منع عمر از نقل حديث نه فقط تدوين



شرح مشكل الآثار (15/ 311)
أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321هـ)
باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمره بالتبليغ عنه، وحمده فاعل ذلك، وما يدخل في هذا المعنى، وما قد روي عن عمر من حبسه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذوي الرواية الكثيرة عنه قال أبو جعفر: قد ذكرنا فيما تقدم منا في كتابنا هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روي عنه في ذلك. فأما ما روي عن عمر رضي الله عنه مما كان منه بعده
مما قد حدثنا أبو أمية، حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه أن عمر رضي الله عنه حبس أبا مسعود، وأبا الدرداء، وأبا ذر [ص:312] حتى أصيب وقال: ما هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "
وهو ما حدثنا موسى بن أبي موسى الأنصاري، حدثنا أبي، عن معن بن عيسى، عن مالك بن أنس، عن عبد الله بن إدريس، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه: أن عمر رضي الله عنه قال لأبي مسعود، وأبي الدرداء، وأبي ذر: " ما هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ [ص:313] قال: وأحسبه حبسهم، حتى أصيب " فقال قائل: فما وجه هذا الذي رويتموه عن عمر، وهو إمام راشد مهدي، وأنتم تعلمون أنه لا يقف الناس على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بما يحدثهم به أصحابه عنه، وفيما كان من عمر ما يقطعهم عن ذلك مما كان منه؟ . فكان جوابنا له في ذلك: أن عمر كان مذهبه حياطة ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان الذين رووه عدولا، إذ كان على الأئمة تأمل ما يشهد به عندهم، ممن قد ثبت عدله عندهم، فكان عمر فيما يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يحفظه عنه كذلك أيضا، وكذلك فعل [ص:314] بأبي موسى مع عدله عنده، فيما حدث به عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مما لم يكن عنده في الاستئذان مما ذكرناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا، وقد وقف على ذلك منه أبي بن كعب، ومن سواه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين وقفوا على ذلك منه، ولم ينكروه عليه، ولم يخالفوه فيه، فدل ذلك على موافقتهم إياه عليه , ولما كان ذلك كذلك فعل في أمور الذين كان منه في حبسهم مما كان فعله في ذلك لهذا المعنى، لا لأن يقطعهم عن التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ما قد سمعوه منه، وكذلك كان أبو بكر رضي الله عنه قبله في مثل هذا
6049 - كما حدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب: أن مالكا، حدثه، عن ابن شهاب، عن عثمان بن إسحاق بن خرشة، عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر رضي الله عنه تسأله ميراثها، فقال أبو بكر: مالك في كتاب الله شيء، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فارجعي، حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعطاها السدس "، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري، فقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر، ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فسألته ميراثها، فقال: مالك في كتاب الله عز وجل شيء، وما كان القضاء به قضى به إلا في غيرك، وما أنا بزائد في الفرائض شيئا، ولكن هو ذلك السدس، فإن اجتمعتما، فهو [ص:315] بينكما، وأيتكما خلت به، فهو لها " [ص:316] أفلا ترى أن أبا بكر لم يكتف بشهادة المغيرة عنده بما شهد به مع عدالته عنده، حتى طلب منه شهادة غيره معه على مثل ذلك طلبا للاحتياط فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإشفاقا من أن يدخل فيه ما ليس منه أن يفعل ذلك فيه، فمثل ذلك ما كان عمر فعله، فيما ذكرناه عنه. وقد يحتمل أن يكون ما كان من الذين حبسهم فيما كان حبسهم فيه لتجاوز ما كان ينبغي أن يكون من أمثالهم، حتى خاف أن يقطعوا الناس بذلك، ويشغلوهم به عن كتاب الله عز وجل تأمله، والاستنباط للأشياء منه، مما فيه تعلو مرتبة المستنبطين على من سواهم ممن يقرؤه بقوله عز وجل: {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء: 83] ، ولذكره سواهم ممن يقرؤه بما سوى ذلك بقوله: {لا يعلمون الكتاب، إلا أماني} [البقرة: 78] , أي إلا تلاوة، فلم يحمد ذلك منهم، كما حمد أهل الاستنباط على الاستنباط. ويدل على ذلك ما قد رواه قرظة بن كعب، عنه في هذا المعنى
كما حدثنا يونس، وابن أبي عقيل قالا: حدثنا سفيان، عن بيان، عن عامر الشعبي، عن قرظة بن كعب قال: خرجنا نريد العراق فمشى معنا عمر بن [ص:317] الخطاب رضي الله عنه إلى صرار، فتوضأ، فغسل اثنتين، فقال: أتدرون لم مشيت معكم؟ قالوا: نعم، نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيت معنا، قال: إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل، فلا تصدوهم بالأحاديث، فتشغلوهم، جردوا القرآن، وأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، امضوا، وأنا شريككم، فلما قدم قرظة قالوا: حدثنا، قال: نهانا عمر بن الخطاب رضي الله عنه " واللفظ ليونس
وكما حدثنا الكيساني قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد، حدثنا شعبة، وكما حدثنا إبراهيم بن محمد بن يونس البصري، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة، قالا جميعا: عن بيان، قال: سمعت الشعبي يحدث، عن قرظة بن كعب قال: شيعنا عمر بن الخطاب، فتوضأ ثم قال: أتدرون لم شيعتكم؟ قالوا: نحن الأنصار قال: " إنكم تأتون أقواما تهتز ألسنتهم بالقرآن كاهتزاز النحل، فلا تصدوهم بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا شريككم، فما حدثت عنه بشيء، وسمعت كما سمع أصحابي " واللفظ للكيساني
وكما حدثنا يزيد بن سنان، حدثنا عمرو بن الهيثم القطعي، حدثنا المسعودي، عن أبي حصين، عن الشعبي، عن قرظة، قال: شيع عمر الناس فقال: " هل تدرون لم خرجت معكم؟ قالوا: لتكرمنا، قال: " ما خرجت معكم إلا لتقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا لكم في ذلك شريك "
وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا أبو عامر، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن سعد بن إبراهيم، عن الشعبي، عن قرظة بن كعب قال: أردت العراق في نفر من قومي، فقال عمر: إنكم ستجدون للناس تهدير النحل بالقرآن، فلا تلفتوهم، أقلوا الحديث، وأنا شريككم "
وكما حدثنا الكيساني، حدثنا أبي، حدثنا أبو يوسف، حدثنا أشعث بن سوار، وإسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن قرظة بن كعب الأنصاري أنه قال: أقبلت في نفر من الأنصار إلى الكوفة، فشيعنا عمر رضي الله عنه يمشي، حتى انتهينا إلى مكان قد سماه، ثم قال: " هل تدرون، لم مشيت معكم يا معشر الأنصار؟ قالوا: نعم لحقنا قال: إن لكم لحقا، وإنكم تأتون قوما لهم دوي بالقرآن، كدوي النحل، فأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا شريككم " فقال قرظة: لا أحدث حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا [ص:320] قال أبو جعفر: فدل هذا الحديث على أن عمر إنما أراد بما أراد مما في الأحاديث الأول، أن لا يقطعوا الناس عن كتاب الله عز وجل بما يحدثونهم به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك ما قد دل أنه إنما كره منهم هذا المعنى لا ما سواه مما يجمعون به التشاغل بكتاب الله عز وجل، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يستدلون به على معاني كتاب الله، لا بما يقطعون به عن كتاب الله عز وجل







تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة لأبي نعيم الأصبهاني (ص: 325)
أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (المتوفى: 430هـ)
فإن جعل إشخاص أبي ذر رضي الله عنه من الشام وحبسه بالمدينة طعنا على عثمان رضي الله عنه. قيل له: للأئمة إذا أحسوا باختلاف وفتنة أن يبادروا إلى حسمها وحبسها، وقد فعل ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحبس جماعة من الصحابة عنده بالمدينة ومنعهم من الخروج من المدينة ومنعهم أيضا أشياء كانت لهم مباحة من الملابس وغيرها خوفا أن يتأسى من لا علم له ولا ورع فيهم بذلك على ما ليس له أن يتناوله. والدليل على ما ذكرنا ما:
128 - حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبيه، وثنا محمد بن المظفر، ثنا محمد بن صالح، ثنا إسحاق بن موسى، ثنا معمر بن عيسى، ثنا مالك، عن عبد الله بن إدريس، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعبد الله بن مسعود ولأبي ذر ولأبي الدرداء: «ما هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم» قال: وأحسبه لم يدعهم يخرجون من المدينة حتى مات. وقال مالك: حبس أبا هريرة وأبا ذر وابن مسعود وغيرهم حتى قيل. وقال: «ما هذه الأحاديث التي تحدثونها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم»
129 - حدثني سليمان بن أحمد، ثنا يوسف بن يزيد، ثنا أسد بن موسى، ثنا معاوية بن صالح، حدثني ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن عامر اليحصبي، قال: سمعت معاوية على المنبر بدمشق يقول: «أيها الناس إياكم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثا كان يذكر على عهد عمر رضي الله عنه فإن عمر رضي الله عنه كان رجلا يخيف الناس في الله»




كتاب اللطائف من علوم المعارف (ص: 248)
محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الأصبهاني المديني، أبو موسى (المتوفى: 581هـ)
145 - أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، ثنا عبد الوهاب المعلم، ثنا سليمان بن أحمد الحافظ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي رحمه الله، ثنا محمد بن جعفر، ح قال سليمان: وثنا موسى بن هارون، ح وأخبرنا أبو علي الحداد وجعفر بن عبد الواحد قالا: أنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، ثنا أبو محمد بن حيان أبو الشيخ، ثنا عبدان وأبو صخرة، ومحمد بن محمد قالوا: ثنا إسحاق بن موسى الخطمي، ثنا معن بن عيسى، ثنا مالك، ثنا عبد الله بن إدريس، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه، أنه قال لابن مسعود، ولأبي الدرداء، أو لأبي ذر رضي الله عنهم: ما هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأحسبه قال: إنه لم يدعهم يخرجوا من المدينة حتى تابوا ".
هذا لفظ أحمد وفي رواية أبي الشيخ: عبد الله بن مسعود بدل أبي ذر رضي الله عنهما.
وفي بعض الروايات: أنه حبس أربعة غير مسميين، ولم نكتبه من حديث مالك إلا من رواية إسحاق، عن معن عنه



التوضيح لشرح الجامع الصحيح (3/ 516)
ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري (المتوفى: 804هـ)
ثم عليهم التبليغ إلى من وراءهم قوما بعد قوم، فالتبليغ فرض كفاية، والإصغاء فرض عين، والوعي والحفظ يترادان (1) على معنى ما يستمع، فإن كان مما يخصه تعين عليه، وإن كان يتعلق به وبغيره، أو بغيره، فالعمل فرض عين والتبليغ فرض كفاية (2).
وذلك عند الحاجة إليه ولا يلزمه أن يقوله ابتداء ولا بعضه، فقد كان قوم يكثرون الحديث فحبسهم عمر حتى مات وهم في سجنه (3).
__________
(1) كذا بالأصل، وفي "عارضة الأحوذي ": يتركبان.
(2) "عارضة الأحوذي" 10/ 125.
(3) هذا الأثر رواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" ص 553 (745) عن أبي عبد الله بن البري، عن عبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، عن معن بن عيسى، عن مالك بن أنس، عن عبد الله بن إدريس، عن شعبة بن الحجاج، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب حبس بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم ابن مسعود وأبو الدرداء، فقال: قد أكثرتم الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال أبو عبد الله بن البري: يعني منعهم الحديث، ولم يكن لعمر حبس. ورواه أيضا الطبراني في "الأوسط" 3/ 378 (3449) وقال: لم يحدث به إلا إسحاق بن موسى الأنصاري.
وقال الهيثمي في "المجمع" 1/ 149: رواه الطبراني في "الأوسط" وهذا أثر منقطع، وإبراهيم ولد سنة عشرين ولم يدرك من حياة عمر إلا ثلاث سنين، وابن مسعود كان بالكوفة، ولا يصح هذا عن عمر.
- ولقد ناقش ابن حزم هذا الخبر ورده حيث قال في "الإحكام في أصول الأحكام" 2/ 139: هذا مرسل ومشكوك فيه ولا يجوز الاحتجاج به، ثم هو في نفسه ظاهر الكذب والتوليد؛ لأنه لا يخلو عمر من أن يكون اتهم الصحابة، وفي هذا ما فيه، أو يكون نهى عن نفس الحديث، وعن تبليغ سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسلمين، وألزمهم كتمانها وجحدها وأن لا يذكروها لأحد، فهذا خروج عن الإسلام، وقد أعاذ الله أمير المؤمنين من كل ذلك، ولئن كان سائر الصحابة متهمين بالكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - فما عمر إلا واحد منهم، وهذا قول لا يقوله مسلم أصلا، ولئن كان حبسهم وهم غير متهمين لقد ظلمهم، فليختر المحتج لمذهبه الفاسد بمثل هذه == الروايات الملعونة أي الطريقتين الخبيثتين شاء، ولا بد له من أحدهما .. ثم قال: وقد حدث عمر بحديث كثير، فإنه قد روى خمسمائة حديث ونيفا على قرب موته من موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو كثير الرواية، وليس في الصحابة أكثر رواية منه إلا بضعة عشر منهم.





المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي (ص: 553)
أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي الفارسي (المتوفى: 360هـ)
باب من كره كثرة الرواية
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا حفص بن غياث، عن أشعث، عن الشعبي، عن قرظة بن كعب الأنصاري قال: قال عمر: «أقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا شريككم»
حدثني أبو عبد الله بن البري، ثنا عبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي الشيخ الصالح، ثنا معن بن عيسى، عن مالك بن أنس، عن عبد الله بن إدريس، عن شعبة بن الحجاج، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب، حبس بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ابن مسعود وأبو الدرداء فقال: «قد أكثرتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم» قال أبو عبد الله بن البري: يعني منعهم الحديث، ولم يكن لعمر حبس
حدثنا عبيد الله بن هارون بن عيسى، ينزل جبل رامهرمز ثنا إبراهيم بن بسطام، حدثنا أبو داود، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن محمد قال: أظنه ابن يوسف قال: سمعت السائب بن يزيد يحدث قال: أرسلني عثمان بن عفان إلى أبي هريرة فقال: قل له: " يقول لك أمير المؤمنين: ما هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد أكثرت لتنتهين أو لألحقنك بجبال دوس، وأت كعبا، فقل له: يقول لك أمير المؤمنين عثمان: ما هذا الحديث؟ قد ملأت الدنيا حديثا، لتنتهين أو لألقينك بجبال القردة "
حدثنا الحضرمي، ثنا سويد بن سعيد، ثنا عمرو بن يحيى بن سعيد، عن جده سعيد بن عمرو، عن عائشة أنها قالت لأبي هريرة: «ما أكثر ما تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنك لتحدث بأشياء ما سمعناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، فقال لها أبو هريرة: «كان يشغلك عنها المرآة والمكحلة، ولم يكن يشغلني عنها شيء»
حدثنا الحضرمي، ثنا حسن بن حماد الوراق، ثنا معاوية بن هشام، عن الوليد بن جميع، عن أبي سلمة قال: قيل لعائشة: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: «أدنوه مني» ، فأدنوه فقالت: «أذكرتني شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم» وذكر الحديث، كذا كان في الأصل
حدثنا عبدان، ثنا ضاهر بن نوح، ثنا عمر بن عبد الله البصري، حدثني أبي أن أبا هريرة، حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس جرب أحاديث، وقال: «إني أخرجت منها جرابين، ولو أخرجت الثالث لرميتموني بالحجارة»
حدثني أبي، ثنا يحيى بن حكيم، ثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سماك، عن أبي الربيع قال: سمعت أبا هريرة يقول: «بسطت ثوبي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جمع ثوبي فلاثه، فما نسيت شيئا بعد»





السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي (1/ 64)
مصطفى بن حسني السباعي (المتوفى: 1384هـ)
وهنا لا بد من التعرض لبحثين يتعلقان بموقف عمر من الحديث وموقف غيره كذلك.
الأول: هل حبس عمر أحدا من الصحابة لإكثاره من الحديث؟
الثاني: هل كان الصحابة يشترطون شروطا لقبول خبر الصحابي؟

هل حبس عمر أحدا من الصحابة لإكثاره الحديث؟:
المشهور المتردد على بعض الألسنة أن عمر - رضي الله عنه - حبس ثلاثة من كبار الصحابة لإكثارهم الحديث، وهم ابن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو ذر، وقد حاولت أن أعثر على هذه الرواية في كتاب معتبر فلم أجدها، ودلائل الوضع عليها ظاهرة، فابن مسعود كان من كبار الصحابة وأقدمهم إسلاما، وله مقام كبير في نفس عمر - رضي الله عنه -، حتى إنه حين أرسله إلى العراق امتن عليهم بإرساله إذ قال لهم: «ولقد آثرتكم بعبد الله على نفسي» وكان مقامه خلال خلافة عمر في العراق، وإنما أرسله إليها أهلها الدين والأحكام، ومن الأحكام ما يؤخذ من القرآن، وأكثرها أخذ من السنة، فكيف يحبسه عمر لتحديثه وهو إنما أرسله لهذا الغرض؟ أما أبو ذر وأبو الدرداء فلا يعلم عنهما كثير حديث. نعم كان أبو الدرداء معلم المسلمين بالشام، كما كان ابن مسعود في العراق، والغرابة في حبس عمر لابن مسعود تأتي أيضا في أبي الدرداء، فكيف يحبسه وهو معلمهم ومفقههم في دينهم؟ وهل كان عمر يريد منه ومن ابن مسعود أن يكتما بعض الحديث فيكتما بعض أحكام الدين عن المسلمين؟.



الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (2/ 137)
وأما ما ذكروا من نهي عمر رضي الله عنه في الإكثار من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فحدثنا محمد بن سعيد ثنا أحمد بن عون الله ثنا قاسم بن أصبغ ثنا الخشن ثنا بندار ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة عن بيان عن الشعبي عن قرظة هو ابن كعب الأنصاري قال شيعنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى صرار فانتهى إلى مكان فتوضأ فيه فقال أتدرون لما شيعتكم قلنا لحق الصحبة قال إنكم ستأتون قوم تهتز ألسنتهم بالقرآن كاهتزاز النخل فلا تصدروهم بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم قال قرظة فما حدثت بشيء بعد ولقد سمعت كما سمع الصحابي فهذا
لم يذكر فيه الشعبي أنه سمعه من قرظة وما نعلم أن الشعبي لقي قرظة ولا سمع منه بل لا شك في ذلك لأن قرظة رضي الله عنه مات والمغيرة بن شعبة أمير الكوفة
هذا مذكور في الخبر الثابت المسند وأول من نيح عليه بالكوفة قرظة بن كعب فذكر المغيرة عنده ذلك خبرا مسندا في النوح ومات المغيرة سنة خمسين بلا شك والشعبي أقرب إلى الصبا فلا شك في أنه لم يلق قرظة قط فسقط هذا الخبر بل قد ذكر بعض أهل العلم بالأخبار أن قرظة بن كعب مات وعلي رضوان الله عليه بالكوفة فصح يقينا أن الشعبي لم يلق قط قرظة ولا عقل عنه كلمة وحدثنا أيضا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا محمد بن عيسى بن رفاعة ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد ثنا أبو بكر هو ابن عياش عن أبي حصين يرفعه إلى عمر أنه حين وجه الناس إلى العراق قال جردوا القرآن وأقلوا الراوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم قال أبو محمد وأبو حصين لم يولد إلا بعد موت عمر بدهر وأعلى من عنده ابن عباس والشعبي قال علي وروي عنه أيضا أنه رضي الله عنه أنه حبس ابن مسعود من أجل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما روينا بالسند المذكور إلى بندار ثنا غندر ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال قال عمر لابن مسعود ولأبي الدرداء وأبي ذر ما هذا الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأحسبه أنه لم يدعهم أن يخرجوا من المدينة حتى مات قال علي هذا مرسل ومشكوك فيه من شعبة فلا يصح ولا يجوز الاحتجاج به ثم هو في نفسه ظاهر الكذب والتوليد لأنه لا يخلو عمر من أن يكون اتهم الصحابة وفي هذا ما فيه أو يكون نهى عن نفس الحديث وعن تبليغ سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين وألزمهم كتمانها وجحدها وأن لا يذكروها لأحد فهذا خروج عن الإسلام وقد أعاذ الله أمير المؤمنين من كل ذلك ولئن كان سائر الصحابة متهمين في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم فما عمر إلا واحد منهم
وهذا قول لا يقوله مسلم أصلا
ولئن كان حسبهم وغيرهم متهمين لقد ظلمهم فليختر المحتج لمذهبه الفاسد بمثل هذه الروايات الملعونة أي الطريقتين الخبيثتين شاء ولا بد له من أحدهما وإنما معنى نهي عمر رضي الله عنه من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو صح فهو بين في الحديث الذي أوردناه من طريق قرظة وإنما نهى عن الحديث بالأخبار عمن سلف من الأمم وعما أشبه وأما بالسنن عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن النهي عن ذلك هو مجرد وهذا ما لا يحل لمسلم أن يظنه ممن دون عمر من عامة المسلمين فكيف بعمر رضي الله عنه ودليل ما قلنا أن عمر قد حدث بحديث كثير عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان الحديث عنه عليه السلام مكروها فقد أخذ عمر من ذلك بأوفر نصيب ولا يحل لمسلم أن يظن بعمر رضي الله عنه أنه نهى عن شيء وفعله لأنه قد روي عنه رضوان الله عليه خمسمائة حديث ونيف على قرب موته من موت النبي صلى الله عليه وسلم فصح أنه كثير الرواية والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وما في الصحابة أكثر رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم من عمر بن الخطاب إلا بضعة عشر منهم فقط فصح أنه قد أكثر الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فصح بذلك التأويل الذي ذكرنا لكلامه رضي الله عنه وهكذا القول فيما روي من ذلك عن معاوية رضي الله عنه ولا فرق



البلاغة العمرية (ص: 105)
محمد سالم الخضر
[153] ومن كلام له - رضي الله عنه -
لحذيفة وابن مسعود وأبي الدرداء وأبي ذر وعقبة بن عامر - رضي الله عنهم -
((ما هذه الأحاديث التي أفشيتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الآفاق؟)) قالوا: أتتهمنا؟! قال: ((لا، ولكن أقيموا عندي ولا تفارقوني ما عشت، فنحن أعلم بما ناخذ منكم وما نرد عليكم (2)))،
فما فارقوه حتى مات، وما خرج ابن مسعود إلى الكوفة ببيعة عثمان إلا من حبس عمر في هذا السبب (1).
_________
(2) قال الطحاوي في (شرح مشكل الآثار: 15/ 313): (قال قائل: فما وجه هذا الذي رويتموه == عن عمر، وهو إمام راشد مهدي، وأنتم تعلمون أنه لا يقف الناس على ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بما يحدثهم به أصحابه عنه، وفيما كان من عمر ما يقطعهم عن ذلك مما كان منه؟
فكان جوابنا له في ذلك: أن عمر كان مذهبه حياطة ما يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان الذين رووه عدولا، إذ كان على الأئمة تأمل ما يشهد به عندهم، ممن قد ثبت عدله عندهم، فكان عمر فيما يحدث به عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما لا يحفظه عنه كذلك أيضا، وكذلك فعل بأبي موسى مع عدله عنده، فيما حدث به عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما لم يكن عنده في الاستئذان مما ذكرناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا، وقد وقف على ذلك منه أبي بن كعب، ومن سواه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين وقفوا على ذلك منه، ولم ينكروه عليه، ولم يخالفوه فيه، فدل ذلك على موافقتهم إياه عليه، ولما كان ذلك كذلك فعل في أمور الذين كان منه في حبسهم مما كان فعله في ذلك لهذا المعنى، لا لأن يقطعهم عن التبليغ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس ما قد سمعوه منه، وكذلك كان أبو بكر - رضي الله عنه - قبله في مثل هذا).
(1) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 40/ 500 وابن كثير في مسند الفاروق: 2/ 624 وجود إسناده.




تاريخ دمشق لابن عساكر (40/ 500)
أخبرنا أبو البركات الأنماطي أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علي البزار أنا أبو الفرج محمد بن عمر بن محمد الجصاص نا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل قال قرأت على أبي بكر العسكري قلت له أخبرك إبراهيم بن الجنيد نا سعيد بن سليمان نا يونس بن بكير نا محمد بن إسحاق أخبرني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال والله ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجمعهم من الآفاق عبد الله وحذيفة وأبي (11) الدرداء وأبي (12) ذر وعقبة بن عامر فقال ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتم عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الآفاق فقالوا أتنهانا قال لا أقيموا عندي لا والله لا تفارقوني ما عشت فنحن أعلم ما نأخذ ونرد عليكم فما فارقوه حتى مات وما خرج ابن مسعود إلى الكوفة (1) عثمان إلا من حبس عمر في هذا السبب قال وأنا إبراهيم بن الجنيد نا أحمد بن خالد بن مهران قال سمعت يزيد بن هارون يقول بلغني أن أقواما قالوا في حديث شعبة أن عمر حبس فلانا وفلانا على التهمة وبئس ما قالوا إنما هذا على أن يقلوا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يشغلهم عن القرآن
_________
(1) كلمة غير مقروءة بالاصل