الفتوح لابن اعثم الکوفی، ج 5، ص9
ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة من عبد اللّه يزيد بن معاوية أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة، أما بعد فإن
الفتوح، ج 5، ص 10
معاوية كان عبد اللّه من عباده أكرمه اللّه و استخلفه و خوله و مكّن له ثم قبضه إلى روحه و ريحانه و رحمته و غفرانه، عاش بقدر و مات بأجل، عاش برا تقيا و خرج من الدنيا رضيا زكيا، فنعم الخليفة كان لا أزكيه على اللّه، هو أعلم به مني، و قد كان عهد إليّ عهدا و جعلني له خليفة من بعده، و أوصاني أن أحدث آل أبي تراب بآل أبي سفيان لأنّهم أنصار الحق و طلاب العدل، فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة على أهل المدينة - و السلام -. قال: ثم كتب إليه في صحيفة صغيرة كأنها أذن فأرة: أما بعد فخذ الحسين بن علي و عبد الرحمن بن أبي بكر و عبد اللّه بن الزبير و عبد اللّه بن عمر بن الخطاب أخذا عنيفا ليست فيه رخصة، فمن أبي عليك منهم فاضرب عنقه و ابعث إليّ برأسه. قال: فلما ورد كتاب يزيد على الوليد بن عتبة و قرأه قال: إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ ، يا ويح الوليد بن عتبة من أدخله في هذه الإمارة، ما لي و للحسين ابن فاطمة! قال: ثم بعث إلى مروان بن الحكم فأراه الكتاب فقرأه و استرجع، ثم قال: يرحم اللّه أمير المؤمنين معاوية! فقال الوليد: أشر عليّ برأيك في هؤلاء القوم كيف ترى أن أصنع، فقال مروان: ابعث إليهم في هذه الساعة فتدعوهم إلى البيعة و الدخول في طاعة يزيد ، فإن فعلوا قبلت ذلك منهم، و أن أبوا قدّمهم و اضرب أعناقهم قبل أن يدروا بموت بمعاوية فإنّهم إن علموا ذلك وثب كل رجل منهم فأظهر الخلاف و دعا إلى نفسه، فعند ذلك أخاف أن يأتيك من قبلهم ما لا قبل لك به و ما لا يقوم له إلا عبد اللّه بن عمر، فإني لا أراه ينازع في هذا الأمر أحدا إلا أن تأتيه الخلافة فيأخذها عفوا، فذر عنك ابن عمر و ابعث إلى الحسين بن علي و عبد الرحمن بن
...
الفتوح، ج 5، ص 17
قال: فقال له الحسين: ويلك يا مروان! إليك عني فإنك رجس و إنا أهل بيت الطهارة الذين أنزل اللّه عزّ و جلّ على نبيه محمّد صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال: إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً . قال: فنكس مروان رأسه لا ينطق بشيء، فقال له الحسين: أبشر يا بن الزرقاء بكل ما تكره من الرسول عليه السلام يوم تقدم على ربك فيسألك جدي عن حقي و حق يزيد. قال: فمضى مروان مغضبا حتى دخل على الوليد بن عتبة فخبره بما سمع من الحسين بن علي. قال: فعندها كتب الوليد إلى يزيد بن معاوية يخبره بما كان من أهل المدينة
الفتوح، ج 5، ص 18
و ما كان من ابن الزبير و أمر السجن، ثم ذكر له بعد ذلك أمر الحسين بن علي أنه ليس يرى لنا عليه طاعة و لا بيعة. قال: فلما ورد الكتاب على يزيد غضب لذلك غضبا شديدا، و كان إذا غضب انقلبت عيناه فعاد أحول، قال: فكتب إلى الوليد بن عتبة. ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة من عبد اللّه يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة، أما بعد، فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة ثانيا على أهل المدينة بتوكيد منك عليهم، و ذر عبد اللّه بن الزبير فإنه لن يفوتنا و لن ينجو منا أبدا ما دام حيا، و ليكن مع جوابك إليّ رأس الحسين بن علي، فإن فعلت ذلك فقد جعلت لك أعنة الخيل و لك عندي الجائزة و الحظ الأوفر و النعمة واحدة و السلام. قال: فلما ورد الكتاب على الوليد بن عتبة و قرأه تعاظم ذلك و قال: لا و اللّه لا يراني اللّه قاتل الحسين بن علي! و أنا [لا] أقتل ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و لو أعطاني يزيد الدنيا بحذافيرها. قال: و خرج الحسين بن علي من منزله ذات ليلة و أتى إلى قبر جده صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: السلام عليك يا رسول اللّه! أنا الحسين ابن فاطمة، أنا فرخك و ابن فرختك و سبطك في الخلف الذي خلفت على أمتك فاشهد عليهم يا نبي اللّه أنهم قد خذلوني و ضيعوني و أنهم لم يحفظوني، و هذا شكواي إليك حتى ألقاك - صلّى اللّه عليك و سلّم -. ثم وثب قائما و صفّ قدميه و لم يزل راكعا و ساجدا. قال: و أرسل الوليد بن عتبة إلى منزل الحسين لينظر هل خرج من المدينة أم لا، فلم يصبه في منزله فقال: الحمد للّه الذي لم يطالبني اللّه عزّ و جلّ بدمه! و ظن أنه خرج من المدينة. قال: و رجع الحسين إلى منزله مع الصبح، فلما كانت الليلة الثانية خرج إلى
الفتوح، ج 5، ص 19
القبر أيضا فصلى ركعتين ، فلما فرغ من صلاته جعل يقول: اللّهم! إن هذا قبر نبيك محمد و أنا ابن بنت محمد و قد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللّهم! و إنّي أحب المعروف و أكره المنكر، و أنا أسألك يا ذا الجلال و الإكرام بحق هذا القبر و من فيه ما اخترت من أمري هذا ما هو لك رضى. قال: ثم جعل الحسين يبكي حتى إذا كان في بياض الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى ساعة، فرأى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قد أقبل في كبكبة من الملائكة عن يمينه و عن شماله و من بين يديه و من خلفه حتى ضم الحسين إلى صدره و قبل بين عينيه و قال: يا بني! يا حسين! كأنك عن قريب أراك مقتولا مذبوحا بأرض كرب و بلاء من عصابة من أمتي و أنت في ذلك عطشان لا تسقى و ظمآن لا تروى و هم مع ذلك يرجون شفاعتي، ما لهم لا أنالهم اللّه شفاعتي يوم القيامة! فما لهم عند اللّه من خلاق، حبيبي يا حسين! إن أباك و أمك [و أخاك] قد قدموا عليّ و هم إليك مشتاقون، و إن لك في الجنة درجات لن تنالها إلا بالشهادة. قال: فجعل الحسين ينظر في منامه إلى جده صلّى اللّه عليه و سلّم و يسمع كلامه و هو يقول: يا جداه! لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا أبدا فخذني إليك و اجعلني معك إلى منزلك. قال: فقال له النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: يا حسين! إنه لا بد لك من الرجوع إلى الدنيا حتى ترزق الشهادة و ما كتب اللّه لك فيها من الثواب العظيم فإنك و أباك و أخاك و عمك و عم أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتى تدخلوا الجنة . قال: فانتبه الحسين من نومه فزعا مذعورا فقص رؤياه على أهل بيته و بني عبد المطلب، فلم يكن ذلك اليوم في شرق و لا غرب أشد غما من أهل بيت الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم و لا أكثر منه باكيا و باكية. و تهيأ الحسين بن علي و عزم على الخروج من المدينة و مضى في جوف الليل إلى قبر أمه فصلى عند قبرها و ودعها، ثم قام عن قبرها و صار إلى قبر أخيه الحسن
الفتوح، ج 5، ص 20
ففعل مثل ذلك ثم رجع إلى منزله. و في وقت الصبح أقبل إليه أخوه محمد ابن الحنفية.
مقتل الحسین للخوارزمی، ج 1، ص 254
6 - و ذكر الإمام أحمد بن أعثم الكوفي:...
مقتل الحسین للخوارزمی، ج 1، ص 262
و كتب إلى جميع البلاد بأخذ البيعة له، فكان على المدينة يومئذ مروان بن الحكم فعزله و ولى مكانه ابن عمّه - الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - و كتب إليه: بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ من عبد اللّه يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة: أما بعد، فإن معاوية كان عبدا من عبيد اللّه أكرمه و استخلفه و مكن له، ثمّ قبضه إلى روحه و ريحانه و رحمته و ثوابه، عاش بقدر و مات بأجل، و قد كان عهد إلي و أوصاني: أن أحذر - آل أبي تراب - و جرأتهم على سفك الدّماء، و قد علمت يا وليد أن اللّه تعالى منتقم للمظلوم عثمان بن عفان من آل أبي تراب بآل سفيان، لأنهم أنصار الحقّ و طلاب العدل، فإذا ورد عليك كتابي هذا، فخذ البيعة لي على جميع أهل المدينة. قال: ثمّ كتب - صحيفة صغيرة - كأنها اذن فارة فيها: أما بعد - فخذ الحسين؛ و عبد اللّه بن عمر؛ و عبد الرحمن بن أبي بكر؛ و عبد اللّه بن الزبير، بالبيعة أخذا عنيفا ليست فيه رخصة، فمن أبى عليك منهم، فاضرب عنقه، و ابعث إلي برأسه و السّلام.
مقتل الحسين خوارزمی، ج 1، ص 267
از مقتل ابن اعثم کوفی
و هذا كتاب أمير المؤمنين يزيد. فقال الحسين: «إنا للّه و إنا إليه راجعون، و عظّم اللّه لك الأجر أيها الأمير!، و لكن لما ذا دعوتني»؟ فقال: دعوتك للبيعة التي قد اجتمع الناس عليها، فقال الحسين: «أيها الأمير! إنّ مثلي لا يعطي بيعته سرا، و إنما يجب أن تكون البيعة علانية بحضرة الجماعة، فإذا دعوت النّاس غدا إلى البيعة دعوتنا معهم، فيكون الأمر واحدا»، فقال الوليد: أبا عبد اللّه! و اللّه، لقد قلت فأحسنت القول، و أجبت جواب مثلك، و هكذا كان ظني بك، فانصرف راشدا، و تأتينا غدا مع النّاس. فقال مروان: أيها الأمير! إن فارقك الساعة و لم يبايع، فإنك لم تقدر منه على مثلها أبدا، حتّى تكثر القتلى بينك و بينه، فاحبسه عندك، و لا تدعه يخرج، أو يبايع و إلا فاضرب عنقه. فالتفتّ إليه الحسين و قال: «ويلي عليك، يا ابن الزرقاء! أ تأمر بضرب عنقي، كذبت و اللّه، و لؤمت، و اللّه لو رام ذلك أحد لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك، فإن شئت ذلك فرم أنت ضرب عنقي إن كنت صادقا» ثمّ أقبل الحسين على الوليد، فقال: «أيها الأمير! إنّا أهل بيت النبوّة، و معدن الرسالة؛ و مختلف الملائكة؛ و مهبط الرحمة؛ بنا فتح اللّه و بنا ختم؛ و يزيد رجل فاسق شارب خمر؛ قاتل نفس؛ معلن بالفسق، فمثلي لا يبايع لمثله و لكن نصبح و تصبحون؛ و ننظر و تنظرون أينا أحق بالخلافة و البيعة»؟ قال: و سمع من بالباب صوت الحسين، و قد علا فهمّوا أن يقتحموا عليهم بالسيوف، و لكن خرج إليهم الحسين، فأمرهم بالانصراف إلى منازلهم، و ذهب إلى منزله. فقال مروان للوليد: عصيتني أيها الأمير! حتى أفلت الحسين من
مقتل الحسین خوارزمی،ج 1، ص268
يديك، أم و اللّه، لا تقدر منه على مثلها أبدا، و و اللّه، ليخرجنّ عليك و على أمير المؤمنين فاعلم ذلك، فقال الوليد لمروان: و يحك، إنك قد أشرت عليّ بقتل الحسين، و في قتله: ذهاب ديني و دنياي، و اللّه، إني لا احب أن أملك الدّنيا بأسرها شرقها و غربها و إني قتلت - الحسين بن فاطمة -، و اللّه، ما أظن أحدا يلقى اللّه يوم القيامة بدمه إلاّ و هو خفيف الميزان عند اللّه، لا ينظر إليه و لا يزكيه و له عذاب أليم. قال: و أصبح الحسين من غده يستمع الأخبار فاذا هو بمروان بن الحكم قد عارضه في طريقه، فقال: أبا عبد اللّه! إني لك ناصح فأطعني ترشد و تسدد، فقال: «و ما ذاك؟ قل أسمع»، فقال: إني أرشدك لبيعة يزيد، فإنها خير لك في دينك و في دنياك، فاسترجع الحسين، و قال: «إنا للّه و إنا إليه راجعون، و على الإسلام السّلام إذا بليت الامة براع مثل يزيد، ثم قال: يا مروان! أ ترشدني لبيعة يزيد، و يزيد رجل فاسق، لقد قلت شططا من القول و زللا، و لا ألومك فإنك - اللعين - الذي لعنك رسول اللّه، و أنت في صلب أبيك - الحكم بن العاص -، و من لعنه رسول اللّه فلا ينكر منه أن يدعو لبيعة يزيد، إليك عني يا عدو اللّه! فإنّا أهل بيت رسول اللّه، الحقّ فينا ينطق على ألسنتنا، و قد سمعت جدّي رسول اللّه يقول: الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان الطلقاء و أبناء الطلقاء، فإذا رأيتم معاوية على منبري فأبقروا بطنه، و لقد رآه أهل المدينة على منبر رسول اللّه فلم يفعلوا به ما امروا، فابتلاهم بابنه يزيد». فغضب مروان من كلام الحسين فقال: و اللّه، لا تفارقني حتّى تبايع ليزيد صاغرا، فإنكم - آل أبي تراب - قد ملئتم شحناء، و اشربتم بغض - آل أبي سفيان -، و حقيق عليهم أن يبغضوكم.
مقتل الحسین خوارزمی،ج 1، ص269
فقال الحسين: «إليك عني، فإنك رجس، و إني من أهل بيت الطهارة قد أنزل اللّه فينا: إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً » الأحزاب/ 33، فنكس رأسه و لم ينطق. ثمّ قال له الحسين: «ابشر، يا ابن الزرقاء! بكل ما تكره من رسول اللّه، يوم تقدم على ربّك فيسألك جدي عن حقي و حق يزيد»، فمضى مروان الى الوليد و أخبره بمقالة الحسين. قال: و كان - عبد اللّه بن الزبير - مضى إلى مكة حين اشتغلوا بمحاورة الحسين، و تنكب الطريق، فبعث الوليد بثلاثين رجلا في طلبه، فلم يقدروا عليه، فكتب الوليد إلى يزيد يخبره بما كان من أمر ابن الزبير؛ و من أمر الحسين، و أنّه لا يرى عليه طاعة و لا بيعة. فلما ورد الكتاب على يزيد غضب غضبا شديدا، و كان إذا غضب احولّت عيناه، فكتب إلى الوليد: بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ من يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة أما بعد، فإذا ورد عليك كتابي هذا، فخذ البيعة ثانية على - أهل المدينة - توكيدا منك عليهم، و ذر عبد اللّه بن الزبير فإنه لن يفوتنا، و لن ينجو منا أبدا ما دمنا أحياء، و ليكن مع جواب كتابي هذا رأس الحسين، فإن فعلت ذلك، جعلت لك أعنة الخيل، و لك عندي الجائزة العظمى؛ و الحظ الأوفر، و السّلام. فلما ورد الكتاب على الوليد أعظم ذلك، و قال: و اللّه، لا يراني اللّه، و أنا قاتل الحسين بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لو جعل لي يزيد الدنيا و ما فيها. قال: و خرج الحسين من منزله ذات ليلة و أتى قبر جدّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: «السلام عليك يا رسول اللّه! أنا الحسين بن فاطمة، فرخك و ابن فرختك،
مقتل الحسین خوارزمی، ج 1، ص 270
و سبطك و الثقل الذي خلفته في امتك، فاشهد عليهم، يا نبيّ اللّه! أنهم قد خذلوني، و ضيّعوني، و لم يحفظوني، و هذه شكواي إليك حتّى ألقاك - صلّى اللّه عليك». ثم صفّ قدميه، فلم يزل راكعا ساجدا. قال: و أرسل الوليد بن عتبة إلى منزل الحسين لينظر: أخرج من المدينة أم لا؟ فلم يصب في منزله، فقال: الحمد للّه إذ خرج و لم يبتلني اللّه في دمه، قال: و رجع الحسين إلى منزله عند الصبح.
مناقب آل أبي طالب عليهم السلام (لابن شهرآشوب)، ج4، ص: 88
غيره و أما ابن أبي بكر فإنه مولع بالنساء و اللهو و أما ابن الزبير فإنه يراوغك روغان الثعلب و يجثم عليك جثوم الأسد «1» فإن قدرت عليه فقطعه إربا إربا و أما الحسين فإن أهل العراق لن يدعوه حتى يخرجوه فإن قدرت عليه فاصفح عنه فإن له رحما ماسة و حقا عظيما. قال فلما مات معاوية كتب يزيد إلى الوليد بن عقبة بن أبي سفيان بالمدينة يأخذ البيعة من هؤلاء الأربعة أخذا ضيقا ليست فيه رخصة فمن تأبى عليك منهم فاضرب عنقه و ابعث إلي برأسه
الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم، ص: 540
المؤلف: جمال الدین یوسف بن حاتم شامی از علمای قرن هفتم
فصل
قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما اشتد برسول الله صلى الله عليه و آله مرضه الذي مات فيه حضرته و قد ضم الحسين عليه السلام الى صدره يسيل من عرقه عليه و هو يجود بنفسه و يقول: مالي و ليزيد، لا بارك الله فيه، اللهم العن يزيد. ثم غشي عليه طويلا و أفاق و جعل يقبل الحسين و عيناه تذرفان و يقول: أما ان لي و لقاتلك مقاما بين يدي الله «2».
فلما مات معاوية و ذلك في النصف من رجب سنة ستين من الهجرة كتب يزيد الى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان- و كان واليا على المدينة من قبل معاوية- يأمره بأخذ البيعة ليزيد من أهل الحجاز و أن يدعو الحسين بن علي عليهما السلام و عبد الله بن عمر و عبد الله بن الزبير و عبد الرحمن بن أبي بكر و أن لا يفارقهم دون البيعة، و من أبى منهم قتله.
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج2، ص: 154
فكتب الوليد إلى يزيد يخبره الخبر بما كان من ابن الزبير، ثم ذكر له بعد ذلك أمر الحسين، فلما ورد الكتاب على يزيد و قرأه غضب غضبا شديدا، و كان إذا غضب انقلبت عيناه فصار أحول،
[كتاب يزيد إلى الوليد بن عتبة يأمره بأخذ البيعة ثانية على أهل المدينة و بقتل الحسين عليه السلام]
فكتب إلى الوليد بن عتبة:
من عبد الله أمير المؤمنين يزيد إلى الوليد بن عتبة.
أما بعد:
فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة ثانيا على أهل المدينة و ذر عبد الله ابن الزبير فإنه لا يفوتنا، و ليكن مع جواب كتابي رأس الحسين، فإن فعلت ذلك فقد جعلت لك أعنة الخيل، و لك عندي الجائزة العظمى و الحظ الأوفر، و السلام.
فلما ورد الكتاب على الوليد و قرأه عظم ذلك عليه، ثم قال: لا و الله لا يراني الله بقتل ابن نبيه «2» و لو جعل يزيد لي الدنيا بما فيها.
قال أبو مخنف وعوانة وغيرهما: ولي يزيد بن معاوية وعمال أبيه: على الكوفة النعمان بن بشير الأنصاري، وعلى البصرة عبيد الله بن زياد، وعلى المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وعلى مكة عمرو بن سعيد الأشدق - وقال بعضهم: كان على مكة الحارث بن خالد، وعلى المدينة الأشدق والأول أثبت - فلما ولي كتب إلى الوليد مع عبد الله بن عمرو بن أويس، أحد بني عامر بن لؤي: أما بعد فإن معاوية بن أبي سفيان كان عبدا من عبيد الله أكرمه الله واستخلفه وخوله ومكن له فعاش بقدر، ومات بأجل فرحمة الله عليه، فقد عاش محمودا، ومات برا تقيا. والسلام.
وكتب إليه في صحيفة كأنها أذن فأره: أما بعد فخذ حسينا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا، ليست فيه رخصة ولا هوادة، حتى يبايعوا والسلام.
--------
ج 5 ص313 - كتاب أنساب الأشراف ط الفكر - ذكر ما كان من أمر الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وابن الزبير في بيعة يزيد بعد موت معاوية بن أبي سفيان - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/9773/2045#p3
ما بعد، فخذ حسينا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا، والسلام.
--------
ج 5ص338 - كتاب تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك وصلة تاريخ الطبري - خلافه يزيد بن معاويه - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/9783/2798#p6
وكتب إليه في صحيفة كأنها أذن فأرة: أما بعد، فخذ حسينا، وابن عمر، وابن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة. والسلام (٢).
--------
ج 8ص6 - كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان - الباب الثاني في ذكر يزيد بن معاوية - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/23644/3477#p5
وكتب إليه في صحيفة كأنها أذن الفأرة: أما بعد، فخذ حسينا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا، والسلام. فلما أتاه نعي معاوية فظع به وكبر عليه، فبعث إلى مروان، فقرأ عليه الكتاب، واستشاره في أمر هؤلاء النفر، فقال: أرى أن تدعوهم قبل أن يعلموا بموت معاوية إلى البيعة، فإن أبوا ضربت أعناقهم. فأرسل من فوره عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان إلى الحسين وابن الزبير وهما في المسجد، فقال لهما: أجيبا الأمير. فقالا: انصرف، الآن نأتيه. فلما انصرف عنهما قال الحسين لابن الزبير: إني أرى طاغيتهم قد هلك. قال ابن الزبير: وأنا ما أظن غيره. قال: ثم نهض حسين فأخذ معه مواليه، وجاء باب الأمير، فاستأذن فأذن له، فدخل وحده، وأجلس مواليه على الباب، وقال: إن سمعتم أمرا يريبكم فادخلوا. فسلم وجلس ومروان عنده، فناوله الوليد بن عتبة الكتاب، ونعى إليه
--------
ج 11ص467 - كتاب البداية والنهاية ت التركي - إمارة يزيد بن معاوية وما جرى في أيامه من الحوادث والفتن - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/4445/6690#p2
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج44، ص: 310
باب 37 ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه و لعنة الله على ظالميه و قاتليه و الراضين بقتله و المؤازرين عليه
أقول بدأت أولا في إيراد تلك القصص الهائلة بإيراد رواية أوردها الصدوق رحمه الله ثم جمعت في إيراد تمام القصة بين رواية المفيد رحمه الله في الإرشاد و رواية السيد بن طاوس رحمه الله في كتاب الملهوف و رواية الشيخ جعفر بن محمد بن نما في كتاب مثير الأحزان و رواية أبي الفرج الأصفهاني في كتاب مقاتل الطالبيين و رواية السيد العالم محمد بن أبي طالب بن أحمد الحسيني الحائري من كتاب كبير جمعه في مقتله ع و رواية صاحب كتاب المناقب الذي ألفه بعض القدماء من الكتب المعتبرة و ذكر أسانيده إليها و مؤلفه إما من الإمامية أو من الزيدية و عندي منه نسخة قديمة مصححة و رواية المسعودي في كتاب مروج الذهب و هو من علمائنا الإمامية و رواية ابن شهرآشوب في المناقب و رواية صاحب كشف الغمة و غير ذلك مما قد نصرح باسم من ننقل عنه ثم نختم الباب بإيراد الأخبار المتفرقة.
1- لي، الأمالي للصدوق محمد بن عمر البغدادي الحافظ عن الحسن بن عثمان بن زياد التستري من كتابه عن إبراهيم بن عبيد الله بن موسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي قاضي بلخ قال حدثتني مريسة بنت موسى بن يونس بن أبي إسحاق و كانت عمتي قالت حدثتني صفية بنت يونس بن أبي إسحاق الهمدانية و كانت عمتي قالت حدثتني بهجة بنت الحارث بن عبد الله التغلبي عن خالها عبد الله بن منصور و كان رضيعا لبعض ولد زيد بن علي قال سألت جعفر بن محمد بن علي
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج44، ص: 311
بن الحسين فقلت حدثني عن مقتل ابن رسول الله ص فقال حدثني أبي عن أبيه ع قال: ...
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج44، ص: 312
قال فلما هلك معاوية و تولى الأمر بعده يزيد لعنه الله بعث عامله على مدينة رسول الله ص و هو عمه عتبة بن أبي سفيان فقدم المدينة و عليها مروان بن الحكم و كان عامل معاوية فأقامه عتبة من مكانه و جلس فيه لينفذ فيه أمر يزيد فهرب مروان فلم يقدر عليه «2» و بعث عتبة إلى الحسين بن علي ع فقال إن أمير المؤمنين أمرك أن تبايع له فقال الحسين ع يا عتبة قد علمت أنا أهل بيت الكرامة و معدن الرسالة و أعلام الحق الذين أودعه الله عز و جل قلوبنا و أنطق به ألسنتنا فنطقت بإذن الله عز و جل و لقد سمعت جدي رسول الله يقول إن الخلافة محرمة على ولد أبي سفيان و كيف أبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول الله هذا فلما سمع عتبة ذلك دعا الكاتب و كتب- بسم الله الرحمن الرحيم إلى عبد الله يزيد أمير المؤمنين من عتبة بن أبي سفيان أما بعد فإن الحسين بن علي ليس يرى لك خلافة و لا بيعة فرأيك في أمره و السلام فلما ورد الكتاب على يزيد لعنه الله كتب الجواب إلى عتبة أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فعجل علي بجوابه و بين لي في كتابك كل من في طاعتي أو خرج عنها و ليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي فبلغ ذلك الحسين ع فهم بالخروج من أرض الحجاز إلى أرض العراق
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج17-الحسينع، ص: 161
فلما ورد الكتاب على يزيد لعنه الله كتب الجواب إلى عتبة:
«أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فعجل علي بجوابه، و بين لي في كتابك كل من في طاعتي أو خرج عنها و ليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي عليهما السلام».