فهرست عامالسورةفهرست قرآن كريم

بسم الله الرحمن الرحیم

آية بعدآية [6180] در مصحف از مجموع [6236]آية قبل

104|1|بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ






البرهان في تفسير القرآن، ج‏5، ص: 756
قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ- إلى قوله تعالى- فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ [1- 9]
11899/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه سليمان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
ما معنى قوله عز و جل: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ؟ قال: «الذين همزوا آل محمد حقهم و لمزوهم، و جلسوا مجلسا كان آل محمد أحق به منهم».
11900/ [2]- علي بن إبراهيم: في معنى السورة، قوله: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ، قال: الذي يغمز الناس، و يستحقر الفقراء، و قوله: لُمَزَةٍ الذي يلوي عنقه و رأسه و يغضب إذا رأى فقيرا و سائلا، و قوله: الَّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ، قال: أعده و وضعه يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ قال: [يحسب أن ماله يخلده‏] و يبقيه، ثم قال:
كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ و الحطمة: النار [التي‏] تحطم كل شي‏ء.
ثم قال: وَ ما أَدْراكَ يا محمد مَا الْحُطَمَةُ نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ، قال: تلتهب على الفؤاد، قال أبو ذر (رضي الله عنه): بشر المتكبرين بكي في الصدور، و سحب على الظهور، قوله: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، قال: مطبقة فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ، قال: إذا مدت العمد عليهم أكلت و الله الجلود «1».
11901/ [3]- الطبرسي: روي العياشي بإسناده، عن محمد بن النعمان الأحول، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الكفار و المشركين يعيرون أهل التوحيد في النار، و يقولون: ما نرى توحيدكم أغنى
__________________________________________________
1- تأويل الآيات 2: 854/ 1.
2- تفسير القمّي 2: 441.
3- مجمع البيان 10: 819.
(1) في المصدر نسخة بدل: إذا مدّت العمد كان و اللّه الخلود.



البرهان في تفسير القرآن، ج‏5، ص: 757
عنكم شيئا، و ما نحن و أنتم إلا سواء، قال: فيأنف [لهم‏] الرب تعالى، فيقول للملائكة: اشفعوا، فيشفعون لمن شاء الله، ثم يقول للنبيين: اشفعوا، فيشفعون لمن يشاء، ثم يقول للمؤمنين: اشفعوا، فيشفعون لمن شاء، و يقول الله: أنا أرحم الراحمين، اخرجوا برحمتي، فيخرجون كما يخرج الفراش» قال: ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «مدت العمد، و أوصدت عليهم، و كان و الله الخلود».
11902/ [4]- كتاب (صفة الجنة و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل يذكر فيه صفة أهل النار- إلى أن قال (عليه السلام) فيه: «ثم يعلق على كل غصن من الزقوم سبعون ألف رجل، ما ينحني و لا ينكسر، فتدخل النار من أدبارهم، فتطلع على الأفئدة، تقلص الشفاه، و يطير الجنان «1»، و تنضج الجلود، و تذوب الشحوم، و يغضب الحي القيوم فيقول:
يا مالك، قل لهم: ذوقوا، فلن نزيدكم إلا عذابا. يا مالك، سعر سعر، قد اشتد غضبي على من شتمني على عرشي، و استخف بحقي، و أنا الملك الجبار.
فينادي مالك: يا أهل الضلال و الاستكبار و النعمة «2» في دار الدنيا، كيف تجدون مس سقر؟ قال: فيقولون:
قد أنضجت قلوبنا، و أكلت لحومنا، و حطمت عظامنا، فليس لنا مستغيث، و لا لنا معين. قال: فيقول مالك: و عزة ربي، لا أزيدكم إلا عذابا. فيقولون: إن عذبنا ربنا لم يظلمنا شيئا. قال: فيقول مالك: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ «3» يعني بعدا لأصحاب السعير.
ثم يغضب الجبار فيقول: يا مالك، سعر سعر، فيغضب مالك، فيبعث عليهم سحابة سوداء تظل أهل النار كلهم، ثم يناديهم فيسمعها أولهم و آخرهم و أقصاهم «4» و أدناهم فيقول: ما ذا تريدون أن أمطركم؟ فيقولون: الماء البارد، وا عطشاه و أطول هواناه، فيمطرهم حجارة و كلاليب و خطاطيف و غسلينا و ديدانا من نار، فتنضج «5» وجوههم و جباههم، و تعمى أبصارهم، و تحطم عظامهم، فعند ذلك ينادون: وا ثبوراه، فإذا بقيت العظام عواري [من اللحوم‏] اشتد غضب الله فيقول: يا مالك، اسجرها عليهم كالحطب في النار. ثم تضرب أمواجها أرواحهم سبعين خريفا في النار، ثم تطبق عليهم أبوابها من الباب إلى الباب مسيرة خمسمائة عام، و غلظ الباب [مسيرة] مائة عام، ثم يجعل كل رجل منهم في ثلاث توابيت من حديد [من نار] بعضها في بعض، فلا يسمع لهم كلام أبدا، إلا أن لهم فيها شهيق كشهيق البغال و نهيق «6» كنهيق الحمار، و عواء كعواء الكلاب، صم بكم عمي فليس لهم فيها
__________________________________________________
4- الاختصاص: 364.
(1) أي القلب. «لسان العرب 13: 93».
(2) في «ي»: و النقمة. [.....]
(3) الملك 67: 11.
(4) في «ط، ي» و المصدر: و أفضلهم.
(5) في «ج»: فتنضح.
(6) و في نسخة من «ط، ج، ي»: و زفير.



البرهان في تفسير القرآن، ج‏5، ص: 758
كلام إلا أنين، فتطبق عليهم أبوابها، و تسد عليهم عمدها، فلا يدخل عليهم روح، و لا يخرج منهم الغم أبدا، و هي عليهم مؤصدة- يعني مطبقة- ليس لهم من الملائكة شافعون، و لا من أهل الجنة صديق حميم، و ينساهم الرب، و يمحو ذكرهم من قلوب العباد، فلا يذكرون أبدا، فنعوذ بالله العظيم العفو «1» الرحمن الرحيم [من النار و ما فيها، و من كل عمل يقرب من النار، إنه غفور رحيم جواد كريم»].
__________________________________________________
(1) في المصدر: الغفور.






مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏10، ص: 816
(104) سورة الهمزة مكية و آياتها تسع (9)
[توضيح‏]
مكية و هي تسع آيات بالإجماع.
فضلها
و
في حديث أبي من قرأها أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمد ص و أصحابه.
أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) قال من قرأ ويل لكل همزة في فريضة من فرائضه نفت عنه الفقر و جلبت عليه الرزق و تدفع عنه ميتة السوء.
تفسيرها
أجمل سبحانه في تلك السورة أن الإنسان لفي خسر و فصل في هذه السورة تلك الجملة فقال:
[سورة الهمزة (104): الآيات 1 الى 9]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَ عَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)
وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
القراءة
قرأ أهل البصرة و ابن كثير و نافع و عاصم «جَمَعَ» بالتخفيف و الباقون جمع بالتشديد «مُؤْصَدَةٌ» و ذكرناه في سورة البلد و قرأ أهل الكوفة غير حفص في عمد بضمتين و الباقون «فِي عَمَدٍ» بفتح العين و الميم.



مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏10، ص: 817
الحجة
قال أبو الحسن: المثقلة أكثر تقول فلان يجمع المال من هنا و من هنا قال أبو عمرو: و جمع خفيفة إذا أكثر و إذا ثقل فإنما هو شي‏ء بعد شي‏ء قال أبو علي: و قد يجوز أن يكون جمع لما يجمع فيما قرب من الوقت و لم يجمع شيئا بعد شي‏ء قال سبحانه وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً و قال الأعشى:
و لمثل الذي جمعت لريب الدهر لا مسند و لا زمال‏
و الأشبه أن تكون أداة الحرب لا تجمع في وقت واحد و إنما هو شي‏ء بعد شي‏ء فيجوز على هذا أن يكون شيئا بعد شي‏ء في قول من خفف كما تقول ذلك في قول من ثقل و من قرأ عمد جعله جمعا لعمود مثل قدوم و قدم و زبور و زبر و من قال «عَمَدٍ» فإنه جمع عمود أيضا كما قالوا أفق و أدم و أهب في جمع أفيق و أديم و إهاب و هذا اسم من أسماء الجمع غير مستمر و قد قالوا حارس و حرس و غائب و غيب و خادم و خدم و رائح و روح و هو في أنه غير مطرد مثل عمد.
اللغة
الهمزة الكثير الطعن على غيره بغير حق العائب له بما ليس بعيب و أصل الهمز الكسر فكان العائب بعيبه إياه و طعنه فيه يكسره و يهمزه و قيل لأعرابي أ تهمز الفأرة قال السنور تهمزها و كان الهمز في الكلام نبرة كالطعنة بقوة اعتمادها و اللمز العيب أيضا و الهمزة و اللمزة بمعنى و قد قيل بينهما فرق فإن الهمزة الذي يعيبك بظهر الغيب و اللمزة الذي يعيبك في وجهك عن الليث و قيل الهمزة الذي يؤذي جليسه بسوء لفظه و اللمزة الذي يكسر عينه على جليسه و يشير برأسه و يومئ بعينه و يقال لمزة يلمزه و يلمزه بكسر الميم و ضمها و رجل لماز و لمزة و هماز و همزة قال زياد الأعجم:
تدلي بودي إذا لاقيتني كذبا و إن تغيبت كنت الهامز اللمزة
و الحطمة الكثير الحطم أي الأكل و رجل حطمة أكول و حطم الشي‏ء إذا كسره و أذهبه قال:
قد لفها الليل بسواق حطم ليس براعي إبل و لا غنم‏
و فعلة بناء المبالغة في صفة من يكثر منه الفعل و يصير عادة له تقول رجل نكحة كثير النكاح و ضحكة كثير الضحك و كذا همزة و لمزة و فعلة ساكنة العين يكون للمفعول به.



مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏10، ص: 818
الإعراب
«الَّذِي جَمَعَ» في موضع جر على البدل من همزة و لا يجوز أن يكون صفة لأنه معرفة و يجوز أن يكون في موضع نصب على إضمار أعني و في موضع رفع على إضمار هو و في حرف عبد الله ويل للهمزة اللمزة فعلى هذا الوجه يكون صفة. «لَيُنْبَذَنَّ» يعني الجامع للمال و روي في الشواذ عن الحسن لينبذان يعني الجامع و المال. و «نارُ اللَّهِ» تقديره هي نار الله.
المعنى
«وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» هذا وعيد من الله سبحانه لكل مغتاب غياب مشاء بالنميمة مفرق بين الأحبة عن ابن عباس و عنه أيضا قال: الهمزة الطعان و اللمزة المغتاب و قيل الهمزة المغتاب و اللمزة الطعان عن سعيد بن جبير و قتادة و قيل الهمزة الذي يطعن في الوجه بالعيب و اللمزة الذي يغتاب عند الغيبة عن الحسن و أبي العالية و عطاء بن أبي رباح و قيل الهمزة الذي يهمز الناس بيده و يضربهم و اللمزة الذي يلمزهم بلسانه و بعينه عن ابن زيد «الَّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ» أي أحصاه عن الفراء و قيل عدده للدهور فيكون من العدة عن الزجاج يقال أعددت الشي‏ء و عددته إذا أمسكته و قيل جمع مالا من غير حله و منعه من حقه و أعده ذخرا لنوائب دهره عن الجبائي و قيل أن الآيات نزلت في الوليد بن المغيرة و كان يغتاب النبي ص من ورائه و يطعن عليه في وجهه عن مقاتل و قيل نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي و كان يلمز الناس و يغتابهم عن الكلبي ثم ذكر سبحانه طول أمله فقال «يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ» أي يظن أن ماله الذي جمعه يخلده في الدنيا و يمنعه من الموت فأخلده في معنى يخلده لأن قوله «يَحْسَبُ» يدل عليه و إنما قال ذلك و إن كان الموت معلوما عند جميع الناس لأنه يعمل عمل من يتمنى ذلك و قيل «أَخْلَدَهُ» بمعنى أوجب إخلاده و هذا كما يقال هلك فلان إذا حدث به سبب الهلاك و إن لم يقع هلاكه بعد ثم قال سبحانه «كَلَّا» أي لا يخلده ماله و لا يبقى له و قيل معناه ليس الأمر كما حسب و قيل معناه حقا «لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ» أي ليقذفن و يطرحن من وصفناه في الحطمة و هي اسم من أسماء جهنم قال مقاتل: و هي تحطم العظام و تأكل اللحوم حتى تهجم على القلوب ثم قال سبحانه «وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ» تفخيما لأمرها ثم فسرها بقوله «نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ» أي المؤججة أضافها سبحانه إلى نفسه ليعلم أنها ليست كسائر النيران ثم وصفها بالإيقاد على الدوام «الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ» أي تشرف على القلوب فيبلغها ألمها و حريقها و قيل معناه أن هذه النار تخرج من الباطن إلى الظاهر بخلاف نيران الدنيا «إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ» يعني أنها على أهلها مطبقة يطبق أبوابها عليهم تأكيدا للإياس عن الخروج «فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» و هي جمع عمود و قال أبو عبيدة:
كلاهما جمع عماد قال و هي أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار و قال مقاتل: أطبقت



مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏10، ص: 819
الأبواب عليهم ثم شدت بأوتاد من حديد من نار حتى يرجع إليهم غمها و حرها فلا يفتح عليهم باب و لا يدخل عليهم روح و قال الحسن: يعني عمد السرادق في قوله أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها فإذا مدت تلك العمد أطبقت جهنم على أهلها نعوذ بالله منها و قال الكلبي: في عمد مثل السواري ممددة مطولة تمد عليهم و قال ابن عباس: هم في عمد أي في أغلال في أعناقهم يعذبون بها و
روى العياشي بإسناده عن محمد بن النعمان الأحول عن حمران بن أعين عن أبي جعفر (ع) قال أن الكفار و المشركين يعيرون أهل التوحيد في النار و يقولون ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا و ما نحن و أنتم إلا سواء قال فيأنف لهم الرب تعالى فيقول للملائكة اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله ثم يقول للنبيين اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله ثم يقول للمؤمنين اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله و يقول الله أنا أرحم الراحمين أخرجوا برحمتي كما يخرج الفراش قال ثم قال أبو جعفر (ع) ثم مدت العمد و أوصدت عليهم و كان و الله الخلود.






الميزان في تفسير القرآن، ج‏20، ص: 358
بيان
وعيد شديد للمغرمين بجمع المال المستعلين به على الناس المستكبرين عليهم فيزرون بهم و يعيبونهم بما ليس بعيب، و السورة مكية.
قوله تعالى: «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» قال في المجمع،: الهمزة الكثير الطعن على غيره بغير حق العائب له بما ليس بعيب، و أصل الهمز الكسر. قال: و اللمز العيب أيضا و الهمزة و اللمزة بمعنى، و قد قيل: بينهما فرق فإن الهمزة الذي يعيبك بظهر الغيب، و اللمزة الذي يعيبك في وجهك. عن الليث.
و قيل: الهمزة الذي يؤذي جليسه بسوء لفظه، و اللمزة الذي يكسر عينه على جليسه



الميزان في تفسير القرآن، ج‏20، ص: 359
و يشير برأسه و يومئ بعينه. قال: و فعله بناء المبالغة في صفة من يكثر منه الفعل و يصير عادة له تقول: رجل نكحة كثير النكاح و ضحكة كثير الضحك و كذا همزة و لمزة انتهى.
فالمعنى ويل لكل عياب مغتاب، و فسر بمعان أخر على حسب اختلافهم في تفسير الهمزة و اللمزة.
قوله تعالى: «الَّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ» بيان لهمزة لمزة و تنكير «مالًا» للتحقير فإن المال و إن كثر ما كثر لا يغني عن صاحبه شيئا غير أن له منه ما يصرفه في حوائج نفسه الطبيعية من أكلة تشبعه و شربة ماء ترويه و نحو ذلك و «عَدَّدَهُ» من العد بمعنى الإحصاء أي أنه لحبه المال و شغفه بجمعه يجمع المال و يعده عدا بعد عد التذاذا بتكثره. و قيل: المعنى جعله عدة و ذخرا لنوائب الدهر.
و قوله: «يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ» أي يخلده في الدنيا و يدفع عنه الموت و الفناء فالماضي أريد به المستقبل بقرينة قوله: «يَحْسَبُ».
فهذا الإنسان لإخلاده إلى الأرض و انغماره في طول الأمل لا يقنع من المال بما يرتفع به حوائج حياته القصيرة و ضروريات أيامه المعدودة بل كلما زاد مالا زاد حرصا إلى ما لا نهاية له فظاهر حاله أنه يرى أن المال يخلده، و لحبه الغريزي للبقاء يهتم بجمعه و تعديده، و دغاه ما جمعه و عدده من المال و ما شاهده من الاستغناء إلى الطغيان و الاستعلاء على غيره من الناس كما قال تعالى: «إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى‏ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى‏»: العلق 7، و يورثه هذا الاستكبار و التعدي الهمز و اللمز.
و من هنا يظهر أن قوله: «يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ» بمنزلة التعليل لقوله: «الَّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ»، و قوله: «الَّذِي جَمَعَ» إلخ بمنزلة التعليل لقوله: «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ».
قوله تعالى: «كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ» ردع عن حسبانه الخلود بالمال، و اللام في «لَيُنْبَذَنَّ» للقسم، و النبذ القذف و الطرح، و الحطمة مبالغة من الحطم و هو الكسر و جاء بمعنى الأكل، و هي من أسماء جهنم على ما يفسرها قوله الآتي: «نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ».
و المعنى ليس مخلدا بالمال كما يحسب أقسم ليموتن و يقذفن في الحطمة.
قوله تعالى: «وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ» تفخيم و تهويل.
قوله تعالى: «نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ» إيقاد النار إشعالها و الاطلاع و الطلوع على الشي‏ء الإشراف و الظهور، و الأفئدة جمع فؤاد و هو القلب، و المراد به في



الميزان في تفسير القرآن، ج‏20، ص: 360
القرآن مبدأ الشعور و الفكر من الإنسان و هو النفس الإنسانية.
و كان المراد من اطلاعها على الأفئدة أنها تحرق باطن الإنسان كما تحرق ظاهره بخلاف النار الدنيوية التي إنما تحرق الظاهر فقط قال تعالى: «وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ»: البقرة 24.
قوله تعالى: «إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ» أي مطبقة لا مخرج لهم منها و لا منجا.
قوله تعالى: «فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» العمد بفتحتين جمع عمود و التمديد مبالغة في المد قيل: هي أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار، و قيل: عمد ممددة يوثقون فيها مثل المقاطر و هي خشب أو جذوع كبار فيها خروق توضع فيها أرجل المحبوسين من اللصوص و غيرهم، و قيل غير ذلك.
بحث روائي
في روح المعاني،": في قوله تعالى: «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» نزل ذلك على ما أخرج ابن أبي حاتم- من طريق ابن إسحاق عن عثمان بن عمر في أبي بن خلف، و على ما أخرج عن السدي في أبي بن عمر و الثقفي- الشهير بالأخنس بن شريق- فإنه كان مغتابا كثير الوقيعة.
و على ما قال ابن إسحاق في أمية بن خلف الجمحي- و كان يهمز النبي ص.
و على ما أخرج ابن جرير و غيره عن مجاهد في جميل بن عامر- و على ما قيل في الوليد بن المغيرة- و اغتيابه لرسول الله ص و غضه منه، و على قول في العاص بن وائل.
أقول: ثم قال: و يجوز أن يكون نازلا في جمع من ذكر. انتهى و لا يبعد أن يكون من تطبيق الرواة و هو كثير في أسباب النزول.
و في تفسير القمي،": في قوله تعالى: «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ» قال: الذي يغمز الناس و يستحقر الفقراء، و قوله: «لُمَزَةٍ» يلوي عنقه و رأسه- و يغضب إذا رأى فقيرا أو سائلا «الَّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ» قال: أعده و وضعه.
و فيه،": قوله تعالى: «الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ» قال: تلتهب على الفؤاد- قال أبو ذر رضي الله عنه: بشر المتكبرين بكي في الصدور و سحب على الظهور. قوله «إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ» قال: مطبقة «فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» قال: إذا مدت العمد عليهم أكلت و الله الجلود.
و في المجمع، روى العياشي بإسناده عن محمد بن النعمان الأحول عن حمران بن أعين عن أبي جعفر ع قال: إن الكفار و المشركين يعيرون أهل التوحيد في النار- و يقولون:



الميزان في تفسير القرآن، ج‏20، ص: 361
ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا- و ما نحن و أنتم إلا سواء- قال: فيأنف لهم الرب تعالى فيقول للملائكة: اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله- ثم يقول للنبيين: اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله- ثم يقول للمؤمنين: اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله- و يقول الله: أنا أرحم الراحمين اخرجوا برحمتي- فيخرجون كما يخرج الفراش.
قال: ثم قال أبو جعفر ع: ثم مدت العمد و أوصدت عليهم و كان و الله الخلود.





التحرير و التنوير، ج‏30، ص: 471 [1- 7]
[سورة الهمزة (104): الآيات 1 الى 7]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَ عَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)
وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا.
كلمة (ويل له) دعاء على المجرور اسمه باللام بأن يناله الويل و هو سوء الحال كما تقدم غير مرة منها قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ في سورة البقرة [79].
و الدعاء هنا مستعمل في الوعيد بالعقاب.
و كلمة (كلّ) تشعر بأن المهددين بهذا الوعيد جماعة و هم الذين اتخذوا همز المسلمين و لمزهم ديدنا لهم أولئك الذين تقدم ذكرهم في سبب نزول السورة.
و همزة و لمزة: بوزن فعلة صيغة تدل على كثرة صدور الفعل المصاغ منه. و أنه صار عادة لصاحبه كقولهم: ضحكة لكثير الضحك، و لعنة لكثير اللعن، و أصلها: أن صيغة فعل بضم ففتح ترد للمبالغة في فاعل كما صرح به الرضيّ في «شرح الكافية» يقال: رجل حطم إذا كان قليل الرحمة للماشية، أي و الدواب.
و منه قولهم: ختع (بخاء معجمة و مثناة فوقية) و هو الدليل الماهر بالدلالة على الطريق فإذا أريدت زيادة المبالغة في الوصف ألحق به الهاء كما ألحقت في: علّامة و رحّالة، فيقولون: رجل حطمة و ضحكة و منه همزة، و بتلك المبالغة الثانية يفيد أن ذلك تفاقم منه حتى صار له عادة قد ضري بها كما في «الكشاف»، و قد قالوا: إن عيبة مساو لعيابة، فمن الأمثلة ما سمع فيه الوصف بصيغتي فعل و فعلة نحو حطم و حطمة بدون هاء و بهاء، و من الأمثلة ما سمع فيه فعلة دون فعل نحو رجل ضحكة، و من الأمثلة ما سمع فيه فعل دون فعلة و ذلك في الشتم مع حرف النداء يا غدر و يا فسق و يا خبث و يا لكع.
قال المرادي في «شرح التسهيل» قال: بعضهم و لم يسمع غيرها و لا يقاس عليها، و عن سيبويه أنه أجاز القياس عليها في النداء ا ه. قلت: و على قول سيبويه بنى الحريري قوله في «المقامة السابعة و الثلاثين»: «صه يا عقق، يا من هو الشّجا و الشرق».



التحرير و التنوير، ج‏30، ص: 472
و همزة: وصف مشتق من الهمز. و هو أن يعيب أحد أحدا بالإشارة بالعين أو بالشّدق أو بالرأس بحضرته أو عند توليه، و يقال: هامز و همّاز، و صيغة فعلة يدل على تمكن الوصف من الموصوف.
و وقع هُمَزَةٍ وصفا لمحذوف تقديره: ويل لكل شخص همزة، فلما حذف موصوفه صار الوصف قائما مقامه فأضيف إليه (كلّ).
و لمزة: وصف مشتق من اللمز و هو المواجعة بالعيب، و صيغته دالة على أن ذلك الوصف ملكة لصاحبه كما في همزة.
و هذان الوصفان من معاملة أهل الشرك للمؤمنين يومئذ، و من عامل من المسلمين أحدا من أهل دينه بمثل ذلك كان له نصيب من هذا الوعيد.
فمن اتصف بشي‏ء من هذا الخلق الذميم من المسلمين مع أهل دينه فإنها خصلة من خصال أهل الشرك. و هي ذميمة تدخل في أذى المسلم و له مراتب كثيرة بحسب قوة الأذى و تكرره و لم يعد من الكبائر إلا ضرب المسلم. و سبّ الصحابة رضي اللّه عنهم و إدمان هذا الأذى بأن يتخذه ديدنا فهو راجع إلى إدمان الصغائر و هو معدود من الكبائر.
و أتبع الَّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ لزيادة تشنيع صفتيه الذميمتين بصفة الحرص على المال. و إنما ينشأ ذلك عن بخل النفس و التخوف من الفقر، و المقصود من ذلك دخول أولئك الذين عرفوا بهمز المسلمين و لمزهم الذين قيل إنهم سبب نزول السورة لتعيينهم في هذا الوعيد.
و اسم الموصول من قوله: الَّذِي جَمَعَ مالًا نعت آخر و لم يعطف الَّذِي بالواو لأن ذكر الأوصاف المتعددة للموصوف الواحد يجوز أن يكون بدون عطف نحو قوله تعالى: وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ [القلم: 10- 13].
و المال: مكاسب الإنسان التي تنفعه و تكفي مؤونة حاجته من طعام و لباس و ما يتخذ منه ذلك كالأنعام و الأشجار ذات الثمار المثمرة. و قد غلب لفظ المال في كل قوم من العرب على ما هو الكثير من مشمولاتهم فغلب اسم المال بين أهل الخيام على الإبل قال زهير:
فكلّا أراهم أصبحوا يعقلونه صحيحات مال طالعات بمخرم‏



التحرير و التنوير، ج‏30، ص: 473
يريد إبل الدية و لذلك قال: طالعات بمخرم.
و هو عند أهل القرى الذين يتخذون الحوائط يغلب على النخل يقولون خرج فلان إلى ماله، أي إلى جناته، و في كلام أبي هريرة: «و إن إخواني الأنصار شغلهم العمل في أموالهم» و قال أبو طلحة: «و إن أحب أموالي إليّ بئر حاء».
و غلب عند أهل مكة على الدراهم لأن أهل مكة أهل تجر و من ذلك
قول النبي‏ء صلى اللّه عليه و سلم للعباس: «أين المال الذي عند أم الفضل»
. و تقدم في قوله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ سورة آل عمران [92].
و معنى: عَدَّدَهُ أكثر من عدّه، أي حسابه لشدة ولعه بجمعه فالتضعيف للمبالغة في (عدّ) و معاودته.
و قرأ الجمهور جَمَعَ مالًا بتخفيف الميم، و قرأه ابن عامر و حمزة و الكسائي و أبو جعفر و رويس عن يعقوب و خلف بتشديد الميم مزاوجا لقوله: عَدَّدَهُ و هو مبالغة في جَمَعَ. و على قراءة الجمهور دل تضعيف عَدَّدَهُ على معنى تكلف جمعه بطريق الكناية لأنه لا يكرر عده إلا ليزيد جمعه.
و يجوز أن يكون عَدَّدَهُ بمعنى أكثر إعداده، أي إعداد أنواعه فيكون كقوله تعالى:
وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ [آل عمران:
14].
و جملة: يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ يجوز أن تكون حالا من همزة فيكون مستعملا في التّهكم عليه في حرصه على جمع المال و تعديده لأنه لا يوجد من يحسب أن ماله يخلده، فيكون الكلام من قبيل التمثيل، أو تكون الحال مرادا بها التشبيه و هو تشبيه بليغ.
و يجوز أن تكون الجملة مستأنفة و الخبر مستعملا في الإنكار، أو على تقدير همزة استفهام محذوفة مستعملا في التهكم أو التعجيب.
و جي‏ء بصيغة المضي في أَخْلَدَهُ لتنزيل المستقبل منزلة الماضي لتحققه عنده، و ذلك زيادة في التهكم به بأنه موقن بأن ماله يخلده حتى كأنه حصل إخلاده و ثبت.
و الهمزة في أَخْلَدَهُ للتعدية، أي جعله خالدا.
و قرأ الجمهور: يحسب بكسر السين. و قرأه ابن عامر و عاصم و حمزة و أبو جعفر



التحرير و التنوير، ج‏30، ص: 474
بفتح السين و هما لغتان.
و معنى الآية: أن الذين جمعوا المال يشبه حالهم حال من يحسب أن المال يقيهم الموت و يجعلهم خالدين لأن الخلود في الدنيا أقصى متمناهم إذ لا يؤمنون بحياة أخرى خالدة.
و كَلَّا إبطال لأن يكون المال مخلدّا لهم. و زجر عن التلبس بالحالة الشنيعة التي جعلتهم في حال من يحسب أن المال يخلد صاحبه، أو إبطال للحرص في جمع المال جمعا يمنع به حقوق اللّه في المال من نفقات و زكاة.
لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) استئناف بياني ناشى‏ء عن ما تضمنته جملة: يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ من التهكم و الإنكار، و ما أفاده حرف الزجر من معنى التوعد.
و المعنى: ليهلكنّ فلينبذنّ في الحطمة.
و اللام جواب قسم محذوف. و الضمير عائد إلى الهمزة.
و النبذ: الإلقاء و الطرح، و أكثر استعماله في إلقاء ما يكره. قال صاحب «الكشاف» في قوله تعالى: فَأَخَذْناهُ وَ جُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ [القصص: 40] شبههم استحقارا لهم بحصيات أخذهن آخذ بكفه فطرحهن ا ه.
و الحطمة: صفة بوزن فعلة، مثل ما تقدم في الهمزة، أي لينبذن في شي‏ء يحطمه، أي يكسره و يدقه.
و الظاهر أن اللام لتعريف العهد لأنه اعتبر الوصف علما بالغلبة على شي‏ء يحطم و أريد بذلك جهنم، و أن إطلاق هذا الوصف على جهنم من مصطلحات القرآن. و ليس في كلام العرب إطلاق هذا الوصف على النار.
فجملة: وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ في موضع الحال من قوله: الْحُطَمَةِ و الرابط إعادة لفظ الحطمة، و ذلك إظهار في مقام الإضمار للتهويل كقوله: الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَ ما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة: 1- 3] و ما فيها من الاستفهام، و فعل الدراية يفيد تهويل الحطمة، و قد تقدم ما أَدْراكَ غير مرة منها عند قوله: وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ في



التحرير و التنوير، ج‏30، ص: 475
سورة الانفطار [17].
و جملة: نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ جواب عن جملة وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ مفيد مجموعهما بيان الحطمة ما هي، و موقع الجملة موقع الاستئناف البياني، و التقدير هي، أي الحطمة نار اللّه، فحذف المبتدأ من الجملة جريا على طريقة استعمال أمثاله من كل إخبار عن شي‏ء بعد تقدم حديث عنه و أوصاف له، و قد تقدم عند قوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ في سورة البقرة [18].
و إضافة نارُ إلى اسم الجلالة للترويع بها بأنها نار خلقها القادر على خلق الأمور العظيمة.
و وصف نارُ ب «موقدة»، و هو اسم مفعول من: أوقد النار، إذا أشعلها و ألهبها.
و التوقد: ابتداء التهاب النار فإذا صارت جمرا فقد خفّ لهبها، أو زال، فوصف نارُ ب «موقدة» يفيد أنها لا تزال تلتهب و لا يزول لهيبها. و هذا كما وصفت نار الأخدود بذات الوقود (بفتح الواو) في سورة البروج، أي النار التي يجدد اتقادها بوقود و هو الحطب الذي يلقى في النار لتتقد فليس الوصف بالموقدة هنا تأكيدا.
و وصفت نارُ اللَّهِ وصفا ثانيا ب الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ.
و الاطلاع يجوز أن يكون بمعنى الإتيان مبالغة في طلع، أي الإتيان السريع بقوة و استيلاء، فالمعنى: التي تنفذ إلى الأفئدة فتحرقها في وقت حرق ظاهر الجسد.
و أن يكون بمعنى الكشف و المشاهدة قال تعالى: فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ [الصافات: 55] فيفيد أن النار تحرق الأفئدة إحراق العالم بما تحتوي عليه الأفئدة من الكفر فتصيب كل فؤاد بما هو كفاؤه من شدة الحرق على حسب مبلغ سوء اعتقاده، و ذلك بتقدير من اللّه بين شدة النار و قابلية المتأثر بها لا يعلمه إلا مقدّره.
[8، 9]
[سورة الهمزة (104): الآيات 8 الى 9]
إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
هذه جملة يجوز أن تكون صفة ثالثة ل نارُ اللَّهِ [الهمزة: 6] بدون عاطف، و يجوز أن تكون مستأنفة استئنافا ابتدائيا و تأكيدها ب (إنّ) لتهويل الوعيد بما ينفي عنه احتمال المجاز أو المبالغة.
و موصدة: اسم مفعول من أوصد الباب، إذا أغلقه غلقا مطبقا. و يقال: آاصد



التحرير و التنوير، ج‏30، ص: 476
بهمزتين إحداهما أصلية و الأخرى همزة التعدية، و يقال: أصد الباب فعلا ثلاثيا، و لا يقال: وصد بالواو بمعنى أغلق.
و قرأ الجمهور: موصدة بواو بعد الميم على تخفيف الهمزة، و قرأه أبو عمرو و حمزة و حفص عن عاصم و يعقوب و خلف بهمزة ساكنة بعد الميم المضمومة.
و معنى إيصادها عليهم: ملازمة العذاب و اليأس من الإفلات منه كحال المساجين الذين أغلق عليهم باب السجن تمثيل تقريب لشدة العذاب بما هو متعارف في أحوال الناس، و حال عذاب جهنم أشد مما يبلغه تصور العقول المعتاد.
و قوله: فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ حال: إما من ضمير عَلَيْهِمْ أي في حال كونهم في عمد، أي موثوقين في عمد كما يوثق المسجون المغلظ عليه من رجليه في فلقة ذات ثقب يدخل في رجله أو في عنقه كالقرام. و إمّا حال من ضمير إِنَّها، أي أن النار الموقدة في عمد، أي متوسطة عمدا كما تكون نار الشواء إذ توضع عمد و تجعل النار تحتها تمثيلا لأهلها بالشواء.
و عَمَدٍ قرأه الجمهور بفتحتين على أنه اسم جمع عمود مثل: أديم و أدم. و قرأه حمزة و الكسائي و أبو بكر عن عاصم و خلف «عمد» بضمتين و هو جمع عمود، و العمود:
خشبة غليظة مستطيلة.
و الممدّدة: المجعولة طويلة جدّا، و هو اسم مفعول من مدده، إذا بالغ في مده، أي الزيادة فيه.
و كل هذه الأوصاف تقوية لتمثيل شدة الإغلاظ عليهم بأقصى ما يبلغه متعارف الناس من الأحوال.





























(104:1:1:1) wayolN N STEM|POS:N|LEM:wayol|M|INDEF|NOM -127866-@@@@(104:1:2:1) l~i P PREFIX|l:P+ -127867-@@@@(104:1:2:2) kul~i N STEM|POS:N|LEM:kul~|ROOT:kll|M|GEN -127868-@@@@(104:1:3:1) humazapK N STEM|POS:N|LEM:humazap|ROOT:hmz|M|INDEF|GEN -127869-@@@@(104:1:4:1) l~umazapK N STEM|POS:N|LEM:l~umazap|ROOT:lmz|F|INDEF|GEN -127870-@@@@





دیتای صرفی-کامپیوتر نور suurabesm1
<Word entry="بِسْمِ" root="وسم" sureh="104" aye="1" id="88147">
<Subword subEntry="بِ" IsBase="0" />
<Subword subEntry="إِسْمِ" IsBase="1" /></Word>
<Word entry="اللَّهِ" root="ءله" sureh="104" aye="1" id="88148">
<Subword subEntry="اللَّهِ" IsBase="1" /></Word>
<Word entry="الرَّحْمَنِ" root="رحم" sureh="104" aye="1" id="88149">
<Subword subEntry="الْ" IsBase="0" />
<Subword subEntry="رَحْمَنِ" IsBase="1" /></Word>
<Word entry="الرَّحِيمِ" root="رحم" sureh="104" aye="1" id="88150">
<Subword subEntry="الْ" IsBase="0" />
<Subword subEntry="رَحِيمِ" IsBase="1" /></Word>
suurabesm2
<Word entry="وَيْلٌ" root="ويل" sureh="104" aye="2" id="88151">
<Subword subEntry="وَيْلٌ" IsBase="1" /></Word>
<Word entry="لِكُلِّ" root="كلل" sureh="104" aye="2" id="88152">
<Subword subEntry="لِ" IsBase="0" />
<Subword subEntry="كُلِّ" IsBase="1" /></Word>
<Word entry="هُمَزَةٍ" root="همز" sureh="104" aye="2" id="88153">
<Subword subEntry="هُمَزَةٍ" IsBase="1" /></Word>
<Word entry="لُمَزَةٍ" sureh="104" aye="2" id="88154">
<Subword subEntry="لُمَزة" IsBase="0" /></Word>








آية بعدالفهرستآية قبل