السفر فی شهر رمضان لزیارة أبي عبد الله الحسین علیه السلام

السبط الشهیدعلیه السلام


بحار الأنوار (ط - بيروت) ؛ ج‏97 ؛ ص115
23- يب، تهذيب الأحكام محمد بن أحمد بن داود القمي عن محمد بن الحسين بن أحمد عن عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الفضل البغدادي قال: كتبت إلى أبي الحسن العسكري ع جعلت فداك يدخل شهر رمضان على الرجل فيقع بقلبه زيارة الحسين ع- و زيارة أبيك ببغداد فيقيم في منزله حتى يخرج عنه شهر رمضان ثم‏ يزورهم أو يخرج في شهر رمضان و يفطر فكتب لشهر رمضان من الفضل و الأجر ما ليس لغيره من الشهور فإذا دخل فهو المأثور «1».
24- يب، تهذيب الأحكام محمد بن علي بن محبوب عن هارون بن الحسن بن جبلة عن سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال: قلت له جعلت فداك يدخل علي شهر رمضان فأصوم بعضه فيحضرني نية زيارة قبر أبي عبد الله ع فأزوره و أفطر ذاهبا و جائيا أو أقيم حتى أفطر و أزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين فقال أقم حتى تفطر قلت له جعلت فداك فهو أفضل قال نعم أ ما تقرأ في كتاب الله‏ فمن شهد منكم الشهر فليصمه‏ «2».
بيان: هذان الخبران يدلان على مرجوحية إفطار الصوم لزيارتهم ع و قد وردت الأخبار في الترغيب على الإفطار لما هو أقل فضلا منها كتشييع المؤمن و استقباله.
و قد ورد الحث على زيارة الحسين ع في ليالي القدر و غيرها من ليالي الشهر و لا يتأتى لأكثر الناس بدون الإفطار و لا يبعد حملهما على التقية و الله يعلم.





مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان؛ ج‌5، ص: 334
______________________________
قد يفهم من هذه الأدلّة المتقدمة من الكتاب و السنّة و الإجماع في الجملة، جواز السفر في شهر رمضان، إذ قد فهمت جواز الإفطار فيه، بل وجوبه فيه في الجملة و قد ثبت عندهم عدم جوازه في السفر الحرام مطلقا و الاستثناء و تخصيص ما تقدم بالسفر الضروري، غير ثابت، فافهم.
و يدل عليه الأصل، و ارادة اليسر، و عدم ارادة العسر (الضيق خ ل) و الاستصحاب و بعض الاخبار أيضا.
مثل رواية عبد اللّه بن جندب قال: سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عباد بن ميمون و انا حاضر عن رجل جعل على نفسه نذر صوم و أراد الخروج في الحج، فقال عبد اللّه بن جندب: سمعت من زرارة، عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انه سأله عن رجل جعل على نفسه (نذر صوم) «1» يصوم (يصومه خ ل) فحضرته نيته في زيارة ابى عبد اللّه عليه السّلام؟ قال: يخرج و لا يصوم في الطريق، فإذا رجع قضى ذلك «2» و صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام انه سئل عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان و هو مقيم فقد مضى منه أيام فقال: لا بأس أن يسافر و يفطر و لا يصوم «3».
و صحيحته، عن أحدهما عليهما السّلام في الرجل يشيّع أخاه مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة قال: ان كان في شهر رمضان فليفعل، قلت: أيّما أفضل، يصوم أو يشيّعه؟ قال: يشيّعه، ان اللّه عز و جلّ قد وضعه عنه (إذا شيّعه- ئل) «4».
و رواية سعيد بن يسار، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل‌
______________________________
(1) نذرا صوما- خ‌
(2) الوسائل باب 1 حديث 5 من أبواب من يصح منه الصوم‌
(3) الوسائل باب 3 حديث 2 من أبواب من يصح منه الصوم‌
(4) الوسائل باب 10 حديث 6 من أبواب صلاة المسافر من كتاب الصلاة‌



مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌5، ص: 335‌
..........
______________________________
يشيّع أخاه في شهر رمضان فيبلغ مسيرة يوم أو مع رجل من اخوانه أ يفطر أو يصوم؟
قال: يفطر «1».
و رواية زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت: الرجل يشيّع أخاه في شهر رمضان اليوم و اليومين قال: يفطر و يقضى قيل له: فذلك أفضل أو يقم و لا يشيّعه؟ قال: يشيّعه و يفطر، فان ذلك حق عليه «2».
و ما في صحيحة حماد بن عثمان، عن ابى عبد اللّه عليه السّلام، قال: قال رجل من أصحابي جاء خبره من الأعوص [3] و ذلك في شهر رمضان أتلقّاه و أفطر؟
قال: نعم، قلت: أتلقّاه و أفطر أو أقيم و أصوم؟ قال: تلقاه و أفطر «4» و غيرها.
و لا يبعد كون الإقامة أفضل لصحيحة الحلبي- في الفقيه، و هي حسنة في الكافي- عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يدخل عليه شهر رمضان، و هو مقيم لا يريد براحا [5]، ثم يبدو له أن يسافر فسكت، فسأله غير مرّة، فقال: يقم أفضل الّا ان يكون له حاجة لا بدّ له منها أو يتخوف على ماله «6».
و لمكاتبة محمد بن الفضل البغدادي الى ابى الحسن العسكري: جعلت فداك يدخل شهر رمضان على الرجل فيقع بقلبه زيارة الحسين عليه السّلام، و زيارة أبيك‌
______________________________
[3] في الحديث جائني خبر من الأعوص، هو بفتح الهمزة و الواو بين المهملتين موضع قريب من المدينة و واد بديار بأهله و في بعض النسخ من الاعراض جمع عرض بإعجام الضاد و ضم المهملة وراء في الوسط، و هي رسانيق أهل الحجاز (مجمع البحرين)
[5] يقال: ما برح من مكانه اى لم يفارقه (مجمع البحرين)
______________________________
(1) الوسائل باب 10 حديث 7 من أبواب صلاة المسافر‌
(2) الوسائل باب 10 حديث 4 من أبواب صلاة المسافر‌
(4) الوسائل باب 10 حديث 2 من أبواب صلاة المسافر‌
(6) الوسائل باب 3 حديث 1 من أبواب من يصح منه الصوم‌



مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌5، ص: 336‌
..........
______________________________
ببغداد فيقيم في منزله حتى يخرج عنه شهر رمضان، ثم يزورهم أو يخرج في شهر رمضان؟ فكتب: لشهر رمضان من الفضل و الأجر ما ليس لغيره من الشهور، فإذا دخل يوما فهو المأثور «1» فيمكن حمل- ما فهم منه أنّ التشييع و الاستقبال أفضل من الزيارة- على المبالغة أو كونها بالنسبة الى بعض الأشخاص لحصول أمر، مثل ان يكون في تركه عليه ضرر أو غيظ المتلقى.
و يؤيّده أنه لو لم يفعل لفات بالكلّية بخلاف الزيارة مثلا، فإنها تستدرك و ان لم يكن في العيد مثلا مع عظم ثوابه كما ادّعى الشيخ إبراهيم بن سليمان في صوميّته حيث قال: و لا بأس به بعد ثلاثة و عشرين يوما منه و التجنب مطلقا أولى حتى انه ورد في الحديث المعتبر رجحان الصوم على السفر لزيارة الحسين عليه السّلام في زيارة عيد الفطر مع الثواب الجزيل الذي لا يكاد يوصف.
و لكن ما رأيت الخبر في ذلك بخصوصه، و لا اعرف اعتبار الخبر [2]، و هو الذي ذكرته فيما تقدم و ليست بصحيحة، و لا حسنة، و لا موثقة، بل ضعيفة و هو اعرف مع احتمال حصول ثواب أعظم من ذلك في الصوم خصوصا مع الميل إلى الزيارة و تركها حرمة لصوم الشهر.
و كذا يحمل على الكراهة ما يدل على التحريم، مثل رواية أبي بصير، قال:
سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الخروج إذا دخل شهر رمضان؟ فقال: لا الّا فيما أخبرك، خروج (خروجا- يب) إلى مكّة أو غزو (غزوا- يب) في سبيل اللّه، أو مال‌
______________________________
[2] إشارة إلى خبر على بن أسباط عن رجل عن ابى عبد اللّه (ع) فراجع الوسائل باب 3 حديث 6 من أبواب من يصح منه الصوم‌
______________________________
(1) الوسائل باب 91 حديث 1 من أبواب المزار من كتاب الحج‌



مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌5، ص: 337‌
..........
______________________________
تخاف هلاكه، أو أخ تريد وداعه [1] و انه ليس أخا من الأب و الأمّ «2».
و رواية الحسين بن المختار، عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يخرج في رمضان الّا للحج أو العمرة أو مال يخاف عليه الفوت أو لزرع يحين حصاده «3».
مع عدم صحّة سندهما،- و ان ادعى في المختلف صحّة الأولى- لوجود القاسم بن محمد [4]، كأنه الجوهري الواقفي أو اشتراكه، و على بن أبي حمزة، كأنه البطائني لانه قائد أبي بصير، و هو يحيى بن القاسم، و الظاهر أنّ كليهما ضعيفان خصوصا الأوّل، و ما اعرف وجه ما قاله في المخ و هو اعرف.
وجه ضعف الثانية أيضا ظاهر لمن نظر فيه في زيادات التهذيب [5].
على ان الاولى غير صريحة في التحريم، بل الثانية أيضا.
و رواية أبي بصير، عن ابى عبد اللّه عليه السّلام، قال: قلت له: جعلت فداك يدخل علىّ شهر رمضان فأصوم بعضه فيحضرني زيارة قبر ابى عبد اللّه عليه السّلام، فأزوره و أفطر ذاهبا و جائيا أو أقيم حتى أفطر و أزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين؟ فقال: أقم حتى تفطر، قلت له: جعلت فداك فهو أفضل؟ قال: نعم اما تقرأ في كتاب اللّه فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ «6».
______________________________
[1] تخاف هلاكه- يب‌
[4] و سندها كما في الكافي هكذا: عدّة من أصحابنا، عن احمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن على بن أبي حمزة عن ابى بصير‌
[5] و سندها كما في الزيادات هكذا: محمد بن على بن محبوب، عن على بن السندي، عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار‌
______________________________
(2) الوسائل باب 3 حديث 3 من أبواب من يصح منه الصوم‌
(3) الوسائل باب 3 حديث 8 من أبواب من يصح منه الصوم‌
(6) الوسائل باب 3 حديث 7 من أبواب من يصح منه الصوم‌



مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌5، ص: 338‌
..........
______________________________
و هذه تدل على التحريم، و ان المنع مفهوم من الآية الّا أنها غير صريحة، و الآية محتملة لمعنى آخر و معارض بالأكثر و الأصح و الأشهر، قال في المختلف:
المشهور انه مكروه الى مضىّ ثلاث و عشرين يوما، و استدل بالأصل، و ب‍ مَنْ كٰانَ مَرِيضاً الآية [1]، و بصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة «2»، و برواية زرارة المتقدمة «3»، لكن نقله، عن أبان بن عثمان «4» و الظاهر ابان بن عثمان عن زرارة كما في الكافي و صحيحة حماد بن عثمان. «5»‌
و لا يخفى عدم دلالة ما استدل على تمام مطلوبه.
________________________________________
اردبيلى، احمد بن محمد، مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، 14 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1403 ه‍ ق




الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌13، ص: 412
و الذي يتلخص من مجموع هذه الأخبار و ضم بعضها الى بعض هو جواز السفر على كراهة إلا في المواضع المستثناة. إلا أن في عدم استثناء زيارة الحسين (عليه السلام) كما دل عليه خبر أبى بصير و خبر محمد بن الفضل و خبر السرائر إشكالا، إذ لا تقصر عن بعض هذه المستثنيات ان لم تزد عليها. و لا يبعد حمل الأخبار المذكورة على التقية.
و العجب من جمود صاحب الوسائل على العمل بخبري محمد بن الفضل و السرائر حيث لم يذكر غيرهما مع معلومية رجحان زيارة الحسين (عليه السلام) على استحباب التشييع الذي تكاثرت به الاخبار المتقدمة من ما لا يخفى على العارف. و الله العالم.
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق




مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى؛ ج‌8، ص: 238
(الثالث) مقتضى ما ذكرناه في الأمر الثاني أفضلية السفر لزيارة الحسين عليه السّلام عن الإقامة و الصوم، لأنه إذا كان تشييع المؤمن أو توديعه أو المرافقة مع أخ له في السفر أو لحاجة الحج و العمرة موجبا لافضلية السفر فكيف لا يكون لزيارة الحسين التي هي أفضل من الحج و العمرة ألف ألف مرة، و يكون فيها ملاك الوجوب و قد ارتفع وجوبها رأفة على المكلفين لكونه صلوات اللّه عليه باب الرحمة و شاء اللّه تعالى ان لا يرد من ناحيته ضيق على عبادة و وجوب زيارته عليه السّلام ضيق عليهم ارتفع عنهم ببركته لأنه رحمه اللّه الواسعة مع ما ورد من الترغيب و التأكيد. في زيارته في شهر رمضان، و ان فيه أوقاتا مخصوصة لزيارته كالليلة الاولى و ليلة النصف و الأخيرة منه و ليالي القدر و خاصة ليلة الثالث و العشرين و ليلة الفطر، و هذه الترغيبات لا يلائم مع كراهة السفر في شهر رمضان لزيارته، و قد ورد في الفقيه و الكافي عنهم عليهم السلام انه لا يفطر الرجل في شهر رمضان إلا في سبيل حق و أي سبيل أحق من سبيل زيارة سيد الكونين سلام اللّه عليه، لكنه مع ذلك ورد ما يدل على كراهته كخبر ابى بصير المروي في التهذيب عن الصادق عليه السّلام قال قلت له جعلت فداك يدخل على شهر رمضان فأصوم بعضه فتحضرني نية زيارة قبر ابى عبد اللّه عليه السّلام فأزوره و أفطر ذاهبا و جائيا أو أقيم حتى أفطر و أزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين فقال: أقم حتى تفطر، قلت له جعلت فداك فهو أفضل قال: نعم اما تقرأ في كتاب اللّه: فمن شهد منكم الشهر فليصمه و خبر محمد بن الفضل البغدادي المروي في التهذيب أيضا قال كتبت الى ابى الحسن العسكري عليه السّلام جعلت فداك يدخل شهر رمضان على الرجل فيقع بقلبه زيارة الحسين عليه السّلام و زيارة أبيك ببغداد فيقيم في منزله حتى يخرج عنه شهر رمضان ثم يزورهم‌
مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى، ج‌8، ص: 239‌
أو يخرج في شهر رمضان و يفطر فكتب لشهر رمضان من الفضل و الأجر ما ليس لغيره من الشهور فإذا دخل فهو المأثور [1] و احتمال حمل هذين الخبرين على من يزوره بعد شهر رمضان بيوم أو يومين فكره له السفر لزيارته فيه ضعيف في الغاية لا يلائم مع الترغيب في زيارته فيه لا سيما ليلة القدر و ليلة الفطر، و اولى المحامل حملهما على التقية كما يؤيده الخبر الثاني الذي بالمكاتبة و اللّه العالم.
(الرابع) المشهور على جواز السفر في شهر رم
________________________________________
آملى، ميرزا محمد تقى، مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى، 12 جلد، مؤلف، تهران - ايران، اول، 1380 ه‍ ق