سال بعدالفهرستسال قبل

شرح حال شیخ مفید قده در مستدرك الوسائل


شرح حال محمد بن محمد بن النعمان الشيخ المفيد(336 - 413 هـ = 947 - 1022 م)



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 221
[السادس من أصحاب المجاميع الشيخ المفيد]
[في ترجمة الشيخ المفيد]
السادس: شيخ المشايخ العظام، و حجة الحجج الهداة الكرام، محيي الشريعة، و ماحي البدعة و الشنيعة، ملهم الحق و دليله، و منار الدين و سبيله، صاحب التوقيعات المعروفة المهدوية، المنقول عليها إجماع الإمامية، و المخصوص بما فيها من المزايا و الفضائل السنية، و غيرها من الكرامات الجلية، و المقامات العلية، و المناظرات الكثيرة الباهرة البهية، الشيخ أبو عبد الله محمد ابن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير بن وهيب بن هلال بن أوس بن سعيد بن سنان بن عبد الدار بن الريان بن فطر
__________________________________________________
(1) اعلام الدين: 297.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 222
ابن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب بن علة ابن خلد بن مالك بن ادد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
في رجال النجاشي: شيخنا و أستاذنا (رضي الله عنه) فضله أشهر من أن يوصف في الفقه و الكلام و الرواية، و الثقة و العلم. ثم عد مؤلفاته و قال: مات (رحمه الله) ليلة الجمعة لثلاث ليال خلون من شهر رمضان سنة ثلاث عشرة و أربعمائة، و كان مولده يوم الحادي عشر من ذي القعدة سنة ست و ثلاثين و ثلاثمائة، و صلى عليه الشريف المرتضى أبو القاسم علي بن الحسين بميدان الأشنان، و ضاق على الناس مع كبره، و دفن في داره سنين، و نقل إلى مقابر قريش «1» بالقرب من السيد أبي جعفر عليه السلام، و قيل: مولده سنة ثمان و ثلاثين و ثلاثمائة «2».
و في الفهرست: يكنى أبا عبد الله، المعروف بابن المعلم، من جملة متكلمي الإمامية، انتهت رئاسة الإمامية في وقته إليه في العلم، و كان مقدما في صناعة الكلام، و كان فقيها متقدما فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب، و له قريب من مائتي مصنف كبار و صغار، قال (رحمه الله): و كان يوم وفاته يوما لم ير أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه، و كثرة البكاء من المخالف له و من المؤالف «3».
و قال اليافعي في تاريخه المسمى بمرآة الجنان عند ذكر سنة 413: و فيها
__________________________________________________
(1) في الأصل: و ضاق على الناس مع كثرة، و دفن في داره سنتين، و نقل في مقابر قريش. و هو الذي أثبتناه من المصدر.
(2) رجال النجاشي: 399/ 1067.
(3) فهرست الشيخ: 157/ 696.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 223
توفي عالم الشيعة، و إمام الرافضة، صاحب التصانيف الكثيرة، شيخهم المعروف بالمفيد، و بابن العلم، البارع في الكلام و الفقه و الجدل، و كان يناظر أهل كل عقيدة، مع الجلالة و العظمة في الدولة البويهية.
قال ابن طي: و كان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة و الصوم، خشن اللباس.
و قال غيره: كان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد، و كان شيخا ربعة، نحيفا أسمر، عاش ستا و سبعين سنة، و له أكثر من مائة مصنف «1»، و كانت جنازته مشهودة، شيعه ثمانون ألف من الرافضة و الشيعة، و أراح الله منه «2».
و نقل القاضي في المجالس عن تاريخ ابن كثير الشامي انه قال فيه: محمد ابن محمد بن النعمان أبو عبد الله، المعروف بابن المعلم، شيخ الروافض، و المصنف لهم، و الحامي عنهم، كانت ملوك الأطراف تعتقد به لكثرة الميل إلى الشيعة في ذلك الزمان، و كان يحضر مجلسه خلق عظيم من جميع طوائف العلماء «3».
و قال بحر العلوم في رجاله: شيخ مشايخ الأجلة، و رئيس رؤساء الملة، فاتح أبواب التحقيق بنصب الأدلة، و الكاسر بشقاشق بيانه الرشيق حجج الفرق المضلة، اجتمعت فيه خلال الفضل، و انتهت إليه رئاسة الكل، و اتفق الجميع على علمه و فضله و فقهه و عدالته و ثقته و جلالته، و كان (رضي الله عنه) كثير المحاسن، جم المناقب، حديد الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب، واسع الرواية، خبيرا بالرجال و الأخبار و الأشعار، و كان أوثق أهل زمانه في‏
__________________________________________________
(1) في المصدر: و له أكثر من مائتي مصنف.
(2) مرآة الجنان 3: 28.
(3) مجالس المؤمنين 1: 465، و البداية و النهاية 12: 15 المجلد السادس.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 224
الحديث، و أعرفهم بالفقه و الكلام، و كل من تأخر عنه استفاد منه «1».
قلت: قلما يوجد في كتب الأصحاب- الذين تأخروا عنه في فنون المسائل المتعلقة بالإمامة من الأدلة و الحجج على إثبات إمامة الأئمة عليهم السلام كتابا و سنة، دراية و رواية، و ما يبطل به شبهات المخالفين، و ينقض به أدلتهم على صحة خلافة المتغلبين، و يطعن به على أئمتهم المتسلطين- مطلب لا يوجد في شي‏ء من كتبه و رسائله و لو بالإشارة إليه، و هذا غير خفي على من أمعن النظر فيهما، و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، و كيف لا يكون كذلك و هو الذي امتاز بين علماء الفرقة بما ورد عليه من التوقيعات من ولي العصر و صاحب الأمر صلوات الله عليه، و قد ذكر المحقق النقاد ابن بطريق الحلي في رسالة نهج العلوم كما في اللؤلؤة و غيرها: انه ترويه كافة الشيعة، و تتلقاه بالقبول «2»، و نقلها المحدث الطبرسي في الاحتجاج «3».
[في ذكر التوقيع الصادر من الناحية المقدسة ع للشيخ المفيد]
قال: ورد من الناحية المقدسة في أيام بقيت من صفر سنة عشر و أربعمائة كتاب إلى الشيخ المفيد طاب ثراه، و ذكر موصلة أنه تحمله من ناحية متصلة بالحجاز.
و هذه صورته، نسخة ما ينوب مناب العنوان: للشيخ السديد و المولى الرشيد الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله إعزازه من مستودع العهد المأخوذ على العباد.
نسخة ما في الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، سلام عليك‏
__________________________________________________
(1) رجال السيد بحر العلوم 3: 311.
(2) لؤلؤة البحرين: 364.
(3) الاحتجاج: 495.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 225
أيها الولي «1» المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، و نسأله الصلاة على سيدنا و مولانا و نبينا محمد و آله الطاهرين، و لنعلمك- أدام الله توفيقك لنصرة الحق، و أجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق- أنه قد أذن لنا في تشريفك بالكتابة، و تكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قبلك- أعزهم الله تعالى بطاعته، و كفاهم المهم برعايته لهم و حراسته، فقف أيدك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه- على ما نذكره، و اعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله، نحن و إن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين، حسب الذي «2» أرانا الله من الصلاح لنا و لشيعتنا المؤمنين في ذلك، ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنا نحيط «3» علما بأنبائكم، و لا يعزب عنا شي‏ء من أخباركم، و معرفتنا بالأذى «4» الذي أصابكم، منذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا، و نبذوا العهد المأخوذ منهم كأنهم لا يعلمون.
و إنا غير مهملين لمراعاتكم، و لا ناسين لذكركم، و لو لا ذلك لنزل بكم البلاء «5» و اصطلمكم الأعداء، فاتقوا الله جل جلاله، و ظاهرونا على نبئكم «6» من فتنة قد أناقت عليكم، يهلك فيها من حم أجله، و يحمى عنها من أدرك أمله، و هي أمارة لإدرار حركتها، و مناقشتكم «7» لأمرنا و نهينا، و الله متم نوره و لو كره المشركون، فاعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية، يحششها عصب‏
__________________________________________________
(1) نسخة بدل: مولى (منه قدس سره)
(2) نسخة بدل: ما (منه قدس سره)
(3) نسخة بدل: يحيط علمنا (منه قدس سره)
(4) نسخة بدل: الزلل (منه قدس سره)
(5) نسخة بدل: اللأواء (منه قدس سره) و هي بمعنى الشدة و المحنة.
(6) نسخة بدل: انتياشكم (منه قدس سره)
(7) نسخة بدل: و مباينتكم (منه قدس سره)



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 226
أموية، و يهول بها فرقة مهدوية، أنا زعيم بنجاة من لم يرو منكم فيها «1» بمواطن الخفية و سلك في الظعن عنها السبل المرضية. إذا أهل جمادى الأولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه، و استيقظوا من رقدتكم لما يكون في «2» الذي يليه.
ستظهر لكم من السماء آية جلية، و من الأرض مثلها بالسوية، و يحدث في أرض المشرق ما يحرق و يقلق، و يغلب على أرض العراق طوائف من الإسلام مراق تضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق، ثم تنفرج الغمة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار، يسر بهلاكه المتقون و الأخيار، و يتفق لمريدي الحج من الآفاق ما يأملونه على توفير غلبة منهم و اتفاق، و لنا في تيسير حجهم على الاختيار منهم و الوفاق، شأن يظهر على نظام و اتساق.
ليعمل «3» كل امرئ منكم بما يقربه من محبتنا، و ليجتنب ما يدنيه من كراهتنا و سخطنا، فإن أمرنا يبعثه فجأة حين لا تنفعه توبة، و لا ينجيه من عقابها ندم على حوبة، و الله يلهمكم الرشد و يلطف لكم في التوفيق برحمة.
و نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام: هذا كتابنا إليك أيها الأخ الولي، المخلص في ودنا الصفي، الناصر لنا الولي، حرسك الله بعينه التي لا تنام، فاحفظ به و لا تظهر على خطنا الذي سطرناه بماله ضمناه أحدا، و أد ما فيه إلى من تسكن إليه، و أوص جماعتهم بالعمل عليه، إن شاء الله تعالى، و صلى الله على محمد و آله الطاهرين.
قلت: هذا التوقيع ورد قبل وفاة الشيخ بسنتين و نصف سنة تقريبا.
و قال الطبرسي: ورد عليه كتاب آخر من قبله صلوات الله عليه يوم‏
__________________________________________________
(1) نسخة بدل: عنها (منه قدس سره)
(2) نسخة بدل: من (منه قدس سره)
(3) نسخة بدل: فيعمل (منه قدس سره)



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 227
الخميس الثالث و العشرين من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و أربعمائة.
نسخته: من عبد الله المرابط في سبيله إلى ملهم الحق و دليله.
بسم الله الرحمن الرحيم، سلام عليك أيها العبد الصالح الناصر للحق، الداعي إليه بكلمة الصدق، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو إلهنا و إله آبائنا الأولين، و نسأله الصلاة على سيدنا و مولانا محمد صلى الله عليه و آله خاتم النبيين، و على أهل بيته الطيبين الطاهرين.
و بعد: فقد كنا نظرنا مناجاتك- عصمك الله تعالى بالسبب الذي وهبه لك من أوليائه، و حرسك به من كيد أعدائه- و شفعنا ذلك «1» من مستقر لنا ناصب «2» فيك في شمراخ من بهماء، صرنا إليه آنفا من غماليل «3»، ألجأنا إليه السباريت من الإيمان، و يوشك ان يكون هبوطنا منه إلى صحيح من غير بعد من الدهر، و لا تطاول من الزمان، و يأتيك نبأ منا بما يتجدد لنا من حال، فتعرف بذلك ما نعتمده «4» من الزلفة إلينا بالأعمال، و الله موفقك لذلك برحمته.
فلتكن- حرسك الله بعينه التي لا تنام- أن تقابل لذلك فتنة «5» نفوس من قوم حرست باطلا لاسترهاب المبطلين، يبتهج لدمارها «6» المؤمنون، و يحزن لذلك المجرمون، و آية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالحرم المعظم، من رجس منافق مذمم، مستحل للدم المحرم، يعمد بكيده أهل الإيمان، و لا يبلغ بذلك‏
__________________________________________________
(1) نسخة بدل: فيك (منه قدس سره)
(2) نسخة بدل: ينصب- تصلب (منه قدس سره)
(3) نسخة بدل: عمى ليل (منه قدس سره)
(4) نسخة بدل: تعمده (منه قدس سره)
(5) نسخة بدل: ففيه تبسل نفوس (منه قدس سره)
(6) نسخة بدل: لدمارئها (منه قدس سره)



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 228
غرضه من الظلم لهم و العدوان، لأننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض و السماء، فلتطمئن بذلك من أوليائنا القلوب، و ليثقوا بالكفاية و إن راعتهم به الخطوب، و العاقبة لجميل «1» صنع الله تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب، و نحن نعهد إليك أيها الولي المجاهد فينا الظالمين، أيدك الله بنصره الذي أيد به السلف من أوليائنا الصالحين، أنه من أتقى ربه من إخوانك في الدين، و أخرج «2» ما عليه إلى مستحقه كان آمنا من فتنها المبطلة «3»، و محنها المظلمة المضلة، و من بخل منهم بما أعاره الله من نعمته على من أمر بصلته، فإنه يكون بذلك خاسرا لأولاه و آخرته «4».
و لو أن أشياعنا- وفقهم الله لطاعته- على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا، و لتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة و صدقها منهم بنا، فما يحبسهم عنا إلا ما يتصل بنا مما نكرهه و لا نؤثره منهم، و الله المستعان و هو حسبنا و نعم الوكيل، و صلواته على سيدنا البشير النذير محمد و آله الطاهرين و سلم، و كتب في غرة شوال من سنة اثنتي عشرة و أربعمائة.
نسخة التوقيع باليد العليا صلوات الله على صاحبها: هذا كتابنا إليك- أيها الولي الملهم للحق العلي- باملائنا، و خط ثقتنا، فاخفه عن كل أحد و اطوه، و اجعل له نسخة يطلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا، شملهم الله ببركتنا و دعائنا إن شاء الله تعالى، و الحمد لله، و الصلاة على سيدنا محمد
__________________________________________________
(1) نسخة بدل: بجميل (منه قدس سره)
(2) نسخة بدل: و خرج عليه بما هو مستحقه (منه قدس سره)
(3) نسخة بدل: المطلة (منه قدس سره)
(4) نسخة بدل: و أخراه (منه قدس سره)



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 229
و آله الطاهرين «1».
قلت: الذي نقله في اللؤلؤة و غيرها عن رسالة ابن بطريق الحلي، أن مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه و على آبائه و أهل بيته، كتب إليه ثلاثة كتب في كل سنة كتابا «2»، و الذي نقله في الاحتجاج اثنان، فالثالث مفقود، و الذي يظهر من تاريخ وفاة الشيخ أن وصول الكتاب الأخير إليه كان قبل وفاته بثمانية أشهر تقريبا.
و قال السيد الأجل بحر العلوم: و قد يشكل أمر هذا التوقيع بوقوعه في الغيبة الكبرى، مع جهالة المبلغ و دعواه المشاهدة المنافية بعد الغيبة الصغرى، و يمكن دفعه باحتمال حصول العلم بمقتضى القرائن، و اشتمال التوقيع على الملاحم و الأخبار عن الغيب الذي لا يطلع عليه إلا الله و أولياؤه بإظهاره لهم، و أن المشاهدة المنفية أن يشاهد الإمام، و يعلم أنه الحجة عليه السلام حال مشاهدته له، و لم يعلم من المبلغ ادعاؤه لذلك، و قد يمنع أيضا امتناعها في شأن الخواص، و أن اقتضاء ظاهر النصوص بشهادة الاعتبار و دلالة بعض الآثار «3».
انتهى.
و نحن أوضحنا جواز الرؤية في الغيبة الكبرى بما لا مزيد عليه، في رسالتنا جنة المأوى «4»، و في كتاب النجم الثاقب «5»، و ذكرنا له شواهد و قرائن لا تبقى معه ريبة، و نقلنا عن السيد المرتضى و شيخ الطائفة و ابن طاوس (رحمهم الله) التصريح بذلك، و ذكرنا لما ورد من تكذيب مدعي الرؤية ضروبا من‏
__________________________________________________
(1) الاحتجاج: 495- 499.
(2) لؤلؤة البحرين: 363- 367.
(3) رجال السيد بحر العلوم 3: 320.
(4) بحار الأنوار 53: 318.
(5) النجم الثاقب: 484- 491.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 230
التأويل يستظهر من كلماتهم (عليهم السلام) فلاحظ.
هذا و من أراد أن يجد وجدانا مفاد قول الحجة عليه السلام في حقه: أيها الولي الملهم للحق، فليمعن النظر في مجالس مناظرته مع أرباب المذاهب المختلفة، و أجوبته الحاضرة المفحمة الملزمة، و كفاك في ذلك كتاب الفصول «1» للسيد المرتضى الذي لخصه من كتاب العيون و المحاسن للشيخ، ففيه ما قيل في مدح بعض الأشعار يسكر بلا شراب، و يطرب بلا سماع، و قد عثرنا فيه على بعض الأجوبة المسكتة التي يبعد عادة إعداده قبل هذا المجلس.
[نماذج مستطرفة من مجالس الشيخ المفيد]
فمما استطرفناه من ذلك مما فيه، قال السيد: قال الشيخ أدام الله عزه:
حضرت يوما مجلسا فجرى فيه كلام في رذالة بني تيم بن مرة، و سقوط أقدارهم، فقال شيخ من الشيعة: قد ذكر أبو عيسى الوراق فيما يدل على ذلك قول الشاعر:
و يقضى الأمر حين تغيب تيم و لا يستأذنون و هم شهود
و إنك لو رأيت عبيد تيم و تيما قلت أيهم العبيد
فذكر الشاعر أن الرائي لهم لا يفرق بين عبيدهم و ساداتهم من الضعة و سقوط القدر، فانتدب له أبو العباس هبة الله بن المنجم.
__________________________________________________
(1) جاء في هامش المخطوطة:
و قد منحني الله تعالى ولي النعم نسخة شريفة صحيحة من فصوله هذا للسيد المرتضى، المختصر من كتاب العيون و المحاسن لشيخنا المفيد أعلى الله مقامه، و في آخرها إجازة بخط المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العالي الكركي، إجازة رواية الكتاب لبعض سادة العلماء المعروف بميرك من أجداد السيد المعاصر صاحب الروضات، و من خطه إنه كان ببلدة قاشان و كان السيد في جماعة العلماء الحاضرين قرأوا له كتاب الفصول من أوله إلى آخره، و أجاز له روايته، و لم يعلم العلماء الحاضرون اسمه و لا رسمه، فإنه لا يبقى من العلم إلا اسمه «لمحرره يحيى بن محمد شفيع عفى عنهما».



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 231
فقال له: يا شيخ، ما أعرفك بإشعار العرب! هذا في تيم بن مرة أو تيم الرباب، و جعل يتضاحك بالرجل، و يتماجن عليه، و يقول له: سبيلك أن تؤلف دواوين العرب، فإن نظرك بها حسن.
قال الشيخ أدام الله عزه: فقلت: جعلت هذا الباب رأس مالك، و لو أنصفت في الخطاب لأنصفت في الاحتجاج، و إن أخذنا معك في إثبات هذا الشعر تعلق البرهان فيه بالرجال، و الكتب المصنفات، و اندفع المجلس و مضى الوقت و لكن بيننا و بينك كتب السير، و كل من اطلع على حديث الجمل و حرب البصرة، فهل يريب في شعر عمير بن الأهلب الضبي و هو يجود بنفسه بالبصرة و قد قتل بين يدي الجمل و هو يقول:
لقد أوردتنا حومة الموت أمنا فلم ننصرف إلا و نحن رواء
نصرنا قريش ضله من حلومنا و نصرتنا أهل الحجاز عناء
لقد كان في نصر ابن ضبة أمه و شيعتها مندوحة و غناء
نصرنا بني تيم بن مرة شقوة و هل تيم إلا أعبد و إماء
فهذا رجل من أنصار عائشة، و من سفك دمه في ولايتها، يقول هذا القول في قبيلتها بلا ارتياب بين السير، و لم يك بالذي يقوله في تلك الحال إلا و هو معروف عند الرجال، غير مشكوك فيه عند أحد من العارفين بقبائل العرب في سائر الناس. فأخذ في الضجيج، و لم يأت بشي‏ء «1». انتهى.
و مما يؤيد كلام الشيخ، و يناسب مجلسه المذكور، ما رواه العالم الجليل السيد حيدر العاملي في الكشكول: عن عكرمة عن ابن عباس، عن علي عليه السلام قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه و آله على القبائل خرج مرة و أنا معه‏
__________________________________________________
(1) الفصول المختارة: 55.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 232
و أبو بكر حتى أتينا على مجلس من مجالس العرب، فتقدم أبو بكر فسلم، و كان نسابة و قال: ممن القوم؟
قالوا: من ربيعة.
قال: أنتم من هامتها أو لهازمها «1»؟
قالوا: بل هامتها العظمى.
قال: فأي هامتها العظمى؟
قالوا: ذهل الأكبر.
قال أبو بكر: فمنكم عوف بن محلم الذي يقال فيه الأمر بوادي عوف؟
قالوا: لا.
قال: فمنكم بسطام بن قيس ذو اللواء و منتهى الأحياء؟
قالوا: لا.
قال: فمنكم جساس بن مرة، حامي الذمار و المانع للجار؟
قالوا: لا.
قال: فمنكم الحزوارة بن شريك قاتل الملوك و سالبها؟
قالوا: لا.
قال: فمنكم أخوال الملوك من كندة؟
قالوا: لا.
قال: فمنكم أصهار الملوك من لخم؟
قالوا: لا.
قال أبو بكر: فما أنتم من ذهل الأكبر، أنتم من ذهل الأصغر.
__________________________________________________
(1) في الأصل: لهازقها، و الصحيح ما ورد في لسان العرب 12: 556، و هو ما أثبتناه.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 233
فقام إليه غلام من شيبان حين بقل عذاره يقال له دغفل «1»، فأنشأ يقول:
إن على سائلنا أن نسأله و اللقب لا نعرفه أو نحمله‏
يا هذا إنك سألت فأخبرناك، و نحن سائلوك، فمن الرجل؟
قال: من قريش.
قال: بخ بخ أهل الشرف و الرئاسة، ثم قال: من أي قريش؟
قال: من تيم بن مرة.
قال: إن كنت و الله إلا من ضعفاء الثغرة، أمنكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل فسمي مجمعا؟
قال: لا.
قال: أمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه و أطعم الحجيج و رجال مكة، و هم مسنون عجاف؟
قال: لا.
قال: فمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء؟
قال: لا.
قال: أ فمن أهل البيت و الإفاضة بالناس أنت؟
قال: لا.
قال: أ فمن أهل الندوة؟
قال: لا.
قال: أ فمن أهل الحجابة؟
__________________________________________________
(1) في الأصل: دعبل، و الصحيح ما أثبتناه، أنظر الصراط المستقيم 1: 228.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 234
قال: لا.
قال: أ فمن أهل السقاية؟
قال لا. فاجتذب أبو بكر زمام ناقته، و رجع إلى النبي صلى الله عليه و آله، فقال الغلام:
صادف در السيل سيلا يدفعه ينبذه حينا و حينا يصدعه‏
أما و الله لو ثبت لأخبرتكم أنه من زمعات قريش، أي من أراذلها.
قال: فلما سمع رسول الله صلى الله عليه و آله بذلك تبسم «1».
[في وجه تسميته بالمفيد و تسمية غيره من العلماء به‏]
و أما وجه تسميته بالمفيد، ففي معالم العلماء في ترجمته، و لقبه المفيد صاحب الزمان صلوات الله عليه، و قد ذكرت سبب ذلك في مناقب آل أبي طالب عليهم السلام «2». انتهى.
و لا يوجد هذا الموضع من مناقبه، و لكن اشتهر أنه لقبه به بعض علماء العامة.
ففي تنبيه الخواطر للشيخ الزاهد ورام: أن الشيخ المفيد لما انحدر مع أبيه و هو صبي من عكبري إلى بغداد للتحصيل اشتغل بالقراءة على الشيخ أبي عبد الله المعروف: بالجعل، ثم على أبي ياسر، و كان أبو ياسر ربما عجز عن البحث معه، و الخروج عن عهدته، فأشار إليه بالمضي إلى علي بن عيسى الرماني الذي هو من أعاظم علماء الكلام، و أرسل معه من يدله على منزله، فلما مضى و كان مجلس الرماني مشحونا من الفضلاء، جلس الشيخ في صف النعال، و بقي يتدرج للقرب كلما خلى المجلس شيئا فشيئا لاستفادة بعض المسائل من صاحب المجلس، فاتفق أن رجلا من أهل البصرة دخل و سأل الرماني، و قال‏
__________________________________________________
(1) الكشكول: 178، انظر كذلك أنساب السمعاني 1: 64.
(2) معالم العلماء: 113.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 235
له: ما تقول في خبر الغدير و قصة الغار؟
فقال الرماني: خبر الغار دراية، و خبر الغدير رواية، و الرواية لا تعارض الدراية.
و لما كان ذلك الرجل البصري ليس له قوة المعارضة سكت و خرج.
و قال الشيخ: إني لم أجد صبرا عن السكوت عن ذلك، فقلت: أيها الشيخ! عندي سؤال، فقال: قل.
فقلت: ما تقول فيمن خرج على الإمام العادل فحاربه؟
فقال: كافر، ثم استدرك، فقال: فاسق.
فقلت: ما تقول في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام؟
فقال: إمام.
فقلت له: ما تقول في حرب طلحة و زبير له في حرب الجمل؟
فقال: إنهما تابا.
فقلت له: خبر الحرب دراية، و التوبة رواية.
فقال: و كنت حاضرا عند سؤال الرجل البصري؟
فقلت: نعم.
فقال: رواية برواية، و سؤالك متجه وارد، ثم إنه سأله من أنت و عند من تقرأ من علماء هذه البلاد؟
فقلت له: عند الشيخ أبي علي جعل.
ثم قال له: مكانك، و دخل منزله و بعد لحظة خرج و بيده رقعة ممهورة، فدفعها إلي و قال: ادفعها إلى شيخك أبي عبد الله.
فأخذت الرقعة من يده، و مضيت إلى مجلس الشيخ المذكور، و دفعت إليه الرقعة ففتحها و بقي مشغولا بقراءتها و هو يضحك، فلما فرغ من قراءتها.
قال: إن جميع ما جرى بينك و بينه قد كتب إلي به، و أوصاني بك،



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 236
و لقبك: بالمفيد «1».
و نقل ابن إدريس هذه الحكاية مختصرا في آخر السرائر «2».
و قال القاضي في المجالس نقلا عن مصابيح القلوب، قال: بينما القاضي عبد الجبار ذات يوم في مجلسه في بغداد- و مجلسه مملوء من علماء الفريقين- إذ حضر الشيخ و جلس في صف النعال، ثم قال للقاضي: إن لي سؤالا، فإن أجزت بحضور هؤلاء الأئمة.
فقال له القاضي: سل.
فقال: ما تقول في هذا الخبر الذي ترويه طائفة من الشيعة «من كنت مولاه فعلي مولاه» أ هو مسلم صحيح عن النبي صلى الله عليه و آله يوم الغدير؟
فقال: نعم خبر صحيح.
فقال الشيخ: ما المراد بلفظ المولى في الخبر؟
فقال: هو بمعنى أولى.
فقال الشيخ: فما هذا الخلاف و الخصومة بين الشيعة و السنة؟
فقال الشيخ: أيها الأخ هذه رواية، و خلافة أبي بكر دراية، و العادل لا يعادل الرواية بالدراية.
فقال الشيخ: ما تقول في قول النبي صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام: «حربك حربي، و سلمك سلمي»؟
قال القاضي: الحديث صحيح.
فقال: ما تقول في أصحاب الجمل؟
فقال القاضي: أيها الأخ إنهم تابوا.
__________________________________________________
(1) تنبيه الخواطر 2: 302.
(2) السرائر: 493.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 237
فقال الشيخ: أيها القاضي الحرب دراية، و التوبة رواية، و أنت قررت في حديث الغدير أن الرواية لا تعارض الدراية.
فبهت الشيخ القاضي، و لم يحر جوابا، و وضع رأسه ساعة ثم رفع رأسه، و قال: من أنت؟
فقال: خادمك محمد بن محمد بن النعمان الحارثي.
فقام القاضي من مقامه، و أخذ بيد الشيخ، و أجلسه على مسنده، و قال:
أنت المفيد حقا، فتغيرت وجوه علماء المجلس، فلما أبصر القاضي ذلك منهم قال: أيها الفضلاء و العلماء، إن هذا الرجل ألزمني، و أنا عجزت عن جوابه، فإن كان أحد منكم عنده جواب عما ذكره فليذكر ليقوم الرجل و يرجع مكانه الأول.
فلما انفصل المجلس شاعت القصة و اتصلت بعضد الدولة، فأرسل إلى الشيخ فأحضره، و سأله عما جرى فحكى له ذلك، فخلع عليه خلعة سنية، و أخذ له بفرس محلى بالزينة، و أمر له بوظيفة تجري عليه «1».
قلت: قد أورد المولى الفاضل الأوحدي أمير معز الدين محمد بن أمير فخر الدين محمد المشهدي، المعروف في البلاد الهندية بموسى خان، على مناظرة الشيخ اعتراضا، زعم انه لا مخلص له و لا جواب، و اشتهر ذلك في تلك البلاد بشبهة موسى خان، و قد تصدى كثيرون لدفعها، و قد سبقهم في إحراز قصبات هذا الميدان المولى الأجل المشار إليه بالبنان العلامة الأوحد مولانا شاه محمد «2»، في كلام طويل نقله خروج عن وضع الكتاب، من أراده و طلبه‏
__________________________________________________
(1) مجالس المؤمنين 1: 464.
(2) و هو العالم الجليل مولانا شاه محمد بن محمد الشيرازي، مؤلف كتاب روضة العارفين في شرح الصحيفة الكاملة، و رسائل متعددة في الحديث و الحكمة، و بلغ من العمر قريبا من مائة و ثلاثين سنة، و قد بالغ في مدحه تلميذه الفاضل مولانا محمد مؤمن الجزائري- صاحب كتاب خزانة الخيال المعروف- في كتابه طيف الخيال فقال: أخذت كثيرا من الأحاديث و التفاسير و أصناف علوم الحكمة من الطبيعي و الإلهي و الهيئة و الرياضي و المجسطي و الموسيقى و الأكرات و المتوسطات، و ما والاها من الفنون المشكلات، مدة مديدة و سنين عديدة، عن البحر المواج و السراج الوهاج، أنموذج الحكماء المهندسين، و خاتمة الفضلاء المتبحرين، يم العلم المتلاطم أمواجه، و بيت الفضل المتلألأ سراجه، غيث الكرم الذي يفيد و يفيض، و لجة الفيض الذي لا ينضب و لا يغيض.
و أطال الكلام في المدح و الثناء. إلى أن قال: أعني أستاذنا و من به استنادنا، عمدة المحدثين و زبدة المحققين، فخر المتكلمين و الحكماء المتألهين، ثقة الإسلام، قدوة الأنام، كنز الإفادة و كعبة الوفادة، معدن المعارف و الإمام العارف، العلامة الأوحد مولانا شاه محمد اصطهباناتي أصلا و مولدا، الشيرازي موطنا و منزلا. ثم أطال القول في الدعاء له و ذكر محاسن خصاله و محامد صفاته و فعاله.
و في رياض العلماء في ترجمة القاضي نور الله صاحب المجالس [5: 274]: و اعلم أن من أسباط هذا السيد الفاضل السيد علي بن السيد علاء الدولة بن السيد ضياء الدين نور الله الحسيني المرعشي الشوشتري، و كان يسكن بالهند، و لعله موجود إلى الآن أيضا، لأني وجدت في هراة في جملة كتب المولى رضي الدين في ديباجة شرح الصحيفة الكاملة [شرح ممزوج لا يخلو من طول، و ترك شرح الديباجة، و شرح من أول الأدعية] الموسوم بكتاب رياض العارفين الذي كان من تأليفات المولى شاه محمد بن المولى محمد الشيرازي الدارابي، أن هذا السيد كان من تلامذته، و أن المولى شاه محمد المذكور لما ورد إلى بلاد الهند و لم يكن لشرحه المذكور ديباجة، أمر السيد المذكور بكتابة ديباجة لذلك الشرح.
و الظاهر أن المراد بالمولى الشاه محمد المذكور: هو المولى شاه محمد الشيرازي المعاصر الساكن الآن بشيراز، فإنه قد رجع من الهند في قرب هذه الأوقات، و لكن قد بالغ هذا السيد في وصف هذا المولى بالفضل و العلم بما لا مزيد عليه. انتهى (منه قدس سره)



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 238
وجده.
و من عجيب غفلات الفاضل المعاصر في الروضات، أنه قال في آخر ترجمة الشيخ: ثم ليعلم أن لقب المفيد لم يعهد لأحد من علماء أصحابنا بعد هذا العلم الفرد، المشتهر بابن المعلم أيضا، كما قد عرفت، إلا للفاضل الكامل المتقدم في الفقه و الأدب و الأصولين محمد بن جهيم الأسدي الحلي الملقب بمفيد الدين، و هو الذي قد يعبر عنه في كتب الإجازات و غيرها بالمفيد



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 239
ابن الجهم «1». انتهى.
و هو من مشايخ العلامة كما تقدم «2»، و هذا منه في غاية الغرابة، فإن المفيد لقب لجماعة من الأعلام قبل ابن الجهم «3».
مثل: أبي علي الحسن بن الشيخ الطوسي، هو معروف في الإجازات، و قد يعبر عنه بالمفيد الثاني «4».
و المفيد الرازي أبي الوفاء عبد الجبار المقري، مذكور في أغلب التراجم و الإجازات بهذا اللقب «5».
و المفيد النيسابوري: و هو الشيخ الحافظ عبد الرحمن «6» بن الشيخ أبي بكر أحمد بن الحسين، عم الشيخ أبي الفتوح المفسر، و هو أيضا معروف مذكور بهذا اللقب، و قد صرح هو بنفسه في ترجمة الشيخ «7» في مقام تعداد تلامذة الشيخ- و قد أخذه من المقابيس «8» و إن لم ينسبه إليه- ما لفظه: و الشيخ المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري.
و المفيد الآخر عبد الجبار بن علي المقري الرازي «9». انتهى.
و أميركا بن أبي اللجيم «10» بن أميرة المصدري العجلي، أستاذ الشيخ‏
__________________________________________________
(1) روضات الجنات 6: 177/ 576.
(2) تقدم في الجزء الثاني الصفحة: 409.
(3) انظر بحار الأنوار 107: 64.
(4) انظر بحار الأنوار 107: 144.
(5) انظر بحار الأنوار 107: 158 و 168.
(6) انظر بحار الأنوار 107: 123.
(7) أي: صاحب الروضات في ترجمة الشيخ الطوسي، مع ان العبارة غير واضحة الدلالة.
(8) مقابس الأنوار: 4 و 5.
(9) روضات الجنات 6: 229/ 580.
(10) في الأصل: ابن أبي اللحيم (بالحاء) و قد أثبتنا ما في المصادر، انظر فهرست منتجب الدين:
15/ 15، و في روضات الجنات 6: 323: المفيد اميركا بن أبي اللجيم.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 240
الجليل عبد الجليل الرازي صاحب المؤلفات الكثيرة.
[في ذكر مشجرة مشايخ الشيخ المفيد]
و اما مشايخ هذا الشيخ المعظم فهم جماعة:
أ- العالم الجليل أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه.
ب- الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي.
ج- أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد القمي.
د- أبو غالب أحمد بن محمد بن سليمان الزراري، الثقة الجليل المعروف، صاحب الرسالة في أحوال آل أعين.
ه- أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى بن سعد بن عبيد الله المرزباني، الكاتب البغدادي.
و- الفقيه المعروف أبو علي محمد بن أحمد بن الجنيد، الكاتب الإسكافي، المعبر عنه تارة بابن الجنيد، و اخرى: بالإسكافي، و ثالثة بأبي علي، و رابعة بالكاتب، صاحب التصانيف الكثيرة، المتوفى سنة 381.
ز- شيخ الطائفة و عالمها أبو الحسن محمد بن احمد بن داود بن علي القمي، الذي حكى الشيخ «1» المفيد أنه لم ير أحفظ منه، صاحب الكتب الكثيرة التي منها المزار الذي ينقل عنه كثيرا، المتوفى سنة 368.
ح- الشيخ الثقة أبو علي أحمد بن محمد بن جعفر الصولي البصري، المصاحب للجلودي، قال في أماليه: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد الصولي بمسجد براثا سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة «2».
ط- شيخ الطائفة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة بن‏
__________________________________________________
(1) كذا في الأصل، و لكننا لم نعثر على مصدر ينقل أن الحاكي هو الشيخ المفيد، بل وجدنا أن الحاكي هو: أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله، انظر رجال النجاشي: 384/ 1045، و رجال ابن داود: 162/ 1292، و رجال العلامة: 162/ 161، و رياض العلماء 5: 24.
(2) أمالي الشيخ المفيد: 165.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 241
صفوان بن مهران الجمال، الذي ناظر مع قاضي الموصل في دار الأمير بن حمدان و بحضوره، ثم بأهله فجعل كفه في كفه، فلما وصل القاضي إلى بيته حم و انتفخ «1» الكف الذي مده للمباهلة، و اسودت و هلك من الغد، و انتشر بهذا ذكره عند الملوك «2». صاحب الكتب التي أملاها من ظهر قلبه، و يعبر عنه بالصفواني في كتب الأصحاب.
ي- الشيخ المتقدم أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع الأنصاري.
يا- السيد الجليل العظيم الشأن أبو محمد الحسن بن حمزة بن علي بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام الطبري المرعشي، المعدود من أجلاء هذه الطائفة و فقهائها، المتوفى سنة 358 «3».
يب- القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن سالم بن محمد البراء، المعروف بالجعابي، الحافظ النقاد، المعبر عنه بأبي بكر الجعابي «4»، صاحب الكتاب الكبير في طبقات أصحاب الحديث من الشيعة.
يج- أبو الحسن علي بن محمد بن خالد.
يد- أبو الحسن محمد بن المظفر الوراق.
يه- أبو حفص محمد بن عمر بن علي الصيرفي، المعروف بابن الزيات.
يو- أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن المغيرة البوشنجي العراقي.
__________________________________________________
(1) كذا في نسخ النجاشي (منه قدس سره)
(2) انظر رجال النجاشي: 393/ 1050.
(3) نقل عن خط الشيخ آقا بزرك هنا ما نصه:
و يظهر من كتاب لمح البرهان للشيخ المفيد- كما نقله ابن طاوس في أول عمل شهر رمضان [الإقبال: 5]- أنه كان الشريف الحسن بن حمزة الطبري حيا في سنة 363، فراجع.
هذا و قد سماه في الإقبال: الشريف الزكي أبي محمد الحسيني.
(4) إرشاد المفيد: 22 و 25.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 242
يز- الشريف أبو عبد الله محمد بن الحسين الجواني.
يح- أبو الحسن علي بن محمد القرشي.
يط- الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر الموسوي.
ك- أبو الحسن علي بن خالد المراغي القلانسي، و يظهر من أسانيد أماليه «1» أنه غير علي بن محمد بن خالد الذي تقدم «2».
كا- أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب.
كب- أبو الحسن محمد بن جعفر بن محمد الكوفي النحوي التميمي، و الظاهر أنه الذي ترجمه النجاشي و مدحه، إلا أنه كناه: بأبي بكر «3»، فلاحظ.
كج- أبو نصر محمد بن الحسين البصير المقري.
كد- شيخ أصحابنا بالبصرة أبو الحسن علي بن بلال بن أبي معاوية المهلبي الأزدي، صاحب الكتاب في الغدير.
كه- أبو الحسن علي بن مالك النحوي.
كو- أبو الحسين محمد بن مظفر البزاز، و الظاهر أنه غير ما سبق «4»، لتعدد الكنية و اللقب. بل في جملة أسانيد كتاب الإرشاد: أبو بكر محمد بن المظفر «5».
كز- أبو الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم الكاتب.
كح- عبد الله بن جعفر بن محمد بن أعين البزاز.
كط- أبو عبد الله محمد بن داود الحتمي.
__________________________________________________
(1) أمالي الشيخ المفيد: 10/ 7.
(2) تقدم برمز: يج.
(3) رجال النجاشي: 394/ 1054.
(4) أي: الذي تقدم برمز: يد.
(5) إرشاد المفيد: 23.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 243
ل- أبو الطيب الحسين بن محمد النحوي التمار، صاحب أبي بكر محمد ابن القاسم.
لا- أبو الحسين أحمد بن الحسين بن أسامة البصري.
لب- أبو محمد عبد الله بن محمد الأبهري.
لج- أبو الجيش المظفر بن محمد البلخي الوراق، قال ابن شهرآشوب في معالم العلماء: أنه قرأ على أبي القاسم علي بن محمد الرقاء، و على أبي الجيش البلخي «1».
لد- أبو علي الحسين بن عبد الله القطان.
له- أبو الحسن أحمد بن محمد الجرجاني.
لو- أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق.
لز- أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأنباري.
لح- الشريف أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، الذي أكثر الرواية عنه في الإرشاد.
لط- أبو بكر عمر بن محمد بن «2» سليم بن البراء، المعروف بابن الجعابي،
__________________________________________________
(1) عن خط شيخنا الطهراني جاء هنا ما نصه:
يعني: الشيخ المفيد، أقول: و صرح به النجاشي [422/ 1130] في ترجمة مظفر نفسه، و في المعالم [112/ 765] ذكره في ترجمة المفيد.
(2) كذا في الأصل، و هو اختلاف ظاهر في التسمية بين الابن و الأب، فقد عنونه النجاشي:
394/ 1055 هكذا: محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء بن سبرة بن سيار التميمي أبو بكر المعروف بالجعابي، كما و عنون الشيخ أباه في فهرسته: 114/ 494 هكذا: عمر بن محمد ابن سالم بن البراء، أبا بكر المعروف بابن الجعابي، و أورد الابن في رجاله في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام تحت عنوانين:
الأول: 505/ 79: محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء بن سبرة بن يسار التميمي القاضي أبا بكر المعروف بابن الجعابي.
و الثاني: 513/ 118: محمد بن عمر بن سالم الجعابي أبو بكر، فلاحظ.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 244
الحافظ الثقة العارف بالرجال من العامة و الخاصة، كما صرح به الشيخ في الفهرست، و هو والد أبي بكر محمد الجعابي، الذي تقدم «1».
م- الشيخ الثقة الجليل أبو عبد الله الحسين بن علي بن سفيان بن خالد ابن سفيان البزوفري.
ما- أبو علي الحسن بن علي بن الفضل الرازي.
مب- أبو جعفر محمد بن الحسين البزوفري، كما في آمالي أبي علي «2» مكررا، عن والده، عن المفيد، عنه، مع الترحم عليه، و هو ابن أبي عبد الله البزوفري.
مج- أبو عبد الله محمد بن علي بن رياح القرشي.
مد- أبو الحسن زيد بن محمد بن جعفر التيملي.
مه- محمد بن أحمد بن عبد الله المنصوري.
مو- أبو القاسم علي بن محمد الرفاء، صرح به السروي في المعالم «3».
مر- أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن موسى بن هدية، صرح به في الرياض «4»، و احتمل كونه بعينه الحسين بن محمد بن موسى الذي هو من مشايخ النجاشي.
مح- الشيخ أبو عبد الله الحسين بن علي بن شيبان القزويني.
في الرياض: عالم فاضل جليل فقيه إمامي نبيل، و هو من مشايخ الشيخ المفيد، و يروي عن علي بن حاتم الثقة، و قد ذكره ابن طاوس أيضا في الدروع الواقية، و نسب إليه كتاب علل الشريعة، و قد يعبر عنه فيه بالقزويني، و عن‏
__________________________________________________
(1) تقدم فوق برمز: يب.
(2) أمالي الشيخ 1: 56- 169.
(3) معالم العلماء: 113/ 765.
(4) رياض العلماء 2: 30 و 173.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 245
كتابه بالعلل «1». انتهى.
و يروي عنه أحمد بن عبدون، كما في الفهرست في ترجمة الحسين بن عبيد الله بن سهل الساعدي، و ترجمة علي بن حاتم القزويني «2».
مط- أبو محمد «3» سهل بن أحمد الديباجي، كما نص عليه في زيادات كتاب المقالات.
ن- جعفر بن الحسين «4» المؤمن رحمة الله، روى عنه مترحما في الاختصاص «5».
هذا ما حضرني من مشايخه الذين أكثر الرواية عنهم في أماليه و إرشاده.
و يوجد في أمالي أبي علي الطوسي، و الذين صرح بهم النجاشي في ذكر
__________________________________________________
(1) الدروع الواقية: 57، رياض العلماء 2: 153.
(2) فهرست الشيخ: 57/ 209 و 98/ 415.
(3) في الأصل و الحجرية: محمد بن سهل، و الزيادات التي أشار إليها طبعت محققة في مجلة تراثنا العدد 16: 133 بعنوان: حكايات الشيخ المفيد برواية الشريف المرتضى التي كانت منظمة إلى كتاب أوائل المقالات، هكذا: أبو محمد سهل بن أحمد الديباجي.
و الظاهر إما أن يكون هناك اختلاف في النسخ استنادا إلى ما أشار إليه الشيخ آقا بزرگ الطهراني في طبقات أعلام الشيعة (المائة الرابعة): 274 نقلا من زيادات كتاب المقالات، إذ عنونه: محمد بن سهل بن أحمد الديباجي، كما و إنه ذكر في نفس الطبقات: 137 شخص آخر بعنوان: سهل بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن سهل الديباجي أبو محمد، يروي الأشعثيات و الجعفريات، و يرويها المفيد عنه، أو أن يكون هناك تصحيف، إذ إن كتب الرجال أشارت إلى الثاني دون الأول فقط، مع ذكر شيخوخته للشيخ المفيد، انظر رجال النجاشي: 186/ 493، و رجال الشيخ: 474/ 3، و رجال العلامة: 81/ 4، و مجمع الرجال للقهبائي 3: 177، و عليه فلا يبقى هناك شك بصحة ما أثبتناه و كذلك مردودية التعدد التي قال بها الشيخ الطهراني ظاهرا، و انظر كذلك الأشعثيات: 3.
(4) أقول: ذكر للشيخ المفيد (رحمه الله) في المشجرة خمسة مشايخ هم: (أ) و (ب) و (يا) و (م) و الخامس: أبو المفضل محمد بن عبد المطلب الشيباني، الذي لم يتعرض له هنا.
(5) الاختصاص: 5 و 9 و 70 و 79 و 82 و 190 و 205.



مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‏3، ص: 246
طرقه إليهم، و يعرف حال المجهولين و المهملين منهم بما شرحناه في حال مشايخ النجاشي، بل أمر الشيخ في هذه المقامات أضيق و أتقن، كما لا يخفى على من وقف على طريقته.
و بالأسانيد إلى أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه و آله: لا يزول قدم عبد يوم القيامة من بين يدي الله عز و جل حتى يسأله عن أربع خصال: عمرك فيما أفنيته؟ و جسدك فيما أبليته؟ و مالك من أين كسبته و أين وضعته؟ و عن حبنا أهل البيت عليهم السلام؟ فقال رجل من القوم: و ما علامة حبكم يا رسول الله؟ فقال: محبة هذا، و وضع يده على رأس علي بن أبي طالب عليه السلام» «1».
__________________________________________________
(1) أمالي الشيخ المفيد: 353، أمالي الشيخ الطوسي 1: 124.