ذهبي: ابن حنبل حديث ضعيف را بر قياس مقدم ميداشت


تاريخ الإسلام ت بشار (12/ 1111)

قلت: ومع تبحر ابن الجوزي في العلوم، وكثرة اطلاعه، وسعة دائرته، لم يكن مبرزا في علم من العلوم، وذلك شأن كل من فرق نفسه في بحور العلم، ومع أنه كان مبرزا في التفسير، والوعظ، والتاريخ، ومتوسطا في المذهب، متوسطا في الحديث، له اطلاع تام على متونه، وأما الكلام على صحيحه وسقيمه، فما له فيه ذوق المحدثين، ولا نقد الحفاظ المبرزين، فإنه كثير الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة، مع كونه كثير السياق لتلك الأحاديث في الموضوعات، والتحقيق أنه لا ينبغي الاحتجاج بها، ولا ذكرها في الموضوعات، وربما ذكر في الموضوعات أحاديث حسانا قوية.

ونقلت من خط السيف أحمد ابن المجد، قال: صنف ابن الجوزي كتاب الموضوعات، فأصاب في ذكره أحاديث شنيعة مخالفة للنقل والعقل، ومما لم يصب فيه إطلاق الوضع على أحاديث بكلام بعض الناس في أحد رواتها، كقوله: فلان ضعيف، أو ليس بالقوي، أو لين، وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه، ولا فيه مخالفة ولا معارضة لكتاب ولا سنة ولا إجماع، ولا حجة بإنه موضوع، سوى كلام ذلك الرجل في راوية، وهذا عدوان ومجازفة، وقد كان أحمد بن حنبل يقدم الحديث الضعيف على القياس. [ص:1112]