السُّوَيْدي (1104 - 1174 هـ = 1693 - 1761 م)
عبد الله بن حسين بن مرعي بن ناصر الدين البغدادي، أبو البركات السويدي: فقيه، متأدب، من أعيان العراق. وهو أول من عرف بالسويدي من هذا البيت. ولد في كرخ بغداد، وتوفي والده وهو طفل فكفله عمه لأمه (الشيخ أحمد سويد) وتعلم واشتهر. ورحل إلى بلاد الشام والحجاز وعاد إلى بغداد فتوفي فيها. له «الجمانة في الاستعارات - خ» و «إتحاف الحبيب - خ» حاشية على مغني اللبيب، و «أنفع الوسائل» في شرح دلائل الخيرات، و «شرح صحيح والبخاري» و «أسماء أهل بدر - ط» رسالة، و «الحجج القطعية لاتفاق الفرق الإسلامية - ط» رسالة، و «الأمثال السائرة - ط» مقامة وعظيمة، و «المحاكمة بين الدماميني والشمني» و «ديوان - خ» صغير، في الظاهرية يشتمل على منظوماته، و «النفحة المسكية في الرحلة المكية - خ» [ثم طُبع] وغير ذلك
نقلا عن: الأعلام للزركلي
مؤتمر النجف = الحجج القطعية لاتفاق الفرق الإسلامية (ص: 9)
والكتاب الذي نقدمه الآن للقراء هو حكاية التقريب على طريقة تنازل أحد الفريقين عن أصوله فإن مجتهدي الشيعة من الإيرانيين وعلماء النجف اجتمعوا في يوم الخميس 25 شوال سنة 1156 بمحضر من علماء أهل السنة والجماعة في اردلان والأفغان وما وراء النهر (بخارى وما إليها) برئاسة علامة العراق السيد عبد الله السويدي كاتب هذه الواقعة في كتابنا هذا، وكان اجتماعهم تحت المسقف الذي وراء الضريح المنسوب إلى الإمام علي ـ كرّم الله وجهه ـ، واجتمع للاستماع لما يقع في هذا المؤتمر خلائق لا يحصر عددهم إلا الله من العجم والعرب والتركستان ممن يتألف منهم جيش نادر شاه ومن سكان هذه الجهات، وكان نادر شاه ـ وهو أعظم ملوك إيران في العصور الأخيرة ـ يراقب أعمال المؤتمر. فقرر علماء الشيعة ومجتهدوهم جميعا بلا استثناء ـ وعلى رأسهم عظيمهم الديني الملا باشي ـ أنهم ينزلون على مذهب أهل السنة في الصحابة، ويرفعون كل محدثات الخبيث الشاه إسماعيل الصفوي، ويعترفون بأن اتفاق الصحابة عند وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان على أفضلهم وأخيرهم وأعلمهم أبي بكر الصديق، وأن الإمام عليا بايعه كما بايع سائر الصحابة، وإجماعهم حجة قطعية. ثم عهد أبو بكر لعمر فبايعه الصحابة والإمام علي معهم، ثم اتفق رأيهم على عثمان، ووليها بعده علي، وأن فضلهم وخلافتهم على ذلك الترتيب فمن سب أو قال خلاف ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وقد وضعوا جميعا أختامهم على المحضر الرسمي لهذا المؤتمر.
فهذا العمل الذي قام به مجتهدو الشيعة وعلماؤهم سنة 1156 في محضر عام يصح أن يسمى (تقريبا) لأنه أزال (المكفرات) التي كان يفترق بها الشيعة عن أهل السنة افتراقا أساسيا.
أما الدعوة الجديدة المريبة إلى (التقريب) بين مذهبين مختلفين في الأسس التي قام كل منهما عليها لمآرب يظهر أن لبعض الجهات الدبلوماسية علاقة تشجيع عليها، وبطرق سخيفة لا تنطبق على علم ولا على شرع، فإنها جديرة بأن ترفض من أهل السنة ومن الشيعة على السواء لما ينتج عنها من عبث بالمذهبين قد يبلغ إلى أن يكون منه مذهب ثالث تزاد به الفرقة بين المسلمين، وقد سمعنا أن مجتهدي الشيعة في الشام السيد محسن الأمين أشد إنكارا لهذا التقريب، وإلى الآن لم يكتب في تأييد ذلك إلا أفراد من الشيعة لا يمثلون علماءهم الموثوق بهم.
وكتاب المؤتمر الذي نقدمه بعد هذه المقدمة مكتوب بقلم رئيسه السيد عبد الله السويدي، وكان قد نشر في سنة 1333 بعنوان (الحجج القطعية لاتفاق الفرق الإسلامية) بمطبعة السعادة بالقاهرة، إلا أن انتشاره كان محدودا وفي نطاق ضيق، ورأيت أكثر أهل العلم لم يطلع عليه، ولا سبيل إلى الحصول على نسخ منه، فدعاني ذلك إلى إعادة نشره لمناسبة فتنة التقريب المريب التي فشلت ولله الحمد زد على ذلك أن (مؤتمر النجف) كان الأول من نوعه في المجتمع الإسلامي على ما وصل إليه علمي.
والسيد عبد الله السويدي ـ رئيس هذا المؤتمر، وكاتب هذا الكتاب ـ هو أبو البركات ابن السيد حسين بن مرعي بن ناصر الدين، وأسرة السويدي إحدى الأسر العظيمة الكريمة في بغداد، وهي من سلالة البيت العباسي الذي اضطلع بأمر الخلافة الإسلامية زمنا طويلا.
ولد السيد عبد الله سنة 1104 وتوفى سنة 1170، وكان عند رياسته هذا المؤتمر في الثانية والخمسين من عمره، أخذ العلم عن أحمد بن أبي القاسم المدائني المغربي وعمه السيد أحمد بن مرعي السويدي والشيخ سلطان الجبوري ومحمد بن عقيلة المكي والشيخ علي الأنصاري الأحسائي وغيرهم من علماء العراق والحجاز والشام، وقد امتدحه السيد محمود شكري الآلوسي بأنه " شيخ البسيطة على الإطلاق وزين الشريعة بالإجماع والاتفاق " وله من المؤلفات شرح جليل على صحيح البخاري، وكتاب المحاكمة بين الدماميني والشمني فيما كتباه على مغني اللبيب، ورشف الضرب، والنفحة المسكية، والأمثال السائرة، وشرح دلائل الخيرات، وكتاب رحلته المكية الذي أثبت فيه ما نقلناه في هذا الكتاب عن مؤتمر النجف، وقد حج ذلك العام شكرا لله على ما أتم على يده من إقناع نادر شاه وجماهير الشيعة بمنع سب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والله ولي الحق والخير وأهلهما، والحمد لله رب العالمين.
محب الدين الخطيب