بسم الله الرحمن الرحیم

الجمع بالحرف-الجمع بالوقف-جمع الماهر

فهرست مباحث علوم قرآنی
إفراد القراءة في الروایة-إفراد القراءة في المختار-الاختیار المتجزي-الاختیار الشامل



النشر في القراءات العشر (2/ 201)
فصل
للشيوخ في كيفية الأخذ بالجمع مذهبان أحدهما الجمع بالحرف، وهو أن يشرع القارئ في القراءة فإذا مر بكلمة فيها خلف أصولي، أو فرشي أعاد تلك الكلمة بمفردها حتى يستوفي ما فيها من الخلاف فإن كانت مما يسوغ الوقف عليه وقف واستأنف ما بعدها على الحكم المذكور وإلا وصلها بآخر وجه انتهى عليه، حتى ينتهي إلى وقف فيقف، وإن كان مما يتعلق بكلمتين كمد منفصل والسكت على ذي كلمتين وقف على الكلمة الثانية واستوعب الخلاف ثم انتقل إلى ما بعدها على ذلك الحكم، وهذا مذهب المصريين، وهو أوثق في استيفاء أوجه الخلاف وأسهل في الأخذ وأحضر، ولكنه يخرج عن رونق القراءة وحسن أداء التلاوة.
والمذهب الثاني الجمع بالوقف، وهو إذا شرع القارئ بقراءة من قدمه لا يزال بذلك الوجه حتى ينتهي إلى وقف يسوغ الابتداء مما بعده فيقف ثم يعود إلى القارئ الذي بعده، إن لم يكن دخل خلفه فيما قبله، ولا يزال حتى يقف على الوقف الذي وقف عليه ثم يفعل بقارئ قارئ حتى ينتهي الخلف، ويبتدئ بما بعد ذلك الوقف على هذا الحكم. وهذا مذهب الشاميين، وهو أشد في الاستحضار وأشد في الاستظهار وأطول زمانا، وأجود إمكانا، وبه قرأت على عامة من قرأت عليه مصرا وشاما، وبه آخذ
ولكني ركبت من المذهبين مذهبا، فجاء في محاسن الجمع طرازا مذهبا. فابتدئ بالقارئ وانظر إلى من يكون من القراء أكثر موافقة له فإذا وصلت إلى كلمتين بين القارئين فيها خلف وقفت وأخرجته معه ثم وصلت حتى انتهى إلى الوقف السائغ جوازه وهكذا حتى ينتهي الخلاف، ولما رحلت إلى الديار المصرية ورأيت الناس يجمعون بالحرف كما قدمت أولا فكنت أجمع على هذه الطريقة بالوقف وأسبق الجامعين بالحرف مع مراعاة حسن الأداء وكمال القراءة وسأوضح ذلك كله بأمثلة يظهر لك منها المقصود، والله تعالى الموفق.
وكان بعض الناس يختار الجمع بالآية فيشرع في الآية حتى ينتهي إلى آخرها ثم يعيدها لقارئ قارئ حتى ينتهي الخلاف وكأنهم قصدوا بذلك فصل كل آية على حدتها بما فيها من الخلاف ليكون أسلم من التركيب وأبعد من التخليط، ولا يخلصهم ذلك إذ كثير من الآيات لا يتم الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده فكان الذي اخترناه هو الأولى - والله أعلم -.






دورة شرح اصطلاحات علم القراءات
الدرس الخامس
طرق تلقي القراءات في عصرنا:

الإفراد: وهو أن يقرأ التلميذ على شيخه ختمة لكل راو أو لكل قارئ، وهكذا حتى يتم القراءات العشر.

وهذه الطريقة هي الأصل في الإقراء، ولكن لطول الزمن الذي تستغرقه القراءة ولضعف الهمم توجه العلماء إلى القراءة بطريقة الجمع.
الجمع: هو أن يقرأ القارئ المقطع القرآني بقراءاته المختلفة، فإذا انتهى منه انتقل إلى مقطع آخر. وله عدة طرق:

طرق الجمع:
الجمع بالآية: وهو أن يحدد المقطع القرآني بآية واحدة، يستوفي فيه القارئ خلاف القراء، وهكذا ويبدأ في كل آية بقالون ثم بمن يوافقه وهكذا، مراعياً الخلاف من آخر الآية.

جمع الماهربالآية: نفس الطريقة السابقة من حيث المقطع لكنها تختلف بأن التلميذ إذا انتهى بقارئ في الآية الأولى فإنه يبدأ به في الآية التالية.
الجمع بالوقف: وهو أن يحدد المقطع القرآني بالموضع الذي يقف عليه القارئ، ويستوفي فيه أوجه القراءة، ثم ينتقل إلى المقطع الذي يليه.

جمع الماهربالوقف: نفس الطريقة السابقة من حيث المقطع لكنها تختلف بأن التلميذ إذا انتهى بقارئ في المقطع الأولى فإنه يبدأ به في المقطع التالي.
قال ابن الجزري:
فالماهر الذي إذا ما وقفا
يعطف أقربا به فأقربا

يبدا بوجه من عليه وقفا
مختصراً مستوعباً مرتبا

الجمع بالحرف: وهو أن يقرأ القارئ الآية فإذا مر على كلمة فيها خلاف كرر الكلمة بحسب أوجه الخلاف فيها ثم يكمل القراءة لقارئ واحد، وهكذا.

* * * * * * * * * * * * *

ضابط القراءة بالجمع: مراعاة حسن الوقف والابتداء، والبعد عن التلفيق وتركيب الأوجه في القراءة.
قال ابن الجزري:
وجمعنا نختاره بالوقف
بشرطه فليرع وقفا وابتدا

وغيرنا يختاره بالحرف
ولا يُرَكِّب وليُجد حسن الأدا

حكم التلفيق في القراءة:
اتفق العلماء على تحريم التلفيق في القراءة وهو تركيب قراءة مع أخرى فيما يغير المعنى ، مثل قوله تعالى: ]فتلقى آدمُ من ربه كلماتٍ ]آدمَ.. كلماتٌ .
ثم اختلفوا في حكم التلفيق في القراءة فيما لا يغير المعنى، فمنهم من قال بالكراهة، ومنهم من قال بالتحريم.
والذي نراه: حرمة ذلك في مقام التعليم والإجازات، وفيما سوى ذلك فهو مكروه.
قال القسطلانى فى لطائف المعارف: يجب على القارئ الاحتراز من التركيب فى الطرق وتمييز بعضها من بعض وإلا وقع فيما لايجوز وقراءة ما لم ينزل.
وقال الشيخ مصطفى الأزميرى: التركيب حرام فى القرآن على سبيل الرواية ومكروه كراهة تحريم على ما حققه أهل الدراية. والله تعالى أعلم.


* * * * * * * * * * * * * * *

فإذا أتم القارئ الختمة أجازه شيخه بسنده الموصول إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي شهادة من الشيخ المجيز للطالب المجاز بأنه قد قرأ عليه القرآن كاملاً غيباً مع التجويد والإتقان، وأصبح مؤهلاً للإقراء.

الإجازة : ويتحصل عليها بقراءة ختمة كاملة غيباً على شيخ مجاز، مع العناية بالأوجه المختلفة وتحريراتها، والعناية بربط اختلافات القراء بشواهدها من المتن المعتمد في القراءة.


والإجازة أنواع :
1.إجازة برواية واحدة. مثل الإجازة برواية حفص عن عاصم أو ورش عن نافع مثلا.

2.الإجازة في القراءات السبع من طريق الشاطبية.

3.الإجازة في القراءات الثلاث المتممة للعشر من طريق الدرة المضية.و تسمى القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة بالعشر الصغرى .

4.إجازة في القراءات العشر الكبرى من طريق طيبة النشر.

وبالحصول على إجازة من هذه الإجازات يكون القارئ قد اتصل إسناده بالنبي صلى الله عليه وسلم وصار ضمن سلسلة الناقلين لكتاب الله تعالى بالسند المتصل.


شروط الإجازة في القرآن الكريم:

1- حفظُ القرآن الكريم كاملاً ، حفظاً مُتقناً ؛ وذلك لأن رجال السند قد وَصَلَنا القرآن عن طريقهم ، وكل واحدِ منهم قرأ على شيخه غيباً من حفظه ، فالسند مسلسل بالقراءة عن ظهر قلب من مشايخنا إلى رسول الله
ومن يقرأُ من المصحف في هذه الأيام دون أن يحفظ غيباً ، ثم يريد إجازة في القرآن... فقد خالف هيئة التلقي التي وصلنا القرآن بها ، وهي: التسلسل بالقراءة عن ظهر ، مع الضبط والإتقان في التجويد.
فالقراءة بالنظر في المصحف ، وإن كانت مضبوطة مع التجويد ، لكن ينقصها التلقي عن ظهر ، حتى يبقى جميع السند مسلسلاً بهذه الصفة .
ومن قرأ من المصحف نظراً مع التجويد الكامل ، ثم أراد منا إجازةً... فلا بأس أن نعطيه ( شهادة في تجويد القرآن ) نبين فيها بأن فلاناً قد قرأ القرآن الكريم كلهُ نظراً من المصحف مع التجويد الكامل والضبط التام ، نشهد له بذلك ، ونسأل الله تعالى أن يوفقه لحفظ القرآن عن ظهر قلبٍ ليتلقى عن ظهر قلب.
وذلك حتى نميز بين من تلقى عن ظهر قلبٍ ، وبين من قرأ نظراً من المصحف ، وليبقى للإجازة ميزتها وقدرها.

2- حفظ منظومة (( المقدمة الجزرية )) في التجويد ، وفهم شرحها ؛ وذلك لأننقل القرآن قد كان ضمن ضوابط وقيود معينة ، من حيث مخارج الحروف وصفاتها مفردة ومجتمعة ، لهذا تحتم على طالب الإجازة معرفة هذه الضوابط وحفظها ، وقد جرت عادة القراء على حفظ منظومة (( المقدمة الجزرية )) في التجويد ،لإمام القراء ابن الجزري – رحمه الله تعالى – لكونها حوت معظم أحكام التجويد ، ، ثم تحتم عليهم معرفة معانيها وفهم شرحها ؛ لتكون مرجعاً لهم تحفظُ تلاوتهم من اللحن ، فتلتقي الروايةُ مع الدراية.

3- قراءة القرآن كاملاً ، حرفاً حرفا ، من أول الفاتحة إلى آخر الناس ، مع مراعاة جميع أحكام التجويد من حيث المخارج والصفات ، وغير ذلك مما هو معلوم.
وما يفعله بعضهم من قراءة أحد الطلاب عليه شيئاً من القرآن ثم يجيزه.. فهذا لا يصح في القرآن ، إلا إذا نص ( بأن فلاناً قرأ من كذا إلى كذا وأجزته بذلك ).
أما أن يقرأ بعض القرآن ثم يجيزه بجميع القرآن وهو لا يعلمُ عن قراءته باقي القرآن شيئاً... فهذا لا يصحُ ؛ لأن في القرآن ألفاظاً لم ترد إلا مرة واحدةً ، وضبطها يحتاج لانتباه وتيقظ.
فكيف يشهدُ الشيخُ للطالب بأن أداءه صحيحٌ لهذه الكلمات وهو لم يسمعها منه ولم يضبطها ؟

-4 تدريب المجيز المجاز على الإقراء ؛ لأن القراءة شيءٌ ، والإقراء شيءٌ آخر

ويضاف إلى ذلك إذا كانت الإجازة عبر التقنيات الحديثة من الانترنت فهي كمن يجيز عبر الهاتف، فينبغي أن ينص عليها في الإجازة ، مع التأكد من صحة اسم الطالب ، وأنه هو الشخص المجاز نفسه لا غيره. وذلك في حالة عدم مقدرة الطالب الحضور إلى بلد الشيخ مثل من يقيمون في أماكن ودول بعيدة قد لا يتواجد فيها القراء المتقنون والمشايخ المعتبرون .

ولا يشترط رؤية الشيخ للطالب المجاز في ذلك ، فإن حصل ذلك فهو أولى وأتم ، وإلا فلا حرج لأن الأصل هو التلقي، وهو عرض الطالب القراءة على الشيخ ، وسماع الشيخ لختمة كاملة من الطالب المجاز.
وقد يمنع ذلك البعض، وقد لا يجد البعض فيه غضاضة لأنه كما أسلفت ينص عليه في السند ، ولا يرو بأساً بحضور الطالب ورؤيته


أركان الإجازة في القرآن الكريم:

-1- مُجيز : وهو الشيخُ الذي يسمعُ القرآن كله من الطالب مع التجويد والضبط التام

2- مُجاز: وهو الطالب الذي يقرأُ أمام الشيخ ويتلقى منه القرآن.

3-مُجازٌ به: -وهو القرآن العظيم الذي هو كلام الله تعالى المنزل على رسول الله باللسان العربي ، للإعجاز بأقصر سورة منه ، المكتوب في المصاحف ، المنقول بالتواتر ، المتعبد بتلاوته ، المبدوء بسورة الفاتحة ، المختوم بسورة الناس .

-4-سند : وهم الرجال الذي نقلوا لنا القرآن العظيم مشافهةً ، كل واحد منهم قرأ على شيخه ، وشيخهُ على شيخه ، وهكذا إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم عن سيدنا جبريل ، عن رب العالمين تبارك وتعالى ، منتهى السلسلة في القراءة.