بسم الله الرحمن الرحیم

نفی عسر

فهرست فقه
القواعد الفقهیة و الاصولیة


کتاب الصلاه، ج 1، ص 351-352

و أمّا الأخرس الذي لا يمكن تفهيمه القراءة أو المعاني و لو إجمالا: فالظاهر سقوط تحريك اللسان عنه، لعدم الدليل عليه إلاّ ما يتوهّم من أنّ‌ التحريك كان واجبا مع القراءة فلا يسقط بسقوطها، و فيه ما لا يخفى. و أمّا رواية السكوني: فهي - بقرينة ذكر الإشارة فيها - محمولة على من يمكن تفهيمه شيئا من القراءة أو المعنى، ليشير إليه، كالقادر على الكلام الجاهل بالقرآن و الذكر، الذي تقدّم أنّ‌ الأحوط، بل الأقوى أن يقف بقدر القراءة، و اللّٰه العالم. و في حكم الأخرس: من عجز عن النطق لعارض، و أمّا من لا يقدر على إصلاح لسانه كالتمتام [1] و الفأفأ [2] و الألثغ [3]، أو لغيرها، فهو يأتي بالمقدور، لفحوى ما مرّ في الأخرس. و في موثّقة مسعدة بن صدقة عن مولانا الصادق عليه السلام: «إنّك قد ترى من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح، و كذلك الأخرس في القراءة في الصلاة و التشهد و ما أشبه ذلك، فهذا بمنزلة العجم، و المحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلّم الفصيح» ، و في رواية  السكونيّ‌ عن الصادق عليه السلام عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم: «إنّ‌ الرجل الأعجمي من أمتي ليقرأ القرآن بعجميته فترفعه الملائكة على عربيّته» ، و في الخبر: «سين بلال عند اللّٰه شين» . و الظاهر عدم وجوب الائتمام على من ذكر، لعموم أدلّة استحباب الجماعة بالنسبة إلى جميع المكلّفين و إن وجبت على بعضهم في بعض الأحوال مثل من ضاق وقته عن التعلّم، فإنّ‌ استحباب الجماعة ذاتا له لا ينافي وجوبها عليه في هذا الحال، بخلاف من ذكر، فإنّ‌ إيجاب الجماعة عليهم يستلزم تخصيص العمومات بالنسبة إلى الأشخاص، و لعلّه الفرق بين المقامين، فتأمّل. مضافا إلى عدم الخلاف ظاهرا في عدم لزوم الجماعة عليهم و استلزام إيجابه العسر الأغلبي، الذي يكون مناطا لدفع الحكم على الإطلاق، لا دائرا معه وجودا و عدما.

 

 

کتاب الصلاه، ج 3، ص 19

و لو جهل البلوغ و لا شيء يرجع إليه من بيّنة و نحوها أتمّ‌ ؛ لأصالة عدم تحقّق الموجب للقصر. و لو صلّى قصراً أعاد و لو بعد كشف كونه مسافة. و هل يجب الفحص أم لا؟ وجهان: من أصالة العدم التي لا يعتبر فيها الفحص عند إجرائها في موضوعات الأحكام. و من تعلّق الحكم بالقصر على المسافة النفس الأمريّة، فيجب لتحصيل الواقع عند الشكّ‌: إمّا الجمع و إمّا الفحص، و الأوّل منتفٍ‌ هنا إجماعاً، فتعيّن الثاني. و ربما فصّل بين صورة تعسّر الفحص و عدمه؛ للوجه الثاني مع ملاحظة أدلّة العسر، و لا يبعد؛ استناداً إلى حكم العرف بتعلّق الخطاب الوجوبي في أمثال المقام على الموضوع الذي يمكن العلم به بسهولة، لا المعلوم بالفعل و إن لم نقل بذلك في الخطابات التحريميّة.

 

 

کتاب الصوم، ص 274

[مسألة 15 الحامل المقرب و المرضعة يجوز لهما الإفطار] مسألة [15] الحامل المقرب - و هي التي قرب زمان وضعها - و المرضعة القليلة اللبن إذا خافتا على الولد أو النفس يجوز لهما الإفطار بلا خلاف ظاهر، و عن المنتهى: أنّ‌ عليه إجماع فقهاء الإسلام . و يدلّ‌ عليه - مضافا إلى عمومات نفي العسر و الحرج و الضرر - رواية محمّد بن مسلم «قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الحامل المقرب و المرضعة القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان، لأنّهما لا تطيقان الصوم، و عليهما أن تتصدّق كلّ‌ واحدة منهما في كلّ‌ يوم تفطران فيه بمدّ من طعام، و عليهما قضاء كلّ‌ يوم أفطرتا فيه تقضيانه بعد» .

 

کتاب الصوم، ص 282

و أمّا ذو العطاش - بضمّ‌ العين - و هو داء لا يروى صاحبه من الماء، فيجوز له الإفطار - أيضا - بلا خلاف ظاهر، و حكي عليه الإجماع مستفيضا، مضافا إلى عمومات جواز الإفطار للمريض و نوافي العسر و الحرج، و خصوص رواية ابن مسلم المتقدّمة .

 

 

 

 

کتاب الطهاره، ج 3، ص 295-297

و منها: وجوب عملها بالاحتياط و جمعها بين وظيفتي الحائض و المستحاضة، و يعبّر عنه كما عن القواعد بالردّ إلى أسوإ الاحتمالات، كما عن المبسوط و أحد وجهي الوسيلة ، و المراد به فرضها كونها حائضاً  بالنسبة إلى ما يحرم على الحائض، و فرض كونها مستحاضة بالنسبة إلى ما يجب على المستحاضة من الوضوء و الغسل و العبادة الواجبة، و أمّا المندوبة فهي من محرّمات الحائض إن جعلنا حرمة العبادة ذاتيّة، و إن جعلناها تشريعيّة فيخرج عن محرّمات الحائض و واجبات المستحاضة، و حينئذٍ فيمكن القول بجواز فعلها احتياطاً في المندوبات، و لا يصدق التشريع مع قصد الاحتياط، و الأحوط تركها فراراً عن احتمال الحرمة الذاتيّة و إن كان ضعيفاً كما سنشير إليه إن شاء اللّٰه تعالى. ثمّ‌ إنّ‌ هذا القول و إن كان بحسب العمل أصوب الأقوال إلّا أنّه بحسب الدليل أضعفها؛ لعدم الدليل على وجوب الاحتياط فيما نحن فيه، عدا ما يتخيّل من ثبوت العلم الإجمالي بالحيض في زمان و الطهر في زمان و عدم العلم بتعيّنهما، فيجب من باب المقدّمة في كلّ‌ زمان الإتيان بواجبات المستحاضة؛ لاحتمال كونها في ذلك الزمان مستحاضة، و ترك محرّمات الحائض، لاحتمال كونها حائضاً. و فيه بعد تسليم جريان باب المقدّمة في الأُمور التدريجية و الوقائع الحادثة شيئاً فشيئاً -: بأنّ‌ هذا الوجه إنّما يقتضي وجوب جعل الحيض في كلّ‌ شهر ثلاثة أيّام، فلا يقضي بعد انقضاء شهر رمضان أزيد منها، مع أنّ‌ القائل بهذا القول يلزمها بقضاء عشرة بل أحد عشر. 

و أيضاً فهذا الوجه لا يقتضي منع الزوج في جميع الزمان؛ إذ كما أنّ‌ المنع في زمان الحيض حرام فالتمكين في زمان الطهر واجب، إلّا أن يقال: إنّ‌ الواجب على الزوج الامتناع من الوطء مطلقاً من باب المقدّمة، و أنت إذا تأمّلت ما سيجيء ممّا ذكروه في هذا الضابط من الفروع تعلم أنّ‌ منشؤه ليس ما ذكر من باب المقدّمة. هذا كلّه، مع أنّ‌ فيه مضافاً إلى العسر و الحرج، و منافاته كما قيل لما تقتضيه حكمة الباري مع ندرة القائل به، بل في البيان: أنّه ليس قولاً لنا ، و هو الظاهر من المنتهى ؛ حيث نسبه إلى الشافعي طرحاً للمرسلة المعمول بها بين الأصحاب كما قيل ، المتضمّنة لشواهد كثيرة على صحّتها و صدق مضمونها.

 

کتاب الطهاره، ج 1، ص 334

و أمّا لزوم الحرج: فإن كان من جهة كثرة الابتلاء بذلك فهو في محلّ‌ المنع، مع أنّ‌ اعتبار الحرج النوعيّ‌ مع قيام الدليل ساقط، و الحرج الشخصي مسقط لأكثر التكاليف، و منها الاجتناب عن الغسالة، لا لنجاسة ما دلّ‌ الدليل على نجاسته.

 

 

کتاب الطهاره، ج 2، ص 114-115

(و) اعلم أنّه لا خلاف عند المشهور - حيث فسّروا النيّة بالإرادة التفصيليّة، كما عرفت - في أنّه (يجب استدامة حكمها) في كلّ‌ جزء من الوضوء، و لا يضرّ انقطاعها في الأثناء مع عدم الاشتغال بفعل اتّفاقا كما سيجيء. ثمّ‌ إنّ‌ الوجه في وجوب هذه الاستدامة ما دلّ‌ على اعتبار النيّة في العمل ؛ إذ مع عدم الاستدامة يقع الجزء الواقع حاله غير منويّ‌، و أمّا كفاية الحكمية و عدم إيجاب الاستدامة الفعليّة فلتعذّرها أو تعسّرها. و تخيّل بعضهم أنّ‌ الدليل على وجوب الحكميّة أنّه لمّا تعذّرت الفعليّة لم تسقط الحكميّة لقاعدة «الميسور لا يسقط بالمعسور»، فأخذ في الردّ عليها تارة و عدم جريانها في المقام اخرى» . نعم، قد يورد عليه: أنّ‌ اللازم من تعذّر الفعليّة دائما مراعاتها بقدر الإمكان، لكنّ‌ الإنصاف أنّه عسر جدّا و أنّ‌ اللازم من تعذّر الفعليّة عدم وجوب إخطار المنويّ‌ بقيودها التفصيليّة، فلم لا يكفي بإخطاره بعنوان إجمالي‌؟ و فيه: أنّ‌ العسر إنّما هو بالتزام الإخطار و عدم الذهول و الغفلة عنه. و كيف كان، فلا غبار في وجوب هذا المقدار، و إنّما البحث مع المشهور في اعتبار الزائد من ذلك في أوّل العمل، و هلاّ جعلوا النيّة الفعليّة هذه التي سموها حكميّة.

 

 

المکاسب، ج 3، ص 302

[الدليل الخامس: لزوم الحرج] الخامس من حجج القائلين بالمواسعة: لزوم الحرج العظيم، الّذي يشهد بنفيه الأدلّة الثلاثة، بل الأربعة. و يرد عليه أنّ‌ الحرج لا يلزمإلاّ مع كثرة الفوائت، و حينئذ فإن كان لزومه على وجه يرتفع به التكليف حكم بمقتضاه، كما يحكم القائل بالمواسعة عند ظنّ‌ طروّ العجز، و كما يحكم بسقوط القيام في الصلاة عند تعسّره فلا يتعدّى إلى صورة عدم لزوم الحرج، لقلّة الفوائت. و ليس المقام ممّا يقضي لزوم الحرج بتشريع المواسعة في جميع الأفراد حتّى مع عدم الحرج، بأن يكون لزوم الحرج مؤسّسا للحكم، لأنّ‌ ذلك إنّما هو فيما كان العسر في أغلب الموارد فيتبعها النادر، كما في تشريع القصر في السفر للحرج، و تشريع طهارة الحديد، و غير ذلك، و ليس كذلك ما نحن فيه قطعا. فاندفع ما يقال: إنّ‌ غرض المستدلّ‌ أنّ‌ المشقّة النوعيّة الثابتة في فوريّة القضاء يقتضي - بحسب الحكمة المرعيّة في الشريعة السمحة السهلة - نفيها مطلقا، و إن انتفت المشقّة الشخصيّة في ثبوتها في بعض الأحيان. هذا مع إمكان معارضته بأنّ‌ حكمه عدم وقوع المكلّف في تهلكة بقائه مشغول الذمّة بالفوائت بعد الموت، اقتضت إيجاب المبادرة إليها إذ قلّما اتّفق للمكلّف أن يكون عليه فوائت كثيرة لم يبادر إليها في السعة إلاّ و قد مات مشغول الذمّة بها أو بأكثرها. و كيف كان، فهذا الدليل - في الضعف - كسابقه، إلاّ أنّه ينفي الترتيب أيضا و لو لم ينشأ من المضايقة، لأنّ‌ مقتضاه وجوب الاشتغال بالفوائت تحصيلا للترتيب بين الحاضرة و بين ما يمكن تقديمه عليها من الفوائت، بل لو لم يشتغل بها أيضا كان في نفس تأخير الحاضرة حرج من جهة ضبط أواخر الأوقات بالساعات و العلامات إلاّ إذا قلنا بأنّ‌ الواجب تأخير الحاضرة عن مجموع الفوائت، لا عن كلّ‌ فائتة حتّى يجب الاشتغال بها مهما أمكن، فافهم. و الحاصل: أنّ‌ لزوم العسر على من كثر عليه الفوائت مسلّم، سواء قلنا بالمضايقة أم قلنا بلزوم الترتيب من دون المضايقة، لكنّ‌ الحكم بنفيهما عموما حتّى في مورد عدم الحرج يحتاج إلى دليل آخر. و التمسّك بالإجماع المركّب في غير موضعه، لأنّ‌ الفصل في الأحكام التكليفيّة بين موارد الحرج و غيرها، لكثرة وقوعه في الشريعة لا يعلم مخالفته في هذه المسألة لقول الإمام عليه السلام، و إن كان القطع به في بعض الموارد

 

 

                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 99.
 [معاملتها مع الغير:]
أمّا معاملتها مع الغير، فمقتضى القاعدة احترازها عن غيرها مطلقا؛ للعلم الإجمالي بحرمة نظرها إلى إحدى الطائفتين، فتجتنب عنهما مقدّمة.
و قد يتوهّم: أنّ ذلك من باب الخطاب الإجمالي؛ لأنّ الذكور مخاطبون بالغضّ عن الإناث و بالعكس، و الخنثى شاكّ في دخوله في أحد الخطابين.
و التحقيق: هو الأوّل؛ لأنّه علم تفصيلا بتكليفه بالغضّ عن إحدى الطائفتين، و مع العلم التفصيلي لا عبرة بإجمال الخطاب، كما تقدّم في الدخول و الإدخال في المسجد لواجدي المني.
مع أنّه يمكن إرجاع الخطابين إلى خطاب واحد، و هو تحريم نظر كلّ إنسان إلى كلّ بالغ لا يماثله في الذكورية و الانوثيّة عدا من يحرم نكاحه.
و لكن يمكن أن يقال: إنّ الكفّ عن النظر إلى ما عدا المحارم مشقّة عظيمة، فلا يجب الاحتياط فيه، بل العسر فيه أولى من الشبهة الغير المحصورة.

 

                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 382
الوجه الثالث: [ما حكي عن صاحب الرياض قدّس سرّه:]
ما حكاه الاستاذ عن استاذه السيّد الطباطبائيّ قدّس سرّهما «1»:
من أنّه لا ريب في وجود واجبات و محرّمات كثيرة بين المشتبهات، و مقتضى ذلك وجوب الاحتياط بالإتيان بكلّ ما يحتمل الوجوب و لو موهوما، و ترك ما يحتمل الحرمة كذلك، و لكن مقتضى قاعدة نفي العسر و الحرج عدم وجوب ذلك كلّه «2»؛ لأنّه عسر أكيد و حرج شديد؛ فمقتضى الجمع بين قاعدتي «الاحتياط» و «انتفاء الحرج»، العمل بالاحتياط في المظنونات دون المشكوكات و الموهومات؛ لأنّ الجمع على غير هذا الوجه بإخراج بعض المظنونات و إدخال بعض المشكوكات و الموهومات باطل إجماعا.
 [المناقشة في هذا الوجه:]
و فيه: أنّه راجع إلى دليل الانسداد الآتي «3»؛ إذ ما من مقدّمة من مقدّمات ذلك «4» الدليل إلّا و «5» يحتاج «6» إليها في إتمام هذا الدليل، فراجع و تأمّل حتّى يظهر لك حقيقة الحال.
مع أنّ العمل بالاحتياط في المشكوكات- أيضا- كالمظنونات‏
__________________________________________________
 (1) حكاه شريف العلماء عن استاذه صاحب الرياض قدّس سرّهما في مجلس المذاكرة، على ما في بحر الفوائد 1: 189.
 (2) لم ترد «كلّه» في (ظ) و (م).
 (3) في الصفحة 384.
 (4) في (ه) و نسخة بدل (ص): «هذا».
 (5) في (ت)، (ر)، (ص) و (ظ) زيادة: «هي».
 (6) في (ظ): «محتاج».
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 383
لا يلزم منه حرج قطعا؛ لقلّة موارد الشكّ المتساوي الطرفين كما لا يخفى، فيقتصر في ترك الاحتياط على الموهومات فقط.
و دعوى: أنّ كلّ من قال بعدم الاحتياط في الموهومات قال بعدمه- أيضا- في المشكوكات، في غاية الضعف و السقوط.

 

 

الثاني: لزوم العسر الشديد و الحرج الأكيد في التزامه‏
؛ لكثرة ما يحتمل موهوما وجوبه خصوصا في أبواب الطهارة و الصلاة، فمراعاته ممّا يوجب الحرج، و المثال لا يحتاج إليه؛ فلو بنى العالم الخبير بموارد الاحتياط فيما لم ينعقد عليه إجماع قطعيّ أو خبر متواتر على الالتزام بالاحتياط في جميع اموره يوما و ليلة، لوجد صدق ما ادّعيناه.
هذا كلّه بالنسبة إلى نفس العمل بالاحتياط.
 [تعليم و تعلّم موارد الاحتياط حرج أيضا:]
و أمّا تعليم المجتهد موارد الاحتياط لمقلّده، و تعلّم المقلّد موارد الاحتياط الشخصيّة، و علاج تعارض الاحتياطات، و ترجيح الاحتياط الناشئ عن الاحتمال القويّ على الاحتياط الناشئ عن الاحتمال الضعيف، فهو أمر مستغرق لأوقات المجتهد و المقلّد، فيقع الناس من جهة تعليم هذه الموارد و تعلّمها في حرج يخلّ بنظام معاشهم و معادهم.
__________________________________________________
 (1) في (ت)، (ر) و نسخة بدل (ص): «في نفسه».
 (2) راجع الصفحة 390- 394.
 (3) في غير (ت): «في أنّ».
 (4) لم ترد عبارة «مضافا- إلى- فراجع» في (ظ) و (م)، و كتب فوقها في (ص):
 «نسخة».
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 405
توضيح ذلك: أنّ الاحتياط في مسألة التطهير بالماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر ترك التطهير به، لكن قد يعارضه في الموارد الشخصيّة احتياطات أخر، بعضها أقوى منه و بعضها أضعف و بعضها مساو؛ فإنّه قد يوجد ماء آخر للطهارة، و قد لا يوجد معه إلّا التراب، و قد لا يوجد من مطلق الطهور غيره، فإنّ الاحتياط في الأوّل هو الطهارة من ماء آخر لو لم يزاحمه الاحتياط من جهة اخرى، كما إذا كان قد أصابه ما «1» لم ينعقد الإجماع على طهارته. و في الثاني هو الجمع بين الطهارة المائيّة و الترابيّة إن لم يزاحمه ضيق الوقت المجمع عليه «2».
و في الثالث الطهارة من ذلك المستعمل و الصلاة إن لم يزاحمه أمر آخر واجب أو محتمل الوجوب.
فكيف يسوغ للمجتهد أن يلقي إلى مقلّده أنّ الاحتياط في ترك الطهارة بالماء المستعمل مع كون الاحتياط في كثير من الموارد استعماله فقط أو الجمع بينه و بين غيره.
و بالجملة: فتعليم موارد الاحتياط الشخصيّة و تعلّمها- فضلا عن العمل بها- أمر يكاد يلحق بالمتعذّر، و «3» يظهر ذلك «4» بالتأمّل في الوقائع الاتّفاقيّة.
فإن قلت: لا يجب على المقلّد متابعة هذا الشخص الذي أدّى‏
__________________________________________________
 (1) في (ت) و (ص): «قد أصابه ماء».
 (2) لم ترد «المجمع عليه» في (ر) و (ل)، و شطب عليها في (ت) و (ه).
 (3) لم ترد «و» في (ر)، (ظ)، (ل) و (م).
 (4) في (ل): «يظهر لك».
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 406
نظره إلى انسداد باب العلم في معظم المسائل و وجوب الاحتياط، بل يقلّد غيره.
قلت- مع أنّ لنا أن نفرض انحصار المجتهد في هذا الشخص-: إنّ كلامنا في حكم اللّه سبحانه بحسب اعتقاد هذا المجتهد الذي اعتقد انسداد باب العلم، و عدم الدليل على ظنّ خاصّ يكتفى به في تحصيل غالب الأحكام، و أنّ من يدّعي وجود الدليل على ذلك فإنّما نشأ اعتقاده ممّا لا ينبغي الركون إليه و يكون الركون إليه جزما في غير محلّه، فالكلام في: أنّ حكم اللّه تعالى- على تقدير انسداد باب العلم و عدم نصب الطريق الخاصّ- لا يمكن أن يكون هو الاحتياط بالنسبة إلى العباد؛ للزوم الحرج البالغ حدّ اختلال النظام.
و لا يخفى: أنّه لا وجه لدفع هذا الكلام بأنّ العوامّ يقلّدون مجتهدا غير هذا قائلا بعدم انسداد باب العلم أو بنصب الطرق الظنّيّة الوافية بأغلب الأحكام، فلا يلزم عليهم حرج و ضيق.
 [مع عدم إمكان الاحتياط لا مناص عن العمل بالظنّ‏]
ثمّ إنّ هذا كلّه مع كون المسألة في نفسها ممّا يمكن فيه الاحتياط و لو بتكرار العمل في العبادات، أمّا مع عدم إمكان الاحتياط- كما لو دار المال بين صغيرين يحتاج كلّ واحد منهما إلى صرفه عليه في الحال، و كما في المرافعات- فلا مناص عن العمل بالظنّ.
 [الإيراد على لزوم الحرج بوجوه:]
و قد يورد على إبطال الاحتياط بلزوم الحرج بوجوه لا بأس بالإشارة إلى بعضها:
 [الإيراد الأوّل‏]
منها: النقض بما لو أدّى اجتهاد المجتهد و عمله بالظنّ إلى فتوى يوجب الحرج، كوجوب الترتيب بين الحاضرة و الفائتة لمن عليه فوائت كثيرة، أو وجوب الغسل على مريض أجنب متعمّدا و إن أصابه من‏
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 407
المرض ما أصابه كما هو قول بعض أصحابنا «1»، و كذا لو فرضنا أداء ظنّ المجتهد إلى وجوب امور كثيرة يحصل العسر بمراعاتها «2».
و بالجملة: فلزوم الحرج من العمل بالقواعد لا يوجب الإعراض عنها، ففيما نحن فيه «3» إذا اقتضى القاعدة رعاية الاحتياط لم يرفع اليد عنها للزوم العسر.
 [جواب الإيراد]
و الجواب: أنّ ما ذكر في غاية الفساد؛ لأنّ مرجعه إن كان إلى منع نهوض أدلّة نفي الحرج للحكومة على مقتضيات القواعد و العمومات و تخصيصها بغير صورة لزوم الحرج، فينبغي أن ينقل الكلام في منع ثبوت قاعدة الحرج، و لا يخفى أنّ منعه في غاية السقوط؛ لدلالة الأخبار المتواترة معنى عليه «4»، مضافا إلى دلالة ظاهر الكتاب «5».
و الحاصل: أنّ قاعدة نفي الحرج ممّا ثبتت بالأدلّة الثلاثة، بل الأربعة في مثل المقام؛ لاستقلال العقل بقبح التكليف بما يوجب اختلال نظام أمر المكلّف. نعم، هي في غير ما يوجب الاختلال قاعدة ظنّية تقبل الخروج عنها بالأدلّة الخاصّة المحكمة و إن لم تكن قطعيّة.
__________________________________________________
 (1) كالشيخ المفيد في المقنعة: 60.
 (2) في (ت)، (ل)، (ه) و نسخة بدل (ص): «لمراعاتها».
 (3) كذا في (ص)، و في غيرها: «و فيما نحن فيه».
 (4) مثل: ما في الوسائل 1: 327، الباب 39 من أبواب الوضوء، الحديث 5، و الصفحة 113 و 115، الباب 8 من أبواب الماء المطلق، الحديث 5 و 11، و انظر عوائد الأيّام: 174- 181.
 (5) سورة الحجّ: 78.
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 408
 [حكومة أدلّة نفي الحرج على العمومات المثبتة للتكليف‏]
و أمّا القواعد و العمومات المثبتة للتكليف، فلا إشكال بل لا خلاف في حكومة أدلّة نفي الحرج عليها، لا لأنّ النسبة بينهما عموما من وجه فيرجع إلى أصالة البراءة كما قيل «1»، أو إلى المرجّحات الخارجيّة المعاضدة لقاعدة نفي الحرج كما زعم «2»؛ بل لأنّ أدلّة نفي العسر «3» بمدلولها اللفظيّ حاكمة على العمومات المثبتة للتكاليف، فهي بالذات مقدّمة عليها، و هذا هو السرّ في عدم ملاحظة الفقهاء المرجّح الخارجيّ، بل يقدّمونها من غير مرجّح خارجيّ.
نعم، جعل بعض متأخّري المتأخّرين «4» عمل الفقهاء بها في الموارد من المرجّحات لتلك القاعدة؛ زعما منه أنّ عملهم لمرجّح توقيفيّ اطّلعوا عليه و اختفى علينا «5». و لم يشعر أنّ وجه التقديم كونها حاكمة على العمومات.
و ممّا يوضح ما ذكرنا، و «6» يدعو إلى التأمّل في وجه التقديم المذكور في محلّه، و يوجب الإعراض عمّا زعمه غير واحد «7»، من‏
__________________________________________________
 (1) انظر القوانين 2: 50.
 (2) زعمه السيّد المجاهد في مفاتيح الاصول: 537.
 (3) في (ت) و (ه) زيادة: «و الحرج».
 (4) انظر كفاية الأحكام: 241.
 (5) في (ر)، (ظ) و (م) و مصحّحة (ل) و نسخة بدل (ص): «و اختفى عنّا».
 (6) في (ظ)، (ل) و (م) و نسخة بدل (ص) بدل «و ممّا يوضح ما ذكرنا و»:
 «و توضيح هذا و إن كان له مقام آخر، إلّا أنّا نشير إجمالا إلى ما»، و في (ظ) و (م) بدل «له»: «في».
 (7) كالسيّد المجاهد في مفاتيح الاصول: 537، و الفاضل النراقي في عوائد الأيّام:
194.
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 409
وقوع التعارض بينها و بين سائر العمومات، فيجب الرجوع إلى الاصول أو المرجّحات: ما رواه عبد الأعلى مولى آل سام في من عثر، فانقطع ظفره، فجعل عليه مرارة، فكيف يصنع بالوضوء؟ فقال عليه السّلام: «يعرف هذا و أشباهه من كتاب اللّه: ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ؛ امسح عليه» «1».
فإنّ في إحالة الإمام عليه السّلام لحكم هذه الواقعة إلى عموم نفي الحرج، و بيان أنّه ينبغي أن يعلم منه أنّ الحكم في هذه الواقعة المسح فوق المرارة، مع معارضة العموم المذكور بالعمومات الموجبة للمسح على البشرة، دلالة واضحة على حكومة عمومات نفي الحرج بأنفسها على العمومات المثبتة للتكاليف من غير «2» ملاحظة تعارض و ترجيح في البين، فافهم.
و إن كان مرجع ما ذكره إلى: أنّ التزام العسر إذا دلّ عليه الدليل لا بأس به، كما فيما ذكر من المثال و الفرض، ففيه ما عرفت «3»، من: أنّه لا يخصّص تلك العمومات إلّا ما يكون أخصّ منها معاضدا بما يوجب قوّته «4» على تلك العمومات الكثيرة الواردة في الكتاب و السنّة، و المفروض أنّه ليس في المقام إلّا قاعدة الاحتياط التي قد رفع اليد عنها لأجل العسر في موارد كثيرة: مثل الشبهة الغير المحصورة،
__________________________________________________
 (1) الوسائل 1: 327، الباب 39 من أبواب الوضوء، الحديث 5، و الآية من سورة الحجّ: 78.
 (2) في غير (ظ)، (ل) و (م) زيادة: «حاجة إلى».
 (3) راجع الصفحة 407.
 (4) كذا في مصحّحة (ت)، و في غيرها: «قوّتها».
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 410
و ما لو علم أنّ عليه فوائت و لا يحصي عددها، و غير ذلك.
بل أدلّة نفي العسر بالنسبة إلى قاعدة الاحتياط من قبيل الدليل بالنسبة إلى الأصل، فتقديمها عليها أوضح من تقديمها على العمومات الاجتهاديّة.
و أمّا ما ذكره: من فرض أداء ظنّ المجتهد إلى وجوب امور يلزم من فعلها الحرج، فيرد عليه:
أوّلا: منع إمكانه؛ لأنّا علمنا بأدلّة نفي الحرج أنّ الواجبات الشرعيّة في الواقع ليست بحيث يوجب العسر على المكلّف، و مع هذا العلم الإجماليّ يمتنع الظنّ التفصيليّ بوجوب امور في الشريعة يوجب ارتكابها العسر، على ما مرّ نظيره في الإيراد على دفع الرجوع إلى البراءة.
و ثانيا: سلّمنا إمكان ذلك- إمّا لكون الظنون الحاصلة في المسائل الفرعيّة كلّها أو بعضها ظنونا نوعيّة لا تنافي العلم الإجماليّ بمخالفة البعض للواقع، أو بناء على أنّ المستفاد من أدلّة نفي العسر «1» ليس هو القطع و لا الظنّ الشخصيّ بانتفاء العسر، بل غايته الظنّ النوعيّ الحاصل من العمومات بذلك، فلا ينافي الظنّ الشخصيّ التفصيليّ في المسائل الفرعيّة على الخلاف، و إمّا بناء على ما ربما يدّعى: من عدم التنافي بين الظنون التفصيليّة الشخصيّة و العلم الإجماليّ بخلافها، كما في الظنّ الحاصل من الغلبة مع العلم الإجماليّ بوجود الفرد النادر على الخلاف- لكن «2»
__________________________________________________
 (1) في (ت) و (ه) زيادة: «و الحرج».
 (2) في (ت)، (ر)، (ص) و (ه): «و لكن».
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 411
نمنع وقوع ذلك؛ لأنّ الظنون الحاصلة للمجتهد- بناء على مذهب الإماميّة من عدم اعتبار الظنّ القياسيّ و أشباهه- ظنون حاصلة من أمارات مضبوطة محصورة، كأقسام الخبر و الشهرة و الاستقراء و الإجماع المنقول و الأولويّة الاعتباريّة و نظائرها، و من المعلوم للمتتبّع فيها أنّ مؤدّياتها لا تفضي إلى الحرج؛ لكثرة ما يخالف الاحتياط فيها، كما لا يخفى على من لاحظها و سبرها سبرا إجماليّا.
و ثالثا: سلّمنا إمكانه و وقوعه، لكنّ العمل بتلك الظنون لا يؤدّي إلى اختلال النظام حتّى لا يمكن إخراجها عن عمومات نفي العسر، فنعمل «1» بها في مقابلة عمومات نفي العسر و نخصّصها «2» بها؛ لما عرفت «3» من قبولها التخصيص في غير مورد الاختلال.
و ليس في هذا كرّ على ما فرّ منه؛ حيث إنّا عملنا بالظنّ فرارا عن لزوم العسر، فإذا أدّى إليه فلا وجه للعمل به؛ لأنّ العسر اللازم على تقدير طرح العمل بالظنّ كان بالغا حدّ اختلال النظام من جهة لزوم مراعاة الاحتمالات الموهومة و المشكوكة، و أمّا الظنون المطابقة لمقتضى الاحتياط فلا بدّ من العمل عليها، سواء عملنا بالظنّ أو عملنا بالاحتياط، و حينئذ: فليس العسر اللازم من العمل بالظنون الاجتهاديّة في فرض المعترض من جهة العمل بالظنّ، بل من جهة مطابقته «4»
__________________________________________________
 (1) في (ظ)، (ل) و (م): «فتعمل».
 (2) في (ت): «و تخصّصها».
 (3) راجع الصفحة 407.
 (4) في (ت) و (ر): «المطابقة».
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 412
لمقتضى الاحتياط، فلو عمل بالاحتياط وجب عليه أن يضيف إلى تلك الظنون الاحتمالات الموهومة و المشكوكة المطابقة للاحتياط.
 [الإيراد الثاني على لزوم الحرج و جوابه:]
و منها: أنّه يقع التعارض بين الأدلّة الدالّة على حرمة العمل بالظنّ و العمومات النافية للحرج، و الأوّل أكثر، فيبقى أصالة الاحتياط مع العلم الإجماليّ بالتكاليف الكثيرة سليمة عن المزاحم.
و فيه: ما لا يخفى؛ لما عرفت في تأسيس الأصل «1»: من أنّ العمل بالظنّ ليس فيه- إذا لم يكن بقصد التشريع و الالتزام شرعا بمؤدّاه- حرمة ذاتيّة، و إنّما يحرم إذا أدّى إلى مخالفة الواقع من وجوب أو تحريم، فالنافي للعمل بالظنّ فيما نحن فيه ليس إلّا قاعدة الاحتياط الآمرة بإحراز الاحتمالات الموهومة و ترك العمل بالظنون المقابلة لتلك الاحتمالات، و قد فرضنا أنّ قاعدة الاحتياط ساقطة بأدلّة نفي العسر «2».
ثمّ لو فرضنا ثبوت الحرمة الذاتيّة للعمل بالظنّ و لو لم يكن على جهة التشريع، لكن عرفت سابقا «3» عدم معارضة عمومات نفي العسر لشي‏ء من العمومات المثبتة للتكليف المتعسّر.
 [الإيراد الثالث على لزوم الحرج:]
و منها: أنّ الأدلّة النافية للعسر إنّما تنفي وجوده في الشريعة بحسب أصل الشرع أوّلا و بالذات، فلا تنافي وقوعه بسبب عارض لا يسند إلى الشارع؛ و لذا لو نذر المكلّف امورا عسرة- كالأخذ بالاحتياط في جميع الأحكام الغير المعلومة، و كصوم الدهر، أو
__________________________________________________
 (1) راجع الصفحة 134.
 (2) في (ت) و (ه) زيادة: «و الحرج».
 (3) راجع الصفحة 408.
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 413
إحياء «1» الليالي أو المشي إلى الحجّ و الزيارات «2»- لم يمنع تعسّرها عن انعقاد نذرها؛ لأنّ الالتزام بها إنّما جاء من قبل المكلّف. و كذا لو آجر نفسه لعمل شاقّ لم يمنع مشقّته من صحّة الإجارة و وجوب الوفاء بها.
و حينئذ، فنقول: لا ريب أنّ وجوب الاحتياط- بإتيان كلّ ما يحتمل الوجوب و ترك كلّ ما يحتمل الحرمة- إنّما هو من جهة اختفاء الأحكام الشرعيّة المسبّب عن المكلّفين المقصّرين في محافظة الآثار الصادرة عن الشارع المبيّنة للأحكام و المميّزة للحلال عن الحرام، و هذا السبب و إن لم يكن عن «3» فعل كلّ مكلّف- لعدم مدخليّة أكثر المكلّفين في ذلك- إلّا أنّ التكليف بالعسر ليس قبيحا عقليّا حتّى يقبح أن يكلّف به من لم يكن سببا له و يختصّ عدم قبحه بمن صار التعسّر من سوء اختياره، بل هو أمر منفيّ بالأدلّة السمعيّة، و ظاهرها أنّ المنفيّ هو جعل الأحكام الشرعيّة أوّلا و بالذات على وجه يوجب العسر على المكلّف، فلا ينافي عروض التعسّر لامتثالها من جهة تقصير المقصّرين في ضبطها و حفظها عن الاختفاء مع كون ثواب الامتثال حينئذ أكثر بمراتب.
أ لا ترى: أنّ الاجتهاد الواجب على المكلّفين- و لو كفاية- من‏
__________________________________________________
 (1) في (ت)، (ظ) و (م): «و إحياء»، و في غير (ه) و (ت): «إحياء بعض الليالي».
 (2) في (ر) و (ص): «أو الزيارات».
 (3) في (ت)، (ظ)، (م) و (ه): «من».
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 414
الامور الشاقّة جدّا خصوصا في هذه الأزمنة، فهل السبب فيه إلّا تقصير المقصّرين الموجبين لاختفاء آثار الشريعة؟ و هل يفرّق في نفي العسر بين الوجوب الكفائيّ و العينيّ؟
 [جواب الإيراد الثالث:]
و الجواب عن هذا الوجه: أنّ أدلّة نفي العسر- سيّما البالغ منه حدّ اختلال النظام و الإضرار بامور المعاش و المعاد- لا فرق فيها بين ما يكون بسبب يسند عرفا إلى الشارع، و هو الذي اريد بقولهم عليهم السّلام:
 «ما غلب اللّه عليه فاللّه أولى بالعذر» «1»، و بين ما يكون مسندا إلى غيره.
و وجوب صوم الدهر على ناذره إذا كان فيه مشقّة لا يتحمّل عادة ممنوع. و كذا أمثالها «2»: من المشي إلى بيت اللّه جلّ ذكره، و إحياء الليالي، و غيرهما.
مع إمكان أن يقال: بأنّ ما ألزمه المكلّف على نفسه من المشاقّ «3»، خارج عن العمومات، لا ما كان السبب فيه نفس المكلّف، فيفرّق بين الجنابة متعمّدا فلا يجب الغسل مع المشقّة و بين إجارة النفس للمشاقّ؛ فإنّ الحكم في الأوّل تأسيس من الشارع و في الثاني إمضاء لما ألزمه المكلّف على نفسه، فتأمّل.
و أمّا الاجتهاد الواجب كفاية عند انسداد باب العلم- فمع أنّه شي‏ء يقضي بوجوبه الأدلّة القطعيّة، فلا ينظر إلى تعسّره و تيسّره- فهو
__________________________________________________
 (1) الوسائل 7: 162، الباب 24 من أبواب من يصحّ منه الصوم، الحديث 6.
 (2) كذا في جميع النسخ، و الأنسب: «أمثاله».
 (3) في (ت)، (ل) و (ه) زيادة: «لازم»، و في (ظ) و (م) زيادة: «بملزم».
                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 415
ليس أمرا حرجا «1»، خصوصا بالنسبة إلى أهله؛ فإنّ مزاولة العلوم لأهلها ليس بأشقّ من أكثر المشاغل الصعبة التي يتحمّلها الناس لمعاشهم، و كيف كان فلا يقاس عليه.
و أمّا عمل العباد بالاحتياط و مراقبة ما هو أحوط الأمرين أو الامور في الوقائع الشخصيّة إذا دار الأمر فيها بين الاحتياطات المتعارضة، فإنّ هذا دونه خرط القتاد؛ إذ أوقات المجتهد لا يفي بتمييز «2» موارد الاحتياط «3»، ثمّ إرشاد المقلّدين إلى ترجيح بعض الاحتياطات على بعض عند تعارضها في الموارد الشخصيّة التي تتّفق «4» للمقلّدين، كما مثّلنا لك سابقا بالماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر.
 







فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است