بسم الله الرحمن الرحیم

كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان العامة

افتراء ناصر القفاري
محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر الأنباري(271 - 328 هـ = 865 - 940 م)
شرح حال محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر الأنباري(271 - 328 هـ = 865 - 940 م)
كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان العامة
محمد بن احمد ابن شنبوذ(000 - 328 هـ = 000 - 939 م)
والنسخ للقرآن بالإجماع فيه اختلاف، فلذلك تمادى بعض الناس على القراءة بما يخالف خط المصحف مما ثبت نقله







تاريخ بغداد ت بشار (4/ 299)
1491 - محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن بن بيان بن سماعه بن فروة بن قطن بن دعامة أبو بكر ابن الأنباري النحوي
كان من أعلم الناس بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظا له.
ولد في يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين؛ حدثت بذلك عن إسماعيل بن سعيد بن سويد عنه.
....
وكان صدوقا، فاضلا، دينا، خيرا، من أهل السنة، وصنف كتبا كثيرة في علوم القرآن، وغريب الحديث، والمشكل، والوقف والابتداء، والرد على من خالف مصحف العامة.
...
فقلت: الحمد لله الذي أنجاني منك وتركته وانصرفت حَدَّثَنِي علي بن أبي علي، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن العباس الخزاز، قَالَ: ولد أبو بكر ابن الأنباري سنة إحدى وسبعين ومائتين.
وتوفي ليلة النحر من ذي الحجة من سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة




التفسير من سنن سعيد بن منصور - محققا (4/ 1509)
قلت - أي القرطبي -: وللعلماء في قراءة أهل المدينة والكوفة ستة أقوال ذكرها ابن الأنباري في آخر كتاب الرد له، والنحاس في إعرابه، والمهدوي في "تفسيره"، وغيرهم أدخل كلام بعضهم في بعض، وقد






تاريخ بغداد ت بشار (2/ 103)
أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ)
72 - محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت أبو الحسن المقرئ المعروف بابن شنبوذ حدث عن أبي مسلم الكجي،...
وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات تخالف الإجماع، فقرأ بها. فصنف أبو بكر ابن الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه.



المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (13/ 392)
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
2424- محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت، أبو الحسن المقرئ المعروف بابن شنبوذ [3] :
حدث عن أبي مسلم الكجي [4] ، وبشر بن موسى، وخلق كثير من أهل الشام ومصر، وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات، وقرأ بها فصنف أبو بكر الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه.


المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز (1/ 186)
أبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة (المتوفى : 665هـ)
...قلت: هذا الشخص المشار إليه هو أبو الحسن [74 ظ] محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت المقرئ المعروف بابن شنبوذ البغدادي (2) في طبقة ابن مجاهد مقرئ مشهور. قال الخطيب (3) في "تاريخ بغداد": "روى عن خلق كثير من شيوخ الشام ومصر وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات تخالف الإجماع يقرأ بها. فصنف أبو بكر بن الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه".




البداية والنهاية ط إحياء التراث (11/ 220)
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
ابن شنبوذ المقري محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت أبو الحسن المقري المعروف بابن شنبوذ.
روى عن أبي مسلم الكجي، وبشر بن موسى وخلق، واختار حروفا في القراءات أنكرت عليه، وصنف أبو بكر الأنباري كتابا في الرد عليه، وقد ذكرنا فيما تقدم كيف أنه عقد له مجلس في دار الوزير ابن مقلة، وأنه ضرب حتى رجع عن كثير منها، وكانت قراءات شاذة أنكرها عليه قراء أهل عصره.
توفي في صفر منها، وقد دعا على الوزير ابن مقلة حين أمر بضربه فلم يفلح ابن مقلة بعدها، بل عوقب بأنواع من العقوبات، وقطعت يده ولسانه، وحبس حتى مات في هذه السنة التي مات فيها ابن شنبوذ.






تفسير القرطبي (1/ 5)
وأسند أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن محمد الأنباري النحوي اللغوي في كتاب" الرد على من خالف مصحف عثمان" عن عبد الله بن مسعود قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله


تفسير القرطبي (1/ 32)
قال أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن محمد الأنباري النحوي اللغوي في كتاب الرد: فسر حديث ابن عباس تفسيرين، أحدهما من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذهب الأوائل من الصحابة والتابعين فهو متعرض لسخط الله.


تفسير القرطبي (1/ 35)
وعن المنهال بن عمرو قال قال عبد الله ابن مسعود: لو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله منى تبلغه المطي لأتيته، فقال له الرجل: أما لقيت علي بن أبي طالب؟ فقال: بلى، قد لقيته. وعن مسروق قال: وجدت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مثل الإخاذ يروي الواحد والإخاذ يروي الاثنين، والإخاذ لو ورد عليه الناس أجمعون لأصدرهم، وأن عبد الله بن مسعود من تلك الإخاذ «3». ذكر هذه المناقب أبو بكر الأنباري في كتاب الرد، وقال: الإخاذ عند العرب: الموضع الذي يحبس الماء كالغدير. قال أبو بكر: حدثنا أحمد بن الهيثم بن خالد حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا سلام عن زيد العمي «1» عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أرحم أمتي بها أبو بكر وأقواهم في دين الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم علي وأفرضهم زيد واقرءوهم لكتاب الله عز وجل أبي بن كعب وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ ابن جبل وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرح وأبو هريرة وعاء من العلم وسلمان بحر من علم لا يدرك وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أو قال البطحاء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر".





تفسير القرطبي (1/ 54)
وذكر أبو بكر الأنباري في كتاب الرد عن سويد بن غفلة قال: سمعت علي بن أبي طالب كرم الله وجه يقول: يا معشر الناس، اتقوا الله! وإياكم والغلو في عثمان، وقولكم: حراق المصاحف، فو الله ما حرقها إلا عن ملأ منا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وعن عمير بن سعيد قال قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لو كنت الوالي وقت عثمان لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان.



تفسير القرطبي (1/ 58)
وقد ذكر أبو بكر الأنباري في كتاب الرد: حدثنا محمد بن شهريار حدثنا حسين بن الأسود حدثنا يحيى بن آدم عن أبي بكر عن أبي إسحاق قال قال عبد الله بن مسعود: قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتين وسبعين سورة أو ثلاثا وسبعين سورة وقرأت عليه من البقرة إلى قوله تعالى" إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين «1»
". قال أبو إسحاق: وتعلم عبد الله بقية القرآن من مجمع بن حارثة الأنصاري. قلت: فإن صح هذا، الإجماع الذي ذكره يزيد بن هارون، فلذلك لم يذكره القاضي أبو بكر الأنباري: حدثني إبراهيم بن موسى «2» الخوزي حدثنا يوسف بن موسى حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال: سألت الأسود ما كان عبد الله يصنع بسورة الأعراف؟ فقال: ما كان يعلمها حتى قدم الكوفة، قال وقد قال بعض أهلم العلم: مات عبد الله بم مسعود رحمة الله قبل أن يتعلم المعوذتين، فلهذه العلة لم توجدا في مصحفه، وقيل غير هذا على ما يأتي بيانه آخر الكتاب عند ذكر" المعوذتين" إن شاء الله تعالى. قال أبو بكر: والحديث الذي حدثناه إبراهيم بن موسى حدثنا يوسف بن موسى حدثنا عمر بن هارون الخراساني عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن كعب القرظي قال: كان ممن ختم القرآن ورسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود، حديث ليس بصحيح هند أهل العلم، إنما هو مقصور على محمد بن كعب، فهو مقطوع لا يؤخذ به ولا يعول عليه.
قلت: قوله عليه السلام" خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد" يدل على صحته، ومما يبين لك ذلك أن أصحاب القراءات من أهل الحجاز والشام والعراق كا منهم عزا قراءته التي اختارها إلى رجل من الصحابة قرأها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يستثن من جملة القرآن شيئا، فأسند عاصم قراءته إلى علي وابن مسعود، وأسند ابن كثير قراءته إلى أبي، وكذلك أبو عمرو بن العلاء أسند قراءته إلى أبي، وأما عبد الله بن عامر فإنه أسند قراءته إلى عثمان وهؤلاء كلهم يقولون: قرأنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسانيد هذه القراءات متصلة ورجالها ثقات. قاله الخطابي.




تفسير القرطبي (1/ 60)
وذكر أبو بكر الأنباري في كتاب الرد: أن الله تعالى أنزل القرآن جملة إلى سماء الدنيا، ثم فرق على النبي صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة، وكانت السورة تنزل في أمر يحدث، والآية جوابا لمستخبر يسأل، ويوقف جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم على موضع السورة والآية، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف، فكله عن محمد خاتم النبيين عليه السلام، عن رب العالمين، فمن أخر سورة مقدمة أو قدم أخرى مؤخرة فهو كمن أفسد نظم الآيات، وغير الحروف والكلمات، ولا حجة على أهل الحق في تقديم البقرة على الأنعام، والأنعام نزلت قبل البقرة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ عنه هذا الترتيب، وهو كان يقول:" ضعوا هذه السورة موضع كذا وكذا من القرآن". وكان جبريل عليه السلام يقف على مكان الآيات.




تفسير القرطبي (1/ 80)
باب ما جاء من الحجة في الرد على من طعن في القرآن وخالف مصحف عثمان بالزيادة والنقصان
لا خلاف بين الأمة ولأبين الأئمة أهل السنة، أن القرآن اسم لكلام الله تعالى الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم معجزة له على نحو ما تقدم وأنه محفوظ في الصدور، مقروء بالألسنة، مكتوب في المصاحف، معلومة على الاضطرار سوره وآياته، مبرأة من الزيادة عليه أو نقصانا منه، فقد أبطل الإجماع، وبهت الناس، ورد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن المنزل عليه ورد قوله تعالى:" قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا «1» " وأبطل آية رسوله عليه السلام، لأنه إذ ذاك يصير مقدورا عليه 7 حين شيب الباطل، ولما قدر عليه لم يكن حجة ولا آية، وخرج عن أن كون معجزا. فالقائل: بأن القرآن فيه زيادة ونقصان راد لكتاب الله ولما جاء به الرسول، وكان كمن قال: الصلوات المفروضات خمسون صلاة، وتزويج تسع من النساء حلال، وفرض الله أياما مع ظهر رمضان، إلى غير ذلك مما لم يثبت في الدين، فإذا رد هذا بالإجماع، كان الإجماع على القرآن أثبت وآكد وألزم وأوجب.


تفسير القرطبي (1/ 81)
قال الإمام أبو بكر محمد بن إلقام بن بشار بن محمد الأنباري: ولم يزل أهل الفضل والعقل يعرفون من شرف القرآن وعلو منزلته، ما يوجبه الحق والإنصاف والديانة، وينفون عنه قول المبطلين، وتمويه الملحدين وتحريف الزائغين، حتى نبع في زماننا هذا زائغ زاغ عن الملة وهجم على الأئمة بما يحاول به إبطال الشريعة التي لا يزال الله يؤيدها، ويثبت أسها، وينمي فروعها، ويحرسها من معايب أولي الجنف والجور، ومكايد أهل العداوة والكفر. فزعم أن المصحف الذي جمعة عثمان رضى اله عنه باتفاق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على تصويبه فيما فعل لا يشتمل على جمع القرآن، إذ كان قد سقط منه خمسمائة حرف، قد قرأت ببعضها وسأقرأ ببقيتها، فمنها:" والعصر ونوائب الدهر" فقد سقط من القرآن على جماعة المسلمين" ونوائب الدهر". ومنها:" حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها".

فادعى هذا الإنسان أنه سقط على أهل الإسلام من القرآن:" وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها"، وذكر مما يدعي حروفا كثيرة. وادعى أن عثمان والصحابة رضي الله عنهم زادوا في القرآن ما ليس فيه، فقرأ في صلاة الفرض والناس يسمعون:" الله الواحد الصمد" فأسقط من القرآن" قل هو" وغير لفظ " أحد" وادعى أن هذا هو الصواب عليه الناس هو الباطل والمحال، وقرأ في صلاة الفرض" قل للذين كفروا لا أعبد ما تعبدون" وطعن في قراءة المسلمين.

وادعى أن المصحف الذي في أيدينا اشتمل على تصحيف حروف مفسدة مغيرة، منها:" إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم «1» " فادعى أن الحكمة والعزة لا يشاكلان المغفرة، وأن الصواب:" وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم". وترامى به الغي في هذا وأشكاله حتى ادعى أن المسلمين يصحفون:" وكان عند الله وجيها" والصواب الذي لم يغير عنده:" وكان عبدا لله وجيها"،

وحتى قرأ في صلاة مفترضة على ما أخبرنا جماعة سمعوه وشهدوه:" لا تحرك به لسانك إن علينا جمعه وقراءته فإذا قرأناه فاتبع قراءته ثم إن علينا نبأ به".

وحكى لنا آخرون عن آخرين أنهم سمعوه يقرأ:" ولقد نصركم الله ببدر بسيف علي وأنتم أذلة". وروى هؤلاء أيضا لنا عنه قال:" هذا صراط علي مستقيم".

وأخبرونا أنه أدخل في آية من القرآن ما لا يضاهي فصاحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يدخل في لسان قومه الذين قال الله عز وجل فيهم:" وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه" فقرأ:" أليس قلت للناس" في موضع:" أأنت قلت للناس" وهذا لا يعرف في نحو المعربين، ولا يحمل على مذاهب النحويين، لأن العرب لم تقل: ليس قمت، فأما: لست قمت، بالتاء فشاذ قبيح خبيث ردئ، لأن ليس لا تجحد الفعل الماضي، ولم يوجد مثل هذا إلا في قولهم: أليس قد خلق الله مثلهم، وهو لغة شاذة لا يحمل كتاب الله عليها.

وادعى أن عثمان رضى اله عنه لما أسند جمع القرآن إلى زيد بن ثابت لم يصب، لأن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب كانا أولى بذلك من زيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" أقرأ أمتي أبي بن كعب" ولقوله عليه السلام:" من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد".

وقال هذا القائل: لي أن أخالف مصحف عثمان كما خالفه أبو عمرو بن العلاء، فقرأ:" إن هذين «2» "،" فأصدق وأكون"، وبشر عبادي الذين" بفتح الياء،" فما أتاني الله" بفتح الياء. والذي في المصحف:" إن هذان «3» " بالألف، " فأصدق وأكن" بغير واو،" فبشر عباد"،" فما آتان الله" بغير ياءين في الموضعين .. كما خالف ابن كثير ونافع وحمزة والكسائي مصحف عثمان فقرءوا:" كذلك حقا علينا ننج المؤمنين" بإثبات نونين، يفتح الثانية بعضهم ويسكنها بعضهم، وفي المصحف نون واحدة «1»، وكما خالف حمزة المصحف فقرأ:" أتمدون بمال" بنون واحدة ووقف على الياء، وفي المصحف نونان ولا ياء بعدهما، وكما خالف حمزة أيضا المصحف فقرأ:" ألا إن ثمودا كفروا ربهم" بغير تنوين، وإثبات الألف يوجب التنوين، وكل هذا الذي شنع به على القراء ما يلزمهم به خلاف للمصحف.

قلت: قد أشرنا إلى العد فيما تقدم مما اختلف فيه المصاحف، وسيأتي بيان هذه المواضع في مواضعها من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

قال أبو بكر: وذكر هذا الإنسان أن أبي بن كعب هو الذي قرأ" كأن لم تغن بالأمس وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها" وذلك باطل، لأن عبد الله بن كثير قرأ على مجاهد، ومجاهد قرأ على ابن عباس، وابن عباس قرأ القرآن على أبي بن كعب" حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات"، في رواية وقرأ أبي القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد متصل بالرسول عليه السلام نقله أهل العدالة والصيانة، وإذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر لم يؤخذ بحديث يخالفه.

وقال يحيى بن المبارك اليزيدي: قرأت القرآن على أبي عمرو بن العلاء، وقرأ أبي عمرو على مجاهد، وقرأ مجاهد على ابن عباس، وقرأ ابن عباس على أبي بن كعب، وقرأ أبي على النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيها" وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها" فمن جحد أن هذه الزيادة أنزلها الله تعالى على نبيه عليه السلام فليس بكافر ولا آثم.

حدثني أبي نبأنا نصر بن الصاغاني نبأنا أبو عبيد قال: ما يروى من الحروف التي تخالف المصحف الذي عليه الإجماع من الحروف التي يعرف أسانيدها الخاصة دون العامة فيما نقلوا عن أبي:" وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها"، وعن ابن عباس " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج". ومما يحكون عن عمر بن الخطاب أنه قرأ:" غير المغضوب عليهم وغير الضالين" مع نظائر لهذه الحروف كثيرة لم ينقلها أهل العلم على أن الصلاة بها تحل، ولا على أنها معارض بها مصحف عثمان، لأنها حروف لو جحدها جاحد أنها من القرآن لم يكن كافرا، والقرآن الذي جمعه عثمان بموافقة الصحابة له لو أنكر بعضه منكر كان كافرا، حكمه حكم المرتد يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه.

وقال أبو عبيد: لم يزل صنيع عثمان رضي الله عنه في جمعه القرآن يعتد له بأنه من مناقبه العظام، وقد طعن عليه فيه بعض أهل الزيغ فانكشف عواره، ووضحت فضائحه. قال أبو عبيد: وقد حدثت عن يزيد بن زريع عن عمران بن جرير عن أبي مجلز قال: طعن قوم على عثمان رحمه الله بحمقهم جمع القرآن، ثم قرءوا بما نسخ. قال أبو عبيد: يذهب أبو مجلز إلى أن عثمان أسقط الذي أسقط بعلم كما أثبت الذي أثبت بعلك.

قال أبو بكر: وفي قوله تعالى" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" دلالة على كفر هذا الإنسان، لأن الله عز وجل قد حفظ القرآن من التغيير والتبديل، والزيادة والنقصان، فإذا قرأ قارئ:" تبت يدا أبي لهب وقد تب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب ومريته حمالة الحطب في جيدها حبل من ليف" فقد كذب على الله جل وعلا وقوله ما لم يقل، وبدل كتابه وحرفه، وحاول ما قد حفظه منه ومنع من اختلاطه به، وفي هذا الذي أتاه توطئة الطريق لأهل الإلحاد، ليدخلوا في القرآن ما يحلون به عر الإسلام، وينسبونه إلى قوم كهؤلاء القوم الذين أحالوا هذا بالأباطيل عليهم. وفيه إبطال الإجماع الذي به يحرس الإسلام، وبثباته تقام الصلوات، وتؤدى الزكوات وتتحرى المتعبدات.

وفي قول الله تعالى:" الر كتاب أحكمت آياته" دلالة على بدعة هذا الإنسان وخروجه إلى الكفر، لأن معنى" أحكمت آياته": منع الخلق من القدرة على أن يزيدوا فيها، أو ينقصوا منها أو يعارضوها بمثلها،

وقد وجدنا هذا الإنسان زاد فيها: وكفى الله المؤمنين القتال بعلي وكان الله قويا عزيزا. فقال في القرآن هجرا، وذكر عليا في مكان لو سمعه يذكره فيه لأمضى عليه الحد، وحكم عليه بالقتل.

وأسقط من كلام الله " قل هو" وغير" أحد" فقرأ: الله الواحد الصمد. وإسقاط ما أسقطه نفي له وكفر، ومن كفر بحرف من القرآن فقد كفر به كله وأبطل معنى الآية، لأن أهل التفسير قالوا: نزلت الآية جوابا لأهل الشرك لما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: صف لنا ربك، أمن ذهب أم من نحاس أم من صفر؟ فقال الله جل وعز ردا عليهم:" قل هو الله أحد" ففي" هو" دلالة على موضع الرد ومكان الجواب، فإذا سقط بطل معنى الآية، ووضح الافتراء على الله عز وجل، والتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويقال لهذا الإنسان ومن ينتحل نصرته: أخبرونا عن القرآن الذي نقرؤه ولا نعرف نحن ولا من كان قبلنا من أسلافنا سواه، هل هو مشتمل على جميع القرآن من أوله إلى آخره، صحيح الألفاظ والمعاني عار عن الفساد والخلل؟ أم هو واقع على بعض القرآن والبعض الآخر غائب عنا كما غاب عن أسلافنا والمتقدمين من أهل ملتنا؟ فإن أجابوا بأن القرآن الذي معنا مشتمل على جميع القرآن لا يسقط منه شي، صحيح اللفظ والمعاني، سليمها من كل زلل وخلل، فقد قضوا على أنفسهم بالكفر حين زادوا فيه" فليس له اليوم هاهنا حميم وليس له شراب إلا من غسلين من عين تجري من تحت الجحيم" فأي زيادة في القرآن أوضح من هذه، وكيف تخلط بالقرآن وقد حرسه الله منها ومنع كل مفتر ومبطل من أن يلحق به مثلها، وإذا تؤملت وبحث عن معناها وجدت فاسدة غير صحيحة، لا تشاكل كلام الباري تعالى ولا تخلط به، ولا توافق معناه، وذلك أن بعدها" لا يأكله إلا الخاطؤن" فكيف يؤكل الشراب، والذي أتى به قبلها: فليس له اليوم هاهنا حميم وليس له شراب إلا من غسلين من عين تجري من تحت الجحيم لا يأكله إلا الخاطؤن. فهذا متناقض يفسد بعضه بعضا، لأن الشراب لا يؤكل، ولا تقول العرب: أكلت الماء، لكنهم يقولون: شربته وذقته وطعمته، ومعناه فيما أنزل الله تبارك وتعالى على الصحة في القرآن الذي من خالف حرفا منه كفر." ولا طعام إلا من غسلين" لا يأكل الغسلين إلا الخاطئون أو لا يأكل الطعام إلا الخاطئون. والغسلين: ما يخرج من أجوافهم من شحم وما يتعلق به من الصديد وغيره، فهذا طعام يؤكل عند البلية والنقمة، والشراب محال أن يؤكل.

فإن ادعى هذا الإنسان أن الباطل الذي زاده من قوله" من عين تجري من تحت الجحيم" ليس بعدها" لا يأكله إلا الخاطؤن" ونفى هذه الآية من القرآن لتصح له زيادته، فقد كفر لما جحد آية من القرآن. وحسبك بهذا لقوله ردا لقوله، وخزيا لمقاله.

وما يؤثر عن الصحابة والتابعين أنهم قرءوا بكذا وكذا إنما ذلك على جهة البيان والتفسير، لا أن ذلك قرآن يتلى، وكذلك ما نسخ لفظه وحكمه أو لفظه دون حكمه ليس بقرآن، على ما يأتي بيانه عند قوله تعالى:" ما ننسخ من آية «1» إن شاء الله تعالى.

تفسير القرطبي (1/ 86)
__________
(1). راجع ج 2 ص 61.






تفسير القرطبي (1/ 109)
وذكر ابن الأنباري في كتاب الرد له: حدثني أبي حدثني أبو عبيد الله الوراق حدثنا أبو داود حدثنا شيبان عن منصور عن مجاهد قال: إن إبليس لعنه الله رن أربع رنات: حين لعن، وحين أهبط من الجنة، وحين بعث محمد صلى الله عليه وسلم، وحين أنزلت فاتحة الكتاب، وأنزلت بالمدينة.



تفسير القرطبي (3/ 375)
[سورة البقرة (2): آية 281]
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (281)
قيل: إن هذه الآية نزلت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بتسع ليال ثم لم ينزل بعدها شي، قاله ابن جريج. وقال ابن جبير ومقاتل: بسبع ليال. وروي بثلاث ليال. وروي أنها نزلت قبل موته بثلاث ساعات، وأنه عليه السلام قال:" اجعلوها بين آية الربا وآية الدين". وحكى مكي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" جاءني جبريل فقال اجعلها على رأس مائتين وثمانين آية". قلت: وحكي عن أبي بن كعب وابن عباس وقتادة أن آخر ما نزل:" لقد جاءكم رسول من أنفسكم" إلى آخر الآية «3». والقول الأول أعرف وأكثر وأصح وأشهر. ورواه أبو صالح عن ابن عباس قال: آخر ما نزل من القرآن (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم:" يا محمد ضعها على رأس ثمانين ومائتين من البقرة". ذكره أبو بكر الأنباري في" كتاب الرد" له، وهو قول ابن عمر رضي الله عنه أنها آخر ما نزل، وأنه عليه السلام عاش بعدها أحدا وعشرين يوما، على ما يأتي بيانه في آخر سورة" إذا جاء نصر الله والفتح «4» " إن شاء تعالى.



تفسير القرطبي (9/ 320)
في كتاب الرد" أني أنا ابنه" وكذا ذكره الغزنوي: ألم يعلم، والمعنى على هذا: أفلم يعلم الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا من غير أن يشاهدوا الآيات. وقيل: هو من اليأس المعروف، أي أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الكفار، لعلمهم أن الله تعالى لو أراد هدايتهم لهداهم، لأن المؤمنين تمنوا نزول الآيات طمعا في إيمان الكفار. وقرأ علي وابن عباس:" أفلم يتبين الذين آمنوا" من البيان. قال القشيري: وقيل لابن عباس المكتوب" أفلم ييأس" قال: أظن الكاتب كتبها وهو ناعس، أي زاد بعض الحروف حتى صار" ييأس". قال أبو بكر الأنباري: روي عن عكرمة عن ابن أبي نجيح أنه قرأ-" أفلم يتبين الذين آمنوا" وبها احتج من زعم أنه الصواب في التلاوة، وهو باطل عن بن عباس، لأن مجاهدا وسعيد بن جبير حكيا الحرف عن ابن عباس، على ما هو في المصحف بقراءة أبي عمرو وروايته عن مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عباس، ثم إن معناه: أفلم يتبين، فإن كان مراد الله تحت اللفظة التي خالفوا بها الإجماع فقراءتنا تقع عليها، وتأتي بتأويلها، وإن أراد الله المعنى الآخر الذي اليأس فيه ليس من طريق العلم فقد سقط مما أوردوا، وأما سقوطه يبطل القرآن، ولزوم أصحابه البهتان.




تفسير القرطبي (11/ 182)
قوله تعالى: (إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى) 20: 15 آية مشكلة، فروي عن سعيد بن جبير أنه قرأ" أكاد أخفيها 20: 15" بفتح الهمزة، قال: أظهرها." لتجزى " أي الإظهار للجزاء، رواه أبو عبيد عن الكسائي عن محمد بن سهل عن وقاء بن إياس عن سعيد ابن جبير. وقال النحاس: وليس لهذه الرواية طريق غير هذا. قلت: وكذا رواه أبو بكر الأنباري في كتاب الرد، حدثني أبي حدثنا محمد بن الجهم حدثنا الفراء حدثنا الكسائي، ح- وحدثنا عبد الله بن ناجية، حدثنا يوسف حدثنا يحيى الحماني حدثنا محمد بن سهل. قال النحاس، وأجود من هذا الإسناد ما رواه يحيى القطان عن الثوري عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير أنه قرأ:" أكاد أخفيها 20: 15" بضم الهمزة. قلت: وأما قراءة ابن جبير" أخفيها" بفتح الهمزة بالإسناد المذكور فقال أبو بكر الأنباري قال الفراء: معناه أظهرها من خفيت الشيء أخفيه إذ أظهرته. وأنشد الفراء لامرئ القيس:
فإن تدفنوا الداء لا نخفه ... وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
أراد لا نظهره، وقد قال بعض اللغويين: يجوز أن يكون" أخفيها 20: 15" بضم الهمزة معناه أظهرها لأنه يقال: خفيت الشيء وأخفيته إذا أظهرته، فأخفيته من حروف الأضداد يقع على الستر والإظهار. وقال أبو عبيدة: خفيت وأخفيت بمعنى واحد، النحاس: وهذا حسن، وقد حكاه عن أبي الخطاب «1» وهو رئيس من رؤساء اللغة لا يشك في صدقه، وقد روى عنه سيبويه
وأنشد:
وإن تكتموا الداء لا نخفه ... وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
كذا رواه أبو عبيدة عن أبي الخطاب بضم النون. وقال امرؤ القيس أيضا:
خفاهن من أنفاقهن كأنما ... خفاهن ودق من عشي مجلب «2»
أي أظهرهن. وروى:" من سحاب مركب" بدل" من عشي مجلب". وقال أبو بكر الأنباري: وتفسير للآية آخر:" إن الساعة آتية أكاد 20: 15" انقطع الكلام على" أكاد 20: 15" وبعده مضمر أكاد آتي بها، والابتداء" أخفيها لتجزى كل نفس 20: 15" قال ضابئ البرجمي: «3»
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله
أراد وكدت أفعل، فأضمر مع كدت فعلا كالفعل المضمر معه في القرآن. قلت: هذا الذي اختاره النحاس، وزيف القول الذي قبله فقال يقال: خفى الشيء يخفيه إذا أظهره، وقد حكي أنه يقال: أخفاه أيضا إذا أظهره، وليس بالمعروف، قال: وقد رأيت علي بن سليمان لما أشكل عليه معنى" أخفيها 20: 15" عدل إلى هذا القول، وقال: معناه كمعنى" أخفيها 20: 15". قال النحاس: ليس المعنى على أظهر ولا سيما و" أخفيها 20: 15" قراءة شاذة، فكيف ترد القراءة الصحيحة الشائعة إلى الشاذة، ومعنى المضمر أولى، ويكون التقدير: إن الساعة آتية أكاد آتي بها، ودل:" آتية" على آتي بها، ثم قال:" أخفيها 20: 15" على الابتداء. وهذا معنى صحيح، لأن الله عز وجل قد أخفى الساعة التي هي القيامة، والساعة التي يموت فيها الإنسان ليكون الإنسان يعمل، والأمر عنده مبهم فلا يؤخر التوبة.
.....





تفسير القرطبي (11/ 216)
قوله تعالى: (إن هذان لساحران) 20: 63 قرأ أبو عمرو" إن هذين لساحران". ورويت عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة، وكذلك قرأ الحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وغيرهم من التابعين، ومن القراء عيسى بن عمر وعاصم الجحدري، فيما ذكر النحاس. وهذه القراءة موافقة للإعراب مخالفة للمصحف. وقرأ الزهري والخليل بن أحمد والمفضل وأبان وابن محيصن وابن كثير وعاصم: في رواية حفص عنه" إن هذان 20: 63" بتخفيف" إن"" لساحران" وابن كثير يشدد نون" هذان". وهذه القراءة سلمت من مخالفة المصحف ومن فساد الإعراب، ويكون معناها ما هذان إلا ساحران. وقرأ المدنيون والكوفيون:" إن هذان" بتشديد" إن"" لساحران 20: 63" فوافقوا المصحف وخالفوا الإعراب. قال النحاس: فهذه ثلاث قراءات قد رواها الجماعة عن الأئمة، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ" إن هذان إلا ساحران" وقال الكسائي في قراءة عبد الله:" إن هذان ساحران" بغير لام، وقال الفراء في حرف أبي" إن ذان إلا ساحران" فهذه ثلاث قراءات أخرى تحمل على التفسير لا أنها جائز أن يقرأ بها لمخالفتها المصحف. قلت: وللعلماء في قراءة أهل المدينة والكوفة ستة أقوال ذكرها ابن الأنباري في آخر كتاب الرد له، والنحاس في إعرابه، والمهدوي في تفسيره، وغيرهم أدخل كلام بعضهم في بعض. وقد خطأها قوم حتى قال أبو عمرو: إني لأستحي من الله [تعالى «1»] أن أقرأ" إن هذان 20: 63". وروى عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن قوله تعالى" لكن الراسخون في العلم" «2» ثم قال:" والمقيمين" «3» وفي" المائدة"" إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون" «4» [المائدة: 69] و" إن هذان لساحران 20: 63" فقالت: يا ابن أختي! هذا خطأ من الكاتب. وقال عثمان ابن عفان رضي الله عنه: في المصحف لحن وستقيمه العرب بألسنتهم. وقال أبان بن عثمان: قرأت هذه الآية عند أبي عثمان بن عفان، فقال: لحن وخطأ، فقال له قائل: ألا تغيروه؟ فقال: دعوه فإنه لا يحرم حلالا ولا يحلل حرما. القول الأول من الأقوال الستة: أنها لغة بنى الحرث بن كعب وزبيد وخثعم. وكنانة بن زيد يجعلون رفع الاثنين ونصبه وخفضه بالألف،.........





تفسير القرطبي (12/ 79)
قال ابن عطية: وجاء عن ابن عباس أنه كان يقرأ:" وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث" ذكره مسلمة بن القاسم بن عبد الله، ورواه سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس. قال مسلمة: فوجدنا المحدثين «2» معتصمين بالنبوة- على قراءة ابن عباس- لأنهم تكلموا بأمور عالية من أنباء الغيب خطرات، ونطقوا بالحكمة الباطنة فأصابوا فيما تكلموا وعصموا فيما نطقوا، كعمر بن الخطاب في قصة سارية «3»، وما تكلم به من البراهين العالية.
قلت: وقد ذكر هذا الخبر أبو بكر الأنباري في كتاب الرد له، وقد حدثني أبي رحمه الله حدثنا علي بن حرب حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ" وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث" قال أبو بكر: فهذا حديث لا يؤخذ به على أن ذلك قرآن. والمحدث هو الذي يوحى إليه في نومه، لأن رؤيا الأنبياء وحي.




تفسير القرطبي (14/ 252)
قال أبو بكر الأنباري في (كتاب الرد): زعم من طعن في القرآن أن المسلمين صحفوا" وكان عند الله وجيها" وأن الصواب عنده" وكان عبدا لله وجيها" وذلك يدل على ضعف مقصده ونقصان فهمه وقلة علمه، وذلك أن الآية لو حملت على قوله وقرئت:" وكان عبدا" نقص الثناء على موسى عليه السلام، وذلك أن" وجيها" يكون عند أهل الدنيا وعند أهل زمانه وعند أهل الآخرة، فلا يوقف على مكان المدح، لأنه إن كان وجيها عند بني الدنيا كان ذلك إنعاما من الله عليه لا يبين عليه معه ثناء من الله. فلما أوضح الله تعالى موضع المدح بقوله:" وكان عند الله وجيها" استحق الشرف وأعظم الرفعة بأن الوجاهة عند الله، فمن غير اللفظة صرف عن نبي الله أفخر الثناء وأعظم المدح.





تفسير القرطبي (15/ 339)
وقد روى هذا الخبر أبو بكر الأنباري في كتاب الرد له عن محمد بن كعب القرظي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ" حم. فصلت" حتى انتهى إلى السجدة فسجد وعتبة مصغ يستمع، قد اعتمد على يديه من وراء ظهره. فلما قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة قال له:" يا أبا الوليد قد سمعت الذي قرأت عليك فأنت وذاك" فانصرف عتبة إلى قريش في ناديها فقالوا: والله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي مضى به من عندكم. ثم قالوا: ما وراءك أبا الوليد؟ قال: والله لقد سمعت كلاما من محمد ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالكهانة، فأطيعوني في هذه وأنزلوها بي، خلوا محمدا وشأنه واعتزلوه، فوالله ليكونن لما سمعت من كلامه نبأ، فإن أصابته العرب كفيتموه بأيدي غيركم، وإن كان ملكا أو نبيا كنتم أسعد الناس به، لأن ملكه ملككم وشرفه شرفكم. فقالوا: هيهات سحرك محمد يا أبا الوليد. وقال: هذا رأيي لكم فاصنعوا ما شئتم.



تفسير القرطبي (20/ 180)
وكان علي يقرؤها والعصر ونوائب الدهر، إن الإنسان لفي خسر. وإنه فيه إلى آخر الدهر. وقال إبراهيم: إن الإنسان إذا عمر في الدنيا وهرم، لفي نقص وضعف وتراجع، إلا المؤمنين، فإنهم تكتب لهم أجورهم التي كانوا يعملونها في حال شبابهم، نظيره قوله تعالى: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم. ثم رددناه أسفل سافلين. [التين: 5 - 4]. قال: وقراءتنا والعصر إن الإنسان لفي خسر، وإنه في آخر الدهر. والصحيح ما عليه الأمة والمصاحف. وقد مضى الرد في مقدمة الكتاب على من خالف مصحف عثمان، وأن ذلك ليس بقرآن يتلى، فتأمله هناك «2».





تفسير القرطبي (20/ 224)
وفي كتاب (الرد لأبي بكر الأنباري): أخبرنا عبد الله بن ناجية قال: حدثنا يوسف قال حدثنا القعنبي وأبو نعيم عن موسى ابن وردان عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [(قل يا أيها الكافرون) تعدل ربع القرآن [. ورواه موقوفا عن أنس.




تفسير القرطبي (1/ 114)
وأجمعت الأمة أيضا على أنها من القرآن. فإن قيل: لو كانت قرآنا لأثبتها عبد الله بن مسعود في مصحفه، فلما لم يثبتها دل على أنها ليست من القرآن، كالمعوذتين عنده. فالجواب ما ذكره أبو بكر الأنباري قال: حدثنا الحسن بن الحباب حدثنا سليمان بن الأشعث حدثنا ابن أبي قدامة حدثنا جرير عن الأعمش قال: أظنه عن إبراهيم قال: قيل لعبد الله بن مسعود: لم لم تكتب فاتحة الكتاب في مصحفك؟ قال: لو كتبتها لكتبتها مع كل سورة. قال أبو بكر: يعني أن كل ركعة سبيلها أن تفتتح بأم القرآن قبل السورة المتلوة بعدها، فقال: اختصرت بإسقاطها، ووثقت بحفظ المسلمين لها، ولم أثبتها في موضع فيلزمني أن أكتبها مع كل سورة، إذ كانت تتقدمها في الصلاة.




تفسير القرطبي (17/ 208)
وقرأ علي بن أبي طالب رضي عنه الله: (وطلع منضود) بالعين وتلا هذه الآية (ونخل طلعها هضيم) «5» وهو خلاف المصحف. في رواية أنه قرئ بين يديه (وطلح منضود) فقال: ما شأن الطلح؟ إنما هو (وطلح منضود) ثم قال: (لها طلع نضيد) فقيل له: أفلا نحولها؟ فقال: لا ينبغي أن يهاج القرآن ولا يحول. فقد اختار هذه القراءة ولم ير إثباتها في المصحف لمخالفة ما رسمه مجمع عليه. قاله القشيري. وأسنده أبو بكر الأنباري قال: حدثني أبي قال حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عيسى بن يونس عن مجالد عن الحسن بن سعد عن قيس بن عباد قال: قرأت عند علي أو قرئت عند علي- شك مجالد- (وطلح منضود) فقال علي رضي الله عنه: ما بال الطلح؟ أما تقرأ (وطلح) ثم قال: (لها طلع نضيد) فقال له: يا أمير المؤمنين أنحكها من المصحف؟ فقال: [لا «1» [لا يهاج القرآن اليوم. قال أبو بكر: ومعنى هذا أنه رجع إلى ما في المصحف وعلم أنه هو الصواب، وأبطل الذي كان فرط من قوله.







تفسير القرطبي (20/ 139)
قال أبو بكر الأنباري: وحدثنا أحمد بن الهيثم بن خالد، قال حدثنا علي بن الجعد، قال حدثنا عكرمة عن عاصم عن زر بن حبيش قال: في قراءة أبي بن كعب: ابن آدم لو أعطي واديا من مال لالتمس ثانيا ولو أعطي واديين من مال لالتمس ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب. قال عكرمة: قرأ علي عاصم (لم يكن) ثلاثين آية، هذا فيها. قال أبو بكر: هذا باطل عند أهل العلم، لأن قراءتي ابن كثير وأبي عمرو متصلتان بأبي بن كعب، لا يقرأ فيهما هذا المذكور في (لم يكن) مما هو معروف في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أنه من كلام الرسول عليه السلام، لا يحكيه عن رب العالمين في القرآن. وما رواه اثنان معهما الإجماع: أثبت مما يحكيه واحد مخالف مذهب الجماعة.






تفسير القرطبي (20/ 81)
وروي ابن مسعود أنه كان يقرأ والنهار إذا تجلى. والذكر والأنثى ويسقط وما خلق. وفي صحيح مسلم عن علقمة قال: قدمنا الشام، فأتانا أبو الدرداء، فقال: فيكم أحد يقرأ علي قراءة عبد الله؟ فقلت: نعم، أنا. قال: فكيف سمعت عبد الله يقرأ هذه الآية والليل إذا يغشى؟ قال: سمعته يقرأ والليل إذا يغشى. والذكر والأنثى قال: وأنا والله هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها، ولكن هؤلاء يريدون أن أقرأ وما خلق فلا أتابعهم «1». قال أبو بكر الأنباري: وحدثنا محمد بن يحيى المروزي قال حدثنا محمد قال حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أنا الرازق ذو القوة المتين، قال أبو بكر: كل من هذين الحديثين مردود، بخلاف الإجماع له، وأن حمزة وعاصما يرويان عن عبد الله بن مسعود ما عليه جماعة المسلمين، والبناء على سندين يوافقان الإجماع أولى من الأخذ بواحد يخالفه الإجماع والأمة، وما يبنى على رواية واحد إذا حاذاه رواية جماعة تخالفه، أخذ برواية الجماعة، وأبطل نقل الواحد، لما يجوز عليه من النسيان والإغفال. ولو صح الحديث عن أبي الدرداء وكان إسناده مقبولا معروفا، ثم كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة رضي الله عنهم يخالفونه، لكان الحكم العمل بما روته الجماعة، ورفض ما يحكيه الواحد المنفرد، الذي يسرع إليه من النسيان ما لا يسرع إلى الجماعة، وجميع أهل الملة.






تفسير القرطبي (18/ 102)
ويحتمل ظاهره رابعا: وهو الجري والاشتداد قال ابن العربي: وهو الذي أنكره الصحابة الأعلمون والفقهاء الأقدمون. وقرأها عمر:" فامضوا إلى ذكر الله" فرارا عن طريق الجري والاشتداد الذي يدل على الظاهر. وقرأ ابن مسعود كذلك وقال: لو قرأت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي. وقرأ ابن شهاب:" فامضوا إلى ذكر الله سالكا تلك السبيل". وهو كله تفسير منهم، لا قراءة قرآن منزل. وجائز قراءة القرآن بالتفسير في معرض التفسير. قال أبو بكر الأنباري: وقد احتج من خالف المصحف بقراءة عمر وابن مسعود، وأن خرشة بن الحر قال: رآني عمر رضي الله عنه ومعي قطعة فيها فاسعوا إلى ذكر الله فقال لي عمر: من أقرأك هذا؟ قلت أبي. فقال: إن أبيا أقرؤنا للمنسوخ. ثم قرأ عمر" فامضوا إلى ذكر الله". حدثنا إدريس قال حدثنا خلف قال حدثنا هشيم عن المغيرة عن إبراهيم عن خرشة، فذكره. وحدثنا محمد بن يحيى أخبرنا محمد وهو ابن سعدان قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: ما سمعت عمر يقرأ قط إلا" فامضوا إلى ذكر الله". وأخبرنا إدريس قال حدثنا خلف قال حدثنا هشيم عن المغيرة عن إبراهيم أن عبد الله بن مسعود قرأ" فامضوا إلى ذكر الله" وقال: لو كانت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي. قال أبو بكر: فاحتج عليه بأن الأمة أجمعت على فاسعوا برواية ذلك عن الله رب العالمين ورسوله صلى الله عليه وسلم. فأما عبد الله بن مسعود فما صح عنه" فامضوا" لأن السند غير متصل، إذ إبراهيم النخعي لم يسمع عن عبد الله بن مسعود شيئا، وإنما ورد" فامضوا" عن عمر رضي الله عنه. فإذا انفرد أحد بما يخالف الآية والجماعة كان ذلك نسيانا منه. والعرب مجمعة على أن السعي يأتي بمعنى المضي، غير أنه لا يخلو من الجد والانكماش. قال زهير:.....







تفسير القرطبي (19/ 41)
وعن الأعمش قال: قرأ أنس بن مالك إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا فقيل له: وأقوم قيلا فقال: أقوم وأصوب وأهيأ: سواء. قال أبو بكر الأنباري: وقد ترامى ببعض هؤلاء الزائغين إلى أن قال: من قرأ بحرف يوافق معنى حرف من القرآن فهو مصيب، إذا لم يخالف معنى ولم يأت بغير ما أراد الله وقصد له، واحتجوا بقول أنس هذا. وهو قول لا يعرج عليه ولا يلتفت إلى قائله، لأنه لو قرأ بألفاظ تخالف ألفاظ القرآن إذا قاربت معانيها واشتملت على عامتها، لجاز أن يقرأ في موضع الحمد لله رب العالمين [الفاتحة: 2]: الشكر للباري ملك المخلوقين، ويتسع الأمر في هذا حتى يبطل لفظ جميع القرآن، ويكون التالي له مفتريا على الله عز وجل، كاذبا على رسوله صلى الله عليه وسلم ولا حجة لهم في قول ابن مسعود: نزل القرآن على سبعة أحرف، إنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال وأقبل، لأن هذا الحديث يوجب أن القراءات المأثورة المنقولة بالأسانيد الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اختلفت ألفاظها، واتفقت معانيها، كان ذلك فيها بمنزلة الخلاف في هلم، وتعال، وأقبل، فأما ما لم يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعوهم رضي الله عنهم، فإنه من أورد حرفا منه في القرآن بهت ومال وخرج من مذهب الصواب. قال أبو بكر: والحديث الذي جعلوه قاعدتهم في هذه الضلالة حديث لا يصح عن أحد من أهل العلم، لأنه مبني على رواية الأعمش عن أنس، فهو مقطوع ليس بمتصل فيؤخذ به، من قبل أن الأعمش رأى أنسا ولم يسمع منه.







تفسير القرطبي (17/ 12)
وقد زعم من طعن على القرآن فقال: أخالف المصحف كما خالف أبو بكر الصديق فقرأ: وجاءت سكرة الحق بالموت. فاحتج عليه بأن أبا بكر رويت عنه روايتان: إحداهما موافقة للمصحف فعليها العمل، والأخرى مرفوضة تجري مجرى النسيان منه إن كان قالها، أو الغلط من بعض من نقل الحديث. قال أبو بكر الأنباري: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا علي بن عبد الله حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن مسروق قال: لما احتضر أبو بكر أرسل إلى عائشة فلما دخلت عليه قالت: هذا كما قال الشاعر:
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر «2»
فقال أبو بكر: هلا قلت كما قال الله: (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) وذكر الحديث.







تفسير القرطبي (20/ 34)
وقال أبو بكر الأنباري: وحدثنا أحمد بن الحسين، قال حدثنا حسين بن عرفة، قال حدثنا عمار بن محمد، قال: صليت خلف منصور بن المعتمر، فقرأ: هل أتاك حديث الغاشية، وقرأ فيها: وزرابي مبثوثة: متكئين فيها ناعمين.



تفسير القرطبي (16/ 152)
والحور: البيض، في قول قتادة والعامة، جمع حوراء. والحوراء: البيضاء التي يرى ساقها من وراء ثيابها، ويرى الناظر وجهه في كعبها، كالمرآة من دقة الجلد وبضاضة البشرة وصفاء اللون. ودليل هذا التأويل أنها في حرف ابن مسعود" بعيس «4» عين". وذكر أبو بكر الأنباري أخبرنا أحمد بن الحسين قال حدثنا حسين قال حدثنا عمار بن محمد قال: صليت خلف منصور بن المعتمر فقرأ في" حم" الدخان" بعيس عين. لا يذوقون طعم الموت إلا الموتة الأولى".

منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عتاب(000 - 132 هـ = 000 - 750 م)






تفسير القرطبي (16/ 149)
و" الأثيم" الفاجر، قاله أبو الدرداء. وكذلك قرأ هو وابن مسعود. وقال همام بن الحارث: كان أبو الدرداء يقرئ رجلا" إن شجرة الزقوم طعام الأثيم" والرجل يقول: طعام اليتيم، فلما لم يفهم قال له:" طعام الفاجر". قال أبو بكر الأنباري: حدثني أبي قال حدثنا نصر قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد عن ابن عجلان عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: علم عبد الله بن مسعود رجلا" إن شجرة الزقوم. طعام الأثيم" فقال الرجل: طعام اليتيم، فأعاد عليه عبد الله الصواب وأعاد الرجل الخطأ، فلما رأى عبد الله أن لسان الرجل لا يستقيم على الصواب قال له: أما تحسن أن تقول طعام الفاجر؟ قال بلى، قال فافعل. ولا حجة في هذا للجهال من أهل الزيغ، أنه يجوز إبدال الحرف من القرآن بغيره، لأن ذلك إنما كان من عبد الله تقريبا للمتعلم، وتوطئة منه له للرجوع إلى الصواب، واستعمال الحق والتكلم بالحرف على إنزال الله وحكاية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الزمخشري:" وبهذا يستدل على أن إبدال كلمة مكان كلمة جائز إذا كانت مؤدية معناها. ومنه أجاز أبو حنيفة القراءة بالفارسية على شريطة، وهي أن يؤدي القارئ المعاني على كمالها من غير أن يخرم منها شيئا. قالوا: وهذه الشريطة تشهد أنها إجازة كلا إجازة، لأن في كلام العرب خصوصا في القرآن الذي هو معجز بفصاحته وغرابة نظمه وأساليبه، من لطائف المعاني والأغراض ما لا يستقل بأدائه لسان من فارسية وغيرها، وما كان أبو حنيفة رحمه الله يحسن الفارسية، فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر. وروى علي بن الجعد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة مثل قول صاحبيه في إنكار القراءة بالفارسية".








تفسير القرطبي (16/ 116)
وذكر أبو بكر الأنباري قال: حدثنا محمد بن يحيى المروزي قال حدثنا محمد- وهو ابن سعدان- قال حدثنا حجاج عن شعبة عن الحكم بن عيينة عن مجاهد قال: كنا لا ندري ما الزخرف حتى وجدناه في قراءة عبد الله" بيت من ذهب"»
، وكنا لا ندري" ونادوا يا مالك" أو يا ملك «2» (بفتح اللام وكسرها) حتى وجدناه في قراءة عبد الله" ونادوا يا مال" على الترخيم. قال أبو بكر: لا يعمل على هذا الحديث لأنه مقطوع لا يقبل مثله في الرواية عن الرسول عليه السلام، وكتاب الله أحق بأن يحتاط له وينفى عنه الباطل. قلت: وفي صحيح البخاري عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر" ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك" بإثبات الكاف.















الدر المنثور في التأويل بالمأثور - السيوطي (10/ 250، بترقيم الشاملة آليا)
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عمار بن محمد قال : صليت خلف منصور بن المعتمر فقرأ { هل أتاك حديث الغاشية } فقرأ فيها { وزرابيّ مبثوثة } متكئين فيها ناعمين .














تفسير القرطبي (1/ 104)
زعم المبرد فيما ذكر ابن الأنباري في كتاب" الزاهر" له: أن" الرحمن" اسم عبراني فجاء معه ب" الرحيم". وأنشد «1»:


تفسير القرطبي (1/ 245)
قلت: قد ذكر أبو بكر الأنباري في كتاب" الزاهر"





افتراء ناصر القفاری


أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية - عرض ونقد - (1/ 203)
وفيما يلي نبدأ بدراسة هذه القضية عند الشيعة، ومتى بدأت، وكيف امتدت، ومن الذي تولى كبر وضعها، وهل تقول الشيعة كلها بذلك أو فيها من أنكر وتبرأ؟ وسنذكر أولاً ما تقوله كتب السنة، ثم نرجع لتحقيق ذلك من كتب الشيعة الاثني عشرية نفسها:
بداية هذا الافتراء - كما تقوله مصادر أهل السنة:
يقول الإمام أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري (1) : "لم يزل أهل الفضل والعقل يعرفون شرف القرآن وعلو منزلته.. حتى نبغ في زماننا هذا زائع عن الملة وهجم على الأمة بما يحاول به إبطال الشريعة.. فزعم أن المصحف الذي جمعه عثمان - رضي الله عنه - باتفاق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على تصويبه فيما فعل لا يشتمل على جميع القرآن، إذا كان قد سقط منه خمسمائة حرف.. (ثم ذكر ابن الأبناري) أن هذا الزنديق أخذ يقرأ آيات من القرآن على غير وجهها زندقة وإلحاداً، فكان يقرأ: (ولقد نصركم الله ببدر بسيف علي وأنتم أذلة) " (2) .
هذا النص قاله ابن الأنباري المولود سنة (271هـ‍) والمتوفى سنة (328هـ‍) وهو يشير إلى أن هذا الافتراء بدأ في زمنه في نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع. ويدل النص المذكور أيضاً على: أن مصدر هذا الافتراء من طائفة الشيعة كما تفيده تلك الزيادة المفتراة (بسيف علي) كما يدل على أنه لم يكن للأمة المسلمة في ماضيها عهد بهذه المفتريات حتى ظهر هذا الزائغ عن الملة، وكأن ابن الأنباري بهذا يشير إلى شخص بعينه إلا أنه لم يذكره باسمه.. ولكن بدت هويته المذهبية من خلال افتراءاته.
بينما نجد المطلي (ت 377هـ‍) يشير إلى أن هذا الشخص صاحب هذه
__________
(1) محمد بن القاسم بن محمد.. أبو بكر بن الأنباري، قال الخطيب البغدادي: "كان صدوقاً فاضلاً ديناً خيراً من أهل السنة، وصنف كتباً كثيرة في علوم القرآن.. والوقف والابتداء والرد على من خالف مصحف العامة.. وكان من أحفظ الناس للغة وتفسير القرآن". (انظر: تاريخ بغداد: 3/181-186)
(2) تفسير القرطبي: 1/28


-------------------------------------------------
الفرية هو هشام بن الحكم (1) . فإنه زعم أن القرآن الذي في أيدي الناس وضع أيام عثمان، وأما القرآن فقد صعد به إلى السماء لردة الصحابة بزعمه (2) .
ولكن هشام بن الحكم توفي سنة (190هـ‍) وهذا يعني أن هذا الافتراء أقدم مما يذكره ابن الأنباري، وإذا لاحظنا أن هذه الفرية مرتبطة أشد الارتباط بمسألة الإمامة والأئمة عند الشيعة، وذلك حينما بدأ شيوخ الشيعة في الاستدلال عليها فلم يجدوا في كتاب الله ما يثبت مزاعمهم في ذلك فأدى بهم هذا إلى القول بهذه الفرية وغيرها.. إذا أدركنا ذلك فإنه لا يبعد أن يكون ما يقوله المطلي في أن هشاماً هو الذي تولى كبر هذا الافتراء.. لا يبعد أن يكون هذا واقعاً لاسيماً أن هشاماً كان من أول من تكلم في الإمامة، حتى قال ابن النديم: "إن هشام بن الحكم ممن فتق الكلام في الإمامة، وله من الكتب كتاب الإمامة" (3) ، وقال ابن المطهر الحلي: "وكان ممن فتق الكلام في الإمامة وهذب المذهب بالنظر" (4) .
ويشفع لتأهيل هشام بن الحكم - أيضاً - لهذه الفرية ما جاء في رجال الكشي- عمدة الشيعة في كتب الرجال - ونصه: "هشان بن الحكم من غلمان أبي شاكر، وأبو شاكر زنديق" (5) . وقال القاضي عبد الجبار (المعتزلي) : "هشام.. ليس من أهل القبلة، وهو معروف بعداوة الأنبياء، وقد أخذ مع أبي شاكر الديصاني (6) . صاحب الديصانية (7) . وكان
__________
(1) هشام بن الحكم: أصله كوفي، وسكن بغداد، وتربى في أحضان بعض الزنادقة، وكان في الأصل على مذهب الجهمية، ثم قال بالتجسيم.. نقلت عنه مقالات ضالة وتنسب له كتب الفرق فرقة "الهشامية" من الشيعة. توفي سنة (179هـ‍) كما في رجال الكشي، وقيل: (190هـ‍) انظر: رجال الكشي: ص 255-280، رجال النجاشي: ص 338، وانظر: ابن حجر/ لسان الميزان: 6/194، وانظر عن الهشامية: الملطي/ التنبيه والرد: ص 24، الأشعري/ مقالات الإسلاميين: 1/106، البغدادي الفرق بين الفرق: ص 65، الشهرستاني/ الملل والنحل: 1/184وغيرها
(2) التنبيه والرد: ص 25
(3) الفهرست: ص175
(4) رجال الحلي: ص 178
(5) رجال الكشي: ص 278
(6) انظر: ابن النديم/ الفهرست: ص 338
(7) الديصانية: إحدى فرق الثنوية القائلين بالأصلين النور والظلمة، وأن العالم صدر عنهما، وتعتبر أصلاً للمانوية، وإنما اختلفت الفرقتان في كيفية اختلاط النور بالظلمة (الملل والنحل: 1/250، الفهرست لابن النديم: ص 338-339)





البداية والنهاية ط إحياء التراث (11/ 220)
ابن شنبوذ المقري محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت أبو الحسن المقري المعروف بابن شنبوذ.
روى عن أبي مسلم الكجي، وبشر بن موسى وخلق، واختار حروفا في القراءات أنكرت عليه، وصنف أبو بكر الأنباري كتابا في الرد عليه، وقد ذكرنا فيما تقدم كيف أنه عقد له مجلس في دار الوزير ابن مقلة، وأنه ضرب حتى رجع عن كثير منها، وكانت قراءات شاذة أنكرها عليه قراء أهل عصره.
توفي في صفر منها، وقد دعا على الوزير ابن مقلة حين أمر بضربه فلم يفلح ابن مقلة بعدها، بل عوقب بأنواع من العقوبات، وقطعت يده ولسانه، وحبس حتى مات في هذه السنة التي مات فيها ابن شنبوذ.




ناصر القفاری از تاریخ بغداد همینجا آدرس میدهد!
أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية - عرض ونقد - (1/ 203)
يقول الإمام أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري (1) :
__________
(1) محمد بن القاسم بن محمد.. أبو بكر بن الأنباري، قال الخطيب البغدادي: "كان صدوقاً فاضلاً ديناً خيراً من أهل السنة، وصنف كتباً كثيرة في علوم القرآن.. والوقف والابتداء والرد على من خالف مصحف العامة.. وكان من أحفظ الناس للغة وتفسير القرآن". (انظر: تاريخ بغداد: 3/181-186)