السبعة في القراءات (ص: 183)
77 - واختلفوا في نصب الراء ورفعها من قوله {لا تضار والدة} 233
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبان عن عاصم {لا تضار والدة} رفعا
وكذلك روى عبد الحميد بن بكار بإسناده عن ابن عامر وأحسب الأخفش تابعه
وقرأ نافع وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي {لا تضار} نصبا
وليس عندي عن ابن عامر في هذا شيء من رواية ابن ذكوان والمعروف عن أهل الشام النصب
جامع البيان في القراءات السبع (2/ 914)
حرف:
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر في رواية الوليد عن يحيى وابن بكار عن أيوب والكسائي في رواية قتيبة لا تضار والدة [233] برفع الراء، وقرأ الباقون بفتحها «7»، والذي في آخر السورة [282] بفتح الراء إجماع؛ لأن الذي قبله أمر وليس بخبر. وقال المفضل عن عاصم: وربما رفعها وربما نصبها.
النشر في القراءات العشر (2/ 227)
(واختلفوا) في: لا تضار فقرأ ابن كثير، والبصريان برفع الراء، وقرأ الباقون بفتحها. واختلف عن أبي جعفر في سكونها مخففة، فروى عيسى من طريق ابن مهران عن ابن شبيب وابن جماز من طريق الهاشمي بتخفيف الراء مع إسكانها كذلك ولا يضار كاتب ولا شهيد آخر السورة، وروى ابن جماز من غير طريق الهاشمي وعيسى من طريق ابن مهران، وغيره عن ابن شبيب تشديد الراء وفتحها فيهما، ولا خلاف عنهم في مد الألف لالتقاء الساكنين.
مجمع البيان في تفسير القرآن، ج2، ص: 585
القراءة
قرأ أهل البصرة و ابن كثير و قتيبة عن الكسائي لا تضار بالرفع و تشديد الراء و قرأ أبو جعفر وحده بتخفيف الراء و سكونها و الباقون بتشديدها و فتحها و قرأ ابن كثير وحده ما أتيتم مقصورة الألف و الباقون «ما آتَيْتُمْ» و كذلك في الروم.
الحجة
من رفع فلأن قبله لا تكلف فأتبعه ما قبله ليكون أحسن لتشابه اللفظ فإن قلت أن ذلك خبر و هذا أمر قيل إن الأمر قد يجيء على لفظ الخبر في التنزيل أ لا ترى إلى قوله «وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ» و يؤكد ذلك أن ما بعده على لفظ الخبر و هو قوله «وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ» و المعنى ينبغي ذلك فلما وقع موقعه صار في لفظه و من فتح جعله أمرا و فتح الراء ليكون حركته موافقة لما قبلها و هو الألف و أما قراءة أبي جعفر لا تضار فينبغي أن يكون أراد لا تضار كما روي في الشواذ عن أبان عن عاصم إلا أنه حذف إحدى الرائين تخفيفا كما قالوا أحست في أحسست و ظلت و مست في ظللت و مسست و من قرأ «آتَيْتُمْ» فالمراد إيتاء المهر كقوله «وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً» و قوله «إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» و أما قول ابن كثير فتقديره إذا سلمتم ما أتيتم نقدة أو أتيتم سوقه فحذف المضاف و أقام المضاف إليه مقامه ثم حذف الهاء من الصلة فكأنه قال أتيت نقد ألف أي بذلته كما يقول أتيت جميلا أي فعلته و يؤيده قول زهير:
فما يك من خير أتوه فإنما توارثه آباء آبائهم قبل
فكما تقول أتيت خيرا فكذلك تقول أتيت نقد ألف و قد وقع أتيت موضع آتيت و يجوز أن يكون ما في الآية مصدرا فيكون التقدير إذا سلمتم الإتيان و الإتيان المأتي مما يبذل بسوق أو نقد كقوله ضرب الأمير أي مضروبه.
مجمع البيان في تفسير القرآن، ج2، ص: 587
«لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها» أي لا تترك الوالدة إرضاع ولدها غيظا على أبيه فتضر بولده به لأن الوالدة أشفق عليه من الأجنبية «وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ» أي لا يأخذه من أمه طلبا للإضرار بها فيضر بولده فيكون المضارة على هذا بمعنى الإضرار أي لا تضر الوالدة و لا الوالد بالولد و إنما قال تضار و الفعل من واحد لأنه لما كان معناه المبالغة كان بمنزلة أن يكون الفعل من اثنين و قيل الضرر يرجع إلى الولد كأنه يقول لا يضار كل واحد من الأب و الأم بالصبي الأم بأن لا ترضعه و الأب بأن لا ينفق أو بأن ينتزعه من الأم و الباء زائدة و المعنى لا تضار والدة ولدها و لا والد ولده و قيل معناه لا تضار والدة الزوج بولدها و لو قيل في ولدها لجاز في المعنى و
روي عن السيدين الباقر و الصادق (ع) لا تضار والدة بأن يترك جماعها خوف الحمل لأجل ولدها المرتضع
«وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ» أي لا تمنع نفسها من الأب خوف الحمل فيضر ذلك بالأب و قيل لا تضار والدة بولدها بأن ينتزع الولد منها و يسترضع امرأة غيرها مع إجابتها إلى الرضاع بأجرة المثل فعلى هذا يكون معنى بولدها بسبب ولدها «وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ» أي لا تمتنع هي من الإرضاع إذا أعطيت أجرة مثلها فإن فعلت استأجر الأب مرضعة ترضعه غيرها و لا تمنعه من رؤية الولد، فيكون فيه مضارة بالوالد و قوله «بِوَلَدِهِ» بسبب ولده أيضا و ليس بين هذه الأقوال تناف فالأولى حمل الآية على جميعها و قوله «وَ عَلَى الْوارِثِ» قيل معناه وارث الولد عن الحسن و قتادة و السدي و هو من يرثه إذا مات و قيل وارث الوالد عن قبيصة بن ذؤيب و الأول أقوى «مِثْلُ ذلِكَ» أي مثل ما كان على الوالد من النفقة و الرضاع عن الحسن و قتادة و قيل مثل ما كان على الوالد من ترك المضارة عن الضحاك و المفهوم عند أكثر العلماء الأمران معا و هو أليق بالعموم و اختلفوا في أن النفقة على كل وارث أو على بعضهم فقيل هي على العصبات دون أصحاب الفرائض من الأم و الأخوة من الأم عن عمر بن الخطاب و الحسن و قيل على وارث الصبي من الرجال و النساء على قدر النصيب من الميراث عن قتادة و قيل على الوارث ممن كان ذا رحم محرم دون ذي رحم ليس بمحرم كابن العم و ابن الأخت فيجب على ابن الأخت و لم يجب على ابن العم و إن كان وارثه في تلك الحال عن أبي حنيفة و صاحبيه و قيل على الوارث أي الباقي من أبويه عن سفيان و هو الصحيح عندنا و هو أيضا مذهب الشافعي لأن عنده لا يجبر على نفقة الرضاع إلا الولدان فقط و
قد روي أيضا في أخبارنا أن على الوارث كائنا من كان النفقة
و هذا يوافق الظاهر و به قال قتادة و أحمد و إسحاق