خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس(000 - 14 هـ = 000 - 635 م)
خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس(000 - 14 هـ = 000 - 635 م)
الأعلام للزركلي (2/ 296)
خَالِد بن سَعِيد
(000 - 14 هـ = 000 - 635 م)
خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس: صحابي، من الولاة الغزاة. قديم الإسلام، أسلم ورسول الله يبث الدعوة للدين سرا، فكان الثالث أو الرابع من الداخلين في الإسلام بعد البعثة، ولزم رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلي معه في نواحي مكة خاليا، فبلغ ذلك أبا أحيحة، وهو أبوه، (وكان من خصوم الإسلام الأشداء) فدعاه وكلمه في أن يدع ما هو عليه، فأبى، فضربه أبو أحيحة بعصا كانت في يده حتى كسرها على رأسه ثم حبسه (بمكة) وضيق عليه وأجاعه وقطع عنه الماء ثلاثة أيام، وهو صابر. ثم هاجر إلى الحبشة فأقام بضع عشرة سنة، وعاد سنة 7 هـ فغزا مع النبي صلّى الله عليه وسلم وحضر فتح مكة ثم وقعة تبوك.
وكان يكتب للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بمكة والمدينة. وهو الّذي خط كتاب أهل الطائف لوفد ثقيف ومشى بالصلح بينهم وبين النبي. ثم بعثه رسول الله عاملا على اليمن، فأقام إلى أن استخلف أبو بكر فعزله عن اليمن ودعاه إليه، فجاءه. وخرج مجاهدا فشهد فتح أجنادين (قرب الرملة في فلسطين) سنة 13 هـ ثم شهد وقعة مرج الصفر (قرب دمشق) فقتل فيها. ولعمرو ابن معدي كرب قصيدة يمدحه بها (2) .
__________
(2) طبقات ابن سعد 4: 67 والإصابة 1: 406 والبدء والتاريخ 5: 95 وفيه: مقتله بأجنادين.
الخصال، ج2، ص: 461
الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة و تقدمه على علي بن أبي طالب ع اثنا عشر
4- حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال حدثني أبي عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال حدثني النهيكي قال حدثنا أبو محمد خلف بن سالم قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن عثمان بن المغيرة عن زيد بن وهب قال: كان الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة و تقدمه على علي بن أبي طالب ع اثني عشر رجلا من المهاجرين و الأنصار و كان من المهاجرين خالد بن سعيد بن العاص «2» و المقداد....... و كان أول من بدأ و قام خالد بن سعيد بن العاص بإدلاله ببني أمية فقال يا أبا بكر اتق الله فقد علمت.....فقال له عمر بن الخطاب اسكت يا خالد فلست من أهل المشورة و لا ممن يرضى بقوله فقال خالد بل اسكت أنت يا ابن الخطاب فو الله إنك لتعلم أنك تنطق بغير لسانك و تعتصم بغير أركانك و الله إن قريشا لتعلم أني أعلاها حسبا و أقواها أدبا و أجملها ذكرا و أقلها غنى من الله و رسوله و إنك ألأمها حسبا و أقلها عددا و أخملها ذكرا و أقلها من الله عز و جل و من رسوله «1» و إنك لجبان عند الحرب بخيل في الجدب لئيم العنصر ما لك في قريش مفخر قال فأسكته خالد فجلس.....
الإحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي)، ج1، ص: 75
و عن أبان بن تغلب قال قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ع جعلت فداك هل كان أحد في أصحاب رسول الله ص أنكر على أبي بكر فعله و جلوسه مجلس رسول الله ص؟ قال نعم كان الذي أنكر على أبي بكر اثنا عشر رجلا من المهاجرين خالد بن سعيد بن العاص و كان من بني أمية........ فأول من تكلم به خالد بن سعيد بن العاص ثم باقي المهاجرين ثم بعدهم الأنصار و روي أنهم كانوا غيبا عن وفاة رسول الله ص فقدموا و قد تولى أبو بكر و هم يومئذ أعلام مسجد رسول الله ص فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص و قال- اتق الله يا أبا بكر فقد علمت أن رسول الله ص قال و نحن محتوشوه «2» يوم بني قريظة حين فتح الله له باب النصر و قد قتل علي بن أبي طالب ع يومئذ عدة من صناديد رجالهم و أولي البأس و النجدة منهم يا معاشر المهاجرين و الأنصار إني موصيكم بوصية فاحفظوها و مودعكم أمرا فاحفظوه ألا إن علي بن أبي طالب أميركم بعدي و خليفتي فيكم بذلك أوصاني ربي ألا و إنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي و توازروه و تنصروه اختلفتم في أحكامكم و اضطرب عليكم أمر دينكم و وليكم أشراركم ألا و إن أهل بيتي هم الوارثون لأمري و العالمون لأمر أمتي من بعدي اللهم من أطاعهم من أمتي و حفظ فيهم وصيتي فاحشرهم في زمرتي و اجعل لهم نصيبا من مرافقتي يدركون به نور الآخرة اللهم و من أساء خلافتي في أهل بيتي فاحرمه الجنة التي عرضها كعرض السماء و الأرض فقال له عمر بن الخطاب اسكت يا خالد فلست من أهل المشورة و لا من يقتدى برأيه فقال له خالد بل اسكت أنت يا ابن الخطاب فإنك تنطق على لسان غيرك و ايم الله لقد علمت قريش أنك من ألأمها حسبا و أدناها منصبا و أخسها قدرا و أخملها ذكرا و أقلهم عناء عن الله و رسوله و إنك لجبان في الحروب بخيل بالمال لئيم العنصر ما لك في قريش من فخر و لا في الحروب من ذكر و إنك في هذا الأمر بمنزلة الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين. فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها و ذلك جزاء الظالمين «3» فأبلس «4» عمر و جلس خالد بن سعيد ثم قام سلمان الفارسي...... فقال عمر و الله يا أصحاب علي لئن ذهب منكم رجل يتكلم بالذي تكلم بالأمس لنأخذن الذي فيه عيناه فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص و قال يا ابن صهاك الحبشية أ بأسيافكم تهددوننا أم بجمعكم تفزعوننا؟ و الله إن أسيافنا أحد من أسيافكم و إنا لأكثر منكم و إن كنا قليلين لأن حجة الله فينا و الله لو لا أني أعلم أن طاعة الله و رسوله و طاعة إمامي أولى بي لشهرت سيفي و جاهدتكم في الله إلى أن أبلي عذري فقال أمير المؤمنين اجلس يا خالد فقد عرف الله لك مقامك و شكر لك سعيك فجلس و قام إليه سلمان الفارسي
السقيفة و فدك 53 القسم الأول: السقيفة
كان خالد بن سعيد بن العاص من عمال رسول الله صلى الله عليه باليمن، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه و آله جاء المدينة و قد بايع الناس أبا بكر، فاحتبس عن أبي بكر فلم يبايعه أياما، و قد بايع الناس، و أتى بني هاشم، فقال: أنتم الظهر و البطن و الشعار دون الدثار. و العصا دون اللحا. فاذا رضيتم رضينا و اذا سخطتم سخطنا، حدثوني، و ان كنتم قد بايعتم هذا الرجل؟ قالوا: نعم، قال: على برد و رضا من جماعتكم قالوا: نعم، قال: فأنا أرضى و ابايع اذا بايعتم أما و الله يا بني هاشم انكم الطوال الشجر الطيب الثمر.
السقيفة و فدك 65 القسم الأول: السقيفة
الله صلى الله عليه و سلم، استعمل خالد بن سعيد بن العاص، على عمل، فقدم بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم، و قد بايع الناس ابا بكر، فدعاه الى البيعة، فأبى فقال عمر: دعني و اياه فمنعه أبو بكر، حتى مضت عليه سنة، ثم مر به أبو بكر و هو جالس على بابه فناداه خالد، يا أبا بكر هل لك في البيعة قال:
السقيفة و فدك 65 القسم الأول: السقيفة
ابو سعيد خالد بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس الأموي و امه أم خالد بنت حباب الثقفية من السابقين الأولين، أمره أبو بكر على مشارق الشام في الردة، و استشهد يوم حرج الصفر. الاصابة 1:
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج6 31 أمر المهاجرين و الأنصار بعد بيعة أبي بكر ..... ص : 17
فلما انتهى شعر النعمان و كلامه إلى قريش غضب كثير منها و ألفى ذلك قدوم خالد بن سعيد بن العاص من اليمن و كان رسول الله استعمله عليها و كان له و لأخيه أثر قديم
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج6 32 أمر المهاجرين و الأنصار بعد بيعة أبي بكر ..... ص : 17
قلت هذا خالد بن سعيد بن العاص هو الذي امتنع من بيعة أبي بكر و قال لا أبايع إلا عليا و قد ذكرنا خبره فيما تقدم.
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج6 32 أمر المهاجرين و الأنصار بعد بيعة أبي بكر ..... ص : 17
. قال الزبير و قال خالد بن سعيد بن العاص في ذلك
تفوه عمرو بالذي لا نريده و صرح للأنصار عن شنأة البغض
فإن تكن الأنصار زلت فإننا نقيل و لا نجزيهم بالقرض
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج6 41 أمر المهاجرين و الأنصار بعد بيعة أبي بكر ..... ص : 17
. قال أبو بكر حدثنا يعقوب عن أبي النضر عن محمد بن راشد عن مكحول أن رسول الله ص استعمل خالد بن سعيد بن العاص على عمل فقدم بعد ما قبض رسول الله ص و قد بايع الناس أبا بكر فدعاه إلى البيعة فأبى فقال عمر دعني و إياه فمنعه أبو بكر حتى مضت عليه سنة ثم مر به أبو بكر و هو جالس على بابه فناداه خالد يا أبا بكر هل لك في البيعة قال نعم قال فادن فدنا منه فبايعه خالد و هو قاعد على بابه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج12 120 [أخبار عمر مع عمرو بن معديكرب] ..... ص : 118
و كتب إلى سليمان بن ربيعة يلومه في حلمه عنه فلما قرأ عمرو الكتاب قال من ترونه يعني قالوا أنت أعلم قال هددني بعلي و الله و قد كان صلى بناره مرة في حياة رسول الله ص و أفلت من يده بجريعة الذقن و ذلك حين ارتدت مذحج و كان رسول الله ص أمر عليها فروة بن مسيك المرادي فأساء السيرة و نابذ عمرو بن معديكرب ففارقه في كثير من قبائل مذحج فاستجاش فروة عليه و عليهم رسول الله ص فأرسل خالد بن سعيد بن العاص في سرية و خالد بن الوليد بعده في سرية ثانية و علي بن أبي طالب ع في سرية ثالثة و كتب إليهم كل واحد منكم أمير من معه فإذا اجتمعتم فعلي أمير على الكل فاجتمعوا بموضع من أرض اليمن يقال له كسر فاقتتلوا هناك و صمد عمرو بن معديكرب لعلي ع و كان يظن أن لا يثبت له أحد من شجعان العرب فثبت له فعلا عليه و عاين منه ما لم يكن يحتسبه ففر من بين يديه هاربا ناجيا بحشاشة نفسه بعد أن كاد يقتله و فر معه رؤساء مذحج و فرسانهم و غنم المسلمون أموالهم و سبيت ذلك اليوم ريحانة بنت معديكرب أخت عمرو فأدى خالد بن سعيد بن العاص فداءها من ماله فأصابه عمرو أخوها الصمصامة فلم يزل ينتقل في بني أمية و يتداولونه واحدا بعد واحد حتى صار إلى بني العباس في أيام المهدي محمد بن المنصور أبي جعفر
مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج7، ص: 332
[804] خالد بن سعيد الأسدي، الكوفي:
من أصحاب الصادق (عليه السلام) «1».
[805] خالد بن سعيد الأموي الكوفي:
من أصحاب الصادق (عليه السلام) «2».
[806] خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس:
نجيب بني أمية، من السابقين الأولين، و المتمسكين بولاية «3» أمير المؤمنين (عليه السلام).
و كان سبب إسلامه: أنه رأى نارا مؤججة يريد أبوه أن يلقيه فيها، و إذا برسول الله (صلى الله عليه و آله) قد جذبه إلى نفسه و خلصه من تلك النار، فلما استيقظ و عرف صدق رؤياه، أسلم، و هاجر مع جعفر إلى الحبشة، و تولى هو تزويج أم حبيبة من النبي (صلى الله عليه و آله) و رجع مع جعفر بعد ما فتح خيبر، فكتبت تلك غزوة لهم، و اسهموا في الغنيمة، و شهد خالد غزوة الفتح و الطائف و حنين، و ولاه رسول الله (صلى الله عليه و آله) صدقات اليمن، فكان في عمله ذلك حتى بلغه وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله) فترك ما في يده و أتى المدينة و لزم عليا (عليه السلام) و لم يبايع أبا بكر حتى أكره أمير المؤمنين (عليه السلام) على البيعة فبايع مكرها.
و هو من الاثني عشر الذين أنكروا على أبي بكر و حاجوه في يوم الجمعة و هو على المنبر، في حديث شريف مروي في الخصال «4»،
__________________________________________________
(1) رجال الشيخ: 186/ 10.
(2) رجال الشيخ: 186/ 9.
(3) في الأصل: (بولاء)، و قد اخترنا ما في الحجرية و إن صح ما في الأصل أيضا.
(4) و الاثنا عشر الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة، و تقمصها و التقدم بها على أهلها الشرعيين هم خيرة من طلائع المهاجرين و الأنصاري.
و هم:
1 خالد بن سعيد بن العاص.
2 المقداد بن الأسود.
3 أبي بن كعب.
4 عمار بن ياسر.
5- أبو ذر الغفاري.
6- سلمان الفارسي.
7- عبد الله بن مسعود.
8 بريدة الأسلمي.
و هؤلاء (رضي الله تعالى عنهم) من المهاجرين.
9- خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين.
10- سهل بن حنيف.
11- أبو أيوب الأنصاري.
12- أبو الهيثم بن التيهان.
و هؤلاء (رضي الله تعالى عنهم) من الأنصار.
انظر: الخصال 2: 461 أبواب الاثني عشر.
مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج7، ص: 333
و الاحتجاج: و في آخره: أنه قال لهم بعض الصحابة في يوم آخر بعد ما جمع أحزابه-: و الله يا أصحاب علي لئن ذهب الرجل منكم يتكلم بالذي تكلم به بالأمس لنأخذن الذي فيه عيناه، فقام إليه خالد بن سعد بن العاص، فقال «1»: يا ابن فلان! أ فبأسيافكم تهددونا؟ أم بجمعكم تفزعونا؟ و الله إن أسيافنا أحد من أسيافكم، و إنا لأكثر منكم، و إن كنا قليلين؛ لأن حجة الله فينا، و الله لولا إني أعلم أن طاعة الله و رسوله، و طاعة إمامي أولى بي لشهرت سيفي و لجاهدتكم في الله، إلى أن أبلي عذري.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «اجلس يا خالد، فقد عرف الله لك مقامك، و شكر لك سعيك» «2».
__________________________________________________
(1) في الأصل: (و قال) و اخترنا ما في الحجرية و إن صح ما في الأصل أيضا.
(2) الاحتجاج 1: 79 من الطبقة القديمة و 1: 200 من الطبقة المحققة.
48 - خالد بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي **
ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، السيد الكبير، أبو سعيد القرشي، الأموي، أحد السابقين الأولين.
روي عن أم خالد بنت خالد، قالت:
كان أبي خامسا في الإسلام، وهاجر إلى أرض الحبشة، وأقام بها بضع عشرة سنة، وولدت أنا بها (1) .
وروى: إبراهيم بن عقبة، عن أم خالد، قالت:
أبي أول من كتب: بسم الله الرحمن الرحيم.
وروي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استعمله على صنعاء، وأن أبا بكر أمره على بعض الجيش في غزو الشام.
قال موسى بن عقبة: أخبرنا أشياخنا:
أن خالدا قتل مشركا، ثم لبس سلبه ديباجا أو حريرا، فنظر الناس إليه وهو مع عمرو.
فقال: ما لكم تنظرون؟ من شاء فليفعل مثل عمل خالد، ثم يلبس لباسه.
ويروى أن خالدا -رضي الله عنه- استشهد، فقال الذي قتله بعد أن أسلم:
من هذا الرجل؟ فإني رأيت نورا له ساطعا إلى السماء.
وقيل: كان خالد بن سعيد وسيما، جميلا، قتل يوم أجنادين، وهاجر مع جعفر بن أبي طالب إلى المدينة زمن خيبر، وبنته المذكورة عمرت، وتأخرت إلى قريب عام تسعين.
وكان أبوه أبو أحيحة من كبراء الجاهلية، مات قبل غزوة بدر مشركا.
وله عدة أولاد منهم:
49 - أبان بن سعيد الأموي *
أبو الوليد الأموي، تأخر إسلامه، وكان تاجرا موسرا، سافر إلى الشام، وهو الذي أجار ابن عمه عثمان بن عفان يوم الحديبية حين بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- رسولا إلى مكة، فتلقاه أبان وهو يقول:
أقبل وأنسل ولا تخف أحدا ... بنو سعيد أعزة البلد (1)
ثم أسلم يوم الفتح، لا بل قبل الفتح، وهاجر، وذلك أن أخويه خالدا المذكور، وعمرا، لما قدما من هجرة الحبشة إلى المدينة، بعثا إليه يدعوانه إلى الله -تعالى- فبادر وقدم المدينة مسلما.
وقد استعمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنة تسع على البحرين.
ثم إنه استشهد هو وأخوه خالد يوم أجنادين على الصحيح.
وأبان: هو ابن عمة أبي جهل.
وأخوهما:
50 - عمرو بن سعيد بن العاص الأموي **
له هجرتان: إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وله حديث في (مسند الإمام أحمد) .
استشهد يوم اليرموك - ويقال: يوم أجنادين - مع أخويه - رضي الله عنهم -.
وروى: عمرو بن سعيد الأشدق:
أن أعمامه؛ خالدا، وأبانا، وعمرا رجعوا عن أعمالهم حين بلغهم موت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فقال أبو بكر: ما أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ارجعوا إلى أعمالكم.
فأبوا، وخرجوا إلى الشام، فقتلوا - رضي الله عنهم -.
__________
(* *) طبقات ابن سعد: 4 / 1 / 69، نسب قريش: 174 - 175، طبقات خليفة: 11، 298، تاريخ خليفة: 97، 120، 201، التاريخ الكبير: 3 / 152، التاريخ الصغير: 1 / 2 , 4 , 34 , 35 المعارف: 296، الجرح والتعديل: 3 / 334، مشاهير علماء الأمصار: ت: 172، الاستيعاب: 3 / 153، ابن عساكر: 5 / 223 / 2، أسد الغابة: 2 / 97، تاريخ الإسلام: 1 / 378، البداية والنهاية: 7 / 377، العقد الثمين: 4 / 265، الإصابة: 3 / 58، كنز العمال: 13 / 377، شذرات الذهب: 1 / 30، تهذيب تاريخ ابن عساكر: 5 / 55 48.
تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 55)
-خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، أبو سعيد الأموي [المتوفى: 13 ه]
من السابقين الأولين؛ فعن أم خالد بنته قالت: كان أبي خامسا في الإسلام، وهاجر إلى أرض الحبشة، وأقام بها بضع عشرة سنة. وولدت أنا بها.
وروى إبراهيم بن عقبة عنها قالت: أبي أول من كتب " بسم الله الرحمن الرحيم ".
وجاء أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على صنعاء، وأن أبا بكر أمره على بعض الجيش في فتوح الشام. فقال موسى بن عقبة: أخبرنا أشياخنا أنه قتل مشركا ثم لبس سلبه ديباجا أو حريرا، فنظر الناس إليه وهو مع عمرو فقال: ما تنظرون! من شاء فليعمل مثل عمل خالد، ثم يلبس لباسه.
ويروى أن الذي قتل خالدا أسلم، وقال: من هذا الرجل؟ فإني رأيت له نورا ساطعا إلى السماء. وقيل: كان خالد وسيما جميلا، قتل يوم أجنادين.
أعيان الشيعة، ج6، ص: 288
خالد بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي أبو سعيد القرشي الأموي.
استشهد باجنادين 28 جمادى الأول يوم السبت نصف النهار سنة 13 للهجرة و قيل بل قتل بمرج الصفر في المحرم سنة 13 أو 14 للهجرة و هو ابن خمسين أو أكثر على أن أهل التاريخ اختلفوا في وقعة اجنادين و مرج الصفر أيهما كان قبل قاله في أسد الغابة و غيره.
(و اجنادين) بفتح الهمزة و سكون الجيم و فتح النون و بعدها ألف و كسر الدال المهملة و سكون المثناة التحتية بعدها نون بلفظ الجمع و بلفظ المثنى موضع بفلسطين كانت فيه الوقعة و مرج الصفر بضم الصاد و تشديد الفاء المفتوحة بعدها راء بنواحي دمشق و حوران و قيل هو المعروف اليوم بأرض المرج بجهة مرج عذرا.
أبوه
سعيد بن العاصي يكنى أبا أحيحة مات على كفره و كان أعز من بمكة و كان شديدا عليه و على المسلمين و لكن الله تعالى يخرج الحي من الميت.
أمه
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن خليفة بن خياط قال: أم خالد بن سعيد بن العاصي لبينة المعروفة بام خالد بنت خباب (أو حباب) ابن عبد باليل بن ناشب بن غيرة بن معد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة. و قال ابن سعد أمه أم خالد بنت خباب بن عبد باليل إلى آخر ما مر إلا انه قال ابن عبد مناة بن كنانة و ساق ابن الأثير في أسد الغابة نسبها إلى غيره و قال من ثقيف.
إخوته
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أحمد بن سيار ان خالد بن سعيد بن العاصي كان لأبيه عشرون ابنا و عشرون ابنة اه. و المعروف أن له ثمانية أولاد ذكور مات منهم ثلاثة على الكفر أحيحة قتل في الجاهلية و العاص و عبيدة قتلا ببدر كافرين و أسلم خمسة خالد و عمرو و سعيد و ابان و الحكم. قتل سعيد مع رسول الله ص بالطائف و قتل خالد و عمرو و أبان بالشام و مرت ترجمة ابان في بابه و في الاستيعاب: كان الحكم تعلم الحكمة اه.
أولاده
قال ابن سعد في الطبقات كان لخالد بن سعيد من الولد سعيد ولد بأرض الحبشة درج- أي لم يعقب- و ليس لخالد بن سعيد اليوم عقب اه. و سياتي ان ابنه سعيدا هذا قتل في حرب الروم و قتله باهان من أمراء الروم، ثم روى ابن سعد كما ياتي انه ولد له بالحبشة أم خالد- و اسمها أمة- تزوجها الزبير بن العوام و ولدت له.
أقوال العلماء فيه
سياتي عن ابن سعد في الطبقات عن الواقدي ان إسلامه كان قديما و انه أول إخوته أسلم.
و في الاستيعاب: أسلم قديما يقال بعد أبي بكر فكان ثالثا أو رابعا و قيل كان خامسا و قال حمزة بن ربيعة أسلم مع أبي بكر. أقول و في رواية للحاكم في المستدرك أنه أسلم قبل أبي بكر. و بسنده عن أم خالد بنته كان أبي خامسا في الإسلام تقدمه علي بن أبي طالب و ابن أبي قحافة و زيد بن حارثة و سعد بن أبي وقاص هاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته الخزاعية و ولد بها ابنه سعيد و ابنته أم خالد و اسمها امة و هاجر معه أخوه عمرو. و روى الواقدي بسنده عن أم خالد هاجر أبي إلى أرض الحبشة المرة الثانية و أقام بها بضع عشرة سنة و ولدت أنا بها ثم قدم على النبي ص بخيبر فكلم المسلمين فاسهموا لنا ثم رجع مع رسول الله ص إلى المدينة و أقمنا بها و شهد أبي مع رسول الله ص عمرة القضية و فتح مكة و حنينا و الطائف و تبوك و بعثه رسول الله ص على صدقات اليمن فتوفي رسول الله ص و أبي باليمن.
و في الطبقات بسنده: أقام خالد بعد أن قدم من أرض الحبشة مع رسول الله ص بالمدينة و كان يكتب له و هو الذي كتب كتاب أهل الطائف لوفد ثقيف و هو الذي مشى في الصلح بينهم و بين رسول الله ص اه.
أعيانالشيعة، ج6، ص: 289
و في الاستيعاب: روى إبراهيم بن عقبة عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص قالت أبي أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم و كان قدومه من ارض الحبشة مع جعفر بن أبي طالب و استعمله رسول الله ص على صدقات مذحج و استعمله على صنعاء اليمن فلم يزل عليها إلى ان مات رسول الله ص و لما هاجر أصحاب رسول الله ص إلى ارض الحبشة الهجرة الثانية كان خالد أول من هاجر إليها. و قال خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد اخبرني أبي ان أعمامه خالدا و ابان و عمر ابني سعيد بن العاصي رجعوا من عمالتهم حين مات رسول الله ص فقال أبو بكر ما لكم رجعتم عن عمالتكم ما كان أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله ص ارجعوا إلى أعمالكم فقالوا نحن بني أبي أحيحة لا نعمل لأحد بعد رسول الله ص ابدا ثم مضوا إلى الشام فقتلوا جميعا و كان خالد على اليمن و ابان على البحرين و عمرو على تيماء و خيبر [] و قرى عربية و كان الحكم تعلم الحكمة و يقال ما فتحت بالشام كورة الا وجد عندها رجل من بني سعيد بن العاصي ميتا و كان سعيد بن سعيد بن العاصي قد قتل مع رسول الله ص بالطائف. الواقدي بسنده كان إسلام خالد بن سعيد قديما و كان أول اخوته إسلاما اه الاستيعاب ببعض اختصار.
و في أسد الغابة قدم خالد و أخوه عمرو من أرض الحبشة في السفينتين و قال: قال الغساني قرى [عريبة] عربية كذا هو غير منون لهذه التي بالحجاز كذا قيده غير واحد من أهل العلم. و في الاصابة من السابقين الأولين قيل كان رابعا أو خامسا. و روى يعقوب بن سفيان من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب و غيره ان الهجرة الأولى إلى الحبشة هاجر فيها جعفر بن أبي طالب بامرأته أسماء بنت عميس و عثمان بن عفان برقية بنت النبي ص و خالد بن سعيد بن العاص بامرأته و كذا قال ابن إسحاق و سماها أمية بنت خالد بن أسعد بن عامر من خزاعة و سياتي لخالد ذكر في ترجمة فروة بن مسيك و ذكر سيف في الفتوح أن أبا بكر أمره على مشارف الشام في الردة.
و قال بحر العلوم الطباطبائي في رجاله انه نجيب بني أمية و أنه من السابقين الأولين و من المتمسكين بولاء أمير المؤمنين ع.
إسلامه و السبب فيه
روى ابن سعد في الطبقات و الحاكم في المستدرك و اللفظ للأول عن الواقدي بإسناده كان إسلام خالد بن سعيد قديما و كان أول إخوته أسلم و كان سبب إسلامه أنه رأى في النوم أنه واقف على شفير النار فذكر من سعتها ما الله به أعلم و يرى في النوم كان أباه يدفعه فيها و يرى رسول الله ص أخذ بحقويه لا يقع ففزع من نومه فقال أحلف بالله ان هذه لرؤيا حق فذكر ذلك لابي بكر فقال أريد بك خير هذا رسول الله فاتبعه فانك ستتبعه و تدخل معه في الإسلام الذي يحجزك من ان تقع فيها و أبوك واقع فيها فلقي رسول الله ص و هو باجياد فقال يا محمد إلى ما تدعو قال أدعو إلى الله وحده لا شريك له و ان محمدا عبده و رسوله و خلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع و لا يبصر و لا يضر و لا ينفع و لا يدري من عبده ممن لم يعبده قال خالد فاني أشهد ان لا اله الا الله و أشهد انك رسول الله فسر رسول الله بإسلامه و تغيب خالد و علم أبوه بإسلامه فأرسل في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم و رافعا مولاه فوجدوه فأتوا به إلى أبيه أبي أحيحة فأنبه و بكته و ضربه بمقرعة (بصريمة) في يده حتى كسرها على رأسه ثم قال اتبعت محمدا و أنت ترى خلافه قومه و ما جاء به من عيب آلهتهم و عيب من مضى من آبائهم فقال خالد قد صدق و الله و اتبعته فغضب أبو أحيحة و نال من ابنه و شتمه ثم قال اذهب يا لكع حيث شئت فو الله لامنعنك القوت فقال خالد ان منعتني فان الله يرزقني ما أعيش به فأخرجه و قال لبنيه لا يكلمه أحد منكم الا صنعت به ما صنعت به فانصرف خالد إلى رسول الله ص فكان يلزمه و يكون معه. و روى ابن سعد عن الواقدي بسنده عن عبد الله بن عمرو بن سعيد بن العاص قال كان إسلام خالد بن سعيد بن العاص ثالثا أو رابعا و كان ذلك و رسول الله ص يدعو سرا و كان يلزم رسول الله و يصلي في نواحي مكة خاليا فبلغ ذلك أبا أحيحة فدعاه فكلمه ان يدع ما هو عليه فقال خالد لا أدع دين محمد حتى أموت عليه فضربه أبو أحيحة بقراعة في يده حتى كسرها على رأسه ثم امر به إلى الحبس و ضيق عليه و اجاعه و اعطشه حتى لقد مكث في حر مكة ثلاثا ما يذوق ماء فرأى خالد فرجة فخرج فتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى حضر خروج أصحاب رسول الله ص إلى الحبشة في الهجرة الثانية فلهو أول من خرج إليها.
و روى ابن عساكر في تاريخه سببا آخر في إسلامه شبيها بهذا.
هجرته إلى بلاد الحبشة و رجوعه منها
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن محمد بن إسحاق قال: و ممن خرج من أهل مكة مهاجرا إلى أرض الحبشة من أصحاب رسول الله ص من بني أمية بن عبد شمس خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف و معه امرأته فولدت له بأرض الحبشة ابنه سعيد بن خالد اه. و مر أن ذلك في الهجرة الثانية. و في رواية في الاصابة ان هجرته إلى الحبشة كانت في الهجرة الأولى. لكن الأول أشهر.
و روى ابن سعد عن الواقدي بسنده عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بنت العاص قالت كان أبي خامسا في الإسلام أسلم قبل الهجرة الأولى إلى ارض الحبشة و هاجر في المرة الثانية و أقام بها بضع عشرة سنة و ولدت أنا بها و قدم على النبي ص بخيبر سنة سبع فكلم رسول الله ص المسلمين فاسهموا لنا ثم رجعنا مع رسول الله ص إلى المدينة و أقمنا بها و خرج أبي مع رسول الله ص في عمرة القضية و غزا معه الفتح هو و عمي- تعني عمرا- و خرجا معه إلى تبوك و بعث رسول الله ص أبي عاملا على صدقات اليمن فتوفي ص و أبي باليمن. و بسنده عن أم خالد هذه قالت خرج خالد بن سعيد إلى أرض الحبشة و معه امرأته همينة أو أمينة بنت خلف بن أسعد الخزاعية فولدت له هناك سعيدا و أم خالد. و بسنده عن خالد بن سعيد بن العاص أن رسول الله ص بعثه في رهط من قريش إلى ملك الحبشة فقدموا عليه و مع خالد امرأة له فولدت له جارية و تحركت و تكلمت هناك ثم أن خالدا أقبل هو و أصحابه و قد فرغ رسول الله ص
أعيانالشيعة، ج6، ص: 290
من وقعة بدر «1» فاقبل يمشي و معه ابنته فقال أ و ما ترضى يا خالد أن يكون للناس هجرة و لكم هجرتان اثنتان قال بلى يا رسول الله قال فذاك لكم «2» ثم أن خالدا قال لابنته اذهبي إلى رسول الله فسلمي عليه فذهبت الجويرية حتى أتته من خلفه فأكبت عليه و عليها قميص أصفر فأشارت به إلى رسول الله ص تريه إياه (فقال لها) (سنه سنه سنه) يعني حسن يعني بالحبشية (ثم قال) أبلي و اخلقي ثم أبلي و اخلقي «3»
اه.
و هذه أم خالد صحبت بعد ذلك رسول الله ص و قد روت عنه اه.
و في ذلك من الدلالة على كلام أخلاق رسول الله ص و على بساطة أحوال العرب و أخلاقهم ما لا يخفى. و في أسد الغابة هاجر معه إلى أرض الحبشة أخوه عمرو بن سعيد و قدما على النبي ص بخيبر مع جعفر بن أبي طالب في السفينتين فكلم النبي ص المسلمين فاسهموا لهم. و في رجال بحر العلوم: و شهد خالد مع النبي ص الفتح و حنين و الطائف و تبوك ثم ولاه صدقات اليمن فكان في عمله ذلك حتى بلغه وفاة النبي ص فترك ما في يده و أتى بالمدينة و لزم عليا ع اه.
بقية أخباره في عصر النبوة
و روى ابن سعد في الطبقات و الحاكم في المستدرك بالاسناد عن الواقدي بسنده عن خالد بن سعيد ان أباه سعيد بن العاصي بن أمية مرض، زاد صاحب أسد الغابة و كان أبوه شديدا على المسلمين و كان أعز من بمكة فقال لئن رفعني الله من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي [كمبشة] كبشة ببطن مكة أبدا فقال خالد بن سعيد عند ذلك اللهم لا ترفعه، زاد صاحبا المستدرك و الاستيعاب فتوفي في مرضه ذلك.
و في الاستيعاب فيما أخرجه البغوي بسنده عن خالد بن سعيد انه أتى رسول الله ص و عليه خاتم فضة مكتوب عليه محمد رسول الله قال فأخذه مني فلبسه و هو الذي كان في يده.
و روى الحاكم في المستدرك بسنده أنه أتى النبي ص و في يده خاتم فقال له النبي ما هذا الخاتم قال خاتم اتخذته قال فاطرحه فطرحته اليه فإذا هو خاتم من حديد فقال النبي ص ما نقشته قلت محمد رسول الله فأخذه النبي ص فتختم به حتى مات فهو الخاتم الذي كان في يده. صحيح الاسناد و لم يخرجاه:
و قال ابن عساكر: اخرج الخطيب قال مر النبي ص بقبر أبي أحيحة الفاسق، فقال خالد بن سعيد و الله ما يسرني انه في أعلى عليين و أنه مثل أبي قحافة، فقال النبي ص لا تسبوا الموتى فتغضبوا الأحياء.
من أخباره باليمن
في الاستيعاب قال الزبير- ابن بكار- لخالد بن سعيد بن العاص وهب عمرو بن معديكرب الصمصامة و ذكر شعره في ذلك. ثبت في ديوان عمرو بن معديكرب مدح خالد بن سعيد بن العاص لما بعثه النبي ص مصدقا عليهم مصدقا يقول فيها:
فقلت لباغي الخير أن تأت خالدا تسر و ترجع ناعم البال حامدا
و في تاريخ دمشق وهب له عمرو بن معديكرب الصمصامة و قال حين وهبها له:
خليلي لم أهبه عن قلاة و لكن التواهب للكرام
خليلي لم اخنه و لم يخني كذلك ما خلا لي أو بذام (كذا)
حبوت به كريما من قريش فسر به و صين عن اللئام
أخباره بعد عصر النبوة
و
رجوعه من اليمن
حكى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن الزبير بن بكار في الموفقيات خبرا يتضمن كلاما و شعرا لعمرو بن العاص ضد الأنصار بعد بيعة أبي بكر و كلاما و شعرا للنعمان بن عجلان في الرد عليه و ذكرنا ذلك كله في ترجمة النعمان و ان شعر عمرو و كلامه لما انتهى إلى قريش غضب كثير منها. قال و الفى ذلك قدوم خالد بن سعيد بن العاص من اليمن و كان رسول الله ص استعمله عليها و كان له و لأخيه أثر قديم في الإسلام و هما من أول من أسلم من قريش و لهما عبادة و فضل فغضب خالد للأنصار و شتم عمرو بن العاص و قال يا معشر قريش ان عمرا دخل في الإسلام حين لم يجد بدا من الدخول فيه فلما لم يستطع ان يكيده بيده كاده بلسانه و ان من كيده الإسلام تفريقه و قطعه بين المهاجرين و الأنصار و الله ما جازيناهم للدين و لا للدنيا لقد بذلوا دماءهم لله تعالى فينا و ما بذلنا دماءنا لله فيهم و قاسمونا ديارهم و أموالهم و ما فعلنا مثل ذلك بهم و آثرونا على الفقر و حرمناهم على الغنى و لقد وصى رسول الله ص بهم و عزاهم عن جفوة السلطان فأعوذ بالله أن أكون أنا و إياكم الخلف المضيع و السلطان الجاني اه. قال ابن أبي الحديد قوله و عزاهم عن جفوة السلطان إشارة إلى قول النبي ص ستلقون بعدي اثرة فاصبروا حتى تقدموا على الحوض.
و جاء النعمان بن بشير في جماعة من الأنصار إلى معاوية فشكوا اليه فقرهم و قالوا لقد صدق رسول الله ص في قوله لنا ستلقون بعدي أثرة فقد لقيناها فقال معاوية فما ذا قال لكم قالوا قال لنا فاصبروا حتى تردوا علي الحوض، قال معاوية فافعلوا ما أمركم به عساكم تلاقونه غدا عند الحوض كما أخبر.
و حرمهم و لم يعطهم شيئا اه. و مر في ترجمة أبي أيوب الأنصاري خالد بن زيد انه قال له نحوا من ذلك و ان ذلك استهزاء بالشرع و صاحبه قال الزبير و قال خالد بن سعيد بن العاص في ذلك:
تفوه عمرو بالذي لا نريده و صرح للأنصار عن شناة البغض
فان تكن الأنصار زلت فاننا نقيل و لا نجزيهم القرض بالقرض
فلا تقطعن يا عمرو ما كان بيننا و لا تحملن يا عمرو بعضا على بعض
أ تنسى لهم يا عمرو ما كان منهم ليالي جئناهم من النفل و الفرض
أعيانالشيعة، ج6، ص: 291
و قسمتنا الأموال كاللحم بالمدى و قسمتنا الأوطان كل به يقضي
ليالي كل الناس بالكفر جهرة ثقال علينا مجمعون على البغض
فساروا و آووا و [انتيهنا] انتهينا إلى المنى و قر قرارانا من الأمن و الخفض
امتناعه و أخويه عن العمل بعد وفاة النبي ص
قد عرفت انه كان عاملا للنبي ص على صدقات اليمن و على صنعاء و انه بقي عاملا عليها إلى حين وفاته ص و انه بعد وفاته عاد و اخوته إلى المدينة و لم يريدوا أن يعملوا لغيره. روى الحاكم في المستدرك بسنده و صاحب الاستيعاب، عن خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد و اللفظ للثاني قال: اخبرني أبي ان أعمامه خالدا و أبانا و عمرا بني سعيد بن العاص رجعوا عن عمالتهم حين بلغهم وفاة رسول الله ص فقال أبو بكر ما لكم رجعتم عن عمالتكم ما أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله ص ارجعوا إلى أعمالكم فقالوا نحن بنو أبي أحيحة لا نعمل لاحد بعد رسول الله ص ابدا ثم مضوا إلى الشام فقتلوا جميعا.
امتناعه و أخوه عن البيعة
في أسد الغابة: تأخر خالد و أخوه أبان عن بيعة أبي بكر فقال لبني هاشم انكم لطوال الشجر طيبو الثمر و نحن تبع لكم فلما بايع بنو هاشم أبا بكر بايعه خالد و ابان اه و قال ابن عساكر: روى ابن إسحاق ان خالدا حين قدم من اليمن بعد وفاة رسول الله ص تربص ببيعته شهرين و في رواية ابن البنا ثلاثة أشهر.
و حكى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن أبي بكر احمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة ان خالد بن سعيد هذا كان قد تخلف عن بيعة أبي بكر و قال لا أبايع إلا عليا و في شرح النهج أيضا قال أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة [ثنا] حدثنا يعقوب عن أبي النصر عن محمد بن راشد عن مكحول ان رسول الله ص استعمل خالد بن سعيد بن العاص على عمل فقدم بعد ما قبض رسول الله ص و قد بايع الناس أبا بكر فدعاه إلى البيعة فأبى فقال عمر دعني و إياه فمنعه أبو بكر حتى مضت عليه سنة ثم مر به أبو بكر و هو جالس على بابه فناداه خالد أبا بكر هل لك في البيعة قال نعم قال فادن فدنا منه فبايعه خالد و هو قاعد على بابه اه و ياتي في خبر آخر أنه جاء اليه فبايعه على المنبر.
توليته إمارة الجيش الموجه للشام ثم عزله
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة: أبو زيد عن هارون بن عمر عن محمد بن سعيد بن الفضل عن أبيه عن الحارث بن كعب عن عبد الله بن أبي أوفى الجزاعي قال كان خالد بن سعيد بن العاص من عمال رسول الله ص جاء إلى المدينة و قد بايع الناس أبا بكر فاحتبس عن أبي بكر فلم يبايعه أياما و قد بايع الناس و أتى بني هاشم فقال أنتم الظهر و البطن و الشعار دون الدثار و العصا دون اللحا فإذا رضيتم رضينا و إذا سخطتم سخطنا حدثوني إن كنتم بايعتم هذا الرجل قالوا نعم قال على برد و رضا من جماعتكم قالوا نعم قال فانا أرضى و أبايع إذا بايعتم أما و الله يا بني هاشم أنكم لطوال الشجر الطيب الثمر ثم أنه بايع أبا بكر و بلغت أبا بكر فلم يحفل بها و اضطغنها عليه عمر فلما ولاه أبو بكر الجند الذي أستنفر إلى الشام قال له أ تولي خالدا و قد حبس عنك بيعته و قال لبني هاشم ما قال و قد جاء بورق من اليمن و عبيد و حبشان و دروع و رماح ما أرى أن توليه و ما آمن خلافه فانصرف عنه أبو بكر و ولى أبا عبيدة بن الجراح و يزيد بن أبي سفيان و شرحبيل بن حسنة اه.
و روى ابن [سعيد] سعد في الطبقات بسنده عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص قالت قدم أبي من اليمن إلى المدينة بعد أن بويع لابي بكر فقال لعلي و عثمان أ رضيتم بني عبد مناف أن يلي هذا الأمر عليكم غيركم فنقلها عمر إلى أبي بكر فلم يحملها أبو بكر على خالد و حملها عمر عليه و أقام خالد ثلاثة أشهر لم يبايع ثم مر عليه أبو بكر بعد ذلك مظهرا و هو في داره فسلم فقال له خالد أ تحب أن أبايعك فقال أبو بكر أحب أن تدخل في صالح ما دخل فيه المسلمون قال موعدك العشية أبايعك فجاء و أبو بكر على المنبر فبايعه و كان رأي أبي بكر فيه حسنا و كان معظما له فلما بعث أبو بكر الجنود على الشام عقد له على المسلمين و جاء باللواء إلى بيته فكلم عمر أبا بكر و قال تولي خالدا و هو القائل ما قال فلم يزل به حتى أرسل أبا أروى الدوسي فقال ان خليفة رسول الله يقول لك اردد إلينا لواءنا فأخرجه فدفعه اليه و قال و الله ما سرتنا ولايتكم و لا ساءنا عزلكم و ان المليم لغيرك (و هذا يدل على علو الهمة و كبر النفس) قال فما شعرت الا بأبي بكر دخل على أبي يعتذر اليه و يعزم عليه ان لا يذكر عمر بحرف (الحديث) ثم روى بسنده انه لما عزل أبو بكر خالدا ولى يزيد بن أبي سفيان جنده و دفع لواءه إلى يزيد و روى الطبري و تبعه ابن الأثير ان أول لواء عقده أبو بكر لحرب الروم لواء خالد بن سعيد بن العاص ثم عزله قبل ان يسير و ولى يزيد بن أبي سفيان و كان سبب عزله له ان خالد بن سعيد حين قدم من اليمن بعد وفاة رسول الله ص تربص ببيعته شهرين يقول قد أمرني رسول الله ص ثم لم يعزلني حتى قبضه الله- و يبعد ان يكون قال ذلك فإنه لا يصلح حجة للتأخر عن البيعة بل الظاهر انه قال لا أبايع الا علي بن أبي طالب كما مر- قال الطبري: و قد لقي علي بن أبي طالب و عثمان بن عفان فقال يا بني عبد مناف لقد طبتم نفسا عن أمركم يليه غيركم فاما أبو بكر فلم يحقدها و أما عمر فاضطغنها عليه ثم بعث أبو بكر الجنود إلى الشام و كان أول من استعمل على ربع منها خالد بن سعيد فاخذ عمر يقول أ تؤمره و قد صنع ما صنع و قال ما قال فلم يزل بأبي بكر حتى عزله و امر يزيد بن أبي سفيان.
و رواه الحاكم في المستدرك بسنده عن خالد بن سعيد مثله الا انه قال فلم يحملها بدل فلم يحقدها و حملها بدل فاضطغنها و قال صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه. و في تاريخ دمشق فلم يحفلها.
و الذي ذكره المؤرخون ان أبا سفيان لما شاغب بعد بيعة أبي بكر و جاء إلى علي بن أبي طالب يستفزه و رد عليه علي أقبح رد قيل له قد أمر أبو بكر ابنك يزيد قال وصلته رحم و سكت. و روى الطبري بسنده ان عمر بن الخطاب لم يزل يكلم أبا بكر في خالد بن الوليد و خالد بن سعيد ان لا يوليهما فأبى ان يطيعه في خالد بن الوليد و أطاعه في خالد بن سعيد بعد ما
أعيانالشيعة، ج6، ص: 292
فعل فعلته. و روى أيضا بسنده قال كان خالد بن سعيد بن العاص باليمن زمن النبي ص و توفي النبي ص و هو بها و قدم بعد وفاته بشهر و عليه جبة ديباج فلقي عمر بن الخطاب و علي بن أبي طالب فصاح عمر بمن يليه مزقوا عليه جبته أ يلبس الحرير و هو في رحالنا في السلم فمزقوا جبته فقال خالد يا أبا حسن يا بني عبد مناف أ غلبتم عليها. فقال علي ع أ مغالبة ترى أم خلافة؟ قال لا يغالب على هذا الأمر اولى منكم يا بني عبد مناف.
و قال عمر لخالد فض الله فاك و الله لا يزال كاذب يخوض فيما قلت ثم لا يضر الا نفسه فأبلغ عمر أبا بكر مقالته فلما عقد أبو بكر الالوية لقتال أهل الردة عقد له فيمن عقد فنهاه عنه عمر و قال انه لمخذول و انه لضعيف التروئة و لقد كذب كذبة لا يفارق الأرض مدل بها و خائض فيها فلا تستنصر به فلم يحتمل أبو بكر عليه و جعله [رداء] ردءا بتيماء بين الشام و وادي القرى أطاع عمر في بعض امره و عصاه في بعض ففصل حتى انزل بتيماء و قد امره أبو بكر ان لا يبرحها (فاما ان يبقى بعيدا بتيماء أو يقتل فتؤمن غائلته على الحالتين) و ان يدعو من حوله بالانضمام اليه و ان لا يقبل الا من لم يرتد و لا يقاتل الا من قاتله فاجتمع اليه جموع كثيرة و بلغ الروم عظم ذلك العسكر فضربوا على العرب الضاحية البعوث بالشام من بهراء و كلب و سليح و تنوخ و لخم و جذام و غسان فكتب خالد بن سعيد إلى أبي بكر بذلك فكتب اليه أبو بكر أقدم و لا تحجم و استنصر الله فسار إليهم خالد فلما دنا منهم تفرقوا فنزل منزلهم و دخل عامة من كان تجمع له في الإسلام و كتب خالد إلى أبي بكر في ذلك فكتب اليه أبو بكر أقدم و لا تقتحمن حتى لا تؤتى من خلفك فسار فيمن كان خرج معه من تيماء و فيمن لحق به فسار اليه بطريق من بطارقة الروم يدعى باهان فهزمه و قتل من جنده فكتب خالد إلى أبي بكر يستمده و كان قد قدم على أبي بكر أوائل مستنفري اليمن و من بين مكة و اليمن و فيهم ذو الكلاع و قدم عليه عكرمة بن أبي جهل قافلا و غازيا فيمن كان معه من تهامة و عمان و البحرين و السرو فقدموا على خالد بن سعيد و أرسل أبو بكر عمرو بن العاص و امره على فلسطين و أرسل الوليد بن عقبة و امره بالأردن و دعا يزيد بن أبي سفيان فأمره على جند عظيم و أمر أبا عبيدة بن الجراح على حمص. و لما قدم الوليد على خالد بن سعيد فسانده و قدمت جيوش المسلمين الذين كان أبو بكر امده بهم مع عكرمة و بلغه عن الأمراء و توجههم اليه اقتحم على الروم طلب الخطوة و اعرى ظهره و بادر الأمراء بقتال الروم و استطرد له باهان و اقتحم خالد في الجيش و معه ذو الكلاع و عكرمة و الوليد حتى نزل مرج الصفر فاجتمعت عليه مسالح باهان و أخذوا عليه الطرق و زحف اليه باهان فوجد ابنه سعيد بن خالد يستمطر «1» في الناس فقتله و من معه و اتى الخبر خالدا فهرب في جريدة فأفلت من أفلت من أصحابه على ظهور الخيل و الإبل و قد اجهضوا عن عسكرهم فوصل في هزيمته إلى ذي المروة بقرب المدينة و اقام عكرمة في الناس ردءا لهم فرد عنهم باهان و جنوده ان يطلبوه و اقام قريبا من الشام. و قدم شرحبيل بن حسنة وافدا من عند خالد بن الوليد فاستعمله أبو بكر على عمل الوليد بن عقبة فاتى شرحبيل على خالد بن سعيد ففصل عنه جماعة من أصحابه و أرسل أبو بكر معاوية بن أبي سفيان و امره باللحاق بأخيه يزيد فلما مر بخالد بن سعيد فصل ببقية أصحابه و كتب أبو بكر إلى خالد بن سعيد لما قدم ذا المروة أن أقم مكانك ثم أذن له بدخول المدينة فدخلها اه.
هكذا ذكر المؤرخون هذه القصة و فيها ما يستدعي التأمل من وجوه:
(أولا) خبر تمزيق الجبة ينافيه ما رواه ابن سعد في الطبقات عن عبد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن أشياخه ان خالد بن سعيد بن العاص و هو من المهاجرين قتل رجلا من المشركين ثم لبس سلبه ديباجا أو حريرا فنظر الناس اليه و هو مع عمر فقال عمر ما تنظرون من شاء فليعمل مثل عمل خالد ثم يلبس لباس خالد. فان هذا كان من خالد في السلم لا في الحرب و الا لم ينظر الناس اليه نظر انكار لأنه كان من المعلوم جواز لبس الحرير في الحرب و لذلك قال عمر في الرواية الأولى أ يلبس الحرير و هو في رحالنا في السلم و إذا كان لبس الحرير في الرواية الثانية من خالد في السلم فسبق قتله المشرك لا يسوغ له لبس الحرير
(ثانيا) إذا كان أمر بتمزيق جبته لأنها حرير و الحرير لا يجوز لبسه في السلم فما معنى قول خالد يا أبا حسن يا بني عبد مناف أ غلبتم عليها فهذا ليس جوابا لتمزيق الجبة بل كان عليه ان يسكت أو يجيب بحجة مقبولة و كيف يقره على هذا الجواب
(ثالثا) ما حكي في هذه القصة عن علي انه قال أ مغالبة ترى أم خلافة ما نراه الا ملحقا الحاقا و إذا كان علي قال له ذلك فكيف يقول له لا يغالب على هذا الأمر اولى منكم اي أنتم اولى من يغالب عليه فإنه يدل على انه مغالبة و قد قال له علي انه خلافة لا مغالبة
(رابعا) إذا كان هؤلاء الثلاثة ذو الكلاع و عكرمة و الوليد مع خالد بن سعيد فأين ذهبوا حين اجتمعت عليه مسالح باهان و هزمته و قتل باهان ابنه سعيدا و لما ذا لم ينصروه و لما ذا لم يصبهم ما أصابه فان قلنا انهم كانوا بعيدين عنه فالطبري يقول انهم كانوا معه يلوح لنا انهم قصدوا خذلانه و هلاكه فالوليد بن عقبة عدو علي الألد لم يكن لينصر وليه كذلك ذو الكلاع عضد معاوية الأيمن بصفين و قد لا يكون أقل منهما عكرمة.
(خامسا) كلام الطبري يدل على ان أبا بكر امره مرتين و عقد له لواءين مرة في قتال الروم و مرة في قتال أهل الردة و ان عمر عارضه في المرتين و منعه من توليته فاطاعه في المرة الأولى و عزله و ولى مكانه يزيد بن أبي سفيان و أطاعه في المرة الثانية في بعض أمره فلم يوله قتال أهل الردة و عصاه في البعض و هو عدم الاستنصار به أصلا فجعله ردءا بتيماء و لم يعارض في ذلك عمر إذ فيه التخلص منه بابعاد أو قتل.
و كلام ابن سعد يدل على ان أبا بكر لم يؤمره الا مرة واحدة على غزو الروم ثم عزله بإصرار عمر و انه سار في ذلك الجيش تحت راية شرحبيل بن حسنة فقتل و لم يتعرض لجعله ردءا بتيماء و لا ذكر هذه القصة أصلا فروى بسنده
انه لما عزل أبو بكر خالد بن سعيد اوصى به شرحبيل بن حسنة و كان أحد الأمراء فقال انظر خالد بن سعيد فاعرف له من الحق عليك مثلما كنت تحب ان يعرفه لك من الحق عليه لو خرج واليا عليك و قد عرفت مكانه من الإسلام و ان رسول الله ص توفي و هو له وال و قد كنت وليته ثم رأيت عزله و عسى ان يكون ذلك خيرا له في دينه ما أغبط أحدا بالامارة و قد خيرته في أمراء الأجناد فاختارك على غيرك على ابن عمه يعني يزيد بن أبي سفيان ثم أوصاه ان يستشيره بعد أبي عبيدة و معاذ بن جبل. ثم حكى عن الواقدي انه سال موسى بن محمد عن قول أبي بكر قد اختارك على غيرك فروى له عن أبيه ان خالد بن سعيد لما عزله أبو بكر كتب اليه اي الأمراء أحب إليك فقال ابن عمي في قرابته و هذا في ديني فاستحب ان يكون مع شرحبيل بن حسنة اه. و ذلك لما يعلمه من عداوة يزيد له و ان شرحبيل أخف وطاة عليه منه.
(سادسا) ان الطبري بعد ما ذكر قتله ابنه و انهزامه حتى بلغ ذا المروة بقرب المدينة ثم دخوله المدينة لم يذكر ما جرى له بعد ذلك و لكنه ذكر إرسال أبي بكر يزيد بن أبي سفيان و شرحبيل و أبا عبيدة و عمرو بن العاص و وصلهم إلى الشام و نزول الروم
أعيانالشيعة، ج6، ص: 293
(بثنية جلق) في سبعين ألفا قال فكتب عمرو بن العاص إلى أبي بكر يذكر له أمر الروم و يستمده و خرج خالد بن سعيد بن العاص و هو بمرج الصفر من ارض الشام في يوم مطير يستمطر «1» فتعاوى عليه أعلاج الروم فقتلوه اه. و هو يدل على انه كان مع الجيش الموجه لحرب الروم و فتح الشام و قال أيضا كان شرحبيل على كردوس و معه خالد بن سعيد و هو يدل أيضا على وجوده في فتح الشام لكن لم يسبق في كلامه ذكر لذلك. ثم قال ثم كانت مرج الصفر استشهد فيه خالد بن سعيد بن العاص أتاهم اربعة آلاف و هم غارون فاستشهد خالد و عدة من المسلمين فكلامه الأول يدل على انه تعاوى عليه اعلاج الروم فقتلوه و كلامه الثاني يدل على انه استشهد بهجوم اربعة آلاف عليهم و هم غارون ثم قال و قيل ان المقتول في هذه الغزوة ابنه و ان خالدا انحاز حين قتل ابنه و ذكر نحوه ابن الأثير على عادته.
و مما مر يعلم وقوع التشويش في كلامهم في هذه القصة و الذي ينبغي ان يكون هو الصواب ان أبا بكر امره في حرب الروم فمنعه عمر فعزله بعد ما امره و امره في حروب الردة فمنعه عمر أيضا فبعثه في جيش إلى تيماء و امره بالمقام هناك ليكون ردءا و يكون بمنزلة تبعيده و لذلك لم يعارض فيه عمر و تخاذل عنه من ذهبوا لنجدته فقتل ابنه و رجع هو إلى المدينة و فرق جيشه بين شرحبيل و معاوية ثم أرسل إلى الجيش الموجه لغزو الروم تحت راية شرحبيل فقتل بعد ما قتل ابنه فلم يبق له نسل.
مقتله
مر الخلاف في قتله انه كان باجنادين أو بمرج الصفر و قال ابن عساكر هذا صحيح ما قيل في موضع شهادته و كان يقول و هو يقاتل:
هل فارس كره القتال يعيرني رمحا إذا نزلوا بمرج الصفر
و روى ابن سعد في الطبقات عن الواقدي بسنده: شهد خالد بن سعيد فتح اجنادين و فحل و مرج الصفر و قتل باجنادين و كانت أم الحكيم بنت الحارث بن هشام تحت عكرمة بن أبي جهل فقتل عنها باجنادين فاعتدت اربعة أشهر و عشرا و كان يزيد بن أبي سفيان يخطبها و كان خالد بن سعيد يرسل إليها في عدتها يتعرض للخطبة فحطت إلى خالد بن سعيد فتزوجها على اربعمائة دينار فلما نزل المسلمون مرج الصفر أراد خالد ان يعرس بام حكيم فقالت لو أخرت حتى يفض الله هذه الجموع فقال ان نفسي تحدثني اني أصاب في جموعهم فاعرس بها عند القنطرة فيها سميت قنطرة أم حكيم و أولم عليها في صبح مدخله فدعا أصحابه على طعام فما فرغوا حتى صفت الروم صفوفها و برز رجل منهم معلم فبرز اليه أبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري فنهاه أبو عبيدة فبرز حبيب بن مسلمة فقتله حبيب و برز خالد بن سعيد فقاتل فقتل و شدت أم حبيب بنت الحارث عليها ثيابها و عدت و ان عليها الردع الخلوق في وجهها فقتلت سبعة بعمود الفسطاط الذي بات فيه خالد بن سعيد معرسا بها و كانت وقعة مرج الصفر في المحرم سنة 14 اه.