بسم الله الرحمن الرحیم

کلمات الشیخ مرتضی الانصاري قده در باره قراءات

فهرست مباحث علوم قرآنی
قائلین به تعدد قراءات از علمای شیعه پس از قرن یازدهم





****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Sunday - 28/1/2024 - 13:40

                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 157
الامر الثاني: [لو اختلفت القراءة في الكتاب‏]
أنه إذا اختلفت «1» القراءة في الكتاب على وجهين مختلفين في المؤدى، كما في قوله تعالى: حتى يطهرن «2»، حيث قرئ بالتشديد من التطهر الظاهر في الاغتسال، و بالتخفيف «3» من الطهارة الظاهرة في النقاء من الحيض، فلا يخلو: إما أن نقول بتواتر القراءات كلها كما هو المشهور «4»، خصوصا في ما كان الاختلاف في المادة، و إما أن لا نقول كما هو مذهب جماعة «5».
فعلى الأول: فهما بمنزلة آيتين تعارضتا، لا بد من الجمع بينهما بحمل الظاهر على النص أو على الأظهر، و مع التكافؤ لا بد من الحكم بالتوقف و الرجوع إلى غيرهما «6».
__________________________________________________
 (1) كذا في (خ)، (د)، (ف) و (ن)، و في نسخنا: «اختلف».
 (2) البقرة: 222.
 (3) في (ت)، (ر)، (ص) و (ل): «و التخفيف».
 (4) انظر القوانين 1: 406، و مفاتيح الاصول: 322، و مناهج الأحكام: 150، و شرح الوافية (مخطوط): 153- 154.
 (5) ذكرهم في القوانين و مفاتيح الاصول، و ذهب إليه الفاضل النراقي في المناهج أيضا.
 (6) في هامش (م) زيادة العبارة التالية: «قال البيضاوي عند تفسير قوله تعالى:
حتى يطهرن: إن القراءتين آيتان يعمل بهما، ثم فرع على ذلك ما لا يخلو تفرعه عن بحث».


                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 158
و على الثاني: فإن ثبت جواز الاستدلال بكل قراءة- كما ثبت بالإجماع جواز القراءة بكل قراءة- كان الحكم كما تقدم، و إلا فلا بد من التوقف في محل التعارض و الرجوع إلى القواعد مع عدم المرجح، أو مطلقا بناء على عدم ثبوت الترجيح هنا «1»، فيحكم باستصحاب الحرمة قبل الاغتسال؛ إذ لم يثبت تواتر التخفيف، أو بالجواز بناء على عموم قوله تعالى: فأتوا حرثكم أنى شئتم «2» من حيث الزمان خرج منه أيام الحيض على الوجهين في كون المقام من استصحاب حكم المخصص أو العمل بالعموم الزماني.

 

 

                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 227
 [حكم المتواتر المنقول:]
و من جميع ما ذكرنا يظهر الكلام في المتواتر المنقول، و أن نقل التواتر في خبر لا يثبت حجيته و لو قلنا بحجية خبر الواحد؛ لأن التواتر صفة في الخبر تحصل بإخبار جماعة تفيد العلم للسامع، و يختلف عدده باختلاف خصوصيات المقامات، و ليس كل تواتر ثبت لشخص مما يستلزم في نفس الأمر عادة تحقق المخبر به، فإذا أخبر بالتواتر فقد أخبر بإخبار جماعة أفاد له العلم بالواقع، و قبول هذا الخبر لا يجدي شيئا؛ لأن المفروض أن تحقق مضمون المتواتر ليس من لوازم إخبار الجماعة الثابت بخبر العادل.
نعم، لو أخبر بإخبار جماعة يستلزم عادة تحقق المخبر به، بأن يكون حصول العلم بالمخبر به لازم الحصول لإخبار الجماعة- كأن أخبر مثلا بإخبار ألف عادل أو أزيد بموت زيد و حضور جنازته- كان اللازم من قبول خبره الحكم بتحقق الملزوم و هو إخبار الجماعة، فيثبت اللازم و هو تحقق موت زيد.
إلا أن لازم من يعتمد على الإجماع المنقول- و إن كان إخبار الناقل مستندا إلى حدس غير مستند إلى المبادئ المحسوسة المستلزمة للمخبر به- هو القول بحجية التواتر المنقول.
 [معنى قبول نقل التواتر:]
لكن ليعلم: أن معنى قبول نقل التواتر مثل الإخبار بتواتر موت زيد مثلا، يتصور على وجهين:
الأول: الحكم بثبوت الخبر المدعى تواتره أعني موت زيد، نظير حجية الإجماع المنقول بالنسبة إلى المسألة المدعى عليها الإجماع، و هذا هو الذي ذكرنا: أنه يشترط «1» في قبول خبر الواحد فيه كون ما أخبر
__________________________________________________
 (1) في (ر)، (ص) و (ل) بدل «أنه يشترط»: «أن الشرط».

                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 228
به مستلزما عادة لوقوع متعلقه.
الثاني: الحكم بثبوت تواتر الخبر المذكور ليترتب «1» على ذلك الخبر آثار المتواتر و أحكامه الشرعية، كما إذا نذر أن يحفظ أو يكتب كل خبر متواتر. ثم أحكام التواتر، منها ما ثبت لما تواتر في الجملة و لو عند غير هذا الشخص، و منها ما ثبت لما تواتر بالنسبة إلى هذا الشخص.
و لا ينبغي الاشكال في أن مقتضى قبول نقل التواتر العمل به على الوجه الأول، و أول وجهي الثاني، كما لا ينبغي الاشكال في عدم ترتب آثار تواتر المخبر به عند نفس هذا الشخص.
 [الكلام في تواتر القراءات:]
و من هنا يعلم: أن الحكم بوجوب القراءة في الصلاة إن كان منوطا بكون المقروء قرآنا واقعيا قرأه النبي صلى الله عليه و آله، فلا إشكال في جواز الاعتماد على إخبار الشهيد رحمه الله بتواتر القراءات الثلاث «2»، أعني قراءة أبي جعفر و أخويه «3»، لكن بالشرط المتقدم، و هو كون ما أخبر به الشهيد من التواتر ملزوما عادة لتحقق القرآنية.
و كذا لا إشكال في الاعتماد من دون شرط إن كان الحكم منوطا بالقرآن المتواتر في الجملة؛ فإنه قد ثبت تواتر تلك القراءات عند الشهيد بإخباره «4».
__________________________________________________
 (1) في (ر)، (ل) و (ه): «ليرتب».
 (2) الذكرى (الطبعة الحجرية): 187.
 (3) في (ت) و (ل) زيادة: «يعقوب و خلف».
 (4) في (ظ) و (م): «بإخبار».


                        فرائد الأصول، ج‏1، ص: 229
و إن كان الحكم معلقا على القرآن المتواتر عند القارئ أو مجتهده، فلا يجدي إخبار الشهيد بتواتر تلك القراءات.
و إلى أحد الأولين نظر «1» حكم المحقق و الشهيد الثانيين «2» بجواز القراءة بتلك القراءات؛ مستندا إلى أن الشهيد «3» و العلامة «4» قدس سرهما قد ادعيا تواترها و أن هذا لا يقصر عن نقل الإجماع.
و إلى الثالث نظر صاحب المدارك «5» و شيخه المقدس الأردبيلي «6» قدس سرهما، حيث اعترضا على المحقق و الشهيد: بأن هذا رجوع عن اشتراط التواتر في القراءة.
و لا يخلو نظرهما عن نظر، فتدبر.
و الحمد لله، و صلى الله على محمد و آله، و لعنة الله على أعدائهم أجمعين.
__________________________________________________
 (1) في (ر)، (ص)، (ل)، (ه) و نسخة بدل (ت): ينظر.
 (2) انظر جامع المقاصد 2: 246، و روض الجنان: 262، و المقاصد العلية: 137.
 (3) الذكرى (الطبعة الحجرية): 187.
 (4) لم نعثر عليه في كتب العلامة، بل وجدنا خلافه، انظر نهاية الإحكام 1:
565، و لم ينسبه المحقق و الشهيد الثانيان في الكتب المذكورة إلا إلى الشهيد، و يبدو أن المصنف اعتمد في ذلك على ما نقله السيد المجاهد في مفاتيح الاصول:
326.
 (5) المدارك 3: 338.
 (6) مجمع الفائدة 2: 217- 218.

 

 

                        فرائد الأصول، ج‏2، ص: 18
ثم إن «2» متعلق التكليف المشكوك:
إما أن يكون فعلا كليا متعلقا للحكم الشرعي الكلي، كشرب التتن المشكوك في حرمته، و الدعاء عند رؤية الهلال المشكوك في وجوبه.
و إما أن يكون فعلا جزئيا متعلقا للحكم الجزئي، كشرب هذا المائع المحتمل كونه خمرا.
و منشأ الشك في القسم الثاني: اشتباه الامور الخارجية.
و منشؤه في الأول: إما أن يكون عدم النص في المسألة، كمسألة شرب التتن، و إما أن يكون إجمال النص، كدوران الأمر في قوله تعالى:
حتى يطهرن «3» بين التشديد و التخفيف مثلا، و إما أن يكون تعارض النصين، و منه الآية المذكورة بناء على تواتر القراءات.

 

 

کتاب الصلاة، ج 1،ص 352- 369

[و لا تجزي الترجمة مع القدرة و لا مع الإخلال بحرف حتى التشديد و الإعراب] و لا تجزي عن القراءة الترجمة لها مع القدرة عليها إجماعا، لعدم صدق قراءة الفاتحة و السورة على ترجمتهما. و لو دار الأمر بين الترجمة و الذكر قدّم الثاني، لصحيحة ابن سنان و النبويين المتقدّم ذكرها ، و لو دار الأمر بين ترجمتهما فقد مرّ الكلام. و لا تجزي القراءة مع الإخلال بحرف منها عمدا إجماعا،  كما في كشف اللثام ، و عند علمائنا أجمع كما في المعتبر ، و بلا خلاف كما في المنتهى و عن الذخيرة ، لأنّ‌ الفاتحة اسم للمجموع المنتفي بانتفاء جزء منه و لا عبرة بالمسامحات العرفية. فلو أخلّ‌ فإن كان المتروك حرفا من كلمة بحيث خرج بذلك عن كونه قرآنا، فإن اقتصر عليها بطلت صلاته للنقص، بل و للزيادة حيث قصد بالمأتي به الجزئيّة و للكلام الخارج، و إن لم يقصد الجزئية فللأوّل و الثالث، و إن لم يقتصر فللأخيرين، و إن لم يكن جزءا من كلمة كواو العطف، فللنقص مع عدم التدارك، و للزيادة معه. و الإخلال بالتشديد مع إثبات المدغم متحرّكا إخلال بالكيفيّة المعتبرة في الحرف، و ساكنا إخلال بالموالاة المعتبرة في الكلمة، و مع حذفه إخلال بالحرف. و لمّا لم يكن كاملا في التلفّظ عطفه بقوله: حتى التشديد ، بل في الروض و جامع المقاصد : أنّه إخلال بحرف و زيادة، و هو إدغامه حيث إنّ‌ الإدغام بمنزلة الإعراب الذي يبطل الإخلال به في المشهور، بل عند علمائنا أجمع كما في المعتبر ، و عن غيره أيضا نفي الخلاف، لكن  عن التذكرة أنّه أقوى القولين ، و الظاهر أنّها إشارة إلى ما يحكى عن السيّد من كون الإخلال بالإعراب الغير المغيّر للمعنى مكروها غير مبطل ، و اقتصر في المعتبر و المنتهى على نسبة الجواز إلى بعض العامّة. و كيف كان، فضعفه ظاهر، لأنّ‌ الإخلال بالإعراب مطلقا إخلال بالجزء الصوري للقراءة المأمور بها كما في المنتهى و كشف اللثام ، فيكون منهيّا عنه، فيخرج من القرآن إلى كلام الآدميين، كما في جامع المقاصد ، فيبطل من وجهين أو وجوه، كما تقدّم في الإخلال بالحرف.

و قد ذكر الشارح و سبطه أنّ‌ المراد بالإعراب ما تواتر نقله منه في القرآن لا ما وافق العربية، فإنّ‌ القراءة سنّة متّبعة، و هو حسن مع عدم العلم بكون ذلك الإعراب الخاص من قياسات القرّاء و مقتضيات قواعدهم  في العربيّة، بناء على ما حكي من أنّ‌ المصاحف كانت في الصدر الأوّل غير معربة و لا منقّطة، و أنّ‌ أبا الأسود الدؤليّ‌ أعرب مصحفا واحدا في زمان خلافة معاوية. و قد شهد غير واحد ممّن شاهد المصاحف الموجودة في خزانة مشهد الرضا عليه السّلام بخط مولانا أمير المؤمنين و أولاده المعصومين صلوات اللّٰه عليهم بكونها كذلك. و يؤيّد ذلك: ما ذكر في سبب تدوين النحو، أنّ‌ رجلا قرأ بسمع من أمير المؤمنين عليه السّلام قوله تعالى (أَنَّ‌ اللّٰهَ‌ بَرِيءٌ‌ مِنَ‌ الْمُشْرِكِينَ‌ وَ رَسُولُهُ‌) - بالجر - فأمر عليه السلام أبا الأسود بتدوين النحو و لقّنه بعض قواعده .

نعم، دعوى كون جميع إعرابها موكولا مفوّضا إلى ما يقتضيه قواعد العربيّة خلاف الظاهر، بل المقطوع، إذ الظاهر أنّ‌ أكثر الإعرابات و النقط كانت محفوظة في الصدور بالقراءة على مشايخها خلفا عن سلف، لأنّ‌ اهتمام الصحابة و التابعين بالقرآن أشدّ من أن يهملوا الإعرابات و النقط المتلقاة عن النبيّ‌ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم. و إليه ينظر ما حكي عن بعضهم من أنّ‌ أئمة القراءة لا يعملون بشيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة و الأقيس في العربيّة، بل على الأثبت في الأثر و الأصح في النقل، و إذا ثبتت الرواية لم يردّها قياس عربية و لا فشو لغة، لأنّ‌ القراءة سنّة متّبعة انتهى.

و عن بعضهم: أنّ‌ المردود في القراءة ما وافق العربية و الرسم و لم ينقل،  و هذا مرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر، و قد جوّزه بعضهم فعقد له مجلس و أجمعوا على منعه [1] انتهى.

نعم، يوهن ذلك حكاية تجرّدها المذكورة المشتملة على تصرّف القرّاء في الإعرابات و النقط على ما يوافق مذهبهم في اللغة و العربيّة، فلا ينفع توجيه التجريد بأن يحمل على أنّ‌ ضبط رسوم إعراب الكلام في الكتابة لم يكن متعارفا، سواء في ذلك إعرابات أواخر الكلام و حركات موادّها من حيث استغنائهم عن ذلك بانطلاق ألسنتهم بها، كانطلاق ألسنة أهل العجم بحركات كلماتهم على مقتضى العادة و الجبلّة، إلاّ أن يصرف عنه صارف، كظاهر العطف في لفظة: «و رسوله» - في الآية السابقة - منضما إلى الغفلة عن المعنى، فجروا في كتابة القرآن على مقتضى عادتهم في كتابة غيره.

و بالجملة: إن علم كون الإعراب الخاص المضبوط في المصاحف مأثورا عن مهبطه، فلا إشكال في وجوب اتّباعه، و كذا ان احتمل ذلك، لعدم العلم بكون غيره قرآنا بمادته و صورته. و أمّا مع العلم بكونه عن قياس عربي في مذهب بعض القرّاء، بل و كلّهم، فالظاهر عدم وجوب متابعتهم، و جواز القراءة بغيره إذا وافق العربيّة، لأنّ‌ الأعراب من حيث هو ليس مقوّما للكلام النوعيّ‌ و إن كان مقوّما للشخصيّ‌، حيث إنّه من أجزائه الصورية كحركات البنية المقوّمة لهما، و لذا لو قرأ أحد دعاء الصحيفة بأحد إعرابين صحيحين لغة، مع عدم علمه بموافقة الإعراب الذي أعربه سيّد الساجدين عليه و على آبائه و أبنائه أكمل صلوات المصلّين، صدق عليه أنّه قرأ دعاء الصحيفة، و لو سلبه عنه أحد كان كاذبا في سلبه،  فإذا لم يكن مقوّما للكلام النوعي الذي هو المأمور به دون الشخصي، فليس اعتباره إلاّ من حيث محافظة ما علم اعتباره في قراءة القرآن، من عدم اللحن العربي، فإذا فرض عدم اللحن فيه فلا وجه لعدم الاجتزاء به.

و ما سبق من حكاية دعوى أنّهم لا يتصرّفون في شيء من الحروف الشامل لإعرابها بالقياس فممنوع، و من هنا طعن نجم الأئمة - تبعا للزجاج - في قراءة حمزة (وَ اتَّقُوا اللّٰهَ‌ الَّذِي تَسٰائَلُونَ‌ بِهِ‌ وَ الْأَرْحٰامَ‌) - بجرّ المعطوف - بأنّها صدرت عنه جريا على مذهبه و مذهب غيره من الكوفيين، من جواز العطف على الضمير المجرور بلا إعادة الجارّ، و إنّ‌ تواتر القراءات السبع غير مسلّم . و عن الزمخشريّ‌: الطعن في رواية ابن عامر: (قَتْلَ‌ أَوْلاٰدِهِمْ‌ شُرَكٰاؤُهُمْ‌) بالفصل بين المتضايفين . نعم، طعن بعض شرّاح الشاطبية على مثل نجم الأئمة و الزمخشري و الزّجاج، من أرباب العربيّة الطاعنين في قراءة القرّاء، بأنّهم اعتمدوا في قواعدهم الكليّة و فروعهم الجزئيّة على كلام أهل الجاهليّة، و بنقل الأصمعي و نحوه ممن يبول على قدمه نظما و نثرا و يحتجّون به، و يطعنون تارة في قراءة نافع، و اخرى في قراءة ابن عامر، و مرّة في قراءة حمزة و أمثالهم، فإنّهم إن لم يعتقدوا تواتر القراءة فلا أقلّ‌ من أن يعتبروا صحّة الرواية من أرباب العدالة .  و هذا الطعن كما ترى مردود بأنّه بعد ما ثبت أنّ‌ القرآن منزّل على لسان الأصمعي و نحوه ممّن يبول على قدمه، و لم يثبت صحّة قراءة حمزة في لسانهم و لا تواترها عن النبيّ‌ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم، فتخطئة اجتهاد حمزة في قراءته لا تقدح في عدالته. و منه يظهر ضعف ما حكاه في ذلك الشرح - أيضا - عن بعض أهل التفسير الطاعن على الزجاج المخطّئ لقراءة الجر المذكورة: أنّ‌ مثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين، لأنّ‌ القراءات التي قرأها القرّاء ثبتت عن النبيّ‌ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم تواتر يعرفه أهل الصنعة، فمن ردّ ذلك فقد ردّ على النبيّ‌ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم، و هذا المقام محذور لا يقلّد فيه أئمة اللغة و النحو، انتهى.

فقد حصل مما ذكرنا: أنّ‌ المتّبع من الإعراب الموجود في المصاحف ما لم يعلم استناده إلى القياس. و منه يظهر حكم غير الإعراب ممّا اعتبره القرّاء و لو بأجمعهم، من بعض أفراد الإدغام و نحوه من القواعد المقرّرة عندهم لتجويد قراءة مطلق الكلام قرآنا أو غيره، ممّا لا مدخل له في صحّة الكلام من حيث العربيّة، إذا علم استنادهم فيه إلى اقتضاء قاعدة التجويد الجارية في مطلق ما يتلى من القرآن و الدعاء، فإنّ‌ مثله ليس من مقوّمات القرآن - من قبيل حركات البنيّة و ترتيب الحروف و الكلمات - و لا من مصححاته في العربيّة، لأنّ‌ المفروض كونها غير موجبة للّحن في الكلام، و لذا ترى القارئ المتبحّر يهملها في المحاورة و عند قراءة عبائر الأخبار و الكتب، بل مطلقا عند الاستعجال، و لا يعدّ لاحنا.

و لعلّه لذا احتمل الشارح قدّس سرّه - على ما حكي عنه [1] - أن يكون مرادهم من الوجوب فيما يستعملونه: تأكّد الفعل، كما اعترفوا به في اصطلاحهم على الوقف الواجب، و على تقدير إرادتهم المعنى الحقيقي فلا دليل على وجوب متابعتهم بعد إحراز القرآنية و الصحّة اللغوية، عدا ما دلّ‌ على وجوب القراءة على الوجه المتعارف بين القرّاء، من الإجماع المنقول مستفيضا، بل متواترا - كما في مفتاح الكرامة - على تواتر القراءات السبع أو العشر، المفسّر تارة: بتواتر كلّ‌ واحدة منها عن النبيّ‌ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم، و اخرى: بانحصار المتواتر فيها، و ثالثة: بتواتر جواز القراءة بها، بل وجوبها عن الأئمة عليهم السلام، المستلزم لعدم جواز القراءة بغيرها، لعدم العلم بكونه قرآنا، مضافا إلى دعوى الإجماع بالخصوص على عدم الجواز بالغير. و ما ورد من الروايات الآمرة بالقراءة «كما يقرأ الناس» كما في رواية سالم بن أبي سلمة ، أو «كما تعلّمتم» كما في مرسلة محمد بن سليمان ، أو «كما علمتم» كما في رواية سفيان بن السمط ، مع إمكان دعوى انصراف إطلاق الأمر بالقراءة إلى المتعارف منها، سيّما في تلك الأزمنة.  و ليس في شيء من هذه دلالة على المطلب، لمنع التواتر بالنسبة إلى الهيئة الحاصلة من إعمال تلك القواعد المقرّرة عندهم لتجويد الكلام العربي من حيث هو كلام، لا من حيث إنّه قرآن، مع صدق القرآن على المجرّد عنها صدقا حقيقيّا جزما و صحّته من حيث العربيّة قطعا بحكم الفرض، مع أنّه لو سلّم تواتر الهيئة عن النبيّ‌ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم فلا دليل على وجوب متابعة كلّ‌ هيئة قرأ بها صلّ ى اللّٰه عليه و آله و سلّم، و لو من جهة اعتياده بها في مطلق الكلام، حيث إنّه أفصح من نطق بالضّاد، سيّما و أنّ‌ خصوصيات الهيئات غير منضبطة. فالمدار في غير ما ثبت اعتباره من خصوصيات الهيئات على ما يصدق عرفا معه التكلّم بما تكلّم به النبيّ‌ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم في مقام حكاية الوحي، و إن  اختلفا في المدّ و الغنّة أو مقدارهما، و في الوقف و الوصل. و أمّا الأخبار الآمرة بالقراءة كما يقرأ الناس و نحوها: فملاحظتها مع الصدر و الذيل تكشف عن أنّ‌ المراد حذف الزيادات التي كان يتكلّم بها بعض أصحاب الأئمة بحضرتهم صلوات اللّٰه عليهم إلى أن يقوم القائم روحي و روح العالمين فداه و عجّل اللّٰه فرجه، فيظهر قرآن أمير المؤمنين عليه السلام، و الحاصل: أنّ‌ مدار اعتبار الخصوصيات في القراءة على أحد أمور ثلاثة: أحدها: كونها مقوّما للقرآنية من حيث المادّة أو الصورة، و به يثبت مراعاة الحروف و ترتيبها و موالاتها و حركات بنية الكلمة و نحو ذلك. الثاني: كونه مصحّحا لعربيته، و به يثبت وجوب مراعاة جميع قواعد العربيّة في الأبنية و إعراب الكلم. الثالث: كونه مأثورا عن النبيّ‌ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم، إمّا مجرد ذلك، بناء على أصالة وجوب التأسّي في غير ما خرج بالدليل، أو مع ثبوت الدليل على اعتباره. و إذا فرض خروج ما اتفق عليه القراء من الأوّلين، فلا بدّ من إثبات تواتره - أوّلا - عن النبيّ‌ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم، ثمّ‌ إقامة الدليل على وجوب التأسّي فيه، بناء على منع قاعدة التأسّي، سيّما في الخصوصيات العاديّة. و كلتا المقدمتين صعبة الإثبات. و ممّا يوهن الاولى: ما عرفت من حكاية خلوّ المصاحف عن الإعراب و النقط، فضلا عن المدّ و نحوه حتى اختلفوا فيه اختلافا فاحشا، خطّأ كل واحد منهم مخالفه، بل قيل: إنّ‌ كل واحد من القرّاء كان يمنع عن قراءة من تقدّم عليه من السبعة، و ربما خطّأهم الإمام عليه السّلام الّذي هو من أهل بيت الوحي، كما في جزئية البسملة لغير الفاتحة من السور، و تخطئتهم عليهم السلام ابن مسعود الذي هو عماد القرّاء في إخراج المعوّذتين من القرآن .

مضافا إلى أنّهم يستندون غالبا في قواعدهم إلى مناسبات اعتبارية و قلّما يتمسّكون فيه بالأثر، فلو كان القرآن بتلك الخصوصيات متواترة لاستندوا في الجميع إلى إسنادهم المتواتر كما يفعلون في قليل من المواضع. و دعوى: أنّ‌ ذكرهم للمناسبات إنّما هو لبيان المناسبة في الكيفيّة المأثورة لا لتصحيحها بنفس تلك المناسبة، كما هو دأب علماء النحو في ذكر المناسبات مع أنّ‌ قواعدها توقيفية إجماعا، غير مجدية بعد ما علمنا أنّ‌ مستندهم في التوقيف هو مجرّد موافقة القراءة أحد المصاحف العثمانيّة، و لو باحتمال رسمه له «كملك» و «مالك» مع صحّة سندها.

قال [ابن] الجزريّ‌ في كتابه - على ما حكي عنه -: كلّ‌ قراءة و وافقت العربية و لو بوجه، و وافقت أحد المصاحف العثمانيّة و لو احتمالا و صحّ‌ سندها  فهي القراءة الصحيحة، سواء كانت من السبعة أم غيرهم - إلى أن قال -: هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف و الخلف، لا نعرف من أحد منهم خلافه، و ما عداها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت من السبعة أو غيرهم ، انتهى. ثم صرّح في آخر كلامه بأنّ‌ السند لا يجب أن يتواتر، و أنّ‌ ما قيل: من أنّ‌ القرآن لا يثبت إلاّ بالتواتر، لا يخفى ما فيه. و أنت خبير بأنّ‌ السند الصحيح - بل المتواتر باعتقادهم - من أضعف الأسناد عندنا، لأنّهم يعتمدون في السند على من لا نشك نحن في كذبه. و أمّا موافقة أحد المصاحف العثمانية فهي أيضا.... [1] و طيخوا [2] المصاحف الآخر لكتّاب الوحي. فلم يبق - من الثلاثة المذكورة في كلام [ابن] الجزريّ‌، التي هي المناط في صحة القراءة دون كونها من السبعة أو العشرة، كما صرّح هو به في ذيل ما ذكرنا عنه - ما نشاركهم في الاعتماد عليه، إلاّ موافقة العربية التي لا تدلّ‌ إلاّ على عدم كون القراءة باطلة، لا كونها مأثورة عن النبيّ‌ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم. مع أنّ‌ حكاية طيخ عثمان ما عدا مصحفه من مصاحف كتّاب الوحي، و أمره - كما في شرح الشاطبية - كتّاب المصاحف عند اختلافهم في بعض الموارد بترجيح لغة قريش، معلّلا بأنّ‌ أغلب القرآن نزل عليها، الدالّ‌ على  أنّ‌ كتابة القرآن و تعيين قراءتها وقعت أحيانا بالحدس الظنّي بحكم الغلبة، وجه مستقل في عدم التواتر.

و لعلّه لذلك كلّه أنكر تواتر القراءات جماعة من الخاصة و العامّة، مثل الشيخ في التبيان و ابن طاوس و نجم الأئمة و جمال الدين الخوانساري و البهائي و السيّد الجزائريّ‌ و غيرهما من الخاصّة، و الزمخشريّ‌ و الزركشيّ‌ و الحاجبي و الرازيّ‌ و العضدي من العامّة، و عن الفريد البهبهاني في حاشيته على المدارك كما عن غيره: أنّ‌ المسلّم تواتر جواز القراءة بها عن الأئمة عليهم السلام، و أمّا ما ادعي من الإجماع على عدم جواز القراءة بغير القراءات السبع أو العشر فإنّما هو في الشواذ التي لا يعلم كونها قرآنا، كما يومئ إليه استدلالهم عليه بأنّه ليس بقرآن، بناء على وجوب تواتر كلّ‌ ما هو قرآن، أو بأنّه لم يعلم كونه قرآنا، بناء على عدم وجوب تواتر كلّ‌ جزء من القرآن، لا في مثل فكّ‌ بعض الإدغام أو ترك المدّ المخالفين لقراءة القرّاء مع العلم بصدق القرآن عليه كما تقدّم.

و أمّا دعوى انصراف الأوامر المطلقة بالقراءة إلى المتعارف منها، سيّما في تلك الأزمنة: فهي ممنوعة، إلاّ إذا قلنا بانصراف المطلق إلى الكامل، و هو أيضا ممنوع. فظهر ممّا ذكرنا: عدم الدليل على اعتبار كثير ممّا اتفقوا على اعتبارها، و إن كان بعضها ممّا اعتبره كثير من الأصحاب كالمدّ المتصل و هو في أحد حروف المدّ إذا تعقّبه همزة في كلمة واحدة. و عن فوائد الشرائع: إنّه لا نعرف في وجوبه خلافا ، و علّله في جامع المقاصد بأنّ‌ الإخلال به إخلال بالحرف ، و لعلّه أراد أنّ‌ الحرف بدون المدّ غير تام. و فيه منع، و إلاّ لم يفرّق بين المتصل و المنفصل، و علّله القرّاء بمناسبات ضعيفة. و ربّما يراد من المدّ المتصل: ما كان حرف المدّ و موجبه في كلمة واحدة، سواء كان موجبه همزة أو سكون لازم في مدغم لازم أو عارض أو غير مدغم، نحو (جَاءَ‌) و (سوءَ‌) و (جيءَ‌) و (دابّة) و (تأمرونّي)، و حروف فواتح السور الثلاثية المتوسّطة بحرف المدّ التالي للحركة المجانسة، مثل (ق)  و (ن) و (طسم) و نحوها. و لو قلنا بوجوب المدّ فالظاهر كفاية مسمّى الزيادة على المدّ الطبيعي، و لا يجب ما اصطلح عليه القرّاء من تحديده بالألفات. و أمّا الإدغام الصغير: و هو ما إذا كان أول المتماثلين أو المتقاربين ساكنا، فقد صرّح غير واحد بوجوبه ، و عن فوائد الشرائع أيضا: لا نعرف فيه خلافا ، و هو إن سلّم في المتماثلين لأجل فوات الموالاة بفكّه ففي المتقاربين إشكال، من عدم الدليل إلاّ أن يثبت أنّ‌ العرب لا تتلفّظ بالحرف المدغم في المتقاربين و المتجانسين إلاّ مبدّلا و مشدّدا، فيكون الفكّ‌ فيهما إبدالا للحرف بغيره، لكنّه لم يثبت إلاّ في إدغام لام التعريف في الحروف الأربعة عشر المسمّاة بالحروف الشمسيّة، و لذا قال في المنتهى: إنّ‌ في الفاتحة أربع عشرة تشديدة بلا خلاف ، و عن التذكرة أيضا: الإجماع عليه . و قد أوجب القرّاء أيضا الإدغام الصغير بلا غنّة في «التنوين» و «النون المتطرّف الساكن» إذا وقع بعدها الراء أو اللام، على خلاف ضعيف في الغنّة مع اللام و مع الغنّة في الميم و النون، و كذا الواو و الياء على المعروف عن غير خلف ، و أوجبوا إظهارهما مع حروف الحلق و إخفاءهما مع الغنّة، و الإخفاء: حالة بين الإظهار و الإدغام من غير تشديد في البواقي غير الباء و قلبهما ميما عنده . و في شرح الشاطبية، عن بعضهم: أنّه أجمع القرّاء و أهل العربية على وجوب قلبهما عند الباء ميما و إخفاء الميم المقلوبة مع الغنّة. و قد نقل حكاية الاتفاق على الإدغام الصغير أيضا في مواضع، مثل: إدغام الذال في الظاء نحو «إِذْ ظَلَمُوا» ، و الدال في التاء نحو «قَدْ تَبَيَّنَ‌» ، و العكس نحو: «وَعَدْتَنٰا» ، و إدغام تاء التأنيث في الدال و الطاء نحو «قَدْ أُجِيبَتْ‌ دَعْوَتُكُمٰا» «فَآمَنَتْ‌ طٰائِفَةٌ‌» ، و اللام في الراء نحو «قُلْ‌ رَبِّي» . و أمّا الإدغام الكبير، و هو: ما إذا كان أحد المتماثلين أو المتقاربين متحرّكا نحو (مٰا سَلَكَكُمْ‌ فِي سَقَرَ) و (أَ لَمْ‌ نَخْلُقْكُمْ‌) ، فلا أعرف القول بوجوبه لأحد من أصحابنا، كما اعترف به بعض مشايخنا المعاصرين حاكيا الاعتراف به عن بعض مشايخه ، و إن أفرط بعضهم حتى حكم - على ما حكي عنه - بوجوب مراعاة صفات الحروف من الاستعلاء و الهمس  و الإطباق و الغنّة و نحوها، و لعلّه لبعض ما ذكر في توجيه اعتبار ما اتفق عليه القرّاء. و قد عرفت أنّ‌ الأقوى - وفاقا لجماعة -: عدم اعتباره. قال في كشف الغطاء: لا يجب العمل على قراءتهم إلاّ فيما يتعلّق بالمباني [1] من حروف و حركات و سكنات بنيّة أو بناء، و التوقيف على العشرة إنّما هو فيها، و أمّا المحسّنات في القراءة - من إدغام بين كلمتين، أو مدّ أو وقف أو تحريك و نحوها - فإيجابها كإيجاب مقدار الحرف في علم الكتابة و المحسّنات في علم البديع و المستحبات في مذهب أهل التقوى . و فرقه بين ما يتعلّق بالمباني و غيره مبنيّ‌ ظاهرا على ما عرفت من مدخليّة الأوّل في الخصوصيات المقوّمة للقرآنية بخلاف الثاني، فلا وجه لما اعترض عليه من عدم الفرق . نعم، يجوز القراءة على طبق قراءتهم، بل قراءة واحد منهم و إن اشتمل على ما يخالف الأصل - مثل الحذف و الإبدال و الإمالة - إذا لم يخطّئه مثله من القرّاء أو أهل العربية، كما عرفت من ردّ قراءة ابن عامر من الزمخشريّ‌ في الفصل بين المتضايفين في (قَتْلَ‌ أَوْلاٰدِهِمْ‌ شُرَكٰاؤُهُمْ‌) ، و وجه الجواز: صدق القرآنيّة و عدم اللّحن من حيث العربية. و مجرّد ارتكاب الحذف و الإبدال و نحوهما من أحد السبعة الذين هم من فحول أهل العربيّة الذين استقرّت سيرة الفريقين قديما و حديثا على الركون إليهم، لا يوجب التزلزل في صحّة الكلام من حيث العربيّة. و كيف يحتمل أن يكون مثل الإمالة الكبرى التي يقرأ بها الكسائيّ‌ و حمزة - اللذين تلمّذ أوّلهما على أبان بن تغلب المشهور في الفقه و الحديث، الذي قال له الإمام عليه السلام: «اجلس في مسجد رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم و أفت الناس» ، و على ثانيهما، الذي قرأ على الإمام أبي عبد اللّٰه جعفر بن محمد عليهما السلام، و على حمران بن أعين الجليل في الرواة، القارئ على أبي الأسود الدؤلي، القارئ على مولانا أمير المؤمنين عليه السلام - مع اشتهارهما بذلك و عدم هجر قراءتهما وجوبا لذلك، أن يكون لحنا في العربيّة و مبطلا للصلاة‌؟! فما يظهر من بعض المعاصرين من التأمّل في بعض القراءات المشتملة على الحذف و الإبدال، ليس على ما ينبغي، قال في المنتهى: و أحب القراءات إليّ‌ ما قرأه عاصم من طريق أبي بكر بن عيّاش، و طريق أبي عمرو بن العلاء، فإنّها أولى من قراءة حمزة و الكسائي لما فيهما من الإدغام و الإمالة و زيادة المدّ، و ذلك كلّه تكلّف، و لو قرأ به صحّت بلا خلاف . بقي الكلام في حكم قراءة الثلاثة تمام العشرة: و هم أبو جعفر و يعقوب و خلف، ففي الروض أنّ‌ المشهور بين المتأخّرين تواترها، ثمّ‌ قال - تبعا  للمحقّق الثاني في جامعه -: و ممّن شهد بتواترها الشهيد في الذكرى و لا يقتصر ذلك عن ثبوت الإجماع بخبر الواحد ، انتهى. و اعترضهما غير واحد ممّن تأخر عنهما بأنّه رجوع عن اعتبار التواتر. و التحقيق - بعد عدم ثبوت تواتر السبعة، وفاقا لجماعة ممّن تقدّم ذكرهم -: وجوب إناطة حكم القرآن - من جواز القراءة في الصلاة أو الاستناد إليه في الأحكام - على ما هو موجود في المصاحف الموجودة بأيدي الناس أو ما ثبت أنّها قراءة كانت متعارفة مقرّرا عليها في زمن الأئمة عليهم السلام، و اللّٰه العالم. و حكي عن بعض أهل هذا الفن: أنّ‌ القراءة المنسوبة إلى كلّ‌ قارئ من السبعة و غيرهم، منقسمة إلى المجمع عليه و الشاذ، غير أنّ‌ هؤلاء السبعة - لشهرتهم و كثرة الصحيح المجمع عليه في قراءتهم - تركن النفس إلى ما نقل عنهم، فوق ما نقل عن غيرهم .