بسم الله الرحمن الرحیم

کلمات السید مرتضی العسكري قده در باره قرائات

فهرست مباحث علوم قرآنی
قائلین به تعدد قراءات از علمای شیعه پس از قرن یازدهم



القرآن الكريم و روايات المدرستين ج‏3 799 دراسة روايات سورة الشمس ..... ص : 799
دراسة روايات سورة الشمس‏
(الف) 995- السياري عن محمد بن علي عن أبي جميلة عن الچلبي و الفضيل أبي العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام و علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن فضيل عن أبي عبد اللّه (ع) يقرأ فلا يخاف عقبيها.
(ب) 996- و عن يونس عن صلت بن الحجاج قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقرأ فلا يخاف عقبيها.
(ج) 997- الطبرسي قرأ أهل المدينة و ابن عامر فلا يخاف عقبيها و كذلك في مصاحف أهل المدينة و الشام و روى ذلك عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

دراسة الروايات:
أ- [الآية]
- قال اللّه سبحانه في الآية (15) من سورة الشمس:
وَ لا يَخافُ عُقْباها.
و في الروايات: «فلا»- بدل- وَ لا.

ب- السند:
1- رواية السيّاري المتهالك (995) في سندها: محمد بن علي (أبو سمينة) ضعيف غال كذاب عن أبي جميلة (مفضل بن صالح) و هو قرينه.



القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏3، ص: 800
و روايته (996) مرسلة.
2- رواية الطبرسي (997) و ما أورده في ذيلها بلفظ «روى» اشعارا بضعفه عنده و لم نجد لها معينا غير معين السيّاري المتهالك و بتفسير الآية بتفسير الطبري و الزمخشري و الفخر الرازي و القرطبي و معاني القرآن للفراء: و أهل المدينة يقرءون (فلا) و قرأ نافع و ابن عامر (فلا) .
إذا فالقراءة منتقلة و ليس للشيخ و ظهير أن يستدلا بها على مرادهما.

ج- المتن:
و هذه- أيضا- كسابقتها قراءة لبعض الناس و لا يصح الاستناد إليها في القول بتحريف القرآن و العياذ باللّه.
______________________________
(1) تفسير الطبري 30/ 138؛ و الزمخشري 4/ 260؛ و الفخر الرازي 3/ 196؛ و القرطبي 8020؛ و معاني القرآن للفرّاء 3/ 269.








القرآن الكريم و روايات المدرستين ج‏2 200 ب - اجتهادات الصحابة في تبديل النص القرآني ليوافق المألوف من لغتهم: ..... ص : 200
ب- اجتهادات الصحابة في تبديل النصّ القرآني ليوافق المألوف من لغتهم:
رووا أنّه اجتهد كلّ من امّ المؤمنين عائشة و الخليفة عثمان، فقالا في‏ إِنْ هذانِ لَساحِرانِ‏: (إنّ هذين لساحران)، و تبعهم على ذلك الحسن و سعيد بن جبير و إبراهيم النخعي و غيرهم من التابعين، و من القرّاء عيسى بن عمرو و عاصم و غيرهما من العلماء.
و رووا أنّ أبان بن عثمان قال: قرأت هذه الآية عند أبي عثمان بن عفان، فقال لحن و خطأ.
فقال قائل: أ لا تغيّروه؟
فقال عثمان: دعوه، فإنّه لا يحرّم حلالا و لا يحلّل حراما .
و قال القرطبي: (و هذه القراءة موافقة للإعراب مخالفة للمصحف). و روى عن ابن مسعود قراءتين:
أ- (إن هذان إلّا ساحران).
ب- (إنّ هذان ساحران)!!
______________________________
(1) تفسير الطبري 1/ 380؛ و الدرّ المنثور 1/ 105.
و عبيد بن عمير الليثي كان قاصّ أهل مكّة، عدّه ابن الأثير في أسد الغابة 3/ 545.
(2) تفسير القرطبي 11/ 216.


القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏2، ص: 201
و روى عن الصحابي ابيّ: (إنّ ذان إلّا ساحران).
و عن جماعة من العلماء و القرّاء: (إن هذان لساحران).
و قال: و هذه القراءة سلمت من مخالفة المصحف و من فساد الإعراب، و يكون معناها: ما هذان إلّا ساحران.
قال المؤلّف: و حاول بعض العلماء أن يجد مسوّغا لمخالفة هذه الآية كلام العرب، فوجد ضالته المنشودة في لغة بني الحرث بن كعب و زبيد و خثعم، فاطمأنوا لما وجدوا في كلام القبائل العربية ما يقيسون عليه كلام اللّه جلّ اسمه‏ .
و نجد نظير هذه المحاولات كثيرا في كتب التفسير و القراءات، و سوف ندرسها بعد دراسة الحكمة في الالتزام بقواعد اللّغة العربية إذ لا يصحّ في الكلام غير الموزون مخالفتها، أمّا الكلام الموزون فله قواعد خاصّة به نذكرها في ما يأتي إن شاء اللّه تعالى.






القرآن الكريم و روايات المدرستين ج‏2 252 نتيجة الدراسة: ..... ص : 251
بعد بيان ما سبق، نقف وقفة تأمّل و استنتاج لما ذكرناه.
______________________________
(1) نهاية اللّغة لابن الأثير، مادّة (بيد).


القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏2، ص: 253
وقفة تأمّل و استنتاج مع الآية الكريمة إزاء اجتهادهم فيها:
أوّلا- إنّ لفظ (إن هذين لساحران) ثقيل على السمع و النطق، و لفظ قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ‏ خفيف على السمع و النطق، و موزون محبب للنفس.
ثانيا- لا يلتبس المعنى مع هذا اللفظ على السامع، و ذلك- أيضا- ما عناه من رواه عن الخليفة عثمان في ما روى ابنه أبان و قال: قرأت هذه الآية عند أبي عثمان بن عفان، فقال: لحن و خطأ!!! فقال له قائل: أ لا تغيّروه؟
فقال عثمان: دعوه فإنّه لا يحرّم حلالا و لا يحلّل حراما .
و قد برهنا على ان أمثال هذه الروايات افتري بها على الصحابة.
ثالثا- كلّ ما قالوه من وجوه لتصحيح الآية أو لتحريفها كما نسمّيه، لم يتعدّ أقوالا دوّنت في كتب الحديث و التفسير و القراءات. و حفظ اللّه كتابه المجيد من أن تشوبه اجتهاداتهم، و لم يكتب فيه ممّا تداوله المسلمون منذ عصر القرّاء إلى عصرنا الحاضر.
و قد قال الطبري في تفسير الآية: (قرأته عامّة قرّاء الأمصار (إن هذان) بتشديد (إن) و بالألف في (هذان)، و قالوا قرأنا ذلك كذلك).
و قال: (و إنّه كذلك هو في خطّ المصحف)، و ذكر خلاف بعض أهل العربية من أهل البصرة و بعض نحويي الكوفة .
______________________________
(1) القرطبي بتفسير الآية 11/ 216، معاذ اللّه أن يكون في كلام اللّه لحن أو خطأ، و إنّما الخطأ في اجتهاداتهم، صحابة و تابعين و قرّاء.
(2) بتفسير الطبري للآية 16/ 136- 137.
قال أبو جعفر: و الصواب من القراءة في ذلك عندنا:" إن" بتشديد نونها، و هذان بالألف لإجماع الحجة من القراء عليه، و أنه كذلك هو في خط المصحف. و وجهه إذا قرئ كذلك مشابهته الذين إذ زا...


القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏2، ص: 254
رابعا- وجدنا منشأ هذا النوع من اختلاف القراءة، أخذهم قواعد العربية من أقوال لغات القبائل العربية و تعبّدهم بتلك القواعد و قياسهم آي القرآن على تلك القواعد، فما خالفها من تعابير القرآن و صفوه بفساد الاعراب كما مرّ بنا آنفا، و عدم دركهم بأنّ القرآن كلام موزون لا تجري عليه تلك القواعد، و أنّ عليهم أن يتعلّموا استثناء تلك القواعد من القرآن الكريم.
و لست أدري ما المسوّغ لاتّخاذ محاورات العرب ميزانا لمعرفة صحّة تعابير كلام اللّه و ليس العكس.
أما آن للعلماء أن يحرّروا عقولهم من ربقة التقليد الأعمى للسلف؟! هب أن مخاطبهم في البحث لا يؤمن بالوحي و رسالة خاتم الأنبياء (ص) فهل يشكّ أحد في بلاغة القرآن الّذي تحدّى ببلاغته الناس أجمعين، و لا يزال تحدّيه باقيا إلى اليوم و إلى يوم الدين. أضف إليه أن القرآن نزل بلغة قريش و هم أفصح العرب لغة.
خامسا- إنّ تلك القراءات جميعها رويت عن آحاد و أحيانا ينتهي سندها إلى واحد، خلافا للنصّ القرآني المتداول بين جميع البشر و الّذي رواه الملايين من الناس عن الملايين، جيلا بعد جيل إلى أن ينتهي سندها إلى مئات الالوف عن عشرات الألوف من المسلمين الّذين تلقّوها عن فم رسول اللّه (ص) سماعا و عيانا.
سادسا- أخطئوا في فهم ما روي عن الخليفة عثمان أنّه قال: (فيه لحن ستقيمه العرب بألسنتها) و ظنوا أنّه قال في النصّ القرآني من المصاحف الّتي نسخت بأمره لحن ستقيمه العرب، أي: ان العرب ستغيّر كلمات القرآن بألسنتها و كان ذلك من أسباب تولد القراءات المختلفة، بينا قصد الخليفة انّ في رسم نسخ المصاحف المكتوبة لحنا في مثل كتابة (يعيسى) و (يأهل الكتاب) و (أيمنهم) و (يوم‏


القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏2، ص: 255
القيمة) و ستقيمها العرب بألسنتها و تقرأها: يا عيسى و يا أهل الكتاب و ايمانهم و يوم القيامة كما تعلّموا قراءتها كذلك ممّن تعلّمها كذلك من الصحابة و الصحابة من رسول اللّه (ص) عن جبرائيل (ع) عن اللّه جلّ اسمه. و كذلك جرت كتابة المصاحف على رسم خط مصحف عثمان جيلا بعد جيل حتّى اليوم.
و أخيرا أوجدت ما رووا من اجتهادات الصحابة المختلفة في قراءة الآيات لزعمهم أنّ القرآن فيه لحن- معاذ اللّه- اختلافا في القراءات من بعدهم، كما رأيناه في كلمة (عليهم) من سورة الفاتحة، و تعددت مدارس القراءة و تكاثر عدد القرّاء و مدارسهم و مؤلفاتهم.
و إنّ الذهبي- مثلا- ترجم لنيف و سبعمائة من القرّاء الكبار منهم في كتابه:
معرفة القرّاء الكبار، كان كلّ منهم له مدرسة متميزة عن غيرها في القراءة، و طلّاب يأخذون منه القراءات، ثمّ اقتصروا على قراءة سبعة من القرّاء.
و نقل السيوطي في الإتقان سبب ذلك عن مكّي بن حمّوش ما موجزه:
إنّ السبب في الاقتصار على السبعة مع أنّ في أئمّة القرّاء من هو أجلّ منهم قدرا أو مثلهم أكثر من عددهم، أنّ الرواة عن الأئمّة- أئمّة القرّاء- كانوا كثيرين جدّا، فلمّا تقاصرت الهمم أفردوا من كلّ مصر إماما واحدا، و لم يتركوا مع ذلك نقل ما كان عليه غير الأئمّة غير هؤلاء من القراءات و لا القراءة به، كقراءة يعقوب و أبي جعفر و شيبة و الأعمش و غيرهم‏ .
______________________________
(1) ما نقلناه هنا عن السيوطي في الإتقان فهو من التنبيه الثاني و الثالث من آخر الأنواع المرقمة 22- 27 في معرفة المتواتر ... 1/ 82 و 83.
و مكّي بن حمّوش أبو محمّد القيسي الأندلسي (ت: 437 ه)، مقرئ، مفسّر. من مؤلّفاته:
الهداية في علوم القرآن، في سبعين جزءا، و الكشف عن وجوه القراءات و عللها، في عشرين جزءا.
ترجمته بمعجم المؤلفين.


القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏2، ص: 256
و كان الّذي ألّف كتابا و أفرد من كلّ مصر إماما واحدا هو المقرئ أحمد ابن جبير بن محمّد الكوفي، نزيل أنطاكية (ت: 258 ه)، قال في كشف الظنون:
جمع كتابا في القراءات الخمس‏ .
قال الزركشي (ت: 794 ه)، في البرهان في علوم القرآن و السيوطي في الإتقان ما موجزه‏ :
(ألّف ابن جبير كتابا في القراءات سمّاه كتاب الخمسة و اقتصر فيه على خمسة من القرّاء، اختار من كلّ مصر إماما. و إنّما اقتصر على ذلك لأنّ المصاحف الّتي أرسلها عثمان كانت خمسة، إلى هذه الأمصار.
و يقال: إنّه وجّه بسبعة: هذه الخمسة- أي المدينة و مكّة و الشام و البصرة و الكوفة- و مصحفا إلى اليمن و مصحفا إلى البحرين.
و لكن لما لم يسمع لهذين المصحفين خبر، و أراد ابن مجاهد و غيره مراعاة عدد المصاحف، أكملوا الخمسة بقارءين آخرين كمل بهما عدد السبعة).
______________________________
يعقوب: هو يعقوب بن إسحاق الحضرمي، إمام أهل البصرة (ت: 805 ه). طبقات القرّاء 2/ 386- 389.
و قصد من أبي جعفر: يزيد بن القعقاع المترجم بالقرّاء العشرة.
و شيبة بن نصاح المخزومي (ت: 130 ه)، إمام أهل المدينة في القراءة، له كتاب، ترجمته في الأعلام و معجم المؤلفين.
و الأعمش، أبو محمّد سليمان بن مهران الأسدي ولاء، نشأ و توفّي بالكوفة (ت: 148 ه). قالوا بترجمته: كان عالما بالقرآن و الحديث و الفرائض، يروي نحو 1300 حديث.
(1) ترجمته في معرفة القرّاء الكبار، ص 170؛ و كشف الظنون، مادّة: كتاب القراءات، ص 1449. و ما ننقله عن كشف الظنون من هنا.
(2) البرهان في علوم القرآن للزركشي، ط. مصر الثانية 1/ 329- 330؛ و الإتقان للسيوطي 1/ 83.


القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏2، ص: 257
فمن هو ابن مجاهد؟ و ما ذا فعل؟
هو أحمد بن موسى بن العباس، مجاهد (ت: 324 ه)، مصنف كتاب القراءات السبع، شيخ القرّاء في بغداد، رحل إليه من الأقطار و بعد صيته‏ .
و قال الزركشي في بيان عمل ابن مجاهد:
إنّ القراءات لم تكن متميّزة من غيرها إلّا في قرن الأربعمائة، جمعها أبو بكر بن مجاهد و لم يكن متسع الرواية و الرّحلة كغيره- يقصد أنّه لم يسافر في طلب علم القراءة كغيره- و كان علمه بالقرّاء و القراءة ضئيلا. و أنّه بتأليفه كتاب:
القراءات السبع ميّزها من غيرها.
و في ما يلي القرّاء السبعة على السياق الّذي ذكره الزركشي:
أ- أبو سعيد عبد اللّه بن كثير المكّي القرشي ولاء، (ت: 120 أو 122 ه).
ب- أبو رويم نافع بن عبد الرّحمن بن أبي نعيم، المدني الليثي ولاء، (ت:
169 ه).
ج- أبو عمرو عبد اللّه بن عامر اليحصبي الدمشقي، (ت: 118 ه).
د- أبو عمرو العلاء بن عمّار البصري، (ت: 154 ه).
ه- أبو بكر عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي، (ت: 127 أو 128 ه).
و- أبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات الكوفي التيمي ولاء، (ت: 156 أو 158 ه).
ز- أبو الحسن عليّ بن حمزة الكسائي الكوفي الأسدي ولاء (ت: 198 ه) .
______________________________
(1) ترجمته في معرفة القرّاء الكبار، ص 216؛ و كشف الظنون، و طبقات القرّاء 1/ 139.
(2) لخّصنا تراجمهم من البرهان في علوم القرآن 1/ 327- 329.


القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏2، ص: 258
و نقل عن مكّي بن حمّوش: أنّ يعقوب كان مقدّما على الكسائي، و أنّ ابن مجاهد هو الّذي أثبت الكسائي سابع القرّاء بدلا من يعقوب.
ثمّ قال: و ليس في هؤلاء من العرب إلّا ابن عامر و أبو عمرو.
و قال: قال مكّي- أي ابن حمّوش-:
و نقل- أيضا- عن مكّي أنّه قال: أوّل من اقتصر على هؤلاء السبعة أبو بكر بن مجاهد في سنة ثلاثمائة و تابعه الناس.
و أنّه قال:
و إنّما كانوا سبعة لوجهين:
أحدهما: أنّ عثمان (رض) كتب سبعة مصاحف، و وجّه بها إلى الأمصار فجعل عدد القرّاء على عدد المصاحف.
الثاني: أنّه جعل عددهم على عدد الحروف الّتي نزل بها القرآن، و هي سبعة، على أنّه لو جعل عددهم أكثر أو أقلّ لم يمتنع ذلك، إذ عدد الرّواة الموثوق بهم أكثر من أن يحصى.
و قال: قد ألّف ابن جبير قبل ابن مجاهد كتابا في القراءات و سمّاه: كتاب الخمسة، و ذكر فيه خمسة من القرّاء لا غير.
و ألّف غيره كتابا و سمّاه: الثمانية و زاد على هؤلاء السبعة يعقوب الحضرمي‏ .
قال الزركشي: و منهم من زاد ثلاثة و سمّاه كتاب العشرة.
قال السيوطي عن القرّاء السبعة:
______________________________
(1) علوم القرآن 1/ 329- 330.


القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏2، ص: 259
(فوافق عددهم ما ورد في الخبر نزول القرآن بالأحرف السبعة، فظنّ من لم يعرف أصل المسألة و لم تكن له فطنة، أنّ المراد بالأحرف السبعة في الخبر القراءات السبع) .
قال المؤلّف:
و قد تعرض لابن مجاهد و عمله كلّ من القرّاب و ابن عمّار، كما نقل عنهما السيوطي و قال:
قال القرّاب (ت: 414 ه) في الشافي: التمسك بقراءة سبعة من القرّاء دون غيرهم ليس فيه أثر و لا سنّة، و إنّما هو من جمع بعض المتأخرين، فانتشر، و أوهم أنّه لا تجوز الزيادة على ذلك، و ذلك لم يقل به أحد .
و قال: قال أبو العباس بن عمّار : لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له. و أشكل الأمر على العامّة بإيهامه كلّ من قلّ نظره، أنّ هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، و ليته إذا اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل الشبهة.
و قال: و ربّما بالغ من لا يفهم، فخطأ أو كفر . (و قال) أبو بكر بن العربي‏ ليست هذه السبعة متعينة للجواز حتّى لا يجوز غيرها.
______________________________
(1) الإتقان 1/ 83.
(2) نفس المصدر السابق.
(3) قالوا بترجمته: أحمد بن عمّار أبو العباس المغربي، نحوي، لغوي، مقرئ، مفسّر.
من تصانيفه: الجامع لعلوم التنزيل، تفسير كبير، و الهداية في القراءات السبع. معجم المؤلّفين.
(4) قصد بقوله (مسبع السبعة) ابن مجاهد الّذي جعل القرّاء السبعة.
(5) الإتقان 1/ 82.
(6) من تصانيفه الكثيرة: قانون التأويل في تفسير القرآن. مرت ترجمته في بحث جمع القرآن، باب محاولة العلماء رفع تناقض الروايات.


القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏2، ص: 260
و نقل عن ابن حيان‏ ما موجزه:
(ليس في كتاب ابن مجاهد و من تبعه من القراءات المشهورة إلّا النزر اليسير، ثمّ ذكر أسماءهم و قال: ليس لهم مزية على غيرهم و الجميع مشتركون في الضبط و الإتقان و الاشتراك في الأخذ، قال: و لا أعرف لهذا سببا إلّا ما قضى من نقص العلم)- أراد نقص علم ابن مجاهد-.
(و قال، قال أبو شامة : ظنّ قوم أنّ القراءات السبع الموجودة الآن هي الّتي أريدت في الحديث. و هو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، و إنّما يظنّ ذلك بعض أهل الجهل).
و نقل عن مكّي أنّه قال ما موجزه:
(من ظنّ أنّ قراءة هؤلاء السبعة هي الأحرف السبعة، فقد غلط غلطا عظيما، و يلزم من هذا أنّ ما خرج عن قراءة هؤلاء السبعة ممّا ثبت عن الأئمّة و وافق خطّ المصحف- مصحف عثمان- أن لا يكون قرآنا و هذا غلط عظيم، فإنّ الّذين صنّفوا القراءات من الأئمّة المتقدّمين قد ذكروا أضعاف هؤلاء) .
______________________________
(1) أبو حيان أثير الدين محمّد بن يوسف عليّ بن حيّان الأندلسي (ت: 745 ه). قالوا في ترجمته: أديب، نحوي، لغوي، مفسّر، محدّث، مقرئ، مؤرّخ. سمع الحديث من نحو أربعمائة و خمسين شيخا. درس التفسير و الإقراء بمصر. من مؤلّفاته: عقد اللآلئ في القراءات. معجم المؤلّفين.
(2) أبو شامة عبد الرّحمن بن إسماعيل المقدسي (ت: 665 ه). من مؤلّفاته: إبراز المعاني في القراءات. معجم المؤلّفين.
(3) أبو عبيد، القاسم بن سلام، قالوا في ترجمته: محدّث، حافظ، فقيه، مقرئ، عالم بعلوم القرآن. من تصانيفه: كتاب القراءات، جعلهم 25 قارئا.
كشف الظنون و معجم المؤلّفين.
و أبو حاتم السجستاني من القرّاء العشرة، له كتاب القراءات. كشف الظنون.


القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏2، ص: 261
و نقل عن المرسي أنّه قال:
هذه الوجوه أكثرها متداخلة و لا أدري مستندها و لا عمّن نقلت و لا أدري لم خص كل واحد منهم هذه الأحرف السبعة بما ذكر مع أن كلّها موجودة في القرآن، فلا أدري معنى التخصيص و منهما أشياء لا أفهم معناها على الحقيقة و أكثرها معارضة حديث عمر و هشام بن حكيم الّذي في الصحيح، فانّهما لم يختلفا في تفسيره و لا أحكامه و انّما اختلفا في قراءة حروفه، و قد ظنّ كثير من العوام انّ المراد بها القراءات السبع و هو جهل قبيح‏ .
و قال الزركشي:
قال الإمام أبو محمّد إسماعيل بن إبراهيم الهروي في كتابه الكافي‏ :
(و لا يتوهم أنّ قوله (ص) «أنزل القرآن على سبعة أحرف» انصرافه إلى قراءة سبعة من القرّاء يولدون من بعد عصر الصحابة بسنين كثيرة، لأنّه يؤدي إلى أن يكون الخبر متعرّيا عن فائدة إلى أن يحدثوا، و يؤدي إلى أنّه لا يجوز لأحد من الصحابة أن يقرءوا إلّا بما علموا أنّ السبعة من القرّاء يختارونه) .
______________________________
و الطبري: المفسّر و المؤرّخ الشهير في كشف الظنون، جمع في كتابه حافلا سمّاه: الجامع، فيه نيف و عشرون قراءة، يقصد به تفسير الجامع.
و القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي (ت: 282 ه)، جمع فيه قراءات عشرين إماما منهم السبعة. كشف الظنون. و النصوص الثلاثة في الإتقان 1/ 82.
(1) الإتقان 1/ 51.
و المرسي: القاسم بن أحمد بن الموفق أبو محمّد الأندلسي اللّورقي، رحل إلى مصر و بغداد و دمشق و توفّي بها سنة 161 ه. و من تصانيفه: شرح الشاطبية و سمّاه المفيد في شرح القصيد.
معجم الادباء 16/ 234- 235، و طبقات القرّاء للجزري 2/ 15، 16.
(2) من مؤلّفاته: الشافي في القراءات، و الكافي في القراءات السبع في عدّة مجلّدات. ترجمته في معجم البلدان.
(3) البرهان في علوم القرآن للزركشي 1/ 330.


القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج‏2، ص: 262
و قال:
(القرآن و القراءات حقيقتان متغايرتان، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمّد (ص) للبيان و الإعجاز.
و القراءات: اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف و كيفيتها من تخفيف و تشديد و غيرهما).
(و القراءات السبع متواترة عند الجمهور، و قيل: بل هي مشهورة.
و التحقيق أنّها متواترة عن الأئمة السبعة.
أمّا تواترها عن النبيّ (ص) ففيه نظر، فإن إسناد الأئمّة السبعة بهذه القراءات السبعة موجود في كتب القراءات، و هي نقل الواحد عن الواحد) .
و عن الأحرف السبعة قال السيوطي في تعليقه على سنن النّسائي 2/ 150: باب جامع ما جاء في القرآن: «أنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف» في المراد به في أكثر من ثلاثين قولا، حكيتها في الإتقان‏ ، و المختار عندي أنّه من المتشابه الّذي لا يدرى تأويله.
قال المؤلّف:
و لكنّا أدركنا الحقيقة عن الأحرف السبعة في ما سبق بحثه و لا حاجة للتكرار هاهنا، و نكتفي- أيضا- بهذا المقدار من الحديث حول القرّاء و منشأ تكونهم، و نشير بعده إلى شي‏ء من أثر اختلاف قراءاتهم على الأحكام الإسلامية.
أمثلة من أثر اختلاف قراءاتهم على معرفة حلال اللّه و حرامه:
قال الزركشي و السيوطي: باختلاف‏





کلمات السید مرتضی العسكري قده در باره قرائات