بسم الله الرحمن الرحیم

مصباح في حكم رؤية الهلال قبل الزوال-بحر العلوم

مباحث رؤیت هلال-كتاب الصوم

تصویر تصحیف لمکان العطف



تاریخ تالیف الفوائد الرجالیه
« رجال السيد بحرالعلوم» معروف به« الفوائد الرجالية» اثر آيت‏الله سيد محمدمهدى بحرالعلوم طباطبايى( 1155- 1212 ق)، كتابى است رجالى كه در آن به معرفى بيوت رجالى شيعه، راويان احاديث پيامبر( ص) و ائمه( ع) و بيان برخى از فوايد رجالى پرداخته شده است. نگارش كتاب در سال 1212 ق به پايان رسيده و با تحقيق و تعليق سيد محمدصادق بحرالعلوم و سيد حسين بحرالعلوم به زبان عربى منتشر شده است. از اين كتاب غالباً با عنوان« رجال بحرالعلوم» نيز ياد مى‏شود( نصيرى، على، ص 220).(کتابشناسی نرم افزار نور)
تاریخ تالیف مصابیح الاحکام:
ظاهراً سید بحرالعلوم در سال هاى پایانى قرن دوازدهم قمرى به تألیف این کتاب مشغول بوده است, البته از آنجا که تقسیم بندى کتاب به صورت منظم و طبق دسته بندى متعارف در کتاب هاى فقهى نبوده, بلکه به صورت متفرقه وتنها دربردارنده برخى از ابواب و مباحث فقهى است و از طرف دیگرمؤلف در دلیل پنجم از قول مختار خود ـ مصباح سیزدهم کتاب ـ تصریح مى نماید که فقیهان شیعى در این روزگار که همانا سال1199ق باشد به این مطلب فتوا داده اند. عبارت سید بحر العلوم در این مورد چنین است: (… فإن فقهائنا الحین, وهو عام مائة و تسع وتسعین بعد الالف یفتون بذلک و لایختلفون فیه… ).3 پس مى توان گفت محدوده زمانى آفرینش این اثر, پایان قرن یازدهم وآغاز قرن دوازدهم بوده است.(مقاله مصابیح الاحکام و مولف آن)
مصابيح الأحكام، ج‌2، ص: 253‌ و مال إلى ذلك في المجمع «3» و المدارك «4» و البحار «5» استناداً إلى الأصل، و ما رواه الشيخ في الموثّق، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم عليه السلام، قال: سألته عن الجنب و الطامث يمسّان بأيديهما الدراهم البيض؟ قال: «لا بأس» «6». [در این عبارت سند تا اسحاق بن عمار صحیح است]
مصابيح الأحكام؛ ج‌1، ص: 355
الخامس: ما رواه الشيخ فيهما أيضاً، في الصحيح، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام، قال: سئل عن الفأرة تقع في البئر، لا يعلم بها إلّا بعد ما يتوضّأ منها، أ يعاد الوضوء؟ فقال: «لا» «2».


رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1967‌

55. علّامه بحر العلوم قدّس سرّه (م1212)

مصابيح الأحكام*

مصباح في حكم رؤية الهلال قبل الزوال

قال الشيخ في المبسوط: «و متى رئي الهلال قبل الزوال، فهو للّيلة المستقبلة دون الماضية» «1». و قال مثل ذلك في الخلاف. «2»

و قال ابن الجنيد رحمه اللّه:

رؤية الهلال يوم ثلاثين من رمضان أيّ وقت كان، إذا لم يصحّ أنّ الليلة الماضية قد رئي فيها، لا يوجب الإفطار له، فإذا صحّت الرؤية فيها، أفطر أيّ وقت يصحّ ذلك من نهار يوم ثلاثين. «3»

و قال العلّامة رحمه اللّه في التذكرة:

إذا رئي الهلال يوم الثلاثين [فهو للمستقبلة، سواء رئي] قبل الزوال أو بعده، فإن كان هلال رمضان لم يلزمهم صيام ذلك اليوم، و إن كان هلال شوّال لم يجز لهم الإفطار إلّا بعد غروب الشمس، عند علمائنا أجمع. «4»

______________________________
(5)*. مصابيح الأحكام، بر اساس نسخه‌هاى خطى متعدّد مصابيح.

(1). المبسوط، ج 1، ص 268، فيه: «متى رأى الهلال قبل الزوال أو بعده فهو ...»

(2). الخلاف، ج 2، ص 171، المسألة 10.

(3). نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 3، ص 358، المسألة 89.

(4). تذكرة الفقهاء، ج 6، ص 126، المسألة 77.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1968‌

و في المنتهى أنّ ذلك «مذهب أكثر علمائنا إلّا من شذّ منهم». «1»

و قال السيّد الأجلّ المرتضى رضى الله عنه في المسائل الناصرية- لمّا ذكر قول الناصر: أنّه إذا رئي الهلال قبل الزوال فهو للّيلة الماضية-: «هذا صحيح، و هو مذهبنا» «2» و ادّعى أنّ عليّا عليه السّلام و ابن مسعود و ابن عمر و أنسا قالوا به و لا مخالف لهم.

و هذا هو الظاهر من الصدوق (طاب ثراه)، حيث أورد في كتاب من لا يحضره الفقيه ما هو نصّ في التفصيل بالرؤية قبل الزوال أو بعده «3»، و قد ذكر في أوّل الكتاب أنّه إنّما يورد فيه ما يفتي و يحكم بصحّته، و يعتقد فيه أنّه حجّة فيما بينه و بين ربّه عزّ و جلّ. «4»

و قد أورد ثقة الإسلام الكليني في الكافي «5» رواية حمّاد الآتية من دون معارض، و ظاهره العمل بها، كما يرشد إليه قاعدته فيما يورده في كتابه من العمل بما لا معارض له من الأخبار، و التخيير فيما عدا ذلك بعد العجز عن المرجّحات المنصوصة.

و إليه مال المحقّق الشيخ حسن في المنتقى، حيث قال- بعد نقل رواية عبيد الآتية-:

و لطريق هذا الخبر اعتبار ظاهر و مزيّة واضحة و موافقة الحديث الحسن له يزيده اعتبارا.

و قد حملها الشيخ على معنى بعيد.

ثمّ أيّد ذلك بموافقة الصدوق على ما يظهر من الفقيه «6»، و اختار هذا القول جملة من الأفاضل المتأخّرين: منهم المحقّق الخراساني في الذخيرة و الكفاية «7»، و المحدّث الكاشاني في الوافي و المفاتيح «8». و قال العلّامة في المختلف: الأقرب اعتبار ذلك في الصوم دون الفطر. «9»

______________________________
(1). منتهى المطلب، ج 2، ص 592، الطبعة الحجرية.

(2). المسائل الناصريات، ص 291، المسألة 126.

(3). الفقيه، ج 2، ص 169، ذيل الحديث 2040.

(4). الفقيه، ج 1، ص 3.

(5). الكافي، ج 4، ص 78، باب الأهلّة و الشهادة عليها، ح 10.

(6). منتقى الجمان، ج 2، ص 481- 482، راجع الفقيه، ج 2، ص 169، ذيل الحديث 2040.

(7). ذخيرة المعاد، ص 533؛ كفاية الأحكام، ج 1، ص 260.

(8). الوافي، ج 11، ص 145؛ مفاتيح الشرائع، ج 1، ص 257.

(9). مختلف الشيعة، ج 3، ص 358، المسألة 89.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1969‌

و قال المحقّق في المعتبر:

و أمّا رؤيته قبل الزوال، فقد روي فيها روايات، و ساق روايتي حمّاد و عبيد الآتيتين، ثمّ- قال:- فقوّة هاتين الروايتين أوجب التردّد بين العمل بهما و العمل بما دلّت عليه رواية العدلين. «1»

و قال في النافع: «و في العمل برؤيته قبل الزوال تردّد». «2»

و قال الشهيد في الدروس:

و اجتزأ سلّار بالواحد في أوّله، و المرتضى برؤيته قبل الزوال، فيكون للّيلة السابقة؛ لرواية حمّاد، و هي حسنة لكنّها معارضة. «3»

و ظاهره التوقّف. و هو صريح المحقّق الأردبيلي «4» و الفاضل صاحب المدارك «5» بعد اختياره القول الأوّل.

و الأقرب اعتبار الرؤية قبل الزوال في الصوم و الإفطار معا، كما ذهب إليه السيّد «6» و من وافقه.

و يدلّ عليه الأخبار المستفيضة:

منها: ما رواه ثقة الإسلام الكليني، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن أبي عبد الله عليه السّلام، قال:

إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو للّيلة الماضية، و إذا رأوه بعد الزوال فهو للّيلة المستقبلة. «7»

و ليس في طريق الرواية من يتوقّف في توثيقه سوى إبراهيم بن هاشم، فإنّ المشهور عدّ هذا الحديث من جهته من الحسان، و لكن في أعلى درجات الحسن. و الأصحّ أنّ الخبر لا يخرج من جهته عن الصحّة، كما اختاره جملة من المتأخّرين؛ لتصريح العلّامة بصحّة جملة من الأسانيد المشتملة عليه «8»، و كذا الشهيد الثاني فقد ذكر- في مسألة عدّ السخال من‌

______________________________
(1). المعتبر، ج 2، ص 689.

(2). المختصر النافع، ص 69.

(3). الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 284.

(4). مجمع الفائدة و البرهان، ج 5، ص 287.

(5). مدارك الأحكام، ج 6، ص 165.

(6). المسائل الناصريات، ص 291، المسألة 126.

(7). الكافي، ج 4، ص 78، باب الأهلّة و الشهادة عليها، ح 10.

(8). للمزيد راجع الرواشح السماوية، ص 82، الراشحة الرابعة.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1970‌

حين النتاج في حول الزكاة، بعد ذكره رواية زرارة المشتملة على إبراهيم بن هاشم:- «أنّ هذا الطريق صحيح و أنّ العمل بها متّجه» «1» و في مسألة نفي اعتبار يمين العبد مع مالكه: «أنّه مستفاد من أحاديث صحيحة، منها صحيحة منصور بن حازم» «2» ثمّ ساق الرواية، و في طريقها إبراهيم بن هاشم.

و يؤيّده ما نقله الصدوق عن شيخه أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، أنّه كان يقول:

كتب يونس بن عبد الرحمن كلّها صحيحة يعتمد عليها، إلّا ما ينفرد به محمّد بن عيسى عن يونس. «3» و كذا اعتماد أجلّة الأصحاب و ثقاتهم و مدحهم إيّاه بكثرة الرواية، و أنّه أوّل من نشر أحاديث الكوفيّين بقم «4»، و قد قال الصادق عليه السّلام: «اعرفوا منازل الرجال بقدر روايتهم عنّا». «5»

و منها: ما رواه الشيخ، عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن أبي طالب عبد الله بن الصلت، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عبيد بن زرارة و عبد الله بن بكير، قالا: قال أبو عبد الله عليه السّلام:

إذا رئي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوّال، و إذا رئي بعد الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان. «6»

هذه الرواية أيضا قويّة الإسناد، معتبرة، و ليس في طريقها من يتوقّف سوى الحسن بن عليّ بن فضّال و عبد الله بن بكير، و لا يتأتّى القدح فيها من جهة ابن بكير؛ لمكان الطعن.

تصویر مخفی، در نسخه اصل، لمکان العطف آمده، ببینید:


و امّا الحسن بن فضّال، فقد وثّقه الشيخ في الفهرست و كتاب الرجال. «7» و ذكر العلّامة أنّه ثقة، جليل القدر، عظيم المنزلة، زاهد، ورع. «8» و ذكر النجاشي في كتابه مثل ذلك. «9»

______________________________
(1). مسالك الأفهام، ج 1، ص 369.

(2). مسالك الأفهام، ج 11، ص 206.

(3). حكاه عنه الشيخ الطوسي في الفهرست، ص 182، الرقم 789.

(4). حكاه النجاشي في رجاله، ص 16، الرقم 18.

(5). الكافي، ج 1، ص 50، باب النوادر من كتاب فضل العلم، ح 13، فيه: «اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنّا».

(6). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 176، ح 489.

(7). الفهرست، ص 47- 48، الرقم 153؛ رجال الطوسي، ص 354، الرقم 5241.

(8). خلاصة الأقوال، ص 37.

(9). رجال النجاشي، ص 34- 36، الرقم 72. هو لم ينصّ على توثيقه و إن حكى عن الكشّي روايات في مدحه.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1971‌

و قد أورد أبو عمرو الكشّي في شأنه روايات كثيرة تدلّ على مدحه و عظم منزلته «1»، لكن نقل أنّه كان فطحيّا ثمّ رجع عند الموت. «2»

و كلام الشيخ في الكتابين خال عن ذكر الفطحيّة و الرجوع؛ و لذا منعه جملة من المتأخّرين، منهم المحقّق الأردبيلي. «3»

و على تقدير التسليم، فقد اتّفقت كلمة الناقلين على رجوعه عنها عند موته.

و المشهور عدّ روايات مثله من الصحاح؛ لصدق حدّ الصحيح عليها، و لأنّ تقريره لها بعد الرجوع بمنزلة روايته إيّاها ثانيا، و لا ريب في اعتبارها.

و قد ظهر بما ذكرناه اعتبار سند الروايتين، بل اندراجهما في قسم الصحيح.

و أمّا وجه الدلالة فيهما، فواضح لا يحتاج إلى البيان؛ لأنّه متى ثبت كون الهلال من شهر رمضان وجب الصيام، و متى كان من شوّال وجب الإفطار. و قد دلّت الروايتان صريحا على أنّه إذا رئي الهلال قبل الزوال كان من الليلة الماضية أو من شوّال، فيلحقه حكمه.

و قد أجاب عنهما الشيخ في التهذيب بالحمل على ما إذا اقترن بالرؤية قبل الزوال شهادة عدلين من خارج البلد برؤيته ليلا، قال:

و ليس لأحد أن يقول: إنّ هذا لو كان مرادا كان لرؤيته قبل الزوال فائدة؛ لأنّه متى شهد الشاهدان وجب العمل بقولهما؛ لأنّ ذلك إنّما يجب إذا كان في البلد علّة و لم يروا الهلال.

و المراد بهذين الخبرين أن لا يكون في البلد علّة، لكن أخطئوا رؤية الهلال ثمّ رأوه من الغد قبل الزوال، و اقترن إلى رؤيتهم شهادة الشهود. «4»

و يتوجّه عليه أوّلا: أنّ حمل الروايتين على الوجه المذكور إنّما يصحّ على القول بعدم الاكتفاء بالشاهدين مع الصحو، و أمّا على القول بالاكتفاء بهما مطلقا- كما هو الظاهر- فلا يصحّ الحمل على ذلك؛ إذ على هذا لم يكن لاعتبار الرؤية قبل الزوال مع الشاهدين فائدة أصلا، كما اعترف به.

و ثانيا: ظاهر الروايتين يقتضي اعتبار الرؤية قبل الزوال مطلقا، سواء كان في السماء علّة‌

______________________________
(1). اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي)، ص 345، الرقم 639، ص 515، الرقم 993، ص 556، الرقم 1050.

(2). اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي)، ص 565، الرقم 1067.

(3). مجمع الفائدة و البرهان، ج 2، ص 28؛ ج 5، ص 298.

(4). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 177.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1972‌

أو لم يكن، و سواء اقترن بها شهادة الشاهدين من خارج البلد أم لا. و الأخبار الدالّة على عدم اعتبارها ظاهرها العدم، و كذا الروايات الدالّة على اشتراط الخمسين مع الصحو؛ فإنّ ظاهرها اعتبار العدد المذكور مع الصحو مطلقا، سواء رئي الهلال قبل الزوال أم لم ير. و الحمل المذكور لا يتمّ إلّا بالتأويل في تلك الأخبار بأسرها، إلّا بأن يخصّص ما دلّ على اعتبار الرؤية قبل الزوال بما إذا اقترنت بالرؤية شهادة العدلين من خارج البلد، و لم يكن في السماء علّة، و ما دلّ على عدم اعتبارها بما إذا انتفى أحد الأمرين المذكورين. و تحمل الروايات الدالّة على اعتبار الخمسين على عدم الرؤية قبل الزوال.

و ذلك كلّه خروج عن ظواهر النصوص من غير شاهد و لا دليل.

و أمّا لو أبقينا الروايتين على ظاهرهما من الإطلاق، فإنّما يحتاج إلى التأويل فيما دلّ على عدم اعتبار الرؤية قبل الزوال فقط، و لا يحتاج إلى هذا التأويل فيما دلّ على الاعتبار، و هو ظاهر، و لا في أخبار الخمسين؛ لاختصاص مواردها بصورة عدم تحقّق الرؤية المعتبرة، فكما أنّه لا تعارض بينها و بين ما دلّ على اعتبار الرؤية وقت الغروب، فكذا لا تعارض بينها و بين ما دلّ على اعتبار الرؤية قبل الزوال.

و أجاب بعض المحقّقين «1» عن الاستدلال بالروايتين بأنّه ليس فيهما تصريح بالصيام أو الإفطار، و يجوز أن يكون الهلال للّيلة الماضية مع عدم التكليف بالصيام أو الافطار إلّا مع الرؤية في الليلة أو الشهادة عليها ليلا أو نهارا.

و لا يخفى ما فيه؛ لأنّ المستفاد من الأدلّة القطعية وجوب الصوم في كلّ يوم من شهر رمضان و وجوب الإفطار في أوّل يوم من شوّال حتّى ثبت أنّ اليوم المفروض من شهر رمضان وجب صيامه، و متى علم أنّه أوّل يوم من شوّال وجب الإفطار فيه. فالقول بثبوت الشهر و المنع ممّا يلحقه من اللوازم غير معقول.

فإن قلت: طريق ثبوت الشهر منحصر في العلم بدخوله، أو الظنّ المعتبر شرعا، كشهادة البيّنة، و من المعلوم أنّ الرؤية قبل الزوال لا يقتضي العلم بكون الهلال للّيلة السابقة، و غاية الأمر حصول الظنّ منها بذلك؛ فيجب حمل الحكم بكون «للّيلة السابقة» في كلامه عليه السّلام على المظنّة و الظهور، و ذلك لا يكفي في ثبوت لوازم الشهر من إفطار أو صيام، ما لم يعلم كونه من‌

______________________________
(1). هو الوحيد البهبهاني رحمه اللّه في رسالته السابقة في الجزء الأوّل من هذه المجموعة برقم 12، ص 18- 19.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1973‌

الظنون المعتبرة في ثبوت تلك الأحكام، و ليس في الروايتين ما يدلّ عليه فلا يصحّ الاحتجاج بهما.

قلت: المنساق إلى الأذهان من أمثال هذه العبارات بقرائن المقام أنّ المقصود منها الدلالة على ثبوت ما يلزمها من الأحكام؛ لأنّها مسوقة لبيان الأحكام الشرعيّة، و لا ريب في أنّ الظنّ بكون اليوم المذكور من شهر رمضان أو شوّال لا تعلّق لها ببيان حكم شرعيّ ما لم يقصد منه لازمه، و هو الصوم أو الإفطار، و ذلك واضح.

و منها: ما رواه الشيخ رحمه اللّه في الصحيح الواضح، و غيره، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «إذا رأيتم الهلال فأفطروا أو شهد عليه عدل من المسلمين، و إن تروا الهلال إلّا من وسط النهار أو آخره فأتمّوا الصيام [إلى الليل]، و إن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ليلة ثمّ أفطروا». «1»

وجه الاستدلال أنّ قوله عليه السّلام: «و إن لم تروا الهلال إلّا من وسط النهار أو آخره» يدلّ بمفهوم الشرط على عدم وجوب الإتمام إذا رئي أوّل النهار، و ليس ذلك إلّا لكون اليوم المفروض من شوّال، و هو المطلوب.

لا يقال: منطوق الحديث يدلّ على عدم وجوب الإتمام متى رئي الهلال في وسط النهار، و وسط النهار بإطلاقه يتناول شيئا ممّا قبل الزوال، و لو قليلا، فلا تكون الرؤية فيه معتبرة، و يلزم منه عدم اعتبار الرؤية قبل الزوال مطلقا؛ إذ لا قائل بالفصل.

لأنّا نقول: وسط النهار و إن كان مطلقا بحيث يتناول جزء ممّا قبل الزوال إلّا أنّه مخصوص بما كان بعده؛ لكون المفهوم نصّا في اعتبار الرؤية قبل الزوال في الجملة. فلو أبقى المنطوق على إطلاقه لزم سقوط حكم المفهوم بالكلّية.

فإن قلت: لمّا كان المنطوق وجوب الإتمام عند عدم الرؤية المخصوصة- أي الرؤية التي لا تكون إلّا في وسط أو الآخر- يكون المفهوم عدم وجوب الإتمام عند انتفاء عدم تلك الرؤية، و ذلك يتحقّق بعدم الرؤية أصلا و ثبوتها مع انتفاء الخصوصيّة، بأن يكون الرؤية في الليل أو في أوّل النهار. و على هذا فدلالة المفهوم على اعتبار الرؤية قبل الزوال من جهة الإطلاق دون التنصيص، و يقع التعارض حينئذ بين عموم المنطوق و عموم المفهوم، و الترجيح للأوّل.

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 158، ح 440.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1974‌

قلت: لمّا ثبت بالإجماع و فحوى الخطاب من هذه الرواية وجوب الإتمام عند انتفاء مطلق الرؤية، اختصّ الحكم في المفهوم بما إذا تحقّق الرؤية، لا في الوسط و الآخر، و ذلك و إن كان مطلقا بالنسبة إلى الرؤية قبل الزوال إلّا أنّ هذه الرؤية مقصودة في ضمن العموم، و إلّا لزم أن يكون قوله عليه السّلام: «إلّا من وسط النهار أو آخره» تطويلا لا فائدة فيه؛ إذ كان المناسب أن يقال: و إن لم تروا الهلال إلّا في النهار فأتمّوا الصيام؛ كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام، بل كان ينبغي ترك الاستثناء رأسا؛ لأنّه ذكر في أوّل الحديث وجوب الإفطار إذا رئي الهلال، و المراد من الرؤية هناك الرؤية لليلة الثلاثين على ما فهمه الخصم من أخبار الرؤية، فكان ينبغي أن يقال: و إن لم تروا الهلال- أي في ليلة الثلاثين- فأتمّوا الصيام؛ من دون حاجة إلى الاستثناء.

فإن قلت: قوله عليه السّلام: «و إن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ثمّ أفطروا» يدلّ على أنّه متى حصل الاشتباه وجب صوم يوم الثلاثين، و هو بإطلاقه يشمل صورة رؤية الهلال قبل الزوال.

قلت: الحكم بالصيام يوم الثلاثين معلّق في الرواية على عدم الصحو المعبّر عنه بالغمّ، و معلوم أنّ المراد عدم الصحو في زمان يعتبر فيه رؤية الهلال، و هذا يجامع القول باعتبار الرؤية قبل الزوال و عدمه. فعلى الأوّل يكون المراد منه وقوع الاشتباه في الليل و النهار قبل الزوال، و على الثاني يكون مختصّا بوقوعه في الليل، فلا دلالة فيه على شي‌ء من القولين.

و لو سلّم أنّ المراد وقوع الاشتباه في الليل خاصّة فإنّما يدلّ على عدم اعتبار الرؤية قبل الزوال من جهة الإطلاق، فلا يعارض ما دلّ على اعتبارها من جهة التنصيص، و منه مفهوم هذه الرواية.

فإن قيل: قوله عليه السّلام: «أو شهد عليه عدل من المسلمين» يدلّ على الاكتفاء بالعدل الواحد، و أنتم لا تقولون به، و ذلك ممّا يضعّف الاستدلال بالرواية.

قلنا: قد روى الشيخ رحمه اللّه هذه الرواية في الاستبصار هكذا: «إذا رأيتم الهلال فأفطروا أو تشهد عليه بيّنة عدل من المسلمين». «1» فالظاهر سقوط لفظ البيّنة في نسخ التهذيب سهوا.

و أيضا:

فلفظة «العدل» يصحّ إطلاقها على الواحد فما زاد؛ لأنّه مصدر يقال على القليل و الكثير، يقال: رجل عدل، و رجلان عدل، و رجال عدل.

______________________________
(1). الاستبصار، ج 2، ص 64، ص 207، فيه: «بيّنة عدول من المسلمين».

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1975‌

قاله العلّامة في التذكرة «1»

و ليعلم أنّ الراوي لهذه الرواية- و هو محمّد بن قيس- و إن كان مشتركا بين الثقة و غيره، لكن صرّح علماء الرجال بتعيين إرادة البجلّي الثقة منه برواية يوسف بن عقيل عنه «2»، كما وقع في هذه الرواية.

و قد ذكر المحقّق الشيخ حسن في المنتقى أنّ محمّد بن قيس متى كان راويا عن أبي جعفر فالظاهر أنّه الثقة إن كان الناقل عنه عاصم بن حميد، أو يوسف بن عقيل، أو عبيد ابنه، أو كان راويا عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين عليه السّلام، و أمّا الراوي عن أبي عبد الله عليه السّلام فيحتمل أن يكون حديثه من الصحيح أو من الحسن. «3»

و قد اجتمعت الأمارتان هنا؛ فإنّ الراوي عنه يوسف بن عقيل، و قد روى عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين عليه السّلام، كما ذكرناه.

و منها: ما رواه الشيخ رحمه اللّه- في الموثّق- عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله عليه السّلام: ثمّ قال:

سألته عن هلال رمضان، يغمّ علينا في تسع و عشرين من شعبان؟ فقال: «لا تصم إلّا أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر [أنّهم رأوه] فاقضه، و إذا رأيته وسط النهار فأتمّ صومه إلى الليل». «4»

وجه الاستدلال أنّه عليه السّلام أمر بإتمام الصوم إذا رئي الهلال وسط النهار، و ذلك لا يصحّ على القول المشهور؛ إذ لا اعتبار بالرؤية نهارا على هذا القول، سواء في ذلك الرؤية في الوسط أو في أحد الطرفين.

و أمّا على القول باعتبار الرؤية قبل الزوال فيصحّ الحكم بإتمام الصوم إذا رئي في الوسط؛ لأنّه و إن نقص، تضمّن جزء ممّا بعد الزوال؛ لكون المراد منه الوسط العرفي، و هو مجموع الجزأين الحافّين بالآن الفاصل بين النصفين، إلّا أنّه يجب تخصيصه بالجزء الواقع قبل الزوال؛ لأنّ الرؤية بعد الزوال غير معتبرة إجماعا، و متى ثبت اعتبار الرؤية قبل الزوال في‌

______________________________
(1). تذكرة الفقهاء، ج 6، ص 130، المسألة 78.

(2). كالكاظمي في هداية المحدّثين، ص 251، و المجلسي في الوجيزة، ص 170، الرقم 1782.

(3). منتقى الجمان، ج 2، ص 480.

(4). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 178، ح 493.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1976‌

الجملة ثبت اعتبارها مطلقا؛ إذ لا قائل بالفصل. و إنّما اقتصر على ذكر الوسط مع عموم الحكم لما قبل الزوال؛ لأنّ اعتبار الرؤية فيه يستلزم اعتبارها قبله بطريق أولى، و لحصول التنبيه به على منتهى ما يعتبر رؤيته نهارا، كما لا يخفى.

هذا، و قد قيل لتوجيه الرواية بحيث ينطبق على القول المشهور و جهان:

الأوّل: حمل الأمر بإتمام الصوم على الاستحباب، و أنّ المراد صومه على أنّه من شعبان.

قاله الشيخ في التهذيب. «1»

و يتوجّه عليه مضافا إلى ما فيه من صرف الأمر عن ظاهره- و هو الوجوب- أنّ الصوم على هذا الوجه لا يختصّ بصورة رؤية الهلال نهارا، فضلا عن رؤيته في الوسط خاصّة كما تدلّ عليه الرواية، على أنّ سوق الحديث يقتضي أن يكون الصوم المأمور به هنا هو الصوم المنهيّ عنه في قوله عليه السّلام: «لا تصم إلّا أن تراه»، و لا ريب أنّ المراد صومه على أنّه من رمضان.

الثاني: ما ذكره بعض مشايخنا المحقّقين (دام ظلّه العالي) «2» و هو أنّ المراد وجوب الإتمام لو وقع الاشتباه في آخر شهر رمضان، و استدلّ عليه بقوله عليه السّلام:«فأتمّ صومه إلى الليل» فإنّه يقتضي أن يكون هناك صوم محقّق أو مفروض التحقّق حتّى يصحّ الأمر بالإتمام، و لم يتحقّق شي‌ء منهما في يوم الثلاثين من شعبان، كيف و قد نهي صوم في صدر الحديث و أمر بقضائه إن شهد عليه أهل بلد آخر. فالمراد به إذا رأيت الهلال حال كونك صائما فأتمّ الصوم، يعني لو وقع هذا الاشتباه في آخر الشهر.

و فيه نظر، أمّا أوّلا؛ فلأنّ السؤال صريح في أنّ الاشتباه الواقع إنّما هو في تسع و عشرين من شعبان، و ليس في الرواية ما يشعر بوقوعه في آخر شهر رمضان أصلا، فحمل الجواب عليه بعيد جدّا، بل لا وجه له.

و معنى إتمام الصوم في اليوم المذكور أنّه إن كان لم يفطر بعد نوى الصوم من شهر رمضان و اعتدّ به، و إن كان قد أفطر أمسك بقيّة اليوم ثمّ قضاه. و لا استبعاد في إرادة هذا المعنى من لفظ الإتمام إذا دلّت عليه القرينة، و أيّ قرينة أوضح من دلالة السؤال عليه.

و النهي عن الصوم في صدر الحديث لا ينافي الأمر به هنا؛ لأنّ المنهيّ عنه هو الصوم قبل‌

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 178، ح 493.

(2). هو الوحيد البهبهاني رحمه اللّه في رسالته السابقة من الجزء الأوّل من هذه المجموعة برقم 12، ص 11.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1977‌

العلم بدخول الشهر و المأمور به؛ فلأنّ وجوب إتمام الصوم في آخر شهر رمضان لا يختصّ بما إذا رأى الهلال وسط النهار.

و لو قلنا بعدم اعتبار الرؤية قبل الزوال فإنّه يجب على هذا القول إتمام الصوم مطلقا، سواء رئي الهلال نهارا في الوسط أو أحد الطرفين، أو لم ير أصلا، فلا وجه لتخصيص الوجوب بصورة الرؤية في الوسط خاصّة، كما دلّت عليه الرواية.

و لا يبعد أن يقال: إنّ الرواية على هذا الفرض أيضا [تدلّ] على اعتبار الرؤية قبل الزوال؛ و ذلك لأنّها تدلّ بمفهوم الشرط على عدم وجوب الإتمام عند عدم الرؤية في الوسط، و هو بإطلاقه يشمل الرؤية في أوّل النهار و في آخره، و قد خرج عنه الرؤية في الآخر؛ للإجماع على عدم اعتبار الرؤية بعد الزوال، و لأنّ عدم اعتبار الرؤية في الوسط يقتضي عدم اعتبارها في الآخر بطريق أولى، فيبقى الباقي مندرجا تحت العموم.

و لا يعارضه الأمر بالإتمام في الوسط الشامل بإطلاقه لجزء ممّا قبل الزوال؛ لأنّ إبقاءه على العموم يوجب إلغاء حكم المفهوم رأسا، و تخصيص المنطوق أولى منه، كما حقّق في الأصول.

و منها: ما رواه الشيخ في آخر أبواب الزيادات عن داود الرقّي، عن أبي عبد الله عليه السّلام، قال:

«إذا طلب الهلال في المشرق غدوة فلم ير، فهو هاهنا هلال جديد، رئي أم لم ير». «1»

يعني أنّه إذا طلب الهلال غدوة في جانب المشرق فلم ير، فهو هاهنا- أي في جانب المغرب- هلال جديد، و اليوم من الشهر الماضي، فهو طلب فيه و رئي لم يكن في جانب المغرب هلالا جديدا، بل كان لليلة السابقة، و كان اليوم المذكور من الشهر المستقبل.

و يستفاد من ذلك أنّ الرؤية قبل الزوال علامة كون الهلال للّيلة السابقة، كما أنّ عدم الرؤية مع الطلب أمارة كونه للّيلة المستقبلة، و هو المطلوب.

و منها: ما رواه الصدوق في الفقيه- مرسلا- عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:

إذا أصبح الناس صياما و لم يروا الهلال و جاء قوم عدول يشهدون على الرؤية، فليفطروا و ليخرجوا من الغد أوّل النهار إلى عيدهم.

و إذا رئي هلال شوّال بالنهار قبل الزوال فذلك اليوم من شوّال، و إذا رئي بعد الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان. «2»

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 333، ح 1047.

(2). الفقيه، ج 2، ص 168، ح 2040.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1978‌

و التقريب ظاهر ممّا قدّمناه.

احتجّ القائلون بعدم اعتبار الرؤية قبل الزوال بوجوه:

الأوّل: الأصل، و المراد به الاستصحاب.

الثاني: قوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيٰامَ إِلَى اللَّيْلِ «1»، و قوله عزّ و جلّ: وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ «2»

الثالث: الأخبار الدالّة على المنع من الصوم و الإفطار بالتظنّي، و النهي عن إدخال الشكّ في اليقين، كصحيحة محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:«إذا رأيتم الهلال فصوموا و إذا رأيتموه فأفطروا، و ليس بالرأي و لا بالتظنّي». «3»

و موثّقة إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله عليه السّلام، أنّه قال:

في كتاب عليّ عليه السّلام: «صم لرؤيته و أفطر لرؤيته، و إيّاك و الشكّ و الظنّ، فإن خفي عليكم فأتمّوا الشهر الأوّل ثلاثين». «4»

و رواية القاساني، قال:

كتبت إليه- و أنا بالمدينة- عن اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان، هل يصام أم لا؟

فكتب عليه السّلام: «اليقين لا يدخل فيه الشكّ، صم للرؤية و أفطر للرؤية». «5»

و من المعلوم أنّ الرؤية قبل الزوال لا يوجب العلم بكون الهلال لليلة السابقة؛ إذ ربّما رئي الهلال قبل الزوال مع مقارنة خروج الشعاع للغروب أو تأخّره عنه، و غاية الأمر حصول الظنّ منه بكونه للّيلة الماضية، و قد نهي عن التعويل عليه في الروايات.

الرابع: الأخبار الكثيرة الدالّة على أنّ الصوم و الإفطار إنّما يكونان للرؤية؛ كظاهر قولهم عليهم السّلام في الروايات المستفيضة: «صم للرؤية، و أفطر للرؤية». «6» و في بعضها:«إذا رأيت الهلال فصم، و إذا رأيت الهلال فأفطر». «7»

و كرواية الفضيل بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السّلام أنّه قال: «ليس على أهل القبلة إلّا الرؤية،

______________________________
(1). البقرة (2): 187.

(2). البقرة (2): 185.

(3). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 156، ح 433.

(4). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 158، ح 441.

(5). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 159، ح 445.

(6). كما في رواية القاساني التي تقدّم تخريجها آنفا.

(7). كما في الكافي، ج 4، ص 76، باب الأهلّة و الشهادة عليها، ح 1.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1979‌

ليس على المسلمين إلّا الرؤية» «1»

وجه الاستدلال أنّ المراد من الرؤية في تلك الأخبار هي الرؤية عند الغروب؛ لأنّ الرؤية نهارا لا يكاد يفهم من إطلاق الرؤية فضلا عن الرؤية قبل الزوال خاصّة.

و على هذا، فمقتضى الحصر في الأخبار انتفاء الحكم بالإفطار أو الصيام عند انتفاء تلك الرؤية المخصوصة و إن فرض تحقّق الرؤية قبل الزوال.

و أيضا فالأمر بالصوم إنّما يكون قبل دخول وقت الصوم؛ إذ لو أمر بالصوم بعد مضيّ جزء من وقته فإمّا أن يتوجّه الأمر إلى مجموع الوقت أو إلى البقيّة المستقبلة من النهار، و الأوّل باطل؛ لانتفاء القدرة عليه، و كذا الثاني؛ لأنّ الإمساك في الجزء النهار لا يكون صوما شرعيّا، فتعيّن أن يكون الأمر قبل دخول الوقت. و إنّما يتصوّر ذلك إذا كان المراد بالرؤية الرؤية السابقة، فوجب إرادتها. و متى كان المراد بها الرؤية المتعارفة في جهة الصيام وجب حمل الرؤية في جانب الإفطار عليهما؛ بقرينة السياق، و لعدم القول بالفصل.

الخامس: إطلاق ما دلّ على الصوم أو الإفطار متى لم يتحقّق الرؤية ليلا، كصحيحة هارون بن خارجة، قال: قال أبو عبد الله عليه السّلام:

عدّ شعبان تسعة و عشرين يوما، فإذا كان متغيّمة فأصبح صائما، و ان كانت مصحية و تبصّرت و لم تر شيئا فأصبح مفطرا. «2»

و رواية الربيع بن ولّاد، عن الصادق عليه السّلام قال:

إذا رأيت هلال شعبان فعدّ تسعة و عشرين يوما، فإن صحت فلم تره فلا تصم، و إن تغيّمت فصم. «3»

و رواية محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليه السّلام، قال:

شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور [من النقصان]، فإذا صمت تسعة و عشرين ثمّ تغيّمت السماء فأتمّ العدّة ثلاثين. «4»

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 158، ح 442.

(2). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 159، ح 447.

(3). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 165، ح 469، فيه: «فعدّ تسعا و عشرين ليلة، فإن أصبحت ...».

(4). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 155، ح 429.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1980‌

و رواية عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السّلام قال:

شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من الزيادة [و النقصان]، فإن تغيّمت السماء يوما فأتمّوا العدّة. «1»

السادس: ما رواه الشيخ في التهذيب، عن جرّاح المدائني، قال: قال أبو عبد الله عليه السّلام:

«من رأى هلال شوّال بنهار في شهر رمضان فليتمّ صيامه». «2»

السابع: ما رواه الشيخ في التهذيب، عن محمّد بن عيسى قال:

كتبت إليه: جعلت فداك، ربّما غمّ علينا هلال شهر رمضان، فيرى من الغد قبل الزوال و ربّما رأيناه بعد الزوال، فترى أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا؟ و كيف تأمرني في ذلك؟ فكتب عليه السّلام: «تتمّ إلى الليل، فإنّه إن كان تامّا لرئي قبل الزوال». «3»

و الجواب: أمّا عن الأوّل- فهو الأصل- فبالخروج عن شهر رمضان و لا نزاع فيه، و إنّما النزاع في أنّ اليوم الذي رئي فيه الهلال قبل الزوال من شهر رمضان أو غيره، و لا دلالة للآية على تعيين ذلك.

و كذا الآية الثانية، فإنّها ليست من محلّ النزاع في شي‌ء؛ إذ المراد بإكمال العدّة هو الصوم في جميع أيّام الشهر، و لا دلالة فيه على أنّ اليوم المذكور من شهر رمضان، بل إنّما يدلّ على وجوب الصيام فيه إن كان منه، و ذلك واضح.

و أمّا عن الثالث، فمن وجوه:

الأوّل: احتمال أن يكون المراد من الشكّ و الظنّ المنهيّ عنهما في الروايات هو ظنّ رؤية الهلال، و لا نزاع في ذلك؛ إذ الرؤية قبل الزوال إنّما تكون معتبرة إذا كانت متيقّنة مقطوعا بها.

الثاني: أنّ المتبادر من الأخبار المذكورة المنع من الصوم و الإفطار لأجل الرأي و التظنّي، و نحن نقول بموجبه؛ لأنّ التعويل في الصوم و الإفطار على الرؤية قبل الزوال ليس من حيث إفادته الظنّ، بل لورود الروايات بكونها علامة لدخول الشهر و إن أفادت الظنّ. فالاعتماد في الصوم و الإفطار على ما يفيد الظنّ للإذن من الشارع في التعويل عليه، لا لإفادة الظنّ، و الفرق بين الأمرين بيّن.

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 157، ح 435.

(2). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 178، ح 492.

(3). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 177، ح 490.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1981‌

الثالث: أنّ النهي عن التعويل على الظنّ مطلق، فيجب تقييده بما دلّ على اعتبار الرؤية قبل الزوال بخصوصه، كما خصّوه بالأخبار الدالّة على اعتبار البيّنة؛ حملا للمطلق على المقيّد، جمعا بين الأخبار.

و أمّا عن الرابع، فبأنّ ظهور لفظ الرؤية في الرؤية الشائعة المتعارفة لا يدلّ على عدم إرادة غيرها من اللفظ، و إنّما يقتضي ذلك القطع بإرادتها منه، و يتوقّف إرادة الغير و عدمها على دليل يدلّ عليه. و كما لا يدلّ اللفظ على إرادة الرؤية الغير الشائعة فكذا لا يدلّ على عدم إرادتها.

و ليس الظهور هنا بمنزلة ظهور اللفظ في المعاني الحقيقة؛ لأنّ الظهور فيها يقتضي حمل اللفظ على المعنى الظاهر و إرادته منه خاصّة؛ حذرا عن لزوم المجاز، بخلاف الظهور هنا، فإنّه لا يلزم التجوّز على تقدير إرادة المعنى الغير [كذا] الظاهر منه.

و تحقيقه أنّ المعنى الظاهر من اللفظ قسمان:

أحدهما: أن يكون اللفظ حقيقة فيه و موضوعا بإزائه، و هنا كما يقتضي إرادة المعنى الظاهر، فكذا يقتضي عدم إرادة غيره، و إلّا لزم الجمع بين المعنى الحقيقي و المجازي، أو الاستعمال في الأعمّ منهما.

و الثاني: ما لا يكون كذلك، بل كان اللفظ حقيقة في المعنى الأعمّ من الظاهر و غيره، إلّا أنّ ذلك المعنى لشيوعه و تعارفه كان سابقا إلى الفهم. فهذا إنّما يقتضي إرادة المعنى الظاهر و لا يقتضي عدم إرادة غيره، بل يكون إرادة الغير الظاهر منه و عدمه متوقّفا على الدليل، و لا يصلح التمسّك به لشي‌ء منهما. و ذلك كلفظ «الوجود» فإنّه حقيقة في المعنى الأعمّ من الخارجي و الذهني، لكنّ الظاهر منه عند الإطلاق هو الوجود الخارجي، لا بمعنى تحتّم الحمل عليه لو أطلق اللفظ، بل بمعنى تيقّن إرادته من اللفظ في الجملة. و ذلك لا ينافي إرادة الوجود الذهني منه أيضا؛ إذ لا يلزم المجاز على تقدير إرادته، بل كان اللفظ حينئذ مستعملا في معناه الحقيقي، أعني الأعمّ من الفردين.

و من هذا القبيل لفظ «الرؤية» فإنّها حقيقة في مطلق الإبصار، سواء تعلّق بالهلال أو بغيره، و سواء تحقّق الإبصار وقت الغروب أو قبل الزوال، حتّى لو قيل:«رؤية الهلال قبل الزوال حكمها كذا» لم يكن في ذلك خروج عن حقيقة اللفظ. لكن لمّا كان الشائع المتعارف رؤية الهلال عند الغروب، كانت هذه الرؤية سابقة إلى الفهم من إطلاق اللفظ، و السبق بهذا المعنى لا يدلّ على عدم إرادة المعنى الغير [كذا] السابق.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1982‌

و هاهنا سؤال: و هو أنّه قد تقرّر في الأصول أنّ تبادر المعنى أمارة كونه حقيقة فيه، و ثبوت العلّامة يقتضي ثبوت ذي العلامة، فمتى كان المتبادر من اللفظ خصوص أحد فردي الطبيعة كان حقيقة فيه، فيكون مجازا في الأعمّ؛ لأنّ تبادر الغير علامة المجاز.

و جوابه: أنّ المتبادر إنّما يكون دليلا و علامة في مقام الاشتباه و عدم العلم بحقيقة اللفظ.

أمّا مع العلم بحقيقة اللفظ بنصّ الواضع أو ثبوت ملزوم الوضع أو نفي لوازم المجاز، فلا تعويل عليه، كما لا يخفى.

و أمّا الاستدلال بالأخبار المذكورة من حيث إنّ الأمر بالصوم للرؤية إنّما يكون قبل دخول وقت الصوم، فيمكن الجواب عنه بأنّ المراد من الصوم بعد مضيّ جزء من وقته هو الإمساك في البقيّة المستقبلة و الامتداد به إن لم يكن أفطر.

و قد ورد الأمر بالصوم بهذا المعنى في كثير من الأخبار، كصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، قال:

سألته عن الرجل يبدو له بعد ما يصبح و يرتفع النهار أن يصوم ذلك اليوم و يقضيه من شهر رمضان و إن لم يكن نوى ذلك من الليل؟ قال: «نعم، يصومه و يعتدّ به إذا لم يحدث شيئا». «1»

و صحيحته الأخرى، قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يصبح و لم يطعم و لم يشرب و لم ينو صياما و كان عليه يوم من شهر رمضان، أله أن يصوم ذلك و قد ذهب عامّة النهار؟ قال:«نعم، له أن يصوم و يعتدّ به من شهر رمضان». «2»

و موثّقة أبي بصير، قال:

سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الصائم المتطوّع، يعرض له الحاجة؟ قال: «هو بالخيار ممّا بينه و بين العصر، و إن مكث حتّى العصر ثمّ بدا له أن يصوم و لم يكن نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء». «3»

و عن الخامس بالمنع من دلالة الأخبار المذكورة على الصوم و الإفطار و إن لم تتحقّق الرؤية في الليل. و إنّما تدلّ على الحكم بأحدهما مع التغيّم و حصول الاشتباه.

______________________________
(1). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 186، ح 522.

(2). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 187، ح 526.

(3). تهذيب الأحكام، ج 4، ص 186، ح 521.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1983‌

و المراد حصول الغيم في وقت اعتبار الرؤية، و منه ما قبل الزوال على هذا القول، فيكون المفروض حصول الغيم هناك أيضا.

و لو سلّم أنّ المراد حصول الغيم و الاشتباه في الليل، فإنّما يدلّ على عدم اعتبار الرؤية قبل الزوال من جهة الإطلاق، فلا يعارض ما دلّ على اعتبار الرؤية المذكورة بخصوصه، بل و يجب تقييد الإطلاق به؛ حملا للمطلق على المقيّد، جمعا بين الأخبار.

و عن السادس، بالطعن في السند أوّلا؛ لجهالة الراوي، أعني جرّاح المدائني، و اشتماله على القاسم بن سليمان، و هو أيضا مجهول. و ثانيا: بالحمل على الرؤية بعد الزوال؛ حملا للمطلق على المقيّد، جمعا بين الروايات.

و عن السابع، بضعف السند؛ لاشتماله على محمّد بن جعفر، و هو مشترك بين الثقة و غيره، و لا تمييز؛ و لجهالة الواسطة بين الشيخ رحمه اللّه و عليّ بن حاتم؛ لسقوطها، و لا نعلم تعيّنها من المشيخة، و لا أنّه نقل الرواية عن كتابه؛ و لاشتمالها على المكاتبة و إضمار المكتوب إليه.

و المشهور ضعف الرواية بهما. و مع ذلك، فالمفروض في السؤال وقوع الاشتباه في هلال شهر رمضان، فإنّه إنّما رئي في غد تلك الليلة، و هو يوم الثلاثين من شعبان، و على هذا، فالحكم بصوم ذلك اليوم يدلّ على اعتبار الرؤية قبل الزوال. و قول السائل:«فترى أن يفطر قبل الزوال إذا رأيناه» و قوله عليه السّلام في الجواب: «تتمّ إلى الليل، فإنّه إن كان تامّا لرئي قبل الزوال» يدلّ على أنّ الاشتباه الواقع إنّما هو في آخر شهر رمضان، و أنّ الهلال الذي رئي قبل الزوال هو هلال شوّال و أنّه لا اعتبار بالرؤية قبل الزوال؛ لأنّه قد يتّفق ذلك إذا كان الشهر تامّا.

و الحقّ أنّ الرواية ضعيفة السند، مضطربة الدلالة، فلا يصلح التعلّق بها لشي‌ء من القولين، و إن كان دلالتها على القول المشهور أظهر؛ لإمكان إضافة هلال شوّال إلى شهر رمضان توسّعا؛ لصدق الإضافة بأدنى ملابسة.

قيل: و يمكن توجيه الرواية بحيث توافق القول باعتبار الرؤية قبل الزوال بتكلّف، بأن يحمل قوله: «إن كان تامّا لرئي قبل الزوال» على أنّه إن كان الشهر المستقبل تامّا رئي هلاله قبل الزوال.

و لا يخفى ما فيه؛ لأنّ تماميّة الشهر المستقبل لا تعلّق له برؤية الهلال قبل الزوال، بل لو كان ناقصا لأمكن رؤيته قبل الزوال أيضا، فالاعتبار إنّما هو بتماميّة الشهر الماضي و نقصانه، فإنّ كان ناقصا فلا يمكن رؤية هلال الشهر المستقبل آخر يوم منه، و هو يوم التاسع‌

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1984‌

و العشرين، سواء كان الشهر المستقبل تامّا أو ناقصا. و إن كان تامّا أمكن رؤيته قبل الزوال يوم الثلاثين كذلك، و لا مدخليّة لتماميّة الشهر المستقبل و نقصانه فيه. و ذلك واضح.

و قد ظهر بما ذكرناه أنّ الأخبار التي استدلّ بها الخصم- سوى روايتي المدائني و رواية محمّد بن عيسى العبيدي- ليس في شي‌ء منها ما ينافي الأخبار المتقدّمة، و قد مرّ وجهه مفصّلا. و لو كان، فإنّما هو لأجل إطلاق ضعيف لا يصلح مستندا في مقابلة الأخبار الصريحة، بل لا يبعد أن يقال: إنّ الأخبار الكثيرة الدالّة على اعتبار الرؤية تتناول بإطلاقها الرؤية قبل الزوال، و إنّما خرج عنها الرؤية بعد الزوال بالإجماع و الأخبار، فيبقى غيرها مندرجا تحت العموم.

و هما «1»- مع اشتراكهما في ضعف السند- قاصرة الدلالة؛ فإنّ الأولى مطلقة فيجب تقييدها بالأخبار الصريحة، و الثانية مضطربة الدلالة جدّا، فلا تصلح لمعارضة الروايات المتقدّمة، مع صحّة سندها، و كثرة عددها، و صراحتها في المطلوب، و اعتضادها بما حكاه السيّد المرتضى «2» عن عليّ عليه السّلام، فإنّها لا تقصر عن الرواية المرسلة، و مخالفتها للمشهور بين العامّة فتوى و رواية. فقد نقل العلّامة في التذكرة عن أبي حنيفة و مالك و الشافعي عدم اعتبار الرؤية قبل الزوال، و إنّما احتجّوا عليه بما رووه عن أبي وائل منصور بن سلمة، قال:

جاء [نا] كتاب عمر و نحن بخانقين: أنّ الأهلّة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال في أوّل النهار فلا تفطروا حتّى تمسوا، إلّا أن يشهد رجلان مسلمان أنّهما أهلّاه بالأمس عشيّة. «3»

و قد حكى القول باعتبار الرؤية قبل الزوال عن أبي يوسف و الثوري. 4 و لا يجوز أن يكون التقيّة منهما؛ لأنّ أبا يوسف إنّما صدرت عنه الفتاوى في زمن الرشيد حين استعمله للقضاء و لم يعهد منه الفتوى في زمن الصادق عليه السّلام. و لا يعدّ ذلك في تقيّة أيّام أبي حنيفة- كما قيل- و أمّا الثوري فهو و إن كان في عصره عليه السّلام إلّا أنّ التقيّة منه دون أبي حنيفة و مالك بعيد جدّا.

هذا فيما روي عن أبي عبد الله عليه السّلام، و أمّا ما روي عن أبي جعفر عليه السّلام، كصحيحة محمّد بن قيس و مرسلة الصدوق في الفقيه، فلا يتوهّم فيه الحمل على التقيّة؛ لتقدّم عصره.

______________________________
(1). يعني روايتي المدائني و محمّد بن عيسى العبيدي المتقدّمتين.

(2). المسائل الناصريات، ص 291، المسألة 127.

(3) و 4. تذكرة الفقهاء، ج 6، ص 126.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1985‌

و العجب من بعض الفضلاء «1» حيث جعل مخالفة العامّة من مرجّحات المشهور، و هو اشتباه نشأ من قلّة التتبّع لمذاهب العامّة، و كذا الترجيح بموافقة الكتاب، كما ذكره جماعة.

فإنّ أقصر ما يدلّ عليه هو وجوب إكمال العدّة أو وجوب إتمام الصوم إلى الليل، و لا إشعار في شي‌ء من ذلك باعتبار الرؤية قبل الزوال و لا عدمه.

و أمّا الشهرة بين الأصحاب، فالأمر فيها هيّن بعد مخالفة كثير من أجلّاء المتقدّمين و موافقة أكثر المتأخّرين لهم، و تردّد آخرين في المسألة كما مرّ، على أنّ المعتمد من الشهرة في مقام الترجيح هي الشهرة بين متقدّمي الأصحاب، كرواة الأخبار و التابعين لهم. و أمّا الشهرة الحاصلة بعد زمان الشيخ رحمه اللّه ففيها كلام مشهور، و إن كان الحقّ عدم خلوّها عن نوع تأييد.

و أمّا الإجماع الذي حكاه العلّامة في التذكرة «2»، فهو معارض بالإجماع المنقول عن السيّد المرتضى، فقد نقل عنه في المختلف «3» أنّه ذهب إلى اعتبار الرؤية قبل الزوال، و أنّه ادّعى أنّ عليّا عليه السّلام و ابن مسعود و جماعة قالوا به، و أنّه لا مخالف لهم. و قد ترجّح هذا بما تضمّنته من النسبة إلى عليّ عليه السّلام صريحا، و بقرب عصر الناقل له من عصر الأئمّة عليهم السّلام، فلا يبعد اطّلاعه على الإجماع، بخلاف الأوّل؛ و برجوع العلّامة في المختلف عمّا نقله في التذكرة «4»، و اعتماده فيه على الإجماع المحكيّ عن السيّد المرتضى.

و هذا كلّه ممّا يضعّف الإجماع الذي حكاه في التذكرة.

احتجّ العلّامة على اعتبار الرؤية قبل الزوال في الصوم بالإجماع المنقول عن السيّد المرتضى و بروايتي حمّاد و عبيد- المتقدّمتين- و بأنّه إذا رآه قبل الزوال كان محلّ الصوم باقيا، فيجب ابتداؤه. ثمّ نقل احتجاج الشيخ رحمه اللّه و أجاب عنه، ثمّ قال:

لا يقال: الأحاديث التي ذكرتموها يقتضي المساواة بين الصوم و الفطر؛ لأنّا نقول: الفرق إنّما هو الاحتياط للصوم، و هو إنّما يتمّ بما فصّلناه. «5»

و فيه أنّ الاحتياط ليس بواجب و إنّما هو أمر ندب إليه، و لو وجب فإنّما يجب فيما لا نصّ‌

______________________________
(1). انظر رسالة عدم اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال للوحيد، في الجزء الأوّل من هذه المجموعة برقم 12، ص 20- 21.

(2). تذكرة الفقهاء، ج 6، ص 126.

(3). مختلف الشيعة، ج 3، ص 359، المسألة 89.

(4). لا يخفى أنّ العلّامة ألّف التذكرة بعد المختلف. راجع غاية المراد، ج 1، ص 35- 36، 49- 51، مقدّمة التحقيق.

(5). مختلف الشيعة، ج 3، ص 360، المسألة 89.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1986‌

فيه، لا فيما ورد فيه النصوص المعتبرة، مع أنّ الاحتياط هنا معارض بمثله إذا رئي الهلال يوم الثلاثين من رمضان؛ لاحتمال كونه من شوّال مع حرمة صوم يوم العيد. و أيضا فالتنزيل على الوجه المذكور إنّما يتصوّر في رواية حمّاد، و أمّا رواية عبيد بن زرارة فهي صريحة في اعتبار الرؤية في الإفطار.

و بالجملة، فالجواب إمّا القول باعتبار الرؤية قبل الزوال مطلقا في الصوم و الإفطار، أو القول بعدم اعتباره كذلك. و أمّا التفصيل فلا وجه له أصلا.

و ينبغي التنبيه لأمور:

الأوّل: لو رئي الهلال في أوّل الشهر قبل الزوال و لم ير هلال شوّال ليلة إحدى و ثلاثين وجب صومه مع الصحو و التطلّع؛ لانكشاف الخطإ و إلّا لم يجب، كما لو ثبت بشهادة عدلين.

و قال العلّامة في المختلف:

يجب صومه مطلقا؛ لأنّ الاحتياط للصوم متعيّن فلا يجوز الإقدام على الإفطار، بناء على مثل هذه الروايات المفيدة للظنّ المعارضة بمثلها. «1»

و فيه نظر.

الثاني: اعتبار الرؤية قبل الزوال لا يختصّ بهلال شهر رمضان أو شوّال، على الأقرب؛ لأنّ الوجه في الجميع واحد، و لإطلاق بعض الروايات. و يحتمل الاختصاص؛ اقتصارا فيما خالف الأصل على مورد النصّ.

الثالث: روى الكليني (طاب ثراه) في كتاب الروضة، بسند ضعيف، عن عمرو بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السّلام: إنّ المغيرية يزعمون أنّ هذا اليوم لهذه الليلة المستقبلة، فقال:

كذبوا، هذا اليوم للّيلة الماضية، إنّ أهل بطن نخلة حيث رأوا الهلال قالوا: قد دخل الشهر الحرام. «2»

و استدلّ بعض فضلاء المتأخّرين بهذه الرواية على عدم اعتبار الرؤية قبل الزوال، قال:

و وجه الدلالة أنّه يفهم منه أنّ الهلال إذا رئي فاليوم المستقبل و الليلة المستقبلة أوّل الشهر، و أنّ اليوم تابع للّيلة الماضية.

و هو كما ترى.

______________________________
(1). مختلف الشيعة، ج 3، ص 360، المسألة 89.

(2). الكافي، ج 8، ص 274، ح 517، باب فضل آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله.

رؤيت هلال، ج‌3، ص: 1987‌

56. شيخ حسين آل عصفور بحرانى قدّس سرّ

________________________________________
مختارى، رضا و صادقى، محسن، رؤيت هلال، 5 جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامى حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1426 ه‍ ق