بسم الله الرحمن الرحیم

عدم اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال‌-محمّد بن عبد الفتّاح تنكابني معروف به فاضل سراب

مباحث رؤیت هلال-كتاب الصوم

رؤيت هلال؛ ج‌1، ص: 211

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 211‌

(4) عدم اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال

تأليف محمّد بن عبد الفتّاح تنكابني معروف به فاضل سراب قدّس سرّه (م 1124)

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 213‌

مقدّمه

مؤلّف

عالم ربانى مولى بهاء الدين محمّد بن عبد الفتاح تنكابنى مازندرانى معروف به فاضل سراب از فقيهان و اديبان و فيلسوفان عصر صفوى است.

وى در سال 1040 در سراب زاده شد و پس از پشت سر نهادن مراحل ابتدايى تحصيل در تنكابن، به اصفهان رفت و نزد بزرگانى همچون محقق سبزوارى، محقق خوانسارى، مولى ميرزا شيروانى، و علامه مجلسى به تحصيل فقه و حديث و كلام و فلسفه پرداخت تا آنكه يكى از برترين علماى اصفهان به شمار آمد.

وى يكى از قائلين به وجوب نماز جمعه بود و در اين موضوع رساله‌هاى فارسى و عربى متعدد نگاشت و به نمايندگى از استادش محقق سبزوارى در مجلسى كه شيخ على خان زنگنه به دستور شاه سليمان صفوى در يكى از سالهاى 1086- 1090 براى بحث در حكم نماز جمعه تشكيل داده بود، شركت كرد. وى در فلسفه، از پيروان مكتب مولى رجب على تبريزى متخلص به واحد (م 1080) و معارض با مكتب ملا صدرا بود.

او از اساتيد نامدارش محقق سبزوارى، علامه مجلسى، آقا محمّد على بن احمد استرآبادى (داماد مولى محمّد تقى مجلسى) و شيخ على صاحب درّ منثور اجازه روايت داشت و به فرزندانش شيخ محمّد صادق و شيخ محمّد رضا و مولى محمّد شفيع لاهيجى‌

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 214‌

اجازه روايت داد و از جمله عالمانى بود كه در سال 1100 در مجلس بزرگداشت مولى محمّد اردبيلى صاحب جامع الرواة شركت كرد و بر آن كتاب- همراه علماى ديگر- تقريظ نگاشت.

وى در عيد غدير خم 1124 در هشتاد و چهار سالگى درگذشت و در قبرستان محله خواجو به خاك سپرده شد و اكنون مقبره‌اش به عنوان تكيه فاضل سراب در اصفهان مشهور است.

برخى آثار وى عبارتند از:

1. سفينة النجاة، در كلام (تاريخ تأليف: 1103)؛

2. ضياء القلوب، در امامت به فارسى؛

3. اصول دين، (تاريخ تأليف: 1113)؛

4. رساله‌هاى متعدد در وجوب نماز جمعه و پاسخ به قائلين به تحريم نماز جمعه؛

5. اثبات الواجب؛

6. تفسير آية الكرسى؛

7. غنية المتعبد؛

8. تحرير التوحيد؛

9. حلّ شبهۀ جذر اصم (تاريخ تأليف: 1097)؛

10. فصول اذان؛

11. شبه الميزان (تاريخ تأليف: 1091)؛

12. رساله در نذر و صدقه؛

13. رساله در علم كلام (تاريخ تأليف: 1102)؛

14. رساله در شبهه «كلّ كلامى كاذب»؛

15. حجّيّة الأخبار و الإجماع. نسخه‌اى از اين اثر در نجف اشرف در كتابخانۀ امير المؤمنين عليه السلام هست (ر ك: تراثنا، ش 69- 70، ص 250).

نيز دو فرزندش مولى محمّد صادق و مولى محمّد رضا، و نواده‌اش مولى محمّد قاسم از جمله عالمان و فقيهان به شمار مى‌رفته‌اند و علّامه فقيه سيد ابو القاسم خوانسارى صاحب‌

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 215‌

مناهج المعارف، از مولى محمّد صادق تنكابنى، اجازه روايت داشته است. «1»

رساله حاضر

همان گونه كه از ديباچۀ رساله پيداست مؤلّف اين رساله را در نقد و بررسى كلام استاد خود مرحوم محقق سبزوارى رحمه اللّه صاحب ذخيرة المعاد نگاشته است؛ وى در ابتداى رساله كلام صاحب ذخيره را نقل مى‌كند. از جمله مطالب منقول از ذخيره صحيحۀ محمّد بن قيس است كه شايد بتوان گفت اساس بيشتر رساله‌هاى رؤيت هلال قبل از زوال همين روايت است.

در هر حال، محقق سبزوارى پس از نقل كلام سيّد مرتضى رحمه اللّه مبنى بر اينكه هرگاه هلال قبل از زوال ديده شود، مربوط به شب گذشته است و چنانچه بعد از زوال رؤيت شود، مربوط به شب آينده است، صحيحه محمّد بن قيس را به عنوان دليل و مؤيّد بر كلام سيّد مرتضى ياد كرده و استفاده مى‌كند كه مراد از لفظ «وسط» در اين روايت منتصف ما بين الحدّين است و چنين نتيجه مى‌گيرد كه اين خبر دليل بر قول سيّد است نه قول مشهور.

مرحوم تنكابنى به تفصيل به اين سخن پاسخ مى‌گويد.

گفتنى است مرحوم مولى محمّد جعفر فرزند محقّق سبزوارى در رسالۀ اعتبار رؤيت هلال كه پس از اين خواهد آمد در دفاع از پدر بزرگوار خود مطالب مرحوم تنكابنى را مشروحا ردّ مى‌كند.

نسخه‌هاى مورد استفاده در اين تحقيق عبارتند از:

1. رسالۀ 4، از مجموعۀ شمارۀ 478 كتابخانه مرحوم آية الله مرعشى، كتابت در رجب‌

______________________________
(1). برخى از منابع سرگذشت تنكابنى عبارتند از:

روضات الجنات، ج 7، ص 106- 110؛ أعيان الشيعة، ج 9، ص 381؛ الفوائد الرضوية، ص 550- 551؛ الكواكب المنتشرة، ص 671- 673؛ بزرگان رامسر، ص 132- 146؛ بزرگان تنكابن، ص 315- 322؛ ريحانة الأدب، ج 2، ص 179؛ رجال اصفهان، ص 25- 28؛ دانشمندان خوانسار، ص 159- 161، فهرست كتب خطى كتابخانه‌هاى اصفهان، ج 1، ص 123؛ خاندان شيخ الاسلام اصفهان، ص 81؛ الفيض القدسي (در بحار الانوار، ج 102، ص 96)؛ زندگينامه علامه مجلسى، ج 2، ص 85- 87؛ دوازده رسالۀ فقهى دربارۀ نماز جمعه، ص 218- 224.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 216‌

المرجّب 1122، نسخ محمّد جعفر بن مولى محمّد شفيعى نائينى (فهرست مرعشى، ج 2، ص 82).

2. رسالۀ 12، از مجموعۀ شماره 1409 كتابخانه مرحوم آية الله مرعشى، در اين نسخه حواشى بسيارى از مؤلّف با رمز «منه» و «س مدّ ظلّه» ديده مى‌شود. (فهرست مرعشى، ج 4، ص 189).

3. رسالۀ 17 از مجموعۀ شمارۀ 1409 كتابخانه مرحوم آية الله مرعشى. اين نسخه در تاريخ 26 محرم 1106 پايان پذيرفته و در هفتم ماه رمضان 1109 مطالبى بر آن افزوده شده است. اين نسخه تصحيح شده، و در حواشى آن حاشيه‌هاى بسيارى با رمز «منه رحمه الله» موجود است (فهرست مرعشى، ج 4، ص 192).

4. رسالۀ اوّل از مجموعۀ شمارۀ 6587 كتابخانه آية الله مرعشى، نستعليق محسن بن حسن گيلانى، در حاشيه تصحيح شده و در برگ 4 حاشيه‌اى با رمز «منه سلّمه الله» ديده مى‌شود (فهرست مرعشى، ج 17، ص 162).

5. رسالۀ اوّل از مجموعۀ شمارۀ 2865 كتابخانۀ مركزى دانشگاه تهران، نستعليق اسماعيل بن محمّد امين، 19 ذى‌قعده، با حواشى بسيار از خود مؤلّف با رمز «منه مدّ ظلّه» و «منه». (فهرست دانشگاه، ج 10 ص 1711).

6. نسخۀ كتابخانۀ محقق متتبع حضرت استاد علامه حاج سيد محمّد على روضاتى (دامت افاضاته)، ضمن مجموعه‌اى از رساله‌هاى خطى.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 217‌

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة على محمّد و آله أجمعين.

أمّا بعد، فيقول أقلّ عباد الله الغنيّ محمّد بن عبد الفتّاح التنكابني: إنّ الأصحاب رحمهم اللّه اختلفوا في اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال، و عدمه، باختلاف ظاهر الروايات، و لا يجري الاحتياط في بعض «1»، و يجري في بعض؛ و لا ينبغي ترك الاحتياط فيما يمكن فيه، و أمّا فيما لا يمكن فيجب التأمّل التامّ حتّى يظهر الحقّ.

و قد قال أستادي العلّامة (طاب ثراه) بالاعتبار؛ باعتبار دلالة الروايات التي استدلّ بها على الاعتبار، و أكثر ما استدلّ به على عدمه، و بعض ما لم يستدلّ به على أحد الطرفين على الاعتبار عنده، و بذل جهده في تقوية الدلالة بما خلا عنه الكتب المشهورة.

و لمّا كان الغرض عظيما تأمّلت في الروايات و الإفادات الشريفة، و وجدت أكثر الإفادات محلّ الكلام، فأشرت إلى ما خطر ببالي، فإن وقعت في الزلّة، فهي عن أمثالي ليست ببعيدة، و إن أرشدني الله إلى الحقّ، فألطافه العميمة عظيمة، فشكرا للّه ثمّ شكرا له.

و لمّا كان كلامه (طاب ثراه) في غاية الدقّة، و دليله على ما اختاره أكثر ما رأيته، أحببت أن أنقل كلامه الشريف و أشير إلى مواقع التكلّم؛ لأنّه بظهور كلامه يظهر أكثر من وافقه دون العكس.

قال (طاب ثراه) في شرح الإرشاد بعد نقل أنّ المشهور بين الأصحاب أنّه لا اعتبار برؤية‌

______________________________
(1). «و هو شوّال». (منه رحمه اللّه).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 218‌

الهلال قبل الزوال، و نقله عن المرتضى رحمه اللّه أنّه قال في بعض مسائله: «إنّه إذا رئي الهلال قبل الزوال، فهو للّيلة الماضية» «1» و قوله «2»: الأقرب عندي القول الثاني؛ لما رواه الكليني و الشيخ عنه، عن حمّاد بن عثمان- في الحسن بإبراهيم بن هاشم- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو للّيلة الماضية، و إذا رأوه بعد الزوال فهو للّيلة المستقبلة» «3» و ما رواه الشيخ «4» عن عبيد بن زرارة و عبد الله بن بكير- في الموثّق- قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «إذا رئي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوّال، و إذا رئي بعد الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان» «5» و نقله كلام الصدوق رحمه اللّه:

و يدلّ «6» عليه قول الصادق عليه السلام في صحيحة محمّد بن قيس، السابقة، و هي ما رواه الشيخ رحمه اللّه عن الحسن بن سعيد، عن يوسف بن عقيل، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا رأيتم الهلال فأفطروا أو شهد عليه عدل من المسلمين، فإن لم تروا الهلال إلّا من وسط النهار أو آخره، فأتمّوا الصيام إلى الليل، فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ثمّ أفطروا» «7».

وجه الدلالة: أنّ لفظة «الوسط» يحتمل أن يكون المراد منها بين الحدّين، و يحتمل أن يكون المراد منها منتصف ما بين الحدّين، لكن قوله: «أو آخره» شاهد على الثاني، فيكون الخبر بمفهومه دالّا على قول السيّد «8».

انتهى كلامه (رفع الله مقامه) المتعلّق بهذه الرواية.

أقول: الظاهر أنّ مراده رحمه اللّه من «الحدّين» هما الآنان المحيطان بالنهار، كما هو المتبادر من لفظ «الحدّ» بحسب العرف. و مراده رحمه اللّه من «الوسط» في الاحتمال الأوّل كلّ النهار الذي‌

______________________________
(1). المسائل الناصريّات، ص 291، المسألة 126.

(2). أي قول صاحب الذخيرة.

(3). الكافي، ج 4، ص 76، باب الأهلّة و الشهادة عليها، ح 10؛ تهذيب الأحكام، ج 4، ص 176، ح 488.

(4). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 176، ح 489.

(5). «الكلام المتعلّق بهاتين الروايتين سيجي‌ء في موضع مناسب». (منه رحمه اللّه).

(6). مقول «قال (طاب ثراه) في شرح الإرشاد».

(7). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 177، ح 491.

(8). ذخيرة المعاد، ص 533.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 219‌

بين الحدّين المذكورين، و ظاهر أنّ «الوسط» في الاحتمال الثاني هو الآن الذي ينقسم به النهار إلى قسمين متساويين.

و وجه شهادة «أو آخره» على الثاني أنّ «الوسط» بالمعنى الأوّل يستوعب كلّ النهار، فلا يبقى غير الوسط من النهار شي‌ء حتّى يقال: «فأتمّوا الصيام إلى الليل» فيجب حمل «الوسط» على المعنى الثاني الذي هو الآن، فحينئذ المراد ب‍ «آخره» هو الزمان الذي بعد الآن المذكور، فظهر وجوب الإتمام عند رؤية الهلال بعد الزوال بالمنطوق، و وجوب الإفطار عند رؤيته قبل الزوال بالمفهوم.

و فيه نظر.

أمّا أوّلا؛ فلأنّه إذا أريد الآن من «الوسط» فالظاهر من الآخر حينئذ هو الآن الذي ينتهي به النهار، فلا يصحّ حينئذ «فأتمّوا الصيام إلى الليل». فإرادة الآن من الوسط، و كلّ الزمان- الذي بعده- من الآخر تخرج الكلام عن الانتظام.

و أمّا ثانيا؛ فلأنّ تفصيله عليه السلام بقوله: «فإن لم تروا الهلال إلّا من وسط النهار أو آخره» لا وجه له حينئذ؛ لأنّ العلم بكون الرؤية في الآن المذكور لا يحصل لأحد من الماهرين في النجوم و إن بالغ في تحصيل هذا العلم، فكيف لغيرهم!؟ إلّا بتعليم الله تعالى، فكيف يصحّ جعله علامة للمخاطبين بضميمة أمر آخر!؟

و أمّا ثالثا؛ فلأنّ الاحتمال لا ينحصر في الأمرين المذكورين؛ لاحتمال أن يراد من الآخر قدر من النهار، الذي يقرب من أحد الحدّين المذكورين، فالأوّل الغير [كذا، و الصواب:

غير] المذكور هو قدر يقرب من الحدّ الآخر، فالوسط هو الزمان الذي بين الزمانين. و إطلاق الأوّل و الآخر على ما ذكرته ليس بعيدا، بل يشيع القول بأنّه جاء فلان أوّل اليوم، أو آخره، أو وسطه، من غير أن يريدوا منها أو من بعضها الآن، بل عدم إرادة الآن معلوم لكلّ من تتبّع.

و كون إرادة المعاني المذكورة من الألفاظ المذكورة طارئة خلاف الأصل، و حينئذ «فأتمّوا الصيام إلى الليل» محمول على ظاهره بلا تكلّف، و تدلّ الرواية المذكورة على المشهور، فظهر أنّ «فأتمّوا» شاهد على المشهور.

فإن قلت: يمكن أن يكون المراد من الوسط قدرا من الزمان الذي بعد نصف النهار مجازا، و الداعي على ارتكاب هذا المجاز هو ظاهر التفصيل الذي يدلّ على مخالفة الأوّل‌

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 220‌

الغير [كذا، و الصواب: غير] المذكور بحسب الحكم للمذكورين، و إطلاق الوسط على قدر من الزمان- الذي بعد نصف النهار- يظهر من كلامهم عليهم السلام في وجه تسمية الظهر بالصلاة الوسطى.

قلت: نسبة الوسط المجازي- إذا جعل الوسط الحقيقي هو الآن- إلى طرفيه نسبة واحدة، فلا وجه لتخصيصه بالبعد، و التفصيل ليس باعثا على هذا التخصيص، كما سيظهر. و ما زعمته- من إطلاق الوسط على زمان هو بعد نصف النهار- فسهو، بل الوسط المذكور في بيان الصلاة الوسطى إمّا المعنى المجازي من الوسط بمعنى الآن الذي هو طرفاه، و إمّا المعنى العرفي الذي هو الزمان الذي بين الأوّل و الآخر.

و سواء أريد من الوسط المعنى المجازي أو الحقيقي يكون قدر من الزمان الذي قبل نصف النهار داخلا في الوسط.

و كون الوسط شاملا لبعض الزمان الذي قبل نصف النهار لا يستلزم كون ذلك البعض ظرف الظهر، كما لا تستلزم نسبة وقوع أمر إلى اليوم- مثلا- كون كلّ جزء منه ظرفا له، و ليس كذلك أمر رؤية الهلال في وسط النهار، المذكورة في الرواية؛ فإنّ قوله عليه السلام: «فإن لم تروا الهلال إلّا من وسط النهار أو آخره فأتمّوا الصيام إلى الليل» يدلّ على كون حكم الرؤية في أيّ جزء من أجزاء الوسط هو وجوب الإتمام إلى الليل، كما لا يخفى على المتدبّر.

فإن قلت: لو لم يكن بين الرؤية قبل الزوال و بعده فرق في الحكم، لأمر عليه السلام بالإتمام على تقدير الرؤية في النهار، بلا تفصيل، فالتفصيل يدلّ على الفرق و إن كانت الدلالة بعنوان المفهوم، و هي كافية لكونها حجّة، كما بيّن في الأصول.

قلت: حجّيّة المفهوم تتوقّف على عدم منفعة للقيد، غير مخالفة المسكوت في الحكم للمذكور، و ما نحن فيه ليس كذلك؛ لأنّ العقل يجوّز أن لا تكون منفعة التفصيل و عدم الاكتفاء بإطلاق النهار هي مخالفة حكم رؤية الهلال أوّل النهار لحكمها في الوسط و الآخر، بل تكون إشارة إلى عدم إمكان رؤيته في أوّل النهار؛ لكون الهلال في أوّله تحت الأفق.

فالزمان الذي يمكن رؤيته [فيه] «1» هو وسط النهار أو آخره، فذكر الوسط و الآخر ليس لبيان مخالفة حكم الرؤية في الأوّل لحكمها في أحدهما، بل لبيان حكم يمكن الرؤية فيه،

______________________________
(1). ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 221‌

و ذكر القيد لمحض بيان الواقع و الإرشاد إلى الأمر الممكن غير بعيد في كلامهم عليهم السلام، و مع احتمال ما ذكرته في منفعة التقييد «1» لا يصحّ التمسّك بالمفهوم، كما لا يخفى.

فإن قلت: حمل «الأوّل» على زمان كون الهلال تحت الأفق يوجب اختلاف مقدار الأوّل مع مقدار كلّ واحد من الوسط و الآخر، أو مع مقدار أحدهما، و هو بعيد.

قلت: حمل (طاب ثراه) «الوسط» على الآن، و «الآخر» على الزمان الذي بعده، مع أنّه لا نسبة بينهما أصلا، فلا وجه لموجّه كلامه أن يذكر هذا الكلام. «2»

و إن ذكر بعنوان الاعتراض على الاستدلال بهذه الرواية على المشهور، أجيب بأنّ اعتبار المطابقة بين الأقسام الثلاثة غير ظاهر، بل ممتنع؛ لتعذّر علم المخاطبين بالأقسام حينئذ.

و إن أريد التساوي التقريبي، فلا دليل على اعتبار التساوي بهذا المعنى و إن كان ممكنا في نفسه.

فلعلّ المراد بالأوّل الغير [كذا، و الصواب: غير] المذكور هو قدر من النهار الذي لا يرى الهلال فيه البتّة، و الوسط و الآخر ما بقي منه إلى الليل، و التميّز بينهما إنّما هو بحسب العرف، فإن اشتبه أواخر الوسط بأوائل الآخر فلا مضرّة فيه؛ لاتّفاقهما في الحكم.

و يمكن أن يقال: إنّه بعد مضيّ قدر من أوّل النهار الذي يكون الهلال تحت الأفق لا يمكن رؤيته في قدر آخر أيضا عادة، و هو عند كونه في حوالي الأفق؛ لاجتماع مانعيّة البخار و الدخان اللذين يكونان في حوالي الأفق، و مانعيّة قوّة ضوء الشمس، التي تكون عند ارتفاعها، فلا يرى الهلال «3» عادة حتّى يرتفع عن الأفق و يرتفع المانع الأوّل أو يضعّف، و حينئذ يمكن أن يكون أوّل النهار الذي لا يرى الهلال [فيه] عادة قريبا من الوسط و الآخر بحسب المقدار.

______________________________
(1). في بعض النسخ: «القيد».

(2). في هامش بعض النسخ: «فإن قلت: إذا كان الوسط آنا، فهو خارج عن أن يلاحظ بينه و بين الطرف نسبة، و أمّا إذا جعل الوسط قدرا من الزمان، فيجب اعتبار التساوي بينه و بين الطرفين.

قلت: إذا جاز إرادة الخارج عن النسبة من «الوسط»، فلم لا يجوز إرادة قدر من زمان- يقال له: الطرف عرفا- من لفظه و كذلك الوسط من غير اعتبار التساوي، كما سنشير إليه». (منه رحمه اللّه)

(3). في هامش بعض النسخ: «و لا ينافي هذا رؤية الشمس و القمر في حوالي الأفق ... يرى عند ارتفاعهما؛ لأنّ الكواكب الضعيفة لا ترى في حوالي الأفق أصلا، كما تدلّ التجربة عليه، و العظم و الصغر إنّما يكونان فيما ترى». (منه رحمه اللّه).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 222‌

و غرضي من هذا الكلام رفع الاستبعاد عن بعض الأذهان، و إلّا فما ذكرته كاف لإثبات المقصود.

و أمّا رابعا؛ فلأنّ تفسير الوسط بالآن الذي هو وسط النهار المعروف بين المنجّمين، هو تفسير لوسط النهار بقبل الزوال؛ لأنّ الزوال هو زيادة الظلّ بعد نقصانه، فالوسط بمعنى الآن هو مبدأ خارج للزوال، فإرادة منتصف ما بين الحدّين من الوسط- مع امتناعها- دالّة على المذهب الأوّل، لا الثاني.

فظهر قوّة دلالة الرواية على المشهور بحسب المنطوق و إن سلّم كون النهار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها، كما اختاره رحمه اللّه، و إن حمل على المشهور بين أهل الشرع، فالدلالة على المشهور أظهر.

فإن قلت: في بعض النسخ بعد قوله: «منتصف ما بين الحدّين» زيادة، و هي «أعني الزوال» و إن ألحقها بعد انتشار النسخ.

و أيضا قد صرّح (طاب ثراه) في رسالة تحقيق الليل و النهار باتّحاد معنى الزوال و نصف النهار بسبب دلالة الروايات و كلام جماعة- يتمسّك بكلامهم- عليه، و ظاهر أنّ الزوال إنّما هو بتجاوز الشمس عن دائرة نصف النهار، فنصف النهار أيضا إنّما هو بالتجاوز المذكور بمقتضى الاتّحاد.

و الظاهر أنّ وسط النهار في قوله عليه السلام: «فإن لم تروا الهلال إلّا من وسط النهار أو آخره» هو نصف النهار الذي بيّن اتّحاده مع الزوال، فحينئذ يظهر حكم رؤية الهلال بعد تجاوز الشمس عن دائرة نصف النهار بمنطوق هذه الرواية، و حكم رؤيته قبله بمفهومها.

قلت: و فيه نظر؛ لأنّ ما استدلّ به على اتّحاد الزوال مع نصف النهار غير دالّ عليه، و قد أوضحته هناك، و على تقدير الدلالة فمراده رحمه اللّه من الزوال هناك هو نصف النهار، لا من نصف النهار هو الزوال، كما يظهر من التأمّل في كلامه.

و على تقدير التنزّل نقول: إنّ استعمال الزوال و انتصاف النهار في موضع زعم استعمالهما فيه بهذا المعنى لا يدلّ على استعمال وسط النهار بهذا المعنى في هذه الرواية، كيف! و إطلاق الوسط على خصوص الزوال إمّا بحسب الحقيقة أو المجاز، و لا سبيل إلى الأوّل، و الثاني انّما هو بمجاورة الزوال مع نصف النهار، المعروف بين الرياضيّين و المنجّمين، المصحّحة للتجوّز،

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 223‌

و لا اختصاص لها بالزوال، بل نسبة الجزء المتقدّم على وصول الشمس إلى الدائرة المعروفة مثل نسبة الجزء المؤخّر الذي عبّر عنه بالزوال، فلا وجه لتخصيص التجوّز بالمؤخّر.

و ما ذكرته إنّما هو على تقدير كون وسط النهار معنى مجازيّا للوسط الذي هو الآن، و أمّا إذا كان الوسط قدرا من الزمان الذي بين الزمانين اللذين يعبّر عن أحدهما بالأوّل و عن الآخر بالآخر، فلا خفاء في دلالة الرواية على المدّعى، و قد ظهر لك.

فإن قلت: الاستدلال بهذه الرواية على اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال و إن كان ضعيفا بما ذكر من الأبحاث لكنّ الاستدلال بها على عدم الاعتبار أيضا ضعيف؛ لأنّ النسبة بين هذه الرواية «1» و روايتي «2» حمّاد و عبد الله في اشتمال حكم رؤيته قبل الزوال، نسبة العامّ إلى الخاصّ؛ لدلالة الروايتين على كون رؤية الهلال قبل الزوال علامة لكونه للّيلة الماضية، و دلالة رواية محمّد بن قيس على كون رؤية الهلال في وسط النهار- المشتمل على رؤيته قبل الزوال بالإطلاق أو العموم- علامة لكونه للّيلة المستقبلة، فيجب حمل العامّ على ما عدا الخاصّ، كما هو من القواعد الواضحة المشهورة.

قلت: من تأمّل الرواية حقّ التأمّل يعلم أنّ مقصوده عليه السلام استيفاء احتمالات الرؤية و عدمها، و بيان حكم كلّ منهما؛ ليحصل للناظر الاطّلاع التفصيلي. فبقوله: «إذا رأيتم الهلال» إلى قوله عليه السلام: «عدل من المسلمين» بيّن حكم رؤيته في اليوم و الليلة السابقين «3»،

______________________________
(1). أي رواية محمّد بن قيس، المتقدّمة.

(2). تقدّم تخريجهما.

(3). في هامش بعض النسخ: «فإن قلت: قوله عليه السلام «أو آخره» إلى آخره، مانع عن اندراج رؤية الهلال في اليوم السابق في قوله: «إذا رأيتم الهلال فأفطروا»؛ لأنّ الأمر بالإفطار في اليوم الآتي في حكم الأمر بالإتمام في يوم الرؤية، فأحدهما مغن عن الآخر.

قلت: يمكن أن يقال: إنّه عليه السلام لمّا بيّن حكم الرؤية السابقة التي هي الرؤية في الليلة السابقة و بعد الزوال في اليوم السابق، الذي هو الإفطار في اليوم الآتي، و ذكر حكم وسط النهار الحاضر الذي هو الإتمام في يوم الرؤية ذكر الآخر الذي يشترك معه في الحكم الذي هو الإتمام؛ إيماء إلى ردّ بعض العامّة القائلين بمخالفتها في الحكم- كما سيظهر لك- و ظهور هذا من الأمر السابق غير مانع عن ذكره هاهنا؛ للإيماء المذكور.

و يمكن للرواية حلّ آخر، و هو أن يكون المقصود من قوله عليه السلام: «إذا رأيتم الهلال فأفطروا» هو الأمر بالإفطار في اليوم الآتي إذا كانت الرؤية في اليوم السابق مطلقا و في الليلة السابقة، و يكون المقصود من قوله عليه السلام: «فإن لم تروا

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 224‌

و بقوله: «فإن تروا الهلال إلى قوله: «إلى الليل» بيّن حكم رؤيته في اليوم الحاضر، و بقوله: «فإن غمّ» إلى آخر الخبر، بيّن حكم عدم الرؤية، فتخصيص وسط النهار في قوله: «فإن لم تروا الهلال إلّا من وسط النهار» ببعد نصف النهار يخرج الكلام عن مقتضى السياق.

و بالجملة، خلاصة الخبر حينئذ: إن رأيتم الهلال في اليوم الماضي أو الليلة الماضية، فالحكم هو الإفطار، و إن رأيتم بعد انتصاف النهار الحاضر فالحكم هو الإتمام، و ظاهر أنّ العقل ينقبض عن إهمال بيان حكم رؤيته قبل الزوال، مع كونه حكم الرؤيتين السابقتين في مقام بيان التفصيل، و إحالة بيان حكمها إلى المفهوم، مع كونها خارجة عن السياق، [و] ظهر لك ضعف دلالة المفهوم هاهنا. فلو كان لفظ يحتمل اندراج «قبل الزوال» فيه، لكان المناسب تعميمه بحسب السياق، فكيف إذا كان في غاية الظهور فيه؟

و في بعض النسخ- بعد ما مرّ من كلامه رحمه اللّه-:

و يدلّ على ذلك أيضا ادّعاء السيّد أنّ هذا قول عليّ عليه السلام فإنّه يدلّ على ثبوت ذلك عند السيّد بالقطع؛ حيث لا يعمل بأخبار الآحاد و الظنون «1».

إنّ هذا الاستدلال ممّا ألحقه بعد انتشار النسخ، و مراده بادّعاء السيّد ما ذكره في ضمن نقل أقوال الأصحاب في المسألة، بقوله: «و ادّعى السيّد المرتضى رحمه اللّه أنّ عليّا عليه السلام، و ابن مسعود و ابن عمر و أنس قالوا به، و لا مخالف لهم» «2».

و هو يندفع بحاشية كتبتها على الذخيرة، و هي أنّه ربما يظنّ كفاية هذا النقل من السيّد الجليل (طاب ثراه) لإثبات مدّعاه بوجهين:

أحدهما: كونه قول عليّ عليه السلام.

______________________________
الهلال» إلى قوله: «إلى الليل» نوع تأكيد و بيان لما أجمل في أوّل الرواية، الذي هو كون الأمر بالإفطار في أوّل الرواية هو الأمر به في اليوم الآتي، و «الفاء» حينئذ للتفريع.

و حلّ آخر، و هو أن يكون المقصود من الرؤية في قوله عليه السلام: «إذا رأيتم الهلال فأفطروا» الرؤية في الليلة السابقة، و من قوله: «فإن لم تروا الهلال إلّا من وسط النهار ... الخ» الرؤية في اليوم، التي حكمها الإتمام في يوم الرؤية.

و على التقادير تدلّ الرواية على المشهور، كما يظهر للمتأمّل فيما ذكرته». (منه رحمه اللّه).

(1). ذخيرة المعاد، ص 533.

(2). ذخيرة المعاد، ص 533؛ المسائل الناصريات، ص 291، المسألة 126.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 225‌

و ثانيهما قوله: «و لا مخالف لهم».

و فيه أنّ المنقول لو كان ثابتا، لكان كلّ واحد منهما دليلا تامّا، لكن شهرة القول بخلافه و عدم موافقة الشيخ- مع كونه معاصرا له و من تقدّم عليه و من تأخّر عنه، مع كون المسألة متوفّرة الدواعي- مانعة عن الثبوت لنا، فلا يفيد الظنّ أيضا فلعلّه رحمه اللّه اعتمد من لا يصحّ الاعتماد عليه، أو بعض أمارات كذلك، فنقله؛ فلذلك لم ينقل الأصحاب عن أمير المؤمنين عليه السلام و لا عن أصحاب رسول الله صلّى اللّه عليه و آله الذين نقل عنهم.

و قال أكثر الأصحاب بعدم الاعتبار، كما يدلّ عليه قوله رحمه اللّه: «المشهور بين الأصحاب أنّه لا اعتبار برؤية الهلال يوم الثلاثين قبل الزوال» «1».

و قال (طاب ثراه) بعد كلامه المنقول:

و يؤيّده ما رواه الشيخ عن محمّد بن عيسى، قال: كتبت إليه: جعلت فداك، ربّما غمّ علينا هلال شهر رمضان، فيرى من الغد الهلال قبل الزوال، و ربّما رأيناه بعد الزوال، فترى أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه، أم لا؟ فكتب عليه السلام: «تتمّ إلى الليل؛ فإنّه إن كان تامّا رئي قبل الزوال» «2».

وجه التأييد أنّ المسؤول عنه هلال رمضان لا هلال شوّال، و معنى التعليل أنّ الرؤية قبل الزوال إنّما يكون إذا كان الهلال تامّا، و تماميّة الهلال أن يكون بحيث يصلح للرؤية في الليل السابق، أو المراد أنّ شهر رمضان أو الشهر الذي نحن فيه إذا كان تامّا، بمعنى إذا تمّ و انقضى، رئي الهلال الجديد قبل الزوال. و حمل هلال شهر رمضان على شوّال بعيد جدّا، مع تنافره عن أسلوب العبارة أيضا.

على أنّ المذكور في العبارة الإفطار قبل الزوال، و تقييد الإفطار بكونه قبل الزوال لا يستقيم على تقدير الحمل على هلال شوّال، بخلاف هلال رمضان؛ فإنّ الإفطار بعد الزوال في الصيام المستحبّ ممّا نهي عنه.

و لو حمل هلال شهر رمضان على هلال شوّال، و جعل معنى التعليل أنّ الشهر إذا كان بالغا إلى الثلاثين، رئي الهلال قبل الزوال، لم ينطبق على مجاري العادات الأكثريّة و الشواهد النجوميّة «3». انتهى كلامه (طاب ثراه).

______________________________
(1). ذخيرة المعاد، ص 533.

(2). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 177، ح 490.

(3). ذخيرة المعاد، ص 533.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 226‌

اعلم أنّ الشيخ رحمه اللّه روى هذه الرواية عن عليّ بن حاتم، عن محمّد بن جعفر، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى. و الشيخ يروي عن عليّ بن حاتم بواسطة الحسين بن عليّ بن شيبان، و جهالته لا تضرّ؛ لأنّه من مشايخ الإجازة. و وصف في الفهرست كتب عليّ بن حاتم بكونها جيّدة معتمدة «1»، فالكتاب الذي أخذ الحديث منه ظهر للشيخ كون هذا الكتاب منه.

و محمّد بن جعفر هاهنا هو الرزّاز بقرينة روايته عن محمّد بن أحمد بن يحيى، و جهالته أيضا لا تضرّ؛ لأنّه لم ينقل منه كتاب، و الظاهر أنّه لم يكن في زمانه رواية ما في الصدور، و ضبط السامع ما سمعه، و إثباته في الكتب متعارفة.

فالظاهر أنّه راوي كتاب محمّد بن أحمد بن يحيى، و كتبه معروفة، فجهالة هذا الراوي لا تضرّ بالسند، فالرواية معتبرة «2».

إذا عرفت هذا، فاعلم أنّ ظاهر قول محمّد في المكاتبة: «فترى أن نفطر؟» هو كون المراد بهلال شهر رمضان هو هلال شوّال؛ لظهوره في أنّ كونه صائما إلى الرؤية مسلّم، فالسؤال إنّما هو في جواز الإفطار بعدها، و هذا إنّما يناسب هلال شوّال، لا هلال شهر رمضان. (و يؤيّد هذا قوله عليه السلام: «تتمّ إلى الليل»؛ لأنّ ظاهر الإتمام معلوميّة كونه صائما).

فحينئذ معنى السؤال أنّه هل ترى أن نفطر الصوم الذي أردناه في الليل السابق؟ كما هو مقتضى القانون الشرعي. و معنى الجواب أنّك تتمّ الصوم- الذي كنت مريدا له في الليل- إلى الليل؛ لأنّ رؤية الهلال قبل الزوال لا تدلّ على كون هذا اليوم من الشهر الجديد؛ لأنّ الشهر إذا كان ثلاثين، قد يكون خروج الشعاع في وقت و الهلال على وضع يكون قبل الزوال قابلا للرؤية البتّة.

و إرادة هلال شهر شوّال من لفظ «هلال شهر رمضان» جائزة بتحقّق الملابسة المصحّحة‌

______________________________
(1). الفهرست، ص 98، الرقم 415.

(2). في هامش بعض النسخ: «اعلم أنّه ليس عدم حكمه بصحّة هذه الرواية و اعتبارها بسبب اشتمال السند عن الحسين ابن عليّ بن شيبان و محمّد بن جعفر؛ لعدم اختلال السند باشتماله على مثلهما عنده؛ و لذلك عدّ سند الصدوق إلى محمّد بن مسلم صحيحا، بل باعتبار توقّفه في محمّد بن عيسى كما ظهر من كلامه غير مرّة. و قد أوضحت ثقته و جلالته في حاشية رجال السيّد الجليل السيّد مصطفى [أي نقد الرجال]، و رسالة متعلّقة بالإقامة». (منه رحمه اللّه).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 227‌

للإضافة. و القرينة المذكورة تجعل اللفظ ظاهرا في شوّال و لا منافرة لما ذكرته عن أسلوب العبارة فظهر أنّ المطلقة و هي قوله عليه السلام: «إن كان تامّا» إلى آخره، متحقّقة في ضمن الجزئية، و ظاهر أنّ الجزئيّة كافية هاهنا و مفيدة.

و ما ذكر في الأصول من حمل المطلقة في الأخبار و الآيات- مثل أن يقولوا: «في سائمة الغنم الزكاة» و لم يظهر من كلامهم عليهم السلام فرق بين سائمة و سائمة- على الكلّيّة إنّما هو للحذر من خروج كلامهم عليهم السلام عن الإفادة.

و كذلك إذا لم يظهر فرق بين معلوفة و معلوفة، يجب حمل المفهوم على الكلّيّة؛ للدليل المذكور.

و ظاهر أنّ هذا الدليل غير جار في حمل المطلقة فيما نحن فيه على الكلّيّة.

و ما ذكره رحمه اللّه من حمل التامّ على أحد المعنيين المذكورين حمل للّفظ على معنى لا ينساق ذهن أكثر الناس إليه لو لم نقل بعدم انسياق ذهن أحد إليه.

و إرجاع «1» الضمير إلى الشهر المفهوم بحسب المقام ممكن.

و أرجع رحمه اللّه هذا الضمير إلى الشهر في قوله: «أو المراد أنّ شهر رمضان ...» إلى آخره «2».

اعلم أنّ قوله عليه السلام: «إن كان تامّا رئي قبل الزوال» مشتمل على منطوق و مفهوم، و هو أنّه إن لم يكن تامّا لم ير قبل الزوال، و ظاهر أنّ منطوق الرواية لا يدلّ على مذهب السيّد رحمه اللّه، سواء أخذ كلّيّا أو جزئيّا؛ لأنّ كون رؤية بعض التامّ أو كلّه قبل الزوال لا ينافي كون رؤية‌

______________________________
(1). في هامش بعض النسخ: «يعني إرجاع الضمير إلى الشهر المطلق المفهوم بحسب المقام ممكن، فيكون حكم احتمال الرؤية قبل الزوال في الشهر التامّ غير مختصّ بشهر دون شهر.

و لك أن ترجع الضمير إلى شهر رمضان المذكور، و تخصيصه هاهنا لتخصيص السائل في السؤال، و كون حكم سائر الشهور كذلك معلوم؛ لظهور عدم الفرق بين شهر و شهر، فمفاد الاحتمالين واحد» (منه رحمه اللّه).

(2). في هامش بعض النسخ: «فإن قلت: إن كان السؤال عن اليوم الثلاثين من شعبان، كان مجهول السائل أمرا واحدا هو جواز الإفطار، و أمّا جواز الصيام فمعلوم مشترك بينه و بين أوّل شهر رمضان، فلا يحتاج إلى السؤال، و أمّا إذا كان السؤال عن اليوم الثلاثين من شهر رمضان، فشي‌ء من جواز الإفطار و الصيام ليس معلوما له، فتخصيص السؤال بالإفطار خال عن المخصّص. و لعلّ هذا هو مراده رحمه اللّه من تنافره عن أسلوب العبارة.

قلت: هذا إنّما يصحّ إذا كان السؤال عن الجواز العامّ، و أمّا إذا كان السؤال عن وجوب الإفطار الذي تعلّق غرضه بمعرفته بخصوصه، فيكون خصوص الغرض مخصّصا للسؤال بما خصّصه به». (منه رحمه اللّه).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 228‌

بعض غير التامّ قبله، فبرؤية قبل الزوال لا يمكن الحكم بكون الهلال تامّا كما ذكره رحمه اللّه أوّلا، أو الشهر تامّا كما ذكره ثانيا، و هو حمل الأصل على الكلّيّة- كما «1» هو ظاهر كلامه و إن لم يحتج إليه، كما يظهر بالتأمّل- و المفهوم أيضا عليها، و يحتاج رحمه اللّه إليه. و ليس شي‌ء منهما بعيدا عند أدنى حاجة، و جعل المقصود بالإفادة هو المسكوت الذي هو أنّه إن لم يكن الهلال أو الشهر تامّا، لم ير قبل الزوال، و ظاهر أنّ ترك المقصود بالإفادة، و ذكر ما يستنبط منه حكم المسكوت الذي هو المقصود بالإفادة في غاية البعد، فلا يجوز حمل كلامه عليه السلام عليه بلا ضرورة داعية إليه، فكيف يحمل عليه و يجعل مؤيّدا لمذهب السيّد الذي يتوقّف على كونه ظاهرا فيه!؟

فظهر بما ذكرته أنّه لو لم ينضمّ إلى أحد البعدين- اللذين هما: بعد حمل التامّ على أحد المعنيين، و بعد جعل المقصود بالإفادة هو المسكوت- البعد الآخر، لكان كافيا في الحكم ببطلان التوجيه المشتمل عليه إذا كان للرواية محمل لا يشتمل على مثله، فكيف إذا اجتمعا فيه!؟

و لو قيل: إنّ مراده رحمه اللّه من قوله: «و معنى التعليل أنّ الرؤية قبل الزوال إنّما تكون إذا كان الهلال تامّا» لزومه من قوله عليه السلام: «إن كان تامّا رئي قبل الزوال» بعنوان الانعكاس، فمع بعده- لعدم قول أحد بانعكاس الموجبة الكلّيّة كلّيّة- يرد عليه ما أورد عليه على تقدير استفادته من المفهوم.

و قوله: «و تقييد الإفطار بكونه قبل الزوال» صريح في جعله «قبل الزوال» ظرفا لقول السائل: «نفطر». و يمكن أن يكون ظرفا لقوله: «رأيناه» و قدّم؛ للإشارة إلى أنّ المقصود من السؤال هو هذا، لعلمه بحكم الرؤية بعد الزوال.

و إن جعل ظرف «نفطر» كما اختاره، يحتاج إلى أن يقال: إنّ مراده بقوله: «إذا رأيناه» أنّه إذا رأيناه قبل الزوال، مع عدم كونه مذكورا هاهنا بالقرينة، و هي ظهور أنّ الرؤية بعد الزوال لا تصير سببا لجواز الإفطار قبل الزوال الذي هو قبل الرؤية حينئذ.

و أمّا إذا جعلناه ظرفا لقوله: «إذا رأيناه» فيكون المعنى إذا رأيناه قبل الزوال- الذي هو المقصود بالسؤال- هل يجوز لنا أن نفطر، أم لا؟

______________________________
(1). ورد في هامش بعض النسخ: «بل الجزئية أنسب بما أراد، و إن كان ضعف الاستدلال مشتركا بين الكلّيّة و الجزئية».

(منه رحمه اللّه).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 229‌

و لا يتعلّق غرض أحد حينئذ بالاستفسار عن كون وقت الإفطار قبل الزوال، حتّى يقال:

إنّه لا يستقيم إلّا في الصوم المستحبّ؛ لأنّه إذا جاز الإفطار برؤية الهلال قبل الزوال يجوز الإفطار بعد الرؤية أيّ وقت شاء، سواء كان قبله أو بعده.

و على تقدير تسليم كون «قبل الزوال» ظرف «نفطر» نقول: مراد السائل من تقييد الإفطار بقبل الزوال هو الإشارة إلى أنّ سؤاله إنّما هو عن الإفطار بعد الرؤية التي تحقّقت قبل الزوال؛ لأنّه إذا وجب الإفطار برؤيته قبل الزوال، يكون الإفطار أيضا قبل الزوال غالبا، فالمقصود من السؤال عن الإفطار قبل الزوال السؤال عن إيجاب الرؤية قبل الزوال للإفطار بذكر لازمها الأكثريّ على تقدير الإيجاب.

و لا يبعد أن يكون سؤال إيجاب الرؤية قبل الزوال للإفطار ناشئا من كونه مذهب بعض العامّة، الذي كان في زمانه، فأجاب عليه السلام بعدم الإيجاب، كما أومأت إليه.

فظهر ضعف قوله: «و تقييد الإفطار بكونه قبل الزوال- إلى قوله:- ممّا نهي عنه».

و قوله: «و لو حمل هلال شهر رمضان» إلى آخر ما نقل من كلامه، إنّما يصحّ إذا حمل الكلام على الكلّيّة.

و لا يخفى كفاية الجزئيّة، كما أومأت إليها- بقولي: «الشهر إذا كان ثلاثين، قد يكون» إلى آخره- و لا حاجة إلى الكلّيّة التي حمل الكلام عليها، و زعم من عدم صحّتها عدم جواز إرادة شهر شوّال من لفظ «شهر رمضان».

و صاحب المدارك «1» جعل هذه الرواية من الروايات الدالّة على المذهب المشهور، و لم يلتفت إلى إضافة الهلال إلى شهر رمضان.

و قال (طاب ثراه):

و يؤيّده ما رواه الشيخ «2» عن إسحاق بن عمّار- في الموثّق- فقال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هلال رمضان يغمّ علينا في تسع و عشرين من شعبان، فقال: «لا تصمه إلّا أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر أنّهم رأوه فاقضه، و إذا رأيته وسط النهار فأتمّ صومه إلى الليل» «3».

______________________________
(1). مدارك الأحكام، ج 6، ص 180.

(2). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 178، ح 493؛ الاستبصار، ج 2، ص 73، ح 224.

(3). ذخيرة المعاد، ص 533.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 230‌

و لم يذكر (طاب ثراه) وجه التأييد، فإن كان وجهه هو حمل الأمر بالإتمام على ظاهره- الذي هو الوجوب- فهو ضعيف؛ لقوله رحمه اللّه بشيوع الأوامر في كلام الأئمّة عليهم السلام في الاستحباب، بحيث لا يتبادر منها الوجوب عند خلوّها عن القرينة، فكيف يكون هذا الأمر ظاهرا في الوجوب؟

و مع قطع النظر عن عدم قوله بظهور هذه الأوامر في الوجوب نقول: ليس الوسط ظاهرا في «قبل الزوال» فقط، و لا هو مساوي الاحتمال؛ لعدم الاختصاص، و إن لم يكن نافيا له حينئذ، لبعد «1» اختصاصه بزمان هو قدر نصف ما بين طلوع الصبح إلى طلوع الشمس، الذي يكون آخر هذا الزمان نصف النهار النجومي لو قلنا باحتمال الاختصاص، فإطلاق الأمر بالإتمام عند رؤية الهلال في وسط النهار قرينة إرادة أحد الأمرين اللذين هما: الرجحان المطلق الذي لا يمكن الاستدلال به على الوجوب- كما هو ظاهر جعله رحمه اللّه هذه الرواية مؤيّدة لما اختاره- و الاستحباب، كما حمل الشيخ رحمه اللّه أو الراوي الأمر بالإتمام عليه.

و إن تنزّلنا عن عدم قوله بظهور هذه الأوامر في الوجوب، و عن دلالة القرينة المذكورة على عدم إرادة الوجوب هاهنا «2»، نقول: المراد ب‍ «الوسط» في هذه الرواية إمّا ما بين الحدّين، أو منتصف ما بين الحدّين.

فعلى الأوّل لا يمكن حمل الأمر بالإتمام على الوجوب؛ لاندراج بعد الزوال في الوسط بهذا المعنى.

و على الثاني يلزم عليه أن يكون الوسط بعد الزوال؛ لأنّه (طاب ثراه) حمل قوله عليه السلام في رواية محمّد بن قيس، السابقة: «فإن لم تروا الهلال إلّا من وسط النهار أو آخره فأتمّوا الصيام‌

______________________________
(1). في هامش بعض النسخ: «أشرت بقولي: «مع بعد اختصاصه»- إلى آخره- إلى أنّه إن كان مراده رحمه اللّه من وسط النهار- في هذه الرواية- زمانا مبدؤه وسط النهار- كما حمل رواية محمّد بن قيس عليه- فيحتاج إلى تقييد آخر هذا الزمان بنصف النهار النجومي؛ لظهور عدم وجوب الإتمام بعده، و إلى أنّ النهار في هذه الرواية غير النهار الذي في رواية محمّد بن قيس عنده؛ لكون النهار في رواية محمّد عنده محمولا على النهار النجومي الذي هو مختاره في مدلول لفظ النهار إذا خلا عن القرينة- هاهنا- على النهار المعروف بين أهل الشرع حتّى يبقى بعد نصف النهار زمان يجب إتمام الصوم برؤية الهلال فيه». (منه رحمه اللّه).

(2). في هامش بعض النسخ: «هذا مبنيّ على حمل النهار على ما اختاره فيه». (منه رحمه اللّه).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 231‌

إلى الليل» على وجوب الإتمام على التقديرين في هلال شوّال، و الحال أنّه قال بوجوب الإفطار عند رؤية الهلال قبل الزوال، فيلزمه أن يكون الوسط هناك بعد الزوال.

و كلامه هناك يدلّ على انحصار معنى الوسط في الاحتمالين المذكورين، فالاحتمال الثاني متعيّن عند بطلان الاحتمال الأوّل، و هو كان موجبا لإتمام الصيام عند رؤية هلال شوّال فيه، فكيف يوجب هاهنا الإتمام عند رؤية هلال رمضان فيه؟

و حمل «الوسط» في إحدى الروايتين على بعد الزوال، و في الأخرى على قبله حمل للّفظ في كلّ رواية على ما يوافق مطلوبه بلا بيّنة و دليل، كما ظهر لك. «1»

و ما ذكرته- من تعيّن الاحتمال الثاني- إنّما هو على تقدير تسليم ما ذكره رحمه اللّه، و إلّا فقد عرفت عند تكلّمي فيما ذكره رحمه اللّه في صحيحة محمّد بن قيس امتناع إرادة هذا الاحتمال،

______________________________
(1). في هامش بعض النسخ: «فإن قلت: يلزمه أن يكون الوسط هناك- أي في رواية محمّد بن قيس- بعد الزوال إن كان الوسط في قوله عليه السلام: «من وسط النهار» ظرفا للرؤية في قوله: «فإن لم تروا الهلال»، فلعلّه رحمه اللّه جعل وسط النهار حدّا خارجا عن ظرف الرؤية، فيكون مفاد الرواية حينئذ «فإن لم تروا الهلال إلّا بعد وسط النهار». و عدم ذكر حكم الرؤية في وسط النهار؛ لتعذّر العلم به، كما ذكرته سابقا.

قلت: لو كان المراد من «وسط النهار» بعد وسطه، لما كان الفرق في رؤية الهلال من وسط النهار بين جزء و جزء في صدق كون الرؤية من وسط النهار؛ لأنّه يصدق على الرؤية في أيّ جزء كان بعده أنّها من وسط النهار، و لا في الحكم، فيكون ذكر «أواخره» حينئذ خاليا عن الفائدة، بخلاف ما إذا كان الوسط ظرفا للرؤية، فإنّه حينئذ يتحقّق الفرق في صدق كون الرؤية من وسط النهار مع قوله: «أواخره» و الاشتراك إنّما هو في الحكم فقط، و هو المقصود بالإفادة.

فإن قلت: «لا تصمه» في رواية إسحاق ليس نهيا عن صيامه مطلقا، بل المراد منه النهي عنه بنيّة الوجوب، و يؤيّده قوله عليه السلام: «إلّا أن تراه» فقوله عليه السلام: «فأتمّ صومه إلى الليل» أمر بإتمامه بعنوان الوجوب، كما هو مقتضى المقابلة، فلا ينافي قوله رحمه اللّه بالدلالة على الوجوب في هذا الأمر عدم قوله بها في الأوامر الخالية عن القرينة، و بعد ظهور كون الأمر هاهنا للوجوب يظهر كون الوسط في هذه الرواية قبل الزوال؛ لعدم وجوب الصيام إذا كانت الرؤية بعد الزوال.

قلت: تخصيص «الوسط» ب‍ «قبل الزوال» بعيد جدّا و إن لوحظت القرينة المذكورة، بل الظاهر من «الوسط» هو ما ذكرته عند المكالمة في صحيحة محمّد بن قيس، أو ما ذكره هناك أوّلا إن استعمل لفظ «الوسط» في زمانه عليه السلام بهذا المعنى، و أنّ الأمر بالإتمام أمر به بعنوان الرجحان إذا كان صائما قبل الرؤية. و رعاية المقابلة باعتبار جميع القيود غير لازمة.

و بالجملة، تخصيص «الوسط» بقبل الزوال أبعد من عدم إرادة الوجوب من قوله: «فأتمّ صومه إلى الليل». فلا يمكن الاستدلال به على مقصوده رحمه اللّه.

و يحتمل أن يكون النهي عن صيامه؛ لكونه مرجوحا في بعض الحالات- كما تدلّ عليه الرواية التي تدلّ على سقوط صيامه عن ناذر صيام الدهر- و لا يلزم منه عدم رجحان تمام الصيام إذا صام بعضه». (منه رحمه اللّه)

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 232‌

فالاحتمال الأوّل الذي ذكره رحمه اللّه أو ما هو مثله «1» هو المتعيّن في هذه الرواية، فيجب حمل الأمر بالإتمام إمّا على الرجحان المطلق أو على الاستحباب. فظهر أنّه لا تأييد لهذه الرواية لما جعلها مؤيّدة له بوجه من الوجوه.

و لعلّ المراد من قوله عليه السلام: «فأتمّ صومه» أتمّه إن كنت صمت هذا اليوم، فيكون الإتمام محمولا على ظاهره.

و يحتمل أن يكون المراد بإتمام الصوم هو الإمساك الراجح المطلق الذي لا يدلّ على الوجوب أو الإمساك المستحبّ، فقوله عليه السلام: «فأتمّ صومه» مصروف عن ظاهره إمّا بتقدير: إن صمت، و إمّا بحمل «أتمّ صومه» على الإمساك الذي ليس صوما حقيقة. فظهر بما ذكرته أنّ قوله عليه السلام: «تتمّ» في مكاتبة محمّد بن عيسى مؤيّد لما جعلته مؤيّدا له؛ لكونه محمولا على ظاهره.

و قال (قدّس الله نفسه):

و يؤيّده أيضا ما رواه الكليني عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنّ المغيريّة يزعمون أنّ هذا اليوم لهذه الليلة المستقبلة، فقال: «كذبوا، هذا اليوم لهذه الليلة الماضية، إن أهل بطن نخلة لمّا رأوا الهلال قالوا: قد دخل الشهر الحرام» «2»- «3».

أقول: لعلّ مراده رحمه اللّه أنّ تصويبه عليه السلام أهل بطن نخلة في حكمهم بدخول الشهر بمحض الرؤية- كما يدلّ عليه السياق- إنّما يناسب كون الرؤية قبل الزوال؛ لظهور عدم صحّة الحكم بدخول الشهر بمحض الرؤية بعد الزوال.

و فيه أنّ قوله عليه السلام: «إنّ أهل بطن نخلة ...» إلى آخره، لا يدلّ على كذب المغيريّة؛ لجواز صدق الحكم بدخول الشهر برؤية الهلال قبل الزوال، مع كون ليلة هذا اليوم هي الليلة المستقبلة، فالظاهر حمل الرواية على رؤية الهلال في الليل أو قرب دخوله، كما تكون في الأكثر كذلك. فعلى الأوّل انطباقه على المطلوب الذي هو تكذيب المغيريّة ظاهر، و على الثاني قول أهل بطن نخلة بدخول الشهر بمحض الرؤية إنّما هو بعنوان المجاز الذي مصحّحه‌

______________________________
(1). في هامش بعض النسخ زيادة: «في الحكم و هو الإمساك مطلقا».

(2). الكافي، ج 8، ص 332، ح 517.

(3). ذخيرة المعاد، ص 533.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 233‌

قرب دخول الليل، فينطبق حينئذ أيضا على المطلوب.

و إن نوقش في هذا فليحمل على الأوّل؛ لأنّ هذا متعلّق بواقعة خاصّة، فيجب حمله على ما يناسب و يصحّ.

و قال (طاب ثراه):

و العجب أنّ الشيخ و جماعة استدلّوا على القول الأوّل بصحيحة محمّد بن قيس، المذكورة، و برواية محمّد بن عيسى، و بما رواه الشيخ عن جرّاح المدائني، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «من رأى هلال شوّال نهارا في رمضان فليتمّ صيامه». «1» و استدلّ الشيخ بموثّقة إسحاق بن عمّار، المذكورة.

و أنت خبير بأنّ الأولى تدلّ على خلاف مقصودهم، و كذا الثانية و الرابعة، و أمّا الثالثة فضعيفة لا تصلح لمقاومة ما ذكرناه من الأخبار، و لو سلم من ذلك، كان نسبتها إليه نسبة العامّ إلى الخاصّ، فتتخصّص به، و هي محمولة على الغالب من تحقّق الرؤية بعد الزوال، على أنّ المذكور في الرواية «من رأى هلال شوّال في رمضان». و لقائل أن لا يسلّم أنّ الرؤية قبل الزوال رؤية في رمضان.

و العجب أنّ صاحب المدارك «2» تردّد في المسألة؛ زعما منه التعارض بين الخبرين و بين الأخبار الثلاثة المذكورة «3». انتهى كلامه رحمه اللّه.

قد عرفت بما ذكرته دلالة صحيحة محمّد بن قيس و رواية محمّد بن عيسى على المشهور. و دلالة رواية جرّاح عليه غنيّة عن البيان. و موثّقة إسحاق و إن لم تدلّ على المشهور- كما زعمه الشيخ رحمه اللّه- لكن لا تدلّ على القول الثاني، و لا تؤيّده أيضا.

فظهر ضعف قوله رحمه اللّه: «و أنت خبير» إلى قوله: «و أمّا الثالثة» و قوله: «و أمّا الثالثة فضعيفة لا تصلح ...» إلى آخره، ظاهر؛ بناء على ظنّه الخبرين الأوّلين المعتبرين الدالّين على المشهور، و الخبرين الدالّين على مذهب السيّد، و الخبرين الغير [كذا، و الصواب: غير] الدالّين على مذهب، هما رواية عمر بن يزيد و موثّقة إسحاق بن عمّار، دالّة «4» على مذهب السيّد، فكيف‌

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 178، ح 492.

(2). مدارك الأحكام، ج 6، ص 180- 181.

(3). ذخيرة المعاد، ص 533.

(4). قوله: «دالّة» مفعول لقوله: «ظنّه».

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 234‌

يعارض الأخبار الستّة المشتملة على الصحيحة و الحسنة و الموثّقة خبر واحد مجهول باشتماله على القاسم بن سليمان و جرّاح المدائني!؟

و أمّا على ما أوضحته- من دلالة الصحيحة و رواية محمّد بن عيسى، المعتبرة على المشهور، و تأيّدهما برواية جرّاح «1»- فليس التعجّب في عدم حكم صاحب المدارك بمذهب السيّد، بل تعجّبي من توقّفه مع قوله بدلالة الأخبار الثلاثة على المشهور، كما هي واقعة مع ظهور تأيّدها بالشهرة و الاستصحاب «2».

و مع هذا أقول: كان سنة من السنين لم ير هلال شهر رمضان في ليلة الثلاثين من شعبان، و كان في الجوّ علّة مانعة من الرؤية، فرئي ليلة أخرى مرتفعا عن الأفق، غرب بعد الشفق، و كان له بعض الأمارات الدالّة على كونه لليلتين عنده رحمه اللّه، فقال: إنّ هذا الهلال لليلتين بأمور كلّ منها يستقلّ في الدلالة على كونه لليلتين عندي، و عدّ من جملتها غروبه بعد الشفق، و صرّح بكونه مستقلّا في الدلالة عنده رحمه اللّه، فلاحظت الشهور التي بعده و جرّبت أنّ كثيرا من الأهلّة التي لها عرض شماليّ معتدّ به «3» مع امتداد زمان خروج الشعاع يغرب بعد الشفق و إن لم يحتمل كونه للّيلة الماضية، فسألته عن حال الغروب بعد الشفق قاصدا لأن أقول: هلال‌

______________________________
(1). في بعض النسخ زيادة «فلا ضير في ضعفها».

(2). في هامش بعض النسخ: «يدلّ عليه قول أحدهما عليهما السلام في صحيحة زرارة، المنقولة في الشكّ في عدد الركعات-:

«لا ينقض اليقين بالشكّ، و لا يدخل الشكّ في اليقين، و لا يخلط أحدهما بالآخر، و لكنّه ينقض الشكّ باليقين، و يتمّ على اليقين، فيبني عليه، و لا يعتدّ بالشكّ في حال من الحالات». [تهذيب الأحكام، ج 2، ص 186، ح 740؛ الوسائل، ج 8، ص 216، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الباب 10، ح 3].

و قوله عليه السلام- في صحيحته المنقولة في نقض الوضوء بالخفقة و عدمه-: «لا، حتّى يستيقن أنّه قد نام، حتّى يجي‌ء من ذلك أمر بيّن، و إلّا فإنّه على يقين من وضوئه، و لا ينقض اليقين أبدا بالشكّ، و لكن ينقضه بيقين آخر». [تهذيب الأحكام، ج 1، ص 8، ح 11؛ وسائل الشيعة، ج 1، ص 245، أبواب نواقض الوضوء، الباب 1، ح 1].

دلالة الصحيحتين على عدم اختصاص الحكم بعدد الركعات و نقض الوضوء ظاهرة، و تخصيص الروايتين بصورة كون اختلاف الحكم عند تحقّق المشكوك فيه و عدمه معلوما بسبب كون المورد كذلك أو دعوى تبادر أمثال هذه الصورة من الروايتين ضعيف؛ لعدم سببيّة تخصيص المورد لتخصيص اللفظ العامّ، كما لا يخفى، و عدم تبادر أمثال المورد من الروايتين، بل الظاهر منهما العموم. و جعل اللام في «الشكّ» للإشارة إلى مثل المورد بعيد، كما لا يخفى».

(منه رحمه اللّه).

(3). في بعض النسخ: «عروض شماليّة معتدّ بها».

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 235‌

الشهر الفلاني و الفلاني غابا بعد الشفق مع عدم احتمال كون واحد منهما للّيلتين بما كنت مستحضرا في ذلك الزمان، فلمّا سألته عنه أظهر أنّه رجع عن الحكم بكونه للّيلة الماضية فكأنّه رحمه اللّه جرّب أيضا، و كان يؤوّل رواية إسماعيل بن الحرّ «1» المجهول به- عن أبي عبد الله عليه السلام «إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلته، و إذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين» «2»- بأنّه يمكن أن يكون المراد بكونه لليلتين كونه كذلك في الأغلب، لا كونه كذلك دائما الذي يعتبر في العلامة.

فعلى ما ذكره رحمه اللّه ليس هذا الكلام في قوله عليه السلام لبيان اختلاف حكم الغروب قبل الشفق و بعده في الصوم و الفطر و غيرهما، بل لبيان كون الأمر في الغالب كذلك، و إن لم يظهر للناظر إلى الهلال كون هذا الهلال الذي غاب بعد الشفق لليلتين أم لا.

و هذا التأويل أو غيره لازم في هذه الرواية؛ لمعارضتها للرواية الواضحة الدلالة، المعتبرة السند، الدالّة على أنّ الهلال الذي غاب بعد الشفق بزمان طويل لليلة لو فرض عدم تقوية التجربة هذه الرواية.

و هذا التأويل الذي ذكره (طاب ثراه) في رواية إسماعيل بن الحرّ بعينه جار في الحسنة «3» التي استدلّ بها على مذهب السيّد رحمه اللّه بلا تفاوت.

و لا يبعد ورود الموثّقة على وفق مذهب بعض العامّة الذي كان في زمانه عليه السلام.

و يؤيّده كون مذهب أبي يوسف و الثوري و أحمد في رواية اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال و جعلهم يوم الرؤية حينئذ من الشهر الجديد «4»، كما نقل عنهم في بعض الكتب المعتبرة.

و لا يبعد تأييد ورود الموثّقة على وفق مذهب بعض العامّة نسبة أبي جعفر عليه السلام الحكم الذي ينافي مدلول الموثّقة إلى أمير المؤمنين عليه السلام، كما يظهر هذا للمتتبّع العارف بأسلوب مكالمتهم عليهم السلام.

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 178، ح 494.

(2). في هامش بعض النسخ: «و قال في الذخيرة [ص 533]- بعد نقل الرواية-: و لا دلالة في هذا الخبر- أي على عدم الاعتبار- يظهر ذلك بالتأمّل التامّ. و توقّف في السند أيضا. و أجبت عنهما هناك، و لا ضرورة في ذكره هاهنا، فإن أردته فارجع إليه». (منه رحمه اللّه).

و لا يخفى أنّ ما نسبه إلى الذخيرة إنّما قاله بالنسبة إلى رواية أبي علي بن راشد، فلاحظ.

(3). في هامش بعض النسخ: «هذا وفاء بالوعدة المذكورة في أوائل الرسالة». (منه رحمه اللّه).

(4). المغني، ج 3، ص 108؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 7.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 236‌

و بالجملة، قوّة المذهب المشهور بحسب الدليل واضحة لمن تدبّر ما ذكرته حقّ التدبّر، و كان أهلا له.

و يرد على قوله: «نسبتها إليه- إلى قوله:- فيتخصّص به» أنّ التخصّص بما ذكره إنّما يصحّ لو كانت الأخبار التي ظنّ دلالتها على مذهب السيّد دالّة عليه، و قد عرفت حالها.

و حمل رواية الجرّاح على الغالب حمل للّفظ على الإفادة القليلة الحاجة أو عديمها، و ترك الإفادة العظيمة الحاجة بلا ضرورة داعية إليه.

و يرد على العلاوة التي ذكرها أنّه سواء حمل «رمضان» على ما هو رمضان بحسب نفس الأمر أو على ما هو معلوم للمخاطب كونه رمضان، يكون الأمر بالإتمام بل كلّ الكلام خاليا عن الفائدة، فينبغي أن يحمل «رمضان» على ما هو رمضان بحسب الظاهر مع قطع النظر عن رؤية الهلال حتّى يحتاج إلى بيان حكمه عند الرؤية و يكون الأمر بالإتمام إفادة نافعة، و حينئذ لا يناسب التخصيص ببعد الزوال.

و نقل صاحب المدارك من جملة الحجّة على القول الثاني:

قوله عليه السلام: «إذا رأيت الهلال فصم، و إذا رأيته فأفطر» «1» فإنّ ذلك شامل لما قبل الزوال، و قد تقدّم أنّ وقت النيّة يستمرّ للمعذور إلى الزوال، فيجب الصوم لرؤية الهلال و بقاء الوقت «2».

انتهى كلامه رحمه اللّه.

و فيه أنّه لا يمكن حمل الرواية على عمومها؛ لظهور خروج رؤية الهلال بعد الزوال عن وجوب الصوم و الفطر، فيحتاج إلى التخصيص «3» و أيضا يحتاج حمل قوله عليه السلام: «فصم» على‌

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 164، ح 465.

(2). مدارك الأحكام، ج 6، ص 180.

(3). في بعض النسخ زيادة: «برؤية الهلال قبل الزوال، أن يحمل قوله: «فصم» و قوله: «فأفطر» على وجوبهما في هذا اليوم، و هو في غاية البعد إن قلنا بالاحتمال؛ للاحتياج إلى حمل المطلق- الذي يتبادر منه الأفراد الشائعة- على الأفراد النادرة التى لا تنساق إلى الأذهان بلا قرينة، و إلى تقدير «إن لم تأكل» بعد قوله: «فصم» و هو خلاف الظاهر و إن لم يكن بعيدا.

و حملها على وجوب الصوم و الفطر في يوم الرؤية إذا كانت قبل الزوال، و في اليوم الذي بعده إذا كانت بعد الزوال؛ بزعم معلوميّة هذا التفصيل؛ لشيوعه في هذا الزمان أو لخصوص الراوي مثل الاحتمال الأوّل في كونه في غاية البعد الذي لا ينساق إلى الأذهان مع مزيد و هو أنّه يحتاج إلى حمل».

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 237‌

عموم المجاز؛ لأنّه عند رؤية الهلال بعد الزوال و في الليل و قبل الزوال (على هذا القول) «1» إذا لم يأكل يجب الصوم الحقيقي، و عند رؤيته قبل الزوال المسبوق بالأكل يجب الإمساك، لا الصوم الحقيقي.

و أمّا على تقدير الحمل على الرؤية الشائعة التي هي الرؤية بعد الزوال، أو على الرؤية الشائعة مطلقا، و حمل الصوم و الفطر على الصوم و الفطر في اليوم اللاحق، فلا يشتمل على تكلّف أصلا «2».

و ما ذكره رحمه اللّه من أنّ وقت النيّة يستمرّ للمعذور إلى الزوال فهو كذلك، لكن ما يدلّ عليه إنّما يدلّ فيما ثبت كونه يوم صوم، فإن ثبت كون هذا اليوم يوم صوم بدليل آخر، يمكن القول بجواز النيّة حين رؤية الهلال؛ لظهور كونه يوم صوم حينئذ، و كان نيّة المكلّف وجوب الصوم قبل هذا متعذّرة، فيندرج في عموم ما يدلّ على جواز النيّة حينئذ.

و أمّا إثبات كون هذا اليوم يوم صوم بدليل يدلّ على جواز النيّة إلى هذا الوقت فيما علم كونه يوم صوم فلا وجه له.

و بالجملة، ذكر أمثال هذين الاحتمالين في الأخبار إن صحّ فإنّما يصحّ بعنوان الاحتمال في رواية تعارض الدليل القويّ التامّ لو لم تذكر، و أمّا ذكرها للاستدلال على أمر فخارج عن القانون «3».

______________________________
(1). بدل ما بين القوسين في بعض النسخ: «على قول من يعتبره».

(2). إلى هنا انتهت الرسالة في بعض النسخ.

(3). في هامش بعض النسخ: «فإن قلت: ليس قوله رحمه اللّه: «و بقاء الوقت» جزءا للدليل حتّى يتوجّه ما ذكرته هاهنا، بل دفع توهّم عدم صلاحيّة هذا اليوم للصوم بمضيّ قدر منه بلا نيّة.

قلت:- مع بعد هذا التوهّم- هذا خلاف قوله: «فيجب الصوم لرؤية الهلال و بقاء الوقت» [و] لو ارتكب هذا في الذي يكفيه الاحتمال، أو قال أحد به في توجيه الرواية لاكتفينا بما ذكرته سابقا.

فإن قلت: ثبت جواز نيّة القضاء و نيّة الإتيان بالنذر المطلق قبل الزوال، فثبت كونه هذا اليوم يوم صوم، بمعنى كونه صالحا له، فحينئذ يمكن أن يكون معنى قوله: «إذا رأيت الهلال فصم، و إذا رأيته فأفطر» إذا رأيته في الوقت الذي يصلح اليوم للصوم من هذا الوقت، فصم ... إلى آخره.

قلت: مع عدم صحّته يمكن أن يكون ... إلى آخره في هذا المقام- الذي مقام الاستدلال، كما لا يخفى- حمل المطلق- الذي هو ظاهر في العموم في أمثال هذا المقام- على خصوص الوقت الذي ظهر من خارج جواز نيّة القضاء أو نيّة النذر المطلق فيه، و بعبارة أخرى: على خصوص قبل الزوال حمل للّفظ على معنى بعيد لا ينساق إلى الأذهان بلا قرينة داعية إليه». (منه رحمه اللّه).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 238‌

و نقل الاستدلال بعموم الأخبار على عدم اعتبار الرؤية قبل الزوال عن الحرّ العاملي في سنة كانت هذه المسألة دائرة في الألسنة، حتّى نقل أنّه يقول: يدلّ ثمانون حديثا على عدم الاعتبار «1». و لم ينقل عنه وجه الدلالة.

و يمكن تقريبه بأنّ الأمر بالصيام و الإفطار في مثل قوله عليه السلام: «إذا رأيت الهلال فصم، و إذا رأيته فأفطر» إمّا محمول على رؤيته قبل الزوال بخصوصه، أو بعده بخصوصه، أو الأعمّ.

و التقييد خلاف الأصل، فالظاهر الإطلاق، و ظاهر أنّ الأمر بالصيام و الإفطار عند رؤية الهلال بعد الزوال هو الأمر بهما في اليوم الآتي، فينبغي أن يحمل وجوب أحدهما عند رؤيته قبل الزوال أيضا بكونه في اليوم الآتي؛ لئلّا يصير كلامهم عليهما السلام بعيدا عن الإفادة كالألغاز، فيكون الاستدلال على عدم الاعتبار بعد هذا التقريب له وجه لا يبعد ذكره، و إن كان ضعيفا في نفسه؛ لاحتمال إرادة الأفراد الشائعة من الرؤية، و هي رؤيته بعد الزوال، و يكون غيرها مسكوتا عنه، و الداعي إلى التقييد ببعد الزوال هو الشيوع و التبادر، و حينئذ لا بعد في هذا التقييد، بل الحقّ أنّه إذا كان التقييد في أمر متبادرا بقرينة و إن كانت هي شيوع مطلق في مقيّد، فحمله على العموم و الإطلاق خلاف الظاهر، لا حمله على المقيّد.

فظهر بما ذكرته ضعف الاستدلال بعموم الأخبار على الاعتبار و عدمه، و إن كان الاستدلال على الاعتبار أضعف.

اعلم أنّه ربّما ظنّ «2» تأييد قول السيّد بما رواه الشيخ عن داود الرقّي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «إذا طلب الهلال في المشرق غدوة فلم ير، فهو هاهنا هلال جديد، رئي أو لم ير» «3».

و قد كتبت على هذه الرواية حاشية في بعض الأزمان السابقة فأنقلها؛ لكونها مناسبة للمقام، مع مزيد «4»، و هي هذه: طلب الهلال في المشرق إنّما يكون في اليوم الثلاثين من الشهر؛ لعدم احتمال الرؤية في جانب المشرق قبله، فإذا لم ير فهو هاهنا،- أي جانب المغرب- هلال‌

______________________________
(1). انظر ما سيأتي في أواخر رسالة اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال، للشيخ محمّد جعفر السبزواري، ص 49.

(2). في هامش بعض النسخ: «الظانّ هو العالم السالك مولانا محسن القاساني رحمه اللّه». (منه رحمه اللّه). و انظر الوافي، ج 11، ص 149، كتاب الصيام، باب رؤية الهلال قبل الزوال، ح 10586- 6.

(3). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 333، ح 1047.

(4). في هامش بعض النسخ: «أي لا أكتفي بهذه الحاشية، و أذكر بعض الزيادة أيضا». (منه رحمه اللّه).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 239‌

جديد، على التقديرين، أي على تقديري الرؤية و عدمها، فإن لم ير في هذا الجانب فإنّما هو للعلّة التي في الجوّ، لا لعدم تحقّق الهلال في هذا الجانب، فهذه الرواية بحسب المفهوم تدلّ على كون الهلال الذي رئي في المشرق للّيلة الماضية، و إلّا لم يكن لتقييد المقدّم بقوله عليه السلام:

«فلم ير» انتفاع؛ لأنّه لا انتفاع لهذا التقييد، إلّا الفرق بين الرؤية في المشرق و عدمها فيه بترتّب التالى- الذي هو كونه هلالا جديدا على التقديرين- على عدم الرؤية في المشرق فقط.

و فيه أنّ في سند الرواية ضعفا بجهالة زكريّا، و ضعف داود، كما أوضحته في موضعه.

و مع ذلك في الدلالة أيضا ضعف «1»؛ لأنّا لا نسلّم انحصار انتفاع التقييد في الفرق المذكور، و لعلّ الانتفاع هو عدم إمكان الحكم بكونه جديدا عند رؤيته في المشرق، و عدم إمكان الحكم بكونه جديدا لا يستلزم الحكم بكونه للّيلة الماضية، فلعلّه حين الرؤية في المشرق في عرضة كونه للّيلة الماضية.

و من المؤيّدات له ما يظهر من كلام الشيخ في أمثال تلك الأمارات.

و على هذا التوجيه إمّا أن يعتبر المفهوم أم لا، فعلى الأوّل المقصود بالإفادة هو المسكوت، و على الثاني لا يظهر للرواية إفادة أصلا لظهور «2» عدم احتمال الشهر أزيد من الثلاثين، إلّا أن يقال: ظهور عدم الاحتمال بأمرين: التجربة و البيان، و لعلّ هذا من البيان بالنسبة إلى بعض المخاطبين. و لا يخلو من بعد.

اعلم أنّ لقوله عليه السلام: «إذا طلب الهلال في المشرق» احتمالين:

أحدهما: أن يكون الطلب واقعا في المشرق بأن نفرض فيه، و يكون المقصود أنّه إذا فرض الطالب في بلد المشرق و طلب الهلال غدوة، أي غدوتنا، أي أوّل يومنا و قبل الزوال بالنسبة إلينا، و إن كان بالنسبة إلى الطالب المفروض أواخر يومه؛ لفرضه في المشرق الذي‌

______________________________
(1). في هامش بعض النسخ: «ليس البحث بضعف الرواية منفردا حتّى يقال: إنّ الضعف مانع عن الاستدلال لا عن التأييد، بل به مع ضعف الدلالة، كما يظهر للمتأمّل في العبارة.

و التأييد إنّما هو بإفادة ظنّ و إن كان ضعيفا، و بعد ملاحظة الأمرين لا يفيد ظنّا أصلا، و لو فرض إفادته بالنسبة إلى بعض الأذهان، لا يفيد شيئا بعد ملاحظة ما يذكر هاهنا، و هو قولي: «و على هذا ...» إلى آخره. و مع هذا، التمسّك به إنّما يصحّ لو لم يكن للرواية حلّ أظهر، و ما نذكره آخرا هو أظهر، كما لا يخفى». (منه رحمه اللّه).

(2). في هامش بعض النسخ: «تعليل للأوّل و الثاني كليهما». (منه رحمه اللّه).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 240‌

بينه و بين هذا البلد ربع دوره مثلا، و لم ير هناك، فهو هاهنا هلال جديد، بمعنى أنّه قد يكون هلالا جديدا؛ لإمكان خروج الشعاع بعد غروبه بالنسبة إلى أفق الطالب، و صيرورته قابلا للرؤية قبل الغروب بالنسبة إلى هذا الأفق، و حينئذ في الرواية إشارة إلى اختلاف الأفق الشرقي و الغربي في الحكم.

و هذا حاصل ما أفاده أستادي العلّامة (طاب ثراه).

و هذا الاحتمال خلاف ظاهر الشرطيّة، الذي هو اللزوم، لكن لا يرد على هذا التوجيه ما أوردته على التوجيه المذكور من عدم ظهور الإفادة، و ظاهر أنّ الرواية بناء على هذا الاحتمال لا تدلّ على اعتبار الرؤية قبل الزوال بوجه، و لا تكون مؤيّدة أيضا؛ و لهذا لم يجعلها مؤيّدة مع قوله باعتبار الرؤية قبل الزوال.

و ثانيهما: أن يكون المقصود من طلب الهلال في المشرق أن ينظر جانب المشرق حتّى يظهر أنّ الهلال يكون ظاهرا فيه أم لا.

و ما ذكرته هو هذا الاحتمال. و هذا الاحتمال هو الموهم للدلالة على اعتبار الرؤية قبل الزوال، كما أومأت إليه.

و ربما يظنّ أنّه يمكن- بعد حمل الطلب في المشرق بما ذكر ثانيا «1»- توجيه الرواية على وجه تصحّ الشرطيّة كلّيّة بأن يكون مراده عليه السلام بطلب الهلال في المشرق طلبه فيه بعد كونه محتمل الرؤية بتحقّق شرائط الرؤية، و مع ذلك لم ير في البلد الشرقي، فهو هلال جديد في بلدنا البتّة؛ لأنّه إذا كان في البلد الشرقي محتمل الرؤية و لم ير، فهو في بلدنا الذي وقت الترائي بعد ساعات يكون هلالا جديدا البتّة، سواء رئي لعدم تحقّق المانع في الجوّ، أو لم ير بتحقّقه فيه.

و فيه أنّ انتفاع هذه الرواية حينئذ كان لداود؛ لكونه منجّما أو في حكمه، يعرف وقت خروج الشعاع و تحقّق شرائط الرؤية، أو لبعض الحضّار؛ لكونه كذلك، و نقل داود ما سمعه و إن لم ينتفع به أو لم يكن انتفاع لأحد في ذلك و أفاد عليه السلام هذه الإفادة لعلمه بحملها و نقلها بعض الحضّار بمقتضى «ربّ حامل فقه ليس بفقيه» «2».

______________________________
(1). في هامش بعض النسخ: «و هو ما عبّر عنه بقوله: أحدهما». (منه رحمه اللّه).

(2). الكافي، ج 1، ص 404، باب أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله بالنصيحة لأئمّة المسلمين ...، ح 2.

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 241‌

و على تقدير كون داود أو بعض الحضّار منجّما أو في حكمه علم هذا المنجّم كون أهل المشرق أو المستهلّين منهم منجّمين لا يستهلّون إلّا عند تحقّق شرائط الرؤية.

و على تقدير كونهم كذلك أيّ مخبر يخبر هذا المنجّم باستهلال أهل المشرق و عدم رؤيتهم أو رؤيتهم حتّى يبنى الحكم على ما أخبر به؟

و أيضا بناء هذا الحمل أنّه إذا تحقّق شرائط الرؤية لهلال، فهو بعد ساعات هلال جديد في أفق لم يغرب بالنسبة إليه، فأيّ وجه لذكر طلب الهلال في المشرق الذي لا مدخل له في ذلك و لا اطّلاع لنا به؟

و نقل عن السيّد الجليل و المحقّق النبيل ميرزا رفيعا (طاب ثراه):

أنّه إذا طلب الهلال- أي بدء المحاق في المشرق- في جهة المشرق قبل الزوال من اليوم السابع و العشرين فلم ير، فهو هاهنا- أي في الليلة التي يحتمل الرؤية فيها، و هي ليلة الثلاثين- هلال جديد، سواء رئي لعدم المانع في الجوّ، أو لم ير بتحقّقه فيه. و حينئذ مؤدّى الحديث هو ما أشار إليه أهل التنجيم من أنّه إذا لم يمكن رؤية الهلال قبل زوال ذلك اليوم، فهو ممكن الرؤية في ليلة الثلاثين، و الشهر ناقص. و إن أمكن رؤيته في ذلك اليوم، لم يمكن رؤيته في تلك الليلة، و الشهر تامّ البتّة «1».

هذا حاصل ما نقل عنه رحمه اللّه.

و فيه نظر؛ لأنّ المراد بقبل الزوال في هذا التوجيه قبله من مبدإ النهار الذي هو طلوع الشمس «2»، كما هو ظاهر اللفظ عند القول بكون قاعدة أهل التنجيم على وفق هذه الرواية.

و حينئذ نقول: ربّما كان الهلال عند طلوع الشمس في اليوم المذكور قابلا للرؤية، و تحقّق المحاق بعده في وقت من أوقات ذلك اليوم، و صار في ليلة الثلاثين قابلا للرؤية، و لا ينكر هذا الاحتمال أحد من المنجّمين و أكثر أهل العلم من غيرهم، و لم يكن محتاجا إلى بيان حكم الرؤية قبل الزوال في توجيه الرواية حتّى يحتاج إلى ذكر ما ذكر في توجيه الرواية؛ لعدم اشتمالها على حكم الرؤية.

______________________________
(1). نقله عنه المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس، ص 471- 472.

(2). في هامش بعض النسخ: «هذا هو بيان ما هو المقصود بحسب ظاهر اللفظ، و إلّا على تقدير إرادة النهار الشرعي فورود الاعتراض أظهر». (منه رحمه اللّه).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 242‌

و استنباط هذا من التقييد بقوله عليه السلام: «فلم ير» ضعيف؛ لإمكان كون مخالفة المسكوت للمذكور- التي هي ظاهر التقييد- هي أنّه في صورة رؤيته قبل الزوال لا يمكن الحكم بتمام الشهر و لا نقصانه، و عدم إمكان الحكم بأحدهما هو الواقع.

و أيضا الطلب المذكور في الرواية لا يعتبر فيه استيعاب قبل الزوال، فإذا طلب قبل الزوال قريبا من وصول الشمس إلى دائرة نصف النهار و لم ير الهلال، لا يلزم أن يكون عدم الرؤية لتحقّق المحاق، بل يمكن أن تكون قوّة ضوء الشمس و بعض مراتب ضعف الهلال و وضعه مانعة عن الرؤية، و يتحقّق المحاق بعده بمدّة لا يمكن رؤيته في ليلة الثلاثين.

و هذا الاحتمال في كثير من الأهلّة الجنوبيّة غير بعيد، فلا ينفيه المنجّمون.

و يمكن على تقدير حمل الطلب في المشرق على طلب الهلال في السابع و العشرين أن يقال: المراد من الغدوة هو ما بين صلاة الصبح و طلوع الشمس. قال الجوهري: الغدوة ما بين صلاة الغداة و طلوع الشمس «1»، و لعلّه هكذا قال السيّد الجليل، و وصل إلى الناقل على ما نقله، و حينئذ يمكن تقريبه بأنّ طلب الهلال الذي له انتفاع إمّا في مبدأ المحاق أو ليلة الثلاثين، و طلبه في المبدأ لا انتفاع له إلّا في غدوة السابع و العشرين؛ لأنّه لا يترتّب على عدم رؤيته في غدوة الثامن و العشرين حكم «2».

و أمّا عدم الرؤية في غدوة السابع و العشرين فهو علامة نقصان الشهر؛ لأنّ مدّة محاق القمر و عدم قبول الإبصار قد يكون أقلّ من اليومين بليلتهما قليلا، و قد يكون أكثر منهما قليلا، فإذا لم ير في غدوة السابع و العشرين في المشرق، فهو علامة المحاق، و لو فرض أدنى مانع خفيّ، فلا أقلّ من دلالته على قربه. و على التقديرين في ليلة الثلاثين قابل للرؤية و إن فرض جنوبيّا.

و يمكن أن يكون المتبادر من طلب الهلال في المشرق غدوة لداود أو لغيره أيضا ببعض‌

______________________________
(1). الصحاح، ص 2444، «غدا».

(2). في هامش بعض النسخ: «عدم ترتّب الحكم على عدم الرؤية في غدوة الثامن و العشرين؛ لاحتمال كون تحقّق المحاق سابقا عليها بحيث يمكن الرؤية في ليلة الثلاثين. و يمكن أن يكون تحقّقه فيها أو سابقا عليها بحيث لا يمكن الرؤية في ليلة الثلاثين، فعدم رؤيته فيها ليس علامة لأحد الأمرين». (منه رحمه اللّه).

رؤيت هلال، ج‌1، ص: 243‌

القرائن «1»، و هو طلب ظهور تحقّق المحاق و عدمه، حتّى يظهر بظهور المحاق نقصان الشهر عن الثلاثين، كما أوضحته. و حينئذ مراده عليه السلام من قوله: «فهو هاهنا هلال جديد» كونه كذلك في الوقت الذي يدلّ عدم رؤيته في السابع و العشرين عليه، و هو ليلة الثلاثين، و الحكم بكون الشهر ناقصا بعدم رؤية الهلال في غدوة السابع و العشرين ليس بمحض النجوم، بل التجربة أيضا شاهدة عليه. «2»

و مع ذلك لم يظهر صحّة الاعتماد على هذه العلامة؛ لضعف الرواية، و تحقّق الاحتمال في الدلالة، و عدم ظهور كون التجربة حجّة شرعيّة في أمثال هذه الأمور، لكن عدم ظهور الحجّيّة لا ينافي ما ذكر بعنوان الاحتمال.

فظهر بما ذكرته أنّه لا تأييد للرواية لمذهب السيّد؛ لأنّها على الاحتمالين المنقولين لا يتوهّم التأييد. و على الاحتمال الذي ذكرته إنّما تؤيّد بالمفهوم الضعيف، مع عدم وضوح كون المقصود من الرواية هو هذا الاحتمال.

تمّت هذه الكلمات على يد مؤلّفها- الخاطئ الجاني الراجي إلى رحمة ربّه الغافر الغنيّ- محمّد بن عبد الفتّاح التنكابني، في اليوم السادس و العشرين من شهر محرّم الحرام من شهور السنة السادسة و المائة بعد الألف، إلّا الكلمات المتعلّقة بالرواية الأخيرة و بعض كلمات ضمّ عند إرادة المباحثة، و هذه الزيادة كانت في اليوم السابع من شهر رمضان من شهور السنة التاسعة و المائة بعد الألف، حامدا للّه ربّ العالمين، و مصلّيا على رسول الثقلين و عترته الطاهرين الأنجبين.

______________________________
(1). في هامش بعض النسخ: «بل بعد حمل الغدوة على ما نقلته من الجوهري لا يحتاج إلى القرينة؛ لعدم احتمال رؤية الهلال بعد خروج الشعاع فيها، فلا يكون الطلب فيها إلّا لاستكشاف تحقّق المحاق و عدمه». (منه رحمه اللّه).

(2). في هامش بعض النسخ: «و من الغرائب أنّي كنت يوما- من شهر ربيع الأوّل من سنة الثانية عشرة بعد مائة و ألف (1112)- ضيف السيّد الفاضل ميرزا إبراهيم النيشابوري (طاب ثراه) في بلدة مشهد الرضا (صلوات الله عليه)، و لم يكن أمر رؤية الهلال مذكورا أصلا، لا في هذا المجلس و لا قبله بعد تشرّفي بالزيارة، فنقل بلا تقريب [؟] أنّه رحمه اللّه قال للسيّد الجليل و المحقّق النبيل ميرزا رفيعا (طاب ثراه) أنّه يمكن أن يكون المقصود من طلب الهلال غدوة في المشرق طلبه في غدوة السابع و العشرين بالمعنى الذي ذكرته، فصدّق هذا الاحتمال و حسّنه، و الذي نقله رحمه اللّه هو حكم عدم الرؤية، لا حكم الرؤية، كما زعمه الناقل عن السيّد الجليل، فما نقلته مؤيّد لكون ما ذكره الفاضل الجليل هو ما جوّزت كونه منه رحمه اللّه، لا ما نقل عنه». (منه رحمه اللّه).