بسم الله الرحمن الرحیم

حديث مشهور كميل-قائم لله بحجة




من أهم وأقدم التراث الإسلامي في القرن الثالث الهجري
المعيار والموازنة
في فضائل الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( صلوات الله عليه ) وبيان أفضليته على جميع العالمين بعد الأنبياء والمرسلين
تأليف الشيخ الأقدم أبي جعفر الإسكافي محمد بن عبد الله المعتزلي المتوفى سنة 220 هجرية
بتحقيق المحقق الخبير الشيخ محمد باقر المحمودي
صفحه 79
باب [ في بعض ] ما [ ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام من ينابيع الحكم ]
ذكر عن كميل بن زياد رحمه الله أنه قال : أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب رضي الله عنه ، فأخرجني إلى الصحراء ، فلما أصحرنا ، تنفس الصعداء ، ثم
قال :
يا كميل بن زياد ، إن أول من أسس بنيان العمى وأدام توثب الجهل ( 1 ) تعسفا
فظن أنه ظفر ، وجاز عن دليل إحكام الحق ، فتداكت عليه الأمور ، وتقحم في
المهالك ، [ و ] يحسب أنه قد أحسن صنعا ، فتداولته الشبهات ، وتعاورته الجهالات ،
فهو في ظلما [ ت ] إذا أخرج يده لم يكد يراها ، ومن لم يجعل الله له نورا ، فما له من
نور ، فرام إبطال حق تولى الله إثباته ، وقامت العلماء [ با ] لله بحججه وبراهينه ،
يمنعون عنه الظلم ، وزحاريف أهل الهوى ، وأباطيل أهل الخطاء ، فأخر ما قدم الله ،
وقدم ما أخر الله ، ونقض الميثاق ، وفرق الجماعات فأرعد وأبرق .
ثم قال [ عليه السلام ] ( 2 ) :
يا كميل إن هذه القلوب أوعية ، وخيرها أوعاها ، فاحفظ عني ما أوصيك
به ، ولا تبغ بوصيتي بدلا :
الناس ثلاثة : فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق
يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق .
يا كميل العلم خير لك من المال ، العلم حاكم والمال محكوم عليه ، والعلم
يحرسك وأنت تحرس المال ، والعلم يزكو على الإنفاق ، والمال تنقصه النفقة .
يا كميل محبة العلم دين يدان به ، العلم يكسب به الطاعة في حياته ، وجميل
الأحدوثة بعد وفاته .
يا كميل هلك خزان المال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، عيونهم
مفقودة ، وأمثالهم في الناس موجودة ، ثابتة راسخة ( 1 )
قال : ثم قال : أوه أوه وأومأ بيده إلى صدره [ ثم قال : ]
إن ها هنا لعلما جما لو أجد له حملة ؟ ! بلى قد أجد لقنا غير مأمون عليه ،
مستعملا آلة الدين للدنيا ، أو مستظهرا بنعم الله على أوليائه ، وبحججه على كتابه ،
أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في أحنائه . يقدح الشك في قلبه لأول عارض من
شبهة ( 2 ) - فلا ذا ، ولا ذا ، ولا ذا - ومنهم من هو منهوم باللذة ، سلس القياد للشهوة ( 3 )
أو منهوم بالجمع والادخار ، ليسوا من رعاة الدين والعلم في شئ ، أقرب شبها بهم
الأنعام السائمة ( 4 ) كذلك يموت العلم بموت حامله ، وموت حامله الترك لاستعماله ،
لأن من عصى الله أموات غير أحياء ، وما يشعرون ( 1 ) .
[ اللهم ] بلى لا تخلو الأرض من قائم لك بحجة يقوم بالحق والصدق إما ظاهرا معلوما ، وإما خائفا مقهورا ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، وكم وعسى ؟ وأين ؟
أولئك الأقلون عددا ، والأعظمون عند الله قدرا ، بهم يحفظ الله حججه وبيناته
حتى يؤدوها إلى نظرائهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة
البصيرة ( 2 ) فباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعر منه المترفون / 23 / واستأنسوا بما
استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا أيام حياتهم ، وقلوبهم معلقة بالمحل الأعلى ( 3 ) .
ثم قال : يا كميل اطلبهم . قلت : يا أمير المؤمنين وأين أطلبهم ؟ ! قال : اطلبهم
في أطراف الأرض [ تجدهم ] قد اتخذوا الأرض بساطا ، والماء طيبا ، واليقين زادا ،
والقرآن شعارا .
[ تجدهم ] رمص العيون ، دنس الثياب ، يقرضون الدنيا قرضا قرضا .
إن غابوا لم يتفقدوا ( 4 ) وإن حضروا لم يعرفوا ، وإن خطبوا لم يزوجوا ، وإن قالوا
استهدف بكلامهم .
أولئك عباد الله حقا حقا [ و ] خلفاء الله في أرضه ، والدعاة إلى دينه ( 1 ) .
ثم قال ( 2 ) : قد أصبحتم في عمياء مظلمة سوداء مزبدة ، تقلبكم [ من ] فينة إلى
فينة ( 3 ) قد تعلقت عليكم أبوابها ، وذهبت ألباؤها ، وليس لكم فيها سبيل هدى ، ولا
تعرفون فيها سبيل نجاة ، فأعلام دينكم طامسة ، وآثار نبيكم دارسة ، والمنكرات فيكم
فاشية ، زالت عنكم النعم ، بترككم الطاعة ، والميل مع أهل الضلالة ، والركون إلى
العاجلة .
فلو شكرتم الله على ما استخلفكم عليه من نصر دينه ، والذب عن كتابه ، لوفاكم
نعيم الدنيا ، وثواب الآخرة .
ثم قال ( 4 ) : سلوني قبل أن تفقدوني .
فقام إليه رجل وهو صعصعة بن صوحان ، فقال له : يا صعصعة ( 5 ) اعقد أصابعك
إذا أضاع الناس الأمانة ، وأكلوا الربا ، وشيدوا البناء ، وسفكوا الدماء ، واستعملوا
السفهاء على الأحكام ، وكان الحليم ضعيفا ، والظالم مقتدرا ، والأمراء فجرة ، والقراء
فسقة ، وظهر الجورة ، وكثر الطلاق ، وقول البهتان ، وحليت المصاحف ، وزخرفت
المساجد ، وحربت القلوب ، وتقطعت العهود ، وعملت المعازف ، وشربت الخمور ،
وركبت [ ذات ] الفروج السروج ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وكان
السلام للمعرفة والشهادة من غير أن يستشهد [ و ] لبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب ،
[ و ] قلوبهم أمر من الصبر ، وأنتن من الجيفة ، والتمس طمع الدنيا ، بعمل الآخرة ،
وتفقه ( 1 ) لغير الدين ، فالنجا النجا [ و ] الجد الجد هربا من الناس ، نعم المسكن يومئذ
عبادان ( 2 ) النائم فيها كالمجاهد في سبيل الله ، من رابط فيها أربعين يوما وليلة فقد أدى
ما يجب عليه ، ومن أشركني في رباط أربعين يوما وليلة ، أشركته في صحبتي محمدا
صلى الله عليه وسلم ، وعلى الأخيار من آله .
ثم قال : لما رأينا التدبير ( 3 ) متصلا والتقدير معتدلا ، علمنا أن للأشياء صانعا
حكيما ، وأستغفر الله لي ولك إذا شئت يا كميل [ فانصرف ] .
فعلى هذه الجملة كان رضي الله عنه .





كتاب : الغارات
نويسنده : إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي
جلد : 1-ص149
وفات : 283

حدثنا محمد قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا إبراهيم ، قال : وحدثني أبو زكريا
يحيى بن صالح الحريري .
قال : حدثني الثقة 1 عن كميل بن زياد 2 قال : أخذ أمير المؤمنين - عليه السلام -
بيدي وأخرجني إلى ناحية الجبان 1 فلما أصحر 2 تنفس [ الصعداء 3 ] وقال :
يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها 4 أوعاها 5 ، احفظ عني ما أقول :
الناس ثلاثة ، عالم رباني 6 ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج 7 رعاع 8 ، أتباع كل ناعق 9 ،
يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق 10 .
يا كميل العلم خير من المال ، العلم يحرسك 11 وأنت تحرس المال ، والعلم
يزكو على الإنفاق 1 ، والمال تنقصه 2 النفقة ، يا كميل محبة 3 العلم 4 دين يدان به ،
تكسبه الطاعة 5 في الحياة ، وجميل الأحدوثة بعد الموت ، ومنفعة المال تزول 6 بزواله ،
والعلم حاكم والمال محكوم عليه .
يا كميل مات خزان المال 1 وهم أحياء ، والعلماء باقون 2 ما بقي الدهر ، أعيانهم
مفقودة وأمثالهم 3 في القلوب موجودة ، ها إن ههنا لعلما [ جما 4 ] وأومأ 5 إلى صدره
بيده ، لم أصب 1 له حملة 2 بلى أصيب لقنا 3 غير مأمون [ عليه 4 ] يستعمل 5 آلة الدين
في الدنيا 6 يستظهر 7 بحجج الله على أوليائه وبنعم الله على معاصيه ، أو منقادا لحملة
الحق لا بصيرة له في أحنائه 8 يقدح الشك في قلبه بأول 9 عارض من شبهة [ ألا 10 ]
لا ذا ولا ذاك ، أو منهوما 1 باللذة سلس القياد للشهوة ، أو مغرما 2 بالجمع والادخار
ليسا من رعاة الدين [ في شئ 3 ولا من ذوي البصائر واليقين 4 ] أقرب شئ شبها بهما
الأنعام السائمة ، كذلك يموت العلم بموت حامليه 5 .
اللهم بلى لا تخلو 6 الأرض من قائم لله بحجة 7 إما ظاهرا مشهورا وإما 8 خائفا مغمورا ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته 9 وكم ذا ؟ ! وأين أولئك ؟ ! أولئك والله الأقلون
عددا والأعظمون عند الله قدرا ، بهم يحفظ الله حججه وبيناته حتى يودعوها
نظراءهم 10 ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر 11 فباشروا
روح اليقين فاستلانوا ما استوعره 12 المترفون ، وأنسوا 13 بما استوحش منه الجاهلون ،
صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها 1 معلقة بالمحل الأعلى ، أولئك 2 خلفاء الله في أرضه 3
والدعاة إلى دينه آه آه 4 شوقا إلى رؤيتهم ، استغفر الله لي ولك 5 انصرف 6 إذا
شئت 7 .





كتاب : تاريخ اليعقوبي
نويسنده : اليعقوبي
جلد : 2 ص206
وفات : 284

وقال كميل بن زياد : وأخذ بيدي علي ، فأخرجني إلى ناحية الجبانة ،
فلما أصحر تنفس الصعداء ثلاثا ، ثم قال : يا كميل ، إن القلوب أوعية
فخيرها أوعاها ، احفظ عني ما أقول لك : الناس ثلاثة : عالم رباني ، ومتعلم
على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم
يلجأوا إلى ركن وثيق . يا كميل ! العلم خير من المال ، العلم يحرسك ، وأنت
تحرس المال ، والعلم حاكم ، والمال محكوم عليه ، مات خزان المال وهم
أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة وأمثلتهم في القلوب
موجودة ، ها إن هاهنا ، وأشار إلى صدره ، لعلما جما لو أصبت له حملة ،
اللهم إلا أن أصيب لقنا غير مأفون يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا ،
ويستظهر بحجج الله على أوليائه وبنعمه على خلقه ، أو منقادا لحملة الحق
لا بصيرة في احيائه ، يقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة ، ألا لا ذا ولا
ذاك ، أو منهوما باللذة ، سلس القيادة للشهوة ، أو مغرما بالجمع والادخار ،
ليسوا من رعاة الدين في شئ ، أقرب شبها بهم الانعام السائمة ، اللهم كلا !
لا تخلو الأرض من قائم بحق إما ظاهر مشهور ، وإما خائب مغمور ، لئلا
يبطل حجج الله عز وجل وبيناته أولئك الأقلون عددا ، والأعظمون خطرا ،
هجم بهم العلم ، حتى حقائق الأمور ، وباشروا روح اليقين ، فاستلانوا ما
استوعر المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدان ،
أرواحها معلقة بالمحل الاعلى ، يا كميل ! أولئك أولياء الله من خلقه والدعاة
إلى دينه ، بهم يحفظ الله حججه ، حتى يودعوها أمثالهم ، ويزرعوها في قلوب
أشباههم ، هاه شوقا إلى رؤيتهم .





كتاب : @ العقد الفريد
نويسنده : أبو عمر ، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي ( المتوفى : 328 ه - )
جلد : 2ص82

فضيلة العلم
لعلي بن أبي طالب :
حدثنا أيوب بن سليمان قال : حدثنا عامر بن معاوية عن أحمد بن عمران الأخنس عن الوليد بن صالح الهاشمي ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الكوفي ، عن أبي مخنف ، عن كحيل النخعي ، قال : أخذ بيدي علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، فخرج بي إلى ناحية الجبانة ، فلما أصحر « 1 » تنفس الصعداء ، ثم قال : يا كميل ، إن هذه القلوب أوعية ، فخيرها أوعاها فاحفظ عني ما أقول لك :
الناس ثلاثة : عالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع ، أتباع كل ناعق ، مع كل ريح يميلون ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق .
يا كميل ، العلم خير من المال : العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق ، ومنفعة المال تزول بزواله .
يا كميل ، محبة العلم دين يدان به ، به يكسب الإنسان الطاعة في حياته ، وجميل الأحدوثة بعد وفاته ، والعلم حاكم والمال محكوم عليه .
يا كميل ، مات خزان المال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة ها إن ها هنا لعلما جما - وأشار بيده إلى صدره - لو وجدت له حملة ، بلى أجد لقنا « 2 » غير مأمون عليه ، يستعمله آلة الدين
للدنيا ، ويستظهر بحجج الله على أوليائه ، وبنعمه على عباده ؛ أو منقادا لحملة الحق ولا بصيرة له في أحنائه « 1 » ، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة . لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، أو منهوما باللذة ، سلس القياد للشهوة ، أو مغرما بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين في شيء أقرب شبها بهما الأنعام السائمة . كذلك يموت العلم بموت حامليه . اللهم بلى ، لا تخلو الأرض من قائم بحجة الله إما ظاهرا مشهورا ، أو خائفا مغمورا ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ؛ وكم ذا ، وأين ؟ أولئك والله الأقلون عددا ؛ والأعظمون عند الله قدرا ؛ بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظراءهم ؛ ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة الإيمان حتى باشروا روح اليقين ؛ فاستلانوا ما استخشن المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالرفيق الأعلى .
يا كميل ، أولئك خلفاء الله في أرضه ، والدعاة إلى دينه ، آه آه . شوقا إليهم .
انصرف إذا شئت .






فوائد أبي بكر الأبهري (ص: 32)
المؤلف: محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح، أَبو بكر التميمي الأبهري المالكي (المتوفى: 375هـ)
16- حدثنا محمد بن الحسين الأشناني حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ابن بنت السدي حدثنا عاصم بن حميد، أو رجل عن عاصم بن حميد الخياط عن ثابت بن أبي صفية أبي حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد النخعي قال أخذ علي يعني ابن أبي طالب عليه السلام بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان فلما أصحر جلس ثم تنفس ثم قال يا كميل بن زياد القلوب أوعية خيرها أوعاها احفظ عني ما أقول لك:
الناس ثلاثة فعالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجؤا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال والعلم يزكو على العمل والمال [ص:33] تنقصه النفقة، ومحبة العالم دين يدان به يكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته وصنيعة المال تزول بزواله، مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة، هاه إن ههنا وأشار بيده إلى صدره علما لو أصبت حمله بل أصبت لقناً لأهل الحق لا بصيرة له في حياته يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا ذا ولا ذا، فمن منهوم باللذة سلس القياد للشهوات، أو مغرىً بجمع الأموال والإدخار ليسا من دعاة الدين أقرب شبها بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم بحجة لكي لا تبطل حجج الله عز وجل وبيناته أولئك الأقلون عددا الأعظمون عند الله قدرا بهم يدفع الله عزَّ وجلَّ عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم به العلم [ص:34] على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر منه المترفون وأنسوا مما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى (أولئك خلف الله عزَّ وجلَّ في بلاده والدعاة إلى دينه) هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم. وأستغفر الله لي ولك إذا شئت فقم.




قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد (1/ 232)
المؤلف: محمد بن علي بن عطية الحارثي، أبو طالب المكي (المتوفى: 386هـ)
وعلى قدر علم العبد بربه تعالى ترجح أعماله وتضاعف حسناته وبه يكون عند الله تعالى من المقربين لأنه لديه من الموقنين فهم أهل الحقائق الذين وصفهم علي عليه السلام وفضلهم على الخلائق، فقال في وصفهم القلوب أوعية وخيرها أوعاها والناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم يزكيه العمل والمال تنقصه النفقة، محبة العلم دين يدان به يكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته، العلم حاكم والمال محكوم عليه، ومنفعة المال تزول بزواله، مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر ثم تنفس الصعداء فقال: ها إن ههنا علماً جماً لو أجد له حملة بلى أجد لقناً غير مأمون يستعمل الدين في طلب الدنيا ويستطيل بنعم الله تعالى على أوليائه ويستظهر بحججه على خلقه أو منقاداً لأهل الحق ينزرع الشك في قلبه بأوّل عارض من شبهة لا بصيرة له وليسا من رعاة الدين في شيء لا ذا ولا ذاك فمفهوم باللذة سلس القيادة في طلب الشهوات أو مغرىً بجمع الأموال والإدخار منقاد لهواه أقرب شبهاً بهما الأنعام السائمة، اللهم هكذا يموت العلم إذا مات حاملوه بل لا تخلو الأرض من قائم لله تعالى بحجة، إمّا ظاهر مكشوف وإما خائف مقهور لئلا تبطل حجج الله تعالى وبيّناته وأين أولئك الأقلون عدداً الأعظمون قدراً أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة يحفظ الله تعالى بهم حججه حتى يودعها نظراءهم ويزرعوها في القلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين فاستلانوا ما استوعر منه المترفون وأنسوا بما استوحش منه الغافلون صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك أولياء الله من خلقه وعماله في أرضه والدعاة إلى دينه، ثم بكى وقال: واشوقاه إلى رؤيتهم فهذه كلها أوصاف علماء الآخرة وهذه نعوت علم الباطن وعلم القلوب لا علم الألسنة وكذلك وصفهم معاذ بن جبل رضي الله عنه في وصف العلم بالله تعالى.




الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي (ص: 584)
المؤلف: أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى الجريرى النهرواني (المتوفى: 390هـ)
موعظة علي لكميل بن زياد
حدثنا محمد بن أحمد المقدمي وحدثنا عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن الوراق وحدثنا ابن عائشة قال حدثني أبي عن عمه عن كميل، وحدثني أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا المدائني، والألفاظ في الروايتين مختلطة، قالا، قال كميل بن زياد النخعي: أخذ علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان، فلما أصحر تنفس ثم قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق غاو، يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم يزكو على الإنفاق والمال تنقصه النفقة. يا كميل محبة العالم دين يدان به، في كسبه العلم لذته في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته، ونفقة المال تزول بزواله، والعلم حاكم والمال محكوم عليه. يا كميل مات خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر: أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة. إن هاهنا لعلما وأشار إلى صدره لو أصبت له حملة. ثم قال: اللهم بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين في الدنيا ويستظهر بحجج الله على أوليائه وبنعمه على كتابه، أو منقادا لجملة الحق لا بصيرة له في إحيائه، يقدح الزيغ في قلبه بأول عارض من شبهة، اللهم لا ذا ولا ذاك، أو منهوما بالذات، سلس القياد في الشهوات، ومغرما بالجمع والادخار، وليسا من رعاة الدين، أقرب شبها بهما الأنعام السائمة، وكذلك يموت العلم بموت حملته.
ثم قال اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهر مشهور وإما خائف مغمور، لئلا تبطل حجج الله وبيناته فيكم، وأين أولئك؟ ألئك الأقلون عددا، الأعظمون قدرا، بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين، واستسهلوا ها واستوعر المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأرواح معلقة بالمحل الأعلى. يا كميل، أولئك خلفاء الله في أرضه، الدعاة إلى دينه، هاه واشوقا إلى رؤيتهم، أستغفر الله لي ولك.





الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي (ص: 696)
المؤلف: أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى الجريرى النهرواني (المتوفى: 390هـ)
موعظة علي لكميل بن زياد
حدثني محمد بن عمر بن نصير الحربي الجمال سنة ست عشرة وثلاثمائة إملاء من حفظه قال، حدثني نجيح بن إبراهيم الزماني قال، حدثنا ضرار بن صرد عن ثابت بن أبي قتيبة عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد قال: أخذ بيدي علي بن أبي طالب عليه السلام فأخرجني إلى الجبان، فلما أصحر جلس ثم تنفس ثم قال: يا كميل بن زياد، القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل بن زياد، العلم خير لك من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقات، ومحبة العلم دين يدان به يكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته.
يا كميل بن زياد، العلم حاكم والمال محكوم عليه، وصنيعة المال تزول بزواله، مات خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة. إن هاهنا لعلما جما وأشار بيده إلى صدره لو أصبت له حملة، بل أصبت له لقنا غير مأمون عليه، يستعمل له آلة الدين بالدنيا، يستظهر بنعم الله على عبادته وبحجته على كتابه، أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في إحيائه، يقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، فلا ذا ولا ذا، أو منهوما باللذة، سلس القياد للشهوات، أو مغرما بجمع الأموال والادخار، ليسا من دعائم الدين، أقرب شبها بهما الأنعام السائمة.
كذلك يموت العلم بموت حامليه. اللهم بلى، لن تخلو الأرض من قائم الله بحجة لكيلا تبطل حجج الله وبيناته. أولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا، بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أراوحها معلقة بالملكوت الأعلى، أولئك خلفاء الله في بلاده، والدعاة إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولكم.
قال القاضي: لقد ألقى أمير المؤمنين العالم الرباني إمام المسلمين صلوات الله عليه وآله إلى كميل بن زياد في مجلسه هذا علما عظيما وحكما جسيما، وخلف بما أتى به منه للمسلمين حكمة شافية ووصية كافية، ومن جعل من العلماء مستودع هذا الخبر إمامه، وأخذ به في دينه، اقتبس علما غزيرا، واستفاد خيرا كثيرا. ونسأل الله التوفيق لإصابة القول والعمل، والعصمة من الخطأ والزلل.




ديوان المعاني (1/ 146)
المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)
أبلغ ما جاء في وصف العلم قول علي رضي الله تعالى عنه: قيمة كل امرئ ما يحسنه. وشذ به بعضهم فقال: قيمة كل امرئ علمه. ولا أعرف في مدح العلم وعدَ خصاله أبلغ من كلامه رضي الله تعالى عنه خاطب به كميل بن زياد أثبته لك هنا وإن كان مشهوراً:
أخبرنا أبو أحمد حدثنا الهيثم بن أحمد ابن الزيدني حدثنا علي بن حكيم الأذري حدثنا الربيع بن عبد الله المدني حدثنا عبد الله بن حسن عن محمد عن علي عن آبائه عم كميل بن زياد قال أخذ بيدي علي رضي الله تعالى عنه فلما أصحرنا قال يا كميل إن هذه القلوب أوعية وخسرها أوعاها فاحفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يأووا إلى ركن وثيق يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق، يا كميل محبة العلم دين تدان به تكتسب به الطاعة في حياتك وجميل الأحدوثة بعد وفاتك والعلم حاكم والمال محكوم عليه، يا كميل مات خزان المال والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة هاه إن ههنا لعلماً جماً لو أصبت له حملة بلى أصبت لقناً غير مأمون يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا فيستظهر بحجج الله على أوليائه، أو منقاداً لحملة الحق لا بصيرة له في أجنائة فيقدح الشك في قلبه عند أول عارض من شبهه، أو لا ذا ولاذا فمنهم باللذات سلس القياد للشهوات ومغرم بالجمع والادخار ليس من رعاة الدين أقرب شبهاً بهم الأنعام السائمة اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجة إما ظاهر وإما خائف لئلا تبطل حجة الله وتبيانه وكم وأين أولئك الأقلون عدداً الأعظمون قدراً بهم يحفظ الله تعالى حججه حتى يودعوها أسماع نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقائق الأمور فباشروا روح اليقين واستلانوا ما استوعده المترفون وآنسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها متعلقة بالمحل الأعلى، يا كميل أولئك أولياء الله من خلقه وعماله في أرضه والدعاة إلى دينه هاه شوقاً إلى رؤيتهم.







حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (1/ 79)
المؤلف: أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (المتوفى: 430هـ)
وصيته لكميل بن زياد
حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا موسى بن إسحاق، وثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قالا: ثنا أبو نعيم ضرار بن صرد، وثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد الحافظ، ثنا محمد بن الحسين الخثعمي، ثنا إسماعيل بن موسى الفزاري، قالا: ثنا عاصم بن حميد الخياط، ثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي، عن عبد الرحمن بن جندب، عن كميل بن زياد، قال: " أخذ علي بن أبي طالب بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان، فلما أصحرنا جلس ثم تنفس ثم قال: " يا كميل بن زياد القلوب أوعية فخيرها أوعاها، واحفظ ما أقول لك: الناس [ص:80] ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق. العلم خير من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، العلم يزكو على العمل، والمال تنقصه النفقة، ومحبة العالم دين يدان بها، العلم يكسب العالم الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد موته، وصنيعة المال تزول بزواله. مات خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة، هاه إن ههنا - وأشار بيده إلى صدره - علما لو أصبت له حملة، بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين للدنيا، يستظهر بحجج الله على كتابه، وبنعمه على عباده، أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في إحيائه، يقتدح الشك في قلبه، بأول عارض من شبهة، لا ذا ولا ذاك، أو منهوم باللذات، سلس القياد للشهوات، أو مغرى بجمع الأموال والادخار، وليسا من دعاة الدين، أقرب شبها بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، أولئك هم الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا، بهم يدفع الله عن حججه، حتى يؤدوها إلى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر منه المترفون، وأنسوا مما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمنظر الأعلى، أولئك خلفاء الله في بلاده، ودعاته إلى دينه. هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولك، إذا شئت فقم "



كتاب : دستور معالم الحكم ومأثور مكارم الشيم من كلام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ( ك )
نويسنده : محمد بن سلامة القضاعي
جلد : ص85
وفات : 454
رده‌ : مصادر حديث سنى - عام
خطى : خير

اخبرني محمد بن منصور بن عبد الله عن أبي عبد الله
التستري إجازة . قال أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر بن محمد
الكوكبي الأديب . قال حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب
قال حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا ضرار بن صرد قال
حدثنا عاصم بن حميد قال حدثنا ثابت بن أبي صفية أبي
حمزة ( 1 ) الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن
زياد قال اخذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان ( 1 ) فلما أصحر ( 2 ) تنفس صعداء ( 2 )
ثم قال يا كميل إن هذ ه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للعلم .
إحفظ عني ما أقول لك . الناس ثلاثة عالم رباني . ومتعلم على
سبيل نجاة . وهمج رعاع ( 4 ) اتباع كل ناعق غاو يميلون مع كل
ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجؤا إلى ركن وثيق . يا كميل
العلم خير من المال . العلم يحرسك وأنت تحرس المال والمال
تنقصه النفقة . والعلم يزكو على الانفاق . يا كميل محبة العالم
دين يدان به يكسبه العلم الطاعة لربه عز وجل في حياته .
وجميل الأحدوثة بعد وفاته . ومنفعة المال تزول بزواله .
والعلم حاكم والمال محكوم عليه . يا كميل مات خزان المال
وهم احياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة . وأمثالهم
في القلوب موجودة . ها إن ها هنا لعلما جما ( 5 ) ( وأشار إلى صدره )
لو أصبت له حملة . اللهم بلى أصبته لقنا ( 1 ) غير مأمون
يستعمل آلة الدين في الدنيا . ويستظهر بحجج الله ( 2 ) على
أوليائه وبنعمه على كتابه أو منقادا لجملة الحق ( 3 ) لا بصيرة
له في إحيائه يقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة . اللهم
لا ذا ولا ذاك أو منهوما باللذات ( 4 ) سلس القياد ( 5 ) للشهوات أو
مغرما بجمع الأموال والادخار ليسا من رعاة الدين أقرب
شبها بهما الانعام السائمة ( 6 ) كذلك يموت العلم بموت حملته .
اللهم بلى لن تخلوا الأرض من حجة قائم لله بحجة إما ظاهر مشهور وإما خائف مغمور ( 7 ) . كي لا تبطل حجج الله وبيناته . وكم
وأين أولئك الأقلون عددا . الأعظمون عند الله قدرا . بهم
يحفظ الله حججه حتى يودعها نظراءهم . ويودعها في قلوب
أشباههم . هجم بهم العلم على حقيقة الايمان . فباشروا روح
اليقين . واستسهلوا ما استوعر منه المترفون ( 1 ) وانسوا بما
استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة
بالمحل الاعلى أولئك خلفاء الله في ارضه الدعا ة إلى دينه
هاه شوقا ( 2 ) إلى رؤيتهم واستغفر الله لي ولك يا كميل إذا
شئت فقم .





كتاب : جامع بيان العلم وفضله
نويسنده : ابن عبد البر
جلد : 2 ص113
وفات : 463
رده‌ : مصادر حديث سنى - عام

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عليه لكميل بن زياد النخعي وهو حديث مشهور عند أهل العلم يستغني عن الاسناد لشهرته عندهم يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير والناس ثلاثة فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاه وهمج رعاع أتباع كل ناعق لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ثم قال إن ههنا لعلما وأشار بيده إلى صدره لو أصبت له حملة لقد أصبت لقنا غير
مأمون يستعمل الدين للدنيا ويستظهر بحجج الله على كتابه وبنعمه على معاصيه أف لحامل حق لايصيره له ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا يدري أين الحق إن قال أخطأ وإن أخطأ لم يدر مشغوف بما لا يدري حقيقته فهو فتنة لمن افتتن به وإن من الخير كله من عرفه الله دينه وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف دينه





تاريخ بغداد ت بشار (7/ 408)
المؤلف: أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ)
أخبرني محمد بن أحمد بن رزق، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قال: حدثنا بشر بن موسى، قال: حدثنا عبيد بن الهيثم، قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن أحمد أبو يعقوب النخعي، قال: حدثنا عبد الله بن الفضل بن عبد الله بن أبي الهياج بن محمد بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب أبو منذر الكلبي، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن فضيل بن خديج، عن كميل بن زياد النخعي، قال: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالكوفة، فخرجنا حتى انتهينا إلى الجبانة، فلما أصحر تنفس الصعداء، ثم قال لي: يا كميل بن زياد إن هذه القلوب أوعية، وخيرها أوعاها للعلم، احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق، يا كميل بن زياد، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، المال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق، يا كميل بن زياد محبة العالم دين يدان تكسبه الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته، ومنفعة المال تزول بزواله، العلم حاكم والمال محكوم عليه، يا كميل مات خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة، وإن هاهنا، وأشار إلى صدره، لعلما جما لو أصبت له حملة، بلى أصبت لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين للدنيا، وذكر الحديث، كذا في أصل ابن رزق، وذكر لنا أن الشافعي قطعه من هاهنا فلم يتمه.







الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (1/ 182)
المؤلف: أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ)
ذكر تقسيم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أحوال الناس في طلب العلم وتركه
أنا محمد بن الحسين بن الأزرق المتوثي , أنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان , نا أبو بكر موسى بن إسحاق الأنصاري , وأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن الحسين الحربي , وأبو نعيم الحافظ قالا: نا حبيب بن الحسن بن داود القزاز , نا موسى بن إسحاق , نا أبو نعيم ضرار بن صرد , نا عاصم بن حميد الحناط , عن أبي حمزة الثمالي , عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري , عن كميل بن زياد النخعي , قال: أخذ علي بن أبي طالب بيدي , فأخرجني إلى ناحية الجبان , فلما أصحر جلس ثم تنفس , ثم قال: " يا كميل بن زياد , احفظ ما أقول لك: القلوب أوعية خيرها أوعاها الناس ثلاثة: فعالم رباني , ومتعلم على سبيل نجاة , وهمج رعاع , أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح , لم يستضيئوا بنور العلم , ولم يلجأوا إلى ركن وثيق , العلم خير من المال , العلم يحرسك , وأنت تحرس المال , العلم يزكو على العمل , والمال تنقصه النفقة , العلم حاكم , والمال محكوم عليه , وصنيعة المال تزول بزواله , محبة العالم دين يدان بها , تكسبه الطاعة في حياته , وجميل الأحدوثة بعد موته , مات خزان الأموال وهم أحياء , العلماء باقون , ما بقي [ص:183] الدهر , أعيانهم مفقودة , وأمثالهم في القلوب موجودة , ها إن ها هنا - وأومأ بيده إلى صدره - علما , لو أصبت له حملة , بلى أصبته لقنا , غير مأمون عليه , يستعمل آلة الدين للدنيا , يستظهر بنعم الله على عباده , ويحججه على كتابه , أو منقادا لأهل الحق , لا بصيرة له في إحيائه , يقتدح الشك في قلبه , بأول عارض من شبهة , لا ذا , ولا ذاك , أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوات , أو فمغرى بجمع الأموال , والادخار , ليسا من دعاة الدين , أقرب شبههما بهما الأنعام السائمة , كذلك يموت العلم بموت حامليه , اللهم بلى , لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة , لكي لا تبطل حجج الله وبيناته , أولئك الأقلون عددا الأعظمون عند الله قدرا , بهم يدفع الله عن حججه , حتى يؤدوها إلى نظرائهم , ويزرعوها في قلوب أشباههم , هجم بهم العلم على حقيقة الأمر , فاستلانوا ما استوعر منه المترفون , وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون , وصاحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحمل الأعلى , هاها شوقا إلى رؤيتهم , وأستغفر الله لي ولك , إذا شئت فقم " [ص:184] هذا الحديث من أحسن الأحاديث معنى , وأشرفها لفظا , وتقسيم أمير المؤمنين , علي بن أبي طالب الناس في أوله تقسيم في غاية الصحة , ونهاية السداد , لأن الإنسان لا يخلو من أحد الأقسام الثلاثة التي ذكرها مع كمال العقل وإزاحة العلل , إما أن يكون عالما أو متعلما أو مغفلا للعلم وطلبه , ليس بعالم ولا طالب له فالعالم الرباني: هو الذي لا زيادة على فضله لفاضل , ولا منزلة فوق منزلته لمجتهد , وقد دخل في الوصف له بأنه رباني وصفه بالصفات التي يقتضيها العلم لأهله , ويمنع وصفه بما خالفها , ومعنى الرباني في اللغة: الرفيع الدرجة في العلم , العالي المنزلة فيه , وعلى ذلك حملوا قول الله تعالى: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار} [المائدة: 63] وقوله تعالى: {ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون} [آل عمران: 79]







إحياء علوم الدين (1/ 71)
المؤلف: أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: 505هـ)
وكذلك في علوم المكاشفة وأسرار علوم المعاملة ودقائق خواطر القلوب فإن كل علم من هذه العلوم بحر لا يدرك عمقه وإنما يخوضه كل طالب بقدر ما رزق منه وبحسب ما وفق له من حسن العمل وفي وصف هؤلاء العلماء قال علي رضي الله عنه في حديث طويل القلوب أوعية وخيرها أوعاها للخير والناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع اتباع لكل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال
والعلم يزكو على الإنفاق والمال ينقصه الإنفاق والعلم دين يدان به تكتسب به الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته العلم حاكم والمال محكوم عليه ومنفعة المال تزول بزواله مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء أحياء باقون ما بقي الدهر ثم تنفس الصعداء وقال هاه إن ههنا علماً جماً لو وجدت له حملة بل أجد طالباً غير مأمون يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا ويستطيل بنعم الله على أوليائه ويستظهر بحجته على خلقه أو منقاداً لأهل الحق لكن ينزرع الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا بصيرة له لا ذا ولا ذاك أو منهوماً باللذات سلس القياد في طلب الشهوات أو مغرى بجمع الأموال والادخار منقاداً لهواه أقرب شبهاً بهم الأنعام السائمة اللهم هكذا يموت العلم إذا مات حاملوه ثم لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهر مكشوف وإما خائف مقهور لكيلا تبطل حجج الله تعالى وبيناته وكم وأين أولئك هم الأقلون عدداً الأعظمون قدراً أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة يحفظ الله تعالى بهم حججه حتى يودعوها من وراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين فاستلانوا ما استوعر منه المترفون وأنسوا بما استوحش منه الغافلون صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك أولياء الله عز وجل من خلقه وأمناؤه وعماله في أرضه والدعاة إلى دينه ثم بكى وقال واشوقاه إلى رؤيتهم فهذا الذي ذكره أخيراً هو وصف علماء الآخرة وهو العلم الذي يستفاد أكثره من العمل والمواظبة على المجاهدة






المجموع اللفيف (ص: 34)
المؤلف: أمين الدولة محمد بن محمد بن هبة الله العلوي الحسيني أبو جعفر الأفطسي الطرابلسي (المتوفى: بعد 515هـ)
[وصية لعلي بن أبي طالب]
كميل بن زياد النخعي [5] قال: أخذ بيدي أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه، فأخرجني إلى الجبّان، فلما أصحر [1] تنفّس الصّعداء، ثم قال: [2] ((يا كميل بن زياد، إنّ هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، فاحفظ ما أقول لك:
الناس ثلاثة؛ فعالم ربّاني، ومتعلّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كلّ ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، يا كميل بن زياد [4 و] العلم خير من المال، العلم يحرسك، والمال تحرسه [3] ، والمال تنقصه النّفقة، والعلم يزكو على الإنفاق [4] ، والعلم حاكم، والمال محكوم عليه، يا كميل بن زياد، هلك خزّان الأموال، والعلم باق والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وآثارهم موجودة، ها إنّ هنا لعلما جمّا- وأشار إلى صدر- لو أصبت له حملة، بلى أصبت لقنا غير مأمون، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على أوليائه [5] ، ويحججه على دينه، أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في إحنائه، ينقدح الشكّ في قلبه الأول عارض من شبهة، ألا، لا ذا ولا ذاك، أم منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة، أم مغرما [6] بالجمع والإدخار، ليسا من رعاة الدين في شيء، أقرب شبها بهم الأنعام السائمة [7] ، اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحججه، إما ظاهرا [مشهورا] أو خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيّناته، وكم ذا، وأين أولئك، الأقلون عددا، الأعظمون قدرا بهم يحفظ الله حججه وبيّناته، حتى يودعوها في قلوب أشباهم [8] ، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا أرواح اليقين، واستلانوا ما استوعر المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحلّ الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة [4 ظ] إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم، انصرف إذا شئت)) [1]










كتاب : التذكرة الحمدونية
نويسنده : ابن حمدون
جلد : 1 ص68
وفات : 562

[ 90 ] - قال كميل بن زياد ( 1 ) النخعي : أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فأخرجني إلى الجبانة ، فلما أصحر تنفّس الصعداء ثم قال : يا كميل إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها ، فاحفظ عني ما أقول لك : إنّ الناس ثلاثة عالم ربانيّ ، ومتعلَّم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كلّ ناعق يميلون مع كلّ ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق . يا كميل : العلم خير من المال فالمال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق . يا كميل : معرفة العلم دين يدان به ، يكسب الإنسان الطاعة في حياته ، وجميل الأحدوثة بعد وفاته . والعلم حاكم والمال محكوم عليه . يا كميل بن زياد : هلك خزّان المال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة ، ها إنّ ها هنا لعلما جما - وأشار إلى صدره - لو أصبت له حملة ؛ بلى أصبت لقنا ( 2 ) غير مأمون عليه ( 3 ) ، مستعملا آلة الدين للدنيا ، ومستظهرا بنعم اللَّه على عباده ، وبحججه على أوليائه ، أو منقادا بجملة ( 4 ) الحق لا بصيرة له في إجابة ( 5 ) ، ينقدح الشكّ في قلبه لأول عارض من شبهة ، ألا لا ذا ولا ذاك ، أو منهوما باللذة ، سلس القياد للشهوة ، أو مغرما بالجمع والادّخار ، ليسا من رعاة الدين في شيء ، أقرب
[ شيء ] شبها بهما الأنعام السائمة ؛ كذلك يموت العلم بموت حامليه ( 1 ) . اللهم بلى ، لا تخلو الأرض من قائم للَّه بحجة إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا ، لئلا تبطل حجج اللَّه وبيناته . ولم ذا وأين أولئك ؟ أولئك واللَّه الأقلَّون عددا ، الأعظمون قدرا ، بهم يحفظ اللَّه حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم العلم بهم على حقيقة البصيرة ، وباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعر المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلَّقة بالمحلّ الأعلى . أولئك خلفاء اللَّه في أرضه ، والدعاة إلى دينه ، آه آه شوقا إليهم ، انصرف إذا شئت .








تاريخ دمشق لابن عساكر (50/ 251)
المؤلف: أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر (المتوفى: 571هـ)
قال (1) كميل بن زياد كوفي تابعي ثقة قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي بكر الخطيب أنبأنا أبو بكر البرقاني أنبأنا محمد بن عبد الله بن خميروية حدثنا الحسين بن إدريس أنبأنا محمد بن عبد الله بن عمار قال كميل بن زياد رافضي وهو ثقة من أصحاب علي وقال في موضع آخر كميل بن زياد هو من رؤساء الشيعة كان بلاء من البلاء أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنبأنا رشأ بن نظيف أنبأنا الحسن بن إسماعيل أنبأنا أحمد بن مروان حدثنا محمد بن علي بن خلف البغدادي سنة ثمان وسبعين حدثنا عمرو بن عبد الغفار عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن رشيد أبي راشد عن كميل بن زياد قال خرجت مع علي بن أبي طالب فلما أن أشرف على الجبان التفت إلى المقبرة فقال يا أهل القبور يا أهل البلاء يا أهل الوحشة ما الخبر عندكم فإن الخبر عندنا قد قسمت الأموال وأيتمت الأولاد واستبدل بالأزواج فهذا الخبر عندنا فما الخبر عندكم ثم التفت إلي فقال يا كميل لو أذن لهم في الجواب لقالوا إن خير الزاد التقوى ثم بكى وقال لي يا كميل القبر صندوق العمل وعند الموت يأتيك الخبر أخبرنا (2) أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه وأبو (3) منصور محمد بن عبد الملك المقرئ قالا (4) أبو بكر أحمد بن علي الحافظ (5) أخبرني محمد بن أحمد بن رزق حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي حدثنا بشر بن موسى حدثنا عبيد بن الهيثم حدثنا إسحاق بن محمد بن أحمد أبو يعقوب النخعي حدثنا عبد الله بن الفضل بن عبد الله بن أبي الهياج بن محمد بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب حدثنا هشام بن محمد بن السائب أبو المنذر الكلبي عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن (6) فضيل (7) بن حديج عن كميل بن زياد النخعي قال: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالكوفة فخرجنا حتى انتهينا إلى الجبان (8) فلما أصحر (1) تنفس صعداء ثم قال لي يا كميل بن زياد إن هذه القلوب أوعية وخيرها أوعاها للعلم احفظ عني ما أقول لك الناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق يا كميل بن زياد العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال المال ينقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق يا كميل بن زياد محبة العالم دين يدان تكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته ومنفعة المال نزول بزواله العلم حاكم والمال محكوم عليه يا كميل مات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة وإن ههنا وأشار إلى صدره لعلما جما لو أصبت حملة بلى أصبت لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين (2) بالدنيا وذكر الحديث (3) كذا (4) في أصل (5) ابن رزق (6) وذكر لنا أن الشافعي قطعه من ههنا فلم يتمه قال ابن عساكر (7) هذا طريق غريب والمعروف ما أخبرنا أبو محمد هبة الله بن سهل بن عمر وأبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس (8) قالا أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق أنبأنا أبو جعفر محمد بن الحسين الخثعمي بالكوفة حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري أنبأنا عاصم بن حميد الحناط (9) أو رجل عنه حدثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد النخعي قال أخذ علي بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان فلما أصحرنا جلس ثم تنفس ثم قال يا كميل بن زياد القلوب أربعة فخيرها أوعاها احفظ ما أقول لك الناس ثلاثة فعالم رباني وعالم متعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجؤا إلى ركن وثيق العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال العلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة ومحبة العالم دين يدان بها باكتساب الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته وصنعه (1) يفنى المال بزوال صاحبه مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة ها إن ههنا وأشار بيده إلى صدره علما لو أصبت له حملة بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين للدنيا (2) يستطهر بحجج الله على كتابه وينعمه على عباده أو منقاد لأهل الحق لا بصيرة له في أحنائه يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا ذا ولا ذاك أو منهوم باللذة سلس القياد للشهوات أو مغري يجمع الأموال والإدخار ليسا من دعاة الدين أقرب شبههما بهما الأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة لكي لا تبطل حجج الله وبيناته (3) أولئك الأقلون عددا الأعظمون عند الله قدرا بهم يدفع الله من حججه حتى يودوها إلى نظرائهم فيزرعوها في قلوب أشباههم هجم به العلم على حقيقة الأمر تلك أبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك خلفاء الله في بلاده والدعاة إلى دينه هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم وأستغفر الله لي ولك إذا شئت فقم رواه أبو نعيم ضرار بن صرد (4) عن عاصم بن حميد فزاد فيه ألفاظا أأخبرناه أبو القاسم علي بن إبراهيم قراءة أنبأنا عمي الشريف الأمير النقيب عماد الدولة أبو البركات عقيل بن العباس الحسيني (5) أنبأنا الحسين بن عبد الله بن محمد بن أبي كامل الأطرابلسي قراءة عليه بدمشق أنبأنا خال أبي أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي حدثنا نجيح بن إبراهيم الزهري حدثنا ضرار بن صرد حدثنا عاصم بن حميد الحناط حدثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل ابن زياد قال أخذ عليه السلام بيدي فأخرجني ناحية الجبان فلما أصحر جعل يتنفس ثم قال يا كميل بن زياد القلوب أوعية فخيرها أوعاها احفظ عني ما أقول لك الناس ثلاثة فعالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال العلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة ومحبة العالم دين يدان بها فتكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته العلم حاكم والمال محكوم عليه وصنيعة المال تزول بزواله مات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة ها إن ههنا لعلما لو أصبت له حملة بل أصبت لقنا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين للدنيا يستظهر بحجج الله على كتابه وينعمه على عباده أو منقاد (1) لأهل الحق لا بصيرة له في إحيائه يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهه فلا ذا ولا ذاك أو من هو منهوم باللذة سلس القياد للشهوات أو مغري بجمع الأموال والادخار ليس من دعاة الدين أقربهما شبههما الأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه اللهم بل لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة كيلا تبطل آيات الله وبيناته أولئك الأقلون عددا الأعظمون عند الله قدرا بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم أو يزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر منه المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك خلفاء الله في بلاده والدعاة إلى دينه هاه شوقا إلى رؤيتهم وأستغفر الله لي ولك إذا شئت فقم أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله إذنا ومناولة وقرأ علي إسناده أنبأنا محمد بن الحسين أنبأنا المعافى بن زكريا القاضي (2) حدثنا محمد بن أحمد المقدمي حدثنا عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن الوراق حدثنا ابن عائشة حدثني أبي عن عمه عن كميل ح قال وحدثني أبي حدثنا أحمد بن عبيد حدثنا المدائني والألفاظ في الروايتين مختلطة قالا قال كميل بن زياد النخعي (3) أخذ علي بن أبي طالب بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان فلما أصحر تنفس ثم (1) قال يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها احفظ عني ما أقول لك الناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق غاو يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال والعلم يزكو على الانفاق والمال تنقصه النفقة يا كميل محبة العالم دين يدان به في كسبه العلم لذته في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته ونفقة المال تزول بزواله والعلم حاكم والمال محكوم عليه يا كميل مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة إن ههنا لعلما وأشار إلى صدره لو أصبت له حملة ثم قال اللهم بل أصبته لقنا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين في الدنيا ويستظهر بحجج الله على أوليائه وبنعمه على كتابه أو منقادا لجملة الحق على أن لا بصيرة له في إحيائه (2) يقدح الزيغ في قلبه بأول عارض من شبهة اللهم لا ذا ولا ذاك أو منهوما باللذات سلس القياد في الشهوات ومغرما بالجمع والادخار وليسا من دعاة (3) الدين أقرب شبها بهما الأنعام السائمة وكذلك يموت العلم بموت حملته ثم قال اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجة إما ظهر مستور (4) وإما خائف مغمور لأن لا تبطل حجج الله وبيناته فيكم وأين أولئك الأقلون عددا الأعظمون قدرا بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين واستسهلوا ما استوعر المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأرواح معلقة بالمحل (5) الأعلى يا كميل أولئك خلفاء الله في أرضه الدعاة إلى دينه هاه شوقا إلى رؤيتهم أستغفر الله لي ولك









كتاب : @ الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة
نويسنده : محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري التِّلمساني المعروف بالبُرِّي ( المتوفى : بعد 645 ه - )
جلد : 2 ص248

وعن أبي حمزة الثمالي ، عن عبد الرحمن بن جندب ، عن كميل بن زياد النخعي قال : أخذ علي بن أبي طالب بيدي ، فأخرجني إلى ناحية الجبان ، فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال : " يا كميل ، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها . يا كميل احفظ عني ما أقول : الناس ثلاثة ؛ عالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع ، لكل ناعق أتباع يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق . يا كميل ، العلم خير من المال . العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال . والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق . يا كميل محبة العلم دين يدان به يكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته ، ومنفعة المال تزول بزواله . والعلم حاكم والمال محكوم عليه . ياكميل ، مات خزان المال والعلماء باقون ما بقي الدهر . أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة . ثم قال : ها إن هاهنا علما " وأشار إلى صدره " لو أصبت لها حملة ، بلى أصبته لقنا غير مأمون . يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا ، ويستظهر بحجج الله على أوليائه ، وبنعم الله على معاصيه ، أو منقادا لحملة العلم ، لا بصيرة له في أنحائه . يقدح الشك في قلبه بأول ناعق من شبهة ، ألا لا ذا ولا ذاك . فمن هو منهوم باللذات ، سلس القيادة إلى الشهوات ، ومغرم بالجمع والادخار . وليس من دعاة الدين أقرب شبها به الأنعام ، كذلك يموت العلم بموت حامليه " . ثم قال : " اللهم لا تخلو الأرض من قائم بحجة إما ظاهرا مستورا ، وإما خافيا مغمورا ، لئلا تبطل حجج الله وميثاقه . وكم وأين أولئك الأقلون عددا ، والأعظمون قدرا ، بهم يحفظ الله حججه التي يودعها في أشباههم ، هجم بهم العلم على حقائق الأمور ، فباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعر المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدان ، أرواحها معلقة بالمحل الأعلى . يا كميل ، أولئك خلفاء الله في أرضه ، والدعاة إلى دينه . هاه هاه شوقا إليهم وإلى رؤيتهم ، وأستغفر الله لنا ولهم " .







تهذيب الكمال في أسماء الرجال (24/ 218)
المؤلف: يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف، أبو الحجاج، جمال الدين ابن الزكي أبي محمد القضاعي الكلبي المزي (المتوفى: 742هـ)
من اسمه كميل وكناز وكنانة
4996 - سي: كميل بن زياد بن نهيك بن الهيثم بن سعد ابن مالك بن الحارث بن صهبان بن سعد بن مالك بن النخع النخعي الصهباني الكوفي (1) .
وقيل: كميل بن عبد الله، وقيل: كميل ابن عبد الرحمن، النخع من مذحج.
روى عن: عبد الله بن مسعود، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وأبي مسعود الأنصاري، وأبي هريرة (سي) .
روى عنه: رشيد أبو راشد، وأبو عمر سليمان بن عبيد الله بن سليمان الكندي، وسليمان الأعمش، والعباس بن ذريح، وعبد الله بن يزيد الصهباني، وعبد الرحمن بن جندب الفزاري، وعبد الرحمن بن عابس، وأبو إسحاق السبيعي (سي) .
ذكره محمد بن سعد (1) في الطبقة الأولى من أهل الكوفة، قال: وشهد مع علي صفين، وكان شريفا، مطاعا في قومه، فلما قدم الحجاج بن يوسف الكوفة دعا به فقتله، وكان ثقة، قليل الحديث.
وقال إسحاق بن منصور (2) ، عن يحيى بن معين: ثقة. وقال العجلي (3) : كوفي تابعي ثقة.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: كميل بن زياد رافضي، وهو ثقة من أصحاب علي (4) .
وقال في موضع آخر: كميل بن زياد من رؤساء الشيعة، وكان بلاء من البلاء.
وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات (5) .
وقال أبو الحسن المدائني: وفيهم يعني أهل الكوفة من العباد: أويس القرني، وعمروبن عتبة بن فرقد، ويزيد بن معاوية النخعي، وربيع بن خثيم، وهمام بن الحارث، ومعضد الشيباني، وجندب بن عبد الله، وكميل بن زياد النخعي.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام التميمي، وأبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد، قال: أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي، قال: أخبرنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد الحافظ، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسين الخثعمي بالكوفة، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري، قال: أخبرنا عاصم بن حميد الحناط أو رجل عنه، قال: حدثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي، عن عبد الرحمن بن جندب، عن كميل ابن زياد النخعي، قال: أخذ علي بيدي، فأخرجني إلى ناحية الجبان (1) ، فلما أصحرنا، جلس، ثم تنفس، ثم قال: يا كميل ابن زياد القلوب أربعة (2) : فخيرها أوعاها، إحفظ ما أقول لك: الناس ثلاثة: فعالم رباني، وعالم متعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو على العمل، والمال تنقصه النفقة، وصحبة العالم دين يدان بها باكتساب الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد موته وصنيعه، يفنى المال بزوال صاحبه، مات خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة، ها إن ها هنا وأشار بيده إلى صدره - علما لو أصبت له حملة، بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين للدنيا، يستظهر بحجج الله على كتابه وبنعمه على عباده، أو منقاد لأهل الحق لا بصيرة له في أحنائه، يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا ذا، ولا ذاك، أو منهوم باللذة سلس القياد للشهوات. أو مغري بجمع الأموال والإدخار، ليسا من دعاة الدين أقرب شبههما بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى، لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة لكي لا تبطل حجج الله وبيناته، أولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا، بهم يدفع الله من (1) حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم، فيزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، تلك أبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في بلاده، والدعاة إلى دينه، هاه! هاه! شوقا إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولك، إذا شئت فقم.
ورواه أبو نعيم ضرار بن صرد، عن عاصم بن حميد، فزاد فيه ألفاظا.
أخبرنا به أحمد بن هبة الله بن أحمد، قال: أخبرنا عمي أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن، قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني، قال: أخبرنا عمي الشريف الأمير عماد الدولة أبو البركات عقيل بن العباس الحسيني، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الله بن محمد بن أبي كامل الأطرابلسي قراءة عليه بدمشق، قال: أخبرنا خال أبي خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، قال: حدثنا نجيح بن إبراهيم الزهري، قال: حدثنا ضرار بن صرد، قال: حدثنا عاصم بن حميد الحناط بإسناده نحوه، وقال: ومحبة العالم دين يدان بها فتكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته، العلم حاكم، والمال محكوم عليه، وصنيعة المال تزول بزواله. وقال: هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر منه المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون.
وروي من وجوه أخر عن كميل بن زياد.
قال خليفة بن خياط (1) : قتله الحجاج سنة اثنتين وثمانين.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين: مات سنة اثنتين وثمانين أو أربع وثمانين، وهو ابن تسعين سنة.
وحكى أبو سليمان بن زبر (2) ، عن المدائني أنه قال: مات سنة اثنتين، وهو ابن سبعين سنة (3) .
روى له النسائي في "اليوم والليلة"حديثا واحدا، وقد وقع لنا من روايته عاليا جدا.
أخبرنا به أبو الحسن بن البخاري، قال: أنبأنا محمد بن أبي زيد الكراني، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، وعثمان بن عمر الضبي، قالا: حدثنا عبد الله بن رجاء، قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن كميل بن زياد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قلت: بلى. قال: لاحول ولا قوة إلا بالله ولا منجا من الله إلا إليه.
أخرجه (1) من رواية عبيد الله بن موسى عن إسرائيل، فوقع لنا عاليا بدرجتين.
__________
(1) بالجيم المعجمة والباء الموحدة وبعدها ألف ثم نون، والجبان في الاصل الصحراء، وأهل الكوفة يسمون المقبرة جبانة وبالكوفة محال تسمى بها (المراصد: 1 / 310) (2) ضبب عليها المؤلف لورودها هكذا في سياق الرواية، والمعروف أنها: "أوعية "كما في شرح نهج البلاغة 4 / 311، والعقد الفريد لابن عبدربه: 2 / 212.





الطيوريات (2/ 607)
انتخاب: صدر الدين، أبو طاهر السِّلَفي أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم سِلَفَه الأصبهاني (المتوفى: 576هـ)
من أصول: أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي الطيوري (المتوفى: 500هـ)
دراسة وتحقيق: دسمان يحيى معالي، عباس صخر الحسن
الناشر: مكتبة أضواء السلف، الرياض

535 - أخبرنا أحمد، أخبرنا محمد (1) ، حدثنا محمد بن الحسين الأشناني (2) ،
حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ابن بنت السدي (3) ، حدثنا عاصم بن حميد أو رجل،
عن عاصم بن حميد الحناط (4) ،
_________
(1) هو أبو بكر الأبهري.
(2) هو محمد بن الحسين بن حفص، أبو جعفر الخثعمي الكوفي، ولد سنة إحدى وعشرين ومائتين.
قال الدارقطني: "ثقة مأمون". وقال الذهبي: "الإمام الحجة المحدث".
مات سنة خمس عشرة وثلاثمائة.
سؤالات السهمي (رقم15) ، وتاريخ بغداد (2/234-235) ، وسيرأعلام النبلاء (14/529) .
(3) أبو محمد أو أبو إسحاق الكوفي، صدوق يخطئ، ورمي بالرفض، مات سنة خمس وأربعين ومائتين.
انظر التاريخ الكبير (1/373) ، والجرح والتعديل (2/196) ، والكامل لابن عدي (1/325) ، والثقات لابن حبان
(8/104) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/122) ، وتهذيب الكمال (3/211) ، والكاشف (1/250) ، والتهذيب (1/292) ، والتقريب (110/ت492) .
(4) هو عاصم بن حميد الحناط الكوفي، وثقه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: "شيخ".
وقال أبو نعيم: "ما كان بالكوفة ممن يتشيع أوثق من من عاصم بن حميد الحناط"، وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق من السابعة".
الجرح والتعديل (6/342) ، وتاريخ أسماء الثقات لابن شاهين (ص149) ، وتهذيب الكمال (13/482) ، والتهذيب
(5/37) ، والتقريب (285/ت3057) .



الطيوريات (2/ 608)
عن ثابت بن أبي صفية أبي حمزة الثمالي (1)
، عن عبد الرحمن
ابن جندب (2) ، عن كميل بن زياد النخعي قال: ((أخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان (3) ، فلما أصحر (4) جلس، ثم تنفس ثم قال: يا كميل
ابن زياد، القلوب أوعية (5) ، خيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة؛
_________
(1) في المخطوط تصحف إلى "اليماني" والتصويب من مصادر الترجمة والتخريج.
وهو ثابت بن أبي صفية الثمالي ـ بضم المثلثة ـ أبو حمزة، واسم أبيه دينار، وقيل سعيد، الكوفي.
ضعفه ابن معين، وأحمد، والنسائي جدا، وقال أبو حاتم، وأبو زرعة: "لين"، وزاد أبو حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتج به".

وقال الجوزجاني: "واهي الحديث"، وتركه حفص بن غياث، وقال الدارقطني: "متروك"، وقال ابن عدي: "وضعفه بين على رواياته، وهو إلى الضعف أقرب"، وقال الحافظ ابن حجر: "ضعيف رافضي".
الطبقات لابن سعد (6/364) ، والعلل لأحمد (3/96) ، أحوال الرجال (ص70) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي
(ص27) ، والضعفاء للعقيلي (1/172) ، والمجروحين (1/206) ، والكامل لابن عدي (2/93) ، وسؤالات البرقاني (ص19) ، وتهذيب الكمال (4/385) ، والكاشف (1/282) ، والتهذيب (2/7) ، والتقريب (132/ت818) .
والثمالي: نسبة إلى ثمالة، بطن من الأزد. اللباب (1/241) .
(2) ذكره البخاري وسكت عنه، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وقال الذهبي: "مجهول".
التاريخ الكبير (5/268) ، والثقات (7/69) ، واللسان (3/408) .
(3) الجبان في الأصل الصحراء، وأهل الكوفة يسمون المقابر جبانة، كما يسميها أهل البصرة المقبرة.
معجم البلدان (2/99-100) ، ومراصد الاطلاع (1/310) .
(4) عند الخطيب والمزي "أصحرنا".
(5) في رواية المزي "أربعة" بدل "أوعية".


الطيوريات (2/ 609)
فعالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم (1) يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة (2) ، وصحبة (3) العالم دين يدان به، تكسبه (4) الطاعة في حياته وحميد (5) الأحدوثة بعد وفاته، وصنيعة المال تزول بزواله، مات خزان [ل/116أ] الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة، هاه، إن ههنا ـ وأشار إلى صدره ـ علما لو أصبت حملة (6) بل أصبت لقنا (7) لأهل الحق لا بصيرة له في حياته (8)
_________
(1) في المخطوط بدون واو العطف، استدركته من فوائد أبي بكر الأبهري.
(2) في رواية الخطيب "العلم حاكم، والمال محكوم عليه"، وعند ابن الشجري "العالم حاكم، والمال محكوم عليه".
(3) هكذا في المخطوط، وفي "فوائد الأبهري" "ومحبة العالم"، وكذا عند أبي نعيم، والمزي، والكلمتان متلازمتا المعنى.
(4) في "فوائد الأبهري" "يكسبه" بالياء.
(5) هكذا في المخطوط، وفي فوائد الأبهري "جميل".
(6) في فوائد الأبهري "حمله".
(7) زاد أبو نعيم، والخطيب، والذهبي: "غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين للدنيا، يستظهر بحجج الله على كتابه"، وعند الخطيب والذهبي: "وبنعمه على عباده"، وعند الذهبي: "منقادا لأهل الحق ... ".
(8) عند الخطيب: "إحيائه".




الطيوريات (2/ 610)
يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لا ذا ولا ذا (1)
، فمن منهوم باللذة (2) سلس القياد للشهوات، أو مغرى بجمع الأموال والادخار، ليسا (3) من دعاة الدين، أقرب شبها بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى، لن تخلو الأرض من قائم بحجة (4) لكيلا تبطل حجج الله عز وجل وبيناته، أولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا، بهم يدفع الله عز وجل عن حججه حتى يردوها إلى نظرائهم ويزرعوها (5) في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر منه المترفون، وأنسوا مما (6) استوحش منه الجاهلون، صحبوا (7) الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله عز وجل في بلاده، والدعاة إلى دينه، هاه هاه (8) شوقا إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولك، إذا شئت فقم)) (9)
_________
(1) عند الذهبي: "اللهم لا ذا ولا ذا"، وعند الخطيب: " ... ولا ذاك"..
(2) عند الخطيب: "أو منهوما باللذات".
(3) عند الخطيب "ليس" بدون ألف الاثنين.
(4) عند الخطيب والمزي: "من قائم لله بحججه".
(5) في المخطوط: "يزرعونها"، والمثبت من "فوائد الأبهري" وغيره.
(6) في المخطوط "وأنسوا منه ما"، والمثبت من "فوائد الأبهري".
(7) عند الخطيب "صاحبوا".
(8) في المخطوط "هاهاه"، والمثبت من "فوائد الأبهري" و"تذكرة الحفاظ".
(9) إسناده ضعيف جدا فيه:
- إسماعيل بن موسى الفزاري، وتقدم ما فيه.
- والثمالي ضعيف رافضي، كما تقدم.
- وعبد الرحمن بن جندب مجهول.
والأثر أخرجه أبو بكر الأبهري في "فوائده" (ص32-34/رقم16) ، ومن طريقه ابن الشجري في "الأمالي" (1/66) بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/79-80) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (24/220-222) ، والذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1/11) من طريق محمد بن الحسين الخثعمي به.

وأخرجه أبو نعيم في المصدر السابق، ومن طريقه أبو بكر الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (1/182-183) من طريق
أبي نعيم ضرار بن صرد، عن عاصم بن حميد به.
ويروى من وجه آخر عن كميل بإسناد واه، أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (6/379) .
قال الخطيب بعد إيراده لهذا الأثر في "الفقيه والمتفقه" (1/184) : "هذا الحديث من أحسن الأحاديث معنى، وأشرفها لفظا، وتقسيم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الناس في أوله تقسيم في غاية الصحة، ونهاية السداد، لأن الإنسان لا يخلو من أحد الأقسام الثلاثة التي ذكرها مع كمال العقل، وإزاحة العلل، إما أن يكون عالما، أو متعلما، أو مغفلا للعلم وطلبه، ليس بعالم، ولا طالب له".





مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 123)
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
الوجه التاسع والعشرون بعد المائة ما رواه كميل بن زياد النخعي قال اخذ علي بن ابي طالب رضى الله عنه بيدي فاخرجني ناحية الجبانة فلما اصحر جعل يتنفس ثم قال يا كميل بن زياد القلوب اوعية فخيرها اوعاها احفظ عني ما اقول لك الناس ثلاثة فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئؤوا بنور العلم ولم يلجئوا الى ركن وثيق العلم خير من المال العلم يحرسك وانت تحرس المال العلم يكزكوا على الانفاق وفي رواية على العمل والمال تنقصه النفقة العلم حاكم والمال محكوم عليه ومحبة العلم دين يدان بها العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الاحدوثة بعد وفاته وصنيعة المال تزول بزواله مات خزان الاموال وهم احياء والعلماء باقون ما بقي الدهر اعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة هاه هاه إن ههنا علما واشار بيده الى صدره لو اصبت له حملة بل اصبته لقنا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين للدنيا يستظهر حجج الله على كتابه وبنعمه على عباده او منقادا لاهل الحق لا بصير له في احبائه ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لاذاو لا ذاك او منهوما للذات سلس القياد للشهوات او مغرى بجمع الاموال والادخار ليسا من دعاة الدين اقرب شبها بهم الانعام السائمة لذلك يموت العلم بموت حامليه اللهم بك لن تخلو الارض من قائم لله بحجته لكيلا تبطل حجج الله وبنياته اولئك الاقلون عددا الاعظمون عند الله قيلا بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها الى نظرائهم ويزرعوها في قلوب اشابههم هجم بهم العلم على حقيقة الامر فاستلانوا ما استوعر منه المترفون وانسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بأبدان ارواحها معلقة بالملأ الاعلى اولئك خلفاء الله في ارضه ودعاته الى دينه هاه هاه شوقا الى رؤيتهم واستغفر الله لي ولك اذا شئت فقم ذكره ابو نعيم في الحلية وغيره قال ابو بكر الخطيب هذا حديث حسن من احسن الاحاديث معنى واشرفها لفظا وتقسيم امير المؤمنين للناس في اوله تقسيم في غاية الصحة ونهاية السداد لان الانسان لا يخلو من احد الاقسام التي ذكرها مع كمال العقل وإزاحة العلل اما ان يكون عالما او متعلما او مغفلا للعلم وطلبه اليس بعالم ولا طالب له فالعالم الرباني هو الذي لا زيادة على فضله لفاضل ولا منزلة فوق منزلته لمجتهد وقد دخل في الوصف له بانه رباني وصفه بالصفات التي يقتضيها العلم لاهله ويمنع وصفه بما خالفها ومعنى الرباني في اللغة الرفيع الدرجة في العلم العالي المنزلة فيه وعلى ذلك حملوا قوله تعالى {لولا ينهاهم الربانيون} وقوله {كونوا ربانيين} قال ابن عباس حكماء فقهاء وقال ابو رزين فقهاء علماء وقال ابو عمر الزاهد سالت ثعلبا عن هذا الحرف وهو الرباني فقال سألت ابن الاعرابي فقال إذا كان الرجل عالما عاملا معلما قيل له هذا رباني فإن خرم عن خصلة منها لم نقل له رباني
قال ابن الانباري عن النحويين ان الربانيين منسوبون الى الرب وان الالف والنون زيدتا للمبالغة في النسب كما تقول لحياني وجبهاني إذا كان عظيم اللحية والجبهة واما المتعلم على سبيل النجاة فهو الطالب بتعلمه والقاصد به نجاته من التفريط في تضييع الفروض الواجبة عليه والرغبة بنفسه عن احمالها واطراحها والانفة من مجانسة البهائم ثم قال وقد نفى بعض المتقدمين عن الناس من لم يكن من اهل العلم واما القسم الثالث فهم المهملون لانفسهم الراضون بالمنزلة الدنية والحال الخسيسة التي هي في الحضيض الاسقط والهبوط الاسفل التي لا منزلة بعدها في الجهل ولا دونها في السقوط وما احسن ما شبههم بالهمج الرعاع وبه يشبه دناة الناس واراذلهم والرعاع المتبدد المتفرق وللناعق الصائح وهو في هذا الموضع الراعي يقال نعق الراعي بالغنم ينعق اذا صاح بها ومنه قوله تعالى ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بمالا يسمع الا دعاءا ونداءا صم بكم عمي فهم لا يعقلون ونحن نشير الى بعض ما في هذا الحديث من الفوائد فقوله رضى الله عنه القلوب اوعية يشبه القلب بالوعاء والاناء والوادي لانه وعاء للخير والشر وفي بعض الاثار ان لله في ارضه آنية وهي القلوب فخيرها ارقها واصلبها واصفاها فهي اواني مملوءة من الخير واواني مملوة من الشر كما قال بعض السلف قلوب الابرار تغلى بالبر وقلوب الفجار تغلى بالفجور وفي مثل هذا قيل في المثل وكل إناء بالذي فيه ينضح وقال تعالى {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها} شبه العلم بالماء النازل من السماء والقلوب في سعتها وضيقها بالاودية فقلب كبير واسع يسع علما كثيرا كواد كبير واسع يسع ماءا كثيرا وقلب صغير ضيق يسع علما قليلا كواد صغير ضيق يسع ماءا قليلا ولهذا قال النبي لا تسموا العنب الكرم فإن الكرم قلب المؤمن فانهم كانوايسمون شجر العنب الكرم لكثرة منافعه وخيره والكرم كثيرة الخير والمنافع فأخبرهم ان قلب









تذكرة الحفاظ = طبقات الحفاظ للذهبي (1/ 14)
قرأت على أبي الفضل بن عساكر عن عبد المعز بن محمد أنا تميم بن أبي سعيد المقرئ أنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن سنة تسع وأربعين وأربع مائة أنا محمد بن محمد الحافظ أنا أبو جعفر محمد بن الحسين الخثعمي بالكوفة أنا إسماعيل بن موسى الفزاري أنا عاصم بن حميد الحناط أو رجل عنه قال: ثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد النخعي قال: أخذ علي رضي الله عنه بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان فلما أصحرنا جلس ثم تنفس فقال: يا كميل القلوب أوعية فخيرها أوعاها احفظ ما أقول لك الناس ثلاثة فعالم رباني وعالم متعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيؤوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق العلم خير من المال يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو على العمل والمال ينقصه النفقة، ومحبة العالم دين يدان بها باكتساب اطاعة في حياته وجميل إلا حدوثه بعد موته وصنيعه، وصنيعة المال تزول بزوال صاحبه مات، خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة، ها إن هاهنا- وأشار بيده رضي الله عنه إلى صدره- علما لو أصبت له حملة، بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين للدنيا يستظهر بحجج الله على كتابه، وبنعمه على عباده، أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في إحيائه يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة اللهم لا ذا ولا ذاك أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوات، أو مغرى بجمع الأموال والإدخار ليسا من دعاة الدين، أقرب شبها بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلي لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة لئلا تبطل حجج الله وبيناته، أولئك الأقلون عددا الأعظمون عند الله قدرا بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر تلك أبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى. أولئك خلفاء الله في بلاده والدعاة إلى دينه هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم وأستغفر الله لي ولك إذا شئت فقم رواه ضرار بن صرد عن عاصم بن حميد.
ويروى من وجه آخر عن كميل وإسناده لين؛ ففيه تنبيهات على صفات العالم المتقن والعالم الذي دونه والهمج المخلط في دينه أو علمه، وزاد فيه ضرار وليس بمعتمد عليه بعد قوله هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا منه ما استوعر منه المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك خلفاء الله في بلاده والدعاة إلى دينه.





كنز العمال (10/ 262)
المؤلف: علاء الدين علي بن حسام الدين ابن قاضي خان القادري الشاذلي الهندي البرهانفوري ثم المدني فالمكي الشهير بالمتقي الهندي (المتوفى: 975هـ)
29391- عن كميل بن زياد قال: أخذ بيدي علي بن أبي طالب فأخرجني إلى ناحية الجبانة فلما أصحر تنفس ثم قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، يا كميل العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم يزكوا على العمل والمال تنقصه النفقة يا كميل محبة العالم دين يدان بها العلم يكسب العالم الطاعة لربه في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته وصنيعة المال تزول بزواله، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، يا كميل مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة هاه إن ههنا وأشار إلى صدره علما لو أصبت له حملة ثم قال اللهم بلى أصبته لقنا1 غير مأمون يستعمل آلة الدين للدنيا ويستظهر بحجج الله على كتابه، وبنعمه على كتابه أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في أحيائه يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، اللهم لا ذا ولا ذاك أو منهوما باللذات سلس القياد للشهوات أو مغرى بجمع الأموال والإدخار وليسا من دعاة الدين أقرب شبها بهما الأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه ثم قال: اللهم بلى لا تخلوا الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهر مشهور وإما خائف مغمور لئلا تبطل حجج الله وبيناته وكم وأين أولئك، أولئك هم الأقلون عددا الأعظمون عند الله قدرا بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فباشروا روح اليقين، واستسهلوا ما استوعر منه المترفون، وانسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالنظر الأعلى يا كميل أولئك خلفاء الله في أرضه الدعاة إلى دينه هاه شوقا إلى رؤيتهم أستغفر الله لي ولك. ابن الأنباري في المصاحف والمرهبي في العلم ونصر في الحجة، "حل، كر".




جامع الأحاديث (29/ 276، بترقيم الشاملة آليا)
32135- عن كميل بن زياد قال: أخذ بيدى على بن أبى طالب فأخرجنى إلى ناحية الجبانة فلما أصحر تنفس ثم قال يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها احفظ عنى ما أقول لك الناس ثلاثة عالم ربانى ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال والعلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة يا كميل محبة العالم دين يدان بها العلم يكسب العالم الطاعة لربه فى حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته وصنيعة المال تزول بزواله والعلم حاكم والمال محكوم عليه يا كميل مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقى الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم فى القلوب موجودة هاه إن ها هنا لعلما وأشار إلى صدره لو أصبت له حملة ثم قال اللهم بلى أصبته لَقِنًا غير مأمون يستعمل آلة الدين فى الدنيا ويستظهر بحجج الله على أوليائه وبنعمه على كتابه أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة له فى أحيائه يقدح الزيغ فى قلبه بأول عارض من شبهة اللهم لا ذا ولا ذاك أو منهوما باللذات سلس القياد للشهوات ومغرما بالجمع والإدخار وليسا من دعاة الدين أقرب شبها بهما الأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حملته ثم قال اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهر مشهور وإما خائف مغمور لئلا يبطل حجج الله وبيناته وكم وأين أولئك أولئك الأقلون عددا الأعظمون عند الله قدرا بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم ويزرعوها فى قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين واستسهلوا ما استوعر منه المترفون وآنسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى يا كميل أولئك خلفاء الله فى أرضه الدعاة إلى دينه هاه شوقا إلى رؤيتهم أستغفر الله لى ولك (ابن الأنبارى فى المصاحف، والمرهبى فى العلم، ونصر فى الحجة، وأبو نعيم فى الحلية، وابن عساكر) [كنزالعمال 69391]
أخرجه أبو نعيم فى الحلية (1/79) ، وابن عساكر (50/254) .



الكشكول (2/ 8)
المؤلف: محمد بن حسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي الهمذاني، بهاء الدين (المتوفى: 1031هـ)
من كلام قاله رضي الله عنه لكميل بن زياد، قال كميل أخذ بيدي أمير المؤمنين رضي الله عنه فأخرجني إلى الجبانة فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، والناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجوا إلى ركن وثيق، ها إن ها هنا لعلماً جماً وأشار بيده إلى صدره لو أصبت له حملة بلى أصبت لقناً غير مأمون عليه، مستعملاً آلة الدين للدنيا، ومستظهراً لنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه أو منقاداً لحملة الحق لا بصيرة له في إحيائه ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة، ألا لاذا ولا ذلك، أو منهوماً باللذة سلسل القياد للشهوة، أو مغرماً بالجمع والإدخار وليسا من رعاة الدين في شيء أقرب شيء شبهاً بهما الأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه.
اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهراً مشهوراً، وإما خافياً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين أولئك؟ ! أولئك والله الأقلون عدداً الأعظمون عند الله قدراً بهم يحفظ الله حججه وبيناته، حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هج بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان وأرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه آه آه شوقاً إلى رؤيتهم انصرف يا كميل إذا شئت.





الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 54)
وفي حديث كميل بن زياد عن علي - رضي الله عنه -، قال: " القلوب أوعية فخيرها أوعاها ".


البداية والنهاية ط إحياء التراث (9/ 57)
المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
وقد روى عن كميل جماعة كثيرة من التابعين وله الأثر المشهور عن علي بن أبي طالب الذي أوله " القلوب أوعية فخيرها أوعاها " وهو طويل قد رواه جماعة من الحفاظ الثقات وفيه مواعظ وكلام حسن رضي الله عن قائله.



أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (7/ 311)
المؤلف : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ)
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل بن زياد النخعي، وهو حديث مشهور عند أهل العلم، يستغنى عن الإسناد لشهرته عندهم: يا كميل إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها للخير، والناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق، إلى آخر الحديث.
وفيه: أف لحامل حق لا يصيره له، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لا يدري أين الحق، إن قال أخطأ، وإن أخطأ لم يدر، مشغوف بما لا يدري حقيقته، فهو فتنة لمن افتتن به، وإن من الخير كله من عرفه الله دينه، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف دينه.


دروس الشيخ أحمد فريد (33/ 2، بترقيم الشاملة آليا)
فهذا الأثر موقوف على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو من أحسن الآثار معنى، فيقول كميل بن زياد -وهو أحد التابعين-: أخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه بيدي، فأخرجني ناحية الجبانة، فلما أصحر -أي: صار بالصحراء- قال: يا كميل بن زياد! القلوب أوعية، فخيرها أوعاها -يعني: أحفظها وأنصحها- احفظ عني ما أقول لك.


فتح الباري لابن حجر (6/ 494)
وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة والله أعلم


عمدة القاري شرح صحيح البخاري (16/ 40)
وفي صلاة عيسى عليه الصلاة والسلام خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أنه الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة



جامع المسائل لابن تيمية - عزير شمس (5/ 52)
وأخبر سبحانه أن الرسالة عمت الأمم كلهم بقوله سبحانه وتعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (36)) (1) ، وقال سبحانه: (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير (24)) (2) . وكما أخبر سبحانه أنه لم يكن معذبا أحدا في الدنيا ولا في الآخرة حتى يبعث رسولا، أخبر سبحانه أنه بعث في كل أمة رسولا، لكن قد كان يحصل في بعض الأوقات فترات من الرسل، كالفترة التي بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم، كما قال سبحانه وتعالى: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير (19)) (3) .
وزمان الفترة زمان درست فيه شريعة الرسول وأكثر الدعاة إليها إلا القليل، ولم يدرس فيها علم أصول دين المرسلين، بل يبقى في الفترة من الدعاة من تقوم به الحجة، كما قال الإمام أحمد (1) رحمه الله: "الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بها أهل العمى".
وكما قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في حديث كميل بن زياد: "لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، أولئك الأقلون عددا والأعظمون عند الله قدرا" (2) . فمن قامت عليه الحجة في الإيمان والشريعة التي جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجب عليه اتباع ذلك، ومن درست عنه شرائع الرسل أو




جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة الخامسة (ص: 53)
وكما قال علي بن أبي طالَب -رضي الله عنه- في حديث كُمَيْل بن زياد: "لن تَخلُوَ الأرضُ مِن قائمٍ لله بحجةٍ، لئلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ الله وبيِّناتُه، أولئك الأقلون عددًا والأعظمون عند الله قدرًا" (2).
__________
(1) في مقدمة كتابه "الرد على الجهمية والزنادقة" كما سبق.
(2) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 79 - 80) والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (1/ 49 - 50) ضمن حديث طويل. قال الخطيب: هذا الحديث من أحسن الأحاديث معنى وأشرفها لفظًا. وشرحه ابن القيم شرحًا وافيًا في كتابه "مفتاح دار السعادة" (1/ 123 - 153). وفي إسناده أبو حمزة الثمالي وهو ضعيف، وشيخه عبد الرحمن بن جندب الفزاري مجهول.






مفتاح دار السعادة لابن القيم ط عالم الفوائد (1/ 405)
وزاد الكذَّابون في حديث علي: " ... إمَّا ظاهرًا مشهورًا، وإمَّا خفيًّا مستورًا" (2)، وظنُّوا أنَّ ذلك دليلٌ لهم على القول بالمُنتَظَر، ولكنَّ هذه الزيادة مِنْ وَضْع بعض كذَّابيهم (3)، والحديثُ مشهورٌ عن عليٍّ لم يَقُلْ (4) أحدٌ عنه هذه المقالة (5) إلا كذَّاب.
وحججُ الله لا تقومُ بخفيٍّ مستورٍ لا يقعُ العالَمُ له على خبر، ولا ينتفعون به في شيءٍ أصلًا؛ فلا جاهلٌ يتعلَّمُ منه، ولا ضالٌّ يهتدي به، ولا خائفٌ يأمنُ به، ولا ذليلٌ يتعزَّزُ به، فأيُّ حجَّةٍ لله قامت بمن لا يُرى له شخص، ولا يُسْمَعُ منه كلمة، ولا يُعْلَمُ له مكان؟ ! ولا سيما على أصول القائلين به، فإنَّ الذي دعاهم إلى ذلك أنهم قالوا: لا بدَّ منه في اللُّطْف بالمكلَّفين وانقطاع حجَّتهم عن الله (1).
فيا لله العجب! أيُّ لُطْفٍ حصل بهذا المعدوم، لا المعصوم؟ ! (2) وأيُّ حجَّةٍ أثبتُّم للخلق على ربهم بأصلكم الباطل؟ ! فإنَّ هذا المعدومَ إذا لم يكن لهم سبيلٌ قطُّ إلى لقائه والاهتداء به، فهل في تكليف ما لا يطاقُ أبلغُ من هذا؟ ! وهل في العذر والحجَّة أبلغُ من هذا؟ !
فالذي فررتم منه وقعتم في شرٍّ منه، وكنتم في ذلك كما قيل:
المستجيرُ بعمرٍو عند كُرْبته ... كالمستجير من الرَّمضاءِ بالنارِ (3)
ولكن أبى اللهُ إلا أن يفضحَ من تنقَّصَ بالصحابة الأخيار وبسادة هذه الأمَّة، وأن يُرِيَ الناسَ عورتَه ويُغْرِيه بكشفها. ونعوذُ بالله من الخذلان.
ولقد أحسن القائل:
ما آنَ للسِّرداب أن يَلِدَ الذي ... حمَّلتمُوه (4) بزعمكم ما آنا
فعلى عقولكم العَفاءُ فإنَّكم ... ثَلَّثتُم العَنْقاءَ والغِيلانا (5)
ولقد بطلت حججٌ استُودِعَها مثلُ هذا الغائب، وضاعت أعظمَ ضياع، فأنتم أبطلتم حججَ الله من حيث زعمتم حِفْظَها!
وهذا تصريحٌ من أمير المؤمنين رضي الله عنه بأنَّ حاملَ حجج الله لابدَّ أن يكون في الأرض، بحيث يؤدِّيها عن الله، ويبلِّغها إلى عباده، مثلُه رضي الله عنه، ومثلُ إخوانه من الخلفاء الراشدين ومن اتبعهم إلى يوم القيامة.
* وقولُه: "لكيلا تبطُل حججُ الله وبيِّناتُه"؛ أي: لكيلا تذهبَ من بين أيدي الناس، وتبطُل من صدورهم، وإلا فالبطلانُ محالٌ عليها؛ لأنها ملزومُ ما يستحيلُ عليه البطلان.






مفتاح دار السعادة لابن القيم ط عالم الفوائد (1/ 427)
* وقولُه: "أولئك خلفاءُ الله في أرضه ودعاتُه إلى دينه"؛ هذا حجَّةُ أحد القولين في أنه يجوزُ أن يقال: "فلانٌ خليفةُ الله في أرضه" (2).
واحتجَّ أصحابُه أيضًا بقوله تعالى للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30].
واحتجُّوا بقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ} [الأنعام: 165]، وهذا خطابٌ لنوع الإنسان.
وبقوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} [النمل: 62].
وبقول موسى لقومه: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129].
وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله ممكِّنٌ لكم في الأرض ومستخلفُكم فيها، فناظرٌ كيف تعملون؛ فاتقوا الدنيا واتقوا النساء" (3).
واحتجُّوا بقول الراعي يخاطبُ أبا بكر الصدِّيق (4) رضي الله عنه:
أخليفةَ الرحمنِ إنَّا معشرٌ ... حنفاءُ نسجدُ بُكْرَةً وأصيلا
عربٌ نرى لله في أموالنا ... حقَّ الزكاة منزَّلًا تنزيلا
ومنعت طائفةٌ هذا الإطلاق، وقالت: لا يقالُ لأحد: إنه خليفة الله؛ فإنَّ الخليفةَ إنما يكونُ عمن يغيبُ ويَخْلُفه غيرُه، واللهُ تعالى شاهدٌ غير غائب، قريبٌ غير بعيد، راءٍ وسامع، فمحالٌ أن يَخْلُفَه غيرُه، بل هو سبحانه الذي يَخْلُفُ عبدَه المؤمنَ فيكون خليفتَه؛ كما.......
...
قالوا: ولهذا أنكر الصدِّيقُ رضي الله عنه على من قال له: "يا خليفةَ الله"، قال: "لستُ بخليفة الله، ولكن خليفةُ رسول الله، وحسبي ذلك" (1).
....
قلت: إن أريد بالإضافة إلى الله أنه خليفةٌ عنه، فالصوابُ قولُ الطائفة المانعة منها.
وإن أريد بالإضافة أن الله استخلفه عن غيره ممَّن كان قبله، فهذا لا يمتنعُ فيه الإضافة، وحقيقتُها: خليفةُ الله الذي جعله اللهُ خَلَفًا عن غيره. وبهذا يخرَّجُ الجوابُ عن قول أمير المؤمنين: "أولئك خلفاءُ الله في أرضه".
فإن قيل: هذا لا مدحَ فيه؛ لأنَّ هذا الاستخلافَ عامٌّ في الأمَّة، وخلافةُ الله التي ذكرها أميرُ المؤمنين خاصَّةٌ بخواصِّ الخَلْق.
فالجواب: أنَّ الاختصاصَ المذكور أفاد اختصاصَ الإضافة، فالإضافةُ هنا للتشريف والتخصيص، كما ......






أرشيف ملتقى أهل الحديث - 4 (59/ 322)
ولهذا ما زال كل ذي عقل ودين يردون علم معاني الكتاب والسنة إلى العلماء والفقهاء فيه، الذي تلقوه طبقة بعد طبقة ميراثاً محفوظاً، كما قال فيهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في خطبته التي رويناها عنه لكميل بن زياد (1): " احفظ ما أقول لك، القلوب أوعية فخيرها أوعاها، الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل! العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو على العمل والمال ينقصه النفقة، العلم حاكم والمال محكوم عليه، مات خُزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة. آه آه! إن ههنا -وأشار بيده إلى صدره- علماً لو أصبت له حملةً، بل أصبت لقناً غير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا، يستظهر بنعم الله
_________________________
(1) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (1/ 79،80) وأبو هلال العسكري في ديوان المعاني (1/ 146،147) والمزي في تهذيب الكمال (24: 220 - 222).
(1/ 31)
على عباده وبحججه على كتابه، أو منقاداً لأهل الحق لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لا ذا ولا ذاك، فمنهوم باللذات سلس القياد للشهوات، أو مغرى بجمع المال والادخار، أقرب [شيء] شبهاً بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه ". ثم قال: " اللهم بلى! لن تخلوا الأرض من قائم لله بحجته ".
هذا لفظ العلم الذي رواه أهل العلم بذلك، وأما قولهم " إما ظاهر مشهور وإما غائب مستور " فمن أكاذيب الرافضة الذين يزعمون أنه أشار به إلى ما لا حقيقة له. وليست هذه الزيادات في شيء من الروايات إلا في مثل " نهج البلاغة " (1) الذي أكثره موضوع، وضعه واخترعه الشاعر المعروف الرضي. وتمام الحديث: " أولئك الأقلون عدداً، الأعظمون عند الله قدراً، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى. آه آه! شوقاً إلى رؤيتهم ".
ففي هذا الحديث أن أمير المؤمنين قسم حملة العلم المذمومين ثلاثة أصناف:
المبتدع الفاجر الذي ليس عنده أمانة وإيمان، يبطر الحق الذي جاء به الكتاب ويغمط الخلق، يجادل في آياته بغير سلطان أتاه، إن في صدره إلا كبر ما هو ببالغه. وهؤلاء مثل المتفلسفة والمتكلمة الذين يعارضون القرآن ويعتدون على أهل الإيمان.





ديوان المعاني (1/ 146)
المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)
أبلغ ما جاء في وصف العلم قول علي رضي الله تعالى عنه: قيمة كل امرئ ما يحسنه. وشذ به بعضهم فقال: قيمة كل امرئ علمه. ولا أعرف في مدح العلم وعدَ خصاله أبلغ من كلامه رضي الله تعالى عنه خاطب به كميل بن زياد أثبته لك هنا وإن كان مشهوراً: .... اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجة إما ظاهر وإما خائف لئلا تبطل حجة الله وتبيانه وكم وأين أولئك الأقلون عدداً الأعظمون قدراً بهم يحفظ الله تعالى حججه ....







أرشيف ملتقى أهل الحديث - 5 (15/ 289)
(حصر بالبلاء من عرف الناس) علي رضي الله عنه

ـ[أم حنان]•---------------------------------•[02 - 02 - 08, 03:11 م]ـ
بسم الله الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله:

ذكر اليعقوبي في كتابه (تاريخ اليعقوبي) عن علي رضي الله عنه مايلي:

وقال كميل بن زياد: وأخذ بيدي علي، فأخرجني إلى ناحية الجبانة، فلما أصحر تنفس الصعداء ثلاثا، ثم قال: يا كميل، إن القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل! العلم خير من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والعلم حاكم، والمال محكوم عليه، مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثلتهم في القلوب موجودة، ها إن هاهنا، وأشار إلى صدره، لعلما جما لو أصبت له حملة اللهم إلا أن أصيب لقنا غير مأفون يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا ويستظهر بحجج الله على أوليائه وبنعمه على خلقه، أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة في إحيائه، يقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة، ألا لا ذا ولا ذاك، أو منهوما باللذة، سلس القيادة للشهوة، أو مغرما بالجمع والادخار، ليسوا من رعاة الدين في شيء، أقرب شبها بهم الأنعام السائمة، اللهم كلا! لا تخلو الأرض من قائم بحق إما ظاهر مشهور، وإما خائب مغمور، لئلا يبطل حجج الله عز وجل وبيناته أولئك الأقلون عددا، والأعظمون خطرا، هجم بهم العلم، حتى حقائق الأمور، وباشروا روح اليقين، فاستلانوا ما استوعر المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان، أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، يا كميل أولئك أولياء الله من خلقه والدعاة إلى دينه، بهم يحفظ الله حججه، حتى يودعوها أمثالهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هاه شوقا إلى رؤيتهم. وقال: لو أن حملة العلم حملوه لحقه لأحبهم الله وملائكته وأهل طاعته من خلقه، ولكنهم حملوه لطلب الدنيا، فمنعهم الله، وهانوا على الناس. وقال: قيمة كل امرئ ما يحسن.





كمال الدين و تمام النعمة، ج‏1، ص: 289
محمد بن الحسن الصفار و سعد بن عبد الله عن عبد الله بن محمد الطيالسي عن منذر بن محمد بن قابوس «1» عن النصر بن أبي السري عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترق عن ثعلبة بن ميمون عن مالك الجهني عن الحارث بن المغيرة النصري عن الأصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فوجدته متفكرا ينكت في الأرض فقلت يا أمير المؤمنين ما لي أراك متفكرا تنكت في الأرض أ رغبت فيها فقال لا و الله ما رغبت فيها و لا في الدنيا يوما قط و لكن فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي هو المهدي يملؤها عدلا كما ملئت جورا و ظلما تكون له حيرة و غيبة يضل فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون فقلت يا أمير المؤمنين و إن هذا لكائن فقال نعم كما أنه مخلوق و أنى لك بالعلم بهذا الأمر يا أصبغ أولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة قلت و ما يكون بعد ذلك قال ثم يفعل الله ما يشاء فإن له إرادات و غايات و نهايات.
2- حدثنا أبي و محمد بن الحسن و محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنهم قالوا حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه عن محمد بن علي الكوفي القرشي المقري عن نصر بن مزاحم المنقري عن عمر بن سعد «2» عن فضيل بن خديج عن كميل بن زياد النخعي و- حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه عن محمد بن الحسن الصفار و سعد بن عبد الله و عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى‏
__________________________________________________
(1). منذر بن محمد بن المنذر أبو الجهم القابوسى: ثقة من أصحابنا من بيت جليل (جش و صه) و صحف في جميع النسخ بزيد بن محمد. و أما النضر أو النصر بن أبي السرى كما في بعض النسخ فلم أجده و في الكافي مكانه منصور بن السندى و لم أظفر به أيضا.
(2). الظاهر هو عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدى. الذي روى نصر في صفينه عنه عن فضيل بن خديج، و في بعض النسخ «عمر بن سعيد» و في بعضها «محمد بن سعيد» و في بعضها «عمير بن سعيد».


كمال الدين و تمام النعمة، ج‏1، ص: 290
و إبراهيم بن هاشم جميعا عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري عن كميل بن زياد النخعي و- حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصر بن عبد الوهاب القرشي قال أخبرني أبو بكر محمد بن داود بن سليمان النيسابوري قال حدثنا موسى بن إسحاق الأنصاري القاضي بالري قال حدثنا أبو نعيم ضرار بن صرد التيمي «1» قال حدثنا عاصم بن حميد الحناط عن أبي حمزة عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري عن كميل بن زياد النخعي و- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري عن كميل بن زياد النخعي و- حدثنا الشيخ أبو سعيد محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت القمي رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن العباس الهروي قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قال حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي قال حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد النخعي و اللفظ لفضيل بن خديج عن كميل بن زياد قال: أخذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع بيدي فأخرجني إلى ظهر الكوفة فلما أصحر تنفس ثم قال يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها احفظ عني ما أقول لك الناس ثلاثة عالم رباني و متعلم على سبيل نجاة و همج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم و لم يلجئوا إلى ركن وثيق يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك و أنت تحرس المال و المال تنقصه النفقة و العلم يزكو «2» على الإنفاق يا كميل محبة العلم دين يدان به يكسب الإنسان به الطاعة في حياته و جميل الأحدوثة بعد وفاته و صنيع «3»

__________________________________________________
(1). كوفي، متعبد، صدوق، رمى بالتشيع (التقريب).
(2). أي ينمو.
(3). في بعض النسخ «و منفعة المال تزول».


كمال الدين و تمام النعمة، ج‏1، ص: 291
المال يزول بزواله يا كميل مات خزان الأموال و هم أحياء و العلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة و أمثالهم في القلوب موجودة هاه إن هاهنا و أشار بيده إلى صدره لعلما جما «1» لو أصبت له حملة بل أصبت لقنا «2» غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين للدنيا و مستظهرا بحجج الله «3» عز و جل على خلقه و بنعمه على أوليائه «4» ليتخذه الضعفاء وليجة دون ولي الحق أو منقادا لحملة العلم «5» لا بصيرة له في أحنائه «6» ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة ألا لا ذا و لا ذاك «7» أو منهوما باللذات سلس القياد للشهوات أو مغرما «8» بالجمع و الادخار ليسا من رعاة الدين في شي‏ء أقرب شي‏ء شبها بهما الأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجة إما ظاهر مشهور أو خاف مغمور لئلا تبطل حجج الله و بيناته و كم ذا و أين أولئك أولئك و الله الأقلون عددا و الأعظمون خطرا بهم يحفظ الله حججه و بيناته حتى يودعوها نظراءهم و يزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقائق الأمور و باشروا روح اليقين و استلانوا ما استوعره المترفون و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى يا كميل أولئك خلفاء الله في أرضه و الدعاة إلى دينه آه آه شوقا إلى رؤيتهم و أستغفر الله لي و لكم.
__________________________________________________
(1). أي كثيرا. و أصبت أي وجدت.
(2). أي سريع الفهم.
(3). أي مستعليا. و في بعض النسخ «يستظهر بحجج الله».
(4). في بعض النسخ «على عباده».
(5). في بعض النسخ «أو منقادا لحملة الحق، لا بصيرة له في احيائه».
(6). الضمير يرجع الى العلم و الاحناء: الاطراف أي لعدم علمه بالبرهان و الحجة.
(7). «لا ذا» اشارة الى المنقاد. «و لا ذاك» اشارة الى اللقن و يجوز أن يكون بمعنى لا هذا المنقاد محمود عند الله و لا ذاك اللقن.
(8). بفتح الراء أي مولعا. و في بعض النسخ «أو مغريا» من الاغراء.


كمال الدين و تمام النعمة، ج‏1، ص: 292
- و في رواية عبد الرحمن بن جندب انصرف إذا شئت.
و حدثنا بهذا الحديث أبو أحمد القاسم بن محمد بن أحمد السراج الهمداني بهمدان قال حدثنا أبو أحمد القاسم بن أبي صالح قال حدثنا موسى بن إسحاق القاضي الأنصاري قال حدثنا أبو نعيم ضرار بن صرد قال حدثنا عاصم بن حميد الحناط عن أبي حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري عن كميل بن زياد النخعي قال: أخذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبانة فلما أصحر جلس ثم قال يا كميل بن زياد احفظ عني ما أقول لك القلوب أوعية فخيرها أوعاها و ذكر الحديث مثله إلا أنه قال فيه اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم بحجة لئلا تبطل حجج الله و بيناته و لم يذكر فيه ظاهر مشهور أو خاف مغمور و قال في آخره إذا شئت فقم.
و أخبرنا بهذا الحديث الحاكم أبو محمد بكر بن علي بن محمد بن الفضل الحنفي الشاشي بإيلاق قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البزاز الشافعي «1» بمدينة السلام قال حدثنا موسى بن إسحاق القاضي قال حدثنا ضرار بن صرد عن عاصم بن حميد الحناط عن أبي حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري عن كميل بن زياد النخعي قال: أخذ علي بن أبي طالب ع بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبانة فلما أصحر جلس ثم تنفس ثم قال يا كميل بن زياد احفظ ما أقول لك القلوب أوعية فخيرها أوعاها الناس ثلاثة فعالم رباني و متعلم على سبيل نجاة و همج رعاع أتباع كل ناعق و ذكر الحديث بطوله إلى آخره.
و حدثنا بهذا الحديث أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري بإيلاق قال حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه البرذعي قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسن المشرقي «2» قال حدثنا محمد بن إدريس أبو حاتم قال حدثنا إسماعيل بن موسى‏

__________________________________________________
(1). المعنون في تاريخ بغداد ج 5 ص 456، و كان ثقة ثبتا كثير الحديث حسن التصنيف.
(2). كذا و في بعض النسخ «عبد الله بن محمد بن الحسن البرقي» و لم أجده.


كمال الدين و تمام النعمة، ج‏1، ص: 293
الفزاري عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن ثابت بن أبي صفية عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد قال: أخذ بيدي علي بن أبي طالب ع فأخرجني إلى ناحية الجبانة فلما أصحر جلس ثم تنفس ثم قال يا كميل بن زياد القلوب أوعية فخيرها أوعاها و ذكر الحديث بطوله إلى آخره مثله.
- و حدثنا بهذا الحديث أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ العدل قال حدثنا موسى بن إسحاق القاضي عن ضرار بن صرد عن عاصم بن حميد الحناط عن أبي حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب الفزاري عن كميل بن زياد النخعي و ذكر الحديث بطوله إلى آخره.
و حدثنا بهذا الحديث الحاكم أبو محمد بكر بن علي بن محمد بن الفضل الحنفي الشاشي بإيلاق قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البزاز الشافعي بمدينة السلام قال حدثنا بشر بن موسى أبو علي الأسدي قال حدثنا عبد الله بن الهيثم قال حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أحمد النخعي قال حدثنا عبد الله بن الفضل بن عبد الله بن أبي الهياج «1» بن محمد بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قال حدثنا هشام بن محمد السائب أبو منذر الكلبي عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن فضيل بن خديج عن كميل بن زياد النخعي قال: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع بالكوفة فخرجنا حتى انتهينا إلى الجبانة و ذكر فيه اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجة ظاهر مشهور أو باطن مغمور لئلا تبطل حجج الله و بيناته و قال في آخره انصرف إذا شئت.
- و حدثني أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن عبد الله بن الفضل بن عيسى «2» عن عبد الله النوفلي عن عبد الله بن عبد الرحمن عن هشام الكلبي عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد أن أمير المؤمنين ع قال له في كلام طويل اللهم إنك لا تخلي الأرض من قائم‏
__________________________________________________
(1). في بعض النسخ «أبى الصباح».
(2). كذا في النسخ و لم أعرفه.


كمال الدين و تمام النعمة، ج‏1، ص: 294
بحجة إما ظاهر مشهور أو خائف «1» مغمور لئلا تبطل حجج الله و بيناته.
- حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال حدثني عمي محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن نصر بن مزاحم عن أبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد النخعي قال: قال لي أمير المؤمنين ع في كلام له طويل اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة ظاهر مشهور أو خاف مغمور لئلا تبطل حجج الله و بيناته و قال في آخره انصرف إذا شئت.
- حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه قال حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر عن محمد بن أبي عمير عن أبان بن عثمان الأحمر عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد النخعي قال سمعت عليا ع يقول في آخر كلام له اللهم إنك لا تخلي الأرض من قائم بحجة ظاهر أو خاف مغمور لئلا تبطل حججك و بيناتك.
- و حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثنا أبو زهير عبد الرحمن بن موسى البرقي «2» قال حدثنا محمد بن الزيات عن أبي صالح عن كميل بن زياد قال قال أمير المؤمنين ع في كلام طويل اللهم إنك لا تخلي الأرض من قائم بحجة إما ظاهر أو خاف مغمور لئلا تبطل حججك و بيناتك.
و لهذا الحديث طرق كثيرة







سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي (3/ 77) يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة العلم حاكم والمال محكوم عليه محبة العالم دين يدان بها العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته ومنفعة المال تزول بزواله مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة إن ههنا وأشار إلى صدره علما جما لو أصبت له حملة بلى أصيب لفتى غير مأمون عليه يستعمل آلة الدنيا للدين فيستظهر بحجج الله تعالى على كتابه وبنعمه على عباده وينقاد لأهل الباطل لا بصيرة له في أحنائه ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة منهوما للذات سلس القياد للشهوات أو مغرى بجمع الأموال والادخار أقرب شبها بهم الأنعام السائمة كذاك يموت العلم بموت حامله والله يأبى أن تخلو الأرض من قائم لله عز وجل بحجته لئلا تبطل حجج الله وبيناته أولئك هم الأقلون عددا الأعظم عند الله قدرا بهم يدفع الله عز وجل عن حججه حتى يؤديها إلى نظرائهم ويزرعها في قلوب أشياعهم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر منه المشركون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا لدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك خلفاء الله في بلاده ودعاته إلى دينه هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم استغفر الله انصرف إذا شئت مجموع رسائل ابن رجب (1/ 324) كذلك يموت العِلْم بموت حامليه، اللهم بلى لن تخلوا الأرض عن قائم لله بحجة لكيلا تبطل حجج الله وبيناته، أولئك هم الأقلون عددًا والأعظمون عند الله قدرًا، بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدونها إِلَى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العِلْم عَلَى حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعر منه المترفون، وأَنَسُوا بما استوحشَ منه الجاهلون، صحبوا الدُّنْيَا بأبدان، أرواحها معلقة بالمنظر الأعلى، أولئك خلفاء الله في بلاده، ودعاته إِلَى دينه، هاه هاه شوقًا إِلَى رؤيتهم. فقسم أمير المؤمنين- رضي الله عنه حملة العِلْم إِلَى ثلاث أقسام: مجلة الحقائق (18/ 16، بترقيم الشاملة آليا) كذلك يموت العلم بموت حامليه اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته وكم ذا وأين أولئك، أولئك والله الأقلون عدداً، الأعظمون قدراً، يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه، ولدعاة إلى دينه. آه آه شوقاً إلى رؤيتهم. انصرف إذا شئت.











****************
ارسال شده توسط:
حسین سوزنچی
Friday - 6/5/2022 - 2:30

سلام علیکم

دیدم در منابع شیعی فقط الغارات و کمال الدین [و تاریخ یعقوبی] را ذکر کرده اید

در منابع متقدم اینها هم هست:

نهج‌البلاغه، حکمت ۱۴۷؛ تفسير القمي، ج‏1، ص359؛   الغيبة للنعماني، ص136؛ الخصال، ج‏1، ص187؛