سيد حميري شاعر


الذريعةإلى‏تصانيف‏الشيعة، ج‏4، ص: 158
769: ترجمة السيد الحميري‏
إسماعيل بن محمد الحميري المولود سنة (105) و المتوفى‏ سنة (173) أو بعده، لبعض قدماء الأصحاب، أوله: الحمد لله ولي الحمد و الصلاة و السلام على أشرف الرسل حبيبه محمد و آله أكثره منقول عن المرزباني، قال المؤلف أخبرنا على سبيل الإجازة أبو عبد الله (عبيد الله) محمد بن عمران بن موسى المرزباني عن أشياخه، و هكذا يقول أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني إلى آخر الموجود من النسخة للكتاب و هو في ست عشرة صحيفة ضمن مجموعة مكتوبة حدود سنة (1050) توجد عند الشيخ محمد علي الأردوبادي‏




أعيان‏الشيعة، ج‏3، ص: 405
إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة
و لقبه مفرغ المعروف بالسيد الحميري الشاعر المشهور و كنيته أبو هاشم كما ذكره الأكثر أو أبو عامر كما عن رجال الشيخ و السيد لقبه ولد بعمان و نشا بالبصرة حكاه في لسان الميزان عن أبي الفرج بن الجوزي في المنتظم و كانت ولادته سنة 105 و توفي ببغداد سنة 173 و دفن بالجنينة. روى تاريخ ولادته و وفاته المرزباني عن العباسة ابنة السيد كما وجدناه في النبذة المختارة من تلخيص اخبار شعراء الشيعة للمرزباني المشار إليها في احمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن حمدون الكاتب و رواه غيره أيضا و في لسان الميزان عن ابن الجوزي في المنتظم انه توفي سنة 179 قال و أرخه غيره سنة 178 و كانت وفاته في خلافة الرشيد ففي الاغاني: ذكر محمد بن إدريس العتبي عن معاذ بن يزيد الحميري ان السيد عاش إلى خلافة الرشيد و في أيامه مات (و فيه) بسنده عن بشير بن عمار الصيرفي قال حضرت وفاة السيد في الرميلة ببغداد إلى ان قال و دفناه في الجنينة ببغداد و ذلك في خلافة الرشيد (انتهى).
نسبته‏
(الحميري) نسبة إلى حمير بحاء مهملة مكسورة و ميم ساكنة و مثناة تحتية مفتوحة و راء مهملة قبيلة معروفة من اليمن. و في أنساب السمعاني:
هي من أصول القبائل نزلت أقصى اليمن و في ذلك يقول المترجم:
اني امرؤ حميري حين تنسبني لذي رعين و اخواني ذوي يزن‏
جدي رعين و أخوالي ذوو يزن ثم الولاء الذي أرجو النجاة به‏
يوم القيامة للهادي أبي الحسن‏


نسبه‏
في معالم العلماء: السيد أبو هاشم إسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع بن مفرغ الحميري (انتهى) و عن المرزباني في معجم الشعراء انه إسماعيل بن محمد بن وداع الحميري. و في الاغاني: السيد لقبه و اسمه‏
أعيان‏الشيعة، ج‏3، ص: 406
إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة مفرغ «1» الحميري و يكنى أبا هاشم (و أمه) امرأة من الأزد ثم من بني الحدان (و جده) يزيد بن ربيعة شاعر مشهور و هو الذي هجا زيادا و بنيه و نفاهم عن آل حرب و حبسه عبيد الله بن زياد لذلك و عذبه ثم أطلقه معاوية. عن إسحاق بن محمد النخعي سمعت ابن عائشة و القحذمي يقولان هو يزيد بن مفرغ و من قال انه يزيد بن ربيعة فقد أخطأ. و مفرغ لقب ربيعة لانه راهن ان يشرب عسا من لبن فشربه حتى فرغه فلقب مفرغا و كان شعابا «2» بسيالة «3» ثم صار إلى البصرة (انتهى) فحيث انه عرف بيزيد بن المفرغ ظن ابن عائشة و القحذمي ان اسم أبيه مفرغ فخطأ من قال ان اسمه ربيعة فلذلك تعقبهما أبو الفرج بان مفرغا لقب ربيعة فلا خطا. و حينئذ فمفرغ بلفظ اسم الفاعل من فرغ بالتشديد.
تلقيبه بالسيد
سيادته لغوية لا انه فاطمي أو علوي قال الكشي في كتاب رجاله:
روي ان أبا عبد الله" ع" لقي السيد بن محمد الحميري فقال سمتك أمك سيدا و وفقت في ذلك و أنت سيد الشعراء ثم انشد السيد في ذلك:
و لقد عجبت لقائل لي مرة علامة فهم من الفقهاء
سماك قومك سيدا صدقوا به أنت الموفق سيد الشعراء
ما أنت حين تخص آل محمد بالمدح منك و شاعر بسواء
مدح الملوك ذوو الغنى لعطائهم و المدح منك لهم بغير عطاء
فأبشر فانك فائز في حبهم و لقد وردت عليهم بجزاء
ما تعدل الدنيا جميعا كلها من حوض أحمد شربة من ماء

أقوال العلماء فيه‏
ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق" ع" فقال:
إسماعيل بن محمد الحميري السيد الشاعر يكنى أبا عامر (انتهى) و في الفهرست: السيد بن محمد اخباره تأليف الصولي أخبرنا بها احمد بن عبدون عن أبي بكر الدوري عن الصولي (انتهى) و الصولي هذا هو أبو بكر الصولي العالم المؤلف المشهور و مر في احمد بن إبراهيم بن احمد العمي ان له كتاب اخبار السيد الحميري و كتاب شعره. و كفى في جلالة شان السيد و اعتناء العلماء به تأليف هؤلاء الكتب في اخباره و أشعاره، يرويها العلماء بأسانيدهم عنهم. و ذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء في شعراء أهل البيت المجاهرين و ذلك انه قال في آخر المعالم باب في بعض شعراء أهل البيت ع و هم على اربع طبقات: المجاهرون، و المقتصدون، و المتقون، و المتكلفون ثم قال: فصل في المجاهرين: السيد أبو هاشم إسماعيل بن محمد بن يزيد بن محمد بن وداع بن مفرغ الحميري من أصحاب الصادق و لقي الكاظم ع و كان في بدء الأمر خارجيا ثم كيسانيا ثم إماميا و قيل لأبي عبيدة من أشعر الناس قال من شبه رجلا بريح عاد يريد قوله:
إذا أتى معشرا يوما أنامهم إنامة الريح في تدميرها عادا

و قال بشار: لو لا ان هذا الرجل شغل عنا بمدح بني هاشم لأتعبنا.
و سمع مروان بن أبي حفصة القصيدة المذهبة فقال لكل بيت سبحان الله ما أعجب هذا الكلام. و قال التوزي لو قرئت القصيدة التي فيها
(ان يوم التطهير يوم عظيم)


على المنبر ما كان بذلك بأس و قال بعضهم جمعت من شعره ألفين و مائتي قصيدة و زعمت انه لم يذهب علي منه شي‏ء فبينا انا ذات يوم أنشد شعرا فقلت لمن هذا قالوا للسيد الحميري فقلت في نفسي ما اراني في شي‏ء بعد الذي جمعته. و ذكر ابن المعتز في طبقات الشعراء انه رئي حمال في بغداد مثقل فسئل عن حمله فقال ميميات السيد. و قيل له لم لا تقول شعرا فيه غريب فقال: أقول ما يفهمه الصغير و الكبير و لا يحتاج إلى التفسير و أنشأ:
أيا رب اني لم أرد بالذي به مدحت عليا غير وجهك فارحم‏

(انتهى المعالم). و ياتي تفسير قوله و كان في بدء الأمر خارجيا.
و عن التحرير الطاوسي: إسماعيل بن محمد الحميري حاله في الجلالة ظاهر و مجده باهر فلنكتف بهذا (انتهى) و في الوجيزة انه ممدوح. و قال العلامة في الخلاصة: إسماعيل بن محمد الحميري ثقة جليل القدر عظيم الشأن و المنزلة رحمه الله تعالى (انتهى) و في تكملة الرجال للشيخ عبد النبي الكاظمي نزيل جويا من جبل عامل التي هي بمنزلة الذيل لنقد الرجال:
نقل المصنف و غيره عن الخلاصة انه ثقة جليل القدر عظيم المنزلة فراجعتها و فيها فقيه جليل القدر (انتهى) و هو الأقرب لانه من المعلوم أنه كان يشرب الخمر و مع ذلك كان مصرا عليه و لم يعلم أنه تاب و أما انه ترحم عليه الصادق" ع" و انه من الأولياء و غير ذلك فهو من وفور محبته و ولائه و هو غير ارتكاب الكبيرة المسقطة للاتصاف بالعدالة (انتهى) (أقول) في نسخة عندي من الخلاصة منقولة عن نسخة ولد ولد المصنف و مقابلة عليها كلمة (ثقة) و هو الموافق لاكثر النسخ المصححة بل لجميعها فإنه لم ينقل أحد عن الخلاصة لفظة فقيه غيره و قد ذكره في الخلاصة في القسم الأول و ان دل بعض الاخبار على فقاهته كخبره الآتي مع الكميت و قول الكميت له أنت اعلم و أفقه منا. و ما في الاغاني من ان امرأة من الخوارج قالت له المتعة أخت الزنا فقال أعيذك بالله ان تكفري بالقرآن بعد الايمان فان الله عز و جل قال فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة و لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة. و لكن ليس لنا ما يدل على وثاقته ان لم يوجد ما يدل على عدمها و المستفاد من الاخبار الآتية فيه و مدح الصادق" ع" له و ترحمه عليه رجاء التجاوز عن سيئاته بعظيم حسناته في ذبه عن أهل البيت الطاهر و نشر فضائلهم كقوله" ع" و قد قيل له انه يشرب الخمر فقال و ما ذلك على الله بعظيم ان يغفر لمحب علي" ع" و قوله ان زلت له قدم فقد ثبتت له أخرى فلذلك قال ابن طاوس ما مر من المدح و لم يذكر الوثاقة و اكتفى صاحب الوجيزة بجعله ممدوحا و لكن سياتي عن المرزباني انه تاب و أرسل إلى الصادق ع بتوبته و روى الكشي كما ياتي في ترجمة يونس بن عبد الرحمن يقال انتهى علم الأمة إلى أربعة نفر أولهم سلمان الفارسي و الثاني جابر و الثالث السيد و الرابع يونس بن عبد الرحمن (انتهى) و المراد بالسيد هو السيد الحميري لتبادره عند الإطلاق و لمناسبة الترتيب بين الأربعة بحسب العصر. و في مجالس المؤمنين: أنه كان من أكابر أهل زمانه و أحرز قصب السبق في مضمار الفصاحة و البلاغة على اقرانه و ذكروا أن دفاتر ميمياته كانت حمل بعير و في تذكرة ابن المعتز أنه كان للسيد أربع بنات كل واحدة منهن تحفظ اربعمائة قصيدة من قصائده و لم يترك فضيلة و لا منقبة
أعيان‏الشيعة، ج‏3، ص: 407
من فضائل أمير المؤمنين ع و مناقبه الا نظم فيها شعرا على ان فضائله و مناقبه ع لا يحيط بها نطاق النظم و النثر. و ذكر عبد الله بن المعتز في تذكرته ان أبوي السيد كليهما كانا أباضيين و كان يزجرهما و يردهما عن عقيدة النصب الباطلة و ذكروا انه سئل السيد كيف صرت شيعيا مع انك شامي حميري فقال صبت علي الرحمة صبا فكنت كمؤمن آل فرعون و ذلك ان الحميريين كانوا من اتباع معاوية بصفين و كان ذو الكلاع الحميري من قواد معاوية فيها و نقل ابن كثير الشامي في تاريخه عن الاصمعي انه قال في السيد الحميري: لو لا تعرضه للسلف في شعره ما قدمت عليه أحدا في طبقته، قال صاحب المجالس: صحة العقيدة و فسادها لا دخل له في جودة الشعر و رداءته و التقدم و التأخر فيه لكن الأصمعي لعداوته لأهل بيت النبوة يقول هذا في حق مداحهم وفقا للمثل المشهور و كل إناء بالذي فيه يرشح، و يعلم صحة ذلك مما حكاه الشيخ نور الدين علي بن عراف المصري في تذكرته عن أبي العيناء انه قال سمعت أبا قلابة الجرمي يقول في جنازة الاصمعي:
قبح الله أعظما حملوها نحو دار البلا على خشبات‏
أعظما تبغض النبي و أهل البيت الطيبين و الطاهرات‏

" انتهى المجالس" و في المناقب عن كامل المبرد كان اصمع بن مظفر جد الاصمعي قطعه علي ع في السرقة فكان الاصمعي يبغضه قيل له من أشعر الناس قال من قال:
كان أكفهم و الهام تهوي عن الأعناق تلعب بالكرينا

فقالوا السيد الحميري فقال هو و الله ابغضهم إلي و سبه (انتهى) و في لسان الميزان: إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة السيد الحميري الشاعر المفلق يكنى أبا هاشم كان رافضيا خبيثا. قال الدارقطني كان يذم السلف في شعره و يمدح عليا رضي الله عنه. قلت اخباره مشهورة و لا استحضر له رواية و قال عمر بن شبة سمعت محمد بن أبي بكر المقدمي يقول سمعت جعفر بن سليمان ينشد شعر السيد الحميري و كان أبو عبيدة معمر بن المثنى يرويه. و قال البلاذري في تاريخه: حدثني عبد الأعلى النرسي قال رأيت النبي ص في المنام فقال شر من ينتحل قبلتي الخوارج و الروافض و شرهم قاتل علي و السيد الحميري (انتهى) و انتهاك أعراض الناس لا يسوغ بالمنامات الكاذبة و لو ساغ التعويل عليها لادعى كل شخص رؤية ما يوافقه و حاش لله ان يجعل رسول الله ص المتمسك بالثقلين كتاب الله و العترة الطاهرة شر من ينتحل قبلته و قد أمر بالتمسك بهما و نهى عن مفارقتهما بالتواتر و في اليقظة لا في المنام و السيد الحميري قد أخبر صادق أهل البيت ع بنجاته و دعا له و هو من موالي علي و محبيه و من لم يدع فضيلة له الا نظم فيها شعرا و كفاه بذلك فخرا و أجرا فكيف يقرنه النبي ص بقاتل علي قرين عاقر الناقة و أولى ان يكون بهذه الصفة من كذب على الرسول ص بهذا المنام و الكذابة على رسول الله ص قد كثرت في حياته يقظة فكيف بعد مماته و في المنام. و ذكره المرزباني في النبذة المختارة من تلخيص اخبار شعراء الشيعة المشار إليها آنفا و هو الثامن عشر ممن ذكر فيها فقال: كان شاعرا مجيدا لم يسمع ان أحدا عمل شعرا جيدا و أكثر غيره قال: و قيل قرئ على التوزي شعر عمران بن حطان فقال من ينشدنا شعرا صافيا من مدح السيد فأنشده رجل ممن حضره:
ان يوم التطهير يوم عظيم فاز بالفضل فيه أهل الكساء

و قصيدته المذهبة التي أولها:
(هلا وقفت على المكان المعشب)


فقال التوزي لو ان شعرا يستحق ان لا ينشد الا في المساجد لحسنه لكان هذا و لو خطب به خاطب على المنبر في يوم جمعة لأتى حسنا و لحاز أجرا قيل و قال بشار بن برد للسيد لو لا ان الله شغلك بمدح أهل البيت ع لافتقرنا قال المرزباني: و قيل له أ لا تستعمل في شعرك ما يستعمله الشعراء في الغريب قال ذاك عي و تكليف مني لو فعلته و قد رزقني الله طبعا و اتساعا في الكلام فانا أقول ما يفهمه الصغير و الكبير و لا يحتاج إلى تفسير و انشد:
أيا رب اني لم أرد بالذي به مدحت عليا غير وجهك فارحم‏

و روى نحوه في الاغاني مسندا. و في الاغاني: كان شاعرا متقدما مطبوعا يقال ان أكثر الناس شعرا في الجاهلية و الإسلام ثلاثة: بشار و أبو العتاهية و السيد فإنه لا يعلم ان أحدا قدر على تحصيل شعر أحد منهم اجمع و انما مات ذكره و هجر الناس شعره لما يفرط فيه من التعرض لمن مال عن أهل البيت فتحومي شعره من هذا الجنس و غيره لذلك و هجره الناس تخوفا و تراقبا و له طراز من الشعر و مذهب قلما يلحق فيه أو يقاربه أحد و لا يعرف له من الشعر كثير. قال و ليس يخلو من مدح بني هاشم أو ذم غيرهم ممن هو عنده ضد لهم و لو ان اخباره كلها تجري هذا المجرى و لا تخرج عنه لوجب ان لا نذكر منها شيئا و لكنا شرطنا ان ناتي بأخبار من نذكره من الشعراء فلم نجد بدا من ذكر أسلم ما وجدناه له و اخلاها من سي‏ء اختياره على قلة ذلك (انتهى) و عن تذكرة الشعراء لابن المعتز انه كان شاعرا وسيما جسيما مطبوعا حسن الأسلوب وثيق الشعر. و في الاغاني عن التوزي قال: رأى الأصمعي جزءا من شعر السيد فقال لمن هذا فسترته عنه لعلمي بما عنده فيه فأقسم علي أن أخبره فأخبرته فقال أنشدني قصيدة منه فأنشدته قصيدة ثم أخرى و هو يستزيدني ثم قال قبحه الله ما أسلكه لطريق الفحول لو لا مذهبه و لو لا ما في شعره ما قدمت عليه أحدا من طبقته (و في رواية أخرى) عن التوزي قال لي الاصمعي أحب ان تاتيني بشي‏ء من شعر هذا الحميري فعل الله به و فعل فأتيته بشي‏ء منه فقرأه فقال قاتله الله ما اطبعه و اسلكه لسبيل الشعراء و الله لو لا ما في شعره من التعرض للسلف لما تقدمه من طبقته أحد. و فيه عن أبي جعفر الأعرج ابن بنت الفضيل بن يسار قال كان السيد أسمر تام القامة أشنب ذا وفرة حسن الألفاظ جميل الخطاب إذا تحدث في مجلس قوم أعطى كل رجل في المجلس نصيبه من حديثه، و في رواية عنه:
أسمر تام الخلقة أشنب ذا وفرة حسن الألفاظ و مع ذلك أنتن الناس ابطين. و عن ليطة بن الفرزدق قال تذاكرنا الشعراء عند أبي فقال ان هاهنا لرجلين لو أخذا في معنى الناس لما كنا معهما في شي‏ء: السيد الحميري و عمران بن حطان السدوسي و لكن الله عز و جل قد شغل كل واحد منهما بالقول في مذهبه. (قال المؤلف) شتان بين من حصر شعره في مدح أهل البيت و بين مادح ابن ملجم على قتله أمير المؤمنين ع. (و فيه) اخبرني محمد بن الحسن بن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة انه قال أشعر المحدثين السيد الحميري و بشار. اخبرني ابن دريد قال سئل أبو عبيدة من أشعر المولدين قال السيد و بشار. اخبرني احمد بن عبد العزيز الجوهري حدثنا عمر بن شبه قال أتيت أبا عبيدة معمر بن المثنى و عنده رجل من بني هاشم يقرأ عليه كتابا فلما [فرآني‏] رآني اطبقه فقال له أبو عبيدة ان أبا زيد ليس ممن يحتشم منه فاقرأ فاخذ الكتاب و جعل يقرؤه فإذا هو شعر السيد فجعل أبو عبيدة يعجب منه و يستحسنه قال أبو زيد و كان أبو عبيدة يرويه قال و سمعت محمد بن أبي بكر المقدمي يقول: سمعت‏
أعيان‏الشيعة، ج‏3، ص: 408
جعفر بن سليمان الضبعي ينشد شعر السيد. و قال الموصلي حدثني عمي قال جمعت للسيد في بني هاشم ألفين و ثلاثمائة قصيدة فخلت ان قد استوعبت شعره حتى جلس إلي يوما رجل ذو اطمار رثة فسمعني انشد شيئا من شعره فانشدني له ثلاث قصائد لم تكن عندي فقلت في نفسي لو كان هذا يعلم ما عندي كله ثم انشدني بعده ما ليس عندي لكان عجيبا فكيف و هو لا يعلم و انما انشد ما حضره و عرفت حينئذ ان شعره ليس مما يدرك و لا يمكن جمعه كله (انتهى) (قال المؤلف) للسيد ديوان شعر معروف. و قال الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة الدارقطني علي بن عمر بن احمد صاحب السنن الحافظ المشهور انه كان يحفظ ديوان السيد الحميري و لهذا نسب إلى التشيع (انتهى) (أقول) و الظاهر ان هذا الديوان هو جملة من مشهور قصائده و الا فقد سمعت ان جميع شعره لا يدرك و لا يمكن جمعه كله و إذا كان قد جمع له في بني هاشم خاصة ألفان و ثلاثمائة قصيدة سوى شعره في غيرهم و ليست هي جميع شعره في بني هاشم و إذا كانت ميمياته حمل حمال مثقل كما مر فلا بد ان يكون هذا الديوان بعض شعره. و في الاغاني عن الطوسي إذا رأيت في شعر السيد دع ذا فدعه فإنه لا ياتي بعده الا بلية من بلاياه (و فيه) بسنده عن الزبير بن بكار قال سمعت عمي يقول لو ان القصيدة التي أولها:
ان يوم التطهير يوم عظيم خص بالفضل فيه أهل الكساء

قرئت على منبر ما كان فيها بأس و لو ان شعره كله كان مثله لرويناه و ما عييناه (و فيه) بسنده عن نافع التوزي بهذه الحكاية بعينها قاله في:
(ان يوم التطهير يوم عظيم)


قال الراوي: و لم يكن التوزي متشيعا (و فيه) بسنده عن الحسين بن ثابت قدم علينا رجل بدوي كان اروى الناس لجرير فكان ينشد في الشي‏ء من شعره فأنشد في معناه للسيد حتى أكثرت فقال لي ويحك من هذا؟ هو و الله أشعر من صاحبنا (و فيه) بسنده عن إسحاق بن محمد سمعت العتبي يقول ليس في عصرنا هذا أحسن مذهبا في شعره و لا أنقى ألفاظا من السيد ثم قال لبعض من حضر انشدني قصيدته اللامية التي انشدتناها اليوم فأنشده قوله:
هل عند من أحببت تنويل أم لا فان اللوم تضليل‏
أم في الحشى منك جوى باطل ليس تداويه الأباطيل‏
علقت يا مغرور خداعة بالوعد منها لك تخييل‏
ريا رداح النوم خمصانة كأنها إدماء عطبول‏
يشفيك منها حين تخلو بها ضم إلى النحر و تقبيل‏
و ذوق ريق طيب طعمه كأنه بالمسك معلول‏
في نسوة مثل ألمها خرد تضيق عنهن الخلاخيل‏

يقول فيها:
اقسم بالله و آلائه و المرء عما قال مسئول‏
ان علي بن أبي طالب على التقى و البر مجبول‏

فقال العتبي: أحسن و الله ما شاء هذا و الله الشعر الذي يهجم على القلب بلا حجاب" انتهى" و قد ذكرنا تتمتها في جعفر بن عفان و هي:
و انه الهادي الامام الذي له على الأمة تفضيل‏
يقول بالحق و يقضي به و ليس تلهيه الأباطيل‏
كان إذا الحرب مرتها القنا و أحجمت عنها البهاليل‏
مشى إلى القرن و في كفه ابيض ماضي الحد مصقول‏

مشي العفرني بين أشباله أبرزه للقنص الغيل‏

(و فيه) عن الحسن بن علي بن المعتز الكوفي عن غانم الوراق قال خرجت إلى بادية البصرة فصرت إلى عمرو بن تميم فاثبتني بعضهم فقال هذا الشيخ و الله راوية فجلسوا إلي و انسوا بي و انشدتهم و بدأت بشعر ذي الرمة فعرفوه و بشعر جرير و الفرزدق فعرفوهما ثم انشدتهم للسيد:
أ تعرف رسما بالثويين قد دثر عفته أهاضيب السحائب و المطر
و جرت به الأذيال ريحان خلفه صبا و دبور بالعشيات و البكر
منازل قد تكون بجوها هضيم الحشا ريا الشوى سحرها النظر
قطوف الخطا خمصانة بخترية كان محياها سنا دارة القمر
رمتني ببعد بعد قرب بها النوى فبانت و لما اقض من عبدة الوطر
و لما رأتني خشية البين موجعا أكفكف مني أدمعا بيضها درر
أشارت بأطراف إلي و دمعها كنظم جمان خانه السلك فانتثر
و قد كنت مما أحدث البين حاذرا فلم يغن عني منه خوفي و الحذر

قال فجعلوا يمزقون (كذا) لانشادي و يطربون و قالوا لمن هذا فأعلمتهم فقالوا هذا و الله أحد المطبوعين لا و الله ما بقي في هذا الزمان مثله. و في فوات الوفيات للكتبي: قال المازني سمعت أبا عبيدة يقول: ما هجا امية أحد كما هجاهم يزيد بن مفرغ و السيد الحميري (انتهى) و يزيد بن مفرغ جده الأدنى كما مر. و في تاريخ ابن عساكر في ترجمة أبي نواس الحسن بن هانئ قال أبو تمام أشعر الناس و اسهبهم في الشعر كلاما بعد الطبقة الأولى بشار و السيد و أبو نواس و مسلم بن الوليد بعدهم (انتهى) و في فوات الوفيات للكتبي: السيد الحميري إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة كان شاعرا محسنا كثير القول الا انه كان رافضيا جلدا زائغا عن القصد له مدائح جمة في آل البيت و كان مقيما بالبصرة. و قال المرزباني في معجم الشعراء: انه إسماعيل بن محمد بن وداع الحميري و كان أسمر تام القامة حسن الألفاظ جميل الخطاب مقدما عند المنصور و المهدي و مات أول أيام الرشيد" انتهى فوات الوفيات" (أقول) من خصائص شعره السهولة و العذوبة و الانسجام و طول النفس و ذكر الاخبار و المناقب بما يسمونه الشعر القصصي و لم يترك فضيلة لأمير المؤمنين" ع" الا نظم فيها كما مر و كان معظما عند ملوك عصره من بني العباس في قوة سلطانهم و تشددهم على اتباع العلويين و معاقبتهم بالحبس و النفي و القتل من هو أهون حالا و أشد تسترا من السيد مثل المنصور و المهدي و الرشيد الذين هم من أشد بني العباس في ذلك و مع هذا كانوا يتغاضون عنه خوفا من لسانه و رعاية لمكانه.
أبواه خارجيان و هو شيعي‏
في الاغاني بسنده عن إسماعيل بن الساحر راوية السيد ان أبوي السيد كانا أباضيين و كان منزلهما بالبصرة في غرفة بني ضبة و كان السيد يقول طالما سب أمير المؤمنين في هذه الغرفة فإذا سئل عن التشيع من اين وقع له قال غاصت علي الرحمة غوصا و قال إسماعيل بن الساحر راويته: كنت عنده يوما في جناح له فاجال بصره فيه ثم قال يا إسماعيل طالما و الله شتم أمير المؤمنين علي في هذا الجناح قلت و من كان يفعل ذلك قال ابواي.
و روي عن السيد ان أبويه لما علما بمذهبه هما بقتله فاتى عقبة بن مسلم بن المهنا فأخبره بذلك فاجاره و بوأه منزلا وهبه له فكان فيه حتى ماتا فورثهما (انتهى) و قال المرزباني في تلخيص اخبار شعراء الشيعة المقدم ذكره: كان‏
أعيان‏الشيعة، ج‏3، ص: 409
أبواه يبغضان عليا ع فسمعهما يسبانه بعد صلاة الفجر فقال:
لعن الله والدي جميعا ثم أصلاهما عذاب الجحيم‏
حكما غدوة كما صليا الفجر بلعن الوصي باب العلوم‏
لعنا خير من مشى فوق ظهر الأرض أو طاف محرما بالحطيم‏
كفرا عند شتم آل رسول الله نسل المهذب المعصوم‏
و الوصي الذي به تثبت الأرض و لولاه دكدكت كالرميم‏
و كذا آله أولو العلم و الفهم هداة إلى الصراط القويم‏
خلفاء الإله في الخلق بالعدل و بالقسط عند ظلم الظلوم‏
صلوات الإله تترى عليهم مقرنات بالرحب و التسليم‏

ثم مضى إلى عقبة بن مسلم فخبره الخبر فنقله اليه و وهب له دارا و فرشها له و أخدمه و قام بأموره فقال شعرا ذكرناه في ترجمة عقبة قال و قيل إنه شرح حاله للأمير فقال ان امي كانت توقظني في الليل و تقول اني أخاف ان تموت على مذهبك فتدخل النار فلا اجيبها فجعلت تنغص على المطعم و المشرب. و من شعره فيها و البيت الأول من مناقب ابن شهرآشوب:
إلى أهل بيت أذهب الرجس عنهم و صفوا من الأدناس طرا و طيبوا
إلى أهل بيت ما لمن كان مؤمنا من الناس عنهم في الولاية مذهب‏
و كم من خصيم لا مني في هواهم و عاذلة هبت بليل تؤنب‏
تقول و لم تقصد و تعتب ضلة و آفة أخلاق النساء التعتب‏
تركت امتداح المفضلين ذوي الندى و من في ابتغاء الخير يسعى و يرغب‏
و فارقت جيرانا و أهل مودة و من أنت منهم حين تدعى و تنسب‏
فأنت غريب فيهم متباعد كأنك مما يتقونك اجرب‏
تعيبهم في دينهم و هم بما تدين به ازرى عليك و أعيب‏
فقلت دعيني لن احبر مدحة لغيرهم ما حج الله اركب‏
أ تنهينني عن حب آل محمد و حبهم مما به أتقرب‏
و حبهم مثل الصلاة و انه على الناس من بعض الصلاة لأوجب‏

قال: و كنت صبيا فإذا سمعتهما يثلبان عليا ع خرجت عنهما و أبقى جائعا و أؤثر ذلك على الرجوع إليهما فأبيت في المساجد جائعا لحبي فراقهما و بغضي إياهما فإذا اجهدني الجوع دخلت فأكلت ثم خرجت فلما كبرت قليلا ابتدأت أقول الشعر فخرجت عنهما و كتبت إليهما:
خف يا محمد فالق الإصباح و أزل فساد الدين بالإصلاح‏
أ تسب صنو محمد و وصيه ترجو بذاك الفوز بالانجاح‏
هيهات قد بعدا عليك و قربا منك العذاب و قابض الأرواح‏
اوصى النبي له بخير وصية يوم الغدير بابين الإفصاح‏
من كنت مولاه فهذا فاعلموا مولاه قول إشاعة و صراح‏
قاضي الديون و مرشد لكم كما قد كنت ارشد من هدى و فلاح‏
أغويت امي و هي جد ضعيفة فجرت بقاع الغي جري جماح‏
بالشتم للعلم الامام و من له إرث النبي باوكد الإيضاح‏
اني أخاف عليكما سخط الذي ارسى الجبال بسبسب صحصاح‏
أبوي فاتقيا الإله و أذعنا للحق (بياض في الأصل)

فتواعدني بالقتل فأتيت الأمير عقبة بن مسلم فكان من أمري ما كان (انتهى).
اعتقاده مذهب الكيسانية ثم رجوعه إلى مذهب الامامية
الكيسانية هم القائلون بامامة محمد بن الحنفية و انه المهدي المنتظر و انه حي في جبل رضوى بين أسد و نمر يحفظانه و عنده عينان يجريان بماء و عسل و انه يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا منسوبون إلى كيسان و هو لقب المختار بن عبيد الذي دعا إلى محمد بن الحنفية و طلب بثار الحسين ع و كان السيد الحميري يرى في أول امره رأي الكيسانية و في ذلك يقول كما في الاغاني:
الا قل للوصي فدتك نفسي أطلت بذلك الجبل المقاما
أضر بمعشر والوك منا و سموك الخليفة و الاماما
و عادوا فيك أهل الأرض طرا مقامك عنهم ستين عاما
و ما ذاق ابن خولة طعم موت و لا وارت له ارض عظاما
لقد أوفى بمورق شعب رضوى تراجعه الملائكة الكلاما
و ان له به لمقام صدق و اندية تحدثه كراما
هدانا الله إذ جرتم لأمر به ولديه نلتمس التماما
تمام مودة المهدي حتى تروا راياتنا تترى نظاما

و في الاغاني بسنده عن أبي داود سليمان بن سفيان المعروف بالمسترق راوية السيد الحميري انه حضر يوما و قد ناظر السيد محمد بن علي بن النعمان المعروف بشيطان الطاق في الامامة فغلبه محمد في دفع ابن الحنفية عن الامامة فقال السيد:
الا يا أيها الجدل المعني لنا ما نحن ويحك و العناء
أ تبصر ما تقول و أنت كهل نراك عليك من ورع رداء
الا ان الائمة من قريش ولاة الحق اربعة سواء
علي و الثلاثة من بنيه هم أسباطه و الأوصياء
فانى في وصيته إليهم يكون الشك منا و المراء
بهم أوصاهم و دعا اليه جميع الخلق لو سمع الدعاء
فسبط سبط ايمان و حلم و [سيط] سبط غيبته كربلاء
سقى جدثا تضمنه ملث هتوف الرعد مرتجز رواء
تظل مظلة منه عزال عليه و تغتدي اخرى ملاء
و سبط لا يذوق الموت حتى يقود الخيل يقدمها اللواء
من البيت المحجب في سراة شرات لف بينهم الإخاء
عصائب ليس دون أغر اجلى بمكة قائم لهم انتهاء

ثم قال و هذه الأبيات بعينها تروى لكثير ذكر ذلك ابن أبي سعد. ثم ذكر في ترجمة كثير انه قال في ذلك:
الا ان الائمة من قريش ولاة الحق اربعة سواء
علي و الثلاثة من بنيه هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط ايمان و بر و سبط غيبته كربلاء
و سبط لا تراه العين حتى يقود الخيل يتبعها اللواء
تغيب لا يرى عنهم زمانا برضوى عنده عسل و ماء

و قد وقع اختلاف أيضا في نسبة الشعر بين السيد و كثير كما ستعرف.
و في فوات الوفيات [للكليني‏] للكتبي كان السيد إذا سئل عن مذهبه انشد من قصيدته المشهورة:
أعيان‏الشيعة، ج‏3، ص: 410
سمي نبينا لم يبق منهم سواه فعنده حصل الرجاء
تغيب غيبة من غير موت و لا قتل و سار به القضاء
و بين الوحش يرعى في رياض من الآفاق مرتعها خلاء
فحل فما بها بشر سواه بعقوته له عسل و ماء
إلى وقت و مدة كل وقت و ان طالت عليه لها انقضاء
فقل للناصب الهاوي ضلالا تقوم و ليس عندهم غناء (كذا)
فداء لابن خولة كل نذل يطيف به و أنت له فداء
كانا بابن خولة عن قريب و رب العرش يفعل ما يشاء
يهز دوين عين الشمس سيفا كلمع البرق أخلصه الجلاء
تشبه وجهه قمرا منيرا يضي‏ء له إذا طلع السناء
فلا يخفى على أحد بصير و هل بالشمس ضاحية خفاء
هنالك تعلم الأحزاب انا ليوث لا ينهنهها لقاء
فندرك بالذحول بني امي و في درك الذحول لهم فناء

و قال المرزباني في النبذة المختارة من تلخيص اخبار شعراء الشيعة المتقدم ذكرها. كان السيد رحمه الله يرى رأي الكيسانية في محمد بن الحنفية و هو القائل من أبيات:
(و ما ذاق ابن خولة طعم موت)


و ذكر الأبيات الثلاثة المتقدمة و قال انه تاب بعد ذلك و قال:
تجعفرت باسم الله و الله أكبر و أيقنت ان الله يعفو و يغفر
و دنت بدين غير ما كنت دائنا به و نهاني سيد الناس جعفر

و الأبيات مشهورة (أقول) و تمامها كما في المناقب و غيرها:
فقلت فهبني قد تهودت برهة و الا فديني دين من يتنصر
فاني إلى الرحمن من ذاك تائب و اني قد أسلمت و الله أكبر
فلست بعاد ما حييت و راجعا إلى ما عليه كنت اخفي و أضمر
و لا قائلا قولا بكيسان بعدها و ان عاب جهال معابا و أكثروا
و لكنه مما مضى لسبيله على أحسن الحالات يقفى و يؤثر

قال المرزباني: و قال السيد كان أبو بجير «1» يرى رأي الامامية و كنت ارى رأي الكيسانية فكان يعيبني و يناظرني و لما رجعت إلى مذهب الامامية اجتمعت به فاخذ يناظرني على ما كنت عليه فعرفته اني رجعت و أنشدته:
أيا راكبا نحو المدينة جسرة عذافرة يطوي بها كل سبسب‏
إذا ما هداك الله عاينت جعفرا فقل لأمين الله و ابن المهذب‏
إليك رددت الأمر غير مخالف و فئت إلى الرحمن من كل مذهب‏
سوى ما تراه يا ابن بنت محمد فان به عقدي و زلفى تقربي‏
و ما كان قولي في ابن خولة مطنبا معاندة مني لنسل المطيب‏
و لكن روينا عن وصي محمد و ما كان فيما قال بالمتكذب‏
بان ولي الأمر يفقد لا يرى سنين كفعل الخائف المترقب‏
فتقسم اموال الفقيد كأنما تغيبه بين الصفيح المنصب‏
و يمكث حينا ثم يشرق شخصه مضيئا بنور العدل إشراق كوكب‏
يسير بنصر الله من بيت ربه على قدر ما ياتي بامر مسبب‏
يسير إلى أعدائه بلوائه فيقتل فيهم قتل حران مغضب‏
فلما رأوا أن ابن خولة غائب صرفنا اليه قولنا لم نكذب‏

و قلنا هو المهدي و القائم الذي يعيش بجدوى عدله كل مجدب‏
فإذ قلت لا فالقول قولك ما على رضاك بدين الحق من متعتب‏
و أشهد ربي ان قولك حجة على الخلق طرا من مطيع و مذنب‏
بان ولي الأمر أول قائم سيظهر اخرى الدهر بعد ترقب‏
له غيبة لا بد ان سيغيبها فصلى عليه الله من متغيب‏
يكون كذا حينا و يظهر بعده فيملأ عدلا كل شرق و مغرب‏
بذاك أدين الله سرا و جهرة و لست و ان عوتبت فيه بمعتب‏

قال: فسجد أبو بجير و قال الحمد لله الذي لم يذهب بك باطلا ثم امر لي بمال جزيل و رقيق و كراع. قال و مما روي في رجوعه قوله:
صح قولي بالإمامة و تعجلت السلامة
و أزال الله عني إذا تجعفرت الملامه‏
قلت من بعد حسين بعلي ذي العلامة
أصبح السجاد للإسلام و الدين دعامة
قد اراني الله امرا اسال الله تمامه‏
كي ألاقيه به في وقت أهوال القيامة

انتهى كلام المرزباني. و في إرشاد المفيد ان السيد إسماعيل بن محمد الحميري رجع عن مذهب الكيسانية لما بلغه انكار أبي عبد الله ع قوله و دعاؤه إلى القول بنظام الامامة و قال يمدحه و ذكر الأبيات و هي أقل مما مر و في بعضها زيادة أو مخالفة لما مر: أيا راكبا البيت:
إذا ما هداك الله عاينت جعفرا فقل لولي الله و ابن المهذب‏
الا يا ولي الله و ابن وليه أتوب إلى الرحمن ثم تاوبي‏
إليك من الذنب الذي كنت مبطنا أجاهد فيه دائبا كل معرب‏
و ما كان قولي لابن خولة دائبا معاندة مني لنسل المطيب‏

و لكن روينا (البيت) بان ولي الأمر" البيت":
فإذ قلت لا فالحق قولك و الذي تقول فحتم غير ما متعصب‏
و أشهد ربي (البيت): فان ولي الأمر القائم الذي‏
تطلع نفسي نحوه و تطربي له غيبة" البيت":
فيمكث حينا ثم يظهر امره فيملأ عدلا كل شرق و مغرب‏

قال و في هذا الشعر دليل على رجوع السيد عن مذهب الكيسانية و قوله بامامة الصادق ع (انتهى) و في فوات الوفيات للكتبي:
كان السيد الحميري يرى رجعة محمد بن الحنفية في الدنيا و كان كثير الشاعر يرى هذا الرأي و كان السيد يعتقد ان ابن الحنفية لم يمت و انه في جبل بين أسد و نمر يحفظانه و عنده عينان نضاحتان يجريان بماء و عسل و يعود بعد الغيبة فيملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا و يقال ان السيد اجتمع بجعفر بن محمد الصادق ع فعرفه خطاه و انه على ضلالة فتاب (انتهى) و مر قول ابن شهرآشوب: انه كان في بدء الأمر خارجيا ثم كيسانيا ثم إماميا و لم يذكر أحد غيره انه كان خارجيا و انما ذكروا انه كان كيسانيا و ان أبويه كانا خارجيين. و بعضهم قال ثم صار إماميا و لكن العادة في مثله ان يتبع أولا مذهب أبويه و لا يرجع عنه الا بعد ان يميز التمييز الكافي خصوصا ان رجوعه كان من قبل نفسه لا بإرشاد مرشد بل كان أبواه يقهرانه على مذهب الخوارج و يعذبانه و يتهددانه بالقتل و مع ذلك رجع من قبل نفسه كما يدل‏
أعيان‏الشيعة، ج‏3، ص: 411
عليه قوله السابق: (غاصت علي الرحمة غوصا) لكنه قد صرح هو نفسه فيما تقدم انه كان يتشيع و هو صبي و هو عند أبويه قبل ان يكبر قليلا و انه لما كبر قليلا خرج عنهما و لعل هذا يدل على ان تشيعه كان في أول سن التمييز و الله اعلم.
القول بعدم رجوعه عن مذهب الكيسانية
في الأغاني بسنده عن مسعود بن بشر ان جماعة تذاكروا أمر السيد و انه رجع عن مذهبه في ابن الحنفية و قال بامامة جعفر بن محمد فقال إسماعيل بن الساحر راويته و الله ما رجع عن ذلك و لا القصائد الجعفريات الا منحولة له قيلت بعده و آخر عهدي به قبل موته بثلاث و قد سمع رجلا يروي عن النبي ص انه قال لعلي ع سيولد لك بعدي ولد و قد نحلته اسمي و كنيتي فقال في ذلك و هي آخر قصيدة قالها:
اشاقتك المنازل بعد هند و تربيها و ذات الدل دعد
و ريح حجرف تستن فيها بسافي التراب تلحم ما تسدي‏
أ لم يبلغك و الأنباء تنمى مقال محمد فيما يؤدي‏
إلى ذي علمه الهادي علي و خولة خادم في البيت تردي‏
أ لم تر ان خولة سوف تأتي بواري الزند صافي الخيم نجد
يفوز بكنيتي و اسمي لأني نحلتهما هو المهدي بعدي‏
يغيب عنهم حتى يقولوا تضمنه بطيبة بطن لحد
سنين و أشهرا أو يرى برضوى بشعب بين أنمار و أسد
مقيم بين آرام و عين و حفان تروح خلال ربد
تراعيها السباع و ليس منها ملاقيهن مفترسا بحد
امن به الردى فرتعن طورا بلا خوف لدى مرعى و ورد
حلفت برب مكة و المصلى و بيت طاهر الأركان فرد
يطوف به الحجيج و كل عام يحل لديه وفد بعد وفد
لقد كان ابن خولة غير شك صفاء ولايتي و خلوص ودي‏
فما أحد أحب إلي فيما أسر و ما ابوح به و ابدي‏
سوى ذي الوحي احمد أو علي و لا ازكى و أطيب منه عندي‏
و من ذا يا ابن خولة إذ رمتني بأسهمها المنية حين وعدي‏
يذبب عنكم و يسد مما تثلم من حصونكم كسدي‏
و ما لي ان امر به و لكن أؤمل ان يؤخر يوم فقدي‏
فأدرك دولة لك لست فيها بجبار فتوصف بالتعدي‏
على قوم بغوا فيكم علينا لنعدى منكم يا خير معدي‏
لتعل بنا عليهم حيث كانوا بغور من تهامة أو بنجد
إذا ما سرت من بلد حرام إلى من بالمدينة من معد
و ما ذا غرهم و الخبر منهم باشوس اعصل الأنياب ورد
و أنت لمن بغى وعدا و أذكى عليك الحرب و استرداك مردي‏

إلى ان قال: و كان يذهب مذهب الكيسانية و يقول بامامة محمد بن الحنفية و له في ذلك شعر كثير و قد روى بعض من لم تصح روايته انه رجع عن مذهبه قال بمذهب الامامية و له في ذلك:
تجعفرت باسم الله و الله أكبر و أيقنت ان الله يعفو و يغفر

و ما وجدنا ذلك في رواية محصل و لا شعره أيضا من هذا الجنس و لا في هذا المذهب لأن هذا شعر ضعيف يتبين التوليد فيه و شعره في قصائده الكيسانية مباين لهذا جزالة و متانة و له رونق و معنى ليسا لما يذكر عنه في غيره. و روى في الاغاني عن أبي داود سليمان بن سفيان المعروف بالمسترق راوية السيد الحميري قال ما مضى و الله الا على مذهب الكيسانية و هذه القصائد التي يقولها الناس مثل:
تجعفرت باسم الله و الله أكبر


: تجعفر باسم الله فيمن تجعفرا


و قوله:
أيا راكبا نحو المدينة جسرة عذافرة يهوي بها كل سبسب‏
إذا ما هداك الله لاقيت جعفرا فقل يا أمين الله و ابن المهذب‏

لغلام للسيد يقال له قاسم الخياط قالها و نحلها السيد و جازت على كثير من الناس ممن لم يعرف خبرها بمحل قاسم منه و خدمته إياه (انتهى)" أقول": الروايات متكثرة في رجوعه و ترحم الصادق ع فلا يلتفت إلى ما ذكر، و دعوى ان شعره في الكيسانية أقوى و امتن من شعره المنسوب اليه في رجوعه غير مسلمة فان شعره تغلب عليه السهولة و السلاسة مما قد يظن انه ركة و ضعف. و ياتي في اخباره مع سوار القاضي تصريح سوار بأنه كان كيسانيا فصار إماميا و اعترف السيد بذلك.
مناقشة الدكتور طه حسين‏
و مما يناسب ذكره هنا و الحديث شجون ان الدكتور طه حسين المصري ذكر في كتابه تجديد ذكرى أبي العلاء- التناسخ- و قال انه معروف عند العرب منذ أواخر القرن الأول و الشيعة تدين به و ببعض المذاهب التي تقرب منه كالحلول و الرجعة و ليس بين أهل الأدب من يجهل ما كان من سخافات السيد الحميري و كثير في ذلك (انتهى) و العجيب من ابن آدم انه يتكلم في كل شي‏ء مما يعلم و مما لا يعلم و يقوده التقليد إلى خبط العشواء.
عرفنا تعصب المتعصبين على الشيعة من مظهري النسك و الدين- و هو منهم بري‏ء- ممن لا يشبهون الدكتور في جميع أمورهم و حالاتهم لأمور ألفوها و عقائد تلقفوها بدون تحقيق و لا تمحيص أو مشيا مع الأهواء. اما ان يصدر مثل ذلك من مثل الدكتور طه حسين من البعيدين عن حالات أولئك كل البعد و ليسوا من مسلكهم في خل و لا خمر فهو امر يحق ان يعجب منه كما قال أمير المؤمنين ع: هيهات لقد حن قدح ليس منها و طفق يحكم فيها من عليه الحكم لها. متى سمع الدكتور طه حسين شيعيا أو رأى في كتاب للشيعة أو قرأ له قارئ في كتبهم ان الشيعة تدين بالتناسخ أو بالحلول بل متى رأى ذلك العالم من أهل السنة منصف متحر لحقائق الأمور اللهم لا. و من قال نعم فقد أبطل و افترى بلى يجوز ان يكون سمع ذلك في كتاب بعض المتعصبين الذين لا يبالون ان يلصقوا بالشيعة كل نقص كذبا و زورا فالشيعة في كل عصر و زمان و في كل قطر و مصر و مكان تبرأ إلى الله ممن يقول بالتناسخ أو الحلول و تكفره و تعتبره خارجا عن دين الإسلام. و ان تعجب فعجب ان يكون أمثال الدكتور طه حسين ممن يريد تحري الحقيقة يلقي كلاما لا نصيب له في الصدق تقليدا لمن لا خلاق لهم و يرسله إرسال المسلمات اما قوله و ليس بين أهل الأدب من يجهل ما كان من سخافات السيد الحميري و كثير فنقول ليس بين أهل العقل فضلا عن أهل الأدب من يجهل ان نسبة السخافة إلى السيد الحميري و كثير من أسخف السخافات فالسيد الحميري نادرة من نوادر الدهر في علمه و فضله و شعره و قوة حجته و لا يدانيه و لا يقف أمامه أحد من هؤلاء الذين ظهروا في هذه الأعصار
أعيان‏الشيعة، ج‏3، ص: 412
يثلبون أعراض الناس و يتقولون عليهم بغير حجة و لا برهان و كثير ياتي في ترجمته فضله و حسن عقيدته.
ترحم الصادق ع عليه‏
في الاغاني قال: حدثني عبد الرحمن بن محمد الكوفي عن علي بن إسماعيل الميثمي عن فضيل الرسان قال: دخلت على جعفر بن محمد أعزيه عن عمه زيد ثم قلت له أ لا أنشدك شعر السيد فقال انشد فأنشدته قصيدة يقول فيها:
فالناس يوم البعث راياتهم خمس فمنها هالك اربع‏
قائدها العجل و فرعونهم و سامري الأمة المفظع‏
و مارق من دينه مخرج اسود بعد لكع اكوع‏
و راية قائدها وجهه كأنه الشمس إذا تطلع‏


فسمعت نحيبا من وراء الستور فقال: من قائل هذا الشعر فقلت السيد فقال رحمه الله فقلت جعلت فداك اني رأيته يشرب الخمر فقال رحمه الله فما ذنب على الله ان يغفره لآل علي ان محب علي لا تزل له قدم الا ثبتت له اخرى. و قال: حدثني الأخفش عن أبي العيناء عن علي بن الحسن بن علي بن الحسين عن أبيه عن جعفر بن محمد انه ذكر السيد فترحم عليه و قال ان زلت له قدم فقد ثبتت الاخرى. و فيه أيضا: وجدت في بعض الكتب حدثني محمد بن يحيى اللؤلئي حدثني محمد بن عباد بن صهيب عن أبيه قال كنت عند جعفر بن محمد فأتاه نعي السيد فدعا له و ترحم عليه فقال رجل يا ابن رسول الله تدعو له و هو يشرب الخمر و يؤمن بالرجعة فقال حدثني أبي عن جدي ان محبي آل محمد لا يموتون الا تائبين و قد تاب و رفع مصلى كان تحته فاخرج كتابا من السيد يعرفه فيه انه قد تاب و يسأله الدعاء له.
سيرته‏
أدرك السيد خمسة من ملوك بني العباس: السفاح و هو أولهم و المنصور أخاه و المهدي بن المنصور و الهادي بن المهدي و الرشيد بن المهدي و توفي في خلافة الرشيد.
اخباره مع السفاح‏
في فوات الوفيات و نحوه في الاغاني و اللفظ للأول قيل انه لما استقام الأمر للسفاح خطب يوما فأحسن الخطبة فلما نزل عن المنبر قام اليه السيد الحميري فأنشده:
دونكموها يا بني هاشم فجددوا من آيها الطامسا
دونكموها فالبسوا تاجها لا تعدموا منكم له لابسا
دونكموها لا علا كعب من امسى عليكم ملكها نافسا
خلافة الله و سلطانه و عنصرا كان لكم دارسا
قد ساسها قبلكم ساسة ما تركوا رطبا و لا يابسا
لو خير المنبر فرسانه ما اختار الا منكم فارسا
و لست من ان تملكوها إلى هبوط عيسى فيكم آيسا

فسر السفاح بذلك و قال له أحسنت يا إسماعيل سلني حاجتك قال ترضى عن سليمان بن حبيب بن المهاب و تولية الأهواز فأمر بذلك و كتب عهده و دفعه إلى السيد و قدم به عليه فلما وقعت عينه عليه أنشده:
أتيناك يا قرم أهل العراق بخير كتاب من القائم‏

يوليك فيه جسام الأمور فأنت صنيع بني هاشم‏
أتينا بعهدك من عنده على من يليك من العالم‏

فقال له سليمان شريف و شافع و شاعر و وافد و نسيب سل حاجتك فقال جارية فارهة جميلة و من يخدمها و بدرة دراهم و حاملها و فرس رائع و سائسه و تخت من صنوف الثياب و حامله قال: قد أمرت لك بكل ما سالت و هو لك عندي كل سنة.
اخباره مع المنصور
في تلخيص اخبار شعراء الشيعة المقدم ذكره: انه كان حسن الحال عند المنصور يطلق لسانه بما أراد فلما ظهر محمد و إبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن امره ان يقتصد في القول و يدع ما كان عليه من المغالاة في وصف الطالبيين (قال) قيل و قال له المنصور أنشدنا قصيدتك التي تقول فيها:
ملك ابن هند و ابن اروى قبله ملكا امر بحله الإبرام‏

فأنشدها حتى بلغ إلى قوله:
و أضاف ذاك إلى يزيد و ملكه اثم عليه في الورى و عرام‏
أقصى الإله بني امية انهم ظلموا العباد بما أتوه و خاموا
نامت جدودهم و أسقط نجمهم و النجم يسقط و الجدود نيام (تنام ظ)
ايمت نساء بني امية منهم و بنوهم بمضيعة أيتام‏
جزعت أمية من ولاية هاشم و بكت و منهم قد بكى الإسلام‏
ان يجزعوا فلقد أتتهم دولة و بها تدول عليهم الأيام‏
و لهم يكون بكل شهر أشهر و بكل عام واحد أعوام‏
يا رهط احمد ان من أعطاكم ملك الورى و عطاؤه أقسام‏
رد الوراثة و الخلافة فيكم و بنو امية صاغرون رغام‏
لمتمم لكم الذي أعطاكم و لكم لديه زيادة و تمام‏
أنتم بنو عم النبي عليكم من ذي الجلال تحية و سلام‏
و ورثتموه و كنتم اولى به أن الولاء تحوزه الأرحام‏
ما زلت اعرف فضلكم و يحبكم قلبي عليه و انني لغلام‏
أوذي و اشتم فيكم و يصيبني من ذي القرابة جفوة و ملام‏
حتى بلغت مدى المشيب و أصبحت مني القرون كأنهن ثغام‏

قال فلما فرغ جعل المنصور يلقمه و يقول شكر الله لك يا إسماعيل حبك لأهل بيت نبيه ثم قال يا ربيع ادفع إلى إسماعيل فرسا و جارية و غلاما و ألف درهم و اجعل الالف له في كل شهر.
قال و قيل بلغ السيد أن عبد الله بن أباض رأس الأباضية يعيب على علي ع و يتهدد السيد بأنه يذكره عند المنصور بما يوجب القتل و كان ابن أباض يظهر التسنن و يكتم مذهب الاباضية فكتب اليه السيد رحمه الله:
لمن طلل كالوشم لم يتكلم و نؤي و آثار كترقيش معجم‏
الا أيها العاني الذي ليس في الأذى و لا اللوم عندي في علي بمحجم‏
ستاتيك مني في علي مقالة تسوؤك فاستاخر لها أو تقدم‏
علي له عندي على من يعيبه من الناس نصر باليدين و بالفم‏
متى ما يرد عندي معاديه عيبه يجد ناصرا من دونه غير مفحم‏
علي أحب الناس الا محمدا إلي فدعني من ملامك أو لم‏















سير أعلام النبلاء ط الرسالة (8/ 45)
وكان يرى رأي الكيسانية (4) في رجعة ابن الحنفية إلى الدنيا.
وهو القائل:
بان الشباب ورق عظمي وانحنى ... صدر القناة وشاب مني المفرق
يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى ... وبنا إليه من الصبابة أولق (1)
حتى متى؟ وإلى متى؟ وكم المدى*؟ ... يا ابن الوصي وأنت حي ترزق
فقيل: إنه اجتمع بجعفر الصادق، فبين له ضلالته، فتاب.
قيل: توفي سنة ثلاث وسبعين ومائة.
وقيل: سنة ثمان وسبعين ومائة.





تاريخ الإسلام ت تدمري (11/ 160)
وكان السيد الحميري يرى رأي الكيسانية في رجعة محمد بن الحنفية إلى الدنيا، وهو القائل فيه:
بان الشباب ورق عظمي وانحنى ... صدر الفتاة وشاب مني المفرق
يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى ... ونبا إليه من الصبابة أولق
حتى متى؟ وإلى متى؟ وكم [1] المدى؟ ... يا ابن الرضى وأنت حي ترزق
إني لآمل أن أراك فإنني ... من أن أراك ولا أراك لأفرق
ويقال: إنه اجتمع بجعفر بن محمد الصادق، فعرفه خطأه، وأنه على ضلالة، فرجع وأناب [2] .
__________
[1] في طبقات الشعراء لابن المعتز 33 «ومتى المدى» .
[2] وانظر الأغاني 7/ 235.





سير أعلام النبلاء ط الرسالة (4/ 112)
وقال أيضا:
ألا إن الأئمة من قريش ... ولاة الحق أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه ... هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط إيمان وبر ... وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا تراه العين حتى ... يقود الخيل يقدمها لواء
تغيب - لا يرى - عنهم زمانا ... برضوى عنده عسل وماء (3)
وقد رواها: عمر بن عبيدة لكثير بن كثير السهمي (4) .
قال الزبير (1) : كانت شيعة ابن الحنفية يزعمون أنه لم يمت.
وفيه يقول السيد الحميري:
ألا قل للوصي: فدتك نفسي ... أطلت بذلك الجبل المقاما
أضر بمعشر والوك (2) منا ... وسموك الخليفة والإماما
وعادوا فيك أهل الأرض طرا ... مقامك عنهم ستين (3) عاما
وما ذاق ابن خولة طعم موت ... ولا وارت له أرض عظاما
لقد أمسى بمورق شعب رضوى ... تراجعه الملائكة الكلاما
وإن له به لمقيل صدق ... وأندية تحدثه كراما
هدانا الله إذ خزتم (4) لأمر ... به وعليه نلتمس التماما
تمام مودة المهدي حتى ... تروا راياتنا تترى نظاما
وللسيد الحميري:
يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى ... وبنا إليه من الصبابة أولق
حتى متى؟ وإلى متى؟ وكم المدى؟ ... يا ابن الوصي وأنت حي ترزق (5)