سال بعدالفهرستسال قبل

زيد بن ثابت(11 ق هـ - 45 هـ = 611 - 665 م)

زيد بن ثابت(11 ق هـ - 45 هـ = 611 - 665 م)


الأعلام للزركلي (3/ 57)
زَيْد بن ثابت
(11 ق هـ - 45 هـ = 611 - 665 م)
زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الخزرجي، أبو خارجة: صحابي، من أكابرهم.
كان كاتب الوحي. ولد في المدينة ونشأ بمكة، وقتل أبوه وهو ابن ست سنين. وهاجر مع النبي صلّى الله عليه وسلم وهو ابن 11 سنة، وتعلم وتفقه في الدين، فكان رأسا بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض. وكان عمر يستخلفه على المدينة إذا سافر، فقلما رجع إلّا أقطعه حديقة من نخل. وكان ابن عباس - على جلالة قدره وسعة علمه - يأتيه إلى بيته للأخذ عنه، ويقول: العلم يؤتى ولا يأتي. وأخذ ابن عباس بركاب زيد، فنهاه زيد، فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فأخذ زيد كفه وقبلها وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بآل بيت نبينا. وكان أحد الذين جمعوا القرآن في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم من الأنصار، وعرضه عليه. وهو الّذي كتبه في المصحف ل أبي بكر، ثم لعثمان حين جهز المصاحف إلى الأمصار.
ولما توفي رثاه حسان بن ثابت، وقال أبو هريرة: اليوم مات حبر هذه الأمة وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفا. له في كتب الحديث 92 حديثا (2) .
__________
(1) تذكرة الحفاظ 1: 124 وتهذيب التهذيب 3: 395.
(2) غاية النهاية 1: 296 وصفة الصفوة 1: 294 وإشراق التاريخ - خ. والعبر، للذهبي 1: 53 وفي الإصابة، ت 2880 رواية أخرى في خبره مع ابن عباس: عن الشعبي، قال: ذهب زيد بن ثابت ليركب، فأمسك ابن عباس بالركاب، فقال: تنح يا ابن عمّ رسول الله! قال: لا، هكذا نفعل بالعلماء. ومثله في صفة الصفوة 1: 295.





                        موسوعةطبقات‏الفقهاء، ج‏1، ص: 95
27 زيد بن ثابت «1»

 (11 ق ه- 45 ه) ابن الضحاك الانصاري الخزرجي النجّاري، أبو سعيد، و قيل: أبو خارجة، و قيل: أبو عبد الرحمن.
استصغره رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم يوم بدر فردّه، و يقال إنّه شهد أُحداً، و قيل لم يشهدها و إنّما كانت الخندق أوّل مشاهده.
قيل: و كان أبو بكر قد أمره أن يجمع القرآن في الصحف فكتبه فيها، فلما اختلف الناس في القرآن زمن عثمان، أمر زيداً أنّ يملي المصحف على قوم من قريش جمعهم إليه فكتبوه على ما هو عليه اليوم بأيدي الناس.
و جاء في حديث أنس بن مالك: إنّ زيد بن ثابت أحد الذين جمعوا القرآن‏
                        موسوعةطبقات‏الفقهاء، ج‏1، ص: 96
على عهد رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم من الانصار.
وقد عارضة قوم بحديث ابن شهاب عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت أنّ أبا بكر أمره في حين مقتل القرّاء باليمامة بجمع القرآن، قال: فجعلت أجمع القرآن من العسب و الرقاع و صدور الرجال حتى وجدت آخر آية مع رجل يقال له خزيمة أو أبو خزيمة.
قالوا: فلو كان زيد قد جمع القرآن على عهد رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم لَاملاه من صدره و ما احتاج إلى ما ذكر «1» و قيل: إنّ رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم أمره أن يتعلم كتابة يهود، قال: فانّي لا آمنهم.
وقد استخلفه عمر بن الخطاب على المدينة ثلاث مرات، و كان عثمان يستخلفه على المدينة إذا حجّ.
و كان على بيت المال لعثمان.
قال ابن عبد البر: كان عثمان يحب زيد بن ثابت، و كان زيد عثمانياً، و لم يكن فيمن شهد شيئاً من مشاهد عليّ من الانصار، و كان مع ذلك يفضله و يظهر حبه «2».
روي انّه لما كانت سنة (34 ه) كتب أصحاب رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم بعضهم إلى بعض: أن أقدموا فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد و كثر الناس على عثمان و نالوا منه أقبح ما نيل من أحد، و أصحاب رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم يرون و يسمعون و ليس فيهم أحد ينهى و لا يذب إلّا نُفير: زيد بن ثابت و أبو أسيد الساعدي و كعب بن مالك و حسان بن ثابت «3»
                        موسوعةطبقات‏الفقهاء، ج‏1، ص: 97
روى يعقوب بن سفيان بسنده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم: إنّي تارك فيكم خليفتي كتاب الله عزّ و جلّ و عترتي أهل بيتي و انّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض «1» روى زيد بن ثابت عن رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم و عن عمر و عثمان.
و هو أحد رواة حديث الغدير من الصحابة «2» روى عنه: ابناه خارجة و سليمان، و أنس بن مالك، و القاسم بن حسان العامري، و سعيد بن المسيب، و عبد الله بن عمر، و آخرون.
و كان فقيهاً مفتياً.
عُد من المكثرين من الصحابة فيما روي عنه من الفتيا، و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» ثلاثين فتوى، منها: إذا التقى الختانان و لم ينزل لم يجب الغسل.
أخرج البيهقي (السنن الكبرى: 6- 133) بسنده عن ثابت بن الحجاج عن زيد أنّه قال: نهى رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم عن المخابرة.
قلت: و ما المخابرة؟ قال: أن يأخذ الارض بنصف أو ثلث أو ربع.
                        موسوعةطبقات‏الفقهاء، ج‏1، ص: 98
و أخرج في الصفحة 22 من الجزء 8 عن مكحول انّ عبادة بن الصامت رضي الله عنه دعا نبطياً يمسك له دابته عند بيت المقدس، فأبى، فضربه فشجّه، فاستعدى عليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال له: ما دعاك إلى ما صنعت بهذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين أمرته أن يمسك دابتي فأبى و أنا رجل في حدّة فضربته، فقال: اجلس للقصاص، فقال زيد بن ثابت: أ تقيد عبدك من أخيك؟ فترك عمر رضى الله عنه القود و قضى عليه بالدية.
و كان ابن عباس يرد على زيد قوله في الفرائض، فمن ذلك قوله: إن شاء، أو قال: من شاء باهلته، إنّ الذي أحصى رمل عالج عدداً أعدل من أن يجعل في مال نصفاً و نصفاً و ثلثاً، هذان النصفان قد ذهبا بالمال، فأين موضع الثلث؟ «1»".
و قوله: ألا يتقي الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابناً، و لا يجعل أبا الاب أباً «2».
اختلف في وقت وفاة زيد، فقيل: مات سنة خمس و أربعين، و قيل: اثنتين، و قيل سنة ثلاث و أربعين، و قيل: بل مات في سنة احدى أو اثنتين و خمسين و قيل غير ذلك.
                        موسوعةطبقات‏الفقهاء، ج‏1، ص: 99
فكرة عن جمع القرآن‏
أ روى الحسن: انّ عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله، فقيل: كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة، فقال: إنّا للَّه، و أمر بالقرآن فجُمع، فكان أوّل من جمعه في المصحف.
ب روى ابن شهاب أنّ أنس بن مالك حدّثه انّ حذيفة قدم على عثمان و كان يغازي أهل الشام .. فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة .. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها .. فأمر زيد بن ثابت و عبد الله بن الزبير، و سعيد بن العاص، و عبد الرحمن بن الحرث بن هشام فنسخوها في المصاحف.
روى مصعب بن سعد، قال: قام عثمان يخطب الناس، فقال: أيُّها الناس عهدكم بنبيّكم منذ ثلاث عشرة سنة و أنتم تمترون في القرآن، تقولون قراءة أُبيّ و قراءة عبد الله .. قال عثمان: فليمل سعيد، و ليكتب زيد.
روى أبو المليح قال: قال عثمان بن عفان حين أراد أن يكتب المصاحف: تملي هذيل و تكتب ثقيف.
ج روى عطاء: أنّ عثمان لما نسخ القرآن من المصاحف أرسل إلى أُبي بن كعب فكان يملي على زيد بن ثابت، و زيد يكتب، و معه سعيد بن العاص يعربه.
د أخرج ابن اشنه عن الليث بن سعد قال: أوّل من جمع القرآن أبو بكر،
                        موسوعةطبقات‏الفقهاء، ج‏1، ص: 100
و كتبه زيد، و كان الناس يأتون زيد بن ثابت فكان لا يكتب إلّا بشهادة عدلين .. انّ أحاديث جمع القرآن متناقضة في أنفسها، فقد روي أنّ الجمع كان في زمن أبي بكر حين مقتل القرّاء باليمامة، و روي أنّه كان في زمن عمر، ثمّ اختلفت الروايات فيمن عيّن عثمان للكتابة، فقيل إنّه عيّن زيداً و ابن الزبير و سعيداً، و عبد الرحمن بن الحرب، و قيل: عيّن زيداً للكتابة و سعيداً للاملاء، و قيل: عيّن ثقيفاً للكتابة و هذيلًا، و جاء في رواية أُخرى: أنّ المملي أُبي بن كعب، و أنّ سعيداً كان يعرب ما كتبه زيد.
تعارض روايات الجمع:
انّ هذه الروايات معارضة بما دلّ على أنّ القرآن كان قد جمع و كتب على عهد رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم.
روى قتادة، قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي- صلّى الله عليه و آله و سلّم؟ قال: أربعة كلّهم من الانصار أُبي ابن كعب، و معاذ بن جبل، و زيد بن ثابت، و أبو زيد.
و ذكر الشعبي هؤلاء الأَربعة فيمن جمع القرآن من الانصار و زاد: أبو الدرداء و سعد بن عبيد.
و لعل قائلًا يقول: إنّ المراد من الجمع في هذه الروايات هو الجمع في الصدور لا التدوين، و هذا القول دعوى لا شاهد عليها، أضف إلى ذلك أنّ حفّاظ القرآن على عهد رسول الله- صلّى الله عليه و آله و سلّم كانوا أكثر من أن تُحصى أسماؤهم فكيف يمكن حصرهم في أربعة أو ستة؟ و صفوة القول: إنّه مع هذه الروايات كيف يمكن تصديق أنّ أبا بكر كان أوّل من جمع القرآن بعد خلافته؟ و إذا سلمنا بذلك فلما ذا أمر زيداً و عمر بجمعة من اللخاف و العسب و صدور الرجال، و لم‏
                        موسوعةطبقات‏الفقهاء، ج‏1، ص: 101
يأخذه من عبد الله و معاذ و أُبيّ و قد أُمروا بأخذ القرآن منهم (كما في رواية مسروق «1»).
ثمّ إنّ لفظ الكتاب أُطلق على القرآن في كثير من آياته الكريمة و في قول النبي- صلّى الله عليه و آله و سلّم: «إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله و عترتي» و في هذا دلالة على أنّه كان مكتوباً مجموعاً.
لَانّه لا يصح اطلاق الكتاب عليه و هو في الصدور.
بل لا على ما كُتب في اللخاف و العسب و الأكتاف إلّا على نحو المجاز و العناية، و المجاز لا يُحمل اللفظ عليه من غير قرينة، فانّ لفظ الكتاب ظاهر فيما كان له وجود واحد جمعي، و لا يُطلق على المكتوب إذا كان مجزّأً فضلًا عمّا إذ لم يُكتب، و كان محفوظاً في الصدور.
مخالفة أحاديث الجمع للِاجماع:
إنّ هذه الروايات مخالفة لما أجمع عليه المسلمون قاطبة من أنّ القرآن لا طريق لإثباته إلّا التواتر، فهذه الروايات تقول: إنّ اثبات آيات القرآن حين الجمع منحصر بشهادة شاهدين، و لست أدري كيف يجتمع القول بصحّة هذه الروايات التي تدل على ثبوت القرآن بالبيّنة مع القول بأنّ القرآن لا يثبت إلّا بالتواتر؟!