بسم الله الرحمن الرحیم

تحقيق الحال في رؤية الهلال قبل الزوال‌-مولى محمّد حسين بن يحيى نورى

مباحث رؤیت هلال-كتاب الصوم

رؤيت هلال؛ ج‌1، ص: 287

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 287‌

(7) تحقيق الحال في رؤية الهلال قبل الزوال

تأليف مولى محمّد حسين بن يحيى نورى قدّس سرّه (زنده در 1133)

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 289‌

مقدّمه

مؤلّف

از زندگى و آثار عالم جليل مولى محمّد حسين بن يحيى نورى رحمه اللّه اطّلاعات چندانى در اختيار نيست. همين قدر مى‌دانيم كه وى از شاگردان علّامه محمّد باقر مجلسى رحمه اللّه بوده و تا ذي حجۀ سال 1133 حيات داشته است. ميرزا محمّد على كشميرى مؤلّف نجوم السماء در باره‌اش مى‌نويسد:

مولانا محمّد حسين بن يحيى النوري از تلامذۀ خاتم المحدّثين آخوند مولى محمّد باقر مجلسى (عليه الرحمة) بود. از مؤلّفات او رساله‌اى است در صلاة مسافر، و ديگر ملخّص ربع آخر از مجلّد هجدهم بحار الأنوار، كه مشتمل بر بقيه احكام صلاة است.

و نسخۀ مزبوره كه به خطّ مؤلّفش مولى محمّد حسين مزبور بود به نظر مؤلّف رسيده تقريبا چهارده هزار بيت بوده باشد. در اين مجلّد بسيارى از افادات و تحقيقات خود درج فرموده كه دلالت بر فضل و كمال او دارد، خصوصا در شرح دعاى سمات كه داخل مجلّد مذكور نموده، و ديگر افادات خود بر حواشى همان كتاب درج ساخته، و در اوّل آن نسخه فهرست ابواب كتاب مزبور را- كه مشتمل بر چهل و دو باب ساخته- به خط خود نوشته، و در آخر آن عبارت مى‌فرمايد:

«أقول: هذه الأبواب المزبورة في الفهرست أخرجنا منها نصفها أعني واحدا و عشرين التي رقمنا عليها علامة «صح» و دعاء السمات في الباب التاسع عشر و أدرجناها في كتابنا إلّا ثلاثة أبواب؛ فإنّا أدرجناها في رسالة على حدة ألّفناها في صلاة المسافر، و قد غيّرنا ترتيب بعض الأبواب لأمر دعانا إليه».

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 290‌

و در آخر مجلّد مذكور مى‌فرمايد: «تمّ ما أردنا استخراجه من أبواب المجلّد الآخر لكتاب الصلاة من بحار الأنوار للمحقّق العلّامة مولانا و أستاذنا محمّد باقر علم الدين المجلسي (أعلى الله تعالى مجلسه في أعلى عليين) في ليلة السادس و العشرين من شهر رمضان المبارك سنة سبع و عشرين و مائة بعد الألف الهجرية (على مهاجرها و آله آلاف ألوف الثناء و التحيّة) على يد المتمسّك بالمصطفين، ابن يحيى النوري محمّد حسين، حامدا مصلّيا مسلّما تسليما كثيرا كثيرا». «1»

ديگران مانند محدّث نورى در الفيض القدسى «2» و شيخ آقا بزرگ تهرانى در ذريعه و طبقات أعلام الشيعة «3» همين مطالب را بى‌كم‌وكاست يا با افزودن مطالبى اندك بر آن، در سرگذشت وى نقل كرده‌اند.

مرحوم سيد مصلح الدين مهدوى رحمه اللّه در سرگذشت ايشان نوشته است:

در 1100 نسخه‌اى از تهذيب الأحكام شيخ طوسى را كتابت نمود و آن را نزد علامۀ مجلسى قرائت كرد. در حواشى آن، آثار بلاغ و سماع از علامۀ مجلسى است. همچنين اجازۀ علامه مجلسى جهت مشار إليه در پشت نسخه‌اى از الفقيه [هست]. «4»

متن اجازۀ علامۀ مجلسى به وى چنين است:

بسم الله الرحمن الرحيم‌

أنهاه المولى الأولى، الفاضل الكامل، الصالح الفالح، التقي البهي، المتوقد الذكي، الألمعي، مولانا محمّد حسين ابن مولانا يحيى النوري (وفقه الله تعالى للعروج على أعلى مدارج الكمال في العلم و العمل و صانه عن الخطإ و الزلل).

فأجزت له (أدام الله تأييده) أن يروي عني هذا الكتاب و سائر كتب الأخبار المأثورة عن أهل بيت الرسالة (صلوات الله عليهم) بأسانيدي المتكثّرة المتّصلة إلى مؤلّفيها (رضوان الله عليهم) لا سيّما الكتب الأربعة لأبي جعفرين المحمدين الثلاثة (قدّس الله‌

______________________________
(1). نجوم السماء، ص 217.

(2). الفيض القدسى، ص 199- 200؛ ترجمه فيض قدسى، ص 169- 170.

(3). الكواكب المنتشرة، ص 224- 225.

(4). زندگينامه علامه مجلسى، ج 2، ص 34- 35.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 291‌

أرواحهم) التي عليها المدار في تلك الأعصار، و قد ألحقت بها خامسا راجيا أن أكون رابعهم، و هو كتاب بحار الأنوار المشتمل على جلّ ما وصل إلى من أخبار الأئمّة الأبرار عليهم السلام و شرحها. و طرقي إليها كثيرة أوردت أكثرها في الكتاب المزبور. و أورد له هنا ما هو أخصرها و أعلاها، و هو:

ما أخبرني به عدّة من الأفاضل الكرام، و جمّ غفير من العلماء الأعلام، منهم والدي العلّامة (قدّس الله أرواحهم)، عن شيخ الإسلام و المسلمين بهاء الملّة و الحقّ و الدين محمّد العاملي، عن والده الفقيه عزّ الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي (برّد الله مضجعهما)، عن العالم الربّاني زين الملة و الدين الشهير بالشهيد الثاني (رفع الله درجته)، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الميسي رحمه اللّه، عن الشيخ محمّد بن المؤذّن الجزيني، عن الشيخ الكامل ضياء الدين علي، عن والده المحقّق السعيد الشهيد محمّد بن مكي (طيّب الله أرماسهم)، عن الشيخ فخر المحقّقين أبي طالب محمّد، عن والده العلّامة جمال الملّة و الحقّ و الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي، عن والده الجليل سديد الدين يوسف (نوّر الله مراقدهم)، عن السيّد فخّار بن معد الموسوي، عن الشيخ شاذان بن جبرئيل القمي، عن الفقيه العماد محمّد بن أبي القاسم الطبري، عن الشيخ السديد أبي علي الحسن، عن والده الأجل الأكمل شيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (جزاهم الله تعالى عن الإيمان و أهله خير جزاء المحسنين)، عن الشيخ المدقّق المحقّق المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي (طيّب الله تربته)، عن الشيخ الأجلّ رئيس المحدّثين أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضى اللّه عنه و هو مؤلّف هذا الكتاب.

و بالإسناد المتقدّم عن الشيخ المفيد (طاب ثراه)، عن الشيخ الثقة أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه (رحمة الله عليه)، عن الشيخ النبيل ثقة الإسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني (قدّس الله لطيفه).

فليرو (دام تأييده) عنّي جميع مرويّاتي و مصنّفاتي و مقروءاتي و مسموعاتي و مجازاتي بتلك الأسانيد و غيرها، مراعيا للشرائط المأخوذة في الرواية، طالبا للفهم و الدراية، داعيا لي و لمشايخي الكرام في مظانّ الإجابة.

و كتب بيمناه الوازرة الدائرة أفقر العباد إلى رحمة ربّه الغنيّ محمّد باقر بن محمّد تقي (عفا الله عن جرائمهما).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 292‌

و الحمد للّه أوّلا و آخرا، و صلّى الله على سيّد المرسلين محمّد و عترته الأنجبين الأكرمين، و سلّم تسليما كثيرا. «1»

سرگذشت كوتاه وى در أعيان الشيعة (ج 9، ص 254) و تلامذة العلّامة المجلسى (ص 97) نيز آمده است. برخى آثار وى عبارتند از:

1. رسالة في صلاة المسافر. «2»

2. ملخّص الربع الأخير من المجلّد الثامن عشر من البحار. «3»

3. حاشية أصول الكافي. «4»

4. منهج الفلاح، كه در هشتم ذى حجۀ 1133 از تأليف آن فراغت يافته است. «5»

5. تفسير النورى. «6»

رسالۀ حاضر

رساله حاضر دربارۀ موضوع پركشمكش و جنجالى رؤيت هلال قبل از زوال است كه در اين مجموعه رساله‌هاى متعدّدى دربارۀ آن درج كرده‌ايم.

اين رساله در ذريعه و ساير كتابشناسيها و نيز كتب تراجم معرفى نشده و تنها يك نسخۀ خطى از آن مى‌شناسيم: مجموعۀ خطى شماره 1447 كتابخانۀ ملّى ملك مشتمل بر دوازده رساله از جمله تحقيق الحال في رؤية الهلال قبل الزوال است كه به گفتۀ فهرست‌نگار ده رساله از آنها تأليف مولى محمّد حسين نورى، و تمام آن به خط نستعليق وى به سال 1129 است. «7»

رساله‌هاى مجموعۀ خطّى شماره 1447 بجز پنج اثرى است كه پيشتر معرفى شد.

______________________________
(1). إجازات المجلسي، ص 196- 198؛ نسخۀ خطى فقيه به شمارۀ 1277 در كتابخانۀ آية الله مرعشى.

(2). الذريعة، ج 15، ص 83، شماره 5475.

(3). الذريعة، ج 22، ص 206، شماره 6717.

(4). الذريعة، ج 6، ص 182، شماره 992، و ج 13، ص 96.

(5). الذريعة، ج 23، ص 196، شماره 8612.

(6). الذريعة، ج 26، ص 222، شماره 1123.

(7). فهرست نسخه‌هاى خطّى كتابخانۀ ملّى ملك، ج 5، ص 267.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 293‌

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ بعد الحمد و الصلاة يقول المستفيض بفيض الفيّاض (تعالى شأنه)، المتمسّك بالمصطفين الأخيار (صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين)، و القليل في البضاعة، و الكثير في المعصية، المفتقر إلى رحمة ربّه الغنيّ محمّد حسين النوري (غفر الله تعالى له و لوالديه و لجميع المؤمنين و المؤمنات): هذا منّي مقال في تحقيق الحال في رؤية الهلال قبل الزوال.

الأخبار:

في التهذيب بالإسناد عن محمّد بن عيسى قال:

كتبت إليه عليه السلام: جعلت فداك، ربّما غمّ علينا هلال شهر رمضان فنرى من الغد الهلال قبل الزوال، و ربّما رأيناه بعد الزوال، فترى أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا؟ و كيف تأمرني في ذلك؟ فكتب عليه السلام: «تتمّ إلى الليل فإنّه إن كان تامّا رئي قبل الزوال». «1»

بيان: «إن كان تامّا» أي الشهر الذي أنت فيه [إن كان] تامّا لرئي هلال الشهر المتأخّر قبل الزوال.

و عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

إذا رأيتم الهلال فأفطروا أو شهد عليه عدل من المسلمين، فإن لم تروا الهلال إلّا من وسط النهار أو آخره فأتمّوا الصيام إلى الليل، فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ثمّ أفطروا. «2»

بيان: أقول: هذا الخبر ورد لتفصيل الرؤية و عدمها أوّل الليل بأنّه إن كان بلا مانع من‌

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 177، ح 490.

(2). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 158، ح 440.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 294‌

الغيم و رئي أفطر، و إن كان مانع من الغيم و لم ير عدّ الشهر ثلاثين، و لتفصيل الرؤية في النهار بأن فصّل النهار بثلاثة أجزاء: الطرفين و الوسط، و لمّا لم يمكن رؤية الهلال في الطرف الأوّل من النهار طوى ذكره و ذكر حكم الرؤية في الوسط و الطرف الآخر، و هو أنّه لا اعتبار لهذه الرؤية في إفطار اليوم، بل يتمّ الصوم إلى الليل، كما أمر الله تعالى بقوله: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيٰامَ إِلَى اللَّيْلِ «1» فعلى هذا، كان المراد بالوسط أجزاء أواسط النهار كستّ ساعات: ثلاث قبل الزوال، و ثلاث بعده.

و هذا المعنى للوسط هو المناسب لقوله تعالى: وَ أَقِمِ الصَّلٰاةَ طَرَفَيِ النَّهٰارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ «2» على تفسير «طرفي النهار» بجزئي النهار الأوّل و الآخر، فيستفاد منه الوسط المناسب لما ذكرناه.

و ربّما فسّر الوسط بمنتصف النهار الشرعي و هو قبل الزوال بساعة؛ لأنّ أوّل النهار الشرعي هو طلوع الصبح لا الشمس. و على هذا التفسير أيضا ينفي الخبر اعتبار الرؤية قبل الزوال.

و قد يفسّر بالزوال و يقال: إنّ الخبر دليل اعتبار رؤيته قبل الزوال. و هذا التفسير بعيد؛ لأنّ الخبر على هذا سيق لبيان رؤيته قبل الزوال و بعده لا غير، فذكر آخر النهار لغو حينئذ.

و ترك قبل الزوال قصور في الغرض المسوق له الكلام، فلا يصار إلى مثله في إفادة الخبر بخلاف ما ذكرناه أوّلا؛ لأنّ الخبر حينئذ لتفصيل أجزاء النهار في كونها متعلّقة للرؤية، و مقام غرض التفصيل مقتض لذكر الآخر. و ترك الجزء الأوّل قد عرفت وجهه، فلا تغفل.

و عن جرّاح المدائني قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «من رأى هلال شوّال بنهار في شهر رمضان فليتمّ صيامه». «3» و عن إسحاق بن عمّار قال:

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هلال رمضان يغمّ علينا في تسع و عشرين من شعبان؟ فقال:

«لا تصمه إلّا أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر أنّهم رأوه فاقضه، و إذا رأيته وسط النهار فأتمّ صومه إلى الليل». «4»

______________________________
(1). البقرة (2): 187.

(2). هود (11): 114.

(3). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 178، ح 492.

(4). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 178، ح 493.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 295‌

يعني بقوله عليه السلام: «أتمّ صومه إلى الليل» على أنّه من شعبان دون أن ينوي أنّه من رمضان.

و يحتمل أن يرجع ضمير «رأيته» إلى هلال رمضان، بمعنى هلال واقع في رمضان على سبيل الاستخدام. فالمراد بإتمام الصوم حينئذ هو صوم رمضان. و حمل هلال رمضان على هذا المعنى واقع في كلام الراوي في الحديث الأوّل، فتدبّر.

و عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو للّيلة الماضية، و إذا رأوه بعد الزوال فهو للّيلة المستقبلة». «1» و عن عبيد بن زرارة و عبد الله بن بكير قالا:

قال أبو عبد الله عليه السلام: «إذا رئي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوّال، و إذا رئي بعد الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان». «2»

أقول: الخبران الأخيران يدلّان على اعتبار رؤيته قبل الزوال و كونها علامة لكون اليوم و ليلته من الشهر المتأخّر، و فيه إشكالان:

الأوّل: أنّ كونها علامة- سواء كانت علامة برأسها أو كاشفة عن إمكان الرؤية أوّل الليلة- لمّا كانت حاصلة بفعل المكلّف و كانت مقدّمة للواجب، ينبغي أن تكون واجبة على الكفاية، كوجوب الاستهلال على الكفاية عند الغروب، و وجوب الاستهلال قبل الزوال لعلّه لم يقل به أحد، كيف؟ و لو قيل به لزم عدم جواز الإفطار في يوم الثلاثين من شعبان حتّى تزول الشمس و يئس من الرؤية، و عدم جواز الجزم في نيّة الصوم في الثلاثين من شهر رمضان؛ لإمكان الرؤية قبل الزوال و وجوب الإفطار.

و على تقدير الكاشفيّة يزيد الإشكال بأنّ الكشف يتوقّف على التلازم بين رؤيته قبل الزوال و بين كون خروج الشعاع بحيث يمكن الرؤية في الليلة الماضية، و التلازم المذكور منفيّ قطعا؛ لجواز كون خروج الشعاع بحيث لا يمكن الرؤية في الليلة الماضية مع إمكان الرؤية قبل الزوال.

الثاني: أنّه إذا استهلّ أحد أوّل الزوال فرأى الهلال و هو بحيث لو استهلّ قبله لرآه أيضا، فكيف يمكن في حقّه جعله للّيلة المستقبلة بمجرّد هذه الرؤية؟!

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 176، ح 488.

(2). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 176، ح 489.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 296‌

و لو فرضنا أنّه استهلّ قبله أيضا و لم يره لأمكن أن يكون عدم الرؤية للخطإ في موقع الهلال في السماء جنوبا و شمالا، فكيف يحصل في حقّه ضابطة قبل الزوال بعده؟!

و الحاصل أنّ حال الرائي و المرئيّ مختلفان في الرؤية، فربما كان المرئيّ- أعني الهلال- صالحا للرؤية تمام النهار، فعدم الرؤية قبل الزوال إنّما يكون مستندا إلى القصور أو التقصير من جانب الرائي، فلا يكون دليلا لكون للّيلة المستقبلة.

و ربما كان غير صالح للرؤية إلّا بعد الزوال، فعدم الرؤية قبله إنّما يكون مستندا إلى الهلال و قصوره في الهلالية المرئيّة، فيكون دليلا لكونه للّيلة المستقبلة. فلمّا لم يتميّز أحد الأمرين من الآخر حتّى يترتّب عليه الحكمان أشكل البناء عليه.

و ربما كان صالحا للرؤية تمام النهار غير صالح لها أوّل الليل، فكيف يكون علامة للّيل مع وجوب سبق العلامة على ذي العلامة وجودا و إن تأخّر العلم بها؟

و يمكن رفع الإشكالين:

أمّا الأوّل: فبأن يقال: رؤية قبل الزوال علامة اتّفاقيّة غير مترقّب الحصول، فلا يجب استعلامها بالاستهلال، و لا بناء الحكم عليها قبل وقوعها، فليلة الثلاثين إذا لم ير الهلال فيها حكم بكون النهار الآتي مع ليلته للشهر السابق في الإفطار و الصوم، ثمّ إذا رئي الهلال قبل الزوال من باب الاتّفاق- بلا وجوب الاستهلال و لا ندبه- حكم حينئذ بكون النهار مع ليلته للشهر الآتي في وجوب الصوم أو الإفطار بمقتضى الخبرين، كما إذا ثبت الرؤية من خارج البلد و وصل الخبر إلى أهله.

و أمّا الثاني: فبأن يقال: إنّ الرؤية إن وقعت قبل الزوال من باب الاتّفاق فحكمه ما سبق، و إن وقعت بعده قيّدناها في باب الحكم المذكور بسبق الاستهلال الصحيح و عدم الظفر بالهلال، فاندفع الإشكال.

اعلم أنّ أوّل شهر من الشهور الشرعية مبدؤه ليل هو طرف نهار آخر الشهر السابق، و لا بدّ له من علامة شرعية سابقة الوجود عليه بها يعلم أوّل الشهر حتّى تبنى عليه الأحكام المتعلّقة به ليلا و نهارا.

و تلك العلامة المقرّرة شيئان: الرؤية الثابتة، أو مضيّ ثلاثين يوما من الشهر السابق‌

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 297‌

المتحقّق بآخر أثناء الثلاثين. و الظاهر المتبادر من الرؤية التي هي إحدى العلامتين هو رؤية أوّل الليل، و هي متوقّفة على وجود الهلال متّصفا بإمكان الرؤية عند الغروب.

و هل لإثبات الشهر علامة أخرى هي الرؤية قبل الزوال؟ فيه خلاف بين العلماء، أو على تقدير كونها علامة هل هي علامة عند الشكّ في الهلال بغيم في السماء، أو رؤية غير ثابتة، أو علامة مطلقا و إن كانت السماء صاحية و استهلّ و لم ير، بل امتنع الرؤية بإخبار أهل الخبرة؟

ظاهر إطلاق الخبرين إطلاق العلامة، و تعارضه- مع ما ذكر من الإشكالات- أنواع من الأخبار:

الأوّل: ما يعارضه في خصوص قبل الزوال، و قد سبق ذكره.

الثاني: ما ورد في صورة صحو السماء، روي في الكافي و التهذيب في الصحيح عن هارون بن خارجة قال:

قال أبو عبد الله عليه السلام: «عدّ شعبان تسعة و عشرين يوما، فإن كانت متغيّمة فأصبح صائما، و إن كانت صاحية و تبصّرته و لم تر شيئا فأصبح مفطرا». «1»

قال في الوافي:

«فإن كانت متغيّمة» يعني السماء «فأصبح صائما» يعني بنيّة شعبان؛ لأنّه يوم الشكّ الذي صائمه موفّق له، بخلاف ما إذا كانت صاحية فإنّه لا شكّ فيه. «2» انتهى كلامه (طاب ثراه).

أقول: لا يخفى على الخبير البصير أنّ أمره عليه السلام بالصوم في صورة الغيم؛ لاحتياط ما عسى أن يصير اليوم بأمر من الأمور من شهر رمضان فيوفّق لصومه، و أمره بالإفطار في صورة الصحو؛ لأنّه ليس هناك ما به يصير اليوم من شهر رمضان؛ لأنّ العلامة ليست إلّا الرؤية في أوّل الليلة عند ما كانت السماء بلا علّة، و قد كانت كذلك، و فعل ما عليه من الاستهلال و لم ير فقد فقدت العلامتان معا، فلو كانت علامة ثالثة هي الرؤية قبل الزوال لكان الشكّ و مقام الاحتياط باقيا، كما في صورة الغيم.

______________________________
(1). الكافي، ج 4، ص 77، باب الأهلّة و الشهادة عليها، ح 9؛ تهذيب الأحكام، ج 4، ص 159، ح 447.

(2). الوافي، ج 11، ص 114.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 298‌

و في التهذيب عن الربيع بن ولّاد عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

إذا رأيت هلال شعبان فعدّ تسعا و عشرين ليلة، فإن أصحت فلم تره فلا تصم، و إن تغيّمت فصم. «1»

و عن معمّر بن خلّاد عن أبي الحسن عليه السلام قال:

كنت جالسا عنده آخر يوم من شعبان فلم أره صائما، فأتوه بمائدة فقال: «ادن» و كان ذلك بعد العصر. قلت له: جعلت فداك، صمت اليوم. فقال لي: «و لم؟» قلت: جاء عن أبي عبد الله عليه السلام في اليوم الذي يشكّ فيه أنّه قال: «يوم وفّق له» قال: «أ ليس تدرون إنّما ذلك إذا كان لا يعلم أ هو من شعبان أم من شهر رمضان؟ فصامه الرجل و كان من شهر رمضان كان يوما وفّق له فأمّا و ليس علّة و لا شبهة فلا». «2»

الحديث دلّ على أنّه عند عدم العلّة في السماء و عدم شبهة رؤية أحد في أوّل الليل إذا استهلّ و لم ير لا يحتمل كون النهار الآتي للشهر المتأخّر، فيبطل بذلك كون رؤية قبل الزوال علامة للشهر الآتي. لكن في صورة عدم الغيم، و هو كاف في المطلوب.

الثالث: ما ورد بعدّ الشهر ثلاثين عند الغيم و الخفاء، كقوله عليه السلام في خبر محمّد بن قيس المتقدّم: «فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين، ثمّ أفطروا». «3» و كقول أبي عبد الله عليه السلام في موثّقة عمّار:

في كتاب عليّ عليه السلام: «صم لرؤيته، و أفطر لرؤيته، و إيّاك و الشكّ و الظنّ، فإن خفي عليكم فعدّوا ثلاثين ليلة و أفطروا». «4»

و كقول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة محمّد بن مسلم:

إذا رأيتم الهلال فصوموا، و إذا رأيتموه فأفطروا، و ليس بالرأي و لا بالتظنّي و لكن بالرؤية، و الرؤية ليس أن يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد: هو ذا هو، و ينظر تسعة فلا يرونه، إذا رآه واحد رآه عشره و ألف، و إذا كانت علّة فأتمّ شعبان ثلاثين. «5»

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 165، ح 469.

(2). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 166، ح 473.

(3). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 158، ح 440.

(4). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 158، ح 441. و فيه: «فإن خفي عليكم فأتمّوا الشهر الأوّل ثلاثين».

(5). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 156، ح 433.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 299‌

و كقول أبي عبد الله عليه السلام: «فإن تغيّمت السماء يوما فأتمّوا العدّة». «1»

و في التهذيب: محمّد بن الحسن الصفّار عن عليّ بن محمّد القاشاني قال:

كتبت إليه و أنا بالمدينة عن اليوم الذي يشكّ فيه من شهر رمضان، هل يصام أم لا؟

فكتب عليه السلام: «اليقين لا يدخل فيه الشكّ، صم للرؤية، و أفطر للرؤية». «2»

أقول: إذا كنّا مأمورين بعدّ الشهر ثلاثين عند العلّة و الخفاء، و أنّه هو اليقين الذي لا يجوز لنا العدول عنه إلّا بيقين آخر مثله، فالرؤية قبل الزوال- التي هي علامة مشكوكة- لا يجوز لنا العدول عن ذلك العدّ إلى التمسّك بها.

قال صاحب الوافي (طاب ثراه):

تحقيق الكلام في هذا المقام أنّ من رحمة الله سبحانه بناء الأحكام الشرعيّة على اليقين، فإذا كان ثوبنا طاهرا- مثلا- لم نحكم بورود النجاسة عليه إلّا إذا تيقّنّا ذلك، و إن كان قد تنجّس في الواقع من دون معرفة لنا بنجاسته، و ذلك لأنّ اليقين لا ينقض بالشكّ أبدا، بل إنّما ينقضه يقين آخر مثله، كما ورد به الأخبار. فكذلك إذا كنّا في شعبان لم نحكم بخروجنا منه و دخولنا في شهر رمضان إلّا إذا تيقّنّا ذلك، و لا تيقّن لنا بالدخول في شهر رمضان إلّا برؤية هلاله أو بعدّ ثلاثين يوما من شعبان.

فيوم الشكّ بهذا الاعتبار الشرعي معدود لنا في أيّام شعبان و ليس من شهر رمضان في شي‌ء و إن كان في الواقع منه؛ إذ لسنا مكلّفين بالواقع و إلّا لهلكنا و وقعنا بالحرج؛ إذ لا سبيل لنا إلى استعلام الواقع و العلم به. فإذن كون الشي‌ء مشكوكا فيه في نظر عقولنا لا ينافي كونه متيقّن الحكم عندنا باعتبار الحكم الشرعي. «3» انتهى كلامه رحمه اللّه.

فملخّص المقال في المقام أنّ الصوم و الإفطار مترتّب على الهلال المثبت بالرؤية أو مضيّ ثلاثين، و الرؤية المترتّب عليها إنشاء الصوم في قولهم عليهم السلام: «إذا رأيته فصم» إنّما هي رؤية الهلال في أوّل الليل، و ليست رؤية قبل الزوال بداخلة في تحت تلك الرؤية المطلقة؛ لعدم ترتّب الصيام عليها على الإطلاق، كما لا يخفى، بل إنّما تجعل علامة بدليل من خارج.

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 157، ح 435.

(2). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 159، ح 445.

(3). الوافي، ج 11، ص 106.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 300‌

و الدليل الخارجي إنّما هو الخبران المعارضان بمثلهما في خصوص قبل الزوال، و بما ورد في حكم الصحو، و بما ورد في حكم الغيم و الاشتباه؛ إذ لا تخلو رؤية قبل الزوال [عن هاتين الصورتين:] إمّا واقعة في صورة الصحو أو واقعة في صورة الغيم و الاشتباه، لا غير، و لكلّ منهما حكم مقرّر شرعي يقع التعارض بين حكم قبل الزوال و بين ذلك الحكم المقرّر.

مثلا إذا كانت السماء صاحية في ليلة الثلاثين من رمضان و لم ير الهلال، كانت الليلة من شهر رمضان يقينا شرعيا، و النهار منه واجب الصوم. و لو اتّفق رؤية الهلال قبل الزوال فبحكم الخبرين صارت الليلة و اليوم من شوّال، و هكذا القول عند الغيم.

فجعل الخبرين مع وجود المعارض و ما ذكرناه من الإشكالات مخصّصا للحكمين المقرّرين اليقينيّين و لحكم آية ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيٰامَ إِلَى اللَّيْلِ «1» في غاية الإشكال، سيّما في صورة الصحو و عدم المانع؛ فإنّ الحكم بإكمال ثلاثين إذا استهلّ و لم ير في أوّل الليلة في غاية الإحكام، و سيّما إذا أخبر أهل الخبرة بامتناع الرؤية؛ لدلالة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الواردة في الرؤية و ابتناء الحكم عليها، على أنّه إذا لم ير مع عدم العلّة كان الحكم إكمال الثلاثين؛ و لدلالة ما أوردنا من الأخبار في صورة الصحو على أن لا احتياط في الصوم حينئذ إذا لم ير الهلال. و كلّ ذلك ممّا يضعّف حكم رؤية قبل الزوال عند الصحو و عدم الظفر بالهلال بعد الاستهلال.

و لو استثني صورة صحو السماء و خصّ حكم الخبرين بصورة الغيم و الاشتباه لم ينفع؛ إذ لم يصف شرب الاختصاص عن شوب شبهة، و لم يسلم عمّا أوردناه سابقا. فالأقوى التمسّك بالحكمين المقرّرين اليقينيّين؛ إذ لم يحصل لنا يقين شرعي بحكم الخبرين حتّى ننقض الحكمين به و إن كان الاحتياط في الصوم رعاية حكم الخبرين دون الإفطار. و الله تعالى يعلم.

و قد يذكر في المقام خبر آخر لتأييد حكم قبل الزوال ينبغي أن يذكر و يتكلّم عليه:

في التهذيب بسند فيه جهالة عن داود الرقّي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا طلب الهلال في المشرق غدوة فلم ير فهو هاهنا هلال جديد، رئي أو لم ير» «2».

______________________________
(1). البقرة (2): 187.

(2). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 333، ح 1047.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 301‌

قيل:

أي إذا طلب الهلال في اليوم الثلاثين من الشهر غدوة، أى قبل الزوال، فلم ير فهاهنا هلال جديد، سواء رئي بعد الزوال أو لم ير، أي ليس الهلال هلال الليلة الماضية بل هو جديد. و هذا الخبر يوافق مذهب من يقول بأنّ الرؤية قبل الزوال معتبرة. انتهى ما أوردنا من قول القائل (طاب ثراه).

أقول: أظهر الاحتمالين في الخبر أنّه لمّا كان يرى القمر في أواخر الشهر من جانب المشرق إلى السابع و العشرين ثمّ لا يرى إلّا ليلة الثلاثين، إن كان الشهر السابق ناقصا، أو ليلة إحدى و ثلاثين إن كان تامّا، و لمّا كان الغالب أنّه إذا لم ير غدوة السابع و العشرين كان الشهر ناقصا و يرى الهلال الجديد من جانب المغرب في ليلة الثلاثين فمعنى الخبر أنّه إذا طلب الهلال- أي ما هو بشكل الهلال- في آخر أوان طلبه من جانب المشرق و لا يكون إلّا غدوة و لم ير، فهو يرى هاهنا في جانب المغرب هلالا جديدا أوّل أوان طلبه- أعني ليلة الثلاثين- استهلّ أو لم يستهلّ؛ لأنّ عدم رؤيته في غدوة السابع و العشرين دليل نقصان الشهر، فيرى في ليلة الثلاثين.

و هذه القاعدة المستفادة من الخبر على الاحتمال غير تامّة، و لهذا لم يعمل به في المشهور، و أمثال هذا الخبر في أمر الهلال كثير لم يعمل بها في المشهور.

و من ذلك ما رواه في التهذيب بسند صحيح عن أبي محمّد بن مرازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا تطوّق الهلال فهو لليلتين، و إذا رأيت ظلّ رأسك فيه فهو لثلاث». «1»

و في ذكر هذا الخبر الصحيح من حيث السند- مع الإشارة إلى وجود مثله أيضا في أمر الهلال ممّا لم يعمل به الأصحاب أو أكثرهم؛ لكونه مخالفا للقاعدة المقرّرة الشرعيّة، أو الاعتبار العقلي الصحيح- تنبيه على قوّة ما اخترناه فيما نحن فيه تبعا للمشهور، فتنبّه.

إلى هنا ختمنا الكلام في المسألة حامدا مصلّيا مسلّما مستغفرا.

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 178، ح 495.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 303‌

(8) اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال

تأليف مولى محمّد جعفر بن محمّد باقر سبزوارى قدّس سرّه (م حدود 1135)