غاية النهاية في طبقات القراء (2/ 52)
شمس الدين أبو الخير ابن الجزري، محمد بن محمد بن يوسف (المتوفى: 833هـ)
2707- "ع" محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ ويقال: ابن الصلت بن أيوب بن شنبوذ2 الإمام, أبو الحسن البغدادي شيخ الإقراء بالعراق, أستاذ كبير, أحد من جال في البلاد في طلب القراءات مع الثقة والخير والصلاح والعلم، أخذ القراءة عرضًا عن إبراهيم الحربي و"مب" أحمد بن إبراهيم وراق خلف و"ج ف ك" أحمد بن بشار3 الأنباري وأحمد بن عبد الله بن هلال و"مب ج ك" أحمد بن نصر بن شاكر و"مب" أحمد بن محمد الرشديني و"مب" أحمد بن محمد بن يزيد العنزي و"ك" إبراهيم بن أحمد بن نوح و"مب ج" أحمد بن فرح4 و"ك" أحمد بن أبي حماد و"ف ك" إسحاق الخزاعي و"ج ك" إسحاق بن مخلد وإدريس الحداد وإسماعيل بن عبد الله النحاس بمصر فيما ذكره أبو الكرم الشهرزوري وهو غلط, وإنما قرأ على أحمد بن عبد الله بن هلال عن النحاس و"ك" بكر بن سهل الدمياطي وقيل: لم يقرأ عليه وليس بصحيح و"ك" جعفر بن محمد الوزان و"مب ج ك" الحسن بن العباس الرازي و"س ف" الحسن بن الحباب و"ك" الحسن بن علي بن أبي المغيرة1 القطان والزبير بن محمد العمري و"مب ج ف ك" سالم بن هارون أبي سليمان الليثي و"ك" سعيد بن عمران بن موسى و"مب ف ج" العباس بن الفضل الرازي و"ك" عبد الرحمن بن زروان2 و"غا ك" عبد الله بن أحمد بن سليمان الأصبهاني و"س ك" عبد الله بن سليمان3 بن محمد الرقي و"مب ك" عبد الله بن بكار و"ك" عبد الله بن أحمد بن حبيب و"ك" علي بن عبد الله بن هارون بحمص و"ك" الفضل بن مخلد أخي إسحاق و"ك ف" القاسم بن عبد الوارث4 و"ك س" القاسم بن أحمد5 الخياط و"س ت ج" قنبل و"س مب ك" محمد بن سنان6 و"ف مب" محمد بن شاذان7 و"ك" محمد بن علي بن الحجاج ومحمد بن عيسى و"ك" نصر بن أحمد و"ك" محمد بن أحمد بن واصل و"ك" محمد بن إسحاق المخفي و"ك" محمد بن إسحاق المراوحي ومحمد بن يحيى الكسائي والمفضل بن مخلد و"ك" محمد بن يعقوب الغزال و"س ك" موسى بن جمهور8 وهارون بن موسى الأخفش بدمشق و"ك" يونس بن علي بن محمد بن اليزيدي ومحمد بن غالب صاحب شجاع, كذا ذكر عنه أبو الفرج الشنبوذي وهو وهم, قال الحافظ أبو العلاء: والمشهور عن ابن شنبوذ أنه قرأ على إسحاق والفضل ابني مخلد وعلى موسى بن جمهور وقرءوا على ابن غالب، قرأ عليه "س مب ف ك" أحمد بن نصر الشذائي وأبو الحسين أحمد بن عبد الله الجبي و"ج" أحمد بن عبد المجيد وإدريس بن علي المؤدب و"س غا" أبو الحسن أحمد بن الحسن الملطي و"س" علي بن الحسين بن عثمان الغضائري و"مب ك" الحسن بن سعيد المطوعي وأبو بكر عبد الله بن أحمد القباب و"ت ج ف ك" عبد الله بن الحسين1 السامري وعبد الله بن أحمد المطرز وغزوان بن القاسم و"ك" محمد بن أحمد بن عبد الوهاب و"س مب ف ك" محمد بن أحمد بن إبراهيم الشنبوذي و"ك" محمد بن أحمد بن يوسف غلامه و"غا" محمد بن جعفر المغازلي و"مب" أبو بكر بن مقسم و"ف" الحسن بن سعيد البزار2 شيخ الرهاوي و"ك" محمد بن محمد بن أحمد الطرازي و"ك" إبراهيم بن أحمد القيرواني ومحمد بن الجهم ومحمد بن صالح و"ك" محمد بن يوسف بن نهار والمعافى بن زكريا ونصر بن يوسف الشذائي, وسمع منه إبراهيم بن عبد الرزاق وعبد الواحد بن عمر, وروى عن محمد بن الجهم عنه، وقد ذكر بعضهم أنه قرأ على محمد بن غالب صاحب شجاع, وأسند ذلك الأهوازي في مفردة أبي عمرو ثم قال هكذا: قال لي أبو الفرج يعني الشنبوذي: والمشهور3 أنه قرأ على إسحاق والفضل ابني مخلد وعلى موسى بن جمهور وقرءوا على ابن غالب وحدثني بذلك الغضائري والجبي انتهى, وهو الصواب والله أعلم. وقد وهم في اسمه أبو أحمد السامري فكان يسميه أحمد، وكان قد وقع بينه وبين أبي بكر بن مجاهد على عادة الأقران حتى كان ابن شنبوذ لا يقرئ من يقرأ على ابن مجاهد, وكان يقول: هذا العطشي يعني: ابن مجاهد, لم تغبرّ قدماه في هذا العلم، ثم إنه كان يرى جواز القراءة بالشاذ وهو ما خالف رسم المصحف الإمام قال الذهبي الحافظ: مع أن الخلاف في جواز ذلك معروف بين العلماء قديمًا وحديثًا قال: وما رأينا أحدًا أنكر الإقراء بمثل قراءة يعقوب وأبي جعفر, وإنما أنكر من أنكر القراءة بما ليس بين الدفتين, والرجل كان ثقة في نفسه صالحًا دينًا متبحرًا في هذا الشأن لكنه كان يحط على ابن مجاهد، قلت: وقد ذكرنا الكلام على الشاذ وما هو وحكم ما فيه وأقوال العلماء, كل ذلك مستوفى في كتاب المنجد والذي أنكر على ابن شنبوذ حين عقد له المجلس بحضرة الوزير أبي علي بن مقلة, وبحضور ابن مجاهد وجماعة من العلماء والقضاة, وكتب عليه به المحضر واستتيب عنه بعد اعترافه به هو "فامضوا إلى ذكر الله" [الجمعة: 9] "وتجعلون شكركم أنكم تكذبون" [الواقعة: 82] "كل سفينة صالحة غصبًا" [الكهف: 79] "كالصوف المنفوش" [القارعة: 5] "فاليوم ننجيك ببدنك" [يونس: 92] الآية "تبت يدا أبي لهب وقد تب" [المسد: 1] "فلما خر تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولًا في العذاب المهين" [سبأ: 14] "والذكر والأنثى" [الليل: 3] "فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزامًا" [الفرقان: 77] "وينهون عن المنكر ويستغيثون1 الله على ما أصابهم وأولئك هم المفلحون" [آل عمران: 104] "وفساد عريض" [الأنفال: 73] , وذلك في ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وكان قد أغلظ للوزير في الخطاب وللقاضي ولابن مجاهد, ونسبهم إلى قلة المعرفة, وأنهم ما سافروا في طلب العلم كما سافر, فأمر الوزير بضربه فضرب سبع درر وهو يدعو على الوزير بأن يقطع الله يده ويشتت شمله, ثم أوقفه على الحروف فأهدر منها ما كان شنيعًا وتوبه عن التلاوة بها غصبًا, وقيل: إنه جرد من ثيابه وأقيم بين الهبارين وضرب نحو العشر, فتألم وصاح وأذعن بالرجوع وقيل: إنه نفي من بغداد فذهب إلى البصرة وقد استجيب دعاؤه على الوزير فقطعت يده, وخربت دياره, وذاق الذل, ولبث في الحبس مدة على شر حال، قرأت على أحمد بن محمد بن الحسين2 بسفح قاسيون عن علي بن أحمد بن عبد الواحد عن أبي اليمن الكندي, أنبأ أبو محمد البغدادي قراءة عليه قال: سمعت جدي الإمام أبا منصور المقرئ يقول: سمعت أبا نصر أحمد بن مسرور الخباز يقول: سمعت المعافى أبا الفرج يقول: دخلت يومًا على ابن شنبوذ وهو جالس بين يديه خزانة الكتب فقال لي: يا معافى افتح الخزانة, ففتحتها وفيها رفوف عليها كتب وكل رف في فن من العلم, فما كنت آخذ مجلدًا وأفتحه إلا وابن شنبوذ يهذه كما يقرأ الفاتحة ثم قال: يا معافى, والله ما أغلقتها حتى دخلت معي إلى الحمام هذا والسوق للعطشى وهذا فضل عظيم، وبه إلى أبي محمد البغدادي قال: قال أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن علي العلاف المقرئ البغدادي سألت أبا طاهر بن أبي هاشم: أي الرجلين أفضل, أبو بكر بن مجاهد أو أبو الحسن بن شنبوذ؟ قال: فقال لي أبو طاهر: أبو بكر بن مجاهد عقله فوق علمه, وأبو الحسن علمه فوق عقله قال: لم يزدني على هذا, قال: وفضل الرجلين فضل عام والله يرضى عنهما وينفعنا بالرواية عنهما، وقال الحافظ أبو عمرو: تحمل الناس الرواية عنه والعرض عليه لموضعه من العلم ومكانه من الضبط، توفي ابن شنبوذ في صفر سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة وفيها مات ابن مقلة أيضًا وقال سبط الخياط: يوم السبت لليلة خلت من صفر سنة سبع وعشرين ثلاثمائة ووهم أبو أحمد السامري في قوله الذي حكاه عنه الداني أنه توفي أول سنة خمس وعشرين, والله أعلم.
المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز (1/ 186)
أبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة (المتوفى : 665هـ)
فصل:
قال الإمام أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم -وهو صاحب الإمامين أبي بكر بن مجاهد وأبي جعفر الطبري- في أول "كتاب البيان" عن اختلاف القراءة.
"وقد نبغ نابغ في عصرنا هذا، فزعم أن كل ما صح عنده وجه في العربية لحرف من القرآن، يوافق خط المصحف فقراءته به جائزة في الصلاة وفي غيرها، فابتدع بفعله ذلك بدعة ضل بها عن قصد السبيل، وأورط نفسه في مزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله، وحاول إلحاق كتاب الله عز وجل من الباطل ما لا يأتيه [74 و] من بين يديه ولا من خلفه، إذا جعل لأهل الإلحاد في دين الله عز وجل بسيئ رأيه طريقا إلى مغالطة أهل الحق بتخير القراءات من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض على أهل الإسلام قبولة والأخذ به كابرًا عن كابر وخالفا عن سالف".
"وكان أبو بكر بن مجاهد -نضر الله وجهه- نشله من بدعته المضلة باستتابته منها، وأشهد عليه بترك ما ارتكبه من الضلالة بعد أن سئل البرهان على صحة ما ذهب إليه، فلم يأت بطائل، ولم تكن له حجة قوية ولا ضعيفة، فاستوهب أبو بكر رحمه الله تأديبه من السلطان عند توبته وإظهار الإقلاع عن بدعته".
قال: "ثم عاود في وقتنا هذا إلى ما كان ابتدعه واستغوى من أصاغر المسلمين ممن هو في الغفلة والغباوة دونه ظنا منه أن ذلك يكون للناس دينا، وأن يجعلوه فيما ابتدعه إماما، ولن يعدو ما ضل به مجلسه؛ لأن الله عز وجل قد أعلمنا أنه حافظ كتابه من لغط الزائغين وشبهات الملحدين بقوله عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} " (1) .
قلت: هذا الشخص المشار إليه هو أبو الحسن [74 ظ] محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت المقرئ المعروف بابن شنبوذ البغدادي (2) في طبقة ابن مجاهد مقرئ مشهور.
قال الخطيب (3) في "تاريخ بغداد":
"روى عن خلق كثير من شيوخ الشام ومصر وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات تخالف الإجماع يقرأ بها. فصنف أبو بكر بن الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه".
"وقال إسماعيل الخطبي (4) في كتاب التاريخ: اشتهر ببغداد أمر رجل يعرف بابن شنبوذ، يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف يخالف فيها المصحف مما يروى عن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويتتبع الشواذ فيقرأ بها ويجادل، حتى عظم أمره وفحش، وأنكره الناس، فوجه السلطان (1) فقبض عليه في يوم السبت لست خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وحمل إلى دار الوزير محمد بن علي -يعني ابن مقلة- (2) وأحضر القضاة والفقهاء والقراء وناظره -يعني الوزير- بحضرتهم، فأقام على ما ذكر عنه ونصره واستنزله الوزير عن ذلك [75 و] فأبى أن ينزل عنه أو يرجع عما يقرأ به من هذه الشواذ المنكرة التي تزيد على المصحف وتخالفه، فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس وأشاروا بعقوبته ومعاملته بما يضطره إلى الرجوع فأمر بتجريده وإقامته بين الهنبازين وضربه بالدرة على قفاه، فضرب نحو العشرة ضربا شديدا، فلم يصبر واستغاث وأذعن بالرجوع والتوبة فخلي عنه وأعيدت عليه ثيابه واستتيب، وكتب عليه كتاب بتوبته وأخذ فيه خطه بالتوبة" (3) .
وقرأت في تاريخ هارون بن المأمون قال:
"وفي أيام الراضي ضرب ابن مقلة ابن شنبوذ سبع درر لأجل قراءة أنكرت عليه ودعا عليه بقطع اليد وتشتت الشمل فقطعت يده ثم لسانه.
وقرأت في تاريخ ثابت بن سنان (4) شرح هذه القصة فقال:
"بلغ الوزير أبا علي محمد بن مقلة أن رجلا -يعرف بابن شنبوذ- بغير حروفا من القرآن، فاستحضره واعتقله في داره أياما، ثم استحضر القاضي أبا الحسين عمر بن محمد (1) وأبا بكر أحمد بن موسى بن مجاهد وجماعة من أهل القرآن، وأحضر ابن شنبوذ ونوظر بحضرة الوزير، فأغلظ للوزير [75 ظ] في الخطاب وللقاضي ولابن مجاهد، ونسبهم إلى قلة المعرفة، وعيرهم بأنهم ما سافروا في طلب العلم كما سافر، واستصبى القاضي، فأمر الوزير بضربه، فنصب بين الهنبازين وضرب سبع درر، فدعا -وهو يضرب- على ابن مقلة بأن تقطع يده ويشتت شمله، ثم وقف على الحروف التي قيل إنه يقرأ بها فأنكر ما كان منها شنعا".
وقال فيما سوى ذلك: "إنه قد قرأ به قوم فاستتابوه فتاب. وقال: إنه قد رجع عما كان يقرأ به وإنه لا يقرأ إلا بمصحف عثمان رضي الله عنه وبالقراءة المتعاملة المشهورة التي يقرأ بها الناس، فكتب عليه الوزير أبو علي محضرًا بما سمع من لفظه، صورته:
"يقول محمد بن أحمد بن أيوب المعروف بابن شنبوذ: قد كنت أقرأ حروفا تخالف ما في مصحف عثمان المجمع عليه الذي اتفق أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تلاوته، ثم بان لي أن ذلك خطأ، فأنا منه تائب، وعنه مقلع، وإلى الله عز وجل منه بريء؛ إذ كان مصحف عثمان هو الحق الذي لا يجوز خلافه ولا أن يقرأ بغير ما فيه".
"وكتب ابن شنبوذ فيه:
يقول محمد بن أحمد بن أيوب المعروف بابن شنبوذ: إن [76 و] . ما في هذه الرقعة صحيح، وهو قولي واعتقادي، وأشهد الله عز وجل وسائر من حضر على نفسي بذلك".
"وكتب بخطه:
"فمتى خالفت ذلك أو بان مني غيره فأمير المؤمنين (1) -وأطال الله بقاه- في حل وفي سعة من دمي، وذلك في يوم الأحد لسبع خلون من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة في مجلس الوزير أبي علي بن علي، أدام الله توفيقه".
"وكان مما اعترف به يومئذ: "فامضوا إلى ذكر الله" (2) ، "وتجعلون شكركم أنكم تكذبون" (3) ، "وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا" (4) ، "كالصوف المنفوش" (5) ، "تبت يدا أبي لهب وقد تب" (6) ، "فلما خر تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب" (7) ، "والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى" (1) و"فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما" (2) ، "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون الله على ما أصابهم" (3) ، "ولتكن فتنة في الأرض وفساد عريض" (4) .
"وتحت ذلك بخط ابن مجاهد:
"اعترف ابن شنبوذ بما في هذه الوقعة بحضرتي وكتب ابن مجاهد بيده". [76 ظ]
قلت: ثم مات ابن شنبوذ في صفر سنة ثمان وعشرين بعد موت ابن مجاهد بأربع سنين، وعزل ابن مقلة ونكب في سنة أربع وعشرين بعد نكبة ابن شنبوذ بسنة واحدة، فجرى عليه من الإهانة بالضرب والتعليق والمصادرة أمر عظيم، ثم آل أمره إلى قطع يده ولسانه ونسأل الله تعالى العافية.
وابن شنبوذ وإن كان ليس بمصيب فيما ذهب إليه ولكن خطأه في واقعة لا يسقط حقه من حرمة أهل القرآن والعلم، فكان الرفق به ومداراته أولى من إقامته مقام الدعار المفسدين في الأرض وإجرائه مجراهم في العقوبة، فكان اعتقاله وإغلاظ القول له كافيا في ذلك إن شاء الله تعالى، ولكنه سبحانه وتعالى: {يَفْعَلُ مَا يَشَاء} (1) ويبتلي من شاء بما شاء سبحانه {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَل} (2) ، وهو تعالى أعلم وأحكم.
النشر في القراءات العشر (1/ 122)
(وَتُوُفِّيَ) ابْنُ شَنَبُوذَ فِي صَفَرَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ عَلَى الصَّوَابِ، وَكَانَ إِمَامًا شَهِيرًا وَأُسْتَاذًا كَبِيرًا ثِقَةً ضَابِطًا صَالِحًا، رَحَلَ إِلَى الْبِلَادِ فِي طَلَبِ الْقِرَاءَاتِ وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْهَا مَا لَمْ يَجْتَمِعْ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَكَانَ يَرَى جَوَازَ الْقِرَاءَةِ بِمَا صَحَّ سَنَدُهُ، وَإِنْ خَالَفَ الرَّسْمَ، وَعُقِدَ لَهُ فِي ذَلِكَ مَجْلِسٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَلَمْ يَعُدَّ أَحَدٌ ذَلِكَ قَادِحًا فِي رِوَايَتِهِ، وَلَا وَصْمَةً فِي عَدَالَتِهِ.
الانتصار للقرآن للباقلاني (1/ 341)
فإنه مع ذلك قد اشتُهِرَ عند كل وجه
وحرفٍ مما يُقرىءُ به وعُرف من رأيه، فإذا أضيفَ إليه مع ذلك أنه يقرأُ أو
كان يُقرىء في أيامِ حياتِه قراءةَ ابنِ شُنْبوذ والشَواذَّ المنكرة، والقراءةَ المرويةَ
عن السبعة علمنا بكَذِبِ ذلك عليه لشهرةِ ما كان يقرىءُ به عنه والعدولِ عما سوى ذلك، وإن كان يُقرىءُ قراءة مختلِطةً ممتزجةً من قراءةِ جميع الأئمة.
تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (3/ 563)
المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)
وقرأ ابن مسعود والأعمش وأبو حيوة. وكان عبد الله وجيها. قال ابن خالويه: صليت خلف ابن شنبوذ في شهر رمضان، فسمعته يقرؤها. وقراءة العامة أوجه لأنها مفصحة عن وجاهته عند الله، كقوله تعالى عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ وهذه ليست كذلك.
البحر المحيط في التفسير (8/ 508)
المؤلف: أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (المتوفى: 745هـ)
وقرأ عبد الله، والأعمش، وأبو حيوة: عبد من العبودية، لله جر بلام الجر، وعبدا خبر كان، ووجيها صفة له. قال ابن خالويه: صليت خلف ابن شنبوذ في شهر رمضان فسمعته يقرأ: وكان عبد الله، على قراءة ابن مسعود.
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (9/ 145)
المؤلف: أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (المتوفى: 756هـ)
قوله: {عِندَ الله} : العامَّةُ على «عند» الظرفية المجازية. وابن مسعود والأعمشُ وأبو حيوةَ «عَبْداً» من العبودية، «لله» جارٌّ ومجرورٌ وهي حسنةٌ. قال ابن خالويه: «صَلَّيْتُ خلفَ ابن شنبوذ في رمضانَ فسمعتُه يقرأ بقراءةِ ابنِ مسعود هذه» . قلت: وكان - رحمه اللَّهُ - مُولعاً بنَقْلِ الشاذِّ، وحكايتُه مع ابن مُقْلة الوزيرِ وابن مجاهدٍ في ذلك مشهورةٌ.
اللباب في علوم الكتاب (15/ 594)
المؤلف: أبو حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل الحنبلي الدمشقي النعماني (المتوفى: 775هـ)
قوله: «عِنْد اللَّهِ» العامة على «عند» الظرفية المجازية، وابن مسعود والأعمش وأبو حَيْوة «عبداً» مِن العبودية «لله» جار ومجرور وهي حسنة قال ابن خالويه صَلَّيْت خلف ابن شُنْبُوذ في رمضان فسمعته يقرأ بقراءة ابن مسعود هذه قال شهاب الدين: وكان مولعاً بِنَقْل الشاذة،
تفسير الألوسي = روح المعاني (11/ 269)
وقرأ ابن مسعود والأعمش وأبو حيوة «عبدا» من العبودة «لله» بلام الجر فيكون عبدا خبر كان ووجيها صفة له وهي قراءة شاذة، وفي صحة القراءة بالشواذ كلام.
قال ابن خالويه: صليت خلف ابن شنبوذ في شهر رمضان فسمعته يقرأ وكان «عبدا لله» على قراءة ابن مسعود ولعل ابن شنبوذ ممن يرى صحة القراءة بها مطلقا، ويحتمل مثل ذلك في ابن خالويه وإلا فقد قال الطيبي قال صاحب الروضة: وتصح بالقراءة الشاذة إن لم يكن فيها تغيير معنى ولا زيادة حرف ولا نقصان،
أخبار الراضي بالله والمتقي لله = تاريخ الدولة العباسية (ص: 62)
المؤلف: أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله الصولي (المتوفى: 335هـ)
وقبض السلطان على ابن شنبوذ لما رفع عليه من قراءته بما لا يجوز، وشهد عليه بشهادات فأحضر دار ابن مقلة وحضر ابن مجاهد وجماعة من القضاة والفقهاء فنوظر، فتاب ورجع عن رأيه فكتبت رقعة نسختها: يقول محمد بن أحمد بن أيوب المعروف بابن شنبوذ إني كنت أقرأ حروفاً تخالف ما في المصحف المنسوب إلى عثمان رحمه الله، الذي اتفق عليه أصحاب رسول لله صلى الله عليه وعلى تلاوته، ثم بان لي أن ذلك خطأ فأنا منه تائب وعنه مقلع وإلى الله منه برئ، إذ كان مصحف عثمان هو الحق الذي لا يجوز خلافه.
وكتب بخطه في أسفل هذه الرقعة:
يقول محمد بن أحمد بن أيوب ما في هذه الرقعة صحيح وهو قولي واعتقادي، أشهد الله على ذلك ومن حضر، وقد كتبت هذه بخطي فمتى خالفت ذلك أو بان مني غيره، فأمير المؤمنين أطال الله بقاه في حل وتبرئه من دمي.
وكتب يوم الأحد لسبع خلون من شهر ربيع الآخر في سنة ثلاث وعشرين وذلك كله في مجلس الوزير أبي علي.
أخبار الراضي بالله والمتقي لله = تاريخ الدولة العباسية (ص: 85)
وورد الخبر في شهر رمضان بقتل ياقوت قتله غلمان اللوش البربري فاضطرب الحجرية فوجه الراضي يحلف أن ذلك قد ساءه، وما كان له إِذن. وضج الحنبلية فيه من أمر ابن شنبوذ، فحمل إلى دار السلطان ونوظر، والسلطان يسمع من وراء حجاب وتاب وحبس، واستتر الوزيرالكرخي يوم الاثنين لثمان خلون من شوال وأحضر سليمان بن الحسن فخلع عليه للوزارة وانصرف إلى منزله يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من شوال.
أخبار الراضي بالله والمتقي لله = تاريخ الدولة العباسية (ص: 139)
وذلك في صفر. وكان ابن شنبوذ محبوساً فمات فوجه به إلى منزله وقد كانوا حذروه في وقت ثم ردوه.
البداية والنهاية ط إحياء التراث (11/ 205)
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة فيها أحضر ابن شنبوذ (3) المقري فأنكر عليه جماعة من الفقهاء والقراء حروفا انفرد بها فاعترف
ببعضها وأنكر بعضها، فاستتيب من ذلك واستكتب خطه بالرجوع عما نقم عليه، وضرب سبع درر بإشارة الوزير أبي علي بن مقلة، ونفي إلى البصرة.
فدعا على الوزير أن تقطع يده ويشتت شمله، فكان ذلك عما قريب.
البداية والنهاية ط إحياء التراث (11/ 220)
ابن شنبوذ المقري محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت أبو الحسن المقري المعروف بابن شنبوذ.
روى عن أبي مسلم الكجي، وبشر بن موسى وخلق، واختار حروفا في القراءات أنكرت عليه،
وصنف أبو بكر الأنباري كتابا في الرد عليه، وقد ذكرنا فيما تقدم كيف أنه عقد له مجلس في دار الوزير ابن مقلة، وأنه ضرب حتى رجع عن كثير منها، وكانت قراءات شاذة أنكرها عليه قراء أهل عصره.
توفي في صفر منها، وقد دعا على الوزير ابن مقلة حين أمر بضربه فلم يفلح ابن مقلة بعدها، بل عوقب بأنواع من العقوبات، وقطعت يده ولسانه، وحبس حتى مات في هذه السنة التي مات فيها ابن شنبوذ.
تكملة تاريخ الطبري (ص: 87)
المؤلف: محمد بن عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد، أبو الحسن الهمذاني المعروف بالمقدسي (المتوفى: 521هـ)
وفي هذا الشهر صرف عبد الرحمان بن عيسى عن الدواوين واحضر ابن مقلة ابن شنبوذ وقال له بلغني انك تقرأ حروفا في القرآن بخلاف ما في المصحف وكان ذلك بحضرة ابن مجاهد واهل القرآن فاعترف بقراءة ما عزي اليه من الحروف منها إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا الى ذكر الله (8)
واغلظ للوزير وللجماعة في الكلام ونصر ما عزي اليه فأمر به ابن مقلة فضرب فدعا عليه بتشتيت الشمل وقطع اليد ودعا على ابن مجاهد بثكل الولد وعلى الضارب له بالنار فشوهد قطع يد ابن مقلة وثكل ابن مجاهد ولده ثم انه استتيب عن قراءة الحروف فتاب منها
تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (11/ 291)
وفي هذا الشهر، صرف عبد الرحمن بن عيسى عن الدواوين، واحضر ابن مقله ابن شنبوذ، وقال له: بلغنى انك تقرا حروفا في القرآن بخلاف ما في المصحف، وكان ذلك بحضره ابن مجاهد واهل القرآن، فاعترف بقراءة ما عزى اليه من الحروف، ومنها إذا نودى للصلاة من يوم الجمعه فامضوا الى ذكر الله.
واغلظ للوزير وللجماعة في الكلام، ونصر ما عزى اليه، فامر به ابن مقله فضرب، فدعا عليه بتشتيت الشمل وقطع اليد، ودعا على ابن مجاهد بثكل الولد وعلى الضارب له بالنار، فشوهد قطع يد ابن مقله وثكل ابن مجاهد ولده.
ثم استتيب عن قراءة الحروف، فتاب منها.
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (13/ 348)
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في ربيع الأول [1] بلغ الوزير أبا علي ابن مقلة أن رجلا يعرف بابن شنبوذ يغير حروفا من القرآن، فاستحضره [واستحضر] [2] القاضي أبا الحسين عمر بن محمد، وأبا بكر بن مجاهد، ونوظر بحضرة الوزير فأغلظ القول بمناظرته [3] ، فضرب بين الهنبازين سبع درر، فدعا علي ابن مقلة أن تقطع يده ويشتت شمله، ثم عرضت عليه الحروف التي قرأ بها فأنكر ما كان شنيعا، وقال: فيما سوى ذلك قد قرأ به قوم، وذلك مثل قوله:
«فامضوا إلى ذكر الله» «كالصوف المنفوش» [4] «يأخذ كل سفينة صالحة غصبا» [فاستتابوه] [5] فتاب وكتب خطه بذلك، فحمل إلى المدائن [في الليل ليقيم بها أياما] [6] ثم يدخل منزله مستخفيا ولا يظهر لئلا تقتله العامة، وقيل: إنه نفي إلى البصرة، ثم إلى الأهواز فمات بها.
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (13/ 392)
2424- محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت، أبو الحسن المقرئ المعروف بابن شنبوذ [3] :
حدث عن أبي مسلم الكجي [4] ، وبشر بن موسى، وخلق كثير من أهل الشام ومصر، وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات، وقرأ بها فصنف أبو بكر الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه.
أخبرنا القزاز، قال: أخبرنا الخطيب، قال: أخبرني إبراهيم بن مخلد فيما أذن لي أن أرويه عنه، قال: أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي، قال: أشتهر ببغداد أمر رجل يعرف بابن شنبوذ يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف نخالف المصاحف مما يروي عن ابن مسعود وأبي وغيرهما مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه عثمان، ويتبع الشواذ [فيقرأ بها] [5] ويجادل حتى عظم أمره وفحش، وأنكره الناس فوجه السلطان فقبض عليه في يوم السبت [لست خلون] [6] من ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وحمل إلى دار الوزير محمد بن علي ابن مقلة، وأحضر القضاة والفقهاء والقراء [1] ، وناظره- يعنى الوزير- بحضرتهم، فأقام على ما ذكر عنه ونصره، واستنزله الوزير عن ذلك فأبى أن ينزل عنه أو يرجع عما يقرأ به من هذه الشواذ المنكرة التي تزيد على المصحف وتخالفه، فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس [2] ، وأشاروا بعقوبته ومعاملته بما يضطره إلى الرجوع، فأمر بتجريده وإقامته بين الهنبازين وضربه بالدرة على قفاه، فضرب نحو العشر درر ضربا شديدا، فلم يصبر واستغاث وأذعن بالرجوع والتوبة، فخلى عنه وأعيدت عليه ثيابه واستتيب، فكتب عليه كتاب بتوبته، وأخذ عليه خطه بالتوبة.
توفي ابن شنبوذ يوم الاثنين لثلاث ليال خلون من صفر هذه السنة.
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (13/ 401)
وأما من قرأ على قراءة علي بن أبي طالب وادكر بعد أمه، فهو وجه حسن الأمه النسيان، وأما أبو بكر بن مجاهد فهو إمام في القراءة: وأما قراءة الأحمق [يعني] [2] ابن شنبوذ؟ إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم 5: 118؟ [3] فخطأ، لأن الله تعالى [قد] [4] قطع لهم/ بالعذاب في قوله: إن الله لا يغفر أن يشرك به
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (16/ 97)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3388- الحسن بن غالب بن علي بن غالب بن منصور بن صعلوك، أبو علي التميمي، ويعرف: بابن المبارك
[4] .
ولد لعشر بقين من ذي الحجة سنة ست وستين وثلاثمائة، وصحب ابن سمعون.
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: كان الحسن ابن غالب زوج بنت إبراهيم بن عمر البرمكي، وحدث عن عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، وابن أخي ميمي وغيرهما، وكان له سمت وهيئة وظاهر صلاح، وكان يقرئ 50/ ب فأقرأ بحروف خرق بها الإجماع، وادعى/ فيها رواية عن بعض الأئمة المتقدمين، وجعل لها أسانيد باطلة مستحيلة، فأنكر أهل العلم عليه ذلك إلى أن استتيب منها، وذكر أنه قرأ على إدريس المؤدب، وإدريس قرأ على ابن شنبوذ، وابن شنبوذ قرأ على أبي خالد، وكل ذلك باطل لأن ابن شنبوذ لم يدرك أبا خالد، وإدريس لم يقرأ على ابن شنبوذ، وادعى أشياء غير ذلك يتبين فيها كذبه واختلافه.
وقال أبو علي ابن البرداني: كان الحسن بن غالب متهما في سماعه من أبي الفضل الزهري، وجرت له أمور مع أبي الحسن القزويني بسبب قراآت أقرئ بها عن إدريس، وكتب عليه بذلك محضر.
وقال أبو محمد بن السمرقندي: كان كذابا. وتوفي في ليلة السبت العاشر من رمضان هذه السنة، ودفن صبيحة تلك الليلة عند قبر إبراهيم الحربي.
الكامل في التاريخ (7/ 87)
[الوفيات]
وفيها توفي محمد بن يعقوب أبو جعفر الكليني، وهو من أئمة الإمامية وعلمائهم.
(الكليني: بالياء المعجمة باثنتين من تحت ثم بالنون، وهو ممال) .
وفيها توفي أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب المقرئ البغداذي المعروف بابن شنبوذ في صفر.
العبر في خبر من غبر (2/ 30)
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)
وفيها أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصَّلت ابن شنَّبوذ المقرئ، أحمد أئمة الأداء، قرأ على محمد بن يحيى الكسائي الصغير، وإسماعيل بن عبد الله النحّاس، وطائفة كثيرة. وعني بالقراءات أتم عناية، وروى الحديث عن عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، ومحمد بن الحسين الحنيني، وتصدّر ببغداد، وقد امتحن في سنة ثلاث وعشرين كما مرّ، وكان مجتهداً فيما فعل، رحمه الله.
تاريخ الإسلام ت تدمري (24/ 28)
سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة
[تقليد ولدي الراضي المشرق والمغرب]
فيها تمكن الراضي بالله وقلد ابنيه المشرق والمغرب، وهما أبو جعفر وأبو الفضل. واستكتب لهما أبا الحسين علي بن محمد بن مقلة [1] .
[القبض على ابن شنبوذ المقرئ وضربه]
وفيها بلغ الوزير أبا علي بن مقلة أن ابن شنبوذ المقرئ يغير حروفا من القرآن، ويقرأ بخلاف ما أنزل. فأحضره، وأحضر عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبا بكر بن مجاهد، وجماعة من القراء، ونوظر، فأغلظ للوزير في الخطاب وللقاضي ولابن مجاهد، ونسبهم إلى الجهل، وأنهم ما سافروا في طلب العلم كما سافر. فأمر الوزير بضربه، فنصب بين الهنبازين وضرب سبع درر، وهو يدعو على الوزير بأن تقطع يده، ويشتت شمله [2] ثم أوقف على الحروف التي قيل إنه يقرأ بها، فأهدر منها ما كان شنيعا، وتوبوه غصبا. وكتب عنه الوزير محضرا.
ومما أخذ عليه: (فامضوا) إلى ذكر الله في الجمعة [3] .
وكان (أمامهم) ملك يأخذ كل سفينة (صالحة) غصبا [4] .
وتكون الجبال (كالصوف) المنفوش [1] .
تبت يدا أبي لهب و (قد) تب [2] .
فلما خر تبينت (الإنس أن) الجن لو كانوا يعلمون الغيب (لما) لبثوا (حولا) في العذاب المهين [3] .
والذكر والأنثى [4] . فاعترف بها [5] . ولا ريب أنها قد رويت ولم يخترعها الرجل من عنده.
وقيل أنه نفي إلى البصرة.
وقيل: إلى الأهواز [6] . وكان إماما في القراءة [7] .
__________
[1] تجارب الأمم 5/ 309، 310، العيون والحدائق ج 4 ق 2/ 28، الكامل في التاريخ 8/ 311، دول الإسلام 1/ 198، العبر 2/ 195، النجوم الزاهرة 3/ 248، تاريخ الخلفاء 391.
[2] العيون والحدائق ج 4 ق 2/ 93، المنتظم 6/ 275، نهاية الأرب 23/ 147، العبر 2/ 196، البداية والنهاية 11/ 181، ومرآة الجنان 2/ 291، مآثر الإنافة 1/ 287، النجوم الزاهرة 3/ 248، 249.
[3] انظر: سورة الجمعة، الآية 9 وهي: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون 62: 9.
[4] انظر: سورة الكهف، الآية 78، وهي: أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا 18: 79.
تاريخ الإسلام ت تدمري (24/ 233)
- حرف الميم-
401- محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ [2] .
أبو الحسن المقرئ المشهور.
قرأ على: أبي حسان محمد بن أحمد العنزي، وإسماعيل بن عبد الله النحاس، والزبير بن محمد بن عبد الله العمري المدني.
صاحب: قالون، وأحمد بن إسحاق الخزاعي، وقنبل، وموسى بن جمهور، وهارون بن موسى الأخفش، وإدريس بن عبد الكريم، وأحمد بن محمد بن رشدين، وبكر بن سهل الدمياطي، ومحمد بن شاذان الجوهري، ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير، وغيرهم.
وكان أسند من ابن مجاهد.
وقد سمع الحديث من: عبد الرحمن بن منصور الحارثي، وإسحاق الدبري، وبشر بن موسى، ومحمد بن الحسين الحنيني، وجماعة.
وطوف الأقاليم في طلب الكتاب والسنة، وحدث وأقرأ الناس ببغداد واستقر بها.
فقرأ عليه: المعافى بن زكريا الجريري، وأبو بكر أحمد بن نصر الشذائي، وأبو الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، وعلي بن الحسين الغضائري، وأبو الحسين أحمد بن عبد الله.
وروى عنه: أبو الشيخ، وأحمد بن الخضر الشافعي، وأبو بكر بن شاذان، وأبو حفص بن شاهين، وأبو سعد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري.
وكان قد تخير لنفسه شواذ قراءات كان يقرأ بها في المحراب. مما يروى عن ابن مسعود وأبي بن كعب حتى فحش أمره [1] .
قال إسماعيل الخطبي: فأنكر ذلك الناس فقبض عليه السلطان في سنة ثلاث وعشرين، وحمل إلى دار الوزير ابن مقلة، وأحضر القضاة والفقهاء، فناظروه، فنصر فعله، فاستتر له الوزير عن ذلك، فأبى. فأنكر عليه جميع من حضر، وأشاروا بعقوبته إلى أن يرجع. فأمر الوزير بتجريده وإقامته بين الهنبازين، وضرب بالدرة نحو العشر ضربا شديدا، فاستغاث وأذعن بالرجوع والتوبة. فكتب عليه محضر بتوبته [1] .
توفي رحمه الله في صفر.
قلت: وهو موثق النقل. وقد احتج به أبو عمرو الداني، وأبو علي الأهوازي، وسائر المصنفين في القراءات. وإنما نقم عليه رأيه لا روايته. وهو مجتهد في ذلك مخطئ، والله يعفو عنه ويسامحه. وقد فعل ما يسوغ فيه الاجتهاد. وذلك رواية عن مالك، وعن أحمد بن حنبل.
وكان رحمه الله يحط على ابن مجاهد ويقول: هذا العطشي لم تغبر قدماه في هذا العلم.
وقال محمد بن يوسف الحافظ: كان ابن شنبوذ إذا أتاه رجل يقرأ عليه قال: هل قرأت على ابن مجاهد؟ فإن قال: نعم. لم يقرئه.
قلت: هذا خلق مذموم يرتكبه بعض العلماء الجفاة.
ذكره ابن شنبوذ الحاكم في تاريخه، وأنه سمع من: الحسن بن عرفة، وعلي بن حرب، ومحمد بن عوف الطائي. كذا قال الحاكم. وما أحسبه أدرك هؤلاء. فلعل الحاكم وهم في قوله إنه سمع منهم.
تاريخ الإسلام ت تدمري (24/ 246)
ثم إن أبا بكر محمد بن رائق لما استولى على الأمور وعظم عند الراضي احتاط على ضياع ابن مقلة وأملاكه. فأخذ في السعي بابن رائق وألب عليه، وكتب إلى الراضي يشير عليه بإمساكه، وضمن له إن فعل ذلك وقلده الوزارة استخرج له ثلاثة آلاف ألف دينار. وسعى بالرسالة علي بن هارون المنجم، فأطمعه الراضي بالإجابة. فلما حضر حبسه، وعرف ابن رائق بما جرى، وذلك في سنة ست وعشرين. فطلب ابن رائق من الراضي قطع يد ابن مقلة. فقطعت وحبس. ثم ندم الراضي وداواه حتى بريء. فكان ذلك لعل بدعاء ابن شنبوذ المقرئ عليه بقطع اليد. فكان ينوح ويبكي على يده ويقول: كتبت بها القرآن وخدمت بها الخلفاء.
ثم أخذ يراسل الراضي ويطمعه في الأموال. وكان يشد القلم على زنده ويكتب. فلما قرب بجكم التركي، أحد خواص ابن رائق، من بغداد، أمر ابن رائق بقطع لسان ابن مقلة فقطع. ولحقه ذرب، وقاسى الذل، ومات في السجن وله ستون سنة.
مرآة الجنان وعبرة اليقظان (2/ 215)
المؤلف: أبو محمد عفيف الدين عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي (المتوفى: 768هـ)
ثلاث وعشرين وثلاث مائة
فيها محنة ابن شنبوذ، كان يقرأ في المحراب بالشواذ، فطلبه الوزير ابن مقله وأحضر القاضي والقراء وفيهم ابن مجاهد فناظروه، فأغلظ للحاضرين في الخطاب ونسبهم إلى الجهل، فأمر الوزير بضربه لكي يرجع، فضرب سبع درر وهو يدعو على الوزير، فتوبوه غضباً، وكتبوا عليه محضراً، وكان مما أنكر عليه: فأمضوا إلى ذكر الله وذروا البيع، وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً. وهذا الأنموذج مما روي ولم يتواتر.
وفيها توفي قتيبة شيخ الحنابلة البرنهاري " بالباء الموحدة والراء المكررتين "، فنودي أن لا يجتمع اثنان من أصحابه، وحبس منهم جماعة واختفى هو.
مرآة الجنان وعبرة اليقظان (2/ 219)
وفيها توفي أبو الحسن محمد بن أحمد بن شنبوذ المقرىء البغدادي، أحد الأئمة من مشاهير القراء وأعيانهم، وكان ديناً، وقيل كان فيه سلامة صدر وحمق منفرداً بقراءة الشواذ، وكان يقرأ بها في المحراب، فأنكر عليه ذلك، وبلع علمه أبا علي ابن مقلة الوزير فاستحضره واعتقله في داره أياماً، ثم استحضر القاضي أبا الحسين عمر بن محمد والمقرىء أبا بكر المعروف بابن مجاهد وجماعة من أهل القرآن، وأحضر ابن شبنوذ المذكور، ونواظر في حضرة الوزير، فأغلظ في الحديث للوزير وللقاضي وللمقرىء ابن مجاهد، ونسبهم إلى قلة المعرفة وغيرهم، بأنهم ما سافروا في طلب العلم كما سافر واستشار القاضي أبا الحسين المذكور، فأمر الوزير ابن مقلة بضربه، فأقيم، وضرب سبع درر، فدعا وهو يضرب على الوزير ابن مقلة بأن يقطع الله تعالى يده، ويشتت شمله وكان الأمر كذلك، كما سيأتي قريباً إن شاء الله تعالى. وأنكر ما كان ينكر عليه من الحروف التي كان يقرأ بها مما هو شنيع، وقال فيما سوى ذلك، فرابه قوم، فاستتابوه فقال: إنه رجع عما كان يقرأ، وإنه لا يقرأ إلا بمصحف عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، وكاتب علي الوزير محضراً بما قاله، وكتب بخطه ما يدل على توبته.
ومما حكي أنه كان يقرأ: فامضوا إلى ذكر الله، وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً، وليكن منكم فئة يدعون إلى الخير وغير ذلك.
مرآة الجنان وعبرة اليقظان (2/ 220)
وتقابلا فالتمس ابن رائق قطع يده التي كتب به المطالعة، فقطعت يده اليمنى، ورد إلى مجلسه. ثم ندم الراضي على ذلك، وأمر الأطباء بمداواته، فداووه حتى برىء. وكان ذلك نتيجة دعاء ابن شنبوذ المقرىء بقطع يده كما تقدم.
القاموس المحيط (ص: 335)
• محمدُ بنُ أحمدَ بنِ شَنَبُوذَ، بفتح الشينِ والنونِ: مُجابُ الدَّعْوَةِ. وعليُّ بنُ شَنَبُوذَ، وكِلاهُما من القُرَّاءِ.
تاج العروس (9/ 431)
شنبذ
: أبو الحسن (محمد بن أحمد) بن أيوب بن الصلت (بن شنبوذ) ، أهمله الجوهري وصاحب اللسان، وقال الصاغاني هو (بفتح الشين والنون) وبه يعرف، ولهجت العامة بسكون النون، وفي أصل الرشاطي بتشديد النون، بغدادي، أخذ القراءة عرضا عن قنبل وإسحاق الخزاعى، وروى عنه القراءة عرضا عبد الله بن المطرز، وكان (مجاب الدعوة) ، وذالك أنه دعا على ابن مقلة أن يقطع الله يده ويشتت شمله، فاستجيب فيه، لأنه الذي شدد عليه النكير ونفاه من بغداد إلى البصرة، وقيل: إلى المدائن، قاله شيخنا، ومقتضى عبارة المقريزي في تاريخه أن الذي استجاب الله دعاءه في ابن مقلة هو الشريف إسماعيل ابن طباطبا العلوي. قلت: ولا مانع من الجمع، وفي كتب الأنساب: تفرد بقراءات شواذ كان يقرأ بها ففي المحراب، وأمر بالرجوع فلم يجب، فأمر ابن مقلة به فصفع، فمات سن 323، وشنبوذ يصرف ولا يصرف،
التكملة والذيل والصلة للصغاني (2/ 383)
* ح - محمدُ بن أحمد بن أيّوب بن شَنْبُوذَ، صاحبُ الشَّوَاذِّ، ضَرَبه أبو عَليّ بنُ مُقْلَةَ أسْواطًا، فدَعَا عليه بقَطْع اليَد، فاتَّفق أن قُطِعَت يَدُه واسْتُجِيبت دَعْوَتُه.
البصائر والذخائر (8/ 65)
المؤلف: أبو حيان التوحيدي، علي بن محمد بن العباس (المتوفى: نحو 400هـ)
227ب - روى هذا ثعلب في المجالسات، وكان أبو بكر ابن مقسم يرويها، وسمعتها وهي تقرأ عليه اثنتين وخمسين، وعاش بعدها وكان شيخاً مكفوفاً حين لحقته، ولم أر شيخاً أوطأ منه ولا أهدأ، وله قراءاتٌ اختارها وأنكر الناس عليه ذلك، وله ملحمةٌ، وأكثر الناس يقولون: ظلم في هذه القصّة كما ظلم ابن شنبوذ حين آذاه ابن مجاهد، وذلك أن ابن شنبوذ وابن مقسم لم يقرأا ما قرأا بالأثر والحجّة والرّواية، ولم يخترعا ولم يختلقا، ولم ينزل الله تعالى اختيار ابن مجاهد من السماء، وإنّما اجتهد كما اجتهد من تقدّم، فليت شعري ما الذي هاجه على محاربة ابن شنبوذ حين قرأ " إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت الغفور الرحيم " مكان: العزيز الحكيم، وحين قرأ ابن مقسم في وصف فرعون " إنّه كان من الغالين " بالغين معجمةً وقال: لا أصفه بالعلّو بل الغلّو، لأنّ الله تعالى قد نهى عن الغلّو في قوله " لا تغلوا في دينكم "، وهذا النّهي وإن توجّه إلى أهل الكتاب فإنّ المعنى فيه يعمّ الخلق، لأنّ العلّة قائمةٌ والحجّ بينة. ولابن مقسم في القرآن كتاب يسميه الأنوار يقدّم على كتب كثيرة.
نهاية الأرب في فنون الأدب (23/ 147)
ومن العجب أنه ولى الوزارة ثلاث دفعات، ووزر لئلاثة خلفاء وسافر ثلاث سفرات اثنتين منفيا إلى شيراز وواحدة إلى الموصل فى وزارته، ودفن بعد موته ثلاث مرات وخصّ به من خدمه ثلاثة، وكان فى سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة فى شهر ربيع الآخر ضرب ابن شنّبوذ «1» سبع درر لقراءات أنكرت عليه، فدعا عليه بقطع اليد وتشتيت الشّمل، فاستجاب الله له!
مصابيح الجامع (5/ 316)
محمد بن أبي بكر بن عمر بن أبي بكر بن محمد، المخزومي القرشي، بدر الدين المعروف بالدماميني، وبابن الدماميني (المتوفى: 827 هـ)
وأما القراءة بها (1) في غير الصلاة، فللشيوخ فيها طريقان:
الأكثر: على منعها، قاله مكي (2)، والقاضي إسماعيل (3).
قال القاضي عياض (4): اتفق فقهاء بغداد على استتابة ابن شنبوذ المقرئ أحدِ أئمة (5) المقرئين بها مع ابن مجاهد لقراءته وإقرائه شواذَّ من الحروف مما ليس في المصحف، وعقدوا عليه بالرجوع عنه والتوبةِ منه سِجِلاًّ.
شذرات الذهب في أخبار من ذهب (4/ 163)
ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة تقدّم ابن مقلة بالقبض على البربهاري، فاستتر، وقبض جماعة من كبار أصحابه، وحملوا إلى البصرة، فعاقب الله تعالى ابن مقلة على فعله ذلك بأن أسخط [4] عليه القاهر، ووقع له ما وقع، ثم تفضل الله، عزّ وجل، وأعاد البربهاري إلى حشمته وزادت،