بسم الله الرحمن الرحیم

حجیت ذاتی قطع




کلام شیخ انصاری ره
کلام سید یزدی ره
کلام علامه طباطبایی ره


کلام شیخ انصاری

                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 29
المقصد الأوّل في القطع «1»

 [وجوب متابعة القطع‏]
فنقول: لا إشكال في وجوب متابعة القطع و العمل عليه ما دام موجودا؛ لأنّه بنفسه طريق إلى الواقع، و ليس طريقيّته قابلة لجعل الشارع إثباتا أو نفيا

 

ج1، ص 31

ثمّ ما كان منه طريقا لا يفرّق فيه بين خصوصيّاته، من حيث القاطع و المقطوع به و أسباب القطع و أزمانه؛ إذ المفروض كونه طريقا إلى متعلّقه، فيترتّب عليه أحكام متعلّقه، و لا يجوز للشارع أن ينهى عن العمل به؛ لأنّه مستلزم للتناقض.
 [1- عدم جواز النهي عن العمل في الطريقي و جوازه في الموضوعي‏]
فإذا قطع بكون مائع بولا- من أيّ سبب كان- فلا يجوز للشارع أن يحكم بعدم نجاسته أو عدم وجوب الاجتناب عنه؛ لأنّ المفروض أنّه بمجرّد القطع يحصل له صغرى و كبرى، أعني قوله: «هذا بول، و كلّ بول يجب الاجتناب عنه، فهذا يجب الاجتناب عنه» فحكم الشارع بأنّه لا يجب الاجتناب عنه مناقض له، إلّا إذا فرض عدم كون النجاسة و وجوب الاجتناب من أحكام نفس البول، بل من أحكام ما علم بوليّته على وجه خاصّ من حيث السبب أو الشخص أو غيرهما،

 

 

ج 1، ص 37

أنّه قد عرفت «1»: أنّ القاطع لا يحتاج في العمل بقطعه إلى أزيد من الأدلّة المثبتة لأحكام مقطوعه، فيجعل ذلك كبرى لصغرى قطع بها، فيقطع بالنتيجة، فإذا قطع بكون شي‏ء خمرا، و قام الدليل على كون حكم الخمر في نفسها هي الحرمة، فيقطع بحرمة ذلك الشي‏ء.
 [هل القطع حجّة مطلقا أو في خصوص صورة مصادفته للواقع؟]
لكنّ الكلام في أنّ قطعه هذا هل هو حجّة عليه من الشارع و إن كان مخالفا للواقع في علم اللّه، فيعاقب على مخالفته، أو أنّه حجّة عليه إذا صادف الواقع؟ بمعنى أنّه لو شرب الخمر الواقعيّ عالما عوقب عليه في مقابل من شربها جاهلا، لا أنّه يعاقب على شرب ما قطع بكونه خمرا و إن لم يكن خمرا في الواقع.

 

 

                       فرائد الأصول، ج‏1، ص: 51-52
الأمر الثاني: عدم حجّية القطع الحاصل من المقدّمات العقليّة عند الأخباريّين‏
أنّك قد عرفت «1»: أنّه لا فرق فيما يكون العلم فيه كاشفا محضا بين أسباب العلم، و ينسب إلى غير واحد من أصحابنا الأخباريّين «2» عدم الاعتماد على القطع الحاصل من المقدّمات العقليّة القطعيّة «3» الغير الضروريّة؛ لكثرة وقوع الاشتباه و الغلط فيها، فلا يمكن الركون إلى شي‏ء منها.
 [مناقشة الأخباريّين:]
فإن أرادوا عدم جواز الركون بعد حصول القطع، فلا يعقل ذلك في مقام اعتبار العلم من حيث الكشف؛ و لو أمكن الحكم بعدم اعتباره لجرى مثله في القطع الحاصل من المقدّمات الشرعيّة طابق النعل بالنعل.
و إن أرادوا عدم جواز الخوض في المطالب العقليّة لتحصيل المطالب الشرعيّة؛ لكثرة وقوع الغلط و الاشتباه فيها، فلو سلّم ذلك و اغمض عن المعارضة بكثرة ما يحصل من الخطأ في فهم المطالب من الأدلّة الشرعيّة، فله وجه، و حينئذ: فلو خاض فيها و حصل القطع بما لا يوافق الحكم الواقعي لم يعذر في ذلك؛ لتقصيره في مقدّمات التحصيل.

 

ج1، ص 66

و إن اريد «1» عدم اعتباره في مقامات يعتبر القطع فيها من حيث الكاشفيّة و الطريقيّة إلى الواقع:
فإن اريد بذلك أنّه حين قطعه كالشاكّ، فلا شكّ في أنّ أحكام الشاكّ و غير العالم لا تجري في حقّه؛ و كيف يحكم على القاطع بالتكليف بالرجوع إلى ما دلّ على عدم الوجوب عند عدم العلم، و القاطع بأنّه صلّى ثلاثا بالبناء على أنّه صلّى أربعا، و نحو ذلك.
و إن اريد بذلك وجوب ردعه عن قطعه و تنزيله «2» إلى الشكّ، أو تنبيهه على مرضه ليرتدع بنفسه، و لو بأن يقال له: إنّ اللّه سبحانه لا يريد منك الواقع- لو فرض عدم تفطّنه لقطعه بأنّ اللّه يريد الواقع منه و من كلّ أحد- فهو حقّ، لكنّه يدخل في باب الإرشاد، و لا يختصّ بالقطّاع، بل بكلّ من قطع بما يقطع بخطئه فيه من الأحكام الشرعيّة و الموضوعات الخارجيّة المتعلّقة بحفظ النفوس و الأعراض، بل الأموال في الجملة، و أمّا في ما عدا ذلك ممّا يتعلّق بحقوق اللّه سبحانه، فلا دليل على وجوب الردع في القطّاع، كما لا دليل عليه في غيره

 

 

ج1، ص 67

ثمّ إنّ بعض المعاصرين «1» وجّه الحكم بعدم اعتبار قطع القطّاع- بعد تقييده بما إذا علم القطّاع أو احتمل أن يكون حجيّة قطعه مشروطة بعدم كونه قطّاعا-: بأنّه يشترط في حجّية القطع عدم منع الشارع عنه و إن كان العقل أيضا قد يقطع بعدم المنع، إلّا أنّه إذا احتمل المنع يحكم بحجّية القطع ظاهرا ما لم يثبت المنع.
 [مناقشة التوجيه المذكور:]
و أنت خبير بأنّه يكفي في فساد ذلك عدم تصوّر القطع بشي‏ء و عدم ترتيب آثار ذلك الشي‏ء عليه مع فرض كون الآثار آثارا له.
و العجب أنّ المعاصر مثّل لذلك بما إذا قال المولى لعبده: لا تعتمد في معرفة أوامري على ما تقطع به من قبل عقلك، أو يؤدّي إليه حدسك، بل اقتصر على ما يصل إليك منّي بطريق المشافهة أو المراسلة «2». و فساده يظهر ممّا سبق من أوّل المسألة إلى هنا.

 

 

ج1، ص 69

أنّ المعلوم إجمالا هل هو كالمعلوم بالتفصيل في الاعتبار، أم لا؟
و الكلام فيه يقع:
تارة في اعتباره من حيث إثبات التكليف به، و أنّ الحكم المعلوم بالإجمال هل هو كالمعلوم بالتفصيل في التنجّز على المكلّف، أم هو كالمجهول رأسا؟

 

 

ج1، ص 79

الثاني: أنّه إذا تولد من العلم الإجمالي العلم التفصيلي بالحكم الشرعي في مورد، وجب اتّباعه و حرمت مخالفته؛ لما تقدّم: من اعتبار العلم التفصيلي من غير تقييد بحصوله من منشأ خاصّ، فلا فرق بين من علم تفصيلا ببطلان صلاته بالحدث، أو بواحد مردّد بين الحدث و الاستدبار، أو بين ترك ركن و فعل مبطل، أو بين فقد شرط من شرائط صلاة نفسه و فقد شرط من شرائط صلاة إمامه- بناء على اعتبار وجود شرائط الإمام في علم المأموم-، إلى غير ذلك.
 [عدم الفرق بين هذا العلم التفصيلي و غيره من العلوم التفصيليّة:]
و بالجملة: فلا فرق بين هذا العلم التفصيلي و بين غيره من العلوم التفصيليّة.

 

ج1، ص 93-94

و أمّا المخالفة العمليّة:
 [لو كانت المخالفة لخطاب تفصيلي:]
فإن كانت لخطاب تفصيليّ، فالظاهر عدم جوازها، سواء كانت في الشبهة الموضوعيّة، كارتكاب الإناءين المشتبهين المخالف لقول الشارع:
 «اجتنب عن النجس»، و «1» كترك القصر و الإتمام في موارد اشتباه الحكم؛ لأنّ ذلك معصية لذلك الخطاب؛ لأنّ المفروض وجوب الاجتناب عن النجس الموجود بين الإناءين، و وجوب صلاة الظهر و العصر- مثلا- قصرا أو إتماما «2»، و كذا لو قال: أكرم زيدا، و اشتبه بين شخصين؛ فإنّ ترك إكرامهما معصية.
فإن قلت: إذا أجرينا أصالة الطهارة في كلّ من الإناءين و أخرجناهما عن موضوع النجس بحكم الشارع، فليس في ارتكابهما- بناء على طهارة كلّ منهما- مخالفة لقول الشارع: «اجتنب عن النجس».
قلت: أصالة الطهارة في كلّ منهما بالخصوص إنّما يوجب جواز ارتكابه من حيث هو، و أمّا الإناء النجس الموجود بينهما فلا أصل يدلّ على طهارته؛ لأنّه نجس يقينا، فلا بدّ إمّا من اجتنابهما؛ تحصيلا للموافقة القطعيّة، و إمّا أن يجتنب أحدهما؛ فرارا عن المخالفة القطعيّة، على الاختلاف المذكور في محلّه «3».
هذا، مع أنّ حكم الشارع بخروج مجرى الأصل عن موضوع التكليف الثابت بالأدلّة الاجتهاديّة لا معنى له إلّا رفع حكم ذلك الموضوع، فمرجع أصالة الطهارة إلى عدم وجوب الاجتناب المخالف لقوله: «اجتنب عن النجس»، فافهم «1».

و إن كانت المخالفة مخالفة لخطاب مردّد بين خطابين- كما إذا علمنا بنجاسة هذا المائع أو بحرمة هذه المرأة، أو علمنا بوجوب الدعاء عند رؤية هلال شهر «2» رمضان أو بوجوب الصلاة عند ذكر النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم- ففي المخالفة القطعيّة حينئذ وجوه:

 

 

                        فرائد الأصول، ج‏2، ص: 200-201
 [المقام الأوّل: هل يجوز ارتكاب جميع المشتبهات؟]
أمّا المقام الأوّل: هل يجوز ارتكاب جميع المشتبهات؟
 [الحقّ حرمة المخالفة القطعيّة و الاستدلال عليه‏]
فالحقّ فيه: عدم الجواز و حرمة المخالفة القطعيّة، و حكي عن ظاهر بعض «1» جوازها «2».
لنا على ذلك: وجود المقتضي للحرمة و عدم المانع عنها.
أمّا ثبوت المقتضي: فلعموم دليل تحريم ذلك العنوان المشتبه؛ فإنّ قول الشارع: «اجتنب عن الخمر»، يشمل الخمر الموجود المعلوم المشتبه بين الإناءين أو أزيد، و لا وجه لتخصيصه بالخمر المعلوم تفصيلا.
مع أنّه لو اختصّ الدليل بالمعلوم تفصيلا خرج الفرد المعلوم إجمالا عن كونه حراما واقعيّا و كان حلالا واقعيّا «3»، و لا أظنّ أحدا يلتزم بذلك، حتّى من يقول بكون الألفاظ أسامي للامور المعلومة؛ فإنّ الظاهر إرادتهم الأعمّ من المعلوم إجمالا.
و أمّا عدم المانع: فلأنّ العقل لا يمنع من التكليف- عموما أو خصوصا- بالاجتناب عن عنوان الحرام المشتبه في أمرين أو امور، و العقاب على مخالفة هذا التكليف.
و أمّا الشرع فلم يرد فيه ما يصلح للمنع عدا ما ورد، من قولهم عليهم السّلام: «كلّ شي‏ء حلال حتّى تعرف أنّه حرام بعينه» «4»، و «كلّ‏
شي‏ء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه» «1»، و غير ذلك «2»، بناء على أنّ هذه الأخبار كما دلّت على حلّية المشتبه مع عدم العلم الإجماليّ و إن كان محرّما في علم اللّه سبحانه، كذلك دلّت على حلّية المشتبه مع العلم الإجماليّ.

 

ج2، ص 202-204

و أمّا قوله عليه السّلام: «فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه»، فله ظهور في ما ذكر؛ حيث إنّ قوله: «بعينه» قيد للمعرفة، فمؤدّاه اعتبار معرفة الحرام بشخصه، و لا يتحقّق ذلك إلّا إذا أمكنت الإشارة الحسّية إليه، و «2» إناء زيد المشتبه بإناء عمرو في المثال و إن كان معلوما بهذا العنوان إلّا أنّه مجهول باعتبار الامور المميّزة له في الخارج عن إناء عمرو، فليس معروفا بشخصه.
إلّا أنّ إبقاء الصحيحة على هذا الظهور يوجب المنافاة لما دلّ على حرمة ذلك العنوان المشتبه، مثل قوله: «اجتنب عن الخمر»؛ لأنّ الإذن في كلا المشتبهين ينافي المنع عن عنوان مردّد بينهما، و يوجب الحكم بعدم حرمة الخمر المعلوم إجمالا في متن الواقع، و هو ممّا يشهد الاتّفاق و النصّ على خلافه، حتّى نفس هذه الأخبار، حيث إنّ مؤدّاها ثبوت الحرمة الواقعيّة للأمر المشتبه.
فإن قلت: مخالفة الحكم الظاهريّ للحكم الواقعيّ لا يوجب ارتفاع الحكم الواقعيّ، كما في الشبهة المجرّدة عن العلم الإجماليّ، مثلا
قول الشارع: «اجتنب عن الخمر» شامل للخمر الواقعيّ الذي لم يعلم به المكلّف و لو إجمالا، و حلّيته في الظاهر لا يوجب خروجه عن العموم المذكور حتّى لا يكون حراما واقعيّا، فلا ضير في التزام ذلك في الخمر الواقعيّ المعلوم إجمالا.
 [قبح جعل الحكم الظاهري مع علم المكلّف بمخالفته للحكم الواقعي‏]
قلت: الحكم الظاهريّ لا يقدح مخالفته للحكم الواقعيّ في نظر الحاكم مع جهل المحكوم بالمخالفة؛ لرجوع ذلك إلى معذوريّة المحكوم الجاهل كما في أصالة البراءة، و إلى «1» بدليّة الحكم الظاهريّ عن الواقع أو كونه طريقا مجعولا إليه، على الوجهين في الطرق الظاهريّة المجعولة.
و أمّا مع علم المحكوم بالمخالفة فيقبح من الجاعل جعل كلا الحكمين؛ لأنّ العلم بالتحريم يقتضي وجوب الامتثال بالاجتناب عن ذلك المحرّم، فإذن الشارع في فعله ينافي حكم العقل بوجوب الإطاعة.
فإن قلت: إذن الشارع في فعل المحرّم مع علم المكلّف بتحريمه إنّما ينافي حكم العقل من حيث إنّه إذن في المعصية و المخالفة، و هو إنّما يقبح مع علم المكلّف بتحقّق المعصية حين ارتكابها، و الإذن في ارتكاب المشتبهين ليس كذلك إذا كان على التدريج، بل هو إذن في المخالفة مع عدم علم المكلّف بها إلّا بعدها، و ليس في العقل ما يقبّح ذلك؛ و إلّا لقبّح الإذن في ارتكاب جميع المشتبهات بالشبهة الغير المحصورة، أو في ارتكاب مقدار يعلم عادة بكون الحرام فيه، و في ارتكاب الشبهة المجرّدة التي يعلم المولى اطّلاع العبد بعد الفعل على كونه معصية، و في الحكم بالتخيير الاستمراريّ بين الخبرين أو فتوى المجتهدين.
قلت: إذن الشارع في أحد المشتبهين ينافي- أيضا- حكم العقل بوجوب امتثال التكليف المعلوم المتعلّق بالمصداق المشتبه؛ لإيجاب العقل حينئذ الاجتناب عن كلا المشتبهين.
نعم، لو أذن الشارع في ارتكاب أحدهما مع جعل الآخر بدلا عن الواقع في الاجتزاء بالاجتناب عنه جاز، فإذن الشارع في أحدهما لا يحسن إلّا بعد الأمر بالاجتناب عن الآخر بدلا ظاهريّا عن الحرام الواقعيّ، فيكون المحرّم الظاهريّ هو أحدهما على التخيير و كذا المحلّل الظاهريّ، و يثبت المطلوب و هو حرمة المخالفة القطعيّة بفعل كلا المشتبهين.

 

ج2، ص 206

فإن قلت: إنّ المخالفة القطعيّة للعلم الإجماليّ فوق حدّ الاحصاء في الشرعيّات، كما في الشبهة الغير المحصورة، و كما لو قال القائل في مقام الإقرار: هذا لزيد بل لعمرو، فإنّ الحاكم يأخذ المال لزيد و قيمته لعمرو، مع أنّ أحدهما أخذ للمال بالباطل،

...ص 208

و بالجملة: فلا بدّ من التوجيه في جميع ما توهم «4» جواز المخالفة القطعيّة الراجعة إلى طرح دليل شرعيّ؛ لأنّها كما عرفت ممّا يمنع عنها العقل و النقل «5»، خصوصا إذا قصد من ارتكاب المشتبهين التوصّل إلى الحرام. هذا ممّا لا تأمّل فيه، و من يظهر منه جواز الارتكاب فالظاهر أنّه قصد غير هذه الصورة.

 

ج 2، ص 210-212

و «1» أمّا المقام الثاني: هل يجب اجتناب جميع المشتبهات؟
 [الحقّ وجوب الاجتناب و الاحتياط]
فالحقّ فيه: وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين وفاقا للمشهور، و في المدارك: أنّه مقطوع به في كلام الأصحاب «2»، و نسبه المحقّق البهبهانيّ في فوائده إلى الأصحاب «3»، و عن المحقّق المقدّس الكاظمي في شرح الوافية: دعوى الإجماع صريحا «4»، و ذهب جماعة إلى عدم وجوبه «5»، و حكي عن بعض «6» القرعة.
 [الاستدلال عليه‏]
لنا على ما ذكرنا: أنّه إذا ثبت كون أدلّة تحريم المحرّمات شاملة للمعلوم إجمالا و لم يكن هنا مانع عقليّ أو شرعيّ من تنجّز «7» التكليف به، لزم بحكم العقل التحرّز عن ارتكاب ذلك المحرّم بالاجتناب عن كلا المشتبهين.
و بعبارة اخرى: التكليف بذلك المعلوم إجمالا إن لم يكن ثابتا جازت المخالفة القطعيّة، و المفروض في هذا المقام التسالم على حرمتها،
و إن كان ثابتا وجب الاحتياط فيه بحكم العقل؛ إذ يحتمل أن يكون ما يرتكبه من المشتبهين هو الحرام الواقعيّ، فيعاقب عليه؛ لأنّ المفروض لمّا كان ثبوت التكليف بذلك المحرّم لم يقبح العقاب عليه إذا اتّفق ارتكابه و لو لم يعلم به «1» حين الارتكاب.
و اختبر ذلك من حال العبد إذا قال له المولى: «اجتنب و تحرّز عن الخمر المردّد بين هذين الإناءين»؛ فإنّك لا تكاد ترتاب في وجوب الاحتياط، و لا فرق بين هذا الخطاب و بين أدلّة المحرّمات الثابتة في الشريعة إلّا العموم و الخصوص.
 [توهّم جريان أصالة الحلّ في كلا المشتبهين و التخيير بينهما و دفعه‏]
فإن قلت: أصالة الحلّ في كلا المشتبهين جارية في نفسها و معتبرة لو لا المعارض، و غاية ما يلزم في المقام تعارض الأصلين، فيتخيّر «2» في العمل «3» في أحد المشتبهين، و لا وجه لطرح كليهما.
قلت: أصالة الحلّ غير جارية هنا بعد فرض كون المحرّم الواقعيّ مكلّفا بالاجتناب عنه منجّزا- على ما هو مقتضى «4» الخطاب بالاجتناب عنه-؛ لأنّ مقتضى العقل في الاشتغال اليقينيّ بترك الحرام الواقعيّ هو الاحتياط و التحرّز عن كلا المشتبهين حتّى لا يقع في محذور فعل الحرام، و هو معنى المرسل المرويّ «5» في بعض كتب الفتاوى: «اترك ما لا بأس‏ به حذرا عمّا به البأس» «1»، فلا يبقى مجال للإذن في فعل أحدهما.

 

                          فرائد الأصول، ج‏2، ص: 233-235
الأمر الثالث [: وجوب الاجتناب إنّما هو مع تنجّز التكليف على كلّ تقدير]
أنّ وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين إنّما هو مع تنجّز التكليف بالحرام الواقعيّ على كلّ تقدير، بأن يكون كلّ منهما بحيث لو فرض القطع بكونه الحرام كان التكليف بالاجتناب منجّزا،
 [لو لم يكلّف بالتكليف على كلّ تقدير]
فلو لم يكن كذلك بأن لم يكلّف به أصلا، كما لو علم بوقوع قطرة من البول في أحد إناءين أحدهما بول أو متنجّس بالبول أو كثير لا ينفعل بالنجاسة، أو أحد ثوبين أحدهما نجس بتمامه، لم يجب الاجتناب عن الآخر؛ لعدم العلم بحدوث التكليف بالاجتناب عن ملاقي هذه القطرة؛ إذ لو كان ملاقيها هو الإناء النجس لم يحدث بسببه تكليف بالاجتناب أصلا، فالشكّ في التكليف بالاجتناب عن الآخر شكّ في أصل التكليف لا المكلّف به.
 [لو كان التكليف في أحدهما معلّقا على تمكّن المكلّف منه‏]
و كذا: لو كان التكليف في أحدهما معلوما لكن لا على وجه التنجّز، بل معلّقا على تمكّن المكلّف منه، فإنّ ما لا يتمكّن المكلّف من ارتكابه لا يكلّف منجّزا بالاجتناب عنه، كما لو علم بوقوع «1» النجاسة
في أحد شيئين لا يتمكّن المكلّف من ارتكاب واحد معيّن منهما، فلا يجب الاجتناب عن الآخر؛ لأنّ الشكّ في أصل تنجّز التكليف، لا في المكلّف به تكليفا منجّزا.
 [لو كان أحدهما المعيّن غير مبتلى به‏]
و كذا: لو كان ارتكاب الواحد المعيّن ممكنا عقلا، لكنّ المكلّف أجنبيّ عنه و غير مبتل به بحسب حاله، كما إذا تردّد النجس بين إنائه و إناء آخر «1» لا دخل للمكلّف فيه أصلا؛ فإنّ التكليف بالاجتناب عن هذا الإناء الآخر المتمكّن عقلا غير منجّز عرفا؛ و لهذا لا يحسن التكليف المنجّز بالاجتناب عن الطعام أو الثوب الذي ليس من شأن المكلّف الابتلاء به.
نعم، يحسن الأمر بالاجتناب عنه مقيّدا بقوله: إذا اتّفق لك الابتلاء بذلك بعارية أو تملّك «2» أو إباحة فاجتنب عنه.
 [اختصاص النواهي بمن يعدّ مبتلى بالواقعة المنهيّة عنها و السرّ في ذلك‏]
و الحاصل: أنّ النواهي المطلوب فيها حمل المكلّف على الترك مختصّة- بحكم العقل و العرف- بمن يعدّ مبتلى بالواقعة المنهيّ عنها؛ و لذا يعدّ خطاب غيره بالترك مستهجنا إلّا على وجه التقييد بصورة الابتلاء.
و لعلّ السرّ في ذلك: أنّ غير المبتلي تارك للمنهيّ عنه بنفس عدم ابتلائه «3»، فلا حاجة إلى نهيه، فعند الاشتباه لا يعلم المكلّف بتنجّز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعيّ.
 [حلّ الإشكال
و هذا باب واسع ينحلّ به الإشكال عمّا علم من عدم وجوب‏ الاجتناب عن الشبهة المحصورة في مواقع، مثل ما إذا علم إجمالا بوقوع النجاسة في إنائه أو في موضع من الأرض لا يبتلي به المكلّف عادة، أو بوقوع النجاسة في ثوب أو ثوب الغير، فإنّ الثوبين لكلّ «1» منهما من باب الشبهة المحصورة مع عدم وجوب اجتنابهما، فإذا أجرى أحدهما في ثوبه أصالة الحلّ و الطهارة لم يعارض بجريانهما في ثوب غيره؛ إذ لا يترتّب على هذا المعارض ثمرة عمليّة للمكلّف يلزم من ترتّبها مع العمل بذلك الأصل طرح تكليف متنجّز بالأمر المعلوم إجمالا.

      ...ص -237 236

إلّا أنّ الإنصاف: أنّ تشخيص موارد الابتلاء لكلّ من المشتبهين و عدم الابتلاء بواحد معيّن منهما كثيرا ما يخفى.
أ لا ترى: أنّه لو دار الأمر بين وقوع النجاسة على الثوب و وقوعها على ظهر طائر أو حيوان قريب منه لا يتّفق عادة ابتلاؤه‏
بالموضع النجس منه، لم يشكّ أحد في عدم وجوب الاجتناب عن ثوبه، و أمّا لو كان الطرف الآخر أرضا لا يبعد ابتلاء المكلّف به في السجود و التيمّم و إن لم يحتج إلى ذلك فعلا، ففيه تأمّل.
 [المعيار صحّة التكليف و حسنه غير مقيّد بصورة الابتلاء]
و المعيار في ذلك و إن كان صحّة التكليف بالاجتناب عنه على تقدير العلم بنجاسته و حسن ذلك من غير تقييد التكليف بصورة الابتلاء «1» و اتّفاق صيرورته واقعة له، إلّا أنّ تشخيص ذلك مشكل جدّا.

 

ج 2، ص 257

المقام الثاني في الشبهة الغير المحصورة
و المعروف فيها: عدم وجوب الاجتناب. و يدلّ عليه وجوه

ص 265...:

صهذا غاية ما يمكن أن يستدلّ به على حكم الشبهة الغير المحصورة، و قد عرفت: أنّ أكثرها لا يخلو من منع أو قصور، لكنّ المجموع منها لعلّه يفيد القطع أو الظنّ بعدم وجوب الاحتياط في الجملة. و المسألة فرعيّة يكتفى فيها بالظنّ.

 


چند سوال در مورد حجیت ذاتی قطع

1.قطع من به این که الان ساعت هشت و بیست دقیقه است

2.قطع به این که واقعه بدر در سال 2 هجرت واقع شده است.

قطع در تکالیف

3. قطع دارم به این که فرزندم به من دستور داده است که برایش بستنی بخرم

قطع در مولای شرعی

4. بچه نابالغ رساله را می خواند و قطع پیدا می کند به این که نماز صبح واجب است

5.بعد از بلوغ در ساعت ده صبح قطع پیدا می کند که نماز ظهر واجب است

6.قطع انسان مضطر به اکل میته که آن چه می خورد میته است

7.قطع انسان عاجز از ایستادن که نماز ایستاده واجب است

از این سوالات به روشنی استفاده می شود که حجیت ذاتی قطع نیست و الا لم یکن منفکا عنه بلکه قطع به تکلیف فعلی منجز مولی است که معذر است و منجز.

پس وقتی حجیت برای عالم تنجیز است، امر اعتبار و قبول به ید مولی است.




کلام سید یزدی

11- قوله: و ليس طريقيّته قابلة لجعل الشارع إثباتا و نفيا (ص 4).
أقول: يريد بذلك أنّ حجّيته ليست قابلة لجعل الشارع إثباتا و نفيا كما أشرنا بدليل تمكّنه بالأدلّة الآتية. و الحقّ أنّ حجّية القطع من الأحكام المجعولة للعقل و
                       

 

حاشية رسائل شيخ انصارى، ص: 41
لا يحتاج إلى جعل الشارع و إمضائه بمعنى تقريره و رضاه به، و لكن يحتاج إلى إمضائه بمعنى عدم الردع عنه، فإنّه قابل للرّدع فهو حينئذ غير قابل للجعل بمعنى إنشاء حجّيته ابتداء نظير جعل الأدلّة الظنّية، و للجعل بمعنى تقريره و إمضائه نظير بناء العقلاء على شي‏ء هو بمرأى و مسمع من المولى و سكوته عنه بحيث يكشف ذلك عن رضاه به و هو في قوّة الجعل أيضا، بل للجعل بمعنى عدم الردع عن العمل به

و بيان هذا المدّعى يحتاج إلى تمهيد مقدّمة و هي:
أنّ الجعل إمّا تكوينيّ بمعنى إيجاد الشي‏ء أو تشريعيّ بمعنى إنشاء أمر أو حكم، و على التقديرين إمّا أصلي كإيجاد الأربعة مثلا و إيجاب الصّلاة، أو تبعيّ كإيجاد الزوجيّة للأربعة و إيجاب مقدّمات الصلاة فإنّهما تابعان للجعل الأوّل يحصلان بتحقّقه قهرا لا بجعل آخر غير الجعل الأوّل، و إن شئت فعبّر أنّ الشي‏ء إمّا مجعول أو منجعل و على التقادير إمّا بسيط و هو ما يكون مفاد كان التامة بمعنى جعل شي‏ء و إيجاده مجرّدا عن اعتبار أمر آخر، أو مركّب و هو ما يكون مفاد كان النّاقصة بمعنى جعل شي‏ء شيئا و إيجاد شي‏ء لشي‏ء، فإنّه يحتاج إلى اعتبار شي‏ء آخر مع المجعول، مثال الأوّل تكوين زيد أو تشريع الوجوب حتّى يصحّ قولك كان زيد أي وجد و كان الوجوب أي ثبت، و مثال الثاني خلق زيد طويلا أو قصيرا من الصفات الغير اللازمة القابلة للانفكاك عنه، و جعل الوجوب تعيينيّا أو تخييريّا مثلا من الصفات الغير اللازمة التي لا يكفي فيها جعل الموصوف فيكون منجعلا به حتّى يصحّ قولك كان زيد طويلا أو قصيرا أو كان الواجب تعيينيّا أو تخييريّا.
ثمّ الجعل التشريعي إمّا شرعيّ أو عقليّ، و الشرعيّ واضح، أمّا العقليّ كحكم العقل بأنّ الظلم قبيح يستحقّ فاعله الذمّ و اللوم لا بمعنى إدراكه ذلك فقط، بل بمعنى تحريمه له تحريما إنشائيّا حتّى لو كان العقل بالفرض مولى قادرا على العقاب لعاقب عليه.
نعم حكم العقل الإرشادي راجع إلى إدراك المفسدة و المصلحة و الحسن و القبح.

 

                        حاشية رسائل شيخ انصارى، ص: 42
ثمّ الحكم العقليّ ينقسم إلى مستقلّ كالمثال المذكور، و غير مستقلّ كالاستلزامات، مثل وجوب المقدّمة، و حرمة الضدّ و نحوهما، ثمّ المستقلّ إمّا تنجيزيّ قد حكم به العقل على جميع التقادير و الأحوال المحتملة التّحقق في الخارج، كالمثال المذكور، فإنّ حكم العقل بحرمة الظلم مطلق لا يجوز في حال من الأحوال و هذا الحكم العقلي ممّا لا يمكن للشارع أن يحكم بخلافه، حتّى لو ورد منه حكم مخالف بظاهره لا بدّ من تأويله أو طرحه إن أمكن أحدهما و إلّا فلا يصدر منه، و إمّا تعليقي يحكم به العقل على تقدير خاصّ كما إذا حكم بوجوب شي‏ء ما لم يمنع الشارع عنه أو حرمته ما لم يرخّص فيه، و هذا القسم من الحكم العقلي معقول واقع كثيرا مثل حكم العقل بوجوب الاحتياط فإنّه معلّق على عدم ترخيص الشارع بتركه، مثلا لو علمنا بوجوب شي‏ء مردّد بين أمرين فالعقل قاطع بوجوب الاحتياط بعد فرض عدم سقوط الواجب بالاشتباه و مع ذلك لو رخّص الشارع بترك أحدهما لا محذور فيه في حكم العقل لا بمعنى جعل الآخر بدلا عن الواقع على تقدير المخالفة، بل بمعنى عدم المؤاخذة على ترك الواقع لو تخلّف مع كون الواقع مطلوبا مطلقا لكن في صورة المخالفة ليس منجّزا على المكلّف بحيث يترتّب عليه العقاب، و في الحقيقة موضوع حكم العقل في هذا القسم خاصّ، و إلّا فحكمه ليس معلّقا في موضوعه.
إذا تمهّد ذلك فنقول: إن أراد بقوله: «و ليست طريقيّته قابلة لجعل الشارع» أنّ كاشفيّته غير قابلة للجعل الشرعي فهو كذلك، ضرورة كونها مجعولة أو منجعلة بجعل تكويني لازمة لوجود القطع يوجد بوجوده كما مرّ في الحاشية السابقة فلا كرامة في ذكره و لا يلائمه ما سيأتي من الاستدلال بلزوم التناقض، و إن أراد أنّ حجّيته غير قابلة للجعل كما هو الظاهر، بل المتيقّن من مراده، ففيه أنّ العقل لا يحكم أزيد من وجوب متابعة القطع لو لا ردع الشارع عنه، فإذا جاز للشارع الردع عنه فهو قابل للجعل نفيا. و الحاصل أنّ القطع حجّة يجب متابعته بحكم العقل المستقلّ المولوي أو

 


                        حاشية رسائل شيخ انصارى، ص: 43
الإرشادي ما لم يمنع الشارع عن العمل به أو يرخّص العمل بغيره من دليل تعبّدي أو أمارة، فلو منع عن العمل به أو جعل طريقا آخر في قباله فلا يحكم العقل حينئذ بوجوب متابعته لارتفاع موضوعه، و لهذه الدعوى شواهد في العرف و الشرع يقرّبها إلى الأذهان.
منها: ما لو أمر عبد بشراء البطّيخ الحلو الجيّد مثلا و قال اعتمد في معرفة أنّه حلو جيّد بقول زيد و لا تعتمد برأيك فإنّه كثير الخطاء فإنّا نجد صحّة هذا التكليف- و جعل الطريق الظنّي و منع الطريق العلمي للمصلحة- في طريق العقل و العقلاء و ليس السرّ فيه إلّا ما ذكرنا.
و منها: جواز جعل الطرق و الأمارات في زمان انفتاح باب العلم قطعا و لم ينكره أحد و التقريب ما مرّ.
و منها أنّ الإمام (عليه السّلام) كان لا يحكم بعلم الإمامة في كثير من الموارد بل بما يحصل له بالأسباب الظاهريّة و قد ورد عنه (صلّى اللّه عليه و آله) إنّما أقضى بينكم بالبيّنات و الأيمان «1»، و يعلم منه بمقتضى الحصر أنّه لا يحكم بعلم النبوّة المقتضى لعدم خفاء شي‏ء من الأشياء عليه على ما هو مذهب العدليّة و توجيهه ما ذكر من أنّهم (عليهم السّلام) منعوا عن العمل بعلمهم أو أمروا بالعمل بما يحصل لهم من الأسباب الظاهريّة، أ لا ترى أنّ النّبي (صلّى اللّه عليه و آله) كان يعلم أنّ جمعا من أصحابه منافقون يظهرون الإسلام لمصلحة حقن دمائهم و أموالهم و نحوه إمّا بعلم النّبوّة أو بإخبار جبرئيل، حتّى انّه أخبر حذيفة «2» نفاق بعضهم، و لا شكّ أنّهم كانوا كفّارا واقعا و مع ذلك كان (صلّى اللّه عليه و آله) يعامل معهم معاملة المسلمين يأكل معهم و يشرب و ينكحهم النساء المسلمات و يورثهم من مورثهم إلى غير ذلك من الأحكام و لم يكن ذلك كلّه إلّا من جهة أنّه لم يكن مكلّفا بعلمه الكذائي بل بما يحصل له من الأسباب الظاهريّة الّتي يحصل لكلّ‏
__________________________________________________
 (1)- الوسائل: 18/ 169.
 (2)- كتاب الاربعين للعلّامة المجلسى: 298 نقلا عن ارشاد القلوب.
                       

 

حاشية رسائل شيخ انصارى، ص: 44
أحد.
اللّهم إلّا أن يقال إنّ الاسلام الذي هو موضوع الأحكام المذكورة ليس إلّا إظهار الشهادتين سواء كان موافقا للاعتقاد أو مخالفا و إن لم ينفعه ذلك في الآخرة كما هو مذهب جماعة من المتكلّمين.
و منها منع القياس الوارد في الشرع بالأخبار المتواترة مع حكم العقل المستقلّ بوجوب العمل بالظنّ في زمان انسداد باب العلم بمقدّماته المذكورة في بابه بناء على الحكومة فقد اشكل عليهم الأمر في إخراج القياس في الغاية و وقعوا في حيص و بيص و تكلّفوا في الجواب بأجوبة كثيرة بعيدة أو ممنوعة، و التحقيق في الجواب هو ما اختاره المصنّف هناك من أنّ موضوع حكم العقل بوجوب العمل بالظنّ مختصّ بغير مورد القياس ممّا قد ثبت من الشارع منع العمل به بالخصوص.
و منها أنّه قد ثبت في الشريعة جعل ما ليس عندنا طريقا إلى الواقع طريقا كخبر الواحد مثلا و لو كان المظنون خلافه، و معنى جعله طريقا تنزيله منزلة الواقع بترتيب آثار الواقع عليه و لم ينكره أحد من هذه الجهة، و حينئذ فأيّ فرق بينه و بين جعل ما هو طريق عندنا غير طريق، بمعنى تنزيله منزلة غير الطريق بعدم ترتيب آثار الواقع، و هذا من أوضح الشواهد و خاتمها. و اللّه أعلم.
فإن قلت: لو منع الشارع من العمل بالقطع على ما ذكرت يلزم التناقض في حكمه كما سيصرّح به المصنّف قدس سرّه و هو العمدة في دليله على مدّعاه بتقريب أنّ الأحكام الواقعيّة على ما هو الصواب من القول بالتخطئة عامّة شاملة لجميع المكلّفين في جميع الأحوال ليست مقيّدة بعلم و جهل و اختيار و اضطرار إلى غير ذلك من الأحوال، و حينئذ إذا قطعنا بحرمة شي‏ء مثلا و قال الشارع لا تعمل بقطعك بل بقول الفلان العادل الذي يزعم أنّه مباح، فيلزم أن يكون ذلك الشي‏ء في حكمه حراما غير حرام و هو التناقض.
قلنا: نجيب عنه:
            

 

            حاشية رسائل شيخ انصارى، ص: 45
أمّا أوّلا: فبالنقض بجعل الاصول و الأمارات و الأدلّة الظنيّة، فانّ مثل هذا التناقض وارد عليها حرفا بحرف من غير تفاوت، فإنّ التعبّد بالاستصحاب و أصالة البراءة و غيرها مع تخلّفها عن الواقع كثيرا كيف يجتمع مع ثبوت الأحكام الواقعيّة غير مقيّدة بالعلم و الجهل. مثلا الشي‏ء لو كان نجسا أو حراما في الواقع بجعل الشارع إلّا أنّه مستصحب الطّهارة و الحلّية فلمّا جعل الاستصحاب حجّة و كلّف التعبّد به فقد حكم بعدم النجاسة و الحرمة، و هو التناقض المذكور، و مثل ذلك يقرّر التناقض في الأمارات و الأدلّة الظنّية بلا تفاوت، و من هنا ذهب ابن قبة من قدماء أصحابنا إلى أنّ التعبّد بخبر الواحد مستحيل في العقل، لاستلزامه تحليل الحرام و تحريم الحلال، فإنّه هذا التناقض بعينه. فاتّضح أنّ ما ذكر بالنسبة إلى ورود التناقض من واد واحد.
و أمّا ثانيا: فبالحلّ و توضيحه يحصل ببيان كيفيّة جعل الاصول و الأدلّة الظنيّة أوّلا كي يتضح طرد الكلام فيما نحن فيه. فنقول: إنّ ظاهر جمهور العلماء و صريح جمع منهم أنّ الأحكام الظاهريّة أحكام شرعيّة مجعولة في قبال الأحكام الواقعيّة الأوليّة يحصل بها الإطاعة و العصيان و يترتّب عليها آثار أخر أيضا ممّا يترتّب على الأحكام الشرعيّة من الإجزاء أو غيره ممّا ليس هنا محلّ ذكرها و من هنا قد اشكل عليهم امور:
منها التناقض الذي نحن بصدده و قد أجابوا عن التناقض بوجوه عديدة لعلّها تأتي فيما سيأتي في مقامات يناسبها بما فيها، أوجهها ما اختارها المصنّف قدّس سرّه في رسالة حجّية المظنّة- و إن قال بغيره في أوّل رسالة البراءة- و هو انّا نمنع كون مؤدّيات الاصول و الأمارات و كذا الأدلّة الظنّية أحكاما شرعيّة، بل هي أحكام عذريّة، بمعنى أن الشّارع جعلها أعذارا للمكلّفين إذا سلكوها فإن أصابوا فقد أدركوا الأحكام الشرعيّة، فإن أخطئوا فهم معذورون لا يعاقبون على الواقع، و هذا نظير الأعذار العقليّة كالجهل و العجز بعينه، فكما أنّ العاجز و الجاهل في حال عجزه و جهله لم يجعل له حكم سوى حكمه الواقعي و كان معذورا بالنسبة إليها بحكم العقل،
            

 

 

            حاشية رسائل شيخ انصارى، ص: 46
فكذلك من عمل بمؤدّيات الاصول و الأمارات، لأنّ الشارع قد جعلها أعذارا فإن أصاب فقد رزقه اللّه خيرا، فإن أخطأ فقد حرم منه و كان معذورا لا يصحّ عقابه على ترك العمل بالواقع، كما لا يصحّ في الأعذار العقليّة، و الدليل على ذلك أنّا إذا تتبّعنا أدلّة حجّية الاصول و الأمارات و الأدلّة الظنّية لم نجد فيها ما يدلّ على أنّ مؤدّياتها أحكام شرعيّة مجعولة مقابلة الأحكام الواقعيّة على ما يدّعيه الخصم، بل مؤدّاها أنّه يجب العمل بها و لا يستفاد من ذلك أزيد ممّا ذكرنا من عدم جواز المؤاخذة على ترك الواقع على تقدير التخلّف و ذلك ما أردنا.
و الحاصل أنّه ليس في الشريعة [إلّا] الأحكام الواقعيّة يجب على المكلّفين قاطبة الإتيان بها يعاقبون على مخالفتها لا يقبل منهم غيره إلّا أن يأتوا بعذر صحيح من عجز و جهل من الأعذار العقليّة، أو العمل بأصل أو أمارة من الأعذار الجعليّة، و من هنا يصحّ لنا أنّ الجاهل يصحّ عقابه على مخالفة الواقع لو لم يكن جهله عذرا كما لو كان مقصّرا و العالم لا يصحّ عقابه على المخالفة لو كان معذورا بعذر عقليّ أو شرعيّ.
إذا تحقّق ذلك و ارتفع التناقض بحمد اللّه في جعل الاصول و الأدلّة، نقول بمثل ذلك فيما نحن فيه، فلو منع الشارع عن العمل بالقطع في مثل القطّاع مثلا لحكمة غلبة مخالفة الواقع التي يعرف الشارع من القطّاع فلم يجعل له حكما مخالفا لحكمه الواقعي حتّى يحصل التناقض بينه و بين الحكم الواقعي، بل أبدع (كذا) له أن يعتذر إلى الشارع- فيما إذا كان قطعه مطابقا للواقع و ترك العمل عليه بذلك- منعتنى عن العمل بقطعي، فلا بدّ أن يقبل عذره و لا يعاقبه على تلك المخالفة.
فإن قلت: فرق بين القطع و غيره من الاصول و الأدلّة الظنّية، لأنّ القاطع قد انكشف عنده الواقع لا يمكن اعتذاره بغير إتيان الواقع، و إلّا لم يكن مكلّفا به بخلاف غيره، فإنّه لمّا كان الواقع مستورا عنه جاز أن يجعل له عذرا يعتذر به، و حينئذ فلو منع الشارع القاطع عن العمل بقطعه يلزم التناقض.
و بوجه آخر: مقام ثبوت الحكم الواقعي يغاير مقام ثبوت التخيير في غير القطع‏
            

 

            حاشية رسائل شيخ انصارى، ص: 47
من الاصول و الأمارات و الأدلّة الظنّية، ضرورة ثبوت الأحكام الواقعيّة مطلقا حتّى بالنسبة إلى الجاهل بها لبطلان التصويب، إلّا أنّه ليست منجّزة على الجاهل، فيجوز جعل أصل أو أمارة أو دليل ظنّي في مقام إثبات التنجيز، و هذا بخلاف القطع، فإنّ مقام ثبوت الحكم الواقعي عين مقام ثبوت التنجيز، لفرض القطع بالحكم الواقعي.
و بعبارة اخرى: الحكم الواقعي في غير القطع يغاير الحكم الظاهري، بخلافه في المقطوع به فإنّ الحكم الظاهري عين الواقعي و الحكم الواقعي عين الظاهري، و حينئذ فمنع العمل بالقطع يستلزم التناقض‏
قلت: بعد ما حقّقنا لك من أنّ حكم العقل بوجوب متابعة القطع معلّق بعدم منع الشارع عن العمل به لا يبقى مجال لهذا الاعتراض بتقريراته الثلاثة لأنّه يجوز أن يعتذر المكلّف على مخالفة الحكم الواقعي على زعمه بمنع الشارع عن العمل بقطعه، و أنّ الواقع غير منجّز عليه بعد منع الشارع، إذ القطع ليس منجّزا للتكليف مطلقا بل في حال عدم المنع، و من الواضح أنّه لا تناقض حينئذ في حكم الشارع، لأنّ الحكم الواقعي ثابت مطلقا أدّى إليه الطريق أم لا و ليس منعه عن العمل بالقطع مثبتا لحكم آخر مناقض للحكم الأوّل، لأنّ مرجعه إلى منع التوصّل بذلك الحكم الواقعي من طريق قطعه لحكمة غلبة الخطاء في مثل القطّاع مثلا فإذا لم يعمل المكلّف القطّاع مثلا على طبق قطعه ففي مورد خطاء قطعه عن الواقع لا إشكال، و في مورد مصادفة قطعه للواقع معذور غير معاقب على ترك الواقع لا أنّ حكمه حينئذ خلاف الواقعي حتّى يناقض ذلك الحكم الواقعي الثابت له.
نعم قد يقال بأنّه يلزم التناقض في اعتقاد المكلّف الممنوع عن العمل بقطعه، فإنّه بعد معرفة أنّ الواقع مطلوب للشارع مطلقا فإذا حصل له القطع بالواقع و منعه الشارع عن العمل بقطعه و كلّفه بالعمل بخبر زرارة مثلا يحكم بأنّ الشارع تناقض في حكمه، و حينئذ لا يرتدع بردعه، لأنّه لا يعلم حقّية حكمه الأوّل أو الثّاني بعد بطلان التناقض.
و جوابه أنّ المكلّف إن كان له من الفطانة و جودة الذهن ما أدرك به مثل هذا
            

 

            حاشية رسائل شيخ انصارى، ص: 48
التناقض، لعلّه يتفطّن ما ذكرنا في رفع التناقض أيضا، و إن لم يتفطّن لذلك فلا محذور أيضا، لأنّ دليل المنع عن العمل بقطعه حاكم على دليل نفس الحكم، فيعتقد بزعمه أنّ الشّارع رفع اليد عن الحكم الواقعي في حقّه فيرتدع بردعه لا محالة.
فقد تحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ القطع ليس قابلا للجعل من حيث كشفه عن الواقع، بل هو من هذه الحيثيّة منجعل بجعل تكوينيّ، و كذا من حيث حجّيته و وجوب متابعته، بل هو من هذه الحيثيّة من مجعولات العقل لا يحتاج إلى جعل الشارع، لأنّه من قبيل تحصيل الحاصل، لكنّه قابل للجعل بمعنى قابليّته لردع الشارع عن العمل به على ما مرّ بيانه مفصّلا.
و ما اخترناه من قابليّة القطع لمنع الشارع ليس ببدع من القول، فقد صرّح به صاحب الفصول في قطع القطّاع في مبحث المستقلّات العقليّة «1»، و كذا كاشف الغطاء في مبحث كثير الشكّ على ما حكى عنه المصنّف قدس سرّه في ثالث تنبيهات المسألة «2»، و كذا جمهور الأخباريّين [في‏] الملازمة بين حكم العقل و الشرع بدعوى أنّ الشّارع قد رخّص في ترك متابعة حكم العقل بدليل وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا «3» و أنّ لنا منع مقالتهم هناك لمنع صحّة الأدلّة الّتي استدلّوا بها على المنع إلّا أنّه أمر معقول لو ثبت بدليل يجب الأخذ به، و لعلّنا نقول بذلك في القطع الحاصل من القياس لأخبار المنع عن العمل به مطلقا، و يشهد له ما ورد من ردع من قطع بالقياس على أنّ دية أربع أصابع المرأة أربعون بعيرا قياسا على دية الإصبع الواحدة بعشرة و إصبعين بعشرين و ثلاثة بثلاثين حتّى قال لمن أخبره بأنّ في الأربع عشرين: إنّ الذي جاء به الشيطان بقوله (عليه السّلام): «مهلا يا أبان إنّ السنّة إذا قيست محق الدّين» «4» اللّهم إلّا أن يقال إنّ أمثال هذا الخبر في مقام الردع عن القطع، و التنبيه على أنّ هذه المناسبات ليست علّة للأحكام، بل هى مبنية على حكم خفيّة يعلمها
__________________________________________________
 (1)- الفصول، طبع 1266: 343.
 (2)- الرسائل: 22.
 (3)- الاسراء: 15.
 (4)- الكافي: 7/ 299.

 


                        حاشية رسائل شيخ انصارى، ص: 49
جاعلها هذا.
و قد يستدلّ أيضا على عدم قابليّة القطع للجعل بأنّه لو كان مجعولا لثبت بدليل لا محالة و غاية ما يفيد ذلك الدليل هو القطع فننقل الكلام إلى هذا القطع كمجعوليّة القطع الأوّل فإنّه أيضا يحتاج إلى الجعل، إذ هو مثل القطع الأوّل فليس بنفسه طريقا و يلزم جعله طريقا مثل الأوّل، و لا بدّ في إثباته من دليل آخر، ثمّ ننقل الكلام إلى هذا الدليل و هلمّ جرّا فيتسلسل.
و جوابه على ما اخترناه من قابليّته للجعل بمعنى جواز الردع عنه واضح، لأنّه إذا قطع بشي‏ء و لم يردع عنه الشارع ثبتت الحجيّة و لا يحتاج إلى شي‏ء آخر، و إن ثبت ردعه عنه و قطعنا به فهذا القطع الثاني حجّة إذا لم يردع عنه و هكذا، و لا يلزم ردع الشارع عن جميع المراتب الغير المتناهية حتّى يلزم التسلسل، بل بسبب بطلان التالي نعلم عدم صدور مثل هذا الردع عن الشارع. نعم لو قيل بأنّ القطع مجعول إثباتا يلزمه التسلسل المذكور.

 

 

 

کلام علامه طباطبایی

حاشية الكفاية، ج‏2، ص: 177
الجزء الثاني‏
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏
في أحكام القطع‏
قوله لا شبهة في وجوب العمل على وفق القطع عقلا إلخ: (1) كل ذي شعور عن الحيوان و نخص من بينها الإنسان بالقول مبدأ لأفعال نوعية يرجع عامتها إلى فعل أو ترك منتزع عن فعل مرتبطة بأمور حقيقية خارجية لا يجد فيها كلها الا الخارج من غير ان يحس بشي‏ء آخر.
غير انه ربما اشتبه عنده الأمر الخارجي بخفائه و تردده و ربما وجد الخطاء فيها فعندئذ يحس بالشك و الظن و الوهم فانتبه انه غير واجد للخارج بعينه بل ان بينه و بين الخارج عند وجدانه الخارج وصفا وجدانيا هو العلم و انه كان انما يتحرك و يسكن لا على طبق الخارج بلا واسطة بل على طبق الوصف المسمى بالعلم من غير ان يشعر و يحس بوجوده في البين حركة و سكونا اضطراريا.
و من المعلوم ان الإنسان لا يصدر عنه فعل و لا يقتحم امرا الا عن‏
                       

 

حاشية الكفاية، ج‏2، ص: 178
إذعان لزومه و وجوبه لمكان الإرادة فهذا الحكم الاعتباري الّذي كان الإنسان يعتبره للأمور بما انها في الخارج انما كان يعتبره لها بما هي معلومة و هو يتوهمها خارجية عينية أي انه كان يعطى للأمر المعلوم بما هو معلوم حكم الأمر الخارجي بما هو موجود في الخارج و للعلم حكم الخارج و هذا هو الاعتبار فمطلق وجوب الجري على وفق الأحكام الخارجية الّذي ينحل إليه جميع التكاليف العامة العقلية و الخاصة المولوية ينتقل بحسب الوهم إلى المعلوم أو ان وجوب الجري ينتقل إلى مرحلة العلم انتقالا يضطر الإنسان إلى اعتباره فهذا الوصف الّذي للعلم أعني وجوب الجري على وفقه أعني الحجية تطرق إليه الاعتبار مرتين إحداهما من حيث نفسه حيث ان هذا الوجوب نفسه معنى اعتباري غير حقيقي و اتصاف الخارج بها وهمي لا حقيقي و ان كان الإنسان يصور لهذه المعاني الاعتبارية واقعية في نفس الأمر كما يجد الأمور الحقيقية موجودة ثابتة في الخارج و نفس الأمر.
و ثانيتهما من حيث إعطاء ما يعتقده حكما للواقع للعلم و حكم الموجود في ظرف الواقع للمعلوم الموجود في طرف العلم هذا.
فظهر بذلك ان حجية العلم اعتبارية مجعولة و من هنا تبين فساد الوجوه التي ذكروها على كون القطع حجة بالذات غير قابلة للجعل إثباتا و نفيا.
منها ان القطع طريق إلى الواقع كاشف عنه بنفس ذاته إذ القطع من حيث هو قطع مرآة محض لا استقلال له في قبال متعلقه.
                       

 

حاشية الكفاية، ج‏2، ص: 179
و فيه انه خلط بين كاشفية القطع و حجيته إذ الحجية سواء فسرت بوجوب الجري على وفقه أو كونه قاطعا للعذر أو كونه وسطا لإثبات حكم متعلقه معنى اعتباري غير كون القطع انكشاف الواقع كما عرفت و اما كون القطع فانيا في متعلقه غير مستقل في قباله فسيجي‏ء ما فيه من الكلام في الأمر الثالث.
و منها ما ذكره المصنف رحمه الله انه لا يكون بجعل جاعل لعدم جعل تأليفي حقيقة بين الشي‏ء و لوازمه بل عرضا بتبع جعله بسيطا.
و فيه منع اللزوم حقيقة إذ الوصف اعتباري مرفوع عن الخارج حقيقة و الموصوف حقيقي خارجي و لا معنى للملازمة الحقيقية بين حقيقي و اعتباري.
و منها انه لو كان مجعولا صح المنع عن تأثيره و هو باطل لاستلزامه اجتماع الضدين اعتقادا مطلقا و حقيقة في صورة الإصابة.
و فيه منع الملازمة بجواز كون الجعل ضروريا لا يستغنى عنه بالفطرة كسائر الاعتبارات العامة الضرورية التي لا يستغنى عنها الإنسان في حياته كوجوب الحركة إلى الخير و المنافع الّذي لا غنى عنه.






فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است