بسم الله الرحمن الرحیم

الحجّة بن الحسن عجّل اللّه تعالی فرجه الشریف


هم فاطمة و

الحجّة بن الحسن عجّل اللّه تعالی فرجه الشریف

ولادت الامام الحجة بن الحسن المهدي عج(255 - 000 هـ = 868 - 000 م)

خيانت قفاري در نقل تاريخ





أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية - عرض ونقد - (2/ 900)
وبغض النظر عن موقف أهل السنة من مهدي الاثني عشرية وغيبته.. فإن المتأمل لنصوص المهدية والغيبة في كتب الاثني عشرية المعتمدة، يلاحظ ملاحظة جديرة بالاهتمام وهي أن هذه الدعوى لم تلق قبولاً لدى الشيعة أنفسهم إلا في العصور المتأخرة نسبيًا، وذلك حين جدت الدعاية الشيعية في ترويج هذه العقدية، وألغت فكرة البابية التي انكشف بواسطتها أمر الغيبة، ولذلك فإن شيخهم النعماني وهو من معاصري الغيبة الصغرى يقرر أن جميع الشيعة في شك من أمر الغيبة إلا قليلاً منهم.
ذلك أن أمارات الشك واضحة بيّنة لهم، حيث إن الحسن العسكري - كما يعترفون - توفي ولم ير له أثر، ولم يعرف له ولد ظاهر فاقتسم أخوه جعفر وأمه ما ظهر من ميراثه (3) .
وقد ورد في الكافي - أصح كتب الحديث عندهم - وغيره عن أحمد بن عبد الله بن خاقان (4) . قال: (5) فلما فرغوا من ذلك بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل للصلاة عليه، فلما دنا أبو عيسى منه كشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب ... ثم قال: هذا الحسن بن علي بن محمد الرضا، مات حتف أنفه على فراشه، حضره من حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته.. ثم صلى عليه.. وبعد دفنه أخذ السلطان والناس في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور، وتوقفوا عن قسمة ميراثه، ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي وهم عليها الحمل ملازمين لها حتى تبين بطلان الحمل، فلما بطل الحمل عنهن قسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر (1) .
فأنت تلاحظ أن الاثني عشرية ساقوا هذه الرواية للدلالة عن بطلان قول من قال من الشيعة بالوقف على الحسن العسكري في إنكار وفاته، ولكن تبين من خلالها بطلان دعوى الولد، لأن أسرة الحسن، ونقابة أهل البيت، والسلطان حققوا علنيًا في حقيقة الأمر وذلك لإبطال ما يزعمه الشيعة في هذا المجال، ولهذا قرر القمي والنوبختي وغيرهما بأن الشيعة افترقوا - بعد وفاة الحسن العسكري - إلى فرق عديدة أنكر أكثرها وجود الولد أصلاً (2) . حتى قال بعضهم: إنا قد طلبنا الولد بكل وجه فلم نجده، ولو جاز لنا دعوى أن للحسن ولدًا خفيًا لجاز مثل هذه الدعوى في كل ميت من غير خلف، ولجاز أن يقال في النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلف ابنًا نبيًا رسولاً، لأن مجيء الخبر بوفاة الحسن بلا عقب كمجيء الخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخلف ولدًا من صلبه، فالولد قد بطل لا محالة (3) .
وهذا الواقع - في نظري - هو الذي حدًا بشيوخ الشيعة إلى وضع روايات تجعل من لوزام منتظرهم اختفاء حمله، وولادته، والشك فيه.. كمحاولة من شيوخهم لتجاوز هذه المرحلة التي كاد أن ينكشف فيها أمر التشيع.
وعلاوة على إنكار جل الشيعة لذلك، فإن لأهل البيت موقفًا صريحًا
حاسمًا في هذا الأمر. وهو من البراهين الواضحة على بطلان هذه الدعوى، حيث جاء في تاريخ الطبري في حوادث سنة 302هـ‍أن رجلاً ادعى - في زمن الخليفة المقتدر - أنه محمد بن الحسن بن علي بن موسى بن جعفر، فأمر الخليفة بإحضار مشايخ آل أبي طالب وعلى رأسهم نقيب الطالبيين أحمد بن عبد الصمد المعروف بان طومار.
فقال له ابن طومار: لم يعقب الحسن. وقد ضج بنو هاشم من دعوى هذا المدعي وقالوا: يجب أن يشهر هذا بين الناس، ويعاقب أشد عقوبة. فحمل على جمل وشهر يوم التروية ويوم عرفة، ثم حبس في حبس المصريين بالجانب الغربي (1) .
وهذه الشهادة من بني هاشم، وعلى رأسهم نقيب الطالبيين مهمة لأنها من نقيب العلويين الذي كان عظيم العناية بتسجيل أسماء مواليد هذه الأسرة في سجل رسمي (2) ، ولقدم فترتها الزمنية حيث إنها واقع في زمن الغيبة الصغرى التي كثر فيها ادعاء هذا الولد وادعاء بابيته من العديد من الرموز الشيعية.
وعلاوة على شهادة نقيب الطالبيين وبني هاشم، فإن أقرب الناس إلى الحسن العسكري وهو أخوه جعفر يؤكد أن أخاه مات ولا نسل له ولا عقب (3) .
والشيعة يعترفون بذلك، بل ينقلون أنه حبس جواري أخيه وحلائله حتى ثبت له براءتهن من الحمل (4) ، وأنه شنع على من ادعى ذلك وأبلغ دولة الخلافة الإسلامية (5) . بتآمره، ولكن الطوسي يقول: إن هذا الإنكار من جعفر "ليس بشبهة
__________
(1) منهاج السنة: 2/164
(2) منهاج السنة: 1/30، المنتقى: ص31، رسالة رأس الحسين: ص6
(3) انظر: ص (828)
(4) كان أميرًا على الضياع والخراج بقم في خلافة المعتمد على الله أحمد بن المتوكل. (انظر: أصول الكافي: 1/503، إكمال الدين ص39)
(5) لما مات الحسن العسكري سنة ستين ومائتين ضجت سر من رأى ضجة واحدة مات ابن الرضا، وبعث السلطان إلى داره من يفتشها ويفتش حجرها وختم على جميع ما فيها، وطلبوا أثر ولده، وجاءوا بنساء يعرفن الحمل، فدخلن إلى جواريه ينظرن إليهن فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حمل، فوضعت تلك الجارية في حجرة ووكل بها بعض النسوة، ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته
__________
(1) أصول الكافي: 1/505، إكمال الدين: ص41-42
(2) المقالات والفرق: ص102-116، فرق الشيعة: ص96-112
(3) المقالات والفرق: ص114-115، فرق الشيعة: ص103-104
__________
(1) تاريخ الطبري: 13/26-27، المطبعة الحسينية ط: الأولى، أو ج‍ص49-50 من طبعة دار المعارف، تحقيق: أبو الفضل إبراهيم
(2) محب الدين الخطيب في تعليقه على المنتقى: ص173
(3) انظر: الصواعق المحرقة: ص168
(4) انظر: الغيبة للطوسي: ص75
(5) سفينة البحار: ص162




مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة (1/ 262)
رابعاً: تلقيهم السنّة عن «حكايات الرقاع» وما يسمونه بالتوقيعات الصادرة عن الإمام:
هؤلاء القوم الذين يردون ما جاء عن طريق الصحابة الذين أثنى عليهم الله ورسوله يقبلون، بل يعدون من أوثق طرقهم ما يسمى «بحكايات الرقاع» ، وحقيقتها كما يلي:
أنه لما توفي إمامهم - الحادي عشر - الحسن العسكري (ت 260هـ) لم يكن له عقب (1) ، وقد تم استبراء زوجاته وإمائه للتأكد من ذلك (حتى تبين لهم - كما يعترف عالم الشيعة ابن بابويه القمي - بطلان الحبل، فقُسم ميراثه بين أُمه وأخيه جعفر وأودعت أمه وصيته وثبت ذلك عند القاضي والسلطان) (1) . ويقول كبار المؤرخين بأن الحسن العسكري مات عقيماً (2) ، ولهذا تحيرت الشيعة بعده (فافترق أصحابه من بعده خمس عشرة فرقة) (3) منهم من قال: (انقطعت الإمامة) (4) ومنهم من قال: (إن الحسن بن علي توفي ولا عقب له والإمام بعده جعفر بن علي أخوه) (5) إلى غير ذلك من اختلافاتهم وحيرتهم.
وفي خضم هذه الحيرة والاضطراب قام رجل يدعى (عثمان بن سعيد العمري) ، وادعى دعوى في غاية الغرابة، ادعى أن للحسن العسكري ولداً في الخامسة من عمره مختفياً عن الناس لا يظهر لأحد غيره وهو الإمام بعد أبيه الحسن، وأن هذا "الطفل" الإمام قد اتخذه (وكيلاً عنه في قبض الأموال ونائباً يجيب عنه في المسائل الدينية) (6) ولما مات عثمان سعيد (ت 280هـ) ادعى ابنه محمد بن عثمان نفس دعوى أبيه، وبعد وفاته (ت 305) خلفه الحسين بن روح النوبختي في نفس الدعوى ومن بعده (ت 326) خلفه أبو الحسن علي بن محمد السمري (ت 329) وهو آخرهم عند الشيعة الإمامية، ومن بعده وقعت الغيبة الكبرى وكان هؤلاء النواب (7) عن الإمام يتلقون أسئلة

__________
(1) قال سعد القمي: (توفي - يعني الحسن العسكري - ولم ير له خلف ولم يعرف له ولد ظاهر) «المقالات والفرق» : ص 102.
__________
(1) ابن بابويه القمي: «إكمال الدين» : ص 42.
(2) قال في «المنتقى» : (إن الحسن بن علي العسكري لم يعقب كما ذكره محمد بن جرير الطبري وعبد الباقي ابن قانع وغيرهما من النسابين) «المنتقى» : ص 31.
(3) القمي: «المقالات والفرق» .
(4) المصدر السابق: ص 108.
(5) المصدر السابق: ص 110.
(6) السيد محمد صالح: «حصائل الفكر» : (ص 36 - 37) .
(7) انظر في أخبار هؤلاء: الطوسي: «الغيبة» : ص 214 وما بعدها، وانظر: الطبرسي: «الاحتجاج» : (جـ2/ص 296) ، «تاريخ الغيبة الصغرى» : محمد باقر الصدر: ص 396.




مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة (1/ 349)
6- الغَيْبة:
(الغَيْبَة ... من العقائد الأساسية عند الإمامية) ، وذلك أن الشيعة تعتقد (أن الأرض لا تخلو من إمام لحظة واحدة ولو بقيت الأرض بغير إمام لساخت) ، (ولو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله) ، ذلك أنه عندهم (هو الحجة على أهل الأرض) فلا حجة عندهم سواه، لدرجة أن كتاب الله عندهم ليس بحجة بدون الإمام، (لأن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم) ، والقيم هو أحد أئمتهم الاثني عشر كما تقضي توجهاتهم العقدية.
ولنا أن نسأل: أين إمام الشيعة اليوم؟
لقد توفي الحسن العسكري - إمامهم الحادي عشر - سنة
260 هـ (1) بلا عقب كما قاله كبار المؤرخين (2) ، واعترفت كتب الشيعة بأنه (لم ير له خلف ولم يعرف له ولد ظاهر فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمه) (3) ، واضطرب الشيعة بعد وفاة الحسن بلا ولد وتفرقوا - فيمن يخلفه - فرقاً شتى بلغت ـ كما يقول المسعودي ـ عشرين فرقة (4) ، أو خمس عشرة فرقة كما يقول القمي (5) ، حتى إن بعضهم قال: إن الإمامة قد انقطعت (6) ، وكاد أن يكون موت الحسن بلا عقب نهاية للشيعة والتشيع حيث سقط عموده وهو "الإمام".
ولكن "فكرة غيبة الإمام" كانت هي القاعدة التي قام عليها كيان الشيعة بعد التصدع، وأمسكت ببنيانه عن الانهيار، لهذا أصبح الإيمان بغيبة ابن للحسن العسكري هو المحور الذي تدور عليه عقائدهم ودان بذلك أكثر الشيعة بعد تخبط واضطراب، فلم يكن لهم من ملجأ إلا ذلك.
وإذا كان ابن سبأ هو الذي وضع عقيدة "النص على علي بالإمامة" التي هي أساس التشيع، فإن هناك ابن سبأ آخر هو الذي وضع البديل "لفكرة الإمامة" بعد انتهائها حسياً بانقطاع نسل الحسن، أو أنه واحد من مجموعة وضعت هذه الفكرة لكنه هو الوجه البارز لهذه الدعوى. هذا الرجل يدعى عثمان بن سعيد (1) ، زعم أن للإمام الحسن ولداً قد اختفى وعمره أربع سنوات (2) ، على الرغم من أن هذا الولد - كما تعترف كتب الشيعة ـ لم يظهر في حياة أبيه الحسن ولا عرفه الجمهور بعد وفاته (3) ، ولكن هذا الرجل عثمان بن سعيد هو الذي يزعم أنه يعرفه وأنه وكيله في تسلم أموال الشيعة والإجابة عن أسئلتهم.
ومن الغريب أن الشيعة تزعم أنها لا تقبل إلا قول المعصوم وها هي تقبل في أهم عقائدها دعوى رجل غير معصوم، حيث استجابت الشيعة لهذه الدعوى.
ورفض عثمان بن سعيد ومن معه البوح باسم هذا الولد المزعوم أو ذكر مكان وجوده - وذلك في بادئ الأمر - ففي «الكافي» عن
__________
(1) الطوسي: «الغيبة» : ص 258.
(2) نقل هذا ابن تيمية - كما مر - ص 243 (الهامش) من هذا البحث، وقد ذكر الطبري في حوادث سنة 302هـ أن رجلاً ادعى - في زمن الخليفة المقتدر - أنه محمد بن الحسن بن علي بن موسى بن جعفر، فأمر الخليفة بإحضار مشايخ آل أبي طالب وعلى رأسهم نقيب الطالبين أحمد بن عبد الصمد المعروف بابن طومار، فقال له ابن طومار: لم يعقب الحسن، وقد ضج بنو هاشم من دعوى هذا المدعي وقالوا: يجب أن يشهر هذا بين الناس ويعاقب أشد عقوبة. فحمل على جمل وشهر به في الجانبين يوم التروية ويوم عرفة ثم حبس في حبس المصريين بالجانب الغربي. «الطبري» : (13/26- 27) ، المطبعة الحسينية الطبعة الأولى.
والشاهد قول نقيب الطالبين أن الحسن العسكري لم يعقب، وأن بني هاشم ضجوا من دعوى ذلك المدعي.
(3) القمي: «المقالات والفرق» : ص 102.
(4) المسعودي: «مروج الذهب» : (4/190) ، وانظر: «الصواعق المحرقة» : ص 168.
(5) «المقالات والفرق» : ص 102.
(6) المصدر السابق: ص 108، وانظر: الطوسي: «الغيبة» : ص 135.