الشيخ مرتضى بن محمد أمين الدزفولي الأنصاري(1214 - 1281 هـ = 1799 - 1864 م)

الشيخ مرتضى بن محمد أمين الدزفولي الأنصاري(1214 - 1281 هـ = 1799 - 1864 م)










أعيان ‏الشيعة، ج‏10، ص: 118
الشيخ مرتضى بن محمد أمين الدزفولي الأنصاري النجفي‏
ينتهي نسبه إلى جابر بن عبد الله الأنصاري.
ولد في دزفول سنة 1214 و توفي في 18 جمادى الآخرة سنة 1281 و دفن في المشهد الغروي على يمين الخارج من الباب.

الأستاذ الامام المؤسس شيخ مشايخ الامامية قرأ أوائل امره على عمه الشيخ حسين من وجوه علماء تلك البلدة ثم خرج مع والده إلى زيارة مشاهد العراق و هو في العشرين من عمره فورد كربلاء و كانت الاستاذية و الرئاسة العلمية فيها لكل من السيد محمد المجاهد و شريف العلماء فرغب الأول إلى والده ان يتركه في كربلاء للتحصيل على اثر [مذكراته‏] مذاكرته و ظهور قابليته فبقي آخذا عن الاستاذين المشار إليهما اربع سنوات إلى ان حوصرت كربلاء بجنود داود باشا فتركها العلماء و الطلاب و بعض المجاورين و هو في الجملة إلى مشهد الكاظميين ع و عاد منها إلى وطنه حيث امضى زهاء سنتين لا يكاد يقر له قرار حرصا على نيل حاجته و ارواء غليله من العلم فإنه كان عازما على الطواف في البلاد للقاء العلماء و الائمة لعل أحدهم يحقق قصده إذ قلما أعجبه من اختاره أو ملأ عينيه أحد فعاد و اقام فيها سنة يختلف إلى شريف العلماء ثم خرج إلى النجف فاخذ عن الشيخ موسى الجعفري سنتين إلى ان خرج عنه عازما على [زيادة] زيارة مشهد خراسان مارا في طريقه على كاشان حيث فاز بلقاء استاذه النراقي صاحب المناهج مما دعاه إلى الإقامة فيها نحو ثلاث سنين مضطلعا بالدرس و التأليف حتى كان النراقي لا يمل من [مذكراته‏] مذاكرته و مباحثته و حكى عنه انه قال لقيت خمسين مجتهدا لم يكن أحدهم مثل الشيخ مرتضى ثم خرج إلى خراسان حيث اقام عدة شهور ثم عاد إلى بلاده مارا باصفهان أيام رئاسة صاحبي المطالع و الإشارات و أصر الأول عليه بالاقامة فامتنع و خرج إلى وطنه دزفول فوردها سنة 1244 فأقام خمس سنوات ثم خرج إلى العراق و ورد النجف سنة 1249 أيام رئاسة الشيخ علي ابن الشيخ جعفر و صاحب الجواهر و الأول أوجههما فاختلف إلى مدرسته عدة أشهر ثم انفرد و استقل بالتدريس و التأليف و اختلف اليه الطلاب و وضع أساس علم الأصول الحديث عند الشيعة و طريقته الشهيرة المعروفة إلى ان انتهت اليه رئاسة الامامية العامة في شرق الأرض و غربها بعد وفاة الشيخين السابقين و صار على كتبه و دراستها معول أهل العلم لم يبق أحد لم يستفد منها و إليها يعود الفضل في تكوين النهضة العلمية الاخيرة في النجف الأشرف و كان يملي دروسه في الفقه و الأصول صباح كل يوم و اصيله في الجامع الهندي حيث يغص فضاؤه بما ينيف على الأربعمائة من العلماء الطلاب و قد تخرج به أكثر الفحول من بعده مثل الميرزا الشيرازي و الميرزا حبيب الله الرشتي و السيد حسين الترك و الشرابياني و المامقاني و الميرزا أبو القاسم الكلانتري صاحب الهداية و انتشرت تلاميذه و ذاعت آثاره في الآفاق و كان من الحفاظ جمع بين قوة الذاكرة و قوة الفكر و الذهن و جودة الرأي حاضر الجواب لا يعيبه حل مشكلة و لا جواب مسألة و عاش مع ذلك عيشة الفقراء المعدمين متهالكا في إنفاق كل ما يجلب اليه على المحاويج من الامامية في السر خصوصا غير مريد للظهور و المباهاة بجميع ذلك حتى لم يبق لوارثه ما له ذكر قط. و كان طويلا صبيح الوجه على ما فيه من اثر الجدري يخضب بالحناء ضعيف البصر لم يعقب [] سوى بنتين توفيتا بعده بيسير و أقيمت له المآتم في ديار الامامية كلها و رثي بالعربية و الفارسية. و في نظم اللآل: انتهت اليه رئاسة الامامية بعد مشائخنا الماضين و هو بها حقيق إذ لا يباريه أحد في التقى و كثرة الصلاة و الصلات و العلم أصولا و فروعا و العمل و حسن الأخلاق له كتب في الأصول و الفقه لا يسع الواقف عليها و على ما فيها من الدقائق العجيبة و التحقيقات [الغربية] الغريبة مع لزوم الجادة المستقيمة و السليقة المعتدلة [لا] الا الالتزام لما يرى بالموافقة و التسليم حتى يرى المجتهد الناظر في ذلك نفسه كالمقلد و ذلك أقل شي‏ء يقال في حقه فقد اشتهر امره في الآفاق و ذكره على المنابر على وضع لم يتفق قبله لغيره و كان مرجعا للشيعة قاطبة في دينهم و دنياهم جزاه الله عنا و عن المسلمين خير الجزاء و ادام ظله عليهم (اه).
كان إذا سافر للزيارة يعادله في المحمل خادمه الشيخ رحمة الله و تحت كل منهما لحاف بطانته من الكرباس الأخضر بلا ظهاره و معهما قدر صغير موضوع في وسط المحمل لطبخ غذائهما و عرضت عليه فلوس الهند المعروفة فأبى ان يقبلها و هي اموال عظيمة موضوعة في بنك الإنكليز أصلها من مال امرأة هندية يصرف ربعها في كربلاء و النجف برأي المجتهدين و يقال ان قنصل الإنكليز طلب منه ان يقتطع من ريعها شيئا و يعطيه وصولا بالتمام فأبى فسلمت لغيره ممن قبل بذلك.
اما مؤلفاته فمحتاجة إلى التهذيب و التنقيح كثيرا خصوصا رسائله التي عليها مدار تدريس الأصول ففيها من الإيجاز في مكان مع لزوم التطويل و من التطويل في آخر كمثل دليل الانسداد مع لزوم الإيجاز، و ما قيل انه كان لا يحب إخراج شي‏ء الا بعد اعادة النظر و التنقيح فهو كذلك و لكن متى يتسع الوقت لهذا المحبوب مع ان مطالبه أكثرها مبتكرات و هذا امر لا يستغنى فيه عن المساعدة أو تهذيب المتأخر لما صنفه المتقدم و المساعدة لم يتعود علماء الامامية عليها فمن فيه القابلية لا يشتغل بمساعدة غيره بل يريد ان يعمل لنفسه و غير القابل لا يمكنه المساعدة و الفرد يقصر عمره عن الابتكار و التهذيب و كذلك تهذيب المتأخر عمل المتقدم ليس مألوفا في علمائنا للعلة السابقة و لان الكتاب يأخذ حظا من شهرة مؤلفة و رجوع الناس عنه إلى تهذيبه امر صعب.
و لقد اكتسبت مصنفاته حظا عظيما فرسائله و مكاسبه مضافا إلى ان عليها مدار التدريس شذ من لم يعلق عليها من مشاهير العلماء بعده فممن علق على الرسائل ميرزا موسى التبريزي و الميرزا حسن الآشتياني و الشيخ حسن المامقاني و الشيخ ملا كاظم الخراساني و الشيخ آغا رضا الهمداني و كل حواشيهم مشهورة مطبوعة و ممن علق على المكاسب السيد كاظم اليزدي و الشيخ آغا رضا.
يروي عن استاذه النراقي و أبيه ملا مهدي عن الشيخ يوسف البحراني عن المولى محمد رفيع الجيلاني عن المجلسي عن مشائخه.
(تصانيفه)
كان لا يحب إخراج شي‏ء الا بعد التنقيح و اعادة النظر مرارا هذا مضافا إلى ضعف بصره مما جعل كثيرا من آثاره في الفقه غير مرتبة. صنف المكاسب و هو عند بعض تلاميذه أحسن ما صنف (راجع غاية الآمال للمامقاني)، كتاب الطهارة و يعرف بطهارة الشيخ من كتب القراءة كأكثر كتبه، كتاب الصوم و الزكاة و الخمس على جهة البسط و التحقيق، رسائله الخمس المشهورة التي عليها معول الأصوليين من الامامية في كل مكان (1) رسالة حجية الظن (2) أصل البراءة (3) الاستصحاب (4) التعادل و التراجيح (5) رسالة الإجماع و قد طبعت مرارا في مجموع سمي الفرائد و له أيضا رسالة في الرضاع، رسالة في التقية، رسالة في العدالة،
أعيان‏الشيعة، ج‏10، ص: 119
رسالة في [الفضاء] القضاء عن الميت، رسالة في المواسعة و المضايقة، رسالة في قاعدة من ملك شيئا ملك الإقرار به، رسالة في نفي الضرر و الضرار طبعت كلها و له كتاب الغصب و كتاب في الرجال تام منه نسخة مخطوطة في المكتبة الرضوية كتبت عن نسخة الأصل سنة 1281 و هي سنة وفاته.









الأعلام للزركلي (7/ 201)
مُرْتَضى الأَنْصاري
(1214 - 1281 هـ = 1800 - 1864 م)
مرتضى بن محمد أمين الدزفولي الأنصاري: فقيه ورع إمامي. كان مقيما في الغري (بالعراق) وتوفي بالنجف. له تصانيف، منها (المكاسب - ط) و (الطهارة - ط) و (الفرائد الأصولية) و (إثبات التسامح في أدلة السنن - ط) وكتاب (الإرث - ط) (3) .
__________
(3) أحسن الوديعة 147 - 150 والذريعة 1: 87 و 449 ثم 6: 59 و 794: 2Brock S.
















الذريعةإلى‏ تصانيف ‏الشيعة، ج‏21، ص: 136
4305: مطارح الأنظار
في أصول الفقه من مباحث الألفاظ و الأدلة العقلية، من تقرير بحث العلامة الأنصاري الشيخ مرتضى، كتبه تلميذه الحاج ميرزا أبي القاسم الشهير بكلانتري بن الميرزا محمد علي النوري، ساكن طهران، المولود سنة ست و ثلاثين و مائتين و ألف (1236). و قد رتب مباحثه و سماه بهذا الاسم و طبعه ولده الفاضل الحاج ميرزا أبو الفضل المتوفى 1316.









موسوعة طبقات ‏الفقهاء، ج‏13، ص: 53
3945 كلانتري «2»
(1236- 1292 ه) أبو القاسم بن محمد علي بن هادي النوري «3» المازندراني، الطهراني، الشهير بكلانتري «1»، الفقيه الإمامي المجتهد، الأصولي، صاحب تقريرات الشيخ مرتضى الأنصاري.
ولد في الثالث من ربيع الثاني سنة ست و ثلاثين و مائتين و ألف بطهران.
و درس المبادئ و مقدّمات العلوم.
و سافر إلى أصفهان، فأقام بها سنينا طالبا للعلم.
و عاد إلى طهران، و جدّ و اجتهد، فأخذ العلوم العقلية عن عبد الله الزنوزي، و الفقه و الأصول عن عدد من الأساتذة، منهم جعفر بن محمد الكرمانشاهي.
و نال قسطا من العلم، و عرف عند علماء وقته، و زيّنوا له السفر إلى العراق، فيمّم وجهه شطره، و أقام في كربلاء مدة متتلمذا على السيد إبراهيم بن محمد باقر القزويني الحائري.
ثمّ قصد الحوزة العلمية الكبرى في النجف. فحضر بحوث الفقيه الشهير مرتضى الأنصاري نحو عشرين سنة، و منحه إجازة الاجتهاد مشيدا بمنزلته العلمية.
و عاد إلى طهران سنة (1277 ه)، فتصدى للتدريس و الإفتاء، و اشتهر، و صار من مراجع الدين البارزين.
ثمّ فوّض إليه أمر التدريس في مدرسة المروي بطهران، فدرّس الفقه و الأصول مدّة سبع سنين إلى أن أدركه أجله في الثالث من ربيع الثاني سنة اثنتين و تسعين و مائتين و ألف، و دفن في الري في مشهد السيد عبد العظيم الحسني.
و قد حضر عليه العديد من الفقهاء و العلماء، منهم: ابنه الفقيه الشاعر أبو الفضل (المتوفىّ 1316 ه)، و السيد حسين بن صدر الحفاظ القمي.
و ترك من الآثار: رسائل في أصول الفقه، و هي تقريرات بحوث أستاذه الأنصاري، جمع بعضها ابنه أبو الفضل و طبعت في كتاب اسمه مطارح الأنظار، و يحتوي على: رسالة في الصحيح و الأعم، رسالة في اجتماع الأمر و النهي، رسالة في الأجزاء، رسالة في مقدمة الواجب، رسالة في مسألة الضد العام و الخاص و المجمل و المبين، رسالة في المطلق و المقيد، رسالة في المفهوم و المنطوق، رسالة في أصل البراءة، رسالة في الحسن و القبح العقليين و الشرعيين، و رسالة في الاجتهاد و التقليد.
و له رسالة في المشتق، رسالة في الاستصحاب، رسالة في حجّية القطع، رسالة في حجّية الظن، رسالة في التعادل و التراجيح، و تقريرات في أصول الفقه، و هي بحوث أستاذه الكرمانشاهي، دوّنها سنة (1276 ه).
و له أيضا رسالة في الإرث، و تقريرات في الفقه، و هي بحوث أستاذه الأنصاري في أبواب الطهارة، الصلاة، الخلل، صلاة المسافر، الزكاة، الغصب، الوقف، اللقطة، الرهن، إحياء الموات، الإجارة، و القضاء و الشهادات.











فهرس ‏التراث، ج‏2، ص: 172
أبو القاسم النوري الكلانتري (1236- 1292)
«1» الشيخ أبو القاسم بن محمد علي بن هادي النوري الطهراني الكلانتري.
مما قال شيخنا العلامة: «من أعاظم علماء عصره- و في الهامش: لقّب بالكلانتري لاشتهار خاله محمود خان كلانتر الذي صلبه السلطان ناصر الدين شاه القاجاري عام المجاعة- ولد في 3 ربيع الثاني 1236 ه في طهران، و نشأ بها، ثمّ هاجر إلى أصفهان ثم النجف و حضر عند شيخ الطائفة المرتضى الأنصاري، و كتب تقريراته و لازمه عشرين سنة، و عاد إلى طهران في 1277 إلى أن توفي في 3 ربيع الأول 1292».
أسند إليه المرعشي في الإجازة الكبيرة.
من آثاره:
مطارح الانظار
و هو تقريرات درس الشيخ المرتضى الأنصاري في مباحث الألفاظ و يبتدئ بمبحث الصحيح و الأعم، و هو معنون بعنوان «هداية» «هداية»، و قد سجل قلم المؤلف المقرر إلى آخر مبحث اقتضاء الأمر بالشي‏ء النهي عن الضد و المباحث الأخر.
و يستفاد من المطبوعة أنّها لبعض الأساطين من تلامذة الشيخ الأنصاري غير المترجم كما صرّح في النسخة المطبوعة ص 111. و قد طبع طبعة حجرية في طهران سنة 1213 ه.
قال شيخنا العلامة: إنّ ولده ميرزا أبو الفضل (ت/ 1317 ه) رتّب مباحثه و سمّاه بهذا الاسم.








موسوعة طبقات‏ الفقهاء، ج‏14قسم‏1، ص: 42
4426 الكلانتري «1» (1273- 1316 ه)
أبو الفضل بن أبو القاسم بن محمد علي بن هادي النوري المازندراني الأصل، الطهراني، الملقب- كأبيه- بالكلانتري.
كان فقيها إماميا، أصوليا، كاتبا مبدعا، شاعرا متفننا، من أجلة العلماء.
ولد في طهران سنة ثلاث و سبعين و مائتين و ألف.
و تتلمذ في العلوم النقلية على: والده أبو القاسم «2»، و السيد محمد صادق الطباطبائي التبريزي، و عبد الرحيم النهاوندي، و في العلوم العقلية على الحكيمين:
محمد رضا القمشهي الطهراني (المتوفّى 1306 ه)، و السيد أبو الحسن بن محمد الطباطبائي الأصفهاني الطهراني الشهير بجلوة (المتوفّى 1314 ه).
و ارتحل إلى العراق سنة (1300 ه)، فمكث في النجف الأشرف شهورا، حضر في أثنائها على الميرزا حبيب الله الرشتي.
ثم انتقل إلى سامراء، فحضر على السيد محمد الفشاركي الأصفهاني و على‏ الميرزا محمد تقي الشيرازي، ثم انضم إلى حلقة درس المرجع الأعلى في عصره السيد محمد حسن الشيرازي (1312 ه)، و اختص به.
و برع في الفقه و الأصول، و زاول حفظ الشعر العربي، حتى امتلك ناصية نظمه، و احتل منزلة رفيعة بين أعلام أدباء و شعراء عصره. «1»
و رجع المترجم في سنة (1309 ه) إلى طهران، فتصدى بها للبحث و التأليف و إمامة الجماعة.
و افتتح مدرسة سبهسالار، و أسكن فيها الطلبة، و باشر فيها التدريس سنة (1312 ه).
و أسس مكتبة ضخمة، جمع فيها من النفائس المخطوطة الشي‏ء الكثير.
و ألف كتبا، منها: حاشية على «المكاسب» في الفقه لمرتضى الأنصاري، تميمة الحديث في الدراية، الدر الفتيق في الرجال، شفاء الصدور في شرح زيارة عاشور (مطبوع) بالفارسية، صدح الحمامة في ترجمة والدي العلامة (مطبوع)، منية البصير في بيان كيفية الغدير.
و له ديوان شعر (مطبوع)، و منظومة في النحو، و منظومة في الصرف سماها قلائد الدرر في نظم اللؤلؤ المنتثر، و منظومة في الهيئة سماها ميزان الفلك.
توفّي في طهران سنة ست عشرة و ثلاثمائة و ألف.
و من شعره، قوله في شعرات بيض ظهرن بلحيته، فصبغهن بالحنّاء:
رنت إلى الشعرات الحمر لامعة في سودها لمعان البرق في الظّلم‏
فقلت بيض مواضي الشيب قد سفكت دم الشباب و هذا منه بعض دمي‏


























****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Thursday - 20/1/2022 - 12:38

تواضع شیخ انصاری

الحاشیه علی استصحاب القوانین، ص ٢٠۵

و لكن مع ذلك كله، فالمتهم هو فهمي القاصر، و إدراكي الفاتر، و الله هو العالم بالسرائر

.

 








****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Monday - 22/8/2022 - 5:4

2521- شيخ الطائفة شيخنا المرتضى بن الشيخ أمين بن مرتضى بن شمس الدين بن أحمد بن نور الدين بن محمد صادق الأنصاري الدزفولي النجفي‏
أنار اللّه برهانه، شيخ الطائفة، و علّامة وقته، صاحب التحقيقات‏
__________________________________________________
 (1) أي أن وفاته سنة 1288 ه.
                       

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 37
و التدقيقات و التأسيسات و التنقيحات التي لم يسبقه أحد من المتقدّمين و المتأخّرين إلى مثلها، إليه اليوم ينتهي علم علماء الإمامية، و الكلّ من بحره يغترف، و هو الأستاذ الاستناد لسيدنا الأستاذ و من في طبقته من علماء البلاد.
مصنّفاته و إملاءاته في الفقه و الأصول لا يعرف الفضل إلّا بدراستها.
قال العلّامة النوري عند ذكره: خاتم الفقهاء و المجتهدين، و أكمل الربّانيين من العلماء الراسخين، المتجلّي من أنوار درر أفكاره مدلهمات غياهب الظلم من ليالي الجهالة، و المستضي‏ء من ضياء شموس أنظاره خفايا زوايا طرق الرشد و الدلالة، المنتهى إليه رئاسة الإمامية في العلم و الورع و التقى، الشيخ مرتضى بن المرحوم السعيد المولى محمد أمين الأنصاري، لانتهاء نسبه الشريف إلى جابر بن عبد اللّه بن حزام الأنصاري، من خواصّ أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، و أمير المؤمنين، و الحسن و الحسين، و علي بن الحسين، و محمد بن علي الباقر (صلوات اللّه عليهم).
و من آثار إخلاص إيمانه و علائم صدق ولائه أن تفضّل اللّه عليه، و أخرج من صلبه من نصر الملّة و الدين بالعلم و التحقيق، و الدقة و الزهد و الورع و العبادة و الكياسة، بما لم يبلغه من تقدّم عليه، و لا يحوم حوله من تأخّر عنه. و قد عكف على كتبه و مؤلّفاته و تحقيقاته كلّ من نشأ بعده من العلماء الأعلام و الفقهاء الكرام، و صرفوا هممهم و بذلوا مجهودهم، و حبسوا أفكارهم و أنظارهم فيها و عليها، و هم بعد ذلك معترفون بالعجز عن بلوغ مرامه، فضلا عن الوصول إلى مقامه، جزاه اللّه تعالى عن الإسلام و المسلمين خير جزاء المحسنين «1».
__________________________________________________
 (1) مستدرك الوسائل 3/ 382.
                       

 

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 38
أقول: كان تولّده- قدّس اللّه روحه- في دزفول سنة 1214 (أربع عشرة بعد المائتين و الألف) الهجريّة، و أنشأه اللّه سبحانه منشأ مباركا، و اشتغل في طلب العلم هناك حتّى صار يحضر عالي مجلس درس جدّه الأمّي العلّامة الفقيه، أحد تلامذة العلّامة السيد صاحب الرياض السيد مير سيد علي الطباطبائي.
فلما كانت سنة 1234 و قد بلغ من العمر عشرين سنة هاجر به أبوه المولى محمد أمين إلى كربلاء إلى السيد صاحب المفاتيح الطباطبائي للحضور عليه لشهرته في ذلك العصر، فلمّا دخل به عليه و استقرّ به المجلس قال للسيد: إنّي قد جئت بابني هذا لأودعه عندكم يشتغل بالعلم عليك، فأرجو من فضلكم قبوله.
فقال السيد: ما ذا كان يقرأ في دزفول؟ فقال المولى محمد أمين:
اسأل منه. فقال: كنت أحضر في الفقه و الأصول الخارج عن السطوح على المولى الجدّ فلان، فقال السيد: كيف كان حاله ذاك من محقّقي العلماء الأجلّة.
فأخبره عن حاله فقال له السيد: لمّا فارقته ما ذا كان يدرّس في الفقه؟ فقال الشيخ: كان يدرّس مبحث الخلل الواقع في الصلاة، فصار السيد يسأل الشيخ عن بعض مسائل الخلل، و يقول: ما ذا صنع في مسألة كذا؟ و ما قال في مسألة كذا؟ و صار الشيخ يتكلّم في ذلك. فالتفت السيد إلى المولى محمد أمين و قال له: أودعه عند سيدنا الحسين (عليه السّلام)، فأنا غير قابل لأن أكون كفيله لأنه من أفاضل العلماء الفاهمين.
و بالجملة، صار الشيخ عند السيد في مباحث الخلل أيضا لأنه كان قد شرع في تدريس ذلك فحضر الشيخ تمام مبحث الخلل، و لم يحضر غيره لاشتغال السيد بفتنة القوقاس حتّى رحل إلى جهادهم، و توفّي‏
                       

 

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 39
بقزوين عند رجوعه سنة 1242، و الشيخ صار يحضر على شريف العلماء (قدّس اللّه روحه) و بعد ما كمل، رحل إلى كاشان و حضر على المحقّق النيراقي صاحب المستند و بقي هناك مدّة، كتب النيراقي فيها المناهج و العوائد بإعانة الشيخ ثمّ استجازه الشيخ فأجازه.
ثم رحل إلى أصفهان و حضر على السيد العلّامة السيد صدر الدين العاملي عمّ والدي و استجازه فأجازه و طريقه منحصر بهما.
و حضر على السيد حجّة الإسلام السيد محمد باقر صاحب مطالع الأنوار، و رجع إلى العراق و جاور في النجف، و صار يحضر على الشيخ المحقّق الشيخ علي بن شيخ الطائفة كاشف الغطاء.
حدّثني الشيخ الفقيه الأستاذ الشيخ مهدي بن الشيخ علي المذكور، قال: جاءت إلى أبي مسألة من تركستان من فروع مسألة (من ملك شيئا ملك الإقرار)، و عنونها الشيخ الوالد، و صارت الأفاضل تتكلّم فيها، فأرسلني والدي بالمسألة إلى الشيخ مرتضى، و قال لي: قال له يكتب ما عنده فيها، و دلّني على منزله في محلّة المشراق، فأتيته فأعطيته المسألة.
و بعد أيام جاء إلى أبي و أنا حاضر عنده، فقال له: ما ذا صنعت؟ فأخرج كرّاسة قد كتب فيها المسألة مفصّلا، و أخرج ورقة صغيرة فيها جواب الاستفتاء، فأول ما نظر أبي إلى جواب الاستفتاء، قال: الحمد للّه.
الآن حصحص الحقّ. هذا و الله رأيي و اعتقادي.
ثم صار ينظر إلى ما في الكرّاسة، و هي الرسالة التي طبعت مع باقي رسائله خلف مكاسبه و طهارته، و هي الآن عندي بخطّه الشريف فقلت لوالدي: هذا الشيخ فاضل. فقال: يا ولدي هذا من أرجو أن يكون المرجع العام للإماميّة في الدين.
قال الشيخ مهدي: و أنا ما كنت أعرفه حينئذ بهذا الفضل لأني كنت أراه يحضر درس أبي و لا يتكلّم أبدا.
                       

 

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 40
و بقي يحضر درس الشيخ علي المذكور إلى أن توفّي- قدّس اللّه روحه- و هو عمدة أساتيذه في الفقه، كما أن شريف العلماء عمدة أساتيذه في الأصول.
و بعد وفاة الشيخ علي صار يحضر مجلس درس صاحب الجواهر احتراما له لأنه شيخ الطائفة بعد الشيخ علي بن الشيخ جعفر، و الشيخ مرتضى يومئذ عظيم في قلوب فضلاء العصر، لا نظير له، بل لا يرون أفضل منه في كلّ علماء العصر، و كلّما يطلبون منه التصدّي إلى الفتوى لا يقبل حتّى أن السيد الوالد طلب منه أن يفتي في مسألة جزئيّة سرّا فلم يقبل، و قال: لا ينبغي لأحد الفتوى مع وجود هذا الشيخ.
بل كان لا يرضى بكثرة الاجتماع في بحثه، و لم يجعل وقتا معيّنا لتدريسه بحيث يعرف وقت تدريسه خوفا من اجتماع الطلبة عليه، بل كان يغيّر وقت تدريسه بمجرّد أن يرى اجتماع الطلبة، و يغيّر المكان على ما حدّثني به شيخنا المحقّق صاحب البدائع، قال: لا يدع مبحثه ينتظم ما دام الشيخ صاحب الجواهر حيّا، كلّ ذلك تعظيما و احتراما للشيخ، لأنه كان يعلم أنه إذا عيّن وقت مجلسه و مكان تدريسه، و انتظم وقته و مكانه، اجتمعت عليه الفضلاء و العلماء و وجوه أهل الفضل لاشتياقهم سماع مطالبه، و ذلك يخل في جلالة الشيخ صاحب الجواهر و استقلاله.
و لمّا مرض الشيخ صاحب الجواهر و عرف أن مرضه مرض الموت أرسل خلف الشيخ بمحضر جماعة من الأفاضل، و لمّا حضر الشيخ صار الشيخ يلتمسه بألطف بيان على التصدّي لأمور الشيعة و الإقامة بالرئاسة الشرعيّة و يوصيه بالرفق و عدم التشديد عليهم بكثرة الاحتياط، و سأله أن يصلّي على جنازته، و التفت إلى من حضر و قال: هذا نائب الإمام و أفقه علماء الإسلام و أورعهم و أتقاهم.
و توفّي الشيخ صاحب الجواهر غرّة شعبان سنة 1266 (ست و ستين‏
                       

 

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 41
و مائتين بعد الألف)، فصلّى عليه الشيخ في الصحن الشريف عند الحجر القبليّة. و كان الصحن قد امتلأ بتمامه من المشيّعين، و صلّى الجميع خلف الشيخ على الجنازة و كانت صلاة مشهورة، قام فيها جماعة في الأواوين لإعلام الناس بالتكبيرات الخمس.
و استقلّ الشيخ حينئذ بالرئاسة الشرعيّة، فسلك فيها مسالك الربّانيين حتّى صار يضرب به المثل في العلم و العمل، و السياسة و الكياسة، و الزهد و الورع، حتّى قال قونسل الإنكليز ببغداد: هذا شبيه عيسى بن مريم.
و قد رأيت كيفيّة انكباب الناس عليه لمّا جاء إلى بلد الكاظمين قبل وفاته بسنة في شهر ربيع الأول سنة ثمانين و مائتين بعد الألف، و كيفيّة تعظيمهم له و تصاغر الأعيان و الشاهزادات له، و كانت بلد الكاظمين يومئذ مشحونة بأولاد فتح علي شاه، و في بغداد الأعيان و الأعاظم، و الكلّ كالعبيد.
و هو رجل إلى الطول أقرب منه إلى القصر، أحمر اللون، نحيف الجسم، ضعيف العينين، بين عينيه سجّادة، قد خضّب بالحنّاء كريمته، على رأسه عمامة كرباس أبيض، ليست كبيرة، و عليه قباء كرباس أبيض، و عباءة صوف أحمر خفيفة، صلّى في جهة صحن قريش، فامتلأ من الناس.
و كان في استطراقه بغداد لزيارة سلمان للناس على اختلاف مللهم اجتماع غريب للنظر إليه و التطلّع عليه. و كان يوما مشهورا، و هو على حمار و معه أصحابه راكبين على حمر كذلك، كأنّهم أنوار قدس.
حدّثني بعض علماء أهل السنّة من الأشعريّة الحنفيّة ببغداد، قال:
وصل خبر مرض الشيخ مرتضى الأنصاري إلى السلطان عبد العزيز خان‏
                       

 

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 42
العثماني في إسلامبول، أمر السلطان الخطيب يوم الجمعة أن يدعو اللّه في الشفاء للشيخ مرتضى، و أن يؤمّنوا على دعائه، فدعا على المنبر و أمّن المسلمون على دعائه، فقلت: و لم أمر بذلك؟ فقال: لأنه كان عزّا للإسلام و فخرا لهم، اشتهر اسمه، و بعد صيته.
قلت: كان مرضه مرض البطن، و طال به المرض، و خرج إلى التاجيّة لتغيير الهواء مدّة.
حدّثني الشيخ الفاضل الشيخ عباس بن الشيخ الأعظم الشيخ حسن صاحب أنوار الفقاهة بن شيخ الطائفة صاحب كشف الغطاء، قال: جئت بخدمة ابن عمّي الشيخ الأجل فقيه النجف الشيخ مهدي بن الشيخ علي ابن الشيخ كاشف الغطاء إلى التاجيّة لعيادة الشيخ، شيخ مرتضى. فلمّا وصلنا إلى باب البستان التي هو فيها رأينا جماعة من الأعاظم جلوسا على باب البستان منهم السيد العلّامة السيد حسين الترك، و الفاضل الإيرواني، فقلنا: ما جلوسكم؟ فقالوا: إنا لا نجسر على أن نطرق الباب، فلعلّ الشيخ بالقرب من الباب. فقلنا: لا بدّ لنا من ذلك.
فتقدّمت أنا و طرقت باب البستان، فجاء خادم الشيخ الحاج ملّا رحمة اللّه الشوشتري، فقلنا له: إنا جئنا لعيادة الشيخ، فإن كان يسهل عليه دخولنا دخلنا، و إلّا رجعنا. و لا نرضى أن يتكلّف من جهتنا بشي‏ء.
فدخل، و بعد هنيئة خرج و أدخلنا و إذا حوض ماء، و في أطرافه حصر مفروشة في طرف منها دوشك جالس عليه الشيخ، فدخلنا و سلّمنا عليه، فردّ السلام، و رحّب بنا.
فجلس الجماعة على غاية من الأدب كلّ على ركبتيه مخرجا ليده من العباءة مطرقا برأسه إلى الأرض. فالتفت الشيخ إليّ و قال: يا شيخ عبّاس، ما عند عجائز بيت الشيخ من الدواء لهذا الإسهال؟
                       

 

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 43
فقلت: شيخنا إن عجائز البيت يصفون له السمّاق و الكشك، و أمثال هذه القوابض، لكن الدواء العمدة- الحمد للّه- حاصل لكم فإنه لا ينعقد اليوم مجلس في الدنيا إلّا فيه الدعاء لكم بالشفاء، و لا يصلّي مؤمن إلّا و هو يدعو بالشفاء، و لا يزور أحد المشاهد المشرّفة زائرا إلّا و يدعو في شفائكم، و هذا غير الختوم و التوسّلات المخصوصة من الخواص في طلب الشفاء و الدعاء لكم.
فقال: يا شيخ عباس، جزى اللّه المؤمنين خيرا. ما الحياة و الموت إلّا حالتان للنفس، و لكن الخوف من سواد الوجه هناك.
قال: و لم تطل الشيوخ الجلوس هناك، و قمنا من عنده و رجعنا إلى النجف، و لم يتفق لأحد من علماء الإماميّة ما اتفق للشيخ من الهيبة و العظمة في النفوس، مع أنه لم يكن له تجمّلات صوريّة، لا خدم، و لا حشم، و لا أبّهة، و لا شي‏ء من آثار الرؤساء، إنما هو رجل شوشتري وضعا و لباسا.
و أمّا زهده فشي‏ء عجيب. كان له أربع نساء، أخذهن برجاء أن يكون له ولد ذكر، فلم يرزق. و مع ذلك كانت تركته كلّها قيمة سبعين قرانا، و داره دار أقلّ الطلبة مع أنه كان يجيئه من الهدايا و التحف ما شاء اللّه. لكنّه كان يؤثر بها إخوانه، و يبذلها في الأمور المستحبّة عند اللّه، حتّى حدّثني بعض إخوته أنه لم يترك مستحبّا شرعيّا ماليّا أو عمليّا إلّا فعله، حتّى كتابة المصحف. كتب مصحفا بقلم يده لمحض استحباب كتابة المصحف.
و كان يقيم عزاء الحسين (عليه السّلام) في كلّ ليلة جمعة، يبذل فيه الخبز مع ماء اللحم لمن يطلب حضوره.
و كان يرسل من خالص ماله إلى خراسان في فكاك من يأسره‏
                       

 

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 44
التركمان في طريق خراسان من الزوّار. و بسببه فتح على علماء العتبات أمران عظيمان أحدهما رجوع عامّة الشيعة في التقليد إلى علماء العتبات، و هذا لم يكن قبل الشيخ، كانوا يقلّدون من عندهم من الفقهاء، و الثاني إرسال الوجوه و الحقوق إلى العلماء المراجع في العراق، و هذا أيضا لم يكن قبل الشيخ حتّى أن الشيخ علي سبط الشيخ صاحب الجواهر الذي كانت كلّ أمور جدّه الشيخ بيده، هو حدّثني أنه في تمام مدّة رئاسة الشيخ صاحب الجواهر لم يرسل إليه دفعة واحدة أكثر من خمسة آلاف قران، غير مسألة الجري.
و كانت الوجوه التي ترد على الشيخ مرتضى الألوف من التوامين، فضلا عن القرانات؛ كلّ ذلك لما كان عليه من العظمة في القلوب و الربّانيّة، و حسن التدبير.
و أمّا تأسيساته في كيفية الاشتغال، و كيفيّة الوصول إلى المطالب، و تحقيق الحقائق، فشي‏ء ظاهر لا يخفى حتّى على العوام.
و من تأسيساته أيضا التي عندي أنها أعظم ما يكون من آثاره الباقية في الدين تمرين الشيعة على العمل بالاحتياط في مقام العمل في عباداتهم و معاملاتهم و تمرينهم على ما هو الأقرب إلى الواقع، و هذا ممّا لم يسبقه فيه أحد من العلماء الإماميّة.
و من تأسيساته تمرين طلبة العلم على الزهد و الورع و الاقتصاد و المواظبة على الطاعات حتّى صار شعار أهل العلم في عصره الزهد، و إن كان من المثرين في الدنيا.
و كانت له مقامات و أسرار لم يطّلع عليها أحد مدّة حياته. حدّثني السيد حجّة الإسلام السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي دام ظلّه، عن العبد الصالح، الثقة العدل، الحاج مولى حسن اليزدي، العابد الزاهد،
                       

 

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 45
المتوطّن في النجف، جدّ أولاد السيد المذكور، لأن السيد- دام بقاه- كان صهره على ابنته، قال أنه سأل السيد الأجل جمال السالكين، زبدة العلماء الربّانيين، السيد علي بن السيد محمد التستري، وصي الشيخ، و صاحب أسراره، و الذي لم يكن يفارقه في حضر و لا سفر، مذ سكن النجف، و كان في الجلالة و المعارف الرّبانيّة و المنامات ما كان يظنّ أن الشيخ من مردته «1» و المنقطعين إليه في السر: هل رأيت من الشيخ كرامة أو نحوها في مدّة معاشرتك له؟
قال: فأطرق برأسه مدّة ثمّ رفع رأسه إليّ، و قال: زرنا بخدمته سيدنا أبا عبد اللّه الحسين (عليه السّلام) في بعض الزيارات المخصوصة، فجئنا من النجف إلى كربلاء و أنا زميله في المحمل، فنزلنا في الدار التي لا زلنا ننزلها إذا جئنا كربلاء حتّى انقضت أيام المخصوصة، فقلت للشيخ: هل تأذن في استئجار الدواب للرجوع إلى النّجف؟ فقال لي: اصبر قليلا.
فلمّا كان نصف الليل أو أكثر من نصفه، و أنا نائم في فراشي إذ سمعت حركة باب الدار، و أنها فتحت، فرفعت رأسي فلم أر الشيخ في فراشه، فعلمت أنه هو الذي فتح الباب، و خرج فتعجّبت من ذلك، و خفت عليه في خروجه في هذا الوقت من الليل، فقمت و عجّلت بالخروج خلفه، فرأيته من بعيد متوجّها إلى جهة باب بغداد فتبعته و أنا متخفّ عنه، فرأيته وقف على باب دار محقّرة هناك، فسمعته يقول:
السلام عليكم أهل بيت النبوّة. هل تأذنون لعبدكم بالرجوع إلى النجف؟
فسمعت قائلا يقول له: إذا كان غد تفعل (كذا)، و لم أفهم المطلب
. فرجع الشيخ فرجعت مسرعا من حيث لا يراني، فدخلت الدار، و نمت في فراشي كي لا يعرف حالي. فجاء و صعد السطح،
__________________________________________________
 (1) المردة جمع مريد.
                       

 

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 46
و أيقظني لصلاة الليل على عادته كلّ ليلة، فقمت و لم أظهر شيئا حتّى كانت الليلة الثانية. فلمّا كان آخر الليل رأيته خرج، و أنا في فراشي، و هو لا يدري إلّا أني نائم، فقمت و خرجت خلفه، فرأيته توجّه إلى تلك الجهة، فتبعته حتّى انتهى إلى تلك الدار، فسلّم كسلامه ليلة أمس، فسمعت قائلا يقول له: قد قضيت الذي قلنا لك؟ فقال: نعم.
و لم أسمع باقي الكلام، فسلّم و رجع مسرعا، فأسرعت أنا من طريق آخر، و دخلت الدار، و طرحت نفسي في فراشي حتّى لا يعرف حالي.
فدخل و صعد السطح الذي ننام عليه فناداني: آقا سيد علي، على عادته، و قال: أ لا تجلس. فجلست، و أخذ هو في النافلة، و صرت أنا أتنفّل أيضا حتّى إذا صار الصباح، قال لي: إذا تحب تستأجر دوابا فلا بأس.
فقلت له: من كان في تلك الدار المحقّرة من أهل بيت النبوّة؟ و ما الحاجة التي أمرت بقضائها في الليلة الأولى؟ و لم لا يكونون في الحرم الشريف، لا في مثل هذا المنزل المحقّر؟
فتغيّر لونه و قال لي: ما تقول؟ فقلت: أنا كنت معك، و حكيت له الحال من أوله إلى آخره، فقال لي: أمّا من كان فلا أخبرك به، و لا أخبرك بالحاجة التي قضيتها، و أحرّم عليك أن تنقل ما رأيت في مدّة حياتي. ثمّ قال: آقا سيد علي، حرم خانه نيست كه آنجا منزل كنندا. انتهى.
و حدّثني غير واحد من الأجلّة عن الآقا الحاج سيد علي المذكور (قدّس اللّه سرّه) أنه قال عن الشيخ: عاش وحيدا، و مات فقيدا، و أنه كان له من العلوم و المقامات ما لم يطلع عليها أحد حتّى مات، قدّس اللّه سرّه.
و كانت وفاته ليلة السبت الثامنة عشرة من شهر جمادى الثانية سنة 1281 (إحدى و ثمانين و مائتين و ألف) في النجف الأشرف، و دفن في إيوان حجرة الصحن التي فيها الشيخ الأجل الحسين النجف.
                       

 

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 47
حدّثني والدي أن الشيخ لم يعيّن مكان دفنه، لكن الشيخ جواد نجف هو الذي دفنه في حجرتهم المذكورة المتصلة بباب القبلة على يسار الداخل منها الصحن الشريف.
و صنع شهاب الملك أرسي و شبابيك و أخرج الإيوان من الحجرة المذكورة، و هو مكان قبر الشيخ، و عمّره، و وضع على القبر الشريف صخرة مرمر، و كتب عليها اسم الشيخ (قدّس سرّه) و هو إلى اليوم مزار معروف.
و أمّا مصنّفاته الشريفة فالذي طبع منها لا حاجة إلى ذكره لشهرته، و تكرّر طبعه. و له ما لم يطبع كثير، فإن الذي رأيته أنا بخطّه الشريف من ذلك جملة منها:
1- حاشية على القوانين من أول حجّية الأخبار، و تمام الأدلّة العقليّة، و تأمّلت فيها فرأيت مطالبها مطالب كتابه الفرائد، أعني الرسائل الأربع، و كان كتبها أولا بعنوان حاشية على القوانين، ثمّ بدا له و كتبها رسائل مستقلّة.
و منها ما رأيته أيضا بخطّه الشريف مسوّدة:
2- كتاب القضاء.
3- جملة من مباحث الألفاظ.
4- رسائل متفرقة في مسائل مهمّة، يطول شرح موضوعها جميعا.
5- كتابه في الرجال الرواة، اقتصر فيه على نقل ما في صه و جش و كش و جخ «1» لا غير. و ذكر بعد باب الكنى و الألقاب مشيخة الشيخ‏
__________________________________________________
 (1) صه/ خلاصة الأقوال في الرجال، للعلّامة الحلي. و جش/ رجال النجاشي.
و كش/ رجال الكشّي، و جخ/ رجال الشيخ الطوسي.
                       

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 48
الصدوق و صحّح منها ما رواه ص يحا و غير ذلك من الأنواع الأربعة للحديث، و لم أر فيه له تحقيقا أو غير ذلك.
و حدّثني السيد العالم الجليل السيد محمد بن السيد أحمد بن السيد حيدر الكاظمي (رحمه اللّه) أنه سمع الشيخ (ره) يقول: إني كنت قد كتبت في الفقه أكثر أبوابه في أوائل أمري، و أنا في الولاية، يعني دزفول، و تركتها هناك في الزنابيل، و خرجت إلى كربلاء للاشتغال على العلماء. انتهى كلامه.
و قد عرفت أن عمره يوم خرج من الولاية عشرين سنة، و لا غرو فإن الشيخ صاحب الجواهر شرع في كتابة الجواهر و عمره أربع و عشرون سنة.
و أمّا إملاءاته في مجلس الدرس في الفقه و الأصول فأمر عظيم.
و قد كتب أفاضل تلامذته من ذلك. كتب شيخنا المحقّق الحاج ميرزا حبيب اللّه الرشتي جميع ما باحثه الشيخ في الفقه و الأصول، و هو أحسن من كتب، ثمّ الفاضل المحقّق الحاج ميرزا أبو القاسم الطهراني، كتب كلّ ذلك أيضا. و قد رأيته بخطّه عند ابنه الميرزا أبي الفضل تمام مباحث الأصول و تمام ما حضره في الفقه، و هو أبسط من كتابة الميرزا الرشتي.
و كان الحاج ميرزا أبو القاسم أحد المقرّرين لدرس الشيخ، و بعده الشيخ الفاضل الميرزا حسن الآشتياني، رأيت له تمام دورة الأصول الّتي حضرها على الشيخ، و تمام دورة الفقه بعنوان التقرير لا غير في غاية البسط. كان يكتب كلمات الأفاضل الذين كانوا يتكلّمون مع الشيخ أيضا.
و رأيت تقريرات أخر لأفاضل أخر لكن الدائرة بين الأفاضل تقريرات هؤلاء الذين ذكرتهم، و تقدّم أن الفاضل الآخوند المولى محمود
                       

 

 

تكملة أمل الآمل، ج‏6، ص: 49
العراقي كتب إملاءات الشيخ في الفقه و سمّاها اللوامع، و في الأصول و سمّاها الجوامع، و كلّ في عدّة مجلّدات.






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Tuesday - 31/10/2023 - 10:53

من هو تالی العصمة

بدائع الافکار، ص 457

و نفس الأمر إما صادر عن الإمام فيدخل تحت قوله عليه السلام ما سمعت مني يشبه قول الناس ففيه التقية و إما غير صادر فلا معنى للتعبد بالكاذب الغير الصادر فكيف يتعقل العمل به عند التعارض و توضيح المقام أن موافقة العامة إما هي من المرجحات الخارجية بناء على غلبة الباطل في أخبارهم و أحكامهم أو من المرجحات الجهتية الباعثة على حمل الكلام الصادر من الإمام على التقية و لا إشكال في تقديمها على الصفات بناء على الأول كما هو قدس سره معترف بذلك حيث صرح في غير موضع بأن المرجحات الخارجية مقدمة على الصفات و إن هذا المرجح أيضا على الوجه المذكور حكمه حكم المرجحات الخارجية فانحصر تقديم الصفات عليها على الوجه الثاني و هو غير معقول لأن مورد هذا المرجح هو الخبر المقطوع لاختصاص دليله به و مقتضاه عدم العمل بموافق العامة مطلقا قطعيا كان أو ظنيا إذ لا فرق بينهما إلا احتمال عدم الصدور في الثاني دون الأول و بداهة العقل قاضية بأن احتمال عدم الصدور لو لم يكن منشأ لعدم التعبد فلا يصلح منشأ للتعبد سواء كان راويه جامعا للصفات المرجحة أو كان سنده كذلك أو لم تكن فاحتمال تقديم المرجحات السندية على مخالفة العامة مع نص الإمام عليه السلام على طرح ما يوافقهم من العجائب و الغرائب التي لم يعهد صدوره عن ذي مسكة فضلا عمن هو مآل العصمة علما و عملا

 و لذا نقل عن الوحيد البهبهاني قدس سره في الفوائد أنه جعله من جملة عيوب المقبولة ذكر مخالفة العامة بعد الصفات حيث كان فساده عنده من الواضحات التي توجب سقوط الخبر عن الاعتبار هذا مع استقرار طريقة العلماء فيما عثرنا على خلافه لأنهم يقدمون مخالفة العامة على موافقتهم من غير ملاحظة المرجحات السندية وجودا و عدما حتى لو كان الخبر مستفيضا يحملونه على التقية عند التعارض و ليت شعري إن هذه الغفلة الواضحة كيف صدرت منه رحمه الله مع أنه في جودة النظر يأتي بما يقرب من شق القمر

مآل ظاهراً‌ تصحیحف تالی است.

 

 

                        كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 456
و (قد أورد بعض أعاظم تلاميذه «1» عليه بانتقاضه بالمتكافئين من حيث الصدور فإنه لو لم يعقل التعبد بصدور المتخالفين من حيث الصدور مع حمل أحدهما على التقية لم يعقل التعبد بصدورهما مع حمل أحدهما عليها لأنه إلغاء لأحدهما أيضا في الحقيقة.) و فيه ما لا يخفى من الغفلة و حسبان أنه التزم قدس سره في مورد الترجيح بحسب الجهة باعتبار تساويهما من حيث الصدور إما للعلم بصدورهما و إما للتعبد به فعلا مع بداهة أن غرضه من التساوي من حيث الصدور تعبدا تساويهما بحسب دليل التعبد بالصدور قطعا ضرورة أن دليل حجية الخبر لا يقتضي التعبد فعلا بالمتعارضين بل و لا بأحدهما و قضية دليل العلاج ليس إلا التعبد بأحدهما تخييرا أو ترجيحا.
و العجب كل العجب أنه رحمه الله لم يكتف بما أورده من النقض حتى ادعى استحالة تقديم الترجيح بغير هذا المرجح على الترجيح به و برهن عليه بما حاصله امتناع التعبد بصدور الموافق لدوران أمره بين عدم صدوره من أصله و بين صدوره تقية و لا يعقل التعبد به على التقديرين بداهة كما أنه لا يعقل التعبد بالقطعي الصدور الموافق بل الأمر في الظني الصدور أهون لاحتمال عدم‏
__________________________________________________
 (1) و هو الشيخ المحقق الحاج ميرزا حبيب الله الرشتي (طاب ثراه). راجع بدائع الأفكار/ 457.


                        كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 457
صدوره بخلافه.
 (ثم قال فاحتمال تقديم المرجحات السندية على مخالفة العامة مع نص الإمام عليه السلام على طرح موافقهم من العجائب و الغرائب التي لم يعهد صدورها من ذي مسكة فضلا عمن هو تالي العصمة علما و عملا.
ثم قال و ليت شعري أن هذه الغفلة الواضحة كيف صدرت منه مع أنه في جودة النظر يأتي بما يقرب من شق القمر).