بسم الله الرحمن الرحيم

وصیة امیرالمؤمنین علیه السلام لکمیل بن زیاد

كميل بن زياد بن نهيك النخعي(12 - 82 هـ = 633 - 701 م)
حدیث مشهور کمیل-قائم لله بحجة






تحف العقول، النص، ص: 171
وصيته ع لكميل بن زياد مختصرة «3»

يا كميل سم كل يوم باسم الله و قل لا حول و لا قوة إلا بالله و توكل على الله و اذكرنا و سم بأسمائنا و صل علينا و أدر بذلك على نفسك «4» و ما تحوطه عنايتك تكف شر ذلك اليوم إن شاء الله يا كميل إن رسول الله ص أدبه الله و هو ع أدبني و أنا أؤدب المؤمنين و أورث الآداب المكرمين يا كميل ما من علم إلا و أنا أفتحه و ما من سر إلا و القائم ع يختمه يا كميل ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم يا كميل لا تأخذ إلا عنا تكن منا يا كميل ما من حركة إلا و أنت محتاج فيها إلى معرفة يا كميل إذا أكلت الطعام فسم باسم الذي لا يضر مع اسمه داء و فيه شفاء من كل الأسواء «5»-
__________________________________________________
 (1). استلانوا: وجدوا و عدوا لينا. استوعر: وجدوا و عدوا و عرا أي صعبا. و المترف:
المتنعم يعنى عدوا لينا ما استخشنه المتنعمون و هو الزهد.
 (2). السرج- بضم السين و الراء المهملة-: جمع سراج.
 (3). تمام الوصية في بشارة المصطفى لمحمد بن على الطبري رحمه الله و اختصره المؤلف (ره).
 (4). ادر: أمر من أدار بالشي‏ء أي جعله يدور. و قوله تحوطه: تحفظه و تعهده عنايتك.
 (5). في بعض النسخ و في بشارة المصطفى [من كل الادواء].

 

                        تحف العقول، النص، ص: 172
يا كميل و آكل الطعام و لا تبخل عليه فإنك لن ترزق الناس شيئا و الله يجزل لك الثواب بذلك أحسن عليه خلقك و ابسط جليسك «1» و لا تتهم خادمك يا كميل إذا أكلت فطول أكلك ليستوفي من معك و يرزق منه غيرك يا كميل إذا استوفيت طعامك فاحمد الله على ما رزقك و ارفع بذلك صوتك يحمده سواك فيعظم بذلك أجرك يا كميل لا توقرن معدتك طعاما «2» و دع فيها للماء موضعا و للريح مجالا و لا ترفع يدك من الطعام إلا و أنت تشتهيه فإن فعلت ذلك فأنت تستمرئه «3» فإن صحة الجسم من قلة الطعام و قلة الماء يا كميل البركة في مال من آتى الزكاة و واسى المؤمنين و وصل الأقربين «4» يا كميل زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين و كن بهم أرأف و عليهم أعطف و تصدق على المساكين يا كميل لا ترد سائلا و لو من شطر حبة عنب أو شق تمرة فإن الصدقة تنمو عند الله يا كميل أحسن حلية المؤمن التواضع و جماله التعفف و شرفه التفقه و عزه ترك القال و القيل «5» يا كميل في كل صنف قوم أرفع من قوم فإياك و مناظرة الخسيس منهم و إن أسمعوك و احتمل و كن من الذين وصفهم الله- و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما «6»-
__________________________________________________
 (1). بسط الرجل-: سره. و في بعض النسخ [و لا تنهرن خادمك‏].
 (2). «لا توقرن» أي لا تثقلن معدتك من الطعام. و في بعض النسخ [توفرن‏].
 (3). استمرأ الطعام: استطيبه و وجده مريئا.
 (4). واسى المؤمنين: عاونهم.
 (5). القال و القيل- مصدران-: ما يقوله الناس. و قيل: القال الابتداء و السؤال و الثاني الجواب.
 (6). سورة الفرقان آية 64.

 

 

                        تحف العقول، النص، ص: 173
يا كميل قل الحق على كل حال و واد المتقين و اهجر الفاسقين و جانب المنافقين و لا تصاحب الخائنين يا كميل لا تطرق أبواب الظالمين «1» للاختلاط بهم و الاكتساب معهم و إياك أن تعظمهم و أن تشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك و إن اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر الله و التوكل عليه و استعذ بالله من شرورهم و أطرق عنهم و أنكر بقلبك فعلهم و اجهر بتعظيم الله تسمعهم فإنك بها تؤيد و تكفى شرهم يا كميل إن أحب ما تمتثله العباد إلى الله بعد الإقرار به و بأوليائه التعفف و التحمل و الاصطبار يا كميل لا تر الناس إقتارك و اصبر عليه احتسابا بعز و تستر يا كميل لا بأس أن تعلم أخاك سرك و من أخوك أخوك الذي لا يخذلك عند الشديدة و لا يقعد عنك عند الجريرة «2» و لا يدعك حتى تسأله و لا يذرك و أمرك حتى تعلمه فإن كان مميلا فأصلحه «3» يا كميل المؤمن مرآة المؤمن لأنه يتأمله فيسد فاقته و يجمل حالته يا كميل المؤمنون إخوة و لا شي‏ء آثر عند كل أخ من أخيه «4» يا كميل إن لم تحب أخاك فلست أخاه إن المؤمن من قال بقولنا فمن تخلف عنه قصر عنا و من قصر عنا لم يلحق بنا و من لم يكن معنا ف في الدرك الأسفل من النار يا كميل كل مصدور ينفث «5» فمن نفث إليك منا بأمر أمرك بستره فإياك‏
__________________________________________________
 (1). لا تطرق أي لا تقرع. و أطرق الرجل: سكت و لم يتكلم و بمعنى أرخى عينيه ينظر إلى الأرض.
 (2). الجريرة: الجناية، لانها تجر العقوبة إلى الجانى. و لا يذرك أي لا يدعك. قيل: و لا فعل منه بهذا المعنى إلا المضارع و الامر.
 (3). المميل- اسم فاعل من أمال- أى أن كان ضالا يدعوك إلى ضلاله فأصلحه.
 (4). أي أقدم و أكرم.
 (5). المصدور: الذي يشتكى من صدره. و ينفث المصدور أي رمى بالنفاثة. و المراد إن من ملأ صدره من محبتنا و أمرنا لا يمكن له أن يقيها و لا يبرزها فإذا أبرزها أمر بسترها. و في بعض النسخ [مصدود].

 

 

                        تحف العقول، النص، ص: 174
أن تبديه و ليس لك من إبدائه توبة و إذا لم يكن توبة فالمصير إلى لظى «1» يا كميل إذاعة سر آل محمد ص لا يقبل منها و لا يحتمل أحد عليها و ما قالوه فلا تعلم إلا مؤمنا موقنا «2» يا كميل قل عند كل شدة لا حول و لا قوة إلا بالله تكفها و قل عند كل نعمة الحمد لله تزدد منها و إذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسع عليك فيها يا كميل انج بولايتنا من أن يشركك الشيطان في مالك و ولدك يا كميل إنه مستقر و مستودع «3» فاحذر أن تكون من المستودعين و إنما يستحق أن يكون مستقرا إذا لزمت الجادة الواضحة التي لا تخرجك إلى عوج «4» و لا تزيلك عن منهج يا كميل لا رخصة في فرض و لا شدة في نافلة يا كميل إن ذنوبك أكثر من حسناتك و غفلتك أكثر من ذكرك و نعم الله عليك أكثر من عملك يا كميل إنك لا تخلو من نعم الله عندك و عافيته إياك فلا تخل من تحميده و تمجيده و تسبيحه و تقديسه و شكره و ذكره على كل حال يا كميل لا تكونن من الذين قال الله- نسوا الله فأنساهم أنفسهم «5» و نسبهم إلى الفسق فهم فاسقون يا كميل ليس الشأن أن تصلي و تصوم و تتصدق الشأن أن تكون الصلاة بقلب نقي و عمل عند الله مرضي و خشوع سوي و انظر فيما تصلي و على ما تصلي إن لم يكن من وجهه و حله فلا قبول-
__________________________________________________
 (1). اللظى: النار و لهبها.
 (2). في بعض النسخ [تعلمه إلا مؤمنا موفقا]. و في بعضها [فلا يعلمه إلا مؤمنا موقفا]. و كذا في بشارة المصطفى.
 (3). يعني به الايمان فانه مستقر و مستودع.
 (4). العوج- بكسر العين- للمعاني و- بفتحها- للأشياء.
 (5). سورة الحشر آية 19.

 

 

                        تحف العقول، النص، ص: 175
يا كميل اللسان ينزح من القلب و القلب «1» يقوم بالغذاء فانظر فيما تغذي قلبك و جسمك فإن لم يكن ذلك حلالا لم يقبل الله تسبيحك و لا شكرك يا كميل افهم و اعلم أنا لا نرخص في ترك أداء الأمانة لأحد من الخلق فمن روى عني في ذلك رخصة فقد أبطل و أثم و جزاؤه النار بما كذب أقسم لسمعت رسول الله ص يقول لي قبل وفاته بساعة مرارا ثلاثا يا أبا الحسن أد [أداء] الأمانة إلى البر و الفاجر فيما جل و قل حتى الخيط و المخيط يا كميل لا غزو إلا مع إمام عادل و لا نفل إلا من إمام فاضل «2» يا كميل لو لم يظهر نبي و كان في الأرض مؤمن تقي لكان في دعائه إلى الله مخطئا أو مصيبا بل و الله مخطئا حتى ينصبه الله لذلك و يؤهله له يا كميل الدين لله فلا يقبل الله من أحد القيام به إلا رسولا أو نبيا أو وصيا يا كميل هي نبوة و رسالة و إمامة و ليس بعد ذلك إلا موالين متبعين أو عامهين مبتدعين- إنما يتقبل الله من المتقين «3» يا كميل إن الله كريم حليم عظيم رحيم دلنا على أخلاقه و أمرنا بالأخذ بها و حمل الناس عليها فقد أديناها غير متخلفين و أرسلناها غير منافقين و صدقناها غير مكذبين و قبلناها غير مرتابين يا كميل لست و الله متملقا حتى أطاع و لا ممنيا «4» حتى لا أعصى و لا مائلا لطعام الأعراب حتى أنحل «5» إمرة المؤمنين و أدعى بها يا كميل إنما حظي من حظي بدنيا زائلة مدبرة و نحظى بآخرة باقية ثابتة يا كميل إن كلا يصير إلى الآخرة و الذي نرغب فيه منها رضا الله و الدرجات العلى من الجنة التي يورثها من كان تقيا-
__________________________________________________
 (1). في المصباح نزحت البئر من باب نفع و نزوحا استقيت ماءها كله. و المراد هاهنا الترشح.
و في بشارة المصطفى [يبوح من القلب‏].
 (2). النفل- محركة- الغنيمة و في بشارة المصطفى [نقل‏].
 (3). أي ما يقوم به النبي و الرسول و الامام. و عمه أي تحير في طريقه. و في بعض النسخ [ضالين مبتدعين‏]. و في بشارة المصطفى [إلا متولين و متغلبين و ضالين و معتدين‏].
 (4). في بشارة المصطفى [ممنا].
 (5). أنحل فلانا شيئا: أعطاه إياه و خصه به. و في بشارة المصطفى [حتى انتحل‏].

 

 

                        تحف العقول، النص، ص: 176
يا كميل من لا يسكن الجنة- فبشره بعذاب أليم و خزي مقيم يا كميل أنا أحمد الله على توفيقه و على كل حال إذا شئت فقم.

 

********************

                        بشارة المصطفى لشيعة المرتضى (ط - القديمة)، النص، ص: 24
 [وصية أمير المؤمنين «ع» لكميل بن زياد (رض).]
أخبرنا الشيخ أبو البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم البصري بقراءتي عليه في المحرم سنة ست عشرة و خمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع‏

 

                        بشارة المصطفى لشيعة المرتضى (ط - القديمة)، النص، ص: 25
قال: حدثنا أبو طالب محمد بن الحسن بن عتبة قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن وهبان الدبيلي قال: حدثنا علي بن أحمد بن كثير العسكري قال: حدثني أحمد بن المفضل أبو سلمة الأصفهاني قال: أخبرني راشد بن علي بن وائل القرشي قال: حدثني عبد الله بن حفص المدني قال: أخبرني محمد بن إسحاق عن سعيد بن زيد بن أرطاة قال: لقيت كميل بن زياد و سألته عن فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فقال أ لا أخبرك بوصية أوصاني بها يوما هي خير لك من الدنيا بما فيها؟ فقلت بلى قال: قال لي علي يا كميل بن زياد فسم كل يوم باسم الله و لا حول و لا قوة إلا بالله و توكل على الله و اذكرنا و سم بأسمائنا و صل علينا و استعذ بالله ربنا و ادرأ عن نفسك و ما تحوطه عنايتك تكف شر ذلك اليوم يا كميل إن رسول الله ص أدبه الله عز و جل و هو أدبني و أنا أؤدب المؤمنين و أورث الأدب المكرمين يا كميل ما من علم إلا و أنا أفتحه و ما من سر إلا و القائم ع يختمه يا كميل ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم يا كميل لا تأخذ إلا عنا تكن منا يا كميل ما من حركة إلا و أنت محتاج إلى معونة فيها إلى معرفة يا كميل إذا أكلت الطعام فسم باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شي‏ء و هو الشفاء من جميع الأسواء يا كميل إذا أكلت الطعام فواكل به و لا تبخل به فإنك لم ترزق الناس شيئا و الله يجزل لك الثواب بذلك يا كميل أحسن خلقك و ابسط إلى جليسك و لا تنهرن خادمك يا كميل إذا أكلت فطول أكلك يستوف من معك و يرزق منه غيرك يا كميل إذا استوفيت طعامك فاحمد الله على ما رزقك و ارفع بذلك صوتك ليحمده سواك فيعظم بذلك أجرك يا كميل لا توقرن معدتك طعاما و دع فيها للماء موضعا و للريح مجالا يا كميل لا تنفذ [تنقد] طعامك فإن رسول الله ص لم ينفذه [ينقده‏] يا كميل لا ترفعن يدك من الطعام إلا و أنت تشتهيه فإذا فعلت ذلك فأنت تستمرئه يا كميل صحة الجسم من قلة الطعام و قلة الماء يا كميل البركة في المال من إيتاء الزكاة و مواساة المؤمنين و صلة الأقربين و هم الأقربون لنا يا كميل زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين و كن بهم أرأف و عليهم أعطف و تصدق على المساكين يا كميل لا تردن سائلا و لو بشق تمرة أو من شطر عنب يا كميل الصدقة تنمى عند الله يا كميل حسن خلق المؤمن‏
                       

 

بشارة المصطفى لشيعة المرتضى (ط - القديمة)، النص، ص: 26
التواضع و جماله التعطف و شرفه الشفقة و عزه ترك القال و القيل يا كميل إياك و المراء فإنك تغري بنفسك السفهاء إذا فعلت و تفسد الإخاء يا كميل إذا جادلت في الله تعالى فلا تخاطب إلا من يشبه العقلاء و هذا ضرورة يا كميل هم على كل حال سفهاء كما قال الله تعالى ألا إنهم هم السفهاء و لكن لا يعلمون يا كميل في كل صنف قوم أرفع من قوم فإياك و مناظرة الخسيس منهم و إن أسمعوك فاحتمل و كن من الذين وصفهم الله تعالى بقوله و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما يا كميل قل الحق على كل حال و وازر المتقين و اهجر الفاسقين يا كميل جانب المنافقين و لا تصاحب الخائنين يا كميل إياك إياك و التطرق إلى أبواب الظالمين و الاختلاط بهم و الاكتساب منهم و إياك أن تطيعهم و أن تشهد في مجالسهم بما يسخط الله يا كميل إن اضطررت إلى حضورها فداوم ذكر الله تعالى و التوكل عليه و استعذ بالله من شرهم و أطرق عنهم و أنكر بقلبك فعلهم و اجهر بتعظيم الله عز و جل و أسمعهم فإنهم يهابوك و تكفى يا كميل إن أحب ما أمت العباد إلى الله تعالى بعد الإقرار به و بأوليائه التجمل و التعفف و الاصطبار يا كميل لا بأس بأن لا يعلم سرك يا كميل لا ترين الناس افتقارك و اضطرارك و اصطبر عليه احتسابا تعرف بستر يا كميل [من‏] أخوك أخوك الذي لا يخذلك عند الشدة و لا يغفل عنك عند الجريرة و لا يخدعك حين تسأله و لا يتركك و أمرك حتى يعلمه فإن كان مميلا أصلحه يا كميل المؤمن مرآة المؤمن يتأمله و يسد فاقته و يجمل حالته يا كميل المؤمنون إخوة و لا شي‏ء آثر عند كل أخ من أخيه يا كميل إذا لم تحب أخاك فلست أخاه يا كميل إنما المؤمنون من قال بقولنا فمن تخلف عنا قصر عنا و من قصر عنا لم يلحق بنا و من لم يكن معنا ف في الدرك الأسفل من النار يا كميل كل مصدور ينفث فمن نفث إليك منا بأمر و أمرك بستره فإياك أن تبديه فليس لك من إبدائه توبة فإذا لم يكن لك توبة فالمصير إلى لظى يا كميل إذاعة سر آل محمد ع لا يقبل الله تعالى منها و لا يحتمل عليها أحدا يا كميل و ما قالوه لك مطلقا فلا تعلمه إلا مؤمنا موفقا يا كميل لا تعلم الكافرين أخبارنا فيزيدوا عليها فيبدوكم بها يوم يعاقبون عليها يا كميل لا بد لماضيكم خير من أوبة و لا بد لنا فيكم من غلبة يا كميل سيجمع الله لكم خير البدء و العاقبة يا كميل أنتم ممتعون بأعدائكم‏
            

 

            بشارة المصطفى لشيعة المرتضى (ط - القديمة)، النص، ص: 27
تطربون بطربهم و تشربون بشربهم و تأكلون بأكلهم و تدخلون مداخلهم و ربما غلبتم على نعمتهم إي و الله على إكراه منهم لذلك و لكن الله عز و جل ناصركم و خاذلهم فإذا كان و الله يومكم و ظهر صاحبكم لم يأكلوا و الله معكم و لم يردوا مواردكم و لم يقرعوا أبوابكم و لم ينالوا نعمتكم أذلة خاسئين أينما ثقفوا أخذوا و قتلوا تقتيلا يا كميل احمد الله تعالى و المؤمنون على ذلك و على كل نعمة يا كميل قل عند كل شدة لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم تكفها و قل عند كل نعمة الحمد لله تزد منها و إذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسع عليك فيها يا كميل إذا وسوس الشيطان في صدرك فقل أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي و أعوذ بمحمد الرضي من شر ما قدر و قضى و أعوذ بإله الناس من شر الجنة و الناس أجمعين و سلم تكف مئونة إبليس و الشياطين معه و لو أنهم كلهم أبالسة مثله يا كميل إن لهم خداعا و شقاشق و زخاريف و وساوس و خيلاء على كل أحد قدر منزلته في الطاعة و المعصية فبحسب ذلك يستولون عليه بالغلبة يا كميل لا عدو أعدى منهم و لا ضار أضر منهم أمنيتهم أن تكون معهم غدا إذا اجتثوا في العذاب الأليم لا يفتر عنهم شرره و لا يقصر عنهم خالدين فيها أبدا يا كميل سخط الله تعالى محيط بمن لم يحترز منهم باسمه و نبيه و جميع عزائمه و عوذه جل و عز و صلى الله على نبيه و آله و سلم يا كميل إنهم يخدعونك بأنفسهم فإذا لم تجبهم مكروا بك و بنفسك و بتحسينهم إليك شهواتك و إعطائك أمانيك و إرادتك و يسولون لك و ينسونك و ينهونك و يأمرونك و يحسنون ظنك بالله عز و جل حتى ترجوه فتغتر بذلك و تعصيه و جزاء العاصي لظى يا كميل احفظ قول الله عز و جل الشيطان سول لهم و أملى لهم و المسول الشيطان و المملي الله تعالى يا كميل اذكر قول الله تعالى لإبليس لعنه الله و أجلب عليهم بخيلك و رجلك و شاركهم في الأموال و الأولاد و عدهم و ما يعدهم الشيطان إلا غرورا يا كميل إن إبليس لا يعد عن نفسه و إنما يعد عن ربه ليحملهم على معصيته فيورطهم يا كميل إنه يأتي لك بلطف كيده فيأمرك بما يعلم أنك قد ألفته من طاعته لا تدعها فتحسب أن ذلك ملك و إنما هو شيطان رجيم فإذا سكنت إليه و اطمأننت على العظائم المهلكة التي لا نجاة معها يا كميل إن له فخاخا ينصبها فاحذر أن يوقعك‏
           

 

             بشارة المصطفى لشيعة المرتضى (ط - القديمة)، النص، ص: 28
فيها يا كميل إن الأرض مملوءة من فخاخهم فلن ينجوا منها إلا من تثبت بنا و قد أعلمك الله عز و جل أنه لن ينجو منها إلا عباده و عباده أولياؤنا يا كميل و هو قول الله عز و جل إن عبادي ليس لك عليهم سلطان و قوله عز و جل إنما سلطانه على الذين يتولونه و الذين هم به مشركون يا كميل انج بولايتنا من أن يشركك في مالك و ولدك كما أمر يا كميل لا تغتر بأقوام يصلون فيطيلون و يصومون فيداومون و يتصدقون فيحسبون أنهم موفقون يا كميل أقسم بالله لسمعت رسول الله ص يقول إن الشيطان إذا حمل قوما على الفواحش مثل الزناء و شرب الخمر و الربا و ما أشبه ذلك من الخنى و المآثم حبب إليهم العبادة الشديدة و الخشوع و الركوع و الخضوع و السجود ثم حملهم على ولاية الأئمة الذين يدعون إلى النار و يوم القيامة لا ينصرون يا كميل إنه مستقر و مستودع فاحذر أن تكون من المستودعين يا كميل إنما تستحق أن تكون مستقرا إذا لزمت الجادة الواضحة التي لا تخرجك إلى عوج و لا تزيلك عن منهج ما حملناك عليه و هديناك إليه يا كميل لا رخصة في فرض و لا شدة في نافلة يا كميل إن الله عز و جل لا يسألك إلا عما فرض و إنما قدمنا عمل النوافل بين أيدينا للأهوال العظام و الطامة يوم المقام يا كميل إن الله أعظم من أن تزيله الفرائض و النوافل و جميع الأعمال و صالح الأموال و لكن من تطوع خيرا فهو خير له يا كميل إن ذنوبك أكثر من حسناتك و غفلتك أكثر من ذكرك و نعمة الله عليك أكثر من كل عمل يا كميل إنه لا تخلو من نعمة الله عز و جل عندك و عافيته فلا تخل من تحميده و تمجيده و تسبيحه و تقديسه و شكره و ذكره على كل حال يا كميل لا تكونن من الذين قال الله عز و جل نسوا الله فأنساهم أنفسهم و نسبهم إلى الفسق أولئك هم الفاسقون يا كميل ليس الشأن أن تصلي و تصوم و تتصدق إنما الشأن أن تكون الصلاة فعلت بقلب نقي و عمل عند الله مرضي و خشوع سوي إبقاء للحد فيها يا كميل عند الركوع و السجود و ما بينهما تبتلت العروق و المفاصل حتى تستوفي إلى ما تأتي من جميع صلواتك يا كميل انظر فيم تصلي إن لم يكن من وجهه و حله فلا قبول يا كميل إن اللسان يبوح من القلب و القلب يقوم بالغذاء فانظر فيما تغذي قلبك و جسمك فإن لم يكن ذلك حلالا لم يقبل الله تسبيحك‏
          

 

              بشارة المصطفى لشيعة المرتضى (ط - القديمة)، النص، ص: 29
و لا شكرك يا كميل افهم و اعلم أنا لا نرخص في ترك أداء الأمانات لأحد من الخلق فمن روى عني في ذلك رخصة فقد أبطل و أثم و جزاؤه النار بما كذب أقسم لسمعت رسول الله ص يقول لي قبل وفاته بساعة مرارا ثلاثا يا أبا الحسن أد الأمانة إلى البر و الفاجر فيما قل و جل في الخيط و المخيط يا كميل لا غزو إلا مع إمام عادل و لا نفل إلا مع إمام فاضل يا كميل أ رأيت لو أن الله لم يظهر نبيا و كان في الأرض مؤمن تقي أ كان في دعائه إلى الله مخطئا أو مصيبا بلى و الله مخطئا حتى ينصبه الله عز و جل و يؤهله يا كميل الدين لله فلا تغترن بأقوال الأمة المخدوعة التي ضلت بعد ما اهتدت و أنكرت و جحدت بعد ما قبلت يا كميل الدين لله فلا يقبل الله تعالى من أحد القيام به إلا رسولا أو نبيا أو وصيا يا كميل هي نبوة و رسالة و إمامة و ما بعد ذلك إلا متولين و متغلبين و ضالين و معتدين يا كميل إن النصارى لم تعطل الله تعالى و لا اليهود و لا جحدت موسى و لا عيسى و لكنهم زادوا و نقصوا و حرفوا و ألحدوا فلعنوا و مقتوا و لم يتوبوا و لم يقبلوا يا كميل إن أبانا آدم ع لم يلد يهوديا و لا نصرانيا و لا كان ابنه إلا حنيفا مسلما فلم يقم بالواجب عليه فأداه ذلك إلى أن [لم‏] يقبل الله له قربانا بل قبل من أخيه فحسده و قتله و هو من المسجونين في القلق [الفلق‏] الذين عدتهم اثنا عشر ستة من الأولين و ستة من الآخرين و القلق [الفلق‏] لأسفل من النار و من بخاره حر جهنم و حسبك فيما حر جهنم من بخاره يا كميل نحن و الله الذين اتقوا و الذين هم محسنون يا كميل إن الله عز و جل كريم رحيم عظيم حليم دلنا على الخلافة و أمرنا بالأخذ بها و حمل الناس عليها فقد أديناها غير مختلفين و أرسلناها غير منافقين و صدقناها غير مكذبين و قبلناها غير مرتابين لم يكن لنا و الله شياطين نوحي إليها و توحي إلينا كما وصف الله تعالى قوما ذكرهم الله عز و جل في كتابه فاقرأ كما أنزل شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا يا كميل الويل لهم فسوف يلقون غيا يا كميل لست و الله متعلقا حتى أطاع و [لا] ممتنا [حتى‏] أعصى و لا مهانا لطغام الأعراب حتى أنتحل إمرة المؤمنين أو أدعى بها يا كميل نحن الثقل الأصغر و القرآن الثقل الأكبر و قد أسمعهم رسول الله ص و قد جمعهم فنادى فيهم الصلاة جامعة يوم كذا و كذا و أياما سبعة وقت كذا و كذا فلم يتخلف أحد فصعد المنبر فحمد الله‏
     

 

                   بشارة المصطفى لشيعة المرتضى (ط - القديمة)، النص، ص: 30
و أثنى عليه ثم قال معاشر الناس إني مؤد عن ربي عز و جل و لا مخبر عن نفسي فمن صدقني فلله صدق و من صدق الله أثابه الجنان و من كذبني كذب الله عز و جل و من كذب الله أعقبه النيران ثم ناداني فصعدت فأقامني دونه و رأسي إلى صدره و الحسن و الحسين عن يمينه و شماله ثم قال معاشر الناس أمرني جبرئيل ع عن الله تعالى أنه ربي و ربكم أن أعلمكم أن القرآن الثقل الأكبر و أن وصيي هذا و ابناي [ابني‏] و من خلفهم من أصلابهم حاملا وصاياهم الثقل الأصغر يشهد الثقل الأكبر للثقل الأصغر و يشهد الثقل الأصغر للثقل الأكبر كل واحد منهما ملازم لصاحبه غير مفارق له حتى يردا إلى الله فيحكم بينهما و بين العباد يا كميل فإذا كنا كذلك فعلام تقدمنا من تقدم و تأخر عنا من تأخر يا كميل قد بلغهم رسول الله رسالة ربه و نصح لهم و لكن لا يحبون الناصحين يا كميل قال رسول الله ص لي قولا و المهاجرون و الأنصار متوافرون يوما بعد العصر يوم النصف من شهر رمضان قائما على قدميه فوق منبره علي و ابناي منه الطيبون مني و أنا منهم و هم الطيبون بعد أمهم و هم سفينة من ركبها نجا و من تخلف عنها هوى الناجي في الجنة و الهاوي في لظى يا كميل الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم يا كميل علام يحسدوننا و الله أنشأنا من قبل أن يعرفونا أ فتراهم بحسدهم إيانا عن ربنا يزيلوننا يا كميل من لا يسكن الجنة فبشره بعذاب أليم و خزي مقيم و أكبال و مقامع و سلاسل طوال و مقطعات النيران و مقارنة كل شيطان الشراب صديد و اللباس حديد و الخزنة فضضة [فظظة] و النار ملتهبة و الأبواب موثقة مطبقة ينادون فلا يجابون و يستغيثون فلا يرحمون نداؤهم يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون لقد جئناكم بالحق و لكن أكثركم للحق كارهون يا كميل نحن و الله الحق الذي قال الله عز و جل و لو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات و الأرض و من فيهن يا كميل ثم ينادون الله تقدست أسماؤه بعد أن يمكثوا أحقابا اجعلنا على الرجاء فيجيبهم اخسؤا فيها و لا تكلمون يا كميل فعندها ييأسون من الكرة و اشتدت الحسرة و أيقنوا بالهلكة و المكث جزاء بما كسبوا و عذبوا يا كميل قل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين يا كميل أنا أحمد الله على توفيقه إياي و المؤمنين و على كل حال إنما حظي من حظي بدنيا زايلة مدبرة
              

 

          بشارة المصطفى لشيعة المرتضى (ط - القديمة)، النص، ص: 31
فافهم [و] تحظى بآخرة باقية ثابتة يا كميل كل يصير إلى الآخرة و الذي يرغب [فيه‏] منها رضا الله تعالى و الدرجات العلى من الجنة التي لا يورثها إلا من كان تقيا يا كميل إن شئت فقم.

 

******************

                        وسائل الشيعة، ج‏5، ص: 119
 «1» 2- باب حكم الصلاة في المكان المغصوب و الثوب المغصوب‏
...
6088- 2- «4» الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن أمير المؤمنين ع في وصيته لكميل قال: يا كميل- انظر في ما تصلي و على ما تصلي إن لم يكن من وجهه و حله فلا قبول.

 

                        وسائل الشيعة، ج‏16، ص: 354
21747- 15- «4» محمد بن الحسين الرضي في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين ع أنه قال لكميل بن زياد يا كميل مر أهلك أن يروحوا في كسب المكارم و يدلجوا في حاجة من هو نائم فو الذي وسع سمعه الأصوات ما من عبد «5» أودع قلبا سرورا إلا و خلق الله «6» من ذلك السرور لطفا فإذا نزلت به نائبة جرى إليها كالماء في انحداره حتى يطردها عنه كما تطرد غريبة الإبل (عن حياضها) «7».

 

                        وسائل الشيعة، ج‏24، ص: 267
30511- 4- «5» محمد بن أبي القاسم الطبري في بشارة المصطفى بإسناده عن كميل بن زياد عن أمير المؤمنين ع في وصيته له قال: يا كميل أحسن خلقك و ابسط «6» جليسك و لا تنهرن خادمك يا كميل- إذا أنت أكلت فطول أكلك يستوف من معك و ترزق منه غيرك يا كميل- إذا (استويت على) «7» طعامك فاحمد الله على ما رزقك و ارفع بذلك صوتك ليحمده سواك فيعظم بذلك أجرك يا كميل لا (توقر) «8» معدتك طعاما و دع فيها للماء موضعا و للريح مجالا.

 

                        وسائل الشيعة، ج‏27، ص: 30

33133- 34- «3» و عن أمير المؤمنين ع في وصيته لكميل بن زياد قال: يا كميل لا غزو إلا مع إمام عادل و لا نفل إلا من إمام فاضل يا كميل هي نبوة و رسالة و إمامة و ليس بعد ذلك إلا موالين متبعين أو «4» مبتدعين إنما يتقبل الله من المتقين يا كميل لا تأخذ إلا عنا تكن منا الحديث.

 

                        وسائل الشيعة، ج‏27، ص: 103
33328- 83- «1» و عنه ع أنه قال لكميل بن زياد في وصيته له يا كميل لا تأخذ إلا عنا تكن منا.

 

***********

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 266».
باب 11 وصيته ع لكميل بن زياد النخعي‏
1- بشا «2»، بشارة المصطفى أخبرنا الشيخ أبو البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم البصري بقراءتي عليه في المحرم سنة ست عشرة و خمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع عن أبي طالب محمد بن الحسن بن عتبة عن أبي الحسن محمد بن الحسين بن أحمد عن محمد بن وهبان الدبيلي عن علي بن أحمد بن كثير العسكري عن أحمد بن أبي سلمة محمد بن كثير «3» عن أحمد بن أحمد بن الفضل الأصفهاني عن أبي راشد بن علي بن وائل القرشي عن عبد الله بن حفص المدني عن أبي محمد بن إسحاق «4» عن سعيد بن زيد بن أرطاة قال: لقيت كميل بن زياد و سألته عن فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع- فقال أ لا أخبرك بوصية أوصاني بها يوما هي خير لك من الدنيا بما فيها فقلت بلى فقال أوصاني يوما فقال لي يا كميل بن زياد سم كل يوم باسم الله و لا حول و لا قوة إلا بالله و توكل على الله و اذكرنا
__________________________________________________
 (1) كان هنا بياض مقدار ورق. و ذلك لان عمر المؤلف- رضوان الله عليه- لم يف بترصيف بعض مجلدات الكتاب و بيان مشكله و توضيح معضله و منها هذا المجلد.
 (2) بشارة المصطفى ص 29 الطبعة الأولى.
 (3) في المصدر عن علي بن أحمد بن كثير العسكري، عن أحمد بن المفضل أبى سلمة الأصفهاني قال أخبرنى أحمد بن راشد بن علي بن وائل القرشي.
 (4) في المصدر «عن محمد بن إسحاق».

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 267
و سم بأسمائنا و صل علينا و استعذ بالله بنا و ادرأ بذلك عن نفسك «1» و ما تحوطه عنايتك «2» تكف شر ذلك اليوم إن شاء الله- يا كميل إن رسول الله ص أدبه الله عز و جل و هو أدبني و أنا أؤدب المؤمنين و أورث الأدب المكرمين يا كميل ما من علم إلا و أنا أفتحه و ما من سر إلا و القائم ع يختمه يا كميل ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم يا كميل لا تأخذ إلا عنا تكن منا يا كميل ما من حركة إلا و أنت محتاج فيها إلى معرفة «3»- يا كميل إذا أكلت الطعام فسم باسم الله الذي لا يضر مع اسمه داء و هو الشفاء من جميع الأدواء «4» يا كميل إذا أكلت الطعام فواكل به و لا تبخل به فإنك لم ترزق الناس شيئا و الله يجزل لك الثواب بذلك يا كميل أحسن خلقك و ابسط جليسك «5» و لا تنهرن خادمك يا كميل إذا أنت أكلت فطول أكلك ليستوفي من معك و يرزق منه غيرك- يا كميل إذا استوفيت طعامك فاحمد الله على ما رزقك و ارفع بذلك صوتك ليحمده سواك فيعظم بذلك أجرك- يا كميل لا توقرن معدتك طعاما و دع فيها للماء موضعا و للريح مجالا- «6»

__________________________________________________
 (1) في التحف و في بعض النسخ من الكتاب «أدر بذلك على نفسك» و أدر امر من درى بالشي‏ء أي توصل الى عمله.
 (2) تحوطه: تحفظه، و تعهده عنايتك.
 (3) في بعض النسخ «الى معونة».
 (4) في بعض النسخ «جميع الاسواء».
 (5) بسط الرجل-: سره. و في المصدر «الى جليسك» و في بعض النسخ «لا تتهم خادمك».
 (6) «لا توقرن» أي لا تثقلن معدتك من الطعام. و في بعض النسخ «لا توفرن» بالفاء.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 268
يا كميل لا تنقد طعامك فإن رسول الله ص لا ينقده- يا كميل لا ترفعن يدك من الطعام إلا و أنت تشتهيه فإذا فعلت ذلك فأنت تستمرئه «1» يا كميل صحة الجسم من قلة الطعام و قلة الماء يا كميل البركة في المال من إيتاء الزكاة و مواساة المؤمنين و صلة الأقربين و هم الأقربون لنا- يا كميل زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين و كن بهم أرأف و عليهم أعطف و تصدق على المساكين- يا كميل لا تردن سائلا و لو بشق تمرة أو من شطر عنب- يا كميل الصدقة تنمى عند الله يا كميل حسن خلق المؤمن من التواضع و جماله التعفف و شرفه الشفقة و عزه ترك القال و القيل «2»- يا كميل إياك و المراء فإنك تغري بنفسك السفهاء إذا فعلت و تفسد الإخاء يا كميل إذا جادلت في الله تعالى فلا تخاطب إلا من يشبه العقلاء و هذا قول ضرورة يا كميل هم على كل حال سفهاء كما قال الله تعالى ألا إنهم هم السفهاء و لكن لا يعلمون «3» يا كميل في كل صنف قوم أرفع من قوم و إياك و مناظرة الخسيس منهم و إن أسمعوك فاحتمل و كن من الذين وصفهم الله تعالى بقوله- و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما «4»

__________________________________________________
 (1) استمرأ الطعام: استطيبه و وجده مرئيا.
 (2) القال و القيل- مصدر ان-: ما يقوله الناس. و قيل: القال الابتداء و السؤال و القيل الجواب.
 (3) البقرة: 13.
 (4) الفرقان: 64.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 269
يا كميل قل الحق على كل حال و وازر المتقين و اهجر الفاسقين يا كميل جانب المنافقين و لا تصاحب الخائنين يا كميل إياك إياك و التطرق إلى أبواب الظالمين و الاختلاط بهم و الاكتساب منهم و إياك أن تطيعهم و أن تشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك- يا كميل إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر الله تعالى و التوكل عليه و استعذ بالله من شرهم و أطرق عنهم «1» و أنكر بقلبك فعلهم و اجهر بتعظيم الله تعالى لتسمعهم فإنهم يهابوك و تكفى شرهم يا كميل إن أحب ما امتثله العباد إلى الله بعد الإقرار به و بأوليائه ع التجمل و التعفف و الاصطبار- يا كميل لا بأس بأن لا يعلم سرك يا كميل لا ترين الناس افتقارك و اضطرارك و اصطبر عليه احتسابا بعز و تستر يا كميل لا بأس بأن تعلم أخاك سرك يا كميل و من أخوك أخوك الذي لا يخذلك عند الشدة و لا يغفل عنك عند الجريرة «2» و لا يخدعك حين تسأله و لا يتركك و أمرك حتى تعلمه فإن كان مميلا أصلحه «3»- يا كميل المؤمن مرآة المؤمن لأنه يتأمله و يسد فاقته و يجمل حالته- يا كميل المؤمنون إخوة و لا شي‏ء آثر عند كل أخ من أخيه «4»- يا كميل إذا لم تحب أخاك فلست أخاه- يا كميل إنما المؤمن من قال بقولنا فمن تخلف عنا قصر عنا و من قصر عنا
__________________________________________________
 (1) أطرق الرجل: سكت و لم يتكلم و ارخى عينه ينظر الى الأرض.
 (2) الجريرة: الجناية، لانها تجر العقوبة الى الجانى.
 (3) المميل- اسم فاعل من أمال-: صاحب ثروة و مال كثير.
 (4) آثر أي أقدم و اكرم.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 270
لم يلحق بنا و من لم يكن معنا ف في الدرك الأسفل من النار- يا كميل كل مصدور ينفث فمن نفث إليك منا بأمر أمرك بستره- فإياك أن تبديه «1» فليس لك من إبدائه توبة فإذا لم تكن توبة فالمصير إلى لظى «2» يا كميل إذاعة سر آل محمد ص لا يقبل الله تعالى منها و لا يحتمل أحدا عليها- يا كميل و ما قالوه لك مطلقا فلا تعلمه إلا مؤمنا موفقا «3»- يا كميل لا تعلموا الكافرين من أخبارنا فيزيدوا عليها فيبدوكم بها إلى يوم يعاقبون عليها- يا كميل لا بد لماضيكم من أوبة «4» و لا بد لنا فيكم من غلبة- يا كميل سيجمع الله تعالى لكم خير البدء و العاقبة- يا كميل أنتم ممتعون بأعدائكم تطربون بطربهم و تشربون بشربهم و تأكلون بأكلهم و تدخلون مداخلهم و ربما غلبتم على نعمتهم إي و الله على إكراه منهم لذلك و لكن الله عز و جل ناصركم و خاذلهم فإذا كان و الله يومكم و ظهر صاحبكم لم يأكلوا و الله معكم و لم يردوا مواردكم و لم يقرعوا أبوابكم و لم ينالوا نعمتكم أذلة خاسئين- أينما ثقفوا أخذوا و قتلوا تقتيلا- يا كميل احمد الله تعالى و المؤمنون على ذلك و على كل نعمة- يا كميل قل عند كل شدة- لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم تكفها و قل عند كل نعمة الحمد لله تزد منها و إذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسع عليك فيها
__________________________________________________
 (1) المصدور: الذي يشتكى من صدره. و ينفث المصدور أي رمى بالنفاثة. المراد ان من ملا صدره من محبتنا و أمرنا لا يمكن له أن يقيها و لا يبرزها، فإذا أبرزها و أمر بسترها فاسترها. و في بعض النسخ «فمن نفث إليك منا بأمر فاستره».
 (2) اللظى: النار و لهبها.
 (3) في المصدر «فلا يعلمه الا مؤمنا موفقا».
 (4) الاوب: الرجوع، آب يئوب من سفر رجع.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 271
يا كميل إذا وسوس الشيطان في صدرك فقل أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي و أعوذ بمحمد الرضي من شر ما قدر و قضي و أعوذ بإله الناس من شر الجنة و الناس أجمعين و سلم تكفى مئونة إبليس و الشياطين معه و لو أنهم كلهم أبالسة مثله- يا كميل إن لهم خدعا و شقاشق «1» و زخارف و وساوس و خيلاء على كل أحد قدر منزلته في الطاعة و المعصية فبحسب ذلك يستولون عليه بالغلبة يا كميل لا عدو أعدى منهم و لا ضار أضر بك منهم أمنيتهم أن تكون معهم غدا إذا اجتثوا في العذاب الأليم «2» لا يفتر عنهم بشرره و لا يقصر عنهم خالدين فيها أبدا- يا كميل سخط الله تعالى محيط بمن لم يحترز منهم باسمه و نبيه و جميع عزائمه و عوذه جل و عز و صلى الله على نبيه و آله و سلم- يا كميل إنهم يخدعونك بأنفسهم فإذا لم تجبهم مكروا بك و بنفسك بتحسينهم إليك شهواتك «3» و إعطائك أمانيك و إرادتك و يسولون لك و ينسونك و ينهونك و يأمرونك و يحسنون ظنك بالله عز و جل حتى ترجوه فتغتر بذلك فتعصيه و جزاء العاصي لظى- يا كميل احفظ قول الله عز و جل- الشيطان سول لهم و أملى لهم «4» و المسول الشيطان و المملي الله تعالى- يا كميل اذكر قول الله تعالى لإبليس لعنه الله- و أجلب عليهم بخيلك و رجلك و شاركهم في الأموال و الأولاد و عدهم و ما يعدهم الشيطان إلا غرورا «5»- يا كميل إن إبليس لا يعد عن نفسه و إنما يعد عن ربه ليحملهم على معصيته فيورطهم‏
__________________________________________________
 (1) الشقاشق: جمع شقشقة و هي شي‏ء يخرجه البعير من فيه إذا هاج.
 (2) اجتثوا أي اقتلعوا، و في بعض النسخ «جثوا في العذاب».
 (3) في بعض النسخ «بتحبيبهم إليك».
 (4) محمد «ص»: 27.
 (5) الإسراء: 66.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 272
يا كميل إنه يأتي لك بلطف كيده فيأمرك بما يعلم أنك قد ألفته من طاعة لا تدعها فتحسب أن ذلك ملك كريم و إنما هو شيطان رجيم فإذا سكنت إليه و اطمأننت حملك على العظائم المهلكة التي لا نجاة معها- يا كميل إن له فخاخا ينصبها فاحذر أن يوقعك فيها «1» يا كميل إن الأرض مملوة من فخاخهم فلن ينجو منها إلا من تشبث بنا و قد أعلمك الله أنه لن ينجو منها إلا عباده و عباده أولياؤنا- يا كميل و هو قول الله عز و جل- إن عبادي ليس لك عليهم سلطان و قوله عز و جل إنما سلطانه على الذين يتولونه و الذين هم به مشركون «2»- يا كميل انج بولايتنا من أن يشركك في مالك و ولدك كما أمر- يا كميل لا تغتر بأقوام يصلون فيطيلون و يصومون فيداومون و يتصدقون فيحسبون أنهم موقوفون «3»- يا كميل أقسم بالله لسمعت رسول الله ص يقول إن الشيطان إذا حمل قوما على الفواحش مثل الزنى و شرب الخمر و الربا و ما أشبه ذلك من الخنى «4» و المأثم حبب إليهم العبادة الشديدة و الخشوع و الركوع و الخضوع و السجود ثم حملهم على ولاية الأئمة الذين يدعون إلى النار و يوم القيامة لا ينصرون- يا كميل إنه مستقر و مستودع «5» و احذر أن تكون من المستودعين- يا كميل إنما تستحق أن تكون مستقرا إذا لزمت الجادة الواضحة التي لا تخرجك إلى عوج و لا تزيلك عن منهج ما حملناك عليه و ما هديناك إليه‏
__________________________________________________
 (1) الفخاخ جمع فخ و هو آلة الصيد.
 (2) النحل: 102.
 (3) أي موقوفون و مسئولون عنها فحسب دون ولاية الأئمة.
 (4) الخنى: الفحش، و المأثم: الخطيئة.
 (5) يعني به الايمان فانه مستقر و مستودع.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 273
يا كميل لا رخصة في فرض و لا شدة في نافلة- يا كميل إن الله عز و جل لا يسألك إلا عما فرض و إنما قدمنا عمل النوافل بين أيدينا للأهوال العظام و الطامة يوم القيامة يا كميل إن الواجب لله أعظم من أن تزيله الفرائض و النوافل و جميع الأعمال و صالح الأموال «1» و لكن من تطوع خيرا فهو خير له يا كميل إن ذنوبك أكثر من حسناتك و غفلتك أكثر من ذكرك و نعم الله عليك أكثر من كل عملك- يا كميل إنه لا تخلو من نعمة الله عز و جل عندك و عافيته فلا تخل من تحميده و تمجيده و تسبيحه و تقديسه و شكره و ذكره على كل حال- يا كميل لا تكونن من الذين قال الله عز و جل- نسوا الله فأنساهم أنفسهم «2» و نسبهم إلى الفسق أولئك هم الفاسقون يا كميل ليس الشأن أن تصلي و تصوم و تتصدق إنما الشأن أن تكون الصلاة فعلت بقلب نقي و عمل عند الله مرضي و خشوع سوي و إبقاء للجد فيها- يا كميل عند الركوع و السجود و ما بينهما تبتلت العروق و المفاصل حتى تستوفي ولاء إلى ما تأتي به من جميع صلواتك يا كميل انظر فيم تصلي و على ما تصلي إن لم تكن من وجهه و حله فلا قبول- يا كميل إن اللسان يبوح من القلب «3» و القلب يقوم بالغذاء فانظر فيما تغذي قلبك و جسمك فإن لم يكن ذلك حلالا لم يقبل الله تعالى تسبيحك و لا شكرك- يا كميل افهم و اعلم أنا لا نرخص في ترك أداء الأمانات لأحد من الخلق فمن روى عني في ذلك رخصة فقد أبطل و أثم و جزاؤه النار بما كذب أقسم لسمعت رسول الله ص يقول لي قبل وفاته بساعة مرارا ثلاثا يا أبا الحسن أد الأمانة إلى البر و الفاجر فيما قل و جل حتى في الخيط و المخيط
__________________________________________________
 (1) كذا. و لعل معناه حقوق الله لا يؤدى بهذه الأمور فحسب.
 (2) سورة الحشر: 19.
 (3) باح إليه بالسر. أظهره. و في بعض النسخ «ينزح».

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 274
يا كميل لا غزو إلا مع إمام عادل و لا نفل «1» إلا مع إمام فاضل- يا كميل أ رأيت لو لم يظهر نبي «2» و كان في الأرض مؤمن تقي أ كان في دعائه إلى الله مخطئا أو مصيبا بلى و الله مخطئا حتى ينصبه الله عز و جل لذلك و يؤهله له- يا كميل الدين لله فلا تغترن بأقوال الأمة المخدوعة التي قد ضلت بعد ما اهتدت و أنكرت و جحدت بعد ما قبلت يا كميل الدين لله تعالى فلا يقبل الله تعالى من أحد القيام به إلا رسولا أو نبيا أو وصيا- يا كميل هي نبوة و رسالة و إمامة و لا بعد ذلك إلا متولين و متغلبين و ضالين و معتدين- يا كميل إن النصارى لم تعطل الله تعالى و لا اليهود و لا جحدت موسى و لا عيسى و لكنهم زادوا و نقصوا و حرفوا و ألحدوا فلعنوا و مقتوا و لم يتوبوا و لم يقبلوا يا كميل إنما يتقبل الله من المتقين يا كميل إن أبانا آدم لم يلد يهوديا و لا نصرانيا و لا كان ابنه إلا حنيفا مسلما فلم يقم بالواجب عليه فأداه ذلك إلى أن لم يقبل الله قربانه بل قبل من أخيه فحسده و قتله و هو من المسجونين في الفلق الذين عدتهم اثنا عشر ستة من الأولين و ستة من الآخرين و الفلق الأسفل من النار «3» و من بخاره حر جهنم و حسبك فيما حر جهنم من بخاره يا كميل نحن و الله الذين اتقوا و الذين هم محسنون- يا كميل إن الله عز و جل كريم حليم عظيم رحيم دلنا على أخلاقه‏
__________________________________________________
 (1) النفل- محركة- الغنيمة.
 (2) في المصدر «لو أن الله لم يظهر نبيا».
 (3) الفلق- محركة- عود يربط حبل من أحد طرفيه الى الآخر و تجعل رجل المجرم داخل ذلك الحبل و تشدا فيضرب عليهما.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 275
و أمرنا بالأخذ بها و حمل الناس عليها فقد أديناها غير مختلفين و أرسلناها غير منافقين و صدقناها غير مكذبين و قبلناها غير مرتابين لم يكن لنا و الله شياطين نوحي إليها و توحي إلينا كما وصف الله تعالى قوما ذكرهم الله عز و جل بأسمائهم في كتابه لو قرئ كما أنزل- شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا «1»- يا كميل الويل لهم فسوف يلقون غيا يا كميل لست و الله متملقا حتى أطاع و لا ممنا [ممنيا] حتى [لا] أعصى «2» و لا مهانا لطعام الأعراب حتى أنتحل إمرة المؤمنين «3» أو أدعي بها يا كميل نحن الثقل الأصغر و القرآن الثقل الأكبر و قد أسمعهم رسول الله ص و قد جمعهم فنادى الصلاة جامعة يوم كذا و كذا و أيام سبعة وقت كذا و كذا فلم يتخلف أحد فصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال معاشر الناس إني مؤد عن ربي عز و جل و لا مخبر عن نفسي فمن صدقني فقد صدق الله و من صدق الله أثابه الجنان و من كذبني كذب الله عز و جل و من كذب الله أعقبه النيران- ثم ناداني فصعدت فأقامني دونه و رأسي إلى صدره و الحسن و الحسين عن يمينه و شماله ثم قال معاشر الناس أمرني جبرئيل عن الله عز و جل أنه ربي و ربكم أن أعلمكم أن القرآن هو الثقل الأكبر و أن وصيي هذا و ابناي و من خلفهم من أصلابهم حاملا وصاياي هم الثقل الأصغر يشهد الثقل الأكبر للثقل الأصغر و يشهد الثقل الأصغر للثقل الأكبر كل واحد منهما ملازم لصاحبه غير مفارق له حتى يردا إلى الله فيحكم بينهما و بين العباد يا كميل فإذا كنا كذلك فعلام يتقدمنا من تقدم و تأخر عنا من تأخر- يا كميل قد أبلغهم رسول الله ص رسالة ربه و نصح لهم و لكن لا يحبون الناصحين‏
__________________________________________________
 (1) الأنعام: 112.
 (2) كذا و في التحف «و لا ممنيا حتى لا اعصى».
 (3) انتحل الشعر أو القول ادعاه لنفسه. و انتحل مذهب كذا انتسب إليه.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 276
يا كميل قال رسول الله ص لي قولا و المهاجرون و الأنصار متوافرون يوما بعد العصر- يوم النصف من شهر رمضان قائما على قدميه فوق منبره- علي مني و ابناي منه و الطيبون مني و أنا منهم و هم الطيبون بعد أمهم و هم سفينة من ركبها نجا و من تخلف عنها هوى الناجي في الجنة و الهاوي في لظى يا كميل الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم- يا كميل علام يحسدوننا و الله أنشأنا قبل أن يعرفونا فتراهم بحسدهم إيانا عن ربنا يزيلونا يا كميل من لا يسكن الجنة فبشره بعذاب أليم و خزي مقيم و أكبال و مقامع و سلاسل طوال و مقطعات النيران و مقارنة كل شيطان الشراب صديد و اللباس حديد و الخزنة فظظة «1» و النار ملتهبة و الأبواب موثقة مطبقة ينادون فلا يجابون و يستغيثون فلا يرحمون نداهم يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون لقد جئناكم بالحق و لكن أكثركم للحق كارهون- يا كميل نحن و الله الحق الذي قال الله عز و جل- و لو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات و الأرض و من فيهن يا كميل ثم ينادون الله تقدست أسماؤه بعد أن يمكثوا أحقابا اجعلنا على الرخاء فيجيبهم اخسؤا فيها و لا تكلمون يا كميل فعندها ييأسون من الكرة و اشتدت الحسرة و أيقنوا بالهلكة و المكث جزاء بما كسبوا عذبوا- يا كميل قل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين يا كميل أنا أحمد الله على توفيقه إياي و المؤمنين على كل حال يا كميل إنما حظي من حظي بدنيا زائلة مدبرة فافهم و تحظى بآخرة باقية ثابتة
__________________________________________________
 (1) الفظ: الغليظ، السيئ الخلق.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 277
يا كميل كل يصير إلى الآخرة و الذي يرغب فيه منها ثواب الله عز و جل و الدرجات العلى من الجنة التي لا يورثها إلا من كان تقيا يا كميل إن شئت فقم.
أقول: و سيجي‏ء في باب مواعظ أمير المؤمنين ع و خطبه و حكمه عين هذه الوصية منه ع لكميل بن زياد هذا من كتاب تحف العقول أيضا لكن أخصر من هذه الوصية و سيأتي في باب ما جمع من جوامع كلم أمير المؤمنين ع و في غيره أيضا ما يناسب هذا الباب إن شاء الله تعالى «1».

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 412
38- وصيته ع لكميل بن زياد «3» يا كميل سم كل يوم باسم الله و قل لا حول و لا قوة إلا بالله و توكل على الله و اذكرنا و سم بأسمائنا و صل علينا و أدر بذلك على نفسك «4» و ما تحوطه عنايتك و تكف شر ذلك اليوم إن شاء الله- يا كميل إن رسول الله ص أدبه الله و هو ع أدبني و أنا أؤدب المؤمنين و أورث الآداب المكرمين يا كميل ما من علم إلا و أنا أفتحه و ما من سر إلا و القائم ع يختمه- يا كميل ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم يا كميل لا تأخذ إلا عنا تكن منا يا كميل ما من حركة إلا و أنت محتاج فيها إلى معرفة يا كميل إذا أكلت الطعام فسم باسم الذي لا يضر مع اسمه داء و فيه شفاء من كل الأسواء يا كميل و آكل الطعام و لا تبخل عليه فإنك لن ترزق الناس شيئا و الله يجزل لك الثواب بذلك أحسن عليه خلقك و ابسط جليسك و لا تتهم خادمك «5»- يا كميل إذا أكلت فطول أكلك ليستوفي من معك و يرزق منه غيرك يا كميل إذا استوفيت طعامك فاحمد الله على ما رزقك و ارفع بذلك صوتك‏
__________________________________________________
 (1) في بعض النسخ: «نسى».
 (2) كذا في النسخ. و هو استفهام توبيخى.
 (3) التحف ص 171.
 (4) «ادر» أمر من أدار الشي‏ء يديره. تحوطه اي تحفظه و تعهده عنايتك.
 (5) بسط الرجل-: جرأه و سره، و في بعض النسخ «و لا تنهرن خادمك».

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 413
يحمده سواك فيعظم بذلك أجرك يا كميل لا توقرن معدتك طعاما «1» و دع فيها للماء موضعا و للريح مجالا و لا ترفع يدك من الطعام إلا و أنت تشتهيه فإن فعلت ذلك فأنت تستمرئه «2» فإن صحة الجسم من قلة الطعام و قلة الماء- يا كميل البركة في مال من آتى الزكاة و واسى المؤمنين و وصل الأقربين «3» يا كميل زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين و كن بهم أرأف و عليهم أعطف و تصدق على المساكين يا كميل لا ترد سائلا و لو من شطر حبة عنب أو شق تمرة فإن الصدقة تنمو عند الله- يا كميل أحسن حلية المؤمن التواضع و جماله التعفف و شرفه التفقه و عزه ترك القال و القيل «4» يا كميل في كل صنف قوم أرفع من قوم فإياك و مناظرة الخسيس منهم و إن أسمعوك و احتمل و كن من الذين وصفهم الله- و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما «5»- يا كميل قل الحق على كل حال و واد المتقين و اهجر الفاسقين و جانب المنافقين و لا تصاحب الخائنين- يا كميل لا تطرق أبواب الظالمين «6» للاختلاط بهم و الاكتساب معهم و إياك‏
__________________________________________________
 (1) «لا توقرن» أي لا تثقلن معدتك من الطعام. و في بعض النسخ «توفرن».
 (2) استمرأ الطعام: استطيبه و وجده مريئا.
 (3) واسى المؤمنين: عاونهم.
 (4) القال و القيل- مصدران-: ما يقوله الناس. و قيل: القال الابتداء و السؤال و الثاني الجواب.
 (5) سورة الفرقان: 64.
 (6) لا تطرق أي لا تقرع. و أطرق الرجل: سكت و لم يتكلم و بمعنى أرخى عينيه ينظر الى الأرض.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 414
أن تعظمهم و أن تشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك و إن اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر الله و التوكل عليه و استعذ بالله من شرورهم و أطرق عنهم و أنكر بقلبك فعلهم و اجهر بتعظيم الله لتسمعهم فإنك بها تؤيد و تكفى شرهم يا كميل إن أحب ما امتثله العباد إلى الله بعد الإقرار به و بأوليائه التعفف و التحمل و الاصطبار يا كميل لا ترى [تر] الناس إقتارك و اصبر عليه احتسابا بعز و تستر- يا كميل لا بأس أن تعلم أخاك سرك و من أخوك أخوك الذي لا يخذلك عند الشديدة و لا يقعد عنك عند الجريرة «1» و لا يدعك حتى تسأله و لا يذرك و أمرك حتى تعلمه فإن كان مميلا أصلحه «2» يا كميل المؤمن مرآة المؤمن لأنه يتأمله فيسد فاقته و يجمل حالته يا كميل المؤمنون إخوة و لا شي‏ء آثر عند كل أخ من أخيه «3» يا كميل إن لم تحب أخاك فلست أخاه إن المؤمن من قال بقولنا فمن تخلف عنه قصر عنا و من قصر عنا لم يلحق بنا و من لم يكن معنا ف في الدرك الأسفل من النار يا كميل كل مصدور ينفث «4» فمن نفث إليك منا بأمر أمرك بستره فإياك أن تبديه و ليس لك من إبدائه توبة و إذا لم تكن توبة فالمصير إلى لظى- «5»

__________________________________________________
 (1) الجريرة: الجناية، لانها تجر العقوبة الى الجانى. و لا يذرك أي لا يدعك.
قيل: و لا فعل منه بهذا المعنى الا المضارع و الامر.
 (2) المميل- اسم فاعل من أمال-: صاحب ثروة كثيرة و مال كثير.
 (3) أي أقدم و أكرم.
 (4) المصدور: الذي يشتكى من صدره. و ينفث المصدور أي رمى بالنفاثة. و المراد ان من ملاء صدره من محبتنا و أمرنا لا يمكن له أن يقيها و لا يبرزها فإذا أبرزها و أمرك بسترها فاسترها و في بعض النسخ «مصدود».
 (5) اللظى: النار و لهبها.

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 415
يا كميل إذاعة سر آل محمد صلوات الله عليهم- لا يقبل منها و لا يحتمل أحد عليها و ما قالوه فلا تعلم إلا مؤمنا موفقا «1» [موقنا]- يا كميل قل عند كل شدة- لا حول و لا قوة إلا بالله تكفها و قل عند كل نعمة الحمد لله تزدد منها و إذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسع عليك فيها- يا كميل انج بولايتنا من أن يشركك الشيطان في مالك و ولدك يا كميل إنه مستقر و مستودع «2» فاحذر أن تكون من المستودعين و إنما يستحق أن يكون مستقرا إذا لزمت الجادة الواضحة التي لا تخرجك إلى عوج «3» و لا تزيلك عن منهج يا كميل لا رخصة في فرض و لا شدة في نافلة يا كميل إن ذنوبك أكثر من حسناتك و غفلتك أكثر من ذكرك و نعم الله عليك أكثر من عملك يا كميل إنك لا تخلو من نعم الله عندك و عافيته إياك فلا تخل من تحميده و تمجيده و تسبيحه و تقديسه و شكره و ذكره على كل حال- يا كميل لا تكونن من الذين قال الله- نسوا الله فأنساهم أنفسهم «4» و نسبهم إلى الفسق فهم فاسقون يا كميل ليس الشأن أن تصلي و تصوم و تتصدق الشأن أن تكون الصلاة بقلب نقي و عمل عند الله مرضي و خشوع سوي و انظر فيما تصلي و على ما تصلي إن لم يكن من وجهه و حله فلا قبول‏
__________________________________________________
 (1) في بعض النسخ «تعلمه الا مؤمنا موفقا». و في بعضها «فلا يعلمه الا مؤمنا موفقا».
و كذا في بشارة المصطفى.
 (2) يعني به الايمان فانه مستقر و مستودع.
 (3) العوج- بكسر العين- للمعاني، و- بفتحها- للأشياء.
 (4) سورة الحشر: 19.
                       

 

بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 416
يا كميل اللسان ينزح القلب «1» و القلب يقوم بالغذاء فانظر فيما تغذي قلبك و جسمك فإن لم يكن حلالا لم يقبل الله تسبيحك و لا شكرك يا كميل افهم و اعلم أنا لا نرخص في ترك أداء الأمانة لأحد من الخلق فمن روى عني في ذلك رخصة فقد أبطل و أثم و جزاؤه النار بما كذب أقسم لسمعت رسول الله ص يقول لي قبل وفاته بساعة مرارا ثلاثا يا أبا الحسن أداء الأمانة إلى البر و الفاجر فيما جل و قل حتى الخيط و المخيط- يا كميل لا غزو إلا مع إمام عادل و لا نفل إلا من إمام فاضل «2» يا كميل لو لم يظهر نبي و كان في الأرض مؤمن تقي لكان في دعائه إلى الله مخطئا أو مصيبا بل و الله مخطئا حتى ينصبه الله لذلك و يؤهله له يا كميل الدين لله فلا يقبل الله من أحد القيام به إلا رسولا أو نبيا أو وصيا يا كميل هي نبوة و رسالة و إمامة و ليس بعد ذلك إلا موالين متبعين أو عامهين مبتدعين- إنما يتقبل الله من المتقين «3»- يا كميل إن الله كريم حليم عظيم رحيم دلنا على أخلاقه و أمرنا بالأخذ بها و حمل الناس عليها فقد أديناها غير متخلفين و أرسلناها غير منافقين و صدقناها غير مكذبين و قبلناها غير مرتابين يا كميل لست و الله متملقا حتى أطاع و لا ممنيا «4» حتى لا أعصى و لا مائرا «5» لطعام الأعراب حتى أنحل «6» إمرة المؤمنين و أدعى بها
__________________________________________________
 (1) في المصباح نزحت البئر من باب نفع نزوحا استقيت ماءها كله. و في بعض بالنسخ و بشارة المصطفى «يبوح من القلب».
 (2) النفل- محركة- الغنيمة.
 (3) أي ما يقوم به النبي و الرسول و الامام. و عمه أي تحير في طريقه. و في بعض النسخ «ضالين مبتدعين». و في بشارة المصطفى «الا متولين و متغلبين و ضالين و معتدين».
 (4) في بشارة المصطفى «ممنا».
 (5) ما يره أتى بالميرة و هي الطعام الذي يدخر.
 (6) أنحل فلانا شيئا: أعطاه إياه و خصه به. و في بشارة المصطفى «حتى انتحل».
                       

 

بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏74، ص: 417
يا كميل إنما حظي من حظي بدنيا زائلة مدبرة و نحظى بآخرة باقية ثابتة يا كميل إن كلا يصير إلى الآخرة و الذي نرغب فيه منها رضى الله و الدرجات العلى من الجنة التي يورثها من كان تقيا يا كميل من لا يسكن الجنة فبشره بعذاب أليم و خزي مقيم يا كميل أنا أحمد الله على توفيقه و على كل حال إذا شئت فقم.









فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است