تقیه در دیدگاه صاحب حدائق

تعلیقه بر مدارک ملا امین استرآبادی
کلام وحید بهبهانی در نقد حدائق
کلام شیخ انصاری در نقد حدائق



کلام صاحب حدائق

الحدائق، ج 1، ص 4-13

[اثنتا عشر مقدمات]

المقدمة الأولى

غير خفي - على ذوي العقول من أهل الايمان و طالبي الحق من ذوي الأذهان - ما بلي به هذا الدين من أولئك المردة المعاندين بعد موت سيد المرسلين، و غصب الخلافة من وصيه أمير المؤمنين، و تواثب أولئك الكفرة عليه، و قصدهم بأنواع الأذى و الضرر اليه، و تزايد الأمر شدة بعد موته صلوات الله عليه، و ما بلغ اليه حال الأئمة صلوات الله عليهم من الجلوس في زاوية التقية، و الإغضاء على كل محنة و بلية. و حث الشيعة على استشعار شعار التقية، و التدين بما عليه تلك الفرقة الغوية، حتى كورت شمس الدين النيرة، و خسفت كواكبه المقمرة، فلم يعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل، لامتزاج اخباره باخبار التقية، كما قد اعترف بذلك ثقة الإسلام و علم الاعلام (محمد بن يعقوب الكليني نور الله تعالى مرقده) في جامعه الكافي، حتى انه (قدس سره) تخطأ العمل بالترجيحات المروية عند تعارض الاخبار، و التجأ إلى مجرد الرد و التسليم للأئمة الأبرار. فصاروا صلوات الله عليهم - محافظة على أنفسهم و شيعتهم - يخالفون بين الأحكام و ان لم يحضرهم أحد من أولئك الأنام، فتراهم يجيبون في المسألة الواحدة بأجوبة متعددة و ان لم يكن بها قائل من المخالفين، كما هو ظاهر لمن تتبع قصصهم و اخبارهم و تحدى سيرهم و آثارهم.

و حيث ان أصحابنا رضوان الله عليهم خصوا الحمل على التقية بوجود قائل من العامة. و هو خلاف ما أدى اليه الفهم الكليل و الفكر العليل من اخبارهم صلوات الله عليهم، رأينا أن نبسط الكلام بنقل جملة من الأخبار الدالة على ذلك، لئلا يحملنا الناظر على مخالفة الأصحاب من غير دليل. و ينسبنا الى الضلال و التضليل

[روایات باب]

فمن ذلك ما رواه في الكافي في الموثق عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: (سألته عن مسألة فأجابني، ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاء رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني و أجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت:  يا ابن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان، فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه‌ فقال: يا زرارة ان هذا خير لنا و أبقى لكم. و لو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا و لكان أقل لبقائنا و بقائكم. قال: ثم قلت لأبي عبد الله عليه السلام: شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا و هم يخرجون من عندكم مختلفين، قال: فأجابني بمثل جواب أبيه). فانظر إلى صراحة هذا الخبر في اختلاف أجوبته عليه السلام في مسألة واحدة في مجلس واحد و تعجب زرارة، و لو كان الاختلاف إنما وقع لموافقة العامة لكفى جواب واحد بما هم عليه، و لما تعجب زرارة من ذلك، لعلمه بفتواهم عليهم السلام أحيانا بما يوافق العامة تقية، و لعل السر في ذلك أن الشيعة إذا خرجوا عنهم مختلفين كل ينقل عن امامه خلاف ما ينقله الآخر، سخف مذهبهم في نظر العامة، و كذبوهم في نقلهم، و نسبوهم الى الجهل و عدم الدين، و هانوا في نظرهم، بخلاف ما إذا اتفقت كلمتهم و تعاضدت مقالتهم، فإنهم يصدقونهم و يشتد بغضهم لهم و لإمامهم و مذهبهم، و يصير ذلك سببا لثوران العداوة، و الى ذلك يشير قوله عليه السلام: (و لو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا. إلخ).

و من ذلك ايضا ما رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح - على الظاهر - عن سالم أبي خديجة عن أبي عبد الله (ع) قال: (سأله إنسان و أنا حاضر فقال: ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلي العصر، و بعضهم يصلي الظهر؟ فقال: أنا أمرتهم بهذا، لو صلوا على وقت واحد لعرفوا فأخذ برقابهم). و هو أيضا صريح في المطلوب، إذ لا يخفى أنه لا تطرق لاتفاقهم على التفريق بين وقتي الظهر و العصر و مواظبتهم على ذلك.

و ما رواه الشيخ في كتاب العدة مرسلا عن الصادق عليه السلام: انه (سئل عن اختلاف أصحابنا في المواقيت‌؟ فقال: انا خالفت بينهم).

و ما رواه في الاحتجاج بسنده فيه عن حريز عن ابي عبد الله (ع) قال: (قلت له: انه ليس شيء أشد علي من اختلاف أصحابنا. قال ذلك من قبلي).

و ما رواه في كتاب معاني الاخبار عن الخزاز عمن حدثه عن ابي الحسن (ع) قال: (اختلاف أصحابي لكم رحمة و قال (ع): إذا كان ذلك جمعتكم على أمر واحد). و سئل عن اختلاف أصحابنا فقال عليه السلام: (انا فعلت ذلك بكم و لو اجتمعتم على أمر واحد لأخذ برقابكم).

و ما رواه في الكافي بسنده فيه عن موسى بن أشيم قال: (كنت عند ابي عبد الله عليه السلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله عز و جل فأخبره بها ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر به الأول، فدخلني من ذلك ما شاء الله، الى أن قال: فبينما أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني و أخبر صاحبي، فسكنت  نفسي و علمت ان ذلك منه تقية. قال: ثم التفت إلي فقال: يا ابن أشيم ان الله عز و جل فوض الى سليمان بن داود فقال هٰذٰا عَطٰاؤُنٰا فَامْنُنْ‌ أَوْ أَمْسِكْ‌ بِغَيْرِ حِسٰابٍ‌ . و فوض الى نبيه صلى الله عليه و آله  فقال: مٰا آتٰاكُمُ‌ الرَّسُولُ‌ فَخُذُوهُ‌ وَ مٰا نَهٰاكُمْ‌ عَنْهُ‌ فَانْتَهُوا . فما فوض الى رسول الله صلى الله عليه و آله فقد فوضه إلينا).للحمل هنا على موافقة العامة

و لعلك بمعونة ذلك تعلم ان الترجيح بين الاخبار بالتقية - بعد العرض على الكتاب العزيز - أقوى المرجحات. فان جل الاختلاف الواقع في أخبارنا بل كله عند التأمل و التحقيق إنما نشأ من التقية(1) و من هنا دخلت الشبهة على جمهور متأخري أصحابنا رضوان الله عليهم، فظنوا ان هذا الاختلاف إنما نشأ من دس أخبار الكذب في أخبارنا، فوضعوا هذا الاصطلاح ليميزوا به صحيحها عن سقيمها و غثها من سمينها، و قوى الشبهة فيما ذهبوا إليه شيئان: (أحدهما) رواية مخالف المذهب و ظاهر الفسق و المشهور بالكذب من فطحي و واقفي و زيدي و عامي و كذاب و غال و نحوهم. و (ثانيهما) ما ورد عنهم عليهم السلام من ان لكل رجل منا رجلا يكذب عليه و أمثاله مما يدل على دس بعض الأخبار الكاذبة في أحاديثهم عليهم السلام، و لم يتفطنوا نور الله ضرائحهم الى ان هذه الأحاديث التي بأيدينا إنما وصلت إلينا بعد أن سهرت


(1) أقول: و قد وفق الله تعالى الى الوقوف على كلام للمحدث الأمين الأسترآبادي (قدس سره) يطابق ما سنح لنا في هذه المقالة، حيث قال في تعليقاته على كتاب المدارك في بحث البئر في بيان السبب في اختلاف اخبار النزح ما لفظه: و اما الروايات المختلفة المتضمنة للنزح ففي سبب اختلافها احتمالات، و ذلك لتضمن كثير من الروايات انه من أنواع التقية صدور أجوبة مختلفة عنهم عليهم السلام في مسألة واحدة لئلا يثبت عليهم قول واحد، و لنص كثير منها ان خصوصيات كثير من الأحكام مفوضة إليهم عليهم السلام كما كانت مفوضة إليه (ص)، ليعلم المسلم لأمرهم من غيره، الى آخر كلامه خصه الله بمزيد إكرامه. و انى سابقا كان يكثر تعجبي من عدم اهتداء أحد سيما من المحدثين الى ما ذكرنا، حتى وفق الله سبحانه للوقوف على هذا الكلام، و ما ذكره (قدس سره) من خروج بعض الاختلافات عنهم (ع) من باب التفويض يدل عليه من الاخبار المذكورة هنا خبر موسى بن أشيم (منه رحمه الله).

 

العيون في تصحيحها و ذابت الأبدان في تنقيحها، و قطعوا في تحصيلها من معادنها البلدان، و هجروا في تنقيتها الأولاد و النسوان، كما لا يخفى على من تتبع السير و الأخبار، و طالع الكتب المدونة في تلك الآثار، فان المستفاد منها - على وجه لا يزاحمه الريب و لا يداخله القدح و العيب - انه كان دأب قدماء أصحابنا المعاصرين لهم (عليهم السلام) الى وقت المحمدين الثلاثة في مدة تزيد على ثلثمائة سنة ضبط الأحاديث و تدوينها في مجالس الأئمة، و المسارعة إلى إثبات ما يسمعونه خوفا من تطرق السهو و النسيان، و عرض ذلك عليهم، و قد صنفوا تلك الأصول الأربعمائة المنقولة كلها من اجوبتهم (عليهم السلام) و انهم ما كانوا يستحلون رواية ما لم يجزموا بصحته، و قد روي أنه عرض على الصادق (ع) كتاب عبيد الله بن علي الحلبي فاستحسنه و صححه، و على العسكري (ع) كتاب يونس بن عبد الرحمن و كتاب الفضل بن شاذان فاثنى عليهما، و كانوا (عليهم السلام) يوقفون شيعتهم على أحوال أولئك الكذابين، و يأمرونهم بمجانبتهم، و عرض ما يرد من جهتهم على الكتاب العزيز و السنة النبوية و ترك ما خالفهما. فروى الثقة الجليل أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال بإسناده عن محمد ابن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن: ان بعض أصحابنا سأله و أنا حاضر فقال: يا أبا محمد ما أشدك في الحديث و أكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا، فما الذي يحملك على رد الحديث ؟ فقال: حدثني هشام بن الحكم انه سمع أبا عبد الله (ع) يقول: «لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن و السنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد (لعنه الله) دس في كتب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله و لا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا و سنة نبينا صلى الله عليه و آله». قال يونس: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر و وجدت أصحاب أبي عبد الله (ع) متوافرين، فسمعت منهم، و أخذت كتبهم و عرضتها من بعد على ابي الحسن الرضا (ع)، فأنكر منها أحاديث كثيرة ان تكون من أحاديث أبي عبد الله، و قال: «ان أبا الخطاب كذب على ابي عبد الله (ع) لعن الله أبا الخطاب و كذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب ابي عبد الله (ع)، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن، فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن و موافقة السنة، انا عن الله و عن رسوله نحدث و لا نقول قال فلان و فلان فيتناقض كلامنا، ان كلام آخرنا مثل كلام أولنا. و كلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، فإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه و قولوا أنت أعلم و ما جئت به، فان لكلامنا حقيقة و عليه نورا، فما لا حقيقة له و لا عليه نور فذلك قول الشيطان». أقول: فانظر - أيدك الله تعالى - الى ما دل عليه هذا الحديث من توقف يونس في الأحاديث و احتياطه فيها. و هذا شأن غيره ايضا كما سيظهر لك ان شاء الله تعالى، و أمرهم (عليهم السلام) بعرض ما يأتي من الأخبار من غير المؤتمن على الكتاب و السنة تحرزا من تلك الأحاديث المكذوبة، فهل يجوز في العقول السليمة و الطباع المستقيمة ان مثل هؤلاء الثقات العدول إذا سمعوا من أئمتهم مثل هذا الكلام ان يستحلوا بعد ذلك نقل ما لا يثقون بصحته و لا يعتمدون على حقيقته. بل من المقطوع و المعلوم عادة من أمثالهم انهم لا يذكرون و لا يروون في مصنفاتهم إلا ما اتضح لهم فيه الحال و انه في الصدق و الاشتهار كالشمس في رابعة النهار كما سمعت من حال يونس، و هذا كان دأبهم (عليهم السلام) في الهداية لشيعتهم. يوقفونهم على جميع ما وقع و ما عسى أن يقع في الشريعة من تغيير و تبديل، لأنهم (صلوات الله عليهم) حفاظ الشريعة و حملتها و ضباطها و حرستها. و لهم نواب فيها من ثقات أصحابهم و خواص رواتهم، يوحون إليهم أسرار الأحكام، و يوقفونهم على غوامض كل حلال و حرام، كما قد روي ذلك بأسانيد عديدة، على ان المفهوم من جملة من تلك الأخبار ان تلك الأحاديث المكذوبة كلها كانت من أحاديث الكفر و الزندقة و الاخبار بالغرائب.

فمن ذلك ما رواه في الكتاب المتقدم عن يونس عن هشام بن الحكم: انه سمع أبا عبد الله (ع) يقول: «كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على ابي و يأخذ كتب أصحابه، و كان أصحابه المستترون بأصحاب ابي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة، فكان يدس فيها كتب الكفر و الزندقة و يسندها الى ابي (عليه السلام)، ثم يدفعها إلى أصحابه و يأمرهم أن يبثوها في الشيعة. فكل ما كان في كتب أصحاب ابي (عليه السلام) من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبهم». و بإسناده عن حماد عن حريز قال - يعني أبا عبد الله (ع) -: ان أهل الكوفة لم يزل فيهم كذاب، اما المغيرة بن سعيد فإنه يكذب على ابي - يعني أبا جعفر (عليه السلام) - قال: حدثه ان نساء آل محمد (صلى الله عليه و آله) إذا حضن قضين الصلاة. و كذب و الله ما كان من ذلك شيء و لا حدثه. و اما أبو الخطاب فكذب علي و قال: اني أمرته هو و أصحابه ان لا يصلي المغرب حتى يروا الكواكب.». الحديث. على ان مقتضى الحكمة الربانية و شفقة الأئمة (صلوات الله عليهم) على من في أصلاب الرجال من شيعتهم تمنع من ان يتركوهم هملا يمشون على غير طريق واضح و لا منار لائح، فلا يميزون لهم الغث من السمين. و لا يهدونهم إلى جادة الحق المبين. و لا يوقفونهم على ما يقع في الشريعة من تغيير و تبديل. و ما يحدثه الكذابون المفترون من البدع و التضليل، كلا ثم كلا، بل اوضحوا الدين المبين نهاية الإيضاح. و صفوه من شوب كل كدر، حتى أسفر كضوء الصباح. الا ترى الى ما ورد عنهم من حثهم شيعتهم على الكتابة لما يسمعونه منهم. و أمرهم بحفظ الكتب لمن يأتي بعدهم. كما  ورد في جملة من الأخبار التي رواها ثقة الإسلام في جامعه الكافي و غيره في غيره. و الى تحذيرهم الشيعة عن مداخلة كل من أظهر البدع و أمرهم بمجانبتهم، و تعريفهم لهم بأعيانهم، كما عرفت فيما تلونا من الاخبار.

و من ذلك ايضا ما خرج عن الأئمة المتأخرين (صلوات الله عليهم أجمعين) في لعن جماعة ممن كانوا كذلك، كفارس بن حاتم القزويني، و الحسن بن محمد بن بابا، و محمد بن نصير النميري، و ابي طاهر محمد بن علي بن بلال، و احمد بن هلال، و الحسين بن منصور الحلاج. و ابن ابي العزاقر، و ابي دلف، و جمع كثير ممن يتسمى بالشيعة. و يظهر المقالات الشنيعة من الغلو و الإباحات و التناسخ و نحوها، و قد خرجت في لعنهم التوقيعات عنهم (عليهم السلام) في جميع الأماكن و البراءة منهم. و قد ذكر الشيخ (قدس سره) في كتاب الغيبة جمعا من هؤلاء، و أورد الكشي اخبارا فيما أحدثوا. و ما خرج فيهم من التوقيعات لذلك، من أحب الوقوف عليها فليرجع اليه. و قد شدد أصحاب الأئمة (عليهم السلام) الأمر في ذلك، حتى ربما تجاوزوا المقام. حتى انهم كانوا يجانبون الرجل بمجرد التهمة بذلك، كما وقع لأحمد بن محمد ابن عيسى مع احمد بن محمد بن خالد البرقي من إخراجه من برقة قم لما طعن عليه القميون، ثم اعاده إليها لما ظهر له براءته. و مشى في جنازته حافيا إظهارا لنزاهته مما رمي به، و كما أخرج سهل بن زياد الأدمي. و أظهر البراءة منه و منع الناس من السماع عنه، و كما استثنى محمد بن الحسن بن الوليد جملة من الرواة، منهم جماعة ممن روى عنهم محمد بن احمد بن يحيى الأشعري و غيرهم، و قد عدوا جماعة من الرواة في الضعفاء. و نسبوهم الى الكذب و الافتراء. و منهم من خرجت التوقيعات فيه عنهم (عليهم السلام) و منهم من اطلعوا على حاله الموجب لضعفه، و منهم محمد بن علي الصيرفي أبو سمينة. و محمد بن سنان. و يونس بن ظبيان. و يزيد الصائغ و غيرهم، و ذلك ظاهر لمن تصفح كتب الرجال و اطلع على ما فيها من الأحوال. و من الظاهر البين الظهور انه مع شهرة الأمر في هؤلاء المعدودين و أمثالهم، فإنه لا يعتمد أحد ممن اطلع على أحوالهم على رواياتهم، و لا يدونونها في أصولهم إلا مع اقترانها بما يوجب صحتها و يعلن بثبوتها (1) كما صرح


(1) و من ذلك ما ذكره (قده) في كتاب الغيبة، حيث نقل حديثا في الغيبة عن أحمد ابن زياد، ثم قال: قال مصنف هذا الكتاب (رضى الله عنه): لم أسمع هذا الحديث إلا من احمد بن زياد (رضى الله عنه) بعد انصرافه من حج بيت الله الحرام، و كان رجلا ثقة دينا فاضلا (رحمة الله و رضوانه عليه) انتهى. (و منه) ايضا ما ذكره في الكتاب المذكور بعد نقل حديث عن علي بن عبد الله الوراق، حيث قال: قال مصنف هذا الكتاب (رضى الله عنه): لم أسمع هذا الحديث إلا من علي بن عبد الله الوراق، و وجدته بخطه مثبتا فسألته عنه فرواه لي عن سعد بن عبد الله عن احمد بن إسحاق كما ذكرته. انتهى. (و منه) ما ذكره في معاني الاخبار في باب معنى ما جاء في لعن الذهب و الفضة، حيث قال: قال مصنف هذا الكتاب: هذا حديث لم أسمعه إلا من الحسن بن حمزة العلوي (رضى الله عنه) و لم اروه عن شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد، و لكنه صحيح عندي إلى آخر كلامه (و لا يخفى) على الفطن اللبيب و المنصف الأريب ان تخصيصه هذه الاخبار و نحوها مما ذكره يدل دلالة واضحة على ان ما لم يذكر فيه شيئا من ذلك كله مقطوع مجزوم على صحته كما لا يخفى. و منه ما ذكره (قدس سره) في كتاب من لا يحضره الفقيه في باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان، حيث  روى عن المفضل بن عمر عن ابى عبد الله (ع) في رجل أتى امرأته و هي صائمة و هو صائم. فقال: ان كان أكرهها فعليه كفارتان، و ان كانت طاوعته فعليه كفارة. الحديث. ثم قال (قدس سره) قال مصنف هذا الكتاب: لم أجد ذلك في شيء من الأصول و انما تفرد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم. و فيه كما ترى دلالة واضحة على ان جميع ما يرويه في هذا المقام و غيره انما هو من الأصول المقطوع على صحتها عنده، كما صرح به في أول الفقيه، و انه إذا نقل ما ليس كذلك نبه على ان الراوي له ثقة معتمد، فكيف بعد أمثال هذا الكلام الذي لا يليق بأمثاله من أولئك الأعلام خلط الغث بالسمين حتى يحتاج الى ما ذكروه من هذا الاصطلاح العديم الاصطلاح (منه رحمه الله).

 

به شيخنا البهائي في كتاب مشرق الشمسين، و قد نقل الصدوق (قدس سره) في كتاب عيون أخبار الرضا حديثا في سنده (محمد بن عبد الله المسمعي)، ثم قال بعد تمام الحديث ما هذا لفظه: قال مصنف هذا الكتاب: كان شيخنا (محمد بن الحسن ابن الوليد) سيء الرأي في (محمد بن عبد الله المسمعي) راوي هذا الحديث، و انما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لانه كان في كتاب الرحمة و قد قرأته عليه فلم ينكره و رواه لي، انتهى. أقول: و كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله. فانظر إلى شدة احتياطهم و تورعهم في عدم نقل ما لا يثقون به إلا مع انضمام القرائن الموجبة لصحته و ثبوته. و بالجملة: فالخوض في كتب الرجال - و النظر في مصنفات المتقدمين و الاطلاع على سيرتهم و طريقتهم - يفيد الجزم بما قلنا، و اما من أخذ بظاهر المشهور من غير تدبر لما هو ثمة مذكور فهو فيما ذهب اليه معذور. و كل ميسر لما خلق له، و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.



شرح الرسالة الصلاتیة لصاحب الحدائق، ص 32-33

المسألة الأولى (موجبات الغسل) (أمران أحدهما: ) إنزال المني يقظة أو نوماً من الرجل إجماعاً نصاً و فتوى و من المرأة إجماعاً في الثاني) أي في الفتوى فإنه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في «وجوب» الغسل عليها بخروج المني يقظة أو نوماً (و على الأظهر في الأول) أي في النص فإن الروايات مختلفة في وجوبه عليها بالاحتلام و الروايات الدالة على عدم الوجوب صحيحة صريحة مستفيضة إلا أن الأظهر العمل بالأخبار الدالة على الوجوب «لاتفاق الأصحاب على العمل بمضمونها قديماً و حديثاً». و حمل تلك الأخبار على التقية و إن لم يعلم بوجود السائل بمضمونها الآن فإن المستفاد من الأخبار كما حققناه في (مقدمات كتاب الحدائق) و غيره أن جل الاختلاف الواقع في الروايات بل كله عند التحقيق إنّما نشأ من «التقية».و حينئذ متى كان إجماع الأصحاب سلفاً و خلفاً على العمل بتلك الأخبار فهو مؤذن بكون ذلك هو (مذهب أهل البيت صلوات الله عليهم). و حينئذ يتعين حمل ما خالف مع صحته على التقية و يؤيد ذلك موافقة أخبار الوجوب للاحتياط الذي هو أحد المرجحات الشرعية..

 

 

الدرر النجفیة، ج 1، ص 309-310

الفائدة الحادية عشرة: في الجمع بحمل بعض الروايات على المجاز قد اشتهر بين كثير من أصحابنا - رضوان اللّه عليهم - سيما أكثر المتأخرين، عدّ الاستحباب و الكراهة من وجوه الجمع بين الأخبار، بل الاقتصار عليه في الجمع دون تلك القواعد المنصوصة و الضوابط المخصوصة، كما لا يخفى على من  لاحظ كتب المتأخرين و متأخريهم حتّى تحذلق بعض متأخري المتأخرين - كما نقله عنه بعض مشايخنا المعاصرين - فقال: (إذا أمكن التوفيق بين الأخبار بحمل بعضها على المجاز، كحمل النهي على الكراهة، و الأمر على الاستحباب، و غير ذلك من ضروب التأويلات، فهو أولى من حمل بعضها على التقية و إن اتفق المخالفون على موافقته) انتهى. و لعمري إنه محض اجتهاد، بل عناد في مقابلة نصوص سادات العباد، و جرأة على رد كلامهم الصريح في المراد! و ذلك فإنه قد استفاضت الأخبار و تكاثرت الآثار على وجه لا ينكره إلاّ من لم يسرح بريد نظره في ذلك المضمار بالعرض على مذهب العامة، و الأخذ بخلافه، بل المستفاد منها أن جل الاختلاف الواقع في الأحكام إنّما نشأ من التقية كما حققناه في المقدمة الاولى من كتابنا (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة) .

 

الدرر النجفیة، ج 2، ص 312-322

(36) درّة نجفيّة في أن الأئمّة عليهم السّلام يوقعون الاختلاف بين شيعتهم المشهور بين أصحابنا - رضوان اللّه عليهم - تخصيص الحمل على التقية في الأخبار بوجود قائل من العامة بذلك. و الذي يظهر لي من الأخبار خلاف ما هنالك، و هو أنهم عليهم السّلام يوقعون الاختلاف بين الشيعة و إن لم يكن ثمة قول للعامة . فمن الأخبار في ذلك ما رواه ثقة الإسلام في (الكافي) في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن مسألة، فأجابني فيها، ثم جاء رجل آخر فسأله عنها، فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاء آخر فأجابه بخلاف ما أجابني و أجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت: يا بن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله رجلان من العراق من شيعتكم قدما يسألان، فأجبت كل واحد منهما بخلاف ما أجبت به صاحبه‌؟ فقال: «يا زرارة، إن هذا خير لنا و لكم، فلو اجتمعتم على أمر لصدقكم الناس علينا، و لكان أقل لبقائنا و بقائكم». قال: ثم قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: شيعتكم لو حملتموهم على الألسنة أو على النار لمضوا و هم يخرجون من عندكم مختلفين‌؟ قال: فأجابني بمثل جواب أبيه . أقول: انظر إلى صراحة هذا الخبر في اختلاف أجوبته عليه السّلام في مسألة واحدة في مجلس واحد و تعجب زرارة. و لو كان الاختلاف إنما وقع لموافقة العامة لكفى جوابا واحدا بما هم عليه يومئذ، و لما تعجب زرارة من ذلك؛ لعلمه بفتواهم عليهم السّلام أحيانا بما يوافق العامة تقية. و انظر إلى صراحة جوابه عليه السّلام في تعليل الاختلاف بما يؤيد ما قلنا من أنّهم إنما خالفوا بين الشيعة لئلاّ يصدّقهم العامة عليهم، بل يكذبوهم في روايتهم ذلك عنهم عليه السّلام . و لعل السر في ذلك أن الشيعة إذا خرجوا عنهم مختلفين؛ كل ينقل عن إمامه خلاف ما ينقله الآخر، سخف مذهبهم في نظر العامة، و كذبوهم في نقلهم، و نسبوهم إلى الجهل و عدم الدين، و هانوا في نظرهم، بخلاف ما إذا اتّفقت كلمتهم، و تعاضدت مقالتهم؛ فإنّهم يصدقونهم و يشتدّ بغضهم لهم و لإمامهمو مذهبهم، فيصير ذلك سببا لثوران العداوة. و من ذلك أيضا ما رواه الشيخ في (التهذيب) في الصحيح على الظاهر عن سالم بن أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله إنسان و أنا حاضر فقال: ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلّي العصر و بعضهم يصلّي الظهر، فقال: «أنا أمرتهم بهذا، لو صلوا على وقت واحد لعرفوا، فاخذوا برقابهم» . و هو أيضا صريح في المطلوب؛ إذ لا يخفى أنه لا تطرق للجهل هنا على موافقة العامة، لاتفاقهم على التفريق بين وقتي الظهر و العصر و مواظبتهم على ذلك. و ما رواه الشيخ في (العدّة) مرسلا عن الصادق عليه السّلام أنه سئل عن اختلاف أصحابنا في المواقيت، فقال: «أنا خالفت بينهم» . و ما رواه في (الاحتجاج) بسنده فيه عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: إنّه ليس شيء أشد عليّ‌ من اختلاف أصحابنا. قال: «ذلك من قبلي». و ما رواه في كتاب (معاني الأخبار) عن الخزّاز. عمن حدثه عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «اختلاف أصحابي لكم رحمة». و قال: «إذا كان ذلك جمعتكم على أمر واحد». و سئل عن اختلاف أصحابنا؟ فقال عليه السّلام: «أنا فعلت ذلك بكم، و لو اجتمعتم على أمر واحد لأخذ برقابكم». و ما رواه في (الكافي) بسنده فيه عن موسى بن أشيم قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فسأله رجل عن آية من (كتاب اللّه)، فأخبره بها، ثم دخل عليه داخل فسأله عن ذلك، فأخبره بخلاف ما أخبر به الأول، فدخلني من ذلك ما شاء اللّه.  إلى أن قال: فبينما أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية، فأخبره بخلاف ما أخبرني و أخبر صاحبي، فسكنت نفسي و علمت أن ذلك منه تقية. ثم التفت إلى فقال: «يا بن أشيم، إن اللّه فوّض إلى سليمان بن داود، فقال هٰذٰا عَطٰاؤُنٰا فَامْنُنْ‌ أَوْ أَمْسِكْ‌ بِغَيْرِ حِسٰابٍ‌ ، و فوض إلى نبيه صلى اللّه عليه و آله فقال مٰا آتٰاكُمُ‌ الرَّسُولُ‌ فَخُذُوهُ‌ وَ مٰا نَهٰاكُمْ‌ عَنْهُ‌ فَانْتَهُوا ، فما فوض إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقد فوض إلينا» .

و لعلك بمعونة ذلك تعلم أن الترجيح بين الأخبار بالتقية بعد العرض على (الكتاب) العزيز أقوى المرجحات، فإن جل الاختلاف الواقع في أخبارنا بل كله عند التأمل و التحقيق إنما نشأ من التقية. و من هنا دخلت الشبهة على جمهور متأخري أصحابنا - رضوان اللّه عليهم - فظنوا أن هذا الاختلاف إنما نشأ من دس أخبار الكذب في أخبارنا، فوضعوا الاصطلاح المشهور في تنويع الحديث إلى الأنواع الأربعة؛ ليتميز به صحيحها من سقيمها، و غثّها من سمينها. و قوّى الشبهة فيما ذهبوا إليه شيئان: أحدهما: رواية مخالف المذهب و ظاهر الفسق و المشهور بالكذب من فطحي و واقفي و زيدي و عامي و كذاب و غال و نحوهم. و ثانيهما: ما ورد عنهم عليه السّلام من أن «لكل رجل منا رجل يكذب عليه» ، و أمثاله ممّا يدل على دس بعض الأخبار الكاذبة في أحاديثهم عليهم السّلام.  و لم يتفطنوا - نوّر اللّه تعالى ضرائحهم - إلى أن هذه الأحاديث التي بأيدينا إنما وصلت لنا بعد أن سهرت العيون في تصحيحها و ذابت الأبدان في تنقيحها، و قطعوا في تحصيلها من معادنها البلدان، و هجروا في تنقيتها الأولاد و النسوان، كما لا يخفى على من تتبع السير و الأخبار، و طالع الكتب المدونة في تلك الآثار. فإن المستفاد منها على وجه لا يزاحمه الريب و لا يداخله القدح و العيب أنه كان دأب قدماء أصحابنا المعاصرين لهم عليهم السّلام إلى وقت المحمدين الثلاثة في مدة تزيد على ثلاثمائة سنة ضبط الأحاديث و تدوينها في مجالس الأئمّة عليهم السّلام، و المسارعة إلى إثبات ما يسمعونه، خوفا من تطرق السهو و النسيان، و عرض ذلك عليهم. و قد صنفوا تلك الاصول الأربعمائة المنقولة كلّها من أجوبتهم عليهم السّلام، و لهم ما كانوا يستحلّون رواية ما لم يجزموا بصحته. و قد روي أنه عرض على الصادق عليه السّلام (كتاب عبيد اللّه بن علي الحلبي) فاستحسنه و صحّحه ، و على العسكري عليه السّلام (كتاب يونس بن عبد الرحمن) ، و (كتاب الفضل بن شاذان) فأثنى عليهما.و كانوا عليهم السّلام يوقفون شيعتهم على أحوال أولئك الكذابين، و يأمرونهم بمجانبتهم، و عرض ما يرد من جهتهم على (الكتاب) العزيز و السنة النبوية، و ترك ما خالفهما. فروى الثقة الجليل أبو عمرو الكشي في كتاب (الرجال): (بإسناده عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن أن بعض أصحابنا سأله و أنا حاضر فقال: يا أبا محمد، ما أشدّك في الحديث، و أكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا! فما الذي يحملك على رد الحديث‌؟ فقال: حدثني هشام بن الحكم أنه  سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «لا تقبلوا علينا حديثا إلاّ ما وافق القرآن و السنة أو تجدوا معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإنّ‌ المغيرة بن سعيد - لعنه اللّه - دس في كتب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا اللّه، و لا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا و سنة نبينا صلى اللّه عليه و آله». قال يونس: وافيت العراق، فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليه السّلام، و وجدت أصحاب أبي عبد اللّه عليه السّلام متوافرين، فسمعت منهم و أخذت كتبهم و عرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا عليه السّلام، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد اللّه عليه السّلام و قال: «إن أبا الخطاب كذب على أبي عبد اللّه عليه السّلام، لعن اللّه أبا الخطاب، و كذلك أصحاب أبي الخطاب؛ يدسّون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد اللّه عليه السّلام، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن، فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن و موافقة السنة، إنا عن اللّه و عن رسوله نحدّث، و لا نقول: قال فلان و فلان فنناقض كلامنا، إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، و كلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، فإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه و قولوا: أنت أعلم و ما جئت به. فإن لكلامنا حقيقة و عليه نورا، فما لا حقيقة له و لا نور عليه فذلك قول الشيطان») . أقول: انظر - أيّدك اللّه - إلى ما دل عليه هذا الخبر من توقّف يونس في الأحاديث و احتياطه فيها - و هذا شأن غيره أيضا كما سيظهر لك إن شاء اللّه تعالى - و أمرهم عليه السّلام بعرض ما يأتي من الأخبار برواية غير المؤتمنين على (الكتاب) و السنة تحرّزا من تلك الأحاديث المكذوبة. فهل يجوز في العقول السليمة و الطباع المستقيمة أن مثل هؤلاء الثقات العدول إذا سمعوا من أئمّتهم عليهم السّلام مثل هذا الكلام أن يستحلّوا بعد ذلك نقل ما لا يثقون بصحته، و لا يعتمدون على حقيقته‌؟! بل من المقطوع و المعلوم عادة من أمثالهم أنهم لا يروون و لا يذكرون في مصنفاتهم إلاّ ما اتضح لهم فيه الحال أنه في الصدق و الاشتهار كالشمس في دائرة النهار، كما سمعت من حال يونس. و هذا كان دأبهم عليهم السّلام في الهداية لشيعتهم، يوقفونهم على جميع ما وقع و ما عسى أن يقع في الشريعة من تغيير و تبديل؛ لأنهم - صلوات اللّه عليهم - حفّاظ الشريعة و حملتها و ضبّاطها و حرسها، و لهم نوّاب فيها من ثقات أصحابهم و خوّاص رواتهم، يوحون إليهم أسرار الأحكام، و يوقفونهم على غوامض الحلال و الحرام، كما قد روي ذلك بأسانيد عديدة . على أن المفهوم من جملة من الأخبار أن تلك الأحاديث المكذوبة كلّها كانت من أحاديث الكفر و الزندقة و الغلوّ و الإخبار بالغرائب، فمن ذلك ما رواه في الكتاب المتقدم عن يونس عن هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «كان المغيرة بن سعيد يتعمّد الكذب على أبي و يأخذ كتب أصحابه، و كان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة، فكان يدسّ‌ فيها الكفر و الزندقة، و يسندها إلى أبي عليه السّلام، ثم يدفعها إلى أصحابه و يأمرهم أن يثبتوها في الشيعة، و كل ما كان في كتب أصحاب أبي عليه السّلام من الغلو؛ فذاك ممّا دسّه المغيرة بن سعيد في كتبهم» . و بإسناده عن حماد عن حريز قال: قال - يعني أبا عبد اللّه عليه السّلام -: «إنّ‌ أهل  الكوفة [قد نزل] فيهم كذاب، أما المغيرة فإنه يكذب على أبي - يعني أبا جعفر عليه السّلام - قال: حدّثني أن نساء آل محمد إذا حضن قضين الصلاة، و كذب و اللّه - عليه لعنة اللّه - ما كان من ذلك شيء و لا حدّثه. و أما أبو الخطاب فكذب عليّ‌ و قال إني أمرته هو و أصحابه ألا يصلّي المغرب حتى يروا الكواكب » الحديث. على أن مقتضى الحكمة الربانية و شفقة الأئمّة عليهم السّلام على من في أصلاب الرجال من شيعتهم تمنع من أن يتركوهم هملا يمشون على غير طريق واضح و لا منار لائح، فلا يميزون لهم الغثّ‌ من السمين، و لا يهدونهم إلى جادة الحق المبين، و لا يوقفونهم على ما وقع في الشريعة من تغيير و تبديل، و ما يحدثه الكفار المغترّون من البدع و الضلال و التضليل! كلاّ ثم كلاّ، بل أوضحوا الدين المبين غاية الإيضاح، و صفّوه عن شوب كل كدر، حتى أسفر كضوء الصباح. أ لا ترى إلى ما ورد عنهم من حثّ‌ الشيعة على الكتابة لما يسمعونه منهم، و أمرهم بحفظ الكتب لمن يأتي بعدهم، كما ورد في جملة من الأخبار التي رواها ثقة الإسلام في جامعه (الكافي) و غيره في غيره ، و إلى تحذيرهم الشيعة عن مداخلة كل من أظهر البدع، و أمرهم بمجانبتهم و تعريفهم لهم بأعيانهم ، كما عرفت فيما تلوناه من الأخبار المتقدمة. و مثله ما خرج من الأئمّة المتأخّرين - صلوات اللّه عليهم أجمعين - في لعن جماعة ممن كانوا كذلك، مثل فارس بن حاتم القزويني ، و الحسن بن محمد بن بابا ، و محمد بن نصير النميري ، و أبي طاهر محمد بن علي بن هلال ، و أحمد بن هلال ، و الحسين بن منصور الحلاج ، و ابن أبي العزاقر ، و أبي دلف ، و جمع كثير ممن يتستر بالشيعة، و يظهر المقالات الشنيعة من الغلو و الإباحات، و القول بالحلول و الاتحاد و التناسخ و نحو ذلك. و قد خرجت بلعنهم التوقيعات عنهم عليهم السّلام في جميع الأماكن، و الأمر بالبراءة منهم، و قد ذكر الشيخ قدّس سرّه في كتاب (الغيبة) جمعا من هؤلاء، و أورد الكشي أخبارا فيما أحدثوه، و ما خرج فيهم من التوقيعات ، لذلك من أحب الوقوف عليها؛ فليرجع إليه. و قد شدد أصحاب الأئمّة عليهم السّلام في ذلك، حتى ربما تجاوزوا المقام، حتى إنهم كانوا يجانبون الرجل بمجرد التهمة بذلك، كما وقع لأحمد بن محمد بن عيسى مع أحمد بن محمد بن خالد من إخراجه من برقة قم لمّا طعن عليه القمّيون، ثم إعادته إليها لما ظهرت له براءته، و مشى في جنازته حافيا؛ إظهارا لنزاهته ممّا رمي به. و كما أخرج سهل بن زياد الآدمي و أظهر البراءة منه . و منع الناس من السماع عنه. و كما استثنى محمد بن الحسن بن الوليد شيخ القميين جملة من الرواة منهم جماعة ممن روى عنهم محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري و غيرهم ، و نسبوهم إلى الكذب و الافتراء. و منهم من خرجت فيه التوقيعات، و منهم من اطلعوا على حاله الموجب لضعفه، و قد عدوا من ذلك جماعة، منهم محمد بن علي الصيرفي أبو سمينة ، و محمد بن سنان و يونس بن ظبيان ، و يزيد الصائغ و غيرهم . و ذلك ظاهر لمن تصفّح كتب الرجال و اطّلع على ما فيها من الأحوال، و من الظاهر البين الظهور أنه مع شهرة الأمر في هؤلاء المعدودين و أمثالهم، فإنه لا يعتمد أحد ممن اطلع على أحوالهم على رواياتهم، و لا يدونونها في اصولهم إلاّ مع اقترانها بما يوجب صحّتها و يعلن بثبوتها، كما صرّح به شيخنا البهائي في كتاب (مشرق الشمسين) . و ها نحن ننقل لك انموذجا يعتمد عليه ممّا ذكره شيخنا الصدوق - عطر اللّه مرقده - في كتبه؛ قال في كتاب (عيون أخبار الرضا عليه السّلام) - بعد نقل حديث في سنده محمد بن عبد اللّه المسمعي - ما هذا لفظه: (قال مصنف هذا الكتاب: كان شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد سيئ الرأي في محمد بن عبد اللّه المسمعي  راوي هذا الحديث، و إنما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب؛ لأنه كان في كتاب (الرحمة ) و قد قرأته عليه فلم ينكره، و رواه لي) . أقول و كتاب (الرحمة) لسعد بن عبد اللّه. و قال في (من لا يحضره الفقيه) - في باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان، حيث روى عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أتى امرأته و هي صائمة و هو صائم، فقال: «إن كان أكرهها فعليه كفارتان، و إن كانت طاوعته فعليه كفارة» الحديث - ما صورته: (قال مصنف هذا الكتاب رضي اللّه عنه: لم أجد ذلك في شيء من الاصول، و إنما تفرد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم) . و قال في كتاب (الغيبة ) - بعد أن نقل حديثا عن أحمد بن زياد ما صورته -: (قال مصنف هذا الكتاب رضى اللّه عنه: لم أسمع هذا الحديث إلاّ من أحمد بن زياد رضي اللّه عنه بهمدان بعد منصرفي من حج بيت اللّه الحرام، و كان رجلا ثقة ديّنا فاضلا رحمة اللّه و رضوانه عليه

و قال أيضا في الكتاب المذكور - بعد نقل حديث عن علي بن عبد اللّه الوراق -: (قال مصنف هذا الكتاب رضي اللّه عنه: لم أسمع هذا الحديث إلاّ من علي بن عبد اللّه الوراق، و وجدته بخطه مثبتا، فسألته عنه فرواه لي عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن إسحاق كما ذكرته) انتهى. و قال أيضا في كتاب (معاني الأخبار) في باب معنى ما جاء في لعن الذهب  و الفضة: (قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه: هذا حديث لم أسمعه إلاّ من الحسن بن حمزة العلوي رضي اللّه عنه، و لم أروه عن شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد، و لكنه صحيح عندي) . إلى غير ذلك من المواضع التي يضيق عن نشرها المقام، كما لا يخفى على من أحاط خبرا بكتبه لا سيما (علل الشرائع و الأحكام ) . و لا يخفى على الفطن اللبيب و الموفق المصيب أن تذييله هذه الأخبار و نحوها بأمثال هذا الكلام، يدلّ‌ دلالة واضحة على أن جميع ما ينقله من الأخبار في كتبه ساكتا عن الكلام عليه، فهو صحيح عنده متنا و سندا. و فيه أيضا دلالة واضحة على أن جميع تلك الأخبار مستفيضة عنده منقولة من الاصول المعتمدة الموثوق بها. و بالجملة، فالخوض في بحور كتب الرجال، و النظر في مصنفات المتقدّمين، و الاطلاع على سيرتهم و طريقتهم يفيد الجزم بما قلناه. و أما من أخذ بظاهر المشهور من غير تدبر لما هو ثمة مذكور، فهو فيما ذهب إليه معذور، و كل ميسر لما خلق له. و ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء.




نقد کلام صاحب حدائق

وحید بهبهانی

الفوائد الحائرية، ص: 353
فائدة (2) [في مناط كون الحكم تقية]
اعلم أن كون الحكم تقية إنما هو إذا كان موافقا لمذهب العامة كلهم أو بعضهم، على ما هو المعروف من الأصحاب القدماء و المتأخرين. إلا أنه توهم بعض الأخباريين فجوز كونه تقية، و إن لم يكن موافقا لمذهب أحد من العامة، بل لمجرد تكثير المذهب في الشيعة، كي لا يعرفوا، فيؤخذوا و يقتلوا.
و هذا التوهم فاسد من وجوه:
الأول: إن الحكم إذا لم يكن موافقا لمذهب أحد من العامة يكون رشدا و صوابا، لما ورد في الأخبار: «فإن الرشد في خلافهم» «1»، و فيما لم يذهبوا
__________________________________________________
 (1) الوسائل 18: 80 الباب 19 من أبواب صفات القاضي الحديث 19.


                        الفوائد الحائرية، ص: 354
إليه، فكيف يكون مثل هذا تقية؟! لأن المراد من الرشد و الصواب ما هو في الواقع رشد و صواب، لا من جهة التقية و دفع الضرر، و إلا فجميع ما ذهب إليه العامة يصير رشدا و صوابا. و أيضا إذا كان رشدا و صوابا فلم حكمت بأنه تقية، و مخالف لمذهب الشيعة.؟!

الثاني: إنه غير خفي على من له أدنى اطلاع و تأمل أن العامة بأدنى شي‏ء كانوا يتهمون الشيعة بالرفض، و أذيتهم للشيعة إنما كانت بالتهمة غالبا، و هذه كانت طريقتهم المستمرة في الأعصار و الأمصار، فكيف يكون الحال إذا رأوا أنهم يفعلون فعلا لا يوافق مذهبا من مذاهبهم و لا يقول به أحد منهم؟! إذ لا شبهة في أنهم كانوا يتهمون بذلك، بل بمثل ترك التكتف في الصلاة كانوا يتهمون، مع أنه مذهب مالك رئيسهم الأقدم الأعظم في ذلك الزمان و غيره.
و الأئمة عليهم السلام كانوا يأمرون بمثل التكتف [1] و أدون منه كما لا يخفى على متتبع الأخبار، و كانوا يبالغون في احترازهم عن أسباب التهمة، فكيف كانوا يأمرون بما لم يوافق مذهبا من مذاهبهم.
بل غير خفي أن العامة ما كانوا مطلعين على «1» مذهب الشيعة في ذلك الزمان من الخارج إلا نادرا، و كانوا كلما يرون مخالفا لمذهبهم يعتقدون أنه مذهب الشيعة، و يبادرون بالأذية، و ما كانوا يصبرون إلى أن يروا ما يخالف‏
__________________________________________________
 [1] منها ما ورد في رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام: قال قلت له أ يضع الرجل يده على ذراعه في الصلاة؟ قال: (لا بأس.). إلخ. راجع مستدرك الوسائل 5: 421 الباب 14 من أبواب قواطع الصلاة.
__________________________________________________
 (1) في الأصل: (بمذهب الشيعة).


                        الفوائد الحائرية، ص: 355
ذلك منه أو من غيره من الشيعة، مع أن رؤيته من غيره كيف تنفع؟! هذا سيما إذا كان موافقا لمذهب أهل السنة كلهم أو بعضهم، بل لو كان الكل مخالفا لمذهبهم و رأوه منه لا ينفع، لأن الكل خلاف الحق عندهم، و هم ربما كانوا يؤذون من هو سني عندهم جزما بمخالفته للحق «1»، فكيف غيره؟!

الثالث: إن الحق عندنا واحد، و الباقي باطل، (فما ذا بعد الحق إلا الضلال) «2»، و في المثل: «الكفر ملة واحدة» «3» فأي داع إلى مخالفة التقية، و ارتكاب الخطر الذي هو أعظم لأجل تحقق التقية التي هي أخف و أسهل؟! فتأمل.
الرابع: أن التقية اعتبرت لأجل ترجيح الخبر الذي هو الحق على الذي ليس بحق و رشده على ما يظهر من الأخبار «4» و ما عليه الفقهاء في الأعصار و الأمصار- و هذا الفاضل المتوهم أيضا اعتبر ما ادعاه من التقية التي توهمها لأجل الترجيح، و بنى عليه المسألة الفقهية، فإذا لم يكن موافقا لمذهب أحد من العامة، فبأي نحو يعرف أنه هو التقية، حتى يعتبر في مقام الترجيح، و يقال: إن معارضه حق و مذهب الشيعة؟
فإن قلت: إذا رأينا المعارض مشتهرا بين الأصحاب يحصل الظن بأنه مذهب الشيعة.
قلت: على تقدير التسليم يكفي مجرد الشهرة، فلا حاجة إلى اعتبار
__________________________________________________
 (1) أي: للحق عندهم.
 (2) اقتباس من آية 32 من سورة يونس.
 (3) أمثال و حكم علي أكبر دهخدا 1: 268.
 (4) البحار 2: 221- 246.


                        الفوائد الحائرية، ص: 356
التقية، لأن المفروض ظهور مذهب الشيعة، و الشهرة مرجح على حدة، فعلى هذا لو لم يوجه الخبر الذي توهم منه ما توهم لا يضر. فتأمل.
و مضمون الخبر: إني أوقعت الخلاف بين شيعتي إذ لو كانوا على طريقة واحدة لعرفوا و أخذوا.



شیخ انصاری

                        فرائد الأصول، ج‏4، ص: 128
بقي في هذا المقام امور:
الأول [حمل موارد التقية على التورية:]
أن الخبر الصادر تقية، يحتمل أن يراد به ظاهره فيكون من الكذب المجوز لمصلحة، و يحتمل أن يراد منه تأويل مختف على المخاطب فيكون من قبيل التورية، و هذا أليق بالإمام عليه السلام، بل هو اللائق؛ إذا قلنا بحرمة الكذب مع التمكن من التورية.
الثاني [ما أفاده المحدث البحراني في منشأ التقية:]
أن بعض المحدثين- كصاحب الحدائق- و إن لم يشترط في التقية موافقة الخبر لمذهب العامة؛ لأخبار تخيلها دالة على مدعاه، سليمة عما هو صريح في خلاف ما ادعاه، إلا أن الحمل على التقية في مقام الترجيح لا يكون إلا مع موافقة أحدهما؛ إذ لا يعقل حمل أحدهما بالخصوص على التقية إذا «1» كانا مخالفين لهم.
فمراد المحدث المذكور ليس الحمل على التقية مع عدم الموافقة في مقام الترجيح- كما أورده عليه بعض الأساطين «2» في جملة المطاعن على‏
__________________________________________________
 (1) في غير (ظ) بدل «إذا»: «و إن».
 (2) هو الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائرية: 355.
  

                      فرائد الأصول، ج‏4، ص: 129
ما ذهب إليه من عدم اشتراط الموافقة في الحمل على التقية- بل المحدث المذكور لما أثبت في المقدمة الاولى من مقدمات الحدائق خلو الأخبار عن الأخبار المكذوبة- لتنقيحها و تصحيحها في الأزمنة المتأخرة، بعد أن كانت مغشوشة مدسوسة- صح لقائل أن يقول: فما بال هذه الأخبار المتعارضة التي لا تكاد تجتمع؟! فبين في المقدمة الثانية دفع هذا السؤال، بأن معظم الاختلاف من جهة اختلاف كلمات الأئمة عليهم السلام مع المخاطبين، و أن الاختلاف إنما هو منهم عليهم السلام، و استشهد على ذلك بأخبار زعمها دالة على أن التقية كما تحصل ببيان ما يوافق العامة، كذلك تحصل بمجرد إلقاء الخلاف بين الشيعة؛ كيلا يعرفوا فيؤخذ برقابهم «1».
 [المناقشة فيما أفاده المحدث البحراني:]
و هذا الكلام ضعيف؛ لأن الغالب اندفاع الخوف بإظهار الموافقة مع الأعداء، و أما الاندفاع بمجرد رؤية «2» الشيعة مختلفين مع اتفاقهم على مخالفتهم، فهو و إن أمكن حصوله أحيانا، لكنه نادر جدا، فلا يصار إليه في جل الأخبار المتخالفة «3»، مضافا إلى مخالفته لظاهر قوله عليه السلام في الرواية المتقدمة «4»: «ما سمعت مني يشبه قول الناس ففيه التقية، و ما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه».
فالذي يقتضيه النظر- على تقدير القطع بصدور جميع الأخبار
__________________________________________________
 (1) الحدائق 1: 5- 8.
 (2) في (ظ) بدل «رؤية»: «رواية».
 (3) في غير (ظ): «المختلفة».
 (4) تقدمت في الصفحة 123.


                        فرائد الأصول، ج‏4، ص: 130
التي بأيدينا، على ما توهمه بعض الأخباريين «1»، أو الظن بصدور جميعها إلا قليلا في غاية القلة، كما يقتضيه الإنصاف ممن اطلع على كيفية تنقيح الأخبار و ضبطها في الكتب- هو أن يقال:
 [منشأ اختلاف الروايات:]
إن عمدة الاختلاف إنما هي كثرة إرادة خلاف الظواهر في الأخبار إما بقرائن متصلة اختفت علينا من جهة تقطيع الأخبار أو نقلها بالمعنى، أو منفصلة مختفية من جهة كونها حالية «2» معلومة للمخاطبين أو مقالية اختفت بالانطماس، و إما بغير القرينة لمصلحة يراها الإمام عليه السلام من تقية- على ما اخترناه «3»، من أن التقية على وجه التورية- أو غير التقية من المصالح الأخر.
و إلى ما ذكرنا ينظر ما فعله الشيخ قدس سره- في الاستبصار «4»- من إظهار إمكان الجمع بين متعارضات الأخبار، بإخراج أحد المتعارضين أو كليهما عن ظاهره إلى معنى بعيد.
 [إرادة المحامل و التأويلات البعيدة في الأخبار:]
و ربما يظهر من الأخبار محامل و تأويلات أبعد بمراتب مما ذكره‏
__________________________________________________
 (1) انظر الفوائد المدنية: 52- 53، هداية الأبرار: 17، و الحدائق 1: 17 و ما بعدها.
 (2) في (ظ) بدل «حالية»: «خارجية».
 (3) راجع الصفحة 128.
 (4) فإنه قدس سره جمع في الاستبصار بين الأخبار المتعارضة تبرعا و إن لم يعتمد عليه حتى يعمل به، و غرضه بيان إمكان الجمع بين الأخبار المتعارضة، حتى لا يشنع على الشيعة، كما صرح به في أول التهذيب: 2- 4، انظر القوانين 2: 278، و الفصول: 441، و مناهج الأحكام: 313، و راجع الاستبصار 1: 3- 5.


                        فرائد الأصول، ج‏4، ص: 131
الشيخ، تشهد بأن ما ذكره الشيخ من المحامل غير بعيد عن مراد الإمام عليه السلام، و إن بعدت عن ظاهر الكلام إن لم «1» يظهر فيه قرينة عليها:
فمنها: ما روي عن بعضهم صلوات الله عليهم، لما سأله بعض أهل العراق و قال: «كم آية تقرأ في صلاة الزوال؟ فقال عليه السلام: ثمانون.
و لم يعد السائل، فقال عليه السلام: هذا يظن أنه من أهل الإدراك. فقيل له عليه السلام: ما أردت بذلك و ما هذه الآيات؟ فقال: أردت منها ما يقرأ في نافلة الزوال، فإن الحمد و التوحيد لا يزيد على عشر آيات، و نافلة الزوال ثمان ركعات» «2».
و منها: ما روى من: «أن الوتر واجب»، فلما فرغ «3» السائل و استفسر «4»، قال عليه السلام: «إنما عنيت وجوبها على النبي صلى الله عليه و آله و سلم» «5».
و منها: تفسير قولهم عليهم السلام: «لا يعيد الصلاة فقيه» بخصوص الشك بين الثلاث و الأربع «6».
و مثله تفسير وقت الفريضة في قولهم عليهم السلام: «لا تطوع في وقت‏
__________________________________________________
 (1) في (ه)، (ت) و (ص) بدل «إن لم»: «إلا أن».
 (2) الوسائل 4: 750، الباب 13 من أبواب القراءة، الحديث 3، و الحديث منقول بالمعنى.
 (3) كذا في النسخ، و المناسب: «فزع» كما في المصدر.
 (4) في (ر) و (ظ) بدل «و استفسر»: «و استقر».
 (5) الوسائل 3: 49- 50، الباب 16 من أبواب أعداد الفرائض، الحديث 6، و الحديث وارد في مطلق النوافل، و لعل مراد المصنف حديث آخر لم نقف عليه.
 (6) الوسائل 5: 320، الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 3.


                        فرائد الأصول، ج‏4، ص: 132
الفريضة» بزمان قول المؤذن: «قد قامت الصلاة» «1»، إلى غير ذلك مما يطلع عليه المتتبع «2».
و يؤيد ما ذكرنا- من أن عمدة تنافي الأخبار ليس لأجل التقية- ما ورد مستفيضا: من عدم جواز رد الخبر و إن كان مما ينكر ظاهره «3»، حتى إذا قال للنهار: إنه ليل، و لليل: إنه نهار «4»، معللا ذلك بأنه يمكن أن يكون له محمل لم يتفطن السامع له فينكره فيكفر من حيث لا يشعر، فلو كان عمدة التنافي من جهة صدور الأخبار المنافية بظاهرها لما في أيدينا من الأدلة تقية، لم يكن في إنكار كونها من الإمام عليه السلام مفسدة، فضلا عن كفر الراد.
__________________________________________________
 (1) الوسائل 3: 166، الباب 35 من أبواب المواقيت، الحديث 9.
 (2) مثل ما رواه في الوسائل عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «قلت: عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ قال: نعم، قلت: أعني سفليه، فقال: ليس حيث تذهب، إنما هو إذاعة سره». الوسائل 1: 367، الباب 8 من أبواب آداب الحمام، الحديث 2. و ما رواه في الوسائل أيضا عن الرضا عليه السلام: «إن الله يبغض البيت اللحم و اللحم السمين، قال: فقيل له: إنا لنحب اللحم، و ما تخلو بيوتنا منه، فقال: ليس حيث تذهب، إنما البيت اللحم الذي تؤكل فيه لحوم الناس بالغيبة، و أما اللحم السمين فهو المتبختر المتكبر المختال في مشيه» الوسائل 8: 601، الباب 152 من أحكام العشرة، الحديث 17.
 (3) انظر البحار 2: 182، الباب 26، باب أن حديثهم صعب مستصعب، و أن كلامهم ذو وجوه كثيرة، و فضل التدبر في أخبارهم عليهم السلام و التسليم لهم، و النهي عن رد أخبارهم.
 (4) انظر البحار 2: 187، الحديث 14.
                    

 

   


حاشیه ملاامین استرابادی بر مدارک الاحکام

اللؤلؤة لصاحب الحدائق، ص 114
در مورد ملا امین استرآبادی
اقول و رایت بخطه رحمه الله تعالی حاشیه علی شرح المدارک مسوده تتعلق ببعض کتاب الطهاره تشهد بفضله و دقته و حسن تقریره


در فحص صورت گرفته اثری از نسخه خطی این کتاب نیست و طبق بیان صاحب حدائق مسوده آن در دست ایشان بوده است که از آن نقل می کند.



همه جا حمل بر تقية نيست



الكافي (ط - الإسلامية)   ج‏4   378   باب المحرم يأتي أهله و قد قضى بعض مناسكه .....  ص : 378
1- علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز عن سلمة بن محرز قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل وقع على أهله قبل أن يطوف طواف النساء قال ليس عليه شي‏ء فخرجت إلى أصحابنا فأخبرتهم فقالوا اتقاك هذا ميسر قد سأله عن مثل ما سألت فقال له عليك بدنة قال فدخلت عليه فقلت جعلت فداك إني أخبرت أصحابنا بما أجبتني فقالوا اتقاك هذا ميسر قد سأله عما سألت فقال له عليك بدنة فقال إن ذلك كان بلغه فهل بلغك قلت لا قال ليس عليك شي‏ء.

الكافي (ط - الإسلامية)   ج‏7   86   باب ميراث الولد .....  ص : 86
3- علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن سلمة بن محرز قال: قلت لأبي عبد الله ع إن رجلا أرمانيا مات و أوصى إلي فقال لي و ما الأرماني قلت نبطي من أنباط الجبال مات و أوصى إلي بتركته و ترك ابنته قال فقال لي أعطها النصف قال فأخبرت زرارة بذلك فقال لي اتقاك إنما المال لها قال فدخلت عليه بعد فقلت أصلحك الله إن أصحابنا زعموا أنك اتقيتني فقال لا و الله ما اتقيتك و لكن اتقيت عليك أن تضمن

الكافي (ط - الإسلامية)   ج‏7   87   باب ميراث الولد .....  ص : 86
7- حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن عبد الله بن جبلة عن عبد الله بن بكير عن حمزة بن حمران عن عبد الحميد الطائي عن عبد الله بن محرز بياع القلانس قال: أوصى إلي رجل و ترك خمسمائة درهم أو ستمائة درهم و ترك ابنة و قال لي عصبة بالشام فسألت أبا عبد الله ع عن ذلك فقال أعط الابنة النصف و العصبة النصف الآخر فلما قدمت الكوفة أخبرت أصحابنا بقوله فقالوا اتقاك فأعطيت الابنة النصف الآخر ثم حججت فلقيت أبا عبد الله ع فأخبرته بما قال أصحابنا و أخبرته أني دفعت النصف الآخر إلى الابنة فقال أحسنت إنما أفتيتك مخافة العصبة عليك.

الكافي (ط - الإسلامية)   ج‏7   88   باب ميراث الولد .....  ص : 86
أصحابنا لا و الله ما للموالي شي‏ء فرجعت إليه من قابل فقلت له إن أصحابنا قالوا ليس للموالي شي‏ء و إنما اتقاك فقال لا و الله ما اتقيتك و لكني خفت عليك أن تؤخذ بالنصف فإن كنت لا تخاف فادفع النصف الآخر إلى الابنة فإن الله سيؤدي عنك.



تهذيب الأحكام (تحقيق خرسان)   ج‏3   28   3 باب أحكام الجماعة و أقل الجماعة و صفة الإمام و من يقتدى به و من لا يقتدى به و القراءة خلفهما و أحكام المؤتمين و غير ذلك من أحكامها .....  ص : 26
96- 8- و عنه عن صفوان عن ابن بكير عن زرارة عن حمران قال: قال لي أبو عبد الله ع إن في كتاب علي ع إذا صلوا الجمعة في وقت فصلوا معهم قال زرارة قلت له هذا ما لا يكون اتقاك عدو الله أقتدي به قال حمران كيف اتقاني و أنا لم أسأله هو الذي ابتدأني و قال في كتاب علي ع إذا صلوا الجمعة في وقت فصلوا معهم كيف يكون في هذا منه تقية قال قلت قد اتقاك و هذا ما لا يجوز حتى قضي أنا اجتمعنا عند أبي عبد الله ع فقال له حمران أصلحك الله حدثت هذا الحديث الذي حدثتني به أن في كتاب علي ع إذا صلوا الجمعة في وقت فصلوا معهم فقال هذا لا يكون عدو الله فاسق لا ينبغي لنا أن نقتدي به و لا نصلي معه فقال أبو عبد الله ع في كتاب علي ع إذا صلوا الجمعة في وقت فصلوا معهم و لا تقومن من مقعدك حتى تصلي ركعتين أخريين قلت فأكون قد صليت أربعا لنفسي لم أقتد به فقال نعم قال فسكت و سكت صاحبي و رضينا.

تهذيب الأحكام (تحقيق خرسان)   ج‏5   322   25 باب الكفارة عن خطإ المحرم و تعديه الشروط .....  ص : 316
- 21- محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز عن سلمة بن محرز قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل وقع على أهله قبل أن يطوف طواف النساء قال ليس عليه شي‏ء فخرجت إلى أصحابنا فأخبرتهم فقالوا اتقاك هذا ميسر قد سأله عن مثل ما سألت فقال له عليك بدنة قال فدخلت عليه فقلت جعلت فداك إني أخبرت أصحابنا بما أخبرتني فقالوا اتقاك هذا ميسر قد سأله عن مثل ما سألت فقال له عليك بدنة فقال له إن ذاك كان قد بلغه فهل بلغك قلت لا قال ليس عليك شي‏ء.

تهذيب الأحكام (تحقيق خرسان)   ج‏5   486   26 باب من الزيادات في فقه الحج .....  ص : 387
1733- 379- محمد بن الحسين عن صفوان عن أبي أيوب قال حدثني سلمة بن محرز أنه كان تمتع حتى إذا كان يوم النحر طاف بالبيت و بالصفا و المروة ثم رجع إلى منى و لم يطف طواف النساء فوقع على أهله فذكره لأصحابه فقالوا فلان قد فعل مثل ذلك فسأل أبا عبد الله ع فأمره أن ينحر بدنة قال سلمة فذهبت إلى أبي عبد الله ع فسألته فقال ليس عليك شي‏ء فرجعت إلى أصحابي فأخبرتهم بما قال فقالوا اتقاك و أعطاك من عين كدرة فرجعت إلى أبي عبد الله ع فقلت إني لقيت أصحابي فقالوا اتقاك فقد فعل فلان مثل ما فعلت فأمره أن ينحر بدنة فقال صدقوا ما اتقيتك و لكن فلان فعله متعمدا و هو يعلم و أنت فعلته و أنت لا تعلم فهل كان بلغك ذلك قال قلت لا و الله ما كان بلغني فقال ليس عليك شي‏ء.

تهذيب الأحكام (تحقيق خرسان)   ج‏9   277   24 باب ميراث الأولاد .....  ص : 274
- 14- أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن سلمة بن محرز قال: قلت لأبي عبد الله ع إن رجلا أرمانيا مات و أوصى إلي فقال و ما الأرماني قلت نبطي من أنباط الجبال مات و أوصى إلي بتركته و ترك ابنته قال فقال لي أعطها النصف قال فأخبرت زرارة بذلك فقال لي اتقاك إنما المال لها قال فدخلت عليه بعد فقلت أصلحك الله إن أصحابنا زعموا أنك اتقيتني فقال لا و الله ما اتقيتك و لكني أبقيت عليك فهل علم بذلك أحد قلت لا قال فأعطها ما بقي.

تهذيب الأحكام (تحقيق خرسان)   ج‏9   278   24 باب ميراث الأولاد .....  ص : 274
- 18- الحسن بن محمد بن سماعة عن عبد الله بن جبلة عن عبد الله بن بكير عن حمزة بن حمران عن عبد الحميد الطائي عن عبد الله بن محمد بياع القلانس قال: أوصى إلي رجل و ترك خمسمائة درهم أو ستمائة درهم و له ابنة و قال لي عصبة بالشام فسألت أبا عبد الله ع عن ذلك فقال أعط البنت النصف و العصبة النصف فلما قدمت الكوفة أخبرت أصحابنا بقوله فقالوا اتقاك فأعطيت البنت النصف الآخر ثم حججت فلقيت أبا عبد الله ع فأخبرته بما قال أصحابي و أخبرته أني دفعت النصف الآخر إلى ابنته فقال أحسنت إنما أفتيتك مخافة العصبة عليك.

تهذيب الأحكام (تحقيق خرسان)   ج‏9   279   24 باب ميراث الأولاد .....  ص : 274
- 20- الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسن الميثمي عن أبان بن عثمان عن عبد الله بن محرز قال قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل أوصى إلي و هلك و ترك ابنة فقال أعط البنت النصف و اترك للموالي النصف فرجعت فقال أصحابنا و الله ما للموالي شي‏ء فرجعت إليه من قابل فقلت إن أصحابنا قالوا ليس للموالي شي‏ء و إنما اتقاك فقال لا و الله ما اتقيتك و إنما خفت عليك أن تؤخذ بالنصف فإن كنت لا تخاف فادفع النصف الآخر إلى ابنته فإن الله سيؤدي عنك.






****************
ارسال شده توسط:
میم. دال
Sunday - 11/2/2024 - 23:15

مرحوم صاحب حدائق مبنای خود در باب تقیه را به مرحوم استر آبادی هم نسبت می دهند:

أقول: و قد وفق الله تعالى الى الوقوف على كلام للمحدث الأمين الأسترآبادي (قدس سره) يطابق ما سنح لنا في هذه المقالة، حيث قال في تعليقاته على كتاب المدارك في بحث البئر في بيان السبب في اختلاف اخبار النزح ما لفظه: و اما الروايات المختلفة المتضمنة للنزح ففي سبب اختلافها احتمالات، و ذلك لتضمن كثير من الروايات انه من أنواع التقية صدور أجوبة مختلفة عنهم عليهم السلام في مسألة واحدة لئلا يثبت عليهم قول واحد، و لنص كثير منها ان خصوصيات كثير من الأحكام مفوضة إليهم عليهم السلام كما كانت مفوضة إليه (ص)، ليعلم المسلم لأمرهم من غيره، الى آخر كلامه خصه الله بمزيد إكرامه. و انى سابقا كان يكثر تعجبي من عدم اهتداء أحد سيما من المحدثين الى ما ذكرنا، حتى وفق الله سبحانه للوقوف على هذا الكلام، و ما ذكره (قدس سره) من خروج بعض الاختلافات عنهم (ع) من باب التفويض يدل عليه من الاخبار المذكورة هنا خبر موسى بن أشيم (منه رحمه الله).

بنظر می رسد مقصود ایشان و استرآبادی این مطلب است که اختلافی که در باب اخبار مشاهده می شود به جهت تقیه است. و به جهت تفویض احکام به ائمه، این رخصت از جانب آن ها داده شده است که در موارد اختلاف، به تقیه عمل شود. در عباراتی که از حاشیه مدارک نقل شده، چند احتمال در سبب اختلاف روایات بئر ذکر شده است. منشا اصلی اختلافات در اخبار از دیدگاه ایشان همان اختلاف به جهت تقیه است که با عبارت لتضمن کثیر... بیان شده و به بحث تفویض هم با عبارت و لنص... اشاره شده است. مرحوم صاحب حدائق همین برداشت را از عبارت مرحوم استر آبادی دارد و لذا روایت ابن اشیم را از مصادیق این تحلیل می داند. یعنی هذا عطائنا امسک... را همان بحث تفویض می داند که عمل به روایات مختلف به خاطر تقیه را تجویز کرده اند.

حاشیه مرحوم استر آبادی بر مدارک در دسترس نبود لکن در فوائد المدنیه عباراتی پیدا شد که  بیانگر همین دیدگاه است:

فنقول : الاختلاف في الفتاوى قسمان :أحدهما : أن يكون سببه اختلاف ما بلغهم من الروايات.ومن المعلوم أنّ هذا النوع من الاختلاف لا يؤدّي إلى تناقض ، لابتناء أحد القولين على ما ورد من باب التقية ـ كما حقّقه رئيس الطائفة قدس‌سره وقد مرّ توضيحه [٢] ـ والاختلافات الواقعة بين قدمائنا الأخباريّين وأصحاب الأئمّة عليهم‌السلام من هذا القبيل ، كما تقدّم نقله عن رئيس الطائفة. 321

در این عبارت  سبب اختلاف روایات را تقیه می داند. پس یعنی یکی از انواع تقیه همین اختلاف انداختن ائمه است. ایشان این مطلب را از کتاب عده مرحوم شیخ نقل می کند و می پذیرد:

وسيأتي في كلامنا ما ذكره(شیخ طوسی) قدس‌سره في باب الكلام في الأخبار إن شئت فارجع إليه ، ومحصول كلامه هناك : أنّ اختلاف فتاوى أصحابنا المبنيّ على اختلاف الفتاوى الواردة عنهم عليهم‌السلام لا يستلزم تناقضا بين تلك الفتاوى حتّى يكون الحقّ في واحد ، وذلك لأنّ كلّ واحد منهم يقول : هذه الفتوى ثبت ورودها عنهم علیهم السلام و لم یظهرعندي إلى الآن أنّ ورودها من باب التقيّة ، وكلّما هو كذلك يجوز لنا العمل به إلى ظهور القائم عليه‌السلام وإن كان وروده في الواقع من باب التقيّة. وكلّ واحدة منهما حقّ ، إحداهما عند الاختيار والاخرى عند ضرورة التقية. بخلاف اختلاف الفتاوى المبنيّ على غير ذلك ، فإنّه يستلزم التناقض بينها ص 96

و اما ارتباط بحث تفویض با بحث تقیه:

الفائدة الثالثة

إنّه يفهم من هذه الأحاديث الشريفة ( در اختلاف احادیث که تخییر و توقف مطرح شده است): أنّ من جملة نعماء الله تعالى على هذه الطائفة أنّه جلّ جلاله جوّز لهم العمل بكلّ ما ورد من أصحاب العصمة ولو كان وروده من باب التقيّة.

الفائدة الرابعة

إنّه يفهم من بعض تلك الأحاديث أنّه إذا لم نطّلع على أحد الوجوه المرجّحة المذكورة فيها يجب التوقّف عن تعيين أحد الطرفين قولا وفعلا إلى لقاء صاحبنا عليه‌السلام ويفهم من بعضها أنّه حينئذ نحن مخيّرون في العمل بأيّهما نريد من باب أنّ كلّ ما ورد منهم عليهم‌السلام يجب علينا تسليمه ولو كان وروده في الواقع من باب التقية والشفقة على الرعيّة ، لا من باب أن حكم الله الواقعي التخيير ، ولا من باب أنّه إذا تعارضت الأمارات في نظر المجتهد فهو مخيّر في العمل بأيّتهما أراد كما هو مذهب من يعمل بالظنّ في نفس أحكامه تعالى. ص. 390

هر چند تصریح به بحث تفویض نشده است( شاید به جهت این که  در مقام بیان این مطلب نیست) لکن اصل این که بحث تخییر به جهت تجویز شرعی  به احادیث تقیه ای است اشاره شده است.

 روشن است که  فائده سوم که خداوند  تجویز کرده با  فائده چهارم که بحث تخییر از باب تسلیم است که از سوی ائمه صادر شده تنافی ندارد.






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Monday - 12/2/2024 - 9:7

در این عبارت مرحوم صاحب حدائق، احتمال تفویض را مقابل احتمال تقیه مطرح می فرمایند:

الحدائق، ج 1، ص 363-365

(البحث الثالث) - [أنموذج من الاختلافات الواقعة في الأخبار في جملة من المقدرات] اعلم انه حيث كان القول الراجح عندنا من تلك الأقوال هو القول بالطهارة و استحباب النزح كما أوضحناه، أغمضنا النظر عن الاشتغال بالبحث عن بيان المقدرات لكل من النجاسات و ما وقع فيها من الاختلافات، لعدم مزيد فائدة في البحث عن ذلك. و اعتمادا على ما ذكره أصحابنا (شكر الله سعيهم) فيما هنالك و مسارعة إلى الاشتغال بما هو أهم و في النفع و الإفادة أتم. لكنا نقتصر هنا على نقل أنموذج من تلك الاختلافات الواقعة في الاخبار في جملة من المقدرات مع وحدة النجاسة. (فمنها) - الفأرة، ففي صحيح زيد الشحام «ما لم تتفسخ يكفيك خمس دلاء». و في رواية أبي بصير «سبع دلاء». و مثله في رواية عمرو بن سعيد بن هلال و رواية علي بن أبي حمزة و رواية سماعة و في صحيح علي بن يقطين «يجزيك ان تنزح منها دلاء». و كذا في صحيح الفضلاء و رواية الفضل البقباق و في صحيح  معاوية بن عمار «ثلاث دلاء». و في رواية أبي خديجة «أربعون دلوا». و في موثقة عمار الساباطي «تنزح كلها». و (منها) - الكلب، ففي صحيح الشحام المتقدم «خمس دلاء». و في رواية أبي بصير الآنفة (5) ايضا «سبع دلاء». و في رواية أبي مريم «نزح الجميع». و كذا في موثقة عمار و في صحيح علي بن يقطين المتقدم ايضا «دلاء». و كذا  في صحيح الفضلاءالمتقدم و كذا في رواية الفضل البقباق و في رواية علي - و الظاهر انه ابن أبي حمزة - «عشرون أو ثلاثون أو أربعون». و (منها) - بول الصبي، ففي رواية علي بن أبي حمزة «دلو واحد». و في رواية منصور بن حازم عن عدة من أصحابنا «سبع دلاء». و في صحيح معاوية ابن عمار «كله». مع ان غاية ما ينزح لبول الرجل أربعون دلوا، و كذا في موثق عمار الساباطي . و (منها) - السنور، ففي صحيحة علي بن يقطين «يجزيك ان تنزح منها دلاء». و في رواية علي - و الظاهر كونه ابن أبي حمزة - «عشرون أو ثلاثون أو أربعون». و في موثقة سماعة «ثلاثون أو أربعون». و في صحيح زيد الشحام المتقدم «خمس دلاء». و في رواية عمرو بن سعيد المتقدمة «سبع دلاء». و (منها) - الخنزير، ففي صحيح الفضلاء المتقدم «دلاء». و في موثقة عمار المتقدمة «تنزح البئر كلها». الى غير ذلك من الاخبار الواردة في هذا المضمار.

و قد اضطربت آراء القائلين بالنجاسة في الجمع بينها، و تمييز عثها من سمينها و الشيخ (رحمه الله تعالى) في كتابي الأخبار قد جمع بينها بوجوه بعيدة و محامل غير سديدة.

و المتأخرون - بناء على الاصطلاح المحدث في تنويع الاخبار الى الأنواع الأربعة - هان الخطب عند القائل منهم بالنجاسة في جملة من الموارد برد الأخبار بضعف الاسناد.

و اما القائلون بالطهارة فقد حملوا الاختلاف الواقع في هذه الأخبار على الاختلاف في افراد الآبار بالغزارة و النزارة، و اختلاف النجاسة كثرة و قلة و مكثا و عدمه و نحو ذلك، إلا ان فيه ان الاخبار قد وردت مطلقة، ففي كون الاختلاف لذلك نوع بعد. و لعل الأقرب ان ذلك إنما خرج مخرج التقية، لما قدمنا لك في المقدمة الاولى من تعمدهم (عليهم السلام) المخالفة في الفتاوى و ان لم يكن بذلك قائل من المخالفين. و احتمل بعض محققي المحدثين من المتأخرين كون هذا الاختلاف من باب تفويض الخصوصيات لهم (عليهم السلام) لتضمن كثير من الاخبار ان خصوصيات كثير من الأحكام مفوضة إليهم (عليهم السلام) كما كانت مفوضة إليه (صلى الله عليه و آله) ليعلم المسلم لأمرهم من غيره، أو من باب الإفتاء تارة بما لا بد منه في تحقيق القدر المستحب و تارة بما هو الأفضل، و تارة بما هو متوسط بينهما.
























فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است



****************
ارسال شده توسط:
صالحی
Saturday - 17/2/2024 - 20:37

سلام علیکم و رحمة الله

سؤال اول: شما فرمودید: تمام روایاتی که مرحوم صاحب حدائق بر مدعای خود آورده اند، ناتمام است. درباره روایت آخر بحث مفصلی کردید. اما روایت اول ایشان را چه طور جواب می دهید. روایت این بود:

رواه في الكافي في الموثق عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: (سألته عن مسألة فأجابني، ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاء رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني و أجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت: يا ابن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان، فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟ فقال: يا زرارة ان هذا خير لنا و أبقى لكم. و لو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا و لكان أقل لبقائنا و بقائكم. قال: ثم قلت لأبي عبد الله عليه السلام: شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا و هم يخرجون من عندكم مختلفين، قال: فأجابني بمثل جواب أبيه).

همچنین این روایت را چه طور جواب می دهید؟

سئل عن اختلاف أصحابنا فقال عليه السلام: (انا فعلت ذلك بكم و لو اجتمعتم على أمر واحد لأخذ برقابكم).

سؤال دوم: آیا نمی توانیم کلام صاحب حدائق را فی الجمله بپذیریم؟! یعنی قبول کنیم که حضرات معصومین علیهم السلام در بعض موارد عمدا بین شیعیان خود اختلاف خواندند تا جان شیعه یا جان امام شیعه حفظ شود و این اختلاف به هیچ نکته نفس الأمری هم برنگردد. یعنی رسما امام معصوم علیه السلام یک عده را به سمت خلاف شرع سوق داده باشند تا مصلحت اهم که حفظ جان و بقاء شیعه باشد، محفوظ بماند. آیا این مطلب در بعض موارد مقبول است؟ آیا شواهدی بر این مطلب داریم؟!