سال بعدالفهرستسال قبل

أحمد بن مسكويه(000 - 421 هـ = 000 - 1030 م)

أحمد بن مسكويه(000 - 421 هـ = 000 - 1030 م)




الأعلام للزركلي (1/ 211)
مِسْكَوَيْه
(000 - 421 هـ = 000 - 1030 م)
أحمد بن محمد بن يعقوب مسكويه، أبو علي: مؤرخ بحاث، أصله من الري وسكن أصفهان وتوفي بها. اشتغل بالفلسفة والكيمياء والمنطق مدة، ثم أولع بالتأريخ والأدب والإنشاء. وكان قيما على خزانة كتب ابن العميد، ثم كتب عضد الدولة ابن بويه، فلقب بالخازن، ثم اختص ببهاء الدولة البويهي وعظم شأنه عنده. وقال أبو حيان في جملة وصفه: (لطيف الألفاظ، سهل المأخذ، مشهور المعاني شديد التوقي، ضعيف الترقي، يتطاول جهده ثم يقصر، وله مآخذ وغرائب من الكذب - كذا - وهو حائل العقل لشغفه بالكيمياء. اهـ (ألّف كتبا نافعة، منها (تجارب الأمم وتعاقب الهمم - ط) أجزاء منه، في التاريخ، انتهى به إلى السنة التي مات فيها عَضُد الدَّوْلَة (372 هـ ومنه نسخة كاملة مصورة في مؤسسة كايتاني وله (تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق - ط) و (طهارة النفس - خ) و (آداب العرب والفرس - خ) و (الفوز الأصغر - ط) في علم النفس، و (ترتيب السعادات - ط) في الأخلاق، و (رسالة في ماهية العدل - ط) و (نديم الأحباب وجليس الأصحاب - خ) في مغنيسا (الرقم 1210) و (الحكمة الخالدة، جاويدان خرد - ط) رأيت منه مخطوطة في الفاتيكان (408 عربي) كتبت سنة 741 اسمه فيها (جاويذان خرذ) جاء في أوله: (نقله أوشهنج الملك لخلفه كنجور بن إسفنديار وزير ملك إيران، من اللسان القديم إلى الفارسيّ، ونقله إلى العربية الحسن بن سهل أخوذي الرياستين، وتممه أحمد بن مسكويه إذ أضاف اليه حكم الفرس والهند والعرب والروم) وفي مقدمته بعد البسملة: (قال أحمد بن محمد بن يعقوب مسكويه) وله (الأدوية المفردة) و (الأشربة) وغير ذلك. وعاش عمرا طويلا (1) .
__________
(1) إرشاد الأريب 2: 49 وفيه (كان مجوسيا وأسلم) ولعل المراد جده. والقفطي 217 وهو فيه (مسكويه، أبو علي) ولم يذكر له نسبا، وقال: من كبار فضلاء العجم وأجلاء فارس.
والإمتاع والمؤانسة 1: 32 و 136 وآداب اللغة 2: 317 والفهرس التمهيدي




بسیار مفصل در اعیان الشیعه فراجع:

أعيان‏ الشيعة، ج‏3، ص: 158
أبو علي احمد بن محمد بن يعقوب الخازن الرازي الأصل الاصبهاني‏
المسكن الملقب مسكويه و الملقب بالمعلم الثالث توفي في 9 صفر سنة 421 حكاه ياقوت في معجم الأدباء عن يحيى بن منده و كانت وفاته بأصبهان و قبره بها معروف مشهور.
لقبه و وصفه‏
مسكويه لقب احمد نفسه كما صرح به جماعة، و يوجد في بعض المواضع ابن يعقوب بن مسكويه، و نحن قد ذكرنا تبعا لذلك فيما بدئ بابن- ابن مسكويه- و قلنا اسمه احمد بن محمد بن مسكويه، و ممن صرح بان مسكويه لقب له نفسه: الثعالبي في تتمة اليتيمة، و أبو حيان في‏
أعيان‏الشيعة، ج‏3، ص: 159
الامتاع، و ابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء، و ياقوت في معجم الأدباء، كما ياتي ذلك كله. و في مخطوط قديم سياتي ذكره: احمد بن محمد مسكويه في عدة مواضع. و في ترجمة دائرة المعارف الإسلامية: ابن مسكويه و الأصح مشكويه اسماه ياقوت مسكويه فقط. و زعم انه كان مجوسيا اعتنق الإسلام بيد ان هذا الزعم بعيد الاحتمال ذلك لأننا نعرف اسم أبيه و جده (اي و يعلم من اسميهما انهما مسلمان فيكون احمد قد ولد على الإسلام أيضا) قال و ربما كان خطا ياقوت راجعا إلى انه اسمى الفيلسوف مسكويه بينما هذا الاسم لجده و قد يكون الجد مجوسيا حقيقة ثم أسلم" انتهى" و ما ذكره له وجه و ربما الذين اسموه مسكويه تبعوا في ذلك ياقوتا فاصل الخطا منه و اتبعه غيره عليه" انتهى" و وصف بالخازن لانه كان خازنا لعضد الدولة على بيت المال و خازنا لخزانة كتب ابن العميد.
أقوال العلماء فيه‏
هو العالم الحكيم الفيلسوف المشهور الرياضي المهندس المتكلم اللغوي المؤرخ الاخلاقي الشاعر الأديب الكاتب النافذ الفهم الكثير الاطلاع على كتب الأقدمين و لغاتهم المتروكة صاحب التصانيف الكثيرة في الفنون العقلية و لا سيما الحكمة النظرية و العملية. و في دائرة المعارف الإسلامية مؤرخ (انتهى). و اثنى عليه الخواجة نصير الدين في ديباجة كتابه الأخلاق الناصرية الذي وضعه على نهج كتابه" طهارة الاعراق" و ذكره بالتعظيم. و صحب الوزير أبا محمد المهلبي في أيام شبابه و كان خصيصا به إلى ان اتصل بخدمة الملك عضد الدولة بن بويه و صار من ندمائه و رسله إلى نظرائه، و كان خازنا له أثيرا عنده كاتما لاسراره، و في رسالة مواليد العلماء: كان نديم عضد الدولة" انتهى" ثم اختص بالوزير ابن العميد و ابنه أبي الفتح في خدمة الملك صمصام الدولة بن بويه، و كان في أول أمره في خدمة خوارزم شاه مع جملة من الأطباء منهم ابن سينا و ابن الخمار و أبو ريحان و أبو نصر العراقي و أبو سهل المسيحي إلى ان أرسل السلطان محمود [الغزنوني‏] الغزنوي أبا الفضل الحسن بن ميكال سفيرا إلى عند خوارزم شاه، فقبل وصوله فر مسكويه و لم يقبل بمتابعة السلطان محمود. و في تتمة اليتيمة للثعالبي: أبو علي مسكويه الخازن في الذروة العليا من الفضل و الأدب و البلاغة و الشعر و كان في ريعان شبابه متصلا بابن العميد مختصا به ثم تنقلت به أحوال جليلة في خدمة بني بويه و الاختصاص ببهاء الدولة، و عظم شانه و ارتفع مقداره و ترفع عن خدمة الصاحب و لم ير نفسه دونه" انتهى" و حكى ياقوت في معجم الأدباء عن أبي حيان في كتاب الامتاع انه قال في حقه بعد ما ذكر طائفة من متكلمي زمانه: و اما مسكويه «1» ففقير بين أغنياء و غني بين أنبياء لانه شاذ و انما أعطيته في هذه الأيام صفو الشرح لايساغوجي و قاطيغورياس من تصنيف صديقنا بالري قال الوزير و من هو؟
قلت أبو القاسم الكاتب غلام أبي الحسن العامري و صححه معي و هو الآن لائذ بابن الخمار و ربما شاهد أبا سليمان المنطقي و ليس له فراغ لكنه محب في هذا الوقت للحسرة التي لحقته مما فاته من قبل! فقال: يا عجبا لرجل صحب ابن العميد أبا الفضل و رأى ما عنده و هذا حظه! قلت قد كان هذا و لكنه كان مشغولا بطلب الكيمياء مع أبي الطيب الكيميائي الرازي مملوك الهمة في طلبه و الحرص على إصابته مفتونا بكتب أبي زكريا و جابر بن حيان و مع هذا كان اليه خدمة صاحبه في خزانة كتبه هذا مع تقطيع الوقت في الحاجات الضرورية و الشهوية و العمر قصير و الساعات طائرة و الحركات دائمة و الفرص بروق تاتلق و الأوطار في عرضها تجتمع و تفترق و النفوس عن قرابتها تذوب و تحترق و لقد قطن العامري الري خمس سنين و درس و أملى و صنف و روى فما أخذ عنه مسكويه كلمة واحدة و لا وعى مسألة حتى كأنه كان بينه و بينه سدا و لقد تجرع على هذا التواني الصاب و العلقم و مضغ لقمة حنظل الندامة في نفسه و سمع باذنه قوارع الندامة من اصدقائه حين ما ينفع ذلك كله، و بعد هذا فهو ذكي حسن نقي اللفظ و ان بقي عساه ان يتوسط هذا الحديث و ما أرى ذلك كلفه بالكيمياء و إنفاق زمانه و كد بدنه و قلبه في خدمة السلطان و احترافه في البخل بالدانق و القيراط و الكسرة و الخرقة نعوذ بالله من مدح الجود باللسان و إيثار الشح بالفعل و تمجيد الكرم بالقول و مفارقته بالعمل (انتهى) ثم حكى ياقوت عن أبي حيان في كتاب الوزيرين انه قال: فان ابن العميد اتخذه خازنا لكتبه و أراد أيضا ان يقدح ابنه به و لم يكن من الصنائع المقصودة المهمات اللازمة و كان يحتمل ذلك لبعض العزازة بظله و التظاهر بجاهه (انتهى) يعني ان ابن العميد اتخذه خازنا لكتبه و أراد مع ذلك ان يتخرج عليه ولده أبو الفتح و يتعلم منه و لم يكن ذلك- اي كونه خازنا و معلما لابنه- عند مسكويه مناسبا لحاله، بل كان يرى نفسه ارفع من ذلك لكنه احتمله للاستفادة من جاه ابن العميد.
و قال ياقوت في معجم الأدباء كان مسكويه مجوسيا و أسلم و كان عارفا بعلوم الأوائل معرفة جيدة و له في ذلك كتب و ذكرها كما ياتي (انتهى) و قد عرفت التأمل في كونه مجوسيا فأسلم. و في عيون الأنباء: مسكويه فاضل في العلوم الحكمية متميز فيها، خبير بصناعة الطب جيد في أصولها و فروعها، ثم ذكر مؤلفاته. و كان معاصرا للرئيس أبي علي بن سينا، و يظهر مما ذكره المؤرخون انه لم يكن بينهما صفاء. يحكى ان ابن سينا دخل عليه يوما في مجلس درسه فالقى بين يديه جوزة كانت في يده و قال بين لي مساحة هذه بالشعيرات فالقى اليه ابن مسكويه اوراقا و قال له أصلح بهذه أخلاقك حتى أجيبك عما تريد. و ذكر ابن سينا في بعض مسائله أبا علي مسكويه فاستعادها كرات و كان عسر الفهم و تركته و لم يفهمها على الوجه (انتهى) و عاش أبو علي مسكويه طويلا حتى سئم الحياة و لم يعد يقدر على الحركة، و في بعض أشعاره الآتية إشارة إلى ذلك.
تشيعه‏
صرح بتشيعه السيد الداماد و القاضي نور الله في المجالس و صاحب رياض العلماء و يؤيد ذلك اختصاصه بهؤلاء الوزراء و الملوك الشيعة و جعل عضد الدولة إياه خازنا و اثارته عنده و جعله كاتم سره، و قوله في كتابه طهارة الاعراق: و سمع كلام الامام الأجل سلام الله عليه الذي صدر عن حقيقة الشجاعة فإنه قال لأصحابه: انكم ان تقتلوا أو تموتوا و الذي نفس ابن أبي طالب بيده لالف ضربة بالسيف على الرأس أهون من ميتة على الفراش. و تصريحه في كتابه الفوز الأصغر على ما حكي باعتقاد امام معصوم حيث ذكر في أواخره في بحث النبوة ان الامام يشارك النبي في جميع الصفات الا النبوة أو ما هذا معناه، و مدح المحقق الطوسي له و لكتابه طهارة الاعراق على ما في ديباجة الأخلاق الناصرية بهذه الأبيات:
بنفسي كتابا حاز كل فضيلة و صار لتكميل البرية ضامنا
مؤلفه قد ابرز الحق خالصا بتأليفه من بعد ما كان كامنا

أعيان‏الشيعة، ج‏3، ص: 160
و رسمه باسم الطهارة قاضيا به حق معناه و لم يك مائنا
لقد بذل المجهود لله درة فما كان في نصح الخلائق خائنا

مؤلفاته‏
كان عند الأمير صدر الدين الشيرازي كثير من مؤلفاته و يقال انه كان يضن بها عن عيون أصحابه لكثرة ما جمع فيها من الأسرار فمن مؤلفاته (1) طهارة الاعراق في تكميل النفس و تهذيبها أو تهذيب الأخلاق و تطهير الاعراق مطبوع في مصر و في بلاد ايران على هامش مكارم الأخلاق و على منواله ألف الخواجة نصير الدين الطوسي كتابه الفارسي الأخلاق الناصرية الذي ألفه بامر ناصر الدين محتشم أحد أمراء الإسماعيلية و مدح في مقدمته أبا علي مسكويه و أشار إلى كتابه طهارة الاعراق و مدحه (2) الفوز الأصغر مطبوع (3) الفوز الأكبر (4) آداب الدنيا و الدين (5) المستوفي فيه أشعار مختارة (6) أنس الخواطر مجموعة شبه الكشكول (7) نزهة نامه علائي بالفارسية ألفه باسم علاء الدولة الديلمي (8) آداب العرب و الفرس و الهند و هو تتمة لملخص كتاب جاويدان خرذ الذي لخصه و عربه الحسن بن سهل و ذلك ان أصل كتاب جاويدان خرذ بالفارسية ألفه حكماء الفرس القدماء لهوشنك بن كيومرث من ملوك الفرس ثم لخصه الحسن بن سهل في عصر المأمون بالعربية فأورد ابن مسكويه هذا الملخص و زاد عليه ما ألحقه به و سمى المجموع آداب العرب و الفرس و الهند (9) كتاب جاويدان خرذ نسبه اليه ياقوت و هو ترجمة كتاب الحسن بن سهل إلى الفارسية فقد عرفت ان الحسن بن سهل ترجم ملخص كتاب جاويدان خرذ من الفارسية إلى العربية فترجم ابن مسكويه هذا الملخص من العربية إلى الفارسية و رتبه و هذبه و سماه جاويدان خرذ باسم أصله مطبوع و سنتكلم على كتاب جاويدان خرذ مفصلا (10) ترتيب العادات (11) السياسة للملك أشار اليه في طهارة الاعراق (12) تجارب الأمم و تعاقب الأمم في نوادر الاخبار و التواريخ طبع بالفوتغراف و طبع ثلاثة مجلدات منه في مصر و طبع الجزء السادس منه بمدينة ليدن ابتدأه من بعد الطوفان و انتهى فيه إلى حوادث عام 369 ه (13) نديم الفريد و سماه ياقوت انس الفريد قال و هو مجموع يتضمن اخبارا و أشعارا و حكما و أمثالا غير مبوب (14) كتاب الاشربة و ما يتعلق بها من الأحكام الطبية (15) كتاب الطبخ أو الطبيخ (16) حقائق النفوس (17) نور السعادة (18) أقسام الحكمة و الرياضي (19) تعليق في المنطق (20) أحوال الحكماء السلف و صفات بعض الأنبياء السالفين (21) الجامع (22) كتاب السير قال ياقوت اجاده ذكر فيه ما يسير به الرجل نفسه من أمور دنياه مزجه بالأثر و الآية و الحكمة و الشعر.
الكلام على كتاب جاويدان خرذ
«1» و نحن نقول: ان آباد لم ترد في اللغة الفارسية الا بالدال المهملة و مع ذلك لما استعملها العرب مركبة مع بعض الاعلام رسموها بالذال المعجمة، و كذلك استاد يستعملها الفرس بالدال المهملة و العرب بالذال المعجمة، و مثلها همدان- المدينة- و غير ذلك، و يمكن كون جاويدان خرد كذلك و الله اعلم.
و هو لفظ فارسي معناه العقل الخالد فجاويدان بجيم و ألف و واو مكسورة و دال مهملة و ألف و نون معناه العقل و في ترجمة دائرة المعارف الإسلامية معناه العقل الازلي و هو اسم لكتاب ألفه الحكماء القدماء بالفارسية لهوشنك بن كيومرث البيشدادي من ملوك الفرس القدماء يشتمل على حكم و آداب. في كشف الظنون (جاويدان خرذ) اسم كتاب للفرس منسوب إلى هوشنك شاه و قد عربه حسن بن سهل وزير المأمون و لخصه أيضا في تعريبه. و أورد الشيخ أبو علي مسكويه الطبيب المشهور هذا الملخص في مقدمة كتابه المسمى بآداب العرب و الفرس" انتهى" و عندي مخطوط قديم مجموع فيه عدة كتب نفيسة و من جملتها كتابان أحدهما مختصر من كتاب جاويدان خرذ في حكم الفرس و الهند و الروم و العرب و الثاني ما ألحقه مسكويه بهذا المختصر من آداب العرب و الفرس و الهند و يظهر ان هذا هو الذي عربه الحسن بن سهل و اختصره من كتاب جاويدان خرذ و لكن كتب على النسخة ما صورته كما ياتي نتف و آداب انتخبت من كتاب جاويدان خرذ الذي ألفه احمد بن محمد مسكويه تشتمل على حكم الفرس و الروم و العرب" انتهى" و هذه العبارة لا تكاد تصح لما عرفت من ان كتاب جاويدان خرذ ليس من تأليف احمد بن محمد بن مسكويه بل من تأليف قدماء الفرس و عربه و اختصره الحسن بن سهل و مسكويه ذكر المختصر و الحق به آداب العرب و الفرس و الهند نعم قد عرفت ان مسكويه رتب هذا المختصر و هذبه و نقله إلى الفارسية و سماه باسم أصله جاويدان خرذ لكنه فارسي و هذا عربي. و كتب على أول الكتابين اللذين هما في حكم كتاب واحد أيضا ما صورته: تصفحه و نقل عيونه أبو النجيب عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكريم الكرخي رزقه الله علما نافعا و كتب على بعض محتويات تلك المجموعة أيضا ما صورته نسخ منه أبو النجيب الكركي في شهور سنة ثمان و عشرين و خمسمائة" انتهى" و نحن ننقل ذلك المختصر بتمامه مع ما الحق به من خبر كتاب (جاويدان خرذ) و ما الحق به من كتاب آداب العرب و الفرس و الهند لما في المختصر و ملحقه من الحكم و الآداب و لانه من الآثار التاريخية المهمة التي ترتبط بترجمة مسكويه. لكننا نقدم خبر الكتاب على ذكر المختصر و ملحقه عكس ما في النسخة لان خبر الكتاب ينبغي ان يعرف قبل معرفة الكتاب و مختصره.
خبر كتاب جاويدان خرذ
وجدنا ملحقا بالمختصر المشار اليه ما هذا لفظه: حكى أبو عثمان الجاحظ خبر هذا الكتاب في كتابه المسمى" استطالة الفهم" و قال: حدثني الواقدي قال: قال لي الفضل بن سهل: لما دعي للمأمون بكور خراسان بالخلافة جاءتنا هدايا الملوك و وجه ملك (كابلسان) بشيخ يقال له ذوبان، و كتب يذكر انه وجه بهدية ليس في الأرض أسنى و لا ارفع و لا انبل و لا أفخر منها، فعجب المأمون و قال: فسل الشيخ ما معه من الهدايا؟ فسألته فقال: ما معي أكبر من علمي! قلت فاي شي‏ء علمك؟ فقال تدبير و رأي و دلالة، فأمر المأمون بانزاله و إكرامه و كتمان امره. فلما اجمع على التوجيه إلى العراق لقتال أخيه محمد دعا بذوبان و قال ما ترى في التوجه إلى العراق لقتال محمد؟ فقال رأي مصيب و ملك قريب. ثم حكى الجاحظ عن ذوبان بإسناده انه كان يسجع سجاعة الكهان و يصيب في كل ما يسأله المأمون فلما ورد عليه كتاب فتح العراق دعا بذوبان و أكرمه و امر له بمائة ألف درهم فلم يقبلها و قال أيها الملك! ان ملكي لم يوجهني إليك لانتقصك، فلا تجعل ردي نعمتك مسخطا فاني لست أردها عن استصغار
أعيان‏الشيعة، ج‏3، ص: 161
لقدرها و سوف اقبل منك ما يفي بهذا المال و يزيد، و هو كتاب يوجد بالعراق فيه مكارم الأخلاق و علوم الآفاق من كتب عظيم الفرس يوجد في الخزائن تحت الإيوان بالمدائن فلما قدم المأمون بغداد و استقرت به دار ملكه اقتضاه ذوبان حاجته فأمر بان تكتب الصفة و يذكر الموضع فكتبه ذوبان و عين الموضع و قال إذا بلغت الحجر و وصلت إلى الساجة فاقلعها تجد الحاجة فخذها و لا تعرض لغيرها فيلزمك غب ضيرها، فوجه المأمون في ذلك رسولا حصيفا فوجد هناك صندوقا صغيرا من زجاج اسود و عليه قفل فحمله و رد الحفرة إلى حالها. قال: فحدثني الحسن بن سهل قال اني عند المأمون إذ ادخل ذلك الصندوق فجعل يعجب منه، ثم دعا بذوبان فقال هذه بغيتك؟ قال نعم! قال خذه و انصرف و لا تظنن ان الرغبة فيما لعله يوجد فيه حملتنا على مسألتك فتحه بين أيدينا فقال أيها الملك لست ممن تنقض رغبته ذمام عهده، ثم فتح القفل و ادخل يده فاخرج خرقة ديباج و نثرها فسقط منها أوراق فعدها فإذا هي مائة ورقة ثم نفض الصندوق فلم يكن فيه سوى الأوراق، فرد الأوراق إلى الخرقة و حملها و نهض، ثم قال أيها الملك هذا الصندوق يصلح لجنبات خزانتك فأمر به فرفع. قال الحسن بن سهل: فقلت يرى أمير المؤمنين ان اساله ما في الكتاب؟ فقال يا حسن! أفر من اللؤم ثم ارجع اليه! فلما خرج صرت اليه في منزله فسألته عنه فقال هذا كتاب (جاويدان خرذ) أخرجه كنجور وزير ملك إيران‏شهر من الحكمة القديمة فقلت اعطني ورقة منه انظر فيها فاعطاني فأجلت فيها نظري و أحضرت لها ذهني فلم ازدد مما فيها الا بعدا، فدعوت بالخضر بن علي و ذلك في صدر النهار فلم ينتصف حتى فرغ من قراءتها بينه و بين نفسه و انا اكتب حتى أخذت منه نحوا من ثلاثين ورقة و انصرفت في ذلك اليوم، ثم دخلت يوما عليه فقلت يا ذوبان! هل يكون في الدنيا أحسن من هذا العلم؟ فقال لو لا ان العلم مضنون به و هو سبيل الدنيا و الآخرة لرأيت ان أدفعه إليك بتمامه و لكن لا سبيل إلى أكثر مما أخذت، و لم تكن الأوراق التي أخذتها على التأليف لأنها تتضمن أمورا لا يمكن إخراجها. فحدثني الحسن بن سهل قال قال لي المأمون يوما: اي كتب العرب انبل و أفضل؟ فجعلت اعدد كتب المغازي و التواريخ حتى ذكرت تفسير القرآن و قال: كلام الله لا يشبهه شي‏ء ثم قال: اي كتب العجم أشرف؟ فذكرت كثيرا منها ثم قلت كتاب جاويدان خرذ يا أمير المؤمنين فدعا بفهرست كتبه و جعل يقلبه فلم ير لهذا الكتاب ذكرا فقال كيف سقط ذكر هذا الكتاب عن الفهرست؟ فقلت يا أمير المؤمنين هذا هو كتاب ذوبان و قد كتبت بعضه قال فائتني به الساعة! فوجهت في حمله فوافاه الرسول و قد نهض للصلاة فلما رآني مقبلا و الكتاب معي انحرف عن القبلة و أخذ يقرأ الكتاب و كلما فرغ من فصل قال لا إله الا الله، فلما طال ذلك قلت يا أمير المؤمنين! الصلاة تفوت و هذا لا يفوت فقال صدقت! و لكني أخاف السهو في صلاتي لاشتغال قلبي، ثم صلى و عاود قراءته ثم قال اين تمامه؟ قلت لم يدفعه إلي، فقال لو لا ان العهد حبل طرفه بيده الله و طرفه بيدي لاخذته منه، فهذا و الله الحكمة لا ما نحن فيه من ألسنتنا في اشداقنا" انتهى".
هذا ما وجدناه في النسخة في آخر المختصر المذكور من خبر هذا الكتاب فلنعد إلى ذكر المختصر و هو هذا: بسم الله الرحمن الرحيم‏
نتف و آداب انتخبت من كتاب جاويدان خرذ
الذي ألفه احمد بن محمد مسكويه، و هي تشتمل على حكم الفرس و الروم و الهند و العرب.
وصية اوشيهنج لولده و للملوك من خلفه‏
و هذا الملك كان بعيد الطوفان و ليس يوجد لمن كان قبله سيرة و لا أدب مستفاد. قال أوشيهنج! من الله المبتدأ و اليه المنتهى و به التوفيق و هو المحمود، من عرف الابتداء شكر و من عرف الانتهاء أخلص و من عرف التوفيق خضع و من عرف الإفضال أناب بالاستسلام و الموافقة (اما بعد) فان أفضل ما اعطي العبد في الدنيا الحكمة و أفضل ما اعطي في الآخرة المغفرة و أفضل ما اعطي في نفسه الموعظة، و أفضل ما سال العبد العافية، و أفضل ما قال كلمة التوحيد، رأس الغنى المعرفة، و ملاك العلم العمل و ملاك العمل السنة، و إصابة السنة لزوم القصد، الدين بشعبه كالحصن باركانه فإذا تداعى واحد منها تتابع بعده سائرها" أعمال البر على اربع شعب" العلم و العمل و سلامة الصدر و الزهد. فالعلم بالسنن، و العمل باصابة السنن و سلامة الصدر بامانة الحسد، و الزهد بالصبر (جماع امر العباد في اربع خصال) العلم و الحلم و العفاف و العدالة، فالعلم بالخير للاكتساب و بالشر للاجتناب، و الحلم في الدين للإصلاح و في الدنيا للكرم، و العفاف في الشهوة للرزانة و في الحاجة للصيانة، و العدالة في الرضى و الغضب للقسط (العلم على اربعة أوجه)
.............
......................

أعيان‏ الشيعة، ج‏3، ص: 172
.....
استدراك اخطاء وقعت في هذه الترجمة
قلنا إنه كتب على نسخة المختصر ما صورته: نتف و آداب انتخبت من كتاب جاويدان خرذ الذي ألفه احمد بن محمد مسكويه إلخ و هذا كتب في أول النسخة بعد البسملة كما نقلناه فيما مر، و فاتنا أن نذكر أنه كتب على ظهر النسخة ما صورته: مختصر من كتاب جاويدان خرذ في حكم الفرس و الهند و الروم و العرب تأليف مسكويه" انتهى" و هو صريح في أن مسكويه لقب احمد بن محمد نفسه.