- أي بنتيجة الإطلاق و نتيجة التقييد- و ذلك من جهة أن امتناع التقييد و الإطلاق في هذا المقام ليس من جهة امتناع لحاظيهما حتى يتوصل إليهما بجعل آخر، و يسمى بنتيجة الإطلاق و نتيجة التقييد، بل من جهة أن التقييد تحصيل الحاصل أو طلب الجمع بين النقيضين و الإطلاق مستلزم للجمع بين المحالين.
و معلوم أن هذه الامور من المحالات و الممتنعات في حد نفسها، لا من ناحية عدم إمكان الجعل بجعل واحد، بل لا يمكن و لو كان بألف جعل.
فتحقق: أن انحفاظ الخطاب في المقام- أي في القسم الثالث- لا يمكن أن يكون لا بالإطلاق و التقييد اللحاظيين و لا بنتيجتهما، بل هاتين الحالتين حيث إنهما من آثار الخطاب و لا يمكن وجود الأثر بدون وجود المؤثر حدوثا و بقاء- إذ أن الممكن كما أنه محتاج إلى العلة حدوثا كذلك محتاج إليها بقاء- فلا بد من وجود الخطاب حال وجودهما؛ لأن الامتثال عبارة عن الانبعاث عن بعث المولى، فكما أن فعلية الانبعاث تدريجية كذلك تكون فعلية البعث و العصيان عدم الانبعاث عن البعث، و إلا فلا معنى للعصيان؛ لأن العصيان، الذي يحكم العقل بقبحه و استحقاق فاعله للعقاب هو مخالفة الأمر الموجود، لا الأمر المعدوم.

 

سید محمود شاهرودی

                        نتائج الأفكار في الأصول، ج‏1، ص: 261.
 [المقام الثاني: اشكال الميرزا على رجوع كل امر غير مقدور الى الحكم و رده عليه‏]
و أما المقام الثاني: فقد عرفت ما يتعلق به من التوالي الباطلة من التفكيك بين الفعلية و الانبعاث فلا نطيل بالإعادة.
و لا يخفى أن الميرزا النائيني قدس سره أورد على ما أفاده من رجوع كل أمر غير مقدور إلى الحكم و جعل الحكم على تقدير وجود ذلك الأمر و إن كان بلسان القضية الحملية بوجوه.
الأول: لزوم تخلف المنشأ عن الإنشاء، و قد عرفت جوابه بأن الحكم على‏
                       

نتائج الأفكار في الأصول، ج‏1، ص: 262
تقدير أمر لا يوجد إلا بعد وجود ذلك الأمر، و تخلف المنشأ يلزم إذا وجد الحكم قبل تحقق ذلك الأمر، فوجود الحكم قبل وجود ذلك الأمر يلزم فيه تخلف المنشأ عن الإنشاء لا مع وجوده.
الثاني: أنه يلزم بناء على إرجاع كل أمر غير مقدور إلى التقدير و الإناطة- و جعله مفروض الوجود أي موضوعا للحكم- عدم فعلية الحكم في التدريجيات أصلا كالصوم، فإن كل ان على المبنى المزبور يكون قيدا للحكم و موضوعا له، و ما لم يتحقق الموضوع بتمام اجزائه لا يوجد الحكم ففعلية وجوب الصوم على هذا يكون بعد ان الغروب، و من البديهي أن ذلك الآن ظرف سقوط الخطاب لا ثبوته و فعليته، فلا محيص حينئذ عن الالتزام بالواجب التعليقي و جعل الزمان قيدا للواجب لا الوجوب.
و أجاب هو رحمه الله: بأن الصوم يتصور ثبوتا على نحوين:
أحدهما: أن يكون كل ان صوما بمعنى كون الزمان أمدا للحكم و قيدا له فيكون هناك أحكام عديدة على حسب تعدد الآنات، فالآن الأول بمجرد وجوده يصير الحكم فعليا و كذا الآن الثاني و هكذا إلى الآن الأخير فيكون الحكم كالموضوع- و هو الزمان- تدريجيا.
ففعلية الحكم كموضوعه تدريجية، و على هذا الاحتمال لا يلزم إشكال أصلا لابتناء الإشكال على فعلية الحكم و وجوده دفعة مع تدريجية موضوعه و عدم وجوده دفعة و على هذا الاحتمال لا إشكال أصلا.
و ربما يشهد بصحة هذا الاحتمال حكمهم بوجوب الكفارة على من يعلم بطرو مانع له في نهار الصوم من حيض أو سفر فلا يجوز له الإفطار و إن أفطر تجب عليه الكفارة و لو لم يكن إمساك كل ان صوما واجبا لم يكن وجه للكفارة، و لازم‏
                       

نتائج الأفكار في الأصول، ج‏1، ص: 263
هذا الاحتمال وجوب الإمساك متى زال المانع في أثناء النهار كارتفاع المرض و الحيض في النهار، و لا يلتزمون به إلا في الناسي للصوم و المسافر إذا قدم قبل الزوال و لم يتناول المفطر و لا يتعدى عنهما إلى غيرهما كالمريض.
و لكن يمكن أن يقال: بعدم شهادته على كون كل ان صوما لإمكان أن تكون الكفارة على ترك الإمساك في ذلك الآن لا ترك الصوم فيه، و كون الصوم عبارة عن إمساك مجموع النهار و عدم كون الإمساك في بعض النهار صوما فتدبر

 

 

شیخ راضی تبریزی

الخامس:
انه اذا نهض دليل على صحة عبادة الجاهل فى صور المطابقة فهل يقاومه ذلك البرهان الا على القول بترجيح العقلى لو سلم فانتظر الادلة:
ادلة المطابقة:
منها ما رواه الوسائل فى ابواب الاستنجاء باب 24 باب استحباب اختيار الماء من الاخبار: محمد بن على بن بابويه فى العلل عن ابيه عن سعد عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن ابى هاشم عن ابى خديجة عن ابى عبد الله (عليه السلام) قال كان الناس يستنبحون بثلاثة احجار لانهم يأكلون البسر فكانوا يبعرون بعرا فاكل رجل من الانصار الدبا فلان‏
                       

تحليل العروة ( الاجتهاد و التقليد )، متن، ص: 305
بطنه فاستنجى بالماء فبعث اليه البنى قال فجائه الرجل و هو خائف يظن ان يكون قد نزل فيه شي‏ء يسؤه فى استنجائه بالماء فقال له هل عملت فى يومك هذا شيئا فقال له نعم يا رسول الله انى و الله ما حملنى على الاستنجاء بالماء إلا انى اكلت طعاما فلان بطنى فلم تغنى عنى الحجارة شيئا فاستنجيت بالماء فقال له رسول الله هنيئا لك فان الله عز و جل قد انزل فيك آية فابشر ان الله يحب التوابين و يجب المتطهرين فكنت انت اول من صنع هذا و التوابين و اول المتطهرين:
و فيه ايضا عن الخصال مثله بتفاوت يسير:
اقول هذا و مثله يدل على صحه عمل الجاهل بالعبادة اذا طابقت الواقع بل على التحسين و الفضيلة كما هو مفاد الروايتين لا استحقاق المذمة كما هو مقتضى ما ذكره المحقق المذكور:
ان قلت ظاهرهما تأخر الجعل بعد العمل و لكن ظاهر رواية الكافى الذى نقل عنه فى الباب تقدم الجعل و هى ما عنه باسناده عن ابن ابى عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه السلام) فى قول الله عز و جل إن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين قال كان الناس يستنجون بالكرسف و الأحجار ثم احدث الوضوء و هو خلق كريم فامر به رسول الله (صلى الله عليه و آله) و صنعه فانزل الله فى كبابه ان الله يحب التوابين و يحب المتطهرين:
قلت نعم و على هذا يكون الروايتين من باب تطبيق الكلى على مصداقه و لكن لا يساعده ظاهر الرواية الآتية مضافا الى ان ظاهر الرواية ايضا التأخر بقوله فانزل الله فى كتابه الخ:
                       

تحليل العروة ( الاجتهاد و التقليد )، متن، ص: 306
و الذى يسهل الامر ان الاحكام و المصالح و كلما له حسن عند الله عز و جل من الامور فعلية و التنجيز على العباد يحصل بانزال الكتاب و الآيات تدريجية بحسب الاقتضاء و شئون العباد و التربية و هو رب العالمين تعالى شانه:

 

 

شيخ عبدالاعلی سبزواری

                        تهذيب الأصول، ج‏2، ص: 210
الثامن: عدم الفرق في تنجز العلم الإجمالي بين كون أفراده دفعية أو تدريجية
الثامن: لا فرق في تنجز العلم الإجمالي بين كون أفراده دفعية عرضية، أو تدريجية طولية. كما لا فرق في الثانية بين كون الزمان ظرفا للتكليف، كما إذا علم المكلف بأن بعض معاملاته في الأسبوع أو الشهر تكون ربوية. أو قيدا له، كما إذا علمت المرأة بأن حيضها ثلاثة أيام في جملة العشرة مثلا، و الوجه في ذلك كله فعلية التكليف في التدريجيات، كفعليته في الدفعيات، بلا فرق بينهما فتسقط الاصول في الأطراف بالمعارضة و يؤثر العلم بالتكليف أثره.

 

شهید صدر

                        مباحث الأصول، ج‏2، ص: 706
و هذا هو الذي ينبغي أن يقال في مقام الإشكال على صاحب الكفاية لا ما أفاده السيد الأستاذ في هذا المقام من أنه لما كانت الوقائع تدريجية فهو يعمل بكل تكليف محتمل إلى أن يصير إتيان الباقي حرجيا عليه، فتجري القاعدة بالنسبة لباقي التكاليف المحتملة.
إذ يرد على هذا الكلام- بقطع النظر عن أنه قد تكون الوقائع التي ينشأ من مجموعها الحرج عرضية كما في ترك أمور كثيرة في عرض واحد يحتمل في كل واحد منها الحرمة و يكون ترك الجميع عليه حرجيا-: أنه ليست العبرة بالتدريجية و العرضية، و إنما العبرة بكون ترك ما تركه أمرا
__________________________________________________
- و إن أصبح بعد ذلك حرجيا عليه بسوء اختياره.
 [1] الوجه الصحيح لعدم جريان القاعدة في المقام ما قلناه في التعليق السابق من أن دليل نفي الحرج لا يؤمنه من العقاب لفعلية الحكم عليه و لو آنا ما من دون حرج و إن أصبح حرجيا عليه بعد ذلك بسوء اختياره، و انصراف دليل نفي العسر و الحرج عن المقام يكون بملاك هذه النكتة.
                     

مباحث الأصول، ج‏2، ص: 707
اشتهائيا أو منتسبا إلى الشارع. فعلى الأول لا تجري القاعدة و لو كانت الوقائع تدريجية. و على الثاني تجري القاعدة و لو كانت الوقائع عرضية. هذا إذا كانت تدريجية الوقائع بمعنى عدم فعلية تمام تلك الأحكام في عرض واحد لعدم وجود موضوعاتها إلا تدريجيا [1].

 

 

شيخ محمد فاضل لنکرانی

                        دراسات في الأصول، ج‏3، ص: 367
الأمر الأول: تنجيز العلم الإجمالي في التدريجيات‏
لو كان أطراف العلم الإجمالي مما يوجد تدريجا، كما إذا صار عالما إما بوجوب أداء الدين فعلا بنحو الواجب المنجز، و إما بوجوب الحج في موسمه بنحو الواجب المعلق، فهل يجب الاحتياط أيضا بالإتيان بجميعها في الشبهات الوجوبية و بترك الجميع في الشبهات التحريمية، أم لا؟
و يستفاد من كلام صاحب الكفاية رحمه الله انحصار تدريجية الأطراف بدوران الأمر بين المعلق و المنجز فقط، و قال: «إنه لو علم فعلية التكليف و لو كان بين أطراف تدريجية لكان منجزا و وجب موافقته، فإن التدرج لا يمنع عن الفعلية؛ ضرورة أنه كما يصح التكليف بأمر حالي كذلك يصح بأمر استقبالي، كالحج في الموسم للمستطيع» «1».

 

 

شیخ احمد اردبیلی

                        الذخر في علم الأصول، ج‏1، ص: 170
و لا يخفى عليك على القول بأن الزمان قيد للوجوب، فالوجوب الواحد المقيد بالزمان مستمر إلى الغروب يتعلق بالإمساك على تقدير بقاء الشرط، فوجوب الإمساك يكون في مقدار من الزمان على القاعدة مع العلم بعدم بقاء الشرط و لذلك تترتب عليه الكفارة بالعصيان و تكون فعلية تدريجية.
و على القول بأنه قيد للواجب فيكون الفعل مقيدا بالزمان من أول الفجر إلى الغروب لترتب المصلحة عليه و يتحقق الفعل تدريجيا فيه إلا أن صدق وجوب الإمساك في مقدار من الزمان و تترتب الكفارة عليه على خلاف القاعدة، و الأول أوضح من الثاني.

 

 

شیخ محمد تقی بهجت

                        مباحث الأصول، ج‏2، ص: 8
تنبيه‏
في استلزام التكليف بالتدريجيات الموقتة للاشتراط بالمتأخر و عدمه‏
قد يقال: إن التكليف بالتدريجيات الموقتة مستلزم للاشتراط بالمتأخر، أعني اشتراط الوجوب ببقاء الشرائط إلى آخر وقت العمل، و للتعليق، لأن مقتضى وحدة الطلب مطلوبية الجزء الأخير من أول الوقت.
و اجيب عنه- كما في «أجود التقريرات» «1»-: بأن الشرط هو التعقب لا المتعقب به؛ و بأن فعلية التكليف بالأجزاء، تدريجية بحسب تدريجية الزمان المشروط به التكليف.
هذا، و قد مر إمكان الاشتراط بالمتأخر و وجهه. و سيأتي إن شاء الله إمكان التعليق في الواجب؛ و أن الأوامر المتدرجة في الفعلية تخصصات للأمر الفعلي بالكل؛ و أن الأوامر- كالإرادات التشريعية الموافقة للتكوينية- ليست أوامر متعاقبة بالاتفاق، و إرادات متعاقبة بالاتفاق؛ نعم يغني اشتراط كل من الوجوب و الواجب بالزمان الأعم من الحدوث و البقاء إلى حد خاص، عن اشتراط الآخر.
و على أي تقدير: لا بد من الالتزام بواحد من الشرط المتأخر و التعليق.
و سيأتي الكلام في إغناء كل منهما عن الآخر و عدمه في الواجب التعليقي.
و أما مطلق الواجبات التدريجية، فليس الجزء الأخير فيها مقدورا بالواسطة، بحيث لا مانع عن فعلية التكليف به بلا حاجة إلى شي‏ء من الأمرين المذكورين؛ و إنما ذلك في ما لا يتخلل زمان بين السبب و المسبب، كالإلقاء و الإحراق.
و أما المركبات التي يتخلل زمان بين أجزائها، أي يتوقف على أزمنة متغايرة،
__________________________________________________
 (1) أجود التقريرات: 1/ 213- 214، طبع مؤسسة صاحب الأمر- عليه السلام-
                       

مباحث الأصول، ج‏2، ص: 9
فالتكليف بالجزء الأخير لا يكون فعليا إلا بنحو الواجب المعلق؛ كما أن اشتراط حدوث التكليف بالأول بلحوق الآخر و زمانه، من قبيل الاشتراط بالمتأخر؛ فلا فرق بينهما إلا في الاشتراط بخصوص زمان في الموقتة دون غيرها، و إن اعتبر ثاني الأزمنة أو ثالثها في فعلية الوجوب المتعلق بالجزء الثاني أو الثالث في زمان فعلية الوجوب المتعلق بالجزء الأول بلا حالة منتظرة مقارنة.

 

سید محمد روحانی

                        منتقى الأصول، ج‏6، ص: 324
الوجه الثاني: ان المشكوك على تقدير مانعيته نسبته إلى الأجزاء السابقة و اللاحقة على حد سواء، فكما يمنع عن الاعتداد بالأجزاء السابقة كذلك يمنع عن الاعتداد باللاحقة، فاستصحاب بقاء الاعتداد بالأجزاء السابقة لا يجدي.
في إثبات الاعتداد بالاجزاء اللاحقة و صحتها بهذا المعنى، إلا بنحو الأصل‏
__________________________________________________
 (1) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار 4- 241- القسم الأول- طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
                       

منتقى الأصول، ج‏6، ص: 325
المثبت.
و قد اعترض المحقق الهمداني رحمه الله على الشيخ رحمه الله في جوابه المذكور: بأنه التزام منه باتصاف الاجزاء بالصحة و البطلان. ثم التزم بجريان الاستصحاب بتقريبين.
الأول: انه يجري استصحاب صحة الاجزاء السابقة لنفي وجوب الإعادة، و يترتب عليه وجوب المضي في العمل، و هو حكم شرعي و بذلك دفع الإشكال عليه بكونه مثبتا.
التقريب الثاني: انه يجري استصحاب تنجز وجوب الاجزاء اللاحقة، لأنه بعد الإتيان بالجزء السابق يتنجز وجوب الجزء اللاحق، فعند الإتيان بمشكوك المانعية يشك في بقاء تنجز الوجوب و ارتفاعه فيستصحب.
و لكن كلا تقريبيه غير تامين:
اما التقريب الثاني: فلأنه اما ان نقول: بان وجوب المركب التدريجي فعلي قبل الإتيان به. أو نقول: بان فعلية الأمر و تنجزه تدريجية أيضا بتدريجية الاجزاء. فعند حصول كل جزء و الإتيان به يتنجزه الأمر بالجزء الآخر. و هكذا- كما عليه المحقق المذكور على ما هو ظاهر كلامه في المقام-.

 

سید علی میلانی

                        تحقيق الأصول، ج‏3، ص: 264
. التنبيه الرابع‏
 (في الترتب في التدريجيات)
هل تجري مسألة الترتب في الواجبين التدريجيين أو أحدهما تدريجي و الآخر آني أو لا؟
و الكلام في ثلاث صور:
1- أن يكونا تدريجيين.
2- أن يكون الأهم آنيا و المهم تدريجيا.
                       

تحقيق الأصول، ج‏3، ص: 265
3- أن يكون المهم آنيا و الأهم تدريجيا.
فإن كان الأهم آنيا و المهم تدريجيا، كان الجزء الأول من المهم التدريجي مزاحما للأهم الآني، فعلى الترتب يكون وجوب هذا الجزء مشروطا بمعصية الأمر بالأهم الآني، و تكون معصيته شرطا مقارنا للوجوب الفعلي للمهم، فإن عصى الأهم و أتى بالمهم صح ... و لا كلام.
و إن كان المهم و الأهم تدريجيين، وقع الإشكال و البحث- بالإضافة إلى مسألة الترتب- من جهة لزوم الالتزام بالشرط المتأخر أو بالواجب المعلق. إذن، يتوقف الفتوى بصحة العمل- علاوة على القول بالترتب- بالالتزام بالشرط المتأخر.
و ذلك: لأن المفروض أن هنا واجبين تدريجيين كإزالة النجاسة من المسجد في أول الوقت- و هي الأهم- و الصلاة و هي المهم، و من الواضح أن فعلية الأمر بالصلاة متوقفة على معصية الأمر بالإزالة، لكن معصيتها تدريجية، و تستمر إلى آخر الصلاة، بأن يعصى الأمر بالإزالة في وقت التكبير و القيام و الركوع و السجود ... و هكذا إلى التسليم، و لو لا معصية الإزالة في وقت كل جزء فلا فعلية للجزء ... وعليه، فإن فعلية الأمر بالتكبيرة مشروطة بعصيان الأمر بالإزالة في وقت الأجزاء اللاحقة لتكبيرة الإحرام، و هذا معناه الالتزام بالشرط المتأخر.
كما يلزم الالتزام بالواجب المعلق، لأن فعلية الوجوب للتكبيرة متوقفة على امكان الواجب المعلق، لأن وجوب الجزء الآخر للواجب التدريجي استقبالي، و لو لا وجوبه لما ثبت وجوب لتكبيرة الإحرام.
فظهر أن تصوير الترتب في هذه الصورة يتوقف على القول بالشرط المتأخر و القول بالواجب المعلق، فمن قال بجوازها كلها فهو في راحة، و من قال‏
                       

تحقيق الأصول، ج‏3، ص: 266
بالترتب و أنكر الشرط المتأخر و الواجب المعلق- كالميرزا قدس سره- لم يمكنه إجراء الترتب، و كان مورد الترتب المتزاحمين الآنيين فقط، كإنقاذ الغريقين و ما شابه ذلك.

.

 

 

 






فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است