بحار الأنوار / جزء 94 / صفحة [112]
8 - قال السيد ابن طاووس في كتاب مصباح الزائر: ومما رويناه وحذفنا إسناده اختصارا أن الفياض بن محمد الطوسي حدث بطوس سنة تسع وخمسين ومائتين وقد بلغ التسعين أنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصته، قد احتبسهم للافطار، وقد قدم إلى منازلهم الطعام والبر والصلات والكسوة حتى الخواتيم والنعال، وقد غير من أحوالهم وأحوال حاشيته، وجددت له آلة غير الالة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه، وهو يذكر فضل اليوم وقديمه، فكان من قوله عليه السلام: حدثني الهادي أبي قال: حدثني جدي الصادق عليه السلام قال: حدثني الباقر قال: حدثني سيد العابدين عليه السلام قال: إن الحسين قال: اتفق في بعض سنين أمير المؤمنين عليه السلام الجمعة والغدير، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه حمدا لم يسمع بمثله، وأثنى عليه ما لم يتوجه إليه غيره، فكان مما حفظ من ذلك: الحمد لله الذي جعل الحمد [على عباده] من غير حاجة منه إلى حامديه، وطريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته وصمدانيته وربانيته وفردانيته، وسببا إلى المزيد من رحمته، ومحجة للطالب من فضله، وكمن في إبطان اللفظ حقيقة الاعتراف له بأنه المنعم على كل حمد باللفظ، وإن عظم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نزعت عن إخلاص المطوي ونطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي أنه الخالق البدئ المصور له الاسماء الحسنى ليس كمثله شئ إذا كان الشئ من مشيته، وكان لا يشبهه مكونه. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله استخلصه في القدم على سائر الامم، على علم منه به، انفرد عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس، وائتمنه آمرا وناهيا عنه، أقامه في ساير عالمه في الاداء ومقامه، إذ كان لا يدركه الابصار، ولا تحويه خواطر الافكار، ولا تمثله غوامض الظن في الاسرار، لا إله إلا هو الملك الجبار قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته واختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته، فهلهل ذلك بخاصته وخلته، إذ لا يختص من يشوبه التغيير، و لا يخالل (1) من يلحقه التظنين، وأمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته، وتطريقا للداعي إلى إجابته، فصلى الله عليه وكرم وشرف وعظم مزيدا لا يلحقه التنفيد، و لا ينقطع على التأبيد. وإن الله تعالى اختص لنفسه بعد نبيه صلى الله عليه واله من بريته خاصة علاهم بتعليته وسما بهم إلى رتبته، وجعلهم الدعاة بالحق إليه والادلاء بالارشاد عليه، لقرن قرن وزمن زمن. أنشأهم في القدم قبل كل مذروء ومبروء، أنوارا أنطقها بتحميده وألهمها بشكره وتمجيده، وجعلها الحجج له على كل معترف له بملكة الربوبية وسلطان العبودية، واستنطق بها الخرسان بأنواع اللغات، بخوعا (2) له بأنه فاطر الارضين والسماوات، وأشهدهم خلقه، وولاهم ما شاء من أمره جعلهم تراجمة مشيته، وألسن إرادته عبيدا لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون. يحكمون بأحكامه ويسنون سنته ويعتمدون حدوده، ويؤدون فروضه ولم يدع الخلق في بهم صماء، ولا في عمى بكماء (1) بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم، وتفرقت في هياكلهم. حققها في نفوسهم واستعبد لها حواسهم، فقرت بها على أسماع ونواظر، وأفكار وخواطر ألزمهم بها حجته، وأراهم بها محجته، و أنطقهم عما تشهد به بألسنة ذربة (2) بما قام فيها من قدرته وحكمته، وبين بها عندهم بها ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم بصير شاهد خبير. وإن الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه ليكمل أحدكم صنعه، ويقفكم على طريق رشده، ويقفو بكم آثار المستضيئين بنور هدايته، ويشملكم صوله (3) ويسلك بكم مهاج قصده ويوفر عليكم هنيئ رفده. فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه لتطهير ما كان قبله، وغسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله، وذكرى للمؤمنين، وتبيان خشية المتقين ووهب لاهل طاعته في الايام قبله، وجعله لا يتم إلا بالايتمار لما أمر به، والانتهاء عما نهى عنه والبخوع بطاعته فيما حث عليه وندب إليه ولا يقبل توحيده إلا بالاعتراف لنبيه صلى الله عليه وآله بنبوته، ولا يقبل دينا إلا بولاية من أمر بولايته، ولا ينتظم أسباب طاعته إلا بالتمسك بعصمه وعصم أهل ولايته.
فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه واله في يوم الدوح (1) ما بين به عن إراداته في خلصائه وذوي اجتبائه، وأمره بالبلاغ وترك الحفل بأهل الزيغ والنفاق، وضمن له عصمته منهم، وكشف من خبايا أهل الريب، وضمائر أهل الارتداد ما رمز فيه، فعقله المؤمن والمنافق فأعن معن (2) وثبت على الحق ثابت، وازدادت جهالة المنافق وحمية المارق ووقع العض على النواجد والغمر على السواعد، ونطق ناطق و نعق ناعق ونشق ناشق واستمر على ما رقيته مارق، ووقع الاذعان من طائفة باللسان دون حقائق الايمان، ومن طائفة باللسان وصدق الايمان. فكمل الله دينه، وأقر عين نبيه والمؤمنين والمتابعين، وكان ما قد شهده بعضكم وبلغ بعضكم، وتمت كلمة الله الحسنى على الصابرين، ودمر الله ما صنع فرعون وهامان وقارون وجنوده وما كانوا يعرشون. وبقيت حثالة (3) من الضلال لا يألون الناس خبالا (4) يقصدهم الله في ديارهم، ويمحو آثارهم ويبيد معالمهم، ويعقبهم عن قرب الحسرات، ويلحقهم بمن بسط أكفهم، ومد أعناقهم، ومكنهم من دين الله حتى بدلوه، ومن حكمه حتى غيروه، وسيأتي نصر الله على عدوه لحينه، والله لطيف خبير، وفي دون ما سمعتم كفاية وبلاغ، فتأملوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه وحثكم عليه، و اقصدوا شرعه، واسلكوا نهجه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله.
إن هذا يوم عظيم الشأن، فيه وقع الفرج، ورفعت الدرج ووضحت الحجج و هو يوم الايضاح، والافصاح من المقام الصراح، ويوم كمال الدين، ويوم العهد المعهود ويوم الشاهد والمشهود، ويوم تبيان العقود عن النفاق والجحود، ويوم البيان عن حقائق الايمان، ويوم دخر الشيطان، ويوم البرهان، هذا يوم الفصل الذي كنتم [به تكذبون] هذا يوم الملاء الاعلى الذي أنتم عنه معرضون، هذا يوم الارشاد ويوم محنة العباد، ويوم الدليل على الرواد، هذا يوم إبداء خفايا الصدور، و مضمرات الامور، هذا يوم النصوص على أهل الخصوص. هذا يوم شيث، هذا يوم إدريس، هذا يوم يوشع، هذا يوم شمعون، هذا يوم الامن والمأمون، هذا يوم إظهار المصون من المكنون، هذا يوم بلوى السرائر. فلم يزل عليه السلام يقول: هذا يوم هذا يوم. فراقبوا الله واتقوه، واسمعوا له وأطيعوه، واحذروا المكر، ولا تخادعوه وفتشوا ضمائركم ولا تواربوه (1)، وتقربوا إلى الله بتوحيده، وطاعة من أمركم أن تطيعوه، لا تمسكوا بعصم الكوافر، ولا يجنح بكم الغي فتضلوا عن سبيل الله باتباع اولئك الذين ضلوا وأضلوا قال الله عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه " إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا " (2) وقال تعالى: " وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شئ قالوا لو هدينا الله لهديناكم " (3). أفتدرون الاستكبار ما هو؟ هو ترك الطاعة لمن امروا بطاعته، والترفع على من ندبوا إلى متابعته، والقرآن ينطق من هذا عن كثير، إن تدبره متدبر زجره ووعظه.
واعلموا أيها المؤمنون أن الله عزوجل قال: " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " (1) أتدرون ما سبيل الله؟ ومن سبيله؟ و من صراط الله؟ ومن طريقه؟ أنا صراط الله الذي من لم يسلكه بطاعة الله فيه هوى به إلى النار، وأنا سبيله الذي نصبني للاتباع بعد نبيه صلى الله عليه واله أنا قسيم النار (2) أنا حجته على الفجار، أنا نور الانوار. فانتبهوا من رقدة الغفلة، وبادروا بالعمل قبل حلول الاجل، وسابقوا إلى مغفرة من ربكم قبل أن يضرب بالسور بباطن الرحمة وظاهر العذاب، فتنادون فلا يسمع نداؤكم، وتضجون فلا يحفل بضجيجكم، وقبل أن تستغيثوا فلا تغاثوا سارعوا إلى الطاعات قبل فوت الاوقات، فكأن قد جاءكم هادم اللذات، فلا مناص نجاء، ولا محيص تخليص. عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم، والبر باخوانكم والشكر لله عزوجل على ما منحكم، واجتمعوا يجمع الله شملكم، وتباروا يصل الله الفتكم، وتهانؤا نعمة الله كما هناكم الله بالثواب فيه على أضعاف الاعياد قبله وبعده، إلا في مثله، والبر فيه يثمر المال ويزيد في العمر، والتعاطف فيه يقتضي رحمة الله وعطفه، وهبوا لاخوانكم وعيالكم من فضله بالجهد من جودكم، وبما تناله القدرة من استطاعتكم، وأظهروا البشر فيما بينكم، والسرور في ملاقاتكم، والحمد لله على ما منحكم، وعودوا بالمزيد من الخير على أهل التأميل لكم وساووا بكم ضعفاءكم في مآكلكم، وما تناله القدرة من استطاعتكم، على حسب إمكانكم، فالدرهم فيه بمائتي ألف درهم، والمزيد من الله عزوجل. وصوم هذا اليوم مما ندب الله إليه، وجعل الجزاء العظيم كفالة عنه، حتى لو تعبد له عبد من العبيد في الشيبة من ابتداء الدنيا إلى انقضائها، صائما نهارها قائما ليلها، إذا أخلص المخلص في صومه، لقصرت إليه أيام الدنيا عن كفايته، ومن أسعف أخاه مبتدئا، وبره راغبا، فله كأجر من صام هذا اليوم، وقام ليلته، و من فطر مؤمنا في ليلته، فكأنما فطر فئاما وفئاما بعدها عشرة. فنهض ناهض فقال: يا أمير المؤمنين عليه السلام ما الفئام؟ قال: مائة ألف نبي و صديق وشهيد، فكيف بمن تكفل عددا من المؤمنين والمؤمنات، فأنا ضمينه على الله تعالى الامان من الكفر والفقر، ومن مات في يومه أو ليلته أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله، ومن استدان لاخوانه وأعانهم فأنا الضامن على الله إن بقاه قضاه، وإن قبضه حمله عنه. وإذا تلاقيتم فتصافحوا بالتسليم، وتهانؤا النعمة في هذا اليوم وليبلغ الحاضر الغائب، والشاهد البائن، وليعد الغني على الفقير، والقوي على الضعيف أمرني رسول الله صلى الله عليه واله بذلك. ثم أخذ صلوات الله عليه في خطبة الجمعة وجعل صلاته جمعة صلاة عيده، و انصرف بولده وشيعته إلى منزل أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام بما أعد له من طعامه وانصرف غنيهم وفقيرهم برفده إلى عياله (1).
-------
(1) مصباح الزائر الفصل السابع والحديث تراه في مصباح المتهجد: 524.
^^^^^^^^^
فصل فيما نذكره من فضل عيد الغدير عند أهل العقول من طريق المنقول
فمن ذلك ما أخبرني به الشيخ العالم حسين بن أحمد السوراوي و الشيخ الأوحد الملقب عماد الدين أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني بإسنادهما المقدم ذكره عن الشيخ السعيد المجيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه قال أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الخراساني الحاجب في شهر رمضان سنة سبع و ثلاثين و ثلاث مائة قال حدثنا سعيد بن هارون أبو عمرو المروزي و قد زاد على الثمانين سنة قال حدثنا الفياض بن محمد بن عمر الطرسوسي [الطوسي] بطوس سنة تسع و خمسين و مائتين و قد بلغ التسعين أنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا ع في يوم الغدير و بحضرته جماعة من خاصته قد احتبسهم للإفطار و قد قدم إلى منازلهم الطعام و البر و الصلات و الكسوة حتى الخواتيم و النعال و قد غير أحوالهم و أحوال حاشيته و جددت له الآلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه و هو يذكر فضل اليوم و قدمه فكان من قوله ع حدثني الهادي أبي قال حدثني جدي الصادق قال حدثني الباقر قال حدثني سيد العابدين قال حدثني أبي الحسين قال اتفق في بعض سني أمير المؤمنين ع الجمعة و الغدير فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم فحمد الله حمدا لا نسمع [لم يسمع] بمثله و أثنى عليه بما لا يتوجه إلى غيره فكان ما حفظ من ذلك الحمد لله الذي جعل الحمد من غير حاجة منه إلى حامديه طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته و صمدانيته و فردانيته و سببا إلى المزيد من رحمته و محجة للطالب من فضله و كمن في إبطان حقيقة الاعتراف له بأنه المنعم على كل حمد باللفظ و إن عظم و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نزعت عن إخلاص الطوى و نطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي أنه الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى ليس كمثله شي ء إذ كان [إذا كان] الشي ء من مشيته و كان لا يشبهه مكونه و أشهد أن محمدا عبده و رسوله استخلصه في القدم على سائر الأمم على علم منه بأنه انفرد عن التشاكل و التماثل من أبناء الجنس و انتجبه آمرا و ناهيا عنه أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه إذ كان لا تدركه الأبصار و لا تحويه خواطر الأفكار و لا تمثله غوامض الظنون في الأسرار لا إله إلا هو الملك الجبار قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته و اختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته فهو أهل ذلك بخاصته و خلته إذ لا يختص من يشوبه التغيير و لا يخالل من يلحقه التظنين و أمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته و طريقا للداعي إلى إجابته فصلى الله عليه و كرم و شرف و عظم مزيدا لا تلحقه التفنية و لا ينقطع على التأبيد و أن الله تعالى اختص لنفسه بعد نبيه ص بريته خاصة علاهم بتعليته
إقبال الأعمال ص: 462
و سمى [سار] بهم إلى رتبته و جعلهم الدعاة بالحق إليه و الأداء بالإرشاد عليه لقرن قرن و زمن زمن أنشأهم في القدم على [قبل] كل مذرو و مبرو أنوارا أنطقها بتحميده و ألهمها على شكره و تمجيده و جعلها الحجج على كل معترف له بملكوت الربوبية و سلطان العبودية و استنطق بها الخرسات بأنواع اللغات بخوعا له بأنه فاطر الأرضين و السماوات و استشهدهم خلقه و ولاهم ما شاء من أمره جعلهم تراجم مشيته و ألسن إرادته عبيدا لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم و لا يشفعون إلا لمن ارتضى و هم من خشيته مشفقون يحكمون بأحكامه و يستنون بسنته و يعتمدون حدوده و يؤدون فرضه و لم يدع الخلق في بهم صما و لا في عمى بكما بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم و تفرقت في هياكلهم حققها في نفوسهم و استعد لها حواسهم فقرر بها على أسماع و نواظر و أفكار و خواطر ألزمهم بها حجته و أراهم بها محجته و أنطقهم عما شهدته بألسن ذربة بما قام فيها من قدرته و حكمته و بين عندهم بها ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و إن الله لسميع عليم بصير شاهد خبير و إن الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه ليكمل لكم عندكم جميل صنعه و يقفكم على طريق رشده و يقفوا بكم آثار المستضيئين بنور هدايته و يسلك بكم منهاج قصده و يوفر عليكم هني ء رفده فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه لتطهير ما كان قبله و غسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله و ذكرى للمؤمنين و تبيان خشية المتقين و وهب لأهل طاعته في الأيام قبله و جعله لا يتم إلا بالايتمار لما أمر به و الانتهاء عما نهى عنه و البخوع بطاعته فيما حث عليه و ندب إليه و لا يقبل توحيده إلا بالاعتراف لنبيه ص بنبوته و لا يقبل دينا إلا بولاية من أمر بولايته و لا ينتظم أسباب طاعته إلا بالتمسك بعصمه و عصم أهل ولايته فأنزل على نبيه ص في يوم الدوح ما بين فيه عن إرادته في خلصائه و ذوي اجتبائه و أمره بالبلاغ و ترك الحفل بأهل الزيغ و النفاق و ضمن له عصمته منهم و كشف عن [من] خبايا أهل الريب و ضمائر أهل الارتداد ما رمز فيه فعقله المؤمن و المنافق فأعن معن و ثبت على الحق ثابت و ازدادت جهالة المنافق و حمية المارق و وقع العض على النواجذ و الغمز على السواعد و نطق ناطق و نعق ناعق و نشق ناشق و استمر على مارقته مارق و وقع الإذعان من طائفة باللسان دون حقائق الإيمان و من طائفة باللسان و صدق الإيمان و أكمل الله دينه و أقر عين نبيه و المؤمنين و المتابعين و كان ما قد شهده بعضكم و بلغ بعضكم و تمت كلمة الله الحسنى على الصابرين و دمر الله ما صنع فرعون و هامان و قارون و جنوده و ما كانوا يعرشون و تفتت [بقيت] حثالة من الضلال لا يألون الناس خبالا فيقصدهم الله في ديارهم و يمحو آثارهم و يبيد معالمهم و يعقبهم عن قرب الحسرات و يلحفهم عن بسط أكفهم و مد أعناقهم و مكنهم من دين الله حتى بدلوه و من حكمه حتى غيروه و سيأتي نصر الله على عدوه لحينه و الله لطيف خبير و في دون ما سمعتم كفاية و بلاغ فتأملوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه و حثكم عليه و اقصدوا شرعه و اسلكوا نهجه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله هذا يوم عظيم الشأن فيه وقع الفرج و رفعت الدرج و ضحت الحجج و هو يوم الإيضاح و الإفصاح عن المقام الصراح و يوم كمال الدين و يوم العهد المعهود و يوم الشاهد و المشهود و يوم تبيان
إقبال الأعمال ص: 463
العقود عن النفاق و الجحود و يوم البيان عن حقائق الإيمان و يوم دحر الشيطان و يوم البرهان هذا يوم الفصل الذي كنتم به توعدون هذا يوم الملإ الأعلى الذي أنتم عنه معرضون هذا يوم الإرشاد و يوم محنة على العباد و يوم الدليل على الرواد هذا يوم إبداء خفايا الصدور و مضمرات الأمور هذا يوم النصوص على أهل الخصوص هذا يوم شيث هذا يوم إدريس هذا يوم يوشع هذا يوم شمعون هذا يوم الأمن المأمون هذا يوم إظهار المصون من المكنون هذا يوم إبلاء السرائر فلم يزل ع يقول هذا يوم هذا يوم فراقبوا الله و اتقوه و اسمعوا له و أطيعوه و احذروا المكر و لا تخادعوه فتشوا ضمائركم و لا تواربوه و تقربوا إلى الله بتوحيده و طاعة من أمركم أن تطيعوه و لا تمسكوا بعصم الكوافر و لا يجنح بكم الغي فتظلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلوا و أضلوا قال الله تعالى عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً و قال الله تعالى وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْ ءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ أ فتدرون استكبار ما هو ترك الطاعة لمن أمر الله بطاعته و الترفع عمن ندبوا إلى متابعته و القرآن ينطق من هذا عن كثير إن تدبره متدبر زجره و وعظه و اعلموا أيها المؤمنون إن الله عز و جل قال إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ أ تدرون ما سبيل الله و من سبيله و من صراط الله و من طريقه أنا صراط الله الذي من لم [لا] يسلكه بطاعة الله فيه هوى به إلى النار أنا سبيله الذي نصبني للاتباع بعد نبيه ص أنا قسيم النار أنا حجة الله على الفجار أنا نور الأنوار فانتبهوا من رقدة الغفلة و بادروا بالعمل قبل حلول الأجل و سابقوا إلى مغفرة من ربكم قبل أن يضرب بالسور بباطن الرحمة و ظاهر العذاب فتنادون فلا يسمع نداؤكم و تضجون فلا يحفل بضجيجكم و قبل أن تستغيثوا فلا تغاثوا سارعوا إلى الطاعات قبل فوات الأوقات فكان قد جاء هادم اللذات فلا مناص نجاة و لا محيص تخليص عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم و البر بإخوانكم و الشكر لله عز و جل على ما منحكم و أجمعوا يجمع الله شملكم و تباروا يصل الله ألفتكم و تهانوا نعمة الله كما هنأكم بالصواب فيه على أضعاف الأعياد قبله و بعده إلا في مثله و البر فيه يثمر المال و يزيد في العمر و التعاطف فيه يقتضي رحمة الله و عطفه و هبوا لإخوانكم و عيالكم عن فضله بالجهد من جودكم و بما تناله القدرة من استطاعتكم و أظهروا البشرى فيما بينكم و السرور في ملاقاتكم و الحمد لله [و احمدوا الله] على ما منحكم و عودوا بالمزيد على أهل التأميل لكم و ساووا بكم ضعفاءكم و من ملككم و ما تناله القدرة من استطاعتكم و على حسب إمكانكم فالدرهم فيه بمائتي ألف درهم و المزيد من الله عز و جل و صوم هذا اليوم مما ندب الله إليه و جعل العظيم كفالة عنه حتى لو تعبد له عبد من العبيد في التشبيه من ابتداء الدنيا إلى تقضيها صائما نهارها قائما ليلها إذ أخلص المخلص في صومه لقصرت أيام الدنيا من [عن] كفاية [كفايته] و من أضعف فيه أخاه مبتدئا و بره راغبا فله كأجر من صام هذا اليوم و قام ليله و من فطر مؤمنا في ليلته فكأنما فطر فئاما و فئاما يعدها بيده عشرة فنهض ناهض فقال يا أمير المؤمنين و ما الفئام قال مأتي ألف نبي و صديق و شهيد فكيف بمن يكفل عددا
إقبال الأعمال ص: 464
من المؤمنين و المؤمنات فأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر و الفقر و إن مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله و من استدان لإخوانه و أعانهم فأنا الضامن على الله إن أبقاه و إن قبضه حمله عنه و إذا تلاقيتم فتصافحوا بألسنتكم و تهانوا بالنعمة في هذا اليوم و ليبلغ الحاضر الغائب و الشاهد البائن و ليعد الغني على الفقير و القوي على الضعيف أمرني رسول الله ص بذلك ثم أخذ ص في خطبته الجمعة و جعل صلاته جمعة صلاة عيد و انصرف بولده و شيعته إلى منزل أبي محمد الحسن بن علي ع بما أعد له من طعامه و انصرف غنيهم و فقيرهم برفده إلى عياله
^^^^^^^^^^
مصباح المتهجد ص: 752
خطبة أمير المؤمنين ع في يوم الغدير
أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الخراساني الحاجب في شهر رمضان سنة سبع و ثلاثين و ثلاثمائة قال حدثنا سعيد بن هارون أبو عمر المروزي و قد زاد على الثمانين سنة قال حدثنا الفياض بن محمد بن عمر الطرسوسي بطوس سنة تسع و خمسين و مائتين و قد بلغ التسعين أنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا ع في يوم الغدير و بحضرته جماعة من خاصته قد احتبسهم للإفطار و قد قدم إلى منازلهم الطعام و البر و الصلات و الكسوة حتى الخواتيم و النعال و قد غير من أحوالهم و أحوال حاشيته و جددت له آلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه و هو يذكر فضل اليوم و قدمه فكان من قوله ع حدثني الهادي أبي قال حدثني جدي الصادق قال حدثني الباقر قال حدثني سيد العابدين قال حدثني أبي الحسين قال اتفق في بعض سني أمير المؤمنين ع الجمعة و الغدير فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم فحمد الله و أثنى عليه حمدا لم يسمع بمثله و أثنى عليه ثناء لم يتوجه إليه غيره فكان ما حفظ من ذلك الحمد لله الذي جعل الحمد من غير حاجة منه إلى حامديه طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته و صمدانيته و ربانيته و فردانيته و سببا إلى المزيد من رحمته و محجة للطالب من فضله و كمن في إبطان اللفظ حقيقة الاعتراف له بأنه المنعم على كل حمد باللفظ و إن عظم و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نزعت عن إخلاص الطوى و نطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي أنه
مصباح المتهجد ص: 753
الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى ليس كمثله شي ء إذ كان الشي ء من مشيته فكان لا يشبهه مكونه و أشهد أن محمدا عبده و رسوله استخلصه في القدم على سائر الأمم على علم منه انفرد عن التشاكل و التماثل من أبناء الجنس و انتجبه آمرا و ناهيا عنه أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه إذ كان لا تدركه الأبصار و لا تحويه خواطر الأفكار و لا تمثله غوامض الظنن في الأسرار لا إله إلا هو الملك الجبار قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته و اختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته فهو أهل ذلك بخاصته و خلته إذ لا يختص من يشوبه التغيير و لا يخالل من يلحقه التظنين و أمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته و طريقا للداعي إلى إجابته فصلى الله عليه و كرم و شرف و عظم مزيدا لا يلحقه التنفيد و لا ينقطع على التأبيد و أن الله تعالى اختص لنفسه بعد نبيه صلى الله عليه و آله من بريته خاصة علاهم بتعليته و سما بهم إلى رتبته و جعلهم الدعاة بالحق إليه و الأدلاء بالإرشاد عليه لقرن قرن و زمن زمن أنشأهم في القدم قبل كل مذرو و مبرو أنوارا أنطقها بتحميده و ألهمها شكره و تمجيده و جعلها الحجج على كل معترف له بملكة الربوبية و سلطان العبودية و استنطق بها الخرسات بأنواع اللغات بخوعا له فإنه فاطر الأرضين و السماوات و أشهدهم خلقه و ولاهم ما شاء من أمره جعلهم تراجم مشيته و ألسن إرادته عبيدا لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم و لا يشفعون إلا لمن ارتضى و هم من
مصباح المتهجد ص: 754
خشيته مشفقون يحكمون بأحكامه و يستنون بسنته و يعتمدون حدوده و يؤدون فرضه و لم يدع الخلق في بهم صما و لا في عمياء بكما بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم و تفرقت في هياكلهم و حققها في نفوسهم و استعبد لها حواسهم فقرر بها على أسماع و نواظر و أفكار و خواطر ألزمهم بها حجته و أراهم بها محجته و أنطقهم عما شهد بألسن ذربة بما قام فيها من قدرته و حكمته و بين عندهم بها ليهلك من هلك عن بينة و يحيا من حي عن بينة و أن الله لسميع عليم بصير شاهد خبير ثم إن الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه ليكمل عندكم جميل صنيعته و يقفكم على طريق رشده و يقفو بكم آثار المستضيئين بنور هدايته و يشملكم منهاج قصده و يوفر عليكم هني ء رفده فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه لتطهير ما كان قبله و غسل ما كان أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله و ذكرى للمؤمنين و تبيان خشية المتقين و وهب من ثواب الأعمال فيه أضعاف ما وهب لأهل طاعته في الأيام قبله و جعله لا يتم إلا بالايتمار لما أمر به و الانتهاء عما نهي عنه و البخوع بطاعته فيما حث عليه و ندب إليه فلا يقبل توحيده إلا بالاعتراف لنبيه صلى الله عليه و آله بنبوته و لا يقبل دينا إلا بولاية من أمر بولايته و لا تنتظم أسباب طاعته إلا بالتمسك بعصمه و عصم أهل ولايته فأنزل على نبيه صلى الله عليه و آله في يوم الدوح ما بين به عن إرادته في خلصائه و ذوي اجتبائه
مصباح المتهجد ص: 755
و أمره بالبلاغ و ترك الحفل بأهل الزيغ و النفاق و ضمن له عصمته منهم و كشف من خبايا أهل الريب و ضمائر أهل الارتداد ما رمز فيه فعقله المؤمن و المنافق فأعز معز و ثبت على الحق ثابت و ازدادت جهلة المنافق و حمية المارق و وقع العض على النواجد و الغمز على السواعد و نطق ناطق و نعق ناعق و نشق ناشق و استمر على مارقته مارق و وقع الإذعان من طائفة باللسان دون حقائق الإيمان و من طائفة باللسان و صدق الإيمان و كمل الله دينه و أقر عين نبيه صلى الله عليه و آله و المؤمنين و المتابعين و كان ما قد شهده بعضكم و بلغ بعضكم و تمت كلمة الله الحسنى الصابرين و دمر الله ما صنع فرعون و هامان و قارون و جنوده و ما كانوا يعرشون و بقيت خثالة من الضلال لا يألون الناس خبالا يقصدهم الله في ديارهم و يمحو الله آثارهم و يبيد معالمهم و يعقبهم عن قرب الحسرات و يلحقهم بمن بسط أكفهم و مد أعناقهم و مكنهم من دين الله حتى بدلوه و من حكمة حتى غيروه و سيأتي نصر الله على عدوه لحينه و الله لطيف خبير و في دون ما سمعتم كفاية و بلاغ فتأملوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه و حثكم عليه و اقصدوا شرعه و اسلكوا نهجه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله إن هذا يوم عظيم الشأن فيه وقع الفرج و رفعت الدرج و وضحت الحجج و هو يوم الإيضاح و الإفصاح عن المقام الصراح و يوم كمال الدين و يوم العهد المعهود و يوم الشاهد و المشهود و يوم تبيان العقود عن النفاق و الجحود و يوم البيان عن
مصباح المتهجد ص: 756
حقائق الإيمان و يوم دحر الشيطان و يوم البرهان هذا يوم الفصل الذي كنتم توعدون هذا يوم الملإ الأعلى الذي أنتم عنه معرضون هذا يوم الإرشاد و يوم محنة العباد و يوم الدليل على الرواد هذا يوم أبدى خفايا الصدور و مضمرات الأمور هذا يوم النصوص على أهل الخصوص هذا يوم شيث هذا يوم إدريس هذا يوم يوشع هذا يوم شمعون هذا يوم الأمن المأمون هذا يوم إظهار المصون من المكنون هذا يوم إبلاء السرائر فلم يزل ع يقول هذا يوم هذا يوم فراقبوا الله عز و جل و اتقوه و اسمعوا له و أطيعوه و احذروا المكر و لا تخادعوه و فتشوا ضمائركم و لا تواربوه و تقربوا إلى الله بتوحيده و طاعة من أمركم أن تطيعوه و لا تمسكوا بعصم الكوافر و لا يجنح بكم الغي فتضلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلوا و أضلوا قال الله عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً و قال تعالى وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شي ء قالوا لو هدانا الله لهديناكم أ فتدرون الاستكبار ما هو هو ترك الطاعة لمن أمروا بطاعته و الترفع على من ندبوا إلى متابعته و القرآن ينطق من هذا عن كثير أن تدبره متدبر زجره و وعظه و اعلموا أيها المؤمنون أن الله عز و جل قال إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ أ تدرون ما سبيل الله و من سبيله و من صراط الله و من
مصباح المتهجد ص: 757
طريقه أنا صراط الله الذي من لم يسلكه بطاعة الله فيه هوي به إلى النار و أنا سبيله الذي نصبني للاتباع بعد نبيه صلى الله عليه و آله أنا قسيم الجنة و النار و أنا حجة الله على الفجار و نور الأنوار فانتبهوا عن رقدة الغفلة و بادروا بالعمل قبل حلول الأجل و سابقوا إلى مغفرة من ربكم قبل أن يضرب بالسور بباطن الرحمة و ظاهر العذاب فتنادون فلا يسمع نداؤكم و تضجون فلا يحفل بضجيجكم و قبل أن تستغيثوا فلا تغاثوا سارعوا إلى الطاعات قبل فوت الأوقات فكان قد جاءكم هادم اللذات فلا مناص نجاء و لا محيص تخليص عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم و البر بإخوانكم و الشكر لله عز و جل على ما منحكم و أجمعوا يجمع الله شملكم و تباروا يصل الله ألفتكم و تهادوا نعم الله كما مناكم بالثواب فيه على أضعاف الأعياد قبله و بعده إلا في مثله و البر فيه يثمر المال و يزيد في العمر و التعاطف فيه يقتضي رحمة الله و عطفه و هيئوا لإخوانكم و عيالكم عن فضله بالجهد من جودكم و بما تناله القدرة من استطاعتكم و أظهروا البشر فيما بينكم و السرور في ملاقاتكم و الحمد لله على ما منحكم و عودوا بالمزيد من الخير على أهل التأميل لكم و ساووا بكم ضعفاءكم في مآكلكم و ما تناله القدرة من استطاعتكم و على حسب إمكانكم فالدرهم فيه بمائة ألف درهم و المزيد من الله عز و جل و صوم هذا اليوم مما ندب الله تعالى إليه و جعل الجزاء العظيم كفالة عنه حتى لو تعبد له عبد من العبيد في الشبيبة من
مصباح المتهجد ص: 758
ابتداء الدنيا إلى تقضيها صائما نهارها قائما ليلها إذا أخلص المخلص في صومه لقصرت إليه أيام الدنيا عن كفاية و من أسعف أخاه مبتدئا و بره راغبا فله كأجر من صام هذا اليوم و قام ليلته و من فطر مؤمنا في ليلته فكأنما فطر فئاما و فئاما يعدها بيده عشرة فنهض ناهض فقال يا أمير المؤمنين و ما الفئام قال مائة ألف نبي و صديق و شهيد فكيف بمن تكفل عددا من المؤمنين و المؤمنات و أنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر و الفقر و إن مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله تعالى و من استدان لإخوانه و أعانهم فأنا الضامن على الله إن بقاه قضاه و إن قبضه حمله عنه و إذا تلاقيتم فتصافحوا بالتسليم و تهانوا النعمة في هذا اليوم و ليبلغ الحاضر الغائب و الشاهد البائن و ليعد الغني على الفقير و القوي على الضعيف أمرني رسول الله ص بذلك ثم أخذ ص في خطبة الجمعة و جعل صلاة جمعته صلاة عيده و انصرف بولده و شيعته إلى منزل أبي محمد الحسن بن علي ع بما أعد له من طعامه و انصرف غنيهم و فقيرهم برفده إلى عياله
^^^^^^^^^