اسرائيليات
مع الاثنى عشرية في الأصول والفروع (ص: 389)
الإسرائيليات:
ولهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدى الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين: ابن مسعود وابن عباس، ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث قال: " بلغوا عنى ولو آية، وحدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج، ومن كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو؛ ولهذا كان عبد الله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك، ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها على ثلاثة أقسام:
" أحدها " ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
و" الثاني " ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
و"الثالث " ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر دينى، ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيراً، ويأتى عن المفسرين خلاف بسبب ذلك،
مسند أحمد ط الرسالة (11/ 526)
6934 - حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام، حدثني مولى لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الشمس حين غربت، فقال: " في نار الله الحامية ، لولا ما يزعها (1) من أمر الله لأهلكت ما على الأرض " (2)
__________
(1) في هامش (س) : يزعها: يكفها ويمنعها.
(2) إسناده ضعيف لجهالة مولى عبد الله بن عمرو، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. العوام: هو ابن حوشب.
وأخرجه الطبري في "التفسير" 16/10 [الكهف: 86] من طريق يزيد بن هارون، شيخ أحمد، بهذا الإسناد.
وذكره ابن كثير في "تفسيره" 5/188، وقال: وفي صحة رفع هذا الحديث نظر، ولعله من كلام عبد الله بن عمرو من زاملتيه اللتين وجدهما يوم اليرموك، والله أعلم.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/131، وقال: رواه أحمد، وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 4/248، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وابن منيع، وأبي يعلى، وابن مردويه.
قوله: "في نار الله الحامية"، أي: غربت في نار الله الحارة.
قوله: "يزعها"، أي: يكفها ويمنعها من وزعه: إذا منعه وحبسه، والضمير يحتمل أن يكون للنار، ويحتمل أن يكون للشمس. قاله السندي.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد - حطيبة (3/ 14، بترقيم الشاملة آليا)
أما رواية البخاري عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؛ لأن ابن عمرو في بعض الفتوح وجد زاملتين من كتب أهل الكتاب فأخذها وقرأها، فكان يعرف أشياء من التوراة لا يعرفها غيره من المسلمين، فهذا السائل هو عطاء بن يسار يقول له: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة.
قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الفتح:8] وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر.
هذه كانت بشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم في التوراة وأن هذه صفاته عليه الصلاة والسلام، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقول لا إله إلا الله ويفتح بها أعيناً عمياء وآذاناً صماء وقلوباً غلفاً.
تفسير البغوي - إحياء التراث (1/ 16)
ث- تفسير القرآن بأقوال الصحابة
وذلك إذا لم تجد التفسير لآية في القرآن ولا في السنة رجعت إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى لما شاهدوه، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح، كالخلفاء الأربعة وابن مسعود، وابن عباس. لذا فغالب ما يرويه إسماعيل السدي الكبير في «تفسيره» إنما عن ابن مسعود وابن عباس، ولكن ينقل عنهم ما يحكونه عن أهل الكتاب أحيانا، وقد أباح ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» (هو بعض حديث أخرجه البخاري وأحمد والدارمي والترمذي، ولهذا كان عبد الله بن عمرو، قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما أحيانا.
ج- والإسرائيليات ثلاث أقسام
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فهذا صحيح.
الثاني: ما علمنا كذبه لكونه خالف ما عندنا.
الثالث: مسكوت عنه، فلا نكذبه ولا نصدقه، وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك لا فائدة فيه تعود على الدين.
ولذا يختلف علماء أهل الكتاب فيظهر هذا أثناء النقل عنهم مثل: أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعدتهم، وعصا موسى، وأسماء الطيور التي أحياها إبراهيم عليه السلام ... إلخ، مما أبهمه القرآن لأنه لا فائدة في تعيينه، ونقل الخلاف عنهم جائز كما قال تعالى: سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم [الكهف: 22] الآية. فقد اشتملت هذه الآية على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين، وسكت عن الثالث فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما، ثم أرشد إلى أن العلم بعدهم لا طائل تحته.
فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف، وذلك بأن تستوعب الأقوال، ثم ينبه على الصحيح، ويبطل الباطل، وتذكر فائدة الخلاف.
تفسير ابن كثير ت سلامة (1/ 8)
ولهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره، عن هذين الرجلين: عبد الله بن مسعود وابن عباس، ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب، التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري عن عبد الله (10) ؛ ولهذا كان عبد الله بن عمرو يوم اليرموك قد أصاب زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بما فهمه
تفسير ابن كثير ت سلامة (4/ 563)
__________
(4) رواه الخطيب البغدادي في تاريخه (10/234) من طريق سعيد بن منصور، عن خالد بن عبد الله، عن سهيل بن أبي صالح به. وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (1/20) : "قلت: الموقوف على عبد الله بن عمرو بن العاص أشبه، فإنه قد كان وجد يوم اليرموك زاملتين مملوءتين كتبا من علوم أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بأشياء كثيرة من الإسرائيليات منها المعروف والمشهور والمنكور والمردود، فأما المعروف فتفرد به عبد الرحمن بن عبد الله بن عمرو بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو القاسم المدني قاضيها. قال فيه الإمام أحمد: ليس بشيء وقد سمعته منه، ثم مزقت حديثه كان كذابا وأحاديثه مناكير. وكذا ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والجوزجاني والبخاري وأبو داود والنسائي. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه مناكير وأفظعها حديث البحر".
تفسير ابن كثير ت سلامة (5/ 192)
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا (3) العوام، حدثني مولى لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت، فقال: "في نار الله الحامية [في نار الله الحامية] (4) ، لولا ما يزعها من أمر الله، لأحرقت ما على الأرض".
قلت: ورواه الإمام أحمد، عن يزيد بن هارون (5) . وفي صحة رفع هذا الحديث نظر، ولعله من كلام عبد الله بن عمرو، من زاملتيه اللتين وجدهما يوم اليرموك، والله أعلم.
تفسير ابن كثير ت سلامة (7/ 423)
وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله بن أخي ابن وهب، حدثنا عمي عبد الله بن وهب، حدثني عبد الله -يعني: ابن عياش (1) -القتباني، حدثني عبد الله بن سليمان، عن دراج، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الريح مسخرة من الثانية -يعني من الأرض الثانية-فلما أراد الله أن يهلك عادا أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عادا، قال: أي رب، أرسل عليهم [من] (2) الريح قدر منخر الثور؟ قال له الجبار: لا إذا تكفأ الأرض ومن عليها، ولكن أرسل [عليهم] (3) بقدر خاتم. فهي التي يقول (4) الله في كتابه: {ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم}
هذا الحديث رفعه منكر (5) ، والأقرب أن يكون موقوفا على عبد الله بن عمرو، من زاملتيه اللتين (6) أصابهما يوم اليرموك، والله أعلم.
نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (2/ 635)
---------------
وَقَالَ فِي حَاشِيَة الْمصدر نَفسه ص"351" هَامِش "4": "وَقد ذكر مَحْمُود أَبُو رية صَاحب كتاب أضواء على السّنة المحمدية أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو "كَانَ أصَاب زَامِلَتَيْنِ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَانَ يَرْوِيهَا لِلنَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فتجنب الْأَخْذ عَنهُ كثير من أَئِمَّة التَّابِعين، وَكَانَ يُقَال لَهُ: لَا تحدثنا عَن الزاملتين. ص166 جـ1 فتح الْبَارِي". انْتهى مَا نَقَلْنَاهُ عَن أضواء على السّنة المحمدية. قَالَ: "وَمن العجيب أَن يسمع إِنْسَان مثل هَذَا الْخَبَر ويصدقه لِأَن الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم، كَانُوا أدق النَّاس لِسَانا، وأنقى الْأمة قلوبًا، وأخلص الْبَريَّة للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَا يعقل أَن يكذب أَمْثَال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله عَنْهُمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فيعزو إِلَيْهِ مَا سَمعه من أهل الْكتاب فهرعت إِلَى فتح الْبَارِي وَإِذا بِهِ -شهد الله- خَالِيا من عبارَة أبي رية، فَلَيْسَ فِي قَول ابْن حجر "عَن النَّبِي" إِنَّمَا زَادهَا الْكَاتِب من عِنْده.
فَهَل تَكْذِيب الصَّحَابَة والافتراء عَلَيْهِم، والانتحال على الْعلمَاء أَمْثَال ابْن حجر وَغَيره من الْأَمَانَة العلمية؟؟ وَقد ثَبت لنا سوء نِيَّة أبي رية فِي مَوَاضِع كَثِيرَة يظْهر بَعْضهَا فِي بحثنا عَن أبي هُرَيْرَة" انْتهى.
وَانْظُر: أضواء على السّنة المحمدية/ الطبعة الأولى ص"162" هَامِش "3" وَانْظُر: فتح الْبَارِي طبعة المكتبة السلفية 207/1، والأنوار الكاشفة ص"125".
فتح الباري لابن حجر (1/ 207)
رابعها أن عبد الله كان قد ظفر في الشام بحمل جمل من كتب أهل الكتاب فكان ينظر فيها ويحدث منها فتجنب الأخذ عنه لذلك كثير من أئمة التابعين والله أعلم تنبيه قوله ولا أكتب قد يعارضه