تدوين السنة

فهرست مباحث حدیث
فهرست مباحث تدوين السنة




الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل والتضليل والمجازفة (ص: 155)
قال أبو رية ص16 «ومن أجل ذلك كثرت أحاديثه بعد وفاة عمر وذهاب الدرة، إذا أصبح لا يخشى أحداً بعده»
أقول: لم يمت الحق وت عمر، وسيأتي تمام هذا
قال «ومن قوله في ذلك: إني أحدثكم أحاديث لو حدثت بها زمن عمر لضربني بالدرة، وفي رواية: لشج رأسي»
أقول: يروى هذا عن يحيى بن أيوب عن ابن عجلان عن أبي هريرة، وابن عجلان لم يدرك أبا هريرة. فالخبر منقطع غير صحيح
قال «وعن الزهري عن أبي سلمة سمعت أبا هريرة يقول: ما كنا نستطيع أن نقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض عمر، ثم يقول: أفكنت محدثكم بهذه الأحاديث وعمر حي؟ أما والله إذا لأيقنت أن المخفقة ستباشر ظهري، فإن عمر كان يقول: اشتغلوا بالقرآن فإن القرآن كلام الله»
أقول: إنما رواه عن الزهري إنسان ضعيف يقال له صالح بن أبي الأخضر قال فيه الجوزجاني- وهو من أئمة الجرح والتعديل - «اتهم في حديثه» . وهناك أخباراً وأثاراً تعارض هذا وأشباهه، إلا أن في أسانيدها مقالاً لذكرها وبيان
منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر (ص: 75)
ويصور لنا أبو هريرة -رضي الله عنه- محافظة الصحابة على السُّنَّة في عهد عمر بإجابته عن سؤال طرحه عليه أبو سلمة، قال له: أكنتَ تحدث في زمان عمر هكذا؟ فقال: لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته. وفي رواية قال: لقد حدثتكم بأحاديث لو حدثتُ بها زمن عمر لضربني عمر بالدرة1.
__________
1 جامع بيان العلم وفضله "2/ 121".





مسند أحمد ط الرسالة (12/ 10)
قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره.
ومع ذلك فقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لا يرى أن يكثر أبو هريرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" 1/286 بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي هريرة: لتتركن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لألحقنك بأرض دوس.
قال الذهبي: هكذا هو كان عمر رضي الله عنه يقول: أقلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزجر غير واحد من الصحابة عن بث الحديث، وهذا مذهب لعمر ولغيره.





تدوين السنة ومنزلتها (ص: 38)
فهذا أبو بكر يجمع بعض الأحاديث ثم يحرقها، يقول الذهبي بسنده: حدثني القاسم بن محمد قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت خمسمائة حديث فبات ليلته يتقلب كثيرا، قالت فغمني فقلت: أتتقلب بشكوى أو لشيء يقلقك؟ فلما أصبح قال: أي بنية! هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها فدعا بنار فحرقها، فقلت: لِم أحرقتها؟ قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت، ولم يكن كما حدثني؛ فأكون قد نقلت ذاك فهذا لا يصح". اهـ 1.
__________
1 تذكرة الحفاظ جـ اص5.






صحيح البخاري (1/ 35)
120 - حدثنا إسماعيل، قال: حدثني أخي، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين: فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم "
__________
[تعليق مصطفى البغا]
120 (1/56) -[ش (وعاءين) نوعين من العلم والوعاء في الأصل الظرف الذي يحفظ فيه الشيء. والمراد بالوعاء الذي نشره ما فيه أحكام الدين وفي الوعاء الثاني أقوال منها أنه أخبار الفتن والأحاديث التي تبين أسماء أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم وقيل غير ذلك. (بثثته) نشرته وأذعته. (قطع هذا البلعوم) هو مجرى الطعام وكنى بذلك عن القتل]





فتح الباري لابن حجر (1/ 216)
[120] قوله بثثته بفتح الموحدة والمثلثة وبعدها مثلثة ساكنة تدغم في المثناة التي بعدها أي أذعته ونشرته زاد الإسماعيلي في الناس قوله قطع هذا البلعوم زاد في رواية المستملي قال أبو عبد الله يعني المصنف البلعوم مجرى الطعام وهو بضم الموحدة وكنى بذلك عن القتل وفي رواية الإسماعيلي لقطع هذا يعني رأسه وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم كقوله أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية لأنها كانت سنة ستين من الهجرة واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة وستأتي الإشارة إلى شيء من ذلك أيضا في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى قال بن المنير جعل الباطنية هذا الحديث ذريعة إلى تصحيح باطلهم حيث اعتقدوا أن للشريعة ظاهرا وباطنا وذلك الباطن إنما حاصله الانحلال من الدين قال وإنما أراد أبو هريرة بقوله قطع أي قطع أهل الجور رأسه إذا سمعوا عيبه لفعلهم وتضليله لسعيهم ويؤيد ذلك أن الأحاديث المكتوبة لو كانت من الأحكام الشرعية ما وسعه كتمانها لما ذكره في الحديث الأول من الآية الدالة على ذم من كتم العلم وقال غيره يحتمل أن يكون أراد مع الصنف المذكور ما يتعلق بأشراط الساعة وتغير الأحوال والملاحم في آخر الزمان فينكر ذلك من لم يألفه ويعترض عليه من لا شعور له به





المهروانيات (2/ 580)
(2) - بالضم: مجرى الطعام في الحلق، وهو المرئ، كنى به عن القتل.
وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء، وأحوالهم، وزمنهم، وقد كان أبو هريرة - رضي الله عنه - يكني عن بعضه، ولا يصرح به؛ خوفا على نفسه منهم، كقوله: "أعوذ بالله من رأس الستين، وإمارة الصبيان" يشير إلى خلافة: يزيد بن معاوية؛ لأنها كانت سنة ستين من الهجرة - والله تعالى أعلم.





جامع معمر بن راشد (11/ 262)
20496 - أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال: قال أبو هريرة: لما ولي عمر، قال: «أقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فيما يعمل به» قال: ثم يقول أبو هريرة: «أفإن كنت محدثكم بهذه الأحاديث وعمر حي، أما والله إذا لألفيت المخفقة ستباشر ظهري»




اگر بالدرة در احادیث سیرچ شود معلوم میشود عمر کارش زدن با درة بود!




مسند أحمد ط الرسالة (16/ 562)
10959 - حدثنا علي بن ثابت، حدثني جعفر، عن يزيد بن الأصم، قال: قيل لأبي هريرة: أكثرت أكثرت، قال: " فلو حدثتكم بكل ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم لرميتموني بالقشع، ولما ناظرتموني " (1)
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم غير علي بن ثابت، فقد روى له أبو داود والترمذي، وهو ثقة. وسيأتي مكررا برقم (10964) .
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 4/332 عن كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، بهذا الإسناد.
وأخرج ابن سعد 4/331 عن محمد بن إسماعيل بن أبى فديك وإسماعيل بن عبد الله ابن أبي أويس وخالد بن مخلد البجلي، ثلاثتهم عن محمد بن هلال، عن أبيه، عن أبي هريرة أنه كان يقول: لو أنبأتكم ما أعلم، لرماني الناس بالخزف، وقالوا: أبو هريرة مجنون.
وأخرج الحاكم 3/509 من طريق أبي ربيعة فهد بن عوف، عن عبد العزيز بن
المختار، عن عبد الله بن فيروز الداناج، عن أبي رافع قال: سمعت أبا هريرة يقول: حفظت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث ما حدثتكم بها، ولو حدثتكم بحديث منها لرجمتموني بالأحجار. وقال: صحيح الإسناد.
وأخرج يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/486، وابن سعد 4/331، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 2/197 من طريق سليمان بن حرب، عن أبي هلال محمد بن سليم الراسبي، عن الحسن قال: قال أبو هريرة: لو حدثتكم كل ما في كيسي، لرميتموني بالبعر. قال الحسن: صدق، والله لو
حدثهم أن بيت الله يهدم أو يحرق ما صدقه الناس.
وأخرج البخاري (120) من طريق عبد الحميد بن أبي أويس، وابن سعد في "الطبقات"، 4/331 من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، كلاهما عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين: فأما أحدهما: فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم.
قوله: "لرميتموني بالقشع"، قال في "النهاية" 4/65-66: هي جمع قشع على غير قياس. وقيل: هي جمع قشعة، وهي ما يقشع عن وجه الأرض من المدر= = والحجر، أي: يقلع، كبدرة وبدر.
وقيل: القشعة: النخامة التي يقتلعها الإنسان من صدره، أي: لبزقتم في وجهي، استخفافا بي وتكذيبا لقولي.
ويروى: "لرميتموني بالقشع" على الإفراد، وهو الجلد، أو من القشع، وهو الأحمق، أي: لجعلتموني أحمق.






مسند البزار = البحر الزخار (16/ 223)
9377- حدثنا الوليد بن عمرو بن سكين حدثنا كثير بن هشام حدثنا جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم , عن أبي هريرة رضي الله عنه , قال عندي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جرابان قد حدثتكم بأحدهما ولو حدثتكم بالآخر لفعلتم بي ولفعلتم.




المستدرك على الصحيحين للحاكم (3/ 583)
6162 - أخبرني أبو بكر بن محمد الصيرفي، بمرو، ثنا أحمد بن سعيد الجمال، ثنا أبو ربيعة فهد بن عوف، حدثنا عبد العزيز بن المختار، عن عبد الله بن فيروز الداناج، قال: أنبأني أبو رافع، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: «حفظت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث ما حدثتكم بها، ولو حدثتكم بحديث منها لرجمتموني بالأحجار» هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه "
[التعليق - من تلخيص الذهبي] 6162 - صحيح





تاريخ دمشق لابن عساكر (67/ 343)
أخبرنا أبو المعالى محمد بن إسماعيل أنا أبو بكر الحافظ أنا أبو عبد الله الحافظ أنا أحمد بن علي المقرئ أنا أبو عيسى نا أبو حفص عمرو بن علي نا أبو داود (2) نا عمران القطان عن بكر بن عبد الله عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه لقي كعبا فجعل يحدثه ويسائله (3) فقال كعب ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم ما في التوراة من أبي هريرة أخبرنا أبو محمد نا أبو محمد أنا أبو محمد نا أبو الميمون نا أبو زرعة (4) حدثني محمد بن زرعه الرعيني نا مروان بن محمد حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله عن السائب بن يزيد قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي هريرة لتتركن (5) الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو لألحقنك بأرض دوس وقال لكعب لتتركن (6) الحديث أو لألحقنك بأرض القردة قال أبو زرعة (7) وسمعت أبا مسهر يذكره عن سعيد بن عبد العزيز نحوا منه ولم يسنده أخبرنا أبو عبد الله بن البنا قراءة عن أبي تمام علي بن محمد أنا أحمد بن عبيد نا محمدى بن الحسين نا ابن أبي خيثمة نا الوليد بن شجاع قال حدثني ابن وهب حدثني يحيى بن أيوب (8) عن محمد بن عجلان أن أبا هريرة كان يقول إني لأحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمان عمر أو عند عمر لشج رأسي
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر أنا أبو حامد أحمد بن الحسن أنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون أنا أبو حامد بن الشرقي (1) نا محمد بن يحيى الذهلي (2) نا محمد بن عيسى انا يزيد بن يوسف عن صالح بن ابي الاخضر عن الزهري عن أبي سلمة قال سمعت أبا هريرة يقول ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى قبض عمر قال أبو سلمة فسألته بم قال كنا نخاف السياط وأوما (3) بيده إلى ظهره قال ونا الذهلي (4) نا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال قال عمر أقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا فيما يعمل به قال ثم يقول أبو هريرة أفأنا كنت محدثكم بهذه الأحاديث وعمر حي أما والله لا بقيت (5) إن المخففة (6) ستباشر ظهرى أخبرنا أبو نصر غالب بنأحمد بن المسلم نا أبو القاسم مكى بن عبد السلام بن الحافظ قدم علينا أنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد النصيبي أنا أبو الفتح محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد البصري نا أحمد بن محمد ابن سلام نا شيخ من أهل العلم ثنا أبو حمزة السكري عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة قال اتهمني عمر بن الخطاب قال إنك تحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما لم تسمع منه هل كنت معنا يوم كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في دار فلان قال أبو هريرة نعم وقد علمت لأي شئ سألتني لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال يومئذ من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فقال عمر حدث الأن عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ما شئت





جامع بيان العلم وفضله (2/ 1003)
1913 - وعن أبي هريرة، أنه قال: «لقد حدثتكم بأحاديث، لو حدثت بها زمن عمر لضربني عمر بالدرة» قال أبو عمر: " احتج بعض من لا علم له ولا معرفة من أهل البدع وغيرهم الطاعنين في السنن بحديث عمر هذا: أقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما ذكرنا في هذا الباب من الأحاديث وغيرها وجعلوا ذلك ذريعة إلى الزهد في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا توصل إلى مراد كتاب الله عز وجل إلا بها والطعن على أهلها ولا حجة في [ص:1004] هذا الحديث ولا دليل على شيء مما ذهبوا إليه من وجوه، قد ذكرها أهل العلم منها أن وجه قول عمر هذا إنما كان لقوم لم يكونوا أحصوا القرآن فخشي عليهم الاشتغال بغيره عنه إذ هو الأصل لكل علم، هذا معنى قول أبي عبيد في ذلك، واحتج بما
1914 - رواه عن حجاج عن المسعودي عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: مل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا، فأنزل الله عز وجل {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم} [الزمر: 23] إلى آخر الآية قال: ثم ملوا ملة أخرى، فقالوا: يا رسول الله حدثنا شيئا فوق الحديث ودون القرآن يعنون القصص فأنزل الله {الر تلك آيات الكتاب المبين} [يوسف: 1] إلى قوله {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [يوسف: 3] الآية، قال: فإن أرادوا الحديث دلهم على أحسن الحديث وإن أرادوا القصص دلهم على أحسن القصص، وقال غيره: إن عمر رضي الله عنه إنما نهى من الحديث عما لا يفيد حكما ولا يكون سنة، وطعن غيرهم في حديث قرظة هذا وردوه؛ لأن الآثار الثابتة عن عمر رضي الله عنه خلافه، منها ما [ص:1005]
1915 - روى مالك ومعمر وغيرهما عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث السقيفة أنه خطب يوم جمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإني أريد أن أقول مقالة قد قدر لي أن أقولها، من وعاها وعقلها وحفظها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته، ومن خشي أن لا يعيها فإني لا أحل له أن يكذب علي إن الله بعث محمدا بالحق وأنزل معه الكتاب فكان مما أنزل معه آية الرجم، وذكر الحديث، وهذا يدل على أن نهيه عن الإكثار وأمره بإقلال الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان خوف الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخوفا أن يكون مع الإكثار أن يحدثوا بما لم يتقنوا حفظه ولم يعوه؛ لأن ضبط من قلت روايته أكثر [ص:1006] من ضبط المستكثر وهو أبعد من السهو والغلط الذي لا يؤمن مع الإكثار؛ فلهذا أمرهم عمر بالإقلال من الرواية ولو كره الرواية وذمها لنهى عن الإقلال منها والإكثار، ألا تراه يقول: فمن حفظها ووعاها فليحدث بها فكيف يأمرهم بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وينهاهم عنه؟ هذا لا يستقيم بل كيف ينهاهم عن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمرهم بالإقلال منه وهو يندبهم إلى الحديث عن نفسه؟ بقوله: «من حفظ مقالتي ووعاها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته» ثم قال: «ومن خشي أن لا يعيها فلا يكذب علي» وهذا يوضح لك ما ذكرنا، والآثار الصحاح عنه من رواية أهل المدينة بخلاف حديث قرظة هذا، وإنما يدور على بيان عن الشعبي وليس مثله حجة في هذا الباب؛ لأنه يعارض السنن والكتاب، قال الله عز وجل: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب: 21] وقال: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7] وقال في النبي: {النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} [الأعراف: 158] وقال {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله} [الشورى: 53] ، ومثل هذا في القرآن كثير ولا سبيل إلى اتباعه والتأسي به والوقوف عند أمره إلا بالخبر عنه، فكيف يتوهم أحد على عمر رضي الله عنه أنه يأمر بخلاف ما أمر الله به [ص:1007]
1916 - وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها» ، الحديث، وقد ذكرناه من طرق في صدر هذا الكتاب، وفيه الحض الوكيد على التبليغ عنه صلى الله عليه وسلم
1917 - وقال: «خذوا عني» في غير ما حديث،
1918 - و «بلغوا عني» والكلام في هذا أوضح من النهار لأولي النهى والاعتبار ولا يخلو الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يكون خيرا أو شرا، فإن كان خيرا ولا شك [ص:1008] فيه أنه خير فالإكثار من الخير أفضل، وإن كان شرا فلا يجوز أن يتوهم أن عمر رضي الله عنه يوصيهم بالإقلال من الشر، وهذا يدلك أنه إنما أمرهم بذلك خوف مواقعة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخوف الاشتغال عن تدبر السنن والقرآن؛ لأن المكثر لا تكاد تراه إلا غير متدبر ولا متفقه "












كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 336، بترقيم الشاملة آليا)
الصحابة - رضي الله عنهم - والنهى عن كثرة التحديث:
... بقى من شبهه (النهى عن كتابة السنة) ما زعمه بعض دعاة الفتنة (2) -ومن تأثر بهم من المسلمين (3) من أن امتناع بعض الصحابة عن التحديث ونهى كبار الصحابة عن الإكثار من التحديث دليل على عدم حجية السنة.
... ومما استدلوا به على ذلك الآثار الآتية:
__________
(2) كالأستاذ محمد رشيد رضا -رحمه الله- حيث قال: "ما ورد فى عدم رغبة كبار الصحابة فى التحديث بل فى رغبتهم عنه بل فى نهيهم عنه قوى عندك ترجيح كونهم لم يريدوا أن يجعلوا الأحاديث ديناً عاماً دائماً كالقرآن" انظر: مجلة المنار المجلد 10/768.
(3) الآية 5 من سورة الكهف. وانظر: أصول السرخسى 2/133.



كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 337، بترقيم الشاملة آليا)
ما روى من مراسيل ابن أبى مُلَيْكَةَ (1) قال: إن الصديق جمع الناس بعد وفاة نبيهم صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافاً، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله، وحرموا حرامه (2) .
__________
(1) ابن أبى مُلَيْكَةَ هو: عبد الله بن عبيد الله بن أبى مُلَيْكَةَ (بالتصغير) أبو بكر أدرك ثلاثين من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وكان إماماً فقيهاً حجة فصيحاً مفوهاً، متفق على توثيقه، مات 117هـ. له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ1/100رقم 94،وتقريب التهذيب1/511رقم 3465، والكاشف 1/571 رقم 2838، والثقات للعجلى ص 268 رقم 848، ومشاهير علماء الأمصار ص107 رقم 597.
(2) تذكرة الحافظ 1/2، 3.




كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 338، بترقيم الشاملة آليا)
وما روى عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (1) قال: والله مامات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله فجمعهم من الآفاق، عبد الله بن حذيفة (2) ،وأبا الدرداء (3) ، وأبا ذر (4) ، وعقبة بن عامر (5)
__________
(1) إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف هو: إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى القرشى. روى عن عمر، وعلى، وعمار، وعنه ابناه سعد، وصالح، والزهرى، وقال العجلى: تابعى ثقة مدنى، وذكره ابن حبان فى الثقات، وقيل له رؤية، واختلف فى سماعه، من عمر بن الخطاب فأثبته يعقوب بن شيبة، والواقدى، والطبرى، وغيرهم والظاهر إنه لم يسمع منه، فإنه مات سنة 96، وقيل 95 وعمره 75 سنة فلم يدرك من حياة عمر إلا سنتين أو ثلاث. وهذا ما رجحه الهيثمى فى مجمع الزوائد1/149، قال: إبراهيم ولد سنة عشرين، ولم يدرك من حياة عمر إلا ثلاث سنين، وهذا ما رجحه أيضاً أحمد محمد شاكر فى الإحكام لابن حزم 2/266 هامش. وإبراهيم له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص 88 رقم 450، والاستيعاب 1/61 رقم 2، والثقات لابن حبان 4/4، وتاريخ الثقات للعجلى ص 53 رقم 29، وتقريب التهذيب 1/60 رقم206، والكاشف 1/217 رقم 165.
(2) عبد الله بن حذيفة غير معروف، وإنما فى الصحابة عبد الله بن حذافة.
(3) أبو الدرداء هو: عويمر بن عامر بن زيد الأنصارى الخزرجى صحابى جليل له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ 1/24 رقم، واسد الغابة 4/306 رقم 4142، والإصابة 3/45 رقم 6132، والاستيعاب 3/1227 رقم 2006، وتاريخ الصحابة ص 182 رقم 941.
(4) أبو ذر هو: أبو ذر الغفارى جندب بن جنادة صحابى جليل. له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ 1/17 رقم7،واسد الغابة6/93رقم5869،والاستيعاب4/1652رقم2944،والإصابة4/63رقم9877
(5) عقبة بن عامر هو: عقبة بن عامر الجهنى صحابى جليل له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص72 رقم 378، وتذكرة الحفاظ 1/42 رقم 20، واسد الغابة 4/51 رقم 3711، والاستيعاب 3/1073رقم 1824، وتاريخ الصحابة ص179 رقم 925، والإصابة 2/489 رقم 5617.



كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 339، بترقيم الشاملة آليا)
، فقال ما هذه الأحاديث التى أفشيتم عن رسول الله فى الآفاق؟ قالوا: تنهانا؟ قال لا، أقيموا عندى، لا والله لا تفارقوننى ما عشت، فنحن أعلم، نأخذ منكم، ونرد عليكم، فما فارقوه حتى مات (1) . وعنه من رواية أخرى: قال بعث عمر بن الخطاب إلى عبد الله بن مسعود، وأبى الدرداء وأبى مسعود الأنصارى (2) فقال ما هذا الحديث الذى تكثرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبسهم بالمدينة حتى استشهد لفظهم سواء (3)
__________
(1) مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/101.
(2) أبو مسعود الأنصارى هو: عقبة بن عمرو بن ثعلبة. صحابى جليل له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص 55 رقم 270، والاستيعاب 3/ 1074 رقم 1827، واسد الغابة 4/55 رقم 3717، وتاريخ الصحابة ص179 رقم 922، والإصابة 2/490 رقم 5622.
(3) أخرجه الخطيب فى شرف أصحاب الحديث باب ذكر نهى عمر بن الخطاب عن رواية الحديث وبيان وجهه ومعناه ص 159 رقم 174 بلفظه. وأخرجه ابن حزم فى الإحكام فصل (فى فضل الإكثار من الرواية للسنن) 2/266 بنحو رواية الحاكم، وقال ابن حزم هذا مرسل ومشكوك = =فيه من (شعبة) فلا يصح، ولا يجوز الاحتجاج به، ثم هو فى نفسه ظاهر الكذب والتوليد وأخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب العلم 1/193 رقمى 374، 375 بنحوه، وفيه أبى ذر بدلاً من أبى مسعود الأنصارى، وقال صحيح على شرط الشيخين، وإنكار عمر أمير المؤمنين على الصحابة كثرة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبى، وعزاه الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد 1/149 إلى الطبرانى فى الأوسط بنحوه وقال: قلت هذا أثر منقطع، وإبراهيم ولد سنة عشرين ولم يدرك من حياة عمر إلا ثلاث سنين وابن مسعود كان بالكوفة ولا يصح هذا عن عمر. وذكره الحافظ الذهبى فى التذكرة 1/7 بنحوه وليس فيه (فحبسهم بالمدينة) ولا (ثم أطلقهم عثمان) التى عزاها أبو رية فى الأضواء ص 54 إلى الذهبى فى التذكرة، وإنما ذكرها بلا سند، أبو بكر بن العربى فى العواصم من القواصم ص 87، والأثر منقطع كما قال الهيثمى، وابن حزم. والله أعلم.




كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 340، بترقيم الشاملة آليا)
وروى عن السائب بن يزيد (1) قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبى هريرة: لتتركن الحديث عن الأول، أو لألحقنك بأرض دوس، وقال لكعب الأحبار (2) : لتتركن الحديث عن الأول أو لألحقنك بأرض القردة" (3) ، وعنه من طريق آخر قال: أرسلنى عثمان بن عفان إلى أبى هريرة فقال: قل له يقول لك أمير المؤمنين: ما هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... بنحو الرواية السابقة (4) .
__________
(1) السائب بن يزيد: صحابى جليل له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص 36 رقم 141، وتاريخ الصحابة ص123 رقم 575، والاستيعاب 2/576 رقم 902، واسد الغابة 4/380 رقم 4291، والإصابة 2/12 رقم 3084.
(2) كعب الأحبار هو: ابن ماتع الحميرى، أبو إسحاق، المعروف بكعب الأحبار، كان من أهل اليمن، فسكن الشام، قال ابن حجر ثقة مخضرم، وقال الذهبى فى السير: "وكان حسن الإسلام متين الديانة من نبلاء العلماء، وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال محمد عوامه فى تحقيقه للكاشف "ولا مجال للمنابر السياسية لتخطب هنا، وتكثر الكلام والتجريح فيه نعم انظر: "مقالات الكوثرى ص32،وانظر معه فتح البارى6/353، 13/334، 335. له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص145 رقم 911،والثقات لابن حبان5/333، وتقريب التهذيب 2/43 رقم5666، والكاشف 2/148 رقم 4662، وسير أعلام النبلاء 3/489 - 494 رقم 333.
(3) البداية والنهاية 8/110.
(4) أخرجه الخطيب فى المحدث الفاصل باب، من كره كثرة الرواية ص 554 رقم 746.