بسم الله الرحمن الرحیم
القول في الإحباط و التكفير
فهرست علوم
علم کلام
التبيان في تفسير القرآن ج1 159 قوله تعالى:[سورة البقرة(2): آية 35] ..... ص : 155
و قالت المعتزلة: إن تلك كانت صغيرة من آدم- على اختلافهم في انه كان منه عمداً أو سهواً أو تأويلا- و انما قلنا لا يجوز عليهم القبائح، لأنها لو جازت عليهم لوجب أن يستحقوا بها ذماً، و عقابا و براءة و لعنة، لأن المعاصي كلها كبائر عندنا و الإحباط باطل و لو جاز ذلك لنفر عن قبول قولهم. و ذلك لا يجوز عليهم كما لا يجوز كل منفر عنهم من الكبائر و الخلق المشوهة و الأخلاق المنفرة. و لا خلاف أن النهي يتناول الأكل دون القرب كأنه قال: لا تقربا بالأكل لأنه لا خلاف أن المخالفة وقعت بالأكل لا بالدنو منها و لذلك قال: «فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما» و قوله: «فَتَكُونا» يحتمل أن يكون جواباً للنهي فيكون موضعه نصباً.
التبيان في تفسير القرآن ج1 193 المعنى: ..... ص : 192
و هؤلاء إذا كانوا كفاراً، و ماتوا على كفرهم. كيف يجوز أن يكونوا عارفين بصفة محمد، و أنه حق، بما معهم من التوراة. و ذلك مبني على معرفة اللّه، و عندكم ما عرفوا اللَّه؟ قيل: إن اللَّه الذي يمنع أن يكفر من عرف اللَّه، إذا كان معرفته على وجه يستحق بها الثواب، فلا يجوز أن يكفر، لأنه يؤدي إلى اجتماع الثواب الدائم على إيمانه، و العقاب الدائم على كفره. و الإحباط باطل. و ذلك خلاف الإجماع. و لا يمتنع أن يكونوا عرفوا اللَّه على وجه لا يستحقون به الثواب لأن الثواب إنما يستحق، بأن يكونوا نظروا من الوجه الذي وجب عليهم. فأما إذا نظروا بغير ذلك، فلا يستحقون الثواب، فيكونوا على هذا عارفين باللَّه و بالكتاب الذي أنزله على موسى، و عارفين بصفات النبي (ص). لكن لا يؤمنون مستحقين الثواب. و على هذا يجوز أن يكفروا. و في الناس من قال: استحقاقهم الثواب على إيمانهم، مشروط بالموافاة. فإذا لم يوافوا به، لم يستحقوا الثواب. فعلى هذا أيضاً، يجوز أن يكونوا عارفين، و إن لم يكونوا مستحقين لثواب يبطل بالكفر. و المعتمد الأول. و قال قوم: الآية متوجهة إلى المنافقين منهم. و كان خلطهم الحق بالباطل ما أظهروا بلسانهم من الإقرار بالنبي (ص) بما يستبطنونه من الكفر. و هذا يمكننا الاعتماد عليه، و يكون قوله: «وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» معناه أنكم تعلمون أنكم تظهرون خلاف ما تبطنونه. و هذا أسلم من كل وجه على أصلنا. و يمكن أن يقال: معنى قوله: «وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» أي عند أنفسكم، لأنهم إذا كانوا يعتقدون أنهم عالمون بالتوراة، و بأنه من عند اللَّه، و فيها ذكر النبي، فهم عالمون عند أنفسهم بنبوته، لكن يكابرون.
التبيان في تفسير القرآن ج1 325 المعنى: ..... ص : 325
و قوله: «وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ» يقوي ذلك، لأن المعنى فيه ان تكون خطاياه كلها اشتملت عليه و لا يكون معه طاعة يستحق بها الثواب، تشبيهاً بما أحاط بالشيء من كل وجه. و لو كان معه شيء من الطاعات، لكان مستحقاً للثواب فلا تكون السيئة محيطة به، لأن الإحباط عندنا باطل فلا يحتاج الى تراعي كثرة
التبيان في تفسير القرآن ج1 326 المعنى: ..... ص : 325
العقاب، و قلة الثواب، لأن قليل الثواب عندنا يثبت مع كثرة العقاب، لما ثبت من بطلان التحايط بادلة العقل. و ليس هذا موضع ذكرها، لأن الآية التي بعدها فيها وعد لأهل الايمان بالثواب الدائم. فكيف يجتمع الثواب الدائم و العقاب الدائم، و ذلك خلاف الإجماع؟ و متى قالوا أحدهما يبطل صاحبه، قلنا الإحباط باطل ليس بصحيح على ما مضى.
التبيان في تفسير القرآن ج1 326 قوله تعالى:[سورة البقرة(2): آية 82] ..... ص : 326
هذه الآية متناولة لمن آمن باللَّه و صدق به، و صدق النبي (ص) و عمل الصالحات التي أوجبها اللّه تعالى عليه، فانه يستحق بها الجنة خالداً ابداً. و ظاهرها يمنع من ان مرتكب الكبيرة مخلد في النار، لأنه إذا كان مؤمناً مستحقاً للثواب الدائم، فلا يجوز ان يستحق مع ذلك عقاباً دائماً، لأن ذلك خلاف ما اجمع المسلمون عليه و متى عادوا الى الإحباط، كلموا فيه بينهم و بين بطلان قولهم.
التبيان في تفسير القرآن ج2 15 المعنى: ..... ص : 15
هم أحبار اليهود، و علماء النصارى غير انهم جماعة قليلة يجوز على مثلهم اظهار خلاف ما يبطنون، لان الجمع الكثير لا يتأتى ذلك منهم لما يرجع الى العادة، و انه لم يجز بذلك مع اختلاف الدواعي، و انما يجوز العناد على النفر القليل و قد مضى فيما تقدم نظير ذلك، و ان على ما نذهب اليه في الموافاة لا يمكن أن يكونوا عارفين بذلك إلا أن يكون نظيرهم لا يوجه وجوب المعرفة، فإذا حصلت المعرفة عند ذلك فلا يستحقون عليه الثواب لان النبي (ص) يمنع منه ان يكونوا مستحقين للثواب الدائم و يكفرون فيستحقون العقاب الدائم و الإحباط باطل، فيؤدي ذلك الى اجتماع الاستحقاقين الدائمين و ذلك خلاف الإجماع.
التبيان في تفسير القرآن ج2 208 اللغة: ..... ص : 208
و قوله: «فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ» معناه: أنها صارت بمنزلة ما لم يكن، لايقاعهم إياها على خلاف الوجه المأمور به، و ليس المراد أنهم استحقوا عليها الثواب ثم انحبطت، لأن الإحباط- عندنا- باطل على هذا الوجه. و يقال: حبط عمل الرجل يحبط حبطاً و حبوطاً، و أحبطه اللَّه إحباطاً، و الحبط: فساد، يلحق الماشية في بطونها، لأكل الحباط، و هو ضرب من الكلاء. يقال: حبطت الإبل تحبط حبطاً إذا أصابها ذلك.
التبيان في تفسير القرآن ج2 353 الاعراب و القراءة: ..... ص : 352
«مِنْ سَيِّئاتِكُمْ» دخلت من للتبعيض لأنه إنما يكفّر بالطاعة- غير التوبة- الصغائر. هذا على مذهب من يقول بالصغائر و الإحباط. فأما على مذهبنا فإنما كان كذلك لأن إسقاط العقاب كله تفضل، فله أن يتفضل بإسقاط بعضه دون بعض فلو لم يدخل من لافادته يسقط جميع العقاب. و قال قوم من زائدة و الذي ذكرناه أولى لأنه لا حاجة بنا إلى الحكم بزيادتها مع إمكان حملها على فائدة «وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» معناه أنه تعالى بما تعملونه في صدقاتكم من إخفائها و إعلانها عالم خبير به لا يخفى عليه شيء من ذلك فيجازي على جميعه بحسبه.
التبيان في تفسير القرآن ج2 480 قوله تعالى:[سورة آلعمران(3): آية 57] ..... ص : 480
و المحبة هي الارادة، و في الآية دلالة على أنه لا يجازي المحسن بما يستحقه المسيء و لا المسيء بما يستحقه المحسن، لأن ذلك ظلم. و معنى التوفية في الآية مساواة مقدار الاستحقاق لأن المقدار لا يخلو أن يكون مساوياً أو زائداً أو ناقصاً، و الزيادة على مقدار الاستحقاق لا يجوز أن يعطي ثواب العمل من ليس بعامل لكن تجوز الزيادة على وجه التفضل، فأما التوفية، فواجبة في الحكمة و النقصان لا يجوز، لأنه ظلم. و في الآية دلالة على بطلان القول بالتحابط، لأنه تعالى وعد بتوفية الأجور و لم يشرط الإحباط، فوجب حمل الكلام على ظاهره.
التبيان في تفسير القرآن ج2 523 اللغة، و المعنى: ..... ص : 522
و ليس في الآية ما يدل على صحة الإحباط، للايمان و لا إحباط المستحق عليه من الثواب، لأنه لم يجر لذلك ذكر. و قوله: «كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ» يعني بعد إظهارهم الايمان و شهادتهم أن الرسول حق، و إن كانوا في باطنهم منافقين. و ليس فيها أنهم كانوا في باطنهم مؤمنين مستحقين للثواب، فزال ذلك بالكفر فلا متعلق بذلك في صحة الإحباط.
التبيان في تفسير القرآن ج2 525 المعنى: ..... ص : 524
فلا يتوجه إليه الوعيد بالخلود، لأنه لا يستحق إلا عقاباً منقطعاً به مع ثبوت استحقاقه للثواب الدائم، لأنه لو كان كذلك لأدى إلى اجتماع استحقاق الثواب الدائم، و العقاب الدائم لشخص واحد. و الإجماع بخلافه. و الإحباط- عندنا- باطل، فلا يمكن أن يقال يحبط أحدهما الآخر، و إنما حسن العقاب الدائم على المعاصي المنقطعة، كما حسن الثواب الدائم على الطاعة المنقطعة، فلا يجوز أن يستحق الدوام على الأصغر، و لا يستحق على الأكثر، فلما كانت نعم اللَّه تعالى أعظم النعم كانت معاصيه أعظم المعاصي، و كانت طاعته أصغر منها. و أيضاً، فانه يحسن الذم للدائم على المعاصي المنقطعة فالعقاب يجري مجراه.
التبيان في تفسير القرآن ج2 590 المعنى: ..... ص : 588
و الثاني- ان معناه ينبغي للعباد أن يعملوا بطاعة اللَّه على الرجاء للرحمة بدخول الجنة، لئلا يزلوا فيستحقوا الإحباط و العقوبة أو يوقعوها على وجه لا يستحق به الثواب، بل يستحق به العقاب. و فيها معنى الشك، لكنه للعباد دون اللَّه تعالى.
التبيان في تفسير القرآن ج3 57 المعنى: ..... ص : 56
و الثاني- ان اللّه يريد أن يحكم بحرمان ثوابهم الذي عرضوا له بتكليفهم، و هو الذي يليق بمذهبنا، لأن الإحباط عندنا ليس بصحيح فان قيل: كيف قال: «يريد الله» و هذا إخبار عن كونه مريداً في حال الاخبار، و إرادة الله تعالى لعقابهم تكون يوم القيامة، و تقديمها على وجه يكون عزماً و توطيناً للنفس لا يجوز عليه تعالى؟ قلنا: عنه جوابان:
التبيان في تفسير القرآن ج3 296 المعنى: ..... ص : 294
و إذا تعارضا، وقفا و بقينا على جواز العفو عقلا. و قال الجبائي و البلخي: الآية نزلت في أهل الصلاة. لأنه تعالى بين في الآية الأولى حكم قتل الخطأ من الدية، و الكفارة. و ذلك يختص أهل الصلاة، ثم عقب ذلك بذكر قتل العمد منهم. و هذا ليس بصحيح، لأن لزوم الدية في الخطأ يتناول المسلم، و المعاهد. و أما الكفارات فان عندنا تلزمهم أيضاً لأنهم متعبدون بالشرائع. و لو سلمنا ان الآية الاولى تختص المسلمين، لم يلزم ان تختص الثانية بهم، بل لا يمتنع ان يراد بها الكفار على وجه الخصوص أو الكفار، و المسلمين على وجه العموم. غير انا قد علمنا انه لا يجوز ان يراد بها من هو مستحق الثواب، لأن الثواب دائم. و لا يجوز مع ذلك أن يستحق العقاب الدائم مع ثبوت بطلان الإحباط، لإجماع الآية على خلافه.
التبيان في تفسير القرآن ج3 374 المعنى: ..... ص : 373
معنى الآية الاخبار من اللَّه تعالى «إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ» و معناه يجحدون باللَّه و رسله من اليهود و النصارى «وَ يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ» أي يكذبوا رسل اللَّه الذين أرسلهم إلى خلقه و أوحى اليهم و يزعمون انهم كاذبون على اللَّه. و ذلك معنى إرادتهم التفريق بين اللَّه و رسله «وَ يَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَ نَكْفُرُ بِبَعْضٍ» و معناه أنهم يقولون نصدق بهذا و نكذب بهذا، كما فعلت اليهود صدقوا موسى و من تقدمه من الأنبياء، و كذبوا عيسى و محمداً (ص) و كما فعلت النصارى صدقت عيسى و من تقدمه من الأنبياء، و كذبوا محمداً (ص) «وَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا» يعني يريد المفرقون بين اللَّه و رسله الزاعمون انهم يؤمنون ببعض و يكفرون ببعض أن يتخذوا بين قولهم: نؤمن ببعض، و نكفر ببعض سبيلا يعنى طريقاً إلى الضلالة التي أحدثوها، و البدعة التي ابتدعوها يدعون جهال الناس اليه، ثم اخبر عن حالهم فقال: «أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا» أي هؤلاء الذين أخبر عنهم بأنهم يؤمنون ببعض و يكفرون ببعض، و تفريقهم بين اللَّه و رسله هم الكافرون حقاً فاستيقنوا ذلك و لا ترتابوا بدعواهم انهم يقرون بما زعموا انهم فيه مقرون من الكتب و الرسل، فإنهم يكذبون في دعواهم هذه، لأنهم لو كانوا صادقين في ذلك، لصدقوا جميع رسل اللَّه، لأنه لا يصح أن يكونوا عارفين باللَّه و رسوله مع جحودهم، لنبوة بعض الأنبياء على ما يذهب اليه في الموافات. و عند من قال بالإحباط لا يمتنع أن يكونوا عارفين باللَّه، و بعض رسله فإذا كفروا ببعضهم، انحبط ما معهم من الثواب على ايمانهم و هذا لا يصح على مذهبنا في بطلان الإحباط فالصحيح إذا ما قلناه.
التبيان في تفسير القرآن ج4 5 قوله تعالى:[سورة المائدة(5): آية 85] ..... ص : 5
و الإحسان هو إيصال النفع الحسن الى الغير، و ضده الاساءة، و هي إيصال الضرر القبيح اليه، و ليس كل من كان من جهته إحسان فهو محسن مطلقاً، فالمحسن فاعل الإحسان الخالي مما يبطله، كما أن المؤمن هو فاعل الايمان الخالص مما يحبطه، و عندنا لا يحتاج الى شرط خلوه مما يبطله، لأن الإحباط عندنا باطل، لكن يحتاج أن يشرط فيه أن يكون خالياً من وجوه
التبيان في تفسير القرآن ج4 197 قوله تعالى:[سورة الأنعام(6): الآيات 84 الى 90] ..... ص : 192
و قوله (وَ لَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) لا يدل على صحة ثواب طاعاتهم التي أشركوا في توجيهها الى غير اللَّه لأنهم أوقعوها على خلاف الوجه الذي يستحق به الثواب، فأما ما تقدم فليس في الآية ما يقتضي بطلانه غير أنا قد عملنا أنه إذا أشرك لا ثواب معه أصلا، لإجماع الامة على أن المشرك لا يستحق الثواب، فلو كان معه ثواب و قد ثبت أن الإحباط باطل، لكان يؤدي الى أن معه ثوابا و عقابا، لأنا قد بينا بطلان القول بالتحابط في غير موضع و ذلك خلاف الإجماع.
التبيان في تفسير القرآن ج4 246 قوله تعالى:[سورة الأنعام(6): آية 114] ..... ص : 244
أحدهما- يعلمون ان كل ما فيه بيان عن الشيء على ما هو به، فترغيبه، و ترهيبه، و وعده، و وعيده، و قصصه، و أمثاله، و غير ذلك مما فيه كله بهذه الصفة و الثاني- أن معنى «بالحق» البرهان الذي تقدم لهم حتى علموه به. فان قيل كيف يصح على أصلكم في الموافاة و نفي الإحباط و صف الكفار بأنهم يعلمون الحق و ذلك مما يستحق به الثواب و لا خلاف أن الكافر لا ثواب معه؟!.
التبيان في تفسير القرآن ج4 543 قوله تعالى:[سورة الأعراف(7): آية 147] ..... ص : 543
و أصل الإحباط الفساد مشتق من الحبط، و هو داء يأخذ البعير في بطنه من فساد الكلأ عليه، يقال: حبطت الإبل تحبط: إذا أصابها ذلك، و إذا عمل الإنسان عملا على خلاف الوجه الذي أمر به يقال: أحبطه، بمنزلة من يعمل شيئاً ثم يفسده.
التبيان في تفسير القرآن ج5 204 قوله تعالى:[سورة التوبة(9): آية 29] ..... ص : 201
بحال، لأنه لو فعل طاعة للَّه لاستحق الثواب و الإحباط باطل، فكان يجب ان يكون مستحقاً للثواب و ذلك خلاف الإجماع.
التبيان في تفسير القرآن ج5 237 قوله تعالى:[سورة التوبة(9): آية 54] ..... ص : 237
و الثاني- أن يكون تقديره ما منعهم اللَّه منه إلا لأنهم كفروا باللَّه. و عندنا ان الكافر لا يقع منه الإنفاق على وجه يكون طاعة، لأنه لو أوقعها على ذلك الوجه لاستحق الثواب. و الإحباط باطل، فكان يؤدي الى ان يكون مستحقاً للثواب.
التبيان في تفسير القرآن ج5 460 قوله تعالى:[سورة هود(11): آية 16] ..... ص : 459
على غير الوجه المأمور به، و على حدّ لا تكون طاعة، و أن جميع ما فعلوه في الدنيا باطل لا ثواب عليه. و قد بينا فساد القول بالإحباط على ما يذهب اليه المعتزلة و أصحاب الوعيد، سواء قالوا الإحباط بين الطاعة و المعصية أو بين المستحق عليها، فلا معنى للتطويل بذكره هاهنا. و قوله «وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» بعد قوله «حَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها» يحقق ما نقوله: إن نفس الاعمال تبطل بأن توقع على خلاف الوجه الذي يستحق به الثواب.
التبيان في تفسير القرآن ج6 204 قوله تعالى:[سورة يوسف(12): آية 106] ..... ص : 203
و على مذهب من قال بالموافاة من المرجئة لا يصح ذلك، لان الإحباط عنده باطل، فمن آمن باللَّه لا بد ان يوافي به.
التبيان في تفسير القرآن ج7 396 قوله تعالى:[سورة المؤمنون(23): الآيات 101 الى 105] ..... ص : 395
و قوله «فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» اخبار منه تعالى أن من عظمت طاعاته و سلمت من الإحباط- في قول من يقول بذلك- و من لا يقول بالإحباط فمعناه عندهم: إن من كثرت طاعاته، و هو غير مستحق للعقاب، فان أولئك هم المفلحون الفائزون.
التبيان في تفسير القرآن ج7 508 قوله تعالى:[سورة الفرقان(25): الآيات 66 الى 70] ..... ص : 505
جزى اللَّه ابن عروة حيث أمسى عقوقا و العقوق له أثام أي عقاب. و قال ابن عمر، و قتادة: هو اسم واد في جهنم، و هو قول مجاهد و عكرمة. و قال اهل الوعيد: ان قوله (وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) راجع الى كل واحد من المعاصي المذكورة. و قال اهل الارجاء انما يرجع الى جميعه، و يجوز- أن يكون راجعاً- الى الكفر وحده، لان الفسوق لا يستحق به العقاب الدائم و الا لأدى الى اجتماع الاستحقاقين على وجه الدوام. و ذلك خلاف الإجماع، لان الإحباط عندهم باطل، و الكلام على ذلك استوفيناه في كتاب الأصول.
التبيان في تفسير القرآن ج8 189 قوله تعالى:[سورة العنكبوت(29): الآيات 6 الى 10] ..... ص : 188
ثم قال تعالى «وَ الَّذِينَ آمَنُوا» أي صدقوا بوحدانيته و أقروا بنبوة نبيه، و اعترفوا بما جاء به من عند اللَّه «لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ» التي اقترفوها قبل ذلك. و من قال بالإحباط قال: تبطل السيئة الحسنة التي هي أكبر منها حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل، كما قال «إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ» و الإحباط هو إبطال الحسنة بالسيئة التي هي اكبر منها. و السيئة الخصلة التي يسوء صاحبها عاقبتها. و الحسنة الخصلة التي يسر صاحبها عاقبتها. و كل حسنة طاعة للَّه، و كل سيئة هي معصية له تعالى.
التبيان في تفسير القرآن ج8 501 قوله تعالى:[سورة الصافات(37): الآيات 61 الى 70] ..... ص : 500
يقول اللَّه تعالى في تمام الحكاية عن قول المؤمن للكافر «لِمِثْلِ هذا» يعني لمثل ثواب الجنة و نعيمها «فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ» في دار التكليف، و يحسن من العامل أن يعمل العمل للثواب إذا أوقعه على الوجه الذي تدعو اليه الحكمة من وجوب او ندب، قال الرماني: ألا ترى أنه لو عمل القبيح ليثاب على ما تدعو اليه الحكمة لاستحق الثواب إذا خلص من الإحباط. و هذا الذي ذكره غير صحيح، لأن القبيح لا يجوز أن يستحق عليه الثواب على وجه و إن عرض في القبيح وجوه كثيرة من وجوه الحسن، فانه لا يعتدّ بها، فان علمنا في ما ظاهره القبيح أنه وقع على وجه يستحق فيه الثواب، علمنا أنه خرج من كونه قبيحاً. و مثال ذلك إظهار كلمة الكفر عند الإكراه عليها او الإنكار لكون نبي بحضرته لمن يطلبه ليقتله فان هذا و إن كان كذباً في الظاهر فلا بد أن يوري المظهر بما يخرجه عن كونه كاذباً، و متى لم يحسن التورية منع اللَّه من إكراهه عليه. و في الناس من يقول: يجب عليه الصبر على القتل، و لا يحسن منه الكذب، و متى كان من يحسن التورية، و لم يور كان القول منه كذباً و قبيحاً و لا يستحق به الثواب، فاما الإكراه على أخذ مال الغير و إدخال ضرر عليه دون القتل، متى كان قد علمنا بالشرع وجوب فعل ذلك عند الإكراه أو حسنه علمنا انه خرج بذلك عن كونه قبيحاً و إن اللَّه تعالى ضمن من العوض عليه ما يخرجه عن كونه قبيحاً، كما تقول:
التبيان في تفسير القرآن ج9 44 قوله تعالى:[سورة الزمر(39): الآيات 61 الى 66] ..... ص : 41
و ليس في ذلك ما يدل على صحة الإحباط على ما يقوله اصحاب الوعيد، لان المعنى في ذلك لئن أشركت بعبادة اللَّه غيره من الأصنام لوقعت عبادتك على وجه لا يستحق عليها الثواب، و لو كانت العبادة خالصة لوجهه لاستحق عليها الثواب، فلذلك وصفها بأنها محبطة، و بين ذلك بقوله «بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ» أي وجه عبادتك اليه تعالى وحده دون الأصنام و دون كل وثن «تكن من الشاكرين» الذين يشكرون اللَّه على نعمه و يخلصون العبادة له. و نصب قوله «بل اللَّه» بفعل فسره قوله «فاعبد» و تقديره اعبد الله فاعبد و قال الزجاج: هو نصب بقوله (فاعبد) و تقديره قد بلغت فاعبد اللَّه و قال المبرد: و معنى (ليحبطن) ليفسدن يقولون: حبط بطنه إذا فسد من داء معروف.
التبيان في تفسير القرآن ج9 169 قوله تعالى:[سورة الشورى(42): الآيات 36 الى 40] ..... ص : 167
و عندنا كل معصية كبيرة، و إنما تسمى صغيرة بالإضافة إلى ما هو اكبر منها لا انها تقع محبطة، لان الإحباط باطل عندنا. و قيل إن هذه الآيات نزلت في قوم من المهاجرين و الأنصار.
التبيان في تفسير القرآن ج9 290 [سورة محمد(47): الآيات 1 الى 5] ..... ص : 288
يقول اللَّه تعالى مخبراً بأن الذين جحدوا توحيد اللَّه و عبدوا معه غيره و كذبوا محمداً نبيه صَلى اللَّهُ عَليه و آله في الذي جاء به و صدوا من أراد عبادة اللَّه و الإقرار بتوحيده و تصديق نبيه عن الدين، و منعوه من الإسلام «أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ» و معناه حكم اللَّه على أعمالهم بالضلال عن الحق و العدول من الاستقامة و سماها بذلك لأنها عملت على غير هدى و غير رشاد. و الصد عن سبيل اللَّه هو الصرف عن سبيل اللَّه بالنهي عنه و المنع منه. و الترغيب في خلافه، و كل ذلك صد، فهؤلاء كفروا في أنفسهم و دعوا غيرهم إلى مثل كفرهم. و الضلال الإهلاك حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل، و ليس في الآية ما يدل على القول بصحة الإحباط إذا حملناها على ما قلناه. و من قال بالتحابط بين المستحقين لا بد ان يترك ظاهر الآية.
التبيان في تفسير القرآن ج9 341 [سورة الحجرات(49): الآيات 1 الى 5] ..... ص : 339
ثم بين تعالى انهم متى فعلوا ذلك بان يرفعوا الصوت على صوت النبي صَلى اللَّهُ عَليه و آله على الوجه الذي قلناه أن يحبط أعمالهم، و التقدير لا ترفعوا أصواتكم لأن لا تحبط قال الزجاج: و يكون اللام لام العاقبة، و المعنى يحبط ثواب ذلك العمل، لأنهم لو أوقعوه على وجه الاستحقاق لاستحقوا به الثواب، فلما فعلوه على خلاف ذلك استحقوا عليه العقاب، وفاتهم ذلك الثواب فذاك إحباط أعمالهم، فلا يمكن أن يستدل بذلك على صحة الإحباط في الآية على ما يقوله أصحاب الوعيد، و لأنه تعالى علق الإحباط في الآية بنفس العمل، و أكثر من خالفنا يعلقه بالمستحق على الأعمال، و ذلك خلاف الظاهر.
التبيان في تفسير القرآن ج10 394 [سورة الزلزلة(99): الآيات 1 الى 8] ..... ص : 392
وحى لها القرار فاستقرت أي أوحى اليها بمعنى القى إليها من جهة تخفى يقال: أوحى و وحى بمعنى واحد، ثم قال تعالى «يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ» اخبار من اللَّه تعالى بأن ذلك اليوم يصدر الناس اشتاتاً أي مختلفين «لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ» أي ليجازوا على أعمالهم او ليريهم اللَّه جزاء أعمالهم، و قيل: معنى رؤية الأعمال المعرفة بها عند تلك الحال، و هي رؤية القلب، و يجوز أن يكون التأويل على رؤية العين بمعنى ليروا صحائف أعمالهم يقرؤن ما فيها لقوله «و قالوا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها» و قيل ليروا جزاء أعمالهم حسب ما قدمناه، و قيل يرى الكافر حسناته فيتحسر عليها، لأنها محبطة، و يرى المحسن سيئاته مكفرة و حسناته مثبتة ثم قال تعالى على وجه الوعيد «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» قال ابو عبيدة: مثقال ذرة شراً يره أي يرى ما يستحق عليه من العقاب، و يمكن أن يستدل بذلك على بطلان الإحباط، لان عموم الآية يدل أنه لا يفعل شيئاً من طاعة أو معصية إلا و يجازي عليها و على مذهب القائلين بالإحباط بخلاف ذلك، فان ما يقع محبطاً لا يجازى عليه و لا يدل على أنه لا يجوز
تبيين القرآن 432 [سورة الأحزاب(33): آية 19] ..... ص : 432
[19] أَشِحَّةً بخلاء عَلَيْكُمْ بالمال و المعاونة فَإ
متشابه القرآن و مختلفه ج1 183 [سورة آلعمران(3): آية 176] ..... ص : 183
قوله سبحانه وَ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة الإرادة لا تتعلق بألا يكون الشيء و إنما تتعلق بما يصح حدوثه قال ابن إسحاق يريد الله أن يحبط أعمالهم بما استحقوه من المعاصي و الكبائر و قال غيره إن الله يريد أن يحكم بحرمان ثواب الذين عوضوا بتكليفهم و هو لائق بمذهبنا لأن الإحباط باطل.
متشابه القرآن و مختلفه ج2 87 [سورة الزمر(39): آية 65] ..... ص : 86
قوله تعالى لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ تعلقت الوعيدية في الاستدلال على التحابط بآيات منها هذه الآية و هي لا تدل على التحابط بل هي أقرب إلى بطلانها لأن الإحباط المذكور في جميعها يتعلق بالأعمال دون الجزاء عليها و مذهبهم أن التحابط بين الجزاء و الأعمال ثم إن إبطال العمل و إحباطه عبارة عن وقوعه على خلاف الوجه المنتفع به لأن أحدنا إذا استأجر أجيرا على نقل شيء من موضع إلى موضع إنما يستحق الأجرة إذا نقله إلى موضع أمره فلو نقله إلى غيره لقيل أحبطت عملك و معلوم أن هاهنا ما كان يستحق فاعله شيئا فأبطله و منها قوله سبحانه- لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى لما كانت الصدقة إنما يستحق بها الثواب إذا خلصت لوجه الله تعالى و إذا فعلت للمن و الأذى لما كانت الصدقة خرجت عن الوجه الذي يستحق معه الثواب فقيل بطلت و منها قوله سبحانه- لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ إلى قوله أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ لو وقع رفع الصوت على صوت النبي ص على سبيل الإجابة له لم يستحق العقاب و إذا وقع على خلاف ذلك انحبط الفعل و منها قوله سبحانه- إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ يعني أن من استكثر من الحسنات و أدمن عليها كان ذلك لطفا له في الامتناع من السيئات و مما يمكن أن يستدل به على بطلان الإحباط قوله سبحانه فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ لأن عموم الآية يدل أنه لا يفعل شيئا من طاعته أو معصيته إلا و يجازى عليه و لا يدل على أنه لا يجوز أن يعفى عن مرتكب كبيرة لأن الآية مخصوصة بلا خلاف لأنه إن تاب عفي عنه و قد شرطوا أن لا يكون معصية صغيرة فإذا شرطوا الأمرين جاز لنا أن نخص من يعفو الله عنه.
متشابه القرآن و مختلفه ج2 87 [سورة المائدة(5): آية 27] ..... ص : 87
قوله سبحانه- إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ معناه أنما يستحق الثواب على الطاعات من يوقعها لكونها طاعة فأما إذا فعلها لغير ذلك فلا يستحق عليها ثوابا فإذا ثبت ذلك فلا يمتنع أن يقع من الفاسق طاعة يوقعها على الوجه الذي يستحق عليها الثواب و يستحق الثواب لأن الإحباط عندنا باطل
مجمع البحرين ج1 165 باب ما أوله الراء ..... ص : 161
قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [99/ 7- 8] قال الشيخ أبو علي (ره): في بعض الروايات عن الكسائي خَيْراً يَرَهُ بضم الياء فيهما، و هو رواية أبان عن عاصم، و قراءة علي (ع) و الباقون بفتح الياء في الموضعين و المعنى: من يعمل وزن ذرة من الخير ير ثوابه و جزاءه، وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ أي يرى ما يستحق من العقاب. قال: و يمكن أن يستدل بهذا على بطلان الإحباط- إلى أن قال- و قال محمد بن كعب: معناه: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا و هو كافر يرثوا به في الدنيا في نفسه و أهله و ماله و ولده حتى يخرج من الدنيا و ليس له عند الله خير، و من يعمل مثقال ذرة شرا يره و هو مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه و أهله و ماله و ولده حتى يخرج من الدنيا و ليس له عند الله شر. ثم قال: و قال مقاتل: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره يوم القيامة في كتابه فيفرح به، و كذلك من يعمل الشر يراه في كتابه فيسوؤه ذلك. قال: و كان أحدهم يستقل أن يعطي اليسير، و يقول: إنما نؤجر على ما نعطي و نحن نحبه و ليس اليسير مما نحب، و يتهاون بالذنب اليسير و يقول: إنما وعد الله النار على الكبائر، فأنزل الله هذه الآية يرغبهم في القليل من الخير و يحذرهم من اليسير من الشر- انتهى. قال بعض المحققين في هذه الآية و في قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ [99/ 6] و في قوله تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ
مجمع البحرين ج4 242 باب ما أوله الحاء ..... ص : 240
و بما قررناه يتبين أن الإحباط و الموازنة باطلان، و ذلك أن الوعيدية- و هم الذين لا يجوزون العفو عن الكبيرة- اختلفوا على قولين:" أحدهما"- قول أبي علي، و هو أن الاستحقاق الزائد يسقط الناقص و يبقى بكماله، كما لو كان أحد الاستحقاقين خمسة و الآخر عشرة، فإن الخمسة تسقط و تبقى العشرة، و يسمى الإحباط. و" ثانيهما"- قول أبي هاشم ابنه، و هو أن يسقط من الزائد ما قابل الناقص و يبقى الباقي، ففي المثال المذكور يسقط خمسة و يبقى خمسة و يسمى بالموازنة. و قد أبطلهما المحققون من المتكلمين بأن ذلك موقوف على بيان وجود الإضافات في الخارج كالأخوة و البنوة و عدمها، فقال المتكلمون بالعدم لأنها لو كانت موجودة في الخارج- مع أنها عرض مفتقر إلى محل- يكون لها إضافة إلى ذلك المحل، فنقول فيها كما قلنا في الأول و يلزم التسلسل و هو باطل، و يلزم منه بطلانها في الخارج، لأن ما بني على الباطل باطل، و قول الحكماء بوجودها لا يلزم الوجود الخارجي بل الذهني. و تحقيق البحث في محله، و لو قيل ببطلان الإحباط و الموازنة و القول بالتكفير من باب العفو و التفضل لم يكن بعيدا، و ظواهر الأدلة تؤيده. و حبط العمل يحبط من باب تعب و من باب ضرب لغة قرىء بهما في الشواذ.
مجمع البحرين ج5 450 باب ما أوله القاف ..... ص : 446
(قتل) قوله تعالى قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [9/ 30] قيل معناه: لعنهم الله. و قيل عاداهم. و قيل قتلهم الله. و مثله" قاتل الله اليهود". و فاعل و إن كان سبيله بين اثنين، فربما يكون عن واحد كسافر و سفر. و قال بعضهم: الصحيح أنه من المفاعلة و المعنى أنه متصف بمحاربة الله تعالى و من قاتله فهو مقتول، و من غالبه فهو مغلوب قوله وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً [4/ 93] الآية قال قد اختلف في قتل العمد. فقيل هو ما كان بحديد لا بغيره. و قيل- و إليه ذهبت الإمامية- إن كل من قصد قتل غيره بما يقتل مثله غالبا سواء كان بحديد أو غيره. عظم الله قتل المؤمن و بالغ في التوعد عليه حتى ذكر أنه خمس توعدات كل واحد منها كاف في عظم الجرم. إن قيل: ثبت في الكلام بطلان الإحباط و ثبت أن عصاة المؤمنين عقابهم غير دائم و ظاهر الآية ينافي ذلك. أجيب بما
مجمع البيان في تفسير القرآن ج1 195 المعنى ..... ص : 193
فمعناه لا تقرباها بالأكل و يدل عليه أن المخالفة وقعت بالأكل بلا خلاف لا بالدنو منها و لذلك قال فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما و اختلف في هذا النهي فقيل أنه نهي التحريم و قيل أنه نهي التنزيه دون التحريم كمن يقول لغيره لا تجلس على الطرق و هو قريب من مذهبنا فإن عندنا أن آدم كان مندوبا إلى ترك التناول من الشجرة و كان بالتناول منها تاركا نفلا و فضلا و لم يكن فاعلا لقبيح فإن الأنبياء ع لا يجوز عليهم القبائح لا صغيرها و لا كبيرها و قالت المعتزلة كان ذلك صغيرة من آدم (ع) على اختلاف بينهم في أنه وقع منه على سبيل العمد أو السهو أو التأويل و إنما قلنا أنه لا يجوز مواقعة الكبائر على الأنبياء ع من حيث إن القبيح يستحق فاعله به الذم و العقاب لأن المعاصي عندنا كلها كبائر و إنما تسمى صغيرة بإضافتها إلى ما هو أكبر عقابا منها لأن الإحباط قد دل الدليل عندنا على بطلانه و إذا بطل ذلك فلا معصية إلا و يستحق فاعلها الذم و العقاب و إذا كان الذم و العقاب منفيين عن الأنبياء ع وجب أن ينتفي عنهم سائر الذنوب و لأنه لو جاز عليهم شيء من ذلك لنفر عن قبول قولهم و المراد بالتنفير أن النفس إلى قبول قول من لا تجوز عليه شيئا من المعاصي أسكن منها إلى قول من يجوز عليه ذلك و لا يجوز عليهم كل ما يكون منفرا عنه من الخلق المشوهة و الهيئات المستنكرة و إذا صح ما ذكرناه علمنا أن مخالفة آدم (ع) لظاهر النهي كان على الوجه الذي بيناه و اختلف في الشجرة التي نهي عنها آدم فقيل هي السنبلة عن ابن عباس و قيل هي الكرمة عن ابن مسعود و السدي و قيل هي التينة عن ابن جريج و قيل
مجمع البيان في تفسير القرآن ج2 552 المعنى ..... ص : 551
و من لا يرى منهم حرمة الحرم و حرمة هذه الأشهر جاز قتاله أي وقت كان و التحريم منسوخ في حقه و قوله تعالى: «وَ لا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ» يعني أهل مكة يقاتلونكم يا معشر المسلمين «حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ» أي يصرفوكم عن دين الإسلام و يلجئوكم إلى الارتداد «إِنِ اسْتَطاعُوا» أي إن قدروا على ذلك «وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ» هذا تحذير عن الارتداد ببيان استحقاق العذاب عليه «فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ» يعني مات على كفره «فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ» معناه أنها صارت بمنزلة ما لم يكن لإيقاعهم إياها على خلاف الوجه المأمور به لأن إحباط العمل و إبطاله عبارة عن وقوعه على خلاف الوجه الذي يستحق عليه الثواب و ليس المراد أنهم استحقوا على أعمالهم الثواب ثم انحبط لأنه قد دل الدليل على أن الإحباط على هذا الوجه لا يجوز «وَ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ» أي دائمون.
مجمع البيان في تفسير القرآن ج5 100 المعنى ..... ص : 99
و يعذبهم في القبر عن ابن عباس و السدي و الكلبي و قيل مرة في الدنيا بالسبي و القتل و مرة في الآخرة بعذاب القبر عن مجاهد و روى حصيف عنه عذبوا بالجوع مرتين و قيل إحداهما أخذ الزكاة منهم و الأخرى عذاب القبر عن الحسن و قيل إحداهما غيظهم من أهل الإسلام و الأخرى عذاب القبر عن ابن إسحاق و قيل إن الأولى ضرب الملائكة وجوههم و أدبارهم عند قبض أرواحهم و الأخرى عذاب القبر و قيل إن الأولى إقامة الحدود عليهم و الأخرى عذاب القبر عن ابن عباس و كل ذلك محتمل غير أنا نعلم أن المرتين معا قبل أن يردوا إلى عذاب النار «ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ» أي يرجعون يوم القيامة إلى عذاب مؤبد في النار «وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ» يعني من أهل المدينة أو من الأعراب آخرون أقروا بذنوبهم و ليس براجع إلى المنافقين و الاعتراف الإقرار بالشيء عن معرفة «خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً» يعني أنهم يفعلون أفعالا جميلة و يفعلون أفعالا سيئة قبيحة و التقدير و عملا آخر سيئا «عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ» قال المفسرون عسى من الله واجبة و إنما قال عسى حتى يكونوا بين طمع و إشفاق فيكون ذلك أبعد من الاتكال على العفو و إهمال التوبة و في هذا دلالة على بطلان القول بالإحباط لأنه لو صح الإحباط لكان أحد العملين إذا طرأ على الآخر أحبطه و أبطله فلم يجتمعا فلا يكون لقوله «خَلَطُوا» معنى و قال بعض التابعين ما في القرآن آية أرجى لهذه الأمة من هذه الآية و قد يستعمل لفظ الخلط في الجمع من غير امتزاج يقال خلط الدراهم و الدنانير و قيل أنه يجري مجرى قولهم استوى الماء و الخشبة أي مع الخشبة و قيل إن خلط بالتخفيف في الخير و خلط بالتشديد في الشر «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» هذا تعليل لقبول التوبة من العصاة أي لأنه غفور رحيم.
مجمع البيان في تفسير القرآن ج5 224 المعنى ..... ص : 224
«أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ» ظاهر المراد «وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها» فلا يستحقون عليه ثوابا لأنهم أوقعوه على خلاف الوجه المأمور بإيقاعه عليه «وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» أي بطل أعمالهم التي عملوها لغير الله تعالى و هذا يحقق ما ذهبنا إليه من أن الإحباط عبارة عن إبطال نفس العمل بأن يقع علي غير الوجه الذي يستحق به الثواب و
مجمع البيان في تفسير القرآن ج8 547 المعنى ..... ص : 544
«إِنْ يُرِيدُونَ» أي ما يريدون «إِلَّا فِراراً» و هربا من القتال و نصرة المؤمنين «وَ لَوْ دُخِلَتْ» أي و لو دخلت البيوت أو دخلت المدينة «عَلَيْهِمْ» أي و لو دخل هؤلاء الذين يريدون القتال و هم الأحزاب على الذين يقولون إن بيوتنا عورة و هم المنافقون «مِنْ أَقْطارِها» أي من نواحي المدينة أو البيوت «ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها» أي ثم دعوا هؤلاء إلى الشرك لأشركوا فالمراد بالفتنة الشرك عن ابن عباس «وَ ما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً» أي و ما احتبسوا عن الإجابة إلى الكفر إلا قليلا عن قتادة و قيل معناه و ما أقاموا بالمدينة بعد إعطائهم الكفر إلا قليلا حتى يعاجلهم الله بالعذاب عن الحسن و الفراء ثم ذكرهم الله سبحانه عهدهم مع النبي ص بالثبات في المواطن فقال «وَ لَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ» أي من قبل الخندق «لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ» أي بايعوا النبي ص و حلفوا له أنهم ينصرونه و يدفعون عنه كما يدفعون عن نفوسهم و لا يرجعون عن مقاتلة العدو و لا ينهزمون قال مقاتل يريد ليلة العقبة «وَ كانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا» يسألون عنهم في الآخرة و إنما جاء بلفظ الماضي تأكيدا ثم قال سبحانه «قُلْ» يا محمد للذين استأذنوك في الرجوع و اعتلوا بأن بيوتهم يخاف عليها «لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ» إن كان حضرت آجالكم فإنه لا بد من واحد منهما و إن هربتم فالهرب لا يزيد في آجالكم «وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا» معناه و إن لم تحضر آجالكم و سلمتم من الموت أو القتل في هذه الوقعة لم تمتعوا في الدنيا إلا أياما قلائل و إنما فرق بين الموت و القتل لأن القتل غير الموت فإن الموت ضد الحياة عند من أثبته معنى و انتفاء الحياة عند من لم يثبته معنى و القتل هو نقض البنية الحيوانية فالقتل يقدر عليه غير الله تعالى و الموت لا يقدر عليه غيره «قُلْ» يا محمد «مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ» أي يدفع عنكم قضاء الله و يمنعكم من الله «إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً» أي عذابا و عقوبة «أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً» أي نصرا و عزا فإن أحدا لا يقدر على ذلك «وَ لا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا» يلي أمورهم «وَ لا نَصِيراً» ينصرهم و يدفع عنهم ثم قال سبحانه «قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ» و هم الذين يعوقون غيرهم عن الجهاد مع رسول الله ص و يثبطونهم و يشغلونهم لينصرفوا عنه و ذلك بأنهم قالوا لهم ما محمد و أصحابه إلا أكلة رأس و لو كانوا لحما لالتهمهم أبو سفيان و هؤلاء الأحزاب «وَ الْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ» يعني اليهود قالوا لإخوانهم المنافقين «هَلُمَّ إِلَيْنا» أي تعالوا و أقبلوا إلينا و دعوا محمدا و قيل القائلون هم المنافقون قالوا لإخوانهم من ضعفة المسلمين لا تحاربوا و خلوا محمدا فإنا نخاف عليكم الهلاك «وَ لا يَأْتُونَ الْبَأْسَ» أي و لا يحضرون القتال في سبيل الله «إِلَّا قَلِيلًا» يخرجون رياء و سمعة قدر ما يوهمون أنهم معكم يعلم الله سبحانه أحوالهم لا يخفى عليه شيء منها عن السدي و قيل معناه و لا يحضرون القتال إلا كارهين تكون قلوبهم مع المشركين عن قتادة «أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ» أي لا يأتون الناس أشحة عليكم أي بخلاء بالقتال معكم و قيل بخلاء بالنفقة في سبيل الله و النصرة عن قتادة و مجاهد و معناه لا ينصرونكم ثم أخبر عن جبنهم فقال «فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى» أي كعين الذي يغشى «عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ» و هو الذي قرب من حال الموت و غشيته أسبابه فيذهل و يذهب عقله و يشخص بصره فلا يطرف كذلك هؤلاء تشخص أبصارهم و تحار أعينهم من شدة خوفهم «فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ» و الفزع و جاء الأمن و الغنيمة «سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ» أي آذوكم بالكلام و خاصموكم بألسنة سليطة ذربة عن الفراء و قيل معناه بسطوا ألسنتهم فيكم وقت قسمة الغنيمة يقولون أعطونا أعطونا فلستم بأحق بها منا عن قتادة قال فأما عند البأس فأجبن قوم و أخذلهم للحق و أما عند الغنيمة فأشح قوم و هو قوله «أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ» أي بخلاء بالغنيمة يشاحون المؤمنين عند القسمة و قيل معناه بخلاء بأن يتكلموا بكلام فيه خير عن الجبائي «أُولئِكَ» يعني من تقدم وصفهم «لَمْ يُؤْمِنُوا» كما آمن غيرهم و إلا لما فعلوا ذلك «فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ» لأنها لم تقع على الوجوه التي يستحق عليها الثواب إذ لم يقصدوا بها وجه الله تعالى و في هذا دلالة على صحة مذهبنا في الإحباط لأن المنافقين ليس لهم ثواب فيحبط فليس إلا أن جهادهم الذي
مجمع البيان في تفسير القرآن ج8 547 المعنى ..... ص : 544
لم يقارنه إيمان لم يستحقوا عليه ثوابا «وَ كانَ ذلِكَ» الإحباط أو كان نفاقهم «عَلَى اللَّهِ يَسِيراً» أي هينا ثم وصف سبحانه هؤلاء المنافقين فقال «يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا» أي يظنون أن الجماعات من قريش و غطفان و أسد و اليهود الذين تحزبوا على رسول الله ص لم ينصرفوا و قد انصرفوا و إنما ظنوا ذلك لجبنهم و فرط حبهم قهر المسلمين «وَ إِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ» أي و إن يرجع الأحزاب إليهم ثانية للقتال «يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ» أي يود هؤلاء المنافقون أن يكونوا في البادية مع الأعراب يسألون عن أخباركم و لا يكونوا معكم حذرا من القتل و تربصا للدوائر «وَ لَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا» أي و لو كان هؤلاء المنافقون معكم و فيكم لم يقاتلوا معكم إلا قدرا يسيرا ليوهموا أنهم في جملتكم لا لينصروكم و يجاهدوا معكم و قيل معناه قتالا قليلا رياء و سمعة من غير احتساب و لو كان هؤلاء المنافقون معكم و فيكم لم يقاتلوا معكم إلا قدرا يسيرا ليوهموا أنهم في جملتكم لا لينصروكم و يجاهدوا معكم و قيل معناه قتالا قليلا رياء و سمعة من غير احتساب و لو كان لله تعالى لم يكن قليلا عن الجبائي و مقاتل.
مجمع البيان في تفسير القرآن ج9 197 المعنى ..... ص : 195
«لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ» بين اليدين عبارة عن الإمام لأن ما بين يدي الإنسان أمامه و معناه لا تقطعوا أمرا دون الله و رسوله و لا تعجلوا به قال أبو عبيدة العرب تقول لا نقدم بين يدي الإمام و بين يدي الأب أي لا تعجل بالأمر دونه و النهي و قدم هنا بمعنى تقدم و هو لازم و قيل معناه لا تقدموا أعمال الطاعة قبل الوقت الذي أمر الله و رسوله به حتى أنه قيل لا يجوز تقديم الزكاة قبل وقتها عن الزجاج و قيل لا تمكنوا أحدا يمشي أمام رسول الله ص بل كونوا تبعا له و أخروا أقوالكم و أفعالكم عن قوله و فعله و قال الحسن نزل في قوم ذبحوا الأضحية قبل صلاة العيد فأمرهم رسول الله ص بالإعادة و قال ابن عباس نهوا أن يتكلموا قبل كلامه أي إذا كنتم جالسين في مجلس رسول الله ص فسئل عن مسألة فلا تسبقوه بالجواب حتى يجيب النبي ص أولا و قيل معناه لا تسبقوه بقول و لا فعل حتى يأمركم به عن الكلبي و السدي و الأولى حمل الآية على الجميع فإن كل شيء كان خلافا لله و رسوله إذا فعل فهو تقديم بين يدي الله و رسوله و ذلك ممنوع «وَ اتَّقُوا اللَّهَ» أي اجتنبوا معاصيه «إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ» لأقوالكم «عَلِيمٌ» بأعمالكم فيجازيكم بها «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ» لأن فيه أحد الشيئين إما نوع استخفاف به فهو الكفر و إما سوء الأدب فهو خلاف التعظيم المأمور به «وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ» أي غضوا أصواتكم عند مخاطبتكم إياه و في مجلسه فإنه ليس مثلكم إذ يجب تعظيمه و توقيره من كل وجه و قيل معناه لا تقولوا له يا محمد كما يخاطب بعضكم بعضا بل خاطبوه بالتعظيم و التبجيل و قولوا يا رسول الله «أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ» أي كراهة أن تحبط أو لئلا تحبط أعمالكم و قيل إنه في حرف عبد الله فتحبط أعمالكم «وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ» أي و أنتم لا تعلمون أنكم أحبطتم أعمالكم بجهر صوتكم على صوته و ترك تعظيمه قال أنس لما نزلت هذه الآية قال ثابت بن قيس أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت رسول الله ص و أجهر له بالقول حبط عملي و أنا من أهل النار و كان ثابت رفيع الصوت فذكر ذلك لرسول الله ص فقال هو من أهل الجنة و قال أصحابنا أن المعنى في قوله «أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ» أنه ينحبط ثواب ذلك العمل لأنهم لو أوقعوه على وجه تعظيم النبي ص و توقيره لاستحقوا الثواب فلما فعلوه على خلاف ذلك الوجه استحقوا العقاب و فاتهم ذلك الثواب فانحبط عملهم فلا تعلق لأهل الوعيد بهذه الآية و لأنه تعالى علق الإحباط في هذه الآية بنفس العمل و هم يعلقونه بالمستحق على العمل و ذلك خلاف الظاهر ثم مدح سبحانه من يعظم رسوله و يوقره فقال «إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ» أي يخفضون أصواتهم في مجلسه إجلالا «أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى» أي اختبرها فأخلصها للتقوى عن قتادة و مجاهد أخذ من امتحان الذهب بالنار إذا أذيب حتى يذهب غشه و يبقى خالصة و قيل معناه أنه علم خلوص نياتهم لأن الإنسان يمتحن الشيء ليعلم حقيقته و قيل معناه عاملهم معاملة المختبر بما تعبدهم به من هذه العبادة فخلصوا على الاختبار كما يخلص جيد الذهب بالنار «لَهُمْ مَغْفِرَةٌ» من الله لذنوبهم «وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ» على طاعتهم ثم خاطب النبي ص فقال «إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ» و هم الجفاة من بني تميم لم يعلموا في أي حجرة هو فكانوا يطوفون على الحجرات و ينادونه «أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ» وصفهم الله سبحانه بالجهل و قلة الفهم و العقل إذ لم يعرفوا مقدار النبي ص و لا ما استحقه من التوقير فهم بمنزلة البهائم «وَ لَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ» من أن ينادوك من وراء الحجرات في دينهم بما يحرزونه من الثواب و في دنياهم باستعمالهم حسن الأدب في مخاطبة الأنبياء ليعدوا بذلك في زمرة العقلاء و قيل معناه لأطلقت أسراهم بغير فداء فإن رسول الله ص كان سبى قوما من بني العنبر فجاءوا في فدائهم فأعتق نصفهم و فادى النصف فيقول و لو أنهم صبروا لكنت تعتق كلهم «وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» لمن تاب منهم.
مجمع البيان في تفسير القرآن ج10 800 المعنى ..... ص : 798
«يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً» أي يرجع الناس عن موقف الحساب بعد العرض متفرقين أهل الإيمان على حدة و أهل كل دين على حدة و هذا كقوله و يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ و قوله يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ «لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ» أي ليروا جزاء أعمالهم عن ابن عباس و المعنى أنهم يرجعون عن الموقف فرقا لينزلوا منازلهم من الجنة و النار و قيل معنى الرؤية هنا المعرفة بالأعمال عند تلك الحال و هي رؤية القلب و يجوز أن يكون التأويل على رؤية العين بمعنى ليروا صحائف أعمالهم فيقرءون ما فيها لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ» أي فمن يعمل وزن ذرة من الخير ير ثوابه و جزاءه «وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» أي ير ما يستحق عليه من العقاب و يمكن أن يستدل بها على بطلان الإحباط لأن الظاهر يدل على أنه لا يفعل أحد شيئا من طاعة أو معصية إلا و يجازي عليها و ما يقع محبطا لا يجازي عليه و ليس لهم أن يقولوا إن الظاهر بخلاف ما تذهبون إليه في جواز العفو عن مرتكب الكبيرة و ذلك لأن الآية مخصوصة بالإجماع فإن التائب معفو عنه بلا خلاف و عندهم أن من شرط المعصية التي يؤاخذ بها أن لا تكون صغيرة فجاز لنا أيضا أن نشرط فيها أن لا يكون مما يعفو الله عنه و قال محمد بن كعب معناه فمن يعمل مثقال ذرة خيرا و هو كافر ير ثوابه في الدنيا في نفسه و أهله و ماله و ولده حتى يخرج من الدنيا و ليس له عند الله خير و من يعمل مثقال ذرة شرا و هو مؤمن ير عقوبته في الدنيا في نفسه و أهله و ماله و ولده حتى يخرج من الدنيا و ليس له عند الله شر و قال مقاتل فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره يوم القيامة في كتابه فيفرح به و كذلك من الشر يراه في كتابه فيسوءه ذلك قال و كان أحدهم يستقل أن يعطي اليسير و يقول إنما نوجر على ما نعطي و نحن نحبه و ليس اليسير مما يحب و يتهاون بالذنب اليسير و يقول إنما وعد الله النار على الكبائر فأنزل الله هذه الآية يرغبهم في القليل من الخير و يحذرهم اليسير من الشر و
محاسن التأويل ج3 266 القول في تأويل قوله تعالى:[سورة النساء(4): آية 93] ..... ص : 262
و لكن لا يصح. و معنى هذه الصيغة أن هذا جزاؤه إن جوزي عليه. و كذا كل وعيد على ذنب. لكن قد يكون لذلك معارض من أعمال صالحة تمنع وصول ذلك الجزاء إليه، على قولي أصحاب الموازنة و الإحباط. و هذا أحسن ما يسلك في باب الوعيد.
الميزان في تفسير القرآن ج2 170 (كلام في الحبط) ..... ص : 167
و ذهب آخرون إلى أن الردة تحبط الأعمال من أصلها فلا تعود إليه و إن آمن من بعد الارتداد، نعم له ما عمله من الأعمال بعد الإيمان ثانيا إلى حين الموت، و أما الآية فإنما أخذت قيد الموت لكونها في مقام بيان جميع أعماله و أفعاله التي عملها في الدنيا! و أنت بالتدبر فيما ذكرناه تعرف، أن لا وجه لهذا النزاع أصلا، و أن الآية بصدد بيان بطلان جميع أعماله و أفعاله من حيث التأثير في سعادته!. و هنا مسألة أخرى كالمتفرعة على هذه المسألة و هي مسألة الإحباط و التكفير، و هي أن الأعمال هل تبطل بعضها بعضا أو لا تبطل بل للحسنة حكمها و للسيئة حكمها، نعم الحسنات ربما كفرت السيئات بنص القرآن.
الميزان في تفسير القرآن ج2 170 (كلام في الحبط) ..... ص : 167
و ثانيا: أنه تعالى جرى في مسألة تأثير الأعمال على ما جرى عليه العقلاء في الاجتماع الإنساني من طريق المجازاة، و هو الجزاء على الحسنة على حدة و على السيئة على حدة إلا في بعض السيئات من المعاصي التي تقطع رابطة المولوية و العبودية من أصلها فهو مورد الإحباط، و الآيات في هذه الطريقة كثيرة غنية عن الإيراد.
الميزان في تفسير القرآن ج2 173 من أحكام الأعمال: تأثير بعضها في بعض. ..... ص : 172
«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ:» سورة محمد- 33، فإن المقابلة بين الآيتين تقضي بأن يكون الأمر بالإطاعة في معنى النهي عن المشاقة، و إبطال العمل هو الإحباط، و كرفع الصوت فوق صوت النبي، قال تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ:» الحجرات- 2.
الميزان في تفسير القرآن ج4 332 كلام في الكبائر و الصغائر و تكفير السيئات ..... ص : 324
و أما الكبائر و الصغائر من المعاصي فظاهر الآية كما عرفت هو أن المعاصي بقياس بعضها إلى بعض كقتل النفس المحترمة ظلما بالقياس إلى النظر إلى الأجنبية و شرب الخمر بالاستحلال بالقياس إلى شربها بهوى النفس بعضها كبيرة و بعضها صغيرة من غير ظهور ارتباط ذلك بمسألة الإحباط و التكفير بالكلية.
الميزان في تفسير القرآن ج15 201 (بيان) ..... ص : 197
و لا منافاة بين ما تدل عليه الآية من حبط الأعمال يومئذ و بين ما تدل عليه آيات أخر أن أعمالهم أحبطت حينما عملوها في الدنيا بكفرهم و إجرامهم فإن معنى الإحباط بعد الموت ظهور الحبط لهم بعد ما كان خفيا في الدنيا عليهم و قد تقدم كلام مشبع في معنى الحبط في الجزء الثاني من الكتاب فراجع.
الميزان في تفسير القرآن ج18 308 بيان ..... ص : 305
و لأنه تعالى علق الإحباط في هذه الآية بنفس العمل و هم يعلقونه بالمستحق على العمل و ذلك خلاف الظاهر. انتهى.
الوجيز في تفسير القرآن العزيز ج1 181 سورة البقرة ..... ص : 61
تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ- بالجر-، و هو من السبع، و شعر الفصحاء، و لعلّ الكفر به: عدم احترامه وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أهل المسجد
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج2 108 الإحباط و التكفير: ..... ص : 108
الإحباط و التكفير:
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج2 109 الإحباط و التكفير: ..... ص : 108
و أمّا (الإحباط) فكما يقول علماء العقائد و المتكلّمون أنّها تعني إبطال ثواب الأعمال السابقة بسبب ارتكاب الذنوب اللّاحقة، و يقابله «التكفير» بمعنى زوال العقوبات و آثار الذنوب السابقة بسبب الأعمال الصالحة بعد ذلك.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج2 109 الإحباط و التكفير: ..... ص : 108
و هناك بحث بين علماء العقائد في صحّة الإحباط و التكفير بالنّسبة لثواب الأعمال الصالحة و عقوباتها و عقاب الأعمال الطالحة و المشهور بين المتكلّمين الإماميّة كما يقول العلّامة المجلسي هو بطلان الإحباط و التكفير، غاية الأمر إنهم يرون أنّ تحقق الثواب مشروط أن يستمر الإنسان على إيمانه في الدنيا إلى النهاية، و العقاب مشروط كذلك بأن يرحل من هذه الدنيا بدون توبة، و لكنّ العلماء المعتزلة يعتقدون بصحّة الإحباط و التفكير بالنّظر إلى ظواهر بعض الآيات و الروايات.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج2 109 الإحباط و التكفير: ..... ص : 108
بعض علماء المعتزلة مثل (أبو هاشم) ذهب إلى اقتران الإحباط و التكفير بشكل متوازن، بهذا المعنى أنّه جمع بين العقاب و الثواب في ميزان واحد و بعد حدوث الكسر و الانكسار بينهما يتمّ الحصول على النتيجة النهاية.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج2 109 الإحباط و التكفير: ..... ص : 108
و لكنّ الحقّ هو أنّ الإحباط و التكفير من الأمور الممكنة، و لا تستلزم الظلم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج20 382 2 - جواب على سؤال ..... ص : 382
يطرح هنا سؤال بشأن ما تحدثت عنه الآيات و هو أنّ الإنسان يرى كلّ أعماله صالحة أم طالحة، صغيرة أم كبيرة. فكيف ينسجم ذلك مع الآيات التي تطرح مفاهيم «الإحباط» و «التكفير» و «العفو» و «التوبة»؟
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج20 382 2 - جواب على سؤال ..... ص : 382
و الجواب: أنّ الآيات المذكورة أعلاه و التي تنص على رؤية أعمال الخير و أعمال السوء يوم القيامة هو أصل كلي و قانون عام. و كلّ قانون قد يكون له استثناءات. و آيات العفو و التوبة و الإحباط و التكفير هي من هذه الاستثناءات.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج20 382 2 - جواب على سؤال ..... ص : 382
و ثمّة جواب آخر هو إنّه في حالة الإحباط و التكفير تحدث في الواقع موازنة و كسر و انكسار تماما مثل «المطالبات» و «القروض» التي يقل بعضها على حساب بعض، و حينما يرى الإنسان نتيجة هذه الموازنة فإنّما رأى في الواقع كلّ أعماله الصالحة و الطالحة. و مثل هذا يصدق أيضا على «العفو» و «التوبة» لأنّ العفو لا يتمّ دون لياقة، و التوبة هي بنفسها من الأعمال الصالحة.
البحر المحيط في التفسير ج2 663 [سورة البقرة(2): الآيات 261 الى 266] ..... ص : 649