يزيد بن معاوية(25 - 64 هـ = 645 - 683 م)

و ليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي ع












الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 150

المجلس الثلاثون‏


و هو يوم السبت لتسع خلون من المحرم و العاشر يوم الأحد من سنة ثمان و ستين و ثلاثمائة و هو مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب ع‏

1- حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رحمه الله قال حدثنا محمد بن عمر البغدادي الحافظ رحمه الله قال حدثنا أبو سعيد الحسن بن عثمان بن زياد التستري من كتابه قال حدثنا إبراهيم بن عبيد الله بن موسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي قاضي بلخ قال حدثتني مريسة بنت موسى بن يونس بن أبي إسحاق و كانت عمتي قالت حدثتني صفية

الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 151

بنت يونس بن أبي إسحاق الهمدانية و كانت عمتي قالت حدثتني بهجة بنت الحارث بن عبد الله التغلبي عن خالها عبد الله بن منصور و كان رضيعا لبعض ولد زيد بن علي ع قال: سألت جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ع فقلت حدثني عن مقتل ابن رسول الله ص فقال حدثني أبي عن أبيه قال لما حضرت معاوية الوفاة دعا ابنه يزيد لعنه الله فأجلسه بين يديه فقال له يا بني إني قد ذللت لك الرقاب الصعاب و وطدت لك البلاد و جعلت الملك و ما فيه لك طعمة و إني أخشى عليك من ثلاثة نفر يخالفون عليك بجهدهم و هم عبد الله بن عمر بن الخطاب و عبد الله بن الزبير و الحسين بن علي فأما عبد الله بن عمر فهو معك فالزمه و لا تدعه و أما عبد الله بن الزبير فقطعه إن ظفرت به إربا إربا فإنه يجثو لك كما يجثو الأسد لفريسته و يواربك مواربة الثعلب للكلب و أما الحسين ع فقد عرفت حظه من رسول الله ص و هو من لحم رسول الله و دمه و قد علمت لا محالة أن أهل العراق سيخرجونه إليهم ثم يخذلونه و يضيعونه فإن ظفرت به فاعرف حقه و منزلته من رسول الله ص و لا تؤاخذه بفعله و مع ذلك فإن لنا به خلطة و رحما و إياك أن تناله بسوء و يرى منك مكروها قال فلما هلك معاوية و تولى الأمر بعده يزيد بعث عامله على مدينة رسول الله و هو عمه عتبة بن أبي سفيان فقدم المدينة و عليها مروان بن الحكم و كان عامل معاوية فأقامه عتبة من مكانه و جلس فيه لينفذ فيه أمر يزيد فهرب مروان فلم يقدر عليه و بعث عتبة إلى الحسين بن علي فقال إن أمير المؤمنين أمرك أن تبايع له فقال الحسين ع يا عتبة قد علمت أنا أهل بيت الكرامة و معدن الرسالة و أعلام الحق الذين أودعه الله عز و جل قلوبنا و أنطق به ألسنتنا فنطقت بإذن الله عز و جل و لقد سمعت‏

الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 152

جدي رسول الله ص يقول إن الخلافة محرمة على ولد أبي سفيان و كيف أبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول الله ص هذا فلما سمع عتبة ذلك دعا الكاتب و كتب بسم الله الرحمن الرحيم إلى عبد الله يزيد أمير المؤمنين من عتبة بن أبي سفيان أما بعد فإن الحسين بن علي ليس يرى لك خلافة و لا بيعة فرأيك في أمره و السلام فلما ورد الكتاب على يزيد لعنه الله كتب الجواب إلى عتبة أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فعجل علي بجوابه و بين لي في كتابك كل من في طاعتي أو خرج عنها و ليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي ع فبلغ ذلك الحسين فهم بالخروج من أرض الحجاز إلى أرض العراق فلما أقبل الليل راح إلى مسجد النبي ص ليودع القبر فلما وصل إلى القبر سطع له نور من القبر فعاد إلى موضعه فلما كانت الليلة الثانية راح ليودع القبر فقام يصلي فأطال فنعس و هو ساجد فجاءه النبي ص و هو في منامه فأخذ الحسين ع و ضمه إلى صدره و جعل يقبل عينيه و يقول بأبي أنت كأني أراك مرملا بدمك بين عصابة من هذه الأمة يرجون شفاعتي ما لهم عند الله من خلاق يا بني إنك قادم على أبيك و أمك و أخيك و هم مشتاقون إليك و إن لك في الجنة درجات لا تنالها إلا بالشهادة فانتبه الحسين ع من نومه باكيا فأتى أهل بيته فأخبرهم بالرؤيا و ودعهم و حمل أخواته على المحامل و ابنته و ابن أخيه القاسم بن الحسن بن علي ع ثم سار في أحد و عشرين رجلا من أصحابه و أهل بيته منهم أبو بكر بن علي و محمد بن علي و عثمان بن علي و العباس بن علي و عبد الله بن مسلم بن عقيل و علي بن الحسين‏

الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 153

الأكبر و علي بن الحسين الأصغر ع و سمع عبد الله بن عمر بخروجه فقدم راحلته و خرج خلفه مسرعا فأدركه في بعض المنازل فقال أين تريد يا ابن رسول الله قال العراق قال مهلا ارجع إلى حرم جدك فأبى الحسين ع عليه فلما رأى ابن عمر إباءه قال يا أبا عبد الله اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول الله ص يقبله منك فكشف الحسين ع عن سرته فقبلها ابن عمر ثلاثا و بكى و قال أستودعك الله يا أبا عبد الله فإنك مقتول في وجهك هذا فسار الحسين ع و أصحابه فلما نزلوا ثعلبية ورد عليه رجل يقال له بشر بن غالب فقال يا ابن رسول الله ص أخبرني عن قول الله عز و جل- يوم ندعوا كل أناس بإمامهم قال إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه و إمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها هؤلاء في الجنة و هؤلاء في النار و هو قوله عز و جل- فريق في الجنة و فريق في السعير ثم سار حتى نزل العذيب فقال فيها قائلة الظهيرة ثم انتبه من نومه باكيا فقال له ابنه ما يبكيك يا أبت فقال يا بني إنها ساعة لا تكذب الرؤيا فيها و إنه عرض لي في منامي عارض فقال تسرعون السير و المنايا تسير بكم إلى الجنة ثم سار حتى نزل الرهيمة فورد عليه رجل من أهل الكوفة يكنى أبا هرم فقال يا ابن النبي ما الذي أخرجك من المدينة فقال ويحك يا أبا هرم شتموا عرضي فصبرت و طلبوا مالي فصبرت و طلبوا دمي فهربت و ايم الله ليقتلني ثم ليلبسنهم الله ذلا شاملا

الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 154

و سيفا قاطعا و ليسلطن عليهم من يذلهم قال و بلغ عبيد الله بن زياد لعنه الله الخبر و أن الحسين ع قد نزل الرهيمية [الرهمية [الرهيمة]] فأرسل إليه الحر بن يزيد في ألف فارس قال الحر فلما خرجت من منزلي متوجها نحو الحسين ع نوديت ثلاثا يا حر أبشر بالجنة فالتفت فلم أر أحدا فقلت ثكلت الحر أمه يخرج إلى قتال ابن رسول الله ص و يبشر بالجنة فرهقه عند صلاة الظهر فأمر الحسين ع ابنه فأذن و أقام و قام الحسين ع فصلى بالفريقين جميعا فلما سلم وثب الحر بن يزيد فقال السلام عليك يا ابن رسول الله و رحمة الله و بركاته فقال الحسين ع و عليك السلام من أنت يا عبد الله فقال أنا الحر بن يزيد فقال يا حر أ علينا أم لنا فقال الحر و الله يا ابن رسول الله لقد بعثت لقتالك و أعوذ بالله أن أحشر من قبري و ناصيتي مشدودة إلى رجلي و يدي مغلولة إلى عنقي و أكب على حر وجهي في النار يا ابن رسول الله أين تذهب ارجع إلى حرم جدك فإنك مقتول فقال الحسين ع‏

سأمضي فما بالموت عار على الفتى إذا ما نوى حقا و جاهد مسلما

و واسى الرجال الصالحين بنفسه و فارق مثبورا و خالف مجرما

فإن مت لم أندم و إن عشت لم ألم كفى بك ذلا أن تموت و ترغما

ثم سار الحسين ع حتى نزل القطقطانية فنظر إلى فسطاط مضروب فقال لمن هذا الفسطاط فقيل لعبيد الله بن الحر الحنفي [الجعفي‏] فأرسل إليه الحسين ع فقال أيها الرجل إنك مذنب‏

الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 155

خاطئ إن الله عز و جل آخذك بما أنت صانع إن لم تتب إلى الله تبارك و تعالى في ساعتك هذه فتنصرني و يكون جدي شفيعك بين يدي الله تبارك و تعالى فقال يا ابن رسول الله و الله لو نصرتك لكنت أول مقتول بين يديك و لكن هذا فرسي خذه إليك فو الله ما ركبته قط و أنا أروم شيئا إلا بلغته و لا أرادني أحد إلا نجوت عليه فدونك فخذه فأعرض عنه الحسين ع بوجهه ثم قال لا حاجة لنا فيك و لا في فرسك- و ما كنت متخذ المضلين عضدا و لكن فر فلا لنا و لا علينا فإنه من سمع واعيتنا أهل البيت ثم لم يجبنا كبه الله على وجهه في نار جهنم ثم سار حتى نزل كربلاء فقال أي موضع هذا فقيل هذا كربلاء يا ابن رسول الله فقال هذا و الله يوم كرب و بلاء و هذا الموضع الذي يهراق فيه دماؤنا و يباح فيه حريمنا فأقبل عبيد الله بن زياد بعسكره حتى عسكر بالنخيلة و بعث إلى الحسين ع رجلا يقال له عمر بن سعد في أربعة آلاف فارس و أقبل عبد الله بن الحصين التميمي في ألف فارس يتبعه شبث بن ربعي في ألف فارس و محمد بن الأشعث بن قيس الكندي أيضا في ألف فارس و كتب لعمر بن سعد على الناس و أمرهم أن يسمعوا له و يطيعوه فبلغ عبيد الله بن زياد أن عمر بن سعد يسامر الحسين ع و يحدثه و يكره قتاله فوجه إليه شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف فارس و كتب إلى عمر بن سعد إذا أتاك كتابي هذا فلا تمهلن الحسين بن علي و خذ بكظمه و حل بين الماء و بينه كما حيل بين عثمان و بين الماء يوم الدار فلما وصل الكتاب إلى عمر بن‏

الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 156

سعد لعنه الله أمر مناديه فنادى إنا قد أجلنا حسينا و أصحابه يومهم و ليلتهم فشق ذلك على الحسين ع و على أصحابه فقام الحسين ع في أصحابه خطيبا فقال اللهم إني لا أعرف أهل بيت أبر و لا أزكى و لا أطهر من أهل بيتي و لا أصحابا هم خير من أصحابي و قد نزل بي ما قد ترون و أنتم في حل من بيعتي ليست لي في أعناقكم بيعة و لا لي عليكم ذمة و هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا و تفرقوا في سواده فإن القوم إنما يطلبوني و لو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري فقام إليه عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب فقال يا ابن رسول الله ما ذا يقول لنا الناس إن نحن خذلنا شيخنا و كبيرنا و سيدنا و ابن سيد الأعمام و ابن نبينا سيد الأنبياء لم نضرب معه بسيف و لم نقاتل معه برمح لا و الله أو نرد موردك و نجعل أنفسنا دون نفسك و دماءنا دون دمك فإذا نحن فعلنا ذلك فقد قضينا ما علينا و خرجنا مما لزمنا و قام إليه رجل يقال له زهير بن القين البجلي فقال يا ابن رسول الله وددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت ثم نشرت ثم قتلت ثم نشرت فيك و في الذين معك مائة قتلة و إن الله دفع بي عنكم أهل البيت فقال له و لأصحابه جزيتم خيرا ثم إن الحسين ع أمر بحفيرة فحفرت حول عسكره شبه الخندق و أمر فحشيت حطبا و أرسل عليا ابنه ع في ثلاثين فارسا و عشرين راجلا ليستقوا الماء و هم على وجل شديد و أنشأ الحسين ع يقول-

يا دهر أف لك من خليل كم لك في الإشراق و الأصيل‏





الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 157

من طالب و صاحب قتيل و الدهر لا يقنع بالبديل‏

و إنما الأمر إلى الجليل و كل حي سالك سبيلي‏

ثم قال لأصحابه قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم و توضئوا و اغتسلوا و اغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم ثم صلى بهم الفجر و عبأهم تعبئة الحرب و أمر بحفيرته التي حول عسكره فأضرمت بالنار ليقاتل القوم من وجه واحد و أقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له يقال له ابن أبي جويرية المزني فلما نظر إلى النار تتقد صفق بيده و نادى يا حسين و أصحاب الحسين أبشروا بالنار فقد تعجلتموها في الدنيا فقال الحسين ع من الرجل فقيل ابن أبي جويرية المزني فقال الحسين ع اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا فنفر به فرسه فألقاه في تلك النار فاحترق ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له تميم بن الحصين الفزاري فنادى يا حسين و يا أصحاب الحسين أ ما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيات [الحيتان‏] و الله لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جزعا فقال الحسين ع من الرجل فقيل تميم بن حصين فقال الحسين ع هذا و أبوه من أهل النار اللهم اقتل هذا عطشا في هذا اليوم قال فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه فوطئته الخيل بسنابكها فمات ثم أقبل آخر من عسكر عمر بن سعد يقال له محمد بن أشعث بن قيس الكندي فقال يا حسين بن فاطمة أية حرمة لك من رسول الله ليست لغيرك قال الحسين ع هذه الآية- إن الله اصطفى آدم و نوحا و آل إبراهيم و آل عمران على العالمين ذرية الآية ثم قال‏

الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 158

و الله إن محمدا لمن آل إبراهيم و إن العترة الهادية لمن آل محمد من الرجل فقيل محمد بن أشعث بن قيس الكندي فرفع الحسين ع رأسه إلى السماء فقال اللهم أر محمد بن الأشعث ذلا في هذا اليوم لا تعزه بعد هذا اليوم أبدا فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز فسلط الله عليه عقربا فلذعه فمات بادي العورة فبلغ العطش من الحسين ع و أصحابه فدخل عليه رجل من شيعته يقال له يزيد بن الحصين الهمداني قال إبراهيم بن عبد الله راوي الحديث هو خال أبي إسحاق الهمداني فقال يا ابن رسول الله أ تأذن لي فأخرج إليهم فأكلمهم فأذن له فخرج إليهم فقال يا معشر الناس إن الله عز و جل بعث محمدا بالحق بشيرا و نذيرا- و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا و هذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد و كلابها و قد حيل بينه و بين ابنه فقالوا يا يزيد فقد أكثرت الكلام فاكفف فو الله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله فقال الحسين اقعد يا يزيد ثم وثب الحسين ع متوكئا على سيفه فنادى بأعلى صوته فقال أنشدكم الله هل تعرفوني قالوا نعم أنت ابن رسول الله و سبطه قال أنشدكم الله هل تعلمون أن جدي رسول الله ص قالوا اللهم نعم قال أنشدكم الله هل تعلمون أن أمي فاطمة بنت محمد قالوا اللهم نعم قال أنشدكم الله هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب قالوا اللهم نعم قال أنشدكم الله هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد أول نساء

الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 159

هذه الأمة إسلاما قالوا اللهم نعم قال أنشدكم الله هل تعلمون أن سيد الشهداء حمزة عم أبي قالوا اللهم نعم قال فأنشدكم الله هل تعلمون أن جعفر الطيار في الجنة عمي قالوا اللهم نعم قال فأنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله و أنا متقلده قالوا اللهم نعم قال فأنشدكم الله هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله أنا لابسها قالوا اللهم نعم قال فأنشدكم الله هل تعلمون أن عليا كان أولهم إسلاما و أعلمهم علما و أعظمهم حلما و أنه ولي كل مؤمن و مؤمنة قالوا اللهم نعم قال فبم تستحلون دمي و أبي الذائد عن الحوض غدا يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادر عن الماء و لواء الحمد في يد جدي يوم القيامة قالوا قد علمنا ذلك كله و نحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشا فأخذ الحسين ع بطرف لحيته و هو يومئذ ابن سبع و خمسين سنة ثم قال اشتد غضب الله على اليهود حين قالوا عزير ابن الله و اشتد غضب الله على النصارى حين قالوا المسيح ابن الله و اشتد غضب الله على المجوس حين عبدوا النار من دون الله و اشتد غضب الله على قوم قتلوا نبيهم و اشتد غضب الله على هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن نبيهم قال فضرب الحر بن يزيد فرسه و جاز عسكر عمر بن سعد لعنه الله إلى عسكر الحسين ع واضعا يده على رأسه و هو يقول اللهم إليك أنيب [أنبت‏] فتب علي فقد أرعبت قلوب أوليائك و أولاد نبيك يا ابن رسول الله هل لي من توبة قال نعم تاب الله عليك قال يا ابن رسول الله أ تأذن لي فأقاتل عنك فأذن له فبرز و هو يقول-

أضرب في أعناقكم بالسيف عن خير من حل بلاد الخيف‏





الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 160

فقتل منهم ثمانية عشر رجلا ثم قتل فأتاه الحسين ع و دمه يشخب فقال بخ بخ يا حر أنت حر كما سميت في الدنيا و الآخرة ثم أنشأ الحسين يقول-

لنعم الحر حر بني رياح و نعم الحر عند مختلف الرماح‏

و نعم الحر إذ نادى حسينا فجاد بنفسه عند الصباح‏

ثم برز من بعده زهير بن القين البجلي و هو يقول مخاطبا للحسين ع‏

اليوم نلقى جدك النبيا و حسنا و المرتضى عليا

فقتل منهم تسعة عشر رجلا ثم صرع و هو يقول-

أنا زهير و أنا ابن القين أذبكم بالسيف عن حسين‏

ثم برز من بعده حبيب بن مظاهر [مظهر] الأسدي رضوان الله عليه و هو يقول-

أنا حبيب و أبي مظاهر لنحن أزكى منكم و أطهر

ننصر خير الناس حين يذكر


فقتل منهم أحدا و ثلاثين رجلا ثم قتل رضوان الله عليه ثم برز من بعده عبد الله بن أبي عروة الغفاري و هو يقول-

قد علمت حقا بنو غفار أني أذب في طلاب الثار

بالمشرفي و القنا الخطار


فقتل منهم عشرين رجلا ثم قتل رحمه الله ثم برز من بعده برير [بدير] بن خضير الهمداني‏

الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 161

و كان أقرأ أهل زمانه و هو يقول-

أنا برير و أبي خضير لا خير فيمن ليس فيه خير

فقتل منهم ثلاثين رجلا ثم قتل رضوان الله عليه ثم برز من بعده مالك بن أنس الكاهلي و هو يقول-

قد علمت كاهلها و دودان و الخندفيون و قيس عيلان‏

بأن قومي قصم الأقران يا قوم كونوا كأسود الجان‏

آل علي شيعة الرحمن و آل حرب شيعة الشيطان‏

فقتل منهم ثمانية عشر رجلا ثم قتل رضوان الله عليه و برز من بعده زياد بن مهاصر [مهاجر] الكندي فحمل عليهم و أنشأ يقول-

أشجع من ليث العرين [العزيز] الخادر يا رب إني للحسين ناصر

و لابن سعد تارك مهاجر


فقتل منهم تسعة ثم قتل رضوان الله عليه و برز من بعده وهب بن وهب و كان نصرانيا أسلم على يد الحسين ع هو و أمه فاتبعوه إلى كربلاء فركب فرسا و تناول بيده عود الفسطاط [عمود الفسطاط] فقاتل و قتل من القوم سبعة أو ثمانية ثم استؤسر فأتي به عمر بن سعد لعنه الله فأمر بضرب عنقه و رمي به إلى عسكر الحسين ع و أخذت أمه سيفه و برزت فقال لها الحسين ع يا أم وهب اجلسي-

الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 162

فقد وضع الله الجهاد عن النساء إنك و ابنك مع جدي محمد ص في الجنة ثم برز من بعده هلال بن حجاج و هو يقول-

أرمي بها معلمة أفواقها [أفواهها] و النفس لا ينفعها إشفاقها

فقتل منهم ثلاثة عشر رجلا ثم قتل رضوان الله عليه و برز من بعده عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب و أنشأ يقول-

أقسمت لا أقتل إلا حرا و قد وجدت الموت شيئا مرا

أكره أن أدعى جبانا فرا إن الجبان من عصى و فرا

فقتل منهم ثلاثة ثم قتل رضوان الله عليه و رحمته و برز من بعده علي بن الحسين ع فلما برز إليهم دمعت عين الحسين ع فقال اللهم كن أنت الشهيد عليهم فقد برز إليهم ابن رسولك و أشبه الناس وجها و سمتا به فجعل يرتجز و هو يقول-

أنا علي بن الحسين بن علي نحن و بيت الله أولى بالنبي‏

أ ما ترون كيف أحمي عن أبي‏


فقتل منهم عشرة ثم رجع إلى أبيه فقال يا أبت العطش فقال له الحسين ع صبرا يا بني يسقيك جدك بالكأس الأوفى فرجع فقاتل حتى قتل منهم أربعة و أربعين رجلا ثم قتل ص و برز من بعده القاسم بن الحسن بن علي ع و هو يقول-

الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 163

لا تجزعي نفسي فكل فان اليوم تلقين ذرى الجنان‏

فقتل منهم ثلاثة ثم رمي عن فرسه رضوان الله عليه و صلواته و نظر الحسين ع يمينا و شمالا و لا يرى أحدا فرفع رأسه إلى السماء فقال اللهم إنك ترى ما يصنع بولد نبيك و حال بنو كلاب بينه و بين الماء و رمي بسهم فوقع في نحره و خر عن فرسه فأخذ السهم فرمى به و جعل يتلقى الدم بكفه فلما امتلأت لطخ بها رأسه و لحيته و يقول ألقى الله عز و جل و أنا مظلوم متلطخ بدمي ثم خر على خده الأيسر صريعا و أقبل عدو الله سنان الإيادي و شمر بن ذي الجوشن العامري لعنه الله في رجال من أهل الشام حتى وقفوا على رأس الحسين ع فقال بعضهم لبعض ما تنتظرون أريحوا الرجل فنزل سنان بن أنس الإيادي لعنه الله و أخذ بلحية الحسين ع و جعل يضرب بالسيف في حلقه و هو يقول و الله إني لأجتز رأسك و أنا أعلم أنك ابن رسول الله ص و خير الناس أما و أبا و أقبل فرس الحسين ع حتى لطخ عرفه و ناصيته بدم الحسين و جعل يركض و يصهل فسمعت بنات النبي ص صهيله فخرجن فإذا الفرس بلا راكب فعرفن أن حسينا ص قد قتل و خرجت أم كلثوم بنت الحسين واضعة يدها على رأسها تندب و تقول وا محمداه هذا الحسين بالعراء قد سلب العمامة و الرداء و أقبل سنان لعنه الله حتى أدخل رأس الحسين بن علي ع على عبيد الله بن زياد لعنه الله و هو يقول-

املأ ركابي فضة و ذهبا إني قتلت الملك المحجبا

قتلت خير الناس أما و أبا و خيرهم إذ ينسبون نسبا





الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 164

فقال له عبيد الله بن زياد ويحك فإن علمت أنه خير الناس أبا و أما لم قتلته إذا فأمر به فضرب عنقه و عجل الله بروحه إلى النار و أرسل ابن زياد لعنه الله قاصدا إلى أم كلثوم [أخت‏] بنت الحسين ع فقال الحمد لله الذي قتل رجالكم فكيف ترون ما فعل بكم فقالت يا ابن زياد لئن قرت عينك بقتل الحسين ع فطال ما قرت عين جده به و كان يقبله و يلثم شفتيه و يضعه على عاتقه يا ابن زياد أعد لجده جوابا فإنه خصمك غدا.

المجلس الحادي و الثلاثون‏







الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 152

...فلما سمع عتبة ذلك دعا الكاتب و كتب بسم الله الرحمن الرحيم إلى عبد الله يزيد أمير المؤمنين من عتبة بن أبي سفيان أما بعد فإن الحسين بن علي ليس يرى لك خلافة و لا بيعة فرأيك في أمره و السلام فلما ورد الكتاب على يزيد لعنه الله كتب الجواب إلى عتبة أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فعجل علي بجوابه و بين لي في كتابك كل من في طاعتي أو خرج عنها و ليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي ع فبلغ ذلك الحسين فهم بالخروج من أرض الحجاز إلى أرض العراق....